[مدخل]
قال المؤلف: (كتاب الصلاة) الصلاة في اللغة: الدعاء، ودليل ذلك أو شاهده قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣]، يعني: ادع لهم، وقال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤]، قد يقال: إن المراد بها الصلاة الشرعية، أو الصلاة اللغوية أي: الدعاء.
أما في الشرع: فهي التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
التعبد، وإن شئت فقل: هي عبادة ذات أقوال وأفعال، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
أما قول بعض العلماء: إن الصلاة هي: أقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، فهذه فيها قصور، بل يشترط أن نقول: عبادة ذات أقوال، أو نقول: التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة، حتى يتبين أنها من العبادات.
و","SearchText":" [مدخل] قال المءلف: ( كتاب الصلاه ) الصلاه في اللغه: الدعاء، ودليل ذلك او شاهده قوله تعالي: {وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم} [التوبه: ١٠٣]، يعني: ادع لهم، وقال الله تعالي: {ولا تصل علي احد منهم مات ابدا} [التوبه: ٨٤]، قد يقال: ان المراد بها الصلاه الشرعيه، او الصلاه اللغويه اي: الدعاء. اما في الشرع: فهي التعبد لله تعالي باقوال وافعال معلومه، مفتتحه بالتكبير، مختتمه بالتسليم. التعبد، وان شءت فقل: هي عباده ذات اقوال وافعال، مفتتحه بالتكبير، مختتمه بالتسليم. اما قول بعض العلماء: ان الصلاه هي: اقوال وافعال معلومه، مفتتحه بالتكبير، مختتمه بالتسليم، فهذه فيها قصور، بل يشترط ان نقول: عباده ذات اقوال، او نقول: التعبد لله تعالي باقوال وافعال معلومه، حتي يتبين انها من العبادات. و"},{"Id":1692,"Name":"02 كتاب الصلاة 02","Sort":24,"Version":0,"LessonText":"

.. ورثناه من أقاربه المسلمين، وورثنا أقاربه المسلمين منه؛ لأنا حكمنا الآن بإسلامه، حتى وإن لم يقل: أسلمت، وأيضًا لو أنه ارتد وقال: إنه فعل ذلك استهزاءً، فإننا نعتبره مرتدًّا، أي فرق بين اعتباره مرتدًّا وبين كفره الذي كان قبل أن يصلي؛ لأن كفره الذي كان قبل أن يصلي يقر عليه، أصل يقر عليه، والكفر الآن بعد أن صلى وحكمنا بإسلامه كفر ردة لا يقر عليه، ولهذا نأمره أو ندعوه بأن يعود إلى الإسلام، فإن أبى قتلناه، وهو قبل أن يصلي كافر، لكنه متروك، ما يقال: أسلم وإلا قتلناك، هذا هو الفائدة من قول المؤلف: (فمسلم حكمًا) لكن لو أراد الإسلام بصلاته وتشهد وشهد أن محمدًا رسول الله فهو مسلم حقيقة وحكمًا.

ثم قال المؤلف: (ويؤمَر بها صغيرٌ لسبع): (يؤمر) فعل مضارع مبني للمجهول، وإنما بني للمجهول لأن الآمر لا يتعين واحدًا؛ إذ قد يأمره الأب، قد يأمره الأخ الأكبر، قد يأمره الابن! (ويؤمر بها صغيرٌ لسبع) يأمره الابن ولّا لا؟ صغير له سبع سنين يأمره ابنه؟ ما يمكن، الأخ الأكبر يمكن، العم، الخال، الأم، وليّ الأمر، المهم أن صيغة الفعل على هذا الوجه مبنية للمجهول أعم مما لو قال: يأمره أبوه ولّا لا؟ فبناؤه للمجهول ليشمل كل من له الإمرة على هذا الصبي، أي واحد له الإمرة من أبٍ أو أخٍ أو عم أو خال أو أم أو قاضٍ أو أمير أو ما أشبه ذلك يدخل في هذه العبارة: (يؤمر).
وقوله: (لسبع) اعلم أنه إذا قيل: (لسبع) فالمراد لتمام السبع، (لسبع) أي لتمام السبع، لا لبلوغ السبع، والفرق بينهما ظاهر، لو قلنا: لبلوغ السبع أو لدخول السبع لكان ذلك من أول السبع، إذا قلنا: (لسبع) معناه لا بد أن يستوعب السبع كلها إذا تم له سبع سنين ودخل الثامنة نأمره ونقول: صل ولّا نعرض عليه؟ نأمره أمرًا فنقول: صل.
وإذا كنا نأمره بالصلاة فإنه يستلزم أمره بلوازم الصلاة، مثل الطهارة من الحدث والنجاسة، ستر العورة، استقبال القبلة، وما أشبه ذلك.
ويستلزم أيضًا تعليمه ذلك، فإذا بلغ السبع نعلمه كيف يتوضأ، كيف يستتر، كيف يصلي؛ لأن كل هذا من لوازم أمره بالصلاة؛ إذ ليس من الممكن أن نأمره بشيء لا يعرفه، وليس من الممكن أن نأمره بشيء مع إضاعة لوازمه، هذا غير ممكن. فالأمر بالصلاة أمر بها وبما لا تتم إلا به؛ من الشروط السابقة عليها ومن العلم بكيفيتها.
)ويُضرَب عليها لعشر): (يضرب) نقول فيها كما قلنا في (يؤمر)، من الضارب؟ من يتولى أمره من أب أو أخ أو أم أو عم أو خال أو قاض أو أمير، (يضرب عليها لعشر) ويش معنى (عليها)؟ يعني يضرب على فعلها؟
طلبة: على تركها.
الشيخ: يعني إذا فعلها ضرب، أو إذا تركها ضرب؟
طلبة: إذا تركها.
الشيخ: إذن (يضرب عليها) أي على الصلاة ليفعلها، يضرب عليها ليفعلها، ولا يكون ذلك إلا بالضرب، فنضربه حتى يصلي، مرة أو مرتين أو ثلاثًا أو أكثر حتى يصلي.
نضربه مرة واحدة لوقت واحد أو في كل وقت؟ في كل وقت، إذا أمرناه فلم يفعل فالضرب، وبماذا نضربه، الحديث جاء مطلقا: «اضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ» باليدِ؟ يمكِن، بطرَف الثوب؟ يمكن، يعني ممكن نأخذ غترته هذه ونضربه بها ولّا لا؟ بالعصا؟ يمكِن، لكن بشرط ألا يكون ضربًا مبرحًا، أي ضارًّا وجارحًا وما أشبه ذلك؛ لأن المقصود تأديبه، لا تعذيبه، المقصود أن يؤدَّب لا أن يعذَّب؛ فيُضرَب ضربًا يحصل به المقصود بدون ضرر.
إذن لنا في الصبي مرحلتان: المرحلة الأولى: الأمر. الثانية: الضرب. هل نأمره قبل السبع؟ ظاهر السنة أننا لا نأمره؛ لأنه يقول: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ». وظاهر السنة أننا لا نأمره، فإما أن يقال: يأخذ بالظاهر ومن قبل السبع لا نقول: صل أبدًا، لو خرجنا للمسجد وهو يلعب ندعه، وقد يقال: إن هذا بناء على الأغلب، وهو التمييز لسن السابعة؛ لأن الغالب أن سن السابعة هو السن الذي يحصل به التمييز، وبناء على ذلك إذا ميز لسن قبل السبع فإننا نأمره؛ لأنه يفهم الخطاب ويرد الجواب. هل ننهاه قبل السابعة؟
طلبة: (...).
الشيخ: ننهاه؟ نقول: لا تصلي؟ توك صغير روح العب؟ لا، إذن لا نأمر ولا ننهى قبل السابعة. هل نرغِّبه في ذلك ترغيبًا بدون أمر؟ يمكن أن نقول: نرغبه إذا كان يميز ويعقل، لاسيما إذا كان هو الذي يشتهي، يعني بعض الصبيان يحب أنه يروح مع أهله للمسجد.
قال: (ويضرب عليها لعشر، فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها أعاد) إن بلغ الصغير في أثناء الصلاة أو بعدها في وقتها أعاد. كيف يبلغ في أثنائها؟ نعم يبلغ في أثنائها بأن نكون قد حررنا ولادته بالساعة، فنقول مثلًا: وُلد في الساعة الواحدة من بعد ظهر أول يوم من محرم، متى يبلغ؟ في الساعة الواحدة من أول يوم من محرم يبلغ، هذا الآن لما شرع يصلي جاءت الساعة الواحدة من بعد الظهر بلغ الآن؟ بلغ في أثنائها، (...) دقة أهل العلم رحمة الله عليهم.
هنا مسألة: صبي صام في رمضان، ثم بلغ في أثناء اليوم، هل يقضي هذا اليوم أو لا يقضيه؟
طلبة: ما يقضيه.
الشيخ: المذهب لا يقضيه، يقولون: لأنه وجب عليه الإمساك قبل أن يبلغ ولّا لا؟ لأنه يجب عليه طلوع الفجر، وهو صغير ما بعد بلغ، والصوم لا يصح إلا يومًا كاملًا، فلا يقضيه.
أما الصلاة فإن الوقت ممتد من دخول الوقت إلى خروجه، هكذا يفرقون، ولكن ذكر بعض أصحابنا رحمهم الله نقل حكم كل واحدة إلى الأخرى، ويسمى هذا تخريجًا، يعني قال: إنه ينبغي أن نقول: إنه إذا بلغ في أثناء الصلاة أو بعدها في وقتها لا (...) قياسًا على الصيام، أو نقول: إذا بلغ في أثناء اليوم فإنه يعيد قياسًا على الصلاة، يعني أنه خرّج نقل حكم كل واحدة إلى الأخرى.
والقول الراجح في هذا أنه لا يعيد لا الصوم ولا الصلاة، وجه ذلك في الصلاة أن هذا قد صلى على الوجه الذي قد أُمر به فسقط عنه الطلب بالفعل، ولهذا يقول: أنا صليت الظهر ولّا لا؟ يقول: صليت الظهر، إذن سقط الطلب، الطلب الذي وجه إليه قام به، انتهى الطلب الآن، سواء كان هذا الطلب على سبيل الندب أو على سبيل الوجوب، المهم أن الرجل قال: كيف تلزمونني بأمر فعلته كما أمرت، ومن فعل الشيء كما أمر فكيف يُؤمَر بقضائه مرة ثانية.
فالصواب في المسألتين أنه لا إعادة عليه، ولا قضاء عليه. وجه ذلك أنه أتى بالعبادة على الوجه الذي طلب منه، فسقط الطلب بها، سقط راحت الآن، ما يوجه إليه الطلب به، وعلى هذا فلا تجب عليه الإعادة. ويؤيد ذلك أن هذا الأمر يقع كثيرًا، ولم يحفظ عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يأمرون من بلغ في أثناء الوقت أن يعيد الصلاة.
طالب: (...)؟
الشيخ: إذا بلغ؟
الطالب: (...) يصوم اليومين ويعيد الباقي؟
الشيخ: لا، يقول: بلغ قبل خروج رمضان بيومين، هل يصوم اليومين الباقيين اللذين بلغ فيهما؟
طلبة: نعم.
الشيخ: الجواب: نعم يصومهما فرضًا، يجب أن يصوم، هل يصوم ما قبلهما؟ لا يصوم.
طالب: على المذهب.
الشيخ: لا، حتى على المذهب، لا يصوم الأيام السابقة، حتى في اليوم الذي بلغ فيه لا يصوم.
طالب: كيف نقول أن يصلي إذا كان عاقلًا نأمره بالصلاة و(...) الرسول صلى الله عليه وسلم كلامه (...) الصحابة عقلاء (...)؟
الشيخ: لا، ما هم بأعقل من صبيان اليوم، صبيان اليوم أذكياء جدًّا.
الطالب: لكن الرسول قال: «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ» لا يأمرهم قبل السبع..
الشيخ: إحنا قلنا: فيه احتمال أن الرسول قال هذا بناء على الأغلب، أن الأغلب أن التمييز يكون في السابعة، هذا هو الغالب، والذي يكون عنده تمييز قبل السابعة يعتبر هذا ذكيًّا، يعني ذكاؤه نسبته مرتفعة، إي نعم.
طالب: إذا وجد مثلًا كافر ذمي دخل صلى معنا (...)؟
الشيخ: لا، مسلم حكمًا، نقول: هو مسلم حكمًا.
الطالب: ما نأتيه نسأله عن الشهادة هل تشهدت ولّا لا مثلًا.
الشيخ: أبدًا؛ لأنه ما كبر الله وقرأ الفاتحة وقرأ ما تيسر، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله في التحيات.
الطالب: (...) نطمئن عليه (...) ما نتركه يفعل..
الشيخ: لا، ما نتركه، أصل حتى اللي توه مسلم لو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ينبغي أن نتابعه؛ لأن هؤلاء الذين أسلموا من حينهم مثل فرخ النخلة إذا غرسته، يحتاج إلى ملاحظة وعناية، وإلا يموت.
الطالب: إن قال: أنا ما شهدت أن لا إله إلا الله ولكن بس حبيت أصلي (...).
الشيخ: نعم، نقول: مسلم.
الطالب: نقول: هذا مسلم؟
الشيخ: نقول: إنه مسلم.
الطالب: هو قال: أنا ما شهدت..
الشيخ: إي، يكفيه هو الآن فعل المسلمين، الصلاة هذه خاصة بالمسلمين (...).

***

القول الثاني في هذه المسألة إذا بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها، ويش تعليلهم؟ \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: أنه أدى ما خوطب به على الوجه الذي خوطب به؛ فلا يلزمه الإعادة، واضح؟ وهذا القول الثاني هو الصواب،والجواب عن قولهم: إنها وجبت عليه أن يقال: بل برئت ذمته منها لأنه صلاها، يكفي هذا التعليل. \n
قال المؤلف: (\n ويحرم تأخيرها عن وقتها): (\n يحرم تأخيرها) أي الصلاة (\n عن وقتها)؛ لقول الله تعالى: \n {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، بين الله تعالى أنها مفروضة وأنها موقوتة، وإذا كانت مفروضة في وقت معين كان تأخيرها عن ذلك الوقت حرامًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت الصلوات، وقال: وقت الظهر من كذا إلى كذا، ووقت العصر من كذا إلى كذا \n ، وهذا يقتضي وجوب أن تكون الصلاة في وقتها. \n
وقول المؤلف: (\n تأخيرها) يشمل تأخيرها بالكلية أو تأخير بعضها بحيث يؤخر الصلاة، حتى لم يبق إلا مقدار ركعة صلى، فإن ذلك حرام عليه أيضًا؛ لأن الواجب أن تقع جميع الصلاة في الوقت.\n
وقول المؤلف: (\n عن وقتها) يشمل وقت الضرورة وغاية الوقت؛ لأن صلاة العصر مثلًا لها وقتان: وقت ضرورة، وهو من اصفرار الشمس إلى الغروب، ووقت جواز، وهو من دخول وقتها إلى اصفرار الشمس، فيحرم أن يؤخرها إلى وقت الجواز إلا لعذر.\n
قال المؤلف: (\n إلا لناوٍ الجمع) إلا لمن نوى الجمع، ونزيد شرطًا آخر: وكان ممن يحل له أن يجمع، نوى الجمع ويحل له الجمع، فإن نوى الجمع من لا يحل له لم تنفعه هذه النية، وإن نوى الجمع من يحل له جاز أن يؤخر الصلاة الأولى إلى الصلاة الثانية.\n
وهذا الاستثناء في الواقع يشبه أن يكون صوريًّا؛ وذلك لأنه إذا جاز الجمع بين الصلاتين صار وقتاهما وقتًا واحدًا، ويكون قد صلى الأولى التي أخرها إلى وقت الثانية قد صلاها في الوقت، ولا يقال: إنه أخرها عن وقتها؛ لأنه لما وجد سبب الجمع جعل هذا السبب الوقتين وقتًا واحدًا، لكن هو في الحقيقة تأخير صوري، فإن الإنسان مثلًا إذا أخر الظهر إلى وقت العصر يجمعها إليها فقد خرج وقت الظهر، وكذلك يقال في صلاة المغرب مع العشاء. هذه واحدة.\n
(\n ولمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبًا) مثل إنسان انشق ثوبه وجعل يخيطه، فحان وقت خروج الوقت، أو حان خروج الوقت، فإن صلى قبل أن يخيطه صلى عريانًا، وإن انتظر حتى يخيطه صلى مستترًا، وتحصيله قريب ولا بعيد؟ تحصيله قريب؛ لأن ما عليه إلا أن يخيط الثوب، فنقول هنا: يجوز أن يؤخرها عن وقتها؛ لأنه اشتغل بشرط يحصله قريبًا. \n
ومثال آخر: إنسان وصل إلى الماء وهو عادم للماء، ما بقي عليه إلا أن ينزل الدلو ويخرج الماء ويتوضأ بالماء، ولكن الشمس الآن على وشك أن تغيب، يعني لا يمكنه أن يستخرج الماء حتى تغيب الشمس، فنقول: لك أن تؤخر العصر حتى تغرب الشمس؛ لأنك مشتغل بماذا؟ بشرط -وهو استعمال الماء- تحصله قريبًا.\n
فإن كان هذا الرجل وصل إلى الماء لكن الماء يحتاج إلى حفر بئر فقال: سأؤخر الصلاة حتى أحفر البئر، هذا شرط يحصله بعيدًا، حتى وإن كان البئر من الآبار القريبة للماء؛ لأن هذا بعيد، هذا ما ذهب إليه المؤلف، والصواب أنه لا يجوز تأخيرها مطلقًا عن وقتها، وأنه إذا خاف خروج الوقت صلى على حسب حاله، وإن كان يمكن أن يحصل الشرط قريبًا؛ لأن الله قال: \n {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، ولأنه لو جاز انتظار الشروط ما صح أن يشرع التيمم؛ لأن بإمكان كل إنسان أن يؤخر الصلاة حتى يجد الماء.\n
والانفكاك عن هذا الإيراد بقوله: (\n قريبًا) انفكاك لا يؤثر، لماذا؟ لأن الذي أخر الصلاة عن وقتها لا فرق بين أن يؤخرها إلى وقت طويل أو إلى وقت قصير، فمن أخرها عن الوقت ولو بربع ساعة أو عشر دقائق أوخمس دقائق كمن أخرها عن الوقت عشرين ساعة، كلهم أخرجوها عن الوقت، فإذا كان الحكم سواء في إخراج الصلاة عن وقتها فإنه لا يجوز أن يؤخرها بانتظار الحصول على شرط، وإن كان يحصله قريبًا.\n
تقولون أن يصلي هذا الرجل والماء قريب منه بس ما بقي عليه إلا أن ينزل الدلو ويخرج الماء؟ نقول: نعم، يصلي بالتيمم، ولا يخرج الصلاة عن وقتها، وكذلك نقو ل فيمن أراد خياطة ثوبه.\n
إذن ما الذي يُستثنى؟ شيء واحد فقط، وهو إذا نوى الجمع من يحل له، ثم قلنا: إنه إذا نوى الجمع من يحل له فإنه في الواقع تأخير صوري؛ لأن وقت الثنتين وقت لهما جميعًا.\n
اختلف العلماء في مسألة، هل يجوز تأخير الصلاة لشدة الخوف؟ كما لو كان الخوف شديدًا بحيث لا يتمكن الإنسان من الصلاة لا بقلبه ولا بجوارحه؛ لشدة الخوف، الناس مشتبكون ما يقدر الإنسان يتذكر ولا يتصور ما يقول ولا ما يفعل، فهل يجوز أن يؤخر الصلاة في هذه الحال أو لا يجوز؟ نقول: للعلماء في ذلك قولان:\n
أحدهما: لا، والثاني: نعم.\n
والصحيح أنه يجوز في هذه الحال، يجوز أن يؤخرها إذا كان لا يستطيع أن يصلي أبدًا؛ لأنه هنا لو صلى ما يدري ما يقول ولا ما يفعل، ولا يمكن أبدًا أن ينشغل؛ لأن الآن يدافع، ويش يدافع؟ يدافع الموت، ولا يستطيع أن يستحضر ما يقول ولا ما يفعل. وقد ورد ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، كما في حديث –أظنه- أبي موسى في فتح تستر، فإنهم أخروا الصلاة عن وقتها إلى الضحى –صلاة الفجر- حتى فتح الله عليهم \n .\n
وعليه يحمل تأخير النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخندق عن وقتها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى» \n شغلونا عنها يعني بحيث لم يستطع أن يصليها، وغزوة الخندق كانت في السنة الخامسة، وغزوة ذات الرقاع كانت في السنة الرابعة، المشهور، وقد صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف \n ، على المشهور بأن صلاة ذات الرقاع في الرابعة يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلوات في أيام الخندق من أجل شدة الخوف، ما هو من أجل الخوف؛ من أجل شدة الخوف، حتى لا يكاد يحسن شيئًا من الصلوات.\n
وعليه فيكون تأخير الصلاة عن وقتها في موضعين: عند الجمع، حين يباح له، أو في شدة الخوف الذي لا يتمكن معه من الصلاة بأي وجه من الوجوه.\n
هل يجوز أن يؤخر الصلاة من أجل الشغل؛ لأن فيه ناس يشتغلون في أوربا والشركات هناك ما تمكنهم من التفرغ للصلاة؛ إما مراغمة لهم وإما ابتغاء الدنيا، الله أعلم، لكن لا تمكنهم، فيقول: أؤخر الصلوات الخمس حتى آتي إلى النوم ولا أنام حتى أصليها، ما تقولون؟ \n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: يجوز؟ لا يجوز، هذا لا يجوز، نقول: إذا لم تعش إلا بهذه الحال فلا تعشها، اترك العمل هذا، \n {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣].\n
قال المؤلف: (\n ومن جحد وجوبها كفر): (\n من جحد وجوبها) أي وجوب الصلاة (\n كفر)، والصلاة التي أجمع المسلمون عليها هي الصلوات الخمس والجمعة، فقد أجمع المسملون على وجوبها إجماعًا قطعيًّا ضروريًّا لا يخفى على أحد من المسلمين، من جحد وجوب هذه الصلوات الخمس والجمعة فقد كفر؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين، الإجماع القطعي، فأي كفر أعظم من هذا، من أن يكذب الإنسان الله ورسوله والمسلمين جميعًا، فإذا جحدها وقال: ليست بواجبة لكن أنا بصلي (...) يأذن أتوضأ وأذهب إلى الصلوات في خشوع وأذكر الله بعد الصلاة، لكني أرى ذلك على سبيل الاستحباب، نقول: هذا الرجل كافر. \n
يقول: أنا أرى أن الصلوات يجب منها ثلاث صلوات فقط؟ \n
\n طالب: على غير دين الإسلام. \n
\n الشيخ: كافر؟ \n
\n طلبة: نعم. \n
\n الشيخ: لو يجحد واحدة منها كفر، لو يجحد ركعة من هذه الركعات كفر، لو قال: أعتقد أن الواجب من صلاة الظهر ركعتان قلنا: إنه كافر؛ لأنه مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين. \n
الكتاب ما فيه ذكر لعدد الصلوات، عدد الركعات، ولكن فيه أن \n {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]. \n
استثنى العلماء من ذلك مسألة: إذا كان الإنسان حديث عهد بكفر وجحد وجوبها لأنه لا يعرف أحكام الإسلام؛ فإنه لا يكفر لكن يُعَلَّم ويُبيَّن له الحق، فإذا عرض له الحق على وجه بين فإنه إذا جحد بعد ذلك يكفر، فإذا بُين له الحق على وجه واضح لا حاجة إلى أن يقول: اتضح لي؛ لأنه قد يقول: إلى الآن ما اتضح لي، ويعاند ويكابر، لكن إذا عرض له الحق على وجه بين واضح فإنه إذا جحد كفر.\n
وفي هذه المسألة التي استثناها العلماء دليل على أنه لا فرق بين الأمور القطعية في الدين وبين الأمور الظنية في أن الإنسان يعذر بالجهل فيها، وهو كذلك، فإن الصحيح أن الإنسان يعذر بالجهل سواء في الأمور العلمية أو في الأمور العملية، وإن شئنا قلنا كما قاله أكثر الناس: الأصولية أو الفروعية، لكن ليعلم أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع محدث، أحدثه المتكلمون كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلقاه عنهم الفقهاء، وإلا فليس هذا موجودًا في الكتاب ولا في السنة، أعني تقسيم الدين إلى أصول وفروع. \n
فيه أيضًا من قسم الدين إلى شيء آخر؛ إلى لب وقشور-الله يهديهم- هذا خطأ عظيم؛ لأنه ليس في الدين قشور أبدًا، فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم \n لعن القاشرة والمقشورة \n ، نسأل الله أن يهديهم، وألا يجعلهم من القاشرين والمقشورات. \n
على كل حال نقول: إذا جحد وجوبها كفر، ويُستثنى من ذلك أيش؟ حديث عهد بكفر، فهذا يُعلم، فإذا عرض له العلم على وجه بين واضح وأصر بعد ذلك؛ كفر.\n
قال المؤلف: (\n وكذا تاركها تهاونًا ودعاه إمام أو نائبه) قال: (\n وكذا تاركها) ففصل هذا عما سبق، لم يقل: ومن جحد وجوبها أو تركها تهاونًا، بل قال: (\n وكذا تاركها) ففصل هذه عن الأولى؛ لأن هذه لها شروط، اشترط المؤلف -رحمه الله- لذلك أن يدعوه إمام أو نائبه، وأن يصر على الترك حتى يضيق وقت الثانية، فاشترط المؤلف لكفره شرطين، نحل كلام المؤلف أولًا.\n
نقول: إذا تركها الإنسان تهاونًا وكسلًا مع إقراره بفرضيتها، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأشهد أن الصلوات الخمس فرض، ولكن ترك الصلاة تهاونًا فإنه يكفر كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة ولكن بشرط، قال: (\n دعاه إمام أو نائبه) يعني إلى فعلها، يعني بشرط أن يدعوه الإمام قلنا: عدة مرات، إنه هو الرئيس الأعلى في الدولة، سواء سُمي إمامًا أوملكًا أو خليفة أو أميرًا أو رئيسًا، المهم من له السلطة العليا في الدولة فهو إمام. (\n أو نائبه) مثل الأمير، فإذا دعاه الإمام أودعاه الأمير إلى فعل الصلاة ولكنه أصر. \n
الشرط الثاني: (\n وضاق وقت الثانية عنها) فإنه يكفر، فإن دعاه و ضاق وقت الأولى فإنه لا يكفر، حتى لو خرج الوقت، لا يكفر بترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها. وظاهر كلام المؤلف أنه سواء كانت الأولى تجمع إلى الثانية أو لا تجمع، فإذا دعاه لصلاة العصر فلا يكفر حتى يضيق وقت المغرب عنها، مع أن العصر لا تجمع إلى المغرب، فاشترط المؤلف شرطين لكفره:\n
الشرط الأول: إذا دعاه إمام أو نائبه.\n
الثاني: أن يضيق وقت الثانية عنها.\n
فإن كان هذا الرجل تاركًا للصلاة ولكن الإمام ونائب الإمام لم يدعوانه إلى فعلها، كما هو الواقع الآن مع الأسف الشديد، فإنه لا يكفر، وعلى هذا فمذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه أنه لا يمكن أن يحكم بكفر أحد ترك الصلاة في زماننا، لماذا؟ لأنه لا يدعى إليها. الناس متروكون لدينهم وأمانتهم، وعليه فلا يحكم بكفرهم؛ لأنهم يشترطون هذا الشرط، كذلك لو دعاه إمام أو نائبه، وضاق وقت الأولى وخرج، وسكت الإمام عنه، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا بد أن يدعوه حتى يضيق وقت الثانية عنه.\n
طيب العلة، نحن نقول مثلًا: النصوص الواردة في تكفير تارك الصلاة ليس فيها هذان الشرطان، فمن أين جئتم بهذين الشرطين؟ قالوا: لأنه إذا لم يدعه الإمام لم نتحقق أنه تركها تهاونًا؛ إذ قد يكون معذورًا بعذر يعتقده عذرًا، وليس بعذر، فإذا دعاه الإمام وأصر علمنا أن الرجل ليس بمعذور، وأما فضاق وقت الثانية فإنه قد يكون يظن جواز الجمع من غير عذر، وهذا ظاهر فيما إذا ضاق وقت الثانية التي تجمع إلى الأولى، لكنه غير ظاهر فيما إذا ضاق وقت الثانية فيما لا تجمع إليها الأولى كصلاة العصر مع المغرب.\n
يقولون: وربما أنه جاهل يحسب أن كل الصلوات يجمع بعضها إلى بعض، فدرءًا للحد عنه أو درءًا للحكم بتكفيره نقول: نضيق هذا الأمر بهذين الشرطين، ولكن القول الصحيح بلا شك ما ذهب إليه بعض الأصحاب، وهو أنه لا أثر لدعوة الإمام؛ لأن هذا ليس موجودًا في الكتاب ولا في السنة.\n
وأيضًا المسائل الأخرى التي يكفر بها الإنسان هل أنتم تقولون: لا يكفر إلا إذا دعاه الإمام، لا يقولون بذلك، واحتمال العذر فيها كاحتمال العذر في تارك الصلاة، فإما أن تقولوا بهذا الشرط في كل موضع ورد الشرع بتكفير الإنسان فيه، وإما أن تلغوا هذا الشرط بالنسبة للصلاة كما هو لاغ بالنسبة لغيرها. فالصحيح إذن الأخذ بعموم الأدلة، أنه يكفر سواء دعاه الإمام أو نائبه، ولكن هل يكفر بترك فريضة واحدة؟ فيه خلاف أيضًا بين العلماء:\n
منهم من قال: يكفر بترك فريضة واحدة، فإذا تهاون بترك فريضة واحدة حتى خرج وقتها فهو كافر. \n
ومنهم من قال: بترك فريضتين.\n
ومنهم من قال: بترك فريضتين إن كانت الثانية تجمع للأولى، وعليه فإن ترك الفجر فإنه يكفر بخروج وقتها، وإن ترك الظهر فلا يكفر إلا بخروج وقت العصر.\n
ولكن الذي يظهر لي من الأدلة أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة تركًا، يتركها، ما هي صلاة واحدة، بمعنى أنه قد وطن نفسه على ألا يصلي، يترك الصلاة، معروف أن هذا الرجل لا يصلي، لا ظهرًا ولا عصرًا ولا مغربًا ولا عشاءً ولا فجرًا، فهذا هو الذي يكفر. أما من كان يصلي فرضًا ويدع فرضًا، أو يصلي فرضًا ويدع فرضين، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يقال: إنه ترك الصلاة، بل هذا ترك صلاة، لا الصلاة. \n
والحديث: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» \n ، لم يقل: ترك صلاة، وكذلك: \n «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ» \n ، ولأن الأصل بقاء الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين؛ لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين، فالأصل أن هذا الرجل المعين، الأصل أنه أيش؟ مسلم، فلا نخرجه من الإسلام المتيقن إلا بوجود دليل يخرجه إلى الكفر بيقين. وما دامت المسألة فيها شك فلا نخرجه من الإسلام. \n
وهذا الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله، سواء كان مقيدًا أو بشروط، وهو أن تارك الصلاة كسلًا وتهاونًا يكفر، هذا القول هو الراجِح؛ لأن الأدلة تدل عليه؛ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة والنظر الصحيح، أما الكتاب فقوله تعالى عن المشركين: \n {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١]، فاشترط الله تعالى للأخوة في الدين ثلاثة شروط: الأول: التوبة، منين؟ من الشرك، فإن لم يتوبوا فهم مشركون. الثاني: إقام الصلاة، فإن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين. الثالث: إيتاء الزكاة، فإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين.\n
وعلى هذا فتكون الآية دالة على أنه ليس بمؤمن إذا لم يصلِّ ولم يزكِّ، وإن تاب من الشرك؛ إذ لو كان مؤمنًا لكان أخًا لنا في الدين؛ لأن الأخوة الدينية لا تنتفي بالمعاصي وإن عظمت، المعاصي وإن عظمت لا تنتفي فيها الأخوة في الدين، أرأيتم قول الله عز وجل: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨] \n {أَخِيهِ} من؟ المقتول أخ للقاتل، مع أن القاتل فعل كبيرة من كبائر الذنوب، من أعظم الكبائر قتل المسلم، حتى إن الله قال في عقوبته: \n {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣] ومع هذا فأخوته باقية.\n
وقال في المؤمنين المقتتلين، قال: \n {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ٩، ١٠] ومعلوم أن قتال المؤمن من أعظم الذنوب، حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» \n ، ومع ذلك لا يخرج من الأخوة الإيمانية. \n
إذن لا خروج من الأخوة الإيمانية إلا بالخروج من الدين بالكلية، وإذا كان يشترط لثبوت الأخوة الدينية هذه الشروط الثلاثة: التوبة من الشرك، والثاني: إقامة الصلاة، والثالث: إيتاء الزكاة، فهذا يدل على أن من لم يقم الصلاة ولم يؤت الزكاة فليس بمؤمن، واضح؟ \n
يبقى أن نقول: إن مقتضى استدلالنا بهذه الآية أن نقول بكفر تارك الزكاة، أليس كذلك؟ \n
فنقول: من العلماء من التزم بذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد، أن من ترك الزكاة بخلًا وتهاونًا، فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة، ولكن يمنع هذا القول ما ثبت في \n صحيح مسلم \n من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فيمن آتاه الله مالًا من الذهب والفضة ولم يؤد زكاته، حيث قال عليه الصلاة والسلام: \n «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ وَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».\n
وهذا يدل على أيش؟ على أنه ليس بكافر؛ إذ لو كان كافرًا لم يجد سبيلًا إلى الجنة، وعلى هذا فيكون مفهوم الآية بالنسبة للزكاة غير معتبر، بدليل هذا الحديث.\n
أما من السنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» \n ، وقال: \n «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» \n . فقال: \n «بَيْنَ»، والبينيَّة تقتضي التمييز بين الشيئين، فهذا في حد وهذا في حد، \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ». \n
إذن هذه البينية كالجدار الفاصل لا يمكن أن يكون الإيمان مع ترك الصلاة أبدًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ» لا يمكن أن يكون إيمان مع ترك الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ»، وهذا يقتضي أن هناك حدًّا فاصلًا، لا يدخل أحدهما في الآخر أبدًا، ثم قال: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَالشِّرْكِ أَوِ الْكُفْرِ» بـ(أل) الدالة على الحقيقة، وأن هذا كفرٌ حقيقي، وليس كفرًا دون كفر. \n
وقد نبه إلى هذا المعنى الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب \n اقتضاء الصراط المستقيم، لم يقل كما قال: \n «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ» \n وإنما قال: \n «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ». وهذا يدل على أن المرادَ بذلك الكفر الحقيقي، وهو الكفر المخرِج عن الملة. \n
أما أقوال الصحابة فإن أقوال الصحابة كثيرة، رُوي عن ستة عشر رجلًا منهم بأعيانهم أنهم كفروا تارك الصلاة، ومنهم عمر بن الخطاب \n رضي الله عنه، ونقل عبد الله بن شقيق، وهو من التابعين الثقات، نقل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عمومًا القول بتكفير تارك الصلاة، فقال عبد الله بن شقيق: \n كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة \n . \n
وهذا حكاية الإجماع، ولهذا حكى الإجماع -أي إجماع المسلمين على كفر تارك الصلاة- حكاه إسحاق بن راهويه، الإمام المشهور، فقال: لم يزل الناس منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا يقولون بأن من ترك الصلاة فهو كافر \n . وعلى هذا فيكون دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع إن صح الإجماع، وإلا فقول جمهور الصحابة. \n
الرابع: المعنى والقياس الصحيح، ووجه دلالته على كفر تارك الصلاة أن يقال: إن كل إنسان عاقل في قلبه أدنى مثقال من إيمان لا يمكن أن يحافظ على ترك الصلاة وهو يعلم شأنها وما أعد الله للقائمين بها من الثواب، وما أعد للمضيعين لها من العقاب، الرجل يعرف أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض الصلوات على نبيه إلا وهو في السماوات، فوق السماوات السبع، ومن الله إلى رسوله مباشرة بدون واسطة، ثم يفرضها على عباده خمسين مرة في اليوم والليلة. \n
وهذه العنايات العظيمة فيها يشترط لها ألا يتقدم الإنسان بين يدي الله إلا وهو متطهِّر، ما فيه عبادة يشترط لها الطهارة بالإجماع إلا الصلاة. أيضًا لا بد من أن يتخذ الإنسان زينة، لا بد من أن يتجه بجسده إلى بيت الله، وبقلبه إلى الله، كل إنسان يعرف مدى ما للصلاة من العناية، لا يمكن أن يحافظ على تركها وفي قلبه أدنى مثقال من إيمان أبدًا. \n
ولا تصدق أن أحدًا يقول: أنا مؤمن وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويحافظ على ترك الصلاة، لا تفكر لو قاله فهو كافر، يعني ويش معنى أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إذا كنت تشهد أن لا إله إلا الله لماذا لا تعبده في أعظم العبادات، ويش لون لا معبود إلا الله ولا تعبد الله؟! شو هذا؟ تناقض هذا، أشهد أن محمدًا رسول الله ولا تصلي، وقد قال لك: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n وين الشهادة؟\n
الشهادة ليست مجرد كلام في اللسان، لا بد من تصديق القول بالفعل، ولّا لا؟ نحن الآن في مجرياتنا وحياتنا اللي بيننا لو أن الإنسان جاءنا بأبلغ عبارة وأفصح بيان، يقول: أنا أفعل وأنا أقول، وإذا نظرنا له ما يفعل نصدق؟ ما نصدق، ما نصدقه؛ ولهذا كل إنسان يعرف أحوال القلوب، ويعرف ماذا تأمر به الأبدان من طاعة الله، يعلم أن من ترك الصلاة مع عظم أمرها وشأنها فإنه ليس في قلبه أبدًا تعظيم لله عز وجل. \n
وليس مجرد قول الإنسان: لا إله إلا الله، يخرجه من الكفر، إذا كان معه أفعال أخرى توجب كفره، ها هو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وإذا قال: إن صلاة الظهر غير واجبة، صار كافرًا، مع أنه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لماذا نقول بتكفيره في المسائل الأخرى التي وردت النصوص بها؟ نقول بتكفيره مع كونه يقول: لا إله إلا الله، ولا نقول بتكفيره إذا ترك الصلاة مع وجود النصوص الدالَّة على تكفيره، أي فرق بين هذا وهذا؟ فلذلك كل من تأمل أدلة هذا القول الصحيح تبين له أنه الحق الذي لا مرية فيه.\n
فإن قال قائل: أفلا نحمل نصوص التكفير على من تركها جاحدًا، قلنا: إن هذا لقول ضحك، قول مضحك! كيف نحمله على ذلك وأنت بنفسك لا تقول به؟! فإنك لو صلى الإنسان كل الصلوات الخمس بنوافلها، والنوافل المطلقة وهو جاحد، كافر ولّا غير كافر؟ كافر، هو تارك؟ ما ترك، فالجحد نفسه موجب للكفر، سواء فعلت أو لم تفعل. \n
ولهذا لما قيل للإمام أحمد في قوله تعالى: \n {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا } [النساء: ٩٣] لما قيل له: إن فلانًا يقول هذا فيمن استحل قتل المسلم، قال: سبحان الله! تعجب، فيمن استحل قتل المسلم، من استحل قتل المسلم فهو في النار، سواء قتل أم لم يقتل، شوف الفقه العظيم، هذا أيضًا مثله، نقول: من جحد فرض الصلاة فهو كافر، سواء صلى أم لم يصلِّ، واضح الآن؟ ثم نقول.. \n

أنت إذا حملتَ الحديث على هذا فقد حرَّفته من وجهين؛ أولًا: حملتَ دلالته على غير المراد؛ لأن الحديث معلَّق بالترك ما هو بالجحد، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: ثانيًا: أبطلت دلالته فيمن جحد وهو يصلي؛ لأن الحديث إنما حكم على من ترك، وعلى رأيك إذا جحد ولم يترك فهو كافر ولَّا مسلم؟ على رأيه؛ إذا جحد وهو يصلي؟
طالب: كافر.
الشيخ: لا إله إلا الله! فهو مسلم يا جماعة، إي نعم، فهو مسلم بناء على أنه حمل الحديث؛ «مَنْ تَرَكَهَا» على أن المراد: من تركها جاحدًا، نقول: على زعمك الآن أن من جحدها ولم يترك فليس بكافر بمقتضى الحديث عندك، فأنت الآن أبطلت دلالة الحديث من هذين الوجهين.
والحقيقة أن المشكلة كل المشكلة التي تقع لبعض العلماء الأفاضل من مثل هذه التحريفات الباردة هي أنه يعتقد قبل أن يستدلَّ، فيكون معتقدًا للقول بعدم الكفر، ثم يحاول أن يحرِّف النصوص على وجوه مستكرهة بناء على ما اعتقده، وهذه بلية، أسأل الله أن يعافيني وإياكم منها، بلية لكل طالب علم، إذا اعتقد تجده يحاول أن يحرِّف النصوص إلى اعتقاده ويلوي أعناقها، كما يقولون، ونحن نقول: يا أخي، من اللي يحكم بالكفر والإسلام؟ الله، كما أنه هو الذي يحكم بالحل والتحريم والإيجاب والاستحباب، إذنْ إذا كفَّر الله ورسوله أحدًا لا تبالِ، كفِّرْه وأنت في حل بلا شك، لكن أن تحرِّف النصوص وتحاول تحريفها، هذا هو البلاء.

***

***

\n
[باب الأذان والإقامة]
باب الأذان والإقامة
\n

\n هذا الباب مُعَنْوَن لمسألتين، لكنهما مسألتان متلازمتان؛ إحداهما: الأذان، والثانية: الإقامة. فما هو الأذان؟ وما هو الإقامة؟\n
الأذان في اللغة: الإعلام، ومنه قوله تعالى: \n {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩]، وقوله: \n {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٣]، هذا في اللغة: الإعلام.\n
وفي الشرع: إعلام خاص، وهذا هو الغالب في التعريفات الشرعية أن تكون أخص من المعاني اللغوية، هذا الغالب، وقد يكون الأمر بالعكس.\n
فالإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع أعم من التصديق، أليس كذلك؟ الإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: تصديق وأعمال؛ أعمال اللسان، وأعمال الجوارح، لكن الغالب أن المعاني الشرعية أخص من المعاني اللغوية؛ ولهذا تجد التعريفات الشرعية يكون فيها قيود وشروط زائدة على التعريفات اللغوية.\n
فالأذان في اللغة: الإعلام، وفي الشرع: التعبد لله تعالى بالإعلام للصلاة بذكر مخصوص.\n
وهذا أولى من قولنا: الإعلام بدخول الوقت؛ لأن الأذان يتبع الصلاة؛ ولهذا إذا شرع الإبراد في صلاة الظهر شرع تأخير الأذان، كما ثبت هذا في \n صحيح البخاري \n ، وعلى هذا فنقول: التعبد لله تعالى بالإعلام للصلاة بذكر مخصوص، هذا هو تعريف الأذان.\n
فقولنا: (التعبد لله) أفادنا أنه عبادة، وهو كذلك، فالأذان عبادة واجبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولأن الله تعالى أشار إليه في القرآن في قوله: \n {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} [المائدة: ٥٨] وهذا عام، وقوله: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فهو إذن عبادة.\n
أما الإقامة فهي مصدر (أَقَامَ)، أقام الشيء؛ إذا جعله مستقيمًا. وأما في الشرع فهو: التعبد لله تعالى بالقيام للصلاة، ما هو بالصلاة، بالقيام للصلاة بذكر مخصوص.\n
فالفرق بينها وبين الأذان: أن الأذان يكون إعلامًا للصلاة بالتهيؤ لها والاستعداد لها، والإقامة: إعلام بالصلاة للدخول فيها والإحرام بها، هذا هو الفرق بينهما.\n
ويأتي أيضًا الفرق بينهما -إن شاء الله- فيما بعد في صفة الأذان يختلف عن صفة الإقامة.\n
قولنا: إن الأذان والإقامة عبادة، إذن فيهما ثواب؛ لأن كل عبادة تشتمل على شرطيها وهما: الإخلاص والمتابعة، يكون فيها الثواب، وعندنا في الصلاة أذان وإقامة، وإمامة.\n
واختلف العلماء أيهما أفضل؟ والصحيح أن الأفضل الأذان؛ الأذان أفضل من الإمامة؛ لورود الأحاديث الدالة على فضله \n .\n
ولكن إذا قال قائل: الإمامة ربطت بأوصاف شرعية؛ مثل: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» \n ، ومعلوم أن الأقرأ أفضل، فقرنها بالأفضل دليل على أفضليتها؟\n
فنجيب على ذلك بأن نقول: نحن لا نقول: إنه لا أفضلية في الإمامة، بل الإمامة ولاية شرعية ذات فضل، ولكننا نقول: إن الأذان أفضل من الإمامة؛ لما فيه من إعلان ذكر الله عز وجل، وتنبيه الناس على سبيل العموم، والإمام إنما يكون إمامًا لمن؟ لمن خلفه فقط، لكن المؤذن إمام لكل من سمعه، كل من سمعه يقتدي به، ويقوم يصلي مثلًا، ولأن الأذان أشق من الإمامة؛ لأن المؤذن دائمًا يكون مشغولًا بتحري الوقت والاستعداد له، لا سيما في الزمن السابق؛ حيث لا ساعات هناك.\n
فإن قال قائل: إذا كان الأذان أفضل -كما زعمتم- فلماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، فقد كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين؟\n
فالجواب: أنهم اشتغلوا بالأهم عن المهم؛ لأن الإمام يتعلق به جميع الناس، ويحتاج إلى التفرغ لهم، فلو فرَّغ نفسه لملاحظة الوقت لانشغل بذلك عن مهمات المسلمين، فكان ترك النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الأذان لا لزهد فيه أو قلة فيه، لكن من أجل انشغالهم بما هو أهم.\n
أما حكم الأذان والإقامة فقال المؤلف: (\n هما فرض كفاية)، وفي نسخة: (\n فرضا) بالألف، فعلى النسخة التي بيدي أفرد الخبر مع تثنية المبتدأ؛ لأن الخبر مصدر، والمصدر لا يجمع ولا يثنى، قال ابن مالك في الألفية:\n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَنَعَتُـــــــوا بِمَــــصْــــــدَرٍ كَــــــــثِيرَا

فَالْتَزَمُوا الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا

\n
تقول: هما رجلان عدل، ولا تقل: عدلان، والخبر كالصفة، فيفرد الخبر وإن كان المبتدأ مثنى أو مجموعًا، إذا كان الخبر أيش؟ مصدرًا، وأما على التثنية ففيه لغة، لكنها مرجوحة.\n
(\n هما فرضا كفاية) قوله: (\n فرض)، الفرض في اللغة: القطع، وفي الشرع: ما أُمِرَ به على سبيل الإلزام، هذا الفرض.\n
وهل هو أوكد من الواجب أو هما بمعنى واحد؟ الصحيح أنهما بمعنى واحد، لكن ينبغي مراعاة ألفاظ الشرع؛ فما جاء بلفظ الفرض فليعبَّر عنه بالفرض، وما لم يأت بلفظ الفرض فليعبر عنه بما عبَّر به الشارع؛ لأن هذا أولى وأحرى بالمتابعة، حتى في اللفظ، فنقول: هما فرض كفاية.\n
الفرض في اللغة: الحزُّ والقطع، وفي الشرع: ما أمر به على وجه الإلزام.\n
والدليل على فرضيتهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما في عدة أحاديث، وملازمته لهما في الحضر والسفر، ولأنه لا يتم العلم بالوقت إلا بهما غالبًا، خصوصًا في الزمن السابق، فكان القياس أن يكونا واجبين.\n
يقول: (\n فرض كفاية) وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.\n
ودليل كونهما فرضا كفاية قول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: \n «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» \n ، وهذا يدل على أنه يكتفى بأذان واحد، ولا يجب الأذان على كل واحد، فهو فرض كفاية.\n
قال أهل العلم في ضابط ذلك: ما طلب إيجاده من كل شخص بعينه فهو فرض عين، وهذا يُنظَر فيه إلى العامل، وما طلب إيجاده بقطع النظر عن فاعله، فهو فرض كفاية، وهذا يُنظَر فيه إلى العمل، فما لوحظ فيه وجود العمل فهو كفائي، وما لوحظ فيه وجوده من كل شخص بعينه فهو أمر عين، سواء كان فرضًا أو سنة.\n
أيهما أفضل؟ الصحيح بلا شك أن الأفضل فرض العين؛ لأن إيجاب الله له على كل واحد بعينه دليل على أهميته، وأنه لا يتم التعبد إلا به، بخلاف فرض الكفاية.\n
إذا قال قائل ما هو الدليل على فرضيتهما؟\n
قلنا: الدليل على ذلك النصوص الكثيرة الدالة على الأمر بهما.\n
ثانيًا: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما حضرًا وسفرًا.\n
ثالثًا: تعين المصلحة بهما؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، أرأيت لو أتيت إلى بلد ليس فيها أذان ولا إقامة لم تجد فرقًا بينه وبين بلاد الكفر، فصارا فرضا كفاية.\n
قال المؤلف: (\n على الرجال) (الرجال) جمع (رجل)، وتطلق على البالغين، فخرج بذلك الصغار، وخرج بذلك الإناث، وخرج بذلك الخناث؛ لأنهم ليسوا رجالًا، فلا تجب على الصغار.\n
فلو فرضنا أن صغارًا خرجوا في نزهة، وجاء وقت الصلاة، فإنه لا يلزمهم الأذان والإقامة؛ لأنهم ليسوا رجالًا، بل هم صغار، ثم هم أيضًا ليسوا من أهل التكليف لعدم الوجوب عليهم.\n
النساء هل يجب عليهن الأذان والإقامة؟ كلام المؤلف يدل على أنه لا يجب عليهن أذان ولا إقامة؛ لأنه قال: (\n على الرجال)، سواء كان هؤلاء النساء منفردات عن الرجال أو كان حولهن الرجال.\n
ولكن ما حكم الأذان والإقامة في حقهن إذ لم نقل بالوجوب؟ في هذا روايات عن الإمام أحمد رحمه الله؛ رواية: أنهما يكرهان، ورواية: أنهما يباحان، ورواية: أنهما يستحبان، ورواية: أن الإقامة مستحبة دون الأذان، فالروايات عن الإمام أحمد أربع؛ الكراهة، والإباحة، والاستحباب، والتفصيل؛ يستحب في الإقامة، ولا يستحب في الأذان.\n
وكل هذا مشروط بما إذا لم يرفعن الصوت على وجه يسمعن، فإن رفعن الصوت على وجه يسمعن فهذا؛ إما أن نقول بعدم الجواز، أو نقول بالكراهة.\n
المذهب أن الأذان والإقامة لهن مكروهة، فيكره للنساء الأذان والإقامة، ولو منفردات عن الرجال، ولو لم يسمعهن رجال؛ لأنهن لسن من أهل الإعلان، فإذا لم يكنَّ من أهل الإعلان لم يشرع لهن ذلك؛ لأنه ليس من حقهن، ولو قال قائل بالقول الأخير -وهو سنية الإقامة دون الأذان؛ لأجل اجتماعهن على الصلاة- لكان له وجه.\n
(\n المقيمين) ضد المسافرين، فالمسافرون لا أذان عليهم ولا إقامة، لكن يُسَن لهم الأذان والإقامة، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهو المذهب، ولكن لا دليل له، بل الدليل على خلافه، وهو أن الأذان والإقامة واجبان على المقيمين والمسافرين، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث وصحبه: \n «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» \n ، وهم وافدون على الرسول عليه الصلاة والسلام، مسافرون إلى من؟ إلى أهليهم، وقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن لهم أحدهم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الأذان والإقامة حضرًا ولا سفرًا، فكان يؤذن في أسفاره، ويأمر بلالًا أن يؤذن في حجه وعمرته وجهاده، فالصواب إذن وجوبه؛ أي: وجوب الأذان والإقامة على المسافرين كالمقيمين.\n
قال: (\n للصلوات الخمس) ومنها الجمعة؛ لأن الجمعة بدلًا عن الظهر، الصلوات الخمس هي: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.\n
دليل وجوبه للصلوات الخمس قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ» وهذا عام في كل الصلوات الخمس، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مؤذنه يواظب على الأذان للصلوات الخمس فكان واجبًا (...).\n
صلاة العيد لا أذان، في الاستسقاء لا أذان، في ركعتي الضحى لا أذان، المهم للصلوات الخمس فقط.\n
المنذورة؛ لو نذر الإنسان أن يصلي لله ركعتين هل يؤذن؟ لا يؤذن؛ لأنها ليست من الصلوات الخمس المكتوبة.\n
(\n المؤداة) خرج بذلك المقضية، وهي التي تصلى بعد الوقت، فلا يجب الأذان لها، لكن يُسَن الأذان لها، ولا يجب، انتبه، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وتعليله أن الأذان لا يعرف في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا في الصلوات الخمس المؤداة، ولكن الصواب أن الأذان والإقامة يجبان في الصلوات الخمس؛ المؤداة والمقضية، ودليل ذلك \n أن الرسول صلى الله عليه وسلم لمَّا نام عن صلاة الفجر في سفره لم يستيقظ إلا بعد طُلوع الشَّمس، وأمر بلالًا أن يُؤذِّنَ وأن يُقيمَ \n ، وهذا يدل على الوجوب في الصلوات المقضيات كالمؤداة.\n

\n ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ»، فإنه يشمل حضورها بعد الوقت وحضورها في الوقت وحضورها بعد الوقت، يتصور فيما إذا نام عنها أو نسيها، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n .\n
ولكن إذا كان الإنسان في بلد قد أذن فيه للصلاة؛ كما لو نام جماعة في غرفة في البلد ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، هل يجب عليهم الأذان؟\n
الجواب: لا، اكتفاءً بالأذان العام في البلد؛ لأن الأذان العام في البلد حصلت به الكفاية، وسقطت به الفريضة، لكن لو ناموا في البر، ثم استيقظوا، وجب عليهم -على القول الصحيح- أن يؤذنوا.\n

\n وقول المؤلف: (\n للصلوات الخمس) هذا ما لم تجمع الصلاة إلى ما تجمع إليه، فإنه يكفي في ذلك أذان واحد، فلو جمع بين الظهر والعصر كفاهما أذان واحد، ولو جمع بين المغرب والعشاء كفاهما أذان واحد، لكن لا بد من الإقامتين؛ من الإقامة لكل صلاة، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من حديث جابر حين \n جمع صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر في عرفة، وبين المغرب والعشاء في مزدلفة \n .\n
الحاصل أننا فهمنا من هذه العبارات التي يراها المؤلف:\n
أولًا: حكم الأذان والإقامة، وأنهما فرض كفاية.\n
ثانيًا: أنه لا بد من شروط:\n
الأول: أن يكونوا رجالًا.\n
ثانيًا: أن يكونوا مقيمين.\n
ثالثًا: في الصلوات الخمس.\n
رابعًا: المؤداة دون المقضية.\n
أيضًا كلمة (الرجال) يقتضي ألَّا يجب الأذان والإقامة على الواحد، وهو كذلك، فإن الأذان والإقامة لا يجب على الواحد، لكنه سنة في حقه؛ لأنه ورد فيمن يرعى غنمه ويُؤذِّن للصَّلاة، \n ورد فيه أنَّ الله تعالى يَغفر له ويُثيبه على ذلك \n ، وهذا يدل على استحباب الأذان للمنفرد وليس بواجب، فتكون الشروط الآن خمسة: الرجال، المقيمين، للصلوات الخمس، المؤداة، ألَّا يكون واحدًا.\n
الواحد لا تجب عليه، وقد نقول: هذا مفهوم من كلمة (الرجال)، إذا أردنا بها حقيقة الجمع ولم نرد الجنس، وحينئذٍ تكون الشروط أربعة.\n
\n طالب: (...)؟
الشيخ: سيأتينا -إن شاء الله تعالى- أن الذي يقيم هو المؤذن.
طالب: (...).
الشيخ: كيف؟
الطالب: (...).
الشيخ: صلوا السنة.
الطالب: (...).
الشيخ: إي نعم، حتى الإقامة نقول: تجب عليهم؛ لأنهم ما سمعوا الإقامة، الإقامة في الصلاة فقط فتلزمهم الإقامة.\n

***

(تشاحَّا فيه) يعني: تزاحمَا فيه، كل واحد منهما يطلب أن يكون هو المؤذِّن، بأن تقدَّم إلى هذا المسجد رجلان كل منهما يريد أن يكون هو المؤذِّن.
ومن المعلوم أن هذا في مسجد لم يتعين له مؤذِّن، فإن تعيَّن له مؤذِّن بقي الأمر على ما كان عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ، كذلك لا يؤذِّن الرجل في سلطان مؤذِّن آخر، فإذا كان قد رُتب للمسجد مؤذِّن فلا يجوز لأحد أن يزاحمه؛ لأنه أهل، ونَزل منزلًا شرعيًّا، فلا يجوز الاعتداء عليه.
لكن إذا كان المسجد من الآمر نطلب له مؤذِّنًا، فتقدم له مؤذنِّان كل واحد يقول: أنا. يقول المؤلف: (قُدِّمَ أفضلهما فيه)، أفضلهما في الأذان، يعني: فيما يتعلق بالأذان هو المقدَّم، فمثلًا: الصوت يدخل في هذا ولَّا لا؟
أحسنهما صوتًا وأداءً وأقواهما يُقدَّم، الأمانة تدخل في هذا أيضًا، العلم بالوقت كذلك يدخل في هذا، إذن يُنْظَر أفضلهما في الأذان، لماذا؟ لأنهما تزاحمَا في عمل فقُدِّمَ أقومهما به، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦].
ثم بعد ذلك (أفضلهما في دينه وعقله)، (أفضلهما في دينه) واضح، يعني إذا وجدنا أحدهما أطوع لله عز وجل من الآخر فإننا نقدمه.
ثم في (عقله) ويش العقل؟ يعني: العقل حسن الترتيب، أن يكون عنده عقل يستطيع أن يُرتب نفسه، يستطيع أن يمشي مع الناس؛ لأن بعض الناس ما عنده سعة عقل، ما يتحمل من الناس أدنى شيء، فإذا كان هذا الرجل عاقلًا ونعرف أنه سيصبر على أذى الناس؛ لأن الناس مهما كان الإنسان لا بد أن يحصل عليه اعتراض وأذى، وإذا كان الإنسان عاقلًا صار أشد تحملًا.
ولم يذكر المؤلف أفضلهما في علمه، وهذا أمر لا بد منه، فإننا نقدِّم أعلمهما؛ لأن غير العالم قد يجهله بعض الأمور.
فإذا قال قائل: ربما يؤخذ ذلك من قوله: (أفضلهما فيه)، بحيث يكون الأعلم بأحكام الأذان داخلًا في قوله أيش؟ (أفضلهما فيه)، فإن تحملت هذه الكلمة الأعلم فهذا هو المطلوب، وإن لم تتحمل فإنه يجب أن ننظر إلى علمه؛ لأن بعض المؤذِّنين مثلًا لو يأتي متأخرًا فيسأل: هل يؤذن أو يقتصر على أذان المساجد الأخرى، إذا كان معه علم عرف كيف يتصرف؛ وكذلك إذا كان معه عقل يعرف كيف يتصرف، إذا كان أعقل يقول: والله الآن مضى نصف ساعة بعد الأذان، لو أذَّنت الآن لشوَّشْت على الناس، وقد حصل الفرض بأذان مَن حولنا، إذن لا أُؤَذِّن، وأن هذا عقل، ولهذا قال:
(ثم أفضلهما في دينه وعقله، ثم مَن يختاره الجيران)، مَن هم الجيران؟
جيران المسجد يعني أهل الحي، يعني لو تقدَّم الرجلان وجدنا أنهما مستويان فيما يتعلق بالأذان، مستويان في الدين والعقل، نرجع إلى مَن يختاره الجيران، ولكن إذا قال قائل: متى نجد مؤذِّنًا يُجمِع الجيران على اختياره كما هو ظاهر عبارة المؤلف (الجيران)؟
نقول: إذا تعذَّر إجماعهم على اختياره أخذنا بقول الأكثر؛ لأنه قلَّ أن تجد رجلًا يجتمع الناس على اختياره، فنأخذ بقول الأكثر.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا اعتبار باختيار المسؤول عن شؤون المساجد؛ لأن الأذان إنما هو لأهل الحي، فهم المسؤلون عن اختيار المؤذِّن، ولكنَّ في هذا نظرًا، بل نقول: إن المسؤول عن شؤون المساجد لا بد أن يكون له نوع اختيار؛ لأنه هو المسؤول، ولهذا عندما يحصل إخلال من المؤذن إلى مَن يرجع؟
إلى المسؤول عن شؤون المساجد، إذن فلا بد من مراعاة المسؤول عن شؤون المساجد في هذا الاختيار.
ثم قال المؤلف: (ثم قرعة)، إذا تعادلت جميع الصفات ولم يحصل ترجيح من الجيران، أو تعادل الترجيح، فحينئذٍ نلجأ إلى القرعة؛ لأن القرعة يحصل بها تمييز المشتبِه وتبيين الْمُجْمَل، وقد جاءت القرعة في القرآن وفي السنة، ففي القرآن قال الله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤]، وقال الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٣٩ - ١٤١].
وأما السنة فوردت في عدة أحاديث منها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها.
ولأن القرعة يحصل بها فك الخصومة والنزاع فهي طريق شرعي، ولكن كيف نُقْرِع؟ نقول: أي صفة أو أي كيفية أَقرع بها فهي جائزة؛ لأنها ليس لها وصف شرعي أو كيفية شرعية، فأي صفة اتفقوا عليها في القرعة والكيفية فإنها جائزة.
ثم قال المؤلف: (وهو) أي: الأذان (خمس عشرة جملة يُرَتِّلُهَا)، (وهو)، (هو) ضمير منفصل مبتدأ، و(خمس عشرة) فيها إشكال إن نطقنا بها هكذا (خمسَ عشرة)، وإن نطقنا بها: وهو خمسُ عشرة، لم يكن فيه إشكال، صح؟
طلبة: (...).
الشيخ: إذا قلنا: (وهو خمسُ عشرة) رفعنا المبتدأ ما فيه إشكال، وإن قلنا: (وهو خمسَ عشرة) ونصبنا الخبر ففيه إشكال، إذن ماذا نقول؟
نقول: (وهو خمسْ عشرة) نسَكِّن، سَكِّن تَسْلَم، ما هو الصواب؟ الصواب: خمسَ عشرة، واللي توه مُبْتَدِئ بالنحو يقول: كيف أنكم تنصبون الخبر؟
نقول: الكلمة هذه مركبة مَبْنِيَّة على الفتح، ولهذا لو قال أحد: (وهو خمسُ عشرة)، قلنا: هذا خطأ.
أما (جملة) فهي تمييز للعدد؛ لأن العدد فيه إبهام فيُميَّز (خمسَ عشرة جملة)، نشوف التكبير في أوله أربعة، الشهادتان أربعة، كم هذه؟ ثمانية، الْحَيْعَلَتَان أربعة؛ اثنا عشر، التكبير في آخره مرتان، والتوحيد واحدة، هذه خمس عشرة جملة؟
طالب: (...).
الشيخ: ما هي من الأذان، خمس عشرة جملة هذا الأذان، لا بد من هذه الخمس عشرة جملة، لا بد منها، لو نقص منها واحدة ما صح الأذان.
وهذا أول الشروط في الأذان، يُشْتَرَط ألَّا ينقص عن خمس عشرة جملة، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم (...)، لكنَّا نقتصر على المشهور من المذهب، ونقول: كل ما صَحَّت به السنة من صفات الأذان فهو جائز، بل الذي ينبغي أن يؤذِّن بهذا تارة وبهذا تارة إن لم يحصل تشويش وفتنة.
فإذا كنا في نزهة وليس معنا إلا طلبة علم، فينبغي أن يؤذَّن أحيانًا بهذا الأذان، وأحيانًا بأذان أبي محذورة ، فنُرجِّع في الشهادتين، ونقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، سِرًّا في أنفسنا، ثم نقولها جهرًا، فيكون الأذان على هذا تسع عشرة جملة، إن كان التربيع في أوله.
أما إذا قلنا بأن التكبير في أوله مرتين مع الترجيع يكون كم؟ سبع عشرة جملة، وعلى هذا فالمشهور عند الحنابلة كم؟
خمس عشرة جملة بدون ترجيع، وعند مالك سبع عشرة جملة بالتكبير مرتين في أوله مع الترجيع، وعند الشافعي تسع عشرة جملة بالتكبير في أوله أربعًا مع الترجيع، وكل هذا مما جاءت به السنة، فإذا أذَّنْتَ بهذا مرة وبهذا مرة كان ذلك أولى وأحسن، وقد ذكرنا أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي للإنسان أن يفعلها على هذه الوجوه، وقلنا: إن تنويعها فيه ثلاث فوائد، من يذكرها لنا؟
طالب: (...).
الشيخ: نعم، حفظ السنة بوجوهها؛ لأنك لو اقتصرت على واحد منها مات الآخر، الثاني؟
طالب: (...).
الشيخ: إي نعم (...).
طالب: التيسير على المكلَّف (...).
الشيخ: التيسير على المكلَّف؛ لأنه أحيانًا تكون بعض الوجوه أخف من بعض، ولنضرب لذلك مثلًا: في التسبيح، التسبيح في أدبار الصلوات بعضها من السنة، بعض السنن فيه أن تسبِّح عشرًا، وتَحمد عشرًا، وتُكَبِّر عشرًا ، هذا أحيانًا يكون أيسر لك، في بعض الأحيان، وهو من جهة أخرى أيسر بأن لا يَمل الإنسان.
الرابع: أن ذلك أحضر للقلب؛ لأنك إذا اعتدت صفة معينة صارت بمنزلة الماكينة الأتوماتيكية، ولهذا تجد إذا كنت ماشيًا على صفة معينة يمكن تقولها، ولا تدري إلا أنت في أثناء (...) ليش؛ لأن هذه هي العادة، فإذا ذهبت إلى النوع الآخر صار أشد استحضارًا للعبادة..
طالب: (...).
الشيخ: لا، ما يدخل، هذا غير هذا، استحضار النية أنك تنوي العبادة، أما لو كانت وتيرة واحدة ما حصلت لك النية.
إذن نقول: الأفضل في الأذان أن تأتي به على جميع الصفات التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بشرط ألَّا يحصل بذلك تشويش وفتنة؛ فإن حصل في هذا تشويش وفتنة فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة خوفًا من الفتنة.
طالب: (...) المطر.
الشيخ: في حالة المطر أيضًا هو خمس عشرة جملة؛ لأنه لو عملنا بالحديث أمام العامة حصل فتنة، لكن في طلبة العلم لا بأس أنك تقول: صلوا في رحالكم.
قال: (يُرَتِّلُهَا) يعني يقولها جملةً جملةً، فيقول: الله أكبر، ويسكت، الله أكبر، ويسكت، حتى يكمل، هذا هو الأفضل، وفيه صفة أخرى أنه يقرن بين التكبيرتين، في التكبيرات يقرن بين كل تكبيرتين، فيقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ويقول في الأخير: الله أكبر الله أكبر، لكن المذهب أنه يُرَتِّلُهَا، ولو أن الإنسان عمل بهذا وبالصفة الأخرى لكان أفضل كما عرفتم.
(على عُلْوٍ) يعني ينبغي أن يكون الأذان على شيء عالٍ؛ لأن ذلك أبعد للصوت، والناس محتاجون إلى الأذان، لا سيما فيما سبق لما لم تكن الساعات موجودة، أما الآن والحمد لله الساعات موجودة، يمكن تجد في المجلس الواحد عند بعض الناس ساعتين، لكن مع ذلك يُسَنُّ أن يكون على شيء عال.
ولا فرق بين أن يكون العُلو بذات المؤذِّن أو بصوت المؤذِّن كما هو الموجود الآن، الآن العُلو بصوت المؤذِّن، أما بَدَنُ المؤذِّن فإنه في الأرض، ما يصعد، لكن ما دام الصوت يُسمَع من المنارة فهذا كالذي يصعد، وهذا من تيسير الله على عباده ألَّا يتكلَّفوا ولا يشق عليهم، لا سيما في أيام الشتاء وأيام الأمطار.
يقول: (مُتَطَهِّرًا) من الحدَث، وهذا سنة ولَّا؟ سُنَّة، يكون متطهرًا من الحدث الأصغر والأكبر، ولكن قال الفقهاء رحمهم الله: إنه يُكْرَه أذان الْجُنُب دون أذان المُحدِث حدَثًا أصغر، فالمراتب إذن ثلاثة: الأكمل الطهارة من الحدثين، والجائز الحدث الأصغر، والمكروه الحدث الأكبر.
هذا إذا لم تكن المنارة في المسجد، فإن كانت في المسجد فإنه لا يجوز الآذان في المسجد إلا بوضوء.
قال: (مُسْتَقْبِلَ القبلة)؛ لأن هذا هو الذي ورد، ولأن هذه عبادة، والأفضل في العبادة أن يكون الإنسان فيها مُسْتَقْبِلَ القبلة ما لم يَرِد خلافه، ولهذا لما ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يُسَنُّ أن يتوضأ وهو مستقبِل القبلة، قال صاحب الفروع: وهو مُتَوَجِّه في كل طاعة إلا بدليل، يعني كل طاعة ينبغي أن يستقبل القبلة فيها إلا بدليل، ولكن هذا فيه المناقشات؛ لأن كوننا نستحب في كل طاعة إلا بدليل يحتاج إلى دليل.
يقول: (جاعلًا أصبعيه في أذنيه) أيّ الأصابع؟ السبابتين في أذنيه هكذا، لماذا؟ قالوا: لأن في ذلك فائدتين:
الفائدة الأولى: أنه أقوى للصوت.
الفائدة الثانية: لِيَرَاه مَن كان بعيدًا، فيعرف أنه يؤذِّن، أو ليراه مَن لا يسمع فيعرف أنه يؤذِّن.
التعليل الأول لا يزال موجودًا حتى الآن، والتعليل الثاني الآن موجود؟
طلبة: نعم (...).
الشيخ: هو على كل حال إن كان موجودًا فهو موجود، يعني ربما أن المؤذِّن إذا تقدَّم إلى مكان الأذان يكون فيه واحد ما يسمع، ويحسب أنه تقدم بيصلح شيء ولَّا بيعمل عمل آخر، فإذا وضع أصبعيه في أذنيه عرف أنه يؤذِّن.
قال (غير مستدير)، يعني: لا يستدير، ويش معنى (غير مستدير)؟
طلبة: (...).
الشيخ: لا، ما هو..
طالب: (...).
الشيخ: الاستدارة يعني يمشي، وقال بعض الفقهاء: إنه إذا كان في منارة فإنه يستدير، المنارة يكون لها طوق مثل الأخيرات، الأخيرات هذه يقول: إذا أذَّن يستدير، ليش؟ علشان يسمع الناس من كل جهة، لكن الحمد لله نحن الآن قد كُفِينَا هذا، وجُعِلَ في كل جهة سمَّاعة وتكفي عن الاستدارة، وأنتم في..
طالب: (...)
الشيخ: طيب، نعم..
طالب: (...)
الشيخ: (غير مستدير مُلْتَفِتًا في الْحَيْعَلَة يمينًا وشمالًا).
الحيعلة يعني قول: حَيَّ على الصلاة، وهي مصدر يسمَّى المصدر المصنوع؛ لأنه مركَّب من عدة كلمات، حيعلة من حَيَّ على، ومثلها بَسْمَلَة، وحَوْقَلَة، وحَمْدَلَة، وهَيْلَلَة.
طالب: (...).
الشيخ: وجَعْفَنَة، إي نعم، هي من المصادر المصنوعة؛ لأنها مركَّبَة من عدة كلمات، الْحَيْعَلَتَيْنِ يلتفت يمينًا وشمالًا، والمؤلِّف رحمه الله أجمل كيفية الالتفات.
فقال بعضهم: إنه يلتفت يمينًا لحي على الصلاة في المرتين جميعًا، وشمالًا لحي على الفلاح في المرتين جميعًا.
وقال بعضهم: يلتفت يمينًا لحي على الصلاة للمرة الأولى، وشمالًا للمرة الثانية، وحي على الفلاح يمينًا للمرة الأولى، وشمالًا للمرة الثانية، ليعطي كل جهة حظها من حي على الصلاة ومن حي على الفلاح.
ولكن المشهور -وهو ظاهر السنة- أنه يلتفت يمينًا لحي على الصلاة في المرتين جميعًا، وشمالًا لحي على الفلاح في المرتين جميعًا، ولكن يلتفت في كل الجملة، أما ما يفعله بعض المؤذِّنين يقول: حي على، ثم يلتفت في الصلاة، حي على، ثم يلتفت في الفلاح، فهذا تصرُّف لا أصل له لا في السنة ولا في كلام العلماء، بل يقول: حي على الصلاة كلها يمين، ومثله أيضًا الالتفات في الصلاة عند التسليم، يلتفت في كل التسليم على اليمين وعلى اليسار.
طالب: (...).
الشيخ: يغنون؟! ويش الأغنية اللي غنوها.
طالب: (...).
الشيخ: إيش لون يعني، يغنون يجيبون أغاني؟
طالب: (...).
الشيخ: آه، يُلَحِّنُون، هذه ستأتينا في كلام المؤلف إن شاء الله.
طالب: (...).
الشيخ: نشوفها إن شاء الله.
طالب: (...).
الشيخ: إي، الفقهاء يكرهون هذا، يقول: يُكْرَه أنه يؤذِّن وهو يمشي، أو يُقِيم وهو يمشي، لكن ما فيه دليل.
طالب: (...).
الشيخ: ويش تقولون؟ يقول: هل يدخل النساء في قوله: أكثر الجيران؟
طلبة: (...).
الشيخ: الظاهر أنه ما يدخل في هذا.
طالب: (...).
الشيخ: هم (...) لكن ما لهم (...) ما هم من أهل الأذان.
طالب: (...).
الشيخ: نعم، صحيح؛ لأن الأذان عبادة معيَّنة مثل التشهد الآن، لو قال لك مثلًا: التشهد ليش مرتبًا هذا الترتيب، أو يبدأ فيه بكذا (...)، الأذان عبادة خالصة جاءت في الشرع على هذا الوجه.
طالب: (...).
الشيخ: مثل أيش؟
طالب: (...).
الشيخ: يظهر بعيونه.
طلبة: (...).
الشيخ: لا، ما هو بصحيح، هذا أول ورد، لكن كل الأحاديث فيها شيء من الضعف، ولا كان بلال يفعل هذا يضع أصبعيه في أذنيه ، لكنه بس غالبًا فيها شيء من الضعف، ولهذا نعتمد بها على (...)؟
طالب: (...).
الشيخ:يعني الْجُنُب، إلا متوضئًا، إن الجنب يحرُم إلَّا متوضِّأً.
الطالب: (...).
الشيخ: ما فيه شيء.
طالب: (...).
الشيخ: إحنا ذكرنا لكم التطهر من الحدَثَيْن، هذا الأكمل.
طالب: (...).
الشيخ: لا، ما ذكرنا إلا هذا؛ الْجُنُب قلنا يُكرَه، إلا إذا كان في المنارة فيحرُم ما لم يتوضأ؟
طالب: (...) يعتمدون على التقويم (...) في رمضان مثلًا يؤذِّنون بعد الوقت بحوالي خمس عشرة دقيقة، هل يجوز أن الإنسان يأكل على غروب الشمس؟
الشيخ: يأكل على غروب الشمس أو الفجر؟
الطالب: لا، غروب الشمس، إذا غربت الشمس يبدأ بالفطور (...).
الشيخ: أنت قلت: الفجر، تقول أنهم الفجر يتأخَّرون ربع ساعة، كذا؟
الطالب: قلت: حسب التقويم يتأخر التقويم ربع ساعة عن الوقت.
الشيخ: الفجر ولَّا؟
الطالب: لا، الغروب.
الشيخ: الغروب.
الطالب: نعم.
الشيخ: ما (...) إذا غربت الشمس أفطر.
الطالب: يعتمدون على التقويم في كل البلد، ثم يأتي جماعة يعتمدون على الشمس.
الشيخ: أبدًا، إذا غربت الشمس فليأكل، سواء أذَّن ولَّا ما أذَّن، ما فيه شيء.
الطالب: لكن حصلت بهذا فتنة.
الشيخ: ما فيها فتنة إذا كنت في البيت.
الطالب: لا، هذا في المسجد أمام الناس (...).
الشيخ: لا، ما ينبغي، أمام الناس لا يفعل، يأكل شيئًا سرًّا.
طالب: (...).
الشيخ: لا، ما يجوز؛ لأن الأذان عبادة.
طالب: (...).
الشيخ: هذا غلط، لا، يمكن أنه ما هو في مسجد.
الطالب: (...).
الشيخ: لا، ما يجوز، هذا لا يجوز؟
طالب: (...)
الشيخ: الجواز، جائز، لكن لما قال الرسول لعبد الله بن زيد بن عبد ربه: «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» عرفنا أنه يُعْتَبَرُ الصيت؟
طالب: (...).
الشيخ: أي صفات.
طالب: (...).
الشيخ: معلوم، هذا معروف؛ لأن الصحابة كلهم عدول وكلهم أمناء. (...).

***

.. حَقَّيْنِ متساوِيَيْنِ، أو مستحِقَّيْنِ متساوِيَيْنِ، فهي عند التساوي وعدم التمييز تستعمل، وهي طريق شرعي ثبتت في القرآن والسنة، وقلنا: إنها ذُكِرَت في القرآن مرتين؛ مرة في قوله تعالى: \n {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤]، ومرة في قصة يونس: \n {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٣٩ - ١٤١].\n
أما في السنة فوقعت في نحو ست حوادث، وذكرنا منها حديث أنس؛ \n أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أَقْرَعَ بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها. \n \n
قال المؤلف: \n (وهو خمس عشرة جملة، يرتلها على علو متطهِّرًا مستقبِل القبلة، جاعلًا أصبُعَيْهِ في أُذُنَيْهِ، غيرَ مستدير، مُلْتَفِتًا في الْحَيْعَلَةِ يمينًا وشمالًا قائلًا بعدهما).\n
(\n قائلًا بعدهما) أي: بعد الْحَيْعَلَتَيْنِ، (\n الصلاة خير من النوم، في أذان الصبح مرتين). \n
قوله: (\n الصلاة خير من النوم) مبتدأ وخبر، ولم يذكر العلماء أنه يجوز فيه الوجهان؛ الرفع والنصب، كما قالوا في (الصلاة جامعة، الصلاة جامعة)، في مناداة الكسوف: يجوز النصب ويجوز الرفع، أما هنا فهي بالرفع.\n
يقول: الصلاة خير من النوم (\n مرتين)، أي: يكررها مرتين، ولم يذكر العلماء هل يلتفت يمينًا وشمالًا، أو يبقى مستقبِل القبلة، والأصل إذا لم يذكر الالتفات أن يبقى على الأصل على التوجُّه إلى القبلة.\n
وقوله: (\n في أذان الصبح)، (\n أذان) مضاف، و(\n الصبح) مضاف إليه، من باب إضافة الشيء إلى سَبَبِه، أي: الأذان الذي سببه طلوع الفجر، ويجوز أن يكون من باب إضافة الشيء إلى نوعه، أي الأذان من الصبح،كقولهم خاتم حديد.\n
على كل حال أذان الصبح هو الأذان الذي يكون بعد طلوع الفجر ولا شك، وقد توهَّم بعض الناس في عصرنا هذا، توهموا أن المراد بالأذان الذي يقال فيه هاتان الكلمتان هو الأذان الذي قبل الفجر. \n
وشُبهتهم في ذلك أنه قد ورد في بعض ألفاظ الحديث: \n «إِذَا أَذَّنْتَ الْأَوَّلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَقُلِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ» \n ، فزعموا بفهمهم أن هذا -أي الصلاة خير من النوم، ويسمى التثويب- إنما يكون في الأذان الذي يكون في آخر الليل، وقالوا: إن التثويب في الأذان الذي يكون بعد الفجر بدعة، وصاروا يُلَبِّسُون على العوام، وكثرت التساؤلات حول هذا الموضوع، كل ذلك بسبب الفهم الخاطئ. \n
فنقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: \n «إِذَا أَذَّنْتَ الْأَوَّلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ»، فقال: \n «لِصَلَاةِ الصُّبْحِ»، ومعلوم أن الأذان الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصبح، وإنما هو كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «لِيُوقِظَ النَّائِمَ وَيُرْجِعَ الْقَائِمَ» \n ، أما صلاة الصبح فلا يؤذَّن لها إلا بعد طلوع الصبح، فإن أُذِّن لها قبل طلوع الصبح فهو أذان لاغٍ غير معتبَر، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» \n ، فجعل الأذان مقيَّدًا بماذا؟ بما إذا حضرت الصلاة، ومعلوم أن الصلاة لا تحضر إلا بعد دخول الوقت، إذن فأذان الصبح متى يكون؟ \n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: بعد دخول الوقت ولا شك.\n
يبقى الإشكال في قوله: \n «إِذَا أَذَّنْتَ الْأَوَّلَ»، فنقول: لا إشكال؛ لأن الأذان هو الإعلام في اللغة، والإقامة إعلام، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» \n ، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، وفي \n صحيح البخاري \n قال: زاد عثمان الأذان الثالث لصلاة الجمعة، الأذان الثالث، ومعلوم أن الجمعة فيها أذانان وإقامة، فسماه أذانًا ثالثًا، وبهذا يزول الإشكال. \n
فيكون التثويب في أذان صلاة الصبح، قال هؤلاء الذين اشتبه عليهم الأمر: لأنه قال: الصلاة خير من النوم. \n
فدلَّ هذا على أن المراد بالصلاة خير من النوم صلاةُ التطوع، صلاة التهجد، ليست صلاة الفريضة؛ إذ لا مفاضلة بين صلاة الفريضة وبين النوم، والخيرية إنما تقال في باب الترغيب، فيقال: الصلاة خير من النوم، في النفل، صلوا فهو خير من نومكم، فهذا أيضًا يقولون: يرجَّح أن المراد بالأذان أيش؟ الأذان في آخر الليل. \n
فنقول لهم: هذا أيضًا يُضاف إلى الخطأ الأول؛ لأن الخيرية قد تقال في أوجب الواجبات، كما قال تعالى: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ} [الصف: ١٠، ١١]، الإيمان بالله ورسوله والجهاد اللي هو ذورة سنام الإسلام، قال الله تعالى فيه: \n {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} أي: خير لكم مما يأتيكم من تجارة الدنيا، والخيرية هنا بين واجب وغيره، ولَّا بين مستحب وغيره؟ \n
بين واجب؛ لأنه الإيمان بالله ورسوله، وقال تعالى في صلاة الجمعة: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة: ٩] \n
\n {خَيْرٌ لَكُمْ} منين؟ من البيع \n {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من البيع، ومعلوم أن الحضور إلى صلاة الجمعة واجب، وقال: \n {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من البيع، فدل هذا على أن الشبهة الثانية التي عرضت لهم هي مجرد شبهة وليست بِحُجة، وعلى هذا فالتثويب سنة في أذان الصبح، ولو ثوَّب في الأذان الذي قبل صلاة الصبح لقلنا: هذا غير مشروع.\n
قال: (\n وهي إحدى عشرة)، (\n وهي) أي: الإقامة، (\n إحدى عشرة يَحْدِرُهَا) إحدى عشرة أيش؟\n
\n طلبة: جملة.\n
\n الشيخ: جملة، وحَذَف المميِّز أو التَمْييز؛ لأنه ذُكر في الأذان، قال في الأذان: (\n وهو خمس عشرة جملة)، وهنا قال: (\n وهي إحدى عشرة). \n
(\n يَحْدِرُهَا) أي: يسرع فيها، ما يُرَتِّلُهَا، فيقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، بدون ترتيل. \n
كيف كانت إحدى عشرة؟ لأن التكبير في أولها مرتين، والتشهد شهادتي التوحيد والرسالة مرتين؛ هذه أربع، والْحَيْعَلَة مرتين، هذه ست، وقد قامت، مرتين؛ هذه ثمانٍ، والتكبير مرتين؛ عشرة، والتوحيد مرة، فهذه إحدى عشرة، وهذا ما اختاره الإمام أحمد رحمه الله. \n
ومن العلماء من اختار سوى ذلك من قال: إنها خمس عشرة، يعني يكبر أربعًا، ويتشهد أربعًا، ويُحَيْعِل أربعًا، هذه كم؟ اثنا عشر، وقد قامت الصلاة، أربعة عشر، وثلاثة، سبعة عشر. \n
ومنهم مَن قال: إنها على واحد واحد، إلا قد قامت الصلاة، فيقول: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، لا إله إلا الله، كم تكون؟\n
\n طلبة: تسع.\n
\n الشيخ: تسع، إي نعم، التكبير على مرة، كلها على مرة مرة، وهذا هو ظاهر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: \n أُمِر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ، ولكن المشهور ما ذهب إليه المؤلف، وأجابوا عن قوله: \n يوتر، أن تَكرار التكبير في أولها مرتين بمنزلة الوتر بالنسبة لتكراره أربعًا في الأذان. \n
وينبغي أن يُعلم أنَّا ذكرنا قاعدة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم بأن العبادات الواردة على وجوه متعددة ينبغي أن تُفْعَل هذا تارة وهذا تارة، بشرط ألَّا يكون في هذا تشويش على العامة.\n
يقول: (\n ويُقيم مَن أَذَّنَ) لأن بلالًا رضي الله عنه كان هو الذي يتولى الإقامة، وكان هو الذي يؤذِّن، هذا دليل من السنة، أما من النظر فيُقال: إنه ينبغي لمن تولى الأذان الإعلام أولًا، أن يتولى الإعلام ثانيًا، حتى لا يحصل التباس بين الناس في هذا الأمر، وحتى يَعلم المؤذِّن أنه مسؤول عن الإعلامَيْنِ جميعًا.\n
قال: (\n في مكانه) أي: مكان أذانه، لكنه قيَّده بقوله: (\n إن سهل) فإن صعب كما لو كان في منارة، ويصعب أن يصعد إلى منارة، ثم يُقيم، فإنه يقيم حيث تَيَسَّر، في وقتنا الحاضر يمكن أن يقيم مَن أَذَّنَ في مكانه بواسطة الْمُكَبِّر، وعلى هذا فلو أقام الصلاة في الْمُكَبِّر الذي يُسمَع من المنارة لكان موافقًا لما قاله الفقهاء رحمهم الله أنه يقيم في مكانه ليَسمع الناسُ الإقامة فيحضروا إلى الصلاة.\n
ثم قال: (\n ولا يصح إلا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا مِن عَدْلٍ مُمَيِّز) اللي عندي (\n ويجزئ مِن مُمَيِّز).\n
لا يصح الأذان إلا مُرَتَّبًا، كيف الترتيب؟\n
يبدأ بالتكبير، ثم التشهد، ثم الْحَيْعَلَة، ثم التكبير، ثم التوحيد، فلو نَكَّسَ وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، ما أجزأ، وجب أن يُكَبِّرَ ثم يتشهد، الدليل: لأن الأذان عبادة وردت على هذه الصفة، فيجب أن تُفعل كما وردت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». \n \n
وقوله: (\n لا يصح إلا مُرَتَّبًا) يفيد أنه أيضًا لا يصح إلا بهذا اللفظ، يعني التكبير والتشهد، إلى آخره، فلو قال: الله أَجَلُّ، أو الله أعظم، يصح ولَّا لا؟\n
لا يصح؛ لأن هذا تغيير لماهية الأذان، فإذا كان وصفه وهو الترتيب لا بد منه فكذلك ماهيته لا بد منها، فلا يجزئ أن يقول: الله أَجَلُّ، أو أعظم، أو ما أشبه ذلك.\n
وعُلِمَ من قوله: (\n لا يصح إلا مُرَتَّبًا) أنه لو لم يأتِ به على الوجه الوارد، مثل أن يقول: الله الأكبر، فإنه أيضًا لا يصح، (...) واحد لا يصح من اثنين فأكثر، فلو تشاحَّ اثنان في الأذان، فقالَا جميعًا: لك التكبيرات الأولى، ولي التشهد، ولك الْحَيْعَلَتَانِ ولي التكبير الأخير والتوحيد، يصلح؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: ما يجزئ؛ ولو عرض للمؤذِّن عذرٌ يمنعه من إتمام الأذان، فهل يُكَمَّل أو يُسْتَأْنَف؟ \n
\n طالب: يُسْتَأْنَف. \n
\n الشيخ: يُسْتَأْنَف، ظاهر كلام المؤلف أنه يُسْتَأْنَف، لا بد أن يكون من واحد.\n
واستفدنا من قوله: (\n عدل) أنه لا بد أن يكون مسلمًا، فلو أذَّن الكافر لم يصح؛ لأن هذه عبادة ولا تصح إلا من مسلم. \n
ولو أذَّن الْمُعْلِن بفسقه كحالق اللحية ومن يشرب الدخان جهرًا فإنه لا يصح أذانه على كلام المؤلف، لا بد من العدالة.\n
لو أذن المسجِّل؟ \n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: ليس رجلًا ولا عدلًا، ولَّا لا، إذن لا يصح، فالأذان بالمسجِّل غير صحيح؛ لأن الأذان عبادة، بل سبق لنا أنه أفضل من الإمامة، فكيف نجيب مسجِّل يسجِّل الأذان ويلَّا أذِّن، وإذا كان لا يصح أن نسجِّل صلاة إمامٍ ثم نقول للناس: اقتدوا بهذا المسجِّل، يصح ولّا لا؟ \n
لا يصح، لو أن واحدًا سجَّل صلاة إمامٍ حسن الصوت والأداء، وقال: حطه أمامك في المحراب، ولو قال: الله أكبر، قولوا: الله أكبر، ولو قال: \n {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] قولوا: آمين، وهكذا، قلنا: هذا لا يصح؛ لأن الإمامة عبادة أيضًا.\n
هل يدل قوله: (\n مِن عدلٍ) على اشتراط العقل؟\n
نعم؛ لأن العدالة تستلزم العقل؛ إذ إن المجنون لا يوصَف بعدالة ولا فسق، قد رُفِعَ عنه القلم، شوف كلمة عدل يُشْتَرَط أن يكون مسلمًا عاقلًا ذكرًا غير مُتَعَدٍّ، أيش بعد؟ عدل. \n
الآن استفدنا أنه لا بد أن يكون واحدًا، مسلمًا، عاقلًا، ذكرًا، عدلًا، خمسة شروط من قوله: (\n مِن عدلٍ).\n
قال: (\n ولو مُلَحَّنًا أو مَلْحُونًا) \n
(\n ولو مُلَحَّنًا) الملحَّن المُطَرَّب به، يعني: يؤذِّن على سبيل التطريب به، كأنما يجرُّ ألفاظ أغنية، فإنه يُجْزِي لكنه يُكْرَه.\n
وقوله: (\n أو مَلْحُونًا) الْمَلْحُون هو الذي يقع فيه اللحن، يعني مخالفة القواعد العربية، ولكن اللحن ينقسم إلى قسمين:\n
قسم لا يصح معه الأذان، وهو الذي يتغير به المعنى، وقسم يصح به الأذان مع الكراهة، وهو الذي لا يتغير به المعنى، فلننظر لو قال المؤذن: الله أَكْبَاااار، هذا لا يصح، لأنه يُحيل المعنى، فإن أَكْبَار جمع كَبَر، كأسباب جمع سبب، والكَبَر: الطبل الذي يُضْرَب به في اللهو، وهذا يتغير به المعنى تغيُّرًا كبيرًا. \n
ولو قال: الله وكبر، أبدل الهمزة واوًا، فإن هذا يصح على لغة، يجوز في اللغة العربية إذا وقعت الهمزة مفتوحةً بعد ضَم أن تُقْلَب واوًا، فتقول: الله وكبر، نقول: هذا لا يتغير به المعنى. \n
ولو قال: أشهد أن محمدًا رسولَ الله، فهو لا شك أنه لحن يُحيل المعنى على اللغة المشهورة، اللغة المشهورة لا شك أن هذا يحيل المعنى فيها؛ لأن أشهد أن محمدًا رسولَ الله، معنا الآن الاسم، وصفة الاسم، والخبر لم يأتِ بعد، أشهد أن محمدًا رسولَ الله، ويش هو؟ ما بعدُ جاء الخبر. \n
لكن فيه لغة قليلة لكنها لغة عربية من قول عمر بن أبي ربيعة مشهور من العرب العُرَبَاء، قال فيها: إن حُرَّاسنا أسدًا، قال:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

وَلْتَــــكُنْ خُــــطَاكَ خِفَــــــافًا

إِنَّ حُرَّاسَــــــــــــــــــــــــنَا أُسْـــــــــــــــدًا

\n
قال: (إن حُرَّاسَنا أُسدًا)، (حراس) اسم (إنَّ)، و(أُسْدًا) خبر إنَّ، وهي منصوبة، فإذا كان قد ورد في اللغة العربية أن خبر (إنَّ) يكون منصوبًا، ولا ريب أن المؤذِّنِين الذين يقولون: أشهد أن محمدًا رسولَ الله، لا ريب أنهم يريدون أن (رسول) خبر لا صفة، ولا يترقَّبُون أن يأتي الخبر.\n
فإننا نقول: الحمد لله أن اللغة العربية احتملت هذا اللحن من هؤلاء المؤذِّنِين.\n
على أن بعض المؤذِّنِين الذين ينصبون (رسول) مهما علَّمْتَهم فإنهم سيستمرون، أَخَذَتْ عليها ألسنَتُهم حتى لا يستطيعون أن يقولوا: (رسولُ الله) أبدًا، تُعَلِّمُه تقول: قل: أشهد أن محمدًا رسولُ الله، يقول: أشهد أن محمدًا رسولُ الله، نقول: الآن أصبت، قم أَذِّنْ، إذا أَذَّن قال: أشهد أنَّ محمدًا رسولَ الله، لو إنك تَوَّك معلمه؛ لأن لسانه أخذ عليها. \n
ولو قال.. \n
\n طالب: الجر \n
\n الشيخ: لا، الجر ما يتغير به المعنى.\n
ولو قال: حياا على الصلاة، يجوز ولَّا لا؟ \n
\n طلبة: لا (...). \n
\n الشيخ: لا، هو يفيد المعنى، لكن ألحق ألفًا بالياء، فهو لا شك إن كان على لغة مَن يُلحق العلامات اسمَ الفعل فهو جعل الآن المنادَى كم؟ اثنين، جعلهم اثنين، ومعلوم أن المؤذِّن لا ينادي اثنين، إنما يؤدي عامة الناس كل من سمع، فحينئذ يتغير المعنى ولّا لا؟ يتغير، أما على اللغة المشهورة من لغة العرب أن اسم الفعل لا تلحقه العلامات، فنحن نقول: الآن هذا الرجل أشبع الفتحة حتى جعلها ألفًا، وهذا لا يتغير به المعنى فيما يظهر، فإذا قال: حياا على الصلاة، كما نسمع في بعض المؤذِّنِين، فإن ذلك لا يتغير به المعنى، وحينئذ يكون الأذان صحيحًا؛ لأنه لحنَ لحنًا لا يتغير به المعنى (...).\n
\n طالب: وأشهد أنَّ محمدًا رسولِ الله، هل هذا..؟
الشيخ: لا، ما يتغير به المعنى.
طالب: ولو كان (...).
الشيخ: إي، لكن بس ما يتغير به المعنى؛ لأن اللحن لو ما فيه لغة ما دام ما يتغير به المعنى ما يضر. \n
\n طالب: تكلمنا في الدرس السابق يا شيخ عن الالتفات في الْحَيْعَلَة؛ لأنه كان الأول يؤذِّنُون في المئذنة، الآن يؤذن (...) فهل لها داعي.
الشيخ: هي ما لها داعي، لكن لو قيل: إن الإنسان يفعلها إبقاء على السنة لأن أخشى يوم من الأيام ما تبقى الميكروفونات هذه، فيظن الظانُّ أنه لا يُسَنُّ الالتفات فلو أبقاها لكان أحسن إحياءً للسنة.
\n طالب: هل يجوز (...) يجمع (...).
الشيخ: يعني واحد يُكَبِّر وواحد يتشهَّد.
طلبة: لا، مع بعضهم في نفس الأذان، مسجد كبير واحد يؤذِّن هنا وواحد يؤذِّن هناك (...).
الشيخ: إي، يعني مسجد كبير يعني؟
الطالب: لا، في أي مكان.
الشيخ: لا، ما يُشرع، يعني: قصدك إنه مثلًا إذا أذَّن واحد يؤذِّن الثاني تعبدًا لله؟
الطالب: (...) يقولوا: الله أكبر مع بعض (...).
الشيخ: تكبير جماعي يعني؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: إي، ما سمعت بهذا.
طالب: في عمدة الطالب ذكرها، أنه يمكن يؤذِّن جماعة (...).
الشيخ: لا، يمكن في المساجد الكبار، اللي لها نواحي بعيدة، واحد يكون شمال، واحد يكون جنوب، يمكن.
طالب: (...).
الشيخ: إي نعم. \n
\n طالب: (...).
الشيخ: لا، الصحيح أنه يصح.
طالب: يا شيخ، الآن يعني..
الشيخ: الصحيح أنه يصح؛ لأن الفاسق يصح منه الذِّكْر، والأذَان ذِكْر.
طالب: الآن الإمام يا شيخ نظرًا لأن الناس (...) بعدالة الإمام، (...)، بين المؤذِّنين كثيرًا حلق اللحية (...).
الشيخ: الله المستعان. \n
\n طالب: هل يجوز يا شيخ متابعة المؤذِّن في الرائي أو في الراديو، يعني متابعته في ..
الشيخ: سيأتينا إن شاء الله ..\n
\n طالب: السير أثناء الأذان (...) يؤذِّن وهو يمشي؟
الشيخ: الفقهاء قالوا: يُكْرَه، يُكْرَه فقط. \n
\n طالب: لو واحد أكل بصلًا أو ثومًا، هل يؤذِّن في المسجد؟
الشيخ: في المسجد لا، لكن خارج المسجد ما فيه مانع.
طالب: شُرْب الدخان أشد من البصل.
الشيخ: شرب الدخان أشد من البصل.
طالب: (...).
الشيخ: هو شارب الدخان إذا كان له رائحة كريهة نقول: لا يدخل المسجد؛ لأن العلة واحدة، العلة أن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه الإنسان، موجودة في شرب الدخان، لكن أنا سمعت أن الدخان يختلف بعضه ما له رائحة كريهة، وبعضه صحيح مؤذٍّ.
طالب: إذا وقفت في صفٍّ مع ناس يُدَخِّنُون، من قال: الله أكبر (...) يمكن تُكْرَه (...).
الشيخ: عجيب. \n
\n طالب: إعلان الإقامة في الميكروفونات (...) بعض الناس (...)، فهل الأولى يُعْلِن الإقامة في الْمُكَبِّر أو يتركها؟
الشيخ: والله ما أرى فيها شيئًا، إعلان الإقامة بالميكروفون ما أرى فيه شيء؛ لأنه..
طالب: (...) يترتب عليه..
الشيخ: قالوا لي بعض الناس: إنه يترتب عليه أنه يقول لعياله: قوم صلِّ، يقول: ما بعد قام، يقول: أبغي اصبر إلى أن يقيم، لكن ما دام ورد «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ» ، هذا يدل على أن الإقامة تُسْمَع، وكان بلال يقول لرسول الله: لا تسبقني بآمين ، مما يدل على أنه ما يقيم قريبًا.
طالب: (...).
الشيخ: والله ذَكَرَه الفقهاء، لكن فيه نظر ما (...).
الطالب: هناك يعني مَن قال: إن الأذان في المسجد بدعة، فهل هذا صحيح؟ يقول: الأفضل إنك تؤذِّن إما فوق المسجد، أو خارج المسجد، أما الأذان في الميكروفون داخل المسجد يقول: إنه بدعة.
الشيخ: لا، ما هو بدعة؛ لأن الأذان في داخل المسجد فيه المكبِّرات، هذه تُغْنِي عن الصعود للمنارة.
الطالب: يقول: إن السنة كما ورد ..
الشيخ: ما دام الله جاب لنا شيء يريحنا، الحمد لله، يحصل به المقصود.
الطالب: (...) العبادة.
الشيخ: بلى، لكن هل الصعود للمنارة مقصود لذاته؟ يعني ينبغي للمؤذِّن أن يصعد إلى منارة، أو مقصود لغيره، بحيث يكون أبعد للصوت، هذا هو الظاهر (...). \n

***

(ويُسنُّ لسامعه متابعته سرًّا)، كلمة (يُسنُّ) اعلم أن السنة لها إطلاقان: إطلاق اصطلاحي عند الفقهاء، وإطلاق شرعي في لسان الشارع؛ أما عند الفقهاء، فيطلقون السنة على ما يُثاب فاعله، ولا يُعاقَب تاركه؛ الشيء الذي إذا فعله الإنسان أُثيب، وإذا تركه لم يُعاقب يُسمى عندهم سُنَّة، وأما في لسان الشارع، فالسُّنّة هي الطريقة التي شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام، سواء كانت واجبة يعاقب تاركها أو لا.
فقول أنس مثلًا: من السُّنَّةِ إذا تزوَّج الرجل البكرَ على الثَّيِّبِ أقام عندها سبعًا. هذه من السنة الواجبة، وحديث ابن مسعود: من السُّنَّةِ وضْعُ اليد اليُمنى على اليسرى في الصَّلاة. هذا من السنة المستحبة.
وعلى هذا، فإذا وجدنا كلمة (يُسَنّ) أو (مِن السُّنة) في كلام الفقهاء؛ فالمراد به السنة الاصطلاحية؛ وهي التي إذا فعلها الإنسان أُثيب، وإذا تركها لم يُعاقب.
يقول المؤلف: (يُسنُّ لسامعه)، أي: سامع الأذان (متابعته سرًّا)؛ يعني لا جهرًا و(متابعته) معناه أن يقول كما يقول؛ ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» .
وقول المؤلف: (يُسنُّ لسامعه) يشمل الذكر والأنثى؛ لعمومه، ويشمل النداء الأول، والنداء الثاني؛ يعني لو كان المؤذنون يختلفون؛ فبعضهم يؤذن والبعض الثاني ما يبدأ بالأذان إلا بعد فراغ الأول، نقول: يجيب الأول، ويجيب الثاني؛ لعموم الحديث: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»، ثم هو ذِكْر يُثاب الإنسان عليه، ولكن لو صلَّى، ثم سمع مؤذنًا بعد الصلاة، فهل يجيب؟ ظاهر الحديث أيضًا أنه يجيب؛ لعموم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» .
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجيب؛ لأنه غير مدعوّ بهذا الأذان؛ يعني لا يتابعه؛ لأنه غير مدعو بهذا الأذان. قالوا: ونجيب عن الحديث: بأن المعروف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أن المؤذن واحد، وأنه لا يمكن أن يؤذن آخر بعد أن تؤدى الصلاة، فيُحمل الحديث على المعهود في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه لا تكرار في المؤذنين، ولكن لو أخذ أحد بعموم الحديث، وقال: إنه ذكر، وما دام الحديث عندي عامًّا فلا مانع من أن أذكر الله عز وجل، والحمد لله الذي جعل هناك دليلًا أستند عليه حتى لا يُقال: إنك مبتدِع؟

وقول المؤلف: (يُسنُّ لِسَامِعِه متابعتُه سرًّا)، صريح في أنه لو ترك الإجابة عمدًا فلا إثم عليه، وهذا هو الصحيح، وقال بعض أهل الظاهر -يعني بعض الظاهرية- قالوا: إن المتابعة واجبة، وأنه يجب على من سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول، واستدلوا بالأمر: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»، والأصل في الأمر الوجوب، ولكن الجمهور على خلاف ذلك.
استدل الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنًا يؤذن، فقال: «عَلَى الْفِطْرَةِ» ، ولم يُنقَل أنه أجابه، أو أنه تابعه، ولو كانت المتابعة واجبة لفعلها الرسول عليه الصلاة والسلام، ولنُقلت إلينا.
وعندي أن في هذا دليلًا أصرح من ذلك؛ وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث، ومن معه من الوفد: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» ، أو «أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» في حديث آخر قصة ثانية، فهذا يدل على أن المتابعة لا تجب.
ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم، ومقام التعليم تدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلاء وفد قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الأذان، فلما ترك النبي عليه الصلاة والسلام التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه؛ وكون هؤلاء وفدًا بقوا عنده عشرين يومًا؛ ثم غادروا؛ يدل على أن الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأصح؛ أن الإجابة سُنَّة، وليست بواجبة، ونريد بالإجابة المتابعة.
وقول المؤلف: (سُنَّ لسامعه متابعته سرًّا)، فإن رآه ولم يسمعه، رآه على المنارة ولم يسمعه، فهل تسن المتابعة؟
طلبة: لا.
الشيخ: الجواب: لا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ» .
طيب لو سمعه ولم يره؟
طالب: يتابعه.
طالب آخر: يجيب.
الشيخ: يتابعه؛ للحديث: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ».
يقول: (يُسن لسامعه متابعته سرًّا). (وحوقلته في الحيعلة)، (الحوقلة) و(الحيعلة)، هذان مصدران مصنوعان ومنحوتان؛ لأن الحوقلة مصنوعة من (لا حول ولا قوة إلا بالله)، والحيعلة من (حي على الصلاة) (حي على الفلاح)، إذن تقول: إذا قال المؤذن: (حي على الصلاة): تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: (حي على الفلاح): تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
قد يقول عامي: سبحان الله، أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، هل أنا ابتُليت بمصيبة حتى تقولوا: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله؟! ويش الجواب؟
لا؛ لأن العامة عندهم أن الإنسان إذا أُصيب بمصيبة قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، حتى إذا جعلتَ تشكو عليه مثلًا حال شخص أو أمرًا من الأمور، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، المشروع عند المصائب غير هذا أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما هذه الكلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فهي مشروعة عند التحمل؛ تحمل الأشياء، وهي كلمة استعانة، وليست كلمة استرجاع.
إذن فكأن المؤذن لما قال: (حي على الصلاة) أقْبِلْ تبرأت من حوْلك وقُوَّتك إلى ذي الحول والقوة؛ وهو الله عز وجل، فاستعنت به، وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا من باب التوسُّل بذكر حال الداعي، وأظن مر علينا أن من أقسام التوسل في الدعاء أن يذكر الإنسان حاله، وأنه في حاجة إلى الله، فإذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله كأنك تقول: أنا ما عندي حوْل ولا قوة إلا بالله إن أعانني فأنا أقوم بما ينبغي أن أقوم به، وإن لم يُعِنّي ووكلني إلى نفسي فإنه يكلني إلى ضعف وعجز وعورة.
لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هو الحَوْل؟
قال العلماء: الحول بمعنى (التحوُّل)؛ أي: لا تحوُّل من حال إلى حال إلا بالله عز وجل.
والقوة معناها القدرة على الشيء، بل هي أخص من القدرة؛ يعني: أنا لا أستطيع التحول، ولا أقوى على التحول إلا بمعونة الله، ولهذا نقول: إن (الباء) في قوله: (إلا بالله) للاستعانة، كل إنسان لا يستطيع أن يتحول من حال إلى حال، سواء من معصية إلى طاعة، أو من طاعة إلى أفضل منها لا يستطيع إلا بالله عز وجل، ولا يقوى على ذلك إلا بالله.
إذن فهذه الجملة في جواب (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) كلمة استعانة، يستعين الإنسان بالله على إجابة هذا المؤذن.
وسبق لنا أن قوله: (حي على الفلاح) بعد قوله: (حي على الصلاة) تعميم بعد تخصيص، أو هو دعاء إلى النتيجة والثواب بعد الدعاء إلى الصلاة كأنه قال: أقبِل إلى الصلاة، فإذا صلَّيْت نِلْت الفلاح، وأيًّا كان سواء الأول أو الثاني، فإن إجابته أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
في إجابة المؤذن أو متابعته فيه دليل على رحمة الله عز وجل، وسعة فضله؛ لأن المؤذنين لما نالوا ما نالوه من أجْر الأذان شُرع لغير المؤذن أن يتابعه؛ لينال أجرًا كما نال المؤذن أجرًا، ولهذا نظائر؛ في الحج، الحجاج يوم النحر يذبحون هدايا، وغير الحاج ويش شرع لهم؟
طلبة: الأضاحي.
الشيخ: الأضاحي؛ حتى لا يُحرم الناس الذين حرموا من الحج من جنس أعمال الحج.
الحجاج إذا أحرموا تركوا الترفُّه؛ لا يحلقون الشعور، أو بالأخص شعر الرأس، وغير الحجاج من أهل الأضاحي كذلك أيضًا، لا يأخذون من شعورهم، ولا من أظفارهم، ولا من أبشارهم شيئًا، وهذا يدلك على سعة رحمة الله عز وجل، وعلى شمول هذه الشريعة، وأنها لم تدع أحدًا بدون شيء حتى لا يقول أحد: أنا حُرمت من الخير.
يقول: (وقوله بعد فراغه: اللهم ربَّ هذه الدعوة)، الحقيقة أن المؤلف اقتصر في الدعاء الذي بعد الأذان، وإلا ينبغي بعد الأذان أن تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بعد انتهاء الأذان، ثم تقول: (اللهم ربَّ هذه الدعوة) إلى آخره، وفي أثناء الأذان إذا قال المؤذن: (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله) وأجبته، تقول بعد ذلك: رضيت بالله ربًّا وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا؛ كما هو ظاهر رواية مسلم حيث قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا». في رواية: ابن رمح -أحد رجال الإسناد-: «مَنْ قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ» ، وفي قوله: «وَأَنَا أَشْهَدُ» دليل على أنه يقولها عقب قول المؤذن: (أشهد أن لا إله إلا الله)؛ لأن (الواو) حرف عطف، فيعطف قوله على قول المؤذن. إذن فيه ذكر مشروع أثناء الأذان وهو أيش؟
طلبة: في الصلاة.
الشيخ: لا، في أثناء الأذان: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، هذا بعد التشهدين، بعد الأذان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة)، (اللهم رب هذه الدعوة التامة)، ما هي (الدعوة التامة)؟
طالب: الأذان.
الشيخ: الأذان؛ لأنه دعوة؛ حي على الصلاة، حي على الفلاح، ووصفها بـ(التامة)؛ لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده، والشهادة بالرسالة، والدعوة إلى الخير، فهي جامعة بين التعظيم والتوحيد والدعوة إلى الخير؛ ولهذا وصفها بأنها تامة.
وقوله: (اللهم رب)، مر علينا –أظن عدة مرات- إعراب (اللهم)، وقلنا: إنه منادى حذفت منه (يا) النداء، وعُوّض عنها (الميم)، وجُعلت (الميم) بعد لفظ الجلالة تيمنًا وتبركًا بالابتداء بالجلالة، واختير لفظ (الميم) دون غيره من الحروف للدلالة على الجمع كأن الداعي يجمع قلبه على ربه عز وجل، وعلى ما يريد أن يدعوه به.
وقوله: (رب هذه الدعوة التامة)، قد يقول قائل: لماذا كانت (اللهُ) بالضم، و(ربَّ) بالفتح؟
نقول: لأن (الله) علم منادى؛ فيبنى على الضم، و(رَبَّ) مضاف، فيكون منصوبًا؛ لأن المنادى أو ما وقع بدلًا منه إذا كان مضافًا فإنه يكون منصوبًا.
وقوله: (ربَّ هذه الدعوة التامة)، (رب) ويش معنى رب هنا؟ بمعنى خالق، ولَّا بمعنى صاحب، ولا أيش؟
طلبة: الثاني.
طالب: مشرع هذه الدعوة.
الشيخ: صاحب الدعوة، مشكلة الداعي هو المؤذن.
طالب: يعني شرع الدعوة.
طالب آخر: شارع الدعوة.
الشيخ: الشارع.
طالب: المسؤول عن الدعوة.
الشيخ: المسؤول، من يسأل الله؟ ما يستقيم المسؤول عن الدعوة.
عندنا الآن رب بمعنى: صاحب، ثانيًا: رب بمعنى: خالِق، ربّ بمعنى: شارع مُشرِّع هذه الدعوة؛ إذن بمعنى صاحِب؛ يعني صاحبها الذي شرعها، كذا؟
نشوف الآن، لو كانت (ربّ) بمعنى (خالِق)، أشكل علينا هذا؛ لأن هذه الدعوة فيها أسماء الله عز وجل، وفيها كلمات ما هي من أسماء الله، أسماء الله تعالى غير مخلوقة؛ لأنها من الكلام الذي أخبر به عن نفسه عز وجل، وكلامه غير مخلوق، لكن لو قال: إنه خالق الدعوة باعتبار تلفظ المؤذن بها فإن لفظ الإنسان مخلوق حتى وإن لفظ بغير مخلوق، فإن لفظه مخلوق، والملفوظ غير مخلوق؛ لأن القرآن إذا تكلم به الإنسان يكون لفظه وحركات لسانه وشفتيه وحنجرته هذه مخلوقة، لكن الملفوظ به هذا غير مخلوق.
إذن إذا فسّرنا (رب) بمعنى خالِق على تقدير اللفظ الذي هو فعل المؤذن، فهذا لا إشكال فيه.
إذا قلنا بأن (رب) ما تضاف إلا لمخلوق فإنه يرد علينا {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: ١٨٠]، والعزة من صفات الله عز وجل، فهنا يتعين أن تكون {رَبِّ الْعِزَّةِ} بمعنى صاحب العزة، ولا يجوز أن تكون (رب) بمعنى خالق.
(رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة)، هذه (الصلاة القائمة)، المشار إليه لا بد أن يكون محسوسًا قابلًا للإشارة، وأيضًا (القائمة) هي الآن لم تقم، فيقال: الإشارة إلى ما تصوره الإنسان في ذهنه؛ يعني عندما تسمع الأذان تتصور أن هناك أيش؟ صلاة.
و(القائمة): قال العلماء: التي ستُقام؛ فهي قائمة باعتبار ما سيكون.
قال: (آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة)، (آتِ) بمعنى: أعطِ؛ وهي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، المفعول الأول هنا (محمدًا) و(الوسيلة) هي المفعول الثاني.
ما الفرق بين آتِ وبين ائْتِ؟ ائت بمعنى؟
طلبة: تعالَ.
الشيخ: لا؛ بمعنى جِئْ {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الشعراء: ١٠]؛ يعني: جِئْهم، وأما (آتِ) فهي بمعنى (أعطِ)، وكذلك (آتَى) أي: أَعْطَى، و(أَتَى) أي: جاء.
قال: (آتِ محمدًا الوسيلة) (محمد) هو رسول الله صلوات الله وسلامه عليه القرشي الهاشمي خاتم النبيين كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠]. فهو -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين.
يقول: (آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة)، (الوسيلة): بيَّنها الرسول عليه الصلاة والسلام أنها «دَرَجَة فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ»، قال: «وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ» . ولهذا نحن ندعو الله له ليتحقق له ما رجاه صلى الله عليه وسلم.
وأما (الفضيلة)؛ فالفضيلة هي المنقبة العالية التي لا يشاركه فيها أحد.
طالب: إعراب الفضيلة؟
الشيخ: معطوفة على الوسيلة.
يقول: (آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته)، ابعثه متى؟ يوم القيامة، (مقامًا)؛ أي: في مقام محمود (الذي وعدته)، وهذا المقام المحمود يشمل كل مواقف القيامة، وأخص ذلك الشفاعة العظمى، حينما يلحق الناس من الكرب والغم في ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسون ألف سنة مع ما فيه من الأهوال والشدائد والكُرب يلحقهم أمر لا يطيقونه، فيمضي الناس ويتساءلون: من يشفع لنا إلى الله عز وجل يريحنا من هذا الموقف؟ فيأتون إلى آدم ويعتذر، وإلى نوح ويعتذر، وإلى إبراهيم ويعتذر، وإلى موسى ويعتذر، يذكر كل منهم ما يراه عذرًا في عدم شفاعته، ويأتون إلى عيسى ولا يذكرون شيئًا، لكن يقول: اذهبوا إلى محمد عبدٍ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ثم يأتون إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فيسألونه أن يشفع إلى الله؛ فيشفع.
هذا مقام محمود؛ كون هؤلاء الرسل والأنبياء كلهم يعتذر عن الشفاعة، إما بما يراه عذرًا كآدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وإما لأنه يرى أن في المقام من هو أوْلى منه، مثل مَنْ؟
طلبة: عيسى.
الشيخ: مثل عيسى، وانظر كيف ألهم الله الناس أن يذهبوا إلى هؤلاء؛ لأن الأربعة الرسل هم أولو العزم، وآدم أبو البشر، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، ثم انظر كيف يُلهم الله هؤلاء؟ أن كل واحد منهم يعتذر بما يرى أنه حائل بينه وبين الشفاعة؛ لأن الشفيع ليس له وجه يتقدم للشفاعة من أجله، إلا إذا كان ليس بينه وبين المشفوع إليه شيء يخدش المقام، وهؤلاء الأربعة كلهم ذكروا ما يخدش مقامهم بحسب ما يرونه لكمال تواضعهم وإن كان كلهم تابوا من الذنوب؛ إن كانت ذنوبًا بالنسبة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
الخامس لم يذكر شيئًا يخدش مقام الشفاعة عنده، ولكن ذكر من هو أولى منه بذلك؛ وهو محمد عليه الصلاة والسلام لتتم الكمالات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيشفع عند الله سبحانه وتعالى فيأتي الله تعالى للقضاء بين عباده.
وهذا من المقام المحمود الذي قال الله له فيه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]، هذه الدعوات، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام تحل له، ويكون مستحقًّا لها، وهذا لا شك أنه من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا وعلى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ أما علينا فلما نناله من الأجر في هذا الدعاء، وأما على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلأن هذا مما يرفع ذِكْره؛ أن تكون أمته إلى يوم القيامة تدعو الله له.
ولكن لو قال قائل: إذا كانت الوسيلة حاصلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الفائدة من أن ندعو الله له بها؟
نقول: لعلَّ من أسباب كونها له دعاء الناس له بذلك، وإن كان هو -عليه الصلاة والسلام- أحق الناس بها.
في هذا الدعاء عدة مسائل:
المسألة الأولى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر، لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا؛ وجهه: أننا أُمِرنا بالدعاء له.
ثانيًا: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق؛ لأن الوسيلة لا تحصل إلا له خاصة، ومعلوم أن الجزاء على قدر قيمة المجزي، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١].
وفيه أيضًا: إشكال وهو قوله: (آتِ محمدًا الوسيلة)، لماذا لم يُشرع أن يُقال: (آتِ رسول الله الوسيلة)، بل قيل: (آتِ محمدًا)؟
وكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]؛ على أحد التفسيرين في أن المعنى لا تنادوه باسمه، كما ينادي بعضكم بعضًا؟
طالب: شيخ؛ لأن الرسول (...).
الشيخ: لا.
طالب: شيخ؛ لأن هذا الدعاء هو النبي صلى الله عليه وسلم شرعه فوجب علينا اتباع (...).
طالب آخر: في بيان افتقاره إلى الله عز وجل.
الشيخ: لا.
طالب: (...) {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ} هذا في حياته.
الشيخ: إي، لا.
طالب: شيخ؛ لأن قوله: (محمدًا) يناسب المقام؛ لأنه محمود في هذا المقام يوم القيامة.
الشيخ: ما شاء الله، زين.
طالب: شيخ؛ لأن هذا ما دعيناه ندعو الله، ولا دعيناه لا خاطبناه، ولا دعيناه.
الشيخ: يعني معناه إذن يفرق بين الخبر وبين الدعاء، ولَّا لا؟ بين الخبر وبين الدعاء؛ فمثلًا عندما ندعوه؛ يعني هو طبعًا في حياته، الآن ما يمكن ندعوه الآن، نقول: يا رسول الله، ما نقول: يا محمد؛ ولهذا لا يقول أحد في خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام: يا محمد، إلا من الأعراب، الذين لم يعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله.
أما في باب الإخبار فهذا لا بأس به؛ قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] ونحن نقول أيضًا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمدٍ، ما نقول: اللهمَّ صلِّ على رسول الله أو نقولها؟
في مكانها لا نقولها؛ يعني في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد ما نقول: اللهم صلِّ على رسول الله، نقول: اللهم صلِّ على محمد، لكن نقول: السلام عليك أيها النبي؛ لأننا أُمرنا بذلك.
المهم على كل حال، المدار في هذا على ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قال: (آتِ محمدًا الوسيلة) دون آتِ رسولَ الله، قلنا: هذا هو المشروع، ولا يُعارِض الآية، وفي الآية قول آخر: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]؛ أنه من باب إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله، تصورتوا هذا؟ على التقييد الأول دعاء الرسول من باب إضافة المصدر إلى مفعوله؛ يعني دعاءكم الرسول، فيه قول آخر؛ أنه من باب إضافة المصدر إلى فاعله.
طلبة: دعاء الرسول إياكم.
الشيخ: يعني: دعاء الرسول إياكم؛ يعني لا تجعلوا دعاء الرسول إذا دعاكم كدعاء بعضكم بعضًا، إن شئتم أجبتم، وإن شئتم لم تجيبوا، بل يجب عليكم أن تجيبوا؛ ولهذا كان من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إذا نادى الإنسان ولو في الصلاة وجَبَت إجابته.
طالب: كلمة الزيادة؟
الشيخ: إي نعم، الزيادة: «إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» ؛ هذه الزيادة اختلف فيها الْمُحدِّثون، هل هي ثابتة أو ليست بثابتة؟ فمنهم من قال: إنها غير ثابتة لشذوذها؛ لأن أكثر الذين رووا الحديث لم يُردوا هذه الكلمة، قالوا: والمقام يقتضي ألا تحذف؛ لأنه مقام دعاء وثناء، وما كان على هذا السبيل؛ فإنه لا يجوز حذفه؛ لأنه متعبَّد به.
ومن العلماء من قال: إن سندها صحيح، وأنها تُقال؛ وقالوا: إنها لا تُنافي غيرها، وممن ذهب إلى تصحيحها الشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: إن سندها صحيح، أخرجها البيهقي بسند صحيح.
وقالوا أيضًا: إن هذا مما يُختم به الدعاء، كما قال الله تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: ١٩٤]، فمن رأى أنها صحيحة فهي مشروعة في حقه، ومن رأى أنها شاذة ولا يُعمل بها فحذفها، والمؤلف -رحمه الله- وأصحابنا يرون أنها شاذة، ولا يُسنّ. (...). الأذان والإقامة ما حكمهما؟
طالب: فرض كفاية.
الشيخ: فرض كفاية ولَّا فرض عين؟
الطالب: فرض كفاية.
الشيخ:

***

\n طالب: \n
\n
باب شروط الصلاة
شروطها قبلها؛ منها: الوقت، والطهارة من الحدث، والنجس.
فوقت الظهر من الزوال إلى مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال، وتعجيلها أفضل إلا في شدة الحر، ولو صلى وحده أو مع غيم لمن يصلي جماعة، ويليه وقت العصر إلى مصير الفيء مثليه بعد فئ الزوال والضرورة إلى غروبها، ويُسنُّ تعجيلها، ويليه وقت المغرب إلى مغيب الحمرة، ويُسنُّ تعجيلها إلا ليلة جمع لمن قصدها محرمًا، ويليه وقت العشاء إلى الفجر الثاني وهو البياض المعترض، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إن سهل، ويليه وقت الفجر إلى طلوع الشمس وتعجيلها أفضل. \n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن شروط الصلاة قبلها؛ منها: الوقت، وقلنا: إن تعبير المؤلف هذا فيه تسامح؟\n
\n طالب: إي نعم، فيه تسامح؛ لأن الشرط هو دخول الوقت.\n
\n الشيخ: هو دخول الوقت لا الوقت، ما الفرق بين العبارتين؟ \n
\n طالب: بين الوقت ودخول الوقت؟\n
\n الشيخ: نعم. \n
\n الطالب: يعني الوقت..\n
\n الشيخ: إذا قلنا: من شروطها الوقت، أو من شروطها دخول الوقت.\n
\n الطالب: يعني من شروطها الوقت؛ يعني لازم يجي الوقت كله، ثم يصلي. \n
\n طالب آخر: نعم، إذا قلنا الوقت فإنه يلزم من قول المؤلف هذا اللفظ..\n
\n الشيخ: من قولنا: إذا قلنا الوقت. \n
\n الطالب: نعم، اللفظ، لا قبل الوقت ولا بعده، وهي تصح بعد الوقت. \n
\n الشيخ: وهي تصح بعد الوقت، وإذا قلنا: دخول الوقت؟\n
\n الطالب: صارت تصح.\n
\n الشيخ: صارت لا تصح قبله، وتصح فيه وبعده، واضح الفرق؟\n
\n طالب: المعنى ما هو واضح.\n
\n الشيخ: إذا قلنا: من شرطها الوقت، معناه أنها لا تصح إلا في الوقت، فلا تصح بعده، مع أنها تصح بعده: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n ، وإذا قلنا: دخول الوقت صارت لا تصح قبله، وتصح فيه وبعده، واضح؟\n
الدليل على اشتراط الوقت لصحة الصلاة أو دخول الوقت؟ \n
\n طالب: قول الله سبحانه وتعالى: \n {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]. \n
\n الشيخ: نعم، والسنة؟\n
\n الطالب: ومن السنة حديث جابر \n أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وعلمه المواقيت (...)؛ الظهر والعصر حتى قال: ذلك لليوم القادم وقال: صلاتنا بين هذين الوقتين \n .\n
\n الشيخ: أحسنت، وكذلك حديث آخر؟ \n
\n طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ» \n . \n
\n الشيخ: وذكر بقية الحديث؛ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. الحكمة من توقيت الصلاة بهذه المواقيت الخمسة؟\n
\n طالب: نظرًا لأهميتها وحث المسلم على المحافظة عليها، وبيان أهمية هذه الصلاة وعظمتها، وكونها إذا فعلت بعد الوقت يعني لا تُقبل منه.\n
\n الشيخ: هذا أظن ما ذكرناه؟\n
\n طلبة: ما ذكرناه.\n
\n الشيخ: ما ذكرناه، نذكره الآن إن شاء الله.\n
\n طالب: مذكور يا شيخ.\n
\n طالب آخر: ما ذُكر.\n
\n الشيخ: ما يخالف، دقيقة. اشترط المؤلف أيضًا الطهارة من الحدث الدليل، ما هو الدليل؟\n
\n طالب: على ماذا؟\n
\n الشيخ: على اشتراط الطهارة من الحدث؟\n
\n الطالب: الدليل قول النبي عليه الصلاة..\n
\n الشيخ: من القرآن والسنة؟\n
\n الطالب: من القرآن قوله تعالى: \n {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤].\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: شيخ، نعم قول الله تعالى..\n
\n الشيخ: خلاص.\n
\n طالب: قول الله تعالى: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } إلى أن قال: \n {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦].\n
\n الشيخ: زين قوله تعالى: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] الآية طيب من السنة؟\n
\n طالب: من السنة قوله صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» \n . \n
\n الشيخ: أحسنت، منها أيضًا: الطهارة من النجاسة، وهذا لم نقرأه.\n
(\n الطهارة من النجس) شرط.\n
\n طالب: الحكمة (...).\n
\n الشيخ: نذكرها بالمواقيت. من النجس (\n الطهارة من النجس) تقدم لنا -في باب إزالة النجاسة– ما هي الأعيان النجسة؟ أليس كذلك؟ \n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: إذن لا بد أن نستذكر ما مضى في باب إزالة النجاسة لنعرف ما هي الأشياء النجسة.\n
والطهارة من النجس؛ في الثوب، والبقعة، والبدن، ثلاثة أشياء، الدليل على اشتراط الطهارة من النجاسة في الثوب: ما جاء في أحاديث الحيض؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن دم الحيض يصيب الثوب، فأمر أن \n «تَحُتَّهُ، ثُمَّ تَقْرُصَهُ، ثُمَّ تَنْضَحَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ» \n ، وهذا دليل على أنه لا بد من إزالة النجاسة. \n
ثانيًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتي بصبي لم يأكل الطعام؛ فبال في حجره، \n فدعا بماءٍ فأتبعه إيَّاه \n . وهذا فعل، والفعل لا يقوى على القول بالوجوب، لكن يؤيده ما جاء في حديث الحيض السابق.\n
ودليل ثالث: \n أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات يوم بنعليه، ثم خلع نعاله، فخلع الصحابةُ نِعالهم، فسألهم حين انصرف من الصَّلاة: لماذا خلعوا نعالهم؟ فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالَنا، فقال: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا أَذًى أَوْ قَذَرًا» \n ، وهذا يدل على وجوب التخلي من النجاسة حال الصلاة في الثوب.\n
في البدن: كل أحاديث الاستنجاء والاستجمار تدل على وجوب الطهارة من النجاسة؛ لأن الاستنجاء أو الاستجمار تطهير للمحل الذي أصابته النجاسة، وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل المذي يدل على أنه يشترط التخلي من النجاسة.\n
والدليل الثالث: \n إخباره عن الرَّجُلين اللذين يُعذَّبان في قبريهما؛ بأن أحدهما كان لا يَسْتَنْزِهُ من البول \n ؛ فهذه أدلة على وجوب اجتناب النجاسة في البدن. \n
في المكان: قال الله تعالى: \n {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥]، هذا دليل. \n
\n ولما بال الأعرابيُّ في طائفة المسجد؛ أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بماذا؟ بذَنُوبٍ من ماء فأُريق عليه \n . \n
إذن فلا بد من اجتناب النجاسة في هذه المواطن الثلاثة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- الكلام على اجتناب النجاسة مفصلًا في كلام المؤلف.\n
الطهارة من الحدث، والطهارة من النجس، [باب مواقيت الصلاة]\n
ثم شرع المؤلف -رحمه الله- في بيان أوقات الصلاة تفصيلًا، فقال: (\n فوقت الظهر من الزوال)، بدأ بها المؤلف؛ لأن جبريل بدأ بها حين أم النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض العلماء يبدأ بالفجر؛ لأنها أول صلاة النهار؛ ولأنها هي التي يتحقق بالبداءة بها أن تكون صلاة العصر الوسطى، والخطب في هذا سهل؛ يعني سواء بدأنا بالظهر أو بدأنا بالفجر، المهم أن نعرف الأوقات، قال: (\n فوقت الظهر من الزوال إلى مساواة الشيء فيئه) أي: ظله (\n بعد فيء الزوال). \n
يقول بعض أهل اللغة: الفيء هو الظل بعد الزوال، وأما قبله فيُسمَّى ظِلًّا، ولا يسمى فيئًا، وما قالوه له وجه؛ لأن الفيء مأخوذ من فاء يفيء، كأن الظل رجع بعد أن كان ضياء، أما الذي لم يزل موجودًا فلا يسمى فيئًا؛ لأنه لم يزل مظلمًا؛ فمثلًا في هذا الوقت نجد أن الجهة الجنوبية مما له جسم وهي الشمالية في الواقع؛ جهة الشمال عنه، نجدها دائمًا ظلالًا، أليس كذلك؟ هذا لا يسمى فيئًا، لكن إذا وجدنا أن الشمس أضاءت على هذا المكان، ثم بعد زوالها صار الظل نسمي هذا فيئًا.\n
إذن (\n مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال)، وذلك أن الشمس إذا طلعت صار للشاخِص ظِلّ نحو المغرب أو لا؟ الشاخص الشيء المرتفع ظل نحو المغرب، ثم لا يزال هذا الظل ينقص بقدر ارتفاع الشمس في الأفق حتى يتوقف عن النقص، فإذا توقف عن النقص، ثم زاد بعد توقف النقص ولو شعرة واحدة فهذا هو الزوال؛ يعني فإذا أردت أن تعرف الزوال فضع شيئًا شاخصًا، ثم راقِبه تجده كلما ارتفعت الشمس نقص، فما دام ينقص فالشمس لم تزُل، فإذا زاد أدنى زيادة فقد زالت الشمس، وحينئذٍ يكون وقت الظهر قد دخل. \n
يقول المؤلف: (\n بعد فيء الزوال)؛ يعني: أن الظل الذي زالت عليه الشمس لا يُحسب، ففي وقتنا الآن حين كانت الشمس تميل إلى الجنوب لا بد أن يكون هناك ظل دائم لكل شاخِص من الناحية الشمالية له، هذا الظل لا تعتبره، شوف نقص الظل، فإذا بدأ يزيد فضع علامةً على ابتدأ زيادته، ثم إذا امتد الظل من هذه العلامة بقدر طول الشاخص، فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر، ولا فرق بين كون الشاخص طويلًا أو قصيرًا، لكن تبيُّن الزيادة في الظل والنقص فيما إذا كان طويلًا أظهر؛ يعني يبين أكثر إذا كان طويلًا عرفنا الآن، ولَّا لا؟\n
كيف عرفنا؟ قلنا: ضع شاخصًا؛ يعني عصا، إذا وضعته فإنه يكون له ظل، هذا الظل كلما ارتفعت الشمس نقص، ما دام ينقص فالشمس لم تزُل، فإذا زاد أدنى زيادة فقد زالت الشمس حينئذٍ يدخل وقت الظهر، إلى متى؟\n
قلنا: ضع علامة على ابتداء الزيادة، ثم راقِب الظل، إذا بلغ إلى حد يساوي هذا الشاخص من العلامة فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر.\n
أما علامة الزوال بالساعة فاقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين، اقسمه نصفين، وهذا هو الزوال، فإذا قدَّرنا أن الشمس تطلع في الساعة السادسة، وتغِيب في الساعة السادسة، فالزوال؟\n
\n طلبة: الثانية عشرة. \n
\n الشيخ: الثانية عشرة، وإذا كانت تخرج في الساعة السابعة، وتغيب في الساعة السابعة؟\n
\n طلبة: الساعة واحدة.\n
\n طلبة آخرون: عشرة ونصف.\n
\n الشيخ: الساعة واحدة.\n
\n طالب: عشرة ونصف يا شيخ؛ لأن هذا نصف الوقت.\n
\n طلبة: واحدة. \n
\n الشيخ: اصبر (...)، الساعة السابعة، كم باقي معنا؟\n
\n طلبة: خمس.\n
\n الشيخ: خمس ساعات، وسبع؟\n
\n طالب: اثنتا عشرة.\n
\n الشيخ: اثنتا عشرة أو لا؟ أضف ست إلى سبع، ثلاث عشرة كم هذه الثلاث عشرة.\n
\n الطلبة: واحدة.\n
\n الشيخ: واحدة إي نعم، هذه العلامة بالساعة، لكن العلامة بالشمس هو ما ذكر.\n
نذكر -إن شاء الله- الدليل في الآخر. \n
قال: (\n وتعجيلها أفضل)، تعجيل صلاة الظهر أفضل؛ لأنه أولًا: لقوله تعالى: \n {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]؛ يعني: اسبقوا إليها، ولا شك أن الصلاة من الخيرات، فالاستباق إليها معناه المبادرة؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على البداءة بالصلاة من حين الوقت؛ فسأله ابن مسعود: \n أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» \n . هي أحب الأعمال إلى الله، وإن كان بعض العلماء يقول: على وقتها؛ يعني: المقدَّر شرعًا، ونحن نقول: حتى على هذا القول، فإن التعجيل بالصلاة أفضل.\n
ثانيًا: نقول هذا أسرع في إبراء الذمة؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، قد يكون في أول الوقت نشيطًا قادرًا تسهل عليه العبادة، ثم يمرض، وتصعب عليه الصلاة، وربما يموت، فهذا أسرع في إبراء الذمة، وما كان أسرع في إبراء الذمة؛ فهو أولى، فيكون تعجيلها أفضل دل عليه الدليل الأثري والنظري.\n
قال: (\n إلا في شدة حر)، ففي شدة الحر الأفضل تأخيرها لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: \n «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» \n ، فالأفضل تأخيرها؛ ولأن \n النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في غزوة فأراد المؤذِّنُ أن يؤذِّنَ، فقال: «أَبْرِدْ». ثم أراد أن يؤذِّنَ، فقال: «أَبْرِدْ»، ثم أراد أن يؤذِّنَ، فقال: «أَبْرِدْ»، ثم أراد أن يؤذِّنَ فَأَذِن له لَمَّا ساوى التل ظِلَّه أذِن له؛ \n يعني: قرب صلاة العصر؛ لأنه إذا ساوى ظله؛ ما بقي يسقط من هذا الظل إلا فيء الزوال، وفيء الزوال في أيام الصيف وشدة الحر طويل ولا قصير؟ \n
\n طلبة: قصير.\n
\n الشيخ: قصير جدًّا، ويش ما أدري والله عند بعضكم ما تعرفون هذا الشيء؟\n
\n طالب: ما نعرف.\n
\n الشيخ: فيء الزوال، أنا قلت لكم: إنه لا بد يكون ظِلّ من الجهة الشمالية للشاخص؛ لأن الشمس جنوب، إذا كانت جنوبًا لازم يكون هناك ظل حتى لو ما زالت الشمس؛ لأنها تمشي من وراء مثلًا أنا الآن الجنوب خلف ظهري تمشي من ورائي، لا بد أن يكون ظل بين يدي، أليس كذلك؟ \n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: هذا يُسمى فيء الزوال، هذا ما يعتبر شيئًا؛ فقوله في الحديث الذي رواه البخاري: \n «حَتَّى سَاوَى التَّلُّ ظِلَّهُ» \n ؛ يعني معناه أن فيء الزوال ما حُسِب؛ لأنه لو حُسب فيء الزوال كان يخرج وقت الظهر. على كل حال أمره أن يُبْرِد حتى صار الظل بقدر الشاخص، لكن مضافًا إليه فيء الزوال، ثم صلَّى فينبغي في شدة الحر الإبراد إلى هذا الوقت؛ يعني: إلى قُرْب صلاة العصر.\n
وقال بعض العلماء: بل حتى يكون للشواخِص ظل يُستظل به، ولكن هذا ليس بمنضبط؛ لأنه إذا كان البناء عاليًا وجد الظل الذي يستظل به قريبًا، وإذا كان نازلًا فإنه بالعكس متى يكون للناس ظل يمشون فيه؟!\n
على كل حال، أصح شيء أن نقول: أن يكون ظل الشيء مثله، لكن مضافًا إليه فيء الزوال؛ يعني: أنه قرب صلاة العصر، وهذا هو الذي يحصل به الإبراد، أما ما كان الناس يعتادونه من قبل، بعد زوال الشمس بنحو نصف ساعة وبعضهم بنحو ساعة، ثم يقول: هذا إبراد. نقول: هذا ليس إبرادًا، هذا؟\n
\n طلبة: شدة الحر. \n
\n الشيخ: إي نعم، هذا إحرار، ليش؟ لأنه معروف أن الحر أشد ما يكون بعد الزوال بنحو؟\n
\n طلبة: ساعة.\n
\n الشيخ: بنحو ساعة، هذا أشد ما يكون، حر الجو ما هو حرّ الشمس، فإذن نقول: هذا ليس بإبراد، فإذا قدَّرنا مثلًا أن الشمس في أيام الصيف تزول على اثنتي عشرة، وأن العصر على أربعة ونصف تقريبًا أظن، ولنفرض هذا ما يخالف فرضًا، يكون الإبراد إلى متى؟\n
\n طلبة: إلى أربعة.\n
\n الشيخ: إلى أربعة تقريبًا، أربع ساعات ما هو ساعتين، ما هو ساعة ونصف ساعة.\n
يقول: (\n إلا في شدة الحر) قال: (\n ولو صلَّى وحده)، (\n لو): إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: إن الإبراد إنما هو لمن يصلي جماعة، وزاد بعضهم: إذا كان منزله بعيدًا بحيث يتضرر بالذهاب إلى الصلاة. أفهمتم الآن؟\n
فيه قيدان؛ بعضهم يقول: الإبراد لمن يصلي جماعة مطلقًا، بعضهم يقول: لمن يصلي جماعة إذا كان منزله بعيدًا؛ يعني إذا كانت المنازل بعيدة عن المسجد، وكل هذا قيد لما أطلقه الشارع، النبي عليه الصلاة والسلام قال: \n «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ»، والخطاب للجميع، وليس من حقنا أن نُقيِّد ما أطلقه الشارع، ولم يُعلِّل الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك بأنه لمشقة الذهاب إلى الصلاة قال: \n «شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» \n ، وهذا يحصل لمن يصلي جماعة، ولمن يصلي وحده، وهل يدخل في ذلك النساء؟ \n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نعم، يدخل في ذلك النساء؛ فإنه يُسنُّ لهن الإبراد في صلاة الظهر في شدة الحر.\n
يقول: (\n أو مع غيم لمن يصلي جماعةً)، هل قوله: (\n أو مع غيم) داخل تحت قوله: (\n لو)؟ أو هي مسألة مستقلة؟ \n
\n طلبة: مسألة مستقلة.\n
\n الشيخ: هذه مسألة مستقلة؛ لأن الغالب أن الغيوم تأتي في أيام الشتاء ما هي بشديدة الحر، وحينئذٍ فلا تكون داخلة تحت قوله: (\n لو)؛ يعني إلا في شدة الحر، وإلا مع غيم لمن يصلي جماعة، فالأفضل التأخير، فإذا كان غيم فإنه يُسنُّ تأخيرها لمن يُصلِّي جماعة في المسجد، لماذا؟\n
قالوا: من أجل أن يخرج الناس إلى صلاة الظهر والعصر خروجًا واحدًا؛ لأن الغالب إذا كان غيم أن يحصل مطر، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن نشق على الناس، بل ننتظر، فإذا قارَب العصر بحيث يخرج الناس من بيوتهم إلى المساجد خروجًا واحدًا لصلاة الظهر والعصر فإننا نُؤخِّرها، هذا ما ذهب إليه المؤلف، والعِلَّة فيه كما سمعتم. ولكن هذه العِلَّة عليلة من وجهين:\n
الوجه الأول: أنها مُخالفة لعموم الأدلة الدالة على فضيلة أول الوقت.\n
الشيء الثاني: أنه قد يحصل الغيم، ولا يحصل المطر، وهذا كثير، تحصل غيوم عظيمة ويتلبد الجو بالغمام، ومع ذلك لا تمطر، أليس هكذا؟\n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: وإذا كان الأمر كذلك فنقول: مع الغيم لو قدرنا في شدة الحر يمكن نقول: لا تبردوا؛ لأن الغيم يمنع حرارة الشمس؛ فإذن هي عليلة من جهة مخالفتها لعموم الأدلة الدالة على فضيلة أول الوقت. \n
وثانيًا: أنها تتخلَّف كثيرًا، وليس هذا أمرًا مُسلَّمًا كُلَّما جاء الغيم جاء المطر، إذن فالصواب: عدم استثناء هذه الصورة، وأن صلاة الظهر يسن تقديمها إلا في شدة الحر فقط، وما عدا ذلك فالأفضل أن تكون في أول الوقت.\n
قال: (\n ويليه وقت العصر)، (\n يليه) يلي وقت الظهر وقت العصر، واستفدنا من قول المؤلف: (\n يليه) أنه لا فاصل بين الوقتين، كذا؟\n
\n طلبة: نعم. \n
\n الشيخ: إذ لو كان هناك فاصل لم يكن موالاة، وأنه لا اشتراك بين الوقتين؛ إذ لو كان اشتراك لدخل وقت العصر قبل خروج وقت الظهر، وبكل من القولين قال بعض العلماء: إن هناك فاصلًا بين وقت الظهر ووقت العصر لكنه يسير، وقال آخرون: هناك وقت مشترك بقدر أربع ركعات بين الظهر والعصر.\n
والصحيح: أنه لا اشتراك، ولا انفصال، لكن إذا خرج وقت الظهر دخل وقت العصر.\n
قال: \n (إلى مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال والضرورة إلى غروبها، ويُسنُّ تعجيلها)، \n (إلى مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال) إحنا قلنا: فيء الزوال يحتسب ولَّا لا؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n طلبة آخرون: ما يحسب.\n
\n الشيخ: ما يحسب، ابدأ منه، إذا صار الظل طول الشاخِص، ويش يحصل؟\n
\n طلبة: نهاية وقت الظهر.\n
\n الشيخ: نهاية وقت الظهر، ودخول وقت العصر؛ إذا كان طول الشاخِص مرتين؟\n
\n طلبة: نهاية وقت العصر.\n
\n الشيخ: نهاية وقت العصر، أي الوقتين أطول؟\n
\n طلبة: كلاهما.\n
\n طلبة آخرون: العصر.. الأول..\n
\n الشيخ: لا الظهر.. إحنا الآن حدَّدنا الظهر من فيء الزوال إلى مثله، العصر إلى مثليه، الظهر أطول بكثير؛ لأن الظل في آخر النهار أسرع، كلما دنت الشمس من الغروب كان الظل أسرع؛ يعني تكاد تقول: الفرق الثلث، وهو كذلك وقت الظهر طويل بالنسبة لوقت العصر، لكن وقت الضرورة إلى غروب الشمس، هذا ربما يكون طويلًا.\n
لننظر بالتوقيت الغروبي؛ التوقيت الغروبي في أطول يوم من السنة، يُؤذِّن الظهر الساعة خمس وسبع دقائق تقريبًا، وخليها خمسة وخمسة، ويؤذن العصر ثمان ونصف وخمسة، كم الوقت؟\n
\n طلبة: ثلاث ساعات ونصف. \n
\n الشيخ: ثلاث ساعات ونصف. من ثمان ونصف وخمسة إلى الغروب؟\n
\n طلبة: أربع ساعات وخمس وعشرين دقيقة.\n
\n الشيخ: أربع ساعات وخمس وعشرين دقيقة، إذن وقت الظهر أطول؟\n
\n طلبة: بثلاث ساعات. \n
\n الشيخ: ثلاث ساعات؟\n
\n طالب: وخمس وعشرين دقيقة. \n
\n الشيخ: وخمس وعشرين دقيقة، وهناك كم قلنا؟ \n
\n طالب: ثلاثة ونصف.\n
\n الشيخ: ثلاث ساعات ونصف؛ إذن وقت الظهر أطول حتى إلى الغروب؛ يعني أطول من وقت العصر حتى ولو كان وقت ضرورة، شوف الفرق الآن. \n
المؤلف الآن حدد وقت العصر بماذا؟ \n (بمصير ظل كل شيء مثليه بعد فيء الزوال).\n
ثم قال: (\n والضرورة إلى غروبها)؛ يعني وقت الضرورة إلى غروبها، هل نقول: الضرورةُ ولَّا الضرورةِ؟\n
\n طالب: الثاني أفضل. \n
\n الشيخ: \n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

وَمَا يَلِي الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَـــــا	عَنْهُ فِي الْإِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا
وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَــــــوْا كَمَـــــــــــا	لَوْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا

\n
(ربما) لكن بشرط؛ الشرط لا يتحقق هنا، فإذن نقول: الضرورة إلى غروبها.. \n

","SearchText":" ( ويسن لسامعه متابعته سرا )، كلمه ( يسن ) اعلم ان السنه لها اطلاقان: اطلاق اصطلاحي عند الفقهاء، واطلاق شرعي في لسان الشارع؛ اما عند الفقهاء، فيطلقون السنه علي ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه؛ الشيء الذي اذا فعله الانسان اثيب، واذا تركه لم يعاقب يسمي عندهم سنه، واما في لسان الشارع، فالسنه هي الطريقه التي شرعها الرسول عليه الصلاه والسلام، سواء كانت واجبه يعاقب تاركها او لا. فقول انس مثلا: من السنه اذا تزوج الرجل البكر علي الثيب اقام عندها سبعا . هذه من السنه الواجبه، وحديث ابن مسعود: من السنه وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاه . هذا من السنه المستحبه. وعلي هذا، فاذا وجدنا كلمه (يسن) او (من السنه) في كلام الفقهاء؛ فالمراد به السنه الاصطلاحيه؛ وهي التي اذا فعلها الانسان اثيب، واذا تركها لم يعاقب. يقول المءلف: ( يسن لسامعه )، اي: سامع الاذان ( متابعته سرا )؛ يعني لا جهرا و( متابعته ) معناه ان يقول كما يقول؛ ودليل ذلك: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا سمعتم المءذن فقولوا مثل ما يقول المءذن» . وقول المءلف: ( يسن لسامعه ) يشمل الذكر والانثي؛ لعمومه، ويشمل النداء الاول، والنداء الثاني؛ يعني لو كان المءذنون يختلفون؛ فبعضهم يءذن والبعض الثاني ما يبدا بالاذان الا بعد فراغ الاول، نقول: يجيب الاول، ويجيب الثاني؛ لعموم الحديث: «اذا سمعتم المءذن فقولوا مثل ما يقول المءذن» ، ثم هو ذكر يثاب الانسان عليه، ولكن لو صلي، ثم سمع مءذنا بعد الصلاه، فهل يجيب؟ ظاهر الحديث ايضا انه يجيب؛ لعموم: «اذا سمعتم المءذن فقولوا مثل ما يقول المءذن» . وقال بعض اهل العلم: انه لا يجيب؛ لانه غير مدعو بهذا الاذان؛ يعني لا يتابعه؛ لانه غير مدعو بهذا الاذان. قالوا: ونجيب عن الحديث: بان المعروف في عهد النبي عليه الصلاه والسلام ان المءذن واحد، وانه لا يمكن ان يءذن اخر بعد ان تءدي الصلاه، فيحمل الحديث علي المعهود في عهد النبي عليه الصلاه والسلام، وانه لا تكرار في المءذنين، ولكن لو اخذ احد بعموم الحديث، وقال: انه ذكر، وما دام الحديث عندي عاما فلا مانع من ان اذكر الله عز وجل، والحمد لله الذي جعل هناك دليلا استند عليه حتي لا يقال: انك مبتدع؟ وقول المءلف: ( يسن لسامعه متابعته سرا )، صريح في انه لو ترك الاجابه عمدا فلا اثم عليه، وهذا هو الصحيح، وقال بعض اهل الظاهر -يعني بعض الظاهريه- قالوا: ان المتابعه واجبه، وانه يجب علي من سمع المءذن ان يقول مثل ما يقول، واستدلوا بالامر: «اذا سمعتم المءذن فقولوا مثل ما يقول المءذن» ، والاصل في الامر الوجوب، ولكن الجمهور علي خلاف ذلك. استدل الجمهور بان النبي صلي الله عليه وسلم سمع مءذنا يءذن، فقال: «علي الفطره» ، ولم ينقل انه اجابه، او انه تابعه، ولو كانت المتابعه واجبه لفعلها الرسول عليه الصلاه والسلام، ولنقلت الينا. وعندي ان في هذا دليلا اصرح من ذلك؛ وهو قول النبي عليه الصلاه والسلام لمالك بن الحويرث، ومن معه من الوفد: «اذا حضرت الصلاه فليءذن لكم احدكم، وليءمكم اكبركم» ، او «اكثركم قرانا» في حديث اخر قصه ثانيه، فهذا يدل علي ان المتابعه لا تجب. ووجه الدلاله: ان المقام مقام تعليم، ومقام التعليم تدعو الحاجه الي بيان كل ما يحتاج اليه، وهءلاء وفد قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلي الله عليه وسلم في متابعه الاذان، فلما ترك النبي عليه الصلاه والسلام التنبيه علي ذلك مع دعاء الحاجه اليه؛ وكون هءلاء وفدا بقوا عنده عشرين يوما؛ ثم غادروا؛ يدل علي ان الاجابه ليست بواجبه، وهذا هو الاقرب والاصح؛ ان الاجابه سنه، وليست بواجبه، ونريد بالاجابه المتابعه. وقول المءلف: ( سن لسامعه متابعته سرا )، فان راه ولم يسمعه، راه علي المناره ولم يسمعه، فهل تسن المتابعه؟ طلبه: لا. الشيخ: الجواب: لا؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «اذا سمعتم المءذن» . طيب لو سمعه ولم يره؟ طالب: يتابعه. طالب اخر: يجيب. الشيخ: يتابعه؛ للحديث: «اذا سمعتم المءذن فقولوا مثل ما يقول المءذن» . يقول: ( يسن لسامعه متابعته سرا ). ( وحوقلته في الحيعله )، (الحوقله) و(الحيعله)، هذان مصدران مصنوعان ومنحوتان؛ لان الحوقله مصنوعه من (لا حول ولا قوه الا بالله)، والحيعله من (حي علي الصلاه) (حي علي الفلاح)، اذن تقول: اذا قال المءذن: (حي علي الصلاه): تقول: لا حول ولا قوه الا بالله، واذا قال: (حي علي الفلاح): تقول: لا حول ولا قوه الا بالله. قد يقول عامي: سبحان الله، اقول: لا حول ولا قوه الا بالله، هل انا ابتليت بمصيبه حتي تقولوا: قل: لا حول ولا قوه الا بالله؟! ويش الجواب؟ لا؛ لان العامه عندهم ان الانسان اذا اصيب بمصيبه قال: (لا حول ولا قوه الا بالله)، حتي اذا جعلت تشكو عليه مثلا حال شخص او امرا من الامور، قال: لا حول ولا قوه الا بالله، المشروع عند المصاءب غير هذا ان تقول: انا لله وانا اليه راجعون، اما هذه الكلمه (لا حول ولا قوه الا بالله)، فهي مشروعه عند التحمل؛ تحمل الاشياء، وهي كلمه استعانه، وليست كلمه استرجاع. اذن فكان المءذن لما قال: (حي علي الصلاه) اقبل تبرات من حولك وقوتك الي ذي الحول والقوه؛ وهو الله عز وجل، فاستعنت به، وقل: لا حول ولا قوه الا بالله، وهذا من باب التوسل بذكر حال الداعي، واظن مر علينا ان من اقسام التوسل في الدعاء ان يذكر الانسان حاله، وانه في حاجه الي الله، فاذا قلت: لا حول ولا قوه الا بالله كانك تقول: انا ما عندي حول ولا قوه الا بالله ان اعانني فانا اقوم بما ينبغي ان اقوم به، وان لم يعني ووكلني الي نفسي فانه يكلني الي ضعف وعجز وعوره. لا حول ولا قوه الا بالله، ما هو الحول؟ قال العلماء: الحول بمعني (التحول)؛ اي: لا تحول من حال الي حال الا بالله عز وجل. والقوه معناها القدره علي الشيء، بل هي اخص من القدره؛ يعني: انا لا استطيع التحول، ولا اقوي علي التحول الا بمعونه الله، ولهذا نقول: ان (الباء) في قوله: (الا بالله) للاستعانه، كل انسان لا يستطيع ان يتحول من حال الي حال، سواء من معصيه الي طاعه، او من طاعه الي افضل منها لا يستطيع الا بالله عز وجل، ولا يقوي علي ذلك الا بالله. اذن فهذه الجمله في جواب (حي علي الصلاه) (حي علي الفلاح) كلمه استعانه، يستعين الانسان بالله علي اجابه هذا المءذن. وسبق لنا ان قوله: (حي علي الفلاح) بعد قوله: (حي علي الصلاه) تعميم بعد تخصيص، او هو دعاء الي النتيجه والثواب بعد الدعاء الي الصلاه كانه قال: اقبل الي الصلاه، فاذا صليت نلت الفلاح، وايا كان سواء الاول او الثاني، فان اجابته ان تقول: لا حول ولا قوه الا بالله. في اجابه المءذن او متابعته فيه دليل علي رحمه الله عز وجل، وسعه فضله؛ لان المءذنين لما نالوا ما نالوه من اجر الاذان شرع لغير المءذن ان يتابعه؛ لينال اجرا كما نال المءذن اجرا، ولهذا نظاءر؛ في الحج، الحجاج يوم النحر يذبحون هدايا، وغير الحاج ويش شرع لهم؟ طلبه: الاضاحي. الشيخ: الاضاحي؛ حتي لا يحرم الناس الذين حرموا من الحج من جنس اعمال الحج. الحجاج اذا احرموا تركوا الترفه؛ لا يحلقون الشعور، او بالاخص شعر الراس، وغير الحجاج من اهل الاضاحي كذلك ايضا، لا ياخذون من شعورهم، ولا من اظفارهم، ولا من ابشارهم شيءا، وهذا يدلك علي سعه رحمه الله عز وجل، وعلي شمول هذه الشريعه، وانها لم تدع احدا بدون شيء حتي لا يقول احد: انا حرمت من الخير. يقول: ( وقوله بعد فراغه: اللهم رب هذه الدعوه )، الحقيقه ان المءلف اقتصر في الدعاء الذي بعد الاذان، والا ينبغي بعد الاذان ان تصلي علي النبي عليه الصلاه والسلام بعد انتهاء الاذان، ثم تقول: ( اللهم رب هذه الدعوه ) الي اخره، وفي اثناء الاذان اذا قال المءذن: (اشهد ان لا اله الا الله، اشهد ان محمدا رسول الله) واجبته، تقول بعد ذلك: رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا، وبالاسلام دينا؛ كما هو ظاهر روايه مسلم حيث قال: «من قال حين يسمع النداء: اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا رسول الله، رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا» . في روايه: ابن رمح -احد رجال الاسناد-: «من قال: وانا اشهد» ، وفي قوله: «وانا اشهد» دليل علي انه يقولها عقب قول المءذن: (اشهد ان لا اله الا الله)؛ لان (الواو) حرف عطف، فيعطف قوله علي قول المءذن. اذن فيه ذكر مشروع اثناء الاذان وهو ايش؟ طلبه: في الصلاه. الشيخ: لا، في اثناء الاذان: رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا، هذا بعد التشهدين، بعد الاذان الصلاه علي النبي صلي الله عليه وسلم، وقوله: ( اللهم رب هذه الدعوه التامه والصلاه القاءمه )، ( اللهم رب هذه الدعوه التامه )، ما هي ( الدعوه التامه )؟ طالب: الاذان. الشيخ: الاذان؛ لانه دعوه؛ حي علي الصلاه، حي علي الفلاح، ووصفها بـ(التامه)؛ لاشتمالها علي تعظيم الله وتوحيده، والشهاده بالرساله، والدعوه الي الخير، فهي جامعه بين التعظيم والتوحيد والدعوه الي الخير؛ ولهذا وصفها بانها تامه. وقوله: ( اللهم رب )، مر علينا –اظن عده مرات- اعراب ( اللهم )، وقلنا: انه منادي حذفت منه (يا) النداء، وعوض عنها (الميم)، وجعلت (الميم) بعد لفظ الجلاله تيمنا وتبركا بالابتداء بالجلاله، واختير لفظ (الميم) دون غيره من الحروف للدلاله علي الجمع كان الداعي يجمع قلبه علي ربه عز وجل، وعلي ما يريد ان يدعوه به. وقوله: ( رب هذه الدعوه التامه )، قد يقول قاءل: لماذا كانت (الله) بالضم، و(رب) بالفتح؟ نقول: لان (الله) علم منادي؛ فيبني علي الضم، و( رب ) مضاف، فيكون منصوبا؛ لان المنادي او ما وقع بدلا منه اذا كان مضافا فانه يكون منصوبا. وقوله: ( رب هذه الدعوه التامه )، ( رب ) ويش معني رب هنا؟ بمعني خالق، ولا بمعني صاحب، ولا ايش؟ طلبه: الثاني. طالب: مشرع هذه الدعوه. الشيخ: صاحب الدعوه، مشكله الداعي هو المءذن. طالب: يعني شرع الدعوه. طالب اخر: شارع الدعوه. الشيخ: الشارع. طالب: المسءول عن الدعوه. الشيخ: المسءول، من يسال الله؟ ما يستقيم المسءول عن الدعوه. عندنا الان رب بمعني: صاحب، ثانيا: رب بمعني: خالق، رب بمعني: شارع مشرع هذه الدعوه؛ اذن بمعني صاحب؛ يعني صاحبها الذي شرعها، كذا؟ نشوف الان، لو كانت (رب) بمعني (خالق)، اشكل علينا هذا؛ لان هذه الدعوه فيها اسماء الله عز وجل، وفيها كلمات ما هي من اسماء الله، اسماء الله تعالي غير مخلوقه؛ لانها من الكلام الذي اخبر به عن نفسه عز وجل، وكلامه غير مخلوق، لكن لو قال: انه خالق الدعوه باعتبار تلفظ المءذن بها فان لفظ الانسان مخلوق حتي وان لفظ بغير مخلوق، فان لفظه مخلوق، والملفوظ غير مخلوق؛ لان القران اذا تكلم به الانسان يكون لفظه وحركات لسانه وشفتيه وحنجرته هذه مخلوقه، لكن الملفوظ به هذا غير مخلوق. اذن اذا فسرنا (رب) بمعني خالق علي تقدير اللفظ الذي هو فعل المءذن، فهذا لا اشكال فيه. اذا قلنا بان (رب) ما تضاف الا لمخلوق فانه يرد علينا {سبحان ربك رب العزه عما يصفون} [الصافات: ١٨٠]، والعزه من صفات الله عز وجل، فهنا يتعين ان تكون {رب العزه} بمعني صاحب العزه، ولا يجوز ان تكون (رب) بمعني خالق. ( رب هذه الدعوه التامه والصلاه القاءمه )، هذه ( الصلاه القاءمه )، المشار اليه لا بد ان يكون محسوسا قابلا للاشاره، وايضا ( القاءمه ) هي الان لم تقم، فيقال: الاشاره الي ما تصوره الانسان في ذهنه؛ يعني عندما تسمع الاذان تتصور ان هناك ايش؟ صلاه. و( القاءمه ): قال العلماء: التي ستقام؛ فهي قاءمه باعتبار ما سيكون. قال: ( ات محمدا الوسيله والفضيله )، (ات) بمعني: اعط؛ وهي تنصب مفعولين ليس اصلهما المبتدا والخبر، المفعول الاول هنا ( محمدا ) و( الوسيله ) هي المفعول الثاني. ما الفرق بين ات وبين اءت؟ اءت بمعني؟ طلبه: تعال. الشيخ: لا؛ بمعني جء {ان اءت القوم الظالمين} [الشعراء: ١٠]؛ يعني: جءهم، واما ( ات ) فهي بمعني (اعط)، وكذلك (اتي) اي: اعطي، و(اتي) اي: جاء. قال: ( ات محمدا الوسيله ) ( محمد ) هو رسول الله صلوات الله وسلامه عليه القرشي الهاشمي خاتم النبيين كما قال الله تعالي: {ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} [الاحزاب: ٤٠]. فهو -صلي الله عليه وسلم- خاتم النبيين. يقول: (ات محمدا الوسيله والفضيله)، (الوسيله) : بينها الرسول عليه الصلاه والسلام انها «درجه في الجنه، لا ينبغي ان تكون الا لعبد من عباد الله» ، قال: «وارجو ان اكون انا هو» . ولهذا نحن ندعو الله له ليتحقق له ما رجاه صلي الله عليه وسلم. واما ( الفضيله )؛ فالفضيله هي المنقبه العاليه التي لا يشاركه فيها احد. طالب: اعراب الفضيله؟ الشيخ: معطوفه علي الوسيله. يقول: (ات محمدا الوسيله والفضيله، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) ، ابعثه متي؟ يوم القيامه، ( مقاما )؛ اي: في مقام محمود ( الذي وعدته )، وهذا المقام المحمود يشمل كل مواقف القيامه، واخص ذلك الشفاعه العظمي، حينما يلحق الناس من الكرب والغم في ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسون الف سنه مع ما فيه من الاهوال والشداءد والكرب يلحقهم امر لا يطيقونه، فيمضي الناس ويتساءلون: من يشفع لنا الي الله عز وجل يريحنا من هذا الموقف؟ فياتون الي ادم ويعتذر، والي نوح ويعتذر، والي ابراهيم ويعتذر، والي موسي ويعتذر، يذكر كل منهم ما يراه عذرا في عدم شفاعته، وياتون الي عيسي ولا يذكرون شيءا، لكن يقول: اذهبوا الي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تاخر، ثم ياتون الي النبي عليه الصلاه والسلام، فيسالونه ان يشفع الي الله؛ فيشفع. هذا مقام محمود؛ كون هءلاء الرسل والانبياء كلهم يعتذر عن الشفاعه، اما بما يراه عذرا كادم، ونوح، وابراهيم، وموسي، واما لانه يري ان في المقام من هو اولي منه، مثل من؟ طلبه: عيسي. الشيخ: مثل عيسي، وانظر كيف الهم الله الناس ان يذهبوا الي هءلاء؛ لان الاربعه الرسل هم اولو العزم، وادم ابو البشر، خلقه الله بيده، واسجد له ملاءكته، ثم انظر كيف يلهم الله هءلاء؟ ان كل واحد منهم يعتذر بما يري انه حاءل بينه وبين الشفاعه؛ لان الشفيع ليس له وجه يتقدم للشفاعه من اجله، الا اذا كان ليس بينه وبين المشفوع اليه شيء يخدش المقام، وهءلاء الاربعه كلهم ذكروا ما يخدش مقامهم بحسب ما يرونه لكمال تواضعهم وان كان كلهم تابوا من الذنوب؛ ان كانت ذنوبا بالنسبه لابراهيم عليه الصلاه والسلام. الخامس لم يذكر شيءا يخدش مقام الشفاعه عنده، ولكن ذكر من هو اولي منه بذلك؛ وهو محمد عليه الصلاه والسلام لتتم الكمالات لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فيشفع عند الله سبحانه وتعالي فياتي الله تعالي للقضاء بين عباده. وهذا من المقام المحمود الذي قال الله له فيه: {ومن الليل فتهجد به نافله لك عسي ان يبعثك ربك مقاما محمودا} [الاسراء: ٧٩]، هذه الدعوات، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «ان من صلي عليه، ثم سال الله له الوسيله؛ فانها تحل له الشفاعه يوم القيامه» . شفاعه النبي عليه الصلاه والسلام تحل له، ويكون مستحقا لها، وهذا لا شك انه من نعمه الله سبحانه وتعالي علينا وعلي الرسول عليه الصلاه والسلام؛ اما علينا فلما نناله من الاجر في هذا الدعاء، واما علي الرسول صلي الله عليه وسلم؛ فلان هذا مما يرفع ذكره؛ ان تكون امته الي يوم القيامه تدعو الله له. ولكن لو قال قاءل: اذا كانت الوسيله حاصله لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فما الفاءده من ان ندعو الله له بها؟ نقول: لعل من اسباب كونها له دعاء الناس له بذلك، وان كان هو -عليه الصلاه والسلام- احق الناس بها. في هذا الدعاء عده مساءل: المساله الاولي: ان النبي -صلي الله عليه وسلم- بشر، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا؛ وجهه: اننا امرنا بالدعاء له. ثانيا: ان الرسول -عليه الصلاه والسلام- افضل الخلق؛ لان الوسيله لا تحصل الا له خاصه، ومعلوم ان الجزاء علي قدر قيمه المجزي، {يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات} [المجادله: ١١]. وفيه ايضا: اشكال وهو قوله: ( ات محمدا الوسيله )، لماذا لم يشرع ان يقال: ( ات رسول الله الوسيله )، بل قيل: ( ات محمدا )؟ وكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالي: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: ٦٣]؛ علي احد التفسيرين في ان المعني لا تنادوه باسمه، كما ينادي بعضكم بعضا؟ طالب: شيخ؛ لان الرسول (...). الشيخ: لا. طالب: شيخ؛ لان هذا الدعاء هو النبي صلي الله عليه وسلم شرعه فوجب علينا اتباع (...). طالب اخر: في بيان افتقاره الي الله عز وجل. الشيخ: لا. طالب: (...) {لا تجعلوا دعاء الرسول} هذا في حياته. الشيخ: اي، لا. طالب: شيخ؛ لان قوله: ( محمدا ) يناسب المقام؛ لانه محمود في هذا المقام يوم القيامه. الشيخ: ما شاء الله، زين. طالب: شيخ؛ لان هذا ما دعيناه ندعو الله، ولا دعيناه لا خاطبناه، ولا دعيناه. الشيخ: يعني معناه اذن يفرق بين الخبر وبين الدعاء، ولا لا؟ بين الخبر وبين الدعاء؛ فمثلا عندما ندعوه؛ يعني هو طبعا في حياته، الان ما يمكن ندعوه الان، نقول: يا رسول الله، ما نقول: يا محمد؛ ولهذا لا يقول احد في خطاب الرسول عليه الصلاه والسلام: يا محمد، الا من الاعراب، الذين لم يعرفوا حدود ما انزل الله علي رسوله. اما في باب الاخبار فهذا لا باس به؛ قال الله تعالي: {ما كان محمد ابا احد من رجالكم} [الاحزاب: ٤٠] ونحن نقول ايضا: اللهم صل علي محمد وعلي ال محمد، ما نقول: اللهم صل علي رسول الله او نقولها؟ في مكانها لا نقولها؛ يعني في الصلاه علي النبي عليه الصلاه والسلام في التشهد ما نقول: اللهم صل علي رسول الله، نقول: اللهم صل علي محمد، لكن نقول: السلام عليك ايها النبي؛ لاننا امرنا بذلك. المهم علي كل حال، المدار في هذا علي ما علمنا اياه رسول الله صلي الله عليه وسلم، لما قال: ( ات محمدا الوسيله ) دون ات رسول الله، قلنا: هذا هو المشروع، ولا يعارض الايه، وفي الايه قول اخر: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: ٦٣]؛ انه من باب اضافه المصدر الي فاعله لا الي مفعوله، تصورتوا هذا؟ علي التقييد الاول دعاء الرسول من باب اضافه المصدر الي مفعوله؛ يعني دعاءكم الرسول، فيه قول اخر؛ انه من باب اضافه المصدر الي فاعله. طلبه: دعاء الرسول اياكم. الشيخ: يعني: دعاء الرسول اياكم؛ يعني لا تجعلوا دعاء الرسول اذا دعاكم كدعاء بعضكم بعضا، ان شءتم اجبتم، وان شءتم لم تجيبوا، بل يجب عليكم ان تجيبوا؛ ولهذا كان من خصاءص الرسول عليه الصلاه والسلام انه اذا نادي الانسان ولو في الصلاه وجبت اجابته. طالب: كلمه الزياده؟ الشيخ: اي نعم، الزياده: «انك لا تخلف الميعاد» ؛ هذه الزياده اختلف فيها المحدثون، هل هي ثابته او ليست بثابته؟ فمنهم من قال: انها غير ثابته لشذوذها؛ لان اكثر الذين رووا الحديث لم يردوا هذه الكلمه، قالوا: والمقام يقتضي الا تحذف؛ لانه مقام دعاء وثناء، وما كان علي هذا السبيل؛ فانه لا يجوز حذفه؛ لانه متعبد به. ومن العلماء من قال: ان سندها صحيح، وانها تقال؛ وقالوا: انها لا تنافي غيرها، وممن ذهب الي تصحيحها الشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: ان سندها صحيح، اخرجها البيهقي بسند صحيح. وقالوا ايضا: ان هذا مما يختم به الدعاء، كما قال الله تعالي: {ربنا واتنا ما وعدتنا علي رسلك ولا تخزنا يوم القيامه انك لا تخلف الميعاد} [ال عمران: ١٩٤]، فمن راي انها صحيحه فهي مشروعه في حقه، ومن راي انها شاذه ولا يعمل بها فحذفها، والمءلف -رحمه الله- واصحابنا يرون انها شاذه، ولا يسن. (...). الاذان والاقامه ما حكمهما؟ طالب: فرض كفايه. الشيخ: فرض كفايه ولا فرض عين؟ الطالب: فرض كفايه. الشيخ: الدليل؟ الطالب: الدليل قوله صلي الله عليه وسلم: «اذا حضرت الصلاه فليءذن لكم احدكم» . الشيخ: وجه الدلاله؟ طالب: وجه الدلاله انه قال: «احدكم» ، ولم يقل: فلتءذنوا وتقيموا، بل قال: «فليءذن لكم احدكم» .. الشيخ: والدليل علي الوجوب؟ الطالب: الدليل علي الوجوب قوله: «فليءذن لكم احدكم» . الشيخ: الدلاله في ايش؟ في اي شيء الدلاله؟ الطالب: في قوله: «فليءذن» . الشيخ: «فليءذن» ، ويش وجه الدلاله منها؟ الطالب: «فليءذن لكم احدكم» . الشيخ: ويش وجه الدلاله من كلمه: «فليءذن» . الطالب: وجه الدلاله انه لو لم يكن واجبا ما قال.. الشيخ: ما قال: «فليءذن» . الطالب: «فليءذن لكم احدكم» . الشيخ: لقال: فاذنوا. طالب: فاذنوا تصير الواجب علي الكل. طالب اخر: هذا امر ولا يصرف الامر عن الوجوب. الشيخ: وين الامر؟ طالب: «فليءذن» ، (اللام) لام الامر. الشيخ: اي صح؛ وجه الدلاله الامر المستفاد من (لام) الامر في قوله: «فليءذن لكم احدكم» . هل ورد الاذان علي صفات متعدده؟ طالب: ورد علي صفات متعدده. الشيخ: نعم. الطالب: منها خمسه عشره جمله، ومنها.. الشيخ: طيب ما موقفنا من هذه الوجوه المتعدده؟ الطالب: ناتي بها جميعا، بس عند اوقات مناسبه ان خشي فتنه فلنلتزم بما هو مشهور بين الناس، اما ان كان فيه مثلا مع طلبه علم ناتي بها جميعا. الشيخ: يعني اذن الافضل ان ناتي.. الطالب: بها جميعا. الشيخ: بكل وجه، ولا بها جميعا؟ الطالب: كل وقت بذكر مخصوص له. الشيخ: يعني بمعني نءذن اولا اذان بلال، ثم اذان ابي محذوره في ان واحد؟ الطالب: (...). الشيخ: يعني ناتي بها علي الوجوه الوارده، لكن ما هو جميعا، وما قيده به من خوف الفتنه هذا صحيح. يشترط للاذان شروط، منها؟ طالب: (...). الشيخ: لا، لصحه الاذان. الطالب: ان يكون عالما. الشيخ: كيف؟ الطالب: ان يكون خمس عشره جمله.. الشيخ: ما نقول: يكون علي الوجه الوارد؛ لانه قد يكون اكثر من هذا في الترجيع يكون سبع عشره. الطالب: علي الوجه الوارد (...) مع الوقت. الشيخ: وبعد الوقت. الطالب: كيف؟ الشيخ: وبعد الوقت هذا شرط. الطالب: نعم، ما يذهب بعد الوقت. الشيخ: طيب، هذان شرطان. الطالب: ان يكون عالما بالوقت. الشيخ: لا، واحنا يعني نقول: الاذان، ما هو شرط المءذن، شرط الاذان. الطالب: ان يكون علي المقيمين. الشيخ: ما هو شرط الوجوب يا شيخ، شرط الصحه. طالب: ست شروط؛ ان يكون مسلما. الشيخ: ما هو المءذن الاذان يا اخي؟ الطالب: الاذان ان يكون بعد الوقت. الشيخ: نعم. الطالب: وان يكون كما ورد. طالب اخر: ان يكون متواليا. الشيخ: متواليا. الطالب: وان يكون من ادمي. الشيخ: يعني اذان الديك ما يصح. طالب: ان يكون مرتبا ومتواليا، ولو (...). الشيخ: وعلي الصفه الوارده وبعد الوقت، هذه اربعه. طالب: وممن يجزء منه الاذان. الشيخ: لا، هذا شرط في المءذن، واذا اختل شرط في المءذن او في الاذان؛ ما صح الاذان، لكن نقول: الشروط اللي تعود الي الاذان نفسه، ما هو الي المءذن. الطالب: ان يكون الاذان يجزء اذانا. الشيخ: لا. طالب: الا يحيل المعني. الشيخ: نعم، الا يكون ملحونا لحنا يحيل المعني. طالب: الا يكون من مسجل (...). الشيخ: لا، هذه ممكن ناخذها من شروط المءذن. الطالب: (...). الشيخ: لا. طالب: الا يكون منفصلا. الشيخ: ويش معناه؟ الطالب: ان يكون منفصلا (...). الشيخ: لا، قلنا: متواليا؛ هذا معني (متواليا). طالب: (...). الشيخ: قلناه، خمسه شروط الان معنا. طالب: يكون بالعربيه. الشيخ: ان يكون بالعربيه. طالب: ان يكون من عل. الشيخ: هذا شرط المءذن. اذن سته شروط: ان يكون بالعربيه للقادر. طالب: علي الوجه الوارد (...). الشيخ: لا، اللي نحن نفهم علي الوجه الوارد غير هذا. طالب: (...). الشيخ: لا، يا اخي، نشوف اللي صح ان يكون من واحد. طالب: هذا في المءذن. الشيخ: في المءذن ان يكون واحدا. طلبه: في الاذان (...). طالب: (...). الشيخ: من واحد يصلح لهذا ولهذا، اما شروط المءذن؟ طالب: يكون صييتا امينا. الشيخ: لا، صييتا لا. الطالب: (...) ان يكون في الرجال. الشيخ: ذكرا مسلما عدلا ولو ظاهرا. الطالب: ان يءذن للصلوات الخمس. الشيخ: لا. طالب: مسلم، مكلف، اللي هو عاقل بالغ. الشيخ: اصبر، يشترط ان يكون بالغا. الطالب: لا، مميز يصح (...). الشيخ: نعم. الطالب: مسلم عاقل ذكر حر، واحد، عالما بالوقت. الشيخ: لا. الطالب: امينا. الشيخ: امينا. طالب: صيتا. الشيخ: ما هو شرط. طالب: عدل يا شيخ. طالب اخر: عالم بالاذان الوارد. الشيخ: عالم بالاذان الوارد، ما يغني عنه ان يكون الاذان علي صفه الوارد؟ الطالب: لا، علي الوجه الوارد. الشيخ: نشوف الان؛ مسلم، ذكر، عدل، مميز، عاقل، واحد، سته شروط. طالب: امينا. الشيخ: امينا، علي القول الراجح، المءلف ما يشترط ان يكون امينا. المءلف يقول: ( يسن لسامعه متابعته سرا ). ( لسامعه ) يشمل الانثي؟ طالب: نعم. الشيخ: يشمل الانثي، هل يشمل من كان في صلاه؟ الطالب: لا يشمل. الشيخ: لا يشمل، هل يشمل من كان يقرا القران؟ الطالب: يشمل. الشيخ: يشمله؟ الطالب: نعم. الشيخ: طيب هل يشمل من سمع النداء مره ثانيه؟ الطالب: لا. الشيخ: ما يشمل؟ الطالب: نعم، يشمل (...). الشيخ: يشمله؟ الطالب: نعم. الشيخ: هل يشمل من هو علي قضاء حاجته؟ الطالب: يشمله عام كلام المءلف عام. الشيخ: اي يشمله؛ اذن اذا اخذنا بعمومه، حل كلام العلماء ناخذه بعمومه، يشمل الانثي والصغير، ومن لا يجب عليه حضور الجماعه، ومن كان قد صلي، ومن سمعه ثانيه، ومن كان يصلي، ومن كان علي قضاء حاجته، ومن كان ياكل، ومن كان يشرب، ومن كان يتلو قرانا او يراجع، المهم انه عام في كل الاحوال، كذا ولا لا؟ بقينا اذا كان علي قضاء حاجته، قال اهل العلم: انه يستثني من ذلك؛ لان هذا المقام ليس مقام ذكر، والمصلي قالوا: يستثني من ذلك؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «ان في الصلاه لشغلا» ، وهو مشغول باذكار الصلاه. وقال شيخ الاسلام: بل يجيب المصلي المءذن؛ يجيب المءذن للعموم؛ ولانه ذكر وجد سببه في الصلاه، فكان مشروعا، كما لو عطس المصلي فانه يحمد الله. لكن قد يقال: ان بين حمد الله عند العطاس وبين اجابه المءذن فرقا، ما هو الفرق؟ طلبه: الطول. الشيخ: اي نعم، الطول واشغال المصلي اكثر؛ لان المصلي اذا كان سيتابع سوف يجعل باله الي المءذن، فينشغل انشغالا كثيرا في الصلاه، وربما يكون في اثناء قراءه الفاتحه فيخل فيها بالموالاه لغير سبب مشروع؛ فالراحج ان يقال: ان المصلي لا يجيب المءذن ايضا، والذي علي حاجته لا يجيب المءذن، ولكن هل يقضيانه ام لا؟ المشهور من المذهب انهما يقضيانه؛ لان السبب وجد، لكن وجد المانع فمنع، فاذا زال المانع ارتفع. ننتقل الي شروط الصلاه. طالب: الراجح (...). الشيخ: الراجح انه اذا قضي فلا حرج. طالب: (...) وبيقرا قرانا مثلا، لازم يتابع (...)؟ الشيخ: اي؛ يعني يقطع القران من اجل المتابعه. طالب: (...) يسمع المءذن هذا، ويسمع المءذن هذا (...)؟ الشيخ: لا، يبدا بالاول، يتابع الاول، اول من يسمع. الطالب: هو يتابع من نفسه وبعدين؟ الشيخ: كيف يتابع من نفسه؟ الطالب: يتابع نفسه؛ لانه ما يسمع خلاص تعداه بالسياره ماشي (...). الشيخ: اذا تعداه ينتقل للثاني. الطالب: كيف؟ الشيخ: كل ما بيروح بيتعداهم كلهم. علي كل حال ما دام يسمع يتبع، واذا لم يسمع سقط عنه. لو قال قاءل: ايهما افضل الاذان او القران؟ قلنا: لا شك ان القران افضل، ولكن كل ذكر في موضعه يكون فعله افضل من فعل الذكر الاخر، ما هو من الذكر الاخر، لاحظوا التعبير، ما نقول الاذان افضل من القران، نقول: اجابه المءذن افضل من قراءه القران، احنا بنقابل فعلا بفعل، ولا مفعولا بمفعول؟ الطلبه: فعل بفعل. الشيخ: فعل بفعل، فنقول: اجابه المءذن وقت الاذان افضل من قراءه القران؛ لان هذا وجد سببه، وقراءه القران ليست مءقته، اذا انتهي الانسان من اجابه المءذن؛ فانه يعود فيقرا القران. [باب شروط الصلاه] ثم قال المءلف: ( باب شروط الصلاه )، الشروط جمع (شرط)؛ وهو في اللغه: العلامه، ومنه قوله تعالي: {فهل ينظرون الا الساعه ان تاتيهم بغته فقد جاء اشراطها} [محمد: ١٨]. واما في الاصطلاح عند الاصوليين فيقولون: ان الشرط ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود. نقول: (ما يلزم) (ما) نافيه، ولا بمعني (الذي)؟ طلبه: (...). الشيخ: بمعني (الذي)؛ يعني الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود، هذا الشرط كالوضوء للصلاه مثلا؛ يلزم من عدمه عدم صحه الصلاه؛ لانه شرط لصحه الصلاه، ولا يلزم من وجوده وجود الصلاه، لو توضا الانسان ما هو لازم يصلي، لكن لو لم يتوضا وصلي لم تصح؛ عدمت الصحه، فهو الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود. وقوله: ( شروط الصلاه )، الاضافه هنا علي تقدير (في)؛ يعني الشروط في الصلاه، ويجوز ان تكون علي تقدير (اللام)، يعني الشروط للصلاه؛ وذلك لان الاضافه تاره تكون علي تقدير (في)، وتاره تكون علي تقدير (من)، وتاره تكون علي تقدير (اللام)، والاكثر علي تقدير (اللام)، وقد تكون علي تقدير (من) متي؟ اذا كان الثاني جنسا للاول، مثل: خاتم حديد؛ اي؟ طلبه: من حديد. الشيخ: باب ساج، علي تقدير (من)، وتكون علي تقدير ( في ) اذا كان الثاني ظرفا للاول؛ كقوله تعالي: {بل مكر الليل والنهار} [سبا: ٣٣]، اي؟ طلبه: في الليل. الشيخ: في الليل، وما عدا ذلك تكون علي تقدير (اللام). هنا ( شروط الصلاه )، هل معني شروط في الصلاه يعني شروط المعتبره فيها او شروط للصلاه؛ اي لصحتها؟ نقول: يجوز الوجهان. وقبل ان ندخل الشروط اعترض بعض الناس علي الفقهاء في كونهم يقولون: شروط، واركان، وواجبات، وفروض، ومفسدات، وموانع، وما اشبه ذلك، وقالوا في اعتراضهم: اين الدليل من الكتاب والسنه علي هذه الشروط؟ هل الرسول صلي الله عليه وسلم قال: ان شروط الصلاه كذا، ان اركانها كذا، ان واجباتها كذا، ان مفسداتها كذا؟ فان قلتم: نعم، قال: فارونا اياها، وان قلتم: لا، فلماذا تحدثون ما لم يفعله الرسول عليه الصلاه والسلام؟ والجواب علي هذا ان يقال: ان مثل هذا الايراد دليل علي قله فهم مورده، وانه لا يفرق بين الغايه والوسيله؛ فالعلماء لما جاءوا بالشروط والاركان والواجبات والموانع والمفسدات، وما اشبهها ما اتوا بشيء زاءد علي الشرع؛ غايه ما هنالك انهم صنفوا ما دل عليه الشرع؛ ليكون ذلك اقرب الي حصر العلوم وجمعها، وبالتالي الي فهمها. فهم يصنعون هذا لا تعبدا بذلك ولا زياده علي شريعه الله، وانما تقريبا للشريعه، والوساءل لها احكام المقاصد، كما ان المسلمين ما زالوا -والي الان- يبنون المدارس، ويءلفون الكتب وينسخونها، وحدث في الازمنه الاخيره مطابع تطبع. لو قال قاءل: ليش تدخل كتابك المطبعه؟ الناس يكتبون بايديهم في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، ليش تكتب انت بالمطبعه؟ ليش اذا اعطاك واحد كتاب تبغي تنقله تروح تعطيه للمصور يصوره؟ لماذا لا تكتبه انت؟ هذا النقل اللي كان معروف عند السلف؟ ماذا نقول؟ نقول -كما قلنا قبل-: هذه وساءل يسرها الله -عز وجل- للعباد لتقرب اليهم العلوم، والعلماء -والحمد لله- ما زادوا علي شريعه الله، ولا نقصوا منها، وغايه ما يكون انهم بوبوها؛ فمثلا اذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاه بغير طهور» ، كل يفهم الان انه اذا صلي بغير طهور فصلاته؟ الطلبه: باطله. الشيخ: باطله؛ اذن الطهور شرط لصحه الصلاه، لا فرق بين ان اقول: يشترط لصحه الصلاه ان يتطهر الانسان، فان لم يتطهر فلا صلاه له، اليس كذلك؟ الطلبه: بلا. الشيخ: ما زدنا الان. صلي انسان في المقبره، قلنا: صلاتك فاسده؛ من مبطلات الصلاه ان يصليها الانسان في المقبره، الرسول قال كذا، قال: من مبطلات الصلاه ان يصليها الانسان في المقبره؟ ما قاله، لكن قال: «الارض كلها مسجد الا المقبره والحمام» ؛ اذن نعرف لو صلي الانسان في المقبره؟ طالب: صلاته باطله. الشيخ: صلاته باطله، وحينءذ نقول: لا اعتراض علي صنيع الفقهاء -رحمهم الله- في هذا، بل هذا من الصنع الذي يشكرون عليه؛ لما فيه من تقريب شريعه الله لعباد الله. شروط الصلاه يقول المءلف: ( شروطها قبلها )؛ يعني شروطها ما يجب قبلها، ولا تصح الا به. الاركان توافق الشروط في ان الصلاه لا تصح الا بها، لكن تخالفها في ان الشروط قبلها، هذا واحد، وثانيا: ان الشروط مستمره من قبل الدخول الي اخر الصلاه، والاركان، ينتقل من ركن الي ركن؛ القيام الركوع الرفع منه، السجود الجلوس، وهكذا؛ فهذا هو الفرق. ثالثا -الفرق الثالث-: الاركان تتركب منها ماهيه الصلاه بخلاف الشروط، فستر العوره مثلا بالثوب، الثوب ما تتركب منه ماهيه الصلاه، لكن لا بد في الصلاه منه؛ فهذه فروق كم؟ طلبه: ثلاثه. الشيخ: ثلاثه بين الشروط والاركان، تتفق في ايش؟ في ان الصلاه لا تصح الا بها، وتختلف في هذه الامور الثلاثه. قال: ( شروطها قبلها منها الوقت ) ( من ) هذه للتبعيض؛ وهو يدل -يعني هذا التعبير- علي ان هناك شروطا اخر، وهو كذلك؛ فمنها الوقت والاسلام شرط ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: العقل، التمييز شرط، هذه ثلاثه شروط، لم يذكرها المءلف رحمه الله، لماذا؟ لان هذه الشروط معروفه للناس، كل عباده ما تصح الا باسلام وعقل وتمييز الا الزكاه؛ فقد سبق انها تلزم المجنون والصغير علي القول الراجح. منها: الوقت؛ الدليل علي اشتراط الوقت؛ قوله تعالي: {فاذا اطماننتم فاقيموا الصلاه ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣]، الشاهد؟ طلبه: {موقوتا} . الشيخ: {موقوتا} مءقته بوقت. واما الادله من السنه فكثيره؛ قال النبي عليه الصلاه والسلام: «وقت الظهر اذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر» ، والادله كثيره شهيره. اذن الوقت لا تصح الصلاه قبل الوقت باجماع المسلمين؛ فان صلي قبل الوقت، فان كان متعمدا فصلاته باطله، ولا يسلم من الاثم، وان كان غير متعمد لظنه ان الوقت قد دخل، فليس باثم، وصلاته نفل، ولكن عليه الاعاده؛ لان من شروط الصلاه الوقت. المءلف يقول: ( منها الوقت )، وهذا التعبير فيه تساهل؛ لان الوقت ليس بشرط؛ الشرط دخول الوقت؛ لاننا لو قلنا: ان الشرط هو الوقت، لزم الا تصح قبله ولا بعده، ومعلوم انها تصح بعد الوقت؛ قال النبي عليه الصلاه والسلام: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، وثبت عنه انه صلي الفجر بعد طلوع الشمس . فاذن يكون تحرير العباره ان يقال: ( منها دخول الوقت ). قلت انا: انها لا تصح قبل الوقت بالاجماع، وهل تصح بعده؟ ان كان الانسان معذورا؛ فانها تصح بالنص والاجماع؛ اما بالنص: فبالقران والسنه، واما الاجماع فمعلوم. هل في القران ما يدل علي ان الصلاه تصح بعد الوقت للمعذور؟ طالب: {فاذا اطماننتم} [النساء: ١٠٣]. طالب اخر: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. الشيخ: لا، لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» تلا: « {واقم الصلاه لذكري} » . وتلاوته للايه استشهاد بها، والسنه كما علمتم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» . هل تصح بعده مع عدم العذر؟ جمهور اهل العلم علي انها تصح بعده مع الاثم. والصحيح: انها لا تصح بعده اذا لم يكن عذر، وان من تعمد الصلاه بعد خروج الوقت فان صلاته لا تصح، لو صلي الف مره؛ لان الله حدد من كذا الي كذا، اذا تعمدت ان يكون خارج الوقت هل اتيت بامر الله؟ لا، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، اذن فتكون الصلاه مردوده. قد يشكل علي بعض الطلبه يقول: كيف اذا كان معذورا تلزمونه بان يصلي بعد الوقت، واذا تعمد تقولون: لا تصل!! ايش لونه هذا؟ المتعمد يلزم بالصلاه من باب اولي، فيقال: اننا لا نقول: انك لا تقضي بعد الوقت تخفيفا عليه، ولكن ردا لفعله؛ لانه علي غير حدود الله، ونقول: هذا اثم، والذي صلي وهو معذور بعد الوقت غير اثم، واما هذا فاثم. اذن عليه ان يتوب الي الله عز وجل، ويصلح العمل. قال: (و) منها (الطهاره من الحدث) ، الطهاره من الحدث ايضا من شروط الصلاه؛ دليل ذلك من القران والسنه؛ من القران قال الله تعالي: {يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الي الصلاه فاغسلوا وجوهكم} الي قوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [الماءده: ٦]. وجه الدلاله: ان الله امر بالوضوء من الحدث الاصغر، والغسل من الجنابه، والتيمم عند العدم، وبين ان الحكمه من ذلك التطهير. اذن الانسان قبل ذلك غير طاهر، ومن كان غير طاهر فانه غير لاءق ان يكون قاءما بين يدي الله عز وجل، اما السنه فقال النبي عليه الصلاه والسلام: «لا يقبل الله صلاه احدكم اذا احدث حتي يتوضا» ، وهذا نص صريح وقال: «لا صلاه بغير طهور» . هذا الطهاره من الحدث، واما الطهاره من النجس فسياتي -ان شاء الله- في كلام المءلف شرطا مستقلا (...). *** طالب: باب شروط الصلاه شروطها قبلها؛ منها: الوقت، والطهاره من الحدث، والنجس. فوقت الظهر من الزوال الي مساواه الشيء فيءه بعد فيء الزوال، وتعجيلها افضل الا في شده الحر، ولو صلي وحده او مع غيم لمن يصلي جماعه، ويليه وقت العصر الي مصير الفيء مثليه بعد فء الزوال والضروره الي غروبها، ويسن تعجيلها، ويليه وقت المغرب الي مغيب الحمره، ويسن تعجيلها الا ليله جمع لمن قصدها محرما، ويليه وقت العشاء الي الفجر الثاني وهو البياض المعترض، وتاخيرها الي ثلث الليل افضل ان سهل، ويليه وقت الفجر الي طلوع الشمس وتعجيلها افضل. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان شروط الصلاه قبلها؛ منها: الوقت، وقلنا: ان تعبير المءلف هذا فيه تسامح؟ طالب: اي نعم، فيه تسامح؛ لان الشرط هو دخول الوقت. الشيخ: هو دخول الوقت لا الوقت، ما الفرق بين العبارتين؟ طالب: بين الوقت ودخول الوقت؟ الشيخ: نعم. الطالب: يعني الوقت.. الشيخ: اذا قلنا: من شروطها الوقت، او من شروطها دخول الوقت. الطالب: يعني من شروطها الوقت؛ يعني لازم يجي الوقت كله، ثم يصلي. طالب اخر: نعم، اذا قلنا الوقت فانه يلزم من قول المءلف هذا اللفظ.. الشيخ: من قولنا: اذا قلنا الوقت. الطالب: نعم، اللفظ، لا قبل الوقت ولا بعده، وهي تصح بعد الوقت. الشيخ: وهي تصح بعد الوقت، واذا قلنا: دخول الوقت؟ الطالب: صارت تصح. الشيخ: صارت لا تصح قبله، وتصح فيه وبعده، واضح الفرق؟ طالب: المعني ما هو واضح. الشيخ: اذا قلنا: من شرطها الوقت، معناه انها لا تصح الا في الوقت، فلا تصح بعده، مع انها تصح بعده: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، واذا قلنا: دخول الوقت صارت لا تصح قبله، وتصح فيه وبعده، واضح؟ الدليل علي اشتراط الوقت لصحه الصلاه او دخول الوقت؟ طالب: قول الله سبحانه وتعالي: {ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣]. الشيخ: نعم، والسنه؟ الطالب: ومن السنه حديث جابر ان جبريل عليه السلام جاء الي النبي صلي الله عليه وسلم في مكه وعلمه المواقيت (...)؛ الظهر والعصر حتي قال: ذلك لليوم القادم وقال: صلاتنا بين هذين الوقتين . الشيخ: احسنت، وكذلك حديث اخر؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «وقت الظهر اذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر» . الشيخ: وذكر بقيه الحديث؛ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. الحكمه من توقيت الصلاه بهذه المواقيت الخمسه؟ طالب: نظرا لاهميتها وحث المسلم علي المحافظه عليها، وبيان اهميه هذه الصلاه وعظمتها، وكونها اذا فعلت بعد الوقت يعني لا تقبل منه. الشيخ: هذا اظن ما ذكرناه؟ طلبه: ما ذكرناه. الشيخ: ما ذكرناه، نذكره الان ان شاء الله. طالب: مذكور يا شيخ. طالب اخر: ما ذكر. الشيخ: ما يخالف، دقيقه. اشترط المءلف ايضا الطهاره من الحدث الدليل، ما هو الدليل؟ طالب: علي ماذا؟ الشيخ: علي اشتراط الطهاره من الحدث؟ الطالب: الدليل قول النبي عليه الصلاه.. الشيخ: من القران والسنه؟ الطالب: من القران قوله تعالي: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤]. الشيخ: لا. طالب: شيخ، نعم قول الله تعالي.. الشيخ: خلاص. طالب: قول الله تعالي: {يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الي الصلاه فاغسلوا وجوهكم } الي ان قال: {ولكن يريد ليطهركم} [الماءده: ٦]. الشيخ: زين قوله تعالي: {يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الي الصلاه فاغسلوا وجوهكم} [الماءده: ٦] الايه طيب من السنه؟ طالب: من السنه قوله صلي الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاه احدكم اذا احدث حتي يتوضا» . الشيخ: احسنت، منها ايضا: الطهاره من النجاسه، وهذا لم نقراه. ( الطهاره من النجس ) شرط. طالب: الحكمه (...). الشيخ: نذكرها بالمواقيت. من النجس ( الطهاره من النجس ) تقدم لنا -في باب ازاله النجاسه– ما هي الاعيان النجسه؟ اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: اذن لا بد ان نستذكر ما مضي في باب ازاله النجاسه لنعرف ما هي الاشياء النجسه. والطهاره من النجس؛ في الثوب، والبقعه، والبدن، ثلاثه اشياء، الدليل علي اشتراط الطهاره من النجاسه في الثوب: ما جاء في احاديث الحيض؛ ان الرسول صلي الله عليه وسلم سءل عن دم الحيض يصيب الثوب، فامر ان «تحته، ثم تقرصه، ثم تنضحه بالماء، ثم تصلي فيه» ، وهذا دليل علي انه لا بد من ازاله النجاسه. ثانيا: ان الرسول صلي الله عليه وسلم اتي بصبي لم ياكل الطعام؛ فبال في حجره، فدعا بماء فاتبعه اياه . وهذا فعل، والفعل لا يقوي علي القول بالوجوب، لكن يءيده ما جاء في حديث الحيض السابق. ودليل ثالث: ان الرسول صلي الله عليه وسلم صلي ذات يوم بنعليه، ثم خلع نعاله، فخلع الصحابه نعالهم، فسالهم حين انصرف من الصلاه: لماذا خلعوا نعالهم؟ فقالوا: رايناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «ان جبريل اتاني فاخبرني ان فيهما اذي او قذرا» ، وهذا يدل علي وجوب التخلي من النجاسه حال الصلاه في الثوب. في البدن: كل احاديث الاستنجاء والاستجمار تدل علي وجوب الطهاره من النجاسه؛ لان الاستنجاء او الاستجمار تطهير للمحل الذي اصابته النجاسه، وكذلك امر النبي صلي الله عليه وسلم بغسل المذي يدل علي انه يشترط التخلي من النجاسه. والدليل الثالث: اخباره عن الرجلين اللذين يعذبان في قبريهما؛ بان احدهما كان لا يستنزه من البول ؛ فهذه ادله علي وجوب اجتناب النجاسه في البدن. في المكان: قال الله تعالي: {وعهدنا الي ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطاءفين والعاكفين والركع السجود} [البقره: ١٢٥]، هذا دليل. ولما بال الاعرابي في طاءفه المسجد؛ امر النبي صلي الله عليه وسلم بماذا؟ بذنوب من ماء فاريق عليه . اذن فلا بد من اجتناب النجاسه في هذه المواطن الثلاثه، وسياتي -ان شاء الله تعالي- الكلام علي اجتناب النجاسه مفصلا في كلام المءلف. الطهاره من الحدث، والطهاره من النجس، [باب مواقيت الصلاه] ثم شرع المءلف -رحمه الله- في بيان اوقات الصلاه تفصيلا، فقال: ( فوقت الظهر من الزوال )، بدا بها المءلف؛ لان جبريل بدا بها حين ام النبي صلي الله عليه وسلم، وبعض العلماء يبدا بالفجر؛ لانها اول صلاه النهار؛ ولانها هي التي يتحقق بالبداءه بها ان تكون صلاه العصر الوسطي، والخطب في هذا سهل؛ يعني سواء بدانا بالظهر او بدانا بالفجر، المهم ان نعرف الاوقات، قال: ( فوقت الظهر من الزوال الي مساواه الشيء فيءه ) اي: ظله ( بعد فيء الزوال ). يقول بعض اهل اللغه: الفيء هو الظل بعد الزوال، واما قبله فيسمي ظلا، ولا يسمي فيءا، وما قالوه له وجه؛ لان الفيء ماخوذ من فاء يفيء، كان الظل رجع بعد ان كان ضياء، اما الذي لم يزل موجودا فلا يسمي فيءا؛ لانه لم يزل مظلما؛ فمثلا في هذا الوقت نجد ان الجهه الجنوبيه مما له جسم وهي الشماليه في الواقع؛ جهه الشمال عنه، نجدها داءما ظلالا، اليس كذلك؟ هذا لا يسمي فيءا، لكن اذا وجدنا ان الشمس اضاءت علي هذا المكان، ثم بعد زوالها صار الظل نسمي هذا فيءا. اذن ( مساواه الشيء فيءه بعد فيء الزوال )، وذلك ان الشمس اذا طلعت صار للشاخص ظل نحو المغرب او لا؟ الشاخص الشيء المرتفع ظل نحو المغرب، ثم لا يزال هذا الظل ينقص بقدر ارتفاع الشمس في الافق حتي يتوقف عن النقص، فاذا توقف عن النقص، ثم زاد بعد توقف النقص ولو شعره واحده فهذا هو الزوال؛ يعني فاذا اردت ان تعرف الزوال فضع شيءا شاخصا، ثم راقبه تجده كلما ارتفعت الشمس نقص، فما دام ينقص فالشمس لم تزل، فاذا زاد ادني زياده فقد زالت الشمس، وحينءذ يكون وقت الظهر قد دخل. يقول المءلف: ( بعد فيء الزوال )؛ يعني: ان الظل الذي زالت عليه الشمس لا يحسب، ففي وقتنا الان حين كانت الشمس تميل الي الجنوب لا بد ان يكون هناك ظل داءم لكل شاخص من الناحيه الشماليه له، هذا الظل لا تعتبره، شوف نقص الظل، فاذا بدا يزيد فضع علامه علي ابتدا زيادته، ثم اذا امتد الظل من هذه العلامه بقدر طول الشاخص، فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر، ولا فرق بين كون الشاخص طويلا او قصيرا، لكن تبين الزياده في الظل والنقص فيما اذا كان طويلا اظهر؛ يعني يبين اكثر اذا كان طويلا عرفنا الان، ولا لا؟ كيف عرفنا؟ قلنا: ضع شاخصا؛ يعني عصا، اذا وضعته فانه يكون له ظل، هذا الظل كلما ارتفعت الشمس نقص، ما دام ينقص فالشمس لم تزل، فاذا زاد ادني زياده فقد زالت الشمس حينءذ يدخل وقت الظهر، الي متي؟ قلنا: ضع علامه علي ابتداء الزياده، ثم راقب الظل، اذا بلغ الي حد يساوي هذا الشاخص من العلامه فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر. اما علامه الزوال بالساعه فاقسم ما بين طلوع الشمس الي غروبها نصفين، اقسمه نصفين، وهذا هو الزوال، فاذا قدرنا ان الشمس تطلع في الساعه السادسه، وتغيب في الساعه السادسه، فالزوال؟ طلبه: الثانيه عشره. الشيخ: الثانيه عشره، واذا كانت تخرج في الساعه السابعه، وتغيب في الساعه السابعه؟ طلبه: الساعه واحده. طلبه اخرون: عشره ونصف. الشيخ: الساعه واحده. طالب: عشره ونصف يا شيخ؛ لان هذا نصف الوقت. طلبه: واحده. الشيخ: اصبر (...)، الساعه السابعه، كم باقي معنا؟ طلبه: خمس. الشيخ: خمس ساعات، وسبع؟ طالب: اثنتا عشره. الشيخ: اثنتا عشره او لا؟ اضف ست الي سبع، ثلاث عشره كم هذه الثلاث عشره. الطلبه: واحده. الشيخ: واحده اي نعم، هذه العلامه بالساعه، لكن العلامه بالشمس هو ما ذكر. نذكر -ان شاء الله- الدليل في الاخر. قال: ( وتعجيلها افضل )، تعجيل صلاه الظهر افضل؛ لانه اولا: لقوله تعالي: {فاستبقوا الخيرات} [البقره: ١٤٨]؛ يعني: اسبقوا اليها، ولا شك ان الصلاه من الخيرات، فالاستباق اليها معناه المبادره؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم حث علي البداءه بالصلاه من حين الوقت؛ فساله ابن مسعود: اي العمل احب الي الله؟ قال النبي صلي الله عليه وسلم: «الصلاه علي وقتها» . هي احب الاعمال الي الله، وان كان بعض العلماء يقول: علي وقتها؛ يعني: المقدر شرعا، ونحن نقول: حتي علي هذا القول، فان التعجيل بالصلاه افضل. ثانيا: نقول هذا اسرع في ابراء الذمه؛ لان الانسان لا يدري ما يعرض له، قد يكون في اول الوقت نشيطا قادرا تسهل عليه العباده، ثم يمرض، وتصعب عليه الصلاه، وربما يموت، فهذا اسرع في ابراء الذمه، وما كان اسرع في ابراء الذمه؛ فهو اولي، فيكون تعجيلها افضل دل عليه الدليل الاثري والنظري. قال: ( الا في شده حر )، ففي شده الحر الافضل تاخيرها لثبوت ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله: «اذا اشتد الحر فابردوا بالصلاه؛ فان شده الحر من فيح جهنم» ، فالافضل تاخيرها؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم كان في غزوه فاراد المءذن ان يءذن، فقال: «ابرد». ثم اراد ان يءذن، فقال: «ابرد»، ثم اراد ان يءذن، فقال: «ابرد»، ثم اراد ان يءذن فاذن له لما ساوي التل ظله اذن له ؛ يعني: قرب صلاه العصر؛ لانه اذا ساوي ظله؛ ما بقي يسقط من هذا الظل الا فيء الزوال، وفيء الزوال في ايام الصيف وشده الحر طويل ولا قصير؟ طلبه: قصير. الشيخ: قصير جدا، ويش ما ادري والله عند بعضكم ما تعرفون هذا الشيء؟ طالب: ما نعرف. الشيخ: فيء الزوال، انا قلت لكم: انه لا بد يكون ظل من الجهه الشماليه للشاخص؛ لان الشمس جنوب، اذا كانت جنوبا لازم يكون هناك ظل حتي لو ما زالت الشمس؛ لانها تمشي من وراء مثلا انا الان الجنوب خلف ظهري تمشي من وراءي، لا بد ان يكون ظل بين يدي، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: هذا يسمي فيء الزوال، هذا ما يعتبر شيءا؛ فقوله في الحديث الذي رواه البخاري: «حتي ساوي التل ظله» ؛ يعني معناه ان فيء الزوال ما حسب؛ لانه لو حسب فيء الزوال كان يخرج وقت الظهر. علي كل حال امره ان يبرد حتي صار الظل بقدر الشاخص، لكن مضافا اليه فيء الزوال، ثم صلي فينبغي في شده الحر الابراد الي هذا الوقت؛ يعني: الي قرب صلاه العصر. وقال بعض العلماء: بل حتي يكون للشواخص ظل يستظل به، ولكن هذا ليس بمنضبط؛ لانه اذا كان البناء عاليا وجد الظل الذي يستظل به قريبا، واذا كان نازلا فانه بالعكس متي يكون للناس ظل يمشون فيه؟! علي كل حال، اصح شيء ان نقول: ان يكون ظل الشيء مثله، لكن مضافا اليه فيء الزوال؛ يعني: انه قرب صلاه العصر، وهذا هو الذي يحصل به الابراد، اما ما كان الناس يعتادونه من قبل، بعد زوال الشمس بنحو نصف ساعه وبعضهم بنحو ساعه، ثم يقول: هذا ابراد. نقول: هذا ليس ابرادا، هذا؟ طلبه: شده الحر. الشيخ: اي نعم، هذا احرار، ليش؟ لانه معروف ان الحر اشد ما يكون بعد الزوال بنحو؟ طلبه: ساعه. الشيخ: بنحو ساعه، هذا اشد ما يكون، حر الجو ما هو حر الشمس، فاذن نقول: هذا ليس بابراد، فاذا قدرنا مثلا ان الشمس في ايام الصيف تزول علي اثنتي عشره، وان العصر علي اربعه ونصف تقريبا اظن، ولنفرض هذا ما يخالف فرضا، يكون الابراد الي متي؟ طلبه: الي اربعه. الشيخ: الي اربعه تقريبا، اربع ساعات ما هو ساعتين، ما هو ساعه ونصف ساعه. يقول: ( الا في شده الحر ) قال: ( ولو صلي وحده )، ( لو ): اشاره خلاف؛ لان بعض العلماء يقول: ان الابراد انما هو لمن يصلي جماعه، وزاد بعضهم: اذا كان منزله بعيدا بحيث يتضرر بالذهاب الي الصلاه. افهمتم الان؟ فيه قيدان؛ بعضهم يقول: الابراد لمن يصلي جماعه مطلقا، بعضهم يقول: لمن يصلي جماعه اذا كان منزله بعيدا؛ يعني اذا كانت المنازل بعيده عن المسجد، وكل هذا قيد لما اطلقه الشارع، النبي عليه الصلاه والسلام قال: «اذا اشتد الحر فابردوا بالصلاه»، والخطاب للجميع، وليس من حقنا ان نقيد ما اطلقه الشارع، ولم يعلل الرسول عليه الصلاه والسلام ذلك بانه لمشقه الذهاب الي الصلاه قال: «شده الحر من فيح جهنم» ، وهذا يحصل لمن يصلي جماعه، ولمن يصلي وحده، وهل يدخل في ذلك النساء؟ طلبه: نعم. الشيخ: نعم، يدخل في ذلك النساء؛ فانه يسن لهن الابراد في صلاه الظهر في شده الحر. يقول: ( او مع غيم لمن يصلي جماعه )، هل قوله: ( او مع غيم ) داخل تحت قوله: ( لو )؟ او هي مساله مستقله؟ طلبه: مساله مستقله. الشيخ: هذه مساله مستقله؛ لان الغالب ان الغيوم تاتي في ايام الشتاء ما هي بشديده الحر، وحينءذ فلا تكون داخله تحت قوله: ( لو )؛ يعني الا في شده الحر، والا مع غيم لمن يصلي جماعه، فالافضل التاخير، فاذا كان غيم فانه يسن تاخيرها لمن يصلي جماعه في المسجد، لماذا؟ قالوا: من اجل ان يخرج الناس الي صلاه الظهر والعصر خروجا واحدا؛ لان الغالب اذا كان غيم ان يحصل مطر، واذا كان كذلك فلا ينبغي ان نشق علي الناس، بل ننتظر، فاذا قارب العصر بحيث يخرج الناس من بيوتهم الي المساجد خروجا واحدا لصلاه الظهر والعصر فاننا نءخرها، هذا ما ذهب اليه المءلف، والعله فيه كما سمعتم. ولكن هذه العله عليله من وجهين: الوجه الاول: انها مخالفه لعموم الادله الداله علي فضيله اول الوقت. الشيء الثاني: انه قد يحصل الغيم، ولا يحصل المطر، وهذا كثير، تحصل غيوم عظيمه ويتلبد الجو بالغمام، ومع ذلك لا تمطر، اليس هكذا؟ طلبه: بلي. الشيخ: واذا كان الامر كذلك فنقول: مع الغيم لو قدرنا في شده الحر يمكن نقول: لا تبردوا؛ لان الغيم يمنع حراره الشمس؛ فاذن هي عليله من جهه مخالفتها لعموم الادله الداله علي فضيله اول الوقت. وثانيا: انها تتخلف كثيرا، وليس هذا امرا مسلما كلما جاء الغيم جاء المطر، اذن فالصواب: عدم استثناء هذه الصوره، وان صلاه الظهر يسن تقديمها الا في شده الحر فقط، وما عدا ذلك فالافضل ان تكون في اول الوقت. قال: ( ويليه وقت العصر )، ( يليه ) يلي وقت الظهر وقت العصر، واستفدنا من قول المءلف: ( يليه ) انه لا فاصل بين الوقتين، كذا؟ طلبه: نعم. الشيخ: اذ لو كان هناك فاصل لم يكن موالاه، وانه لا اشتراك بين الوقتين؛ اذ لو كان اشتراك لدخل وقت العصر قبل خروج وقت الظهر، وبكل من القولين قال بعض العلماء: ان هناك فاصلا بين وقت الظهر ووقت العصر لكنه يسير، وقال اخرون: هناك وقت مشترك بقدر اربع ركعات بين الظهر والعصر. والصحيح: انه لا اشتراك، ولا انفصال، لكن اذا خرج وقت الظهر دخل وقت العصر . قال: (الي مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال والضروره الي غروبها، ويسن تعجيلها) ، (الي مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال) احنا قلنا: فيء الزوال يحتسب ولا لا؟ طلبه: لا. طلبه اخرون: ما يحسب. الشيخ: ما يحسب، ابدا منه، اذا صار الظل طول الشاخص، ويش يحصل؟ طلبه: نهايه وقت الظهر. الشيخ: نهايه وقت الظهر، ودخول وقت العصر؛ اذا كان طول الشاخص مرتين؟ طلبه: نهايه وقت العصر. الشيخ: نهايه وقت العصر، اي الوقتين اطول؟ طلبه: كلاهما. طلبه اخرون: العصر.. الاول.. الشيخ: لا الظهر.. احنا الان حددنا الظهر من فيء الزوال الي مثله، العصر الي مثليه، الظهر اطول بكثير؛ لان الظل في اخر النهار اسرع، كلما دنت الشمس من الغروب كان الظل اسرع؛ يعني تكاد تقول: الفرق الثلث، وهو كذلك وقت الظهر طويل بالنسبه لوقت العصر، لكن وقت الضروره الي غروب الشمس، هذا ربما يكون طويلا. لننظر بالتوقيت الغروبي؛ التوقيت الغروبي في اطول يوم من السنه، يءذن الظهر الساعه خمس وسبع دقاءق تقريبا، وخليها خمسه وخمسه، ويءذن العصر ثمان ونصف وخمسه، كم الوقت؟ طلبه: ثلاث ساعات ونصف. الشيخ: ثلاث ساعات ونصف. من ثمان ونصف وخمسه الي الغروب؟ طلبه: اربع ساعات وخمس وعشرين دقيقه. الشيخ: اربع ساعات وخمس وعشرين دقيقه، اذن وقت الظهر اطول؟ طلبه: بثلاث ساعات. الشيخ: ثلاث ساعات؟ طالب: وخمس وعشرين دقيقه. الشيخ: وخمس وعشرين دقيقه، وهناك كم قلنا؟ طالب: ثلاثه ونصف. الشيخ: ثلاث ساعات ونصف؛ اذن وقت الظهر اطول حتي الي الغروب؛ يعني اطول من وقت العصر حتي ولو كان وقت ضروره، شوف الفرق الان. المءلف الان حدد وقت العصر بماذا؟ (بمصير ظل كل شيء مثليه بعد فيء الزوال) . ثم قال: ( والضروره الي غروبها )؛ يعني وقت الضروره الي غروبها، هل نقول: الضروره ولا الضروره؟ طالب: الثاني افضل. الشيخ: وما يلي المضاف ياتي خلفـــــا عنه في الاعراب اذا ما حذفا وربما جروا الذي ابقــــــوا كمـــــــــــا لو كان قبل حذف ما تقدما (ربما) لكن بشرط؛ الشرط لا يتحقق هنا، فاذن نقول: الضروره الي غروبها.. "},{"Id":1696,"Name":"02 كتاب الصلاة 06","Sort":28,"Version":0,"LessonText":"

يعني: وقت الضرورة إلى غروبها، هل نقول: الضرورةُ ولَّا الضرورةِ؟
طالب: الثانية.
الشيخ:

\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

وَمَا يَلِي الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا	عَنْهُ فِي الْاعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا
وَرُبَّمَــــــا جَرُّوا الَّذِي أَبْقُــوا كَمَــا	لَوْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا

\n
\n طالب: (...). \n
\n الشيخ: ربما لكن بشرط الشرط لا يتحقق هنا، فعندئذٍ نقول: الضرورة إلى غروبها؛ يعني: أنه يمتد وقت الضرورة إلى غروب الشمس، نحتاج الآن إلى دليلين:\n
الدليل الأول: جَعْلُ غاية الوقت الاختياري إلى مصير ظل كل شيء مثليه، والدليل على هذا حديث جابرٍ في قصة جبريل. ولكن القول الراجح في هذه المسألة: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: \n «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» \n ، \n «مَا لَمْ تَصْفَر» أي: ما لم تكن صفراء، وهذا في الغالب يزيد على مصير ظل الشيء مثليه، والزيادة تكون مقبولة؛ لأن الحديث صحيح وفي مسلم، ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالزيادة مقبولة.\n
ويمكن أن يُجاب عن حديث جبريل: بأن \n «ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ» \n هذا ابتداء الصلاة، ويمكن إذا صُلِّيَت وانتُهِيَ منها تكون الشمس قد اصفرَّت؛ ولا سيما في أيام الشتاء وقِصَر العصر.\n
وعلى كل حال سواء صحَّ هذا الجمع أم لم يصح، فإن الأخذ بالزائد مُتَعَيِّن؛ لأنه يَنْتَظِم الناقص فالأخذ بالزائد أخذ بالزائد والناقص، لكن الأخذ بالناقص إلغاء للزائد؛ فعليه نقول: وقت العصر إلى اصفرار الشمس.\n
الدليل على أن الضرورة إلى غروبها قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» \n ، وهذا نصٌّ صريح في أن الوقت يمتد إلى الغروب.\n
إذا قال قائل: لماذا لم تأخذ بهذا الحديث لأنه زائد على حديث عبد الله بن عمرو، ما دمنا أخذنا بهذا الأصل أن الزيادة يُؤْخَذ بها لأنها تنتظم النقص ولَا عكس، لماذا لم نأخذ؟\n
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حدَّد قال: \n «مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ»، ويمكن الجمع بين الحديثين بأن يقال: \n «مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» هذا وقت الاختيار، و\n «إِلَى الْغُرُوبِ» وقت الضرورة.\n
ويش معنى وقت الضرورة؟ يعني: مثلًا لو أن أحدًا انشغل بشغلٍ لا بد منه، ولنفرض أنه أصيب بجرح فاشتغل بأن يُلَبِّدَ هذا الجرح ويضمِّد هذا الجرح، ويستطيع يصلي الآن، لكن فيه مشقة، إلى قُبَيل الغروب.\n
نقول: هذا الرجل إذا صلى في هذه الحال قُبَيل الغروب فقد صلَّى في الوقت ويأثم ولَّا لا؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا يأثم؛ لأن هذا وقت ضرورة؛ إذا اضطر الإنسان فلا حرج، وكذلك لو كان عنده ضيوف ما يستطيع الإنسان مفارقتهم خوفًا منهم؛ ضيوف جاؤوا مسافرين قد صَلَّوا العصر جمعًا ونزلوا عنده، ولا يتمكن من مفارقتهم خوفًا منهم لكونهم لصوصًا مثلًا.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: غصبًا عليه، ابْتُلِي بهم، يخشى يذهب يشيلون كل شيء أو خوفًا منهم؛ لأنهم في أنفسهم عظماء ما يستطيع أن يخرج وهم موجودون، يخشى أيضًا منهم لكونهم ذا ولاية عليه أو ما أشبه ذلك؛ فهنا نقول: الضرورة تُبيح له أن يتأخر إلى ما قبل غروب الشمس، لكن بعد الغروب لا يجوز (...)، مشكلة اللصوص نقول: يُغْلِق عليهم ولَّا يصلي عندهم إذا أمكن.\n
\n طالب: لو أراد الناس يُبْرِدون في هذا الوقت يترتب عليه أمور؛ لو أخَّر الصلاة فإن الناس ينامون ولا يقومون إلا بعد صلاة العصر ماذا نقول؟
الشيخ: هذا سؤال وجيه يقول: في هذا الوقت لو أَبْرَد الناس إلى ما جاءت به السنة حصل بذلك ترك واجب؛ لأنهم يخرجون من أعمالهم ثم ينامون، وإذا نام بعد التعب ويش يقوِّمه، فهل نقول في هذه الحال: إننا ندع هذا الأفضل من أجل درء هذه المفسدة، ونقول: قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل؟ وهذا النبي عليه الصلاة والسلام أخبر بأن الوقت المختار للعشاء ما بعد ثلث الليل ، ولكن كان يُقَدِّمها مراعاة لأصحابه، فهل نقول: الظهر مثلها إذا كنَّا نُقَدِّمها مراعاة للناس وأحوالهم اليوم؟
الجواب: نعم، ولا شك، والدين يسر (...). \n

***

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
بدأ المؤلف -رحمه الله- بوقت الظهر، فلماذا لم يبدأ بصلاة الفجر؟\n
\n طالب: لأنه جَريًا على حديث جبريل، مراعاة لحديث جبريل أول ما بدأ، بدأ بالظهر.\n
\n الشيخ: تبعًا لحديث جبريل حيث بدأ بصلاة الظهر.\n
متى يدخل وقت الظهر؟\n
\n طالب: يدخل وقت الظهر بعد الزوال.\n
\n الشيخ: إذا زالت.\n
\n طالب: الشمس.\n
\n الشيخ: ما علامة الزوال؟\n
\n طالب: هو أن يضع شاخصًا..\n
\n الشيخ: لا ما هو أن يضع، ما علامة الزوال؟ لأنك تقول الآن: هذا الطريق إلى معرفة الزوال، لكن نقول: ما علامة الزوال؟\n
\n الطالب: أن الشمس تميل إلى الغروب أو..\n
\n الشيخ: ابتداء زيادة الظل بعد تمام قِصَرِه، هذا علامة الزوال، ما هو الطريق إلى معرفة ذلك؟\n
\n طالب: أن يُوضَع شاخصٌ ثم ينظر إلى أن يبدأ ظل الشاخص في التناقص فيوضع علامة، فإذا بدأ بالزيادة فهذا وقت الظهر.\n
\n الشيخ: يوضع شاخص؛ شيء قائم ويراقب ظِلَّه، فهو لا يزال ينقص فإذا بدأ بالزيادة أدنى زيادة، فهذا علامة زوال الشمس، وبذلك يدخل وقت الظهر.\n
الطريق الثاني بالساعات، ما هي؟\n
\n طالب: أن نحسب ساعات طلوع الشمس إلى ساعات غروبها وننصِّفها، فإذا كانت تطلع الشمس الساعة السادسة وتغرب الساعة السادسة يكون الساعة الثانية عشرة.\n
\n الشيخ: نعم، العلامة الثانية بالساعات أننا نَقْسِم ما بين طلوع الشمس وغروبها نصفين، والنصف هو الزوال.\n
ما الذي يُسَنُّ في صلاة الظهر التعجيل أو التأخير؟\n
\n طالب: الأصل التعجيل، يُسَنُّ التعجيل.\n
\n الشيخ: نعم، وهل يُسْتَثْنَى من ذلك شيء؟\n
\n طالب: نعم، في الحَرِّ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم..\n
\n الشيخ: إذا اشتد الحر، فتأخيرها إلى متى؟\n
\n الطالب: إلى قُرْبِ وقت العصر.\n
\n الشيخ: ما هو الدليل على تأخيرها في شدة الحَرِّ؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: أبردوا بالظهر، فإن شدة..\n
\n الشيخ: لم يقل: أبردوا بالظهر.\n
\n الطالب: قوله: في الظهر: أبردوا؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم.\n
\n الشيخ: ولم يقل: أبردوا فإن شدة الحر من فيح جهنم.\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: \n عندما أراد أن يُؤَذِّن، قال له ثلاثًا: «أَبْرِدْ»، فعندما أطال قام وأذن \n .\n
\n الشيخ: قول الرسول للمؤذن، لكن ما فيه شيء عام.\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: أبردوا في شدة الحر فإن..\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ».\n
\n الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرَّ مِنْ فَيْحِ جَهْنَمَ» \n صح.\n
فأما حديث السفر؛ \n لما أراد المؤذن أن يُؤَذِّن فأمره الرسول أن يُبْرِد ثلاثَ مَرَّات ، فهو يدل على مُنْتَهَى الإبراد؛ يعني: إلى متى نبرد؟ يقول: \n لَمَّا ساوَى التلُّ ظِلَّهُ أَذَّنَ \n ، يعني: إلى قُرْبِ صلاة العصر.\n
هل هناك حالٌ أخرى يُسَنُّ فيها تأخير صلاة الظهر؟\n
\n طالب: على قول المؤلف إذا كان فيها غيم..\n
\n طالب آخر: لو صلى (...).\n
\n الشيخ: إذا كان في غيم، إذا كان يصلي جماعة، السبب؟\n
\n طالب: فيه مشقة.\n
\n الشيخ: سهولة الخروج على الناس؛ لأن الغَيْم مَظِنَّة المطر، فإذا أُمْطِرَت شَقَّ على الناس أن يخرجوا مرتين مرة للظهر ومرة للعصر، فكان الأفضل أن يُؤَخِّره.\n
هل لديك مُعارِضَة على هذا الكلام الذي ذكره المؤلف في الغَيْمِ؟\n
\n طالب: إي فيه، يحتمل أنه يأتي الغيوم، وهذا كثير أنه تأتي الغيوم، ولا تَعْقُبها أمطار فهذا لا (...) تأخير الصلاة، يعني: احتمال ورود المطر واحتمال عدم وروده.\n
\n الشيخ: إي.\n
\n طالب: شيخ، فيه مخالفة للسنة (...)، فقال عز وجل: \n {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يَرِدْ عنه إلا في شدة الحر تأخير الصلاة، وفي ذلك إبراء للذمة.\n
\n الشيخ: إذن نقول: هذا القول ليس بصحيح، قول مرجوح؛ أولًا: لأنه مخالف للسنة في تعجيل الصلاة بلا دليل، والثاني: أنه قد يوجد الغيم ولا يحصل المطر ولا الأذى.\n
\n طالب: نقول: كثرة الخطى إلى المساجد داخل فيه.\n
\n الشيخ: إي، ربما هذه نقولها أيضًا: إنه إذا خرج مرتين يكون فيه زيادة أجر في الخُطَى، بعد أن ينتهي وقت الظهر ماذا يكون؟\n
\n طالب: يدخل وقت العصر.\n
\n الشيخ: ليس بينهما مدة؟\n
\n الطالب: لا، ليس بينهما وقت..\n
\n الشيخ: فاصل يعني؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: ليس بينهما فاصل، ولا وقت مشترك، إذن هذا يلي هذا.\n
يقول المؤلف: (\n الضرورة إلى غروبها)، أولًا: ما هو الدليل على أن وقتها محدد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه بعد فيء الزوال؟\n
\n طالب: تحديد جبريل.\n
\n الشيخ: حديث جبريل أنه أمر الرسول عليه الصلاة والسلام.\n
\n الطالب: صلَّى أولًا العصر ثم صلى..\n
\n الشيخ: \n حين صار ظلُّ كلِّ شيء مِثْلَه، ثم صلَّى الثاني حين صار ظلُّ كل شيء مِثْلِيَه \n ، الدليل على أنه يمتد عند الضرورة إلى الغروب؟\n
\n الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ».\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: من أدرك من العصر ركعةً قبل غروب الشمس.\n
\n الشيخ: \n «قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» \n .\n
قال المؤلف: (\n ويُسَنُّ تعجيلُها)، يعني: يُسَنُّ في صلاة العصر تعجيلُها؛ أي: أن يُعَجِّلَها في أول الوقت؛\n
وذلك لعموم الأدلة الدالة على أن أول الوقت أفضل كما في قوله تعالى: \n {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}؛ ولأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي برزة الأسلمي أنه: \n كان صلى الله عليه وسلم يُصلي العصر والشمس نقيةً مرتفعة؛ حتى إنهم يذهبون إلى رحالهم في أقصى المدينة والشمس حية \n . وهذا دليل على مبادرته بها.\n
فإذن: الدليل أن تعجيلها أفضل: عموم الأدلة الدالة على المبادرة بفعل الخير، وعلى أن الصلاة على وقتها من أفضل الأعمال.\n
ودليل آخر خاص بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي العصر فيذهب الذاهب من الصحابة إلى أقصى المدينة في رحله والشمس حية، يعني: أنها لم تتغير.\n
مر علينا أن الصحيح أن وقتها المختار إلى اصفرار الشمس، فعليه يكون للعصر وقتان وقت اختيار ووقت ضرورة.\n
فوقت الاختيار: إلى مصير كل شيء مِثْلَيْهِ على المشهور من المذهب أو اصفرار الشمس على القول الراجح.\n
والضرورة: إلى الغروب، لكن ضربنا مثلًا فيما سبق لضرورة مثل أيش؟\n
\n طالب: الخوف.\n
\n الشيخ: كالخوف، وضيوفٍ لا يستطيع مفارقتهم، وجرحٍ يحتاج إلى أن يعالجه وما أشبه ذلك.\n
قال: (\n ويليه وقتُ المغرب إلى مَغيبِ الحمرة) يعني: يلي وقت العصر، بدون فاصل وبدون اشتراك بينهما في الوقت، وقت المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الحمرة، فبمجرد ما يغيب قرص الشمس في الأفق يدخل وقت صلاة المغرب.\n
(\n إلى مغيب الحمرة) يعني: الحمرة في السماء، إذا غابت الحُمْرَةُ لا البياض، فإنه يخرج وقت المغرب، ويدخل وقت العشاء.\n
كم مقداره في الساعة؟ مقداره في الساعة يختلف باختلاف الفصول، فتارة يطول وتارة يقصر؛ لكنه يُعْرَف بالمشاهَدة، متى رأيت الحمرة قد زالت من الأفق فهذا دليل على أن وقت المغرب قد انقضى، وهو يتراوح ما بين ساعة وربع بعد الغروب، إلى ساعة ونصف وثلاث دقائق تقريبًا بعد الغروب. يعني: باختلاف الفصول.\n
يقول المؤلف: (\n ويُسنُّ تعجيلُها) يسن تعجيل صلاة المغرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان \n يصليها إذا وجبت \n ، يعني: إذا وجبت الشمس وغربت؛ فيبادر بها.\n
ولكن المبادرة ليس معناها أنه حينما يُؤَذِّن يقيم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: \n «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ» قالها ثلاثًا، ثم قال في الثالثة: «لِمَنْ شَاءَ» \n .\n
وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا أذن المغرب يقومون فيصلون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراهم ولا ينهاهم، وهذا يدل على أنه ليس معنى التعجيل أن يُبادِر الإنسان من حين الأذان، ولكن لا يتأخر بمقدار الوضوء والراتبة وما أشبه ذلك.\n
ثم قال: (\n إلا ليلةَ جمعٍ لمن قَصَدَها مُحْرِمًا)، (\n جمع) اسم لمزدلفة، وسميت جمعًا؛ لاجتماع الناس فيها؛ لأن الناس يجتمعون فيها في ليلة العيد، يجتمع فيها الناس من قريش وغيرهم، عرفة: لا يجتمع فيها الناس؛ لأن قريشًا في الجاهلية كانوا لا يقفون بعرفة، ويقفون بالمزدلفة، لكن ليلة العيد يجتمع الحجاج فيها؛ ولهذا سميت ليلة (\n جَمْع) يعني: إلا ليلة مزدلفة.\n
(\n لمن قَصَدَها) أي: قصد جمعًا، فالضمير هنا يعود على (\n جمع)، وليس على الصلاة، أي: لمن قصد جمعًا مُحْرِمًا، ولو قال المؤلف رحمه الله: إلا ليلة مزدلفة للحاج لكان أوضح وأخصر، لكن كثيرًا من الفقهاء، ولا سيما أصحاب المذاهب المقلدة كثير منهم يتناقلون العبارة مِنْ أَوَّلِ مَنْ عَبَّر بها إلى آخر مَنْ تَكَلَّم بها يتناقلونها، ولا سيما وأن هذا الكتاب مختصر من \n المقنع للمُوَفَّق، فتجده تَبِعَ في العبارة من سبقه.\n
وإلا فلا شك أن مُؤَدَّى هذه العبارة أن يقال: إلا ليلة مُزْدَلِفَة لمَنْ؟ للحاج يكون أوضح وأبين.\n
على كل حال، المؤلف رحمه الله استثنى في صلاة المغرب مسألة واحدة؛ وهي: الحاج إذا دفع من عرفة، فإنه لا يمكنه أن يصلي في عرفة ولا في الطريق، على وجه الاستحباب، إذن يصلي في مزدلفة.\n
ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم \n لما نزل فبال في الشِّعْبِ قال له أسامة بن زيد - وكان رديفًا له -: الصلاة يا رسول الله، قال: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فلم يُصَلِّ \n . إذن يؤخرها إلى مزدلفة.\n
واستثنى فقهاؤنا رحمهم الله في الكتب المطوَّلَة استثنوا قالوا: إن لم يوافها وقت الغروب، يعني: إن لم يَصِل إليها إلى مزدلفة وقت الغروب، شوف يعني: من ذاك الزمن في إمكان أن يصل الإنسان إليها وقت الغروب يعني: وقت المغرب، قالوا: فإن وافاها في ذلك الوقت صلاها في وقتها وبادر بها.\n
على كل حال يُسْتَثْنَى من هذه المسألة ليلة المزدلفة للحاج فلا يُسَنُّ له أن يُعَجِّل، بل لا يصلي حتى يصل إلى مزدلفة، ودليل ذلك ما أشرنا إليه آنفًا حديثُ أسامةَ بن زيد رضي الله عنه.\n
فإن قال قائل: لو تأخر في الطريق وخاف أن يَخْرُجَ وقت العشاء، فماذا يصنع؛ هل يؤخر الصلاة إلى أن يصل إلى مزدلفة وإن لم يُصَلِّ إلا الفجر، أو يصلِّي الصلاة في وقتها ولو على راحلته؟\n
الجواب: الثاني؛ يعني: إذا خاف خروجَ الوقت وجب عليه أن يَنْزِلَ فيُصَلِّي، فإن لم يمكنه النزول صلى ولو على ظهر راحلته.\n
ثم قال: (\n ويليه وقتُ العشاء إلى الفجر الثاني وهو: البياض المُعْتَرِض، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضلُ إن سهل) (\n يليه) يعني: يلي وقتَ المغرب وقتُ العشاء إلى طلوع الفجر على كلام المؤلف: (\n إلى طلوع الفجر الثاني، وهو: البياض المعترض)، وعلى هذا تكون صلاة العشاء أطول الصلوات وقتًا؛ لأنها تكاد تكون جميع الليل من خروج وقت المغرب إلى طلوع الفجر الثاني أيضًا.\n
الفجر الثاني قال: (\n وهو البياض المعترِض) في الأفق من الشمال إلى الجنوب.\n
وأفادنا المؤلف رحمه الله بقوله: (\n إلى طلوع الفجر الثاني) أن هناك فجرًا أول وهو كذلك، والفجر الأول يخرج قبل الثاني بنحو ساعة، أو ساعة إلا ربع، أو قريبًا من ذلك، وذكر العلماء أن بينه وبين الثاني ثلاثة فروق:\n
الفرق الأول: أن الفجر الأول مُمْتَدٌّ لا معترض؛ يعني: مُمْتَدٌّ طولًا من الشرق إلى الغرب، والثاني معترض من الشمال إلى الجنوب.\n
الفرق الثاني: أن الفجر الأول يُظْلِم، يعني: يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يُظْلِم، والفجر الثاني: لا يُظْلِم، بل يزداد نورًا وإضاءة.\n
الفرق الثالث: أن الفجر الثاني مُتَّصِلٌ بالأفق، ليس بينه وبين الأفق ظُلْمَة، والفجر الأول منقطع عن الأفق، يعني: بينه وبين الأفق ظلمة، هذه ثلاثة فروق بين حقيقة هذا وحقيقة هذا.\n
هل يترتب على الفجر الأول شيء؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعية أبدًا، لا إمساك في صوم، ولا حِلُّ صلاة الفجر، الأحكام مُرَتَّبَة على الفجر الثاني.\n
إذن: (\n إلى الفجر الثاني وهو البياض المعترض)، ما هو الدليل؟\n
أما الدليل على دخول وقتها: فهو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث جبريل، كلها تدل على أن وقت العشاء يدخل بِمَغِيبِ الشَّفَقِ الأحمر، أما انتهاؤه إلى الفجر الثاني فليس فيه دليل.\n
إلا دليلًا لا دلالة فيه هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: \n «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» \n قالوا: فهذا دليل على أن أوقات الصلاة مُتَّصِلَة.\n
فهل في هذا الحديث من دليل؟ ليس فيه دليل؛ لأن التَّفْرِيط أن يؤخِّر الصَّلاة حتى يَدْخُل وقت الصلاة الأخرى؛ يعني: فيما وقتاهما متَّصل؛ ولهذا لا يدخل فيه صلاة الفجر مع صلاة الظهر بالإجماع، فإن صلاة الفجر لا تمتد إلى صلاة الظهر بالإجماع، وإذا كان كذلك فالواجب الرجوع إلى الأدلة، إذا لم يكن في هذا دليل؛ فالواجب الرجوع إلى الأدلة الأخرى.\n
الأدلة الأخرى ليس فيه دليل يدل على أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر أبدًا، حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث جبريل كلها تدلُّ على أن وقت العشاء ينتهي عند منتصف الليل.\n
وهذا الذي دَلَّت عليه السنة، هو الذي دلَّ عليه ظاهر القرآن أيضًا؛ لأن الله عز وجل قال في القرآن: \n {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨]، فتجد (لدلوك الشمس) يعني: من دلوك الشمس، لكن أتى باللام للدلالة على أن دخول الوقت علة في الوجوب، أي: سبب.\n
والدليل أن اللام هنا بمعنى (مِنْ) لكن عبَّر باللام من أجل بيان العلة؛ الدليل الغاية (إلى)، والغاية يكون لها ابتداء ولَّا لا؟ لها ابتداء كأنما قال: (من دلوك الشمس إلى غسق الليل)، لكن أتى باللام كما قلت إشارةً إلى أن دخول الوقت علة الوجوب؛ ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: إن الوقت سبب وشرط؛ سبب لوجوب الصلاة، وشرط لصحتها.\n
\n {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} متى يكون غَسْقُ الليل؟ عند منتصفه؛ لأن أشدَّ ما يكون الليل ظُلْمَة في النصف، حينما تكون الشمس منتصفةً في الأفق من الجانب الآخر من الأرض، هذا غَسْق الليل.\n
إذن، من نصف النهار الذي هو زوالها إلى نصف الليل هذا جعله الله وقتًا واحدًا؛ لأن أوقات الفرائض فيه متواصلة أو مُتَّصل بعضها ببعض، أليس كذلك؟\n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: الظهر يليه العصر يليه المغرب يليه العشاء، إذن ما بعد الغاية داخل ولَّا خارج؟\n
\n طلبة: خارج.\n
\n الشيخ: ما بعد الغاية خارج؛ ولهذا فصَّل فقال: \n {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} ففصَّل، وجعل الفجر مستقلًا، فدل هذا على أن الصلوات الخمس أربع منها متتابعة، وواحدة منفصلة، وهذا هو الذي تؤيده السُّنَّة أيضًا، بل السُّنَّة صريحة فيه، فالصواب إذن أن وقت العشاء إلى نصف الليل.\n
ولكن ما المراد بنصف الليل؟ هل الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، أو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؟\n
أما اللغة العربية: فكلاهما يُسَمَّى ليلًا؛ ولهذا تجد في القاموس يقول: إلى طلوع الفجر أو طلوع الشمس الليلُ.\n
أما في الشرع: فالظاهر أن الليل ينتهي بطلوع الفجر، وعلى هذا نقول: نصف الليل من صلاة العشاء من مَغِيبِ الشمس؛ يعني: الليل الذي يُنَصَّف من أجل معرفة صلاة العشاء هو: من غروب إلى طلوع الفجر، فتُنَصِّف ما بينهما، وما بينهما هو آخر الوقت، هذا هو القول الراجح الذي لا تدل الأدلة إلا عليه، وأن ما بعد منتصف الليل ليس وقتًا لصلاة مفروضة، إنما هو وقت نافلة وتَهَجُّد.\n
قال: (\n وتأخيرها إلى ثُلُثِ الليل أفضلُ إن سَهُل).\n
الآن ليس عندنا دليل على أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، حينئذٍ يكون قول المؤلف مرجوحًا.\n
(\n تأخيرها إلى ثلث الليل أفضلُ إن سَهُل) فإن شَقَّ فتُعَجَّل في أول الوقت، أما إذا سَهُل فالأفضل تأخيرُها إلى ثلث الليل.\n
دليل ذلك حديثُ أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه قال: \n كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسْتَحِبُّ أن يؤخر من العشاء \n ، وفي حديث جابر: \n إذا رآهم اجتمعوا عَجَّل، وإذا رآهم أبطؤوا أَخَّر \n ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه: \n تأخَّر ذات ليلة حتى ذهب عامَّةُ الليل، فقام إليه عمر فقال: يا رسول الله، رَقَدَ النساء والصبيان، فخرج ورأسُه يَقْطُر عليه الصلاة والسلام وقال: «إِنَّهُ لِوَقْتِهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» \n . فهذه أدلة واضحة على أن تأخيرها إلى ثلث الليل أفضل، ولكن إن سهل.\n
إذا كان إنسان يصلي بالناس في البلد، فهل التقديم أفضل أو التأخير؟ نقول: الأفضل مراعاة الناس، إذا اجتمعوا صلَّى، وإن أخروا تأخر.\n
إذا كانوا جماعة محصورين ولا يهمهم أن يُعَجِّلُوا أو يؤخروا فما الأفضل؟ التأخير.\n
إذن: النساء في بيوتهن الآن في مثل عصرنا هذا الأفضل لهن التأخير؛ يعني: لو قالت امرأة: إنها ستبقى مستيقظة إلى نصف الليل، فهل الأفضل أن تُصَلِّيَ العشاء مبكرة أو مؤخرة؟ نقول: الأفضل أن تؤخر، أما الرجال فسيصلون جماعة.\n
فإن قال قائل: هل الأفضل مراعاة تأخير الصلاة إلى آخر الوقت، أو الصلاة مع الجماعة؟\n
\n الطلبة: مع الجماعة.\n
\n الشيخ: نعم، نقول: الجماعة، بل لا مفاضلة في الواقع؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، وهذا مستحب، ولا مقارنة بين مستحب وواجب.\n
قال المؤلف: (\n ويليه وقتُ الفجر إلى طلوع الشمس) لم يُبَيِّن المؤلف ابتداء وقت الفجر؛ لأنه يرى أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، ولهذا قال: (\n ويليه وقت الفجر) فيكون من طلوع الفجر.\n
والعجيب أن المؤلف -رحمه الله- ظاهر كلامه أن تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل جائز؛ لأنه لم يقل: إنه وقت ضرورة، والمعروف عند أهل العلم أن ما بين نصف الليل إلى الفجر وقت ضرورة ليس وقت جواز، أما وقت الفجر فهو من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، كم مقداره في الساعات يختلف، فقد يكون ساعة ونصف، وقد يكون ساعة وربع كالمغرب.\n
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: من ظن أن حصة الفجر كحصة المغرب فقد أخطأ وغلط؛ يعني: بعض الناس يجعل الوقت ساعة ونصف بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وساعة ونصف بين مغيب الشمس ومغيب الشفق، ويقول: هذا خطأ، ليس بصحيح؛ لأن مقدار ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس في أيام الشتاء يطول لتصاعد الأبخرة إلى فوق؛ فينعكس عليها ضوء الشمس مبكرًا؛ فتطول حصة الفجر، وعكس ذلك في الصيف، وعكس ذلك أيضًا حصة المغرب؛ يعني: إذا طالت حصة الفجر قَصُرت حصة المغرب، والعكس بالعكس.\n
على كل حال هذه ظواهر أفقية، يمكن يُطَّلع على علمٍ أكثر مما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.\n
أما بالنسبة للمشاهدة فإذا كنت في بَرٍّ وليس حولك أنوار تمنع الرؤية ولا قتر، فإذا رأيت البياض الممتد من الشمال إلى الجنوب فقد دخل وقت الفجر، فصلِّ الفجر، أما قبل أن يتبين فلا تصلِّ الفجر.\n
قال: (\n إلى طلوع الشمس)، ودليل ذلك: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه مسلم وغيره أيضًا.\n
وبعد طلوع الشمس إلى زوال الشمس ليس وقتًا لصلاة الفريضة، كما أن من نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتًا لصلاة مفروضة؛ هذه الأوقات الخمسة التي أوجب الله فيها الصلاة.\n
وقد سألنا في أول الكلام على الأوقات؛ ما الحكمة في أن الصلوات الخمس موزعة هذا التوزيع، والسؤال هنا لماذا لم تُجْمَع جميعًا؟ هذه واحدة، وما الحكمة في أنها قُيِّدَت بهذه الأوقات يعني: لم تجعل مثلًا مُوَقَّتة بمسافة أو بمدة متساوية؟\n
\n طالب: نقول: لا شك أن الحكم كثيرة؛ منها تسهيلها على العباد يعني: لا شك تسهيل العمل، توزيع أي (...) إذا كانت كبيرة، يجعل العامل له أَنْشَطَ عندما يأتي إليه.\n
\n الشيخ: هذا واحد.\n
\n طالب: أيضًا يا شيخ، أن الإنسان في هذه الأوقات يصبح كأنه عابد الله سبحانه وتعالى في جميع اليوم في جميع الأوقات؛ فمثلًا يعبد الله سبحانه وتعالى في الصبح وفي المساء، يكون عابدًا لله ذاكرًا..\n
\n الشيخ: يعني: إذن لئلا ينقطع عن العبادة كذا.\n
\n الطالب: عن الذكر.\n
\n الشيخ: عن العبادة والذكر؛ لأنه لو صلَّاها في وقت واحد، بقي بقية الأوقات غافلًا معرضًا.\n
\n الطالب: حصول الأجر والثواب بتكرار الوضوء في كل وقت على حدة، إذا تفرَّقت بخلاف إذا جَمَعَها فإنه ربما يُصلِّيها بوضوء واحد.\n
\n الشيخ: يعني: كثرة الأجر بكثرة العمل لهذه الصلاة من وضوءٍ ومشيٍ إليها وتحصيل سُتْرَة وغير ذلك، هذه ثلاثة.\n
\n طالب: ما يكون في ذلك من اجتماع المسلمين.\n
\n الشيخ: وإذا صار واحدًا اللي بيصلي.\n
\n الطالب: لا هذا غالب (...) ما فيه من اجتماع المسلمين، يجتمعون في اليوم خمس مرات..\n
\n الشيخ: يعني: تجديد اللقاء بين المسلمين كذا؟ وهذا يُرَسِّخ المحبة والتآلف بين المسلمين.\n
\n طالب: جَعْلها يا شيخ في أوقات مناسبة من بعد الظهر يكون بعد العمل والعصر يكون بعد القيام من النوم هذا في الغالب يعني.\n
\n الشيخ: هذا يختلف باختلاف الناس.\n
\n طالب: لا، في الغالب، بعض الناس..\n
\n الشيخ: لا، هذه مسألة عن الحكمة؛ ليش وضعت على هذا الترتيب، ما جعلت مثلًا المدة متساوية؟ إنما الآن نريد أصل التفريق؛ لأن السؤال الآن سؤالان؛ السؤال الأول: عن التفريق، والسؤال الثاني: عن اختلاف المُدَد بينها.\n
\n طالب: منها أن الصلاة تنهى عن الفحشاء، أنها (...) الوقت، يكون رادعًا له عن الفحشاء، وأيضًا تكفير السيئات الصغائر.\n
\n الشيخ: يعني تجديدها؛ تجديد النهي عن الفحشاء والمنكر، التكفير: قد يَعْتَرِض معترض، ويقول: ما دام سيصلي يكفر.\n
\n طالب: كفارة لما بين الصلوات.\n
\n الشيخ: إي، يقول: ما بين الصلوات، حتى لو جُمِعَت مثلًا بعد طلوع الشمس ثم جاء اليوم الثاني حصل التكفير.\n
\n طالب: جعلها يا شيخ في هذا الوقت تكون في أوقات معينة ابتلاء الله سبحانه وتعالى يبتلي به المؤمنين؛ ولذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ».\n
\n الشيخ: هذه تعيينها في أوقات معينة، الآن عندنا، أربع فوائد في تفريقها.\n
\n طالب: أقول -يا شيخ-: استمرار صلة العبد بربه عز وجل؛ إذ لو جعل الله سبحانه وتعالى الصلوات في وقت واحد ربما ينشغل الإنسان مثلًا أو يشغل نفسه بشيء لم ينفع به نفسه، فلما فرَّق الله سبحانه وتعالى الصلوات على هذا الترتيب، الغالب أن الإنسان يشغل وقته؛ يعني: في صلته بربه عز وجل، وتكون تقوية للمحبة أيضًا بين العبد وبين ربه.\n
\n الشيخ: مرَّ شيء قريب منها، مر ما يُغْني عنها.\n
\n طالب: هذه رحمة بالعباد؛ إذ لو كانت في وقت واحد وفاتته فات الفضل كله، أما كونها متفرقة يعني: قد تفوته صلاته، ويلحق صلاة أخرى.\n
\n الشيخ: إي، صحيح هذه.\n
\n طلبة: إي نعم.\n
\n طالب آخر: ما سمعنا الخامسة.\n
\n الشيخ: الخامسة؛ يقول من الفوائد: الرحمة بالعباد؛ لأنها لو جُعِلَت في وقت واحد، ثم فات هذا الوقت فات الإنسان خير الصلوات الخمس كلها، فإذا وُزِّعت فلو قُدِّر أنه فاته واحدة بقيت الأخريات لم تفته.\n
\n طالب: الصلوات هذه تعجيلها على حد سواء ولَّا فيها شيء أفضل من شيء؟
الشيخ: كلها على حد سواء إلا ما سَنَّ تأخيرُه.
الطالب: التعجيل؟
الشيخ: التعجيل، إي نعم.
طالب: لكن بعض العلماء يقول: المغرب أفضل أو العصر.
الشيخ: أبدًا كله واحد، تفريق بعض العلماء في هذا ما له وجه، لكن مثلًا اللي لها سنة راتبة قبلَها ينبغي أن تتأخر أكثر (...). \n

***

\n طالب: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n وتُدْرَك الصلاةُ بتكبيرة الإحرام في وقتها، ولا يُصَلِّي قَبْلَ غلبةِ ظنِّه بدخول وقتها إما باجتهاد أو خبر ثقة متيقن، فإن أحرم باجتهاد فبان قبلَه فنفلٌ وإلا ففرضٌ، وإن أدرك مكلَّفٌ من وقتها قدرَ التحريمة ثم زال تكليفُه أو حاضت ثم كُلِّفَ وطَهُرَت قَضَوْها، ومن صار أهلًا لوجوبها قبلَ خروج وقتها لزمته، وما يجمع إليها قبلها..).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا بيانُ أوقات الصلوات وأن الأفضل: هو تقديم الصلاة إلا صلاة واحدة وهي العشاء، فالأفضل فيها التأخير إن سَهُل وإلا صلاة الظهر لعارض: وهو شدة الحر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وأظننا انتهينا منها؟\n
\n طالب: الإسفار بالفجر.\n
\n طالب آخر: الحكمة في أوقات الصلاة.\n
\n الشيخ: ذكرناها أيضًا.\n
\n طالب: ذكرنا الحكمة..\n
\n طالب آخر: الإسفار بالفجر.\n
\n الشيخ: لا، الفجر مثلها أيضًا الأفضل فيها التقديم.\n
إحنا ذكرنا الحكمة في ذلك؛ أولًا: في تفريقها، وأما الحكمة في كونها وُضِعَت في هذه الأوقات فأما الفجر؛ فذكرنا أن ظهور الفجر بعد الظلام الدامس هذا من آيات الله عز وجل التي يستحق عليها التعظيم والشكر، فإن هذا النور الساطع بعد الظلام الدامس لا أحد يستطيع أن يأتي به؛ لقوله تعالى: \n {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيَكُمْ بِضِيَاءٍ} [القصص: ٧١].\n
وأما الظهر؛ فلأن انتقالَ الشمس من الناحية الشرقية إلى الغربية هو أيضًا من آيات الله عز وجل، فإنه لا أحد يستطيع أن ينقلها من هذه الجهة إلى هذه الجهة إلا الله عز وجل.\n
أما العصر؛ فلا يظهر لنا فيها حكمة، ولكنه لا شك أن لها حكمة.\n
وأما المغرب؛ فالحكمة فيها كالحكمة في صلاة الفجر؛ وهو أن الليل من آيات الله عز وجل العظيمة التي يستحق عليها الشكر والتعظيم.\n
وكذلك نقول في العشاء: لأن مغيب الشفق وزوال آثار الشمس، هو أيضًا من الآيات العظيمة الدالة على كمال قدرة الله عز وجل وحكمته.\n
ثم إن المؤلف رحمه الله يقول: (\n وتعجيلُها) أي: الفجر (\n أفضلُ) دليل ذلك؛ أولًا: في جميع الصلوات قوله تعالى: \n {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، \n {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣]، \n {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الحديد: ٢١]، وهذا يحصل بالمبادرة بفعل الطاعة، هذا من القرآن.\n
من السنة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعَجِّل في هذه الصلوات ما عدا العشاء الآخرة، وصلاة الظهر في شدة الحر، ومن ذلك الفجر.\n
وأما من حيث المعنى: فالمبادرة أفضل؛ وذلك لأن الإنسان لا يدري ما يَعْرِضُ له، قد يدخل الوقت وهو صحيح معافى، واجدٌ لجميع شروط الصلاة، ثم يطرأ عليه ما يمنعه من فعل الصلاة، أو من كمالها بمرض أو موت أو حبس أو غير ذلك، فكان مقتضى النظر أن يتقدم بفعل هذه الصلوات.\n
الفجر؛ يقول المؤلف: (\n تعجيلُها أفضل) كغيرها من سائر الصلوات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم \n كان يصلِّيها بِغَلَسٍ يَنْصَرِف منها حين يعرف الرجل جليسه الذي إلى جنبه، وكان يقرأ بالستِّين إلى المئة \n ، وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم مُرَتَّلَة يقف عِند كل آية \n .\n
فإذا كان يقرأ من الستين إلى المئة مع الركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس والتشهد دلَّ ذلك على أنه كان يبادر بها جدًّا.\n
وأما من رأى أن تأخيرَ الفجر أفضل واستدل بما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: \n «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ» \n فهذا الحديث -إن صح- فالمراد: ألا تتعجَّلوا بها حتى يَتَبَيَّن لكم السفر؛ يعني: الإسفار وتتحققوا منها.\n
وبهذا نجمع بين هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم الراتب الذي كان لا يَدَعُه وهو التَّغْلِيس بها، وبين هذا الحديث إن صح.\n
ثم قال: (\n وتُدْرَكُ الصلاةُ بتكبيرة الإحرام في وقتها) كلمة: (\n الصلاة) عامَّة لصلاة الفريضة وصلاة النافلة المؤقتة؛ مثل: صلاة الضحى ومثل الوتر فإنه مؤقت، وكذلك الرواتب فإنها مؤقتة.\n
فالرواتب قبل الصلاة وقتُها من دخول وقت الصلاة إلى إقامة الصلاة، والرواتب التي بعدها من انتهاء الصلاة إلى خروج الوقت.\n
كل صلاة مُوَقَّتة تُدْرَكُ بإدراك تكبيرة الإحرام؛ دليل ذلك: ليس هناك دليل، لكن هنا تعليلًا: وهو أن هذا الإنسان الذي أدرك تكبيرة الإحرام أدرك جزءًا من الوقت، وإدراك الجزء كإدراك الكل؛ لأن الصلاة لا تتبعض، فإذا أدرك مِقدار ما يُكَبِّر للإحرام كان مُدْرِكًا لجميع الصلاة، هذا هو التعليل.\n
وهذا هو الذي ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد.\n
على أن الصلاة تُدْرَك بتكبيرة الإحرام سواء من أول الوقت أو من آخر الوقت؛ من أول الوقت: لو أن امرأة أَدْرَكت مقدارَ تكبيرة الإحرام من صلاة المغرب مثلًا ثم أتاها الحيض، فهنا نقول: هي قد أدركت الصلاة، فيجب عليها إذا طَهُرَت أن تصلي المغرب، لأنها أدركت مقدار تكبيرة الإحرام من الوقت.\n
من آخره: كما لو كانت امرأة حائضًا، ثم طهرت قبل خروج الوقت بقدر تكبيرة الإحرام، فإن الصلاة تلزمها؛ لأنها أدركت من الوقت مقدار تكبيرة الإحرام، هذا من جهة الحكم.\n
من جهة الثواب: يُثَاب من أدرك قدر تكبيرة الإحرام ثوابَ من أدرك جميع الصلاة، وتكون الصلاة في حقِّه أداءً.\n
لكنه لا يجوز كما سبق لنا في كتاب الصلاة أن يُؤَخِّر الصلاة أو بعضها عن وقتها؛ يعني: مثلًا، لو قال: أنا سأؤخر الصلاة حتى لا يبقى إلا مقدار تكبيرة الإحرام، نقول: هذا حرام، وأنت آثم، ولكن مع ذلك نقول: إنك قد أدركتها أداءً، هذا ما ذَهَبَ إليه المؤلفُ، وهو المذهب.\n
والقول الثاني: أنها لا تُدْرَك الصلاة إلا بإدراك ركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n ، وهذا القول هو الصحيح، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الحديث فيه ظاهر، فهو جملة شرطية \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» «فَقَدْ أَدْرَك»، مفهومُه: من أدرك دون ركعة فإنه لم يدرك؛ وعلى هذا فلو حاضت المرأة بعد دخول الوقت بأقل من مقدار ركعة لم يلزمها القضاء؛ لأنها لم تُدْرِك ركعة، وكذلك لو طَهُرَت قبل خروج الوقت بأقل من ركعة فإنه لا يلزمها قضاءُ الصلاة؛ لأنها لم تدرك ركعة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n .\n
وينبني على هذا أيضًا: إدراكات أخرى ربما تأتينا إن شاء الله فيما بعد؛ مثل إدراك الجماعة: هل تُدْرَك الجماعة بركعة، أو تدرك بتكبيرة الإحرام؟\n
الصحيح: أنها لا تُدْرَك إلا بركعة، كما أن الجمعة لا تُدْرَك إلا بركعة بالاتفاق، فكذلك الجماعة لا تُدْرَك إلا بركعة.\n
وقول المؤلف: (\n بتكبيرةِ الإحرامِ في وقتها) يشمل وقت الضرورة ووقت الاختيار، وليس عندنا صلاة لها وقتان إلا صلاة واحدة، وهي؟\n
\n طلبة: العصر.\n
\n الشيخ: العصر، فلو أدرك تكبيرة الإحرام قبل غروب الشمس فقد أدرك صلاة العصر.\n
والصواب: أنه لا يدركها إلا بإدراك ركعة؛ والحديث نص في ذلك؛ حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» \n وهذا نص صريح في الموضوع يدلُّ على القول الراجح.\n
قال: (\n ولا يُصَلِّي قَبْلَ غلبة ظنِّه بدخول وقتها) (ولا يصلي) مَن الفاعل؟ الإنسان، مُكَلَّفًا كان أو غير مكلف؛ يعني: ولا يصلي الإنسان، وإن شئت فقل: ولا يصلي مُصلٍّ؛ لأنه إذا لم يكن عود الضمير على شيء معلوم؛ فليكن عود الضمير على وصفٍ مشتقٍ من المصدر الذي اشتق منه الفعل. فهمتم هذه القاعدة؟ إذا لم يكن هناك مرجعٌ معلوم الضمير، فليكن المرجع؟\n
\n طالب: مصدرًا.\n
\n الشيخ: لا، وصفًا مشقًا من المصدر الذي اشْتُقَّ منه الفعل، فمثلًا (صلى) المصدر أو اسم المصدر (صلاة) نقول: ولا يصلي مصلٍّ (\n قبل غلبة ظنه بدخول وقتها)، وإذا تيقن؟\n
\n طلبة: فإنه يصلي.\n
\n الشيخ: يُصَلِّي من بابٍ أولى، إذا تَيَقَّنَ فإنه يصلِّي من باب أولى.\n
أفادنا المؤلف بقوله: (\n قبل غلبة الظن) أنه يجوز أن يُصَلِّيَ الصلاة بغلبة الظن؛ أي أننا إذا غلب على ظننا أن الوقت دخل جاز أن نصلي، وحينئذٍ نجوز أن نصلي إذا تَيَقَّنَّا دخول الوقت، ويجوز أن نصلي إذا غُلِبَ على ظننا دخول الوقت، فإذا كان الجوُّ صاحيًا وشاهدنا الشمس قد غربت نصلي المغرب، وهنا تيقنَّا دخول الوقت أو لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: تَيَقَّنَّاه، إذا كانت السماء مُغِيمَة ولم نشاهد الشمس، لكن غلب على ظننا أنها غابت نصلِّي، وهذه صلاة بغلبة الظن، أما الأول فدليله ظاهر.\n
وأما الثاني وهو الصلاة بناءً على غلبة الظن؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر هو وأصحابه بغَلَبة الظن كما في حديث أسماءَ بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: \n أَفْطَرْنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يَوْمِ غيمٍ، ثم طلعت الشمس. أخرجه البخاري \n .\n
وهنا أفطروا بماذا؟ بغلبة الظن قطعًا لا باليقين، فإذا جاز العمل بغلبة الظن في خروج الوقت، وهو هنا وقت الصوم جاز العمل بغلبة الظن في دخول الوقت، بل إنَّ لازمَ ذلك أنهم لو صلوا المغرب حين أفطروا صحت الصلاة؟ نعم، صحت الصلاة إذا لم يتبين الأمر خلاف ذلك.\n
هل يُصلي مع الشك في دخول الوقت؟\n
\n طالب: لا يُصلي.\n
\n الشيخ: لا يُصلي مع الشك؛ وذلك لأن الأصل عدم الدخول، فلا نعدل عن هذا الأصل إلا بمسَوِّغٍ شرعي.\n
هل يُصلي مع غلبة الظن بعدم دخول الوقت؟\n
\n طالب: لا يصلي.\n
\n الشيخ: لا يُصلي من باب أولى.\n
هل يُصلي مع اليقين بعدم دخول الوقت؟\n
\n طلبة: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يجوز، إذن: لا نُصلِّي في ثلاث صور، ونصلي في صورتين.\n
الصور خمس: تَيَقُّن دخول الوقت، وغلبةُ الظن بدخوله، والشك في دخوله، وغلبة الظن بعدم دخوله، واليقين بعدم دخوله؛ الصور خمس، نصلي في صورتين، ولا نصلي في ثلاث، والتعليل ظاهر.\n
قول المؤلف: (\n ولا يُصَلِّي قبلَ غلبة ظنِّه).\n
واستفدنا من كلام المؤلف: أن غلبة الظن لها مدخل في باب العبادات، وهو كذلك فإن غلبة الظن لها مدخل في العبادات في مواضع كثيرة، وإن كان بعض العبادات لا يمكن أن يُفْعَل إلا باليقين، غالب الرأي يجوز تحكيمه فيما لا يمكن معرفة حقيقتهلكن كثير من العبادات مبنية على غلبة الظن، بل إن هذا هو القاعدة، القاعدة في العبادات: البناء على غلبة الظن، هذه القاعدة؛ ولهذا لو شك الإنسان كم صلى، وعنده ترجيح، فالصحيح أنه يعمل بما تَرَجَّح، وإن كان المذهب يقول: لا يَعمل إلا باليقين.\n
إذا شك في عدد أشواط الطواف، أو أشواط السعي، فإنه يَبْنِي على غالب ظنِّه إذا كان عنده ترجيح، أما إذا لم يكن عنده ترجيح فيبني على اليقين.\n
قال: (\n إما باجتهادٍ أو خبرِ ثقة مُتَيَقِّن) هنا ذكر المؤلف الطرق التي يَحْصل بها غلبةُ الظن:\n
الطريق الأول: الاجتهاد، لكن بشرط أن يكون المجتهد عنده أداة الاجتهاد؛ يعني: أن يكون عالمًا، فإن لم يكن عالمًا فإنه لا يعمل باجتهاده؛ لأنه ليس من أهل الاجتهاد.\n
فلو أن شخصًا صلى الظهر، وقال: أصلي العصر إذا انتصف ما بين الظهر والمغرب، لما انتصف ما بين الظهر والمغرب صلى، هل هذا الذي صلى بَنَى صلاته على اجتهاد صحيح؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا، إذن لا بد أن يكون عنده علم بالاجتهاد، كذلك في صلاة العشاء لو أنه اجتهد ولما رأى أن النور الساطع القوي قد اختفى صلى العشاء مع وجود الحمرة، نقول: هذا لا تصح صلاته؛ ليش؟ لأنه صلَّى قبل الوقت ولأنه ليس أهلًا للاجتهاد؛ حيث إنه لا يعلم متى يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء، هذا الاجتهاد.\n
الثاني: أو خبر ثقة مُتَيَقِّن، وهذا الطريق من عند غيره؛ يعني: رجل أخبرك بأن الوقت دخل، ولكنه أخبرك عن يقين بأن قال: رأيت الشمس غربت، أو قال: رأيت الفجر قد طلع، فإن أخبرك عن اجتهاد أو عن غلبة ظن فإنك لا تعمل بقوله؛ لأن المؤلف يقول: (\n خبر ثقة مُتَيَقِّن) لا مجتهد، ولا بانٍ على غلبة ظنه، بل لا بد أن يكون متيقنًا.\n
فإن قال قائل: أليس يجوز للإنسان أن يبني على اجتهاد نفسه وغلبة ظن نفسه؟\n
قلنا: بلى، لكن هنا بنى على غيره، والفرع أضعف من الأصل؛ لأنه إذا اجتهد لنفسه فهو أصيل، إذا بنى على خبر غيره فهو فرع، والفرع أضعف من الأصل؛ ولهذا لا يبني على شيء مبني على اجتهاد أو مبني على غلبة ظن.\n
فلو قال لك قائل: صلِّ المغرب، قلت له: أغربت الشمس؟ قال: والله، أظنها غربت، هل تعمل بقوله؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا تعمل على كلام المؤلف، ولو أنك أنت نفسك غلب على ظنك أن الشمس غربت؟\n
\n طالب: تعمل بذلك.\n
\n الشيخ: تعمل بذلك.\n
وقول المؤلف: (\n ثقة) مَن الثقة؟ هو الذي يوثق بقوله؛ لكونه مُكَلَّفًا ولكونه صادقًا؛ يعني: يمكن أن يكون صادقًا يعني: بالغًا عاقلًا صدوقًا لم يُعْرَف بالكذب، أو بالعَجَلَةِ والتسرع.\n
ولكن هذا القول الذي ذهب إليه المؤلف بأنه لا بد أن يكون متيقنًا فيه نظر.\n
والصواب: أنه إذا أخبرك مَنْ تَثِقُ به جاز لك أن تُصَلِّي على خبره، سواء كان إخباره عن يقين أو عن غلبة ظن؛ لأنه الآن ما دمت أنت لا تعرف ولا تتمكن من الاجتهاد، ثم قلنا: لا تعمل بخبر هذا وهو مجتهد، هذا فيه مشقة، وما زال المسلمون يعملون بأذان المؤذنين، وكثير من المؤذنين في هذا الوقت يكون أذانهم أحيانًا على غلبة الظن؛ لأن الغيوم كثيرة، وليس عندهم ساعات يحررون بها الوقت، فيكون أذانهم على غلبة الظن وما زال المسلمون يعملون بأذان المؤذنين.\n
إذن فنقول: إن الإنسان يعرف دخول الوقت إما باجتهاد منه؛ لكونه أهلًا الاجتهاد لمعرفته بالأوقات ابتداء وانتهاءً، وإما بخبر من يَثِق بقوله سواء أخبر عن ظنٍّ أو عن يقين.\n
وقول المؤلف: (\n أو خبر ثقة) يشمل ما إذا كان المخبِرُ امرأةً، فلو أخبرتك امرأةٌ بدخول الوقت عَمِلت بقولها؛ لأن هذا خبرٌ ديني وليس بشهادة فيعمل بقولها.\n
يقول: (\n فإن أَحْرَم باجتهادٍ فبانَ قَبْلَه فنفلٌ وإلا ففرضٌ) إن أحرم باجتهاد؛ لماذا قال: (\n باجتهاد) ولم يقل: بيقين؟ لأنه إذا أحرم بيقين لا يمكن أن يتبين أنه قبل الوقت؛ لأن اليقين معناه شاهدَ الوقت بعينِه، تَيَقَّنَ، لكن (\n أحرم باجتهاد) يعني: دخل في الصلاة باجتهاد.\n
(\n فبان) الفاعل يعود على مَنْ؟\n
\n طالب: على الإحرام.\n
\n الشيخ: نعم، يعود على الإحرام.\n
(\n فبان الإحرام قبلَه) أي: قبل الوقت (\n فنفلٌ) حتى لو فُرض أنك لما قلت: الله أكبر غاب حاجب الشمس الأعلى؛ يعني: ما بقي إلا مثل السلك في الشمس، فقلت: الله أكبر، لما قلت: الله أكبر اختفى، نقول: صلاتك الآن نفل؛ لأنك أحرمت يعني: كَبَّرْتَ للإحرام قبل الوقت، فتكون صلاتك نفلًا.\n
إذا قال مقدار الله أكبر فقط، نقول: لكن الله أكبر هي تكبيرة الإحرام وهي ركن من أركان الصلاة، فمعنى ذلك أنك أتيت بركن من أركان الصلاة خارج وقتها فلا تصح.\n
قال: (\n فَبان قبلَه فنفلٌ)، وقوله: (\n فبان قبله) أفادنا -رحمه الله- أنه لو بقي الأمر على اجتهاد ما تبين شيء، فإن الصلاة تصح فرضًا؛ لأنه أحرم فيها أو أحرم بها على وجهٍ أُمِرَ به، ومن أتى بالعبادة على وجه أُمِرَ به ولم يتبين فسادها فهي صحيحة، حتى وإن كانت في نفس الأمر غير صحيحة، يعني: ما دام الأمر لم يتبين له، حتى لو فرض أنه أحرم من قبل الوقت فهي فريضة.\n
وقوله: (\n وإلا ففرض)، (\n إلا) أيش يعني؟ وإلا يتبين قبله ففرض، وشمل هذا ثلاثَ صورٍ:\n
الصورة الأولى: أن يتبين أنه في الوقت، والأمر واضح، تكون فرضًا.\n
الثانية: أن يتبين أنه بعد الوقت؟\n
\n طالب: ففرض.\n
\n الشيخ: ففرض.\n
الثالث: ألا يتبين الأمر فتكون أيضًا فرضًا.\n
فالصور أربع؛ إذا أحرم باجتهاد فلا يخلو من أربع حالات:\n
الحالة الأولى: أن يتبين أنها قبل الوقت، فهي نفل.\n
الثانية: في الوقت، ففرض.\n
الثالثة: بعده، ففرض.\n
والرابعة: يبقى الأمر مُبْهَمًا، لم يتبين شيء، ففرض كذا ولا لَّا؟\n
فإن قال قائل: إذا وقعت في الصور التي تكون فيها فرضًا فالأمر واضح، لكن في الصورة الأولى لماذا صارت نفلًا وهو لم ينوها؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» \n ؟\n
فالجواب: أن يقال: صلاة الفريضة تتضمن في الواقع نيتين: نية صلاة، وكونها فريضة؛ يعني: ونية كونها فريضة، نية كونها فريضة بطلت لتبين أنها قبل الوقت، وأيش يبقى نية كونها صلاة؟ ولهذا ينبغي أن يُذْكَر هنا قاعدة أو ينبه على قاعدة ذكرها الفقهاء؛ وهي قولهم: وينقلب نفلًا ما بان عدمُه كفائتة لم تكن وفرض لم يدخل وقته.\n
مثال: واحد إنسان ظن أنه صلَّى بغير وضوء فأعاد الصلاة، ثم تذكَّر أنه قد صلى بوضوء هذه فائتةً لم تكن، تكون هذه الصلاة نافلة.\n
فرض صلَّاه ظنًّا منه أن الوقت دخل فلم يدخل يكون أيضًا نافلة، فالقاعدة ما هي: وينقلب نفلًا ما بان عدمُه كفائتة لم تكن وفرض لم يدخل وقته.\n
\n طالب: المرأة إذا طَهُرت في آخر الوقت نقول: إنها يعني (...).
الشيخ: إي نعم، هذا ما يضر، يكون العبرة بإدراك الوقت بقطع النظر عن الأعمال التي تكون قبل الصلاة، يعني: مثلًا لو طهرت على كلام الفقهاء قبل الوقت بدقيقتين (...) تلزمها الصلاة.
الطالب: مثلًا يؤخرها -يا شيخ- عن وقتها حتى تبقى خمس دقائق، وراح يوضي، وفات الوقت.
الشيخ: ما يجوز.
الطالب: قلنا: إنه يأثم ولكن تجزئه.
الشيخ: إي، هو ما يجوز، لكن تكون الصلاة أداء.
\n طالب: شيخ، المجتهد الذي ليس معه أداة الاجتهاد إذا وافق اجتهاده (...) يعني: إذا قسم ما بين الظهر والمغرب، وصلى العصر وهذا وافق الصلاة الصحيحة.
الشيخ: ما تصح، وفيها قول أنها تصح؛ ولهذا قال الفقهاء: الأعمى لو أنه تحرَّى وصلى وجبت عليه الإعادة مطلقًا ولو أصاب؛ لأنه ليس أهلًا للتحري، وهذا قبل أن تخرج الساعات هذه، لكن فيه قول ثانٍ أنه إذا أصاب الوقت صحت، وهذا هو الصحيح.
\n طالب: شيخ (...)، إذا كان قبل الوقت وقتُ نهيٍ، كيف تكون نفلًا؟
الشيخ: المهم ينقلب نفلًا، فإن صَحَّحْتَه صحَّ النفل، في هذا صحَّ، وإلا فلا.
طالب: المذهب يستدلون بحديث: «مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً» حديث مسلم.
الشيخ: إي، لكن فُسِّرَت، قال: والسجدة هي الركعة.
الطالب: معروف تفسيرها على الراجح، لكن هم يستدلون به.
الشيخ: ما يصح هذا، ولا يستدلون بهذا؛ لأن السجدة أطول من تكبيرة الإحرام حتى ما ينطبق على كلام الفقهاء.
طالب: شيخ (...) أدرك ركعة؛ لأن إدراك الركعة بيخص الإنسان، والإنسان يصلي بسرعة وقد (...).
الشيخ: إي، صحيح، لكن يمكن إن شاء الله بيجينا بحثها موجودة في كلام المؤلف (...).\n
ما المراد بقول المؤلف: (\n باب شروط الصلاة)؟\n
\n طالب: شروط الصلاة: ما يجب لها قبلَها. \n
\n الشيخ: (ما يجب لها قبلها) يدخل فيه الأذان؟\n
\n الطالب: وما لا تتم إلا به.\n
\n الشيخ: يعني: ما تتوقف صِحَّتُها عليه، هذه شروط الصلاة.\n
يقول المؤلف: (\n شروطها قبلها) لماذا قال: (\n شروطها قبلها)؟\n
\n طالب: الشرط ما يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من عدمه العدم.\n
\n الشيخ: لا، خطأ.\n
\n الطالب: ويلزم من عدمه العدم.\n
\n الشيخ: ويلزم من وجوده الوجود؟\n
\n الطالب: لا يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم.\n
\n الشيخ: لكن معنى (\n شروطها قبلها) احترازًا من أيش؟\n
\n الطالب: ما هو داخل الأركان.\n
\n الشيخ: صح، احترازًا من الأركان؛ لأنها شروط للصحة، لكنها هي نفس الصلاة؛ ماهيتُها.\n
بدأ المؤلف -رحمه الله- بالوقت لماذا؟\n
\n طالب: لأنه تتوقف صحَّة الصلاة على تأديتها في الوقت.\n
\n الشيخ: حتى اللي غيره تتوقف صحتها على فعله حتى الوضوء مثلًا.\n
\n الطالب: لأن الوقت شرط لصحتها وشرط لوجوبها (...).\n
\n الشيخ: يعني: لأنه شرط وسبب.\n
\n الطالب: شرط وسبب نعم.\n
\n الشيخ: فيه شيء غير هذا.\n
\n طالب: لأنه هو أول ما ابْتَدَأَ به حديثُ جابرٍ.\n
\n الشيخ: لا هذا غير..\n
\n طالب: حديث جبريل، يا شيخ.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: ما تجب ابتداء إلا بدخول الوقت.\n
\n الشيخ: لأنها سبب لوجوب وشرط للصحة.\n
\n طالب: لأن الوقت هو أول شيء يرد اسمه، وأول شيء في مرتبة الصلاة يعني: أول شيء، أول أحكام الصلاة هو الوقت؛ لأنه قبل الوقت ما (...) حكم من أحكام الصلاة.\n
\n الشيخ: لا، يمكن يتوضأ قبل الوقت.\n
\n الطالب: الوضوء ما هو من الصلاة.\n
\n الشيخ: من شروط الصلاة.\n
\n الطالب: (...) الشروط.\n
\n الشيخ: أهم الشروط ما هو من أهمها؛ ولهذا يراعى الوقت، ولو فاتت كل الشروط، تصلي مثلًا إلى غير القبلة إذا كنت لا تقدر تصلي بغير وضوء ولا تيمم إذا كنت لا تقدر، المهم لأنه هو أهم الشروط؛ ولهذا تجد مراعاته مُقَدَّمًا على جميع الشروط، لا نقول لإنسان مريض الذي لا يستطيع أن يستقبل القبلة لا نقول: انتظر حتى تستطيع، ولا نقول لمن عدم الماء والتراب: انتظر حتى تجد ماء أو ترابًا، بل نقول: أيش صلِّ على حسب حالك.\n
بدأ المؤلف بوقت الظهر، لماذا لم يبدأ بوقت الفجر؟\n
\n طالب: امتثالًا لحديث جبريل؛ لأنه أول ما بدأ بالصلاة صلاة الظهر.\n
\n الشيخ: نعم أول ما أمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لإعلامه بالوقت بصلاة الظهر، تمام.\n
\n طالب: بعضهم -يا شيخ- بدأ بالفجر حتى تكون..\n
\n الشيخ: هذا قول ثان. وقت الظهر من؟ إلى؟\n
\n طالب: من الزوال إلى (...) الزوال يعني: يصير الظل مثله.\n
\n الشيخ: إلى مساواة الظل مثله؟ ما فيها قَيْدٌ آخر؟\n
\n الطالب: بعد فيء الزوال.\n
\n الشيخ: بعد فيء الزوال، ما هي علامة الزوال؟\n
\n طالب: علامة الزوال هو ميل الشمس من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية.\n
\n الشيخ: هذا هو الزوال.\n
\n الطالب: تناقص الظل حتى يزيد من الناحية الشرقية.\n
\n الشيخ: يعني: ابتداءُ زيادة الظل بعد تناهي قِصَرِه.\n
يقول المؤلف: (\n بعد فيء الزوال)، ما هذا القيد؟ ما محتَرَزه يعني؟\n
\n طالب: بعد فيء الزوال؛ أي: بعد تزداد الشمس بعد الظل التي زادت عليه الشمس.\n
\n الشيخ: الظل الذي زادت عليه الشمس لا يحسب؟\n
\n الطالب: لا يحسب، نعم.\n
\n الشيخ: كذا؟ يُحْسَب من ابتداء زيادة الظل إلى أن ينتهي بطول الشيء. له علامة في الزمن بالساعات؟\n
\n طالب: النصف ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.\n
\n الشيخ: النصف ما بين طلوع الشمس وغروبها.\n
العصر؟\n
\n طالب: يحصل من (...) إلى مصير الشيء (...).\n
\n الشيخ: فيه قول آخر؟\n
\n الطالب: العصر يكون له وقتان.\n
\n الشيخ: لا، الوقت الأول.\n
\n طالب: إلى الاصفرار.\n
\n الشيخ: إلى اصفرار الشمس.\n
وهذا يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وذاك يدل عليه حديث جبريل.\n
\n طالب: (...) يا شيخ، فلا يقال: إن العصر لها وقت واحد بدليل رواية البيهقي \n : \n «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ» وكذلك رواية مسلم \n : \n «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَحْمَرَّ الشَّمْسُ» (...).\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: مجموع الروايات دلَّ على أن العصر لها وقت واحد.\n
\n الشيخ: لا، مجموع الروايات دلَّ على أن لها وقتين؛ لأن اصفرار الشمس واحمرار الشمس متقارب.\n
\n الطالب: إلى الغروب تَحِلُّ؟\n
\n الشيخ: أما إلى الغروب، فمرادهم منتهى الضرورة، فهو كقوله: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» \n .\n
\n الطالب: ما هو الدليل يا شيخ؟\n
\n الشيخ: الدليل الحدود الأولى.\n
\n الطالب: وقوله هنا: ووقت العصر ما لم تغرب الشمس؟\n
\n الشيخ: طيب، \n «وَمَا لَمْ تَصْفَرَّ» ويش نسوي فيها؟\n
\n الطالب: نجمع بينهم أن هذا زائد..\n
\n الشيخ: لكن ما يكون زائدًا.\n
\n الطالب: كما جمعنا في حديث جبريل؛ قلنا: إن الاصفرار زائد على المثلين.\n
\n الشيخ: لا، إحنا نقول..\n
\n الطالب: الغروب (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، إحنا نقول: المثلين في الغالب، قد تختلف في بعض الأوقات؛ نقول: إذا كانت مثليه، اصفرت الشمس في أيام الشتاء مثلًا.\n
على كل حال هي لها وقتان بلا شك؛ وقت إلى اصفرار الشمس، والاحمرار هذا إما أن يُحْمَل على الاصفرار، وإلا فيقال: الوقت مُتَقَارب والثاني إلى الغروب.\n
وقت المغرب؟\n
\n طالب: من خروج وقت العصر إلى مغيب الشفق الأحمر.\n
\n الشيخ: ومتى يخرج وقت العصر؟\n
\n الطالب: غروب الشمس.\n
\n الشيخ: إذن من غروب الشمس إلى مَغيب الشفق الأحمر ولَّا الأبيض؟\n
\n الطالب: الأحمر.\n
\n الشيخ: وقت العشاء؟\n
\n طالب: من مغيب الحمرة إلى نصف الليل.\n
\n الشيخ: إلى نصف الليل، أحسنت.\n
وقت الفجر؟\n
\n طالب: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.\n
\n الشيخ: إلى طلوع الشمس، قَيَّدْتَ بالفجر الثاني، هل هناك فجرٌ أول؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: هو فجر متد..\n
\n الشيخ: نور.\n
\n الطالب: ممتد من الشرق إلى الغرب، وبعيد عن الأفق، ويزول بعد طلوعه.\n
\n الشيخ: صحيح، بخلاف الثاني فهو معترض.\n
\n الطالب: من الشمال إلى الجنوب.\n
\n الشيخ: من الشمال إلى الجنوب ومستمر ومتصل، بارك الله فيك.\n
ما هو الأصل في فعل الصلاة أن تكون في أول الوقت أو في آخره؟\n
\n طالب: إذا صلى أن يُعَجِّل بالصلاة.\n
\n الشيخ: نعم، في أول الوقت، الدليل؟\n
\n الطالب: الدليل عموم الأدلة في قوله تعالى: \n {اسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}.\n
\n الشيخ: \n {اسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، \n {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وكذلك الأحاديث الواردة في؟\n
\n الطالب: فضيلة أول الوقت.\n
\n الشيخ: وفي فعل الرسول صلى الله عليه وسلم (...).\n
\n الطالب: وفي فعل الرسول.\n
\n الشيخ: يستثنى من هذا؟\n
\n طالب: صلاة الظهر وقت الحر، وقت ما يشتد الحر، ووقت..\n
\n الشيخ: صلاة الظهر إذا اشتَدَّ الحرُّ تؤخر؟\n
\n طالب: تؤخر إلى..\n
\n الشيخ: إلى الإبراد حتى يبرد الوقت، والثاني؟\n
\n طالب: الثاني إذا كان فيه غيوم.\n
\n الشيخ: إي نعم، هذا على رأي المؤلف، يعني: وقت الظهر في حالين، والصحيح أن مسألة الغيم لا تُؤَخَّر فيها.\n
فيه صلاة ثانية تؤخر؟\n
\n طالب: العصر يؤخر وقت الضرورة إلى قرب مغيب.\n
\n الشيخ: يعني: تؤخر عن وقت الاختيار إلى قرب غروب الشمس.\n
\n طالب: لا الأصل التأجيل.\n
\n الشيخ: هذا، ويش اللي أصله التأخير؟\n
\n الطالب: صلاة العشاء.\n
\n الشيخ: صلاة العشاء، إلى؟\n
\n الطالب: إلى ثلث الليل.\n
\n الشيخ: إلى ثلث الليل، أحسنت.\n
\n طالب: صلاة المغرب ليلة جَمْعٍ.\n
\n الشيخ: ويش ليلة جَمْعٍ هذه؟\n
\n الطالب: هي ليلة مزدلفة.\n
\n الشيخ: ليلة مزدلفة لمن قصدها مُحْرِمًا، إي نعم.\n
بماذا تدرك الصلاة على كلام المؤلف؟\n
\n طالب: تُدْرَك بركعة.\n
\n الشيخ: على كلام المؤلف؟\n
\n الطالب: بتكبيرة الإحرام.\n
\n الشيخ: بتكبيرة الإحرام، هل هناك دليل أو تعليل لهذا القول.\n
\n طالب: نعم، قول الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ» بس هذا فيه ركعة يا شيخ؟\n
\n الشيخ: طيب، صار فيه ركعة لا تجيبه.\n
أقول: هل هناك تعليل؟\n
\n الطالب: نعم تعليل؛ لأنه كَبَّر قبل دخول وقت الصلاة التي بعدها؛ يعني: هذا يكون وقت الأولى، وقت العصر.\n
\n الشيخ: ما هو بظاهر، يا شيخ.\n
\n طالب: يقال: إن تكبيرة الإحرام جزء من الصلاة.\n
\n الشيخ: نعم؛ فإدراك جزء منها يكون إدراكًا للكل، إذن هو تعليل، فيه رأي آخر؟\n
\n طالب: بإدراك ركعة في وقتها.\n
\n الشيخ: ما دليله؟\n
\n الطالب: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n ، وقوله صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» \n ، \n «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» \n .\n
\n الشيخ: إذن: فمنطوق الحديث أن إدراكها بركعة، ومفهومه أن أقلَّ من ركعة لا تُدْرَك به.\n
إذا أَحْرَم باجتهاد في دخول الوقت، فلا يخلو من أربع حالات؟\n
\n طالب: غلب عليه ظَنُّه.\n
\n الشيخ: غلب على ظَنِّه، وصلَّى فلا يخلو من أربع حالات؟\n
\n الطالب: أول حال: ظَنُّه دخول الوقت.\n
\n الشيخ: ظنَّ هذا، صلَّى، فله أربع حالات؟\n
\n طالب: الحالة الأولى: أن يصلي في وقت الصلاة.\n
\n الشيخ: أن يصلي، هو الآن مجتهد.\n
\n الطالب: كيف؟\n
\n الشيخ: كيف نقول: أن يصلي وهو مجتهد؟\n
\n الطالب: يعني: أن يوافق وقت الصلاة.\n
\n الشيخ: أن يتبين أنه صلى في الوقت، فما الحكم؟\n
\n الطالب: صحَّت صلاته.\n
\n الشيخ: تَصِحُّ الصلاة، هذه واحدة، الثاني.\n
\n الطالب: الثاني: أنه صلَّى قبل وقت الصلاة، الثالث: أن..\n
\n الشيخ: ما حكمه؟ \n

","SearchText":" يعني: وقت الضروره الي غروبها، هل نقول: الضروره ولا الضروره؟ طالب: الثانيه. الشيخ: وما يلي المضاف ياتي خلفا عنه في الاعراب اذا ما حذفا وربمــــــا جروا الذي ابقــوا كمــا لو كان قبل حذف ما تقدما طالب: (...). الشيخ: ربما لكن بشرط الشرط لا يتحقق هنا، فعندءذ نقول: الضروره الي غروبها؛ يعني: انه يمتد وقت الضروره الي غروب الشمس، نحتاج الان الي دليلين: الدليل الاول: جعل غايه الوقت الاختياري الي مصير ظل كل شيء مثليه، والدليل علي هذا حديث جابر في قصه جبريل. ولكن القول الراجح في هذه المساله: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ان الرسول عليه الصلاه والسلام قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» ، «ما لم تصفر» اي: ما لم تكن صفراء، وهذا في الغالب يزيد علي مصير ظل الشيء مثليه، والزياده تكون مقبوله؛ لان الحديث صحيح وفي مسلم، ومن قول الرسول صلي الله عليه وسلم، وعلي هذا فالزياده مقبوله. ويمكن ان يجاب عن حديث جبريل: بان «ظل كل شيء مثليه» هذا ابتداء الصلاه، ويمكن اذا صليت وانتهي منها تكون الشمس قد اصفرت؛ ولا سيما في ايام الشتاء وقصر العصر. وعلي كل حال سواء صح هذا الجمع ام لم يصح، فان الاخذ بالزاءد متعين؛ لانه ينتظم الناقص فالاخذ بالزاءد اخذ بالزاءد والناقص، لكن الاخذ بالناقص الغاء للزاءد؛ فعليه نقول: وقت العصر الي اصفرار الشمس. الدليل علي ان الضروره الي غروبها قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من صلاه العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» ، وهذا نص صريح في ان الوقت يمتد الي الغروب. اذا قال قاءل: لماذا لم تاخذ بهذا الحديث لانه زاءد علي حديث عبد الله بن عمرو، ما دمنا اخذنا بهذا الاصل ان الزياده يءخذ بها لانها تنتظم النقص ولا عكس، لماذا لم ناخذ؟ لان الرسول صلي الله عليه وسلم حدد قال: «ما لم تصفر الشمس» ، ويمكن الجمع بين الحديثين بان يقال: «ما لم تصفر الشمس» هذا وقت الاختيار، و «الي الغروب» وقت الضروره. ويش معني وقت الضروره؟ يعني: مثلا لو ان احدا انشغل بشغل لا بد منه، ولنفرض انه اصيب بجرح فاشتغل بان يلبد هذا الجرح ويضمد هذا الجرح، ويستطيع يصلي الان، لكن فيه مشقه، الي قبيل الغروب. نقول: هذا الرجل اذا صلي في هذه الحال قبيل الغروب فقد صلي في الوقت وياثم ولا لا؟ طلبه: لا. الشيخ: لا ياثم؛ لان هذا وقت ضروره؛ اذا اضطر الانسان فلا حرج، وكذلك لو كان عنده ضيوف ما يستطيع الانسان مفارقتهم خوفا منهم؛ ضيوف جاءوا مسافرين قد صلوا العصر جمعا ونزلوا عنده، ولا يتمكن من مفارقتهم خوفا منهم لكونهم لصوصا مثلا. طلبه: (...). الشيخ: غصبا عليه، ابتلي بهم، يخشي يذهب يشيلون كل شيء او خوفا منهم؛ لانهم في انفسهم عظماء ما يستطيع ان يخرج وهم موجودون، يخشي ايضا منهم لكونهم ذا ولايه عليه او ما اشبه ذلك؛ فهنا نقول: الضروره تبيح له ان يتاخر الي ما قبل غروب الشمس، لكن بعد الغروب لا يجوز (...)، مشكله اللصوص نقول: يغلق عليهم ولا يصلي عندهم اذا امكن. طالب: لو اراد الناس يبردون في هذا الوقت يترتب عليه امور؛ لو اخر الصلاه فان الناس ينامون ولا يقومون الا بعد صلاه العصر ماذا نقول؟ الشيخ: هذا سءال وجيه يقول: في هذا الوقت لو ابرد الناس الي ما جاءت به السنه حصل بذلك ترك واجب؛ لانهم يخرجون من اعمالهم ثم ينامون، واذا نام بعد التعب ويش يقومه، فهل نقول في هذه الحال: اننا ندع هذا الافضل من اجل درء هذه المفسده، ونقول: قد يعرض للمفضول ما يجعله افضل من الفاضل؟ وهذا النبي عليه الصلاه والسلام اخبر بان الوقت المختار للعشاء ما بعد ثلث الليل ، ولكن كان يقدمها مراعاه لاصحابه، فهل نقول: الظهر مثلها اذا كنا نقدمها مراعاه للناس واحوالهم اليوم؟ الجواب: نعم، ولا شك، والدين يسر (...). *** بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. بدا المءلف -رحمه الله- بوقت الظهر، فلماذا لم يبدا بصلاه الفجر؟ طالب: لانه جريا علي حديث جبريل، مراعاه لحديث جبريل اول ما بدا، بدا بالظهر. الشيخ: تبعا لحديث جبريل حيث بدا بصلاه الظهر. متي يدخل وقت الظهر؟ طالب: يدخل وقت الظهر بعد الزوال. الشيخ: اذا زالت. طالب: الشمس. الشيخ: ما علامه الزوال؟ طالب: هو ان يضع شاخصا.. الشيخ: لا ما هو ان يضع، ما علامه الزوال؟ لانك تقول الان: هذا الطريق الي معرفه الزوال، لكن نقول: ما علامه الزوال؟ الطالب: ان الشمس تميل الي الغروب او.. الشيخ: ابتداء زياده الظل بعد تمام قصره، هذا علامه الزوال، ما هو الطريق الي معرفه ذلك؟ طالب: ان يوضع شاخص ثم ينظر الي ان يبدا ظل الشاخص في التناقص فيوضع علامه، فاذا بدا بالزياده فهذا وقت الظهر. الشيخ: يوضع شاخص؛ شيء قاءم ويراقب ظله، فهو لا يزال ينقص فاذا بدا بالزياده ادني زياده، فهذا علامه زوال الشمس، وبذلك يدخل وقت الظهر. الطريق الثاني بالساعات، ما هي؟ طالب: ان نحسب ساعات طلوع الشمس الي ساعات غروبها وننصفها، فاذا كانت تطلع الشمس الساعه السادسه وتغرب الساعه السادسه يكون الساعه الثانيه عشره. الشيخ: نعم، العلامه الثانيه بالساعات اننا نقسم ما بين طلوع الشمس وغروبها نصفين، والنصف هو الزوال. ما الذي يسن في صلاه الظهر التعجيل او التاخير؟ طالب: الاصل التعجيل، يسن التعجيل. الشيخ: نعم، وهل يستثني من ذلك شيء؟ طالب: نعم، في الحر، امر النبي صلي الله عليه وسلم.. الشيخ: اذا اشتد الحر، فتاخيرها الي متي؟ الطالب: الي قرب وقت العصر. الشيخ: ما هو الدليل علي تاخيرها في شده الحر؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: ابردوا بالظهر، فان شده.. الشيخ: لم يقل: ابردوا بالظهر. الطالب: قوله: في الظهر: ابردوا؛ فان شده الحر من فيح جهنم. الشيخ: ولم يقل: ابردوا فان شده الحر من فيح جهنم. طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم لبلال: عندما اراد ان يءذن، قال له ثلاثا: «ابرد»، فعندما اطال قام واذن . الشيخ: قول الرسول للمءذن، لكن ما فيه شيء عام. طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: ابردوا في شده الحر فان.. الشيخ: لا. طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا اشتد الحر فابردوا بالصلاه» . الشيخ: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا اشتد الحر فابرد بالصلاه؛ فان شده الحر من فيح جهنم» صح. فاما حديث السفر؛ لما اراد المءذن ان يءذن فامره الرسول ان يبرد ثلاث مرات ، فهو يدل علي منتهي الابراد؛ يعني: الي متي نبرد؟ يقول: لما ساوي التل ظله اذن ، يعني: الي قرب صلاه العصر. هل هناك حال اخري يسن فيها تاخير صلاه الظهر؟ طالب: علي قول المءلف اذا كان فيها غيم.. طالب اخر: لو صلي (...). الشيخ: اذا كان في غيم، اذا كان يصلي جماعه، السبب؟ طالب: فيه مشقه. الشيخ: سهوله الخروج علي الناس؛ لان الغيم مظنه المطر، فاذا امطرت شق علي الناس ان يخرجوا مرتين مره للظهر ومره للعصر، فكان الافضل ان يءخره. هل لديك معارضه علي هذا الكلام الذي ذكره المءلف في الغيم؟ طالب: اي فيه، يحتمل انه ياتي الغيوم، وهذا كثير انه تاتي الغيوم، ولا تعقبها امطار فهذا لا (...) تاخير الصلاه، يعني: احتمال ورود المطر واحتمال عدم وروده. الشيخ: اي. طالب: شيخ، فيه مخالفه للسنه (...)، فقال عز وجل: {فاستبقوا الخيرات} [البقره: ١٤٨]، والنبي عليه الصلاه والسلام لم يرد عنه الا في شده الحر تاخير الصلاه، وفي ذلك ابراء للذمه. الشيخ: اذن نقول: هذا القول ليس بصحيح، قول مرجوح؛ اولا: لانه مخالف للسنه في تعجيل الصلاه بلا دليل، والثاني: انه قد يوجد الغيم ولا يحصل المطر ولا الاذي. طالب: نقول: كثره الخطي الي المساجد داخل فيه. الشيخ: اي، ربما هذه نقولها ايضا: انه اذا خرج مرتين يكون فيه زياده اجر في الخطي، بعد ان ينتهي وقت الظهر ماذا يكون؟ طالب: يدخل وقت العصر. الشيخ: ليس بينهما مده؟ الطالب: لا، ليس بينهما وقت.. الشيخ: فاصل يعني؟ الطالب: نعم. الشيخ: ليس بينهما فاصل، ولا وقت مشترك، اذن هذا يلي هذا. يقول المءلف: ( الضروره الي غروبها )، اولا: ما هو الدليل علي ان وقتها محدد الي ان يصير ظل الشيء مثليه بعد فيء الزوال؟ طالب: تحديد جبريل. الشيخ: حديث جبريل انه امر الرسول عليه الصلاه والسلام. الطالب: صلي اولا العصر ثم صلي.. الشيخ: حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلي الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه ، الدليل علي انه يمتد عند الضروره الي الغروب؟ الطالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك من العصر ركعه فقد ادرك الصلاه» . الشيخ: لا. طالب: من ادرك من العصر ركعه قبل غروب الشمس. الشيخ: «قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» . قال المءلف: ( ويسن تعجيلها )، يعني: يسن في صلاه العصر تعجيلها؛ اي: ان يعجلها في اول الوقت؛ وذلك لعموم الادله الداله علي ان اول الوقت افضل كما في قوله تعالي: {فاستبقوا الخيرات} ؛ ولانه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام من حديث ابي برزه الاسلمي انه: كان صلي الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس نقيه مرتفعه؛ حتي انهم يذهبون الي رحالهم في اقصي المدينه والشمس حيه . وهذا دليل علي مبادرته بها. فاذن: الدليل ان تعجيلها افضل: عموم الادله الداله علي المبادره بفعل الخير، وعلي ان الصلاه علي وقتها من افضل الاعمال. ودليل اخر خاص بان الرسول عليه الصلاه والسلام كان يصلي العصر فيذهب الذاهب من الصحابه الي اقصي المدينه في رحله والشمس حيه، يعني: انها لم تتغير. مر علينا ان الصحيح ان وقتها المختار الي اصفرار الشمس، فعليه يكون للعصر وقتان وقت اختيار ووقت ضروره. فوقت الاختيار: الي مصير كل شيء مثليه علي المشهور من المذهب او اصفرار الشمس علي القول الراجح. والضروره: الي الغروب، لكن ضربنا مثلا فيما سبق لضروره مثل ايش؟ طالب: الخوف. الشيخ: كالخوف، وضيوف لا يستطيع مفارقتهم، وجرح يحتاج الي ان يعالجه وما اشبه ذلك. قال: ( ويليه وقت المغرب الي مغيب الحمره ) يعني: يلي وقت العصر، بدون فاصل وبدون اشتراك بينهما في الوقت، وقت المغرب من مغيب الشمس الي مغيب الحمره، فبمجرد ما يغيب قرص الشمس في الافق يدخل وقت صلاه المغرب. ( الي مغيب الحمره ) يعني: الحمره في السماء، اذا غابت الحمره لا البياض، فانه يخرج وقت المغرب، ويدخل وقت العشاء. كم مقداره في الساعه؟ مقداره في الساعه يختلف باختلاف الفصول، فتاره يطول وتاره يقصر؛ لكنه يعرف بالمشاهده، متي رايت الحمره قد زالت من الافق فهذا دليل علي ان وقت المغرب قد انقضي، وهو يتراوح ما بين ساعه وربع بعد الغروب، الي ساعه ونصف وثلاث دقاءق تقريبا بعد الغروب. يعني: باختلاف الفصول. يقول المءلف: ( ويسن تعجيلها ) يسن تعجيل صلاه المغرب؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصليها اذا وجبت ، يعني: اذا وجبت الشمس وغربت؛ فيبادر بها. ولكن المبادره ليس معناها انه حينما يءذن يقيم؛ لانه صلي الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب» قالها ثلاثا، ثم قال في الثالثه: «لمن شاء» . وكان الصحابه رضي الله عنهم اذا اذن المغرب يقومون فيصلون، وكان النبي صلي الله عليه وسلم يراهم ولا ينهاهم، وهذا يدل علي انه ليس معني التعجيل ان يبادر الانسان من حين الاذان، ولكن لا يتاخر بمقدار الوضوء والراتبه وما اشبه ذلك. ثم قال: ( الا ليله جمع لمن قصدها محرما )، ( جمع ) اسم لمزدلفه، وسميت جمعا؛ لاجتماع الناس فيها؛ لان الناس يجتمعون فيها في ليله العيد، يجتمع فيها الناس من قريش وغيرهم، عرفه: لا يجتمع فيها الناس؛ لان قريشا في الجاهليه كانوا لا يقفون بعرفه، ويقفون بالمزدلفه، لكن ليله العيد يجتمع الحجاج فيها؛ ولهذا سميت ليله ( جمع ) يعني: الا ليله مزدلفه. ( لمن قصدها ) اي: قصد جمعا، فالضمير هنا يعود علي ( جمع )، وليس علي الصلاه، اي: لمن قصد جمعا محرما، ولو قال المءلف رحمه الله: الا ليله مزدلفه للحاج لكان اوضح واخصر، لكن كثيرا من الفقهاء، ولا سيما اصحاب المذاهب المقلده كثير منهم يتناقلون العباره من اول من عبر بها الي اخر من تكلم بها يتناقلونها، ولا سيما وان هذا الكتاب مختصر من المقنع للموفق، فتجده تبع في العباره من سبقه. والا فلا شك ان مءدي هذه العباره ان يقال: الا ليله مزدلفه لمن؟ للحاج يكون اوضح وابين. علي كل حال، المءلف رحمه الله استثني في صلاه المغرب مساله واحده؛ وهي: الحاج اذا دفع من عرفه، فانه لا يمكنه ان يصلي في عرفه ولا في الطريق، علي وجه الاستحباب، اذن يصلي في مزدلفه. ودليل ذلك: ان النبي صلي الله عليه وسلم لما نزل فبال في الشعب قال له اسامه بن زيد - وكان رديفا له -: الصلاه يا رسول الله، قال: «الصلاه امامك» فلم يصل . اذن يءخرها الي مزدلفه. واستثني فقهاءنا رحمهم الله في الكتب المطوله استثنوا قالوا: ان لم يوافها وقت الغروب، يعني: ان لم يصل اليها الي مزدلفه وقت الغروب، شوف يعني: من ذاك الزمن في امكان ان يصل الانسان اليها وقت الغروب يعني: وقت المغرب، قالوا: فان وافاها في ذلك الوقت صلاها في وقتها وبادر بها. علي كل حال يستثني من هذه المساله ليله المزدلفه للحاج فلا يسن له ان يعجل، بل لا يصلي حتي يصل الي مزدلفه، ودليل ذلك ما اشرنا اليه انفا حديث اسامه بن زيد رضي الله عنه. فان قال قاءل: لو تاخر في الطريق وخاف ان يخرج وقت العشاء، فماذا يصنع؛ هل يءخر الصلاه الي ان يصل الي مزدلفه وان لم يصل الا الفجر، او يصلي الصلاه في وقتها ولو علي راحلته؟ الجواب: الثاني؛ يعني: اذا خاف خروج الوقت وجب عليه ان ينزل فيصلي، فان لم يمكنه النزول صلي ولو علي ظهر راحلته. ثم قال: ( ويليه وقت العشاء الي الفجر الثاني وهو: البياض المعترض، وتاخيرها الي ثلث الليل افضل ان سهل ) ( يليه ) يعني: يلي وقت المغرب وقت العشاء الي طلوع الفجر علي كلام المءلف: ( الي طلوع الفجر الثاني، وهو: البياض المعترض )، وعلي هذا تكون صلاه العشاء اطول الصلوات وقتا؛ لانها تكاد تكون جميع الليل من خروج وقت المغرب الي طلوع الفجر الثاني ايضا. الفجر الثاني قال: ( وهو البياض المعترض ) في الافق من الشمال الي الجنوب. وافادنا المءلف رحمه الله بقوله: ( الي طلوع الفجر الثاني ) ان هناك فجرا اول وهو كذلك، والفجر الاول يخرج قبل الثاني بنحو ساعه، او ساعه الا ربع، او قريبا من ذلك، وذكر العلماء ان بينه وبين الثاني ثلاثه فروق: الفرق الاول: ان الفجر الاول ممتد لا معترض؛ يعني: ممتد طولا من الشرق الي الغرب، والثاني معترض من الشمال الي الجنوب. الفرق الثاني: ان الفجر الاول يظلم، يعني: يكون هذا النور لمده قصيره ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم، بل يزداد نورا واضاءه. الفرق الثالث: ان الفجر الثاني متصل بالافق، ليس بينه وبين الافق ظلمه، والفجر الاول منقطع عن الافق، يعني: بينه وبين الافق ظلمه، هذه ثلاثه فروق بين حقيقه هذا وحقيقه هذا. هل يترتب علي الفجر الاول شيء؟ لا يترتب عليه شيء من الامور الشرعيه ابدا، لا امساك في صوم، ولا حل صلاه الفجر، الاحكام مرتبه علي الفجر الثاني. اذن: ( الي الفجر الثاني وهو البياض المعترض )، ما هو الدليل؟ اما الدليل علي دخول وقتها: فهو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث جبريل، كلها تدل علي ان وقت العشاء يدخل بمغيب الشفق الاحمر، اما انتهاءه الي الفجر الثاني فليس فيه دليل. الا دليلا لا دلاله فيه هو: ان النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «ليس في النوم تفريط، انما التفريط علي من اخر صلاه حتي يدخل وقت الصلاه الاخري» قالوا: فهذا دليل علي ان اوقات الصلاه متصله. فهل في هذا الحديث من دليل؟ ليس فيه دليل؛ لان التفريط ان يءخر الصلاه حتي يدخل وقت الصلاه الاخري؛ يعني: فيما وقتاهما متصل؛ ولهذا لا يدخل فيه صلاه الفجر مع صلاه الظهر بالاجماع، فان صلاه الفجر لا تمتد الي صلاه الظهر بالاجماع، واذا كان كذلك فالواجب الرجوع الي الادله، اذا لم يكن في هذا دليل؛ فالواجب الرجوع الي الادله الاخري. الادله الاخري ليس فيه دليل يدل علي ان وقت العشاء يمتد الي طلوع الفجر ابدا، حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث جبريل كلها تدل علي ان وقت العشاء ينتهي عند منتصف الليل. وهذا الذي دلت عليه السنه، هو الذي دل عليه ظاهر القران ايضا؛ لان الله عز وجل قال في القران: {اقم الصلاه لدلوك الشمس الي غسق الليل وقران الفجر} [الاسراء: ٧٨]، فتجد (لدلوك الشمس) يعني: من دلوك الشمس، لكن اتي باللام للدلاله علي ان دخول الوقت عله في الوجوب، اي: سبب. والدليل ان اللام هنا بمعني (من) لكن عبر باللام من اجل بيان العله؛ الدليل الغايه (الي)، والغايه يكون لها ابتداء ولا لا؟ لها ابتداء كانما قال: (من دلوك الشمس الي غسق الليل)، لكن اتي باللام كما قلت اشاره الي ان دخول الوقت عله الوجوب؛ ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: ان الوقت سبب وشرط؛ سبب لوجوب الصلاه، وشرط لصحتها. {لدلوك الشمس الي غسق الليل} متي يكون غسق الليل؟ عند منتصفه؛ لان اشد ما يكون الليل ظلمه في النصف، حينما تكون الشمس منتصفه في الافق من الجانب الاخر من الارض، هذا غسق الليل. اذن، من نصف النهار الذي هو زوالها الي نصف الليل هذا جعله الله وقتا واحدا؛ لان اوقات الفراءض فيه متواصله او متصل بعضها ببعض، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: الظهر يليه العصر يليه المغرب يليه العشاء، اذن ما بعد الغايه داخل ولا خارج؟ طلبه: خارج. الشيخ: ما بعد الغايه خارج؛ ولهذا فصل فقال: {وقران الفجر} ففصل، وجعل الفجر مستقلا، فدل هذا علي ان الصلوات الخمس اربع منها متتابعه، وواحده منفصله، وهذا هو الذي تءيده السنه ايضا، بل السنه صريحه فيه، فالصواب اذن ان وقت العشاء الي نصف الليل. ولكن ما المراد بنصف الليل؟ هل الليل من غروب الشمس الي طلوعها، او من غروب الشمس الي طلوع الفجر؟ اما اللغه العربيه: فكلاهما يسمي ليلا؛ ولهذا تجد في القاموس يقول: الي طلوع الفجر او طلوع الشمس الليل. اما في الشرع: فالظاهر ان الليل ينتهي بطلوع الفجر، وعلي هذا نقول: نصف الليل من صلاه العشاء من مغيب الشمس؛ يعني: الليل الذي ينصف من اجل معرفه صلاه العشاء هو: من غروب الي طلوع الفجر، فتنصف ما بينهما، وما بينهما هو اخر الوقت، هذا هو القول الراجح الذي لا تدل الادله الا عليه، وان ما بعد منتصف الليل ليس وقتا لصلاه مفروضه، انما هو وقت نافله وتهجد. قال: ( وتاخيرها الي ثلث الليل افضل ان سهل ). الان ليس عندنا دليل علي ان وقت العشاء يمتد الي طلوع الفجر، حينءذ يكون قول المءلف مرجوحا. ( تاخيرها الي ثلث الليل افضل ان سهل ) فان شق فتعجل في اول الوقت، اما اذا سهل فالافضل تاخيرها الي ثلث الليل. دليل ذلك حديث ابي جحيفه رضي الله عنه قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يستحب ان يءخر من العشاء ، وفي حديث جابر: اذا راهم اجتمعوا عجل، واذا راهم ابطءوا اخر ، وثبت عنه صلي الله عليه وسلم انه: تاخر ذات ليله حتي ذهب عامه الليل، فقام اليه عمر فقال: يا رسول الله، رقد النساء والصبيان، فخرج وراسه يقطر عليه الصلاه والسلام وقال: «انه لوقتها لولا ان اشق علي امتي» . فهذه ادله واضحه علي ان تاخيرها الي ثلث الليل افضل، ولكن ان سهل. اذا كان انسان يصلي بالناس في البلد، فهل التقديم افضل او التاخير؟ نقول: الافضل مراعاه الناس، اذا اجتمعوا صلي، وان اخروا تاخر. اذا كانوا جماعه محصورين ولا يهمهم ان يعجلوا او يءخروا فما الافضل؟ التاخير. اذن: النساء في بيوتهن الان في مثل عصرنا هذا الافضل لهن التاخير؛ يعني: لو قالت امراه: انها ستبقي مستيقظه الي نصف الليل، فهل الافضل ان تصلي العشاء مبكره او مءخره؟ نقول: الافضل ان تءخر، اما الرجال فسيصلون جماعه. فان قال قاءل: هل الافضل مراعاه تاخير الصلاه الي اخر الوقت، او الصلاه مع الجماعه؟ الطلبه: مع الجماعه. الشيخ: نعم، نقول: الجماعه، بل لا مفاضله في الواقع؛ لان صلاه الجماعه واجبه، وهذا مستحب، ولا مقارنه بين مستحب وواجب. قال المءلف: ( ويليه وقت الفجر الي طلوع الشمس ) لم يبين المءلف ابتداء وقت الفجر؛ لانه يري ان وقت العشاء يمتد الي طلوع الفجر، ولهذا قال: ( ويليه وقت الفجر ) فيكون من طلوع الفجر. والعجيب ان المءلف -رحمه الله- ظاهر كلامه ان تاخير صلاه العشاء الي ما بعد نصف الليل جاءز؛ لانه لم يقل: انه وقت ضروره، والمعروف عند اهل العلم ان ما بين نصف الليل الي الفجر وقت ضروره ليس وقت جواز، اما وقت الفجر فهو من طلوع الفجر الي طلوع الشمس، كم مقداره في الساعات يختلف، فقد يكون ساعه ونصف، وقد يكون ساعه وربع كالمغرب. يقول شيخ الاسلام رحمه الله: من ظن ان حصه الفجر كحصه المغرب فقد اخطا وغلط؛ يعني: بعض الناس يجعل الوقت ساعه ونصف بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وساعه ونصف بين مغيب الشمس ومغيب الشفق، ويقول: هذا خطا، ليس بصحيح؛ لان مقدار ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس في ايام الشتاء يطول لتصاعد الابخره الي فوق؛ فينعكس عليها ضوء الشمس مبكرا؛ فتطول حصه الفجر، وعكس ذلك في الصيف، وعكس ذلك ايضا حصه المغرب؛ يعني: اذا طالت حصه الفجر قصرت حصه المغرب، والعكس بالعكس. علي كل حال هذه ظواهر افقيه، يمكن يطلع علي علم اكثر مما قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله. اما بالنسبه للمشاهده فاذا كنت في بر وليس حولك انوار تمنع الرءيه ولا قتر، فاذا رايت البياض الممتد من الشمال الي الجنوب فقد دخل وقت الفجر، فصل الفجر، اما قبل ان يتبين فلا تصل الفجر. قال: ( الي طلوع الشمس )، ودليل ذلك: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي اخرجه مسلم وغيره ايضا. وبعد طلوع الشمس الي زوال الشمس ليس وقتا لصلاه الفريضه، كما ان من نصف الليل الي طلوع الفجر ليس وقتا لصلاه مفروضه؛ هذه الاوقات الخمسه التي اوجب الله فيها الصلاه. وقد سالنا في اول الكلام علي الاوقات؛ ما الحكمه في ان الصلوات الخمس موزعه هذا التوزيع، والسءال هنا لماذا لم تجمع جميعا؟ هذه واحده، وما الحكمه في انها قيدت بهذه الاوقات يعني: لم تجعل مثلا موقته بمسافه او بمده متساويه؟ طالب: نقول: لا شك ان الحكم كثيره؛ منها تسهيلها علي العباد يعني: لا شك تسهيل العمل، توزيع اي (...) اذا كانت كبيره، يجعل العامل له انشط عندما ياتي اليه. الشيخ: هذا واحد. طالب: ايضا يا شيخ، ان الانسان في هذه الاوقات يصبح كانه عابد الله سبحانه وتعالي في جميع اليوم في جميع الاوقات؛ فمثلا يعبد الله سبحانه وتعالي في الصبح وفي المساء، يكون عابدا لله ذاكرا.. الشيخ: يعني: اذن لءلا ينقطع عن العباده كذا. الطالب: عن الذكر. الشيخ: عن العباده والذكر؛ لانه لو صلاها في وقت واحد، بقي بقيه الاوقات غافلا معرضا. الطالب: حصول الاجر والثواب بتكرار الوضوء في كل وقت علي حده، اذا تفرقت بخلاف اذا جمعها فانه ربما يصليها بوضوء واحد. الشيخ: يعني: كثره الاجر بكثره العمل لهذه الصلاه من وضوء ومشي اليها وتحصيل ستره وغير ذلك، هذه ثلاثه. طالب: ما يكون في ذلك من اجتماع المسلمين. الشيخ: واذا صار واحدا اللي بيصلي. الطالب: لا هذا غالب (...) ما فيه من اجتماع المسلمين، يجتمعون في اليوم خمس مرات.. الشيخ: يعني: تجديد اللقاء بين المسلمين كذا؟ وهذا يرسخ المحبه والتالف بين المسلمين. طالب: جعلها يا شيخ في اوقات مناسبه من بعد الظهر يكون بعد العمل والعصر يكون بعد القيام من النوم هذا في الغالب يعني. الشيخ: هذا يختلف باختلاف الناس. طالب: لا، في الغالب، بعض الناس.. الشيخ: لا، هذه مساله عن الحكمه؛ ليش وضعت علي هذا الترتيب، ما جعلت مثلا المده متساويه؟ انما الان نريد اصل التفريق؛ لان السءال الان سءالان؛ السءال الاول: عن التفريق، والسءال الثاني: عن اختلاف المدد بينها. طالب: منها ان الصلاه تنهي عن الفحشاء، انها (...) الوقت، يكون رادعا له عن الفحشاء، وايضا تكفير السيءات الصغاءر. الشيخ: يعني تجديدها؛ تجديد النهي عن الفحشاء والمنكر، التكفير: قد يعترض معترض، ويقول: ما دام سيصلي يكفر. طالب: كفاره لما بين الصلوات. الشيخ: اي، يقول: ما بين الصلوات، حتي لو جمعت مثلا بعد طلوع الشمس ثم جاء اليوم الثاني حصل التكفير. طالب: جعلها يا شيخ في هذا الوقت تكون في اوقات معينه ابتلاء الله سبحانه وتعالي يبتلي به المءمنين؛ ولذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «اثقل الصلاه علي المنافقين صلاه الفجر والعشاء» . الشيخ: هذه تعيينها في اوقات معينه، الان عندنا، اربع فواءد في تفريقها. طالب: اقول -يا شيخ-: استمرار صله العبد بربه عز وجل؛ اذ لو جعل الله سبحانه وتعالي الصلوات في وقت واحد ربما ينشغل الانسان مثلا او يشغل نفسه بشيء لم ينفع به نفسه، فلما فرق الله سبحانه وتعالي الصلوات علي هذا الترتيب، الغالب ان الانسان يشغل وقته؛ يعني: في صلته بربه عز وجل، وتكون تقويه للمحبه ايضا بين العبد وبين ربه. الشيخ: مر شيء قريب منها، مر ما يغني عنها. طالب: هذه رحمه بالعباد؛ اذ لو كانت في وقت واحد وفاتته فات الفضل كله، اما كونها متفرقه يعني: قد تفوته صلاته، ويلحق صلاه اخري. الشيخ: اي، صحيح هذه. طلبه: اي نعم. طالب اخر: ما سمعنا الخامسه. الشيخ: الخامسه؛ يقول من الفواءد: الرحمه بالعباد؛ لانها لو جعلت في وقت واحد، ثم فات هذا الوقت فات الانسان خير الصلوات الخمس كلها، فاذا وزعت فلو قدر انه فاته واحده بقيت الاخريات لم تفته. طالب: الصلوات هذه تعجيلها علي حد سواء ولا فيها شيء افضل من شيء؟ الشيخ: كلها علي حد سواء الا ما سن تاخيره. الطالب: التعجيل؟ الشيخ: التعجيل، اي نعم. طالب: لكن بعض العلماء يقول: المغرب افضل او العصر. الشيخ: ابدا كله واحد، تفريق بعض العلماء في هذا ما له وجه، لكن مثلا اللي لها سنه راتبه قبلها ينبغي ان تتاخر اكثر (...). *** طالب: بسم الله، والحمد لله، والصلاه والسلام علي رسول الله، قال المءلف رحمه الله تعالي: ( وتدرك الصلاه بتكبيره الاحرام في وقتها، ولا يصلي قبل غلبه ظنه بدخول وقتها اما باجتهاد او خبر ثقه متيقن، فان احرم باجتهاد فبان قبله فنفل والا ففرض، وان ادرك مكلف من وقتها قدر التحريمه ثم زال تكليفه او حاضت ثم كلف وطهرت قضوها، ومن صار اهلا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته، وما يجمع اليها قبلها ..). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا بيان اوقات الصلوات وان الافضل: هو تقديم الصلاه الا صلاه واحده وهي العشاء، فالافضل فيها التاخير ان سهل والا صلاه الظهر لعارض: وهو شده الحر؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اذا اشتد الحر فابردوا بالصلاه» واظننا انتهينا منها؟ طالب: الاسفار بالفجر. طالب اخر: الحكمه في اوقات الصلاه. الشيخ: ذكرناها ايضا. طالب: ذكرنا الحكمه.. طالب اخر: الاسفار بالفجر. الشيخ: لا، الفجر مثلها ايضا الافضل فيها التقديم. احنا ذكرنا الحكمه في ذلك؛ اولا: في تفريقها، واما الحكمه في كونها وضعت في هذه الاوقات فاما الفجر؛ فذكرنا ان ظهور الفجر بعد الظلام الدامس هذا من ايات الله عز وجل التي يستحق عليها التعظيم والشكر، فان هذا النور الساطع بعد الظلام الدامس لا احد يستطيع ان ياتي به؛ لقوله تعالي: {قل ارايتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الي يوم القيامه من اله غير الله ياتيكم بضياء} [القصص: ٧١]. واما الظهر؛ فلان انتقال الشمس من الناحيه الشرقيه الي الغربيه هو ايضا من ايات الله عز وجل، فانه لا احد يستطيع ان ينقلها من هذه الجهه الي هذه الجهه الا الله عز وجل. اما العصر؛ فلا يظهر لنا فيها حكمه، ولكنه لا شك ان لها حكمه. واما المغرب؛ فالحكمه فيها كالحكمه في صلاه الفجر؛ وهو ان الليل من ايات الله عز وجل العظيمه التي يستحق عليها الشكر والتعظيم. وكذلك نقول في العشاء: لان مغيب الشفق وزوال اثار الشمس، هو ايضا من الايات العظيمه الداله علي كمال قدره الله عز وجل وحكمته. ثم ان المءلف رحمه الله يقول: ( وتعجيلها ) اي: الفجر ( افضل ) دليل ذلك؛ اولا: في جميع الصلوات قوله تعالي: {فاستبقوا الخيرات} [البقره: ١٤٨]، {وسارعوا الي مغفره من ربكم} [ال عمران: ١٣٣]، {سابقوا الي مغفره من ربكم} [الحديد: ٢١]، وهذا يحصل بالمبادره بفعل الطاعه، هذا من القران. من السنه: ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يعجل في هذه الصلوات ما عدا العشاء الاخره، وصلاه الظهر في شده الحر، ومن ذلك الفجر. واما من حيث المعني: فالمبادره افضل؛ وذلك لان الانسان لا يدري ما يعرض له، قد يدخل الوقت وهو صحيح معافي، واجد لجميع شروط الصلاه، ثم يطرا عليه ما يمنعه من فعل الصلاه، او من كمالها بمرض او موت او حبس او غير ذلك، فكان مقتضي النظر ان يتقدم بفعل هذه الصلوات. الفجر؛ يقول المءلف: ( تعجيلها افضل ) كغيرها من ساءر الصلوات؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصليها بغلس ينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه الذي الي جنبه، وكان يقرا بالستين الي المءه ، وقراءه النبي صلي الله عليه وسلم مرتله يقف عند كل ايه . فاذا كان يقرا من الستين الي المءه مع الركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس والتشهد دل ذلك علي انه كان يبادر بها جدا. واما من راي ان تاخير الفجر افضل واستدل بما يذكر عن النبي صلي الله عليه وسلم: «اسفروا بالفجر فانه اعظم لاجوركم» فهذا الحديث -ان صح- فالمراد: الا تتعجلوا بها حتي يتبين لكم السفر؛ يعني: الاسفار وتتحققوا منها. وبهذا نجمع بين هدي النبي صلي الله عليه وسلم الراتب الذي كان لا يدعه وهو التغليس بها، وبين هذا الحديث ان صح. ثم قال: ( وتدرك الصلاه بتكبيره الاحرام في وقتها ) كلمه: ( الصلاه ) عامه لصلاه الفريضه وصلاه النافله المءقته؛ مثل: صلاه الضحي ومثل الوتر فانه مءقت، وكذلك الرواتب فانها مءقته. فالرواتب قبل الصلاه وقتها من دخول وقت الصلاه الي اقامه الصلاه، والرواتب التي بعدها من انتهاء الصلاه الي خروج الوقت. كل صلاه موقته تدرك بادراك تكبيره الاحرام؛ دليل ذلك: ليس هناك دليل، لكن هنا تعليلا: وهو ان هذا الانسان الذي ادرك تكبيره الاحرام ادرك جزءا من الوقت، وادراك الجزء كادراك الكل؛ لان الصلاه لا تتبعض، فاذا ادرك مقدار ما يكبر للاحرام كان مدركا لجميع الصلاه، هذا هو التعليل. وهذا هو الذي ذهب اليه المءلف رحمه الله، وهو المشهور من مذهب الامام احمد. علي ان الصلاه تدرك بتكبيره الاحرام سواء من اول الوقت او من اخر الوقت؛ من اول الوقت: لو ان امراه ادركت مقدار تكبيره الاحرام من صلاه المغرب مثلا ثم اتاها الحيض، فهنا نقول: هي قد ادركت الصلاه، فيجب عليها اذا طهرت ان تصلي المغرب، لانها ادركت مقدار تكبيره الاحرام من الوقت. من اخره: كما لو كانت امراه حاءضا، ثم طهرت قبل خروج الوقت بقدر تكبيره الاحرام، فان الصلاه تلزمها؛ لانها ادركت من الوقت مقدار تكبيره الاحرام، هذا من جهه الحكم. من جهه الثواب: يثاب من ادرك قدر تكبيره الاحرام ثواب من ادرك جميع الصلاه، وتكون الصلاه في حقه اداء. لكنه لا يجوز كما سبق لنا في كتاب الصلاه ان يءخر الصلاه او بعضها عن وقتها؛ يعني: مثلا، لو قال: انا ساءخر الصلاه حتي لا يبقي الا مقدار تكبيره الاحرام، نقول: هذا حرام، وانت اثم، ولكن مع ذلك نقول: انك قد ادركتها اداء، هذا ما ذهب اليه المءلف، وهو المذهب. والقول الثاني: انها لا تدرك الصلاه الا بادراك ركعه؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، وهذا القول هو الصحيح ، واختيار شيخ الاسلام ابن تيميه؛ لان الحديث فيه ظاهر، فهو جمله شرطيه «من ادرك ركعه» «فقد ادرك» ، مفهومه: من ادرك دون ركعه فانه لم يدرك؛ وعلي هذا فلو حاضت المراه بعد دخول الوقت باقل من مقدار ركعه لم يلزمها القضاء؛ لانها لم تدرك ركعه، وكذلك لو طهرت قبل خروج الوقت باقل من ركعه فانه لا يلزمها قضاء الصلاه؛ لانها لم تدرك ركعه، النبي عليه الصلاه والسلام يقول: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» . وينبني علي هذا ايضا: ادراكات اخري ربما تاتينا ان شاء الله فيما بعد؛ مثل ادراك الجماعه: هل تدرك الجماعه بركعه، او تدرك بتكبيره الاحرام؟ الصحيح: انها لا تدرك الا بركعه، كما ان الجمعه لا تدرك الا بركعه بالاتفاق، فكذلك الجماعه لا تدرك الا بركعه. وقول المءلف: ( بتكبيره الاحرام في وقتها ) يشمل وقت الضروره ووقت الاختيار، وليس عندنا صلاه لها وقتان الا صلاه واحده، وهي؟ طلبه: العصر. الشيخ: العصر، فلو ادرك تكبيره الاحرام قبل غروب الشمس فقد ادرك صلاه العصر. والصواب: انه لا يدركها الا بادراك ركعه؛ والحديث نص في ذلك؛ حيث قال النبي عليه الصلاه والسلام: «من ادرك ركعه من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» وهذا نص صريح في الموضوع يدل علي القول الراجح. قال: ( ولا يصلي قبل غلبه ظنه بدخول وقتها) (ولا يصلي ) من الفاعل؟ الانسان، مكلفا كان او غير مكلف؛ يعني: ولا يصلي الانسان، وان شءت فقل: ولا يصلي مصل؛ لانه اذا لم يكن عود الضمير علي شيء معلوم؛ فليكن عود الضمير علي وصف مشتق من المصدر الذي اشتق منه الفعل. فهمتم هذه القاعده؟ اذا لم يكن هناك مرجع معلوم الضمير، فليكن المرجع؟ طالب: مصدرا. الشيخ: لا، وصفا مشقا من المصدر الذي اشتق منه الفعل، فمثلا (صلي) المصدر او اسم المصدر (صلاه) نقول: ولا يصلي مصل ( قبل غلبه ظنه بدخول وقتها )، واذا تيقن؟ طلبه: فانه يصلي. الشيخ: يصلي من باب اولي، اذا تيقن فانه يصلي من باب اولي. افادنا المءلف بقوله: ( قبل غلبه الظن ) انه يجوز ان يصلي الصلاه بغلبه الظن؛ اي اننا اذا غلب علي ظننا ان الوقت دخل جاز ان نصلي، وحينءذ نجوز ان نصلي اذا تيقنا دخول الوقت، ويجوز ان نصلي اذا غلب علي ظننا دخول الوقت، فاذا كان الجو صاحيا وشاهدنا الشمس قد غربت نصلي المغرب، وهنا تيقنا دخول الوقت او لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: تيقناه، اذا كانت السماء مغيمه ولم نشاهد الشمس، لكن غلب علي ظننا انها غابت نصلي، وهذه صلاه بغلبه الظن، اما الاول فدليله ظاهر. واما الثاني وهو الصلاه بناء علي غلبه الظن؛ فلان النبي صلي الله عليه وسلم افطر هو واصحابه بغلبه الظن كما في حديث اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما قالت: افطرنا علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس . اخرجه البخاري . وهنا افطروا بماذا؟ بغلبه الظن قطعا لا باليقين، فاذا جاز العمل بغلبه الظن في خروج الوقت، وهو هنا وقت الصوم جاز العمل بغلبه الظن في دخول الوقت، بل ان لازم ذلك انهم لو صلوا المغرب حين افطروا صحت الصلاه؟ نعم، صحت الصلاه اذا لم يتبين الامر خلاف ذلك. هل يصلي مع الشك في دخول الوقت؟ طالب: لا يصلي. الشيخ: لا يصلي مع الشك؛ وذلك لان الاصل عدم الدخول، فلا نعدل عن هذا الاصل الا بمسوغ شرعي. هل يصلي مع غلبه الظن بعدم دخول الوقت؟ طالب: لا يصلي. الشيخ: لا يصلي من باب اولي. هل يصلي مع اليقين بعدم دخول الوقت؟ طلبه: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز، اذن: لا نصلي في ثلاث صور، ونصلي في صورتين. الصور خمس: تيقن دخول الوقت، وغلبه الظن بدخوله، والشك في دخوله، وغلبه الظن بعدم دخوله، واليقين بعدم دخوله؛ الصور خمس، نصلي في صورتين، ولا نصلي في ثلاث، والتعليل ظاهر. قول المءلف: ( ولا يصلي قبل غلبه ظنه ). واستفدنا من كلام المءلف: ان غلبه الظن لها مدخل في باب العبادات، وهو كذلك فان غلبه الظن لها مدخل في العبادات في مواضع كثيره، وان كان بعض العبادات لا يمكن ان يفعل الا باليقين، غالب الراي يجوز تحكيمه فيما لا يمكن معرفه حقيقتهلكن كثير من العبادات مبنيه علي غلبه الظن، بل ان هذا هو القاعده، القاعده في العبادات: البناء علي غلبه الظن، هذه القاعده؛ ولهذا لو شك الانسان كم صلي، وعنده ترجيح، فالصحيح انه يعمل بما ترجح، وان كان المذهب يقول: لا يعمل الا باليقين. اذا شك في عدد اشواط الطواف، او اشواط السعي، فانه يبني علي غالب ظنه اذا كان عنده ترجيح، اما اذا لم يكن عنده ترجيح فيبني علي اليقين. قال: ( اما باجتهاد او خبر ثقه متيقن ) هنا ذكر المءلف الطرق التي يحصل بها غلبه الظن: الطريق الاول: الاجتهاد، لكن بشرط ان يكون المجتهد عنده اداه الاجتهاد؛ يعني: ان يكون عالما، فان لم يكن عالما فانه لا يعمل باجتهاده؛ لانه ليس من اهل الاجتهاد. فلو ان شخصا صلي الظهر، وقال: اصلي العصر اذا انتصف ما بين الظهر والمغرب، لما انتصف ما بين الظهر والمغرب صلي، هل هذا الذي صلي بني صلاته علي اجتهاد صحيح؟ طلبه: لا. الشيخ: لا، اذن لا بد ان يكون عنده علم بالاجتهاد، كذلك في صلاه العشاء لو انه اجتهد ولما راي ان النور الساطع القوي قد اختفي صلي العشاء مع وجود الحمره، نقول: هذا لا تصح صلاته؛ ليش؟ لانه صلي قبل الوقت ولانه ليس اهلا للاجتهاد؛ حيث انه لا يعلم متي يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء، هذا الاجتهاد. الثاني: او خبر ثقه متيقن، وهذا الطريق من عند غيره؛ يعني: رجل اخبرك بان الوقت دخل، ولكنه اخبرك عن يقين بان قال: رايت الشمس غربت، او قال: رايت الفجر قد طلع، فان اخبرك عن اجتهاد او عن غلبه ظن فانك لا تعمل بقوله؛ لان المءلف يقول: ( خبر ثقه متيقن ) لا مجتهد، ولا بان علي غلبه ظنه، بل لا بد ان يكون متيقنا. فان قال قاءل: اليس يجوز للانسان ان يبني علي اجتهاد نفسه وغلبه ظن نفسه؟ قلنا: بلي، لكن هنا بني علي غيره، والفرع اضعف من الاصل؛ لانه اذا اجتهد لنفسه فهو اصيل، اذا بني علي خبر غيره فهو فرع، والفرع اضعف من الاصل؛ ولهذا لا يبني علي شيء مبني علي اجتهاد او مبني علي غلبه ظن. فلو قال لك قاءل: صل المغرب، قلت له: اغربت الشمس؟ قال: والله، اظنها غربت، هل تعمل بقوله؟ طلبه: لا. الشيخ: لا تعمل علي كلام المءلف، ولو انك انت نفسك غلب علي ظنك ان الشمس غربت؟ طالب: تعمل بذلك. الشيخ: تعمل بذلك. وقول المءلف: ( ثقه ) من الثقه؟ هو الذي يوثق بقوله؛ لكونه مكلفا ولكونه صادقا؛ يعني: يمكن ان يكون صادقا يعني: بالغا عاقلا صدوقا لم يعرف بالكذب، او بالعجله والتسرع. ولكن هذا القول الذي ذهب اليه المءلف بانه لا بد ان يكون متيقنا فيه نظر. والصواب: انه اذا اخبرك من تثق به جاز لك ان تصلي علي خبره، سواء كان اخباره عن يقين او عن غلبه ظن ؛ لانه الان ما دمت انت لا تعرف ولا تتمكن من الاجتهاد، ثم قلنا: لا تعمل بخبر هذا وهو مجتهد، هذا فيه مشقه، وما زال المسلمون يعملون باذان المءذنين، وكثير من المءذنين في هذا الوقت يكون اذانهم احيانا علي غلبه الظن؛ لان الغيوم كثيره، وليس عندهم ساعات يحررون بها الوقت، فيكون اذانهم علي غلبه الظن وما زال المسلمون يعملون باذان المءذنين. اذن فنقول: ان الانسان يعرف دخول الوقت اما باجتهاد منه؛ لكونه اهلا الاجتهاد لمعرفته بالاوقات ابتداء وانتهاء، واما بخبر من يثق بقوله سواء اخبر عن ظن او عن يقين. وقول المءلف: ( او خبر ثقه ) يشمل ما اذا كان المخبر امراه، فلو اخبرتك امراه بدخول الوقت عملت بقولها؛ لان هذا خبر ديني وليس بشهاده فيعمل بقولها. يقول: ( فان احرم باجتهاد فبان قبله فنفل والا ففرض ) ان احرم باجتهاد؛ لماذا قال: ( باجتهاد ) ولم يقل: بيقين؟ لانه اذا احرم بيقين لا يمكن ان يتبين انه قبل الوقت؛ لان اليقين معناه شاهد الوقت بعينه، تيقن، لكن ( احرم باجتهاد ) يعني: دخل في الصلاه باجتهاد. ( فبان ) الفاعل يعود علي من؟ طالب: علي الاحرام. الشيخ: نعم، يعود علي الاحرام. ( فبان الاحرام قبله ) اي: قبل الوقت ( فنفل ) حتي لو فرض انك لما قلت: الله اكبر غاب حاجب الشمس الاعلي؛ يعني: ما بقي الا مثل السلك في الشمس، فقلت: الله اكبر، لما قلت: الله اكبر اختفي، نقول: صلاتك الان نفل؛ لانك احرمت يعني: كبرت للاحرام قبل الوقت، فتكون صلاتك نفلا. اذا قال مقدار الله اكبر فقط، نقول: لكن الله اكبر هي تكبيره الاحرام وهي ركن من اركان الصلاه، فمعني ذلك انك اتيت بركن من اركان الصلاه خارج وقتها فلا تصح. قال: ( فبان قبله فنفل )، وقوله: ( فبان قبله ) افادنا -رحمه الله- انه لو بقي الامر علي اجتهاد ما تبين شيء، فان الصلاه تصح فرضا؛ لانه احرم فيها او احرم بها علي وجه امر به، ومن اتي بالعباده علي وجه امر به ولم يتبين فسادها فهي صحيحه، حتي وان كانت في نفس الامر غير صحيحه، يعني: ما دام الامر لم يتبين له، حتي لو فرض انه احرم من قبل الوقت فهي فريضه. وقوله: ( والا ففرض )، ( الا ) ايش يعني؟ والا يتبين قبله ففرض، وشمل هذا ثلاث صور: الصوره الاولي: ان يتبين انه في الوقت، والامر واضح، تكون فرضا. الثانيه: ان يتبين انه بعد الوقت؟ طالب: ففرض. الشيخ: ففرض. الثالث: الا يتبين الامر فتكون ايضا فرضا. فالصور اربع؛ اذا احرم باجتهاد فلا يخلو من اربع حالات: الحاله الاولي: ان يتبين انها قبل الوقت، فهي نفل. الثانيه: في الوقت، ففرض. الثالثه: بعده، ففرض. والرابعه: يبقي الامر مبهما، لم يتبين شيء، ففرض كذا ولا لا؟ فان قال قاءل: اذا وقعت في الصور التي تكون فيها فرضا فالامر واضح، لكن في الصوره الاولي لماذا صارت نفلا وهو لم ينوها؛ وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات» ؟ فالجواب: ان يقال: صلاه الفريضه تتضمن في الواقع نيتين: نيه صلاه، وكونها فريضه؛ يعني: ونيه كونها فريضه، نيه كونها فريضه بطلت لتبين انها قبل الوقت، وايش يبقي نيه كونها صلاه؟ ولهذا ينبغي ان يذكر هنا قاعده او ينبه علي قاعده ذكرها الفقهاء؛ وهي قولهم: وينقلب نفلا ما بان عدمه كفاءته لم تكن وفرض لم يدخل وقته. مثال: واحد انسان ظن انه صلي بغير وضوء فاعاد الصلاه، ثم تذكر انه قد صلي بوضوء هذه فاءته لم تكن، تكون هذه الصلاه نافله. فرض صلاه ظنا منه ان الوقت دخل فلم يدخل يكون ايضا نافله، فالقاعده ما هي: وينقلب نفلا ما بان عدمه كفاءته لم تكن وفرض لم يدخل وقته. طالب: المراه اذا طهرت في اخر الوقت نقول: انها يعني (...). الشيخ: اي نعم، هذا ما يضر، يكون العبره بادراك الوقت بقطع النظر عن الاعمال التي تكون قبل الصلاه، يعني: مثلا لو طهرت علي كلام الفقهاء قبل الوقت بدقيقتين (...) تلزمها الصلاه. الطالب: مثلا يءخرها -يا شيخ- عن وقتها حتي تبقي خمس دقاءق، وراح يوضي، وفات الوقت. الشيخ: ما يجوز. الطالب: قلنا: انه ياثم ولكن تجزءه. الشيخ: اي، هو ما يجوز، لكن تكون الصلاه اداء. طالب: شيخ، المجتهد الذي ليس معه اداه الاجتهاد اذا وافق اجتهاده (...) يعني: اذا قسم ما بين الظهر والمغرب، وصلي العصر وهذا وافق الصلاه الصحيحه. الشيخ: ما تصح، وفيها قول انها تصح؛ ولهذا قال الفقهاء: الاعمي لو انه تحري وصلي وجبت عليه الاعاده مطلقا ولو اصاب؛ لانه ليس اهلا للتحري، وهذا قبل ان تخرج الساعات هذه، لكن فيه قول ثان انه اذا اصاب الوقت صحت، وهذا هو الصحيح. طالب: شيخ (...)، اذا كان قبل الوقت وقت نهي، كيف تكون نفلا؟ الشيخ: المهم ينقلب نفلا، فان صححته صح النفل، في هذا صح، والا فلا. طالب: المذهب يستدلون بحديث: «من ادرك سجده» حديث مسلم. الشيخ: اي، لكن فسرت، قال: والسجده هي الركعه. الطالب: معروف تفسيرها علي الراجح، لكن هم يستدلون به. الشيخ: ما يصح هذا، ولا يستدلون بهذا؛ لان السجده اطول من تكبيره الاحرام حتي ما ينطبق علي كلام الفقهاء. طالب: شيخ (...) ادرك ركعه؛ لان ادراك الركعه بيخص الانسان، والانسان يصلي بسرعه وقد (...). الشيخ: اي، صحيح، لكن يمكن ان شاء الله بيجينا بحثها موجوده في كلام المءلف (...). ما المراد بقول المءلف: ( باب شروط الصلاه )؟ طالب: شروط الصلاه: ما يجب لها قبلها. الشيخ: (ما يجب لها قبلها) يدخل فيه الاذان؟ الطالب: وما لا تتم الا به. الشيخ: يعني: ما تتوقف صحتها عليه، هذه شروط الصلاه. يقول المءلف: ( شروطها قبلها ) لماذا قال: ( شروطها قبلها )؟ طالب: الشرط ما يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من عدمه العدم. الشيخ: لا، خطا. الطالب: ويلزم من عدمه العدم. الشيخ: ويلزم من وجوده الوجود؟ الطالب: لا يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم. الشيخ: لكن معني ( شروطها قبلها ) احترازا من ايش؟ الطالب: ما هو داخل الاركان. الشيخ: صح، احترازا من الاركان؛ لانها شروط للصحه، لكنها هي نفس الصلاه؛ ماهيتها. بدا المءلف -رحمه الله- بالوقت لماذا؟ طالب: لانه تتوقف صحه الصلاه علي تاديتها في الوقت. الشيخ: حتي اللي غيره تتوقف صحتها علي فعله حتي الوضوء مثلا. الطالب: لان الوقت شرط لصحتها وشرط لوجوبها (...). الشيخ: يعني: لانه شرط وسبب. الطالب: شرط وسبب نعم. الشيخ: فيه شيء غير هذا. طالب: لانه هو اول ما ابتدا به حديث جابر. الشيخ: لا هذا غير.. طالب: حديث جبريل، يا شيخ. الشيخ: لا. طالب: ما تجب ابتداء الا بدخول الوقت. الشيخ: لانها سبب لوجوب وشرط للصحه. طالب: لان الوقت هو اول شيء يرد اسمه، واول شيء في مرتبه الصلاه يعني: اول شيء، اول احكام الصلاه هو الوقت؛ لانه قبل الوقت ما (...) حكم من احكام الصلاه. الشيخ: لا، يمكن يتوضا قبل الوقت. الطالب: الوضوء ما هو من الصلاه. الشيخ: من شروط الصلاه. الطالب: (...) الشروط. الشيخ: اهم الشروط ما هو من اهمها؛ ولهذا يراعي الوقت، ولو فاتت كل الشروط، تصلي مثلا الي غير القبله اذا كنت لا تقدر تصلي بغير وضوء ولا تيمم اذا كنت لا تقدر، المهم لانه هو اهم الشروط؛ ولهذا تجد مراعاته مقدما علي جميع الشروط، لا نقول لانسان مريض الذي لا يستطيع ان يستقبل القبله لا نقول: انتظر حتي تستطيع، ولا نقول لمن عدم الماء والتراب: انتظر حتي تجد ماء او ترابا، بل نقول: ايش صل علي حسب حالك. بدا المءلف بوقت الظهر، لماذا لم يبدا بوقت الفجر؟ طالب: امتثالا لحديث جبريل؛ لانه اول ما بدا بالصلاه صلاه الظهر. الشيخ: نعم اول ما ام الرسول صلي الله عليه وسلم لاعلامه بالوقت بصلاه الظهر، تمام. طالب: بعضهم -يا شيخ- بدا بالفجر حتي تكون.. الشيخ: هذا قول ثان. وقت الظهر من؟ الي؟ طالب: من الزوال الي (...) الزوال يعني: يصير الظل مثله. الشيخ: الي مساواه الظل مثله؟ ما فيها قيد اخر؟ الطالب: بعد فيء الزوال. الشيخ: بعد فيء الزوال، ما هي علامه الزوال؟ طالب: علامه الزوال هو ميل الشمس من الناحيه الشرقيه الي الناحيه الغربيه. الشيخ: هذا هو الزوال. الطالب: تناقص الظل حتي يزيد من الناحيه الشرقيه. الشيخ: يعني: ابتداء زياده الظل بعد تناهي قصره. يقول المءلف: ( بعد فيء الزوال )، ما هذا القيد؟ ما محترزه يعني؟ طالب: بعد فيء الزوال؛ اي: بعد تزداد الشمس بعد الظل التي زادت عليه الشمس. الشيخ: الظل الذي زادت عليه الشمس لا يحسب؟ الطالب: لا يحسب، نعم. الشيخ: كذا؟ يحسب من ابتداء زياده الظل الي ان ينتهي بطول الشيء. له علامه في الزمن بالساعات؟ طالب: النصف ما بين طلوع الشمس الي غروبها. الشيخ: النصف ما بين طلوع الشمس وغروبها. العصر؟ طالب: يحصل من (...) الي مصير الشيء (...). الشيخ: فيه قول اخر؟ الطالب: العصر يكون له وقتان. الشيخ: لا، الوقت الاول. طالب: الي الاصفرار. الشيخ: الي اصفرار الشمس. وهذا يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وذاك يدل عليه حديث جبريل. طالب: (...) يا شيخ، فلا يقال: ان العصر لها وقت واحد بدليل روايه البيهقي : «ووقت العصر ما لم تغرب الشمس» وكذلك روايه مسلم : «ووقت العصر ما لم تحمر الشمس» (...). الشيخ: لا. الطالب: مجموع الروايات دل علي ان العصر لها وقت واحد. الشيخ: لا، مجموع الروايات دل علي ان لها وقتين؛ لان اصفرار الشمس واحمرار الشمس متقارب. الطالب: الي الغروب تحل؟ الشيخ: اما الي الغروب، فمرادهم منتهي الضروره، فهو كقوله: «من ادرك ركعه من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» . الطالب: ما هو الدليل يا شيخ؟ الشيخ: الدليل الحدود الاولي. الطالب: وقوله هنا: ووقت العصر ما لم تغرب الشمس؟ الشيخ: طيب، «وما لم تصفر» ويش نسوي فيها؟ الطالب: نجمع بينهم ان هذا زاءد.. الشيخ: لكن ما يكون زاءدا. الطالب: كما جمعنا في حديث جبريل؛ قلنا: ان الاصفرار زاءد علي المثلين. الشيخ: لا، احنا نقول.. الطالب: الغروب (...). الشيخ: اي نعم، احنا نقول: المثلين في الغالب، قد تختلف في بعض الاوقات؛ نقول: اذا كانت مثليه، اصفرت الشمس في ايام الشتاء مثلا. علي كل حال هي لها وقتان بلا شك؛ وقت الي اصفرار الشمس، والاحمرار هذا اما ان يحمل علي الاصفرار، والا فيقال: الوقت متقارب والثاني الي الغروب. وقت المغرب؟ طالب: من خروج وقت العصر الي مغيب الشفق الاحمر. الشيخ: ومتي يخرج وقت العصر؟ الطالب: غروب الشمس. الشيخ: اذن من غروب الشمس الي مغيب الشفق الاحمر ولا الابيض؟ الطالب: الاحمر. الشيخ: وقت العشاء؟ طالب: من مغيب الحمره الي نصف الليل. الشيخ: الي نصف الليل، احسنت. وقت الفجر؟ طالب: من طلوع الفجر الثاني الي طلوع الشمس. الشيخ: الي طلوع الشمس، قيدت بالفجر الثاني، هل هناك فجر اول؟ الطالب: نعم. الشيخ: ما هو؟ الطالب: هو فجر متد.. الشيخ: نور. الطالب: ممتد من الشرق الي الغرب، وبعيد عن الافق، ويزول بعد طلوعه. الشيخ: صحيح، بخلاف الثاني فهو معترض. الطالب: من الشمال الي الجنوب. الشيخ: من الشمال الي الجنوب ومستمر ومتصل، بارك الله فيك. ما هو الاصل في فعل الصلاه ان تكون في اول الوقت او في اخره؟ طالب: اذا صلي ان يعجل بالصلاه. الشيخ: نعم، في اول الوقت، الدليل؟ الطالب: الدليل عموم الادله في قوله تعالي: {استبقوا الخيرات} . الشيخ: {استبقوا الخيرات} ، {وسارعوا الي مغفره من ربكم} ، وكذلك الاحاديث الوارده في؟ الطالب: فضيله اول الوقت. الشيخ: وفي فعل الرسول صلي الله عليه وسلم (...). الطالب: وفي فعل الرسول. الشيخ: يستثني من هذا؟ طالب: صلاه الظهر وقت الحر، وقت ما يشتد الحر، ووقت.. الشيخ: صلاه الظهر اذا اشتد الحر تءخر؟ طالب: تءخر الي.. الشيخ: الي الابراد حتي يبرد الوقت، والثاني؟ طالب: الثاني اذا كان فيه غيوم. الشيخ: اي نعم، هذا علي راي المءلف، يعني: وقت الظهر في حالين، والصحيح ان مساله الغيم لا تءخر فيها. فيه صلاه ثانيه تءخر؟ طالب: العصر يءخر وقت الضروره الي قرب مغيب. الشيخ: يعني: تءخر عن وقت الاختيار الي قرب غروب الشمس. طالب: لا الاصل التاجيل. الشيخ: هذا، ويش اللي اصله التاخير؟ الطالب: صلاه العشاء. الشيخ: صلاه العشاء، الي؟ الطالب: الي ثلث الليل. الشيخ: الي ثلث الليل، احسنت. طالب: صلاه المغرب ليله جمع. الشيخ: ويش ليله جمع هذه؟ الطالب: هي ليله مزدلفه. الشيخ: ليله مزدلفه لمن قصدها محرما، اي نعم. بماذا تدرك الصلاه علي كلام المءلف؟ طالب: تدرك بركعه. الشيخ: علي كلام المءلف؟ الطالب: بتكبيره الاحرام. الشيخ: بتكبيره الاحرام، هل هناك دليل او تعليل لهذا القول. طالب: نعم، قول الرسول عليه الصلاه والسلام: «من ادرك من العصر» بس هذا فيه ركعه يا شيخ؟ الشيخ: طيب، صار فيه ركعه لا تجيبه. اقول: هل هناك تعليل؟ الطالب: نعم تعليل؛ لانه كبر قبل دخول وقت الصلاه التي بعدها؛ يعني: هذا يكون وقت الاولي، وقت العصر. الشيخ: ما هو بظاهر، يا شيخ. طالب: يقال: ان تكبيره الاحرام جزء من الصلاه. الشيخ: نعم؛ فادراك جزء منها يكون ادراكا للكل، اذن هو تعليل، فيه راي اخر؟ طالب: بادراك ركعه في وقتها. الشيخ: ما دليله؟ الطالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه فقد ادرك الصلاه» ، وقوله صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» ، «ومن ادرك ركعه من الصبح قبل طلوع الشمس فقد ادرك الصبح» . الشيخ: اذن: فمنطوق الحديث ان ادراكها بركعه، ومفهومه ان اقل من ركعه لا تدرك به. اذا احرم باجتهاد في دخول الوقت، فلا يخلو من اربع حالات؟ طالب: غلب عليه ظنه. الشيخ: غلب علي ظنه، وصلي فلا يخلو من اربع حالات؟ الطالب: اول حال: ظنه دخول الوقت. الشيخ: ظن هذا، صلي، فله اربع حالات؟ طالب: الحاله الاولي: ان يصلي في وقت الصلاه. الشيخ: ان يصلي، هو الان مجتهد. الطالب: كيف؟ الشيخ: كيف نقول: ان يصلي وهو مجتهد؟ الطالب: يعني: ان يوافق وقت الصلاه. الشيخ: ان يتبين انه صلي في الوقت، فما الحكم؟ الطالب: صحت صلاته. الشيخ: تصح الصلاه، هذه واحده، الثاني. الطالب: الثاني: انه صلي قبل وقت الصلاه، الثالث: ان.. الشيخ: ما حكمه؟ "},{"Id":1697,"Name":"02 كتاب الصلاة 07","Sort":29,"Version":0,"LessonText":"

(وَإِنْ أَدْرَكَ مُكَلَّفٌ مِنْ وَقْتِها قَدْرَ التَّحرِيْمَةِ، ثُمَّ زَالَ تَكْلِيْفُه، أَوْ حَاضَتْ، ثُمَّ كُلِّفَ وَطَهُرَتْ؛ قَضَوْها)
قوله: (أدرك مكلَّفٌ)، المكلَّف: هو البالغ العاقل، ووُصِفَ بذلك للزوم العبادات له، والعبادات نوع إلزام وتكليف، وإن كان ما فيها مشقَّة، لكن الإنسان ملزَمٌ بها، فهو البالغ العاقل.
وقوله: (من وقتها قدْرَ التَّحريمة)، يعني: قَدْرَ تكبيرة الإحرام، وهذا مبنيٌّ على أن المعتبَر هو؟
طلبة: إدراك ركعة.
الشيخ : إدراك تكبيرة الإحرام.
(ثم زالَ تكليفُه)، زالَ تكليفُه بأن صغُر بعد الكِبَر؟
طلبة: لا، مستحيل.
الشيخ: لا يمكن، إذن كيف؟ بأن جُنَّ بعد العقل، أو أُغميَ عليه.
(أَوْ حَاضَتْ) بعد دخول وقت الصلاة بِقَدْرِ التحريمة حاضت المرأة، زال تكليفُها أو لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: زال تكليفها، لكن لا لفوات شرط، ولكن لوجود مانع وهو الحيض، وإلا فهي بالغة عاقلة، لكن وجود مانع يمنع الوجوب وهو الحيض، ولهذا فرَّق المؤلِّف بينهما فقال: (ثم كُلِّفَ، وطَهُرَت)، طَهُرَت الحائض. وفي هذا لَفٌّ ونشرٌ، كمِّل.
طالب: مرتَّبٌ.
الشيخ: مُرَتَّب، هذا مرتب، (إن أدرك مُكَلَّف) (ثم زال تكليفه أو حاضت) هذا الثانية، (ثم كُلِّف) هذا الأول، (وطهرت) هذا الثاني، فاللفُّ والنَّشر هنا مرتَّبٌ، يعني معناه: أنك إذا أتيت بالحكم عائدًا على ما سبق، فإن كان على ترتيب ما سبق فهو مرتَّب، وإن كان على خلافه فهو مشوَّش.
في القرآن مثال لهذا ولهذا؟
طالب: قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: ١٠٦، ١٠٧].
الشيخ: طيب، اسمع {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}، لو كان مرتَّبًا لقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}، لكنه غير مترتب فقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}.
وأما المرتَّب: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} [هود: ١٠٥، ١٠٦]، {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ} [هود: ١٠٨].
(ثم كُلِّفَ وطَهُرَت؛ قَضَوها)، كيف قال: (قَضَوها)، يقول: (إن أدرك مكلَّف من وقتها)، مكلَّف واحد، وقال: (ثم حاضت) مفردة، ولم يقل: قَضَيَاهَا؟ لأن المراد بالمكلَّف هنا الجنس، أو العموم؛ لوقوعه بعد الشَّرط، فلهذا صَحَّ أن يعود الضمير على اثنين مجموعًا.
(قَضَوها)، أي: قَضَوا تلك الصَّلاة.
مثال ذلك: امرأة بعد أن غربت الشمس حاضت بعد أن مضى مقدار تكبيرة الإحرام، فنقول لها: إذا طَهُرْتِ وجب عليك قضاء صلاة المغرب، وصلاة العشاء لا يلزمها قضاؤها؛ لأنه أتى عليها الوقتُ وهي غير ملزمة بالصلاة.
طالب: (...) يصح العموم (...).
الشيخ: أيهم؟
الطالب: العموم (...).
الشيخ: النكرة في سياق النفي تعمالنكرة في سياق الشرط تكون للعموم.
الطالب: النكرة في سياق الشرط تعمالنكرة في سياق الشرط.
الشيخ: تكون للعموم.
نقول: تقضيها، المكلَّف الذي زال تكليفه: إنسان بعد أن غربت الشمس أُغميَ عليه، ثم أفاق بعد منتصف الليل، يلزمه قضاء صلاة المغرب؛ لأنه أدرك من وقتها قَدْر التحريمة، أما العشاء ففي لزومها عليه خلاف؛ فمن قال: إن المُغمَى عليه يقضي الصلوات التي فات وقتها وهو بالإغماء قال: تلزمه صلاة العشاء؛ لا لأنَّه أدرك من وقت المغرب قَدْر التَّحريمة، ولكن لأن الإغماء لا يُسْقِط فرض الصلاة، ومن قال - وهو الصحيح -: إن الإغماء يُسقط فرض الصلاة، قال: لا يلزمه في هذه الصورة إلا قضاء صلاة المغرب بناءً على أنَّها تُدرَك بإدراك تكبيرة الإحرام.
مثال ثالث: رجل غربت عليه الشمس ثم أصيب -والعياذ بالله- بالجنون، ثم أفاق بعد منتصف الليل، يلزمه قضاء صلاة المغرب؛ لأنه أدرك من وقتها قدر التحريمة.
وقال بعض أهل العلم: لا يلزمه قضاء الصلاة إذا أدرك من وقتها قدر التحريمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، ركعة، وهذا لم يدرك ركعة، فكما أننا نعتبر الإدراك في آخر الوقت بركعة، فكذلك نعتبر الإدراك في أول الوقت بركعة، هذان قولان.
وقال بعض أهل العلم -واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية-: لا يلزمه القضاء هذا المكلَّف ولا الحائض، إلا إذا بقي من وقت الصلاة بمقدار فعل الصلاة فحينئذ يلزم القضاء.
نشوف الأدلة:
أما الأول الذي يجعل ذلك منوطًا بإدراك تكبيرة الإحرام فبناءً على التعليل السابق؛ أن من أدرك مقدار جزء من الصلاة، فإن الصلاة لا تتجزأ، فيكون كما لو أدركها كاملة.
وأما القائلون بإدراك ركعة فحجتهم أيش الحديث: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ»، قالوا: فهذا أدركها فيكون قد أدرك الصلاة.
وأما الذين قالوا: إنه لا يلزمه حتى يتضايق الوقت عنها، فقالوا: إن الإنسان له أن يؤخِّر هذه الصلاة، فإذا طرأ المانع فقد طرأ عليه في وقت يجوز له تأخيرها إليه، وهو غير مفرِّط ولا مُعْتَدٍ، بل فاعل ما يجب عليه، ولأن هذا الأمر يقع كثيرًا في حيض النساء، ولم يُنْقَل أن المرأة إذا حاضت في أثناء الوقت ألزمت بقضاء الصلاة التي حاضت في أثناء وقتها، والأصل براءة الذمة، وهذا التعليل كما ترون تعليل قوي جدًّا.
وبناءً عليه فنقول: إذا زال التكليف، أو وُجِد المانع في وقت واسع، فإن هذه الصلاة لا يلزم قضاؤها، إن قضاها احتياطًا فهو على خير، وإن لم يقضها فليس بآثم، والعلة كما ذكرت.
وأجابوا عن الحديث بأن قوله: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ»، الإدراك في الغالب يكون في الأخير؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» ، ما أدركتم في أول صلاة الإمام ولَّا من آخرها؟
طلبة: من آخرها.
الشيخ: من آخرها، قالوا: فالإدراك غالبًا يكون في الأخير. ونحن نقول: إذا أدرك من وقتها قدرَ ركعة فإنه يكون قد أدركها، أما إذا زال التكليف، أو وُجِد المانع في وقت يجوز له التأخير فيه فإنه ليس بآثم ولا مُعْتَدٍ، فلا يُلْزَم بالقضاء، ففي المسألة إذن ثلاثة أقوال.
قال: (ومن صار أهلًا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته وما يجمع إليها قبلها).
(من صار أهلًا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته)، كيف ذلك؟ أهلية الوجوب تكون بالتكليف وزوال المانع، فيصير أهلًا لوجوبها إذا بلغ قبل خروج الوقت، إذا عقل قبل خروج الوقت، إذا زال الإغماء -على القول بأنه لا تقضى صلاة الإغماء- قبل خروج الوقت، زوال المانع إذا طهرت قبل خروج الوقت.
فقوله: (من صار أهلًا لوجوبها) يشمل من صار أهلًا لوجوبها؛ لكونه لم يكلَّف، أو لكونه مُتَّصِفًا بمانع ثم زال، فمن صار أهلًا لوجوبها قبل خروج الوقت، بمقدار كم على رأي المؤلف؟ بمقدار تكبيرة الإحرام، وعلى رأي من يقول بركعة يقول بركعة، المهم أنه صار أهلًا للوجوب قبل خروج الوقت إما بركعة أو بتكبيرة الإحرام.
(لزمته) أي: لزمته تلك الصلاة التي أدرك من وقتها قدر التحريمة على كلام المؤلف، أو قدر ركعة على القول الراجح، وهذا واضح أنها تلزمه؛ لأنه خوطِب بها في الوقت، ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» .
لكن قال: (وما يجمع إليها قبلها)، فمثلًا: إذا أدرك من صلاة العصر قدر ركعة أو قدر التحريمة لزمته صلاة العصر، ولزمته أيضًا صلاة الظهر، وإن أدرك ذلك في صلاة العشاء لزمته صلاة العشاء وصلاة المغرب أيضًا، وإن أدرك ذلك في صلاة الفجر لا يلزمه إلا الفجر؛ لأنها لا تُجمع لما قبلها، الفجر أمرها ظاهر أنه لا يلزمها سواها.
بقينا فيما إذا أدرك من وقت العصر أو من وقت العشاء، وجوب صلاة العصر عليه ظاهر؛ لأنه أدرك وقتها، ووجوب صلاة العشاء ظاهر أيضًا؛ لأنه أدرك جزءًا من وقتها.
لكن ما وجه وجوب صلاة الظهر في المسألة الأولى، وصلاة المغرب في المسألة الثانية؟
يقولون: إن وجه الوجوب: الأثر، والنظر؛ أما الأثر: فإنه رُوِيَ عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم.
وأما النظر: فلأن وقت الصلاة الثانية وقت للأولى عند العذر الذي يبيح الجمع، فلما كان وقتًا لها عند العذر صار إدراكُ جزء منه كإدراك جزء من الوقتين جميعًا، وهذا هو المشهور من المذهب.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يلزمه إلا الصلاة التي أدرك وقتها فقط، فأما ما قبلها فلا يلزمه. واحتجوا بالأثر والنظر.
أما الأثر: فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، و(أل) في قوله: (الصلاة) للعهد، أي: أدرك الصلاة التي أدرك من وقتها ركعة، وأما الصلاة التي قبلها فلم يدرك شيئًا من وقتها، وقد مر به وقتها كاملًا وهو ليس أهلًا للوجوب، فكيف نُلْزِمُه؟!
وأما النظر فقالوا: إن هذا مقتضى القياس الصحيح؛ لأننا متفقون وإياكم على أنه لو أدرك ركعةً من صلاة الظهر ثم وُجِد مانع التكليف لم يلزمه إلا قضاء الظهر فقط، مع أن وقت الظهر وقت للظهر والعصر عند العذر والجمع، فما الفرق بين المسألتين؟! كلتاهما أتى عليه وقت إحدى الصلاتين وهو ليس أهلًا للتكليف.
لكن في المسألة الأولى مر عليه وقت الصلاة الأولى، وفي المسألة الثانية مر عليه وقت الصلاة الثانية، فأنتم إما أن تُلْزِمُوه بالقضاء في المسألتين -كما قال به بعض العلماء- وإما ألَّا تُلْزِمُوه فيهما كما قاله أيضًا آخرون، أما أن تُفَرِّقُوا فلا وجه لذلك.
فإن قالوا: فرَّقنا بناءً على الأثر الوارد عن الصحابة، فالجواب: الأثر الوارد عن الصحابة ربما يُحْمَل -إن صح- على سبيل الاحتياط فقط، خوفًا من أن يكون المانع قد زال قبل أن يخرج وقت الأولى، ولا سيما في الحيض، فإن الحيض قد لا تعلم المرأة به إلا بعد مدة من طهارتها، يعني قد لا تشعر بأنها طهرت من حين ما تطهر في ربع ساعة وعشر دقائق وما أشبه ذلك، فلعل ما جاء عن الصحابة يكون محمولًا على الاحتياط لا على سبيل الوجوب.
والقول الثاني في المسألة هو الراجح؛ أنه لا يلزمه إلا الصلاة التي أدرك جزءًا من وقتها، أما التي قبلها فلا تلزم، كما أن التي بعدها لا تلزم فيما لو طرأ مانع التكليف.
طالب: (...) بعد نصف الليل، وعلى المذهب يكون إلى الفجر.
الشيخ: إي نعم، لكن لا وجه له المذهب.
الطالب: لكن هم (...).
الشيخ: إي، هم يقولون: إذا طهرت قبل الفجر لزمها العشاء والمغرب. (...)

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم. \n
\n ويجب فورًا قضاء الفوائت مرتَّبَة، ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة.
ومنها: ستر العورة، فيجب بما لا يصف بشرتها، وعورة رجل وأمة وأم ولد ومعتق بعضها من السرة إلى الركبة، وكل الحرة عورة إلا وجهها.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
إذا أدرك المكلَّف من رجل أو امرأة من الوقت جزءًا ثم زال التكليف أو طرأ مانع فما الحكم؟\n
\n طالب: إذا كان هذا الوقت..\n
\n الشيخ: بنمشي على كلام المؤلف. \n
\n الطالب: على كلام المؤلف (...) إذا أفاق يقضيها.\n
\n الشيخ: يقضيها، حجتهم في هذا؟\n
\n الطالب: أنهم يقولون: إن جزء الصلاة الفائتة تابع..\n
\n الشيخ: لا. \n
\n طالب: يقولون: إنها وجبت بدخول الوقت واستقرت.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قولنا: إدراك الجزء إدراك الكل.\n
\n الشيخ: نعم، إدراك الجزء كإدراك الكل، وهذا أدرك جزءًا منها، فكان كإدراك الكل، مثال ذلك؟\n
\n طالب: مثلًا يا شيخ حاضت امرأة بعد غروب الشمس بمقدار تكبيرة.\n
\n الشيخ: بمقدار تكبيرة الإحرام، فإذا طهرت؟\n
\n الطالب: تقضي هذه الصلاة.\n
\n الشيخ: وجب عليها القضاء. \n
مثال آخر في زوال التكليف، هذا وُجِد المانع؟\n
\n طالب: زوال التكليف يا شيخ الجنون بعد..\n
\n الشيخ: بعد أن غربت الشمس.\n
\n الطالب: بمقدار تكبيرة.\n
\n الشيخ: تكبيرة الإحرام جُنَّ، ثم أفاق.\n
\n الطالب: فإنه يقضي (...).\n
\n الشيخ: فإنه يجب عليه القضاء.\n
هل هناك قول آخر؟ ما هو القول الثاني في هذه المسألة؛ فيما إذا طرأ المانع أو زال التكليف؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: أيش؟ لأنها لا تُقْضَى مطلقًا.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: أقول: فيها قول ثانٍ، ما هو القول الثاني؟\n
\n الطالب: القول الثاني، قالوا: مقدار ركعة.\n
\n الشيخ: نعم، قالوا: إن المدار على مقدار ركعة، فإذا زال التكليف بعد مقدار تكبيرة الإحرام ودون الركعة فإنه لا يلزمه القضاء، وكذلك لو وُجِدَ المانع –كالحيض- بعد زوال مقدار التحريمة ودون الركعة فإنه لا يلزمه القضاء، ما حجة هؤلاء؟\n
\n طالب: حجة هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n ، وهذا لم يدرك ركعة.\n
\n الشيخ: نعم \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»، وهذا لم يدرك ركعة من الصلاة، فيه قول ثالث؟\n
\n طالب: نعم. \n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: لا يقضي من طرأ عليه زوال التكليف إلا إن بقي مقدار الصلاة من آخر الوقت. \n
\n الشيخ: يعني أنه في هذه الحال إذا زال التكليف وطرأ المانع لا يقضي إلا.. \n
\n الطالب: إذا تضايق الوقت.\n
\n الشيخ: إلا إذا تضايق الوقت عن فعل العبادة، ما حجتهم؟\n
\n الطالب: حجتهم أن الشارع أباح له أن يؤخِّر الصلاة إلى هذا الوقت، فإذا طرأ عليه طارئ قبل أن يكون واجب عليه أن يؤديها فإنها لا تجب عليه.\n
\n الشيخ: فإنها لا تلزمه؛ لأنه قد وسع عليه، فيه أيضًا دليل آخر؟\n
\n طالب: الرد على استدلال الفريق الثاني.. \n
\n الشيخ: لا، ما نريد الرد، إلى الآن نحن في الدليل لهذا، يقوي هذا القول.\n
\n طالب: إن النساء يحضن، ما زلن يحضن النساء، ولم يأت دليل على أنه يجب عليهن القضاء. \n
\n الشيخ: ولم يُنْقَل عنهن أنها إذا حاضت في أثناء الوقت تقضي تلك الصلاة.\n
\n الطالب: والأصل براءة الذمة.\n
\n الشيخ: \n الأصل براءة الذمةوالأصل براءة الذمة، هذا القول تعليله قوي جدًّا، إلا أننا ذكرنا أنه مع قوة تعليله يشكل عليه، ما الذي يشكل؟ الحديث \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»، فلهذا القولُ بهذا أن المعتبر هو الركعة ذكرنا أنه أقرب الأقوال، وهو قول وسط بين مَنْ يقيِّده بتكبيرة الإحرام، ومَن يقيِّده بتضايق الوقت. \n
\n طالب: لكن أجبنا عن هذا الحديث.\n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: بأن الإدراك في الأخير؛ في آخر الوقت لا في أوله. \n
\n الشيخ: إي، بأن الإدراك في آخره لا في أوله.\n
\n الطالب: قوله: \n «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» \n .\n
\n الشيخ: لا، ما هو في هذا الحديث، \n «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا».\n
\n الطالب: في قولهم.\n
\n الشيخ: لا، لكن التفسير بأن الإدراك يكون في الآخر، على كل حال القول الوسط هذا أحوط، وأن تعليل القول الثالث قوي جدًّا..\n
\n طالب: (...) شيخ الإسلام حتى لو ترك صلاة الجماعة وكان آثمًا بالتَّرْك. \n
\n الشيخ: فيها عكس هذه المسألة، لو طرأ التكليف على الإنسان في أثناء الوقت، فما المعتَبَر؟ \n
\n طالب: يقضيها وما تُجْمَع إليها. \n
\n الشيخ: يقضيها وما أجمع إليها بعدها ولَّا قبلها؟ \n
\n الطالب: بعدها. \n
\n الشيخ: وما أجمع إليها بعدها؟\n
\n الطالب: قبلها. \n
\n الشيخ: قبلها، ويش مثاله؟\n
\n الطالب: مثلًا إذا بلغ بعد صلاة العصر يقضي العصر..\n
\n الشيخ: لو بلغ في وقت العصر. \n
\n الطالب: يقضي العصر والظهر؛ لأن الظهر تجمع إليها.\n
\n الشيخ: كذلك أيضًا لو زال المانع أثناء الوقت؟\n
\n طالب: لو زال المانع حاضت قبل.. \n
\n الشيخ: لو زال المانع في أثناء الوقت.\n
\n الطالب: الْجُنُون.\n
\n الشيخ: لا، الجنون تكليف.\n
\n الطالب: لو زال الحيض عنها وطهُرت..\n
\n الشيخ: في أثناء الوقت. \n
\n الطالب: في أثناء وقت العصر يلزمها قضاء العصر والظهر قبلها.\n
\n الشيخ: والظهر، ما هو المعتَبَر فيما إذا طرأ التكليف وزال المانع؟ \n
\n طالب: إذا طرأ التكليف وزال المانع، (...).\n
\n الشيخ: لكن أيش المعتبر تكبيرة الإحرام أو ركعة؟\n
\n الطالب: (...) يا شيخ، إدراك ركعة؟\n
\n الشيخ: المعتبر على كلام المؤلف؟\n
\n طالب: على كلام المؤلف تكبيرة. \n
\n الشيخ: تكبيرة الإحرام، فإذا طهُرت مثلًا قبل غروب الشمس بمقدار تكبيرة الإحرام لزمها صلاة الظهر والعصر، فيه قول آخر؟\n
\n طالب: إدراك ركعة.\n
\n الشيخ: المعتبر إدراك ركعة. طيب، دليله؟\n
\n الطالب: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» \n .\n
\n الشيخ: ما فيها شيء عام، إحنا (...) صلاة ما هي بالعصر أو الفجر.\n
\n الطالب: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n .\n
\n الشيخ: صح، إي، هل هناك قول آخر في أنه لا يلزمها إلا قضاء الصلاة التي زال المانع في وقتها؟\n
\n طالب: إذا وُجِدَ التكليف وزال المانع فإنه لا يلزمها إلا العصر.\n
\n الشيخ: كيف إلا العصر؟ ما جبنا مثالًا الآن حتى تقول العصر.\n
\n الطالب: إذا مثلًا وُجِد التكليف في وقت العصر..\n
\n الشيخ: لا، تجيب مثال. \n
\n الطالب: ما يلزمه إلا الصلاة التي وُجِد التكليف فيها. \n
\n الشيخ: وُجِدَ التكليف في وقتها، وأما ما قبلها؟\n
\n الطالب: لا يلزمه.\n
\n الشيخ: فلا يلزمه، ما هو الدليل على هذا؟\n
\n طالب: لأن الذمة.. \n
\n الشيخ: هذا تعليل.\n
\n طالب: قوله عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n ، ولم يقل: هو أدرك الصلاة التي قبلها.\n
\n الشيخ: صح، هذا دليل، تعليل؛ لأن وقت الصلاة الأولى قد انقضى قبل أن تنشغل ذمته بهذا الواجب.\n
دليل ثالث: القياس على المسألة الأولى؛ أنه لو زال التكليف بعد أن دخل وقت الصلاة التي تُجْمَع لما بعدها لم يلزمه إلا الصلاة التي أدرك وقتها فقط، فهما سواء، هذا وهذا كلاهما سواء، وأما الأثر المروي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس رضي الله عنهم فهذا رأيهما وليس محل إجماع. \n
\n طالب: ضعيفان.\n
\n الشيخ: إذا كانا ضعيفين فالحمد لله.\n
\n الطالب: (...) بأنهما ضعيفان.\n
\n الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، على كل حال، هذا مما يزيدنا قوة في الأخذ بالقول الصحيح، وإن كان الإمام أحمد استدل بذلك، والاستدلال بهما يدل على أنهما صحيحان عنده، لكن الحمد لله بعد تضعيفهما يوهن من القول بهما، على كل حال إذن نقول: خلاصة القول في هذه المسألة لأجل ما تشتبه عليكم: عندنا إذا طرأ التكليف وزال المانع، والثاني: إذا زال التكليف وطرأ المانع، هما متقابلان، ولَّا لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نقول: إذا طرأ التكليف وزال المانع فالمذهب المعتبَر مقدار تحريمة، والقول الثاني: المعتبَر مقدار ركعة، والقول الثالث: المعتبَر تضايق وقت الصلاة التي حصل ذلك فيها، فلو طرأ المانع وقد بقي من وقت الصلاة أكثر من فعلها، فعلى هذا القول الأخير لا تُقْضَى، وكذلك لو زال التكليف بأن جُنَّ الإنسان في أثناء الوقت، فإنه إذا زال التكليف قبل زمن أكثر مِن فعل الصلاة فإنه لا يلزمه هذه المسألة، أعني طروء المانع وزوال التكليف.\n
المسألة الثانية: عكسها، وهي زوال المانع، ويش بعد؟ وطروء التكليف.\n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: زوال المانع بأن تطهر المرأة في أثناء الوقت، والثاني طروء التكليف، مثال ذلك -زوال المانع- امرأة طهرت من الحيض قبل أن يخرج الوقت بمقدار تكبيرة الإحرام، تقول: على المذهب يلزمها قضاء الصلاة، وإن كان لها مجموعة قبلها لزمها قضاء الصلاة التي تُجْمَع إليها.\n
على القول الثاني: المعتبَر مقدار ركعة، وكذلك لو طرأ التكليف، بمعنى لو أن هذا الرجل المجنون عَقَل قبل غروب الشمس بمقدار ركعة، لزمه أن يصلي العصر، بمقدار تكبيرة الإحرام؛ لم يلزمه على القول بأن المعتبر ركعة، ولزمه على القول بأن المعتبَر تكبيرة الإحرام. \n
وكلام المؤلف في هذا واضح، انظر ماذا يقول: ¬\n (وإن أدرك مكلَّف من وقتها قدر التحريمة، ثم زال تكليفه)، هذا أيش نقول فيه؟ زوال التكليف. \n
\n (أو حاضت، ثم كُلِّف وطَهُرت، قَضَوْها). \n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: ثم قال: \n (ومن صار أهلًا لوجوبها)، هذه المسألة الثانية عكسها، \n (قبل خروج وقتها) إما بزوال المانع وإما بطروء التكليف، \n (لزمته وما يُجْمَع إليها قبلها). \n
والصحيح أن المعتبَر ركعة، وأنه لا يلزمه ما يُجْمَع إليها قبلها، كما لا يلزمه ما يُجْمَع إليها بعدها، هذا هو الصحيح. \n
إلا أن مسألة طروء المانع وزوال التكليف القول بأن المعتبر تضايق الوقت قلنا: إنه قول قوي جدًّا، لكن ربط ذلك بالركعة أحوط.\n
ثم قال المؤلف رحمه الله:\n (ويجب فورًا قضاء الفوائت مُرَتِّبًا)، يجب قضاء الفوائت؛ الفوائت جمع فائتة، والفائتة كل عبادة مُوَقَّتَة خرجت وقتها فهي فائتة، سواء كانت نفلًا؛ كالوتر، أو فرضًا؛ كالصلوات الخمس. \n
فكل عبادة مُوَقَّتَة تُفْعَل بعد وقتها أو خرج وقتها قبل فعلها فهي فائتة، وتسمى حينئذ مَقْضِيَّة، ولهذا قال: يجب قضاء، ولم يقل: يجب أداء؛ لأن الأداء ما فُعِلَ بوقته، والقضاء ما فُعِلَ بعد وقته، والإعادة ما فُعِلَ ثانية في وقته، فهذا ثلاثة أشياء: قضاء، وأداء، وإعادة؛ القضاء ما فُعِلَ بعد الوقت، والأداء ما فُعِلَ في الوقت، والإعادة ما فُعِلَ ثانية في الوقت، مثلًا لو صَلَّيْتَ الظهر في مسجدك، وأتيت إلى مسجد جماعة وصلَّيْت معهم، تُسَمَّى هذه؟\n
\n طلبة: إعادة.\n
\n الشيخ: تسمى إعادة.\n
يجب قضاء الفوائت، عندنا قضاء لماذا سَمَّيناه قضاءً؟ لأنه بعد الوقت، فائتة؛ لأنها خرج وقتها قبل فعلها، فتكون فائتة. \n
قوله: \n (يجب) الوجوب مَرَّ علينا في أصول الفقه أنه ما أُمِرَ به على وجه الإلزام. هذا الواجب، والوجوب بمعنى الإلزام. \n
ودليل وجوب القضاء: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n ، واللام في قوله: \n «فَلْيُصَلِّهَا» للأمر، والأمر للوجوب.\n
ولأن هذا الإنسان الذي فاتته العبادة شُغِلَت ذِمَّتُه بها، فوجب عليه أداؤها؛ لأنها كانت دَيْنًا، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في المرأة التي سألته هل تحج عن أمها، قال: \n «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ، فاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» \n ، فصار لدينا دليل، أيش بعد؟ وتعليل.\n
الدليل: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، التعليل؛ لأن ذمته قد شُغِلَت بها فهي دَيْن عليه، والدين يجب قضاؤه. \n
وقوله: \n (يجب قضاء الفوائت)، ظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يدعها عمدًا بلا عذر، أو يدعها لعذر، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم؛ أن قضاء الفوائت واجب، سواء تركها لعذر أم لغير عذر، يعني: حتى المتعمِّد الذي تعمَّد إخراج الصلاة عن وقتها يقال: إنك آثِم وعليك القضاء، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وقول جمهور أهل العلم. \n
والقول الثاني في المسألة: أنه إذا فاتت العبادة الْمُوَقَّتَة عن وقتها لعذر قُضِيَت، وإن فاتت لغير عذر فلا قضاء، لا تخفيفًا عن المؤخِّر، ولكن تنكيلًا به وسخطًا لفعله، وهناك فرق بين التخفيف، وبين التنكيل والسخط، فنحن نقول لمن تركها عمدًا: لا تَقْضِ؛ لأنك لو تقضي ألف مرة ما قَبِلَ الله منك حتى ولو تُبْتَ، إذا تبت فأحْسِن العمل.\n
حجة القائلين بأنه يقضي ولو كان لغير عذر، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:\n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فإذا كان المعذور بنوم أو نسيان يلزمه القضاء، فغير المعذور من باب أولى.\n
وقالوا أيضًا: إنه لما ترك الصلاة حتى خرج وقتها كانت دَيْنًا عليه، والدَّيْن لا وقت له، يجب على الإنسان أن يقضيه فورًا، ولو خرج وقته، أرأيت لو كان بينك وبين شخص معاملة يحل الدَّيْن فيها في أول ليلة من شهر ربيع الأول، ثم جاءت الليلة ولم تُوفِ، هل يسقط؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: لا، يبقى في ذمتك حتى تُوفِيَه ولو بعد حين، وقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم العبادات دَيْنًا، فإذا كان سمَّاها دَيْنًا فإنه يجب قضاؤها ولو تركها لغير عذر.\n
أما الذين قالوا بعدم الوجوب إذا كان لغير عذر فقالوا: لأن هذه الصلاة الْمُوَقَّتَة محدودة أولًا وآخرًا، والمحدود موصوف بهذا الوقت، يعني صلاة في هذا الوقت، فإذا أخرجها عنه بلا عذر فقد صلَّاها على غير الوصف الذي فُرِضَت عليه، أليس كذلك؟ فَتَرَك واجبًا من واجباتها عمدًا فلا تصح، كما لو صلَّى بغير وضوء عمدًا بلا عذر فإنه لا يصح.\n
هذا أيضًا إذا أخرجها عن وقتها عمدًا بلا عذر فإنها لا تصح؛ لأنها صلاة موصوفة بماذا؟ بالوقت؛ لأنها من كذا إلى كذا، \n {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]. \n
ثانيا: إذا أخرجها عن وقتها لغير عذر، فقد فعلها على وجه لم يُؤْمَر به، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: \n «مَنْ عَمِل عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n ، وهذا نص صريح عام، \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا»، أيُّ عمل يكون؛ لأنه نكرة في سياق الشرط، فكان للعموم، \n «فَهُوَ رَدٌّ»، أي: مردود.\n
ثالثًا: أنه لو صلى قبل الوقت متعمِّدًا فصلاته باطلة بالاتفاق، حتى أنتم تقولون: صلاته باطلة، فأي فرق بين ما إذا فعلها قبل الوقت أو فعلها بعده، فإن كل واحد منهما قد تعدَّى حدود الله عز وجل، وأخرج العبادة عن وقتها، \n {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٢٩].\n
رابعًا: أن هذا الرجل إذا أخَّرها عن وقتها فإنه ظالم مُعْتَدٍ، وإذا كان ظالمًا معتديًا فالله لا يحب المعتدين، ولا يحب الظالمين، فكيف يُوصَف هذا الرجل الذي لا يحبه الله لعدوانه وظلمه، بأنه قريب من الله متقرِّب إليه؟! هذا خلاف ما تقتضيه العقول والفِطَر السليمة، وهذا القول كما ترى قول قوي جدًّا.\n
أما قولهم: إنه إذا كان وقتًا للمعذور فغير المعذور من باب أولى فممنوع؛ لأن المعذور معذور، ولا يتمكن من الفعل في الوقت، فلما لم يتمكن لم يكلّف إلا ما يستطيع، أما هذا الرجل الغير معذور فهو أيش؟ قادر على الفعل مكلَّف به، فخالَف واستكبَر ولم يفعل. \n
فقياس هذا على هذا من أبعد القياس، والمسألة ليست مسألة أنه عُذر أو ما عُذر، نقول: نعم، المعذور وقت الصلاة في حقه عند زوال عذره، كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.\n
إذن نقول: هذا قياس فاسد غير صحيح، مع مخالفته لعموم النصوص، كـ \n «مَنْ عَمِل عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n ، ومع أنه مخالف للقياس فيما إذا صلى قبل دخول الوقت.\n
فالصواب أن مَنْ تَرَك الصلاة عمدًا حتى على القول بأنه لا يكفر كما لو كان يصلي ويُخَلِّي، فإنه لا يقضيها، ولكن يجب عليه أن يكون هذا الفعل دائمًا نُصْبَ عينيه، وأن يُكْثِر من الطاعات والأعمال الصالحة لعلها تُكَفِّر ما حصل منه من إضاعة الوقت.\n
قال المؤلف رحمه الله: \n (ويجب قضاء الفوائت). \n
\n يُستفاد منه: أنه يقضي الصلاة الفائتة على صفتها؛ لأن القضاء يحكي الأداء، هذه القاعدة المعروفة، فعلى هذا إذا قضى صلاة ليل في النهار جهر فيها بالقراءة، وإذا قضى صلاة نهار في ليل أَسَرَّ فيها بالقراءة؛ لأن القضاء يحكي الأداء. \n
ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n ، وكما أن الأمر عائد إلى ذات الصلاة، فهو عائد إلى صفة الصلاة أيضًا، ومن صفاتها الجهر بالقراءة في الليل، والسر في القراءة في النهار.\n
وهذا أيضًا هو الذي جاءت به السنة كما في \n حديث أبي قتادة في نومهم عن صلاة الصُّبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فصلَّاها كما كان يصليها كُلَّ يوم \n .\n
\n ويُستفاد منه أيضًا: أنه تُشْرَع فيها الجماعة إذا كانوا جمعًا، كيف ذلك؟ لأن القضاء يحكي الأداء، فكما أنهم لو صَلَّوْها في الوقت صَلَّوْها جماعة، فكذلك إذا قَضَوْها فإنهم يصلونها جماعة، وهذا أيضًا هو الذي جاءت به السنة في حديث أبي قتادة، \n فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بلالًا فأذَّن، ثم صلَّى ركعتي الفجر، ثم صَلَّى الفجرَ جماعة \n .\n
\n (ويجب فورًا قضاء الفوائت)، الفور معناه المبادرة بالشيء، كما قال تعالى: \n {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آل عمران: ١٢٥]، فالفَوْر معناه الشيء المبادِر، فمعنى (فورًا) أي: يجب أن يبادِر بقضاء الفوائت، وهنا دليل وتعليل.\n
أما الدليل فقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n ، \n «فَلْيُصَلِّهَا»، اللام للأمر، متى؟ \n «إِذَا ذَكَرَهَا»، وهذا يدل على أنها تُقْضَى فور الذِّكْر، من يوم يذكر يصلي، من يوم يستيقظ يصلي، هذا دليل،\n «فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».\n
تعليل: ولأن هذا دَيْن واجب عليه، والواجب المبادَرة به؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له إذا أَخَّرَ.\n
ولأن الإنسان إذا عَوَّدَ نفسه التهاون والتكاسل في الطاعات اعتادت هذا، وصار ذلك خُلُقًا له، فإذن لا بد من المبادرة. \n
ممكن أيضًا نستدل بقوله: \n «فَلْيُصَلِّهَا»، اللام للأمر، والأصل في الأمر الوجوب والفورية، كما مر علينا في الأصول.\n
فإن قلت: أليس النبي صلى الله عليه وسلم \n لما استيقظ أمرهم أن يرتحلوا من مكانهم إلى مكانٍ آخر؟ \n \n
فالجواب: بلى، لكنه عَلَّلَ ذلك بأنه \n «مَكَانٌ حَضَرَهُمْ فِيهِ الشَّيْطَانُ» \n ، فلا ينبغي أن يُصَلَّى في أماكن حضور الشياطين، ولهذا نُهِيَ عن الصلاة في الحمَّام؛ لأنه مأوى الشياطين، وفي الْحُشِّ، وما أشبه ذلك، بل وفي أعطان الإبل، نُهِيَ أن يصلَّى فيها؛ لأنها خُلِقَت من الشياطين. \n
وليس معناه: مادتها من الشياطين، لا، خُلِقَت من الشياطين؛ لأن فيها خُلُقًا كبيرًا من أخلاق الشياطين، وإذا كان في المخلوق خُلُق كبير من شيء معيَّن نُسِبَ إليه، ولهذا قال الله تعالى: \n {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧]، مع أنه خُلِقَ من تراب، لكن لما كانت طبيعته العجلة صار كأنه ناشئ منها، كأنها عنصر وجوده. \n
إذن، إذا قال قائل: كيف نجيب عن هذا الحديث؟ فالجواب أن الرسول عليه الصلاة والسلام علَّل ذلك بأنه موطِن حضر فيه الشياطين، فلا ينبغي أن يُصَلَّى في أماكن يكون فيه حضور الشياطين، وهذا لا يدل على عدم وجوب الفورية، وإن كان بعض العلماء قال بعدم وجوب الفورية لهذا الحديث. \n
\n طالب: شيخ، يوجد يا شيخ جيران هنا ناس يصلون في محل (...) تارة يتركون الصلاة وتارة يصلوها، ونحن ننصحهم دائمًا، يا شيخ، ما أدري يعني هل يستمرون على هذا الشيء؛ لأني أراهم دائمًا يتكرر منهم هذا الشيء؟
الشيخ: بَلِّغُوا عنهم.
\n طالب: شيخ، إذا قضى مثلًا صلاة الفجر، إذا ناموا عنها مثلًا جماعة، فِعْل الرسول، هل يُثَوِّبُون في الأذان ولَّا لا؟
الشيخ: هو الظاهر أنه يثوب؛ لأن هذا للفجر.
\n طالب: شيخ، قول من قال من العلماء: إن صلاة العشاء إذا قُضِيَت فإن الجهر بها غير مشروع؛ لأن الجهر مقصود به إسماع الآخرين، أما إذا كان سيقضيها منفرِدًا يشغل الناس؟
الشيخ: منفردًا.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: هو أصلًا الجهر ما هو مشروع إلا في الجماعة حتى لو أداها في الوقت منفردًا ما هو مشروع له أن يقرأ. \n
\n طالب: ما هو دليل شيخ الإسلام عندما جعل مناط الوجوب تضايق الوقت؟
الشيخ: هو هذا الدليل اللي قلته لك، ذكرنا ثلاثة أدلة أظن.
طالب: شيخ، اللي ما يستطيع (...) الدين يعني ونقول: من أدرك ركعة من صلاة؟
الشيخ: يقول رحمه الله: إن الإنسان إذا كانت لم يتضايق فهو غير ملزَم بها الآن، فما دام غير ملزَم كيف نُلْزِمُه بالقضاء ونحن لا نُلْزِمُه بالفعل بالأداء، يعني هو الآن ما دام الوقت لم يَضِق فإننا لا نُلْزِمُه أن يؤديها، فإذا لم تلزم أداءً لم تلزَم قضاءً، والله تعالى قد وَسَّع عليه.
طالب: يا شيخ إذا تضايق الوقت هو (...) هناك ما نلزمه بالقضاء لأنه حتى الآن ما خرج وقت صلاة..؟
الشيخ: كيف؟ لا، إذا تضايق نلزمه بالأداء، إذا تضايق ما يجوز أن يؤخِّر ولو جزءًا واحدًا من وقتها. \n

***

\n الطالب: \n ويجب فورًا قضاء الفوائت مُرَتِّبًا، ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة.
ومنها: ستر العورة، فيجب بما لا يصف بشرتها، وعورةُ رجلٍ وأمةِ وأمِّ ولد ومُعْتَقٍ بعضُها من السُّرَّة إلى الرُّكْبة، وكل الحرة عورة إلا وجهها.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ما حكم قضاء الفوائت؟\n
\n طالب: واجب يا شيخ.\n
\n الشيخ: واجب؟ قضاء الفوائت واجب؟\n
\n طالب: يجب عليه القضاء.\n
\n الشيخ: واجب؟\n
\n طالب: فرض يعني.\n
\n الشيخ: أو فرض يعني، لازم؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: تقييد.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: كيف؟\n
\n طالب: فيه تفصيل.\n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: إذا كانت هذه الفرائض يعني لرجل قبل أن يتوب إلى الله..\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: يجب قضاء الفوائت مطلقًا.\n
\n الشيخ: يجب.\n
\n الطالب: يجب وجوبًا مطلَقًا. \n
\n الشيخ: قضاء الفوائت يجب؟\n
\n طالب: لا يا شيخ، إن كان فرضًا يجب، وإن كان نفلًا يُسْتَحَبُّ.\n
\n الشيخ: إي، صح.\n
\n طالب: كلام المؤلف على أنه واجب.\n
\n طالب آخر: المؤلف يا شيخ؟\n
\n الشيخ: المهم ما علينا، أنا أسألكم عن قضاء الفوائت، إذن نقول: إذا كانت الفوائت مستحبة فالقضاء مستحب، وإلَّا فلا.\n
ما حكم قضاء الفرائض؟\n
\n طالب: واجب.\n
\n الشيخ: واجب، الدليل؟\n
\n الطالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n .\n
\n الشيخ: نعم، أحسنت، هذا دليل، التعليل؟\n
\n طالب: التعليل لأن الذمة انشغلت به (...) كالدين يجب عليه القضاء.\n
\n الشيخ: أحسنت، الذمة مشغولة بها لا تبرأ إلا بالقضاء، فكان ذلك واجبًا.\n
كلام المؤلف \n (يجب قضاء الفوائت) هل يشمل الفوائت عمدًا أو لعذر؟\n
\n طالب: يشمل عمدًا؛ بعذر وبغير عذر.\n
\n الشيخ: بعذر أو بغير عذر، وهذا هو المشهور من المذهب، ومذهب الأئمة الأربعة.\n
حجة القائلين بوجوب قضاء الفوائت سواء كان عمدًا أو غير عمد؟\n
\n طالب: أنه ما دام المعذور يقضي الصلاة، فمن باب أولى الذي تركها عمدًا يقضيها.\n
\n الشيخ: نعم أحسنت، والمعذور كما سمعنا في الحديث، هل هناك قول آخر؟ \n
\n طالب: نعم، قول آخر أن الذي يترك الصلاة عمدًا لا قضاء عليه.\n
\n الشيخ: لا قضاء عليه تخفيفًا؟\n
\n الطالب: لا (...).\n
\n الشيخ: ليس من باب التخفيف، ولكن من باب؟\n
\n الطالب: من باب التعنيف له.\n
\n الشيخ: نعم، ما دليل هؤلاء؟\n
\n الطالب: دليلهم قالوا: إن هذا تركها..\n
\n الشيخ: ما دليلهم؟\n
\n الطالب: دليلهم قوله تعالى: \n {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [التوبة: ٥].\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: \n «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» \n .\n
\n الشيخ: لا؛ لأن مَن أحدث هذا في البدعة.\n
\n طالب: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌ» \n . \n
\n الشيخ: أحسنت، وهذا الذي أَخَّرَ الصلاة لغير عذر عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون مردودًا.\n
كيف نرد على استدلالهم؟\n
\n طالب: في استدلال الذين قالوا بأن..\n
\n الشيخ: بأنه يقضي المتعمِّد؛ لأنه إذا قضى المعذور فالمتعمِّد من باب أولى.\n
\n الطالب: نقول: إن هذا شغله العذر عن إبراء الذمة، ولكن غير المعذور لم يكن له عذر أو شيء من هذا القبيل، النبي صلى الله عليه وسلم خَصَّ الحديث بالمعذور فقط.\n
\n الشيخ: ولا يقاس عليه؟\n
\n الطالب: ولا يقاس عليه الغير معذور.\n
\n الشيخ: أحسنت، قلنا: إن هذا القول اللي هو اختيار شيخ الإسلام القول الراجح، رجَّحْنَاه.\n
يقول المؤلف \n (فورًا)، أيش معنى \n (فَوْرًا)؟\n
\n طالب: يعني المبالغة بالشيء.\n
\n الشيخ: المبالغة بالشيء، هل هناك دليل على وجوب الفورية في قضاء الفوائت؟\n
\n الطالب: \n {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]. \n
\n طالب آخر: تعليل، \n «فليُصَلِّها»، قوله صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» \n . \n
\n الشيخ: \n «إِذَا ذَكَرَهَا»، فقيَّد وجوب الصلاة بما إذا ذكرها، كذا ولَّا لا؟ صحيح يا جماعة؟\n
\n طلبة: نعم. \n
\n الشيخ: ولهذا لا نقول: إنه إذا ذكرها يكون الوقت موسَّعًا في حقِّه كما نقول في الأداء، بل هو مُضَيَّق من يوم يذكرها يجب أن يبادر إلى قضائها.\n
المؤلف يقول: \n (يجب قضاء الفوائت)، كيف يقضيها من حيث الصفة؟\n
\n طالب: قلنا: يقضيها الجهرية جهرية والسرية سرية.\n
\n الشيخ: والرباعية؟\n
\n الطالب: والرباعية رباعية.\n
\n الشيخ: والثنائية؟\n
\n الطالب: كذا.\n
\n الشيخ: كذا؟ \n
\n الطالب: إي نعم. \n
\n طالب آخر: يقضي الصلاة على صفتها. \n
\n الشيخ: على صفتها، كما قال.\n
\n الطالب: الصلاة السرية..\n
\n الشيخ: السرية يقصيها سرًّا، والجهرية يقضيها جهرًا، والثنائية اثنين، والرباعية رباعية. \n
لو أنه ذكر صلاة سَفَرٍ في حَضَرٍ؟\n
\n طالب: يصليها على حضر.\n
\n الشيخ: على حضر ولَّا على سفر؟\n
\n الطالب: ما فيه عذر أنه يقصر.\n
\n الشيخ: كيف؟ نسي.\n
\n الطالب: إي، صح، لكن ما فيه عذر أنه يصليها قصرًا.\n
\n الشيخ: أنا ما أبغي أصلي من جديد، الصلاة مقضية.\n
\n طالب: يقضيها يا شيخ كما هي.\n
\n الشيخ: أيش أربع ولا ثنتين؟\n
\n الطالب: لا، أربعًا.\n
\n الشيخ: أربعة، إذن ما قضاها كما هي. \n
\n الطالب: لا هي أساسًا أربعة، لكن لعذر السفر..\n
\n الشيخ: المهم أنها وَجَبَت عليه رباعية ولا ثنائية؟\n
\n الطالب: وجبت ثنائية.\n
\n الشيخ: طيب، كيف يقضيها؟\n
\n الطالب: يقضيها رباعية.\n
\n الشيخ: خطأ هذا، ما هو صحيح.\n
\n طالب: المذهب يقضيها رباعية، والصحيح أنه يقضيها..\n
\n الشيخ: لكن اللي يقتضيه الحديث: \n «فَلْيُصَلِّهَا» \n ؟\n
\n الطالب: يقضيها ثنائية.\n
\n الشيخ: ثنائية، وبالعكس؛ لو ذكر صلاة حضر في سفر؟\n
\n الطالب: حضر في سفر يقضيها رباعية؛ لأنها وجبت في ذمته رباعية. \n
\n الشيخ: صحيح؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: صح، هذا مقتضى الحديث.\n
هل تُقْضَى جماعةً أو فُرَادَى؟ يعني لو فرضنا أن أناسًا ناموا عن صلاة الفجر في السفر، هل يقضونها جماعة أو فُرَادَى؟\n
\n طالب: يقضونها جماعة.\n
\n الشيخ: جماعة؟ ممكن أن تأخذها من حديث؟ \n
\n طالب: حديث أبي قتادة \n لما نام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة حتى طلعت الشمس فَقَضَوْهَا \n . \n
\n الشيخ: قضوها جماعة، صحيح، بل ربما نأخذها من قوله: \n «فَلْيُصَلِّهَا».\n
\n طالب: نعم. \n
\n الشيخ: يمكن نقول: يصلها على الصفة اللي هي عليها، فإذا كانت مما يُشْرَع له الجماعة صلَّاها جماعة، أو لا؟ \n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: يمكن. \n

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (ويجب فورًا قضاء الفوائت مُرَتِّبًا)، يعني يبدأ بها بالترتيب، فإذا كان عليه خمس صلوات تَبْتَدِئ بالظهر، صلى الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، ثم الفجر؛ لأنها خمس. \n
الدليل ممكن أن نأخذها من قوله: \n «فَلْيُصَلِّهَا» \n ؛ لأن هذا يشمل عين الصلاة، وكيفية الصلاة، وكذلك يشمل مكان الصلاة، وإذا شمل مكانها لزم أن تكون في موضعها الترتيبي، فمثلًا: الظهر يصليها بين الفجر وأيش؟ والعصر، وحينئذ يكون صلَّاها، وكذلك المغرب بين العصر والعشاء.\n
إذن هذا الحديث:\n «فَلْيُصَلِّهَا» ما شاء الله مبروك يؤخَذ منه حتى وجوب الترتيب؛ لأنه إذا صلاها على ما هي عليه يلزم أن تكون في مكانها، وكذلك ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام \n أنه فاته خمس صلوات في الخندق، فقضاها مُرَتَّبَة \n ، وكذلك في الجمع،\n كان يجمع بين الصلاتين، فيبدأ بالأُوْلَى \n ، فكل هذه الأدلة تدل على أنه يجب الترتيب في قضاء الفوائت.\n
هل يسقط الترتيب بعذر من الأعذار؟\n
قال المؤلف رحمه الله: \n (ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة)، ذكر المؤلف أنه يسقط بشيئين:\n
أولًا: النسيان، فلو كان عليه خمس فرائض تبتدئ من الظهر، فنسي فبدأ بالفجر مع أنها هي الأخيرة، نقول: قضاؤه صحيح؛ لأنه نسي، لو بدأ بالعصر قبل الظهر نسيانًا صح القضاء؛ لأنه يسقط بالنسيان.\n
ما هو الدليل؟ الدليل عموم قوله تعالى: \n {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وربما يُسْتَدَلُّ \n بتقديم الأنساك بعضها على بعض في يوم النحر، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لَا حَرَجَ» \n ، ولكن الاستدلال بهذا فيه نظر؛ لأن العبادات في الحج من غير جنس واحد، ولأن الترتيب بينها يسقط بالنسيان والعمد، وحينئذ لا يصح القياس. \n
إذن نأخذه من عموم قوله: \n {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]. \n
ثانيا: خشية -شوف الإضافات، هذه العبارة- \n (خشية خروج وقت اختيار الحاضرة)، إضافات، كم؟\n
\n طالب: أربع.\n
\n الشيخ: (خشية) مضاف، (خروج) مضاف، (خروج) مضاف، (وقت) مضاف، (وقت) مضاف، و(اختيار) مضاف، (اختيار) مضاف، و(الحاضرة) مضاف، كم صارت؟ خمس.\n
\n طالب: الحاضرة مضاف إليه يا شيخ.\n
\n الشيخ: إي، مضاف إليه، إي نعم.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ما يخالف، (خشية) واحدة، (خروج) اثنين، (وقت) ثلاثة، (اختيار) أربعة، أربع إضافات.\n
مثل هذا عند البلاغيين يقولون إنه خارج عن البلاغة؛ لكثرة الإضافات، لكن نقول: إذا كان لا يتضح المعنى إلا بذلك فليس خارجًا عن البلاغة، صحيح يمكن أن يعدل المؤلف عن هذا فيقول: وإذا خشي أن يخرج وقت الحاضرة المختار، يمكن يعبِّر هكذا؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: يمكن، وإذا خشي أن يخرج وقت الحاضرة المختار. \n
\n طالب: (...). \n
\n الشيخ: لا، بس هذه ما فيها إضافات. \n
على كل حال المعنى أنه إذا كان يخشى أن يخرج وقت اختيار الحاضرة فإنه يسقط الترتيب، وإذا خشي أن يخرج الوقت كله من باب أولى، وليس عندنا وقت ضرورة على القول الراجح، إلا في صلاة العصر؛ لأنه سبق لنا أن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل، وأما من جعله ينتهي بطلوع الفجر فيجعل ما بين نصف الليل وطلوع الفجر وقت ضرورة.\n
على كل حال هذا رجل ذكر أن عليه فائتة، وقد بقي على أن يكون ظِلُّ كل شيء مثليه ما لا يتسع للفائتة والحاضرة، ماذا نقول؟ نقول: قَدِّم الحاضرة.\n
ورجل آخر ذكر فائتة وقد بقي على طلوع الشمس ما لا يتسع لصلاة الفائتة والفجر، نقول: قَدِّم الحاضرة، وهي الفجر.\n
لماذا؟ لأنك لو أخَّرْتَها لزم أن تكون كلتا الصلاتين قضاءً، وإذا قَدَّمْت الحاضرة صارت المقضيَّة قضاءً والحاضرة أداءً، وأديتها في الوقت الذي أمر الله سبحانه وتعالى أن تؤدَّى فيه، عرفتم؟ فهذا وجه وجوب تقديم الحاضرة.\n
وجه وجوبه إذن أن الله أوجب أن تصلَّى هذه الحاضرة أيش؟ في وقتها، فإذا صليت غيرها أخرجتها عن الوقت.\n
ثانيًا: أنك إذا قدَّمْتَ الفائتة لم تستفد شيئًا، بل تضرَّرْتَ؛ لأنك إذا قدَّمْتَ الفائتة صارت كلتا الصلاتين قضاءً، وإذا بدأت بالحاضرة صارت الحاضرة أداءً والثانية قضاءً، وهذا أولى بلا شك.\n
هل يسقط بغير ذلك؟ نقول: نعم، يسقط، بما لا يمكن قضاؤه على وجه الانفراد، كصلاة الجمعة؛ فإنه لو ذكر أن عليه فائتة بعد أن أُقِيمَت صلاة الجمعة، ولا يتمكن من قضائها وإدراك الجمعة، فإنه يبدأ بالجمعة؛ لأن فوات الجمعة كفوات الوقت، فوات جماعة الجمعة كفوات الوقت؛ لأنها لو فاتت الجماعة عليك فاتتك الجمعة، لا يمكن أن تصلِّيَها جمعة بعد فوات الجماعة فيها، هذا ثلاثة.\n
هل يسقط بالجهل؟ لو جاءنا رجل يسأل يقول: أنا والله عليَّ فوائت، عليَّ صلاة الظهر والعصر والمغرب، وإني ما أدري، فبدأت بصلاة المغرب، ثم بالعصر، ثم بالظهر؟\n
نقول: كلام المؤلف يدل على أنه لا يسقط؛ لأنه لم يذكر إلا النسيان، والجاهل قد يكون مفرِّطًا بترك التعلُّم فلا يُعْذَر، وعلى هذا فنقول لهذا الرجل الذي سألنا فقدَّم المغرب، ثم العصر، ثم الظهر، نقول: أَعِد أيش؟ \n
\n طالب: الظهر.\n
\n الشيخ: لا، أَعِد العصر ثم المغرب، أما الظهر لا يعيدها؛ لأنها في مكانها.\n
وهكذا كل شيء فيه الترتيب إذا عَكَسْتَ فآخر شيء لا تعيده؛ لأنه يكون هو أول شيء؛ لأن الذي قدمته هو الذي ما صح، أما الذي كان هو الآخِر فيصح، اللهم إلا كان عبادة واحدة، كما لو سجد قبل أن يركع فلا بد من إعادة السجود بعد الركوع. \n
على كل حال نقول: حتى لو سجد قبل أن يركع، فإذا ركع قلنا: لا تعِد الركوع، إذن لا يُسْتَثْنَى شيء من هذه القاعدة، صار يسقط بالجهل ولَّا لا؟ على كلام المؤلف لا يسقط بالجهل، فنقول لهذا الذي سأل حيث صلى المغرب، ثم العصر، ثم الظهر: أَعِد العصر والمغرب، ولو كان جاهلًا. \n
وقال بعض العلماء: بل يسقط بالجهل؛ لأن الجهل أخو النسيان في كتاب الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: \n {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» \n ، فإذا كان هذا جاهلًا فإنه لا يضره، ونقول: صلاتك صحيحة.\n
وهذا القول هو الصواب؛ لأن العذر واحد، وكثير من الناس لا يطرأ على باله أن الأمر فيه خلاف، يعني فيه ضرر عليه، فيقدِّم بعضًا على بعض. \n
هل يُعْذَر بترك الجماعة، أو بخوف فوت الجماعة؟ يعني: هل يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعة؟\n
المذهب: لا يسقط، فنقول: ابدأ بالفائتة، ثم صَلِّ الحاضرة مع الجماعة إن أدركتها، وإلا فلا شيء عليك.\n
وذهب بعض العلماء إلى أن الترتيب يسقط بخوف فوت الجماعة، لا سيما على القول بأن الجماعة شرط لصحة الصلاة، قال: فيجب أن يقدِّم الصلاة الحاضرة بالجماعة ثم يصلِّي الفائتة.\n
وهذا -أعني القول بأنه يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعة- مبني على القول بأنه لا يصح أن يصلي خلف مَن يصلي صلاة أخرى، أما على القول بالجواز فنقول: ادخل معهم في الجماعة، وانْوِ بها الصلاة التي عليك؛ الفائتةَ.\n
مثلًا: لو كان عليك الظهر وجئت وهم يصلون العصر، فإنا نقول على القول الراجح: ادخل معهم بنية الظهر، واختلاف النية لا تضر، لكن على القول بأن اختلاف النية يضر، يقول: لا يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعة، كما هو المذهب.\n
فصار عندنا خمسة أشياء:\n
النسيان، وخوف خروج الوقت المختار أو غير المختار، خوف فوات الجمعة، خوف فوات الجماعة، الجهل.\n
المذهب: يُعْذَر بالثلاثة الأول، وهي: النسيان، وخوف فوت الوقت، وخوف فوت الجمعة، وأما الرابع والخامس فلا يُعْذَر فيه. \n
والصحيح أنه يعذر فيه، فيسقط الترتيب بخمسة أشياء: النسيان، والجهل، وخوف فوت الجمعة، وخوف فوت الجماعة, وخشية خروج وقت الصلاة، خمسة. \n
\n (وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة)، ثم قال:\n (ومنها)، أي: من شروط الصلاة \n (ستر العورة)، الستر بمعنى التغطية.\n
والعورة: ما يسوء الإنسانَ إخراجُه والنظر إليه؛ لأنها من (العَوَر) وهو العيب، وكل شيء يسوؤك النظر إليه، فإن النظر إليه يعتبر من العيب، هذه هي العورة.\n
وتختلف العورة، ولكن الآن سنناقش هذا التعبير (ستر العورة)، هل جاء في الكتاب والسنة كلمة (ستر العورة) فيما يتعلق بالصلاة أو لا؟\n
الجواب: لا، ما جاء كلمة (ستر العورة)، ومن أجل أنه لم يأت ينبغي ألَّا نعبِّر إلا بما جاء في القرآن والسنة في مثل هذا الباب، ونظير هذا التعبير الذي أوهم تعبيرُ بعضهم بلبس المخيط بدلًا عن القميص، والسراويل، والبرانس، والعمامة، إلى آخره.\n
لما قال العلماء: (ستر العورة)، اشتبه على بعض الناس عورة الصلاة وعورة النظر، واختلطت عليهم، حتى جعل بعضهم هذه وهذه سواء، والأمر ليس كذلك، فبين عورة الصلاة وعورة النظر فرق، العورتان لا تتَّفقان طردًا ولا عكسًا، كما سيتبين إن شاء الله.\n
إذن فلو عُبِّرَ بما جاء في القرآن أو السنة لكان أسلم، الذي جاء في القرآن: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، فأمر الله تعالى أن نتزين ونتجمل عند ملاقاته سبحانه وتعالى والوقوف بين يديه، وإذا كان الإنسان يستحي أن يقابل ملكًا من الملوك بثياب رثَّة، أو نصف بدنه ظاهر، فكيف لا يستحي من أن يقف بين يدي ملك الملوك عز وجل بثياب غير مطلوب منه أن يلبسها؟! ولهذا \n قال عبد الله بن عمر لمولاه نافع، وقد رآه يصلِّي حاسرًا رأسه، قال له: غَطِّ رأسك، هل تخرج إلى النَّاس وأنت حاسر الرَّأس؟ قال: لا، ما أخرج إلى الناس وأنا حاسر الرأس، قال: فاللَّهُ أحقُّ أن تتجمَّلَ له \n ، وهذا صحيح بالنسبة لمن عادتهم ألَّا يحسروا عن رؤوسهم، ما يمكن الواحد يخرج حاسر الرأس أمام الناس.\n
إذن فاتخاذ الزينة غير ستر العورة، ونقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» \n ، وعاتق الرجل ليس بعورة بالاتفاق، ومع ذلك أَمَرَ النبي عليه الصلاة والسلام بستره، قال: \n «لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»، فدل هذا على أن مناط الحكم ليس ستر العورة.\n
وقال صلى الله عليه وسلم لجابر في الثوب: \n «إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ» \n ، ومعلوم أنه لا يُشْتَرَط لستر العورة أن يلتحف الإنسان، بل ربما يكون فيه وَزْرَة تغطي ما يجب ستره في غير الصلاة.\n
إذن فليس مناط الحكم أيش؟ ستر العورة، إنما مناط الحكم اتخاذ الزينة، هذا هو الذي أمر الله به، وهو الذي دَلَّت عليه السنة، ومن أجل هذا التعبير التبس على بعض العلماء، وجعلوا المسألة -مسألة العورة- هنا كمسألة العورة هناك في باب النظر، وهما يختلافان، هذا من حيث التعبير بكلمة (ستر العورة).\n
ما هو الدليل على أنه من شرط صحة الصلاة ستر العورة؟ \n
الدليل: قوله تعالى: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «إِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» \n ، فلا بد من الاتزار، وإذا كان واجبًا في العبادة فكل واجب في العبادة شرط لصحتها، القاعدة الشرعية: أن كل واجب في العبادة فهو شرط لصحتها، فإذا تركه الإنسان عمدًا بطلت هذه العبادة؛ ولهذا لو ترك الإنسان التشهد الأول أو الأخير في الصلاة متعمِّدًا بطلت صلاته، حتى في الواجبات، لو تركها متعمِّدًا بطلت الصلاة.\n
ولهذا نقول: لا شك أن ستر العورة شرط لصحة الصلاة، وأن مَن صلى من غير أن يلبس ما يستر به العورة، أو ما يجب ستره على الأصح، فإن صلاته باطلة.\n
وقد نقل ابن عبد البر إجماع العلماء على أن مَن صلى عريانًا مع قدرته على اللباس فصلاته باطلة. وكذلك نقله شيخ الإسلام ابن تيمية؛ أن العلماء اتفقوا على أن الإنسان الذي يصلي عريانًا وهو قادر على اللباس فصلاته باطلة.\n
فيكون قد اجتمع في هذا الكتاب والسنة والإجماع. \n
العورة؛ قال المؤلِّف: \n (فيجب بما لا يصف بشرتها)، (يجب) الفاعل يعود على ستر العورة، يعني: فيجب ستر العورة بما، هذه الـ (ما)، ما نوعها؟\n
\n طلبة: موصولة.\n
\n الشيخ: يعني: بالذي، ويجوز أن نجعلها نكرة موصوفة، أي: بثوب لا يصف بشرته. هذا واحد، يعني: يشترط للساتر أن لا يصف البشرة، لا أن لا يُبَيِّن العضو، ووصف الشيء ذِكْرُ صفاته، والثوب لا يصف، هل الثوب يصف يقول لك مثلًا: ترى إن لون الجلد الذي تحتي أسود، أو إن لونه أحمر، أو إن لونه أبيض، ولَّا لا؟\n
\n طلبة: لا. \n
\n الشيخ: نطقًا لا يصف، لكن يصفه حالًا بلسان الحال، فإذا كان هذا الثوب الذي على البدن يُبَيِّن تمامًا لون الجلد، يُبَنِّه بيانًا واضحًا، فإن هذا ليس بساتر.\n
أما إذا كان يُبَيِّن منتهى السروال من بقية العضو فهذا ساتر، لكن إذا كان يُبَيِّن لون الجلد فهذا غير ساتر، فلا يصح الستر به.\n
\n طالب: مثلًا رجل يصلي بالليل وعليه مثلا فانلة وسروال، هل يكفيه هذا ولَّا لازم يلبس ثيابه؟
الشيخ: لا، يكفي هذا.
الطالب: لكن ما يخرج إلى الناس، يعني إذا قِسْنَا على..
الشيخ: لعل ابن عمر رضي الله عنه قال هذا ليُنَبِّه نافعًا، ما هو بشرط.
\n طالب: كيف يسقط بالجهل أو بالنسيان وهو واجب، والواجبات لا تسقط؟
الشيخ: أيهم.
الطالب: الترتيب بين الفوائت، فهو واجب، والقاعدة أن الواجب لا يسقط؟
الشيخ: يقول: هذا ليس واجبًا في نفس العبادة، لكن بينها، ما هو في نفسها، ولَّا العبادة نفسها وُجِدَت كاملة، لكن بين العبادة والأخرى فهو يشبه الواجب لها لا فيها.
\n طالب: شيخ، إذا واحد لبس شيئًا يعني ساترًا للعورة، ولكن لا يسمى زينة عُرفًا، فصلى به مع وجود لبس عنده زينة، ولكن تركه وصلى..
الشيخ: هذا نقول: أما مع وجود ما هو زينة ففي النفس من صحة الصلاة شيء، يعني لو جاب خِصَّاف، تعرف الخِصَّاف؟
طالب: لا.
الشيخ: الخِصَّاف خَصْف سعف النخل، ما تعرفه؟
طالب: الخوص.
طالب آخر: لا.
الشيخ: تعرف السُّفرة اللي من خوص النخل؟
طالب: نعم.
الشيخ: جاب سُفْر ولَفَّه على بدنه وقام يصلي، هذه مع وجود الزينة المعتادة والله في نفسي من هذا شيء، لكن مع عدم ذلك نقول: اتقوا الله ما استطعتم. \n

***

\n الطالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n وعورة رجل وأمة وأمِّ ولد ومُعْتَقٍ بعضُها من السُّرَّة إلى الركبة، وكل الحرة عورة إلا وجْهَهَا، ويستحب صلاته في ثوبين، ويكفي ستر عورته في النفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض وصلاتها في درع وخمار وملحفة، ويجزئ ستر عورتها، ومن انكشف بعض عورته وفحُش، أو صلى في ثوب محرَّم عليه أو نجس أعاد، لا مَن حُبِس في محل نجس.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
سبق لنا أن الترتيب يسقط بخمسة أمور: الجهل، والنسيان، وخوف فوت الوقت، وخوف فوت الجمعة, وخوف فوت الجماعة، وسبق لنا أيضًا أن من شروط الصلاة؟ \n
\n طالب: الوقت. \n
\n الشيخ: انتهينا من الوقت، وغير؟\n
\n طالب: ستر العورة.\n
\n الشيخ: ستر العورة. وذكرنا له دليلًا من القرآن والسنة والإجماع؟\n
\n طالب: نعم، قوله تعالى: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]. \n
\n الشيخ: هذا في القرآن، نريد دليلًا من السنة على أنه لا بد من اللباس في الصلاة؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه، معنى الحديث.. \n «إِذَا كَانَ الثَّوْبُ فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ». \n \n
\n الشيخ: فيه أيضًا حديث آخر؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» \n .\n
\n الشيخ: نعم، الحديث الثالث؟\n
\n طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ». \n \n
\n الشيخ: إلا بخمار، الإجماع، هل في المسألة إجماع على أن الإنسان إذا صلى وهو عريان قادر على الستر تبطل صلاته؟\n
\n طالب: نعم، قال بعض العلماء: إن فيه إجماعًا.\n
\n الشيخ: من الذي نقله؟\n
\n الطالب: ابن عبد البر.\n
\n الشيخ: وغيره؟\n
\n الطالب: (...) الإفصاح.\n
\n الشيخ: وغيره؟\n
\n طالب: شيخ الإسلام ابن تيمية.\n
\n الشيخ: شيخ الإسلام ابن تيمية، والظاهر يمكن صاحب\n المغني لكني ما راجعته، على كل حال المسألة ليس فيها إشكال في أنه يجب على الإنسان عند الصلاة أن يأخذ زينته ويلبس ثيابه.\n
هل العورة هنا كالعورة في باب النظر؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لا؟ \n
\n الطالب: تختلف. \n
\n الشيخ: تختلف، اذكر لي وجهين من الاختلاف طردًا وعكسًا؟\n
\n الطالب: أن في الصلاة الكتف ما يجوز يصلي والكتف مكشوف إذا كان يستطيع أن يغطيه، وفي غير الصلاة يجوز أن يكشفه.\n
\n الشيخ: صح، في النظر المرأة يجب أن تستر وجهها على القول الراجح، وفي الصلاة لا يجب، كذا؟ الأول طرد، والثاني عكس، يعني معناه أنه ليس سواء، وحينئذ ينبغي ألَّا نُعَبِّر هنا بستر العورة؛ لئلا يشتبه الأمر، وأن نُعَبِّر بأخذ الزينة أو باللباس أو ما أشبه ذلك، أنه لا بد للصلاة من لباس.\n
قال المؤلف: \n (يجب بما لا يصف بشرتها)، (بما)، (ما) هذه ويش هي؟\n
\n طالب: بالذي.\n
\n الشيخ: ولا تصح إعرابًا آخر؟ \n

","SearchText":" (وان ادرك مكلف من وقتها قدر التحريمه، ثم زال تكليفه، او حاضت، ثم كلف وطهرت؛ قضوها) قوله: (ادرك مكلف) ، المكلف: هو البالغ العاقل، ووصف بذلك للزوم العبادات له، والعبادات نوع الزام وتكليف، وان كان ما فيها مشقه، لكن الانسان ملزم بها، فهو البالغ العاقل. وقوله: (من وقتها قدر التحريمه) ، يعني: قدر تكبيره الاحرام، وهذا مبني علي ان المعتبر هو؟ طلبه: ادراك ركعه. الشيخ : ادراك تكبيره الاحرام. (ثم زال تكليفه) ، زال تكليفه بان صغر بعد الكبر؟ طلبه: لا، مستحيل. الشيخ: لا يمكن، اذن كيف؟ بان جن بعد العقل، او اغمي عليه. (او حاضت) بعد دخول وقت الصلاه بقدر التحريمه حاضت المراه، زال تكليفها او لا؟ طالب: نعم. الشيخ: زال تكليفها، لكن لا لفوات شرط، ولكن لوجود مانع وهو الحيض، والا فهي بالغه عاقله، لكن وجود مانع يمنع الوجوب وهو الحيض، ولهذا فرق المءلف بينهما فقال: (ثم كلف، وطهرت) ، طهرت الحاءض. وفي هذا لف ونشر، كمل. طالب: مرتب. الشيخ: مرتب، هذا مرتب، (ان ادرك مكلف) (ثم زال تكليفه او حاضت) هذا الثانيه، (ثم كلف) هذا الاول، (وطهرت) هذا الثاني، فاللف والنشر هنا مرتب، يعني معناه: انك اذا اتيت بالحكم عاءدا علي ما سبق، فان كان علي ترتيب ما سبق فهو مرتب، وان كان علي خلافه فهو مشوش. في القران مثال لهذا ولهذا؟ طالب: قوله تعالي: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (١٠٦) واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمه الله هم فيها خالدون} [ال عمران: ١٠٦، ١٠٧]. الشيخ: طيب، اسمع {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} ، لو كان مرتبا لقال: {فاما الذين اسودت وجوههم} ، لكنه غير مترتب فقال: {فاما الذين اسودت وجوههم} . واما المرتب: {فمنهم شقي وسعيد (١٠٥) فاما الذين شقوا ففي النار} [هود: ١٠٥، ١٠٦]، {واما الذين سعدوا ففي الجنه} [هود: ١٠٨]. (ثم كلف وطهرت؛ قضوها) ، كيف قال: (قضوها) ، يقول: (ان ادرك مكلف من وقتها) ، مكلف واحد، وقال: (ثم حاضت) مفرده، ولم يقل: قضياها؟ لان المراد بالمكلف هنا الجنس، او العموم؛ لوقوعه بعد الشرط، فلهذا صح ان يعود الضمير علي اثنين مجموعا. (قضوها) ، اي: قضوا تلك الصلاه. مثال ذلك: امراه بعد ان غربت الشمس حاضت بعد ان مضي مقدار تكبيره الاحرام، فنقول لها: اذا طهرت وجب عليك قضاء صلاه المغرب، وصلاه العشاء لا يلزمها قضاءها؛ لانه اتي عليها الوقت وهي غير ملزمه بالصلاه. طالب: (...) يصح العموم (...). الشيخ: ايهم؟ الطالب: العموم (...). الشيخ: النكره في سياق النفي تعمالنكره في سياق الشرط تكون للعموم. الطالب: النكره في سياق الشرط تعمالنكره في سياق الشرط. الشيخ: تكون للعموم. نقول: تقضيها، المكلف الذي زال تكليفه: انسان بعد ان غربت الشمس اغمي عليه، ثم افاق بعد منتصف الليل، يلزمه قضاء صلاه المغرب؛ لانه ادرك من وقتها قدر التحريمه، اما العشاء ففي لزومها عليه خلاف؛ فمن قال: ان المغمي عليه يقضي الصلوات التي فات وقتها وهو بالاغماء قال: تلزمه صلاه العشاء؛ لا لانه ادرك من وقت المغرب قدر التحريمه، ولكن لان الاغماء لا يسقط فرض الصلاه، ومن قال - وهو الصحيح -: ان الاغماء يسقط فرض الصلاه، قال: لا يلزمه في هذه الصوره الا قضاء صلاه المغرب بناء علي انها تدرك بادراك تكبيره الاحرام. مثال ثالث: رجل غربت عليه الشمس ثم اصيب -والعياذ بالله- بالجنون، ثم افاق بعد منتصف الليل، يلزمه قضاء صلاه المغرب؛ لانه ادرك من وقتها قدر التحريمه. وقال بعض اهل العلم: لا يلزمه قضاء الصلاه اذا ادرك من وقتها قدر التحريمه؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، ركعه، وهذا لم يدرك ركعه، فكما اننا نعتبر الادراك في اخر الوقت بركعه، فكذلك نعتبر الادراك في اول الوقت بركعه، هذان قولان. وقال بعض اهل العلم -واختاره شيخ الاسلام ابن تيميه-: لا يلزمه القضاء هذا المكلف ولا الحاءض، الا اذا بقي من وقت الصلاه بمقدار فعل الصلاه فحينءذ يلزم القضاء. نشوف الادله: اما الاول الذي يجعل ذلك منوطا بادراك تكبيره الاحرام فبناء علي التعليل السابق؛ ان من ادرك مقدار جزء من الصلاه، فان الصلاه لا تتجزا، فيكون كما لو ادركها كامله. واما القاءلون بادراك ركعه فحجتهم ايش الحديث: «من ادرك ركعه من الصلاه» ، قالوا: فهذا ادركها فيكون قد ادرك الصلاه. واما الذين قالوا: انه لا يلزمه حتي يتضايق الوقت عنها، فقالوا: ان الانسان له ان يءخر هذه الصلاه، فاذا طرا المانع فقد طرا عليه في وقت يجوز له تاخيرها اليه، وهو غير مفرط ولا معتد، بل فاعل ما يجب عليه، ولان هذا الامر يقع كثيرا في حيض النساء، ولم ينقل ان المراه اذا حاضت في اثناء الوقت الزمت بقضاء الصلاه التي حاضت في اثناء وقتها، والاصل براءه الذمه، وهذا التعليل كما ترون تعليل قوي جدا. وبناء عليه فنقول: اذا زال التكليف، او وجد المانع في وقت واسع، فان هذه الصلاه لا يلزم قضاءها، ان قضاها احتياطا فهو علي خير، وان لم يقضها فليس باثم، والعله كما ذكرت. واجابوا عن الحديث بان قوله: «من ادرك ركعه من الصلاه» ، الادراك في الغالب يكون في الاخير؛ لقوله عليه الصلاه والسلام: «ما ادركتم فصلوا» ، ما ادركتم في اول صلاه الامام ولا من اخرها؟ طلبه: من اخرها. الشيخ: من اخرها، قالوا: فالادراك غالبا يكون في الاخير. ونحن نقول: اذا ادرك من وقتها قدر ركعه فانه يكون قد ادركها، اما اذا زال التكليف، او وجد المانع في وقت يجوز له التاخير فيه فانه ليس باثم ولا معتد، فلا يلزم بالقضاء، ففي المساله اذن ثلاثه اقوال. قال: (ومن صار اهلا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته وما يجمع اليها قبلها). (من صار اهلا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته) ، كيف ذلك؟ اهليه الوجوب تكون بالتكليف وزوال المانع، فيصير اهلا لوجوبها اذا بلغ قبل خروج الوقت، اذا عقل قبل خروج الوقت، اذا زال الاغماء -علي القول بانه لا تقضي صلاه الاغماء- قبل خروج الوقت، زوال المانع اذا طهرت قبل خروج الوقت. فقوله: (من صار اهلا لوجوبها) يشمل من صار اهلا لوجوبها؛ لكونه لم يكلف، او لكونه متصفا بمانع ثم زال، فمن صار اهلا لوجوبها قبل خروج الوقت، بمقدار كم علي راي المءلف؟ بمقدار تكبيره الاحرام، وعلي راي من يقول بركعه يقول بركعه، المهم انه صار اهلا للوجوب قبل خروج الوقت اما بركعه او بتكبيره الاحرام. (لزمته) اي: لزمته تلك الصلاه التي ادرك من وقتها قدر التحريمه علي كلام المءلف، او قدر ركعه علي القول الراجح، وهذا واضح انها تلزمه؛ لانه خوطب بها في الوقت، ولقول الرسول عليه الصلاه والسلام: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» . لكن قال: (وما يجمع اليها قبلها) ، فمثلا: اذا ادرك من صلاه العصر قدر ركعه او قدر التحريمه لزمته صلاه العصر، ولزمته ايضا صلاه الظهر، وان ادرك ذلك في صلاه العشاء لزمته صلاه العشاء وصلاه المغرب ايضا، وان ادرك ذلك في صلاه الفجر لا يلزمه الا الفجر؛ لانها لا تجمع لما قبلها، الفجر امرها ظاهر انه لا يلزمها سواها. بقينا فيما اذا ادرك من وقت العصر او من وقت العشاء، وجوب صلاه العصر عليه ظاهر؛ لانه ادرك وقتها، ووجوب صلاه العشاء ظاهر ايضا؛ لانه ادرك جزءا من وقتها. لكن ما وجه وجوب صلاه الظهر في المساله الاولي، وصلاه المغرب في المساله الثانيه؟ يقولون: ان وجه الوجوب: الاثر، والنظر؛ اما الاثر: فانه روي عن ابن عباس وابي هريره رضي الله عنهم. واما النظر: فلان وقت الصلاه الثانيه وقت للاولي عند العذر الذي يبيح الجمع، فلما كان وقتا لها عند العذر صار ادراك جزء منه كادراك جزء من الوقتين جميعا، وهذا هو المشهور من المذهب. وقال بعض اهل العلم: انه لا يلزمه الا الصلاه التي ادرك وقتها فقط، فاما ما قبلها فلا يلزمه. واحتجوا بالاثر والنظر. اما الاثر: فقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، و(ال) في قوله: (الصلاه) للعهد، اي: ادرك الصلاه التي ادرك من وقتها ركعه، واما الصلاه التي قبلها فلم يدرك شيءا من وقتها، وقد مر به وقتها كاملا وهو ليس اهلا للوجوب، فكيف نلزمه؟! واما النظر فقالوا: ان هذا مقتضي القياس الصحيح؛ لاننا متفقون واياكم علي انه لو ادرك ركعه من صلاه الظهر ثم وجد مانع التكليف لم يلزمه الا قضاء الظهر فقط، مع ان وقت الظهر وقت للظهر والعصر عند العذر والجمع، فما الفرق بين المسالتين؟! كلتاهما اتي عليه وقت احدي الصلاتين وهو ليس اهلا للتكليف. لكن في المساله الاولي مر عليه وقت الصلاه الاولي، وفي المساله الثانيه مر عليه وقت الصلاه الثانيه، فانتم اما ان تلزموه بالقضاء في المسالتين -كما قال به بعض العلماء- واما الا تلزموه فيهما كما قاله ايضا اخرون، اما ان تفرقوا فلا وجه لذلك. فان قالوا: فرقنا بناء علي الاثر الوارد عن الصحابه، فالجواب: الاثر الوارد عن الصحابه ربما يحمل -ان صح- علي سبيل الاحتياط فقط، خوفا من ان يكون المانع قد زال قبل ان يخرج وقت الاولي، ولا سيما في الحيض، فان الحيض قد لا تعلم المراه به الا بعد مده من طهارتها، يعني قد لا تشعر بانها طهرت من حين ما تطهر في ربع ساعه وعشر دقاءق وما اشبه ذلك، فلعل ما جاء عن الصحابه يكون محمولا علي الاحتياط لا علي سبيل الوجوب. والقول الثاني في المساله هو الراجح؛ انه لا يلزمه الا الصلاه التي ادرك جزءا من وقتها، اما التي قبلها فلا تلزم، كما ان التي بعدها لا تلزم فيما لو طرا مانع التكليف. طالب: (...) بعد نصف الليل، وعلي المذهب يكون الي الفجر. الشيخ: اي نعم، لكن لا وجه له المذهب. الطالب: لكن هم (...). الشيخ: اي، هم يقولون: اذا طهرت قبل الفجر لزمها العشاء والمغرب. (...) *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم. ويجب فورا قضاء الفواءت مرتبه، ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشيه خروج وقت اختيار الحاضره. ومنها: ستر العوره، فيجب بما لا يصف بشرتها، وعوره رجل وامه وام ولد ومعتق بعضها من السره الي الركبه، وكل الحره عوره الا وجهها. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. اذا ادرك المكلف من رجل او امراه من الوقت جزءا ثم زال التكليف او طرا مانع فما الحكم؟ طالب: اذا كان هذا الوقت.. الشيخ: بنمشي علي كلام المءلف. الطالب: علي كلام المءلف (...) اذا افاق يقضيها. الشيخ: يقضيها، حجتهم في هذا؟ الطالب: انهم يقولون: ان جزء الصلاه الفاءته تابع.. الشيخ: لا. طالب: يقولون: انها وجبت بدخول الوقت واستقرت. الشيخ: لا. طالب: قولنا: ادراك الجزء ادراك الكل. الشيخ: نعم، ادراك الجزء كادراك الكل، وهذا ادرك جزءا منها، فكان كادراك الكل، مثال ذلك؟ طالب: مثلا يا شيخ حاضت امراه بعد غروب الشمس بمقدار تكبيره. الشيخ: بمقدار تكبيره الاحرام، فاذا طهرت؟ الطالب: تقضي هذه الصلاه. الشيخ: وجب عليها القضاء. مثال اخر في زوال التكليف، هذا وجد المانع؟ طالب: زوال التكليف يا شيخ الجنون بعد.. الشيخ: بعد ان غربت الشمس. الطالب: بمقدار تكبيره. الشيخ: تكبيره الاحرام جن، ثم افاق. الطالب: فانه يقضي (...). الشيخ: فانه يجب عليه القضاء. هل هناك قول اخر؟ ما هو القول الثاني في هذه المساله؛ فيما اذا طرا المانع او زال التكليف؟ طالب: (...). الشيخ: ايش؟ لانها لا تقضي مطلقا. الطالب: (...). الشيخ: اقول: فيها قول ثان، ما هو القول الثاني؟ الطالب: القول الثاني، قالوا: مقدار ركعه. الشيخ: نعم، قالوا: ان المدار علي مقدار ركعه، فاذا زال التكليف بعد مقدار تكبيره الاحرام ودون الركعه فانه لا يلزمه القضاء، وكذلك لو وجد المانع –كالحيض- بعد زوال مقدار التحريمه ودون الركعه فانه لا يلزمه القضاء، ما حجه هءلاء؟ طالب: حجه هءلاء من قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، وهذا لم يدرك ركعه. الشيخ: نعم «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، وهذا لم يدرك ركعه من الصلاه، فيه قول ثالث؟ طالب: نعم. الشيخ: ما هو؟ الطالب: لا يقضي من طرا عليه زوال التكليف الا ان بقي مقدار الصلاه من اخر الوقت. الشيخ: يعني انه في هذه الحال اذا زال التكليف وطرا المانع لا يقضي الا.. الطالب: اذا تضايق الوقت. الشيخ: الا اذا تضايق الوقت عن فعل العباده، ما حجتهم؟ الطالب: حجتهم ان الشارع اباح له ان يءخر الصلاه الي هذا الوقت، فاذا طرا عليه طارء قبل ان يكون واجب عليه ان يءديها فانها لا تجب عليه. الشيخ: فانها لا تلزمه؛ لانه قد وسع عليه، فيه ايضا دليل اخر؟ طالب: الرد علي استدلال الفريق الثاني.. الشيخ: لا، ما نريد الرد، الي الان نحن في الدليل لهذا، يقوي هذا القول. طالب: ان النساء يحضن، ما زلن يحضن النساء، ولم يات دليل علي انه يجب عليهن القضاء. الشيخ: ولم ينقل عنهن انها اذا حاضت في اثناء الوقت تقضي تلك الصلاه. الطالب: والاصل براءه الذمه. الشيخ: الاصل براءه الذمه والاصل براءه الذمه، هذا القول تعليله قوي جدا، الا اننا ذكرنا انه مع قوه تعليله يشكل عليه، ما الذي يشكل؟ الحديث «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، فلهذا القول بهذا ان المعتبر هو الركعه ذكرنا انه اقرب الاقوال، وهو قول وسط بين من يقيده بتكبيره الاحرام، ومن يقيده بتضايق الوقت. طالب: لكن اجبنا عن هذا الحديث. الشيخ: ما هو؟ الطالب: بان الادراك في الاخير؛ في اخر الوقت لا في اوله. الشيخ: اي، بان الادراك في اخره لا في اوله. الطالب: قوله: «ما ادركتم فصلوا» . الشيخ: لا، ما هو في هذا الحديث، «ما ادركتم فصلوا» . الطالب: في قولهم. الشيخ: لا، لكن التفسير بان الادراك يكون في الاخر، علي كل حال القول الوسط هذا احوط، وان تعليل القول الثالث قوي جدا.. طالب: (...) شيخ الاسلام حتي لو ترك صلاه الجماعه وكان اثما بالترك. الشيخ: فيها عكس هذه المساله، لو طرا التكليف علي الانسان في اثناء الوقت، فما المعتبر؟ طالب: يقضيها وما تجمع اليها. الشيخ: يقضيها وما اجمع اليها بعدها ولا قبلها؟ الطالب: بعدها. الشيخ: وما اجمع اليها بعدها؟ الطالب: قبلها. الشيخ: قبلها، ويش مثاله؟ الطالب: مثلا اذا بلغ بعد صلاه العصر يقضي العصر.. الشيخ: لو بلغ في وقت العصر. الطالب: يقضي العصر والظهر؛ لان الظهر تجمع اليها. الشيخ: كذلك ايضا لو زال المانع اثناء الوقت؟ طالب: لو زال المانع حاضت قبل.. الشيخ: لو زال المانع في اثناء الوقت. الطالب: الجنون. الشيخ: لا، الجنون تكليف. الطالب: لو زال الحيض عنها وطهرت.. الشيخ: في اثناء الوقت. الطالب: في اثناء وقت العصر يلزمها قضاء العصر والظهر قبلها. الشيخ: والظهر، ما هو المعتبر فيما اذا طرا التكليف وزال المانع؟ طالب: اذا طرا التكليف وزال المانع، (...). الشيخ: لكن ايش المعتبر تكبيره الاحرام او ركعه؟ الطالب: (...) يا شيخ، ادراك ركعه؟ الشيخ: المعتبر علي كلام المءلف؟ طالب: علي كلام المءلف تكبيره. الشيخ: تكبيره الاحرام، فاذا طهرت مثلا قبل غروب الشمس بمقدار تكبيره الاحرام لزمها صلاه الظهر والعصر، فيه قول اخر؟ طالب: ادراك ركعه. الشيخ: المعتبر ادراك ركعه. طيب، دليله؟ الطالب: حديث النبي صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الفجر قبل طلوع الشمس فقد ادرك الصبح» . الشيخ: ما فيها شيء عام، احنا (...) صلاه ما هي بالعصر او الفجر. الطالب: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» . الشيخ: صح، اي، هل هناك قول اخر في انه لا يلزمها الا قضاء الصلاه التي زال المانع في وقتها؟ طالب: اذا وجد التكليف وزال المانع فانه لا يلزمها الا العصر. الشيخ: كيف الا العصر؟ ما جبنا مثالا الان حتي تقول العصر. الطالب: اذا مثلا وجد التكليف في وقت العصر.. الشيخ: لا، تجيب مثال. الطالب: ما يلزمه الا الصلاه التي وجد التكليف فيها. الشيخ: وجد التكليف في وقتها، واما ما قبلها؟ الطالب: لا يلزمه. الشيخ: فلا يلزمه، ما هو الدليل علي هذا؟ طالب: لان الذمه.. الشيخ: هذا تعليل. طالب: قوله عليه الصلاه والسلام: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، ولم يقل: هو ادرك الصلاه التي قبلها. الشيخ: صح، هذا دليل، تعليل؛ لان وقت الصلاه الاولي قد انقضي قبل ان تنشغل ذمته بهذا الواجب. دليل ثالث: القياس علي المساله الاولي؛ انه لو زال التكليف بعد ان دخل وقت الصلاه التي تجمع لما بعدها لم يلزمه الا الصلاه التي ادرك وقتها فقط، فهما سواء، هذا وهذا كلاهما سواء، واما الاثر المروي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس رضي الله عنهم فهذا رايهما وليس محل اجماع. طالب: ضعيفان. الشيخ: اذا كانا ضعيفين فالحمد لله. الطالب: (...) بانهما ضعيفان. الشيخ: احسنت، بارك الله فيك، علي كل حال، هذا مما يزيدنا قوه في الاخذ بالقول الصحيح، وان كان الامام احمد استدل بذلك، والاستدلال بهما يدل علي انهما صحيحان عنده، لكن الحمد لله بعد تضعيفهما يوهن من القول بهما، علي كل حال اذن نقول: خلاصه القول في هذه المساله لاجل ما تشتبه عليكم: عندنا اذا طرا التكليف وزال المانع، والثاني: اذا زال التكليف وطرا المانع، هما متقابلان، ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: نقول: اذا طرا التكليف وزال المانع فالمذهب المعتبر مقدار تحريمه، والقول الثاني: المعتبر مقدار ركعه، والقول الثالث: المعتبر تضايق وقت الصلاه التي حصل ذلك فيها، فلو طرا المانع وقد بقي من وقت الصلاه اكثر من فعلها، فعلي هذا القول الاخير لا تقضي، وكذلك لو زال التكليف بان جن الانسان في اثناء الوقت، فانه اذا زال التكليف قبل زمن اكثر من فعل الصلاه فانه لا يلزمه هذه المساله، اعني طروء المانع وزوال التكليف. المساله الثانيه: عكسها، وهي زوال المانع، ويش بعد؟ وطروء التكليف. طلبه: (...). الشيخ: زوال المانع بان تطهر المراه في اثناء الوقت، والثاني طروء التكليف، مثال ذلك -زوال المانع- امراه طهرت من الحيض قبل ان يخرج الوقت بمقدار تكبيره الاحرام، تقول: علي المذهب يلزمها قضاء الصلاه، وان كان لها مجموعه قبلها لزمها قضاء الصلاه التي تجمع اليها. علي القول الثاني: المعتبر مقدار ركعه، وكذلك لو طرا التكليف، بمعني لو ان هذا الرجل المجنون عقل قبل غروب الشمس بمقدار ركعه، لزمه ان يصلي العصر، بمقدار تكبيره الاحرام؛ لم يلزمه علي القول بان المعتبر ركعه، ولزمه علي القول بان المعتبر تكبيره الاحرام. وكلام المءلف في هذا واضح، انظر ماذا يقول: ¬ (وان ادرك مكلف من وقتها قدر التحريمه، ثم زال تكليفه) ، هذا ايش نقول فيه؟ زوال التكليف. (او حاضت، ثم كلف وطهرت، قضوها) . طلبه: (...). الشيخ: ثم قال: (ومن صار اهلا لوجوبها) ، هذه المساله الثانيه عكسها، (قبل خروج وقتها) اما بزوال المانع واما بطروء التكليف، (لزمته وما يجمع اليها قبلها) . والصحيح ان المعتبر ركعه، وانه لا يلزمه ما يجمع اليها قبلها، كما لا يلزمه ما يجمع اليها بعدها، هذا هو الصحيح. الا ان مساله طروء المانع وزوال التكليف القول بان المعتبر تضايق الوقت قلنا: انه قول قوي جدا، لكن ربط ذلك بالركعه احوط. ثم قال المءلف رحمه الله: (ويجب فورا قضاء الفواءت مرتبا) ، يجب قضاء الفواءت؛ الفواءت جمع فاءته، والفاءته كل عباده موقته خرجت وقتها فهي فاءته، سواء كانت نفلا؛ كالوتر، او فرضا؛ كالصلوات الخمس. فكل عباده موقته تفعل بعد وقتها او خرج وقتها قبل فعلها فهي فاءته، وتسمي حينءذ مقضيه، ولهذا قال: يجب قضاء، ولم يقل: يجب اداء؛ لان الاداء ما فعل بوقته، والقضاء ما فعل بعد وقته، والاعاده ما فعل ثانيه في وقته، فهذا ثلاثه اشياء: قضاء، واداء، واعاده؛ القضاء ما فعل بعد الوقت، والاداء ما فعل في الوقت، والاعاده ما فعل ثانيه في الوقت، مثلا لو صليت الظهر في مسجدك، واتيت الي مسجد جماعه وصليت معهم، تسمي هذه؟ طلبه: اعاده. الشيخ: تسمي اعاده. يجب قضاء الفواءت، عندنا قضاء لماذا سميناه قضاء؟ لانه بعد الوقت، فاءته؛ لانها خرج وقتها قبل فعلها، فتكون فاءته. قوله: (يجب) الوجوب مر علينا في اصول الفقه انه ما امر به علي وجه الالزام. هذا الواجب، والوجوب بمعني الالزام. ودليل وجوب القضاء: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، واللام في قوله: «فليصلها» للامر، والامر للوجوب. ولان هذا الانسان الذي فاتته العباده شغلت ذمته بها، فوجب عليه اداءها؛ لانها كانت دينا، كما قال الرسول عليه الصلاه والسلام في المراه التي سالته هل تحج عن امها، قال: «ارايت لو كان علي امك دين، اكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله احق بالوفاء» ، فصار لدينا دليل، ايش بعد؟ وتعليل. الدليل: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، التعليل؛ لان ذمته قد شغلت بها فهي دين عليه، والدين يجب قضاءه. وقوله: (يجب قضاء الفواءت) ، ظاهر كلام المءلف انه لا فرق بين ان يدعها عمدا بلا عذر، او يدعها لعذر، وهذا هو الذي عليه جمهور اهل العلم؛ ان قضاء الفواءت واجب، سواء تركها لعذر ام لغير عذر، يعني: حتي المتعمد الذي تعمد اخراج الصلاه عن وقتها يقال: انك اثم وعليك القضاء، وهذا مذهب الاءمه الاربعه، وقول جمهور اهل العلم. والقول الثاني في المساله: انه اذا فاتت العباده الموقته عن وقتها لعذر قضيت، وان فاتت لغير عذر فلا قضاء، لا تخفيفا عن المءخر، ولكن تنكيلا به وسخطا لفعله، وهناك فرق بين التخفيف، وبين التنكيل والسخط، فنحن نقول لمن تركها عمدا: لا تقض؛ لانك لو تقضي الف مره ما قبل الله منك حتي ولو تبت، اذا تبت فاحسن العمل. حجه القاءلين بانه يقضي ولو كان لغير عذر، قالوا: لان النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، فاذا كان المعذور بنوم او نسيان يلزمه القضاء، فغير المعذور من باب اولي. وقالوا ايضا: انه لما ترك الصلاه حتي خرج وقتها كانت دينا عليه، والدين لا وقت له، يجب علي الانسان ان يقضيه فورا، ولو خرج وقته، ارايت لو كان بينك وبين شخص معامله يحل الدين فيها في اول ليله من شهر ربيع الاول، ثم جاءت الليله ولم توف، هل يسقط؟ طالب: لا. الشيخ: لا، يبقي في ذمتك حتي توفيه ولو بعد حين، وقد سمي النبي صلي الله عليه وسلم العبادات دينا، فاذا كان سماها دينا فانه يجب قضاءها ولو تركها لغير عذر. اما الذين قالوا بعدم الوجوب اذا كان لغير عذر فقالوا: لان هذه الصلاه الموقته محدوده اولا واخرا، والمحدود موصوف بهذا الوقت، يعني صلاه في هذا الوقت، فاذا اخرجها عنه بلا عذر فقد صلاها علي غير الوصف الذي فرضت عليه، اليس كذلك؟ فترك واجبا من واجباتها عمدا فلا تصح، كما لو صلي بغير وضوء عمدا بلا عذر فانه لا يصح. هذا ايضا اذا اخرجها عن وقتها عمدا بلا عذر فانها لا تصح؛ لانها صلاه موصوفه بماذا؟ بالوقت؛ لانها من كذا الي كذا، {ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣]. ثانيا: اذا اخرجها عن وقتها لغير عذر، فقد فعلها علي وجه لم يءمر به، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، وهذا نص صريح عام، «من عمل عملا» ، اي عمل يكون؛ لانه نكره في سياق الشرط، فكان للعموم، «فهو رد» ، اي: مردود. ثالثا: انه لو صلي قبل الوقت متعمدا فصلاته باطله بالاتفاق، حتي انتم تقولون: صلاته باطله، فاي فرق بين ما اذا فعلها قبل الوقت او فعلها بعده، فان كل واحد منهما قد تعدي حدود الله عز وجل، واخرج العباده عن وقتها، {ومن يتعد حدود الله فاولءك هم الظالمون} [البقره: ٢٢٩]. رابعا: ان هذا الرجل اذا اخرها عن وقتها فانه ظالم معتد، واذا كان ظالما معتديا فالله لا يحب المعتدين، ولا يحب الظالمين، فكيف يوصف هذا الرجل الذي لا يحبه الله لعدوانه وظلمه، بانه قريب من الله متقرب اليه؟! هذا خلاف ما تقتضيه العقول والفطر السليمه، وهذا القول كما تري قول قوي جدا. اما قولهم: انه اذا كان وقتا للمعذور فغير المعذور من باب اولي فممنوع؛ لان المعذور معذور، ولا يتمكن من الفعل في الوقت، فلما لم يتمكن لم يكلف الا ما يستطيع، اما هذا الرجل الغير معذور فهو ايش؟ قادر علي الفعل مكلف به، فخالف واستكبر ولم يفعل. فقياس هذا علي هذا من ابعد القياس، والمساله ليست مساله انه عذر او ما عذر، نقول: نعم، المعذور وقت الصلاه في حقه عند زوال عذره، كما سياتي ان شاء الله تعالي قريبا. اذن نقول: هذا قياس فاسد غير صحيح، مع مخالفته لعموم النصوص، كـ «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، ومع انه مخالف للقياس فيما اذا صلي قبل دخول الوقت. فالصواب ان من ترك الصلاه عمدا حتي علي القول بانه لا يكفر كما لو كان يصلي ويخلي، فانه لا يقضيها، ولكن يجب عليه ان يكون هذا الفعل داءما نصب عينيه، وان يكثر من الطاعات والاعمال الصالحه لعلها تكفر ما حصل منه من اضاعه الوقت. قال المءلف رحمه الله: (ويجب قضاء الفواءت) . يستفاد منه: انه يقضي الصلاه الفاءته علي صفتها؛ لان القضاء يحكي الاداء، هذه القاعده المعروفه، فعلي هذا اذا قضي صلاه ليل في النهار جهر فيها بالقراءه، واذا قضي صلاه نهار في ليل اسر فيها بالقراءه؛ لان القضاء يحكي الاداء. ولقول الرسول عليه الصلاه والسلام: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، وكما ان الامر عاءد الي ذات الصلاه، فهو عاءد الي صفه الصلاه ايضا، ومن صفاتها الجهر بالقراءه في الليل، والسر في القراءه في النهار. وهذا ايضا هو الذي جاءت به السنه كما في حديث ابي قتاده في نومهم عن صلاه الصبح مع النبي صلي الله عليه وسلم، قال: فصلاها كما كان يصليها كل يوم . ويستفاد منه ايضا: انه تشرع فيها الجماعه اذا كانوا جمعا، كيف ذلك؟ لان القضاء يحكي الاداء، فكما انهم لو صلوها في الوقت صلوها جماعه، فكذلك اذا قضوها فانهم يصلونها جماعه، وهذا ايضا هو الذي جاءت به السنه في حديث ابي قتاده، فان الرسول صلي الله عليه وسلم امر بلالا فاذن، ثم صلي ركعتي الفجر، ثم صلي الفجر جماعه . (ويجب فورا قضاء الفواءت) ، الفور معناه المبادره بالشيء، كما قال تعالي: {وياتوكم من فورهم هذا} [ال عمران: ١٢٥]، فالفور معناه الشيء المبادر، فمعني (فورا) اي: يجب ان يبادر بقضاء الفواءت، وهنا دليل وتعليل. اما الدليل فقول النبي صلي الله عليه وسلم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ، «فليصلها» ، اللام للامر، متي؟ «اذا ذكرها» ، وهذا يدل علي انها تقضي فور الذكر، من يوم يذكر يصلي، من يوم يستيقظ يصلي، هذا دليل، «فليصلها اذا ذكرها» . تعليل: ولان هذا دين واجب عليه، والواجب المبادره به؛ لان الانسان لا يدري ما يعرض له اذا اخر. ولان الانسان اذا عود نفسه التهاون والتكاسل في الطاعات اعتادت هذا، وصار ذلك خلقا له، فاذن لا بد من المبادره. ممكن ايضا نستدل بقوله: «فليصلها» ، اللام للامر، والاصل في الامر الوجوب والفوريه، كما مر علينا في الاصول. فان قلت: اليس النبي صلي الله عليه وسلم لما استيقظ امرهم ان يرتحلوا من مكانهم الي مكان اخر؟ فالجواب: بلي، لكنه علل ذلك بانه «مكان حضرهم فيه الشيطان» ، فلا ينبغي ان يصلي في اماكن حضور الشياطين، ولهذا نهي عن الصلاه في الحمام؛ لانه ماوي الشياطين، وفي الحش، وما اشبه ذلك، بل وفي اعطان الابل، نهي ان يصلي فيها؛ لانها خلقت من الشياطين. وليس معناه: مادتها من الشياطين، لا، خلقت من الشياطين؛ لان فيها خلقا كبيرا من اخلاق الشياطين، واذا كان في المخلوق خلق كبير من شيء معين نسب اليه، ولهذا قال الله تعالي: {خلق الانسان من عجل} [الانبياء: ٣٧]، مع انه خلق من تراب، لكن لما كانت طبيعته العجله صار كانه ناشء منها، كانها عنصر وجوده. اذن، اذا قال قاءل: كيف نجيب عن هذا الحديث؟ فالجواب ان الرسول عليه الصلاه والسلام علل ذلك بانه موطن حضر فيه الشياطين، فلا ينبغي ان يصلي في اماكن يكون فيه حضور الشياطين، وهذا لا يدل علي عدم وجوب الفوريه، وان كان بعض العلماء قال بعدم وجوب الفوريه لهذا الحديث. طالب: شيخ، يوجد يا شيخ جيران هنا ناس يصلون في محل (...) تاره يتركون الصلاه وتاره يصلوها، ونحن ننصحهم داءما، يا شيخ، ما ادري يعني هل يستمرون علي هذا الشيء؛ لاني اراهم داءما يتكرر منهم هذا الشيء؟ الشيخ: بلغوا عنهم. طالب: شيخ، اذا قضي مثلا صلاه الفجر، اذا ناموا عنها مثلا جماعه، فعل الرسول، هل يثوبون في الاذان ولا لا؟ الشيخ: هو الظاهر انه يثوب؛ لان هذا للفجر. طالب: شيخ، قول من قال من العلماء: ان صلاه العشاء اذا قضيت فان الجهر بها غير مشروع؛ لان الجهر مقصود به اسماع الاخرين، اما اذا كان سيقضيها منفردا يشغل الناس؟ الشيخ: منفردا. الطالب: اي نعم. الشيخ: هو اصلا الجهر ما هو مشروع الا في الجماعه حتي لو اداها في الوقت منفردا ما هو مشروع له ان يقرا. طالب: ما هو دليل شيخ الاسلام عندما جعل مناط الوجوب تضايق الوقت؟ الشيخ: هو هذا الدليل اللي قلته لك، ذكرنا ثلاثه ادله اظن. طالب: شيخ، اللي ما يستطيع (...) الدين يعني ونقول: من ادرك ركعه من صلاه؟ الشيخ: يقول رحمه الله: ان الانسان اذا كانت لم يتضايق فهو غير ملزم بها الان، فما دام غير ملزم كيف نلزمه بالقضاء ونحن لا نلزمه بالفعل بالاداء، يعني هو الان ما دام الوقت لم يضق فاننا لا نلزمه ان يءديها، فاذا لم تلزم اداء لم تلزم قضاء، والله تعالي قد وسع عليه. طالب: يا شيخ اذا تضايق الوقت هو (...) هناك ما نلزمه بالقضاء لانه حتي الان ما خرج وقت صلاه..؟ الشيخ: كيف؟ لا، اذا تضايق نلزمه بالاداء، اذا تضايق ما يجوز ان يءخر ولو جزءا واحدا من وقتها. *** الطالب: ويجب فورا قضاء الفواءت مرتبا، ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشيه خروج وقت اختيار الحاضره. ومنها: ستر العوره، فيجب بما لا يصف بشرتها، وعوره رجل وامه وام ولد ومعتق بعضها من السره الي الركبه، وكل الحره عوره الا وجهها. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين، ما حكم قضاء الفواءت؟ طالب: واجب يا شيخ. الشيخ: واجب؟ قضاء الفواءت واجب؟ طالب: يجب عليه القضاء. الشيخ: واجب؟ طالب: فرض يعني. الشيخ: او فرض يعني، لازم؟ طالب: (...). الشيخ: تقييد. الطالب: (...). الشيخ: كيف؟ طالب: فيه تفصيل. الشيخ: ما هو؟ الطالب: اذا كانت هذه الفراءض يعني لرجل قبل ان يتوب الي الله.. الشيخ: لا. طالب: يجب قضاء الفواءت مطلقا. الشيخ: يجب. الطالب: يجب وجوبا مطلقا. الشيخ: قضاء الفواءت يجب؟ طالب: لا يا شيخ، ان كان فرضا يجب، وان كان نفلا يستحب. الشيخ: اي، صح. طالب: كلام المءلف علي انه واجب. طالب اخر: المءلف يا شيخ؟ الشيخ: المهم ما علينا، انا اسالكم عن قضاء الفواءت، اذن نقول: اذا كانت الفواءت مستحبه فالقضاء مستحب، والا فلا. ما حكم قضاء الفراءض؟ طالب: واجب. الشيخ: واجب، الدليل؟ الطالب: قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» . الشيخ: نعم، احسنت، هذا دليل، التعليل؟ طالب: التعليل لان الذمه انشغلت به (...) كالدين يجب عليه القضاء. الشيخ: احسنت، الذمه مشغوله بها لا تبرا الا بالقضاء، فكان ذلك واجبا. كلام المءلف (يجب قضاء الفواءت) هل يشمل الفواءت عمدا او لعذر؟ طالب: يشمل عمدا؛ بعذر وبغير عذر. الشيخ: بعذر او بغير عذر، وهذا هو المشهور من المذهب، ومذهب الاءمه الاربعه. حجه القاءلين بوجوب قضاء الفواءت سواء كان عمدا او غير عمد؟ طالب: انه ما دام المعذور يقضي الصلاه، فمن باب اولي الذي تركها عمدا يقضيها. الشيخ: نعم احسنت، والمعذور كما سمعنا في الحديث، هل هناك قول اخر؟ طالب: نعم، قول اخر ان الذي يترك الصلاه عمدا لا قضاء عليه. الشيخ: لا قضاء عليه تخفيفا؟ الطالب: لا (...). الشيخ: ليس من باب التخفيف، ولكن من باب؟ الطالب: من باب التعنيف له. الشيخ: نعم، ما دليل هءلاء؟ الطالب: دليلهم قالوا: ان هذا تركها.. الشيخ: ما دليلهم؟ الطالب: دليلهم قوله تعالي: {فان تابوا واقاموا الصلاه} [التوبه: ٥]. الشيخ: لا. طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم في حديث عاءشه رضي الله عنها: «من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد» . الشيخ: لا؛ لان من احدث هذا في البدعه. طالب: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» . الشيخ: احسنت، وهذا الذي اخر الصلاه لغير عذر عمل عملا ليس عليه امر الله ورسوله، فيكون مردودا. كيف نرد علي استدلالهم؟ طالب: في استدلال الذين قالوا بان.. الشيخ: بانه يقضي المتعمد؛ لانه اذا قضي المعذور فالمتعمد من باب اولي. الطالب: نقول: ان هذا شغله العذر عن ابراء الذمه، ولكن غير المعذور لم يكن له عذر او شيء من هذا القبيل، النبي صلي الله عليه وسلم خص الحديث بالمعذور فقط. الشيخ: ولا يقاس عليه؟ الطالب: ولا يقاس عليه الغير معذور. الشيخ: احسنت، قلنا: ان هذا القول اللي هو اختيار شيخ الاسلام القول الراجح، رجحناه. يقول المءلف (فورا) ، ايش معني (فورا) ؟ طالب: يعني المبالغه بالشيء. الشيخ: المبالغه بالشيء، هل هناك دليل علي وجوب الفوريه في قضاء الفواءت؟ الطالب: {ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣]. طالب اخر: تعليل، «فليصلها» ، قوله صلي الله عليه وسلم: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» . الشيخ: «اذا ذكرها» ، فقيد وجوب الصلاه بما اذا ذكرها، كذا ولا لا؟ صحيح يا جماعه؟ طلبه: نعم. الشيخ: ولهذا لا نقول: انه اذا ذكرها يكون الوقت موسعا في حقه كما نقول في الاداء، بل هو مضيق من يوم يذكرها يجب ان يبادر الي قضاءها. المءلف يقول: (يجب قضاء الفواءت) ، كيف يقضيها من حيث الصفه؟ طالب: قلنا: يقضيها الجهريه جهريه والسريه سريه. الشيخ: والرباعيه؟ الطالب: والرباعيه رباعيه. الشيخ: والثناءيه؟ الطالب: كذا. الشيخ: كذا؟ الطالب: اي نعم. طالب اخر: يقضي الصلاه علي صفتها. الشيخ: علي صفتها، كما قال. الطالب: الصلاه السريه.. الشيخ: السريه يقصيها سرا، والجهريه يقضيها جهرا، والثناءيه اثنين، والرباعيه رباعيه. لو انه ذكر صلاه سفر في حضر؟ طالب: يصليها علي حضر. الشيخ: علي حضر ولا علي سفر؟ الطالب: ما فيه عذر انه يقصر. الشيخ: كيف؟ نسي. الطالب: اي، صح، لكن ما فيه عذر انه يصليها قصرا. الشيخ: انا ما ابغي اصلي من جديد، الصلاه مقضيه. طالب: يقضيها يا شيخ كما هي. الشيخ: ايش اربع ولا ثنتين؟ الطالب: لا، اربعا. الشيخ: اربعه، اذن ما قضاها كما هي. الطالب: لا هي اساسا اربعه، لكن لعذر السفر.. الشيخ: المهم انها وجبت عليه رباعيه ولا ثناءيه؟ الطالب: وجبت ثناءيه. الشيخ: طيب، كيف يقضيها؟ الطالب: يقضيها رباعيه. الشيخ: خطا هذا، ما هو صحيح. طالب: المذهب يقضيها رباعيه، والصحيح انه يقضيها.. الشيخ: لكن اللي يقتضيه الحديث: «فليصلها» ؟ الطالب: يقضيها ثناءيه. الشيخ: ثناءيه، وبالعكس؛ لو ذكر صلاه حضر في سفر؟ الطالب: حضر في سفر يقضيها رباعيه؛ لانها وجبت في ذمته رباعيه. الشيخ: صحيح؟ طلبه: نعم. الشيخ: صح، هذا مقتضي الحديث. هل تقضي جماعه او فرادي؟ يعني لو فرضنا ان اناسا ناموا عن صلاه الفجر في السفر، هل يقضونها جماعه او فرادي؟ طالب: يقضونها جماعه. الشيخ: جماعه؟ ممكن ان تاخذها من حديث؟ طالب: حديث ابي قتاده لما نام النبي صلي الله عليه وسلم والصحابه حتي طلعت الشمس فقضوها . الشيخ: قضوها جماعه، صحيح، بل ربما ناخذها من قوله: «فليصلها» . طالب: نعم. الشيخ: يمكن نقول: يصلها علي الصفه اللي هي عليها، فاذا كانت مما يشرع له الجماعه صلاها جماعه، او لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: يمكن. *** قال المءلف رحمه الله تعالي: (ويجب فورا قضاء الفواءت مرتبا) ، يعني يبدا بها بالترتيب، فاذا كان عليه خمس صلوات تبتدء بالظهر، صلي الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، ثم الفجر؛ لانها خمس. الدليل ممكن ان ناخذها من قوله: «فليصلها» ؛ لان هذا يشمل عين الصلاه، وكيفيه الصلاه، وكذلك يشمل مكان الصلاه، واذا شمل مكانها لزم ان تكون في موضعها الترتيبي، فمثلا: الظهر يصليها بين الفجر وايش؟ والعصر، وحينءذ يكون صلاها، وكذلك المغرب بين العصر والعشاء. اذن هذا الحديث: «فليصلها» ما شاء الله مبروك يءخذ منه حتي وجوب الترتيب؛ لانه اذا صلاها علي ما هي عليه يلزم ان تكون في مكانها، وكذلك ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه فاته خمس صلوات في الخندق، فقضاها مرتبه ، وكذلك في الجمع، كان يجمع بين الصلاتين، فيبدا بالاولي ، فكل هذه الادله تدل علي انه يجب الترتيب في قضاء الفواءت. هل يسقط الترتيب بعذر من الاعذار؟ قال المءلف رحمه الله: (ويسقط الترتيب بنسيانه، وبخشيه خروج وقت اختيار الحاضره) ، ذكر المءلف انه يسقط بشيءين: اولا: النسيان، فلو كان عليه خمس فراءض تبتدء من الظهر، فنسي فبدا بالفجر مع انها هي الاخيره، نقول: قضاءه صحيح؛ لانه نسي، لو بدا بالعصر قبل الظهر نسيانا صح القضاء؛ لانه يسقط بالنسيان. ما هو الدليل؟ الدليل عموم قوله تعالي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]، وربما يستدل بتقديم الانساك بعضها علي بعض في يوم النحر، حيث ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يقول: «لا حرج» ، ولكن الاستدلال بهذا فيه نظر؛ لان العبادات في الحج من غير جنس واحد، ولان الترتيب بينها يسقط بالنسيان والعمد، وحينءذ لا يصح القياس. اذن ناخذه من عموم قوله: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]. ثانيا: خشيه -شوف الاضافات، هذه العباره- (خشيه خروج وقت اختيار الحاضره) ، اضافات، كم؟ طالب: اربع. الشيخ: (خشيه) مضاف، (خروج) مضاف، (خروج) مضاف، (وقت) مضاف، (وقت) مضاف، و(اختيار) مضاف، (اختيار) مضاف، و(الحاضره) مضاف، كم صارت؟ خمس. طالب: الحاضره مضاف اليه يا شيخ. الشيخ: اي، مضاف اليه، اي نعم. طالب: (...). الشيخ: ما يخالف، (خشيه) واحده، (خروج) اثنين، (وقت) ثلاثه، (اختيار) اربعه، اربع اضافات. مثل هذا عند البلاغيين يقولون انه خارج عن البلاغه؛ لكثره الاضافات، لكن نقول: اذا كان لا يتضح المعني الا بذلك فليس خارجا عن البلاغه، صحيح يمكن ان يعدل المءلف عن هذا فيقول: واذا خشي ان يخرج وقت الحاضره المختار، يمكن يعبر هكذا؟ طالب: نعم. الشيخ: يمكن، واذا خشي ان يخرج وقت الحاضره المختار. طالب: (...). الشيخ: لا، بس هذه ما فيها اضافات. علي كل حال المعني انه اذا كان يخشي ان يخرج وقت اختيار الحاضره فانه يسقط الترتيب، واذا خشي ان يخرج الوقت كله من باب اولي، وليس عندنا وقت ضروره علي القول الراجح، الا في صلاه العصر؛ لانه سبق لنا ان وقت العشاء ينتهي بنصف الليل، واما من جعله ينتهي بطلوع الفجر فيجعل ما بين نصف الليل وطلوع الفجر وقت ضروره. علي كل حال هذا رجل ذكر ان عليه فاءته، وقد بقي علي ان يكون ظل كل شيء مثليه ما لا يتسع للفاءته والحاضره، ماذا نقول؟ نقول: قدم الحاضره. ورجل اخر ذكر فاءته وقد بقي علي طلوع الشمس ما لا يتسع لصلاه الفاءته والفجر، نقول: قدم الحاضره، وهي الفجر. لماذا؟ لانك لو اخرتها لزم ان تكون كلتا الصلاتين قضاء، واذا قدمت الحاضره صارت المقضيه قضاء والحاضره اداء، واديتها في الوقت الذي امر الله سبحانه وتعالي ان تءدي فيه، عرفتم؟ فهذا وجه وجوب تقديم الحاضره. وجه وجوبه اذن ان الله اوجب ان تصلي هذه الحاضره ايش؟ في وقتها، فاذا صليت غيرها اخرجتها عن الوقت. ثانيا: انك اذا قدمت الفاءته لم تستفد شيءا، بل تضررت؛ لانك اذا قدمت الفاءته صارت كلتا الصلاتين قضاء، واذا بدات بالحاضره صارت الحاضره اداء والثانيه قضاء، وهذا اولي بلا شك. هل يسقط بغير ذلك؟ نقول: نعم، يسقط، بما لا يمكن قضاءه علي وجه الانفراد، كصلاه الجمعه؛ فانه لو ذكر ان عليه فاءته بعد ان اقيمت صلاه الجمعه، ولا يتمكن من قضاءها وادراك الجمعه، فانه يبدا بالجمعه؛ لان فوات الجمعه كفوات الوقت، فوات جماعه الجمعه كفوات الوقت؛ لانها لو فاتت الجماعه عليك فاتتك الجمعه، لا يمكن ان تصليها جمعه بعد فوات الجماعه فيها، هذا ثلاثه. هل يسقط بالجهل؟ لو جاءنا رجل يسال يقول: انا والله علي فواءت، علي صلاه الظهر والعصر والمغرب، واني ما ادري، فبدات بصلاه المغرب، ثم بالعصر، ثم بالظهر؟ نقول: كلام المءلف يدل علي انه لا يسقط؛ لانه لم يذكر الا النسيان، والجاهل قد يكون مفرطا بترك التعلم فلا يعذر، وعلي هذا فنقول لهذا الرجل الذي سالنا فقدم المغرب، ثم العصر، ثم الظهر، نقول: اعد ايش؟ طالب: الظهر. الشيخ: لا، اعد العصر ثم المغرب، اما الظهر لا يعيدها؛ لانها في مكانها. وهكذا كل شيء فيه الترتيب اذا عكست فاخر شيء لا تعيده؛ لانه يكون هو اول شيء؛ لان الذي قدمته هو الذي ما صح، اما الذي كان هو الاخر فيصح، اللهم الا كان عباده واحده، كما لو سجد قبل ان يركع فلا بد من اعاده السجود بعد الركوع. علي كل حال نقول: حتي لو سجد قبل ان يركع، فاذا ركع قلنا: لا تعد الركوع، اذن لا يستثني شيء من هذه القاعده، صار يسقط بالجهل ولا لا؟ علي كلام المءلف لا يسقط بالجهل، فنقول لهذا الذي سال حيث صلي المغرب، ثم العصر، ثم الظهر: اعد العصر والمغرب، ولو كان جاهلا. وقال بعض العلماء: بل يسقط بالجهل؛ لان الجهل اخو النسيان في كتاب الله، وكلام رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ قال الله تعالي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]، وقال النبي عليه الصلاه والسلام: «ان الله تجاوز عن امتي الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه» ، فاذا كان هذا جاهلا فانه لا يضره، ونقول: صلاتك صحيحه. وهذا القول هو الصواب؛ لان العذر واحد، وكثير من الناس لا يطرا علي باله ان الامر فيه خلاف، يعني فيه ضرر عليه، فيقدم بعضا علي بعض. هل يعذر بترك الجماعه، او بخوف فوت الجماعه؟ يعني: هل يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعه؟ المذهب: لا يسقط، فنقول: ابدا بالفاءته، ثم صل الحاضره مع الجماعه ان ادركتها، والا فلا شيء عليك. وذهب بعض العلماء الي ان الترتيب يسقط بخوف فوت الجماعه، لا سيما علي القول بان الجماعه شرط لصحه الصلاه، قال: فيجب ان يقدم الصلاه الحاضره بالجماعه ثم يصلي الفاءته. وهذا -اعني القول بانه يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعه- مبني علي القول بانه لا يصح ان يصلي خلف من يصلي صلاه اخري، اما علي القول بالجواز فنقول: ادخل معهم في الجماعه، وانو بها الصلاه التي عليك؛ الفاءته. مثلا: لو كان عليك الظهر وجءت وهم يصلون العصر، فانا نقول علي القول الراجح: ادخل معهم بنيه الظهر، واختلاف النيه لا تضر ، لكن علي القول بان اختلاف النيه يضر، يقول: لا يسقط الترتيب بخوف فوت الجماعه، كما هو المذهب. فصار عندنا خمسه اشياء: النسيان، وخوف خروج الوقت المختار او غير المختار، خوف فوات الجمعه، خوف فوات الجماعه، الجهل. المذهب: يعذر بالثلاثه الاول، وهي: النسيان، وخوف فوت الوقت، وخوف فوت الجمعه، واما الرابع والخامس فلا يعذر فيه. والصحيح انه يعذر فيه، فيسقط الترتيب بخمسه اشياء: النسيان، والجهل، وخوف فوت الجمعه، وخوف فوت الجماعه, وخشيه خروج وقت الصلاه، خمسه. (وبخشيه خروج وقت اختيار الحاضره) ، ثم قال: (ومنها) ، اي: من شروط الصلاه (ستر العوره) ، الستر بمعني التغطيه. والعوره: ما يسوء الانسان اخراجه والنظر اليه؛ لانها من (العور) وهو العيب، وكل شيء يسوءك النظر اليه، فان النظر اليه يعتبر من العيب، هذه هي العوره. وتختلف العوره، ولكن الان سنناقش هذا التعبير (ستر العوره)، هل جاء في الكتاب والسنه كلمه (ستر العوره) فيما يتعلق بالصلاه او لا؟ الجواب: لا، ما جاء كلمه (ستر العوره)، ومن اجل انه لم يات ينبغي الا نعبر الا بما جاء في القران والسنه في مثل هذا الباب، ونظير هذا التعبير الذي اوهم تعبير بعضهم بلبس المخيط بدلا عن القميص، والسراويل، والبرانس، والعمامه، الي اخره. لما قال العلماء: (ستر العوره)، اشتبه علي بعض الناس عوره الصلاه وعوره النظر، واختلطت عليهم، حتي جعل بعضهم هذه وهذه سواء، والامر ليس كذلك، فبين عوره الصلاه وعوره النظر فرق، العورتان لا تتفقان طردا ولا عكسا، كما سيتبين ان شاء الله. اذن فلو عبر بما جاء في القران او السنه لكان اسلم، الذي جاء في القران: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]، فامر الله تعالي ان نتزين ونتجمل عند ملاقاته سبحانه وتعالي والوقوف بين يديه، واذا كان الانسان يستحي ان يقابل ملكا من الملوك بثياب رثه، او نصف بدنه ظاهر، فكيف لا يستحي من ان يقف بين يدي ملك الملوك عز وجل بثياب غير مطلوب منه ان يلبسها؟! ولهذا قال عبد الله بن عمر لمولاه نافع، وقد راه يصلي حاسرا راسه، قال له: غط راسك، هل تخرج الي الناس وانت حاسر الراس؟ قال: لا، ما اخرج الي الناس وانا حاسر الراس، قال: فالله احق ان تتجمل له ، وهذا صحيح بالنسبه لمن عادتهم الا يحسروا عن رءوسهم، ما يمكن الواحد يخرج حاسر الراس امام الناس. اذن فاتخاذ الزينه غير ستر العوره، ونقول: قال النبي صلي الله عليه وسلم: «لا يصل احدكم في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شيء» ، وعاتق الرجل ليس بعوره بالاتفاق، ومع ذلك امر النبي عليه الصلاه والسلام بستره، قال: «ليس علي عاتقه منه شيء» ، فدل هذا علي ان مناط الحكم ليس ستر العوره. وقال صلي الله عليه وسلم لجابر في الثوب: «ان كان ضيقا فاتزر به، وان كان واسعا فالتحف به» ، ومعلوم انه لا يشترط لستر العوره ان يلتحف الانسان، بل ربما يكون فيه وزره تغطي ما يجب ستره في غير الصلاه. اذن فليس مناط الحكم ايش؟ ستر العوره، انما مناط الحكم اتخاذ الزينه، هذا هو الذي امر الله به، وهو الذي دلت عليه السنه، ومن اجل هذا التعبير التبس علي بعض العلماء، وجعلوا المساله -مساله العوره- هنا كمساله العوره هناك في باب النظر، وهما يختلافان، هذا من حيث التعبير بكلمه (ستر العوره). ما هو الدليل علي انه من شرط صحه الصلاه ستر العوره؟ الدليل: قوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]، وقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «ان كان واسعا فالتحف به، وان كان ضيقا فاتزر به» ، فلا بد من الاتزار، واذا كان واجبا في العباده فكل واجب في العباده شرط لصحتها، القاعده الشرعيه: ان كل واجب في العباده فهو شرط لصحتها، فاذا تركه الانسان عمدا بطلت هذه العباده؛ ولهذا لو ترك الانسان التشهد الاول او الاخير في الصلاه متعمدا بطلت صلاته، حتي في الواجبات، لو تركها متعمدا بطلت الصلاه. ولهذا نقول: لا شك ان ستر العوره شرط لصحه الصلاه، وان من صلي من غير ان يلبس ما يستر به العوره، او ما يجب ستره علي الاصح، فان صلاته باطله. وقد نقل ابن عبد البر اجماع العلماء علي ان من صلي عريانا مع قدرته علي اللباس فصلاته باطله. وكذلك نقله شيخ الاسلام ابن تيميه؛ ان العلماء اتفقوا علي ان الانسان الذي يصلي عريانا وهو قادر علي اللباس فصلاته باطله. فيكون قد اجتمع في هذا الكتاب والسنه والاجماع. العوره؛ قال المءلف: (فيجب بما لا يصف بشرتها)، (يجب) الفاعل يعود علي ستر العوره، يعني: فيجب ستر العوره بما، هذه الـ (ما)، ما نوعها؟ طلبه: موصوله. الشيخ: يعني: بالذي، ويجوز ان نجعلها نكره موصوفه، اي: بثوب لا يصف بشرته. هذا واحد، يعني: يشترط للساتر ان لا يصف البشره، لا ان لا يبين العضو، ووصف الشيء ذكر صفاته، والثوب لا يصف، هل الثوب يصف يقول لك مثلا: تري ان لون الجلد الذي تحتي اسود، او ان لونه احمر، او ان لونه ابيض، ولا لا؟ طلبه: لا. الشيخ: نطقا لا يصف، لكن يصفه حالا بلسان الحال، فاذا كان هذا الثوب الذي علي البدن يبين تماما لون الجلد، يبنه بيانا واضحا، فان هذا ليس بساتر. اما اذا كان يبين منتهي السروال من بقيه العضو فهذا ساتر، لكن اذا كان يبين لون الجلد فهذا غير ساتر، فلا يصح الستر به. طالب: مثلا رجل يصلي بالليل وعليه مثلا فانله وسروال، هل يكفيه هذا ولا لازم يلبس ثيابه؟ الشيخ: لا، يكفي هذا. الطالب: لكن ما يخرج الي الناس، يعني اذا قسنا علي.. الشيخ: لعل ابن عمر رضي الله عنه قال هذا لينبه نافعا، ما هو بشرط. طالب: كيف يسقط بالجهل او بالنسيان وهو واجب، والواجبات لا تسقط؟ الشيخ: ايهم. الطالب: الترتيب بين الفواءت، فهو واجب، والقاعده ان الواجب لا يسقط؟ الشيخ: يقول: هذا ليس واجبا في نفس العباده، لكن بينها، ما هو في نفسها، ولا العباده نفسها وجدت كامله، لكن بين العباده والاخري فهو يشبه الواجب لها لا فيها. طالب: شيخ، اذا واحد لبس شيءا يعني ساترا للعوره، ولكن لا يسمي زينه عرفا، فصلي به مع وجود لبس عنده زينه، ولكن تركه وصلي.. الشيخ: هذا نقول: اما مع وجود ما هو زينه ففي النفس من صحه الصلاه شيء، يعني لو جاب خصاف، تعرف الخصاف؟ طالب: لا. الشيخ: الخصاف خصف سعف النخل، ما تعرفه؟ طالب: الخوص. طالب اخر: لا. الشيخ: تعرف السفره اللي من خوص النخل؟ طالب: نعم. الشيخ: جاب سفر ولفه علي بدنه وقام يصلي، هذه مع وجود الزينه المعتاده والله في نفسي من هذا شيء، لكن مع عدم ذلك نقول: اتقوا الله ما استطعتم. *** الطالب: قال المءلف رحمه الله تعالي: وعوره رجل وامه وام ولد ومعتق بعضها من السره الي الركبه، وكل الحره عوره الا وجهها، ويستحب صلاته في ثوبين، ويكفي ستر عورته في النفل، ومع احد عاتقيه في الفرض وصلاتها في درع وخمار وملحفه، ويجزء ستر عورتها، ومن انكشف بعض عورته وفحش، او صلي في ثوب محرم عليه او نجس اعاد، لا من حبس في محل نجس. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان الترتيب يسقط بخمسه امور: الجهل، والنسيان، وخوف فوت الوقت، وخوف فوت الجمعه, وخوف فوت الجماعه، وسبق لنا ايضا ان من شروط الصلاه؟ طالب: الوقت. الشيخ: انتهينا من الوقت، وغير؟ طالب: ستر العوره. الشيخ: ستر العوره. وذكرنا له دليلا من القران والسنه والاجماع؟ طالب: نعم، قوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]. الشيخ: هذا في القران، نريد دليلا من السنه علي انه لا بد من اللباس في الصلاه؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه، معني الحديث.. «اذا كان الثوب فالتحف به، وان كان ضيقا فاتزر به» . الشيخ: فيه ايضا حديث اخر؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا يصلين احدكم في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شيء» . الشيخ: نعم، الحديث الثالث؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاه حاءض الا بخمار». الشيخ: الا بخمار، الاجماع، هل في المساله اجماع علي ان الانسان اذا صلي وهو عريان قادر علي الستر تبطل صلاته؟ طالب: نعم، قال بعض العلماء: ان فيه اجماعا. الشيخ: من الذي نقله؟ الطالب: ابن عبد البر. الشيخ: وغيره؟ الطالب: (...) الافصاح. الشيخ: وغيره؟ طالب: شيخ الاسلام ابن تيميه. الشيخ: شيخ الاسلام ابن تيميه، والظاهر يمكن صاحب المغني لكني ما راجعته، علي كل حال المساله ليس فيها اشكال في انه يجب علي الانسان عند الصلاه ان ياخذ زينته ويلبس ثيابه. هل العوره هنا كالعوره في باب النظر؟ طالب: (...). الشيخ: لا؟ الطالب: تختلف. الشيخ: تختلف، اذكر لي وجهين من الاختلاف طردا وعكسا؟ الطالب: ان في الصلاه الكتف ما يجوز يصلي والكتف مكشوف اذا كان يستطيع ان يغطيه، وفي غير الصلاه يجوز ان يكشفه. الشيخ: صح، في النظر المراه يجب ان تستر وجهها علي القول الراجح، وفي الصلاه لا يجب، كذا؟ الاول طرد، والثاني عكس، يعني معناه انه ليس سواء، وحينءذ ينبغي الا نعبر هنا بستر العوره؛ لءلا يشتبه الامر، وان نعبر باخذ الزينه او باللباس او ما اشبه ذلك، انه لا بد للصلاه من لباس. قال المءلف: (يجب بما لا يصف بشرتها) ، (بما)، (ما) هذه ويش هي؟ طالب: بالذي. الشيخ: ولا تصح اعرابا اخر؟ "},{"Id":1698,"Name":"02 كتاب الصلاة 08","Sort":30,"Version":0,"LessonText":"

قال المؤلف: (يجب بما لا يصف بشرتها)
(بما) (ما) هذه ويش؟
طالب: (...).
الشيخ: لا تصح، إعراب آخر؟
طالب: ما يصح.
الشيخ: ما يصح.
طالب: تصح نكرة موصوفة.
الشيخ: تصح نكرة موصوفة؛ فيقال: بثوب لا يصف بشرتها.
طيب (بشرتها) الضمير قلنا: إنه يعود إلى العورة، طيب ما معنى وصف البشرة؟
طالب: ألا يبين ما تحت الثوب.
الشيخ: نعم، هل المراد بيان ظله، ولّا المراد بيان لونه؟
طالب: بيان ظله.
الشيخ: ظله، إي.
طالب: بيان لونه.
الشيخ: بيان لونه.
الطالب: إذا كان أبيض أو أسود.
الشيخ: طيب، بيان اللون؛ يعني اللون يكون رهيفًا (...) بحيث إنك تشوف الجلد من ورائه، حتى لو كان مثلًا اللباس أسود وضعته؛ لازم تشوف منها الجلد اللي تحته بلونه، أما مجرد الظل فهذا لا يشترط، ولهذا قلنا: لو كان على الإنسان ثوب تحت مثلًا وشاف حد الثوب من الجلد فقط ولم يتبين لون الجلد فهذا ساتر.
قوله: (بثوب لا يصف بشرتها) ذكرنا أنه يشترط في هذا الثوب شروط:
طالب: ما ذكرناه.
الشيخ: ما ذكرناه طيب إذن سنذكرها الآن.
بثوب لا يصف البشرة، يشترط لهذا الثوب الساتر:
أولًا: ألا يصف البشرة كما قال المؤلف، ألا يصف البشرة فإن وصفها لم يجزئ؛ لأن الستر لا يحصل بدون ذلك، وعلى هذا فلو لبس ثوبًا من بلاستيك كالزجاج، هو يمنع وصول الماء ويمنع حتى الهواء ما يدخل، فإنها لا تصح؛ لأن ذلك لا (...) بل هو يصف البشرة.
يشترط أيضًا: أن يكون طاهرًا، يشترط أن يكون طاهرًا، فإن كان نجسًا فإنه لا يصح أن يصلي به، ولو صلى به لم تصح صلاته، لا لعدم الستر، ولكن لأنه لا يجوز حمل النجس في الصلاة، الدليل؟
قالوا: الدليل: قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]، ثيابك (ثياب) مفعول مقدم لـ (طهر) ، يعني طهر ثيابك، وهو ظاهر في أن المراد ثياب اللباس.
وقال بعض أهل العلم: {ثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} يعني: عملك طهره من الشرك؛ لأن العمل لباس كما قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: ٢٦]، فيكون المعنى تنقية العمل من الشرك، ولهذا قال بعدها: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥]، فنقول: الآية تحتمل هذا وهذا، ولا يَمْتنع أن تحمل على المعنيين؛ لأنهما لا يتنافيان، وكل معنيين يحتملهما اللفظ القرآني أو اللفظ النبوي، ولا يتنافيان، فإنهما مرادان باللفظ.
فيه أيضا دليل آخر وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي إليه بصبي لم يأكل الطعام؛ فأجلسه في حجره - النبي عليه الصلاة والسلام - فبال الصبي في حجره، فدعا بماء فأتبعه إياه ، وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون الثوب طاهرًا، ولهذا بادر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك.
دليل ثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم بأصحابه فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سألهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا أَذًى» ، وهذا يدل على وجوب التنزه مما فيه النجاسة.
دليل رابع: إن أمكن أن نحمله حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، وقال: «إِنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ» ، هذا فيه شيء من النظر والمناقشة.
دليل خامس: أن الله قال: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦]، قالوا: فإذا أمر الله تعالى بتطهير المحل، وهو منفصل عن المصلي، فما بالك باللباس الذي هو متصل به، يكون الأمر بتطهيره من باب أولى.
طالب: (...).
الشيخ: آيتان.
إذن نقول: فيه أدلة من القرآن والسنة ودليل من النظر وهو الأخير القياس، على أنه لا بد أن يكون الثوب المصلَّى به طاهرًا.
الشرط الثالث: أن يكون مباحًا، يعني: ليس بمحرم، والمحرم نوعان: محرم لذاته، ومحرم لكسبه، والمحرم لذاته: محرم لعينه، ومحرم لوصفه، فهذه ثلاثة أقسام: محرم لعينه، محرم لوصفه، محرم لكسبه. المحرم لعينه كالحرير للرجل، فهذا حرام على الرجال، فلو صلى الرجل بثوب حرير، فصلاته بناءً على هذا الشرط باطلة؛ لأنه ستر عورته بثوب غير مأذون فيه، ومن عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله فهو رد.
المحرم لوصفه: كالثوب المسبَل فيه، اللي فيه إسبال، فهذا رجل عليه ثوب مباح من قطن، ولكنه نزله إلى أسفل، فنقول: هذا محرم ليش؟
لوصفه؛ فلا تصح الصلاة فيه؛ لأنه غير مأذون فيه، وهو عاصٍ بلُبسه، فيبطل حكمه شرعًا، و«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
المحرم لكسبه: أن يكون مغصوبًا، أو مسروقًا، مثل: رجل سرق ثوب إنسان وصلى فيه، نقول: الصلاة هنا غير صحيحة؛ لأنك سترت عورتك بثوب محرم عليك، فلا تصح صلاتك.
فصار إذن شروط الثوب الذي يُتخذ سترة في الصلاة شروطه ثلاثة:
أولًا: ألا يصف البشرة؛ لأن ما يصفها لا يحصل به الستر.
الثاني: أن يكون طاهرًا.
والثالث: أن يكون مباحًا.
أما الشرطان الأولان فواضحان، وأدلتهما ظاهرة. أما الثالث فمحل خلاف بين العلماء، فإن من أهل العلم من يقول: إن الستر يحصل بالثوب المحرم، وهنا جهة النهي والأمر مختلفة؛ لأن المحرّم في هذا الثوب ليس لُبسه في الصلاة حتى نقول: إنه يعارض الأمر بِلُبسه في الصلاة.
انتبهوا للقاعدة: المحرم لُبس هذا الثوب مطلقًا، وعلى هذا فيكون مورد النهي غير مورد الأمر، أليس كذلك، ولا ما هو بواضح؟
يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصلاة، ثم لبسته، حينئذ لا تصح صلاتك؛ لأن مورد الأمر والنهي واحد، الأمر اتخاذ اللباس أو الزينة، والنهي عن لبس الحرير في الصلاة، لو كان الأمر كذلك لقلنا: إن الصلاة لا تصح لتعارض الأمر والنهي، لكن النهي خارج عن الصلاة، لا تلبس الحرير مطلقًا، وهذا الرجل لَبِسه، فهو آثم بلبسه لا شك، لكنه ليس على وجه يختص بالصلاة حتى نقول: إنه ينافيها.
وعلى هذا، فإذا صلى بثوب محرّم فصلاته صحيحة، لكنه آثم؛ لأنه متلبِّس بثوب محرم.
هل يشترط ألا يضره اللباس، يشترط ألا يضره؟
نعم؛ يشترط ألا يضره، افرض أن الثوب فيه مسامير أو خصاف، هل نُلزمه بأن يلبس هذا الذي يأكل جلده أو يُدميه؟
الجواب: لا؛ لأن الله تعالى لم يوجب على عباده ما يشق عليهم، ثم هو في أثناء صلاته هل يمكن أن يطمئن في صلاته؟ أبدًا ما يمكن يطمئن، كيف يمطمئن وهذا شاب عليه، لهذا يشترط ألا يضره.
لو فرض أن في جلده حساسية، لا يمكن أن يقبل أي ثوب، ولو أنه لبس ثوبًا لكان ما يصلي إلا صلاة يكون فيها مشغولًا جدًّا؟
فالجواب أنه يقال: إن الحرير يخفف هذه الحساسية، وأن الإنسان إذا كان في جسده حساسية ولبس الحرير، فإنه يَبرد عليه، حتى الحساسية تبرد عليه ما دام عليه هذا الثوب، وحينئذ نقول: اختر لنفسك ثوبًا من حرير، إذا تمكنت، وإذا لم تتمكن فصل على حسب الحال.
يقول المؤلف: (فيجب ما يصف بشرتها) وذكرنا الشروط أربعة الآن.
طالب: الراجح؟
الشيخ: نعم أيهم راجح؟
الطالب: الموضوع الأخير.
الشيخ: الأخير أنه ما يلزمه، أما بالنسبة للمحرّم عليه فالراجح أنها تصح الصلاة، تصح مع الإثم باللبس.
ثم بدأ المؤلف يفصل العورة، ونحن نقول: إن العورة على المذهب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
مخففة ومغلظة ومتوسطة.
العورة في الصلاة على المشهور من مذهب الحنابلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: مغلظة ومخففة ومتوسطة، فنبدأ بالمغلظة ثم المخففة، ثم نقول: ما عدا ذلك متوسطة.
نبدأ بالمخففة؛ المخففة: عورة الذكر من سبع إلى عشر سنوات، وهي الفرجان فقط، يعني إذا ستر قُبُله ودُبره فقد أجزأه الستر، وإن كانت أفخاده بادية، طيب هذا من؟
طلبة: من سبع إلى عشر سنوات.
الشيخ: هذا الذكر من سبع إلى عشر سنوات، وهذا أخف العورات.
المغلظة: عورة الحُرة البالغة، كُلها عورة إلا وجْهها، فإنه ليس بعورة في الصلاة، وإن كان عورة في النظر، ونحن نُضطر إلى أن نعبر بكلمة عورة ولو كنا في باب ستر ما يجب ستره في الصلاة؛ تبعًا للمؤلف، نقول: الحرة البالغة كلها عورة إلا وجهها، حتى لو صلت في بيتها وليس عندها أحد يجب أن تَستر كل شيء إلا وجهها.
المتوسطة: ما سوى ذلك، ما سوى ذلك فهي متوسطة، وحدُّها ما بين السرة والركبة، حدُّ العورة ما بين السرة والركبة، هذه المتوسطة، يدخل فيها الرجُل من عشر سنوات فصاعدًا، والحُرة دون البلوغ، والأَمة ولو بالغة. ولّا لا؟
قال المؤلف: (وعورة رجل) يقول في آخر الكلام: (من السرة إلى الركبة). هذا الرجل من عشر سنوات فما فوق، هذا من السرة إلى الركبة.
طيب هذا واحد، ثانيًا: (وعورة أَمَةٍ من السُرَّة إلى الركبة)، فلو صلت الأمة مكشوفة البدن ما عدا ما بين السرة والركبة، فصلاتها صحيحة، وإذا كان ليس عندها إلا سيدُها فلها أن تفعل ذلك؛ لأن سيدها ينظر منها ما شاء {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٥، ٦]. وإذا كان عندها امرأة؟
طالب: تصلي كذلك.
الشيخ: كذلك، ولكن في باب النظر هذه عورتها أيضًا -عورة الأمة- ما بين السرة والركبة، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله في باب النظر عارض هذه المسألة، كما عارض ابن حزم هذه المسألة في باب النظر وفي باب الصلاة، وقال: إن الأمة كالحرة؛ الطبيعة واحدة والخلقة واحدة، والرق وصف عارض خارج عن حقيقتها وماهيتها، وأتوا لنا بدليل يدل على التفريق وعلى العين والرأس، وأما أن تفرقوا بدون دليل مع أن الطبيعة واحدة، كل شيء واحد، فهذا لا يمكن.
في باب النظر قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الإماء في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن كن لا يحتجبن كما يحتجب الحرائر؛ لأن الفتنة بهن أقلُّ، فهُن يشبهن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا، والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا قال الله فيهن: {لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } [النور: ٦٠]، يقول: أما الإماء التُركيات الحسان الوجوه، فهذا لا يمكن أبدًا أن تكون كالإماء في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ويجب عليها أن تستر كل بدنها عن النظر، في باب النظر.
وعلل ذلك بتعليل حقيقي مقبول، قال: لأن المقصود من الحجاب هو ستر ما تخاف به الفتنة، بخلاف الصلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستر في الصلاة (...) أحد، حتى لو كان خاليًا في مكان ما يطلع عليه إلا الله، يجب عليه الستر، لكن في باب النظر إنما يجب حيث ينظر الناس.
قال: فالعلة في هذا غير العلة في هذا، العلة في النظر ما هي؟
طلبة: خوف الفتنة.
الشيخ: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النساء الحرائر والنساء الإماء. وما قاله صحيح بلا شك، وهو الذي يجب المصير إليه.
هذي الأمة، (وأم ولد) أم الولد: هي الأَمة التي أتت من سيدها بولد، تسمى أم ولد، وهل هي حُرة أو رَقيقة؟ هي رقيقة حتى يموت سيدها، فإذا مات سيدها عتَقَت بموته، فإذا أَولد السيد أمته فهي رقيقة، حكمها في (...) حكم من؟ حكم الرقيقة، حكم الأمة، يعني عورتها من السرة إلى الركبة.
(ومعتَق بعضها) يعني نصفها حر ونصفها رقيق. تصور هذا؟
طالب: المكاتب.
الشيخ: لا، المكاتب ما هو معتَق بعضه.
طالب: أثناء المكاتبة.
الشيخ: ولا أثناء المكاتبة؛ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
طلبة: (...).
الشيخ: نشوف الشركة، رقيق بين رجلين، مملوك لهما، هو حر ولّا رقيق؟
طلبة: رقيق.
الشيخ: رقيق، وين مُعتق بعضه؟ أعتق أحدهما نصيبه، إذا أعتق أحدهما نصيبه عتق الباقي، وأُخذ من السيد المعتِق قيمته للمالك؛ لمالك النصف.
إذن لم يكن معتقًا بعضه لكن نقول: يمكن، إذا كان الذي أعتق نصيبه فقيرًا فإن المشهور من المذهب أنه لا يَعتق الباقي، وعلّلوا ذلك بأنه لو سرى العتق إلى الباقي تضرّر الشريك، كيف يتضرر الشريك؟ معناه أنه خرج من ملكه بدون عوض.
وأيضًا المعسر هذا لا يمكن أن نوجب عليه العتق وهو معسر؛ لأنه معسر، لو كان كفارة ما أوجبناها عليه فكيف وهو سريان؟
فهذا الفقير لا يمكن أن نسري عليه العتق؛ لأنه فقير، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولو قال قائل: لماذا لا يسري ويبقى دينًا في ذمته؟
قلنا: في هذا ضرر على مالك النصف وعلى الفقير أيضًا؛ أن تكون ذمته مشغولة، ولكن هناك قول آخر في المسألة، يقول: يُسْتسعى العبد، ويش معنى يستسعى؟ يقال له: اعمل لتحرر نفسك، فإذا كان العبد لا يستطيع أن يعمل؛ حينئذ يتصور أن يكون مُعْتَقًا بعضه.
وهناك صور أخرى لكن المهم أنه إذا وجد رقيق بعضه حر فإنه في هذه الحال لا يعطى حكم الحر، وإنما يعطى حكم الرقيق.
فإن قال قائل: لماذا لا تعطونه حكم الحر تغليبًا لجانب الحظر، واحتياطًا للواجب؟ فما الجواب؟
الجواب: لأن الشرط لم يتحقق، فالمسألة هنا ليست وجود مانع، بل هي فوات شرط، والشرط هو الحرية الكاملة، وهنا ليس هناك حرية كاملة، فالشرط لم يتم، وليس وجود مانع، بل فوات شرط، ولا بد من استتمام الشروط.
ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ» . إذن نقول: المعتق بعضه حكمه أيش؟ حكم الرقيق، إن كان ذَكرًا أو كان أنثى، وعلى هذا فالمرأة المعتق بعضها كأيش؟ كالأمة الخالصة.
قال: (من السرة إلى الركبة)، العبارة هذي تُخرِج السرة لا شك، لكن هل تُدخِل الركبة؟
طلبة: (...).
الشيخ: مر علينا في باب الإقراض ما بين دِرهم إلى عشرة، كم يلزم؟ على المذهب تسعة، المذهب تسعة فيدخلون ما بعد (إلى)؛ لأنهم يقولون: الغاية خارجة إذا وجد ابتداء الغاية، يعني إذا وجدت من إلى، أما إذا لم يوجد فالغاية خارجة، فهنا ما بين السرة إلى الركبة.
طالب: (...).
الشيخ: خارجة، الركبة خارجة، مو على المذهب، على كلام المؤلف، على القاعدة.
الطالب: (من) يا شيخ.
الشيخ: لا إي، أحسنتم إي، طيب أنا أحسب يقول: ما بين السرة، طيب (من السرة إلى الركبة)، إذن السرة غير داخلة؛ لأنها خارج الغاية، الركبة داخلة على كلام المؤلف، وهذا أحد القولين في المسألة؛ أن الركبة من العورة، وعلى هذا فيجب أن يكون الستر نازلًا عن الركبة.
والقول الثاني: أن السرة والركبة داخلان، فيجب سترُ السرة وستر الركبة.
والثالث -وهو المشهور من المذهب- أن السرة والركبة لا يدخلان، وعلى هذا فالعبارة التي تُخرجهما أن يقال: ما بين السرة والركبة من أجل أن تخرج السرة والركبة، وهو كذلك، ولكن يرى بعض العلماء أن الفخذ ليس بعورة، ولكن يمكن ما (...) نناقش فيه.
طالب: قول الشيخ: العورة المغلظة للمرأة الحرة كلها عورة إلا وجهها، فهل يدخل القدمان؟
الشيخ: ما وصلناه في كتاب المؤلف.
طالب: (...).
الشيخ: إي لأنه يمكن التبعض، (...) يمكن التبعض، هذا ما يمكن التبعض، ما يمكن، نقول: النصف لا.
طالب: قول ابن حزم في الصلاة الأمة أن عورة..
الشيخ: كالحرة. سيأتينا إن شاء الله في باب الحرة نشوف الموضوع.
طالب: إذا رأى المأموم الإمام قبل الصلاة وفي ثوبه نجاسة دخل في الصلاة ونسي يذكره قبل الصلاة؟
الشيخ: بقي ناسيًا حتى تمت الصلاة، ما عليه شيء لا هو ولا الإمام.

***

\n طالب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:\n
\n وعورة رجل وأمة وأم ولد ومعتق بعضها من السرة إلى الركبة، وكل الحرة عورة إلا وجهَها، ويستحب صلاته في ثوبين، ويكفي ستر عورته في النفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في درع وخمار وملحفة، ويجزئ ستر عورتها.
ومن انكشف بعض عورته وفحش..\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن من شروط الصلاة لُبس الثياب، وأن هذا التعبير أولى من التعبير بستر العورة؛ لاختلاف الحكم بين ستر العورة وبين لبس الثياب، ولهذا البخاري بوب على ذلك بقوله: باب وجوب الثياب، أو قال: لبس الثياب في الصلاة، ثم استدل بالآية: \n {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].\n
وسبق لنا أن الناس ينقسمون فيما يجب ستره في الصلاة إلى ثلاثة أقسام، ويقال عند الفقهاء: إن العورات ثلاثة أقسام؟\n
\n طالب: مغلظة ومخففة وبينهما.\n
\n الشيخ: إي نعم، ومتوسطة.\n
\n طالب: المغلظة المرأة كلها عورة.\n
\n الشيخ: الحرة البالغة، والمخففة؟\n
\n الطالب: والمخففة ما بين السرة إلى..\n
\n الشيخ: عورة من؟\n
\n الطالب:عورة الصبي..\n
\n الشيخ: الذكر..\n
\n الطالب: إي. \n
\n الشيخ: مِن؟\n
\n الطالب: من السبعة..\n
\n الشيخ: إلى عشرة. طيب، الفرجان؟\n
\n الطالب: والباقي (...).\n
\n الشيخ: أحسنت، يدخل في المتوسط مَن؟\n
\n طالب: الرجل.\n
\n الشيخ: الرجل من إلى؟\n
\n الطالب: من السرة إلى الركبة.\n
\n الشيخ: سِنه؟\n
\n الطالب: من العاشرة.\n
\n الشيخ: نعم، من العاشرة فما فوق، كذا؟ ومَن؟\n
\n طالب: من العشر أيضا العبد؟\n
\n الشيخ: كلمة رجل يشمل الحر والعبد.\n
\n الطالب: الأمة.\n
\n الشيخ: الأمة الأنثى الأمة كالرجل ما بين السرة والركبة. طيب، ومن؟\n
\n طالب: المراهقة.\n
\n الشيخ: يعني الصغيرة الحرة الصغيرة التي لم تبلغ، صح.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: متوسطة.\n
\n الشيخ: إي متوسطة، الرجل والأمة والحرة غير البالغة.\n
\n طالب: المعتق بعضِها.\n
\n الشيخ: المعتق بعضُها.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: لا ما هي الحرمة.\n
\n طالب: أم ولد.\n
\n الشيخ: أم الولد، هل تعرف من هي أم الولد؟\n
\n الطالب: هي التي تنجب من سيدها، العبدة التي تنجب من سيدها.\n
\n الشيخ: الأمة التي تنجب من سيدها، أحسنت.\n
طيب، هل السرة والركبة داخلتان؟ \n
\n طالب: على كلام المؤلف الركبة داخلة والسرة خارجة؛ على كلام المؤلف الركبة من العورة والسرة ليست من العورة.\n
\n الشيخ: كيف قال؟\n
\n الطالب: (\n من السرة إلى الركبة).\n
\n الشيخ: هو يقول كذا؟ (\n من السرة إلى الركبة). ويش اللي داخل؟\n
\n الطالب: الركبة داخلة والسرة خارجة.\n
\n الشيخ: بناءً على أيش؟ فهمت من كلام المؤلف هذا بناء على أيش؟\n
\n الطالب: قاعدة لغوية.\n
\n الشيخ: ما هي؟ ما القاعدة اللغوية؟\n
\n الطالب: من إلى: الابتداء غير داخل والغاية داخلة. العكس.\n
\n طالب آخر: بالعكس؟\n
\n الشيخ: على هذه القاعدة ما الذي يكون داخلًا في كلام المؤلف؟ السرة أم الركبة؟\n
\n طالب: السرة ابتداء الغاية داخلة، وأما النهاية فلا تدخل.\n
\n الشيخ: وهذا أحد الأقوال، والقول الثاني؟\n
\n طالب: الدرس هنا (...)..\n
\n الشيخ: لا الدرس لأني قلت لكم: ما بين السرة (...) المؤلف من السرة.\n
فيه قول ثانٍ: أن السرة والركبة من العورة، وقول ثالث وهو المذهب: ليستا من العورة. طيب الخلاف في هذا بسيط.\n
\n طالب: ما هو العكس (...).\n
\n الشيخ: العكس اللي حصل إن قلنا: الركبة داخلة، والسرة غير داخلة.\n
\n الطالب: إي نعم والآن؟\n
\n الشيخ: نقول: السرة داخلة والركبة غير داخلة.\n
\n طالب: وهذا الصواب؟\n
\n الشيخ: هذا على كلام المؤلف، نحن شرحنا على أن عبارة المؤلف ما بين السرة والركبة. \n

***

\n قال المؤلف رحمه الله: (\n وكل الحرة عورة إلا وجهها). \n
كلُّ الحرة عورة، يعني في الصلاة إلا وجهها فليس بعورة، وليس هناك دليل واضح على هذه المسألة، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها، وهو الوجه والكفان والقدمان، وقال: \n إن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كن في البيوت يلبسن القمص، وليس لكل امرأة ثوبان، ولهذا إذا أصاب دم الحيض ثوبًا غسلته وصلت فيه، فتكون القدمان والكفان غير داخلات في العورة في الصلاة، لا في النظر.\n
وبناءً على أنه ليس هناك دليل تطمئن إليه النفس في هذه المسألة، فأنا أقلد شيخ الإسلام في هذه المسألة، وأقول: إن هذا هو الظاهر إن لم نجزم به؛ لأن المرأة حتى لو كان لها ثوب يضرب على الأرض، فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدمها ولا بد، وعلى كلام المؤلف لا بد أن يكون الثوب ساترًا لباطن القدمين وظاهرهما، وكذلك الكفان، لا يبقى إلا الوجه، والوجه حدُّه كحد الوجه في الوضوء تمامًا، يعني من منحنى الجبهة من فوق إلى أسفل اللحية من أسفل، ومن الأذن إلى الأذن، وعلى هذا فيجب عليها أن تتحفظ بالنسبة لشعر الرأس ألا يخرج؛ بناءً على أنه ما دام متصلًا فله حكم المتصل.\n
وقد مر علينا في قواعد ابن رجب أظن في القاعدة الثانية: أن المذهب في هذا مختلف، فمنهم من يقول: إن الشعر في حكم المنفصل، ومنهم من يقول: في حكم المتصل.\n
على كل حال الآن نفهم المذهب تمامًا، فصار المذهب العورة ثلاثة أقسام:\n
الحرة والبالغة كلها عورة، حتى يداها وقدماها. وابن سبع إلى عشر الفرجان فقط، يعني الذكر من سبع سنين إلى عشر عورته الفرجان فقط. وما سوى ذلك ما بين السرة والركبة.\n
وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية: أن عورة الرجل الفرجان فقط، أن عورة الرجل الفرجان. وظاهر النقل أنه لا فرق بين الصلاة والنظر، وأن الرواية هذه ثابتة حتى في الصلاة، وأنه يمكن للرجل أن يصلي وهو لم يستر إلا السوءتين فقط، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله أبى ذلك وقال: أما في الصلاة فلا ينبغي أن يكون خلاف في أن الواجب ستر الفخذين، أما في النظر فالنظر شيء آخر، وهذا الذي ذكره هو القول الراجح المتعين.\n
ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم إذا كانت عليهم أُزُر قصيرة يعقدونها على مناكبهم حتى لا تنزل، وهذا يدل على أنهم يرون أن الصلاة لا بد فيها من ستر ما بين السرة والركبة، حتى وإن قلنا: إن الفخذ ليس بعورة.\n
وقال شيخ الإسلام: لا ينبغي أن يكون في هذا خلاف؛ في مسألة الصلاة. وما قاله رحمه الله فهو صحيح، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» \n ، وقال: \n «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» \n .\n
فالصلاة ليست مبنية لا طردًا ولا عكسًا على مسألة النظر، ولذلك تجد أن الرجل لو خلا بامرأته جاز أن ينظر إلى جميع بدنها، وأن تنظر إلى جميع بدنه، أليس كذلك؟ لكن لو صلت بحضرته فقط يجب عليها الستر، وكذلك لو صلى هو أيضًا يجب عليه الستر. فالستر في الصلاة ليس مبنيًّا على العورة في النظر.\n
وبناءً على ذلك فنقول: الفخِذان في الصلاة لا بد من سترهما؛ لأن هذا أدنى ما يقال: إنه زينة، والله يقول: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف: ٣١].\n
وأما في النظر، فالنظر ما كان محاذيًا للسوءتين، فله حكمهما، يعني أعلى الفخذ العالي مرة له حكمهما، وأما ما فوق ذلك ما فوق السوءتين، وما دون ما يحاذيهما من الفخذ، فإن الذي يظهر من النصوص أنها ليست بعورة من حيث النظر؛ لأنه \n ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان قد حسر عن فخذه \n ، وهو عليه الصلاة والسلام أشد الناس حياءً، لكن بالنسبة للشباب أرى أنه لا بد أن يستر الشاب فخذه كله وما دون السرة، لماذا؟\n
خوفًا من الفتنة، ولا تقل: إنه لا فتنة لأن الإنسان لن يفتتن بذكر مثله، نقول: إن هذا القول ليس بصواب، خلاف الواقع، فإن من الناس من يَفتتن بالشاب، ولو كان ذكرًا، ومن الناس من لا يهتم به، وكأنما ينظر إلى أحد من أولاده، لا يمكن أن يتمتع بالنظر إليه ولا يهتم به إطلاقًا، ومن الناس من حكى الله عنهم أنهم يأتون الرجال شهوةً ويدَعون ما خلق الله لهم من أزواجهم، يترك امرأته ولو كانت من أجمل النساء ليذهب إلى محل القذر والأذى -والعياذ بالله- فيأتي الرجل منه.\n
على كل حال أنا أرى أنه يجب أن يُستر بالنسبة للشباب ما بين السرة والركبة ولا بد، وإن قلنا: إنه ليس بعورة، لكن لخوف الفتنة، حتى إن بعض العلماء وأظن منهم النووي وشيخ الإسلام شروط، يقول: يجب على الشاب أن يحتجب كما تحتجب المرأة، وهذا على كل حال فيه تشتيت، لكن شيخ الإسلام يقول: يحرم النظر إليه إذا تمتع الإنسان بالنظر إليه أو تلذذ، إذا تمتع أو تلذذ فإنه يحرم عليه النظر؛ لأن هذا شر، وكم نظرة كما قال الإمام أحمد، كم نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلابل. يعني الأمور اللي تبلبله وتبهدله، وهذا صحيح.\n
طيب إذن لنا نظران بالنسبة للعورة: \n
النظر الأول: عورة الصلاة إن صح أن نسميها عورة.\n
النظر الثاني: عورة النظر، ما هو المقصود منها؟\n
المقصود منها: سد ذرائع الفتنة، هذا المقصود، سد ذرائع الفتنة.\n
ولهذا يجب أن يُستر ما لا يجب ستره في الصلاة؛ كالوجه مثلًا، على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وممن اختار وجوب ستر الوجه شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك يرى وجوب ستر القدمين والكفين بالنسبة للنظر؛ بناءً على أن العلة الافتتان، وأنه إنما وجب الستر درءًا لهذه الفتنة.\n
أما بالنسبة للصلاة فالمقصود أخذ الزينة، وأن يكون على الإنسان ثياب، وهذا يختلف. \n

***

\n يقول المؤلف رحمه الله: (\n وتُستحب صلاتُه في ثوبينِ).\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ما يخالف، يجوز الوجهان؟ لأن صلاة مؤنث مجازي ولّا حقيقي؟\n
\n طالب: مجازي.\n
\n الشيخ: مجازي، وابن مالك يقول في التاء:\n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَإِنَّمَـــــا تَلْزَمُ فِعْـــلَ مُضْمَرِ

مُتَّصِل ٍأَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ

\n
أي: ذات فرج.\n
يعني: ما تلزم التاء إلا في الضمير، نعم، أو في المؤنث الحقيقي.\n
(\n تستحب صلاته في ثوبين)، يعني ينبغي للإنسان أن يصلي في ثوبين؛ لأنهما أستر، ومن الثوبين: الإزار والرداء.\n
والثوب الواحد إما أن يكون رداءً سابغًا يلتحف به، وقد \n ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى في ثوب واحد ملتحفًا به \n ، وإما أن يكون إزارًا، وقد \n ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى به، كما قال ذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.\n
فعلى كل حال نقول: الثوب الواحد مجزئ، سواءً كان ثوبًا سابغًا يلتحف به جميع بدنه أو كان إزارًا، وقد مر علينا أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما صلى في إزار ورداؤه على المشجب، فذكّره رجل بذلك، فقال: فعلت هذا ليراه أحمقُ مِثْلُك. أحمق يعني: جاهل، ما هو بالأحمق سيئ التصرف؛ لأن الأحمق هو الذي يرتكب الخطأ عن عمد، هذا الأحمق، والجاهل الذي يرتكبه عن جهل وعدم عمد. المهم مراد جابر رضي الله عنه بالأحمق مُراده: الجاهل؛ لأنه ورد في لفظ آخر: ليراه الجاهلون.\n
على كل حال كان رداؤه على المشجب، وكان قادرًا على أن يصلي بالرداء مع الإزار، والمشجب ما هو؟\n
\n طالب: (...) يعلق عليه.\n
\n الشيخ: المشجب: القنارة.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: حتى القنارة ما تُعرف! ما هو هذا حد لفظي؟ ثلاثة أعواد تُقرَن رؤوسها، ويفتح ما بينها وتثبُت على الأرض. \n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: يستعملون هادول اللي يقيسون الأرض أظن.\n
\n طلبة: (...) الميزان.\n
\n الشيخ: حق الميزان، إي نعم.\n
المهم على كل حال أنه قد ثبت جواز الاقتصار على ثوب واحد، لكن الأفضل في ثوبين؛ لأنه أقرب إلى الستر وأحوط.\n
\n طالب: الفرق يا شيخ بين نظرة التلذذ والشهوة؟
الشيخ: التمتع يعني، التلذذ والشهوة واحد، التمتع غير يعني ينظر إليه ما هو قصده شهوة النكاح، لكن يتمتع، يعجبه ويسره، يتمتع بالنظر إليه.
الطالب: ممكن (...).
الشيخ: لا.
الطالب: الإنسان إذا نظر للوجه الجميل ما يبغى ينظر للوجه القبيح؟
الشيخ: لا والله مو هو على كل حال، الإنسان اللي ما يلتفت للأمور ما يهمه، لكن لاحظ اللي بيتمتع يكون كالذي يأكل التفاح (...) ينظر، نعم، فرق بين الإنسان يقول: والله أنا إذا شفت الوجه الجميل يعني ما أخشى منه، مثلًا ما أقشعر منه وما أشبه ذلك، لكن ما يتمتع بالنظر إليه، التمتع أنه يبقى ينظر إليه يتمتع بهذا الشيء، نقول: اصبر إلى أن تزوج إن كنت ما تزوجت وتمتع بالنظر إلى زوجتك.
طالب: المقصود الخشية يعني على النفس؟
الشيخ: إي الخشية على النفس، وأيضًا هذا ما يحل لك أنك تتمتع إليه، ما هو بمحل استمتاع لك، ما هو محل استمتاع، لكن بعض الصوفية يقول: أنا ما أنظر إليه علشانه، لكن أنظر إليه وأقول: سبحان الذي خلق هذا الوجه، ما ينظر للثاني القبيح ويقول: سبحان الذي خلق هذا الوجه.\n
\n طالب: شيخ (...).
الشيخ: هذا بناء على المشهور من المذهب؛ لأن النساء الآن لا يُفْتَيْن إلا بالمشهور من المذهب، فلهذا لابد من ثوب يستر واسع كبير وينزل عشان عند السجود تتغطى قدماها.\n
\n @سج ش=1381 \n

\nQAID=57# \n

\n \n طالب: الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله قال: إن السجود على شيء غير متصل بالبدن مكروه.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: المتصل بال (...) مكروه.\n
\n الشيخ: إي نعم.\n
\n الطالب: بعض النساء يعني واضح أن شعر المرأة عورة.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: لو (...) أحيانًا بعض النساء يعني يتحرزن والخمار ينزل لمنتصف الجبهة تسجد عليه.\n
\n الشيخ: والله على كل حال يسمح لها بالشيء الذي لا بد منه بس.\n
\n الطالب: يعني تطيل بقدر أن..\n
\n الشيخ: بقدر ما أنه يحصل تمام الستر.\n
\n طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، مر علينا في المذهب أن العورة ثلاثة أقسام: مخففة، ومتوسطة، ومغلظة، ما أدري ما هو الدليل على هذا التقسيم، وهل هو مُسلّم؟
الشيخ: (...) إن هذه مسائل ما فيها دليل واضح، ما فيها دليل واضح أبدًا.
الطالب: (...).
الشيخ: الشيء اللي ما عندنا فيه دليل يعني نقلدهم فيه، ما عندنا ويش نسوي مثل العامة إحنا في هذه المسالك.
\n طالب: شيخ، نفتي على حسب المذهب.
الشيخ: نفتي الأحوط ما دام الأمر في الإمكان، لكن لو جاءت تسألنا عنه بعد أن فعلته ما نقدر نقول: لا والله صلاتك بطلت لازم تعيدينها مثلًا أو الرجل نقول: صلاتك بطلت لازم تعيدها .\n
\n طالب: شيخ، ثبت في صحيح مسلم أن جابرًا رضي الله عنه كان يصلي ومعه شيء مثل المشجب حتى كانت ضيقة قليلًا ، وكان يلبسها يعني ما كان تارك، إذن يعني ما نقول: إنه افترش اللي أيش اسمه هذا، صلى بدون شيء.
الشيخ: لا هذي قضية ثانية.
الطالب: نفسها يا شيخ (...) وهو على المشجب فقال في نفس الرواية: هل يراني أحمق.
الشيخ: هذه القضية الثانية. \n

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n
\n ويكفي ستر عورته في نفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في درع وخمار وملحفة، ويجزئ ستر عورتها، ومن انكشف بعض عورته وفحش، أو صلى في ثوب محرم عليه أو نجس، أعاد، لا من حُبس في محل نجس، ومن وجد كفاية عورته سترها، وإلا فالفرجين، فإن لم يكفهما فالدبر.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا بيان العورات وأقسامها، وأنه يُستحب أن يصلي في ثوبين؛ كالإزار والرداء والقميص والسروال، وما أشبهها؛ كما قال المؤلف: (\n تستحب صلاته في ثوبين).\n
وعُلم من قول المؤلف: (\n تستحب صلاته في ثوبين) أنه يجزئ الثوب الواحد، وهو كذلك؛ لأنه ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال في الثوب الواحد: \n «إِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» \n . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من فعله نفسه أنه \n «صلى في ثوب واحد ملتحفًا به» \n ، ولكن الأفضل الثوبان؛ لأنهما أبلغ في الستر، ولأنه صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: \n إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا. ثم ذكر صلى رجل في قميص ورداء، في قميص وإزار \n ، وذكر أشياء. فدل هذا على أنه إذا كان في الإنسان سعة فالثوبان أحوط.\n
ويؤيد ما ذهب إليه عمر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أيصلي أحدنا في الثوب الواحد؟ فقال: \n «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» \n ، وهذا يدل على أن الثوب الواحد مجزئ، لكن إذا أوسع الله علينا فلنوسع؛ لأن قوله: \n «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» يدل على أنه ليس كل أحد من الناس له ثوبان، بل أكثر الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لهم على ثوب واحد.\n
وظاهر كلام المؤلف أن ستر الرأس ليس بسنة؛ لأنه قال: صل في ثوبين؛ إزار ورداء، قميص ورداء، وما أشبه ذلك، فظاهره أنه لا يُشرَع ستر الرأس. وقد سبق لنا من حديث ابن عمر أنه قال لمولاه نافع: \n أتخرج إلى الناس حاسر الرأس؟ قال: لا. قال: فالله عز وجل أحق أن يُستحيا منه \n . أو كلمةً هذا معناها.\n
وهو يدل على أن الأفضل ستر الرأس، ولكن إذا قسنا هذه المسألة، أو إذا طبقنا هذه المسألة على قوله تعالى: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] تبين لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يُعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزينة، أما إذا كنا في قوم لا يعتبر ذلك من أخذ الزينة، فإنه لا يمكن أن نقول: إن ستره أفضل، ولا إن كشفه أفضل، لكن إذا كنا في قوم يفعلون ذلك فإن الأفضل ستر الرأس. وقد \n ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في العمامة \n . والعمامة ساترة للرأس.\n
قال: (\n ويكفي ستر عورته في النفل)، يكفي ستر عورته أي: عورة الرجل في النفل، وهي ما بين السرة والركبة، إلا ابن سبع إلى عشر فهي أيش؟ الفرجان؛ القبل والدبر، فيكفي ستر العورة، وأما الزيادة فهو سنة.\n
قال: (\n في النفل)، يعني دون الفرض؛ لأن الفرض يحتاج إلى زيادة أخرى، يحتاج إلى زيادة في ستر العورة.\n
النفل كلُّ ما عدا الفرض، ثم إن الفرائض الصلوات الفريضة نوعان؛ صلاة مقيدة بوقت، وصلاة مقيدة بسبب. الصلاة المقيدة بوقت مثل الصلوات الخمس.\n
\n طالب: الرواتب.\n
\n الشيخ: الرواتب فريضة ولّا نافلة؟ الرواتب فريضة؟ نافلة، أنت تتكلم الآن عن الفريضة.\n
الصلوات الخمس والجمعة، كذا؟ ويمكن نقول: صلاة العيدين، على القول بأنها فرض.\n
وصلاة موقتة أو مقيدة بسبب: كصلاة الجنازة؛ فإن صلاة الجنازة ليس لها وقت، لكنها مقيدة بسبب، وهي فرض، لكنها فرض كفاية كما هو معروف.\n
المهم أن صلاة النافلة يكفي فيها ستر العورة، أما الفريضة فقال المؤلف: (\n ومع أحد عاتقيه في الفرض). \n
العاتق: هو موضع الرداء من الرقبة، الرداء تحطه هكذا يكون الرداء موضعه بين الكتف والعُنق، هذا العاتق، ففي الفريضة لا بد أن تضيف إلى ستر العورة ستر أحد العاتقين الأيمن أو الأيسر، هذا في الفريضة، طيب الدليل؟\n
الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»، وفي لفظ: \n «لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ» \n بالتثنية \n «مِنْهُ شَيْءٌ». والتثنية لا تعارض المفرد؛ لأن المفرد مضاف، والمضاف يعم. فظاهر الحديث أنه لا بد من ستر العاتقين جميعًا.\n
وهذا الدليل أعم من المدلول؛ لأن الدليل يقول: \n «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ»، وهذا يشمل الفرض والنفل، فكوننا نستدل بالأعم على الأخص هذا نقص في العمل بالحديث أو بالنص. لماذا يكون نقصًا؟ لأنه إذا دل الحديث أو النص عمومًا على حُكم عام ثم قصرته على بعض أفراده؛ كان ذلك نقصًا في العمل به؛ إذ إن العام يجب -كما مر علينا في أصول الفقة- يجب أيش؟\n
\n طلبة: العمل بعمومه.\n
\n الشيخ: العمل بعمومه إلا بدليل. وهذه المسألة ليس فيها دليل، ولهذا نقول: إن الاستدلال بالحديث يجب أن يُعمَل به على سبيل العموم؛ لأن الحديث عام: \n «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ».\n
في كلام المؤلف الآن فرق بين الفرض والنفل، وهذا من الفروق بين الفرض والنفل، وهي تزيد على عشرين فرقًا، يعني صلاة الفريضة وصلاة النافلة بينها من الفروق أكثر من عشرين فرقًا، ولعلكم تتبعونها إن شاء الله تعالى. \n
على كل حال هذا أحد المواضع، فصار الحكم على المذهب: يجزئ في النافلة ستر العورة، وفي الفريضة يضاف إلى ستر العورة ستر أحد العاتقين. والدليل: \n «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ». وقلت لكم: إن هذا الدليل أعم من المدلول، فيكون العمل به إذا خصصناه ببعض أفراده يكون العمل به قاصرًا، كما أن الحديث \n «لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ»، والمؤلف يقول: (\n مع أحد عاتقيه)، ولو أخذنا بالدليل لقلنا بوجوب العاتقين جميعًا. وما ذهب إليه المؤلف هو المشهور من المذهب.\n
والقول الثاني: أن ستر العاتقين سنة وليس بواجب؛ لحديث: \n «إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ» \n . وهذا القول هو الراجح، ولكن كونه لا بد أن يكون على العاتقين شيء من الثوب هل هو من أجل أن العاتقين عورة، أو من أجل تمام اللباس وشد الإزار؟\n
\n طالب: الثاني.\n
\n الشيخ: لأنه إذا لم تشده على عاتقيك ربما ينسلخ ويسقط، فيكون ستر العاتقين هنا مرادًا لغيره، لا مرادًا لذاته.\n
المسألة محتملة، ولكن وجوب ستر العاتقين أو أحدهما على كلام المؤلف في النفس منه شيء، والصحيح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن ستر العاتقين أو أحدهما على سبيل الاستحباب.\n
ثم قال: (\n وصلاتها في درع وخمار ومِلحفة): (\n صلاتها) الضمير يعود على المرأة (\n في درع وخمار وملحفة) الدرع هو القميص السابغ اللي يصل إلى القدمين، هذا هو الدرع بالنسبة للمرأة. والخمار: ما يُلف على الرأس. والملحفة: ما يلف على الجسم كله؛ كالعباءة والجلباب وما أشبهها. فيسن للمرأة أن تصلي في هذه الثلاثة أثواب: درع، الثاني: خمار، ملحفة. ولم يذكروا السراويل، بل اقتصروا على هذا؛ لأن هذا هو الذي روي عن عمر وعائشة \n رضي الله عنها وأم سلمة \n \n أن المرأة تصلي في الدرع والخمار، هكذا نقل عن عائشة وأم سلمة، وذكر صاحب المغني أن عمر أيضًا كذلك قال: تصلي في هذه الثلاثة: \n الدرع والخمار والملحفة \n . لكن لو اقتصرت على الدرع والخمار أجزأ، لو اقتصرت عليهما أجزأ، إلا أنه لا بد من ستر اليدين بالقفازين، ولا بد أيضًا من ستر القدمين إما بالجوارب، وإما بأن يُجعل الدرع سابغًا، بناءً على القول بأنه لا بد من ستر الكفين والقدمين.\n
أما على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وصاحب \n الإنصاف فإنه لا يجب ستر الكفين والقدمين، وبناءً على ذلك يكفي إذا كان الدرع إلى الكعبين، وكذلك كان أكمامه إلى أيش؟\n
\n طالب: الرسغ.\n
\n الشيخ: إلى الرسغ، نعم.\n
قال: (\n صلاتها في درع وخمار وملحفة، ويجزئ ستر عورتها) يعني: يجزئ ستر عورتها ولو بثوب واحد، فلو تلففت المرأة بثوب يستر رأسها وكفيها وقدميها وبقية بدنها، ولا يخرج منه إلا الوجه؛ أجزأ، ولو لفت نفسها بثوب يخرج منه الكفان والقدمان مع الوجه أجزأ على القول بأن الكفين والقدمين ليسا مما يجب سترهما.\n
وهنا لم يفرق المؤلف في المرأة بين الفرض والنفل، وفرَّق في الرجل بناءً على الحديث الذي استدل به.\n
ثم قال: (\n ومن انكشف بعض عورته وفحش، أو صلى في ثوب محرَّم عليه، أو نجس؛ أعاد، لا من حُبس في محل النجس).\n
قال: (\n من انكشف بعض عورته وفحش): (انكشف) يعني: زال عنه الستر، وبعض العورة يشمل العورة السوءة وما قلنا: إنه عورة وإن لم يكن من السوءة.\n
وقوله: (\n فحش)، أي: غلظ وعظم، ولم يقيده المؤلف رحمه الله بشيء، يعني ما قال: قدر الدرهم، أو قدر الظفر، أو قدر جب الإبرة أو ما أشبه ذلك، ما قال هكذا، فإلى أي شيء نرجع؟ إلى العرف؛ لأن الشيء إذا لم يقيد بالشرع أحيل على العرف، وعليه قول الناظم:\n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَكُـــــــــــلُّ مَــــــــــــــــــــا أَتَى وَلَمْ يُحَـــــــــــدَّدِ

بِالشَّرْعِ كَالْحِرْزِ فَبِالْعُرْفِ احْدُدِ

\n
وعلى هذا فنقول: فحش عرفًا، إذا قال: والله هذا كبير نقول: هذا الذي يكون فاحشًا، إذا قالوا: هذا بسيط، يكون هذا بسيطًا لا يؤثر.\n
ثم إن الفحش يختلف باختلاف المنكشف، لو انكشف شيء من أسفل الفخذ مما يلي الركبة على قدر الظفر، وانكشف على السوءتين نفسيهما بقدر الظفر؛ لَعُدَّ الثاني فاحشًا، والأول غير فاحش.\n
فإذن يختلف باعتبار المكان الذي انكشف، واضح؟ وبناءً على ذلك يوجد بعض الناس يكون عليه بنطلون، ثم إذا سجد انكشف بعض الظهر من أعلى الظهر بعيدًا عن الدبر، فهل نقول: إن صلاته تبطل، أو نقول: هذا انكشاف يسير في العرف؟ \n
إذا كان يسيرًا في العرف يعني كخط الإصبع مثلًا، هذا يسير لا يضر، أما إذا كان السروال قصيرًا، ثم لما سجد وصل إلى حدّ يبين به ساق الدبر، فهذا فاحش ولّا لا؟ هذا فاحش.\n
إذن إذا انكشف وفحش فإنه تبطل الصلاة، ولكن ظاهر كلام الماتن: (\n ومن انكشف) أن هذا انكشاف بدون عمد، وأنه لو تعمد لم تصح الصلاة، سواء إن كان الانكشاف يسيرًا أو فاحشًا؛ لأن هناك فرقًا بين الانكشاف وبين الكشف. وعلى هذا فلو تعمد أن يكشف شيئًا من عورته ولو يسيرًا، ولو في زمن يسير، فإنه تبطل صلاته. فلو رفع سرواله ليحك ركبته، ورفع حتى بان آخر الفخذ، وقلنا بأن الفخذ كله عورة؛ بطلت صلاته؛ لأنه تعمد.\n
فإن فَحُش ولكن في زمن يسير، انكشف فاحشًا في زمن يسير ثم ستره؛ فظاهر كلام الماتن أن صلاته لا تصح، وهذا ليس بصحيح، بل نقول: إذا انكشف كثيرًا وستره بزمن يسير، فإن صلاته لا تبطل. \n
ويتصور ذلك فيما لو هبت ريح، هبت ريح وهو راكع وانكشف الثوب، ولكن في الحال أعاده، فظاهر كلام المؤلف أن الصلاة تبطل، والصحيح أنها لا تبطل هنا، لماذا؟ لأنه ستره عن قرب، ولم يتعمد هو الكشف، وقد قال الله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. فما دام هذا الشيء من غير فعله والزمن يسير ما هو كثير، من يوم كشفته الريح على طول غطاه المصلي، فهذا ليس عليه شيء، وصلاته صحيحة.\n
المهم نقول: هذه المسألة فيها المراتب الآتية:\n
أولًا: إذا كان عمدًا بطلت الصلاة، قليلًا كان أو كثيرًا، طال الزمن أم قصر.\n
ثانيًا: إذا كان غير عمد وكان يسيرًا، فالصلاة لا تبطل.\n
إذا كان غير عمد، وكان فاحشًا لكن الزمن قليل، ظاهر كلام المؤلف تبطل، والصحيح أنها لا تبطل.\n
انكشف عن غير عمد انكشافًا فاحشًا، وطال الزمن بأن لم يعلم إلا في آخر صلاته، أو بعد سلامه أيضًا، هذا لا تصح صلاته، ليش؟ لأنه فاحش وكثير، والزمن طويل.\n
افرض أن إنسان بعد أن سلم من صلاته، وهو صلى في إزار أو في سروال، وجد أن هناك فتحة تحاذي السوءة، فتحة كبيرة لكن ما أحس بها إلا بعد أن سلم، ماذا نقول؟\n
نقول: صلاته غير صحيحة، يعيد؛ لأن ستر العورة شرط من شروط الصلاة، والغالب عليه أنه مفرط، أما لو فرض أنه انشق الثوب في أثناء الصلاة، وهذا يقع كثيرًا، لاسيما في الثياب الضيقة، لما سجد انشق، ثم على طول لايمه وأمسكه بيده، فالصلاة أيش؟ صحيحة، ليش؟ لأنه وإن كان فاحشًا لكن الزمن قصير، وهو لم يتعمد. هذا هو التفصيل في مسألة الانكشاف، فهمتوها الآن زين؟ إذا كان عمدًا؟\n
\n طلبة: بطلت الصلاة.\n
\n الشيخ: مطلقًا، إذا كان غير عمد وفحش مع طول الزمن؟\n
\n طلبة: تبطل مطلقًا.\n
\n الشيخ: تبطل مطلقًا، إذا كان غير عمد وكان يسيرًا؟\n
\n طلبة: تصح الصلاة.\n
\n الشيخ: لم تبطل. إذا كان غير عمد وكان فاحشًا لكن الزمن قصير، فلا تبطل أيضًا.\n
إذن تبطل في صورتين ولا تبطل في صورتين.\n
ثم قال المؤلف: (\n أو صلى في ثوب محرم عليه؛ لم تصح صلاته)؛ لأنه سبق لنا أن من شروط الساتر أن يكون مباحًا، فإذا صلى في ثوب محرَّم عليه إما لكسبه، وإما لعينه، فصلاته غير صحيحة.\n
إما لكسبه مثل أن يكون مغصوبًا، أو مسروقًا، أو ما أشبه ذلك. هذا كسب.\n
لعينه: مثل أن يكون حريرًا على رجل، أو مصورًا على رجل أو امرأة؛ لأن الثوب اللي فيه الصور حرام لبسه، أو كان جلد خنزير، أو ما أشبه ذلك، فإن الصلاة لا تصح، مع أن جلد الخنزير فيه شيء آخر، وهو النجاسة.\n
لو اشترى في دراهم سرقها، اشترى بها ثوبًا، تصح ولّا ما تصح؟\n
\n طلبة: تصح.\n
\n طلبة آخرون: ما تصح.\n
\n الشيخ: هذا محرم لكسبه؟ أخطأتم.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: هو سرق دراهم من شخص، وراح وشرى ثوب، شرى الثوب فهل بهذه الدراهم..\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: خطأ أيضًا، إن قلتم: صحيح فهو خطأ، إن قلت: غير صحيح فهي خطأ.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: فصِّل، فيه تفاصيل لأن الثوب مفصل يمكن قصده!\n
التفصيل: إن وقع العقد على عين الدراهم؛ لم تصح الصلاة فيه، وإن وقع العقد على غير عين الدراهم، يعني: في ذمة المشتري، فالصلاة فيه صحيحة. شفتوا دقة الفقهاء رحمهم الله، يقول مثلًا: إذا جئت صاحب الثوب وقلت: بِع علي هذا الثوب بهذه الدراهم المسروقة، بهذه الدراهم، فإن الثوب لا تصح الصلاة فيه؛ لأنه العقد فاسد؛ لوقوعه على عين أيش؟ النقود المحرمة المسروقة، لكن لو قلت: بِع علي هذا الثوب بعشرة، وباعه عليك، ورحت، وراح المشتري وسرق دراهم وأوفى البايع: العقد صحيح مع أن ثمنه محرَّم.\n
\n طالب: الثوب محرم.\n
\n الشيخ: لا؛ لأن الثوب أنا ما عينت الدراهم؛ السبب أن إذا عينت صار غير صحيح؛ لأن وقوع العقد على عين الدراهم باطل ولّا لا؟ باطل، العقد على عين الدراهم باطل، إذن يكون العقد فاسدًا والثوب غير مملوك الآن، لكن إذا اشتريت الثوب في ذمتي ثبت الآن الثمن في ذمتي أنا، أليس كذلك؟ هذا الرجل المشتري اللي ثبت الثمن في ذمته ذهب وسرق دراهم وسلمها للبايع، نقول: العقد قد تم وانتهى ما فيه شيء، فعلى هذا نقول: إذا قال لك قائل: هل تصح الصلاة في ثوب ثمنه مسروق؟\n
\n طلبة: فيه تفصيل.\n
\n الشيخ: فيه تفصيل؛ إن وقع العقد على عين الثمن.\n
\n طلبة: لا تصح.\n
\n الشيخ: لا تصح؛ لأن العقد فاسد، وإن وقع في الذمة ونُقِدَ من الثمن المسروق.\n
\n طلبة: صحيح.\n
\n الشيخ: فالعقد صحيح، والصلاة في الثوب صحيحة، كذا ولّا لا؟ طيب انتبهوا للفرق. على كل حال إذا صلى في ثوب محرم عليه فالمؤلف يقول: إن الصلاة لا تصح، لماذا؟ \n
يقول: لأن الستر شرط من شروط الصلاة، ولُبس هذا الثوب محرم، ولا يمكن أن يَرِد وجوب وتحريم على عين واحدة؛ هذا الثوب الآن مثلًا مُحرم يلبسه للصلاة على سبيل الوجوب، ويحرُم لبسه لأنه محرم؛ لكسبه أو لعينه، يقول: الآن تصادم الوجوب ويش بعد؟ والتحريم، إذا تصادم فإن وجود المحرم كعدمه، فلا يكون قائمًا بالواجب عليه، وحينئذ يكون هذا الستر كالعدم؛ لأنه في ثوب منهي عن لبسه، وجعل هذا المنهي بدلًا عن المأمور، فاصطدم الأمر والنهي، فبطل الأمر وصار كأنه لم يأت بما أُمر به. أعرفتم الآن؟\n
إذن يكون ستره بهذا الثوب المحرم كالعدم شرعًا ولّا حسًّا؟\n
\n طلبة: شرعًا.\n
\n الشيخ: شرعًا، أما حسًّا فهو ساتر الآن، لكن شرعًا كالعدم؛ لأن هذا الثوب منهي عن لبسه، فكيف تستمر أنت فيه وتلبسه؟! أنت الآن مأمور بأن تخلعه، وأن تبعد عنه، فكيف تتقرب إلى الله بلُبسه وتكتفي به في شرط الصلاة. مفهوم ولّا لا؟\n
وهذا التعليل -كما عرفتم- تعليل قوي، ويؤيده الحديث الذي يروى \n عن الرسول عليه الصلاة والسلام في ثوب المسبل أنه أمره بإعادة الصلاة \n ، وهذا يدل على أنه من شرط الثوب الذي تُستَر به العورة أن يكون مباحًا.\n
وذهب بعض العلماء، بل كثير من أهل العلم إلى أن الصلاة في ثوب محرم عليه لا تبطل؛ لأن الستر حصل به، والجهة منفكة مختلفة؛ لأن تحريم لبس الثوب ليس من أجل الصلاة، ولكنه تحريم مطلق، لو قال الشارع مثلًا: لا تصل في هذا الثوب، قلنا: إن صليت في هذا الثوب بطلت صلاتك، ليش؟ لأنك إذا كان قال: لا تصل، ثم تصلي أنت بناء على قوله: صل في ثوب صار هناك تناقض وتعارض، أما والشارع لم ينهني عن الصلاة في هذا الثوب، وإنما نهاني عن لُبس الثوب مطلقًا في صلاة أو غيرها، فهذا لا يقتضي بطلان الصلاة؛ لأن الجهة منفكة؛ الأمر بلُبس الثوب في الصلاة \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] من أجل الصلاة، والنهي عن لبس الثوب المحرم، لا من أجل الصلاة، ولكن من أجل استعمال شيء لا يجوز لك استعماله.\n
ونحن نقول: هذا القول هو الراجح، إلا إذا ثبت الحديث، فإن ثبت الحديث تعيّن القول بموجبه، لكن الحديث كثير من أهل العلم ضعفه، وقال: لا تقوم به حجة، ولا يمكن أن نلزم الإنسان بإعادة صلاته بناءً على هذا الحديث.\n
طيب لو صلى في ثوب محرم عليه ومعه غيره؟ \n
فظاهر كلام المؤلف أن الصلاة لا تصح؛ لأنه قال: (\n صلى في ثوب محرم عليه)، ولم يقل: ستر بثوب محرم عليه. وعلى هذا؛ فلو كان عليه ثوب حرير وتحته ثوب قطن أو صوف، فصلاته غير صحيحة على كلام المؤلف.\n
وقيل: إن كان الثوب المحرم شعارًا، والمباح دثارًا، لم تصح، وإن كان العكس صحّت.\n
\n طالب: (...).
الشيخ: القول الثاني يقول: إن كان الثوب شعارًا، المحرم شعارًا، لم تصح، وإن كان دثارًا صح.
الشِّعار: الذي يلي الجسد، والدثار: الفوقاني، تقول: إذا كان شعارًا صار الستر به، حصل الستر به، وإذا كان دثارًا فالستر بالذي تحته، فيفرق بين هذا وهذا، وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق.
طالب: الراجح؟
الشيخ: الراجح مثلما قلته، أنه حتى لو كان ما عليه إلا ثوب واحد محرم فالصلاة صحيحة.
طالب: شيخ، طيب إذا اشترى بهذه الدراهم ما اشترى بهذه الدراهم ما وقع على عين الدراهم، ولكن الدراهم هي اللي سلمها ثمن، شو الحرام؟
الشيخ: الحرام تسليمه الثمن، لكن العقد صحيح.
الطالب: العقد كيف، صار مثل المغصوب؟
الشيخ: لا، ما هو مثل المغصوب، اشتريت منك مثلا ثوبًا بشرط (...) وانصرفت، ثم أخذته بغير حق وأعطيتك إياه، العقد صحيح ما فيه شيء.
الطالب: العقد صحيح لكن الدراهم هي اللي حرام.
الشيخ: الدراهم حرام ما فيه شك، لكن الثوب ما له دخل الآن، الثوب اشتري بعقد صحيح، ما فيه إشكال.
\n @سج ش=1381 \n

\nQAID=52# \n

\n \n طالب: ذكرتم أن الراجح أنه لا يجب (...)، واستدللنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن كان غير (...) لو قيل يا شيخ مثلًا قد يقول قائل: (...) فاتزر به، لعدم القدرة على (...) لو استدللنا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه صلّى في إزار من غير رداء، ما (...).\n
\n الشيخ: الرسول صلى بإزار بلا رداء؟ ما أدري، ما أعرف عن هذا.\n
\n الطالب: ذكرت هذا.\n
\n الشيخ: لا، إنه صلى في ثوب بدون إزار.\n
\n الطالب: والعكس؟\n
\n الشيخ: لا، ما ذكرت.\n
\n الطالب: (...)\n
\n الشيخ: لا أذكره (...) فليس بصحيح. عدِّل هذا..\n
\n طالب: يعني ما حصل هذا من النبي صلى الله عليه وسلم؟\n
\n الشيخ: لا أذكر. نعم الآن ذكرت حديث جابر.\n

\n الطالب: لو استدل به يا شيخ؟\n
\n الشيخ: نفس الشيء.\n
\n طالب: إن كان ضيقًا (...).\n

\n الشيخ: إي نعم، ما قال: لا تصل به، ولم يقل: إن كان ضيقًا فاطلب ما (...) لأنه لو كان واجبًا كان يجب عليه أن يطلبه.\n

\n طالب: لكن استدلالنا بحديث جابر، ألا يكون (...).\n
\n الشيخ: (...) قد يقول قائل: إنه الرسول ما عنده شيء.\n
\n طالب: الصحابي الذي كان يصلي وهو كان عمره ست سنوات.\n
\n الشيخ: إي عمرو بن سلمة.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: لأنه ما عنده شيء، وصار قصير الإزار، إذا صار قصير الإزار ثم سجد الإنسان تظهر العورة.\n
\n @سج ش=7763 \n

QAID=51#\nطالب \n

\n : إذا صلى الإنسان بثوب محرَّم لا يكون قد عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله؟\n
\n الشيخ: بلى.\n
\n الطالب: ما يكون رد؟\n
\n الشيخ: ويش اللي رد؟\n
\n الطالب: العمل؟\n
\n الشيخ: ويش هو العمل؟\n
\n الطالب: الصلاة يعني.\n
\n الشيخ: لا، الصلاة ما صليتها، ما نهانا الشارع عن الصلاة في الثوب، لو قال: لا تصل في الثوب الحرام صح؟\n
\n الطالب: لكن ويش المردود يعني اللبس نفسه؟\n
\n الشيخ: هذا اللي قلت، أنت الآن استدللت بالحديث أقول: وجه لي الاستدلال.\n
\n الطالب: (...) واضح أن الحديث من المردود العمل..\n
\n الشيخ: المردود الذي ليس عليه أمر الله ورسوله، وهو الصلاة، أما اللبس ما له حكم، لو كان اللبس له حكم شرعي فيقال: لبس صحيح ولبس فاسد، قلنا: إذا لبسه على وجه المحرم صار فاسدًا ولا يصح. \n

","SearchText":" قال المءلف: ( يجب بما لا يصف بشرتها ) ( بما ) (ما) هذه ويش؟ طالب: (...). الشيخ: لا تصح، اعراب اخر؟ طالب: ما يصح. الشيخ: ما يصح. طالب: تصح نكره موصوفه. الشيخ: تصح نكره موصوفه؛ فيقال: بثوب لا يصف بشرتها. طيب ( بشرتها ) الضمير قلنا: انه يعود الي العوره، طيب ما معني وصف البشره؟ طالب: الا يبين ما تحت الثوب. الشيخ: نعم، هل المراد بيان ظله، ولا المراد بيان لونه؟ طالب: بيان ظله. الشيخ: ظله، اي. طالب: بيان لونه. الشيخ: بيان لونه. الطالب: اذا كان ابيض او اسود. الشيخ: طيب، بيان اللون؛ يعني اللون يكون رهيفا (...) بحيث انك تشوف الجلد من وراءه، حتي لو كان مثلا اللباس اسود وضعته؛ لازم تشوف منها الجلد اللي تحته بلونه، اما مجرد الظل فهذا لا يشترط، ولهذا قلنا: لو كان علي الانسان ثوب تحت مثلا وشاف حد الثوب من الجلد فقط ولم يتبين لون الجلد فهذا ساتر. قوله: ( بثوب لا يصف بشرتها ) ذكرنا انه يشترط في هذا الثوب شروط: طالب: ما ذكرناه. الشيخ: ما ذكرناه طيب اذن سنذكرها الان. بثوب لا يصف البشره، يشترط لهذا الثوب الساتر: اولا: الا يصف البشره كما قال المءلف، الا يصف البشره فان وصفها لم يجزء؛ لان الستر لا يحصل بدون ذلك، وعلي هذا فلو لبس ثوبا من بلاستيك كالزجاج، هو يمنع وصول الماء ويمنع حتي الهواء ما يدخل، فانها لا تصح؛ لان ذلك لا (...) بل هو يصف البشره. يشترط ايضا: ان يكون طاهرا، يشترط ان يكون طاهرا، فان كان نجسا فانه لا يصح ان يصلي به، ولو صلي به لم تصح صلاته، لا لعدم الستر، ولكن لانه لا يجوز حمل النجس في الصلاه، الدليل؟ قالوا: الدليل: قوله تعالي: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤]، ثيابك (ثياب) مفعول مقدم لـ (طهر) ، يعني طهر ثيابك، وهو ظاهر في ان المراد ثياب اللباس. وقال بعض اهل العلم: {ثيابك فطهر} يعني: عملك طهره من الشرك؛ لان العمل لباس كما قال تعالي: {ولباس التقوي ذلك خير} [الاعراف: ٢٦]، فيكون المعني تنقيه العمل من الشرك، ولهذا قال بعدها: {والرجز فاهجر} [المدثر: ٥]، فنقول: الايه تحتمل هذا وهذا، ولا يمتنع ان تحمل علي المعنيين؛ لانهما لا يتنافيان، وكل معنيين يحتملهما اللفظ القراني او اللفظ النبوي، ولا يتنافيان، فانهما مرادان باللفظ. فيه ايضا دليل اخر وهو: ان النبي صلي الله عليه وسلم اتي اليه بصبي لم ياكل الطعام؛ فاجلسه في حجره - النبي عليه الصلاه والسلام - فبال الصبي في حجره، فدعا بماء فاتبعه اياه ، وهذا يدل علي انه لا بد ان يكون الثوب طاهرا، ولهذا بادر النبي عليه الصلاه والسلام بذلك. دليل ثالث: ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم باصحابه فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سالهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رايناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «ان جبريل اتاني فاخبرني ان فيهما اذي» ، وهذا يدل علي وجوب التنزه مما فيه النجاسه. دليل رابع: ان امكن ان نحمله حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ان النبي صلي الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، وقال: «ان احدهما كان لا يستنزه من البول» ، هذا فيه شيء من النظر والمناقشه. دليل خامس: ان الله قال: {وطهر بيتي للطاءفين والقاءمين والركع السجود} [الحج: ٢٦]، قالوا: فاذا امر الله تعالي بتطهير المحل، وهو منفصل عن المصلي، فما بالك باللباس الذي هو متصل به، يكون الامر بتطهيره من باب اولي. طالب: (...). الشيخ: ايتان. اذن نقول: فيه ادله من القران والسنه ودليل من النظر وهو الاخير القياس، علي انه لا بد ان يكون الثوب المصلي به طاهرا. الشرط الثالث: ان يكون مباحا، يعني: ليس بمحرم، والمحرم نوعان: محرم لذاته، ومحرم لكسبه، والمحرم لذاته: محرم لعينه، ومحرم لوصفه، فهذه ثلاثه اقسام: محرم لعينه، محرم لوصفه، محرم لكسبه. المحرم لعينه كالحرير للرجل، فهذا حرام علي الرجال، فلو صلي الرجل بثوب حرير، فصلاته بناء علي هذا الشرط باطله؛ لانه ستر عورته بثوب غير ماذون فيه، ومن عمل عملا ليس عليه امر الله ورسوله فهو رد. المحرم لوصفه: كالثوب المسبل فيه، اللي فيه اسبال، فهذا رجل عليه ثوب مباح من قطن، ولكنه نزله الي اسفل، فنقول: هذا محرم ليش؟ لوصفه؛ فلا تصح الصلاه فيه؛ لانه غير ماذون فيه، وهو عاص بلبسه، فيبطل حكمه شرعا، و «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» . المحرم لكسبه: ان يكون مغصوبا، او مسروقا، مثل: رجل سرق ثوب انسان وصلي فيه، نقول: الصلاه هنا غير صحيحه؛ لانك سترت عورتك بثوب محرم عليك، فلا تصح صلاتك. فصار اذن شروط الثوب الذي يتخذ ستره في الصلاه شروطه ثلاثه: اولا: الا يصف البشره؛ لان ما يصفها لا يحصل به الستر. الثاني: ان يكون طاهرا. والثالث: ان يكون مباحا. اما الشرطان الاولان فواضحان، وادلتهما ظاهره. اما الثالث فمحل خلاف بين العلماء، فان من اهل العلم من يقول: ان الستر يحصل بالثوب المحرم، وهنا جهه النهي والامر مختلفه؛ لان المحرم في هذا الثوب ليس لبسه في الصلاه حتي نقول: انه يعارض الامر بلبسه في الصلاه. انتبهوا للقاعده: المحرم لبس هذا الثوب مطلقا، وعلي هذا فيكون مورد النهي غير مورد الامر، اليس كذلك، ولا ما هو بواضح؟ يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصلاه، ثم لبسته، حينءذ لا تصح صلاتك؛ لان مورد الامر والنهي واحد، الامر اتخاذ اللباس او الزينه، والنهي عن لبس الحرير في الصلاه، لو كان الامر كذلك لقلنا: ان الصلاه لا تصح لتعارض الامر والنهي، لكن النهي خارج عن الصلاه، لا تلبس الحرير مطلقا، وهذا الرجل لبسه، فهو اثم بلبسه لا شك، لكنه ليس علي وجه يختص بالصلاه حتي نقول: انه ينافيها. وعلي هذا، فاذا صلي بثوب محرم فصلاته صحيحه، لكنه اثم؛ لانه متلبس بثوب محرم. هل يشترط الا يضره اللباس، يشترط الا يضره؟ نعم؛ يشترط الا يضره، افرض ان الثوب فيه مسامير او خصاف، هل نلزمه بان يلبس هذا الذي ياكل جلده او يدميه؟ الجواب: لا؛ لان الله تعالي لم يوجب علي عباده ما يشق عليهم، ثم هو في اثناء صلاته هل يمكن ان يطمءن في صلاته؟ ابدا ما يمكن يطمءن، كيف يمطمءن وهذا شاب عليه، لهذا يشترط الا يضره. لو فرض ان في جلده حساسيه، لا يمكن ان يقبل اي ثوب، ولو انه لبس ثوبا لكان ما يصلي الا صلاه يكون فيها مشغولا جدا؟ فالجواب انه يقال: ان الحرير يخفف هذه الحساسيه، وان الانسان اذا كان في جسده حساسيه ولبس الحرير، فانه يبرد عليه، حتي الحساسيه تبرد عليه ما دام عليه هذا الثوب، وحينءذ نقول: اختر لنفسك ثوبا من حرير، اذا تمكنت، واذا لم تتمكن فصل علي حسب الحال. يقول المءلف: ( فيجب ما يصف بشرتها ) وذكرنا الشروط اربعه الان. طالب: الراجح؟ الشيخ: نعم ايهم راجح؟ الطالب: الموضوع الاخير. الشيخ: الاخير انه ما يلزمه، اما بالنسبه للمحرم عليه فالراجح انها تصح الصلاه، تصح مع الاثم باللبس . ثم بدا المءلف يفصل العوره، ونحن نقول: ان العوره علي المذهب تنقسم الي ثلاثه اقسام: مخففه ومغلظه ومتوسطه. العوره في الصلاه علي المشهور من مذهب الحنابله تنقسم الي ثلاثه اقسام: مغلظه ومخففه ومتوسطه، فنبدا بالمغلظه ثم المخففه، ثم نقول: ما عدا ذلك متوسطه. نبدا بالمخففه؛ المخففه: عوره الذكر من سبع الي عشر سنوات، وهي الفرجان فقط، يعني اذا ستر قبله ودبره فقد اجزاه الستر، وان كانت افخاده باديه، طيب هذا من؟ طلبه: من سبع الي عشر سنوات. الشيخ: هذا الذكر من سبع الي عشر سنوات، وهذا اخف العورات. المغلظه: عوره الحره البالغه، كلها عوره الا وجهها، فانه ليس بعوره في الصلاه، وان كان عوره في النظر، ونحن نضطر الي ان نعبر بكلمه عوره ولو كنا في باب ستر ما يجب ستره في الصلاه؛ تبعا للمءلف، نقول: الحره البالغه كلها عوره الا وجهها، حتي لو صلت في بيتها وليس عندها احد يجب ان تستر كل شيء الا وجهها. المتوسطه: ما سوي ذلك، ما سوي ذلك فهي متوسطه، وحدها ما بين السره والركبه، حد العوره ما بين السره والركبه، هذه المتوسطه، يدخل فيها الرجل من عشر سنوات فصاعدا، والحره دون البلوغ، والامه ولو بالغه. ولا لا؟ قال المءلف: ( وعوره رجل ) يقول في اخر الكلام: ( من السره الي الركبه ). هذا الرجل من عشر سنوات فما فوق، هذا من السره الي الركبه. طيب هذا واحد، ثانيا: ( وعوره امه من السره الي الركبه )، فلو صلت الامه مكشوفه البدن ما عدا ما بين السره والركبه، فصلاتها صحيحه، واذا كان ليس عندها الا سيدها فلها ان تفعل ذلك؛ لان سيدها ينظر منها ما شاء {والذين هم لفروجهم حافظون (٥) الا علي ازواجهم او ما ملكت ايمانهم} [المءمنون: ٥، ٦]. واذا كان عندها امراه؟ طالب: تصلي كذلك. الشيخ: كذلك، ولكن في باب النظر هذه عورتها ايضا -عوره الامه- ما بين السره والركبه، ولكن شيخ الاسلام رحمه الله في باب النظر عارض هذه المساله، كما عارض ابن حزم هذه المساله في باب النظر وفي باب الصلاه، وقال: ان الامه كالحره؛ الطبيعه واحده والخلقه واحده، والرق وصف عارض خارج عن حقيقتها وماهيتها، واتوا لنا بدليل يدل علي التفريق وعلي العين والراس، واما ان تفرقوا بدون دليل مع ان الطبيعه واحده، كل شيء واحد، فهذا لا يمكن. في باب النظر قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله: ان الاماء في عهد الرسول عليه الصلاه والسلام، وان كن لا يحتجبن كما يحتجب الحراءر؛ لان الفتنه بهن اقل، فهن يشبهن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا قال الله فيهن: {ليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينه } [النور: ٦٠]، يقول: اما الاماء التركيات الحسان الوجوه، فهذا لا يمكن ابدا ان تكون كالاماء في عهد الرسول عليه الصلاه والسلام، ويجب عليها ان تستر كل بدنها عن النظر، في باب النظر. وعلل ذلك بتعليل حقيقي مقبول، قال: لان المقصود من الحجاب هو ستر ما تخاف به الفتنه، بخلاف الصلاه، ولهذا يجب علي الانسان ان يستر في الصلاه (...) احد، حتي لو كان خاليا في مكان ما يطلع عليه الا الله، يجب عليه الستر، لكن في باب النظر انما يجب حيث ينظر الناس. قال: فالعله في هذا غير العله في هذا، العله في النظر ما هي؟ طلبه: خوف الفتنه. الشيخ: خوف الفتنه، ولا فرق في هذا بين النساء الحراءر والنساء الاماء. وما قاله صحيح بلا شك، وهو الذي يجب المصير اليه. هذي الامه، ( وام ولد ) ام الولد: هي الامه التي اتت من سيدها بولد، تسمي ام ولد، وهل هي حره او رقيقه؟ هي رقيقه حتي يموت سيدها، فاذا مات سيدها عتقت بموته، فاذا اولد السيد امته فهي رقيقه، حكمها في (...) حكم من؟ حكم الرقيقه، حكم الامه، يعني عورتها من السره الي الركبه. ( ومعتق بعضها ) يعني نصفها حر ونصفها رقيق. تصور هذا؟ طالب: المكاتب. الشيخ: لا، المكاتب ما هو معتق بعضه. طالب: اثناء المكاتبه. الشيخ: ولا اثناء المكاتبه؛ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. طلبه: (...). الشيخ: نشوف الشركه، رقيق بين رجلين، مملوك لهما، هو حر ولا رقيق؟ طلبه: رقيق. الشيخ: رقيق، وين معتق بعضه؟ اعتق احدهما نصيبه، اذا اعتق احدهما نصيبه عتق الباقي، واخذ من السيد المعتق قيمته للمالك؛ لمالك النصف. اذن لم يكن معتقا بعضه لكن نقول: يمكن، اذا كان الذي اعتق نصيبه فقيرا فان المشهور من المذهب انه لا يعتق الباقي، وعللوا ذلك بانه لو سري العتق الي الباقي تضرر الشريك، كيف يتضرر الشريك؟ معناه انه خرج من ملكه بدون عوض. وايضا المعسر هذا لا يمكن ان نوجب عليه العتق وهو معسر؛ لانه معسر، لو كان كفاره ما اوجبناها عليه فكيف وهو سريان؟ فهذا الفقير لا يمكن ان نسري عليه العتق؛ لانه فقير، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها، ولو قال قاءل: لماذا لا يسري ويبقي دينا في ذمته؟ قلنا: في هذا ضرر علي مالك النصف وعلي الفقير ايضا؛ ان تكون ذمته مشغوله، ولكن هناك قول اخر في المساله، يقول: يستسعي العبد، ويش معني يستسعي؟ يقال له: اعمل لتحرر نفسك، فاذا كان العبد لا يستطيع ان يعمل؛ حينءذ يتصور ان يكون معتقا بعضه. وهناك صور اخري لكن المهم انه اذا وجد رقيق بعضه حر فانه في هذه الحال لا يعطي حكم الحر، وانما يعطي حكم الرقيق. فان قال قاءل: لماذا لا تعطونه حكم الحر تغليبا لجانب الحظر، واحتياطا للواجب؟ فما الجواب؟ الجواب: لان الشرط لم يتحقق، فالمساله هنا ليست وجود مانع، بل هي فوات شرط، والشرط هو الحريه الكامله، وهنا ليس هناك حريه كامله، فالشرط لم يتم، وليس وجود مانع، بل فوات شرط، ولا بد من استتمام الشروط. ولهذا قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» . اذن نقول: المعتق بعضه حكمه ايش؟ حكم الرقيق، ان كان ذكرا او كان انثي، وعلي هذا فالمراه المعتق بعضها كايش؟ كالامه الخالصه. قال: ( من السره الي الركبه )، العباره هذي تخرج السره لا شك، لكن هل تدخل الركبه؟ طلبه: (...). الشيخ: مر علينا في باب الاقراض ما بين درهم الي عشره، كم يلزم؟ علي المذهب تسعه، المذهب تسعه فيدخلون ما بعد ( الي )؛ لانهم يقولون: الغايه خارجه اذا وجد ابتداء الغايه، يعني اذا وجدت من الي، اما اذا لم يوجد فالغايه خارجه، فهنا ما بين السره الي الركبه. طالب: (...). الشيخ: خارجه، الركبه خارجه، مو علي المذهب، علي كلام المءلف، علي القاعده. الطالب: (من) يا شيخ. الشيخ: لا اي، احسنتم اي، طيب انا احسب يقول: ما بين السره، طيب ( من السره الي الركبه )، اذن السره غير داخله؛ لانها خارج الغايه، الركبه داخله علي كلام المءلف، وهذا احد القولين في المساله؛ ان الركبه من العوره، وعلي هذا فيجب ان يكون الستر نازلا عن الركبه. والقول الثاني: ان السره والركبه داخلان، فيجب ستر السره وستر الركبه. والثالث -وهو المشهور من المذهب- ان السره والركبه لا يدخلان، وعلي هذا فالعباره التي تخرجهما ان يقال: ما بين السره والركبه من اجل ان تخرج السره والركبه، وهو كذلك، ولكن يري بعض العلماء ان الفخذ ليس بعوره، ولكن يمكن ما (...) نناقش فيه. طالب: قول الشيخ: العوره المغلظه للمراه الحره كلها عوره الا وجهها، فهل يدخل القدمان؟ الشيخ: ما وصلناه في كتاب المءلف. طالب: (...). الشيخ: اي لانه يمكن التبعض، (...) يمكن التبعض، هذا ما يمكن التبعض، ما يمكن، نقول: النصف لا. طالب: قول ابن حزم في الصلاه الامه ان عوره.. الشيخ: كالحره. سياتينا ان شاء الله في باب الحره نشوف الموضوع. طالب: اذا راي الماموم الامام قبل الصلاه وفي ثوبه نجاسه دخل في الصلاه ونسي يذكره قبل الصلاه؟ الشيخ: بقي ناسيا حتي تمت الصلاه، ما عليه شيء لا هو ولا الامام. *** طالب: الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله: وعوره رجل وامه وام ولد ومعتق بعضها من السره الي الركبه، وكل الحره عوره الا وجهها، ويستحب صلاته في ثوبين، ويكفي ستر عورته في النفل، ومع احد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في درع وخمار وملحفه، ويجزء ستر عورتها. ومن انكشف بعض عورته وفحش.. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان من شروط الصلاه لبس الثياب، وان هذا التعبير اولي من التعبير بستر العوره؛ لاختلاف الحكم بين ستر العوره وبين لبس الثياب، ولهذا البخاري بوب علي ذلك بقوله: باب وجوب الثياب، او قال: لبس الثياب في الصلاه، ثم استدل بالايه: {يابني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]. وسبق لنا ان الناس ينقسمون فيما يجب ستره في الصلاه الي ثلاثه اقسام، ويقال عند الفقهاء: ان العورات ثلاثه اقسام؟ طالب: مغلظه ومخففه وبينهما. الشيخ: اي نعم، ومتوسطه. طالب: المغلظه المراه كلها عوره. الشيخ: الحره البالغه، والمخففه؟ الطالب: والمخففه ما بين السره الي.. الشيخ: عوره من؟ الطالب: عوره الصبي.. الشيخ: الذكر.. الطالب: اي. الشيخ: من؟ الطالب: من السبعه.. الشيخ: الي عشره. طيب، الفرجان؟ الطالب: والباقي (...). الشيخ: احسنت، يدخل في المتوسط من؟ طالب: الرجل. الشيخ: الرجل من الي؟ الطالب: من السره الي الركبه. الشيخ: سنه؟ الطالب: من العاشره. الشيخ: نعم، من العاشره فما فوق، كذا؟ ومن؟ طالب: من العشر ايضا العبد؟ الشيخ: كلمه رجل يشمل الحر والعبد. الطالب: الامه. الشيخ: الامه الانثي الامه كالرجل ما بين السره والركبه. طيب، ومن؟ طالب: المراهقه. الشيخ: يعني الصغيره الحره الصغيره التي لم تبلغ، صح. طالب: (...). الشيخ: لا. الطالب: متوسطه. الشيخ: اي متوسطه، الرجل والامه والحره غير البالغه. طالب: المعتق بعضها. الشيخ: المعتق بعضها. الطالب: (...). الشيخ: لا ما هي الحرمه. طالب: ام ولد. الشيخ: ام الولد، هل تعرف من هي ام الولد؟ الطالب: هي التي تنجب من سيدها، العبده التي تنجب من سيدها. الشيخ: الامه التي تنجب من سيدها، احسنت. طيب، هل السره والركبه داخلتان؟ طالب: علي كلام المءلف الركبه داخله والسره خارجه؛ علي كلام المءلف الركبه من العوره والسره ليست من العوره. الشيخ: كيف قال؟ الطالب: ( من السره الي الركبه ). الشيخ: هو يقول كذا؟ ( من السره الي الركبه ). ويش اللي داخل؟ الطالب: الركبه داخله والسره خارجه. الشيخ: بناء علي ايش؟ فهمت من كلام المءلف هذا بناء علي ايش؟ الطالب: قاعده لغويه. الشيخ: ما هي؟ ما القاعده اللغويه؟ الطالب: من الي: الابتداء غير داخل والغايه داخله. العكس. طالب اخر: بالعكس؟ الشيخ: علي هذه القاعده ما الذي يكون داخلا في كلام المءلف؟ السره ام الركبه؟ طالب: السره ابتداء الغايه داخله، واما النهايه فلا تدخل. الشيخ: وهذا احد الاقوال، والقول الثاني؟ طالب: الدرس هنا (...).. الشيخ: لا الدرس لاني قلت لكم: ما بين السره (...) المءلف من السره. فيه قول ثان: ان السره والركبه من العوره، وقول ثالث وهو المذهب: ليستا من العوره. طيب الخلاف في هذا بسيط. طالب: ما هو العكس (...). الشيخ: العكس اللي حصل ان قلنا: الركبه داخله، والسره غير داخله. الطالب: اي نعم والان؟ الشيخ: نقول: السره داخله والركبه غير داخله. طالب: وهذا الصواب؟ الشيخ: هذا علي كلام المءلف، نحن شرحنا علي ان عباره المءلف ما بين السره والركبه. *** قال المءلف رحمه الله: ( وكل الحره عوره الا وجهها ). كل الحره عوره، يعني في الصلاه الا وجهها فليس بعوره، وليس هناك دليل واضح علي هذه المساله، ولهذا ذهب شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله الي ان الحره عوره الا ما يبدو منها في بيتها، وهو الوجه والكفان والقدمان، وقال: ان النساء في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم كن في البيوت يلبسن القمص ، وليس لكل امراه ثوبان، ولهذا اذا اصاب دم الحيض ثوبا غسلته وصلت فيه، فتكون القدمان والكفان غير داخلات في العوره في الصلاه، لا في النظر. وبناء علي انه ليس هناك دليل تطمءن اليه النفس في هذه المساله، فانا اقلد شيخ الاسلام في هذه المساله، واقول: ان هذا هو الظاهر ان لم نجزم به؛ لان المراه حتي لو كان لها ثوب يضرب علي الارض، فانها اذا سجدت سوف يظهر باطن قدمها ولا بد، وعلي كلام المءلف لا بد ان يكون الثوب ساترا لباطن القدمين وظاهرهما، وكذلك الكفان، لا يبقي الا الوجه، والوجه حده كحد الوجه في الوضوء تماما، يعني من منحني الجبهه من فوق الي اسفل اللحيه من اسفل، ومن الاذن الي الاذن، وعلي هذا فيجب عليها ان تتحفظ بالنسبه لشعر الراس الا يخرج؛ بناء علي انه ما دام متصلا فله حكم المتصل. وقد مر علينا في قواعد ابن رجب اظن في القاعده الثانيه: ان المذهب في هذا مختلف، فمنهم من يقول: ان الشعر في حكم المنفصل، ومنهم من يقول: في حكم المتصل. علي كل حال الان نفهم المذهب تماما، فصار المذهب العوره ثلاثه اقسام: الحره والبالغه كلها عوره، حتي يداها وقدماها. وابن سبع الي عشر الفرجان فقط، يعني الذكر من سبع سنين الي عشر عورته الفرجان فقط. وما سوي ذلك ما بين السره والركبه. وعن الامام احمد رحمه الله روايه: ان عوره الرجل الفرجان فقط، ان عوره الرجل الفرجان. وظاهر النقل انه لا فرق بين الصلاه والنظر، وان الروايه هذه ثابته حتي في الصلاه، وانه يمكن للرجل ان يصلي وهو لم يستر الا السوءتين فقط، ولكن شيخ الاسلام رحمه الله ابي ذلك وقال: اما في الصلاه فلا ينبغي ان يكون خلاف في ان الواجب ستر الفخذين، اما في النظر فالنظر شيء اخر، وهذا الذي ذكره هو القول الراجح المتعين. ولهذا كان الصحابه رضي الله عنهم اذا كانت عليهم ازر قصيره يعقدونها علي مناكبهم حتي لا تنزل، وهذا يدل علي انهم يرون ان الصلاه لا بد فيها من ستر ما بين السره والركبه، حتي وان قلنا: ان الفخذ ليس بعوره. وقال شيخ الاسلام: لا ينبغي ان يكون في هذا خلاف؛ في مساله الصلاه. وما قاله رحمه الله فهو صحيح، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «ان كان ضيقا فاتزر به» ، وقال: «لا يصلي احدكم في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شيء» . فالصلاه ليست مبنيه لا طردا ولا عكسا علي مساله النظر، ولذلك تجد ان الرجل لو خلا بامراته جاز ان ينظر الي جميع بدنها، وان تنظر الي جميع بدنه، اليس كذلك؟ لكن لو صلت بحضرته فقط يجب عليها الستر، وكذلك لو صلي هو ايضا يجب عليه الستر. فالستر في الصلاه ليس مبنيا علي العوره في النظر. وبناء علي ذلك فنقول: الفخذان في الصلاه لا بد من سترهما؛ لان هذا ادني ما يقال: انه زينه، والله يقول: {يا بني ادم خذوا زينتكم} [الاعراف: ٣١]. واما في النظر، فالنظر ما كان محاذيا للسوءتين، فله حكمهما، يعني اعلي الفخذ العالي مره له حكمهما، واما ما فوق ذلك ما فوق السوءتين، وما دون ما يحاذيهما من الفخذ، فان الذي يظهر من النصوص انها ليست بعوره من حيث النظر؛ لانه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان قد حسر عن فخذه ، وهو عليه الصلاه والسلام اشد الناس حياء، لكن بالنسبه للشباب اري انه لا بد ان يستر الشاب فخذه كله وما دون السره، لماذا؟ خوفا من الفتنه، ولا تقل: انه لا فتنه لان الانسان لن يفتتن بذكر مثله، نقول: ان هذا القول ليس بصواب، خلاف الواقع، فان من الناس من يفتتن بالشاب، ولو كان ذكرا، ومن الناس من لا يهتم به، وكانما ينظر الي احد من اولاده، لا يمكن ان يتمتع بالنظر اليه ولا يهتم به اطلاقا، ومن الناس من حكي الله عنهم انهم ياتون الرجال شهوه ويدعون ما خلق الله لهم من ازواجهم، يترك امراته ولو كانت من اجمل النساء ليذهب الي محل القذر والاذي -والعياذ بالله- فياتي الرجل منه. علي كل حال انا اري انه يجب ان يستر بالنسبه للشباب ما بين السره والركبه ولا بد، وان قلنا: انه ليس بعوره، لكن لخوف الفتنه، حتي ان بعض العلماء واظن منهم النووي وشيخ الاسلام شروط، يقول: يجب علي الشاب ان يحتجب كما تحتجب المراه، وهذا علي كل حال فيه تشتيت، لكن شيخ الاسلام يقول: يحرم النظر اليه اذا تمتع الانسان بالنظر اليه او تلذذ، اذا تمتع او تلذذ فانه يحرم عليه النظر؛ لان هذا شر، وكم نظره كما قال الامام احمد، كم نظره اوقعت في قلب صاحبها البلابل. يعني الامور اللي تبلبله وتبهدله، وهذا صحيح. طيب اذن لنا نظران بالنسبه للعوره: النظر الاول: عوره الصلاه ان صح ان نسميها عوره. النظر الثاني: عوره النظر، ما هو المقصود منها؟ المقصود منها: سد ذراءع الفتنه، هذا المقصود، سد ذراءع الفتنه. ولهذا يجب ان يستر ما لا يجب ستره في الصلاه؛ كالوجه مثلا، علي القول الراجح من اقوال اهل العلم، وممن اختار وجوب ستر الوجه شيخ الاسلام ابن تيميه، وكذلك يري وجوب ستر القدمين والكفين بالنسبه للنظر؛ بناء علي ان العله الافتتان، وانه انما وجب الستر درءا لهذه الفتنه. اما بالنسبه للصلاه فالمقصود اخذ الزينه، وان يكون علي الانسان ثياب، وهذا يختلف. *** يقول المءلف رحمه الله: ( وتستحب صلاته في ثوبين ). طالب: (...). الشيخ: ما يخالف، يجوز الوجهان؟ لان صلاه مءنث مجازي ولا حقيقي؟ طالب: مجازي. الشيخ: مجازي، وابن مالك يقول في التاء: وانمـــــا تلزم فعـــل مضمر متصل او مفهم ذات حر اي: ذات فرج. يعني: ما تلزم التاء الا في الضمير، نعم، او في المءنث الحقيقي. ( تستحب صلاته في ثوبين )، يعني ينبغي للانسان ان يصلي في ثوبين؛ لانهما استر، ومن الثوبين: الازار والرداء. والثوب الواحد اما ان يكون رداء سابغا يلتحف به، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه صلي في ثوب واحد ملتحفا به ، واما ان يكون ازارا، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه صلي به، كما قال ذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنهما . فعلي كل حال نقول: الثوب الواحد مجزء، سواء كان ثوبا سابغا يلتحف به جميع بدنه او كان ازارا، وقد مر علينا ان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما صلي في ازار ورداءه علي المشجب، فذكره رجل بذلك، فقال: فعلت هذا ليراه احمق مثلك. احمق يعني: جاهل، ما هو بالاحمق سيء التصرف؛ لان الاحمق هو الذي يرتكب الخطا عن عمد، هذا الاحمق، والجاهل الذي يرتكبه عن جهل وعدم عمد. المهم مراد جابر رضي الله عنه بالاحمق مراده: الجاهل؛ لانه ورد في لفظ اخر: ليراه الجاهلون. علي كل حال كان رداءه علي المشجب، وكان قادرا علي ان يصلي بالرداء مع الازار، والمشجب ما هو؟ طالب: (...) يعلق عليه. الشيخ: المشجب: القناره. طلبه: (...). الشيخ: حتي القناره ما تعرف! ما هو هذا حد لفظي؟ ثلاثه اعواد تقرن رءوسها، ويفتح ما بينها وتثبت علي الارض. طلبه: (...). الشيخ: يستعملون هادول اللي يقيسون الارض اظن. طلبه: (...) الميزان. الشيخ: حق الميزان، اي نعم. المهم علي كل حال انه قد ثبت جواز الاقتصار علي ثوب واحد، لكن الافضل في ثوبين؛ لانه اقرب الي الستر واحوط. طالب: الفرق يا شيخ بين نظره التلذذ والشهوه؟ الشيخ: التمتع يعني، التلذذ والشهوه واحد، التمتع غير يعني ينظر اليه ما هو قصده شهوه النكاح، لكن يتمتع، يعجبه ويسره، يتمتع بالنظر اليه. الطالب: ممكن (...). الشيخ: لا. الطالب: الانسان اذا نظر للوجه الجميل ما يبغي ينظر للوجه القبيح؟ الشيخ: لا والله مو هو علي كل حال، الانسان اللي ما يلتفت للامور ما يهمه، لكن لاحظ اللي بيتمتع يكون كالذي ياكل التفاح (...) ينظر، نعم، فرق بين الانسان يقول: والله انا اذا شفت الوجه الجميل يعني ما اخشي منه، مثلا ما اقشعر منه وما اشبه ذلك، لكن ما يتمتع بالنظر اليه، التمتع انه يبقي ينظر اليه يتمتع بهذا الشيء، نقول: اصبر الي ان تزوج ان كنت ما تزوجت وتمتع بالنظر الي زوجتك. طالب: المقصود الخشيه يعني علي النفس؟ الشيخ: اي الخشيه علي النفس، وايضا هذا ما يحل لك انك تتمتع اليه، ما هو بمحل استمتاع لك، ما هو محل استمتاع، لكن بعض الصوفيه يقول: انا ما انظر اليه علشانه، لكن انظر اليه واقول: سبحان الذي خلق هذا الوجه، ما ينظر للثاني القبيح ويقول: سبحان الذي خلق هذا الوجه. طالب: شيخ (...). الشيخ: هذا بناء علي المشهور من المذهب؛ لان النساء الان لا يفتين الا بالمشهور من المذهب، فلهذا لابد من ثوب يستر واسع كبير وينزل عشان عند السجود تتغطي قدماها. طالب: الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله قال: ان السجود علي شيء غير متصل بالبدن مكروه. الشيخ: لا. الطالب: المتصل بال (...) مكروه. الشيخ: اي نعم. الطالب: بعض النساء يعني واضح ان شعر المراه عوره. الشيخ: نعم. الطالب: لو (...) احيانا بعض النساء يعني يتحرزن والخمار ينزل لمنتصف الجبهه تسجد عليه. الشيخ: والله علي كل حال يسمح لها بالشيء الذي لا بد منه بس. الطالب: يعني تطيل بقدر ان.. الشيخ: بقدر ما انه يحصل تمام الستر. طالب: شيخ، جزاك الله خيرا، مر علينا في المذهب ان العوره ثلاثه اقسام: مخففه، ومتوسطه، ومغلظه، ما ادري ما هو الدليل علي هذا التقسيم، وهل هو مسلم؟ الشيخ: (...) ان هذه مساءل ما فيها دليل واضح، ما فيها دليل واضح ابدا. الطالب: (...). الشيخ: الشيء اللي ما عندنا فيه دليل يعني نقلدهم فيه، ما عندنا ويش نسوي مثل العامه احنا في هذه المسالك. طالب: شيخ، نفتي علي حسب المذهب. الشيخ: نفتي الاحوط ما دام الامر في الامكان، لكن لو جاءت تسالنا عنه بعد ان فعلته ما نقدر نقول: لا والله صلاتك بطلت لازم تعيدينها مثلا او الرجل نقول: صلاتك بطلت لازم تعيدها . طالب: شيخ، ثبت في صحيح مسلم ان جابرا رضي الله عنه كان يصلي ومعه شيء مثل المشجب حتي كانت ضيقه قليلا ، وكان يلبسها يعني ما كان تارك، اذن يعني ما نقول: انه افترش اللي ايش اسمه هذا، صلي بدون شيء. الشيخ: لا هذي قضيه ثانيه. الطالب: نفسها يا شيخ (...) وهو علي المشجب فقال في نفس الروايه: هل يراني احمق. الشيخ: هذه القضيه الثانيه. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاه والسلام علي سيد المرسلين، نبينا محمد، وعلي اله وصحبه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي: ويكفي ستر عورته في نفل، ومع احد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في درع وخمار وملحفه، ويجزء ستر عورتها، ومن انكشف بعض عورته وفحش، او صلي في ثوب محرم عليه او نجس، اعاد، لا من حبس في محل نجس، ومن وجد كفايه عورته سترها، والا فالفرجين، فان لم يكفهما فالدبر . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، واصلي واسلم علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا بيان العورات واقسامها، وانه يستحب ان يصلي في ثوبين؛ كالازار والرداء والقميص والسروال، وما اشبهها؛ كما قال المءلف: ( تستحب صلاته في ثوبين ). وعلم من قول المءلف: ( تستحب صلاته في ثوبين ) انه يجزء الثوب الواحد، وهو كذلك؛ لانه ثبت عن الرسول عليه الصلاه والسلام انه قال في الثوب الواحد: «ان كان واسعا فالتحف به، وان كان ضيقا فاتزر به» . وثبت عنه صلي الله عليه وسلم من فعله نفسه انه «صلي في ثوب واحد ملتحفا به» ، ولكن الافضل الثوبان؛ لانهما ابلغ في الستر، ولانه صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال: اذا اوسع الله عليكم فاوسعوا. ثم ذكر صلي رجل في قميص ورداء، في قميص وازار ، وذكر اشياء. فدل هذا علي انه اذا كان في الانسان سعه فالثوبان احوط. ويءيد ما ذهب اليه عمر رضي الله عنه؛ ان النبي صلي الله عليه وسلم سءل: ايصلي احدنا في الثوب الواحد؟ فقال: «اولكلكم ثوبان؟» ، وهذا يدل علي ان الثوب الواحد مجزء، لكن اذا اوسع الله علينا فلنوسع؛ لان قوله: «اولكلكم ثوبان؟» يدل علي انه ليس كل احد من الناس له ثوبان، بل اكثر الناس في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم لهم علي ثوب واحد. وظاهر كلام المءلف ان ستر الراس ليس بسنه؛ لانه قال: صل في ثوبين؛ ازار ورداء، قميص ورداء، وما اشبه ذلك، فظاهره انه لا يشرع ستر الراس. وقد سبق لنا من حديث ابن عمر انه قال لمولاه نافع: اتخرج الي الناس حاسر الراس؟ قال: لا. قال: فالله عز وجل احق ان يستحيا منه . او كلمه هذا معناها. وهو يدل علي ان الافضل ستر الراس، ولكن اذا قسنا هذه المساله، او اذا طبقنا هذه المساله علي قوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١] تبين لنا ان ستر الراس افضل في قوم يعتبر ستر الراس عندهم من اخذ الزينه، اما اذا كنا في قوم لا يعتبر ذلك من اخذ الزينه، فانه لا يمكن ان نقول: ان ستره افضل، ولا ان كشفه افضل، لكن اذا كنا في قوم يفعلون ذلك فان الافضل ستر الراس. وقد ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان يصلي في العمامه . والعمامه ساتره للراس. قال: ( ويكفي ستر عورته في النفل )، يكفي ستر عورته اي: عوره الرجل في النفل، وهي ما بين السره والركبه، الا ابن سبع الي عشر فهي ايش؟ الفرجان؛ القبل والدبر، فيكفي ستر العوره، واما الزياده فهو سنه. قال: ( في النفل )، يعني دون الفرض؛ لان الفرض يحتاج الي زياده اخري، يحتاج الي زياده في ستر العوره. النفل كل ما عدا الفرض، ثم ان الفراءض الصلوات الفريضه نوعان؛ صلاه مقيده بوقت، وصلاه مقيده بسبب. الصلاه المقيده بوقت مثل الصلوات الخمس. طالب: الرواتب. الشيخ: الرواتب فريضه ولا نافله؟ الرواتب فريضه؟ نافله، انت تتكلم الان عن الفريضه. الصلوات الخمس والجمعه، كذا؟ ويمكن نقول: صلاه العيدين، علي القول بانها فرض. وصلاه موقته او مقيده بسبب: كصلاه الجنازه؛ فان صلاه الجنازه ليس لها وقت، لكنها مقيده بسبب، وهي فرض، لكنها فرض كفايه كما هو معروف. المهم ان صلاه النافله يكفي فيها ستر العوره، اما الفريضه فقال المءلف: ( ومع احد عاتقيه في الفرض ). العاتق: هو موضع الرداء من الرقبه، الرداء تحطه هكذا يكون الرداء موضعه بين الكتف والعنق، هذا العاتق، ففي الفريضه لا بد ان تضيف الي ستر العوره ستر احد العاتقين الايمن او الايسر، هذا في الفريضه، طيب الدليل؟ الدليل قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا يصلي احدكم في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شيء» ، وفي لفظ: «ليس علي عاتقيه» بالتثنيه «منه شيء» . والتثنيه لا تعارض المفرد؛ لان المفرد مضاف، والمضاف يعم. فظاهر الحديث انه لا بد من ستر العاتقين جميعا. وهذا الدليل اعم من المدلول؛ لان الدليل يقول: «لا يصلين احدكم» ، وهذا يشمل الفرض والنفل، فكوننا نستدل بالاعم علي الاخص هذا نقص في العمل بالحديث او بالنص. لماذا يكون نقصا؟ لانه اذا دل الحديث او النص عموما علي حكم عام ثم قصرته علي بعض افراده؛ كان ذلك نقصا في العمل به؛ اذ ان العام يجب -كما مر علينا في اصول الفقه- يجب ايش؟ طلبه: العمل بعمومه. الشيخ: العمل بعمومه الا بدليل. وهذه المساله ليس فيها دليل، ولهذا نقول: ان الاستدلال بالحديث يجب ان يعمل به علي سبيل العموم؛ لان الحديث عام: «لا يصلين احدكم في الثوب الواحد ليس علي عاتقه منه شيء» . في كلام المءلف الان فرق بين الفرض والنفل، وهذا من الفروق بين الفرض والنفل، وهي تزيد علي عشرين فرقا، يعني صلاه الفريضه وصلاه النافله بينها من الفروق اكثر من عشرين فرقا، ولعلكم تتبعونها ان شاء الله تعالي. علي كل حال هذا احد المواضع، فصار الحكم علي المذهب: يجزء في النافله ستر العوره، وفي الفريضه يضاف الي ستر العوره ستر احد العاتقين. والدليل: «لا يصلين احدكم في الثوب الواحد» . وقلت لكم: ان هذا الدليل اعم من المدلول، فيكون العمل به اذا خصصناه ببعض افراده يكون العمل به قاصرا، كما ان الحديث «ليس علي عاتقيه» ، والمءلف يقول: ( مع احد عاتقيه )، ولو اخذنا بالدليل لقلنا بوجوب العاتقين جميعا. وما ذهب اليه المءلف هو المشهور من المذهب. والقول الثاني: ان ستر العاتقين سنه وليس بواجب؛ لحديث: «ان كان ضيقا فاتزر به» . وهذا القول هو الراجح، ولكن كونه لا بد ان يكون علي العاتقين شيء من الثوب هل هو من اجل ان العاتقين عوره، او من اجل تمام اللباس وشد الازار؟ طالب: الثاني. الشيخ: لانه اذا لم تشده علي عاتقيك ربما ينسلخ ويسقط، فيكون ستر العاتقين هنا مرادا لغيره، لا مرادا لذاته. المساله محتمله، ولكن وجوب ستر العاتقين او احدهما علي كلام المءلف في النفس منه شيء، والصحيح ما ذهب اليه جمهور اهل العلم من ان ستر العاتقين او احدهما علي سبيل الاستحباب. ثم قال: ( وصلاتها في درع وخمار وملحفه ): ( صلاتها ) الضمير يعود علي المراه ( في درع وخمار وملحفه ) الدرع هو القميص السابغ اللي يصل الي القدمين، هذا هو الدرع بالنسبه للمراه. والخمار: ما يلف علي الراس. والملحفه: ما يلف علي الجسم كله؛ كالعباءه والجلباب وما اشبهها. فيسن للمراه ان تصلي في هذه الثلاثه اثواب: درع، الثاني: خمار، ملحفه. ولم يذكروا السراويل، بل اقتصروا علي هذا؛ لان هذا هو الذي روي عن عمر وعاءشه رضي الله عنها وام سلمه ان المراه تصلي في الدرع والخمار ، هكذا نقل عن عاءشه وام سلمه، وذكر صاحب المغني ان عمر ايضا كذلك قال: تصلي في هذه الثلاثه: الدرع والخمار والملحفه . لكن لو اقتصرت علي الدرع والخمار اجزا، لو اقتصرت عليهما اجزا، الا انه لا بد من ستر اليدين بالقفازين، ولا بد ايضا من ستر القدمين اما بالجوارب، واما بان يجعل الدرع سابغا، بناء علي القول بانه لا بد من ستر الكفين والقدمين. اما علي القول الراجح الذي اختاره شيخ الاسلام ابن تيميه وصاحب الانصاف فانه لا يجب ستر الكفين والقدمين ، وبناء علي ذلك يكفي اذا كان الدرع الي الكعبين، وكذلك كان اكمامه الي ايش؟ طالب: الرسغ. الشيخ: الي الرسغ، نعم. قال: ( صلاتها في درع وخمار وملحفه، ويجزء ستر عورتها ) يعني: يجزء ستر عورتها ولو بثوب واحد، فلو تلففت المراه بثوب يستر راسها وكفيها وقدميها وبقيه بدنها، ولا يخرج منه الا الوجه؛ اجزا، ولو لفت نفسها بثوب يخرج منه الكفان والقدمان مع الوجه اجزا علي القول بان الكفين والقدمين ليسا مما يجب سترهما. وهنا لم يفرق المءلف في المراه بين الفرض والنفل، وفرق في الرجل بناء علي الحديث الذي استدل به. ثم قال: ( ومن انكشف بعض عورته وفحش، او صلي في ثوب محرم عليه، او نجس؛ اعاد، لا من حبس في محل النجس ). قال: ( من انكشف بعض عورته وفحش ): (انكشف) يعني: زال عنه الستر، وبعض العوره يشمل العوره السوءه وما قلنا: انه عوره وان لم يكن من السوءه. وقوله: ( فحش )، اي: غلظ وعظم، ولم يقيده المءلف رحمه الله بشيء، يعني ما قال: قدر الدرهم، او قدر الظفر، او قدر جب الابره او ما اشبه ذلك، ما قال هكذا، فالي اي شيء نرجع؟ الي العرف؛ لان الشيء اذا لم يقيد بالشرع احيل علي العرف، وعليه قول الناظم: وكـــــــــــل مــــــــــــــــــــا اتي ولم يحـــــــــــدد بالشرع كالحرز فبالعرف احدد وعلي هذا فنقول: فحش عرفا، اذا قال: والله هذا كبير نقول: هذا الذي يكون فاحشا، اذا قالوا: هذا بسيط، يكون هذا بسيطا لا يءثر. ثم ان الفحش يختلف باختلاف المنكشف، لو انكشف شيء من اسفل الفخذ مما يلي الركبه علي قدر الظفر، وانكشف علي السوءتين نفسيهما بقدر الظفر؛ لعد الثاني فاحشا، والاول غير فاحش. فاذن يختلف باعتبار المكان الذي انكشف، واضح؟ وبناء علي ذلك يوجد بعض الناس يكون عليه بنطلون، ثم اذا سجد انكشف بعض الظهر من اعلي الظهر بعيدا عن الدبر، فهل نقول: ان صلاته تبطل، او نقول: هذا انكشاف يسير في العرف؟ اذا كان يسيرا في العرف يعني كخط الاصبع مثلا، هذا يسير لا يضر، اما اذا كان السروال قصيرا، ثم لما سجد وصل الي حد يبين به ساق الدبر، فهذا فاحش ولا لا؟ هذا فاحش. اذن اذا انكشف وفحش فانه تبطل الصلاه، ولكن ظاهر كلام الماتن: ( ومن انكشف ) ان هذا انكشاف بدون عمد، وانه لو تعمد لم تصح الصلاه، سواء ان كان الانكشاف يسيرا او فاحشا؛ لان هناك فرقا بين الانكشاف وبين الكشف. وعلي هذا فلو تعمد ان يكشف شيءا من عورته ولو يسيرا، ولو في زمن يسير، فانه تبطل صلاته. فلو رفع سرواله ليحك ركبته، ورفع حتي بان اخر الفخذ، وقلنا بان الفخذ كله عوره؛ بطلت صلاته؛ لانه تعمد. فان فحش ولكن في زمن يسير، انكشف فاحشا في زمن يسير ثم ستره؛ فظاهر كلام الماتن ان صلاته لا تصح، وهذا ليس بصحيح، بل نقول: اذا انكشف كثيرا وستره بزمن يسير، فان صلاته لا تبطل. ويتصور ذلك فيما لو هبت ريح، هبت ريح وهو راكع وانكشف الثوب، ولكن في الحال اعاده، فظاهر كلام المءلف ان الصلاه تبطل، والصحيح انها لا تبطل هنا، لماذا؟ لانه ستره عن قرب، ولم يتعمد هو الكشف، وقد قال الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. فما دام هذا الشيء من غير فعله والزمن يسير ما هو كثير، من يوم كشفته الريح علي طول غطاه المصلي، فهذا ليس عليه شيء، وصلاته صحيحه. المهم نقول: هذه المساله فيها المراتب الاتيه: اولا: اذا كان عمدا بطلت الصلاه، قليلا كان او كثيرا، طال الزمن ام قصر. ثانيا: اذا كان غير عمد وكان يسيرا، فالصلاه لا تبطل. اذا كان غير عمد، وكان فاحشا لكن الزمن قليل، ظاهر كلام المءلف تبطل، والصحيح انها لا تبطل. انكشف عن غير عمد انكشافا فاحشا، وطال الزمن بان لم يعلم الا في اخر صلاته، او بعد سلامه ايضا، هذا لا تصح صلاته، ليش؟ لانه فاحش وكثير، والزمن طويل. افرض ان انسان بعد ان سلم من صلاته، وهو صلي في ازار او في سروال، وجد ان هناك فتحه تحاذي السوءه، فتحه كبيره لكن ما احس بها الا بعد ان سلم، ماذا نقول؟ نقول: صلاته غير صحيحه، يعيد؛ لان ستر العوره شرط من شروط الصلاه، والغالب عليه انه مفرط، اما لو فرض انه انشق الثوب في اثناء الصلاه، وهذا يقع كثيرا، لاسيما في الثياب الضيقه، لما سجد انشق، ثم علي طول لايمه وامسكه بيده، فالصلاه ايش؟ صحيحه، ليش؟ لانه وان كان فاحشا لكن الزمن قصير، وهو لم يتعمد. هذا هو التفصيل في مساله الانكشاف، فهمتوها الان زين؟ اذا كان عمدا؟ طلبه: بطلت الصلاه. الشيخ: مطلقا، اذا كان غير عمد وفحش مع طول الزمن؟ طلبه: تبطل مطلقا. الشيخ: تبطل مطلقا، اذا كان غير عمد وكان يسيرا؟ طلبه: تصح الصلاه. الشيخ: لم تبطل. اذا كان غير عمد وكان فاحشا لكن الزمن قصير، فلا تبطل ايضا. اذن تبطل في صورتين ولا تبطل في صورتين. ثم قال المءلف: ( او صلي في ثوب محرم عليه؛ لم تصح صلاته )؛ لانه سبق لنا ان من شروط الساتر ان يكون مباحا، فاذا صلي في ثوب محرم عليه اما لكسبه، واما لعينه، فصلاته غير صحيحه. اما لكسبه مثل ان يكون مغصوبا، او مسروقا، او ما اشبه ذلك. هذا كسب. لعينه: مثل ان يكون حريرا علي رجل، او مصورا علي رجل او امراه؛ لان الثوب اللي فيه الصور حرام لبسه، او كان جلد خنزير، او ما اشبه ذلك، فان الصلاه لا تصح، مع ان جلد الخنزير فيه شيء اخر، وهو النجاسه. لو اشتري في دراهم سرقها، اشتري بها ثوبا، تصح ولا ما تصح؟ طلبه: تصح. طلبه اخرون: ما تصح. الشيخ: هذا محرم لكسبه؟ اخطاتم. طالب: (...). الشيخ: هو سرق دراهم من شخص، وراح وشري ثوب، شري الثوب فهل بهذه الدراهم.. طلبه: (...). الشيخ: خطا ايضا، ان قلتم: صحيح فهو خطا، ان قلت: غير صحيح فهي خطا. طالب: (...). الشيخ: فصل، فيه تفاصيل لان الثوب مفصل يمكن قصده! التفصيل: ان وقع العقد علي عين الدراهم؛ لم تصح الصلاه فيه، وان وقع العقد علي غير عين الدراهم، يعني: في ذمه المشتري، فالصلاه فيه صحيحه. شفتوا دقه الفقهاء رحمهم الله، يقول مثلا: اذا جءت صاحب الثوب وقلت: بع علي هذا الثوب بهذه الدراهم المسروقه، بهذه الدراهم، فان الثوب لا تصح الصلاه فيه؛ لانه العقد فاسد؛ لوقوعه علي عين ايش؟ النقود المحرمه المسروقه، لكن لو قلت: بع علي هذا الثوب بعشره، وباعه عليك، ورحت، وراح المشتري وسرق دراهم واوفي البايع: العقد صحيح مع ان ثمنه محرم. طالب: الثوب محرم. الشيخ: لا؛ لان الثوب انا ما عينت الدراهم؛ السبب ان اذا عينت صار غير صحيح؛ لان وقوع العقد علي عين الدراهم باطل ولا لا؟ باطل، العقد علي عين الدراهم باطل، اذن يكون العقد فاسدا والثوب غير مملوك الان، لكن اذا اشتريت الثوب في ذمتي ثبت الان الثمن في ذمتي انا، اليس كذلك؟ هذا الرجل المشتري اللي ثبت الثمن في ذمته ذهب وسرق دراهم وسلمها للبايع، نقول: العقد قد تم وانتهي ما فيه شيء، فعلي هذا نقول: اذا قال لك قاءل: هل تصح الصلاه في ثوب ثمنه مسروق؟ طلبه: فيه تفصيل. الشيخ: فيه تفصيل؛ ان وقع العقد علي عين الثمن. طلبه: لا تصح. الشيخ: لا تصح؛ لان العقد فاسد، وان وقع في الذمه ونقد من الثمن المسروق. طلبه: صحيح. الشيخ: فالعقد صحيح، والصلاه في الثوب صحيحه، كذا ولا لا؟ طيب انتبهوا للفرق. علي كل حال اذا صلي في ثوب محرم عليه فالمءلف يقول: ان الصلاه لا تصح، لماذا؟ يقول: لان الستر شرط من شروط الصلاه، ولبس هذا الثوب محرم، ولا يمكن ان يرد وجوب وتحريم علي عين واحده؛ هذا الثوب الان مثلا محرم يلبسه للصلاه علي سبيل الوجوب، ويحرم لبسه لانه محرم؛ لكسبه او لعينه، يقول: الان تصادم الوجوب ويش بعد؟ والتحريم، اذا تصادم فان وجود المحرم كعدمه، فلا يكون قاءما بالواجب عليه، وحينءذ يكون هذا الستر كالعدم؛ لانه في ثوب منهي عن لبسه، وجعل هذا المنهي بدلا عن المامور، فاصطدم الامر والنهي، فبطل الامر وصار كانه لم يات بما امر به. اعرفتم الان؟ اذن يكون ستره بهذا الثوب المحرم كالعدم شرعا ولا حسا؟ طلبه: شرعا. الشيخ: شرعا، اما حسا فهو ساتر الان، لكن شرعا كالعدم؛ لان هذا الثوب منهي عن لبسه، فكيف تستمر انت فيه وتلبسه؟! انت الان مامور بان تخلعه، وان تبعد عنه، فكيف تتقرب الي الله بلبسه وتكتفي به في شرط الصلاه. مفهوم ولا لا؟ وهذا التعليل -كما عرفتم- تعليل قوي، ويءيده الحديث الذي يروي عن الرسول عليه الصلاه والسلام في ثوب المسبل انه امره باعاده الصلاه ، وهذا يدل علي انه من شرط الثوب الذي تستر به العوره ان يكون مباحا. وذهب بعض العلماء، بل كثير من اهل العلم الي ان الصلاه في ثوب محرم عليه لا تبطل؛ لان الستر حصل به، والجهه منفكه مختلفه؛ لان تحريم لبس الثوب ليس من اجل الصلاه، ولكنه تحريم مطلق، لو قال الشارع مثلا: لا تصل في هذا الثوب، قلنا: ان صليت في هذا الثوب بطلت صلاتك، ليش؟ لانك اذا كان قال: لا تصل، ثم تصلي انت بناء علي قوله: صل في ثوب صار هناك تناقض وتعارض، اما والشارع لم ينهني عن الصلاه في هذا الثوب، وانما نهاني عن لبس الثوب مطلقا في صلاه او غيرها، فهذا لا يقتضي بطلان الصلاه؛ لان الجهه منفكه؛ الامر بلبس الثوب في الصلاه {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١] من اجل الصلاه، والنهي عن لبس الثوب المحرم، لا من اجل الصلاه، ولكن من اجل استعمال شيء لا يجوز لك استعماله. ونحن نقول: هذا القول هو الراجح، الا اذا ثبت الحديث، فان ثبت الحديث تعين القول بموجبه، لكن الحديث كثير من اهل العلم ضعفه، وقال: لا تقوم به حجه، ولا يمكن ان نلزم الانسان باعاده صلاته بناء علي هذا الحديث. طيب لو صلي في ثوب محرم عليه ومعه غيره؟ فظاهر كلام المءلف ان الصلاه لا تصح؛ لانه قال: ( صلي في ثوب محرم عليه )، ولم يقل: ستر بثوب محرم عليه. وعلي هذا؛ فلو كان عليه ثوب حرير وتحته ثوب قطن او صوف، فصلاته غير صحيحه علي كلام المءلف. وقيل: ان كان الثوب المحرم شعارا، والمباح دثارا، لم تصح، وان كان العكس صحت. طالب: (...). الشيخ: القول الثاني يقول: ان كان الثوب شعارا، المحرم شعارا، لم تصح، وان كان دثارا صح. الشعار: الذي يلي الجسد، والدثار: الفوقاني، تقول: اذا كان شعارا صار الستر به، حصل الستر به، واذا كان دثارا فالستر بالذي تحته، فيفرق بين هذا وهذا، وظاهر كلام المءلف انه لا فرق. طالب: الراجح؟ الشيخ: الراجح مثلما قلته، انه حتي لو كان ما عليه الا ثوب واحد محرم فالصلاه صحيحه. طالب: شيخ، طيب اذا اشتري بهذه الدراهم ما اشتري بهذه الدراهم ما وقع علي عين الدراهم، ولكن الدراهم هي اللي سلمها ثمن، شو الحرام؟ الشيخ: الحرام تسليمه الثمن، لكن العقد صحيح. الطالب: العقد كيف، صار مثل المغصوب؟ الشيخ: لا، ما هو مثل المغصوب، اشتريت منك مثلا ثوبا بشرط (...) وانصرفت، ثم اخذته بغير حق واعطيتك اياه، العقد صحيح ما فيه شيء. الطالب: العقد صحيح لكن الدراهم هي اللي حرام. الشيخ: الدراهم حرام ما فيه شك، لكن الثوب ما له دخل الان، الثوب اشتري بعقد صحيح، ما فيه اشكال. طالب: ذكرتم ان الراجح انه لا يجب (...)، واستدللنا بان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «ان كان غير (...) لو قيل يا شيخ مثلا قد يقول قاءل: (...) فاتزر به، لعدم القدره علي (...) لو استدللنا بفعل النبي صلي الله عليه وسلم بانه صلي في ازار من غير رداء، ما (...). الشيخ: الرسول صلي بازار بلا رداء؟ ما ادري، ما اعرف عن هذا. الطالب: ذكرت هذا. الشيخ: لا، انه صلي في ثوب بدون ازار. الطالب: والعكس؟ الشيخ: لا، ما ذكرت. الطالب: (...) الشيخ: لا اذكره (...) فليس بصحيح. عدل هذا.. طالب: يعني ما حصل هذا من النبي صلي الله عليه وسلم؟ الشيخ: لا اذكر. نعم الان ذكرت حديث جابر. الطالب: لو استدل به يا شيخ؟ الشيخ: نفس الشيء. طالب: ان كان ضيقا (...). الشيخ: اي نعم، ما قال: لا تصل به، ولم يقل: ان كان ضيقا فاطلب ما (...) لانه لو كان واجبا كان يجب عليه ان يطلبه. طالب: لكن استدلالنا بحديث جابر، الا يكون (...). الشيخ: (...) قد يقول قاءل: انه الرسول ما عنده شيء. طالب: الصحابي الذي كان يصلي وهو كان عمره ست سنوات. الشيخ: اي عمرو بن سلمه. الطالب: (...). الشيخ: لانه ما عنده شيء، وصار قصير الازار، اذا صار قصير الازار ثم سجد الانسان تظهر العوره. طالب : اذا صلي الانسان بثوب محرم لا يكون قد عمل عملا ليس عليه امر الله ورسوله؟ الشيخ: بلي. الطالب: ما يكون رد؟ الشيخ: ويش اللي رد؟ الطالب: العمل؟ الشيخ: ويش هو العمل؟ الطالب: الصلاه يعني. الشيخ: لا، الصلاه ما صليتها، ما نهانا الشارع عن الصلاه في الثوب، لو قال: لا تصل في الثوب الحرام صح؟ الطالب: لكن ويش المردود يعني اللبس نفسه؟ الشيخ: هذا اللي قلت، انت الان استدللت بالحديث اقول: وجه لي الاستدلال. الطالب: (...) واضح ان الحديث من المردود العمل.. الشيخ: المردود الذي ليس عليه امر الله ورسوله، وهو الصلاه، اما اللبس ما له حكم، لو كان اللبس له حكم شرعي فيقال: لبس صحيح ولبس فاسد، قلنا: اذا لبسه علي وجه المحرم صار فاسدا ولا يصح. "},{"Id":1699,"Name":"02 كتاب الصلاة 09","Sort":31,"Version":0,"LessonText":"

طالب: وتُستحَب صلاته في ثوبين، ويكفي سَترُ عورته في النفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في دِرْع وخِمار وملحفة، ويجزئ ستر عورتها.
ومن انكشف بعضُ عورته وفَحُشَ أو صلَّى في ثوبٍ مُحَرَّمٍ عليه أو نجس أعاد، لا مَنْ حُبِسَ في مَحلٍّ نَجِسٍ، ومن وَجَدَ كفايةَ عورتِه سَتَرَها وإلا فالفرجين فإن لم يكفهما فالدُّبُر، وَإِنْ أُعير سُتْرَةً لَزِمَهُ قَبولُها.
ويصلي العاري قاعدًا بالإيماء استحبابًا فيهما، ويكون إمامُهم وسطَهم، ويُصَلِّي كلُّ نوع وحده، فإن شَقَّ صلى الرجالُ واسْتَدْبَرَهُم النساء ثم عكسوا، فإنْ وَجَدَ سُتْرَةً قريبة في أثناء الصلاة سَتَر وبنى وإلا ابتدأ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، سبق لنا أن سَتْر العورة شرط لصحة الصلاة، وأن الأحسن من هذا التعبير أن نعبِّر..
طالب: نقول: فلا نعبِّر بـ(ستر العورة)، بل نقول: اللباس في الصلاة.
الشيخ: نعم.
طالب: أَخْذ الزينة.
الشيخ: أخذ الزينة، تبعًا؟
الطالب: لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].
الشيخ: أحسنت، ما هو الدليل على أنها شرط لصحة الصلاة؟
طالب: الدليل على أنها شرط لصحة الصلاة القاعدة الشرعية التي تقول: إن كل أمر في العبادة فهو شرط في صحتها.
الشيخ: الدليل؟ ما هو بالتعليل.
الطالب: أمرَ الله سبحانه وتعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ}..
الشيخ: الكتاب؟
الطالب: إي الكتاب.
الشيخ: ويش بعد؟
الطالب: والسُّنَّة.
الشيخ: والسُّنَّة.
الطالب: وإجماع العلماء.
الشيخ: والإجماع؛ الكتاب؟
الطالب: قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، وقد فسرها سبب النزول.
الشيخ: نعم، من السُّنة؟
طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» .
الشيخ: هذا منها، ومنها؟
طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ» .
الشيخ: دليل ثالث؟
طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ ضَيِّقًا..».
الشيخ: في حديث جابر: «إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ، وَإْنَ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ» .
طالب: الإجماع.
الشيخ: الإجماع؟
طالب: إجماع العلماء.
الشيخ: مَنْ نَقله مِنْ أهل العلم؟ لأن (...) بالإجماع (...) أجمعوا (...) أنهم أجمعوا على ذلك (...)؟
طالب: ابنُ عبد البر، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
الشيخ: نعم، ابن عبد البر؛ لأنه سبق شيخ الإسلام.
المؤلف رحمه الله بَيَّن العورات بناءً على التعبير (ستر العورة) وذكر أنها ثلاثة أقسام، على كلام الفقهاء العورة ثلاثةُ أقسام؟
طالب: مغلظة، ومخففة، ومتوسطة.
الشيخ: أحسنت، ما هي المغلظة؟
الطالب: المغلظة عورة الحرة البالغة.
الشيخ: الحرة البالغة، اذكرها؟
الطالب: وهي كلها.
الشيخ: عورة المرأة الحرة البالغة، وهي كلها.
الطالب: إلا وجهها في الصلاة.
الشيخ: إلا وجهها، أحسنت، إذن يجوز أن تصلي المرأة في المساجد وهي كاشفة الوجه؟
طالب: إذا أمنت الفتنة جاز لها ذلك؛ يعني: يوجد فاصل بين النساء والرجال؛ لا يطلع الرجال على النساء ولا النساء على الرجال.
الشيخ: إي نعم، وإلَّا وجب ستره من أجل الصلاة ولَّا من أجل النظر؟
الطالب: من أجل النظر.
الشيخ: من أجل النظر، صح.
ما هي المخففة؟
طالب: العورة المخففة هي للغلام الصغير.
الشيخ: الغلام الصغير من إلى؟
الطالب: من سبع إلى عشر.
الشيخ: من سبع إلى عشر، قالوا: إن عورته هي؟
الطالب: مخففة.
الشيخ: إي، ويش؟
الطالب: عورته الفرجان.
الشيخ: الفرجان القبل والدبر.
المتوسطة؟
طالب: المتوسطة هي عورة الرجل البالغ.
الشيخ: ما عدا ذلك؟
الطالب: ما عدا ذلك.
الشيخ: أحسنت، ما عدا ذلك، على كل حال هذا كلام الفقهاء رحمهم الله، ونحن ذكرنا أن الصحيح أنه يجب أخذ الزينة كما قال الله عز وجل، فما أعده الناس زينة وجب أخذه.
لو قال قائل: ما حكم الصلاة محسور الرأس؟
طالب: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز؟
طالب: أو حسب العرف.
الشيخ: محسور الرأس؟
الطالب: حسب العرف.
الشيخ: رجل صلى حاسرًا رأسه؟
الطالب: اختلاف الحكم باختلاف العرف.
الشيخ: إي نعم، لكن هل هو شرط ستره؟ على كل الأعراف شرط ولَّا غير شرط؟
الطالب: على العرف الذي لا يراه من الزينة يعتبر شرطًا.
الشيخ: الذين لا يرونه من الزينة يعتبرونه شرطًا؟!
الطالب: إي نعم.
الشيخ: والذين يرونه من الزينة؟ لعلك تريد العكس.
طالب: ليس شرطًا مطلقًا.
الشيخ: ليس شرطًا مطلقًا، صح، إي نعم، ليس شرطًا مطلقًا؛ ولهذا كل المُحرِمين يكشفون رؤوسهم، ولو كان شرطًا لكان مقدَّمًا على كشفه -كشف الرأس في الإحرام- (من انكشف بعضُ عورته وفَحُشَ).
هذه (مَنْ) شرطية، فعل الشرط (انكشف)، وجواب الشرط قوله: (أعاد)، فالجملة الشرطية هذه تشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى قوله: (ومَنِ انكشف بعضُ عورته وفَحُشَ) وتقدَّم الكلام عليها، وذكرنا أن الفُحْشَ يختلف بحسب المنكشَف، فما قَرُب من السوأتين -وإن قلَّ- أفحشُ مما بَعُد عنهما.
ثانيًا: المسألة الثانية قال: (أو صلَّى في ثوب مُحَرَّمٍ عليه)، إذا صلى في ثوب محرَّم عليه أعاد؛ مثل أن يصلي الرجل في ثوب حرير أو المرأة في ثوب رجل، الأول لا تَصِحُّ صلاتُه لأن الحرير محرَّم على الرجال؛ لحديث على بن أبي طالب: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» ، فإذا صلَّى الرجل في ثوب حرير فصلاته باطلة، تجب عليه الإعادة.
صلاة المرأة في ثوب الرجل حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبِّهات من النساء بالرجال ، والتي تلبس ثوبَ رجل متشبهةً بالرجل، فهذا الثوب حرام.
الأول حرام لجنسه، والثاني حرام لوصفه؛ الأول وهو الحرير حرام لجنسه؛ لأن جنس الحرير حرام على الرجال، والثاني حرام لوصفه أي: لكونه تشبُّهًا بالرجال.
لو صلَّى رجلٌ أو امرأةٌ بثوب فيه صوَر أيضًا لم تصحَّ الصلاة؛ لأن لباس الثوب المصوَّر الذي فيه الصور حرام، فإن الصور لا يحل اقتناؤها.
لو صلَّى رجل أو امرأة بثوب مغصوب فالصلاة أيضًا لا تصح، تجب عليه الإعادة؛ لأن الثوب المغصوب حرام لبسُه على الغاصب، سواء كان رجلًا أم امرأة.
لو صلَّى رجل أو امرأة في ثوب ثمنُه حرام فيه تفصيل؛ إن وقع العقد على عين الثمن فالصلاة فيه حرام وتبطل، وإن وقع العقد في الذمة ونقدَه من الثمن المحرَّم فالصلاة صحيحة؛ لأن لبس هذا الثوب غيرُ محرَّم، الفرق عندكم معلوم بين هذا وهذا؟
طلبة: (...).
الشيخ: غير معلوم، إن شاء الله يُعْلَم، إذا وقع العقد على عين الثمن مثل أن أقول: اشتريت منك هذا الثوب بهذه الدراهم، الآن العقد وقع على عين الدراهم؛ فهنا يكون لبس المشتري للثوب حرامًا، وإذا صلَّى فيه وجبت عليه الإعادة؛ لأن هذا الثوب حرام حيث كان عوضًا عن هذا الحرام.
مثال الثاني أن يشتري ثوبًا ثم ينقد ثمنه من مُحَرَّم؛ أن يشتري الثوب بعشرة ريالات ثم يذهب ويسرق عشرة ويعطيها البائع، الآن الثوب ثمنُه حرام؟
طلبة: نعم.
الشيخ: المعيَّن غير حرام؛ لأن الثمن غير معيَّن الآن، اشتريت منك ثوبًا بعشرة، ثبتت العشرة في ذمتي أنقدها من مالي، أنقدها من مال مسروق، من مال مغصوب، من أي مال.
قال العلماء: فهذا الثوب لباسه غير محرَّم فتصح الصلاة فيه لأن ثمنه غير معين في العقد، أفهمتم الآن ولَّا لا؟
فصار الثوب الذي ثمنه حرام إن عُيِّن الثمن في العقد حرُم استعمال الثوب؛ فإن استعمله وصلَّى فيه بطلت الصلاة، وإن لم يُعَيَّن بل اشتراه في ذمته ثم نقده من دراهم مُحَرَّمة فلبسُه حلال، والصلاة فيه صحيحة.
طالب: ما الضابط يا شيخنا؟
طالب آخر: في كلتا الحالتين الثمن المنقود من المشتري من مال حرام، فما الفرق إذن؟
الشيخ: الفرق إذا وقع العقد على عين الدراهم صار الآن بدلًا ببدل؛ ولهذا إذا وقع العقد على عين الدراهم لا يمكن للمشتري أن يبدِّلها؛ يعني لو قلت مثلًا لك: اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشرة، ثم بدا لي أن أعطيك عشرة ورقة واحدة، هذه عشرة أوراق بعشرة أريل كل ورقة ريال، معلوم هذا ولَّا لا؟
اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشرة؛ واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، عشرة، بهذه العشرة، ثم بدا لي؛ قلت: هات، لا، ما أعطيه عشرة، أعطيه عشرة ورقة واحدة من فئة عشرة؛ لأني أحتاج هادولي، (...) هل أملك التغيير الآن ولَّا لا؟ ما أملك التغيير؛ لأن البائع ملك العشرة الآن؛ حيث وقع العقد عليها بعينها.
لكن لو قلت: في جيبي الأيمن فئة عشرة وفي جيبي الأيسر فئة ريال، أنا بالخيار إن شئت أعطيتك من هذا وإن شئت أعطيتك من هذا، أفهمتم الفرق الآن؟ هذا هو الفرق.
يقولون: إن الثمن المعيَّن يكون العقد واقعًا عليه بعينه ويكون هذا المبيع عوضًا عن مُحَرَّمٍ، وعوض المحرم محرم، أما ما وقع في الذمة فهو في ذمة الإنسان، والذمة قابلة للتصرف؛ هكذا يُفَرِّق أهل العلم، وهو فرق دقيق في الواقع.
خلاصة الأمر، أو خلاصة القول أن مَن صلَّى في ثوب محرَّم عليه سواء كان لجنس الثوب أو لوصفه أو لكون ثمنه المعيَّن حرامًا فصلاته باطلة، ما الدليل؟
أقول: هذا مبني على أمر سبق، وهو أنه يُشترَط في الساتر أن يكون مباحًا؛ قالوا: لأن السِّتر عبادة، والعبادة إذا وقعت على وجه منهيٍّ عنه فقد وقعت على غير أمر الله ورسوله فتكون مردودة بدليل «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ، فأنت الآن سُتِرْتَ بثوب لا يُؤْذَن لك فيه شرعًا، أنت مأمور أن تخلعه، فكيف تتقرب إلى الله بلبسه، إذن تعبدت لله بماذا؟ بما نهاك عنه، وهذا تناقض، عملت عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون باطلًا مردودًا فتبطل الصلاة؛ لأن المحرم شرعًا كالمعدوم حسًّا، فلا يمكن أن تنتفع بهذا الثوب، أعرفتم الآن؟
وهذه المسألة خلافية وأظنني ذكرتها لكم، وقلت: إن بعض العلماء يقول: إن صلاته صحيحة.
والسِّتْر وصف في العبادة وليس هو العبادة، وهو حاصل بالثوب المحرَّم وغير المحرم، حاصل بهما جميعًا بالثوب المحرَّم وغير المحرم، والصلاة نفسها لم تقع على وجه محرَّم، وهي -أي الصلاة- هي موضع الحُكْم؛ حيث نقول: تصح أو لا تصح، وهي الآن واقعة على وجه محرَّم؛ يعني: لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا في ثوب مغصوب، لو قال: لا تصلوا في ثوب مغصوب، قلنا: مَنْ صلَّى في ثوب مغصوب بطلت صلاته؛ لأنه فَعَل العبادة على وجه منهي عنه محرم، لكن ما قال هكذا، بل أمر بستر العورة، وهذا رجل ستر عورته، لكنه آثم بالستر بمحرم، أما الصلاة ما لها دخل في الموضوع، الصلاة أُدِّيت على الوجه المطلوب، وعلى حسب ما أُمِرَ به، والستر حاصل، وأما كون الثوب مباحًا أو حرامًا فهذا يرجع إلى أمر آخر، والعبارة التي تقتضي أن تكون الصلاة باطلة لو كان الوارد في النصوص أيش؟ لا تصلوا في ثوب محرم، لو كان هكذا قلنا: نعم، إذا صلى في ثوب محرم بطلت صلاته؛ ولهذا من حيث الإفتاء نقول: إذا سألَنا سائل قد صَلَّى في ثوب محرم فلا يتوجه أمره بالإعادة.
وأما إذا سألَنا قبل أن يصلي فنقول: يجب عليك أن تخلعه لا من أجل الصلاة فحسب ولكن لأنه ثوب محرَّم لا يجوز لك استعماله، هذا إذا أردنا أن نفتي بهذه الفتوى، فيكون هناك فرق بين أن نمكن الإنسان من أن يستعمل المحرَّم فلا نمكنه، وبين أن يأتي إلينا يسألنا عن أمر مضى وانقضى لا يمكن أن نقول بالإعادة.
لكن على كلام المؤلف تجب الإعادة، لكن يُشترَط للإعادة في الثوب المحرَّم أن يكون عالمًا ذاكرًا، فإن كان جاهلًا فلا إعادة عليه، وإن كان ناسيًا فلا إعادة عليه، وهل يشترط أن يكون واجدًا غيره؟
طلبة: (...).
الشيخ: إنما يشترط؟ ننظر؛ نقول: إن حُرِّم لحق العباد اشترطنا ذلك؛ يعني بمعنى أنه إذا كان مُحرَّمًا لحق العباد فإنه لا يصلِّي فيه ولو كان لا يجد غيره، فإذا لم يكن عنده إلا ثوب مغصوب مثل رجل غصب ثوبًا وسافر وليس معه غيره، ثم هداه الله عز وجل وتاب وأراد أن يصلي، ماذا نقول له؟ نقول: اخلع الثوب، وصلِّ عُرْيَانًا، ولا يجوز أن تصلِّي بالثوب، لماذا؟ لأنه مُحَرَّم لحق الغير، إلا إذا كنت مضطرًا لدفع البرد فهنا صلِّ به؛ لأنه مباح، أما إذا كان ما في ضرورة (...) نقول: لا تُصَلِّ فيه، صَلِّ عُرْيانًا؛ لأن هذا محرم لحق من؟ لحق العباد، إن كان محرمًا لحق الله فيشترط أن يكون واجدا لغيره، فإن لم يجد غيره فلا حرج عليه أن يصلي به، كثوب الحرير للرجل، إذا لم يجد غيره فإنه يصلي فيه، لأن التحريم هنا لمن؟ لحقِّ الله عز وجل، ويسقط التحريم لحق الله عند الضرورة، وحينئذ يصلي ولا إعادة عليه، وكذلك لو كان ثوب فيه صور يصلي فيه إذا لم يجد غيره، فصار اشتراط الوجود فيما إذا كان التحريم لحق الله.
فنقول: إذا كان التحريم لحق الله فيشترط لوجوب الإعادة أن يجد غيره، فإن لم يجد غيره فلا إعادة عليه.
وقال بعض أهل العلم -في المسألة الأولى إذا كان محرَّمًا لحق الغير- إنه لا بأس أن يصلي فيه، قال: لأن هذا استعمال يسير جرت العادة والعرف بالتسامح فيه، ونحن يغلب على ظننا إن لم نعلم يقينا أن صاحب هذا الثوب إذا علم أنك استعملته لعدم وجود غيره فسوف أيش؟ سوف يسمح، هذا هو الغالب إن لم يكن المعلوم، وهذا القول ليس بعيدًا من الصواب، هذا القول ليس بعيدًا من الصواب ولا سيما إذا كنت تعرف أن الرجل الذي غصبته منه رجل كريم جيد، فهنا قد نقول: يتعين عليك أن تصلي فيه؛ لأن مثل هذا يُعلَم رضاه، هاتان المسألتان في فعل الشرط.
يقول المؤلف رحمه الله: (أو صلَّى في ثوب محرَّم عليه أو نَجس أعاد) إذا صلى في ثوب نجس أعاد، والمراد بالثوب النَّجس نجاسة لا يُعفى عنها، فإن كانت النجاسة يُعفى عنها فلا حرج عليه أن يصلي فيه، مثل الدم اليسير؛ فإن الدم اليسير النجس يُعفى عنه، إلا إذا كان خارجًا من السبيل على القول الراجح فلا يُعفى عنه كما سبق، المهم إذا صلَّى في ثوب نجس نجاسة لا يُعفى عنها فإنه يعيد، ما هو الدليل؟ الدليل نأخذه من اشتراط طهارة الثوب، وقد سبق لنا دليل اشتراط طهارة الثوب، أليس كذلك؟
طالب: من قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤].
الشيخ: على أحد الأقوال، قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} على أحد الأقوال؟
طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في نعاله، فأتى له جبريل وأخبره أن في نعاله نجاسة فخلعها .
الشيخ: ثلاثة؟
طالب: عندما بال الغلام على ثوبه أمر بماء فأَتْبعه إياه .
الشيخ: قد يقول: هذا لأجل إزالة الوسخ.
الطالب: بس إزالة نجاسة على الثوب.
الشيخ: إي، الوسخ، لو يصير مخاطًا أزاله الإنسان.
طالب: يصلي في المعلوم.
طالب آخر: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب: «تَحُتُّهُ ثم تَقْرِضُه ثم تَنْضَحُه بالماء، ثم تصلي فيه» .
الشيخ: ثم تصلي فيه، صح، حديث ابن عباس: «أَمَّا أَحَدُهُما فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ» لأنه قد يشمل عدم استنزاهه في ثوبه.
ودليل أيضًا: الأعرابي لما بال في المسجد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يراق على بوله ذنوبًا من ماء ، فإذا طهرت، أو إذا وجب تطهير مكان الصلاة -وهو منفصل عن المصلي- فوجوب تطهير المتَّصِل به من باب أولى.
هذه عدة أدلة، لكن إذا صلى في ثوب نَجِس، يقول المؤلف: (أعاد) مطلقًا، ست تفاصيل، سواء كان ذاكرًا أو؟
طلبة: ناسيًا.
الشيخ: أو ناسيًا، عالمًا؟
طلبة: أو جاهلًا.
الشيخ: واجدًا؟
طلبة: أو عادمًا.
الشيخ: أو عادمًا، صلى في ثوب نجس يَعلَم النجاسة، هذا لا تصح صلاته، لأنه خالف أمر الله ورسوله، فوجب عليه إعادة الصلاة.
صلى في ثوب نجس لكن ما علم إلا حين صلى، لما انتهى من الصلاة وجد النجاسة، نقول: أعد صلاتك.
المؤلف يقول: (أعاد) ولا فَصَّل. أعد صلاتك؛ لأنك أخللت بشرط في الصلاة، والإخلال بالشرط لا يُغْتَفر، إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قال للرجل الذي لم يطمئن قال: «إِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، وقال: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» ، إذن عليك أن تعيد.
أصابته نجاسة وصلَّى وهو يذكر النجاسة، يعيد؟ أصابت ثوبه؛ يعني: يعيد ولَّا لا؟
طلبة: (...).
الشيخ: يعيد، أصابته نجاسة فنسي أنها أصابته، أو نسي أن يغسلها، ثم صلى، يعيد؟
طلبة: (...).
الشيخ: نعم يعيد، أصابت النجاسة ثوبه وليس عنده ما يغسلها به، وليس عنده غير هذا الثوب، وصلَّى به؟
طلبة: يعيد.
الشيخ: يعيد على كلام المؤلف، عنده غيره أو عنده ماء، لكن قال: اليوم برد ما (...) اغسل ثوبي، متى عاد ينشف، ما أبغى أغسله، أبغي أصلي فيه، يعيد ولَّا ما يعيد؟
طلبة: (...).
الشيخ: يعيد، أو عنده ثوب آخر طاهر، لكن قال: ما أنا بخالع ثوبي بهذا البرد، إذا تبين جلدي أصابتني القشعريرة، (...) وأصلي، وصلى وهو واجد غيره؟
طلبة: يعيد.
الشيخ: يعيد.
طالب: قولًا واحدًا؟
الشيخ: على كلام المؤلف؛ إحنا بنأخذ كلام المؤلف الآن، فصار الآن الصُّوَر: عالم، وجاهل، وذاكر، وناسٍ، وواجد، وعادم، كلها يعيد، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وتعليله كما أشرنا إليه من قبل.
وقال بعض أهل العلم: إنه إذا كان جاهلًا أو ناسيًا أو عادمًا فلا إعادة عليه، واستدلوا بقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، فقال الله تعالى: قد فعلت، وهذه الآية عامة، وتعتبر من أكبر وأعظم قواعد الإسلام؛ لأن الذي علَّمنا هذا الدعاء مَن؟ الله عز وجل، هو اللي علمنا هذا الدعاء، وأوجب على نفسه عز وجل أن يفعل، قال: قد فعلت، كما صحَّ ذلك فيما رواه مسلم ، إذن هذا الرجل الذي صلى في ثوب نجس وهو لا يدري بالنجاسة إلَّا بعد فراغه مخطئ ولَّا غير مخطئ؟
طلبة: مخطئ.
الشيخ: مخطئ، هو مخطئ لا خاطئ، يجب أن تعرفوا الفرق بين خاطئ ومخطئ، لو كان يعلم بالنجاسة قلنا: إنه؟
طلبة: خاطئ.
الشيخ: خاطئ، لكن هو الآن مخطئ، ما دري، نقول: هذا الرجل ليس عليه إعادة، بمقتضى هذه القاعدة العظيمة التي تعتبر أساسًا في الدين الإسلامي، كذا ولَّا لا؟
ونقول: هناك دليل خاص في الموضوع، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبره جبريل بأن في نعليه أذىً خلعهما واستمر في صلاته ، ولو كان الثوب النجس المجهول نجاسته تبطل به الصلاة لأعادها من أولها، فهذا دليل خاص.
النسيان قلنا: الراجح أنه إذا نسي -نسي أن يكون به نجاسة أو نسي أن يغسلها- فالصحيح أنه لا إعادة عليه، الدليل؟ {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

ودليل آخر قياسي في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ»، والأكل والشرب في الصيام فعل محظور، والصلاة في ثوب نجس فعل محظور أيضًا، فلما سقط حكمه بالنسيان في باب الصوم نقيس عليه الحكم في النسيان في باب الصلاة، فإذن لا إعادة عليه.
فإن قال قائل: أوجِبوا عليه الإعادة لظهور الفرق بينه وبين الجاهل؛ لأن الجاهل لم يعلم أصلًا بالنجاسة فهو معذور، والناسي فرَّط فلم يُبادِر بالغسل فليس بمعذور، فألزِموه بالإعادة حتى بعد اليوم ينسى أن يغسله ولَّا لا؟ ما ينسى أن يغسله، فما هو الجواب إذا قال قائل هذا الكلام؟
قال: يجب عليكم أن تفرِّقوا في الحكم بين الجاهل والناسي؛ لأن الناسي عنده نوع من التفريط، وكان الذي ينبغي أن يبادر بالغسل؛ ولهذا كان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يُبادِر بإزالة النجاسة؛ الذي بال في المسجد قال: أيش؟ «أَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ» ، فأمر بالمبادرة، «أَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ»، والصبي الذي بال في حجره دعا بماء فأتبعه إياه ، والإنسان معرَّض للنسيان لا سيما إن كان الإنسان كثير النسيان، أيش (...) ، فما هو الجواب عن هذه العلة التي قد تمنع إلحاق الناسي بالجاهل؟
طالب: قول الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] جمع النسيان والخطأ سويًّا، وأكثر ما يَرِد النسيان والخطأ يأتيان سواء.
الشيخ: إي نعم.
طالب: نقول: الذي يظهر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ناسيًا؛ بدليل أنه عليه الصلاة والسلام أمر الصحابة إذا أراد أحدهم أن يصلي في نعليه أن ينظر هل فيهما قذر أو لا، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يمر بشيء إلا إذا كان سيأتيه، قطعًا صلى الله عليه وسلم أنه يأتيه، فإذا نظر زال الجهل، لم يبق إلا النسيان.
الشيخ: لا، الذي يظهر من الحديث أنه كان جاهلًا عليه الصلاة والسلام بأن فيها أذىً؛ لأنه قال: أَخْبَرني ولم يقل: ذَكَّرني.
طالب آخر: يا شيخ، نقول: هو لما كان ناسيًا ونسي هذه النجاسة ونسي أن يغسلها صار جهلًا بحالها، والفرق بينه وبين الجهل الأول أن هذا جهل بالحكم وهذا بالحال.
الشيخ: لا يا أخي، ما هو بجهل بالحال.
الطالب: نسي النجاسة.
الشيخ: الجهل بحاله أنه ما يدري عن النجاسة، هذا جهل بالحال، والجهل بالحكم أنه ما يدري أن النجاسة يجب إزالتها.
الطالب: لما نسي يغسلها صار جهل الحال.
الشيخ: ما يصير جهل الحال هذا، لو يدرون عنك الفلاسفة هؤلاء يضربونك على الرأس، فرق بين الجهل والنسيان كبير، النسيان ذهول القلب عن؟
طلبة: معلوم.
الشيخ: ذهول القلب عن معلوم، كيف تقول: جهل؟
طالب آخر: قد يقال: هذا قياس في مقابلة النص، نجيب..
الشيخ: لا، ما هو بقياس هذا.
الطالب: أقول: هذا تعليل في مقابل نص.
الشيخ: هو يقول: لو كان النص على هذا بعينه ما قلت شيئًا.
الطالب: لكن {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا}.
الشيخ: العمومات هذه يمكن تخصيصها، أنا يظهر لي -والله أعلم- في الجواب على هذا أن يقال: إنَّ فِعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا على سبيل الاستحباب، ما هو على سبيل الوجوب؛ لأن الله تعالى لم يوجب الوضوء -وهو أعظم من إزالة النجاسة- إلا عند القيام إلى الصلاة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]، فلو أحدث الإنسان قبل الصلاة بساعة لا يجب عليه الوضوء، مع أن فيه احتمال أن يقوم يصلي وينسى أنه أحدث، أو أنه توضأ من الحدث، فإذا كان كذلك زال الإشكال، فأقرب عندي في الدفع لهذا الإيراد القوي أن يقال: إن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا على سبيل الاستحباب والندب للمبادرة لإزالة النجاسة، أما أنه على سبيل الوجوب فلا، ونقول: بدليل أن الله لم يوجب علينا الطهارة من الحدث -وهي أقوى وأوكد من طهارة النجاسة- إلا عند القيام إلى الصلاة.
(واجدًا) إذا كان عادمًا ليس عنده إلا هذا الثوب النجس فقد ذكرنا أن كلام المؤلف يدل على أنه؟
طلبة: يعيد.
الشيخ: يصلي به ويعيد.
وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال:
قول إنه يصلي به ويعيد.
والقول الثاني يصلي عريانًا.
والقول الثالث يصلِّي ولا إعادة.
أما الذين قالوا: إنه يصلي ويعيد؛ قالوا: يصلي ساترًا لعورته لوجوب الستر، ويعيد لأنه حامل للنجاسة بهذا الثوب، حامل للنجاسة الواقعة بهذا الثوب، فعليه أن يعيد وعليه الستر لأن هذا الثوب يستر العورة.
والذين قالوا: يصلي عريانًا ولا يعيد قالوا: لأن هذا الثوب لا يجوز لبسه في الصلاة، وكونه مضطرًا إلى ذلك لا يبرر له أن يحمله وهو نجس، فيجب عليه أن يخلعه ويصلي عريانًا.
وأما الذين قالوا بأنه يصلي فيه بلا إعادة فقالوا: إن الستر واجب، وإن حَمْلَه للنجس حينئذ للضرورة؛ لأنه ليس عنده ما يزيل به هذه النجاسة، وليس عنده ما يكون بدلًا عن هذا الثوب، فيكون مضطرًا إلى لبسه ومضطرًا إلى ملابسة النجاسة، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].
ومن المعلوم أنك لو نظرت في الرأي وقلت: هل نلزم هذا الرجل بأن يصلي في نجس ويتقرب إلى الله وثوبه ملطخ بالنجاسة، ثم نقول: هذه الصلاة غير مقبولة، لازم تعيدها؟
إذن، أوجبنا عليه صلاتين؛ صلاةً مردودة، وصلاةً مقبولة، ممكن تكون بعد عشر سنين، الله أعلم.
المهم أن هذا قول إذا تصوَّره الإنسان عرف أنه بعيد، أو نقول: مُرْه أن يخلع ثوبه ويصلي عريانًا، هذا أقبح، فإن صورة الرجل العريان بين يدي الله عز وجل أقبح من أن يكون حاملًا لثوبٍ نجس للضرورة، والله تعالى أحق أن يُسْتَحيا منه.
بقى عندنا الاحتمال الثالث؛ أن نقول: هذا الرجل ألزمناه بالثوب النجس من أجل ستر العورة، وأسقطنا عنه حكم الإعادة؛ لأن الله لا يوجب على عباده العبادة مرتين أبدًا، وهذا القول هو أرجح الأقوال، أنه إذا وجد ثوبًا نجسًا لا يجد غيره ولا يمكن غسله فإنه يصلي فيه، ولا إعادة عليه.
طالب: شيخ، مثلًا النجاسة على البقعة إذا فرش عليها فراشًا طاهرًا، هل يجوز أن يصلي؟
الشيخ: إي نعم، تجوز الصلاة.
الطالب: تبطل الصلاة.
الشيخ: لكن طاهر.
الطالب: (...).
الشيخ: ما مس النجاسة.
الطالب: يعني: ما تضر إذا صار الفراش أسفله نجسًا؟ الماء مباشر النجاسة.
الشيخ: إي، ولكن يابسةٌ النجاسة، ما تمضي فيه، إي ما يضر.
الطالب: إذا علم النجاسة بثوبه في وقت الصلاة، وهو داخل الصلاة علم أن ثوبه فيه نجاسة، هل يخلع ثوبه؟ أو يبطل صلاته؟
الشيخ: إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وجب عليه خلع الثوب النجس، إن كان عليه غيره مما يستره، إن كان ما عليه غيره فليستمر فيه.
طالب: لكن كون النهي يعود إلى شرط العبادة على وجه مختص به، القاعدة (...) على هذا.
الشيخ: نقول: ما عاد على الشرط يُنظر فيه في الواقع، إن كان هذا الشرط مما يصحح أو يفسد فهذا نعم؛ نقول: لا يصحُّ هذا الشرط فلا تصح العبادة، وإن كان مما لا يصحح ويفسد فليس كل شيء حرام يكون باطلًا، فهذا الظهار مثلًا محرم إذ ترتب عليه آثاره.
الطالب: لكن توضيح مثال (...)، مثلًا مما لا يفسد هذا الشرط..
الشيخ: يعني: مثلًا إذا كان هذا الشيء يقع على وجه صحيح أحيانًا وفاسد أحيانًا، هذا هو الذي يقال: إذا وقع على وجه مُحَرَّم صار فاسدًا؛ لأن له حالين، بخلاف الذي لا يقع على هذا الوجه، والستر لا يقع على هذا الوجه، الستر ستر بأي ثوب كان (...).

***

\n طالب: \n ومن وجد كفاية عورته سَتَرها، وإلا فالفرجين، فإن لم يكفهما فالدُّبُر، وإن أعير سُترةً لزمه قبولُها، ويصلي العاري قاعدًا بالإيماء استحبابًا فيهما، ويكون إمامهم وسطَهم، ويصلي كل نوع وحده، فإن شقَّ صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا، فإن وجد سترةً قريبةً في أثناء الصلاة ستر وبنى وإلا ابتدأ، ويكره في الصلاة السَّدْل، واشتمال الصماء.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
ما تقول في رجل وجد ثوبًا محرمًا عليه، هل يصلي به أو لا يصلي؟\n
\n طالب: المذهب يصلي به ويعيد.\n
\n الشيخ: ثوبًا محرمًا عليه، وهو طاهر؟\n
\n الطالب: يصلي فيه ويعيد، وفي قول جمهور العلماء أنه ينظر هل الثوب هذا عندما اشتراه هل عقد عليه بثمن محرم، أم كان اشتراه في ذمته، ثم..\n
\n طالب آخر: لا يصلي فيه.\n
\n الشيخ: لا يصلي فيه، خطأ.\n
\n طالب: فيه تفصيل، إما يكون محرمًّا لحق الله أو لحق العباد، فإن كان محرمًا لحق العباد فالمذهب أنه لا يصلي فيه، وإن كان لحق الله فيصلي فيه ويعيد.\n
\n الشيخ: صح، نقول: إذا صلى في ثوب محرم عليه فإن كان لحق الله فلا إعادة عليه؛ لأنه في ضرورة كالحرير للرجل، والمُصوَّر للرجل والمرأة، وإن كان لحق الآدمي فالمذهب أنه لا يصلي فيه ويصلي عريانًا.\n
وفيه قول آخر أنه يصلي فيه؛ لأنه في حاجة إلى الصلاة في هذا الثوب فيصلي، وإذا سامحه صاحبه فذاك، وإن لم يسامحه أعطاه أجرة انتفاعه به في وقت الصلاة.\n
إذا صلى في ثوب نجس؟\n
\n طالب: إذا صلى في ثوب نجس وليس لديه غيره؛ حسب المذهب إن صلَّى فيه عليه إعادة، وإن لم يصلِّ فيصلي عاريًا.\n
\n الشيخ: يعني: يجوز أن يصلي عاريًا؟\n
\n الطالب: إي، يصلي عاريًا.\n
\n الشيخ: توافقونه؟\n
\n طالب: على المذهب -يا شيخ- يجب أن يصلي فيه ثم يعيد.\n
\n الشيخ: المذهب يجب أن يصلي فيه ثم يعيد، القول الثاني؟\n
\n طالب: أنه يصلي عريانًا، ما يصلي فيه.\n
\n الشيخ: القول الثالث؟\n
\n طالب: القول الثالث أنه يصلِّي فيه ولا يعيد.\n
\n الشيخ: أنه يصلي فيه ولا يعيد، وهذا أرجح الأقوال.\n
رجل اشترى ثوبًا وثمنه مغصوب؟\n
\n طالب: على تفصيل، إن اشتراه ونقده من عنده وكان بدلًا ببدل فهذا محرم؛ أي بعَيْنِه إن كان منصوصًا على عينه..\n
\n الشيخ: إن عيَّن الثمن المغصوب.\n
\n الطالب: فهذا محرم لا يجوز الصلاة فيه.\n
\n الشيخ: فالصلاة فيه لا تجوز؛ لأنه محرم.\n
\n الطالب: وإن اشتراه في الذمة ثم نقده من عنده، الصلاة فيه..\n
\n الشيخ: فلباسه حلال، والصلاة فيه صحيحة، كذا؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: هناك قول في أصل المسألة؛ قول: إنه تصح الصلاة في ثوب مُحَرَّم، وأشرنا إليه، أليس كذلك؟\n
في قول: إن الصلاة في الثوب المحرم صحيحة؛ لأن الشارع لم يقل: لا تصلِّ في الثوب المحرم، وإنما قال: لا تلبس أو لا تستعمل الثوب المحرم، فالمنهي عنه اللباس، بخلاف ما لو قال: لا تصلِّ، ولهذا نقول: لو صلى في وقت النهي فصلاته باطلة؛ لأن الشارع قال له: لا تُصَلِّ، ولو صلى في بيت مغصوب فإنه على القول الراجح تصح صلاته مع الإثم.\n
قال المؤلف: \n (لا مَنْ حُبِسَ في محلٍّ نَجس)، (لا): هذه معطوفة على قوله:\n (أعاد)، يعني: لا يعيد مَنْ حبس في محل نجس؛ يعني: ولم يتمكن من الخروج إلى مكان طاهر؛ فإنه إذا حبس لا إعادة عليه؛ لأنه مكره على المكث في هذا المكان، والإكراه حكمه مرفوع عن هذه الأمة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» \n والفرق بينه وبين من صلى في ثوب نجس أن من صلى في ثوب نجس ليس مُكْرَهًا على الصلاة به، ولهذا لو أُكْرِه على الصلاة في الثوب النجس وقيل: صلِّ فيه وإلا فعلنا وفعلنا فإنه يصلي فيه ولا إعادة، بخلاف المكان الذي حُبِسَ فيه وهو نجس فإنه يصلي ولا إعادة عليه، والتعليل كما سمعتم، بل الدليل كما سمعتم؛ وهو المجاوزة عن المكره.\n
ولكن كيف يُصَلِّي في المحل النجس؟ إن كانت النجاسة يابسة صلَّى كالعادة، وإن كانت رطبة صلى بالإيماء، صلى قاعدًا على قدميه بالإيماء؛ لأنه إذا كانت رطبة يجب أن يتوقاها بقدر الإمكان، وأقل ما يمكن أن يباشر النجاسة أن يجلس على القدمين، ولا يركع، ولا يقعد أيضًا؛ لأنه لو قعد لتلوث ساقه وثوبه وركبته مثلًا، فيقلِّل النجاسة ما أمكنه، ويومئ بالركوع والسجود كذلك ما أمكنه.\n
قال: \n (لا مَنْ حُبِسَ في مَحل نجس، ومن وجد كفايةَ عورته سترها).\n
\n (ومَن وجد) (مَن): شرطية، فعل الشرط؟\n
\n طلبة: \n (وجد).\n
\n الشيخ: \n (وجد)، وجوابه؟\n
\n طالب: \n (سترها).\n
\n الشيخ:\n (سترها) يعني: وجوبًا، \n (من وجد كفاية) كفاية العورة وجب عليه سترها، والعورة -سبق أنها بالنسبة للمرأة الحرة البالغة- جميع البدن ما عدا الوجه، ولابن سبع إلى عشر أيش؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: الفرجان، السوأتان، ولمن سواهما؟\n
\n طلبة: السرة والركبة.\n
\n الشيخ: ما بين السرة والركبة على المشهور من المذهب، فإذا وجد كفاية العورة وجب عليه أن يسترها؛ لما سبق من كونها من شروط؟\n
\n طلبة: الصلاة.\n
\n الشيخ: من شروط الصلاة.\n
\n (وإلا فالفرجين): (إلا) هذه مركبة من (إن) و(لا) النافية، لكنها أدغمت (إن) بـ (لا) لوجود شرط الإدغام، و(إن) شرطية، وفعل الشرط محذوف، التقدير؟ وإلا يجد.\n
\n (فالفرجين) أي: فليستر الفرجين، فإذا قُدِّرَ أن شخصًا تعرَّض له قطاع طريق وسلبوا رحله، وسلبوا وثيابه، ولم يبقوا معه إلا منديلًا فقط، المنديل لا يمكن أن يستر به عورته، نقول: استر الفرجين بهذا المنديل؛ يعني: القبل والدبر.\n
قال: \n (فإن لم يَكْفِهما فالدبُر) يستر الدبر؛ لأن القبل إذا انضم عليه ستره، والدبر إذا سجد انفرج وبان، فيكون ستر الدبر أولى من ستر القبل، والواجب أن يخفف الأمر بقدر الإمكان.\n
\n (فإن لم يكفهما فالدبر، وإن أُعير سترة لَزِمه قَبولُها) (إن) شرطية، وفعل الشرط \n (أُعِير)، و\n (لزم)؟\n
\n طلبة: جواب الشرط.\n
\n الشيخ: جواب الشرط،\n (إن أُعير) والعرية: إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه، هذه العرية، إباحة نفع عين تبقى بعد الاستيفاء.\n
وقوله: \n (إن أعير)لم يذكر المؤلف الفاعل فيشمل أي إنسان يعيره، سواء كان هذا المعير من أقاربه أو من الأباعد، من المسلمين أو من الكفار، المهم متى أُعير سترةً لَزِمه قَبولُها.\n
إذا قال قائل: ما هو الدليل أو التعليل لوجوب القبول؟ أفلا يكون عليه بذلك مِنَّة؟\n
فالجواب أن نقول: التعليل في هذا أن هذا الرجل قَدَر على سَتْرِ عورته بلا ضرر ولا مِنَّة؛ لأن المنة في مثل هذا الأمر منة يسيرة، كل أحد يتحملها، كل الناس يستعير بعضهم من بعض، وكل الناس يعير بعضهم بعضًا، فالمنة يسيرة.\n
لكن لو فرض أن هذه العارية أو هذه الإعارة يريد المعير أن تكون ذريعة لنيل مأرب له باطل، فماذا نقول؟\n
هنا لا يلزمه القبول؛ لأن يخشى إذا لم أقم بما يريد أن يجعل ذلك سُلَّمًا للمنِّة عليَّ وإيذائي أمام الناس، أنا فعلت فيك وفعلت فيك وأعرتك وما أشبه ذلك، لكنَّ الكلام على إعارةٍ سالمًا من المحذور، يلزمه القبول لما ذكرنا آنفا في التعليل.\n
وظاهر كلام المؤلف أنه لو أعطيها هبة لم يلزم قَبولها؛ لأنه قال: \n (إن أعير)، وظاهر كلامه أيضًا أنه لا يلزمه الاستعارة، فهل هذا القول الذي يفهم من كلام المؤلف صحيح أو فيه نظر؟\n
ننظر؛ يقول: لا يلزمه أن يقبله هبة لأن في ذلك منة عظيمة؛ قد يكون الثوب يساوي مئة ريال مثلًا، فيكون بذلك منة لا يستطيع الإنسان أن يتحملها فلا يلزمه قَبول الهبة، هل يلزمه الاستعارة؟ ظاهر كلام المؤلف لا؟ ولا بلى؟\n
\n طلبة: لا يلزمه.\n
\n الشيخ: لا يلزمه؛ لأنه قال:\n (إن أُعِير)، ولم يقل: يلزمه الاستعارة؛ لماذا؟ قالوا: لأن في طلب العارية إذلالًا للشخص، وهذا عادم لما يكون به الواجب -وهو الستر- ولا واجب مع العجز، فلا يلزمه أن يستعير، مع أنهم ذكروا في باب التيمم أنه لو وُهِبَ لعادم الماء ماء لزمه قبوله، ولكنهم يفرقون بأن الماء لا تكون فيه مِنَّة كالمنة بالثياب، الماء المنة فيه قليلة بخلاف الثياب، ولكن يقال: قد يكون الماء في موضع العدم أغلى من الثياب فتكون المنة فيه كبيرة، ولكن نقول: حتى وإن كان في موضع العدم فإن الإنسان الذي يعطي الماء في موضع العدم يشعر بأنه هو الرابح لأنه أنقذ معصومًا، بخلاف الثياب.\n
على كل حال، القول الراجح في هذه المسألة -نحن الآن نحلل كلام المؤلف- لكن القول الراجح في هذه المسألة أنه يلزمه تحصيل السترة بكل وسيلة ليس عليه فيها ضرر ولا مِنَّة، كل وسيلة سواء ببيع أو باستعارة أو باستيهاب أو بقبول هبة أو ما أشبه ذلك؛ لقوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وهذا الإنسان مأمور بستر عورته فيجب عليه بقدر استطاعة أن يأتي بهذا الواجب.\n
والمسألة يختلف الناس فيها؛ قد يكون طلبك من شخص هبة لتستر عورتك قد يكون ذلك بمنزلة المنة عليه، لا منه، أليس هكذا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نعم، قد يفرح أن تأتي إليه، وتقول: أنا في حاجة إلى ستر عورتي في صلاتي أعطني، يفرح، هذا ليس في إعطائه مِنَّة، ولا في الاستيهاب منه منة.\n
وقد يقول بعض الناس: لو يعيرني لوجدت في ذلك غضاضة علي؛ لأني أعرف أنه من الناس المنَّانين، وحينئذ يكون في قبولي إياها عارية، فيه غضاضة علي.\n
فالصواب أن نأخذ قاعدة عامة؛ وهو أنه يجب عليه تحصيل السترة بكل طريق ليس فيها ضرر عليه ولا غضاضة، هذه القاعدة قد يخرج منها ما ذكره المؤلف، وقد يدخل فيها ما أخرجه المؤلف.\n
يقول رحمه الله:\n (ويصلي العاري قاعدًا بالإيماء استحبابًا فيهما).\n
\n (يصلي العاري قاعدًا) إذا كان هناك إنسان عارٍ، ما عنده ثوب، فإنه يصلي قاعدًا ولو كان قادرًا على القيام، لماذا؟ قال: لأنه أستر لعورته؛ لأن القاعد يمكن ينضم، ولأننا نأمره بأن يومي في الركوع والسجود وحينئذ لا تنكشف عورته، أليس كذلك؟\n
قال المؤلف:\n (استحبابًا فيهما)؛ يعني: أننا نستحب له ذلك استحبابًا، وهذا كالمصدر المؤكد للجملة التي قبله، ولهذا حذف عامله؛ يعني: يصلِّي على وجه الاستحباب لا على وجه الوجوب، وعلى هذا فلو صلى قائمًا وركع وسجد صحت صلاته.\n
وظاهر كلام المؤلف أن هذا الحكم ثابت، سواء كان حوله أحد أم لم يكن حوله أحد لإطلاق كلامه، فإن كان حوله أحد فما قاله المؤلف وجيه؛ أنه يصلي قاعدًا بالإيماء لأن الإنسان -نسأل الله لنا ولكم السلامة- يستحي أن يقوم أمام الناس تبدو عورته، وإذا سجد انفرج دبره، لكن إذا لم يكن عنده أحد يستحي ولَّا لا؟ لا يستحي، لكن هذا كلام المؤلف، يقول: لا فرق.\n
فيه قول آخر يقول: لا يجوز أن يصلي قاعدًا بل يجب أن يصلي قائمًا؛ لقوله تعالى: \n {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فأوجب الله القيام، والستر هنا ساقط عنه في قوله تعالى: \n {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].\n
فإذا كان الستر ساقطًا بالدليل الذي ذكرت والقيام واجبًا بالدليل الذي ذكرت، نقول: يقوم لوجود مقتضِي القيام، ولَّا لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: ويصلِّي عاريًا لسقوط مقتضي الستر وهو العكس.\n
وقال بعض أهل العلم: في هذا تفصيل؛ إن كان حوله أحد صلى قاعدًا، وإن لم يكن حوله أحد أو كان في ظلمة أو ليس حوله إلا شخص لا يبصر فليصلي قائمًا؛ لأنه لا عذر له.\n
وهذا القول المفصَّل أقرب الأقوال الثلاثة إلى الحق؛ لأنه يجمع بين حق الله وحق النفس؛ بين حق الله إذا كان ما حوله أحد يراه أن يقوم بالواجب -يصلي قائمًا- لأنه قادر، وبين حق النفس إذا كان حوله أحد يخجل ولا يستطيع أن يقوم وعورته بادية أمام الناس، فنقول: حينئذ اجلس وصل بالإيماء؛ لأن ذلك أستر لك.\n
على كلام المؤلف لو صلى قائمًا وركع وسجد فالصلاة صحيحة؛ لأن المسألة على سبيل الاستحباب.\n
قال المؤلف:\n (ويكون إمامهم وسطهم)، (يكون إمامهم) أي: إمام العراة \n (وسطهم) أي: بينهم؛ يعني: لا يتقدم، لماذا؟ لأنه أسترُ له من أن يتقدم.\n
وعلى هذا فإذا وُجِد عشرة كلهم عراة، تعرض لهم قطاع الطريق وأخذوا ثيابهم، وهذا موجود في الزمن الماضي، في بلادنا هذه كان الناس تؤخذ ثيابهم ما بين البلد وبين المرعى، فإذا أُخِذَت الثياب وحان وقت الصلاة، نقول: صلُّوا صفًّا واحدًا والإمام بينكم، إذا طال الصفُّ لو كانوا ألف نفر صلوا صفًّا واحدًا ويكون الإمام بينهم، ويصلون قعودًا؟\n
\n طلبة: فيه تفصيل.\n
\n الشيخ: على المذهب يصلون قعودًا.\n
\n طلبة: استحبابًا.\n
\n الشيخ: استحبابًا؛ ويومئون بالركوع والسجود استحبابًا أيضًا.\n
وقال بعض أهل العلم: بل يتقدم الإمام؛ لأن السُّنة أن يكون الإمام أمامهم، وتأخُّرُه لا يفيد شيئًا، غاية ما هنالك أنه هو نفسه يكون أستر، وأيضًا لو كان أستر بالنسبة له فإننا نقول: هو معذور، والإنسان إذا شاركه غيره في عيبه خف عليه، فهو إذا تقدم لا يرى في نفسه شيئًا من الغضاضة أو من الحياء أو من الخجل؛ لأن جميع مَنْ معه على هذا الوجه، ولا ينبغي أن نفوت موقف الإمام وانفراده في القبلة؛ لأن الإمام متبوع، فينبغي أن يتميز عن أتباعه الذين هم المأمومون، وهذا القول أقرب إلى الصواب.\n
ومع ذلك فيستثنى من كلام المؤلف ما إذا كانوا في ظلمة، أو كانوا لا يبصرون، فإن كانوا في ظلمة أو لا يبصرون فإن إمامهم يتقدم عليهم كالعادة؛ لأن المحذور زال.\n
يقول:\n (ويصلي كل نوع وحده)؛ يعني: لا يصلون جماعة، \n (يصلي كلُّ نوع وحده) نوع منين؟\n
\n طلبة: من الرجال والنساء.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟ الدليل قوله فيما بعد:\n (فإن شَقَّ صلى الرجالُ واستدبرهم النساء)، نقول: إذا اجتمع رجال ونساء عراة فلا يصلون جميعًا، يصلي كل نوع وحده، لماذا؟ لأن النساء لا يمكن أن يقمن في صف الرجال، فلا بد لهن من صف مؤخر، وإذا صففن وراء الرجال صرن يرين عورات الرجال، لا نقول: تصلي النساء مع الرجال وتغمض، لا. نقول: لا تصلي، يصلي الرجال أولًا، ثم يصلي النساء، بمعنى أن نجعل النساء في مكان، والرجال في مكان، فيصلي الرجال وحدهم والنساء وحدهم، ولا يصلون جماعة، فإن شقَّ بحيث لا يمكن أن يصلي كل نوع وحده.\n
يقول: \n (صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا) نقول: إذا كان ما في مكان بحيث نقول للنساء صلوا يصلين هناك والرجال هنا يصلون في المكان هذا جميعًا، لكن يصلي الرجال وحدهم وتستدبرهم النساء، معنى تستدبرهم: تلقيهم ظهورهن، تكون ظهور النساء إلى أيش؟ إلى القبلة، لماذا؟ لئلا يَرَين الرجال، وهي إذا رأت الرجل ستنظر إلى عورته؛ لأن ما فوق الدبر إلى حذاء السرة كل هذا عورة، ستنظر إليه.\n
فنقول إذن يصلي الرجال، وأنتم أيتها النساء استدْبِرْن الرجال، ثم بعد ذلك يصلي النساء جماعة ولَّا غير جماعة؟\n
\n طلبة: جماعة.\n
\n الشيخ: جماعة استحبابًا، ما هو واجب، الجماعة للنساء غير واجبة، يصلي النساء ويستدبرهم الرجال، تكون ظهور الرجال نحو؟\n
\n طلبة: القبلة.\n
\n الشيخ: القبلة.\n
\n طالب: النساء.\n
\n الشيخ: تكون ظهور الرجال في المسألة الثانية، إذا صلى النساء وحدهم يكون ظهور الرجال نحو القبلة، هذا الحكم في المسألة، هل مثل ذلك لو كان المكان ضيقًا والرجال كثيرين، هل نقول: يصلون جماعتين؟ نحن ذكرنا قبل قليل يصلون صفًّا واحدًا وإمامهم بينهم، لكن إذا كان المكان لا يسعهم صفًّا واحدًا، فهل يَصُفُّون صفًّا آخر وراءهم؟\n
\n طالب: لا يصفون.\n
\n الشيخ: أو نقول: يستدبرونهم، فإذا فرغوا صلى هؤلاء، واستدبرهم هؤلاء.\n
\n طلبة: الأول.\n
\n الشيخ: فيها قولان لأهل العلم؛ فبعضهم قال: يفعل الصف الزائد الذي لا يتحمله المكان كما يفعل النساء.\n
ومنهم من قال: بل يصلون جماعة واحدة، لكن في هذه الحال إذا قلنا: يصلون جماعة واحدة أفلا نقول: إنه يندب لكم أيها المتأخرون أن تغمضوا أعينكم؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n طالب: التغميض (...).\n
\n الشيخ: نقول: يُنْظَر، إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الانشغال برؤية هؤلاء فإنه يغمض، وإن كان لا يخشى وأنه لا يهتم إلا بصلاته، وسينظر إلى موضع سجوده، وإلى موضع إشارته في الجلوس فلا حاجة أن يغمض.\n
قال رحمه الله تعالى: \n (فإن وجد سُترة قريبة في أثناء الصلاة سَتَر وبنى وإلا ابتدأ)، إن وجد، مَن؟\n
\n طالب: العريان.\n
\n الشيخ: العريان الذي صلى عريانًا في أثناء الصلاة جاء الله له بسترة، إذا كانت قريبة يعني: لم يَطُل الفصل أخذها وستر وبنى على صلاته، وإن كانت بعيدة فإنه يقطع صلاته، ويبتدأ الصلاة من جديد، كيف بعيدة وقريبة؟\n
قريبة؛ مثل رجل جاء إليه وقال: خذ استر نفسك، وهو يصلي، نقول هنا: يأخذها وينستر، بعيدة؛ رأى ورقة يطير بها الهواء تستره، ولنفرض أنها كرتون اسمنت، يمكن.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، لكنها علقت بشجرة بعيدة عنه، وهو يصلي، تعلقت بشجرة بعيدة عنه، نقول له؟\n
\n طالب: اقطع صلاتك.\n
\n الشيخ: اقطع صلاتك؛ لأن هذا يؤدي إلى انقطاع بعضها عن بعض، اقطع صلاتك واذهب وخذ هذه السترة، واستتر بها وابتدئ الصلاة.\n
قال بعض العلماء في هذه المسألة كما قالوا في الماء: امرأة بطلت صلاتُها بكلام إنسان، قالوا ما هي؟ قالوا: هذه أمة تصلي وهي ساترة كل بدنها إلا رأسها وساقيها مثلًا، فقال لها سيدها: أنت حُرَّة لوجه الله، ويش صارت الآن؟\n
\n طلبة: صارت حرة.\n
\n الشيخ: صارت حرة، ويش يجب عليها؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: أن تستر جميع بدنها إلا الوجه، دورت حول السترة ما عندها شيء؛ نقول: الآن تبتدئ الصلاة من جديد، فإن كان سيدها ذكيًّا وفقيها فجاء بالسترة معه، وقال: أنت حرة لوجه الله، ثم وضع على رأسها وعلى بقية المنكشف منها سترة.\n
\n طلبة: تبني.\n
\n الشيخ: تبني أو لا؟\n
\n طلبة: تبني.\n
\n الشيخ: تبني، لماذا؟\n
\n طلبة: لأنها قريبة.\n
\n الشيخ: لأنها سترت عن قرب.\n
والخلاصة الآن أن الإنسان العاري إذا وجد ما يستر عورته عن قرب وجب عليه أن يستر ويبني، كذا؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، هي قريبة.\n
أقول: إذا وجد المصلي العاري سترة قريبة وجب عليه أن يستر ويبني.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: خطأ.\n
\n طالب: يستر صحيح، لكن يبني (...).\n
\n الشيخ: إذا وجب الستر وجب البناء.\n
\n طلبة: صحيح.\n
\n الشيخ: صحيح؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: خطأ.\n
\n طالب: لا، شيخ (...).\n
\n الشيخ: إن كانت الصلاة فرضًا وجب عليه أن يستر ويبني، إن كانت نفلًا.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: فله أن يقطعها.\n
\n طالب: (...) أحيانًا؛ نستفصل فتقول: لا داعي للتفصيل.\n
\n الشيخ: المهم على كل حال، هذا التفصيل.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: على كل حال يقول: إذا وجدها قريبة وجب عليه الستر والبناء إن كانت الصلاة فرضًا، فإن كانت بعيدة لزمه استئناف الصلاة، ولم يجز أن يستمر سواء كانت فرضًا أم نفلًا.\n
\n طالب: شيخ، إذا كان معهم سترة واحدة وهم جماعة، مَنْ يأخذها؟\n
\n الشيخ: هي لمن؟ لمن هي؟\n
\n الطالب: (...) فوجدوا سترة تكفي لشخص واحد.\n
\n الشيخ: مَنْ وجدها؟ كلهم راحوا عليها؟\n
\n طالب: مرت قدامهم.\n
\n الشيخ: على كل حال، إذا كانت إذا كانت السترة لواحد منهم وجب عليه أن يصلي بها وحده، وهل يجوز أن يؤثر بها غيره؟\n
\n طلبة: لا ما يجوز.\n
\n الشيخ: سبق لنا في قاعدة الإيثار، أن الإيثار بالواجب؟\n
\n طلبة: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يجوز، إذن يستتر بها صاحبها، ثم بعد ذلك.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: لا، يستتر بها صاحبها -سواء كان الإمام أو المأموم- ثم يعطيها، إذا لم يكن يصلون جميعًا، يعطيها من شاء، فإن أعطاها لهم جميعًا أقرع بينهم، فمن قرع أخذها.\n
\n طالب: مثل الأشجار هذه، يعني: يقدر يستتر بالأشجار، يجب عليه؟\n
\n الشيخ: العلماء يقولون: ما يجب عليه الأشجار التي تؤذيه وتضره، ما يجب عليه، إذا كانت تضره ما يجب عليه، لو مثلًا ما حوله إلا أشجار (...) لا ما يمكن يستتر، لكن إذا كانت..\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: نعم، إذا كانت لا تضره كشجرة اليقطين، فإن الله قال عن آدم وحواء: \n {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: ٢٢].\n
\n طالب: يا شيخ، هل نستحب للعراة أن يخففوا الصلاة وأن لا يتلاصقوا؟\n
\n الشيخ: لا، أن يخففوا الصلاة، لا، لكن أن لا يتلاصقوا قد نقول هذا؛ لأنه قد يكون في ذلك فتنة.\n
\n طالب: شيخ، هل الجماعة تلزم العاري؟ مثل أُذِّن وهو في البيت، هل يخرج للمسجد يصلي جماعة، وهو عارٍ؟\n
\n الشيخ: إي، ما يلزمه؛ لأن هذا من أعظم ما يكون من الخجل.\n
\n الطالب: أليس هو معذورًا؟\n
\n الشيخ: معذور، ما يلزمه.\n
\n طالب: شيخ، يعني (...) الإمام بالوسط يا شيخ، (...) استفصال.\n
\n الشيخ: أيش؟\n
\n الطالب: يعني: فصلت يا شيخ القول (...) إذا كان يعني يصلي قاعدًا أو قائمًا إذا كان عريانًا، فقلت: إذا كان حوله أحد فإنه يصلي قاعدًا، وإذا كان لوحده فإنه يصلي قائمًا، هل هذا يعني على قولك استحبابًا ولَّا؟\n
\n الشيخ: وجوبًا، لا، وجوبًا.\n
\n الطالب: وجوبًا؟\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: بالنسبة لتفصيل الفقهاء في العورة وتقسيمها إلى ثلاثة أقسام.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: ينطبق قولهم حتى في الصلاة؟\n
\n الشيخ: هذا كلامهم في الصلاة.\n
\n الطالب: شيخ، لم لا نقول: إن الأصل الزينة عامة؟ يعني: الزينة التي تتعارف مثلًا لمن (...) العاشرة، والزينة التي تتعارف للعبيد وما إلى ذلك.\n
\n الشيخ: والله هذا..\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: نعم أقول: هذا إذا قيل به فهو جيد، إذا قيل بأن أخذ الزينة كما قال الله عز وجل.\n
\n الطالب: الزينة المتعارف عليها..\n
\n الشيخ: إي، ما جرى به العرف، إلا إذا جرى العرف بأمر منكر ما يمكن أن آخذ به (...). \n

***

قال المؤلف رحمه الله: \n (ويكره في الصلاة السَّدل) (يكره) الكراهة عند الفقهاء هي ما نُهِي عنه، أو هي النهي عن الشيء من غير الإلزام بالترك، والمكروه ما نُهِيَ عنه من غير إلزام بتركه، هذا عند الفقهاء.\n
أما في لغة القرآن والسنة وغالب كلام السلف فالمكروه هو المحرَّم؛ ولهذا قال الله تعالى في سورة الإسراء قال: \n {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨]، ومعلوم أن الله ذكر فيها الشرك، وذكر فيها أشياء كثيرة من الأمور المحرمة، وسماه الله تعالى \n {مَكْرُوهًا}؛ لأنه مُبغَض عند الله عز وجل؛ ولهذا قال أصحاب الإمام أحمد: إن الإمام أحمد إذا قال: (أكره كذا) يعني: أنه محرم.\n
أما في اصطلاح الفقهاء والأصوليين فيقولون: إن المكروه ما نُهِيَ عنه لا على سبيل الإلزام بالترك، وحكمه أنه يثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله، وأيضًا يجوز عند الحاجة، كلما احتاج الإنسان إلى المكروه زالت الكراهة وإن لم يضطر إليه، أما المحرم فلا يجوز إلا عند الضرورة.\n
قال: \n (يكره في الصلاة السَّدْل)، والسدل أن يطرح الرداء على كتفيه، ولا يرد طرفه على الآخر، هذا السدل، يضع الرداء -معروف لكم- على كتفيه هكذا ولا يرد طرفيه على كتفيه، هذا هو السدل.\n
وقال بعضهم: السدل أن يضع الرداء على رأسه ولا يجعل أطرافه على يمينه وشماله، يعني: مثل هكذا، بالغترة، خليها هكذا ما هي على يمينه ولا يساره، هذا السدل.\n
وقال بعضهم: إن السدل أن يرسل ثوبه حتى يكون تحت الكعبين، وعلى هذا فيكون بمعنى الإسبال، والمعروف عند فقهائنا أن السَّدْل أن هو يطرح الثوب على الكتفين، ولا يرد طرفه على كتفيه، هذا هو السدل.\n
ولكن إذا كان هذا الثوب مما يلبس عادة هكذا فلا بأس به، ولهذا قال شيخ الإسلام: إن طرح القباء على الكتفين من غير إدخال الكمين لا يدخل في السدل.\n
القباء يعني مثل الزبون والكوت وما أشبهه، قال: إن هذا لا يدخل في السدل، إذا احتاج الإنسان إلى ذلك جاز ولَّا لا؟ جاز؛ لأن المكروه تزيله الحاجة.\n
كذلك يُكْرَه \n (اشتمال الصماء) هنا أضيف الشيء إلى نوعه؛ يعني: اشتمال اللبسة الصماء، يعني: أن يشتمل بالثوب على وجه يكون أصم، والأصم -في الأصل- هو الذي لا يسمع، فاشتمال الصماء أن يأتي بثوب ويلتحف بهذا الثوب كله ولا يجعل ليديه مخرجًا؛ قالوا: لأن هذا يمنعه من كمال الإتيان بمشروعات الصلاة، ولأنه لو قُدِّرَ أن شيئًا صال عليه فإنه لا يتمكن من المبادرة بردِّه، ولا سيما إذا كان هذا الثوب قميصًا، إذا كان هذا الثوب قميصًا، فهو أشد وأشد، يعني: بأن يلبس القميص، ما يدخل يديه في كميه، فهذا اشتمال أصم من الصماء؛ لأن الرداء يمكن مع الحركة القوية ينفتح، لكن هذا لا ينفتح.\n
وقال بعض العلماء: إن اشتمال الصماء أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره، يعني يكون عليه ثوب واسع يكون إزارًا ورداءً ثم يضطبع فيه، والاضطباع أن الإنسان يخرج كتفه الأيمن، ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر، ووجه الكراهة هنا أن فيه عُرْضة لأن يسقط فتنكشف العورة، هذان وجهان في تفسير الصماء.\n
الوجه الثالث أن يجعل الرداء على جانب واحد من جوانبه على أحد شقيه، ويبقى الشق الآخر مفتوحًا، وهذا إن لم يكن عليه إلا ثوب واحد فإنه ليس مكروهًا فقط بل هو محرم؛ لأن عورته منكشفة، وإن كان عليه إزار فهو مكروه؛ لأنه يشبه المشي بنعل واحدة، حيث جعل اللباس على شق واحد دون الآخر، فهذه ثلاث صفات لاشتمال الصماء، وكل هذه الصفات إذا رأيتها أو إذا تأملتها وجدت أنها تخالف ظاهر قوله تعالى: \n {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، فإن الأخذ -أخذ الزينة- على هذا الوجه فيه شيء من التقصير، ما أخذتها كاملة؛ لأن أخذ الزينة كاملة أن يلبسها على ما يعتاد الناس لبسها عليه بحيث تكون ساترة، وتكون معهودة مألوفة، بخلاف الشيء الذي لا يكون معهودًا ولا مألوفًا.\n
قال: ويُكْره أيضًا\n (تغطية وجهه)، يُكْره أن يغطي الإنسان وجهه وهو يصلي؛ لأن هذا قد يؤدي إلى الغم، ولأنه إذا سجد سوف يجعل حائلًا بينه وبين سجوده، فلذلك كره هذا الفعل، لكن لو أنه احتاج إليه لسبب من الأسباب، ومنه العطاس مثلًا، لو أراد أن يعطس وهو يصلي واحتاج إلى أن يضع ثوبه هكذا على وجهه فإن المكروه تبيحه الحاجة.\n
ويستثنى من ذلك المرأة إذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها، فإن تغطية وجهها حينئذ واجب ولا يجوز لها كشفه.\n
قال المؤلف: \n (واللِّثامُ على فمه وأنفه)، (اللثام على فمه) يعني: أن يَتَلَثَّم هكذا على فمه؛ يعني: يضع العمامة أو الغترة أو الشماغ على فمه، وكذلك على أنفه. \n

","SearchText":" طالب: وتستحب صلاته في ثوبين، ويكفي ستر عورته في النفل، ومع احد عاتقيه في الفرض، وصلاتها في درع وخمار وملحفه، ويجزء ستر عورتها. ومن انكشف بعض عورته وفحش او صلي في ثوب محرم عليه او نجس اعاد، لا من حبس في محل نجس، ومن وجد كفايه عورته سترها والا فالفرجين فان لم يكفهما فالدبر، وان اعير ستره لزمه قبولها. ويصلي العاري قاعدا بالايماء استحبابا فيهما، ويكون امامهم وسطهم، ويصلي كل نوع وحده، فان شق صلي الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا، فان وجد ستره قريبه في اثناء الصلاه ستر وبني والا ابتدا. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، سبق لنا ان ستر العوره شرط لصحه الصلاه، وان الاحسن من هذا التعبير ان نعبر.. طالب: نقول: فلا نعبر بـ(ستر العوره)، بل نقول: اللباس في الصلاه. الشيخ: نعم. طالب: اخذ الزينه. الشيخ: اخذ الزينه، تبعا؟ الطالب: لقوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]. الشيخ: احسنت، ما هو الدليل علي انها شرط لصحه الصلاه؟ طالب: الدليل علي انها شرط لصحه الصلاه القاعده الشرعيه التي تقول: ان كل امر في العباده فهو شرط في صحتها. الشيخ: الدليل؟ ما هو بالتعليل. الطالب: امر الله سبحانه وتعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم} .. الشيخ: الكتاب؟ الطالب: اي الكتاب. الشيخ: ويش بعد؟ الطالب: والسنه. الشيخ: والسنه. الطالب: واجماع العلماء. الشيخ: والاجماع؛ الكتاب؟ الطالب: قوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} ، وقد فسرها سبب النزول. الشيخ: نعم، من السنه؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاه حاءض الا بخمار» . الشيخ: هذا منها، ومنها؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «لا يصلي احدكم في الثوب الواحد وليس علي عاتقيه منه شيء» . الشيخ: دليل ثالث؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «ان كان ضيقا..» . الشيخ: في حديث جابر: «ان كان ضيقا فاتزر به، وان كان واسعا فالتحف به» . طالب: الاجماع. الشيخ: الاجماع؟ طالب: اجماع العلماء. الشيخ: من نقله من اهل العلم؟ لان (...) بالاجماع (...) اجمعوا (...) انهم اجمعوا علي ذلك (...)؟ طالب: ابن عبد البر، وشيخ الاسلام ابن تيميه. الشيخ: نعم، ابن عبد البر؛ لانه سبق شيخ الاسلام. المءلف رحمه الله بين العورات بناء علي التعبير (ستر العوره) وذكر انها ثلاثه اقسام، علي كلام الفقهاء العوره ثلاثه اقسام؟ طالب: مغلظه، ومخففه، ومتوسطه. الشيخ: احسنت، ما هي المغلظه؟ الطالب: المغلظه عوره الحره البالغه. الشيخ: الحره البالغه، اذكرها؟ الطالب: وهي كلها. الشيخ: عوره المراه الحره البالغه، وهي كلها. الطالب: الا وجهها في الصلاه. الشيخ: الا وجهها، احسنت، اذن يجوز ان تصلي المراه في المساجد وهي كاشفه الوجه؟ طالب: اذا امنت الفتنه جاز لها ذلك؛ يعني: يوجد فاصل بين النساء والرجال؛ لا يطلع الرجال علي النساء ولا النساء علي الرجال. الشيخ: اي نعم، والا وجب ستره من اجل الصلاه ولا من اجل النظر؟ الطالب: من اجل النظر. الشيخ: من اجل النظر، صح. ما هي المخففه؟ طالب: العوره المخففه هي للغلام الصغير. الشيخ: الغلام الصغير من الي؟ الطالب: من سبع الي عشر. الشيخ: من سبع الي عشر، قالوا: ان عورته هي؟ الطالب: مخففه. الشيخ: اي، ويش؟ الطالب: عورته الفرجان. الشيخ: الفرجان القبل والدبر. المتوسطه؟ طالب: المتوسطه هي عوره الرجل البالغ. الشيخ: ما عدا ذلك؟ الطالب: ما عدا ذلك. الشيخ: احسنت، ما عدا ذلك، علي كل حال هذا كلام الفقهاء رحمهم الله، ونحن ذكرنا ان الصحيح انه يجب اخذ الزينه كما قال الله عز وجل، فما اعده الناس زينه وجب اخذه. لو قال قاءل: ما حكم الصلاه محسور الراس؟ طالب: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز؟ طالب: او حسب العرف. الشيخ: محسور الراس؟ الطالب: حسب العرف. الشيخ: رجل صلي حاسرا راسه؟ الطالب: اختلاف الحكم باختلاف العرف. الشيخ: اي نعم، لكن هل هو شرط ستره؟ علي كل الاعراف شرط ولا غير شرط؟ الطالب: علي العرف الذي لا يراه من الزينه يعتبر شرطا. الشيخ: الذين لا يرونه من الزينه يعتبرونه شرطا؟! الطالب: اي نعم. الشيخ: والذين يرونه من الزينه؟ لعلك تريد العكس. طالب: ليس شرطا مطلقا. الشيخ: ليس شرطا مطلقا، صح، اي نعم، ليس شرطا مطلقا؛ ولهذا كل المحرمين يكشفون رءوسهم، ولو كان شرطا لكان مقدما علي كشفه -كشف الراس في الاحرام- (من انكشف بعض عورته وفحش) . هذه (من) شرطيه، فعل الشرط (انكشف) ، وجواب الشرط قوله: (اعاد) ، فالجمله الشرطيه هذه تشتمل علي عده مساءل: المساله الاولي قوله: (ومن انكشف بعض عورته وفحش) وتقدم الكلام عليها، وذكرنا ان الفحش يختلف بحسب المنكشف، فما قرب من السواتين -وان قل- افحش مما بعد عنهما. ثانيا: المساله الثانيه قال: (او صلي في ثوب محرم عليه) ، اذا صلي في ثوب محرم عليه اعاد؛ مثل ان يصلي الرجل في ثوب حرير او المراه في ثوب رجل، الاول لا تصح صلاته لان الحرير محرم علي الرجال؛ لحديث علي بن ابي طالب: «احل الذهب والحرير لاناث امتي وحرم علي ذكورها» ، فاذا صلي الرجل في ثوب حرير فصلاته باطله، تجب عليه الاعاده. صلاه المراه في ثوب الرجل حرام؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والتي تلبس ثوب رجل متشبهه بالرجل، فهذا الثوب حرام. الاول حرام لجنسه، والثاني حرام لوصفه؛ الاول وهو الحرير حرام لجنسه؛ لان جنس الحرير حرام علي الرجال، والثاني حرام لوصفه اي: لكونه تشبها بالرجال. لو صلي رجل او امراه بثوب فيه صور ايضا لم تصح الصلاه؛ لان لباس الثوب المصور الذي فيه الصور حرام، فان الصور لا يحل اقتناءها. لو صلي رجل او امراه بثوب مغصوب فالصلاه ايضا لا تصح، تجب عليه الاعاده؛ لان الثوب المغصوب حرام لبسه علي الغاصب، سواء كان رجلا ام امراه. لو صلي رجل او امراه في ثوب ثمنه حرام فيه تفصيل؛ ان وقع العقد علي عين الثمن فالصلاه فيه حرام وتبطل، وان وقع العقد في الذمه ونقده من الثمن المحرم فالصلاه صحيحه؛ لان لبس هذا الثوب غير محرم، الفرق عندكم معلوم بين هذا وهذا؟ طلبه: (...). الشيخ: غير معلوم، ان شاء الله يعلم، اذا وقع العقد علي عين الثمن مثل ان اقول: اشتريت منك هذا الثوب بهذه الدراهم، الان العقد وقع علي عين الدراهم؛ فهنا يكون لبس المشتري للثوب حراما، واذا صلي فيه وجبت عليه الاعاده؛ لان هذا الثوب حرام حيث كان عوضا عن هذا الحرام. مثال الثاني ان يشتري ثوبا ثم ينقد ثمنه من محرم؛ ان يشتري الثوب بعشره ريالات ثم يذهب ويسرق عشره ويعطيها الباءع، الان الثوب ثمنه حرام؟ طلبه: نعم. الشيخ: المعين غير حرام؛ لان الثمن غير معين الان، اشتريت منك ثوبا بعشره، ثبتت العشره في ذمتي انقدها من مالي، انقدها من مال مسروق، من مال مغصوب، من اي مال. قال العلماء: فهذا الثوب لباسه غير محرم فتصح الصلاه فيه لان ثمنه غير معين في العقد، افهمتم الان ولا لا؟ فصار الثوب الذي ثمنه حرام ان عين الثمن في العقد حرم استعمال الثوب؛ فان استعمله وصلي فيه بطلت الصلاه، وان لم يعين بل اشتراه في ذمته ثم نقده من دراهم محرمه فلبسه حلال، والصلاه فيه صحيحه. طالب: ما الضابط يا شيخنا؟ طالب اخر: في كلتا الحالتين الثمن المنقود من المشتري من مال حرام، فما الفرق اذن؟ الشيخ: الفرق اذا وقع العقد علي عين الدراهم صار الان بدلا ببدل؛ ولهذا اذا وقع العقد علي عين الدراهم لا يمكن للمشتري ان يبدلها؛ يعني لو قلت مثلا لك: اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشره، ثم بدا لي ان اعطيك عشره ورقه واحده، هذه عشره اوراق بعشره اريل كل ورقه ريال، معلوم هذا ولا لا؟ اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشره؛ واحد، اثنين، ثلاثه، اربعه، عشره، بهذه العشره، ثم بدا لي؛ قلت: هات، لا، ما اعطيه عشره، اعطيه عشره ورقه واحده من فءه عشره؛ لاني احتاج هادولي، (...) هل املك التغيير الان ولا لا؟ ما املك التغيير؛ لان الباءع ملك العشره الان؛ حيث وقع العقد عليها بعينها. لكن لو قلت: في جيبي الايمن فءه عشره وفي جيبي الايسر فءه ريال، انا بالخيار ان شءت اعطيتك من هذا وان شءت اعطيتك من هذا، افهمتم الفرق الان؟ هذا هو الفرق. يقولون: ان الثمن المعين يكون العقد واقعا عليه بعينه ويكون هذا المبيع عوضا عن محرم، وعوض المحرم محرم، اما ما وقع في الذمه فهو في ذمه الانسان، والذمه قابله للتصرف؛ هكذا يفرق اهل العلم، وهو فرق دقيق في الواقع. خلاصه الامر، او خلاصه القول ان من صلي في ثوب محرم عليه سواء كان لجنس الثوب او لوصفه او لكون ثمنه المعين حراما فصلاته باطله، ما الدليل؟ اقول: هذا مبني علي امر سبق، وهو انه يشترط في الساتر ان يكون مباحا؛ قالوا: لان الستر عباده، والعباده اذا وقعت علي وجه منهي عنه فقد وقعت علي غير امر الله ورسوله فتكون مردوده بدليل «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، فانت الان سترت بثوب لا يءذن لك فيه شرعا، انت مامور ان تخلعه، فكيف تتقرب الي الله بلبسه، اذن تعبدت لله بماذا؟ بما نهاك عنه، وهذا تناقض، عملت عملا ليس عليه امر الله ورسوله فيكون باطلا مردودا فتبطل الصلاه؛ لان المحرم شرعا كالمعدوم حسا، فلا يمكن ان تنتفع بهذا الثوب، اعرفتم الان؟ وهذه المساله خلافيه واظنني ذكرتها لكم، وقلت: ان بعض العلماء يقول: ان صلاته صحيحه. والستر وصف في العباده وليس هو العباده، وهو حاصل بالثوب المحرم وغير المحرم، حاصل بهما جميعا بالثوب المحرم وغير المحرم، والصلاه نفسها لم تقع علي وجه محرم، وهي -اي الصلاه- هي موضع الحكم؛ حيث نقول: تصح او لا تصح، وهي الان واقعه علي وجه محرم؛ يعني: لم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم: لا تصلوا في ثوب مغصوب، لو قال: لا تصلوا في ثوب مغصوب، قلنا: من صلي في ثوب مغصوب بطلت صلاته؛ لانه فعل العباده علي وجه منهي عنه محرم، لكن ما قال هكذا، بل امر بستر العوره، وهذا رجل ستر عورته، لكنه اثم بالستر بمحرم، اما الصلاه ما لها دخل في الموضوع، الصلاه اديت علي الوجه المطلوب، وعلي حسب ما امر به، والستر حاصل، واما كون الثوب مباحا او حراما فهذا يرجع الي امر اخر، والعباره التي تقتضي ان تكون الصلاه باطله لو كان الوارد في النصوص ايش؟ لا تصلوا في ثوب محرم، لو كان هكذا قلنا: نعم، اذا صلي في ثوب محرم بطلت صلاته؛ ولهذا من حيث الافتاء نقول: اذا سالنا ساءل قد صلي في ثوب محرم فلا يتوجه امره بالاعاده. واما اذا سالنا قبل ان يصلي فنقول: يجب عليك ان تخلعه لا من اجل الصلاه فحسب ولكن لانه ثوب محرم لا يجوز لك استعماله، هذا اذا اردنا ان نفتي بهذه الفتوي، فيكون هناك فرق بين ان نمكن الانسان من ان يستعمل المحرم فلا نمكنه، وبين ان ياتي الينا يسالنا عن امر مضي وانقضي لا يمكن ان نقول بالاعاده. لكن علي كلام المءلف تجب الاعاده، لكن يشترط للاعاده في الثوب المحرم ان يكون عالما ذاكرا، فان كان جاهلا فلا اعاده عليه، وان كان ناسيا فلا اعاده عليه، وهل يشترط ان يكون واجدا غيره؟ طلبه: (...). الشيخ: انما يشترط؟ ننظر؛ نقول: ان حرم لحق العباد اشترطنا ذلك؛ يعني بمعني انه اذا كان محرما لحق العباد فانه لا يصلي فيه ولو كان لا يجد غيره، فاذا لم يكن عنده الا ثوب مغصوب مثل رجل غصب ثوبا وسافر وليس معه غيره، ثم هداه الله عز وجل وتاب واراد ان يصلي، ماذا نقول له؟ نقول: اخلع الثوب، وصل عريانا، ولا يجوز ان تصلي بالثوب، لماذا؟ لانه محرم لحق الغير، الا اذا كنت مضطرا لدفع البرد فهنا صل به؛ لانه مباح، اما اذا كان ما في ضروره (...) نقول: لا تصل فيه، صل عريانا؛ لان هذا محرم لحق من؟ لحق العباد، ان كان محرما لحق الله فيشترط ان يكون واجدا لغيره، فان لم يجد غيره فلا حرج عليه ان يصلي به، كثوب الحرير للرجل، اذا لم يجد غيره فانه يصلي فيه، لان التحريم هنا لمن؟ لحق الله عز وجل، ويسقط التحريم لحق الله عند الضروره، وحينءذ يصلي ولا اعاده عليه، وكذلك لو كان ثوب فيه صور يصلي فيه اذا لم يجد غيره، فصار اشتراط الوجود فيما اذا كان التحريم لحق الله. فنقول: اذا كان التحريم لحق الله فيشترط لوجوب الاعاده ان يجد غيره، فان لم يجد غيره فلا اعاده عليه. وقال بعض اهل العلم -في المساله الاولي اذا كان محرما لحق الغير- انه لا باس ان يصلي فيه، قال: لان هذا استعمال يسير جرت العاده والعرف بالتسامح فيه، ونحن يغلب علي ظننا ان لم نعلم يقينا ان صاحب هذا الثوب اذا علم انك استعملته لعدم وجود غيره فسوف ايش؟ سوف يسمح، هذا هو الغالب ان لم يكن المعلوم، وهذا القول ليس بعيدا من الصواب، هذا القول ليس بعيدا من الصواب ولا سيما اذا كنت تعرف ان الرجل الذي غصبته منه رجل كريم جيد، فهنا قد نقول: يتعين عليك ان تصلي فيه؛ لان مثل هذا يعلم رضاه، هاتان المسالتان في فعل الشرط. يقول المءلف رحمه الله: (او صلي في ثوب محرم عليه او نجس اعاد) اذا صلي في ثوب نجس اعاد، والمراد بالثوب النجس نجاسه لا يعفي عنها، فان كانت النجاسه يعفي عنها فلا حرج عليه ان يصلي فيه، مثل الدم اليسير؛ فان الدم اليسير النجس يعفي عنه، الا اذا كان خارجا من السبيل علي القول الراجح فلا يعفي عنه كما سبق، المهم اذا صلي في ثوب نجس نجاسه لا يعفي عنها فانه يعيد، ما هو الدليل؟ الدليل ناخذه من اشتراط طهاره الثوب، وقد سبق لنا دليل اشتراط طهاره الثوب، اليس كذلك؟ طالب: من قوله تعالي: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤]. الشيخ: علي احد الاقوال، قوله تعالي: {وثيابك فطهر} علي احد الاقوال؟ طالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي في نعاله، فاتي له جبريل واخبره ان في نعاله نجاسه فخلعها . الشيخ: ثلاثه؟ طالب: عندما بال الغلام علي ثوبه امر بماء فاتبعه اياه . الشيخ: قد يقول: هذا لاجل ازاله الوسخ. الطالب: بس ازاله نجاسه علي الثوب. الشيخ: اي، الوسخ، لو يصير مخاطا ازاله الانسان. طالب: يصلي في المعلوم. طالب اخر: حديث اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب: «تحته ثم تقرضه ثم تنضحه بالماء، ثم تصلي فيه» . الشيخ: ثم تصلي فيه، صح، حديث ابن عباس: «اما احدهما فكان لا يستنزه من البول» لانه قد يشمل عدم استنزاهه في ثوبه. ودليل ايضا: الاعرابي لما بال في المسجد امر النبي صلي الله عليه وسلم بان يراق علي بوله ذنوبا من ماء ، فاذا طهرت، او اذا وجب تطهير مكان الصلاه -وهو منفصل عن المصلي- فوجوب تطهير المتصل به من باب اولي. هذه عده ادله، لكن اذا صلي في ثوب نجس، يقول المءلف: (اعاد) مطلقا، ست تفاصيل، سواء كان ذاكرا او؟ طلبه: ناسيا. الشيخ: او ناسيا، عالما؟ طلبه: او جاهلا. الشيخ: واجدا؟ طلبه: او عادما. الشيخ: او عادما، صلي في ثوب نجس يعلم النجاسه، هذا لا تصح صلاته، لانه خالف امر الله ورسوله، فوجب عليه اعاده الصلاه. صلي في ثوب نجس لكن ما علم الا حين صلي، لما انتهي من الصلاه وجد النجاسه، نقول: اعد صلاتك. المءلف يقول: (اعاد) ولا فصل. اعد صلاتك؛ لانك اخللت بشرط في الصلاه، والاخلال بالشرط لا يغتفر، اذا كان الرسول عليه الصلاه والسلام قال للرجل الذي لم يطمءن قال: «انك لم تصل» ، وقال: «لا يقبل الله صلاه بغير طهور» ، اذن عليك ان تعيد. اصابته نجاسه وصلي وهو يذكر النجاسه، يعيد؟ اصابت ثوبه؛ يعني: يعيد ولا لا؟ طلبه: (...). الشيخ: يعيد، اصابته نجاسه فنسي انها اصابته، او نسي ان يغسلها، ثم صلي، يعيد؟ طلبه: (...). الشيخ: نعم يعيد، اصابت النجاسه ثوبه وليس عنده ما يغسلها به، وليس عنده غير هذا الثوب، وصلي به؟ طلبه: يعيد. الشيخ: يعيد علي كلام المءلف، عنده غيره او عنده ماء، لكن قال: اليوم برد ما (...) اغسل ثوبي، متي عاد ينشف، ما ابغي اغسله، ابغي اصلي فيه، يعيد ولا ما يعيد؟ طلبه: (...). الشيخ: يعيد، او عنده ثوب اخر طاهر، لكن قال: ما انا بخالع ثوبي بهذا البرد، اذا تبين جلدي اصابتني القشعريره، (...) واصلي، وصلي وهو واجد غيره؟ طلبه: يعيد. الشيخ: يعيد. طالب: قولا واحدا؟ الشيخ: علي كلام المءلف؛ احنا بناخذ كلام المءلف الان، فصار الان الصور: عالم، وجاهل، وذاكر، وناس، وواجد، وعادم، كلها يعيد، هذا ما ذهب اليه المءلف، وتعليله كما اشرنا اليه من قبل. وقال بعض اهل العلم: انه اذا كان جاهلا او ناسيا او عادما فلا اعاده عليه، واستدلوا بقوله تعالي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]، فقال الله تعالي: قد فعلت، وهذه الايه عامه، وتعتبر من اكبر واعظم قواعد الاسلام؛ لان الذي علمنا هذا الدعاء من؟ الله عز وجل، هو اللي علمنا هذا الدعاء، واوجب علي نفسه عز وجل ان يفعل، قال: قد فعلت، كما صح ذلك فيما رواه مسلم ، اذن هذا الرجل الذي صلي في ثوب نجس وهو لا يدري بالنجاسه الا بعد فراغه مخطء ولا غير مخطء؟ طلبه: مخطء. الشيخ: مخطء، هو مخطء لا خاطء، يجب ان تعرفوا الفرق بين خاطء ومخطء، لو كان يعلم بالنجاسه قلنا: انه؟ طلبه: خاطء. الشيخ: خاطء، لكن هو الان مخطء، ما دري، نقول: هذا الرجل ليس عليه اعاده، بمقتضي هذه القاعده العظيمه التي تعتبر اساسا في الدين الاسلامي، كذا ولا لا؟ ونقول: هناك دليل خاص في الموضوع، وهو ان الرسول صلي الله عليه وسلم لما اخبره جبريل بان في نعليه اذي خلعهما واستمر في صلاته ، ولو كان الثوب النجس المجهول نجاسته تبطل به الصلاه لاعادها من اولها، فهذا دليل خاص. النسيان قلنا: الراجح انه اذا نسي -نسي ان يكون به نجاسه او نسي ان يغسلها- فالصحيح انه لا اعاده عليه ، الدليل؟ {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]. ودليل اخر قياسي في الصحيحين عن ابي هريره رضي الله عنه قال النبي صلي الله عليه وسلم: «من نسي وهو صاءم فاكل او شرب» ، والاكل والشرب في الصيام فعل محظور، والصلاه في ثوب نجس فعل محظور ايضا، فلما سقط حكمه بالنسيان في باب الصوم نقيس عليه الحكم في النسيان في باب الصلاه، فاذن لا اعاده عليه. فان قال قاءل: اوجبوا عليه الاعاده لظهور الفرق بينه وبين الجاهل؛ لان الجاهل لم يعلم اصلا بالنجاسه فهو معذور، والناسي فرط فلم يبادر بالغسل فليس بمعذور، فالزموه بالاعاده حتي بعد اليوم ينسي ان يغسله ولا لا؟ ما ينسي ان يغسله، فما هو الجواب اذا قال قاءل هذا الكلام؟ قال: يجب عليكم ان تفرقوا في الحكم بين الجاهل والناسي؛ لان الناسي عنده نوع من التفريط، وكان الذي ينبغي ان يبادر بالغسل؛ ولهذا كان من هدي الرسول عليه الصلاه والسلام ان يبادر بازاله النجاسه؛ الذي بال في المسجد قال: ايش؟ «اريقوا علي بوله» ، فامر بالمبادره، «اريقوا علي بوله» ، والصبي الذي بال في حجره دعا بماء فاتبعه اياه ، والانسان معرض للنسيان لا سيما ان كان الانسان كثير النسيان، ايش (...) ، فما هو الجواب عن هذه العله التي قد تمنع الحاق الناسي بالجاهل؟ طالب: قول الله تعالي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦] جمع النسيان والخطا سويا، واكثر ما يرد النسيان والخطا ياتيان سواء. الشيخ: اي نعم. طالب: نقول: الذي يظهر من فعل النبي صلي الله عليه وسلم انه كان ناسيا؛ بدليل انه عليه الصلاه والسلام امر الصحابه اذا اراد احدهم ان يصلي في نعليه ان ينظر هل فيهما قذر او لا، ومعلوم انه صلي الله عليه وسلم لا يمر بشيء الا اذا كان سياتيه، قطعا صلي الله عليه وسلم انه ياتيه، فاذا نظر زال الجهل، لم يبق الا النسيان. الشيخ: لا، الذي يظهر من الحديث انه كان جاهلا عليه الصلاه والسلام بان فيها اذي؛ لانه قال: اخبرني ولم يقل: ذكرني. طالب اخر: يا شيخ، نقول: هو لما كان ناسيا ونسي هذه النجاسه ونسي ان يغسلها صار جهلا بحالها، والفرق بينه وبين الجهل الاول ان هذا جهل بالحكم وهذا بالحال. الشيخ: لا يا اخي، ما هو بجهل بالحال. الطالب: نسي النجاسه. الشيخ: الجهل بحاله انه ما يدري عن النجاسه، هذا جهل بالحال، والجهل بالحكم انه ما يدري ان النجاسه يجب ازالتها. الطالب: لما نسي يغسلها صار جهل الحال. الشيخ: ما يصير جهل الحال هذا، لو يدرون عنك الفلاسفه هءلاء يضربونك علي الراس، فرق بين الجهل والنسيان كبير، النسيان ذهول القلب عن؟ طلبه: معلوم. الشيخ: ذهول القلب عن معلوم، كيف تقول: جهل؟ طالب اخر: قد يقال: هذا قياس في مقابله النص، نجيب.. الشيخ: لا، ما هو بقياس هذا. الطالب: اقول: هذا تعليل في مقابل نص. الشيخ: هو يقول: لو كان النص علي هذا بعينه ما قلت شيءا. الطالب: لكن {ربنا لا تءاخذنا} . الشيخ: العمومات هذه يمكن تخصيصها، انا يظهر لي -والله اعلم- في الجواب علي هذا ان يقال: ان فعل الرسول صلي الله عليه وسلم هذا علي سبيل الاستحباب، ما هو علي سبيل الوجوب؛ لان الله تعالي لم يوجب الوضوء -وهو اعظم من ازاله النجاسه- الا عند القيام الي الصلاه {يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الي الصلاه فاغسلوا وجوهكم} [الماءده: ٦]، فلو احدث الانسان قبل الصلاه بساعه لا يجب عليه الوضوء، مع ان فيه احتمال ان يقوم يصلي وينسي انه احدث، او انه توضا من الحدث، فاذا كان كذلك زال الاشكال، فاقرب عندي في الدفع لهذا الايراد القوي ان يقال: ان فعل الرسول صلي الله عليه وسلم هذا علي سبيل الاستحباب والندب للمبادره لازاله النجاسه، اما انه علي سبيل الوجوب فلا، ونقول: بدليل ان الله لم يوجب علينا الطهاره من الحدث -وهي اقوي واوكد من طهاره النجاسه- الا عند القيام الي الصلاه. (واجدا) اذا كان عادما ليس عنده الا هذا الثوب النجس فقد ذكرنا ان كلام المءلف يدل علي انه؟ طلبه: يعيد. الشيخ: يصلي به ويعيد. وهذه المساله فيها ثلاثه اقوال: قول انه يصلي به ويعيد. والقول الثاني يصلي عريانا. والقول الثالث يصلي ولا اعاده. اما الذين قالوا: انه يصلي ويعيد؛ قالوا: يصلي ساترا لعورته لوجوب الستر، ويعيد لانه حامل للنجاسه بهذا الثوب، حامل للنجاسه الواقعه بهذا الثوب، فعليه ان يعيد وعليه الستر لان هذا الثوب يستر العوره. والذين قالوا: يصلي عريانا ولا يعيد قالوا: لان هذا الثوب لا يجوز لبسه في الصلاه، وكونه مضطرا الي ذلك لا يبرر له ان يحمله وهو نجس، فيجب عليه ان يخلعه ويصلي عريانا. واما الذين قالوا بانه يصلي فيه بلا اعاده فقالوا: ان الستر واجب، وان حمله للنجس حينءذ للضروره؛ لانه ليس عنده ما يزيل به هذه النجاسه، وليس عنده ما يكون بدلا عن هذا الثوب، فيكون مضطرا الي لبسه ومضطرا الي ملابسه النجاسه، وقد قال تعالي: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨]. ومن المعلوم انك لو نظرت في الراي وقلت: هل نلزم هذا الرجل بان يصلي في نجس ويتقرب الي الله وثوبه ملطخ بالنجاسه، ثم نقول: هذه الصلاه غير مقبوله، لازم تعيدها؟ اذن، اوجبنا عليه صلاتين؛ صلاه مردوده، وصلاه مقبوله، ممكن تكون بعد عشر سنين، الله اعلم. المهم ان هذا قول اذا تصوره الانسان عرف انه بعيد، او نقول: مره ان يخلع ثوبه ويصلي عريانا، هذا اقبح، فان صوره الرجل العريان بين يدي الله عز وجل اقبح من ان يكون حاملا لثوب نجس للضروره، والله تعالي احق ان يستحيا منه. بقي عندنا الاحتمال الثالث؛ ان نقول: هذا الرجل الزمناه بالثوب النجس من اجل ستر العوره، واسقطنا عنه حكم الاعاده؛ لان الله لا يوجب علي عباده العباده مرتين ابدا، وهذا القول هو ارجح الاقوال، انه اذا وجد ثوبا نجسا لا يجد غيره ولا يمكن غسله فانه يصلي فيه، ولا اعاده عليه. طالب: شيخ، مثلا النجاسه علي البقعه اذا فرش عليها فراشا طاهرا، هل يجوز ان يصلي؟ الشيخ: اي نعم، تجوز الصلاه. الطالب: تبطل الصلاه. الشيخ: لكن طاهر. الطالب: (...). الشيخ: ما مس النجاسه. الطالب: يعني: ما تضر اذا صار الفراش اسفله نجسا؟ الماء مباشر النجاسه. الشيخ: اي، ولكن يابسه النجاسه، ما تمضي فيه، اي ما يضر. الطالب: اذا علم النجاسه بثوبه في وقت الصلاه، وهو داخل الصلاه علم ان ثوبه فيه نجاسه، هل يخلع ثوبه؟ او يبطل صلاته؟ الشيخ: اذا علم بالنجاسه في اثناء الصلاه وجب عليه خلع الثوب النجس، ان كان عليه غيره مما يستره، ان كان ما عليه غيره فليستمر فيه. طالب: لكن كون النهي يعود الي شرط العباده علي وجه مختص به، القاعده (...) علي هذا. الشيخ: نقول: ما عاد علي الشرط ينظر فيه في الواقع، ان كان هذا الشرط مما يصحح او يفسد فهذا نعم؛ نقول: لا يصح هذا الشرط فلا تصح العباده، وان كان مما لا يصحح ويفسد فليس كل شيء حرام يكون باطلا، فهذا الظهار مثلا محرم اذ ترتب عليه اثاره. الطالب: لكن توضيح مثال (...)، مثلا مما لا يفسد هذا الشرط.. الشيخ: يعني: مثلا اذا كان هذا الشيء يقع علي وجه صحيح احيانا وفاسد احيانا، هذا هو الذي يقال: اذا وقع علي وجه محرم صار فاسدا؛ لان له حالين، بخلاف الذي لا يقع علي هذا الوجه، والستر لا يقع علي هذا الوجه، الستر ستر باي ثوب كان (...). *** طالب: ومن وجد كفايه عورته سترها، والا فالفرجين، فان لم يكفهما فالدبر، وان اعير ستره لزمه قبولها، ويصلي العاري قاعدا بالايماء استحبابا فيهما، ويكون امامهم وسطهم، ويصلي كل نوع وحده، فان شق صلي الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا، فان وجد ستره قريبه في اثناء الصلاه ستر وبني والا ابتدا، ويكره في الصلاه السدل، واشتمال الصماء. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. ما تقول في رجل وجد ثوبا محرما عليه، هل يصلي به او لا يصلي؟ طالب: المذهب يصلي به ويعيد. الشيخ: ثوبا محرما عليه، وهو طاهر؟ الطالب: يصلي فيه ويعيد، وفي قول جمهور العلماء انه ينظر هل الثوب هذا عندما اشتراه هل عقد عليه بثمن محرم، ام كان اشتراه في ذمته، ثم.. طالب اخر: لا يصلي فيه. الشيخ: لا يصلي فيه، خطا. طالب: فيه تفصيل، اما يكون محرما لحق الله او لحق العباد، فان كان محرما لحق العباد فالمذهب انه لا يصلي فيه، وان كان لحق الله فيصلي فيه ويعيد. الشيخ: صح، نقول: اذا صلي في ثوب محرم عليه فان كان لحق الله فلا اعاده عليه؛ لانه في ضروره كالحرير للرجل، والمصور للرجل والمراه، وان كان لحق الادمي فالمذهب انه لا يصلي فيه ويصلي عريانا. وفيه قول اخر انه يصلي فيه؛ لانه في حاجه الي الصلاه في هذا الثوب فيصلي، واذا سامحه صاحبه فذاك، وان لم يسامحه اعطاه اجره انتفاعه به في وقت الصلاه. اذا صلي في ثوب نجس؟ طالب: اذا صلي في ثوب نجس وليس لديه غيره؛ حسب المذهب ان صلي فيه عليه اعاده، وان لم يصل فيصلي عاريا. الشيخ: يعني: يجوز ان يصلي عاريا؟ الطالب: اي، يصلي عاريا. الشيخ: توافقونه؟ طالب: علي المذهب -يا شيخ- يجب ان يصلي فيه ثم يعيد. الشيخ: المذهب يجب ان يصلي فيه ثم يعيد، القول الثاني؟ طالب: انه يصلي عريانا، ما يصلي فيه. الشيخ: القول الثالث؟ طالب: القول الثالث انه يصلي فيه ولا يعيد. الشيخ: انه يصلي فيه ولا يعيد، وهذا ارجح الاقوال . رجل اشتري ثوبا وثمنه مغصوب؟ طالب: علي تفصيل، ان اشتراه ونقده من عنده وكان بدلا ببدل فهذا محرم؛ اي بعينه ان كان منصوصا علي عينه.. الشيخ: ان عين الثمن المغصوب. الطالب: فهذا محرم لا يجوز الصلاه فيه. الشيخ: فالصلاه فيه لا تجوز؛ لانه محرم. الطالب: وان اشتراه في الذمه ثم نقده من عنده، الصلاه فيه.. الشيخ: فلباسه حلال، والصلاه فيه صحيحه، كذا؟ الطالب: نعم. الشيخ: هناك قول في اصل المساله؛ قول: انه تصح الصلاه في ثوب محرم، واشرنا اليه، اليس كذلك؟ في قول: ان الصلاه في الثوب المحرم صحيحه؛ لان الشارع لم يقل: لا تصل في الثوب المحرم، وانما قال: لا تلبس او لا تستعمل الثوب المحرم، فالمنهي عنه اللباس، بخلاف ما لو قال: لا تصل، ولهذا نقول: لو صلي في وقت النهي فصلاته باطله؛ لان الشارع قال له: لا تصل، ولو صلي في بيت مغصوب فانه علي القول الراجح تصح صلاته مع الاثم. قال المءلف: (لا من حبس في محل نجس)، (لا) : هذه معطوفه علي قوله: (اعاد) ، يعني: لا يعيد من حبس في محل نجس؛ يعني: ولم يتمكن من الخروج الي مكان طاهر؛ فانه اذا حبس لا اعاده عليه؛ لانه مكره علي المكث في هذا المكان، والاكراه حكمه مرفوع عن هذه الامه كما قال النبي عليه الصلاه والسلام: «ان الله رفع عن امتي الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه» والفرق بينه وبين من صلي في ثوب نجس ان من صلي في ثوب نجس ليس مكرها علي الصلاه به، ولهذا لو اكره علي الصلاه في الثوب النجس وقيل: صل فيه والا فعلنا وفعلنا فانه يصلي فيه ولا اعاده، بخلاف المكان الذي حبس فيه وهو نجس فانه يصلي ولا اعاده عليه، والتعليل كما سمعتم، بل الدليل كما سمعتم؛ وهو المجاوزه عن المكره. ولكن كيف يصلي في المحل النجس؟ ان كانت النجاسه يابسه صلي كالعاده، وان كانت رطبه صلي بالايماء، صلي قاعدا علي قدميه بالايماء؛ لانه اذا كانت رطبه يجب ان يتوقاها بقدر الامكان، واقل ما يمكن ان يباشر النجاسه ان يجلس علي القدمين، ولا يركع، ولا يقعد ايضا؛ لانه لو قعد لتلوث ساقه وثوبه وركبته مثلا، فيقلل النجاسه ما امكنه، ويومء بالركوع والسجود كذلك ما امكنه. قال: (لا من حبس في محل نجس، ومن وجد كفايه عورته سترها) . (ومن وجد) (من) : شرطيه، فعل الشرط؟ طلبه: (وجد) . الشيخ: (وجد) ، وجوابه؟ طالب: (سترها) . الشيخ: (سترها) يعني: وجوبا، (من وجد كفايه) كفايه العوره وجب عليه سترها، والعوره -سبق انها بالنسبه للمراه الحره البالغه- جميع البدن ما عدا الوجه، ولابن سبع الي عشر ايش؟ طلبه: (...). الشيخ: الفرجان، السواتان، ولمن سواهما؟ طلبه: السره والركبه. الشيخ: ما بين السره والركبه علي المشهور من المذهب، فاذا وجد كفايه العوره وجب عليه ان يسترها؛ لما سبق من كونها من شروط؟ طلبه: الصلاه. الشيخ: من شروط الصلاه. (والا فالفرجين) : (الا) هذه مركبه من (ان) و(لا) النافيه، لكنها ادغمت (ان) بـ (لا) لوجود شرط الادغام، و(ان) شرطيه، وفعل الشرط محذوف، التقدير؟ والا يجد. (فالفرجين) اي: فليستر الفرجين، فاذا قدر ان شخصا تعرض له قطاع طريق وسلبوا رحله، وسلبوا وثيابه، ولم يبقوا معه الا منديلا فقط، المنديل لا يمكن ان يستر به عورته، نقول: استر الفرجين بهذا المنديل؛ يعني: القبل والدبر. قال: (فان لم يكفهما فالدبر) يستر الدبر؛ لان القبل اذا انضم عليه ستره، والدبر اذا سجد انفرج وبان، فيكون ستر الدبر اولي من ستر القبل، والواجب ان يخفف الامر بقدر الامكان. (فان لم يكفهما فالدبر، وان اعير ستره لزمه قبولها) (ان) شرطيه، وفعل الشرط (اعير) ، و (لزم) ؟ طلبه: جواب الشرط. الشيخ: جواب الشرط، (ان اعير) والعريه: اباحه نفع عين تبقي بعد استيفاءه، هذه العريه، اباحه نفع عين تبقي بعد الاستيفاء. وقوله: (ان اعير) لم يذكر المءلف الفاعل فيشمل اي انسان يعيره، سواء كان هذا المعير من اقاربه او من الاباعد، من المسلمين او من الكفار، المهم متي اعير ستره لزمه قبولها. اذا قال قاءل: ما هو الدليل او التعليل لوجوب القبول؟ افلا يكون عليه بذلك منه؟ فالجواب ان نقول: التعليل في هذا ان هذا الرجل قدر علي ستر عورته بلا ضرر ولا منه؛ لان المنه في مثل هذا الامر منه يسيره، كل احد يتحملها، كل الناس يستعير بعضهم من بعض، وكل الناس يعير بعضهم بعضا، فالمنه يسيره. لكن لو فرض ان هذه العاريه او هذه الاعاره يريد المعير ان تكون ذريعه لنيل مارب له باطل، فماذا نقول؟ هنا لا يلزمه القبول؛ لان يخشي اذا لم اقم بما يريد ان يجعل ذلك سلما للمنه علي وايذاءي امام الناس، انا فعلت فيك وفعلت فيك واعرتك وما اشبه ذلك، لكن الكلام علي اعاره سالما من المحذور، يلزمه القبول لما ذكرنا انفا في التعليل. وظاهر كلام المءلف انه لو اعطيها هبه لم يلزم قبولها؛ لانه قال: (ان اعير) ، وظاهر كلامه ايضا انه لا يلزمه الاستعاره، فهل هذا القول الذي يفهم من كلام المءلف صحيح او فيه نظر؟ ننظر؛ يقول: لا يلزمه ان يقبله هبه لان في ذلك منه عظيمه؛ قد يكون الثوب يساوي مءه ريال مثلا، فيكون بذلك منه لا يستطيع الانسان ان يتحملها فلا يلزمه قبول الهبه، هل يلزمه الاستعاره؟ ظاهر كلام المءلف لا؟ ولا بلي؟ طلبه: لا يلزمه. الشيخ: لا يلزمه؛ لانه قال: (ان اعير) ، ولم يقل: يلزمه الاستعاره؛ لماذا؟ قالوا: لان في طلب العاريه اذلالا للشخص، وهذا عادم لما يكون به الواجب -وهو الستر- ولا واجب مع العجز، فلا يلزمه ان يستعير، مع انهم ذكروا في باب التيمم انه لو وهب لعادم الماء ماء لزمه قبوله، ولكنهم يفرقون بان الماء لا تكون فيه منه كالمنه بالثياب، الماء المنه فيه قليله بخلاف الثياب، ولكن يقال: قد يكون الماء في موضع العدم اغلي من الثياب فتكون المنه فيه كبيره، ولكن نقول: حتي وان كان في موضع العدم فان الانسان الذي يعطي الماء في موضع العدم يشعر بانه هو الرابح لانه انقذ معصوما، بخلاف الثياب. علي كل حال، القول الراجح في هذه المساله -نحن الان نحلل كلام المءلف- لكن القول الراجح في هذه المساله انه يلزمه تحصيل الستره بكل وسيله ليس عليه فيها ضرر ولا منه، كل وسيله سواء ببيع او باستعاره او باستيهاب او بقبول هبه او ما اشبه ذلك ؛ لقوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، وهذا الانسان مامور بستر عورته فيجب عليه بقدر استطاعه ان ياتي بهذا الواجب. والمساله يختلف الناس فيها؛ قد يكون طلبك من شخص هبه لتستر عورتك قد يكون ذلك بمنزله المنه عليه، لا منه، اليس هكذا؟ طلبه: نعم. الشيخ: نعم، قد يفرح ان تاتي اليه، وتقول: انا في حاجه الي ستر عورتي في صلاتي اعطني، يفرح، هذا ليس في اعطاءه منه، ولا في الاستيهاب منه منه. وقد يقول بعض الناس: لو يعيرني لوجدت في ذلك غضاضه علي؛ لاني اعرف انه من الناس المنانين، وحينءذ يكون في قبولي اياها عاريه، فيه غضاضه علي. فالصواب ان ناخذ قاعده عامه؛ وهو انه يجب عليه تحصيل الستره بكل طريق ليس فيها ضرر عليه ولا غضاضه، هذه القاعده قد يخرج منها ما ذكره المءلف، وقد يدخل فيها ما اخرجه المءلف. يقول رحمه الله: (ويصلي العاري قاعدا بالايماء استحبابا فيهما) . (يصلي العاري قاعدا) اذا كان هناك انسان عار، ما عنده ثوب، فانه يصلي قاعدا ولو كان قادرا علي القيام، لماذا؟ قال: لانه استر لعورته؛ لان القاعد يمكن ينضم، ولاننا نامره بان يومي في الركوع والسجود وحينءذ لا تنكشف عورته، اليس كذلك؟ قال المءلف: (استحبابا فيهما) ؛ يعني: اننا نستحب له ذلك استحبابا، وهذا كالمصدر المءكد للجمله التي قبله، ولهذا حذف عامله؛ يعني: يصلي علي وجه الاستحباب لا علي وجه الوجوب، وعلي هذا فلو صلي قاءما وركع وسجد صحت صلاته. وظاهر كلام المءلف ان هذا الحكم ثابت، سواء كان حوله احد ام لم يكن حوله احد لاطلاق كلامه، فان كان حوله احد فما قاله المءلف وجيه؛ انه يصلي قاعدا بالايماء لان الانسان -نسال الله لنا ولكم السلامه- يستحي ان يقوم امام الناس تبدو عورته، واذا سجد انفرج دبره، لكن اذا لم يكن عنده احد يستحي ولا لا؟ لا يستحي، لكن هذا كلام المءلف، يقول: لا فرق. فيه قول اخر يقول: لا يجوز ان يصلي قاعدا بل يجب ان يصلي قاءما؛ لقوله تعالي: {وقوموا لله قانتين} [البقره: ٢٣٨] فاوجب الله القيام، والستر هنا ساقط عنه في قوله تعالي: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]. فاذا كان الستر ساقطا بالدليل الذي ذكرت والقيام واجبا بالدليل الذي ذكرت، نقول: يقوم لوجود مقتضي القيام، ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: ويصلي عاريا لسقوط مقتضي الستر وهو العكس. وقال بعض اهل العلم: في هذا تفصيل؛ ان كان حوله احد صلي قاعدا، وان لم يكن حوله احد او كان في ظلمه او ليس حوله الا شخص لا يبصر فليصلي قاءما؛ لانه لا عذر له. وهذا القول المفصل اقرب الاقوال الثلاثه الي الحق؛ لانه يجمع بين حق الله وحق النفس؛ بين حق الله اذا كان ما حوله احد يراه ان يقوم بالواجب -يصلي قاءما- لانه قادر، وبين حق النفس اذا كان حوله احد يخجل ولا يستطيع ان يقوم وعورته باديه امام الناس، فنقول: حينءذ اجلس وصل بالايماء؛ لان ذلك استر لك . علي كلام المءلف لو صلي قاءما وركع وسجد فالصلاه صحيحه؛ لان المساله علي سبيل الاستحباب. قال المءلف: (ويكون امامهم وسطهم)، (يكون امامهم) اي: امام العراه (وسطهم) اي: بينهم؛ يعني: لا يتقدم، لماذا؟ لانه استر له من ان يتقدم. وعلي هذا فاذا وجد عشره كلهم عراه، تعرض لهم قطاع الطريق واخذوا ثيابهم، وهذا موجود في الزمن الماضي، في بلادنا هذه كان الناس تءخذ ثيابهم ما بين البلد وبين المرعي، فاذا اخذت الثياب وحان وقت الصلاه، نقول: صلوا صفا واحدا والامام بينكم، اذا طال الصف لو كانوا الف نفر صلوا صفا واحدا ويكون الامام بينهم، ويصلون قعودا؟ طلبه: فيه تفصيل. الشيخ: علي المذهب يصلون قعودا. طلبه: استحبابا. الشيخ: استحبابا؛ ويومءون بالركوع والسجود استحبابا ايضا. وقال بعض اهل العلم: بل يتقدم الامام؛ لان السنه ان يكون الامام امامهم، وتاخره لا يفيد شيءا، غايه ما هنالك انه هو نفسه يكون استر، وايضا لو كان استر بالنسبه له فاننا نقول: هو معذور، والانسان اذا شاركه غيره في عيبه خف عليه، فهو اذا تقدم لا يري في نفسه شيءا من الغضاضه او من الحياء او من الخجل؛ لان جميع من معه علي هذا الوجه، ولا ينبغي ان نفوت موقف الامام وانفراده في القبله؛ لان الامام متبوع، فينبغي ان يتميز عن اتباعه الذين هم المامومون، وهذا القول اقرب الي الصواب. ومع ذلك فيستثني من كلام المءلف ما اذا كانوا في ظلمه، او كانوا لا يبصرون، فان كانوا في ظلمه او لا يبصرون فان امامهم يتقدم عليهم كالعاده؛ لان المحذور زال. يقول: (ويصلي كل نوع وحده) ؛ يعني: لا يصلون جماعه، (يصلي كل نوع وحده) نوع منين؟ طلبه: من الرجال والنساء. الشيخ: ما الدليل؟ الدليل قوله فيما بعد: (فان شق صلي الرجال واستدبرهم النساء) ، نقول: اذا اجتمع رجال ونساء عراه فلا يصلون جميعا، يصلي كل نوع وحده، لماذا؟ لان النساء لا يمكن ان يقمن في صف الرجال، فلا بد لهن من صف مءخر، واذا صففن وراء الرجال صرن يرين عورات الرجال، لا نقول: تصلي النساء مع الرجال وتغمض، لا. نقول: لا تصلي، يصلي الرجال اولا، ثم يصلي النساء، بمعني ان نجعل النساء في مكان، والرجال في مكان، فيصلي الرجال وحدهم والنساء وحدهم، ولا يصلون جماعه، فان شق بحيث لا يمكن ان يصلي كل نوع وحده. يقول: (صلي الرجال واستدبرهم النساء ثم عكسوا) نقول: اذا كان ما في مكان بحيث نقول للنساء صلوا يصلين هناك والرجال هنا يصلون في المكان هذا جميعا، لكن يصلي الرجال وحدهم وتستدبرهم النساء، معني تستدبرهم: تلقيهم ظهورهن، تكون ظهور النساء الي ايش؟ الي القبله، لماذا؟ لءلا يرين الرجال، وهي اذا رات الرجل ستنظر الي عورته؛ لان ما فوق الدبر الي حذاء السره كل هذا عوره، ستنظر اليه. فنقول اذن يصلي الرجال، وانتم ايتها النساء استدبرن الرجال، ثم بعد ذلك يصلي النساء جماعه ولا غير جماعه؟ طلبه: جماعه. الشيخ: جماعه استحبابا، ما هو واجب، الجماعه للنساء غير واجبه، يصلي النساء ويستدبرهم الرجال، تكون ظهور الرجال نحو؟ طلبه: القبله. الشيخ: القبله. طالب: النساء. الشيخ: تكون ظهور الرجال في المساله الثانيه، اذا صلي النساء وحدهم يكون ظهور الرجال نحو القبله، هذا الحكم في المساله، هل مثل ذلك لو كان المكان ضيقا والرجال كثيرين، هل نقول: يصلون جماعتين؟ نحن ذكرنا قبل قليل يصلون صفا واحدا وامامهم بينهم، لكن اذا كان المكان لا يسعهم صفا واحدا، فهل يصفون صفا اخر وراءهم؟ طالب: لا يصفون. الشيخ: او نقول: يستدبرونهم، فاذا فرغوا صلي هءلاء، واستدبرهم هءلاء. طلبه: الاول. الشيخ: فيها قولان لاهل العلم؛ فبعضهم قال: يفعل الصف الزاءد الذي لا يتحمله المكان كما يفعل النساء. ومنهم من قال: بل يصلون جماعه واحده، لكن في هذه الحال اذا قلنا: يصلون جماعه واحده افلا نقول: انه يندب لكم ايها المتاخرون ان تغمضوا اعينكم؟ طلبه: لا. الشيخ: ليش؟ طالب: التغميض (...). الشيخ: نقول: ينظر، اذا كان الانسان يخشي علي نفسه الانشغال برءيه هءلاء فانه يغمض، وان كان لا يخشي وانه لا يهتم الا بصلاته، وسينظر الي موضع سجوده، والي موضع اشارته في الجلوس فلا حاجه ان يغمض. قال رحمه الله تعالي: (فان وجد ستره قريبه في اثناء الصلاه ستر وبني والا ابتدا) ، ان وجد، من؟ طالب: العريان. الشيخ: العريان الذي صلي عريانا في اثناء الصلاه جاء الله له بستره، اذا كانت قريبه يعني: لم يطل الفصل اخذها وستر وبني علي صلاته، وان كانت بعيده فانه يقطع صلاته، ويبتدا الصلاه من جديد، كيف بعيده وقريبه؟ قريبه؛ مثل رجل جاء اليه وقال: خذ استر نفسك، وهو يصلي، نقول هنا: ياخذها وينستر، بعيده؛ راي ورقه يطير بها الهواء تستره، ولنفرض انها كرتون اسمنت، يمكن. طلبه: (...). الشيخ: اي نعم، لكنها علقت بشجره بعيده عنه، وهو يصلي، تعلقت بشجره بعيده عنه، نقول له؟ طالب: اقطع صلاتك. الشيخ: اقطع صلاتك؛ لان هذا يءدي الي انقطاع بعضها عن بعض، اقطع صلاتك واذهب وخذ هذه الستره، واستتر بها وابتدء الصلاه. قال بعض العلماء في هذه المساله كما قالوا في الماء: امراه بطلت صلاتها بكلام انسان، قالوا ما هي؟ قالوا: هذه امه تصلي وهي ساتره كل بدنها الا راسها وساقيها مثلا، فقال لها سيدها: انت حره لوجه الله، ويش صارت الان؟ طلبه: صارت حره. الشيخ: صارت حره، ويش يجب عليها؟ طلبه: (...). الشيخ: ان تستر جميع بدنها الا الوجه، دورت حول الستره ما عندها شيء؛ نقول: الان تبتدء الصلاه من جديد، فان كان سيدها ذكيا وفقيها فجاء بالستره معه، وقال: انت حره لوجه الله، ثم وضع علي راسها وعلي بقيه المنكشف منها ستره. طلبه: تبني. الشيخ: تبني او لا؟ طلبه: تبني. الشيخ: تبني، لماذا؟ طلبه: لانها قريبه. الشيخ: لانها سترت عن قرب. والخلاصه الان ان الانسان العاري اذا وجد ما يستر عورته عن قرب وجب عليه ان يستر ويبني، كذا؟ طلبه: (...). الشيخ: اي نعم، هي قريبه. اقول: اذا وجد المصلي العاري ستره قريبه وجب عليه ان يستر ويبني. طلبه: (...). الشيخ: خطا. طالب: يستر صحيح، لكن يبني (...). الشيخ: اذا وجب الستر وجب البناء. طلبه: صحيح. الشيخ: صحيح؟ طلبه: (...). الشيخ: خطا. طالب: لا، شيخ (...). الشيخ: ان كانت الصلاه فرضا وجب عليه ان يستر ويبني، ان كانت نفلا. طلبه: (...). الشيخ: فله ان يقطعها. طالب: (...) احيانا؛ نستفصل فتقول: لا داعي للتفصيل. الشيخ: المهم علي كل حال، هذا التفصيل. طالب: (...). الشيخ: علي كل حال يقول: اذا وجدها قريبه وجب عليه الستر والبناء ان كانت الصلاه فرضا، فان كانت بعيده لزمه استءناف الصلاه، ولم يجز ان يستمر سواء كانت فرضا ام نفلا. طالب: شيخ، اذا كان معهم ستره واحده وهم جماعه، من ياخذها؟ الشيخ: هي لمن؟ لمن هي؟ الطالب: (...) فوجدوا ستره تكفي لشخص واحد. الشيخ: من وجدها؟ كلهم راحوا عليها؟ طالب: مرت قدامهم. الشيخ: علي كل حال، اذا كانت اذا كانت الستره لواحد منهم وجب عليه ان يصلي بها وحده، وهل يجوز ان يءثر بها غيره؟ طلبه: لا ما يجوز. الشيخ: سبق لنا في قاعده الايثار، ان الايثار بالواجب؟ طلبه: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز، اذن يستتر بها صاحبها، ثم بعد ذلك. طلبه: (...). الشيخ: لا، يستتر بها صاحبها -سواء كان الامام او الماموم- ثم يعطيها، اذا لم يكن يصلون جميعا، يعطيها من شاء، فان اعطاها لهم جميعا اقرع بينهم، فمن قرع اخذها. طالب: مثل الاشجار هذه، يعني: يقدر يستتر بالاشجار، يجب عليه؟ الشيخ: العلماء يقولون: ما يجب عليه الاشجار التي تءذيه وتضره، ما يجب عليه، اذا كانت تضره ما يجب عليه، لو مثلا ما حوله الا اشجار (...) لا ما يمكن يستتر، لكن اذا كانت.. الطالب: (...). الشيخ: نعم، اذا كانت لا تضره كشجره اليقطين، فان الله قال عن ادم وحواء: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنه} [الاعراف: ٢٢]. طالب: يا شيخ، هل نستحب للعراه ان يخففوا الصلاه وان لا يتلاصقوا؟ الشيخ: لا، ان يخففوا الصلاه، لا، لكن ان لا يتلاصقوا قد نقول هذا؛ لانه قد يكون في ذلك فتنه. طالب: شيخ، هل الجماعه تلزم العاري؟ مثل اذن وهو في البيت، هل يخرج للمسجد يصلي جماعه، وهو عار؟ الشيخ: اي، ما يلزمه؛ لان هذا من اعظم ما يكون من الخجل. الطالب: اليس هو معذورا؟ الشيخ: معذور، ما يلزمه. طالب: شيخ، يعني (...) الامام بالوسط يا شيخ، (...) استفصال. الشيخ: ايش؟ الطالب: يعني: فصلت يا شيخ القول (...) اذا كان يعني يصلي قاعدا او قاءما اذا كان عريانا، فقلت: اذا كان حوله احد فانه يصلي قاعدا، واذا كان لوحده فانه يصلي قاءما، هل هذا يعني علي قولك استحبابا ولا؟ الشيخ: وجوبا، لا، وجوبا. الطالب: وجوبا؟ الشيخ: نعم. طالب: بالنسبه لتفصيل الفقهاء في العوره وتقسيمها الي ثلاثه اقسام. الشيخ: نعم. الطالب: ينطبق قولهم حتي في الصلاه؟ الشيخ: هذا كلامهم في الصلاه. الطالب: شيخ، لم لا نقول: ان الاصل الزينه عامه؟ يعني: الزينه التي تتعارف مثلا لمن (...) العاشره، والزينه التي تتعارف للعبيد وما الي ذلك. الشيخ: والله هذا.. الطالب: (...). الشيخ: نعم اقول: هذا اذا قيل به فهو جيد، اذا قيل بان اخذ الزينه كما قال الله عز وجل. الطالب: الزينه المتعارف عليها.. الشيخ: اي، ما جري به العرف، الا اذا جري العرف بامر منكر ما يمكن ان اخذ به (...). *** قال المءلف رحمه الله: (ويكره في الصلاه السدل) (يكره) الكراهه عند الفقهاء هي ما نهي عنه، او هي النهي عن الشيء من غير الالزام بالترك، والمكروه ما نهي عنه من غير الزام بتركه، هذا عند الفقهاء. اما في لغه القران والسنه وغالب كلام السلف فالمكروه هو المحرم؛ ولهذا قال الله تعالي في سوره الاسراء قال: {كل ذلك كان سيءه عند ربك مكروها} [الاسراء: ٣٨]، ومعلوم ان الله ذكر فيها الشرك، وذكر فيها اشياء كثيره من الامور المحرمه، وسماه الله تعالي {مكروها} ؛ لانه مبغض عند الله عز وجل؛ ولهذا قال اصحاب الامام احمد: ان الامام احمد اذا قال: (اكره كذا) يعني: انه محرم. اما في اصطلاح الفقهاء والاصوليين فيقولون: ان المكروه ما نهي عنه لا علي سبيل الالزام بالترك، وحكمه انه يثاب تاركه امتثالا، ولا يعاقب فاعله، وايضا يجوز عند الحاجه، كلما احتاج الانسان الي المكروه زالت الكراهه وان لم يضطر اليه، اما المحرم فلا يجوز الا عند الضروره. قال: (يكره في الصلاه السدل) ، والسدل ان يطرح الرداء علي كتفيه، ولا يرد طرفه علي الاخر، هذا السدل، يضع الرداء -معروف لكم- علي كتفيه هكذا ولا يرد طرفيه علي كتفيه، هذا هو السدل. وقال بعضهم: السدل ان يضع الرداء علي راسه ولا يجعل اطرافه علي يمينه وشماله، يعني: مثل هكذا، بالغتره، خليها هكذا ما هي علي يمينه ولا يساره، هذا السدل. وقال بعضهم: ان السدل ان يرسل ثوبه حتي يكون تحت الكعبين، وعلي هذا فيكون بمعني الاسبال، والمعروف عند فقهاءنا ان السدل ان هو يطرح الثوب علي الكتفين، ولا يرد طرفه علي كتفيه، هذا هو السدل. ولكن اذا كان هذا الثوب مما يلبس عاده هكذا فلا باس به، ولهذا قال شيخ الاسلام: ان طرح القباء علي الكتفين من غير ادخال الكمين لا يدخل في السدل. القباء يعني مثل الزبون والكوت وما اشبهه، قال: ان هذا لا يدخل في السدل، اذا احتاج الانسان الي ذلك جاز ولا لا؟ جاز؛ لان المكروه تزيله الحاجه. كذلك يكره (اشتمال الصماء) هنا اضيف الشيء الي نوعه؛ يعني: اشتمال اللبسه الصماء، يعني: ان يشتمل بالثوب علي وجه يكون اصم، والاصم -في الاصل- هو الذي لا يسمع، فاشتمال الصماء ان ياتي بثوب ويلتحف بهذا الثوب كله ولا يجعل ليديه مخرجا؛ قالوا: لان هذا يمنعه من كمال الاتيان بمشروعات الصلاه، ولانه لو قدر ان شيءا صال عليه فانه لا يتمكن من المبادره برده، ولا سيما اذا كان هذا الثوب قميصا، اذا كان هذا الثوب قميصا، فهو اشد واشد، يعني: بان يلبس القميص، ما يدخل يديه في كميه، فهذا اشتمال اصم من الصماء؛ لان الرداء يمكن مع الحركه القويه ينفتح، لكن هذا لا ينفتح. وقال بعض العلماء: ان اشتمال الصماء ان يضطبع بثوب ليس عليه غيره، يعني يكون عليه ثوب واسع يكون ازارا ورداء ثم يضطبع فيه، والاضطباع ان الانسان يخرج كتفه الايمن، ويجعل طرفي الرداء علي الكتف الايسر، ووجه الكراهه هنا ان فيه عرضه لان يسقط فتنكشف العوره، هذان وجهان في تفسير الصماء. الوجه الثالث ان يجعل الرداء علي جانب واحد من جوانبه علي احد شقيه، ويبقي الشق الاخر مفتوحا، وهذا ان لم يكن عليه الا ثوب واحد فانه ليس مكروها فقط بل هو محرم؛ لان عورته منكشفه، وان كان عليه ازار فهو مكروه؛ لانه يشبه المشي بنعل واحده، حيث جعل اللباس علي شق واحد دون الاخر، فهذه ثلاث صفات لاشتمال الصماء، وكل هذه الصفات اذا رايتها او اذا تاملتها وجدت انها تخالف ظاهر قوله تعالي: {يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الاعراف: ٣١]، فان الاخذ -اخذ الزينه- علي هذا الوجه فيه شيء من التقصير، ما اخذتها كامله؛ لان اخذ الزينه كامله ان يلبسها علي ما يعتاد الناس لبسها عليه بحيث تكون ساتره، وتكون معهوده مالوفه، بخلاف الشيء الذي لا يكون معهودا ولا مالوفا. قال: ويكره ايضا (تغطيه وجهه) ، يكره ان يغطي الانسان وجهه وهو يصلي؛ لان هذا قد يءدي الي الغم، ولانه اذا سجد سوف يجعل حاءلا بينه وبين سجوده، فلذلك كره هذا الفعل، لكن لو انه احتاج اليه لسبب من الاسباب، ومنه العطاس مثلا، لو اراد ان يعطس وهو يصلي واحتاج الي ان يضع ثوبه هكذا علي وجهه فان المكروه تبيحه الحاجه. ويستثني من ذلك المراه اذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها، فان تغطيه وجهها حينءذ واجب ولا يجوز لها كشفه. قال المءلف: (واللثام علي فمه وانفه)، (اللثام علي فمه) يعني: ان يتلثم هكذا علي فمه؛ يعني: يضع العمامه او الغتره او الشماغ علي فمه، وكذلك علي انفه. "},{"Id":1700,"Name":"02 كتاب الصلاة 10","Sort":32,"Version":0,"LessonText":"

قال: ويكره أيضًا (تغطية وجهه)، يكره أن يغطي الإنسان وجهه وهو يصلي؛ لأن هذا قد يؤدي إلى الغم؛ ولأنه إذا سجد سوف يجعل حائلًا بينه وبين سجوده، فلذلك كره هذا الفعل، لكن لو أنه احتاج إليه لسبب من الأسباب، ومنه العطاس مثلًا، لو أراد أن يعطس وهو يصلي، واحتاج إلى أن يضع ثوبه هكذا على وجهه، فإن المكروه تبيحه الحاجة، ويستثنى من ذلك المرأة إذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها، فإن تغطية وجهها حينئذ واجب، ولا يجوز لها كشفه.
قال المؤلف: (واللثام على فمه وأنفه) (اللثام على فمه) يعني: أن يتلثم هكذا على فمه؛ يعني يضع العمامة أو الغترة أو الشماغ على فمه، وكذلك على أنفه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي الرجل فاه ، (فاه) يعني: فمه، نهى.
هذا أيضًا يستثنى منه ما إذا تثاءب وغطى فمه ليكظم التثاؤب فهذا لا بأس به، أما بدون سبب فإنه يكره.
فإن كان حوله رائحة كريهة تؤذيه في الصلاة، واحتاج إلى اللثام، فهذا جائز لا بأس به؛ لأنه للحاجة، وكذلك لو كان به زكام وصار معه حساسية إذا لم يتلثم، فهذا أيضًا حاجة تبيح له أن يتلثم أما بدون سبب فإنه مكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
قال: ويكره (كف كُمّه ولفه) يكره أن يكف الإنسان كُمّه في الصلاة بأن يقول به هكذا، هذا الكف، وأما اللف فأن يقول به هكذا، يلفه، يصفطه، يفسره، يشرحه، المهم على كل حال كف الكم أن يجذبه حتى يرتفع، ولفه أن يطويه حتى يرتفع.
قال العلماء: ولا فرق بين أن يفعل ذلك عند الصلاة من أجل الصلاة أو أن يفعل ذلك لعمل قبل الصلاة، كما لو كان يشتغل، وقد كف كمه أو لفه ثم جاء يصلي، نقول له: أطلق الكم وفك اللفة، الدليل؟
الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» .
قالوا: ونهيه أو قوله: «لَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» يشمل كفَّ الثوب كله، كما لو كفه من أسفل، أو كف بعضه كالأكمام، وليت المؤلف ذكر كف الثوب ليكون موافقًا للفظ الحديث.
إذن يكره كف الثوب بأن يرفع الثوب هكذا، ولف الثوب أيضًا بأن يطويه أو يَفْسره هكذا حتى يحزمه في بطنه، كل هذا مكروه، لماذا؟
لأنه ليس من تمام أخذ الزينة، فإن أخذ الزينة عند الناس أن يكون الثوب مرسلًا غير مكفوف، ثم إن الإنسان قد يفعله ترفعًا لئلا يتلوث ثوبه بالتراب، فيكون في هذا نوع من الكبرياء، ثم إنه ينبغي أيضًا أن الثوب ينتشر لا يكف؛ لأنه ربما يؤجر الإنسان على كل ما يتصل به مما يباشر الأرض، فلهذا نكره كف الثوب وهل من كف الثوب ما يفعله بعض الناس بأن يكف الغترة هكذا؟
طالب: قيل به.
الشيخ: لا، هذا ليس من كف الثوب؛ لأن هذا نوع من اللباس؛ يعني الغترة تلبس على هذا النوع، تلبس مثلًا على الرأس، تكف على الرأس، تجعل وراء، ولذلك جاز للإنسان أن يصلي في العمامة، والعمامة مكورة على الرأس غير مرسلة، فإذا كان من عادة الناس أن يستعملوا الغترة والشماغ على وجوه متنوعة فإنه يقول: هذا، أنا لبستها على العادة، ما كففت ولا فعلت شيئا، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن طرح القباية على كتفيه بدون إدخال الأكمام لا يُعد من السدل؛ لأنه يلبس على هذه الكيفية أحيانًا.
كذلك يقول المؤلف: (وشدّ وسطه كزُنَّار) يعني: يكره أيضًا للإنسان أن يشد وسطه، لكن لا مطلقًا، بل بما يشبه الزنار، شد الوسط أن يربط على بطنه حبلًا أو سيرًا أو ما أشبه ذلك، وهذا يفعل ولّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يفعل كثيرًا، فهو يكره إن كان على وجه يشبه شد الزنار، والزنار سير معروف عند النصارى يشدون به أوساطهم، وإنما كره ما يشبه شد الزنار؛ لأنه تشبه بغير المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: أقل أحوال هذا الحديث التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.
إذن فالاقتصار على الكراهة فيه نظر؛ لأن ما دمنا نقول: إن العلة في ذلك أنه يشابه زنار النصارى فإن هذا يقتضي أن نقول: إنه حرام؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فَهُوَ مِنْهُمْ» هل المعنى: فهو كافر؟
لا، لكن منهم في الزي والهيئة، ولهذا لا تكاد تفرق بين رجل متشبه بالنصارى بزيه ولباسه وبين النصراني، فيكون منهم في الظاهر.
قالوا: وشيء آخر أن التشبه بهم في الظاهر يجر إلى التشبه بهم في الباطن، وهو كذلك، فإن الإنسان إذا تشبه بهم في الظاهر يشعر بأنه موافق لهم، وأنه غير كاره لهم، ويجره ذلك إلى أن يتشبه بهم في الباطن، فيكون خاسرًا لدينه ودنياه.
المهم أننا نقول: إن اقتصار المؤلف على الكراهة فيما يشبه شد الزنار فيه نظر.
والصواب: أنه حرام، فإن قال قائل: أنا لم أقصد التشبه.
قلنا: إن التشبه لا يفتقر إلى نية؛ لأن التشبه المشابهة في الشكل والصورة، فإذا حصلت فهو تشبه، سواء نويت أم لم تنوِ، لكن إن نويت صار أشد وأعظم؛ لأنك إذا نويت فإنما فعلت ذلك محبة لما هم عليه وتكريمًا وتعظيمًا لما هم عليه، فيكون أشد وأعظم.
فنحن ننهى أي إنسان وجدناه يتشبه بهم في الظاهر، ننهاه، وإذا قال: ما قصدت التشبه، نقول: هذا شبه، سواء قصدت أم لم تقصد، أنت قصدت هذا الفعل، وهذا الفعل شبه، فتكون متشبهًا، لكن إن نويت أن تتشبه بهم وأن تكون تابعًا صار ذلك أشد وأعظم، لما يكون في قلب الإنسان من تعظيم هؤلاء ومحبة ما هم عليه.
(وشد وسطه كزنار)، ثم قال: (وتحرم الخيلاء في ثوب وغيره)، (الخيلاء) مأخوذة في الأصل من الخيل؛ لأن الخيل تجلب على التباهي والترفع والتعالي، فالخيلاء أن الإنسان يجد في نفسه شيئًا من التعاظم على الغير، وتسمى بلغتنا العامية: الزَّبْعَة، يقال: فلان يزبع، هذه حرام.
(في ثوب وغيره) الثوب كالقميص والسراويل والإزار وغير الثوب؟
طالب: العمامة.
الشيخ: إي نعم، العمامة قد نقول: إنها ثوب في الأصل، لكن ما يخالف، فلنقل: العمامة، وما يفعله بعض الناس الآن في العقال، بعض الناس يفعل الخيلاء في العقال، ويش لون؟
طالب: على جنب.
الشيخ: إي نعم، أحد يميله على جنب مرة..
طالب: (...).
الشيخ: إي نعم، وأحد يميله على الجبهة، يعرف الناس أن هذا خيلاء، كذلك في لباس الخاتم، بعض الناس يلبس الخاتم ويضع عليه فصًّا يمكن يزن كيلو، فصًّا كبيرًا جدًّا، وأحيانًا تشعر بأنه يتخايل في ذلك، على كل حال هذا خيلاء.
طالب: والساعة.
الشيخ: والساعة أيضًا، يمكن يتخذ لها أشياء معينة تدل على الخيلاء.
ولهذا المؤلف يقول: (في ثوب وغيره) فأطلق، فإذا قال قائل: النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ» ، قلنا: إن الحكم يدور مع علته، وذكر الثوب مقرونًا بالوصف الذي هو العلة يكون كضرب المثال، فكأن المُحَرّم في الأصل هو الخيلاء، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا مما تكون فيه الخيلاء وهو الثوب.
ولهذا قال شيخ الإسلام، رحمه الله: إن الخيلاء ليست في جر الثوب فقط، في كل هيئة للثوب، حتى يقول: إن توسيع الأكمام من الخيلاء، وبعض البلاد تجد المشيخة منهم أو المشايخ منهم يضعون أكمامًا لثيابهم أوسع من القميص أحيانًا، تجد الثوب مَرَّة.
كذلك أيضًا بعضهم في العمائم، يكون عندهم خيلاء في العمامة، يطوي على رأسه عمامة تحاذي منكبيه من العرض، هذا أيضًا خيلاء، أو يجعل لها ذؤابة طويلة جدًّا، فهذا من الخيلاء.
والمهم أن الخيلاء إنما ذكرت في الحديث بالإزار أو بالثوب من باب ضرب المثال.
الخيلاء في الثوب، منها: ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجره خيلاء، يجره؛ يعني يخليه يضرب على الأرض خيلاء، عقوبة هذا -والعياذ بالله-: أن الله لا يكلمه يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
عوقب بأمرين: عذاب مؤلم، وإعراض من الله عز وجل، ولهذا لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، كررها ثلاثًا، قال أبو ذر: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا، قال: «الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» .
فإذا جر ثوبه خيلاء فهذه عقوبته، والعياذ بالله، وإن لم يجره خيلاء فهل يستحق هذه العقوبة أو لا؟
لا يستحقها، لكن تأتيه عقوبة ثانية، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَفِي النَّارِ» ، فيقال له: إنك تعذب في النار بقدر ما نزل من ثوبك عن كعبيك، وأما ما بين الكعب إلى نصف الساق فهذا محل جواز، للإنسان أن يضع إلى الكعب أو أرفع، إلى نصف الساق أو أرفع قليلًا أيضًا.
يقول: (الخيلاء في ثوب وغيره)، ويحرم (التصوير) أيضًا التصوير مُحَرَّم.
والتصوير نوعان، بل أنواع ثلاثة:
تصوير ما يصنعه الآدمي، فهذا جائز؛ لأن الأصل جائز فالصورة من باب أولى، صور الإنسان سيارة بيده، خطها بيده، سيارة إذا رأيتها قلت: هذه طبق الأصل، نقول: هذا جائز، ليش؟
لأنه من صنع الآدمي، فإذا كان الأصل يجوز فالصورة من باب أولى.
القسم الثاني: أن يصور ما لا روح فيه مما لا يخلقه إلا الله، ولكن فيه حياة، إلا أنها ليست نفسًا كتصوير الأشجار والزروع وما أشبه ذلك، فجمهور أهل العلم على أن ذلك جائز ولا بأس به.
وقال مجاهد: إنه حرام، فلا يجوز للإنسان أن يصور شجرة أو زرعًا أو برسيمًا، أو غير ذلك من الأشياء التي فيها روح لا نفس.
القسم الثالث: أن يصور ما فيه نفس من الحيوان، مثل: الإنسان والبعير والبقرة والشاة والأرنب وغيرها، فهذه اختلف السلف فيها.
فمنهم من قال: إنها محرمة إن كانت ذات جسم، وجائزة إن كانت بالتلوين؛ ليست ذات جسم.
ومنهم من قال -وهم الجمهور- وهو الصحيح: إنها محرمة، سواء كانت مجسمة أو ملونة، فالذي يخط بيده ويصنع صورة كالذي يعملها ويصنعها بيده، ولا فرق، كلها حرام، بل أعظم من الحرام، بل هي من كبائر الذنوب، حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» «الَّذِينَ يُضَاهِئُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» .
ومع الأسف: أصبح هذا في عصرنا الحاضر فَنًّا يدرس أو يُقَرّ، ويُمْدَح عليه الإنسان، إذا صور الإنسان مثلًا بقرة أو بعيرًا أو إنسانًا، قالوا: ما أحذقه، ما أطيبه، ما أقدره، وما أشبه ذلك.
ولا شك أن هذا رضا بشيء منكر، بل رضا بشيء من كبائر الذنوب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال عن الله سبحانه وتعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي» .
أأحد أظلم ممن أراد أن يشارك الخالق في صنعه؟
لا، هذا ظلم واجتراء على الله عز وجل أن تريد أن تشبه نفسك وأنت مخلوق بالخالق، هذا من أعظم الظلم والعدوان على حق الله، ثم تحداهم الله، فقال: «فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» ؛ ليخلقوا ذرة أو ليخلقوا شعيرة، تحداهم الله بأمرين؛ بما فيه روح وهو من أصغر المخلوقات، وهو الذرة، وبما لا روح فيه وهو الشعيرة، هم لا يقدرون على هذا، لا يقدرون، لو اجتمعوا كلهم، كل الناس من آدم إلى يوم القيامة ما خلقوا ذرة ولا خلقوا شعيرة، ولّا لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: قال صبي من الصبيان: خلقوا حبة رزّ، رزّة؛ لأن فيه رز الآن صناعي يشبه الحقيقي، أيش نقول؟
طلبة: (...).
الشيخ: نقول: ليس هذا الرز الحقيقي، هذا لو تلقيه في الأرض وتصب عليه الماء ليلًا ونهارًا ما نبت، لفسد، لكن ما الذي ينبت؟
هو صنع الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: ٩٥]، فإذن ليس هذا كسرًا لهذا التحدي الذي تحدى به الله سبحانه وتعالى الخلق: «فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» .
إذن نقول: التصوير حرام سواء كان ذلك مجسَّمًا أو ملونًا، وهو من كبائر الذنوب، وفاعله ولو مرة واحدة يخرج به عن العدالة، ويكون فاسقًا إلا أن يتوب.
@سج ش=1381

\n QAID=71# \n

طالب: الزنار، شد الزنار، لأن بعض الناس يستعمل الحبل هذا على الوسط.
الشيخ: إيه هذا حبل.
الطالب: الإشباه، كيف يشبه الزنّار؟
الشيخ: يعني معناه إنه يجيب سير يشبه الزّنّار، سير معروف عند النصارى، أنا ما شوفت صورته لكن يمكن لو تشوفون المنجد يمكن يصوره، من جلد.
الطالب: الحبل ما..
الشيخ: لا، الحبل ما هو منه، ليس منه.
طالب: (...) يشمل..
الشيخ: سيأتي إن شاء الله الكلام عليه، إلى الآن ما كمّلْنا.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ذكرت أنه لا يدخل في إسبال الإزار ما إذا كان على الكعبين؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: مع أنه صح عند النسائي ، والترمذي في الشمائل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا حَقَّ عَلَى الْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ»، وذكر شراح الحديث أنه المقصود به: إذا كان على الكعبين.
الشيخ: إي، هو على كل حال الحديث هذا اللي ذكرت يحتمل أنه لا حق؛ يعني معناه إن الأفضل والأولى أن يكون أرفع ويحتمل أنه لا حق؛ يعني معناه ليس من اللازم إن الإنسان ينزل إلى الكعب، نقول هذا؛ لأجل يوافق «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَفِي النَّارِ» ، وهو أصح من الحديث هذا.
الطالب: يعني فيه تعارض بينهما يا شيخ؟
الشيخ: لا، ما فيه تعارض، يحمل هذا على الندب وهذا على التحريم.
طالب: جزاكم الله خيرا، وجه كراهة السدل في الصلاة؟
الشيخ: كيف ما ذكرناه؟ ذكرناه.
@سج ش=1380

\n QAID=69# \n

طالب: بالنسبة إلى الصلاة في موضع -يا شيخ- نجس، قلنا: إنه ما يركع ولا يسجد.
الشيخ: إذا كانت رطبة.
الطالب: إن كانت رطبة ما المانع من الركوع، مع إنه ما يصيب موضع النجاسة؟
الشيخ: لا، إحنا قلنا يومئ إيماء.

الطالب: ليش ما يركع يا شيخ؟
الشيخ: إي، صحيح، مسألة الركوع ما ترد علينا، الركوع الواقع أنه ينبغي أن لا يقال: إنه لا يركع، لكن هو يقول إن مثل هذا بيستدل مثلًا محبوس مجَلَّس، قد يكون الركوع صعبا عليه إذا صار جالسا.
طالب: شيخ نرى كثيرا من الناس يذهب إلى المتاحف، وينظر إلى المجسمات والصور ليتعجب منها، فهل يأثم هذا أو لا يأثم؟
الشيخ: إذا كانت من صنع الله فلا يأثم.
الطالب: لا من صنع الأوادم.
الشيخ: لا يا أخي ما يجوز هذا.
الطالب: كثير من الناس يذهب إلى المتاحف ويتعجب منها وينظر..
الشيخ: لا أبدا، اللي يذهبون للمتاحف يتعجبون من الأشياء اللي ما هي من صنع الآدمي، بعض المتاحف فيها مثلًا صور منفوخة، صور حقيقية.
طالب: محنطة.
الشيخ: محنطة.
طالب: شيخ، ما فيه شيء التحنيط يا شيخ؟
طالب آخر: (...) بعض الناس يلبسون بنطلونًا ويحطون حزامًا في وسطهم، مع أن هذا أصله من صنع الكفار؛ يعني مثلًا تجد هؤلاء أصلهم يلبسون الثياب الوسيعة، ولكن يلبسون هذا الحزام يمسك سراويلهم.
الشيخ: إذا كان هذا الحزام من جنس الزنار فهو يدخل في كلام المؤلف، بل الصحيح أنه حرام.
الطالب: هذا السؤال يا شيخ، هل هو يدخل في..
الشيخ: ما أظن هذا ما أظن؛ لأن الآن أصبح هذا ما هو بشعار للنصارى كل المسلمين يلبسونه.
طالب: الحزام لازم للبنطلون الحزام.
الشيخ: مثل تكة السروال.
طالب: (...) يستغنى عنه.
الشيخ: يمكن الإخوان اللي عايشين في بلاد النصارى يعرفونه (...).
طالب: مثل الحزام يا شيخ حزام يكون قماشا يضعوه في الوسط غالبا يلبسوه رهبانهم.
الشيخ: يعني سواء احتاجوا له أم لم يحتاجوا له.
الطالب: هذا لباسهم يا شيخ، لباسهم.
الشيخ: نعم.
طالب: أقول: الزنار كان عبارة عن حبل مدور كالإصبع كده، أسود مستدير، قماش أو فتل، وبعدين يعملوا عراوي كده -الرهبان- يعملوا عراوي في الهباب اللي بيلبسوه ده ويحطوه..
الشيخ: في الثياب.
الطالب: ويضعوه..
الشيخ: لو تقف عشان يشوفك الإخوان، قف.
الطالب: بحيث يخيطه في الثياب كده كعلاقة يعني، أكثر من واحدة، وبعدين يضع فيها الزنار هذا، عبارة عن فتلة..
الشيخ: يعني كأنها عراوي؟
الطالب: عراوي ويضع فيها مثل الإصبع كده، حبل يدخل فيها.
الشيخ: إي، مبروم معين يعني.

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ويحرم التصوير واستعماله، ويحرم استعمال منسوج أو مموه بذهب قبل استحالته، وثياب حرير وما هو أكثره ظهورا على الذكور، لا إذا استويا، ولضرورة أو حكة أو مرض أو حرب أو حشو).\n
\n الشيخ: هي فيها نسختين: جرب، وحرب، ونسخة لا هذا ولا هذا، ولكن الصحيح إما حرب، وإما لا شيء؛ لأن الحكة تغني عن الجرب.\n
\n الطالب: (\n أو كان علمًا أربع أصابع فما دونه، أو رقاعًا أو لبنة جيب وسجف فراء).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
رجل كان عليه رداء كبير وتلفف به في صلاته، بحيث لا يخرج يديه منه، فما حكم هذه اللبسة؟\n
\n طالب: مكروهة، يكره.\n
\n الشيخ: مكروهة، الدليل؟\n
\n الطالب: نهى رسول صلى الله عليه وسلم.. \n
\n الشيخ: نهى عنها؟ ها؟\n
\n الطالب: نعم. \n
\n الشيخ: ما اسم هذه اللبسة؟\n
\n الطالب: الصماء. \n
\n الشيخ: الصماء.\n
ما حكم اللثام؛ أعني لثام المصلي؟\n
\n طالب: مكروه.\n
\n الشيخ: مكروه، الدليل؟\n
\n الطالب: \n أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي الرجل فاه \n .\n
\n الشيخ: أحسنت.\n
هل يُستثنى من هذا شيء؟ \n
\n طالب: نعم، إذا كان فيه سعال أو شم رائحة كريهة، فهذا..\n
\n الشيخ: يعني لحاجة، إذا كان لحاجة فلا بأس.\n
\n الطالب: لحاجة، والحاجة تسقط المكروه. \n
\n الشيخ: رجل شد وسطه وهو يصلي، ما الحكم؟\n
\n طالب: التفصيل إن كان كالزنار فهو مكروه، والصحيح أنه مُحرم. \n
\n الشيخ: إن كان كشد الزنار فالمؤلف يقول: إنه مكروه، وإن كان على غير شد الزنار؟\n
\n الطالب: إن كان على غير شد الزنار فالصحيح الجواز. \n
\n الشيخ: فلا بأس به.\n
ما هو الدليل على كراهته إذا كان يشبه الزنار؟\n
\n الطالب: (...) بدليل (...) عدم.. \n
\n الشيخ: أقول ما هو الدليل؟\n
\n الطالب: نعم، هو النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شد.. \n
\n الشيخ: أعطني لفظ الحديث.\n
\n الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» \n .\n
\n الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».\n
إذا استدللنا بهذا الحديث فهل الاقتصار على الكراهة وجيه؟\n
\n طالب: لا، أقل ما فيه التحريم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن كان ظاهره يفيد..\n
\n الشيخ: يقتضي.\n
\n الطالب: يقتضي تكفيره.\n
\n الشيخ: كفر المتشبه بهم، نقول: الاقتصار على الكراهة فيه نظر مع هذا الحديث. \n
\n طالب: بسكون السين على القاعدة اللي أعطيتنا يا شيخ، وسْطه ولا وسَطه؟\n
\n الشيخ: نعم يصلح، وفيها قولان.\n
ما تقول في كف الإنسان ثوبه عند السجود؟\n
\n طالب: مكروه.\n
\n الشيخ: مكروه؟ ما الدليل؟\n
\n الطالب: (...) يسجد على سبعة أعظم.\n
\n الشيخ: ولا..\n
\n طالب: حديث ابن عباس في الصحيح: \n أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يسجد على سبعة أعضاء، وأمر أن لا يكف ثوبًا ولا شعرًا \n .\n
\n الشيخ: رجل عامل يحرث في حائطه، وحضرت الصلاة، وقد كف ثوبه، وبقي على كفه، هل نقول: إنه مكروه أو أن المكروه أن يتعمد كف الثوب عند الصلاة؛ يعني للصلاة؟ \n
\n طالب: لا فرق أن يكون كف ثوبه في الصلاة أو قبل الصلاة، كله واحد، النهي عام.\n
\n الشيخ: عام؟ يعني ما يمكن أن يقول قائل: أمرت أن أسجد وألا أكف؛ يعني للصلاة؟\n
\n الطالب: بدون دليل، صرف النص عن ظاهره بدون دليل. \n
\n الشيخ: يعني ظاهر الحديث أنه سواء كفه لعمل قبل صلاته أو من أجل صلاته، وإن كان بعض العلماء يقول: لا، المكروه إذا كفه للصلاة فقط. \n
المؤلف -رحمه الله- يقول: إن (\n الخيلاء) حرام، يقول المؤلف: إن (\n الخيلاء في الثوب وغيره) حرام، ما هو الدليل؟\n
\n طالب: الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُكَلَّمُهُمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، ذكر ثلاثة، وقال أحد الصحابة.. \n
\n الشيخ: أبو ذر.\n
\n الطالب: أبو ذر رضي الله عنه، قال: خابوا وخسروا يا رسول الله، من هم؟ فقال: \n «الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» \n .\n
\n الشيخ: أين الخيلاء؟\n
\n الطالب: حديث آخر: \n «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ..».\n
\n الشيخ: \n «لمَ ْيَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ» \n .\n
قوله تعالى: \n {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣]، ما يمكن يستدل به؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إذن من الكتاب والسنة، هل المؤلف اقتصر على قوله: (\n يحرم)، وما هو الأولى أن نقول: إنه؟\n
\n طالب: كبيرة.\n
\n الشيخ: يعني كلمة (\n يحرم) قد يكون يحرم وهو من الصغائر؟ \n
\n الطالب: من الكبائر.\n
\n الشيخ: من الكبائر؟ ما الدليل على أنه من الكبائر أو التعليل؟ \n
\n الطالب: أن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إليه، فهذا؛ يعني عمل عظيم وذنب كبير.\n
\n الشيخ: يعني فيه وعيد، كل شيء فيه وعيد فهو من الكبائر.\n
طيب قال المؤلف: (\n في ثوب وغيره) في الثوب واضح، غير الثوب؟\n
\n طالب: السراويل.\n
\n الشيخ: العباءات، السراويل، العقال، الطاقية، كذا؟\n
\n الطالب: العقال ما..\n
\n الشيخ: لا، فيه خيلاء، لا فيه، الإخوان قالوه أمس البارحة، إي نعم، قال: بعضهم يحطه على أذنه وبعضهم يحطه على جبهته خيلاء.\n
\n طالب: يزبع.\n
\n الشيخ: إي نعم، المهم على كل حال إنه في ثوب وغيره، وهو من كبائر الذنوب كما سمعتم، التصوير حكمه؟ \n
\n طالب: حكم التصوير فيه تفصيل، فإن كان.. \n
\n الشيخ: كلام المؤلف قبل ييجي التفصيل.\n
\n الطالب: إي نعم، قول المؤلف محرم.\n
\n الشيخ: محرم، الدليل؟\n
\n الطالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» \n .\n
\n الشيخ: أحسنت؛ يعني فيه أدلة متعددة، ومتنوعة العقوبة، فيه أيضًا وعيد آخر؟\n
\n طالب: وعيد على من؟ \n
\n الشيخ: على المصورين.\n
\n الطالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً جَعَلَ اللَّهُ لَهُ صُورَةً فِي النَّارِ يُعَذَّبُ بِهَا» \n .\n
\n الشيخ: هذه اثنان.\n
\n طالب: حديث: \n «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ» \n . \n
\n الشيخ: هذه ثلاثة.\n
\n طالب: قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: \n «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي» \n ، و..\n
\n الشيخ: تمام \n «مَنْ أَظْلَمُ»، فجعل هؤلاء أظلم الخلق أو من أظلم الخلق، أربعة؟\n
\n طالب: وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب، قال: \n «وَلَا صُورَة» \n .. \n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: (...) لهم صور (...)، قال عنهم: (...) ذلك شر الناس يوم القيامة. \n
\n الشيخ: لا،؛ لأن هؤلاء صوروها لأجل التعظيم.\n
\n طالب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَالْمُصَوِّرِينَ» \n ، فذكر ثالثًا لا يحضرني.\n
\n الشيخ: صحح الحديث (...).\n
\n طالب: رواه أحمد في الصحيح.\n
\n طالب آخر: \n «لَعَنَ اللُّهُ الْمُصَوِّرِينَ» \n ، وحديث: \n «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا الَّذِي يُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» \n .\n
\n الشيخ: نعم، إذن لعن المصورين، وهذه النصوص كلها تدل على أن التصوير من كبائر الذنوب.\n
ذكرنا أن التصوير ينقسم إلى ثلاثة أقسام؟\n
\n طالب: القسم الأول: تصوير ما صنع الإنسان، فهذا جائز لا خلاف فيه.\n
الثاني: تصوير ما فيه روح، ولكن..\n
\n الشيخ: ليس فيه نفس.\n
\n الطالب: ليس فيه نفس، نعم، مثل الأشجار والأودية والجبال، فهذا جائز، وقد حرمه مجاهد..\n
\n الشيخ: بس الأودية هذه ما هي معنا مثل الأشجار النامية؛ يعني الشيء النامي هو اللي فيه الروح. \n
\n الطالب: القسم الثالث: تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان، فاختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إذا كان مجسمًا فهو محَرَّم، وإذا لم يكن مجسمًا فهو ليس محَرَّم.
والذي عليه جمهور أهل العلم أنه محرَّم سواء كان مجسمًا أو غير مجسم.
الشيخ: أحسنت، صح، هذا حكم التصوير، ودليله ما سمعتم من الأحاديث والوعيد التي فيه، والصحيح أن التصوير كما قلنا البارحة: إنه عام للمجسم والملون؛ بدليل: حديث علي بن أبي طالب أنه قال لأبي الهياج: \n ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَلَّا تدع صورة إلا طمستها \n .\n
وظاهر ذلك أنها في الملون، وليست في المجسم؛ لأن المجسم -لو كان المراد المجسم- لقال: إلا مزقتها، أو كسرتها، أو ما أشبه ذلك.\n
فالصحيح التحريم مطلقًا\n ، وهذا إذا كان باليد؛ لأن المصور باليد هو الذي يضاهي بخلق الله، ويريد أن يصنع كما صنع الله عز وجل. \n
وأما الصور بالطرق الحديثة بالوسائل الحديثه فهو قسمان: \n
قسم: لا يكون له منظر، ولا مشهد، ولا مرأى، كما ذكر لي عن التصوير بأشرطة الفيديو، فهذا لا حكم له إطلاقا، ولا يدخل في التحريم قطعًا، ولهذا أجازه أهل العلم الذين يمنعون التصوير بالآلة الفوتوغرافية على الورق، وقالوا: إن هذا لا بأس به، حتى إنه حصل بحث هل يجوز أن تصور المحاضرات التي تلقى في المساجد؟\n
فكان الرأي ترك ذلك؛ لأنه ربما يشوش على المصلين، وربما يكون المنظر غير لائق، وما أشبه ذلك.\n
أما القسم الثاني: فهو التصوير الثابت على الورق، وهذا إذا كان آلة فوتوغرافية فورية فلا يدخل في التصوير، ولا يستطيع الإنسان أن يقول: إن هذا الرجل ملعون؛ لأنه لم يصور في الورق، فإن التصوير مصدر: صَوَّر يصوِّر؛ أي: جعل الشيء على صورة معينة، كما قال الله تعالى: \n {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦]، وقال: \n {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [التغابن: ٣].\n
فالمادة تقتضي أن يكون هناك فِعْل فُعِل في نفس الصورة؛ لأن (فَعل) في اللغة العربية هذا مقتضاها.\n
ومعلوم أن نقل الصورة بالآلة ليس على هذا الوجه، وإذا كان ليس على هذا الوجه لا نستطيع أن ندخله في اللعنة، ونقول: إن هذا الرجل ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كما يجب علينا التورع في إدخال ما ظاهر اللفظ دخوله فيه يجب علينا أيضًا التورع في منع مالم يتبين لنا دخوله في اللفظ؛ لأن هذا إيجاب وهذا سلب.\n
فكما نتورع في الإيجاب، نتورع أيضًا في السلب، وكما نتورع في السلب نتورع في الإيجاب؛ لأن المسألة ما هي مجرد إن هذا حرام ولّا ما هو حرام سيترتب عليها عقوبة.\n
فهل نشهد على أن هذا معاقب باللعن وشدة الظلم وعدم التكليم، وما أشبه ذلك؟\n
لا، وأن يكون ملعونًا أو ما أشبه ذلك؟\n
ما نستطيع أن نجزم إلا بشيء واضح، ولهذا يفرق بين رجل أخذ كتابي الذي خططته بيدي وألقاه في الآلة الفوتوغرافية وحرك الآلة وانسحبت الصورة، فيقال: إن هذا الذي خرج بهذا الورق رسم من؟ \n
رسم الأول، ويقال: هذا خطه، ويشهد الناس عليه، وبين أن آتي بخطك وأقلده بيدي أرسم مثل حروفه وكلماته، فأنا الآن صحيح أنني حاولت أن أقلدك، وأن أكتب كما كتبت، وأصور كما صورت، أما المسألة الأولى فليس مني فعل إطلاقا، ولهذا ممكن أن أصور في الليل، وممكن أن يصور الإنسان وهو قد أغمض عينيه، وممكن أن يصور الرجل الأعمى، فكيف نقول هذا مصوِّر؟\n
فالذي أرى أن هذا لا يدخل تحت اللعنة، ولا يدخل تحت التصوير، بناء على المادة التي اشتق منها: (صَوَّر يصوِّر).\n
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يصوّر هذا التصوير المباح، فالمباح -كما مرّ علينا كثيرا- تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قُصِد به شيء محرّم كان حرامًا، وإن قُصِد به شيء مباح كان مباحًا، وإن قصد به شيء واجب كان واجبًا. \n
قد يجب التصوير أحيانًا خصوصًا الصور المتحركة، إذا رأينا مثلًا إنسانًا متلبسًا بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد، ولّا اللي من حق الله؟ قد نقول: الستر أولى، لكن إذا رأينا إنسانًا متلبسًا بجريمة تتعلق بحق العبد، مثل محاولة أن يقتله، وما أشبه ذلك، ولم نتوصل إلى إثباتها إلا بالتصوير، كان التصوير حينئذ واجبًا خصوصًا في المسائل التي تضبط القضية تمامًا؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.\n
إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان؛ خوفًا من أن نتهم بالجريمة غيره مثلًا، هذا أيضًا لا بأس به، بل هو مطلوب.\n
إذا صورنا هذه الصورة من أجل التمتع بالنظر إليها هذا حرام بلا شك؛ إنسان رأى امرأة جميلة، وقال: متى أشوف هذا الوجه النَيِّر الطيب؟ يلَّا يا ولد هات الآلة، ثم يطقه ويجري يتفرج على صورته، هذا لا شك إنه حرام ولا يجوز. \n
طيب، صَوَّر هذه الصورة للذكرى، قال: أنا ودي أشوف عيالي وأتذكرهم وهم صغار، نعم، نقول: هذا لا يجوز، كذلك صورها للذكرى في سفر سافره هو وزملاؤه أو رحلة أو ما أشبه ذلك، كل هذا نقول: لا يجوز؛ لأننا لا نقول هذه غير صورة، هي صورة لا شك، فإذا اقتناها فقد جاء الوعيد فيمن كان عنده صورة \n «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ» \n ، كما سيأتي في كلام المؤلف، إن شاء الله تعالى.\n
إذن صار التصوير ينقسم إلى أقسام:\n
أولًا: تصوير ما يصنعه الآدمي؛ وهذا جائز سواء كان مجسمًا، أو ملونًا.\n
تصوير ما خلقه الله مما فيه روح لا نفس كالأشجار وشبهها، فأكثر العلماء على جوازه، سواء كان مجسمًا أو ملونًا.\n
وفيه الآن صور مجسمة لما فيه روح ولّا لا؟\n
فيه الشجرة هذه، فيه أشجار، و(...)، وقرطاس، وما أشبه ذلك.\n
\n طالب: فيها حياة.\n
\n الشيخ: إي، فيها حياة، لكن هي روح، حياة كل شيء بحسبه.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي، بخلاف النفس؛ ولهذا جاء في الحديث: \n «يُجْعَلُ لَهُ نَفْسٌ يُعَذَّبُ بِهَا» \n . \n
الثالث: ما فيه نفس، فهذا حرام ولا يحل، سواء كان مجسمًا أو ملونًا، وإن كان بعض السلف خصه بالمجسم فقط.\n
وتبعهم على ذلك أناس كثيرون من المعاصرين وغيرهم، لكن الصحيح العموم.\n
هذا حكم التصوير.\n
أما استعماله فقال المؤلف: (\n واستعماله)، هذه الجملة فيها شيء من التجوّز؛ لأننا لو أخذناها بظاهرها لكان المعنى واستعمال التصوير؛ لأن الضمير يعود على التصوير، وليس هذا بمراد قطعًا؛ لأن المعنى يفسد، لو قلنا: يحرم التصوير واستعمال التصوير، لكن كما قال الشارح: استعمال المُصَوَّر، التصوير: يعني المراد به المصَوَّر، فهذا الضمير عاد على مصدر يراد به اسم أيش؟\n
\n طلبة: المفعول. \n
\n الشيخ: المفعول؛ يعني استعمال المصَوَّر هذا حرام، استعمال المصوَّر حرام وظاهر إطلاق المؤلف العموم، أنه يحرم على أي وجه كان، ولكن ينبغي أن نعرف التفصيل في هذا، استعمال المصَوَّر ينقسم إلى ثلاثة أقسام: \n
الأول: أن يستعمله على سبيل التعظيم؛ فهذا حرام سواء كان مجسمًا أو ملونًا، وسواء كان التعظيم تعظيمَ سلطان، أو تعظيم عبادة، أو تعظيم علم، أو تعظيم قرابة أو تعظيم صحبة، أيًّا كان نوع التعظيم؛ لأن الإنسان قد يستعمل الصورة لتعظيم الإنسان لسلطانه، وقد يكون يستعملها لتعظيمه في علمه، وقد يستعملها لتعظيمه في عبادته، يكون عابدًا، وقد يستعملها لتعظيمه في قرابته كالأب والأم، وقد يكون لصحبته، أو لغير ذلك.\n
المهم أن استعمال الصورة للتعظيم محرم على كل حال، وسواء كانت مجسمة أو ملونة.\n
وفي الحقيقة أنه ليس فيها تعظيم، إذا كان الإنسان يريد أن يصور أباه فإن كان أبوه حيًّا فتعظيمه بإعطائه ما يلزم له من البرِّ؛ القولي، والفعلي، والمالي، والجاهي، وغير ذلك.\n
وإن كان ميتًا، فهل سينتفع بهذا التعظيم أبدًا؟ إذن ليس تعظيمًا له.\n
وهل أنت ستنتفع؟ أبدًا، ولكنك تجدد أحزانك، كلما رأيته ذكرته، وأنت وياهم بالقهوة، جو جميل، في المجلس تجلسون تتكلمون مستأنسين، تتذكره إذا رأيت هذه الصورة.\n
فإذن ليس فيها تعظيم، بل ما فيها إلا كسب الإثم، ولذلك يجب على من كان عنده صور من هذا النوع أن يمزقها، أو يحرقها، ولا يجوز له إبقاؤها؛ لأن هذا فيه خطورتان:\n
الخطورة الأولى: تجنب الملائكة لدخول البيت.\n
والخطورة الثانية: أن الشيطان قد يدخل على الإنسان من هذا التعظيم حتى يستولي تعظيمهم على قلبه ويسيطر عليه، لا سيما فيما يتعلق بالعلم والعبادة، فإن فتنة قوم نوح كانت من الصور، وهذا لا فرق فيه، قلنا بين أيش؟ الملون والمجسم، سواء كانت صورة على ورقة أو على خرقة أو كانت صورة مجسمة صورة إنسان تمثال.\n
الثاني: أن يتخذها على سبيل الإهانة، يستعمل الصورة على سبيل الإهانة، مثل أن يجعلها فراشًا، أو مخدة، أو وسادة، أو ما أشبه ذلك.\n
فهذه فيها خلاف بين أهل العلم، أكثر أهل العلم على الجواز، قالوا إنه لا بأس به؛ \n لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ وسادة فيها صورة \n ؛ ولأن هذا ضد السبب الذي من أجله حرم استعمال الصور؛ لأن هذا إهانة، واستعمال الصور على سبيل التعظيم هو المحرم.\n
وذهب بعض أهل العلم إلى التحريم، واستدل هؤلاء \n بأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى بيته ذات يوم فرأى نمرقة فيها صورة -نمرقة: يعني مخدة فيها صور- \n فوقف ولم يدخل، قالت عائشة: فعرفت الكراهية في وجهه، فقلت: أتوب إلى الله ورسوله، ماذا صنعتُ؟ فقال: «إِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الصُّورِ يُعَذَّبُونَ، يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» \n .\n
قالوا: فنكرهها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كرهها.\n
وقال: \n «إِنَّ أَهْلَ هَذِهِ الصُّورِ يُعَذَّبُونَ»، وقال: \n «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ» \n .\n
ويحمل ما ذكر عنه من أنه \n اتكأ على مخدة فيها صورة \n ، بأن هذه الصورة قُطع رأسها، وإذا قطع رأس الصورة فهو جائز، ولا شك أن هذا أورع وأحوط أن لا تستعمل الصور، ولو على سبيل الامتهان كالفرش والمخاد، ولا شك أن السلامة أسلم.\n
وشيء كره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدخل بيته من أجله لا ينبغي لك أن تدخله البيت وينشرح صدرك، من يستطيع أن ينشرح صدره في مكان كره النبي صلى الله عليه وسلم دخوله.\n
لهذا القول بالمنع إن لم يكن هو الصواب فإنه هو الاحتياط، والبعد عنه أولى بلا شك.\n
القسم الثالث: أن لا يكون للتعظيم ولا للإهانة، فجمهور أهل العلم على التحريم، على تحريم استعمال الصور على هذا الوجه.\n
وذكر عن بعض السلف: أنه لا يكره ذلك إذا كان ملونًا، حتى كان عند بعضهم في بيوتهم الستائر يكون فيها الصور صور الحيوان، ولا ينكرون ذلك.\n
ولكن لا شك أن هؤلاء الذين فعلوه من السلف كالقاسم بن محمد -رحمه الله- لا شك أنه يعتذر عنهم ولا يحتج بقولهم؛ لأن الحجة قول الله ورسوله، لكن يعتذر لهؤلاء بأنهم تأولوا، أو لم يبلغهم الخبر، أو ما أشبه ذلك من الأعذار.\n
فهذا أقسام استعمال الصور، بقي علينا مسألتان:\n
المسألة الأولى: ما عمت به البلوى الآن من وجود هذه الصور في كل شيء إلا ما ندر.\n
توجد الصور في أواني الأكل ولّا لا؟\n
توجد في أواني الأكل، توجد في الكراتين الحافظة للأطعمة، توجد في الكتب، توجد في الصحف، توجد في كل شيء، إلا ما شاء الله.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، ماذا نقول؟ بعضهم أيضًا توجد صور مما يؤكل، بسكوت على صورة سمكة، وعلى صورة أرنب، قال بعض الناس -وقد بحثت هذه المسألة- قال: هذا طيب أنه يجيبه ويأكله ويبقى أتلفتها، البسكوت وشبهها يتلفها بأكلها، يربح. \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، قال: هذا يشحع على أنه يعمل، يشجع ليعمل هذا الشيء، على كل حال هذه التي عمت بها البلوى، نقول: إن اقتناها الإنسان للصور لا شك أنها محرمة؛ يعني لو وجد صورة في هذه المجلة أو هذه الجريدة أعجبته وخلاها عنده هذا حرام، ما فيه شك، أو كان يشتري المجلات التي تنشر فيها الصور للصور فهذا حرام. \n
أما إذا كانت للعلم والفائدة والاطلاع على الأخبار فهذه أرجو أن لا يكون بها بأس نظرا للحرج والمشقة؛ وقد قال الله تعالى: \n {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].\n
وهذه الصور ليست مقصودة للإنسان، لا حال الشراء ولا حال القراءة أبدًا، ولا تهمنا، نعم لو فرض أن الإنسان عنده أهل، ويخشى أن يكون في هذه الصور من هو وسيم وجميل تفتتن به النساء، فحينئذ لا يجوز أن تكون هذه المجلة وهذه الصحيفة في بيته، لكن هذا تحريم عارض.\n
كما أن مسألة الأواني، ومسألة الكراتين اللي فيها الأطعمة وشبه ذلك، قد يقال: إن فيها شيئا من الامتهان، فلا تكون من القسم المحرم.\n
أما المسألة الثانية: فهي الصور التي يلعب بها الأطفال.\n
الصور التي يلعب بها الأطفال تنقسم إلى قسمين:\n
قسم من الخِرَق والعهن وما أشبه ذلك، هذه لا بأس بها؛ \n لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تلعب بالبنات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها \n .\n
قسم آخر: تكون من البلاستيك، وتكون على صورة الإنسان الطبيعي، إلا أنها صغيرة، وبعضهم يكون لها حركة، ويكون لها صوت.\n
\n طالب: تتكلم.\n
\n الشيخ: بعضهم يتكلم؟\n
عجيب والله، المهم أن هذه قد يقول القائل: إنها حرام؛ لأنها دقيقة في التصوير، وعلى صورة الإنسان تماما؛ يعني ليست صورة جمالية، صورة تفصيلية ولها أعين تتحرك بعد، ما أدري عندها أسنان ولّا لا؟\n
على كل حال إنها على صورة طبق الأصل، فقد نقول: إن هذه حرام، وقد نقول: إنها مباحة؛ \n لأن عائشة كانت تلعب بالبنات ولم ينكر عليها.\n
ولكن إذا استدللنا بحديث عائشة فقد يقول لنا قائل: إن الصور التي عند عائشة ليست كهذه الصور الموجودة الآن، فبينهما فرق عظيم، فمن نظر إلى عموم الرخصة، وأنه قد يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في باب السبق لما ذكر بعض اللهو، قال: إنه يُرَخَّص للصغار فيه ما لا يُرخص للكبار؛ لأن طبيعة الصبي اللهو.\n
ولهذا تجد هذه الصور عند البنات الصغار كالبنات حقيقة كأنها ولدتها، إذا صار في أيام في الشتاء غطتها بالغطيان، وإذا صار في أيام الصيف حطتها عند المكيف تحت المروحة، صحيح، هذا مؤكد، فهذه كأنها تلهو بها لهوًا تامًا، وربما يكون وسيلة إلى تعلمها كيف تربي أولادها في المستقبل، وتسميهم أيضًا، هذه فلانة وهذه فلانة، نعم، فقد يقول قائل: إنه يرخص لهم فيها.\n
فأنا أتوقف في تحريمها في الواقع، لكن يمكن التخلص إذا أراد الإنسان أن يتحرز إنه يعفط وجهها؛ يعني يلينها عند النار، ويعفط الوجه حتى..\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: لا، يمكن نقول: إنها تصيح الآن ولّا شيء.\n
\n طالب: نشجع المصورين يا شيخ، فرق بين الصورة تصنع باليد..\n
\n الشيخ: على كل حال لا شك أن فيه تشجيع، لكن بلينا بها الآن، إحنا دائما إذا سئلنا عن هذه المسألة نقول: اشتروا لهم سيارات، رفاعات، أشياء ثانية، فيه أشياء كثيرة ملهية غير دي.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: صحيح، إنهم يقولون هذا اللي تقوله، يقوله الناس.\n
\n طالب: الكرتون (...). \n
\n الشيخ: (...) لا بأس.\n
\n طالب: مثل الصور هذه اللي في الكراتين كون الإنسان يضحك عليها (...).\n
\n الشيخ: والله فيها صعوبة.\n
\n طالب: اللي ما (...).\n
\n الشيخ: جزاه الله خير، اللي ما يصعبها يمكن ما يدخله أبدا، كلام طيب.\n
\n طالب: حديث علي: إِلَّا طَمَسْتُهَا .
الشيخ: بس ما أظن الصور عندهم بهذه المثابة الآن؛ يعني الصور عندنا ما هي، أنت الآن تعهد فيما سبق هل كانت عندنا هالصورة.
الطالب: لا.
الشيخ: ما هي موجودة.
الطالب: لكن مثل إنسان يقول: كل ما جبت كرتون أو شيء..
الشيخ: جزاه الله خيرًا، نقول: جزاه الله خيرًا، هذا طيب، ما نقول: هذا خطأ، أو بدعة، نقول: هذا طيب.\n
\n طالب: عندنا -الحمد لله- لا تجد إقتناء الصور كثيرة، لكن في كثير من البلدان تجد في كل المناسبات عمومًا المصورين موجودين، إما من أقاربك وإما من زملائك وإما من أي جهة من الجهات، يصورون عليك يمينًا ويسارًا، وأنت تكون قد تعرف بإنه حرام وكذا وكذا، لكن شيء عمومًا خاصة خارج..
الشيخ: لا، وعندنا، حتى عندنا موجود في بعض أيام العرس يأتي المصورون غصب عليك الواحد، ما تقدر تمنعهم.
الطالب: كيف نتخلص من هذه المشكلة يا شيخ؟
الشيخ: نتخلص بأن لا نحضر هذه، إذا أمكننا فلا نحضر، ما هو بلازم.\n
\n طالب: أحسن الله إليك، من ناحية الصور، أحيانًا يصور الإنسان مثلًا صورًا يحتاجها لأي غرض، ويصور له المصور ست صور، سبع صور، فإما أن يتركها وإما أن يتلفها، ثم يحتاجها مرة أخرى تصور مرة أخرى، فهل الأولى أن يتلفها ثم يعيد التصوير أو أنه يبقيها للحاجة؟
الشيخ: ويش تقولون في هذه المسألة؟
طالب: يبقيها للحاجة، إن كان مظنة الحاجة..
الشيخ: السؤال يقول: إن الإنسان إذا احتاج إلى صورة أظنه ما يصورون إلا أربع ولّا لا؟
طلبة: ست.
الشيخ: المصوّر، الكلام على المصور، هل يمكن يصورلك واحدة؟
طلبة: ستة على الأقل.
طالب آخر: أربعة أقل شيء.
الشيخ: أربعة أقل شيء، طيب، صورتها أربعة أقل شيء، هل نقول: إنه في هذه الحال احتفظ بما لا تحتاجه إذا كنت ستحتاجه، أو نقول: لا، مزقه أو أحرقه، وإذا احتجت فصور مرة ثانية؟
(...) \n

***

\n طالب: (...) على آله وأصحابه أجمعين قال المؤلف -رحمه الله تعالى: \n
\n (ويحرم استعمال منسوج أو مموه بذهب قبل استحالته، وثياب حرير، وما هو أكثره ظهورًا على الذكور، لا إذا استويا، أو لضرورة أو حكة أو مرض أو قمل أو جرب أو حشو، أو كان علمًا أربع أصابع فما دون، أو رقاعًا أو لبنة جيب وسجف فراء، ويكره المعصفر والمزعفر للرجال، ومنها اجتناب النجاسة).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أنه يحرم التصوير، وأنه من كبائر الذنوب فنريد دليلًا على أنه من كبائر الذنوب؟\n
\n طالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: \n «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنَ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً وَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» \n . \n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «لَعَنَ اللَّهُ الْمُصَوِّرِينَ» \n .\n
\n الشيخ: نعم، وسبق لنا أن استعمال الصور أو المصور ينقسم إلى أقسام؟\n
\n طالب: القسم الأول: أن يستعمله على سبيل التعظيم. \n
\n الشيخ: كم أقسام؟\n
\n الطالب: ثلاثة أقسام.\n
\n الشيخ: ثلاثة أقسام، نعم. \n
\n الطالب: القسم الأول: أن يستعملها على سبيل التعظيم، فهذا محرم مطلقًا سواء كان المعظم ملكًا أو عالمًا أو قريبًا أو صديقًا أو نحو ذلك، سواء كانت الصور مجسمة أو ملونة.\n
\n الشيخ: إذن إذا كان على سبيل التعظيم فهو حرام بكل حال، نعم، ثانٍ؟\n
\n طالب: ما كان على سبيل الإهانة والامتهان، مثل اللي يكون في السجاد والنمرقة وغيره، فاختلف العلماء فيه، منهم من أجاز، \n النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ نمرقة فيها تصاوير \n ، ومنهم: من منع، \n النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل البيت وجد -وكانت عائشة رأت له نمرقة فيها تصاوير- فالنبي صلى الله عليه وسلم غضب ولم يدخل البيت \n .\n
\n الشيخ: طيب الثاني: أن يتخذه على سبيل الامتهان كالفرش والمخاد والمساند، فجمهور العلماء على الجواز.\n
وبعض العلماء يرى: أنه حرام، وما هو الرأي الذي اخترناه؟\n
\n طالب: القسم الثالث.\n
\n الشيخ: لا الرأي الذي اخترناه في هذه المسألة؟\n
\n الطالب: أنه حرام.\n
\n الشيخ: أنه حرام؟ لا.\n
\n طالب: القول بالمنع أولى.\n
\n الشيخ: إي، إن الأحوط اجتنابه والبعد عنه، طيب، القسم الثالث؟\n
\n طالب: الثالث: الذي لا يستخدم ليس للتعظيم وليس للإهانة.\n
وفيه خلاف بين العلماء، ومنهم من أجازه، وأنهم أيضًا كان لديهم في بيوتهم النمرقة فيها صور، كانت موجودة في بيوتهم ولا ينكرونها. \n
\n الشيخ: النمرقة ممتهنة؟\n
\n طالب: لا، غير ممتهنة..\n
\n الشيخ: والصحيح في هذا؟ \n
\n الطالب: أنه لا يجوز.\n
\n الشيخ: أنه لا يجوز؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ» \n ، والرسول عليه الصلاة والسلام قال ذلك للتحذير من هذا. \n
طيب حكم استعمال الثوب المنسوج بالذهب؟\n
\n طلبة: ما أخذناه.\n
\n الشيخ: إذن نبدأ، بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف -رحمه الله تعالى: \n (ويحرم استعمال منسوج أو مموه بذهب قبل استحالته وثياب حرير وما هو أكثره ظهورا على الذكور). \n
قوله: (\n على الذكور) متعلق بقوله: (\n يحرم)؛ يعني: يحرم على الذكر استعمال منسوج بذهب أو مموه، (\n استعمال منسوج بذهب) بأن يكون فيه خيوط من الذهب تنسج، سواء كانت هذه الخيوط على جميع الثوب أو في جانب منه كالطوق مثلًا، أو طرف الكم، أو ما أشبه ذلك، المهم أن يكون منسوجًا بذهب في أي موضع كان من الثوب، فإنه حرام على الذكور؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» \n .\n
ولأن الرجل ليس بحاجة إلى أن يتحلى بالذهب، إذ أنه يُتَحَلّى له ولا يَتَحلى هو لأحد، كما قال الله تعالى في وصف الأنثى: \n {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨]؛ يعني يُربى في الحلية، المرأة هي التي تحتاج إلى أن تتزين وأن تتحلى، أما الرجل فلا، ولا ينبغي للرجل أن يكسر رجولته حتى يتنزل إلى أن يكون على صفات الإناث في النعومة ولباس الذهب وما أشبه ذلك.\n
طيب لباس الخالص من الذهب بالنسبة للرجل من باب أولى، ولهذا يحرم عليه أن يلبس خاتمًا من الذهب أو قلادة أو سلسلة أو خرصًا أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا من اللبس.\n
كذلك المنسوج المموه بذهب؛ يعني المطلي بذهب، حرام على الرجل؛ لعموم الحديث إلا أن المؤلف استثنى إذا استحال هذا الذهب وتغير لونه، وصار لو عرض على النار لم يحصل منه شيء، فهذا لا بأس به؛ لأنه ذهب لونًا ومعنى، افرض أنه مع طول الزمن تآكل وذهب لونه، ولم يكن لونه كلون الذهب، وصار لو عُرِض على النار وصهر لم نحصل منه شيئا، فحينئذ نقول: هذا جائز؛ لأنه ذهب عنه لون الذهب ومعنى الذهب، راح كله ما بقي إلا أنه كان قد مُوِّه، ولهذا قال: (\n أو مموه بذهب قبل استحالته).\n
ويحرم أيضًا على الذكور (\n ثياب حرير) ثياب الحرير أيضًا حرام على الذكور، والمراد بالحرير هنا: الحرير الطبيعي دون الصناعي. \n
الحرير الطبيعي يخرج من دودة تسمى دودة القز، يخرج منها، وهو غالٍ وناعم، والمرأة إذا لبسته لزوجها أثارت شهوته، لهذا حَرُم على الرجل؛ لأنه يشبه من بعض الوجوه الذهب لكونه مما يُتَحلى به، وإن كان ملبوسًا على صفة الثياب، لكن لا شك أنه يحرك الشهوة بالنسبة للمرأة، فكذلك الرجل لا ينبغي له أن يلبس مثل هذا الثوب لهذه العلة.\n
أما الحديث، فقد سبق حديث علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» \n .\n
قال المؤلف: (\n وما هو أكثره ظهورًا)، و(\n ما) هنا نكرة موصوفة، أي: وثوب، (\n هو) الضمير يعود على الحرير، (\n أكثره) أي: أكثر هذا الثوب (\n ظهورًا) أي في ظاهره؛ يعني بروزًا للناس؛ يعني: يحرم ثوب يكون الحرير أكثره ظهورًا، حرام على مَن؟ على الذكور.\n
مثال ذلك: لوكان هناك ثوب مُعَلَّم؛ يعني فيه أعلام، ثلثاه من الحرير، وثلث من القطن، أو الصوف فهو حرام؛ لأن أكثره الحرير، وظاهر كلام المؤلف أنه لو كان الحرير أقل فليس بحرام؛ مثل أن يكون فيه أعلام، أعني: خطوطًا، وهذه الخطوط إذا نسبنا الحرير إلى ما معه من القطن والصوف، وجدنا أنه الثلث، فالثوب حينئذ حلال اعتبارًا بالأكثر.\n
فإن تساويا فسيأتي في كلام المؤلف أنه ليس بحرام، وفيه قول آخر: أنه حرام، وسنؤخر الكلام عليه حتى نصل، إن شاء الله.\n
قال: (\n وما هو أكثره ظهورًا على الذكور) دون النساء؛ لما عَلِمْنا من قبل من الدليل والتعليل. \n
وهل لبس الحرير من باب الصغائر أو من باب الكبائر؟\n
نقول: هو من باب الكبائر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: \n «مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» \n ، وهذا وعيد، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في معنى هذا الوعيد؛ هل المعنى أنه لا يدخل الجنة؟ لأن لباس أهل الجنة الحرير، ومن لازم حرمانه اللباس أن لا يدخل، وعلى هذا فيكون فيه تحذير شديد أن ينسلخ الإيمان من قلب هذا الرجل حتى يموت على الكفر.\n
أو أن المعنى أنه: وإن دخل الجنة فإنه لا يلبس الحرير، يحرم من ذلك، فإن قال قائل على هذا المعنى: يرد أن الله سبحانه وتعالى قال: \n {فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} [الزخرف: ٧١]، ومن المعلوم أن لباس الحرير لباس تشتهيه الأنفس، فكيف الجواب؟ \n
نقول: الجواب -والعلم عند الله- إما أنه يُحْرَم من لباس هذا الحرير إلى مدة الله أعلم بها.\n
وإما أن لا تشتهي نفسه هذا الحرير، ويكون هذا نقصًا في نعيمه، كما أن المريض قد لا يشتهي نوعًا من الطعام، ويكون هذا نقصًا في مأكله، فيكون هذا الذي دخل الجنة لا يكون في نفسه محبة الحرير، وهذا لا شك أنه مرض أو نوع من المرض في الدنيا، ولّا في الآخرة ما فيه مرض، لكنه يكون حرمانًا له من أن يتنعم كمال التنعم في الجنة.\n
قال المؤلف: (\n لا إذا استويا)؛ يعني: لا يحرم الحرير إذا استويا، (\n استويا) الضمير يعود على أيش؟\n
الحرير وما معه، ولهذا قال: (\n وما هو أكثره) يعني: الحرير وما معه إذا استويا فلا يحرم، لماذا؟\n
قالوا: لأن المحرم هو الحرير، ولو أخذنا بظاهر اللفظ الذي هو ظاهره، لقلنا: لا يحرم، ولا الذي أكثره الحرير، لكن الاعتبار بالأكثر ورد في عدة أحكام في الشريعة فأخذنا بالأكثر، فإذا استويا فقد اجتمع مبيح وحاظر، والأصل الإباحة، حتى نعلم أن هذا مما يدخله التحريم، انتبه لهذا التعليل. \n
يقول: (\n إذا استويا) فقد اجتمع مبيح وحاظر، والأصل في اللباس الحل والإباحة.\n
فنحن في شك في دخول هذا الذي استوى فيه الحرير وغيره، نحن في شك في دخوله في تحريم الحرير، والأصل الإباحة.\n
وقال بعض أصحابنا رحمهم الله: بل إذا استويا يحرم، وعللوا بالقاعدة المشهورة: أنه إذا اجتمع مبيح وحاظر غُلّب جانب الحظر.\n
ولكل منهما وجهة كل من التعليلين، تعليل صحيح؛ لأن الذين يقولون: إنه إذا استويا لا يحرم، يقولون: إنما حرم الحرير وألحقنا الأكثر بالكل، أما أن نلحق المساوي بالكل فهذا بعيد من القواعد الشرعية.\n
والذين قالوا بالتحريم، قالوا: اجتمع مبيح وحاظر فغُلّب جانب الحظر، وهذه قاعدة شرعية معروفة.\n
في مثل هذه الأشياء التي تتعارض فيها الأدلة ما موقف الإنسان منها؟\n
\n طالب: الأحوط.\n
\n الشيخ: الاحتياط؟ وما هو الاحتياط، الترك أو الفعل؟\n
\n طلبة: الترك.\n
\n الشيخ: يقال في مقام الطلب: الاحتياط الفعل، وفي مقام النهي: الاحتياط الترك.\n
قال: (\n لا إذا استويا)، يقول: (\n أو لضرورة)، قوله: (أو لضرورة) هذا عائد على الحرير؛ يعني: أو لبسه لضرورة، ومن الضرورة أن لا يكون عنده ثوب غيره، هذا ضرورة، ومن الضرورة أن يكون عليه ثوب لكنه احتاج إلى لبسه لدفع البرد، هذا أيضًا ضرورة، ومن الضرورة أن يكون عليه ثوب لا يستر عورته؛ لِتَمَزُّق فيه، فيجوز لبس الحرير.\n
المهم كل ما دعت الضرورة إليه جاز لبسه.\n
(\n أو حكة) يعني: أنه إذا كان فيه حكة يجوز له لبسه -أعني لبس الحرير- كيف؟ يعني ما الحكمة من ذلك؟ \n
يقولون: إن الحرير لنعومته ولينه إنه يطفئ الالتهاب من الحكة، فلهذا أجازه الشافعي، \n فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن يلبس الحرير من حكة كانت به \n .\n
فالحكة إذن تبيح لبس الحرير، فإذا قال قائل: لدينا قاعدة شرعية، وهو أن المحرم لا تبيحه إلا الضرورة، وهنا الحكة هل هي ضرورة؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: الظاهر قد تكون ضرورة، لا شك أنها قد تكون ضرورة، أحيانًا يبتلى الإنسان بحكة عظيمة ما تخليه يستقر، لكن إذا كان لحاجة فنقول: إن ما أبيح لحاجة الحكة؛ لأن تحريمه من باب تحريم الوسائل، وذلك لأن الحرير نفسه من اللباس الطيب والزينة، لكن لما كان مدعاة إلى تَنَعُّم الرجل كتَنَعّم المرأة، بحيث يكون سببًا للفتنة، صار ذلك حرامًا، فتحريمه إذن من باب تحريم الوسائل، وقد ذكر أهل العلم أن ما حُرِّم تحريم الوسائل أباحته الحاجة، كل ما حُرّم تحريم الوسائل فإن الحاجة تبيحه، وضربوا لذلك مثلًا بالعرايا، العرايا ما هي؟\n
العرايا: بيع الرطب بالتمر، بيع الرطب بالتمر حرام؛ \n لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بيع التمر بالرطب قال: «أَيَنْقُصُ إِذَا جَفَّ؟»، قالوا: نعم، فنهى عن ذلك \n .\n
لأنه ربًا، إذ أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، لكن العرايا أبيحت للحاجة، كيف؟\n
الحاجة هو أن الإنسان الفقير الذي ليس عنده نقود إذا كان عنده تمر، واحتاج إلى التفكه بالرطب كما يتفكه الناس أباح له الشارع أن يشتري بالتمر رطبا على رؤوس النخل، بشرط أن لا تزيد على خمسة أوسق، وأن يكون بالخرص؛ يعني: أننا نخرص الرطب لو كان تمرًا بحيث يساوي التمر الذي أبدلناه به، فهذا شيء من الربا، لكن أبيح للحاجة، لماذا؟\n
لأن تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل، بخلاف ربا النسيئة، فإن تحريمه من باب تحريم المقاصد؛ ولهذا جاء في الحديث، حديث أسامة بن زيد: \n «لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ»، أو: \n «إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» \n ، قال أهل العلم: والمراد بهذا الربا الكامل المقصود، أما ربا الفضل فإنه وسيلة.\n
على كل حال أقول: إنما أبيح الحرير للحاجة؛ لأن تحريمه من باب تحريم الوسائل.\n
(\n أو مرض) مرض؟ كيف المرض؟\n
نعم، ربما يكون هناك مرض، لا يشفى المريض إلا إذا لبس الحرير، يمكن هذا، يمكن، على كل حال المرجع في ذلك إلى الأطباء، فإذا قالوا: هذا الرجل إذا لبس الحرير شفي من المرض أو هان عليه المرض، فله أن يلبسه. \n
قال: (\n أو قمل) قمل؟ قرأتموها أنتم. \n
\n طالب: متن.\n
\n الشيخ: متن؟ طيب على كل حال، إن كان لقمل فهذا حاجة ولّا ضرورة؟ \n
\n طالب: ضرورة.\n
\n طالب آخر: قد تكون..\n
\n الشيخ: الواقع أنها قد تكون حاجة وقد تكون ضرورة، قد تكون ضرورة نفسية، ما هي جسدية، إذ أن الإنسان لا يطيق أن يخرج إلى الناس وعلى ثيابه رعايا من القمل، صح ولّا لا؟ \n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: إذن هذه ضرورة نفسية، ما يستطيع.\n
وقد تكون ضرورة جسدية؛ لأن هذا القمل يقرص الإنسان ويتعبه لكن -ولله الحمد- نحن في الأزمان الأخيرة قد كفانا الله تعالى شره، ولهذا لا يوجد يمكن لو أن أحدًا يشرحه للطلبة عجز أن يصوره لهم؛ لأنهم لا يعرفونه، على كل حال إذا وُجد هذا الشيء نقول: يجوز اللبس؛ لأن هذا إما حاجة، وإما ضرورة.\n
أما قوله: (\n أو حرب).\n
\n طالب: أيش لون يا شيخ؟\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: إيش يفيد يعني؟\n
\n الشيخ: إي، يفيد، الظاهر -والله أعلم- أنه لنظافته ولينه ونعومته يطرد هذا؛ لأن القمل أكثر ما يكون مع الوسخ، والناس في زمن مضى تبقى عليهم الثياب إلى شهر وشهرين، ما عندهم لا صابون إلا قليل، وأشنان منين يحصله أيضًا.\n
\n طالب: فيه دواء يا شيخ.\n
\n الشيخ: السؤال بعد يا جماعة.\n
يقول: (\n أو حرب)، في بعض النسخ: (\n أو جرب)، أما على نسخة (\n أو جرب) فعطفها على الحكة من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الجرب حكة، لكنه نوع من الالتهابات.\n
وأما على قوله: (\n أو حرب) فإنه عطف مباين على مباين، وإذا تعارض عندنا أن يكون عطف مباين على مباين أو عطف خاص على عام، فأيهما أولى؟\n
\n طلبة: الأول.\n
\n الشيخ: الأول أولى؛ لأن عطف الخاص على العام شبه تكرار لبعض أفراده، وقد استفيد هذا الفرد الذي عُطف منين؟\n
\n طالب: من العموم.\n
\n الشيخ: من صيغة العموم، نقول: (\n أو حرب)، نجعلها (\n أو حرب)، الحرب يجوز فيه لباس الحرير، لماذا؟ \n
لما في ذلك من إغاظة الكفار، فإن الكفار إذا رأوا المسلمين بهذا اللباس اغتاظوا. \n

","SearchText":" قال: ويكره ايضا ( تغطيه وجهه )، يكره ان يغطي الانسان وجهه وهو يصلي؛ لان هذا قد يءدي الي الغم؛ ولانه اذا سجد سوف يجعل حاءلا بينه وبين سجوده، فلذلك كره هذا الفعل، لكن لو انه احتاج اليه لسبب من الاسباب، ومنه العطاس مثلا، لو اراد ان يعطس وهو يصلي، واحتاج الي ان يضع ثوبه هكذا علي وجهه، فان المكروه تبيحه الحاجه، ويستثني من ذلك المراه اذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها، فان تغطيه وجهها حينءذ واجب، ولا يجوز لها كشفه. قال المءلف: ( واللثام علي فمه وانفه ) ( اللثام علي فمه ) يعني: ان يتلثم هكذا علي فمه؛ يعني يضع العمامه او الغتره او الشماغ علي فمه، وكذلك علي انفه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي ان يغطي الرجل فاه ، (فاه) يعني: فمه، نهي. هذا ايضا يستثني منه ما اذا تثاءب وغطي فمه ليكظم التثاءب فهذا لا باس به، اما بدون سبب فانه يكره. فان كان حوله راءحه كريهه تءذيه في الصلاه، واحتاج الي اللثام، فهذا جاءز لا باس به؛ لانه للحاجه، وكذلك لو كان به زكام وصار معه حساسيه اذا لم يتلثم، فهذا ايضا حاجه تبيح له ان يتلثم اما بدون سبب فانه مكروه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عنه. قال: ويكره ( كف كمه ولفه ) يكره ان يكف الانسان كمه في الصلاه بان يقول به هكذا، هذا الكف، واما اللف فان يقول به هكذا، يلفه، يصفطه، يفسره، يشرحه، المهم علي كل حال كف الكم ان يجذبه حتي يرتفع، ولفه ان يطويه حتي يرتفع. قال العلماء: ولا فرق بين ان يفعل ذلك عند الصلاه من اجل الصلاه او ان يفعل ذلك لعمل قبل الصلاه، كما لو كان يشتغل، وقد كف كمه او لفه ثم جاء يصلي، نقول له: اطلق الكم وفك اللفه، الدليل؟ الدليل قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «لا اكف شعرا ولا ثوبا» . قالوا: ونهيه او قوله: «لا اكف شعرا ولا ثوبا» يشمل كف الثوب كله، كما لو كفه من اسفل، او كف بعضه كالاكمام، وليت المءلف ذكر كف الثوب ليكون موافقا للفظ الحديث. اذن يكره كف الثوب بان يرفع الثوب هكذا، ولف الثوب ايضا بان يطويه او يفسره هكذا حتي يحزمه في بطنه، كل هذا مكروه، لماذا؟ لانه ليس من تمام اخذ الزينه، فان اخذ الزينه عند الناس ان يكون الثوب مرسلا غير مكفوف، ثم ان الانسان قد يفعله ترفعا لءلا يتلوث ثوبه بالتراب، فيكون في هذا نوع من الكبرياء، ثم انه ينبغي ايضا ان الثوب ينتشر لا يكف؛ لانه ربما يءجر الانسان علي كل ما يتصل به مما يباشر الارض، فلهذا نكره كف الثوب وهل من كف الثوب ما يفعله بعض الناس بان يكف الغتره هكذا؟ طالب: قيل به. الشيخ: لا، هذا ليس من كف الثوب؛ لان هذا نوع من اللباس؛ يعني الغتره تلبس علي هذا النوع، تلبس مثلا علي الراس، تكف علي الراس، تجعل وراء، ولذلك جاز للانسان ان يصلي في العمامه، والعمامه مكوره علي الراس غير مرسله، فاذا كان من عاده الناس ان يستعملوا الغتره والشماغ علي وجوه متنوعه فانه يقول: هذا، انا لبستها علي العاده، ما كففت ولا فعلت شيءا، ولهذا قال شيخ الاسلام رحمه الله: ان طرح القبايه علي كتفيه بدون ادخال الاكمام لا يعد من السدل؛ لانه يلبس علي هذه الكيفيه احيانا. كذلك يقول المءلف: ( وشد وسطه كزنار ) يعني: يكره ايضا للانسان ان يشد وسطه، لكن لا مطلقا، بل بما يشبه الزنار، شد الوسط ان يربط علي بطنه حبلا او سيرا او ما اشبه ذلك، وهذا يفعل ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: يفعل كثيرا، فهو يكره ان كان علي وجه يشبه شد الزنار، والزنار سير معروف عند النصاري يشدون به اوساطهم، وانما كره ما يشبه شد الزنار؛ لانه تشبه بغير المسلمين، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» . قال شيخ الاسلام رحمه الله: اقل احوال هذا الحديث التحريم، وان كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم. اذن فالاقتصار علي الكراهه فيه نظر؛ لان ما دمنا نقول: ان العله في ذلك انه يشابه زنار النصاري فان هذا يقتضي ان نقول: انه حرام؛ لقول الرسول عليه الصلاه والسلام: «من تشبه بقوم فهو منهم» . قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «فهو منهم» هل المعني: فهو كافر؟ لا، لكن منهم في الزي والهيءه، ولهذا لا تكاد تفرق بين رجل متشبه بالنصاري بزيه ولباسه وبين النصراني، فيكون منهم في الظاهر. قالوا: وشيء اخر ان التشبه بهم في الظاهر يجر الي التشبه بهم في الباطن، وهو كذلك، فان الانسان اذا تشبه بهم في الظاهر يشعر بانه موافق لهم، وانه غير كاره لهم، ويجره ذلك الي ان يتشبه بهم في الباطن، فيكون خاسرا لدينه ودنياه. المهم اننا نقول: ان اقتصار المءلف علي الكراهه فيما يشبه شد الزنار فيه نظر. والصواب: انه حرام، فان قال قاءل: انا لم اقصد التشبه . قلنا: ان التشبه لا يفتقر الي نيه؛ لان التشبه المشابهه في الشكل والصوره، فاذا حصلت فهو تشبه، سواء نويت ام لم تنو، لكن ان نويت صار اشد واعظم؛ لانك اذا نويت فانما فعلت ذلك محبه لما هم عليه وتكريما وتعظيما لما هم عليه، فيكون اشد واعظم. فنحن ننهي اي انسان وجدناه يتشبه بهم في الظاهر، ننهاه، واذا قال: ما قصدت التشبه، نقول: هذا شبه، سواء قصدت ام لم تقصد، انت قصدت هذا الفعل، وهذا الفعل شبه، فتكون متشبها، لكن ان نويت ان تتشبه بهم وان تكون تابعا صار ذلك اشد واعظم، لما يكون في قلب الانسان من تعظيم هءلاء ومحبه ما هم عليه. ( وشد وسطه كزنار )، ثم قال: ( وتحرم الخيلاء في ثوب وغيره )، (الخيلاء) ماخوذه في الاصل من الخيل؛ لان الخيل تجلب علي التباهي والترفع والتعالي، فالخيلاء ان الانسان يجد في نفسه شيءا من التعاظم علي الغير، وتسمي بلغتنا العاميه: الزبعه، يقال: فلان يزبع، هذه حرام. ( في ثوب وغيره ) الثوب كالقميص والسراويل والازار وغير الثوب؟ طالب: العمامه. الشيخ: اي نعم، العمامه قد نقول: انها ثوب في الاصل، لكن ما يخالف، فلنقل: العمامه، وما يفعله بعض الناس الان في العقال، بعض الناس يفعل الخيلاء في العقال، ويش لون؟ طالب: علي جنب. الشيخ: اي نعم، احد يميله علي جنب مره.. طالب: (...). الشيخ: اي نعم، واحد يميله علي الجبهه، يعرف الناس ان هذا خيلاء، كذلك في لباس الخاتم، بعض الناس يلبس الخاتم ويضع عليه فصا يمكن يزن كيلو، فصا كبيرا جدا، واحيانا تشعر بانه يتخايل في ذلك، علي كل حال هذا خيلاء. طالب: والساعه. الشيخ: والساعه ايضا، يمكن يتخذ لها اشياء معينه تدل علي الخيلاء. ولهذا المءلف يقول: ( في ثوب وغيره ) فاطلق، فاذا قال قاءل: النبي عليه الصلاه والسلام يقول: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه» ، قلنا: ان الحكم يدور مع علته، وذكر الثوب مقرونا بالوصف الذي هو العله يكون كضرب المثال، فكان المحرم في الاصل هو الخيلاء، وذكر النبي صلي الله عليه وسلم مثالا مما تكون فيه الخيلاء وهو الثوب. ولهذا قال شيخ الاسلام، رحمه الله: ان الخيلاء ليست في جر الثوب فقط، في كل هيءه للثوب، حتي يقول: ان توسيع الاكمام من الخيلاء، وبعض البلاد تجد المشيخه منهم او المشايخ منهم يضعون اكماما لثيابهم اوسع من القميص احيانا، تجد الثوب مره. كذلك ايضا بعضهم في العماءم، يكون عندهم خيلاء في العمامه، يطوي علي راسه عمامه تحاذي منكبيه من العرض، هذا ايضا خيلاء، او يجعل لها ذءابه طويله جدا، فهذا من الخيلاء. والمهم ان الخيلاء انما ذكرت في الحديث بالازار او بالثوب من باب ضرب المثال. الخيلاء في الثوب، منها: ما ذكره الرسول صلي الله عليه وسلم ان يجره خيلاء، يجره؛ يعني يخليه يضرب علي الارض خيلاء، عقوبه هذا -والعياذ بالله-: ان الله لا يكلمه يوم القيامه، ولا ينظر اليه، ولا يزكيه، وله عذاب اليم. عوقب بامرين: عذاب مءلم، واعراض من الله عز وجل، ولهذا لما قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «ثلاثه لا يكلمهم الله يوم القيامه ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم»، كررها ثلاثا، قال ابو ذر: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا، قال: «المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» . فاذا جر ثوبه خيلاء فهذه عقوبته، والعياذ بالله، وان لم يجره خيلاء فهل يستحق هذه العقوبه او لا؟ لا يستحقها، لكن تاتيه عقوبه ثانيه، وهي قوله صلي الله عليه وسلم: «ما اسفل من الكعبين ففي النار» ، فيقال له: انك تعذب في النار بقدر ما نزل من ثوبك عن كعبيك، واما ما بين الكعب الي نصف الساق فهذا محل جواز، للانسان ان يضع الي الكعب او ارفع، الي نصف الساق او ارفع قليلا ايضا. يقول: ( الخيلاء في ثوب وغيره )، ويحرم ( التصوير ) ايضا التصوير محرم. والتصوير نوعان، بل انواع ثلاثه: تصوير ما يصنعه الادمي، فهذا جاءز؛ لان الاصل جاءز فالصوره من باب اولي، صور الانسان سياره بيده، خطها بيده، سياره اذا رايتها قلت: هذه طبق الاصل، نقول: هذا جاءز، ليش؟ لانه من صنع الادمي، فاذا كان الاصل يجوز فالصوره من باب اولي. القسم الثاني: ان يصور ما لا روح فيه مما لا يخلقه الا الله، ولكن فيه حياه، الا انها ليست نفسا كتصوير الاشجار والزروع وما اشبه ذلك، فجمهور اهل العلم علي ان ذلك جاءز ولا باس به. وقال مجاهد: انه حرام، فلا يجوز للانسان ان يصور شجره او زرعا او برسيما، او غير ذلك من الاشياء التي فيها روح لا نفس. القسم الثالث: ان يصور ما فيه نفس من الحيوان، مثل: الانسان والبعير والبقره والشاه والارنب وغيرها، فهذه اختلف السلف فيها. فمنهم من قال: انها محرمه ان كانت ذات جسم، وجاءزه ان كانت بالتلوين؛ ليست ذات جسم. ومنهم من قال -وهم الجمهور- وهو الصحيح: انها محرمه، سواء كانت مجسمه او ملونه، فالذي يخط بيده ويصنع صوره كالذي يعملها ويصنعها بيده، ولا فرق، كلها حرام، بل اعظم من الحرام، بل هي من كباءر الذنوب، حتي قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «اشد الناس عذابا يوم القيامه المصورون» «الذين يضاهءون بخلق الله» . ومع الاسف: اصبح هذا في عصرنا الحاضر فنا يدرس او يقر، ويمدح عليه الانسان، اذا صور الانسان مثلا بقره او بعيرا او انسانا، قالوا: ما احذقه، ما اطيبه، ما اقدره، وما اشبه ذلك. ولا شك ان هذا رضا بشيء منكر، بل رضا بشيء من كباءر الذنوب، والنبي عليه الصلاه والسلام قال عن الله سبحانه وتعالي: «ومن اظلم ممن ذهب يخلق كخلقي» . ااحد اظلم ممن اراد ان يشارك الخالق في صنعه؟ لا، هذا ظلم واجتراء علي الله عز وجل ان تريد ان تشبه نفسك وانت مخلوق بالخالق، هذا من اعظم الظلم والعدوان علي حق الله، ثم تحداهم الله، فقال: «فليخلقوا ذره او ليخلقوا شعيره» ؛ ليخلقوا ذره او ليخلقوا شعيره، تحداهم الله بامرين؛ بما فيه روح وهو من اصغر المخلوقات، وهو الذره، وبما لا روح فيه وهو الشعيره، هم لا يقدرون علي هذا، لا يقدرون، لو اجتمعوا كلهم، كل الناس من ادم الي يوم القيامه ما خلقوا ذره ولا خلقوا شعيره، ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: قال صبي من الصبيان: خلقوا حبه رز، رزه؛ لان فيه رز الان صناعي يشبه الحقيقي، ايش نقول؟ طلبه: (...). الشيخ: نقول: ليس هذا الرز الحقيقي، هذا لو تلقيه في الارض وتصب عليه الماء ليلا ونهارا ما نبت، لفسد، لكن ما الذي ينبت؟ هو صنع الله عز وجل {ان الله فالق الحب والنوي} [الانعام: ٩٥]، فاذن ليس هذا كسرا لهذا التحدي الذي تحدي به الله سبحانه وتعالي الخلق: «فليخلقوا ذره او ليخلقوا شعيره» . اذن نقول: التصوير حرام سواء كان ذلك مجسما او ملونا، وهو من كباءر الذنوب، وفاعله ولو مره واحده يخرج به عن العداله، ويكون فاسقا الا ان يتوب. طالب: الزنار، شد الزنار، لان بعض الناس يستعمل الحبل هذا علي الوسط. الشيخ: ايه هذا حبل. الطالب: الاشباه، كيف يشبه الزنار؟ الشيخ: يعني معناه انه يجيب سير يشبه الزنار، سير معروف عند النصاري، انا ما شوفت صورته لكن يمكن لو تشوفون المنجد يمكن يصوره، من جلد. الطالب: الحبل ما.. الشيخ: لا، الحبل ما هو منه، ليس منه. طالب: (...) يشمل.. الشيخ: سياتي ان شاء الله الكلام عليه، الي الان ما كملنا. طالب: شيخ، احسن الله اليك، ذكرت انه لا يدخل في اسبال الازار ما اذا كان علي الكعبين؟ الشيخ: اي نعم. الطالب: مع انه صح عند النساءي ، والترمذي في الشماءل قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا حق علي الازار في الكعبين» ، وذكر شراح الحديث انه المقصود به: اذا كان علي الكعبين. الشيخ: اي، هو علي كل حال الحديث هذا اللي ذكرت يحتمل انه لا حق؛ يعني معناه ان الافضل والاولي ان يكون ارفع ويحتمل انه لا حق؛ يعني معناه ليس من اللازم ان الانسان ينزل الي الكعب، نقول هذا؛ لاجل يوافق «ما اسفل من الكعبين ففي النار» ، وهو اصح من الحديث هذا. الطالب: يعني فيه تعارض بينهما يا شيخ؟ الشيخ: لا، ما فيه تعارض، يحمل هذا علي الندب وهذا علي التحريم. طالب: جزاكم الله خيرا، وجه كراهه السدل في الصلاه؟ الشيخ: كيف ما ذكرناه؟ ذكرناه. طالب: بالنسبه الي الصلاه في موضع -يا شيخ- نجس، قلنا: انه ما يركع ولا يسجد. الشيخ: اذا كانت رطبه. الطالب: ان كانت رطبه ما المانع من الركوع، مع انه ما يصيب موضع النجاسه؟ الشيخ: لا، احنا قلنا يومء ايماء. الطالب: ليش ما يركع يا شيخ؟ الشيخ: اي، صحيح، مساله الركوع ما ترد علينا، الركوع الواقع انه ينبغي ان لا يقال: انه لا يركع، لكن هو يقول ان مثل هذا بيستدل مثلا محبوس مجلس، قد يكون الركوع صعبا عليه اذا صار جالسا. طالب: شيخ نري كثيرا من الناس يذهب الي المتاحف، وينظر الي المجسمات والصور ليتعجب منها، فهل ياثم هذا او لا ياثم؟ الشيخ: اذا كانت من صنع الله فلا ياثم. الطالب: لا من صنع الاوادم. الشيخ: لا يا اخي ما يجوز هذا. الطالب: كثير من الناس يذهب الي المتاحف ويتعجب منها وينظر.. الشيخ: لا ابدا، اللي يذهبون للمتاحف يتعجبون من الاشياء اللي ما هي من صنع الادمي، بعض المتاحف فيها مثلا صور منفوخه، صور حقيقيه. طالب: محنطه. الشيخ: محنطه. طالب: شيخ، ما فيه شيء التحنيط يا شيخ؟ طالب اخر: (...) بعض الناس يلبسون بنطلونا ويحطون حزاما في وسطهم، مع ان هذا اصله من صنع الكفار؛ يعني مثلا تجد هءلاء اصلهم يلبسون الثياب الوسيعه، ولكن يلبسون هذا الحزام يمسك سراويلهم. الشيخ: اذا كان هذا الحزام من جنس الزنار فهو يدخل في كلام المءلف، بل الصحيح انه حرام. الطالب: هذا السءال يا شيخ، هل هو يدخل في.. الشيخ: ما اظن هذا ما اظن؛ لان الان اصبح هذا ما هو بشعار للنصاري كل المسلمين يلبسونه. طالب: الحزام لازم للبنطلون الحزام. الشيخ: مثل تكه السروال. طالب: (...) يستغني عنه. الشيخ: يمكن الاخوان اللي عايشين في بلاد النصاري يعرفونه (...). طالب: مثل الحزام يا شيخ حزام يكون قماشا يضعوه في الوسط غالبا يلبسوه رهبانهم. الشيخ: يعني سواء احتاجوا له ام لم يحتاجوا له. الطالب: هذا لباسهم يا شيخ، لباسهم. الشيخ: نعم. طالب: اقول: الزنار كان عباره عن حبل مدور كالاصبع كده، اسود مستدير، قماش او فتل، وبعدين يعملوا عراوي كده -الرهبان- يعملوا عراوي في الهباب اللي بيلبسوه ده ويحطوه.. الشيخ: في الثياب. الطالب: ويضعوه.. الشيخ: لو تقف عشان يشوفك الاخوان، قف. الطالب: بحيث يخيطه في الثياب كده كعلاقه يعني، اكثر من واحده، وبعدين يضع فيها الزنار هذا، عباره عن فتله.. الشيخ: يعني كانها عراوي؟ الطالب: عراوي ويضع فيها مثل الاصبع كده، حبل يدخل فيها. الشيخ: اي، مبروم معين يعني. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ويحرم التصوير واستعماله، ويحرم استعمال منسوج او مموه بذهب قبل استحالته، وثياب حرير وما هو اكثره ظهورا علي الذكور، لا اذا استويا، ولضروره او حكه او مرض او حرب او حشو ). الشيخ: هي فيها نسختين: جرب، وحرب، ونسخه لا هذا ولا هذا، ولكن الصحيح اما حرب، واما لا شيء؛ لان الحكه تغني عن الجرب. الطالب: ( او كان علما اربع اصابع فما دونه، او رقاعا او لبنه جيب وسجف فراء ). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. رجل كان عليه رداء كبير وتلفف به في صلاته، بحيث لا يخرج يديه منه، فما حكم هذه اللبسه؟ طالب: مكروهه، يكره. الشيخ: مكروهه، الدليل؟ الطالب: نهي رسول صلي الله عليه وسلم.. الشيخ: نهي عنها؟ ها؟ الطالب: نعم. الشيخ: ما اسم هذه اللبسه؟ الطالب: الصماء. الشيخ: الصماء. ما حكم اللثام؛ اعني لثام المصلي؟ طالب: مكروه. الشيخ: مكروه، الدليل؟ الطالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم نهي ان يغطي الرجل فاه . الشيخ: احسنت. هل يستثني من هذا شيء؟ طالب: نعم، اذا كان فيه سعال او شم راءحه كريهه، فهذا.. الشيخ: يعني لحاجه، اذا كان لحاجه فلا باس. الطالب: لحاجه، والحاجه تسقط المكروه. الشيخ: رجل شد وسطه وهو يصلي، ما الحكم؟ طالب: التفصيل ان كان كالزنار فهو مكروه، والصحيح انه محرم . الشيخ: ان كان كشد الزنار فالمءلف يقول: انه مكروه، وان كان علي غير شد الزنار؟ الطالب: ان كان علي غير شد الزنار فالصحيح الجواز. الشيخ: فلا باس به. ما هو الدليل علي كراهته اذا كان يشبه الزنار؟ الطالب: (...) بدليل (...) عدم.. الشيخ: اقول ما هو الدليل؟ الطالب: نعم، هو النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن شد.. الشيخ: اعطني لفظ الحديث. الطالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» . الشيخ: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» . اذا استدللنا بهذا الحديث فهل الاقتصار علي الكراهه وجيه؟ طالب: لا، اقل ما فيه التحريم، كما قال شيخ الاسلام ابن تيميه، وان كان ظاهره يفيد.. الشيخ: يقتضي. الطالب: يقتضي تكفيره. الشيخ: كفر المتشبه بهم، نقول: الاقتصار علي الكراهه فيه نظر مع هذا الحديث. طالب: بسكون السين علي القاعده اللي اعطيتنا يا شيخ، وسطه ولا وسطه؟ الشيخ: نعم يصلح، وفيها قولان. ما تقول في كف الانسان ثوبه عند السجود؟ طالب: مكروه. الشيخ: مكروه؟ ما الدليل؟ الطالب: (...) يسجد علي سبعه اعظم. الشيخ: ولا.. طالب: حديث ابن عباس في الصحيح: ان النبي صلي الله عليه وسلم امر ان يسجد علي سبعه اعضاء، وامر ان لا يكف ثوبا ولا شعرا . الشيخ: رجل عامل يحرث في حاءطه، وحضرت الصلاه، وقد كف ثوبه، وبقي علي كفه، هل نقول: انه مكروه او ان المكروه ان يتعمد كف الثوب عند الصلاه؛ يعني للصلاه؟ طالب: لا فرق ان يكون كف ثوبه في الصلاه او قبل الصلاه، كله واحد، النهي عام. الشيخ: عام؟ يعني ما يمكن ان يقول قاءل: امرت ان اسجد والا اكف؛ يعني للصلاه؟ الطالب: بدون دليل، صرف النص عن ظاهره بدون دليل. الشيخ: يعني ظاهر الحديث انه سواء كفه لعمل قبل صلاته او من اجل صلاته، وان كان بعض العلماء يقول: لا، المكروه اذا كفه للصلاه فقط. المءلف -رحمه الله- يقول: ان ( الخيلاء ) حرام، يقول المءلف: ان ( الخيلاء في الثوب وغيره ) حرام، ما هو الدليل؟ طالب: الدليل قول النبي عليه الصلاه والسلام: «ثلاثه لا ينظر الله اليهم ولا يكلمهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم» ، ذكر ثلاثه، وقال احد الصحابه.. الشيخ: ابو ذر. الطالب: ابو ذر رضي الله عنه، قال: خابوا وخسروا يا رسول الله، من هم؟ فقال: «المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» . الشيخ: اين الخيلاء؟ الطالب: حديث اخر: «من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله..» . الشيخ: «لم ينظر الله اليه» . قوله تعالي: {والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد: ٢٣]، ما يمكن يستدل به؟ طالب: (...). الشيخ: اذن من الكتاب والسنه، هل المءلف اقتصر علي قوله: ( يحرم )، وما هو الاولي ان نقول: انه؟ طالب: كبيره. الشيخ: يعني كلمه ( يحرم ) قد يكون يحرم وهو من الصغاءر؟ الطالب: من الكباءر. الشيخ: من الكباءر؟ ما الدليل علي انه من الكباءر او التعليل؟ الطالب: ان الله سبحانه وتعالي لا ينظر اليه، فهذا؛ يعني عمل عظيم وذنب كبير. الشيخ: يعني فيه وعيد، كل شيء فيه وعيد فهو من الكباءر. طيب قال المءلف: ( في ثوب وغيره ) في الثوب واضح، غير الثوب؟ طالب: السراويل. الشيخ: العباءات، السراويل، العقال، الطاقيه، كذا؟ الطالب: العقال ما.. الشيخ: لا، فيه خيلاء، لا فيه، الاخوان قالوه امس البارحه، اي نعم، قال: بعضهم يحطه علي اذنه وبعضهم يحطه علي جبهته خيلاء. طالب: يزبع. الشيخ: اي نعم، المهم علي كل حال انه في ثوب وغيره، وهو من كباءر الذنوب كما سمعتم، التصوير حكمه؟ طالب: حكم التصوير فيه تفصيل، فان كان.. الشيخ: كلام المءلف قبل ييجي التفصيل. الطالب: اي نعم، قول المءلف محرم. الشيخ: محرم، الدليل؟ الطالب: الدليل قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «اشد الناس عذابا يوم القيامه المصورون» . الشيخ: احسنت؛ يعني فيه ادله متعدده، ومتنوعه العقوبه، فيه ايضا وعيد اخر؟ طالب: وعيد علي من؟ الشيخ: علي المصورين. الطالب: قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «من صور صوره جعل الله له صوره في النار يعذب بها» . الشيخ: هذه اثنان. طالب: حديث: «من صور صوره في الدنيا كلف ان ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» . الشيخ: هذه ثلاثه. طالب: قال الرسول صلي الله عليه وسلم عن الله عز وجل انه قال: «ومن اظلم ممن ذهب يخلق كخلقي» ، و.. الشيخ: تمام «من اظلم» ، فجعل هءلاء اظلم الخلق او من اظلم الخلق، اربعه؟ طالب: وصيه النبي صلي الله عليه وسلم لعلي بن ابي طالب، قال: «ولا صوره» .. الشيخ: لا. طالب: (...) لهم صور (...)، قال عنهم: (...) ذلك شر الناس يوم القيامه. الشيخ: لا،؛ لان هءلاء صوروها لاجل التعظيم. طالب: قال النبي صلي الله عليه وسلم: «يوم القيامه يخرج عنق من النار فيقول: امرت بكل جبار عنيد والمصورين» ، فذكر ثالثا لا يحضرني. الشيخ: صحح الحديث (...). طالب: رواه احمد في الصحيح. طالب اخر: «لعن الله المصورين» ، وحديث: «ان اشد الناس عذابا الذي يصور هذه الصور، يقال لهم: احيوا ما خلقتم» . الشيخ: نعم، اذن لعن المصورين، وهذه النصوص كلها تدل علي ان التصوير من كباءر الذنوب. ذكرنا ان التصوير ينقسم الي ثلاثه اقسام؟ طالب: القسم الاول: تصوير ما صنع الانسان، فهذا جاءز لا خلاف فيه. الثاني: تصوير ما فيه روح، ولكن.. الشيخ: ليس فيه نفس. الطالب: ليس فيه نفس، نعم، مثل الاشجار والاوديه والجبال، فهذا جاءز، وقد حرمه مجاهد.. الشيخ: بس الاوديه هذه ما هي معنا مثل الاشجار الناميه؛ يعني الشيء النامي هو اللي فيه الروح. الطالب: القسم الثالث: تصوير ذوات الارواح من الانسان والحيوان، فاختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: اذا كان مجسما فهو محرم، واذا لم يكن مجسما فهو ليس محرم. والذي عليه جمهور اهل العلم انه محرم سواء كان مجسما او غير مجسم. الشيخ: احسنت ، صح، هذا حكم التصوير، ودليله ما سمعتم من الاحاديث والوعيد التي فيه، والصحيح ان التصوير كما قلنا البارحه: انه عام للمجسم والملون؛ بدليل: حديث علي بن ابي طالب انه قال لابي الهياج: الا ابعثك علي ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم، الا تدع صوره الا طمستها . وظاهر ذلك انها في الملون، وليست في المجسم؛ لان المجسم -لو كان المراد المجسم- لقال: الا مزقتها، او كسرتها، او ما اشبه ذلك. فالصحيح التحريم مطلقا ، وهذا اذا كان باليد؛ لان المصور باليد هو الذي يضاهي بخلق الله، ويريد ان يصنع كما صنع الله عز وجل. واما الصور بالطرق الحديثه بالوساءل الحديثه فهو قسمان: قسم: لا يكون له منظر، ولا مشهد، ولا مراي، كما ذكر لي عن التصوير باشرطه الفيديو، فهذا لا حكم له اطلاقا، ولا يدخل في التحريم قطعا، ولهذا اجازه اهل العلم الذين يمنعون التصوير بالاله الفوتوغرافيه علي الورق، وقالوا: ان هذا لا باس به، حتي انه حصل بحث هل يجوز ان تصور المحاضرات التي تلقي في المساجد؟ فكان الراي ترك ذلك؛ لانه ربما يشوش علي المصلين، وربما يكون المنظر غير لاءق، وما اشبه ذلك. اما القسم الثاني: فهو التصوير الثابت علي الورق، وهذا اذا كان اله فوتوغرافيه فوريه فلا يدخل في التصوير، ولا يستطيع الانسان ان يقول: ان هذا الرجل ملعون؛ لانه لم يصور في الورق، فان التصوير مصدر: صور يصور؛ اي: جعل الشيء علي صوره معينه، كما قال الله تعالي: {هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء} [ال عمران: ٦]، وقال: {وصوركم فاحسن صوركم} [التغابن: ٣]. فالماده تقتضي ان يكون هناك فعل فعل في نفس الصوره؛ لان (فعل) في اللغه العربيه هذا مقتضاها. ومعلوم ان نقل الصوره بالاله ليس علي هذا الوجه، واذا كان ليس علي هذا الوجه لا نستطيع ان ندخله في اللعنه، ونقول: ان هذا الرجل ملعون علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم؛ لانه كما يجب علينا التورع في ادخال ما ظاهر اللفظ دخوله فيه يجب علينا ايضا التورع في منع مالم يتبين لنا دخوله في اللفظ؛ لان هذا ايجاب وهذا سلب. فكما نتورع في الايجاب، نتورع ايضا في السلب، وكما نتورع في السلب نتورع في الايجاب؛ لان المساله ما هي مجرد ان هذا حرام ولا ما هو حرام سيترتب عليها عقوبه. فهل نشهد علي ان هذا معاقب باللعن وشده الظلم وعدم التكليم، وما اشبه ذلك؟ لا، وان يكون ملعونا او ما اشبه ذلك؟ ما نستطيع ان نجزم الا بشيء واضح، ولهذا يفرق بين رجل اخذ كتابي الذي خططته بيدي والقاه في الاله الفوتوغرافيه وحرك الاله وانسحبت الصوره، فيقال: ان هذا الذي خرج بهذا الورق رسم من؟ رسم الاول، ويقال: هذا خطه، ويشهد الناس عليه، وبين ان اتي بخطك واقلده بيدي ارسم مثل حروفه وكلماته، فانا الان صحيح انني حاولت ان اقلدك، وان اكتب كما كتبت، واصور كما صورت، اما المساله الاولي فليس مني فعل اطلاقا، ولهذا ممكن ان اصور في الليل، وممكن ان يصور الانسان وهو قد اغمض عينيه، وممكن ان يصور الرجل الاعمي، فكيف نقول هذا مصور؟ فالذي اري ان هذا لا يدخل تحت اللعنه، ولا يدخل تحت التصوير، بناء علي الماده التي اشتق منها: (صور يصور). ولكن يبقي النظر اذا اراد الانسان ان يصور هذا التصوير المباح، فالمباح -كما مر علينا كثيرا- تجري فيه الاحكام الخمسه بحسب القصد، فاذا قصد به شيء محرم كان حراما، وان قصد به شيء مباح كان مباحا، وان قصد به شيء واجب كان واجبا. قد يجب التصوير احيانا خصوصا الصور المتحركه، اذا راينا مثلا انسانا متلبسا بجريمه من الجراءم التي هي من حق العباد، ولا اللي من حق الله؟ قد نقول: الستر اولي، لكن اذا راينا انسانا متلبسا بجريمه تتعلق بحق العبد، مثل محاوله ان يقتله، وما اشبه ذلك، ولم نتوصل الي اثباتها الا بالتصوير، كان التصوير حينءذ واجبا خصوصا في المساءل التي تضبط القضيه تماما؛ لان الوساءل لها احكام المقاصد. اذا اجرينا هذا التصوير لاثبات شخصيه الانسان؛ خوفا من ان نتهم بالجريمه غيره مثلا، هذا ايضا لا باس به، بل هو مطلوب. اذا صورنا هذه الصوره من اجل التمتع بالنظر اليها هذا حرام بلا شك؛ انسان راي امراه جميله، وقال: متي اشوف هذا الوجه النير الطيب؟ يلا يا ولد هات الاله، ثم يطقه ويجري يتفرج علي صورته، هذا لا شك انه حرام ولا يجوز. طيب، صور هذه الصوره للذكري، قال: انا ودي اشوف عيالي واتذكرهم وهم صغار، نعم، نقول: هذا لا يجوز، كذلك صورها للذكري في سفر سافره هو وزملاءه او رحله او ما اشبه ذلك، كل هذا نقول: لا يجوز؛ لاننا لا نقول هذه غير صوره، هي صوره لا شك، فاذا اقتناها فقد جاء الوعيد فيمن كان عنده صوره «ان الملاءكه لا تدخل بيتا فيه صوره» ، كما سياتي في كلام المءلف، ان شاء الله تعالي. اذن صار التصوير ينقسم الي اقسام: اولا: تصوير ما يصنعه الادمي؛ وهذا جاءز سواء كان مجسما، او ملونا. تصوير ما خلقه الله مما فيه روح لا نفس كالاشجار وشبهها، فاكثر العلماء علي جوازه، سواء كان مجسما او ملونا. وفيه الان صور مجسمه لما فيه روح ولا لا؟ فيه الشجره هذه، فيه اشجار، و(...)، وقرطاس، وما اشبه ذلك. طالب: فيها حياه. الشيخ: اي، فيها حياه، لكن هي روح، حياه كل شيء بحسبه. طالب: (...). الشيخ: اي، بخلاف النفس؛ ولهذا جاء في الحديث: «يجعل له نفس يعذب بها» . الثالث: ما فيه نفس، فهذا حرام ولا يحل، سواء كان مجسما او ملونا، وان كان بعض السلف خصه بالمجسم فقط. وتبعهم علي ذلك اناس كثيرون من المعاصرين وغيرهم، لكن الصحيح العموم. هذا حكم التصوير. اما استعماله فقال المءلف: ( واستعماله )، هذه الجمله فيها شيء من التجوز؛ لاننا لو اخذناها بظاهرها لكان المعني واستعمال التصوير؛ لان الضمير يعود علي التصوير، وليس هذا بمراد قطعا؛ لان المعني يفسد، لو قلنا: يحرم التصوير واستعمال التصوير، لكن كما قال الشارح: استعمال المصور، التصوير: يعني المراد به المصور، فهذا الضمير عاد علي مصدر يراد به اسم ايش؟ طلبه: المفعول. الشيخ: المفعول؛ يعني استعمال المصور هذا حرام، استعمال المصور حرام وظاهر اطلاق المءلف العموم، انه يحرم علي اي وجه كان، ولكن ينبغي ان نعرف التفصيل في هذا، استعمال المصور ينقسم الي ثلاثه اقسام: الاول: ان يستعمله علي سبيل التعظيم؛ فهذا حرام سواء كان مجسما او ملونا، وسواء كان التعظيم تعظيم سلطان، او تعظيم عباده، او تعظيم علم، او تعظيم قرابه او تعظيم صحبه، ايا كان نوع التعظيم؛ لان الانسان قد يستعمل الصوره لتعظيم الانسان لسلطانه، وقد يكون يستعملها لتعظيمه في علمه، وقد يستعملها لتعظيمه في عبادته، يكون عابدا، وقد يستعملها لتعظيمه في قرابته كالاب والام، وقد يكون لصحبته، او لغير ذلك. المهم ان استعمال الصوره للتعظيم محرم علي كل حال، وسواء كانت مجسمه او ملونه. وفي الحقيقه انه ليس فيها تعظيم، اذا كان الانسان يريد ان يصور اباه فان كان ابوه حيا فتعظيمه باعطاءه ما يلزم له من البر؛ القولي، والفعلي، والمالي، والجاهي، وغير ذلك. وان كان ميتا، فهل سينتفع بهذا التعظيم ابدا؟ اذن ليس تعظيما له. وهل انت ستنتفع؟ ابدا، ولكنك تجدد احزانك، كلما رايته ذكرته، وانت وياهم بالقهوه، جو جميل، في المجلس تجلسون تتكلمون مستانسين، تتذكره اذا رايت هذه الصوره. فاذن ليس فيها تعظيم، بل ما فيها الا كسب الاثم، ولذلك يجب علي من كان عنده صور من هذا النوع ان يمزقها، او يحرقها، ولا يجوز له ابقاءها؛ لان هذا فيه خطورتان: الخطوره الاولي: تجنب الملاءكه لدخول البيت. والخطوره الثانيه: ان الشيطان قد يدخل علي الانسان من هذا التعظيم حتي يستولي تعظيمهم علي قلبه ويسيطر عليه، لا سيما فيما يتعلق بالعلم والعباده، فان فتنه قوم نوح كانت من الصور، وهذا لا فرق فيه، قلنا بين ايش؟ الملون والمجسم، سواء كانت صوره علي ورقه او علي خرقه او كانت صوره مجسمه صوره انسان تمثال. الثاني: ان يتخذها علي سبيل الاهانه، يستعمل الصوره علي سبيل الاهانه، مثل ان يجعلها فراشا، او مخده، او وساده، او ما اشبه ذلك. فهذه فيها خلاف بين اهل العلم، اكثر اهل العلم علي الجواز، قالوا انه لا باس به؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم اتخذ وساده فيها صوره ؛ ولان هذا ضد السبب الذي من اجله حرم استعمال الصور؛ لان هذا اهانه، واستعمال الصور علي سبيل التعظيم هو المحرم. وذهب بعض اهل العلم الي التحريم، واستدل هءلاء بان النبي صلي الله عليه وسلم جاء الي بيته ذات يوم فراي نمرقه فيها صوره -نمرقه: يعني مخده فيها صور- فوقف ولم يدخل، قالت عاءشه: فعرفت الكراهيه في وجهه، فقلت: اتوب الي الله ورسوله، ماذا صنعت؟ فقال: «ان اهل هذه الصور يعذبون، يقال لهم احيوا ما خلقتم» . قالوا: فنكرهها؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم كرهها. وقال: «ان اهل هذه الصور يعذبون»، وقال: «ان الملاءكه لا تدخل بيتا فيه صوره» . ويحمل ما ذكر عنه من انه اتكا علي مخده فيها صوره ، بان هذه الصوره قطع راسها، واذا قطع راس الصوره فهو جاءز، ولا شك ان هذا اورع واحوط ان لا تستعمل الصور، ولو علي سبيل الامتهان كالفرش والمخاد، ولا شك ان السلامه اسلم. وشيء كره الرسول عليه الصلاه والسلام ان يدخل بيته من اجله لا ينبغي لك ان تدخله البيت وينشرح صدرك، من يستطيع ان ينشرح صدره في مكان كره النبي صلي الله عليه وسلم دخوله. لهذا القول بالمنع ان لم يكن هو الصواب فانه هو الاحتياط، والبعد عنه اولي بلا شك. القسم الثالث: ان لا يكون للتعظيم ولا للاهانه، فجمهور اهل العلم علي التحريم، علي تحريم استعمال الصور علي هذا الوجه. وذكر عن بعض السلف: انه لا يكره ذلك اذا كان ملونا، حتي كان عند بعضهم في بيوتهم الستاءر يكون فيها الصور صور الحيوان، ولا ينكرون ذلك. ولكن لا شك ان هءلاء الذين فعلوه من السلف كالقاسم بن محمد -رحمه الله- لا شك انه يعتذر عنهم ولا يحتج بقولهم؛ لان الحجه قول الله ورسوله، لكن يعتذر لهءلاء بانهم تاولوا، او لم يبلغهم الخبر، او ما اشبه ذلك من الاعذار. فهذا اقسام استعمال الصور، بقي علينا مسالتان: المساله الاولي: ما عمت به البلوي الان من وجود هذه الصور في كل شيء الا ما ندر. توجد الصور في اواني الاكل ولا لا؟ توجد في اواني الاكل، توجد في الكراتين الحافظه للاطعمه، توجد في الكتب، توجد في الصحف، توجد في كل شيء، الا ما شاء الله. طلبه: (...). الشيخ: اي نعم، ماذا نقول؟ بعضهم ايضا توجد صور مما يءكل، بسكوت علي صوره سمكه، وعلي صوره ارنب، قال بعض الناس -وقد بحثت هذه المساله- قال: هذا طيب انه يجيبه وياكله ويبقي اتلفتها، البسكوت وشبهها يتلفها باكلها، يربح. طالب: (...). الشيخ: اي نعم، قال: هذا يشحع علي انه يعمل، يشجع ليعمل هذا الشيء، علي كل حال هذه التي عمت بها البلوي، نقول: ان اقتناها الانسان للصور لا شك انها محرمه؛ يعني لو وجد صوره في هذه المجله او هذه الجريده اعجبته وخلاها عنده هذا حرام، ما فيه شك، او كان يشتري المجلات التي تنشر فيها الصور للصور فهذا حرام. اما اذا كانت للعلم والفاءده والاطلاع علي الاخبار فهذه ارجو ان لا يكون بها باس نظرا للحرج والمشقه؛ وقد قال الله تعالي: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨]. وهذه الصور ليست مقصوده للانسان، لا حال الشراء ولا حال القراءه ابدا، ولا تهمنا، نعم لو فرض ان الانسان عنده اهل، ويخشي ان يكون في هذه الصور من هو وسيم وجميل تفتتن به النساء، فحينءذ لا يجوز ان تكون هذه المجله وهذه الصحيفه في بيته، لكن هذا تحريم عارض. كما ان مساله الاواني، ومساله الكراتين اللي فيها الاطعمه وشبه ذلك، قد يقال: ان فيها شيءا من الامتهان، فلا تكون من القسم المحرم. اما المساله الثانيه: فهي الصور التي يلعب بها الاطفال. الصور التي يلعب بها الاطفال تنقسم الي قسمين: قسم من الخرق والعهن وما اشبه ذلك، هذه لا باس بها؛ لان عاءشه -رضي الله عنها- كانت تلعب بالبنات علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم ينكر عليها . قسم اخر: تكون من البلاستيك، وتكون علي صوره الانسان الطبيعي، الا انها صغيره، وبعضهم يكون لها حركه، ويكون لها صوت. طالب: تتكلم. الشيخ: بعضهم يتكلم؟ عجيب والله، المهم ان هذه قد يقول القاءل: انها حرام؛ لانها دقيقه في التصوير، وعلي صوره الانسان تماما؛ يعني ليست صوره جماليه، صوره تفصيليه ولها اعين تتحرك بعد، ما ادري عندها اسنان ولا لا؟ علي كل حال انها علي صوره طبق الاصل، فقد نقول: ان هذه حرام، وقد نقول: انها مباحه؛ لان عاءشه كانت تلعب بالبنات ولم ينكر عليها . ولكن اذا استدللنا بحديث عاءشه فقد يقول لنا قاءل: ان الصور التي عند عاءشه ليست كهذه الصور الموجوده الان، فبينهما فرق عظيم، فمن نظر الي عموم الرخصه، وانه قد يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار؛ كما قال شيخ الاسلام ابن تيميه -رحمه الله- في باب السبق لما ذكر بعض اللهو، قال: انه يرخص للصغار فيه ما لا يرخص للكبار؛ لان طبيعه الصبي اللهو. ولهذا تجد هذه الصور عند البنات الصغار كالبنات حقيقه كانها ولدتها، اذا صار في ايام في الشتاء غطتها بالغطيان، واذا صار في ايام الصيف حطتها عند المكيف تحت المروحه، صحيح، هذا مءكد، فهذه كانها تلهو بها لهوا تاما، وربما يكون وسيله الي تعلمها كيف تربي اولادها في المستقبل، وتسميهم ايضا، هذه فلانه وهذه فلانه، نعم، فقد يقول قاءل: انه يرخص لهم فيها. فانا اتوقف في تحريمها في الواقع، لكن يمكن التخلص اذا اراد الانسان ان يتحرز انه يعفط وجهها؛ يعني يلينها عند النار، ويعفط الوجه حتي.. طلبه: (...). الشيخ: لا، يمكن نقول: انها تصيح الان ولا شيء. طالب: نشجع المصورين يا شيخ، فرق بين الصوره تصنع باليد.. الشيخ: علي كل حال لا شك ان فيه تشجيع، لكن بلينا بها الان، احنا داءما اذا سءلنا عن هذه المساله نقول: اشتروا لهم سيارات، رفاعات، اشياء ثانيه، فيه اشياء كثيره ملهيه غير دي. طالب: (...). الشيخ: صحيح، انهم يقولون هذا اللي تقوله، يقوله الناس. طالب: الكرتون (...). الشيخ: (...) لا باس. طالب: مثل الصور هذه اللي في الكراتين كون الانسان يضحك عليها (...). الشيخ: والله فيها صعوبه. طالب: اللي ما (...). الشيخ: جزاه الله خير، اللي ما يصعبها يمكن ما يدخله ابدا، كلام طيب. طالب: حديث علي: الا طمستها . الشيخ: بس ما اظن الصور عندهم بهذه المثابه الان؛ يعني الصور عندنا ما هي، انت الان تعهد فيما سبق هل كانت عندنا هالصوره. الطالب: لا. الشيخ: ما هي موجوده. الطالب: لكن مثل انسان يقول: كل ما جبت كرتون او شيء.. الشيخ: جزاه الله خيرا، نقول: جزاه الله خيرا، هذا طيب، ما نقول: هذا خطا، او بدعه، نقول: هذا طيب. طالب: عندنا -الحمد لله- لا تجد اقتناء الصور كثيره، لكن في كثير من البلدان تجد في كل المناسبات عموما المصورين موجودين، اما من اقاربك واما من زملاءك واما من اي جهه من الجهات، يصورون عليك يمينا ويسارا، وانت تكون قد تعرف بانه حرام وكذا وكذا، لكن شيء عموما خاصه خارج.. الشيخ: لا، وعندنا، حتي عندنا موجود في بعض ايام العرس ياتي المصورون غصب عليك الواحد، ما تقدر تمنعهم. الطالب: كيف نتخلص من هذه المشكله يا شيخ؟ الشيخ: نتخلص بان لا نحضر هذه، اذا امكننا فلا نحضر، ما هو بلازم. طالب: احسن الله اليك، من ناحيه الصور، احيانا يصور الانسان مثلا صورا يحتاجها لاي غرض، ويصور له المصور ست صور، سبع صور، فاما ان يتركها واما ان يتلفها، ثم يحتاجها مره اخري تصور مره اخري، فهل الاولي ان يتلفها ثم يعيد التصوير او انه يبقيها للحاجه؟ الشيخ: ويش تقولون في هذه المساله؟ طالب: يبقيها للحاجه، ان كان مظنه الحاجه.. الشيخ: السءال يقول: ان الانسان اذا احتاج الي صوره اظنه ما يصورون الا اربع ولا لا؟ طلبه: ست. الشيخ: المصور، الكلام علي المصور، هل يمكن يصورلك واحده؟ طلبه: سته علي الاقل. طالب اخر: اربعه اقل شيء. الشيخ: اربعه اقل شيء، طيب، صورتها اربعه اقل شيء، هل نقول: انه في هذه الحال احتفظ بما لا تحتاجه اذا كنت ستحتاجه، او نقول: لا، مزقه او احرقه، واذا احتجت فصور مره ثانيه؟ (...) *** طالب: (...) علي اله واصحابه اجمعين قال المءلف -رحمه الله تعالي: (ويحرم استعمال منسوج او مموه بذهب قبل استحالته، وثياب حرير، وما هو اكثره ظهورا علي الذكور، لا اذا استويا، او لضروره او حكه او مرض او قمل او جرب او حشو، او كان علما اربع اصابع فما دون، او رقاعا او لبنه جيب وسجف فراء، ويكره المعصفر والمزعفر للرجال، ومنها اجتناب النجاسه). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا انه يحرم التصوير، وانه من كباءر الذنوب فنريد دليلا علي انه من كباءر الذنوب؟ طالب: قول الرسول صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: «ومن اظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذره وليخلقوا شعيره» . الشيخ: نعم. الطالب: وقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «لعن الله المصورين» . الشيخ: نعم، وسبق لنا ان استعمال الصور او المصور ينقسم الي اقسام؟ طالب: القسم الاول: ان يستعمله علي سبيل التعظيم. الشيخ: كم اقسام؟ الطالب: ثلاثه اقسام. الشيخ: ثلاثه اقسام، نعم. الطالب: القسم الاول: ان يستعملها علي سبيل التعظيم، فهذا محرم مطلقا سواء كان المعظم ملكا او عالما او قريبا او صديقا او نحو ذلك، سواء كانت الصور مجسمه او ملونه. الشيخ: اذن اذا كان علي سبيل التعظيم فهو حرام بكل حال، نعم، ثان؟ طالب: ما كان علي سبيل الاهانه والامتهان، مثل اللي يكون في السجاد والنمرقه وغيره، فاختلف العلماء فيه، منهم من اجاز، النبي صلي الله عليه وسلم قد اتخذ نمرقه فيها تصاوير ، ومنهم: من منع، النبي صلي الله عليه وسلم عندما دخل البيت وجد -وكانت عاءشه رات له نمرقه فيها تصاوير- فالنبي صلي الله عليه وسلم غضب ولم يدخل البيت . الشيخ: طيب الثاني: ان يتخذه علي سبيل الامتهان كالفرش والمخاد والمساند، فجمهور العلماء علي الجواز. وبعض العلماء يري: انه حرام، وما هو الراي الذي اخترناه؟ طالب: القسم الثالث. الشيخ: لا الراي الذي اخترناه في هذه المساله؟ الطالب: انه حرام. الشيخ: انه حرام؟ لا. طالب: القول بالمنع اولي. الشيخ: اي، ان الاحوط اجتنابه والبعد عنه، طيب، القسم الثالث؟ طالب: الثالث: الذي لا يستخدم ليس للتعظيم وليس للاهانه. وفيه خلاف بين العلماء، ومنهم من اجازه، وانهم ايضا كان لديهم في بيوتهم النمرقه فيها صور، كانت موجوده في بيوتهم ولا ينكرونها. الشيخ: النمرقه ممتهنه؟ طالب: لا، غير ممتهنه.. الشيخ: والصحيح في هذا؟ الطالب: انه لا يجوز. الشيخ: انه لا يجوز؛ لعموم قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «لا تدخل الملاءكه بيتا فيه صوره» ، والرسول عليه الصلاه والسلام قال ذلك للتحذير من هذا. طيب حكم استعمال الثوب المنسوج بالذهب؟ طلبه: ما اخذناه. الشيخ: اذن نبدا، بسم الله الرحمن الرحيم، قال المءلف -رحمه الله تعالي: (ويحرم استعمال منسوج او مموه بذهب قبل استحالته وثياب حرير وما هو اكثره ظهورا علي الذكور) . قوله: ( علي الذكور ) متعلق بقوله: ( يحرم )؛ يعني: يحرم علي الذكر استعمال منسوج بذهب او مموه، ( استعمال منسوج بذهب ) بان يكون فيه خيوط من الذهب تنسج، سواء كانت هذه الخيوط علي جميع الثوب او في جانب منه كالطوق مثلا، او طرف الكم، او ما اشبه ذلك، المهم ان يكون منسوجا بذهب في اي موضع كان من الثوب، فانه حرام علي الذكور؛ لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: «احل الذهب والحرير لاناث امتي وحرم علي ذكورها» . ولان الرجل ليس بحاجه الي ان يتحلي بالذهب، اذ انه يتحلي له ولا يتحلي هو لاحد، كما قال الله تعالي في وصف الانثي: {اومن ينشا في الحليه وهو في الخصام غير مبين} [الزخرف: ١٨]؛ يعني يربي في الحليه، المراه هي التي تحتاج الي ان تتزين وان تتحلي، اما الرجل فلا، ولا ينبغي للرجل ان يكسر رجولته حتي يتنزل الي ان يكون علي صفات الاناث في النعومه ولباس الذهب وما اشبه ذلك. طيب لباس الخالص من الذهب بالنسبه للرجل من باب اولي، ولهذا يحرم عليه ان يلبس خاتما من الذهب او قلاده او سلسله او خرصا او ما اشبه ذلك؛ لان هذا من اللبس. كذلك المنسوج المموه بذهب؛ يعني المطلي بذهب، حرام علي الرجل؛ لعموم الحديث الا ان المءلف استثني اذا استحال هذا الذهب وتغير لونه، وصار لو عرض علي النار لم يحصل منه شيء، فهذا لا باس به؛ لانه ذهب لونا ومعني، افرض انه مع طول الزمن تاكل وذهب لونه، ولم يكن لونه كلون الذهب، وصار لو عرض علي النار وصهر لم نحصل منه شيءا، فحينءذ نقول: هذا جاءز؛ لانه ذهب عنه لون الذهب ومعني الذهب، راح كله ما بقي الا انه كان قد موه، ولهذا قال: ( او مموه بذهب قبل استحالته ). ويحرم ايضا علي الذكور ( ثياب حرير ) ثياب الحرير ايضا حرام علي الذكور، والمراد بالحرير هنا: الحرير الطبيعي دون الصناعي. الحرير الطبيعي يخرج من دوده تسمي دوده القز، يخرج منها، وهو غال وناعم، والمراه اذا لبسته لزوجها اثارت شهوته، لهذا حرم علي الرجل؛ لانه يشبه من بعض الوجوه الذهب لكونه مما يتحلي به، وان كان ملبوسا علي صفه الثياب، لكن لا شك انه يحرك الشهوه بالنسبه للمراه، فكذلك الرجل لا ينبغي له ان يلبس مثل هذا الثوب لهذه العله. اما الحديث، فقد سبق حديث علي بن ابي طالب ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «احل الذهب والحرير لاناث امتي وحرم علي ذكورها» . قال المءلف: ( وما هو اكثره ظهورا )، و( ما ) هنا نكره موصوفه، اي: وثوب، ( هو ) الضمير يعود علي الحرير، ( اكثره ) اي: اكثر هذا الثوب ( ظهورا ) اي في ظاهره؛ يعني بروزا للناس؛ يعني: يحرم ثوب يكون الحرير اكثره ظهورا، حرام علي من؟ علي الذكور. مثال ذلك: لوكان هناك ثوب معلم؛ يعني فيه اعلام، ثلثاه من الحرير، وثلث من القطن، او الصوف فهو حرام؛ لان اكثره الحرير، وظاهر كلام المءلف انه لو كان الحرير اقل فليس بحرام؛ مثل ان يكون فيه اعلام، اعني: خطوطا، وهذه الخطوط اذا نسبنا الحرير الي ما معه من القطن والصوف، وجدنا انه الثلث، فالثوب حينءذ حلال اعتبارا بالاكثر. فان تساويا فسياتي في كلام المءلف انه ليس بحرام، وفيه قول اخر: انه حرام، وسنءخر الكلام عليه حتي نصل، ان شاء الله. قال: ( وما هو اكثره ظهورا علي الذكور ) دون النساء؛ لما علمنا من قبل من الدليل والتعليل. وهل لبس الحرير من باب الصغاءر او من باب الكباءر؟ نقول: هو من باب الكباءر؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الاخره» ، وهذا وعيد، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في معني هذا الوعيد؛ هل المعني انه لا يدخل الجنه؟ لان لباس اهل الجنه الحرير، ومن لازم حرمانه اللباس ان لا يدخل، وعلي هذا فيكون فيه تحذير شديد ان ينسلخ الايمان من قلب هذا الرجل حتي يموت علي الكفر. او ان المعني انه: وان دخل الجنه فانه لا يلبس الحرير، يحرم من ذلك، فان قال قاءل علي هذا المعني: يرد ان الله سبحانه وتعالي قال: {فيها ما تشتهيه الانفس} [الزخرف: ٧١]، ومن المعلوم ان لباس الحرير لباس تشتهيه الانفس، فكيف الجواب؟ نقول: الجواب -والعلم عند الله- اما انه يحرم من لباس هذا الحرير الي مده الله اعلم بها. واما ان لا تشتهي نفسه هذا الحرير، ويكون هذا نقصا في نعيمه، كما ان المريض قد لا يشتهي نوعا من الطعام، ويكون هذا نقصا في ماكله، فيكون هذا الذي دخل الجنه لا يكون في نفسه محبه الحرير، وهذا لا شك انه مرض او نوع من المرض في الدنيا، ولا في الاخره ما فيه مرض، لكنه يكون حرمانا له من ان يتنعم كمال التنعم في الجنه. قال المءلف: ( لا اذا استويا )؛ يعني: لا يحرم الحرير اذا استويا، ( استويا ) الضمير يعود علي ايش؟ الحرير وما معه، ولهذا قال: ( وما هو اكثره ) يعني: الحرير وما معه اذا استويا فلا يحرم، لماذا؟ قالوا: لان المحرم هو الحرير، ولو اخذنا بظاهر اللفظ الذي هو ظاهره، لقلنا: لا يحرم، ولا الذي اكثره الحرير، لكن الاعتبار بالاكثر ورد في عده احكام في الشريعه فاخذنا بالاكثر، فاذا استويا فقد اجتمع مبيح وحاظر، والاصل الاباحه، حتي نعلم ان هذا مما يدخله التحريم، انتبه لهذا التعليل. يقول: ( اذا استويا ) فقد اجتمع مبيح وحاظر، والاصل في اللباس الحل والاباحه. فنحن في شك في دخول هذا الذي استوي فيه الحرير وغيره، نحن في شك في دخوله في تحريم الحرير، والاصل الاباحه. وقال بعض اصحابنا رحمهم الله: بل اذا استويا يحرم، وعللوا بالقاعده المشهوره: انه اذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر. ولكل منهما وجهه كل من التعليلين، تعليل صحيح؛ لان الذين يقولون: انه اذا استويا لا يحرم، يقولون: انما حرم الحرير والحقنا الاكثر بالكل، اما ان نلحق المساوي بالكل فهذا بعيد من القواعد الشرعيه. والذين قالوا بالتحريم، قالوا: اجتمع مبيح وحاظر فغلب جانب الحظر، وهذه قاعده شرعيه معروفه. في مثل هذه الاشياء التي تتعارض فيها الادله ما موقف الانسان منها؟ طالب: الاحوط. الشيخ: الاحتياط؟ وما هو الاحتياط، الترك او الفعل؟ طلبه: الترك. الشيخ: يقال في مقام الطلب: الاحتياط الفعل، وفي مقام النهي: الاحتياط الترك. قال: ( لا اذا استويا )، يقول: ( او لضروره )، قوله: (او لضروره) هذا عاءد علي الحرير؛ يعني: او لبسه لضروره، ومن الضروره ان لا يكون عنده ثوب غيره، هذا ضروره، ومن الضروره ان يكون عليه ثوب لكنه احتاج الي لبسه لدفع البرد، هذا ايضا ضروره، ومن الضروره ان يكون عليه ثوب لا يستر عورته؛ لتمزق فيه، فيجوز لبس الحرير. المهم كل ما دعت الضروره اليه جاز لبسه. ( او حكه ) يعني: انه اذا كان فيه حكه يجوز له لبسه -اعني لبس الحرير- كيف؟ يعني ما الحكمه من ذلك؟ يقولون: ان الحرير لنعومته ولينه انه يطفء الالتهاب من الحكه، فلهذا اجازه الشافعي، فقد رخص النبي صلي الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ان يلبس الحرير من حكه كانت به . فالحكه اذن تبيح لبس الحرير، فاذا قال قاءل: لدينا قاعده شرعيه، وهو ان المحرم لا تبيحه الا الضروره، وهنا الحكه هل هي ضروره؟ طلبه: (...). الشيخ: الظاهر قد تكون ضروره، لا شك انها قد تكون ضروره، احيانا يبتلي الانسان بحكه عظيمه ما تخليه يستقر، لكن اذا كان لحاجه فنقول: ان ما ابيح لحاجه الحكه؛ لان تحريمه من باب تحريم الوساءل، وذلك لان الحرير نفسه من اللباس الطيب والزينه، لكن لما كان مدعاه الي تنعم الرجل كتنعم المراه، بحيث يكون سببا للفتنه، صار ذلك حراما، فتحريمه اذن من باب تحريم الوساءل، وقد ذكر اهل العلم ان ما حرم تحريم الوساءل اباحته الحاجه، كل ما حرم تحريم الوساءل فان الحاجه تبيحه، وضربوا لذلك مثلا بالعرايا، العرايا ما هي؟ العرايا: بيع الرطب بالتمر، بيع الرطب بالتمر حرام؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم لما سءل عن بيع التمر بالرطب قال: «اينقص اذا جف؟»، قالوا: نعم، فنهي عن ذلك . لانه ربا، اذ ان الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، لكن العرايا ابيحت للحاجه، كيف؟ الحاجه هو ان الانسان الفقير الذي ليس عنده نقود اذا كان عنده تمر، واحتاج الي التفكه بالرطب كما يتفكه الناس اباح له الشارع ان يشتري بالتمر رطبا علي رءوس النخل، بشرط ان لا تزيد علي خمسه اوسق، وان يكون بالخرص؛ يعني: اننا نخرص الرطب لو كان تمرا بحيث يساوي التمر الذي ابدلناه به، فهذا شيء من الربا، لكن ابيح للحاجه، لماذا؟ لان تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوساءل، بخلاف ربا النسيءه، فان تحريمه من باب تحريم المقاصد؛ ولهذا جاء في الحديث، حديث اسامه بن زيد: «لا ربا الا في النسيءه» ، او: «انما الربا في النسيءه» ، قال اهل العلم: والمراد بهذا الربا الكامل المقصود، اما ربا الفضل فانه وسيله. علي كل حال اقول: انما ابيح الحرير للحاجه؛ لان تحريمه من باب تحريم الوساءل. ( او مرض ) مرض؟ كيف المرض؟ نعم، ربما يكون هناك مرض، لا يشفي المريض الا اذا لبس الحرير، يمكن هذا، يمكن، علي كل حال المرجع في ذلك الي الاطباء، فاذا قالوا: هذا الرجل اذا لبس الحرير شفي من المرض او هان عليه المرض، فله ان يلبسه. قال: ( او قمل ) قمل؟ قراتموها انتم. طالب: متن. الشيخ: متن؟ طيب علي كل حال، ان كان لقمل فهذا حاجه ولا ضروره؟ طالب: ضروره. طالب اخر: قد تكون.. الشيخ: الواقع انها قد تكون حاجه وقد تكون ضروره، قد تكون ضروره نفسيه، ما هي جسديه، اذ ان الانسان لا يطيق ان يخرج الي الناس وعلي ثيابه رعايا من القمل، صح ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: اذن هذه ضروره نفسيه، ما يستطيع. وقد تكون ضروره جسديه؛ لان هذا القمل يقرص الانسان ويتعبه لكن -ولله الحمد- نحن في الازمان الاخيره قد كفانا الله تعالي شره، ولهذا لا يوجد يمكن لو ان احدا يشرحه للطلبه عجز ان يصوره لهم؛ لانهم لا يعرفونه، علي كل حال اذا وجد هذا الشيء نقول: يجوز اللبس؛ لان هذا اما حاجه، واما ضروره. اما قوله: ( او حرب ). طالب: ايش لون يا شيخ؟ الشيخ: نعم. الطالب: ايش يفيد يعني؟ الشيخ: اي، يفيد، الظاهر -والله اعلم- انه لنظافته ولينه ونعومته يطرد هذا؛ لان القمل اكثر ما يكون مع الوسخ، والناس في زمن مضي تبقي عليهم الثياب الي شهر وشهرين، ما عندهم لا صابون الا قليل، واشنان منين يحصله ايضا. طالب: فيه دواء يا شيخ. الشيخ: السءال بعد يا جماعه. يقول: ( او حرب )، في بعض النسخ: ( او جرب )، اما علي نسخه ( او جرب ) فعطفها علي الحكه من باب عطف الخاص علي العام؛ لان الجرب حكه، لكنه نوع من الالتهابات. واما علي قوله: ( او حرب ) فانه عطف مباين علي مباين، واذا تعارض عندنا ان يكون عطف مباين علي مباين او عطف خاص علي عام، فايهما اولي؟ طلبه: الاول. الشيخ: الاول اولي؛ لان عطف الخاص علي العام شبه تكرار لبعض افراده، وقد استفيد هذا الفرد الذي عطف منين؟ طالب: من العموم. الشيخ: من صيغه العموم، نقول: ( او حرب )، نجعلها ( او حرب )، الحرب يجوز فيه لباس الحرير، لماذا؟ لما في ذلك من اغاظه الكفار، فان الكفار اذا راوا المسلمين بهذا اللباس اغتاظوا. "},{"Id":1701,"Name":"02 كتاب الصلاة 11","Sort":33,"Version":0,"LessonText":"

الحرب يجوز فيه لباس الحرير، لماذا؟ لما في ذلك من إغاظة الكفار، فإن الكفار إذا رأوا المسلمين بهذا اللباس اغتاظوا، وانكسرت معنوياتهم، وعرفوا أن المسلمين في نعمة، هذا من جهة، وعرفوا أن المسلمين أيضًا غير مبالين بالحرب؛ لأن الرجل الذي يتجمل بالحرير كأنه يقول بلسان الحال: أنا لا أهتم بالحرب، ولا يهمني، ولذلك ذهبت ألبس هذا الثوب الناعم. ولهذا كانوا في الحرب ربما يجعلون على عمائمهم ريش النعام؛ ريش النعام تعرفونه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يجعلونه على العمامة، يصفونه عليها حتى يعرف الرجل أنه شجاع، وأنه غير مبال بهذا. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم رجلًا يختال في مِشيته بين الصفَّين -يعني يتبختر- فقال: «إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ» ، لأجل يظهر العلو والفخر على هؤلاء الكفار.
كل شيء يغيظ الكافر فإنه يرضي الله عز وجل، وكل شيء فيه إكرام كافر فإنه يغضب الله عز وجل؛ لأن إكرام الكافر معناه إظهار الإكرام لمن أهانه الله، وهذه مراغمة لله عز وجل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في اليهود والنصارى، وهم من أحسن الكفار: «لَا تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُم إِلَى أَضْيَقِهِ» ، إذا تقابل مسلمون وكفار في الطريق لا بد أن يتمايز بعضهم عن بعض، فهل نحن نتمايز حتى يدخلوا؟ لا، نبقى نحن صامدين ونخلي تضيق عليهم هم، هم الذي أيش؟ يتمايزون، هذا معنى الحديث، ليس معنى الحديث أن الإنسان إذا رأى الكافر يدزُّهُ حتى يكون على الجدار، لا، هذا ما كان معروفًا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا أراده النبي عليه الصلاة والسلام.
المهم أنا نقول: كل شيء يغيظ الكفار فإنه يرضي الله، وكل شيء فيه إكرام الكفار فإنه حرام، ولا يجوز، ولهذا قال الله عز وجل: {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: ١٢٠]، وقال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩].
قال المؤلف رحمه الله: (أو حشوًا) يعني المعنى: أن يلبس الإنسان ثوبًا محشوًّا بالحرير، تعرفون الحشو؟ أن يكون داخلًا في الثوب، يكون الثوب بطانة وظهارة، ثم يجعل تحت البطانة أيضًا ثوب آخر، هذا يجوز، لماذا؟ لأنه مختف غير ظاهر.
فإذا قدر أن رجلًا رأى ثوبًا يباع وفيه حشو حرير، واشتراه ليلبسه، فلا بأس بذلك، فإن اشتراه لينام عليه رأى فراشًا حشوه حرير واشتراه لينام عليه فلا بأس بذلك.
قال: (أو علمًا)، هذا معطوف على أيش؟
طالب: حشو.
طالب آخر: الثوب الحرير يا شيخ.
طالب آخر: (...).
الشيخ: يا جماعة، ما هو معناه أنكم تقولون: معطوف على أي كلمة سبقت، شوفوا التقدير، من الذي يقول: لضرورة؟ إذا قلنا: لضرورة لزم أن يكون بالجر، ولا يستقيم المعنى أيضًا إذا قلنا: أو لضرورة أو لعلم، ما يستقيم.
طالب: على حشو.
الشيخ: ما يخالف حشوًا وأيش اللي معطوفة عليه؟
طالب: (كان) مقدرة.
طالب آخر: أو كان.
الشيخ: إي نقول: (أو حشوًا) حشوًا هذه خبر لـ(كان) المحذوفة المعطوفة على ما سبق، على قوله: (إلا إذا)؛ إلا إذا استويا أو إلا إذا كان حشوًا أو إلا إذا كان علمًا.
طالب: (أو كان علمًا).
الشيخ: عندكم: كان متن؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إي، إذن ما فيه إشكال، لكن (...) متن.
يقول: (أو علمًا) العلم معناه: الخط، خط يطرز به الثوب، تطريز الثوب قد يكون من الأسفل، وقد يكون في الجيب، وقد يكون في الأكمام، وقد يكون ثوبًا مفتوحًا فيكون التطريز من جوانبه.
المهم إذا كان في الثوب علم، يعني خطًّا من الحرير، فهو جائز، لكن بشرط، قال: (أو علمًا أربع أصابع فما دون)، يعني العلم يكون أربع أصابع فما دون، أربع أصابع. أصابع طفل، أو أصابع إنسان غليظ الأصابع؟
طلبة: متوسط.
الشيخ: متوسط، هذا يرجع فيه إلى الوسط، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» ، حتى لا نأخذ الأعلى ولا نأخذ الأدنى أيضًا، نأخذ بالوسط.
أربع أصابع، إذا كان العلم أربع أصابع في مكان واحد فما دون فهذا لا بأس به؛ لحديث عمر رضي الله عنه: أنه لم يرخص في الحرير إلا إذا كان علمًا أربع أصابع فما دون . ولا فرق بين أن يكون العلم مستطيلًا في الثوب أو في بقعة منه، المهم ألا يزيد على أربعة أصابع، ثلاثة؟
طلبة: جائز.
الشيخ: واثنان؟
طلبة: جائز.
الشيخ: وخمسة؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز. كيف نجمع بين هذا وبين قوله فيما سبق: (وما هو أكثره ظهورًا)؟ لأننا لو أخذنا بظاهر العبارة السابقة لقلنا: إذا كان علمًا عرضه خمسة أصابع وإلى جنبه علم من القطن عرضه خمسة أصابع أو ستة أصابع يجوز ولّا ما يجوز؟
إن نظرنا إلى ظاهر ما سبق قلنا: إنه جائز، ولكن ما سبق مقيد بما يلحق، فنقول: مراده فيما سبق إذا كان الثوب مشجرًا، أو إذا كان فيه أعلام أقل من أربعة أصابع، فهنا نعتبر الأكثر، أما إذا كان علمًا متَّصلًا فإن الجائز ما كان أربع أصابع فما دونها.
لو أخذنا بظاهر ما سبق (وما هو أكثره ظهورًا) لقلنا: إذا اجتمع عندنا ثوب معلم فيه أعلام، فيه علم حرير خمسة أصابع، وفي علم من القطن إلى جانبه ستة أصابع، هنا الأكثر ما هو؟
طلبة: القطن.
الشيخ: القطن، فظاهر كلامه فيما سبق أن هذا جائز، ولكن كلامه الأخير لما ذكر العلم لا بد أن يكون أربع أصابع فما دون يقتضي أن مثل الثوب الذي ذكرنا الآن لا يجوز؛ لأنه لا بد أن يكون أربع أصابع فأقل، فهل نأخذ بالكلام الأول أو بالثاني؟
طالب: الثاني.
الشيخ: نقول: نأخذ بالثاني، فالكلام الثاني مقيد للكلام الأول.
إذا قال قائل: وأيش نحمل الكلام الأول عليه؟ نقول: نحمله على أن العلم من الحرير من أربع أصابع فأقل، أو أنه أعلام كثيرة لكن متفرقة فيما بينها، أو تكون مشجرة كالذي يسمى الديباج، مشجرة، أحيانًا يأتي الحرير كالأشجار على القطن المنسوج معه، فيجب أن نتنبه لهذا.
(أو رقاعًا أو لبنة جيب وسجف فراء)، الرقاع: جمع رقعة، يعني: لو رقع الثوب بحرير؟ إنسان مثلًا عنده ثوب من القطن أو من الصوف لكنه متمزق فرقعه بحرير؟
طالب: جائز.
الشيخ: يجوز، لكن يجب أن نلاحظ أنه بقيد أن يكون أربع أصابع فما دون، يعني بحيث لا تزيد الرقعة على أربعة أصابع.
كذلك لبنة الجيب، ما هي لبنة جيب؟ أولًا ما هو الجيب؟ الجيب هو هذا اللي يدخل معه الرأس، ولبنته هو ما يوضع من الحرير على هذا الطوق، وهو معروف في بعض الثياب الآن.
الفراء: جمع فروة، و سجفها: أطرافها، وأنتم تعلمون أن الفروة مفتوحة الأمام، فسجفها يعني أطرافها، هذا أيضًا لا بأس به، لكن بشرط أن يكون أربع أصابع فما دون.
يقول: (ويكره المعصفر والمزعفر للرجال). يكره كراهة تنزيه ولّا كراهة تحريم؟
طالب: كراهة تحريم.
الشيخ: يجب أن نعلم أن الفقهاء رحمهم الله إذا قالوا: يكره، وأعني بذلك المتأخرين فهي كراهة التنزيه، ولا يقصدون بذلك كراهة التحريم، فيقصدون أن المزعفر وهو المصبوغ بالزعفران، والمعصفر وهو المصبوغ بالعصفر، مكروه للرجال.
الدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الله بن عمرو بن العاص ثوبين مُعَصْفَرين، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسهما وقال: «لَا تَلْبَسْ هَذَا؛ فَإِنَّهُ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ» ، فنهاه وعلل؛ نهاه عن لبسهما وقال: «إِنَّهُ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ».
وإذا استدللنا بهذا الحديث على هذا الحكم وجدنا أن الحكم بالكراهة التنزيهية فيه نظر؛ لأن هذا الحديث يقتضي أنه حرام، وهذا هو القول الصحيح: أن لبس المعصفر حرام على الرجل، والمزعفر مثله؛ لأن اللون واحد أو متقارب، فلا يجوز للرجل أن يلبس ثيابًا مزعفرة أو ثيابًا معصفرة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ»، ولا يمكن أن نقول: إنها مكروهة كراهة تنزيه، والرسول عليه الصلاة والسلام جعلها من لباس الكفار.
ولكن يرد على هذا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يلبس الحلة الحمراء ، والحمراء أغلظ حمرة من المعصفر، فكيف ينهى عن المعصفر ويقول: «إِنَّهَا لِبَاسُ الْكُفَّارِ»، ثم يلبس الأحمر؟
أجيب عن ذلك بأحد جوابين بل بثلاثة:
قال بعضهم: إن الأحمر الخالص ليس هو لباس الكفار، لباس الكفار هو المعصفر الأصفر، يعني يميل إلى الحمرة، لكن ليس خالصًا، والحلة الحمراء التي كان الرسول يلبسها حلة حمراء، هذا جواب، وهذا الجواب فيه نظر؛ لأن الأحمر الخالص أشد من؟
طلبة: الأصفر.
الشيخ: الأصفر. الثاني: أن هذا فعل، والفعل لا يعارض القول؛ لاحتمال الخصوصية، وهذه القاعدة مشى عليها الشوكاني رحمه الله في شرح المنتقى، دائمًا يجعل فعل الرسول عليه الصلاة والسلام من خصائصه، ولا يحاول أن يجمع، ولكن هذه الطريقة أيضًا طريقة ليست بصواب؛ لأن فعل الرسول سنة وقوله سنة، ومتى أمكن الجمع وجب؛ لئلا يكون التناقض.
القول الثالث في هذه المسألة أو الوجه الثالث يقول: إن الحلة الحمراء هي التي خطوطها حمر، وليست حمراء خالصة، وإلى هذا ذهب ابن القيم رحمه الله.
وقال وأنا أقول كما يقال: هذا الرجل شماغه أحمر، وذاك الرجل شماغه أسود، ولّا لا؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: هل المراد أن كله أحمر؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ولا كله أسود، فيقول رحمه الله: إن هذه الحلة الحمراء لا تعارض نهيه؛ لأنها حلة حمراء لكن ليست خالصة، وإذا كان مع الأحمر شيء يزيل عنه الحمرة الخالصة فإن هذا لا بأس به.

***

\n الطالب: \n ومنها: اجتناب النجاسة، فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها أو لاقاها بثوبه أو بدنه لم تصح صلاته، وإن طين أرضًا نجسة أو فرشها طاهرًا كره وصحت، وإن كانت بطرف مصلى متصل صحت إن لم ينجر بمشيه.
ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونها فيها لم يعدها، وإن علم أنها كانت فيها لكن نسيها أو جهلها أعاد.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أنه يحرم على الرجل لباس منسوج أو مموَّه بذهب، ما هو الدليل؟\n
\n طالب: أنه يحرم على الرجل لباس منسوج أو مموه بذهب؟\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: نعم، الدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «حُرِّمَ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِذُكُورِ أُمَّتِي».\n
\n الشيخ: \n «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» \n ، أحسنت. الحرير هل فيه دليل آخر في تحريمه على الرجال؟\n
\n طالب: في تحريمه على الرجال نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم \n «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» \n . \n
\n الشيخ: نعم، \n «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» إذا كان الثوب منسوجًا من حرير وغيره؟\n
\n الطالب: لا يجوز الصلاة فيه.\n
\n الشيخ: ما هو الصلاة فيه، نحن نسأل عن لبسه إذا كان منسوجًا من حرير وغيره؟\n
\n طالب: فيه تفصيل إذا كان يعني أكثره حريرًا فهو ما يجوز.\n
\n الشيخ: إذا كان أكثره الحرير فإنه لا يجوز وإذا كان أقله؟\n
\n الطالب: أقله فهو يجوز.\n
\n الشيخ: فهو يجوز، وإن كانا متساويين؟\n
\n الطالب: على كلام المؤلف لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يجوز، وعلى كلامك؟\n
\n الطالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يجوز، إذن ما حاجة تقول: على كلام المؤلف.\n
\n الطالب: إي نعم، لا يحوز.\n
\n الشيخ: إذن إذا استويا لا يجوز.\n
ماذا تقول إذا تساويا ظهورًا الحرير وما نسج معه؟\n
\n طالب: على كلام المؤلف يجوز.\n
\n الشيخ: يجوز، وفيه قول آخر؟\n
\n الطالب: أنه لا يجوز.\n
\n الشيخ: أنه لا يجوز، أحسنت. ما هو تعليل كلام المؤلف؟\n
\n الطالب: تعليل كلام المؤلف قال: إذا استوى الاثنان فيغلب (...) هو يرى أنه.\n
\n الشيخ: هو يرى أنه حلال إذا استويا الحرير وما معه فهو حلال.\n
\n الطالب: لأنه يرى إذا استوى الحكمان الحلال والحرام على الحل والتحريم وأساس اللباس الحل فيجوز.\n
\n الشيخ: ما فهمت.\n
\n الطالب: يقول: لأنه الحرير على الحرام والذي اختلط معه حلال فاستويا الاثنان، فيرجع إلى أساس الثوب، فأساس لبس الثوب أنه حلال، فهذا حلال.\n
\n الشيخ: إذن فنحن نشك في التحريم، والأصل الحل، فنقول: إنه حلال، والذين قالوا: إنه حرام، ما تعليلهم؟ \n
\n طالب: قالوا: إذا اجتمع مبيح وحاظر فنرجح جانب الحظر.\n
\n الشيخ: هذه هي القاعدة أنه إذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر.\n
\n الطالب: ولعموم الأدلة تحريم الحرير احتياطًا.\n
\n الشيخ: احتياطًا، وقلنا: إن الأولى الاحتياط تركه لكنه عند الحاجة لا بأس به. يجوز لبس الحرير في أحوال.\n
\n الطالب: إذا كان لحاجة.\n
\n الشيخ: إذا كان لحاجة؟\n
\n الطالب: حكة ومرض والحرب.\n
\n الشيخ: كيف يجوز لحاجة وهو حرام والقاعدة المعروفة الشرعية أنه لا يبيح الحرام إلا الضرورة.\n
\n الطالب: لأن هذا تحريم الحرير من باب تحريم الوسائل وتحريم الوسائل يجوز لحاجة محرم فإنه وسيلة يباح لحاجة.\n
\n الشيخ: أحسنت، هل لهذا أصل أن ما حرم للوسيلة جاز للحاجة؟\n
\n طالب: نعم، له أصل في مثل بيع العرايا، \n الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالرطب \n ولكن رخص للفقير الذي.\n
\n الشيخ: رخص بالعرايا بس.\n
\n الطالب: للفقير الذي لا يجد.\n
\n الشيخ: هل العرايا ضرورة أو حاجة؟\n
\n الطالب: حاجة ليس ضرورة.\n
\n الشيخ: حاجة ليس ضرورة؛ لأنه بإمكانه أن يأكل التمر الذي عنده.\n
\n الطالب: ويكتفي به.\n
\n الشيخ: ويكتفي به، ما هو الدليل على جواز لبس الحرير للحكة؟\n
\n طالب: \n حديث عبد الرحمن بن عوف والحسين أنه كان عندهما حكة، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم أن يلبسا قمصانًا من حرير \n .\n
\n طالب آخر: الزبير يا شيخ.\n
\n الشيخ: الزبير، ما الفائدة من هذه؟ \n
\n طالب: لأنه ناعم، والجسم يكون فيه حكة فيساعد يعني ما يثير الحكة هذه.\n
\n الشيخ: من أجل اللين يخفف الحكة، في بعض النسخ يقول: أو حرب، لماذا؟\n
\n الطالب: إذا كان فيه حرب لأنه فيه إغاظة للمشركين وإظهار عدم خوف المسلمين من الحرب.\n
\n الشيخ: وإغاظة الكفار أمر؟\n
\n الطالب: مطلوب شرعًا.\n
\n الشيخ: مطلوب شرعًا كذا، فما فيه من مصلحة من إغاظة الكفار يربو ما فيه من المفسدة من لبسه، واضح؟\n
المؤلف رحمه الله ذكر أنه يكره المعصفر للرجال. \n
\n الطالب: \n أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الله بن عمرو ثوبين معصفرين فقال: «لَا تَلْبَسْهُمَا؛ فَإِنَّهُمَا مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ»، وفيه حديث أنس المتفق عليه: \n نهى رسول الله عن لبس المعصفر \n (...).\n
\n الشيخ: مقتضى حديث عبد الله بن عمرو.\n
\n طالب: ابن عمرو ولا ابن عمر يا شيخ؟\n
\n الشيخ: ابن عمرو.\n
\n الطالب: ابن عمر يا شيخ.\n
\n الشيخ: لا، الصواب ابن عمرو.\n
\n طالب: ابن عمر.\n
\n الشيخ: اللي في \n المنتقى ابن عمرو يمكن هذا خطأ.\n
\n طالب: النهي عن لبس المعصفر.\n
\n الشيخ: أقول: مقتضى حديث ابن عمرو أنه للكراهة؟\n
\n طالب: للتحريم.\n
\n الشيخ: للتحريم وجه ذلك؟\n
\n الطالب: لأنه تشبه بالكفار.\n
\n الشيخ: قال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها، والتشبه بالكفار على القول الراجح؟\n
\n طالب: حرام.\n
\n الشيخ: حرام. \n

***

قال المؤلف رحمه الله: (\n ومنها)، يعني: من شروط الصلاة، أي من شروط صحتها، وقد مر علينا أن الشرط في الاصطلاح هو ما تتوقف الصحة عليه، هذا هو الشرط؛ لأن الذي لا يصح الشيء إلا به يُسمَّى شرطًا، ولهذا قيل: إن الشرط هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود.\n
وإن قلت: ما تتوقف الصحة عليه فلا بأس فهذا شرط.\n
من شروط الصلاة اجتناب النجاسة، هذا من الشروط، ونبدأ أولًا في أي موضع أو ما هو المحل الذي يجب أن تجتنب فيه النجاسة؟ نقول: البدن والثوب والبقعة.\n
ونحتاج إلى دليل لكل هذه الثلاثة فنقول: أما البدن فالدليل على اشتراط الطهارة فيه ووجوب التنزه من النجاسة: \n أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، وأحدهما كان لا يستنزه من البول \n ، وهذا دليل على أنه يجب التنزه من البول، وكذلك أحاديث الاستنجاء والاستجمار كلها تفيد أنه يجب التنزه من النجاسة في البدن.\n
وأما دليلها في الثوب فمن أدلتها: قوله تعالى: \n {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]، على أحد التفاسير، \n {ثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.\n
ومنها -أي من أدلة ذلك أيضًا- \n أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحائض إذا أصابها دم الحيض أن تغسله ثم تصلي فيه \n .\n
ومن الأدلة أيضًا: \n خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه لما أخبره جبريل أن فيهما أذًى \n ، فهذا يدل على أنه لا يجوز استصحاب النجاسة في حال الصلاة.\n
وأما الدليل على طهارة المكان: فمنها قوله تعالى في: \n {طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥]، فقال \n {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.\n
ومنها أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المساجد: \n «إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَذَى وَالْقَذَرِ» \n ، \n وأمر أن يصب على بول الأعرابي ذَنُوب من ماء ليطهره.\n
فهذه الثلاثة لا بد أن تكون خالية أو سالمة من النجاسة، والأدلة كما سمعتم، ولكن هل هذه الأدلة تدل على أن الصلاة بدونها -أي بدون اجتناب النجاسة- لا تصح، أو يدل على وجوب التنزه من النجاسة، وإن صلى بنجاسة فهو آثم وصلاته صحيحة؟\n
جمهور أهل العلم على الأول على أنها شرط للصحة، وأنه إذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطلة. وذهب بعض أهل العلم إلى أنها ليست شرطًا للصحة، لكنها واجبة.\n
ولكن بلا شك أن القول الراجح قول الجمهور؛ لأن هذا الواجب خاص بالصلاة، وكل ما وجب في العبادة فإن فواته مبطل لها إذا كان عمدًا، وعلى هذا فنقول: إن القول الراجح أن صلاته باطلة. ووجه ما ذكرته لكم أن التنزه من هذا واجب خاص بالعبادة، فكأنه قيل: لا تصل وأنت متلبس بهذه النجاسة، فإذا صلى وهو متلبس بها فقد صلى على وجه ما أراده الله ورسوله، ولا أمر الله به ورسوله، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n . إذن فهذا وجه تقرير كون اجتناب النجاسة من شروط الصلاة.\n
قال: (\n فمن حمل نجاسةً لا يعفى عنها)، هذا تفريع، الفاء هنا للتفريع، قال: (\n فمن حمل نجاسةً لا يعفى عنها)، من هنا يجب أن نتنبه للنجاسة، وقد مر علينا في باب إزالة النجاسة الأعيان النجسة، فيجب أن تكون منا على ذكر. \n
قال: (\n فمن حمل نجاسةً لا يعفى عنها)، أفادنا رحمه الله بقوله: (\n لا يعفى عنها) أن من النجاسات ما يعفى عنه، وهو كذلك، وقد سبق لنا أنه يعفى عن يسير؟\n
\n طالب: الدم.\n
\n الشيخ: الدم، إذا كان من حيوان طاهر كدم الآدمي مثلًا، ودم الشاة والبعير، وما أشبهها، يعفى عن يسيره، بل سبق لنا أن شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى العفو عن يسير جميع النجاسات، كل النجاسات يعفى عن يسيرها، لا سيما إذا شق التحرز منها، مثل أصحاب الحمير الذين يلابسونها كثيرًا، هذا لا يخلو من رشاش أحيانًا، بل غالبًا من بول حمارهم، فشيخ الإسلام يقول: العلة: المشقة، فكلما شق اجتناب النجاسة فإنه يعفى؟\n
\n طالب: عن يسيرها.\n
\n الشيخ: عن يسيرها، حتى أصحاب البويات، قال: إنه يعفى عن يسير ما يصيب أبدانهم مما يحول بينها وبين الماء؛ أصحاب البوية لا بد يأتيهم نقط تمنع وصول الماء، فشيخ الإسلام رحمه الله يقول: إن هذا معفو عنه؛ لأن الدين يسر، ومثل هذه المسائل تكون غالبًا للإنسان، وهو لا يشعر بها أحيانًا أو يشعر بها، ولكن يشق عليه التحرز منها.\n
قال: (\n فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها)، وين الجواب؟\n
\n طالب: (\n لم تصح).\n
\n الشيخ: متأخر الجواب كذا قال: (\n لم تصح صلاته).\n
مثال حمل النجاسة كيف يحمل نجاسة؟ إذا تلطخ ثوبه بنجاسة، فهو حامل لها في الواقع؛ لأنه يحمل ثوبًا نجسًا، إذا جعل نجاسة في قارورة في جيبه، فقد حمل؟\n
\n طلبة: نجاسة.\n
\n الشيخ: نجاسة لا يعفى عنها، وهذا يقع أحيانًا في عصرنا فيما إذا أراد الإنسان أن يحلل البراز أو البول وقال له الطبيب: ائتني بعد صلاة الفجر مباشرة، فتجد بعض الناس يأخذ هذا في القارورة ويضعه في جيبه ويروح يصلي، ماذا نقول له؟\n
\n طلبة: ما تصح صلاته.\n
\n الشيخ: نقول: هذا صلاته لا تصح؛ لأنه حمل نجاسة لا يعفى عنها. \n
فإن قال قائل: يرد عليكم على هذا التقرير ما ثبت \n عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حمل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي \n والطفلة بطنها كله مملوء من النجاسات، أليس كذلك؟\n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: بل إن شاء أورد عليك قال: بطنك أنت مملوء بالنجاسة، المثانة تحمل البول، والأمعاء الغليظة وغير الغليظة تحمل أيضا؟\n
\n طالب: الغائط.\n
\n الشيخ: الغائط، فما جوابك على هذا؟ هذا معه جرة محكمة تمامًا، لو وضعتها عند أنفك ما شممت ريحها، ولا تتلوث بها ثيابه، ولا شيء أبدًا، ليش تقول: ما يصح وهذا يصح؟\n
أجاب العلماء على ذلك فقالوا: إن النجاسة في معدنها لا حكم لها، ما تنجس إلا بالانفصال، وهذا متصل، لا بالنسبة لأمامة بنت زينب، ولا بالنسبة لما في بطن الإنسان، لم ينفصل بعد، فلا حكم له.\n
وهذا الجواب لا شك أنه صحيح. ولهذا قال بعض العلماء: إن العلقة في الرحم إذا استحالت إلى مضغة، ثم إلى حيوان طاهر؛ لم يصح أن نقول: إن هذه طهرت بالاستحالة، وإن كان المعروف عند الفقهاء رحمهم الله أنهم يستثنون مما يطهر بالاستحالة العلقة تصير حيوانًا طاهرًا، لكن بعض العلماء رد هذا الاستثناء وقال: إن العلقة في معدنها في الرحم ليس لها حكم، فهي ليست بنجسة ولا طاهرة، ولا حكم لها، بناءً على هذه القاعدة، وهي أن الشيء في معدنه لا حكم له.\n
إذن من حمل نجاسة في صلاته الحكم: فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها.\n
(\n أو لاقاها) يعني لاقى النجاسة وإن لم يحملها، كيف لاقاها؟ استند مثلًا إلى جدار نجس، نقول: هذا لاقى النجاسة، أو كان جالسًا في التشهد أو بين السجدتين، وحوله شيء نجس قد وضع يده عليه، هكذا، يكون لاقاها ولّا لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: إذن لاقاها، فإذا لاقاها وإن لم يكن حاملًا لها وإن لم يسجد عليها فصلاته باطلة؛ لأنه يجب التنزه من النجس.\n
قال: (\n لاقاها بثوبه أو بدنه) بثوبه؛ حتى الثوب إذا اتكأت على الجدار وهو نجس فقد لاقيت النجاسة بماذا؟\n
\n طلبة: بالثوب.\n
\n الشيخ: بالثوب، فلا تصح صلاتك.\n
فإن مس ثوبه شيئًا نجسًا؛ لكن بدون اعتماد عليه، قال أهل العلم: فإن ذلك لا يضر؛ لأن هذا ليس بثابت. فإذا قُدر أن إنسانًا يصلي ولما ركع، والعادة أن الإنسان إذا ركع ابتعد ثوبه من ورائه، والآن ما هو على الجدار، ليس مستندًا عليه، لكنه إذا ركع مس ثوبه الجدار، فإن هذا لا يؤثر، ليش لأي شيء؟ لأنه لم يعتمد عليه، فلا يعد ذلك ملاقاة.\n
عندي بالشرح: وإن مس ثوبه ثوبًا أو حائطًا نجسًا لم يستند إليه، هذا رجل يصلي على بساط فيه بقعة نجسة، فإذا سجد صارت البقعة بين ركبتيه ويديه، ما تقولون؟ واحد يصلي على سجادة معه فيها بقعة نجسة، هذه البقعة إذا سجد تكون بين ركبتيه ويديه تصح صلاته ولّا لا؟\n
\n طلبة: إي نعم، تصح.\n
\n الشيخ: يقولون: تصح صلاته نعم؛ لأنه لم يحملها ولم يلاقها فصلاته إذن صحيحة.\n
وبالأولى أيضًا: لو كانت النجاسة على جانب من زواياها زوايا السجادة فإنها تصح صلاته؛ لأنه لم يلاقها ولم يمسها.\n
قال المؤلف: (\n وإن طين أرضًا نجسةً أو فرشها طاهرًا كره وصحت)، هذان حكمان: إذا طين أرضًا نجسة، أي: كساها بالطين، ما هو صب عليها ماء، إذا صب عليها ماء طهرت، لكن هذه أرض نجسة فأتى بطين وكساها به. وإن سمت.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: مثلها، إذا سمت أرضًا نجسة، وإن زفلت مثلها أيضًا، هذا طين أرضًا نجسة، أي: كساها بالطين وصلى على هذا الطين الذي كسيت به هذه الأرض، ذكر المؤلف حكمين:\n
الحكم الأول قال: كره.\n
والحكم الثاني قال: صحت.\n
فالصلاة إذن صحيحة، والفعل مكروه، والمكروه معناه: أنه لا يعاقب فاعله، ويثاب تاركه امتثالًا، هذا حكم المكروه، لا يعاقب فاعله ويثاب؟\n
\n طلبة: تاركه امتثالًا.\n
\n الشيخ: ويثاب تاركه امتثالًا. الحكم الثاني: صحت الصلاة، لماذا صحت؟ نقول: لأن هذا الرجل لم يحمل النجاسة، ولم يلاق النجاسة، فأتى بالشرط، وإذا أتى بالشرط فصلاته صحيحة؛ لأنه لم يلاقها ولم يحملها فتصح صلاته، بقينا بمكروه ما هو السبب؟ لماذا يكره؟ الكراهة، كما هو معروف لنا حكم شرعي، والحكم الشرعي يحتاج إلى دليل شرعي، فما هو الدليل؟\n
قال: الدليل في الشرح تعليل؛ لأنه اعتمد على ما لا تصح الصلاة عليه، هكذا عللوا، ولكن هذا التعليل عليل في الواقع؛ لأننا نقول: هذا الذي لا تصح صلاته عليه حال بينه وبينه حائل صفيق، لا يمكن أن يمس من ورائه النجس أو يلاقي النجس، ولو أننا أخذنا بهذا لقلنا: لا تسلم صلاة أحد من الكراهة، لاسيما في البيوت التي يكثر فيها الصبيان والبول، وما أشبه ذلك، الآن البيوت التي يكثر فيها الصبيان والبول كلهم يفرشون مصلياتهم ويصلون عليها، فهل نقول: إن هؤلاء صلاتهم مكروهة، هذا فيه نظر ظاهر. والصواب: أنها تصح ولا تكره.\n
كذلك قال: (\n أو فرشها طاهرًا)، (\n فرشها) أي: فرش عليها، (\n طاهرًا) أي: شيئًا طاهرًا، مثل: ثوب سجادة، خصاف أيش؟ \n
\n طالب: تراب.\n
\n الشيخ: التراب يمكن يصل إليها؛ لأن التراب إذا سجد عليه ربما أنه يتمايز.\n
المهم أنه فرش شيئًا طاهرًا، إذا فرشها شيئًا طاهرًا فإن الصلاة تصح؛ لعدم مباشرته النجاسة؛ فليس بحامل لها، ولا ملاق لها، ولكن لماذا تكره؟ يقول المؤلف: لاعتماده على ما لا تصح الصلاة عليه. ولكن الصحيح أنها لا تكره؛ لأنه صلى على شيء طاهر يحول بينه وبين النجاسة.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: شاهدته أنت؟\n
\n طالب: القمر نعم.\n
\n الشيخ: شاهدت القمر؟ شاهدته كاسفًا.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: يشوفه واحد منكم.\n
\n طالب: ما نعرف.\n
\n الشيخ: الطرف هذا متصل بالذي يصلي عليه، ولكنه هو لا يباشر النجاسة ولا يلاقيها، فنقول: إن صلاته صحيحة، وإن كان بعض العامة يرون أن السجادة إذا تنجست ولو كانت النجاسة بطرف منها بعيد فإنها لا تصح.\n
(...) (\n أو فرشها طاهرًا كره وصحت) قال: (\n وإن كانت بطرف مصلى متصل به صحت) ثم قال: (\n إن لم ينجر بمشيه)، هذه العبارة فيها ركاكة عظيمة. \n

***

(...) بسم الله الرحمن الرحيم من شروط الصلاة اجتناب النجاسة.\n
المؤلف يقول رحمه الله: (\n إن كانت بطرف مصلى متصل صحت) وأتينا بمثال لها مثل لو كان على سجادة.\n
لكن قال: (\n إن لم ينجر بمشيه) انتبه لهذه العبارة، هذه العبارة ما تتفق مع الأول إلا على تقدير؛ لأن قوله: (\n إن كان بطرف مصلى) المصلى ما ينجر بالمشي، لو مشيت وين يروح المصلى؟ يبقى في مكانه، لكن يشير المؤلف إلى مسألة أخرى، إذا كانت النجاسة متصلة بشيء متعلقة بهذا الرجل، فإن كانت تنجر بمشيه لم تصح صلاته، وإن كانت لا تنجر صحت صلاته.\n
مثال ذلك: رجل معه حبل، وليكن زمام، أعني مقودًا على رأس حمار، وهو قد أمسك بالمقود أو ربط المقود على بطنه، فهنا صلاته لا تصح أو تصح؟\n
\n طلبة: تصح.\n
\n الشيخ: تصح؛ لماذا؟ لأن الحمار لو استعصى عليه لم ينجر إذا مشى، معلوم ولّا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: طيب. \n
\n طالب: حسب (...).\n
\n الشيخ: ما يخالف.\n
يقول: إن لم ينجر بمشيه يعني إن لم يكن الشيء النجس أو المتنجس متعلقًا بالمصلي بحيث ينجر بمشيه. \n
كيف تتصور المسألة هذه؟\n
نقول: هذا إنسان ربط على بطنه حبلًا، وهذا الحبل ربطه برقبة حمار، الحمار الآن متعلق بالحبل كذا ولَّا لا؟ يعني: مربوط به، لو أن هذا الرجل مشى واستعصى الحمار عليه ما ينجر بمشيه، هذا الغالب، ممكن يجيب واحدًا قويًّا ربما يكون، لكن الغالب أنه لا ينجر، ولنقل: إنه بالنسبة لهذا المصلي لا ينجر بمشيه عرفتم؟ الصلاة هنا صحيحة؛ لأن الرجل غير حامل للنجاسة، صح؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: ولا النجاسة تتبعه واضح؟\n
\n طالب: فين النجاسة يا شيخ؟\n
\n الشيخ: الحمار نجس. \n
\n الطالب: نجس الحمار؟\n
\n الشيخ: إي نعم، الحمار نجس وسبق الكلام عليه، لكن إحنا بنقدر على أن الحمار نجس بوله وغوطه لا شك في نجاسته.\n
المهم نقول: هذا الرجل صلاته أيش؟ صحيحة؛ لأنه ليس مباشرًا لنجاسة ولا حاملًا لها ولا مستتبعًا لها، يعني ما تتبعه النجاسة، إذن فصلاته صحيحة. رجل آخر ربط حبلًا بيده أو ببطنه وربطه في رقبة جرو كلب صغير.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: الكلب الصغير جرو صغير (...) الحبل هذا (...) الكلب فنقول: هذا الرجل صلاته لا تصح، ليش؟ لأنه لو مشى انجر الكلب بمشيه، واضح؟ لماذا لا تصح صلاته؟ قال: لأنه مستتبع للنجاسة، الآن النجاسة صحيح لا حملها ولا باشرها لكن لو مشى تبعته، إذن الصلاة لا تصح.\n
مثال ثالث: رجل ربط حبلًا بحجر كبير متلوث بالنجاسة، وربط به حبلًا، وربط الحبل بيده، أو على بطنه؛ ما تقولون في صلاته؟\n
\n طلبة: صحيحة.\n
\n الشيخ: صحيحة؛ لأن الحصاة الكبيرة لا تنجر بمشيه، هو اللي يمكن ينجر به. رجل آخر ربط حبلًا بحجر صغير متنجس. \n
\n طلبة: لا تصح.\n
\n الشيخ: ما تصح، لماذا؟ لأنه ينجر بمشيه، فهو مستتبع له، فيكون كالحامل للنجاسة، لما كانت النجاسة تتبعه صار كالحامل لها.\n
وهذا قد يلغز به، فيقال: رجل اتصل بنجاسة كبيرة عظيمة، وقلنا: صلاته صحيحة، ورجل اتصل بنجاسة صغيرة قليلة قلنا: صلاته؟\n
\n طلبة: باطلة.\n
\n الشيخ: باطلة، كذا ولّا لا؟ حقيقة يأخذ بها، لكن عند التأمل الفرق ظاهر؛ لأنها إذا كانت صغيرة تتبعه، فهو كالحامل لها لتبعيتها له، وإذا كانت كبيرة لا تتبعه فهي منفصلة عنه، فلا تؤثر، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.\n
والصحيح أنها لا تبطل الصلاة في كلتا الصورتين؛ الصحيح أن الصلاة صحيحة في كلتا الصورتين؛ لأن النجاسة هنا لم يباشرها، ولم يباشرها ثوبه الذي هو سترة صلاته، وليست بقعة صلاته، والحاجة تدعو إلى ذلك، لا سيما في الزمن السابق، الإنسان في البر معه حماره؛ يخشى إن أطلقه أن يهرب ولا يجيء، وليس حوله شجرة يربطه بها، فأمسكه بيده وصار يصلي، ما المانع؟ ما الذي يجعل الصلاة باطلة؟ وهذا لم يباشر النجاسة ولم يباشرها ثوبه ولا مصلاه، فالصحيح في هذه المسألة أن صلاته تصح للعلة التي ذكرناها.\n
وقولهم: لأنه مستتبع للنجاسة، نقول: لكنها منفصلة عنه في الواقع، وبينه وبينها فاصل، وهو هذا الحبل ما اتصل بها، فهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.\n
يقول المؤلف: (\n ومن رأى عليه نجاسةً بعد صلاته، وجهل كونها فيها لم يعد، وإن علم أنها كانت فيها، لكن جهلها أو نسيها أعاد)، هذه المسألة مهمة وكثيرة الوقوع، رجل رأى عليه نجاسة، ونقيد النجاسة هنا بأنها لا يعفى عنها، لماذا قيدناها بذلك؟ لأن التي يعفى عنها لا تضر، لكنها نجاسة لا يعفى عنها، رآها بعد صلاته وجهل كونها فيها، أي لا يدري أصابته وهو في الصلاة أو بعد أن صلى، نقول: لا إعادة عليه؛ لوجهين، نعلل ذلك بوجهين:\n
الوجه الأول: أن صلاته قد انقضت من غير تيقن مفسد، والأصل؟\n
\n طالب: عدمه.\n
\n الشيخ: عدمه، وصحة الصلاة، ولهذا لو شك الإنسان بعد صلاته هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، يضره ولّا لا؟ لا يضره؛ لأنه فرغ من الصلاة وانتهى منها فلا يضر.\n
الوجه الثاني: أن نقول: هو الآن لا يدري أحصلت تلك النجاسة قبل سلامه أو بعد سلامه، والأصل الحصول أو عدم الحصول؟\n
\n طلبة: عدم الحصول.\n
\n الشيخ: الأصل عدم الحصول، ولهذا نقول: لا إعادة عليك.\n
إن غلب على ظنه أنها كانت قبل الصلاة فلا إعادة عليه؛ لأن غلبة الظن هنا كالشك، والشك كالعدم، ولهذا لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل يشكل عليه -وهو في صلاته- أخرج منه شيء؟ قال: \n «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا؛ أَوْ يَجِدَ رِيحًا» \n ، ولأن القاعدة: أن اليقين لا يزول إلا بيقين، فلا يمكن أن يزول الشيء المتيقَّن بشيء مظنون أو المشكوك فيه.\n
إذن الصورة هذه فهمتوها الآن مفهومة؟ بعد أن صلى وبقي برهة من الزمن رأى في ثوبه نجاسة، ولكن يقول: أنا لا أدري هل أصابتني تلك النجاسة قبل أن أتمم صلاتي أو بعد؟ نقول له: صلاتك صحيحة ولا إعادة عليك.\n
الصورة الثانية: قال: وإن علم أنها كانت فيها لكن نسيها أو جهلها أعاد، علم أنها كانت فيها وتيقن أنها أصابته قبل الصلاة لكن ما علم، جهلها، قال المؤلف: إنه يعيد.\n
مثال ذلك: رجل كان قد حمل صبيًّا قبل أن يصلي، ثم حان وقت الصلاة، فذهب وصلى، ولما رجع من صلاته وجد على ثوبه أثر العذرة، وهو لم يحمل صبيًّا بعد صلاته، هنا علم أنها قبل الصلاة، وأنها كانت فيها، كانت النجاسة في الصلاة، لكنه أيش؟\n
\n طالب: نسيها.\n
\n الشيخ: جهلها، يعني لم يعلم أنها أصابته، يقول المؤلف: يجب عليه أن يعيد. \n
الصورة الثالثة: قال: (\n أو نسيها)، كيف نسيها؟ يعني هو علم أن النجاسة أصابته قبل أن يصلي لكن نسي النجاسة، ما كأنها على باله حتى فرغ من صلاته، يقول المؤلف: يعيد؛ لأنه تيقن أنه صلى في نجاسة، واجتناب النجاسة شرط لصحة الصلاة، فتجب عليه الإعادة؛ كما لو نسي أن يتوضأ من حدث، وكما لو ترك الوضوء جهلًا بالحدث، فإن عليه أيش؟\n
\n طالب: الإعادة.\n
\n الشيخ: الإعادة؛ لأن كل واحد منهما شرط للصلاة.\n
فيه صورة رابعة: إذا جهل الحكم، يعني لم يعلم أن هذه من النجاسات وصلى، ثم تبين أنها من النجاسات، تجب عليه الإعادة ولّا لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نعم، تجب عليه الإعادة، يعني فلا فرق بين جهل النجاسة والجهل بحكم النجاسة أو بأنها نجاسة.\n
فيه أيضا صورة خامسة: لو علم النجاسة وهو على ذكر منها، لكن نسي أن يغسلها، فهو كما لو نسيها، يعني أن عليه الإعادة، فعلى هذا نقول: كل هذه الصور عليه الإعادة، إلا إذا جهل هل كانت قبل الصلاة أو بعد الصلاة، فلا إعادة عليه، والراجح في هذه المسائل كلها أنه لا إعادة عليه، سواء نسيها أو نسي أن يغسلها، أو جهلها، جهل أنها أصابته، أو جهل أنها من النجاسات، أو جهل حكمها، أو جهل أنها قبل الصلاة، أو بعد الصلاة، في كل الصور لا إعادة عليه.\n
الدليل: القاعدة العظيمة العامة التي وضعها الله لعباده وهي: \n {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وهذا الرجل الفاعل لهذا المحرم كان جاهلًا أو ناسيًا، وقد رفع الله المؤاخذة به، ولم يبق شيء يطالب به، ما دام المؤاخذة رفعت فإنه لم يبق شيء يطالب به، وعلى هذا فنقول: لو أن رجلًا أصابته نجاسة ونسي أن يغسلها كان في ذاك الساعة ليس عنده ماء وصلى ونسي، فصلاته صحيحة، ليس عليه إعادة.\n
لو أنه بعد أن صلى قال له واحد: يا فلان، شوف النجاسة في ثوبك، يدوب سلم قال: السلام عليكم ورحمة الله قاله واحد: شوف النجاسة في ثوبك، فليس عليه إعادة؛ لأنه جاهل، وكذلك لو جهل حكمها، يعني ما علم أنها نجاسة أو غير نجاسة فلا إعادة عليه؛ لعموم الآية التي ذكرناها.\n
وهناك دليل خاص في المسألة، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى في نعليه وفيهما أذى، وأعلمه بذلك جبريل، لم يستأنف الصلاة، وإذا لم يبطل هذا أول الصلاة فإنه لا يبطل بقية الصلاة، فالصواب أنه لا إعادة عليه؛ لعموم الآية ولهذا الدليل الخاص.\n
هذه المسألة إذا قال قائل: ما الذي منع قياسها على ما إذا صلى محدثًا وهو جاهل أو ناس؟\n
نقول: اللي منع القياس أن ترك الوضوء من باب ترك المأمور، الوضوء شيء مأمور به؛ يطلب من الإنسان أن يتلبس به، والنجاسة شيء منهي عنه، يطلب من الإنسان أن يتخلى عنه، ففرق بين هذا وهذا، فلا يمكن أن يقاس فعل المحظور على ترك المأمور؛ ولهذا لو أن أحدًا أكل لحم إبل، وهو لم يعلم أنه لحم إبل، وقام وصلى بلا وضوء، ثم قيل له: إنه لحم إبل، فعليه الإعادة؛ لأن هذا من باب ترك المأمور، بخلاف النجاسة، فهي من باب فعل المحظور، هذا هو الصحيح في هذه المسألة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو رواية عن الإمام أحمد في هذه المسألة.\n
ثم قال: (\n ومن جبر عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر)، (\n من جبر عظمه بنجس) كيف يجبر بنجس؟ إي نعم، هذا رجل انكسر عظمه وسقط منه يعني أجزاء من العظم، فلم يجدوا هذه الأجزاء، ولا تمكنوا من جبر ما انكسر بها، فإذا عندهم كلب، فكسروا عظم الكلب وجبروا به عظم الرجل، جبر الآن بعظم نجس، إذا صلى سيكون حاملًا نجاسة، نقول له الآن: اقلع هذا العظم النجس؛ لأنه لا يجوز لك أن تصلي وأنت حامل النجاسة، قال الأطباء: إذا قلعه تضرر عاد الكسر وربما لا يجبر، نقول إذن: لا يجب قلعه؛ لأن الله عز وجل أباح ترك الوضوء عند خوف الضرر، فترك اجتناب النجاسة من باب أولى عند خوف الضرر، فلا يجب عليك قلعه، إذن يبقى مجبورًا عظمه بعظم كلب.\n
هل يتيمم لحمله هذه النجاسة؟ الصحيح لا يجب التيمم، ولا يشرع التيمم لهذه النجاسة، والمذهب يقولون: إن كان قد غطاه اللحم لم يجب التيمم؛ لأنه غير ظاهر، وإن كان لم يغطه وجب التيمم؛ لأن النجاسة ظاهرة، ولكن الصحيح كما مر علينا في باب التيمم أن النجاسات لا يتيمم عنها، وأن من كان على بدنه نجاسة وتعذر عليه غسلها فليصل بدون تيمم؛ لأن التيمم إنما ورد في طهارة الحدث، لا الطهارة من النجاسة.\n
يقول: (\n وما سقط منه من عضو أو سن فطاهر)، ما سقط ممن؟\n
\n طلبة: من الإنسان.\n
\n الشيخ: من الإنسان، من عضو أو سن فهو طاهر.\n
العضو: مثل أصبع، قطع أصبع، ذراع، قطع ذراع، ساق، قطع ساق، فهو طاهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» \n ، لا حيًّا ولا ميتًا. ولقوله عليه الصلاة والسلام: \n «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّة فَهُوَ مَيِّتٌ» \n .\n
وأخذ العلماء من ذلك قاعدة: ما أُبين من حي فهو كميتته حلًّا وحرمة، وطهارة ونجاسة، وميتة الآدمي طاهرة، إذن فالعضو المنفصل منه طاهر، ولكن الغريب أن أهل العلم رحمهم الله عامتهم يقولون: ما انفصل من الإنسان فهو طاهر إلا شيئًا واحدًا، وهو الدم، فهو نجس؛ لأن الدم ليس بولًا ولا غائطًا؛ إذ إن البول والغائط هو فضلات الطعام والشراب التي ليس فيها فائدة للجسم، الله حكيم عز وجل، الجسم هذا الأكل اللي يدخل عليك من طعام وشراب هذا يأخذ الجسم ما ينفع ويدع ما لا ينفع، الذي لا ينفع له مخارج معينة إذا خرج منها فهو نجس، واللي ينفع يذهب يغذي الجسم يدخل في أنسجة اللحم في العظام وغير ذلك قالوا: إن الدم لا هو من الفضلة التي ليس فيها فائدة، وليس من الجسم نفسه الذي يغذيه الدم، فهو بين بين، لا هذا ولا هذا، ولهذا أعطيناه الحكم بين بين، فقلنا: ليس كالعضو الذي ينفصل، وليس كالبول والغائط، فهو نجس يعفى عن يسيره.\n
ولكن ذهب كثير من أهل العلم، ولكنهم قلة بالنسبة للجمهور، إلى أن دم الآدمي طاهر، وقالوا: إذا كان العضو لا ينجس بالبينونة، فالدم من باب أولى، وليس هناك دليل على نجاسة الدم؛ إلا ما خرج من السبيلين كالحيض؛ فقد قام الدليل على نجاسته. \n
على كل حال المؤلف يقول رحمه الله: (\n ما سقط منه من عضو أو سن فطاهر) قد يقول قائل: ما مناسبة هذه المسألة لباب اجتناب النجاسة في الصلاة؟\n
الفائدة: أنه لو سقط منه عضو، ثم أعاده في الحال وخاطه يكون طاهرًا ولّا نجسًا؟\n
\n طلبة: طاهر.\n
\n الشيخ: يكون طاهرًا، هذه الفائدة، فنقول: لا يلزمك أن تزيله إذا أردت الصلاة لأنه طاهر.\n
يقولون: إن الشيء إذا انفصل من الجسم وأعيد في حرارته فورًا فإنه بإذن الله يلحم؛ لأن المنافذ والأنسجة لم تتلاءم بعد، فيلحم مثل المغناطيس، ولهذا قالوا: لو قطع أذنه من هنا مثلًا ثم أعادها فورًا ومسك عليها لصقت وجبرت، وعلى هذا فنقول: إن مناسبة وضع هذه الجملة في هذا الباب هو أنه لو أعاد هذا العضو الذي انفصل أو السن أعاده في الحال وركب فهو أيش؟\n
\n طالب: طاهر.\n
\n الشيخ: فهو طاهر لا يجب عليه إزالته. \n

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ولا تصح الصلاة في مقبرة)، (\n لا تصح) نفي الصحة يقتضي الفساد؛ لأن كل عبادة إما أن تكون صحيحة، وإما أن تكون فاسدة، ولا واسطة بينهما، فهما نقيضان شرعًا، فإذا انتفت الصحة ثبت الفساد.\n
وقوله: (\n الصلاة) يعم كل ما يسمى صلاة، سواء كان فريضةً أم نافلة، وسواء كانت الصلاة ذات ركوع وسجود أم لم تكن؛ لأنه قال: (\n الصلاة) وعليه فيشمل صلاة الجنازة، لا تصح في المقبرة، ولكن قد دلت الأدلة على استثناء صلاة الجنازة، كما سنذكره إن شاء الله، وعلى هذا فالمراد بالصلاة ما سوى صلاة الجنازة.\n
وهل يجوز السجود المجرد كسجود التلاوة مثلًا؛ مثل لو كان الإنسان يقرأ في المقبرة ومر بآية سجدة، فهل يسجد أو لا يسجد؟ ينبني هذا على اختلاف العلماء، أي في سجود التلاوة، فسجود التلاوة اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من قال: إنه صلاة، ومنهم من قال: إنه ليس بصلاة.\n
فالذين يقولون: إنه ليس بصلاة يقولون: إنه يجوز أن يسجد الإنسان سجود التلاوة في المقبرة، والذين يقولون: إنه صلاة يقولون: لا يجوز.\n
إذا قال قائل: لا تصح الصلاة في مقبرة هل المراد بالمقبرة هنا ما أعد للقبر، وإن لم يدفن فيه أحد، أو ما دفن فيه أحد بالفعل؟\n
الجواب: ما دفن فيه أحد، أما لو كانت هناك أرض اشتريت لأن تكون مقبرة، ولكن لم يدفن فيها أحد، فإن الصلاة فيها تصح، فإن دفن فيها أحد، فإن الصلاة لا تصح فيها؛ لأنها كلها اسم مقبرة.\n
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الصلاة لا تصح في المقبرة؟ فهل يقابل ويقال: ما الدليل على أنها تصح؟ ما تقولون؟\n
\n طلبة: الأصل الصحة.\n
\n الشيخ: نقول: الأصل الصحة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» \n ، فالأصل أن كل الأراضي تصح فيها الصلاة، ولهذا لا بد أن يؤتى بدليل للأماكن التي لا تصح فيها الصلاة.\n
فإذا قال قائل: ما الدليل؟\n
قلنا: الدليل:\n
أولًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» \n ، هذا واحد، وهو واضح، استثناء من عموم: \n «إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ».\n
ثانيًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» \n ، والمساجد هنا قد يكون أعم من البناء؛ يعني قد يراد به المسجد الذي يبنى، وقد يراد به المكان الذي يسجد فيه؛ لأن المساجد جمع مسجد، والمسجد مكان السجود، فيكون هذا أعم من البناء.\n
وهناك تعليل؛ وهو أن الصلاة في المقبرة قد تتخذ ذريعة إلى عبادة القبور، ولهذا لما كان الكفار يسجدون للشمس عند طلوعها وغروبها، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوعها وغروبها؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى أن تعبد الشمس من دون الله، أو إلى أن يتشبه بالكفار. كذلك أيضًا الصلاة في المقبرة قد تكون ذريعة إلى عبادة القبور أو إلى التشبه بمن يعبد القبور، فلذلك نهي عنها -عن الصلاة في المقبرة- فهنا إذن دليلان وتعليل، وأما من علل ذلك بأن يخشى أن تكون المقبرة نجسة، فهذا تعليل عليل، بل ميت لم تحل فيه الروح، كيف تكون نجسة؟ قالوا: نعم لأنها ربما تنبش، وفيها صديد من الأموات ينجس التراب، فيقال: سبحان الله:\n
أولًا: أن نبش المقبرة الأصل عدمه.\n
ثانيًا: من يقول: إنك ستصلي على تراب فيه صديد؟\n
ثالثًا: من يقول: إن الصديد نجس؟ كل هذه المقدمات تبطل هذا التعليل، والحديث عام اللي ذكرناه \n «إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ».\n
فإن قال قائل: هل يضر القبر الواحد أو لا بد من مقبرة ثلاثة فأكثر؟\n
فالجواب: أن في ذلك خلافًا، فمنهم من قال: إن القبر الواحد والاثنين لا يضر، ومنهم من قال: بل يضر، والصحيح أنه يضر حتى القبر الواحد يضر؛ لأنها لما كان هذا مكانًا مهيئًا لأن يكون مقبرة وقبر فيه صار الآن مقبرة بالفعل، والناس ليسوا يموتون جملة واحدة حتى يملؤوا هذا المكان، الناس يموتون تباعًا واحدًا فواحدًا أو أكثر، لكن المهم أنه لا يمكن أن تطبق هذه الأرض بالأموات، والأحاديث عامة فنقول: حتى الواحد.\n
فإن قال قائل: إذا جعلتم الحكم منوطًا بالاسم، فقولوا: إذن إذا أعدت أرض لأن تكون مقبرة فلا يصلى فيها؟\n
فالجواب: أن هذه لم يتحقق فيها الاسم، فهي مقبرة باعتبار ما سيكون، لكن اللي دفن فيها بالفعل وجد فيها القبر بالفعل، هذا واحد.\n
ذكرنا آنفًا أنه يستثنى من ذلك صلاة الجنازة، فنقول: أما إذا كانت الصلاة على القبر فلا شك في استثنائها؛ لأنه \n ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فَقَدَ المرأة التي كانت تَقُمُّ المسجد، فسأل عنها، فقالوا: إنها ماتت، وكانت قد ماتت في الليل، فالصحابة رضي الله عنهم كرهوا أن يخبروا النبي صلى الله عليه وسلم في الليل فيخرج، فقال لهم: «هَلَّا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» يعني: أخبرتموني حتى أصلي عليها وأخرج معها، \n ثم قال عليه الصلاة والسلام: «دُلُّوني عَلَى قَبْرِهَا». فخرجوا له إلى البَقِيع ودلُّوه على القبر، فقام وصلَّى عليها، عليه الصلاة والسلام \n . فهذه صلاة جنازة في المقبرة لكنها على القبر، فهل نقول: مثل ذلك لو جيء بالميت وصلي عليه قبل أن يدفن في المقبرة، أو ليس مثله؟\n
نقول: لدينا الآن عموم: \n «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ»، والصلاة على الميت صلاة بلا شك، ولهذا تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم، ويشترط لها الطهارة والقراءة؛ فهي صلاة، فما الذي يخرجها من عموم قوله: \n «إِلَّا الْمَقْبَرَةَ؟»، قالوا: ربما يسوغ لنا أن نقيسها على الصلاة على القبر، ونقول: ما دام أنه قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على القبر؛ فلا فرق بين أن نصلي على جنازة مدفونة، أو جنازة غير مدفونة لا فرق بينهما؛ لأن العلة واحدة، وهي أن هذا الميت الذي يصلى عليه كان في أيش؟ كان في المقبرة، وعمل الناس على هذا، على أنه يصلى على الميت، ولو قبل الدفن في المقبرة.\n
وأظن أن في المسألة خلافًا، لكنني لم أحرره بعد. فعندنا الآن الصلاة على الميت على القبر لا شك في استثنائها من هذا العموم، وهو: أن الصلاة لا تصح في المقبرة، والصلاة على الميت في المقبرة قبل الدفن هذا أيضًا نقول: إنه كالصلاة على القبر بالقياس كما ذكرنا، ويمكن لمعارض أن يعارض، وأظن في ذلك خلافًا لكني لم أتيقن، وسنحرره إن شاء الله تعالى.\n
(\n ولا في حُشّ)، ما هو الحش؟ الحش: مكان الخلاء، يعني المكان الذي يتخلى فيه الإنسان من البول أو الغائط؛ وهو الكنيف، لا تصح الصلاة فيه، لماذا؟ لأنه نجس خبيث، ولأنه مأوى الشياطين، فالشياطين خبيثة، مأواها الخبائث، أحب مكان إلى الشياطين أنجس الأماكن \n {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور: ٢٦] وهذا من حكمة الله عز وجل.\n
المساجد بيوت الله ومأوى الملائكة، أما الحشوش فهي مأوى الشياطين، ولهذا يشرع للإنسان أن يقول عند دخول الخلاء: \n «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» \n ، الحش لا تصح الصلاة فيه لنجاسته ولكونه مأوى الشياطين، فلا ينبغي أن يكون هذا المكان الخبيث الذي هو مأوى الخبائث مكانًا لعبادة الله عز وجل، وكيف يستقيم هذا وأنت تقول في الصلاة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأنت في مكان الشياطين؟ لهذا نقول: إنها لا تصح في الحش.\n
كذلك (\n ولا في حمام) الحمام: كل ما يطلق عليه اسم الحمام فإنه داخل في ذلك، حتى المكان الذي ليس مبالًا فإنه لا تصح فيه الصلاة، للحديث الذي أخرجه الترمذي وذكرناه آنفًا وهو: \n «الْأَرْضُ كُلُّها مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ». الحمام لماذا لا تصح؟ قالوا: لأن الحمام مكان كشف العورات؛ لأن الحمام المغتسل، ما هو بالمرحاض، نحن نقول عندنا في لغتنا: إن الحمام هو المرحاض. \n
\n طالب: الكنيف.\n
\n الشيخ: إي نعم، وليس كذلك، الحمام هو المغتسل، وكانوا يجعلون حمامات مغتسلات للناس يأتي الناس إليها ويغتسلون. \n
\n طالب: إلى الآن يا شيخ.\n
\n الشيخ: أنا فاهم، فيختلط فيه الرجال والنساء، وتنكشف العورات، ولهذا نهى الشرع عن الصلاة فيه، وظاهر الحديث: لا فرق بين أن يكون الحمام يستعمل يعني فيه ناس الآن يغتسلون، أو لم يكن فيه أحد، فما دام يسمى حمامًا فالصلاة لا تصح فيه.\n
كذلك (\n أعطان إبل) الأعطان: جمع عطن، ويقال: معاطن جمع معطن، أعطان الإبل فسرت بثلاثة تفاسير:\n
قيل: مباركها مطلقًا، وقيل: ما تقيم فيه وتأوي إليه، وقيل: ما تبرك فيه بعد صدورها من الماء؛ فهذه ثلاثة أشياء، المبارك ما تقيم فيه وتأوي إليه، والثالث ما تبرك فيه عند صدورها من الماء أو انتظارها الماء. \n
والصحيح: أنه شامل للثلاثة، أي أن المعاطن ما تقيم فيه الإبل وتأوي إليه، كالمراح، مرح الإبل، سواء كانت مبنية بجدران أم محوطة بقوس أو بأشجار أو ما أشبه ذلك، تقيم فيه وتأوي إليه، منين تأوي؟ \n
\n طلبة: من المرعى.\n
\n الشيخ: من المرعى، كذلك ما تعطن فيه بعد صدورها من الماء، هذه المعاطن وإلى الآن أظن يسمونها معاطن، هذا أيضًا لا تصح فيه الصلاة.\n
أو مباركها إذا اعتادت الإبل أنها تبرك في هذا المكان، وإن لم يكن مكانًا مستقرًّا لها، فإنه يعتبر معطنًا، أما مبرك البعير الذي بركت فيه لعارض وروثت فيه ومشت، فهذا لا يدخل في المعاطن؛ لأنه ما هو مبرك، هذا مبرك عارض، كما لو بعرت وهي تمشي، هذه معاطن الإبل.\n
الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» \n ، والحديث صحيح، هذا الحديث إذا قال لنا قائل: ما وجه الدلالة من كون الصلاة لا تصح في معاطن الإبل؟ \n
\n طلبة: النهي.\n
\n الشيخ: النهي، فإذا صليت فقد ضاددت أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، الرسول يقول: لا تصل وأنت تصلي، مضادة للأمر، ومضادة الأمر معصية، ولا يمكن أن تنقلب المعصية طاعة، إذن لا تصح الصلاة.\n
إذا قال قائل: \n «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» أمر، والأمر للوجوب، فهل هذا يقتضي أن أبحث عن مرابض غنم لأصلي فيه؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا، أنتم أول من درس أن الأمر للوجوب، يعني في هذا المكان ما هو بأول الناس كلهم.\n
\n طالب: مصروف عن الوجوب.\n
\n الشيخ: مصروف ليش؟\n
\n الطالب: عن الوجوب.\n
\n الشيخ: ما الذي صرفه؟ \n
\n طلبة: النهي.\n
\n الشيخ: النهي، أحسنتم، النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، أو في أعطان الإبل، هو الذي صرفه عن الوجوب، ولهذا مر علينا أن الأمر بعد الحظر للإباحة، فهنا لما كان يوهم الإنسان أنه لما نهي عن الصلاة في أعطان الإبل أنه ينهى كذلك عن الصلاة في مرابض الغنم، قال: \n «وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ»، كأنه قال: لا تصلوا في أعطان الإبل، ولكم أن تصلوا في مرابض الغنم.\n
إذا قال قائل: عرفنا الدليل فما هو التعليل؟\n
قال بعض العلماء: التعليل نهي الرسول عليه الصلاة والسلام، وأمر الشرع ونهيه هو العلة الموجبة بالنسبة للمؤمن؛ بدليل قوله تعالى: \n {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، إذن إذا قال: ما التعليل؟ نقول: لأن الله أمر به، ما التعليل لأن الرسول أمر به، ما التعليل لأن الله نهى عنه، ما التعليل لأن الرسول نهى عنه، المؤمن يكتفي بهذا ويقول: سمعنا وأطعنا، كذا؟ \n

","SearchText":" الحرب يجوز فيه لباس الحرير، لماذا؟ لما في ذلك من اغاظه الكفار، فان الكفار اذا راوا المسلمين بهذا اللباس اغتاظوا، وانكسرت معنوياتهم، وعرفوا ان المسلمين في نعمه، هذا من جهه، وعرفوا ان المسلمين ايضا غير مبالين بالحرب؛ لان الرجل الذي يتجمل بالحرير كانه يقول بلسان الحال: انا لا اهتم بالحرب، ولا يهمني، ولذلك ذهبت البس هذا الثوب الناعم. ولهذا كانوا في الحرب ربما يجعلون علي عماءمهم ريش النعام؛ ريش النعام تعرفونه؟ طلبه: نعم. الشيخ: يجعلونه علي العمامه، يصفونه عليها حتي يعرف الرجل انه شجاع، وانه غير مبال بهذا. وراي النبي صلي الله عليه وسلم ذات يوم رجلا يختال في مشيته بين الصفين -يعني يتبختر- فقال: «انها لمشيه يبغضها الله الا في مثل هذا الموطن» ، لاجل يظهر العلو والفخر علي هءلاء الكفار. كل شيء يغيظ الكافر فانه يرضي الله عز وجل، وكل شيء فيه اكرام كافر فانه يغضب الله عز وجل؛ لان اكرام الكافر معناه اظهار الاكرام لمن اهانه الله، وهذه مراغمه لله عز وجل، ولهذا قال النبي عليه الصلاه والسلام في اليهود والنصاري، وهم من احسن الكفار: «لا تبدءوا اليهود ولا النصاري بالسلام، واذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم الي اضيقه» ، اذا تقابل مسلمون وكفار في الطريق لا بد ان يتمايز بعضهم عن بعض، فهل نحن نتمايز حتي يدخلوا؟ لا، نبقي نحن صامدين ونخلي تضيق عليهم هم، هم الذي ايش؟ يتمايزون، هذا معني الحديث، ليس معني الحديث ان الانسان اذا راي الكافر يدزه حتي يكون علي الجدار، لا، هذا ما كان معروفا في عهد الرسول عليه الصلاه والسلام، ولا اراده النبي عليه الصلاه والسلام. المهم انا نقول: كل شيء يغيظ الكفار فانه يرضي الله، وكل شيء فيه اكرام الكفار فانه حرام، ولا يجوز، ولهذا قال الله عز وجل: {ولا يطءون موطءا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين} [التوبه: ١٢٠]، وقال في وصف النبي صلي الله عليه وسلم واصحابه: {يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} [الفتح: ٢٩]. قال المءلف رحمه الله: ( او حشوا ) يعني المعني: ان يلبس الانسان ثوبا محشوا بالحرير، تعرفون الحشو؟ ان يكون داخلا في الثوب، يكون الثوب بطانه وظهاره، ثم يجعل تحت البطانه ايضا ثوب اخر، هذا يجوز، لماذا؟ لانه مختف غير ظاهر. فاذا قدر ان رجلا راي ثوبا يباع وفيه حشو حرير، واشتراه ليلبسه، فلا باس بذلك، فان اشتراه لينام عليه راي فراشا حشوه حرير واشتراه لينام عليه فلا باس بذلك. قال: ( او علما )، هذا معطوف علي ايش؟ طالب: حشو. طالب اخر: الثوب الحرير يا شيخ. طالب اخر: (...). الشيخ: يا جماعه، ما هو معناه انكم تقولون: معطوف علي اي كلمه سبقت، شوفوا التقدير، من الذي يقول: لضروره؟ اذا قلنا: لضروره لزم ان يكون بالجر، ولا يستقيم المعني ايضا اذا قلنا: او لضروره او لعلم، ما يستقيم. طالب: علي حشو. الشيخ: ما يخالف حشوا وايش اللي معطوفه عليه؟ طالب: (كان) مقدره. طالب اخر: او كان. الشيخ: اي نقول: ( او حشوا ) حشوا هذه خبر لـ(كان) المحذوفه المعطوفه علي ما سبق، علي قوله: ( الا اذا )؛ الا اذا استويا او الا اذا كان حشوا او الا اذا كان علما. طالب: ( او كان علما ). الشيخ: عندكم: كان متن؟ طلبه: نعم. الشيخ: اي، اذن ما فيه اشكال، لكن (...) متن. يقول: ( او علما ) العلم معناه: الخط، خط يطرز به الثوب، تطريز الثوب قد يكون من الاسفل، وقد يكون في الجيب، وقد يكون في الاكمام، وقد يكون ثوبا مفتوحا فيكون التطريز من جوانبه. المهم اذا كان في الثوب علم، يعني خطا من الحرير، فهو جاءز، لكن بشرط، قال: ( او علما اربع اصابع فما دون )، يعني العلم يكون اربع اصابع فما دون، اربع اصابع. اصابع طفل، او اصابع انسان غليظ الاصابع؟ طلبه: متوسط. الشيخ: متوسط، هذا يرجع فيه الي الوسط، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «اياك وكراءم اموالهم» ، حتي لا ناخذ الاعلي ولا ناخذ الادني ايضا، ناخذ بالوسط. اربع اصابع، اذا كان العلم اربع اصابع في مكان واحد فما دون فهذا لا باس به؛ لحديث عمر رضي الله عنه: انه لم يرخص في الحرير الا اذا كان علما اربع اصابع فما دون . ولا فرق بين ان يكون العلم مستطيلا في الثوب او في بقعه منه، المهم الا يزيد علي اربعه اصابع، ثلاثه؟ طلبه: جاءز. الشيخ: واثنان؟ طلبه: جاءز. الشيخ: وخمسه؟ طلبه: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز. كيف نجمع بين هذا وبين قوله فيما سبق: ( وما هو اكثره ظهورا )؟ لاننا لو اخذنا بظاهر العباره السابقه لقلنا: اذا كان علما عرضه خمسه اصابع والي جنبه علم من القطن عرضه خمسه اصابع او سته اصابع يجوز ولا ما يجوز؟ ان نظرنا الي ظاهر ما سبق قلنا: انه جاءز، ولكن ما سبق مقيد بما يلحق، فنقول: مراده فيما سبق اذا كان الثوب مشجرا، او اذا كان فيه اعلام اقل من اربعه اصابع، فهنا نعتبر الاكثر، اما اذا كان علما متصلا فان الجاءز ما كان اربع اصابع فما دونها. لو اخذنا بظاهر ما سبق ( وما هو اكثره ظهورا ) لقلنا: اذا اجتمع عندنا ثوب معلم فيه اعلام، فيه علم حرير خمسه اصابع، وفي علم من القطن الي جانبه سته اصابع، هنا الاكثر ما هو؟ طلبه: القطن. الشيخ: القطن، فظاهر كلامه فيما سبق ان هذا جاءز، ولكن كلامه الاخير لما ذكر العلم لا بد ان يكون اربع اصابع فما دون يقتضي ان مثل الثوب الذي ذكرنا الان لا يجوز؛ لانه لا بد ان يكون اربع اصابع فاقل، فهل ناخذ بالكلام الاول او بالثاني؟ طالب: الثاني. الشيخ: نقول: ناخذ بالثاني، فالكلام الثاني مقيد للكلام الاول. اذا قال قاءل: وايش نحمل الكلام الاول عليه؟ نقول: نحمله علي ان العلم من الحرير من اربع اصابع فاقل، او انه اعلام كثيره لكن متفرقه فيما بينها، او تكون مشجره كالذي يسمي الديباج، مشجره، احيانا ياتي الحرير كالاشجار علي القطن المنسوج معه، فيجب ان نتنبه لهذا. ( او رقاعا او لبنه جيب وسجف فراء )، الرقاع: جمع رقعه، يعني: لو رقع الثوب بحرير؟ انسان مثلا عنده ثوب من القطن او من الصوف لكنه متمزق فرقعه بحرير؟ طالب: جاءز. الشيخ: يجوز، لكن يجب ان نلاحظ انه بقيد ان يكون اربع اصابع فما دون، يعني بحيث لا تزيد الرقعه علي اربعه اصابع. كذلك لبنه الجيب، ما هي لبنه جيب؟ اولا ما هو الجيب؟ الجيب هو هذا اللي يدخل معه الراس، ولبنته هو ما يوضع من الحرير علي هذا الطوق، وهو معروف في بعض الثياب الان. الفراء: جمع فروه، و سجفها: اطرافها، وانتم تعلمون ان الفروه مفتوحه الامام، فسجفها يعني اطرافها، هذا ايضا لا باس به، لكن بشرط ان يكون اربع اصابع فما دون. يقول: ( ويكره المعصفر والمزعفر للرجال ). يكره كراهه تنزيه ولا كراهه تحريم؟ طالب: كراهه تحريم. الشيخ: يجب ان نعلم ان الفقهاء رحمهم الله اذا قالوا: يكره، واعني بذلك المتاخرين فهي كراهه التنزيه، ولا يقصدون بذلك كراهه التحريم، فيقصدون ان المزعفر وهو المصبوغ بالزعفران، والمعصفر وهو المصبوغ بالعصفر، مكروه للرجال. الدليل: ان النبي صلي الله عليه وسلم راي علي عبد الله بن عمرو بن العاص ثوبين معصفرين، فنهاه النبي صلي الله عليه وسلم ان يلبسهما وقال: «لا تلبس هذا؛ فانه من لباس الكفار» ، فنهاه وعلل؛ نهاه عن لبسهما وقال: «انه من لباس الكفار» . واذا استدللنا بهذا الحديث علي هذا الحكم وجدنا ان الحكم بالكراهه التنزيهيه فيه نظر؛ لان هذا الحديث يقتضي انه حرام، وهذا هو القول الصحيح: ان لبس المعصفر حرام علي الرجل، والمزعفر مثله ؛ لان اللون واحد او متقارب، فلا يجوز للرجل ان يلبس ثيابا مزعفره او ثيابا معصفره؛ لان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «انها من لباس الكفار» ، ولا يمكن ان نقول: انها مكروهه كراهه تنزيه، والرسول عليه الصلاه والسلام جعلها من لباس الكفار. ولكن يرد علي هذا: ان الرسول عليه الصلاه والسلام كان يلبس الحله الحمراء ، والحمراء اغلظ حمره من المعصفر، فكيف ينهي عن المعصفر ويقول: «انها لباس الكفار» ، ثم يلبس الاحمر؟ اجيب عن ذلك باحد جوابين بل بثلاثه: قال بعضهم: ان الاحمر الخالص ليس هو لباس الكفار، لباس الكفار هو المعصفر الاصفر، يعني يميل الي الحمره، لكن ليس خالصا، والحله الحمراء التي كان الرسول يلبسها حله حمراء، هذا جواب، وهذا الجواب فيه نظر؛ لان الاحمر الخالص اشد من؟ طلبه: الاصفر. الشيخ: الاصفر. الثاني: ان هذا فعل، والفعل لا يعارض القول؛ لاحتمال الخصوصيه، وهذه القاعده مشي عليها الشوكاني رحمه الله في شرح المنتقي ، داءما يجعل فعل الرسول عليه الصلاه والسلام من خصاءصه، ولا يحاول ان يجمع، ولكن هذه الطريقه ايضا طريقه ليست بصواب؛ لان فعل الرسول سنه وقوله سنه، ومتي امكن الجمع وجب؛ لءلا يكون التناقض. القول الثالث في هذه المساله او الوجه الثالث يقول: ان الحله الحمراء هي التي خطوطها حمر، وليست حمراء خالصه، والي هذا ذهب ابن القيم رحمه الله. وقال وانا اقول كما يقال: هذا الرجل شماغه احمر، وذاك الرجل شماغه اسود، ولا لا؟ طلبه: اي نعم. الشيخ: هل المراد ان كله احمر؟ طلبه: لا. الشيخ: لا، ولا كله اسود، فيقول رحمه الله: ان هذه الحله الحمراء لا تعارض نهيه؛ لانها حله حمراء لكن ليست خالصه، واذا كان مع الاحمر شيء يزيل عنه الحمره الخالصه فان هذا لا باس به. *** الطالب: ومنها: اجتناب النجاسه، فمن حمل نجاسه لا يعفي عنها او لاقاها بثوبه او بدنه لم تصح صلاته، وان طين ارضا نجسه او فرشها طاهرا كره وصحت، وان كانت بطرف مصلي متصل صحت ان لم ينجر بمشيه. ومن راي عليه نجاسه بعد صلاته وجهل كونها فيها لم يعدها، وان علم انها كانت فيها لكن نسيها او جهلها اعاد . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا انه يحرم علي الرجل لباس منسوج او مموه بذهب، ما هو الدليل؟ طالب: انه يحرم علي الرجل لباس منسوج او مموه بذهب؟ الشيخ: نعم. الطالب: نعم، الدليل علي ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «حرم الذهب والحرير لذكور امتي» . الشيخ: «احل الذهب والحرير لاناث امتي وحرم علي ذكورها» ، احسنت. الحرير هل فيه دليل اخر في تحريمه علي الرجال؟ طالب: في تحريمه علي الرجال نعم، قال النبي صلي الله عليه وسلم «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخره» . الشيخ: نعم، «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخره» اذا كان الثوب منسوجا من حرير وغيره؟ الطالب: لا يجوز الصلاه فيه. الشيخ: ما هو الصلاه فيه، نحن نسال عن لبسه اذا كان منسوجا من حرير وغيره؟ طالب: فيه تفصيل اذا كان يعني اكثره حريرا فهو ما يجوز. الشيخ: اذا كان اكثره الحرير فانه لا يجوز واذا كان اقله؟ الطالب: اقله فهو يجوز. الشيخ: فهو يجوز، وان كانا متساويين؟ الطالب: علي كلام المءلف لا يجوز. الشيخ: لا يجوز، وعلي كلامك؟ الطالب: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز، اذن ما حاجه تقول: علي كلام المءلف. الطالب: اي نعم، لا يحوز. الشيخ: اذن اذا استويا لا يجوز. ماذا تقول اذا تساويا ظهورا الحرير وما نسج معه؟ طالب: علي كلام المءلف يجوز. الشيخ: يجوز، وفيه قول اخر؟ الطالب: انه لا يجوز. الشيخ: انه لا يجوز، احسنت. ما هو تعليل كلام المءلف؟ الطالب: تعليل كلام المءلف قال: اذا استوي الاثنان فيغلب (...) هو يري انه. الشيخ: هو يري انه حلال اذا استويا الحرير وما معه فهو حلال. الطالب: لانه يري اذا استوي الحكمان الحلال والحرام علي الحل والتحريم واساس اللباس الحل فيجوز. الشيخ: ما فهمت. الطالب: يقول: لانه الحرير علي الحرام والذي اختلط معه حلال فاستويا الاثنان، فيرجع الي اساس الثوب، فاساس لبس الثوب انه حلال، فهذا حلال. الشيخ: اذن فنحن نشك في التحريم، والاصل الحل، فنقول: انه حلال، والذين قالوا: انه حرام، ما تعليلهم؟ طالب: قالوا: اذا اجتمع مبيح وحاظر فنرجح جانب الحظر. الشيخ: هذه هي القاعده انه اذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر. الطالب: ولعموم الادله تحريم الحرير احتياطا. الشيخ: احتياطا، وقلنا: ان الاولي الاحتياط تركه لكنه عند الحاجه لا باس به. يجوز لبس الحرير في احوال. الطالب: اذا كان لحاجه. الشيخ: اذا كان لحاجه؟ الطالب: حكه ومرض والحرب. الشيخ: كيف يجوز لحاجه وهو حرام والقاعده المعروفه الشرعيه انه لا يبيح الحرام الا الضروره. الطالب: لان هذا تحريم الحرير من باب تحريم الوساءل وتحريم الوساءل يجوز لحاجه محرم فانه وسيله يباح لحاجه. الشيخ: احسنت، هل لهذا اصل ان ما حرم للوسيله جاز للحاجه؟ طالب: نعم، له اصل في مثل بيع العرايا، الرسول صلي الله عليه وسلم نهي عن بيع التمر بالرطب ولكن رخص للفقير الذي. الشيخ: رخص بالعرايا بس. الطالب: للفقير الذي لا يجد. الشيخ: هل العرايا ضروره او حاجه؟ الطالب: حاجه ليس ضروره. الشيخ: حاجه ليس ضروره؛ لانه بامكانه ان ياكل التمر الذي عنده. الطالب: ويكتفي به. الشيخ: ويكتفي به، ما هو الدليل علي جواز لبس الحرير للحكه؟ طالب: حديث عبد الرحمن بن عوف والحسين انه كان عندهما حكه، فاذن النبي صلي الله عليه وسلم لهم ان يلبسا قمصانا من حرير . طالب اخر: الزبير يا شيخ. الشيخ: الزبير، ما الفاءده من هذه؟ طالب: لانه ناعم، والجسم يكون فيه حكه فيساعد يعني ما يثير الحكه هذه. الشيخ: من اجل اللين يخفف الحكه، في بعض النسخ يقول: او حرب، لماذا؟ الطالب: اذا كان فيه حرب لانه فيه اغاظه للمشركين واظهار عدم خوف المسلمين من الحرب. الشيخ: واغاظه الكفار امر؟ الطالب: مطلوب شرعا. الشيخ: مطلوب شرعا كذا، فما فيه من مصلحه من اغاظه الكفار يربو ما فيه من المفسده من لبسه، واضح؟ المءلف رحمه الله ذكر انه يكره المعصفر للرجال. الطالب: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم راي علي عبد الله بن عمرو ثوبين معصفرين فقال: «لا تلبسهما؛ فانهما من ثياب الكفار» ، وفيه حديث انس المتفق عليه: نهي رسول الله عن لبس المعصفر (...). الشيخ: مقتضي حديث عبد الله بن عمرو. طالب: ابن عمرو ولا ابن عمر يا شيخ؟ الشيخ: ابن عمرو. الطالب: ابن عمر يا شيخ. الشيخ: لا، الصواب ابن عمرو. طالب: ابن عمر. الشيخ: اللي في المنتقي ابن عمرو يمكن هذا خطا. طالب: النهي عن لبس المعصفر. الشيخ: اقول: مقتضي حديث ابن عمرو انه للكراهه؟ طالب: للتحريم. الشيخ: للتحريم وجه ذلك؟ الطالب: لانه تشبه بالكفار. الشيخ: قال: ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها، والتشبه بالكفار علي القول الراجح؟ طالب: حرام. الشيخ: حرام. *** قال المءلف رحمه الله: ( ومنها )، يعني: من شروط الصلاه، اي من شروط صحتها، وقد مر علينا ان الشرط في الاصطلاح هو ما تتوقف الصحه عليه، هذا هو الشرط؛ لان الذي لا يصح الشيء الا به يسمي شرطا، ولهذا قيل: ان الشرط هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود. وان قلت: ما تتوقف الصحه عليه فلا باس فهذا شرط. من شروط الصلاه اجتناب النجاسه، هذا من الشروط، ونبدا اولا في اي موضع او ما هو المحل الذي يجب ان تجتنب فيه النجاسه؟ نقول: البدن والثوب والبقعه. ونحتاج الي دليل لكل هذه الثلاثه فنقول: اما البدن فالدليل علي اشتراط الطهاره فيه ووجوب التنزه من النجاسه: ان النبي صلي الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، واحدهما كان لا يستنزه من البول ، وهذا دليل علي انه يجب التنزه من البول، وكذلك احاديث الاستنجاء والاستجمار كلها تفيد انه يجب التنزه من النجاسه في البدن. واما دليلها في الثوب فمن ادلتها: قوله تعالي: {وثيابك فطهر} [المدثر: ٤]، علي احد التفاسير، {ثيابك فطهر} . ومنها -اي من ادله ذلك ايضا- ان النبي صلي الله عليه وسلم امر الحاءض اذا اصابها دم الحيض ان تغسله ثم تصلي فيه . ومن الادله ايضا: خلع النبي صلي الله عليه وسلم نعليه لما اخبره جبريل ان فيهما اذي ، فهذا يدل علي انه لا يجوز استصحاب النجاسه في حال الصلاه. واما الدليل علي طهاره المكان: فمنها قوله تعالي في: {طهرا بيتي للطاءفين والعاكفين والركع السجود} [البقره: ١٢٥]، فقال {والركع السجود} . ومنها ايضا: ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في المساجد: «انه لا يصلح فيها شيء من الاذي والقذر» ، وامر ان يصب علي بول الاعرابي ذنوب من ماء ليطهره . فهذه الثلاثه لا بد ان تكون خاليه او سالمه من النجاسه، والادله كما سمعتم، ولكن هل هذه الادله تدل علي ان الصلاه بدونها -اي بدون اجتناب النجاسه- لا تصح، او يدل علي وجوب التنزه من النجاسه، وان صلي بنجاسه فهو اثم وصلاته صحيحه؟ جمهور اهل العلم علي الاول علي انها شرط للصحه، وانه اذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطله. وذهب بعض اهل العلم الي انها ليست شرطا للصحه، لكنها واجبه. ولكن بلا شك ان القول الراجح قول الجمهور ؛ لان هذا الواجب خاص بالصلاه، وكل ما وجب في العباده فان فواته مبطل لها اذا كان عمدا، وعلي هذا فنقول: ان القول الراجح ان صلاته باطله. ووجه ما ذكرته لكم ان التنزه من هذا واجب خاص بالعباده، فكانه قيل: لا تصل وانت متلبس بهذه النجاسه، فاذا صلي وهو متلبس بها فقد صلي علي وجه ما اراده الله ورسوله، ولا امر الله به ورسوله، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه قال: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» . اذن فهذا وجه تقرير كون اجتناب النجاسه من شروط الصلاه. قال: ( فمن حمل نجاسه لا يعفي عنها )، هذا تفريع، الفاء هنا للتفريع، قال: ( فمن حمل نجاسه لا يعفي عنها )، من هنا يجب ان نتنبه للنجاسه، وقد مر علينا في باب ازاله النجاسه الاعيان النجسه، فيجب ان تكون منا علي ذكر. قال: ( فمن حمل نجاسه لا يعفي عنها )، افادنا رحمه الله بقوله: ( لا يعفي عنها ) ان من النجاسات ما يعفي عنه، وهو كذلك، وقد سبق لنا انه يعفي عن يسير؟ طالب: الدم. الشيخ: الدم، اذا كان من حيوان طاهر كدم الادمي مثلا، ودم الشاه والبعير، وما اشبهها، يعفي عن يسيره، بل سبق لنا ان شيخ الاسلام -رحمه الله- يري العفو عن يسير جميع النجاسات، كل النجاسات يعفي عن يسيرها، لا سيما اذا شق التحرز منها، مثل اصحاب الحمير الذين يلابسونها كثيرا، هذا لا يخلو من رشاش احيانا، بل غالبا من بول حمارهم، فشيخ الاسلام يقول: العله: المشقه، فكلما شق اجتناب النجاسه فانه يعفي؟ طالب: عن يسيرها. الشيخ: عن يسيرها، حتي اصحاب البويات، قال: انه يعفي عن يسير ما يصيب ابدانهم مما يحول بينها وبين الماء؛ اصحاب البويه لا بد ياتيهم نقط تمنع وصول الماء، فشيخ الاسلام رحمه الله يقول: ان هذا معفو عنه؛ لان الدين يسر، ومثل هذه المساءل تكون غالبا للانسان، وهو لا يشعر بها احيانا او يشعر بها، ولكن يشق عليه التحرز منها. قال: ( فمن حمل نجاسه لا يعفي عنها )، وين الجواب؟ طالب: ( لم تصح ). الشيخ: متاخر الجواب كذا قال: ( لم تصح صلاته ). مثال حمل النجاسه كيف يحمل نجاسه؟ اذا تلطخ ثوبه بنجاسه، فهو حامل لها في الواقع؛ لانه يحمل ثوبا نجسا، اذا جعل نجاسه في قاروره في جيبه، فقد حمل؟ طلبه: نجاسه. الشيخ: نجاسه لا يعفي عنها، وهذا يقع احيانا في عصرنا فيما اذا اراد الانسان ان يحلل البراز او البول وقال له الطبيب: اءتني بعد صلاه الفجر مباشره، فتجد بعض الناس ياخذ هذا في القاروره ويضعه في جيبه ويروح يصلي، ماذا نقول له؟ طلبه: ما تصح صلاته. الشيخ: نقول: هذا صلاته لا تصح؛ لانه حمل نجاسه لا يعفي عنها. فان قال قاءل: يرد عليكم علي هذا التقرير ما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه حمل امامه بنت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يصلي والطفله بطنها كله مملوء من النجاسات، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: بل ان شاء اورد عليك قال: بطنك انت مملوء بالنجاسه، المثانه تحمل البول، والامعاء الغليظه وغير الغليظه تحمل ايضا؟ طالب: الغاءط. الشيخ: الغاءط، فما جوابك علي هذا؟ هذا معه جره محكمه تماما، لو وضعتها عند انفك ما شممت ريحها، ولا تتلوث بها ثيابه، ولا شيء ابدا، ليش تقول: ما يصح وهذا يصح؟ اجاب العلماء علي ذلك فقالوا: ان النجاسه في معدنها لا حكم لها، ما تنجس الا بالانفصال، وهذا متصل، لا بالنسبه لامامه بنت زينب، ولا بالنسبه لما في بطن الانسان، لم ينفصل بعد، فلا حكم له. وهذا الجواب لا شك انه صحيح. ولهذا قال بعض العلماء: ان العلقه في الرحم اذا استحالت الي مضغه، ثم الي حيوان طاهر؛ لم يصح ان نقول: ان هذه طهرت بالاستحاله، وان كان المعروف عند الفقهاء رحمهم الله انهم يستثنون مما يطهر بالاستحاله العلقه تصير حيوانا طاهرا، لكن بعض العلماء رد هذا الاستثناء وقال: ان العلقه في معدنها في الرحم ليس لها حكم، فهي ليست بنجسه ولا طاهره، ولا حكم لها، بناء علي هذه القاعده، وهي ان الشيء في معدنه لا حكم له. اذن من حمل نجاسه في صلاته الحكم: فصلاته باطله، وعليه ان يعيدها. ( او لاقاها ) يعني لاقي النجاسه وان لم يحملها، كيف لاقاها؟ استند مثلا الي جدار نجس، نقول: هذا لاقي النجاسه، او كان جالسا في التشهد او بين السجدتين، وحوله شيء نجس قد وضع يده عليه، هكذا، يكون لاقاها ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: اذن لاقاها، فاذا لاقاها وان لم يكن حاملا لها وان لم يسجد عليها فصلاته باطله؛ لانه يجب التنزه من النجس. قال: ( لاقاها بثوبه او بدنه ) بثوبه؛ حتي الثوب اذا اتكات علي الجدار وهو نجس فقد لاقيت النجاسه بماذا؟ طلبه: بالثوب. الشيخ: بالثوب، فلا تصح صلاتك. فان مس ثوبه شيءا نجسا؛ لكن بدون اعتماد عليه، قال اهل العلم: فان ذلك لا يضر؛ لان هذا ليس بثابت. فاذا قدر ان انسانا يصلي ولما ركع، والعاده ان الانسان اذا ركع ابتعد ثوبه من وراءه، والان ما هو علي الجدار، ليس مستندا عليه، لكنه اذا ركع مس ثوبه الجدار، فان هذا لا يءثر، ليش لاي شيء؟ لانه لم يعتمد عليه، فلا يعد ذلك ملاقاه. عندي بالشرح: وان مس ثوبه ثوبا او حاءطا نجسا لم يستند اليه، هذا رجل يصلي علي بساط فيه بقعه نجسه، فاذا سجد صارت البقعه بين ركبتيه ويديه، ما تقولون؟ واحد يصلي علي سجاده معه فيها بقعه نجسه، هذه البقعه اذا سجد تكون بين ركبتيه ويديه تصح صلاته ولا لا؟ طلبه: اي نعم، تصح. الشيخ: يقولون: تصح صلاته نعم؛ لانه لم يحملها ولم يلاقها فصلاته اذن صحيحه. وبالاولي ايضا: لو كانت النجاسه علي جانب من زواياها زوايا السجاده فانها تصح صلاته؛ لانه لم يلاقها ولم يمسها. قال المءلف: ( وان طين ارضا نجسه او فرشها طاهرا كره وصحت )، هذان حكمان: اذا طين ارضا نجسه، اي: كساها بالطين، ما هو صب عليها ماء، اذا صب عليها ماء طهرت، لكن هذه ارض نجسه فاتي بطين وكساها به. وان سمت. طالب: (...). الشيخ: مثلها، اذا سمت ارضا نجسه، وان زفلت مثلها ايضا، هذا طين ارضا نجسه، اي: كساها بالطين وصلي علي هذا الطين الذي كسيت به هذه الارض، ذكر المءلف حكمين: الحكم الاول قال: كره. والحكم الثاني قال: صحت. فالصلاه اذن صحيحه، والفعل مكروه، والمكروه معناه: انه لا يعاقب فاعله، ويثاب تاركه امتثالا، هذا حكم المكروه، لا يعاقب فاعله ويثاب؟ طلبه: تاركه امتثالا. الشيخ: ويثاب تاركه امتثالا. الحكم الثاني: صحت الصلاه، لماذا صحت؟ نقول: لان هذا الرجل لم يحمل النجاسه، ولم يلاق النجاسه، فاتي بالشرط، واذا اتي بالشرط فصلاته صحيحه؛ لانه لم يلاقها ولم يحملها فتصح صلاته، بقينا بمكروه ما هو السبب؟ لماذا يكره؟ الكراهه، كما هو معروف لنا حكم شرعي، والحكم الشرعي يحتاج الي دليل شرعي، فما هو الدليل؟ قال: الدليل في الشرح تعليل؛ لانه اعتمد علي ما لا تصح الصلاه عليه، هكذا عللوا، ولكن هذا التعليل عليل في الواقع؛ لاننا نقول: هذا الذي لا تصح صلاته عليه حال بينه وبينه حاءل صفيق، لا يمكن ان يمس من وراءه النجس او يلاقي النجس، ولو اننا اخذنا بهذا لقلنا: لا تسلم صلاه احد من الكراهه، لاسيما في البيوت التي يكثر فيها الصبيان والبول، وما اشبه ذلك، الان البيوت التي يكثر فيها الصبيان والبول كلهم يفرشون مصلياتهم ويصلون عليها، فهل نقول: ان هءلاء صلاتهم مكروهه، هذا فيه نظر ظاهر. والصواب: انها تصح ولا تكره . كذلك قال: ( او فرشها طاهرا )، ( فرشها ) اي: فرش عليها، ( طاهرا ) اي: شيءا طاهرا، مثل: ثوب سجاده، خصاف ايش؟ طالب: تراب. الشيخ: التراب يمكن يصل اليها؛ لان التراب اذا سجد عليه ربما انه يتمايز. المهم انه فرش شيءا طاهرا، اذا فرشها شيءا طاهرا فان الصلاه تصح؛ لعدم مباشرته النجاسه؛ فليس بحامل لها، ولا ملاق لها، ولكن لماذا تكره؟ يقول المءلف: لاعتماده علي ما لا تصح الصلاه عليه. ولكن الصحيح انها لا تكره؛ لانه صلي علي شيء طاهر يحول بينه وبين النجاسه. طالب: (...). الشيخ: شاهدته انت؟ طالب: القمر نعم. الشيخ: شاهدت القمر؟ شاهدته كاسفا. طالب: (...). الشيخ: يشوفه واحد منكم. طالب: ما نعرف. الشيخ: الطرف هذا متصل بالذي يصلي عليه، ولكنه هو لا يباشر النجاسه ولا يلاقيها، فنقول: ان صلاته صحيحه، وان كان بعض العامه يرون ان السجاده اذا تنجست ولو كانت النجاسه بطرف منها بعيد فانها لا تصح. (...) ( او فرشها طاهرا كره وصحت ) قال: ( وان كانت بطرف مصلي متصل به صحت ) ثم قال: ( ان لم ينجر بمشيه )، هذه العباره فيها ركاكه عظيمه. *** (...) بسم الله الرحمن الرحيم من شروط الصلاه اجتناب النجاسه. المءلف يقول رحمه الله: ( ان كانت بطرف مصلي متصل صحت ) واتينا بمثال لها مثل لو كان علي سجاده. لكن قال: ( ان لم ينجر بمشيه ) انتبه لهذه العباره، هذه العباره ما تتفق مع الاول الا علي تقدير؛ لان قوله: ( ان كان بطرف مصلي ) المصلي ما ينجر بالمشي، لو مشيت وين يروح المصلي؟ يبقي في مكانه، لكن يشير المءلف الي مساله اخري، اذا كانت النجاسه متصله بشيء متعلقه بهذا الرجل، فان كانت تنجر بمشيه لم تصح صلاته، وان كانت لا تنجر صحت صلاته. مثال ذلك: رجل معه حبل، وليكن زمام، اعني مقودا علي راس حمار، وهو قد امسك بالمقود او ربط المقود علي بطنه، فهنا صلاته لا تصح او تصح؟ طلبه: تصح. الشيخ: تصح؛ لماذا؟ لان الحمار لو استعصي عليه لم ينجر اذا مشي، معلوم ولا؟ طلبه: نعم. الشيخ: طيب. طالب: حسب (...). الشيخ: ما يخالف. يقول: ان لم ينجر بمشيه يعني ان لم يكن الشيء النجس او المتنجس متعلقا بالمصلي بحيث ينجر بمشيه. كيف تتصور المساله هذه؟ نقول: هذا انسان ربط علي بطنه حبلا، وهذا الحبل ربطه برقبه حمار، الحمار الان متعلق بالحبل كذا ولا لا؟ يعني: مربوط به، لو ان هذا الرجل مشي واستعصي الحمار عليه ما ينجر بمشيه، هذا الغالب، ممكن يجيب واحدا قويا ربما يكون، لكن الغالب انه لا ينجر، ولنقل: انه بالنسبه لهذا المصلي لا ينجر بمشيه عرفتم؟ الصلاه هنا صحيحه؛ لان الرجل غير حامل للنجاسه، صح؟ طلبه: نعم. الشيخ: ولا النجاسه تتبعه واضح؟ طالب: فين النجاسه يا شيخ؟ الشيخ: الحمار نجس. الطالب: نجس الحمار؟ الشيخ: اي نعم، الحمار نجس وسبق الكلام عليه، لكن احنا بنقدر علي ان الحمار نجس بوله وغوطه لا شك في نجاسته. المهم نقول: هذا الرجل صلاته ايش؟ صحيحه؛ لانه ليس مباشرا لنجاسه ولا حاملا لها ولا مستتبعا لها، يعني ما تتبعه النجاسه، اذن فصلاته صحيحه. رجل اخر ربط حبلا بيده او ببطنه وربطه في رقبه جرو كلب صغير. طلبه: (...). الشيخ: الكلب الصغير جرو صغير (...) الحبل هذا (...) الكلب فنقول: هذا الرجل صلاته لا تصح، ليش؟ لانه لو مشي انجر الكلب بمشيه، واضح؟ لماذا لا تصح صلاته؟ قال: لانه مستتبع للنجاسه، الان النجاسه صحيح لا حملها ولا باشرها لكن لو مشي تبعته، اذن الصلاه لا تصح. مثال ثالث: رجل ربط حبلا بحجر كبير متلوث بالنجاسه، وربط به حبلا، وربط الحبل بيده، او علي بطنه؛ ما تقولون في صلاته؟ طلبه: صحيحه. الشيخ: صحيحه؛ لان الحصاه الكبيره لا تنجر بمشيه، هو اللي يمكن ينجر به. رجل اخر ربط حبلا بحجر صغير متنجس. طلبه: لا تصح. الشيخ: ما تصح، لماذا؟ لانه ينجر بمشيه، فهو مستتبع له، فيكون كالحامل للنجاسه، لما كانت النجاسه تتبعه صار كالحامل لها. وهذا قد يلغز به، فيقال: رجل اتصل بنجاسه كبيره عظيمه، وقلنا: صلاته صحيحه، ورجل اتصل بنجاسه صغيره قليله قلنا: صلاته؟ طلبه: باطله. الشيخ: باطله، كذا ولا لا؟ حقيقه ياخذ بها، لكن عند التامل الفرق ظاهر؛ لانها اذا كانت صغيره تتبعه، فهو كالحامل لها لتبعيتها له، واذا كانت كبيره لا تتبعه فهي منفصله عنه، فلا تءثر، هذا ما ذهب اليه المءلف رحمه الله. والصحيح انها لا تبطل الصلاه في كلتا الصورتين؛ الصحيح ان الصلاه صحيحه في كلتا الصورتين ؛ لان النجاسه هنا لم يباشرها، ولم يباشرها ثوبه الذي هو ستره صلاته، وليست بقعه صلاته، والحاجه تدعو الي ذلك، لا سيما في الزمن السابق، الانسان في البر معه حماره؛ يخشي ان اطلقه ان يهرب ولا يجيء، وليس حوله شجره يربطه بها، فامسكه بيده وصار يصلي، ما المانع؟ ما الذي يجعل الصلاه باطله؟ وهذا لم يباشر النجاسه ولم يباشرها ثوبه ولا مصلاه، فالصحيح في هذه المساله ان صلاته تصح للعله التي ذكرناها. وقولهم: لانه مستتبع للنجاسه، نقول: لكنها منفصله عنه في الواقع، وبينه وبينها فاصل، وهو هذا الحبل ما اتصل بها، فهذا هو القول الراجح في هذه المساله. يقول المءلف: ( ومن راي عليه نجاسه بعد صلاته، وجهل كونها فيها لم يعد، وان علم انها كانت فيها، لكن جهلها او نسيها اعاد )، هذه المساله مهمه وكثيره الوقوع، رجل راي عليه نجاسه، ونقيد النجاسه هنا بانها لا يعفي عنها، لماذا قيدناها بذلك؟ لان التي يعفي عنها لا تضر، لكنها نجاسه لا يعفي عنها، راها بعد صلاته وجهل كونها فيها، اي لا يدري اصابته وهو في الصلاه او بعد ان صلي، نقول: لا اعاده عليه؛ لوجهين، نعلل ذلك بوجهين: الوجه الاول: ان صلاته قد انقضت من غير تيقن مفسد، والاصل؟ طالب: عدمه. الشيخ: عدمه، وصحه الصلاه، ولهذا لو شك الانسان بعد صلاته هل صلي ثلاثا ام اربعا، يضره ولا لا؟ لا يضره؛ لانه فرغ من الصلاه وانتهي منها فلا يضر. الوجه الثاني: ان نقول: هو الان لا يدري احصلت تلك النجاسه قبل سلامه او بعد سلامه، والاصل الحصول او عدم الحصول؟ طلبه: عدم الحصول. الشيخ: الاصل عدم الحصول، ولهذا نقول: لا اعاده عليك. ان غلب علي ظنه انها كانت قبل الصلاه فلا اعاده عليه؛ لان غلبه الظن هنا كالشك، والشك كالعدم، ولهذا لما سءل الرسول صلي الله عليه وسلم عن الرجل يشكل عليه -وهو في صلاته- اخرج منه شيء؟ قال: «لا ينصرف حتي يسمع صوتا؛ او يجد ريحا» ، ولان القاعده: ان اليقين لا يزول الا بيقين، فلا يمكن ان يزول الشيء المتيقن بشيء مظنون او المشكوك فيه. اذن الصوره هذه فهمتوها الان مفهومه؟ بعد ان صلي وبقي برهه من الزمن راي في ثوبه نجاسه، ولكن يقول: انا لا ادري هل اصابتني تلك النجاسه قبل ان اتمم صلاتي او بعد؟ نقول له: صلاتك صحيحه ولا اعاده عليك. الصوره الثانيه: قال: وان علم انها كانت فيها لكن نسيها او جهلها اعاد، علم انها كانت فيها وتيقن انها اصابته قبل الصلاه لكن ما علم، جهلها، قال المءلف: انه يعيد. مثال ذلك: رجل كان قد حمل صبيا قبل ان يصلي، ثم حان وقت الصلاه، فذهب وصلي، ولما رجع من صلاته وجد علي ثوبه اثر العذره، وهو لم يحمل صبيا بعد صلاته، هنا علم انها قبل الصلاه، وانها كانت فيها، كانت النجاسه في الصلاه، لكنه ايش؟ طالب: نسيها. الشيخ: جهلها، يعني لم يعلم انها اصابته، يقول المءلف: يجب عليه ان يعيد. الصوره الثالثه: قال: ( او نسيها )، كيف نسيها؟ يعني هو علم ان النجاسه اصابته قبل ان يصلي لكن نسي النجاسه، ما كانها علي باله حتي فرغ من صلاته، يقول المءلف: يعيد؛ لانه تيقن انه صلي في نجاسه، واجتناب النجاسه شرط لصحه الصلاه، فتجب عليه الاعاده؛ كما لو نسي ان يتوضا من حدث، وكما لو ترك الوضوء جهلا بالحدث، فان عليه ايش؟ طالب: الاعاده. الشيخ: الاعاده؛ لان كل واحد منهما شرط للصلاه. فيه صوره رابعه: اذا جهل الحكم، يعني لم يعلم ان هذه من النجاسات وصلي، ثم تبين انها من النجاسات، تجب عليه الاعاده ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: نعم، تجب عليه الاعاده، يعني فلا فرق بين جهل النجاسه والجهل بحكم النجاسه او بانها نجاسه. فيه ايضا صوره خامسه: لو علم النجاسه وهو علي ذكر منها، لكن نسي ان يغسلها، فهو كما لو نسيها، يعني ان عليه الاعاده، فعلي هذا نقول: كل هذه الصور عليه الاعاده، الا اذا جهل هل كانت قبل الصلاه او بعد الصلاه، فلا اعاده عليه، و الراجح في هذه المساءل كلها انه لا اعاده عليه، سواء نسيها او نسي ان يغسلها، او جهلها، جهل انها اصابته، او جهل انها من النجاسات، او جهل حكمها، او جهل انها قبل الصلاه، او بعد الصلاه، في كل الصور لا اعاده عليه . الدليل: القاعده العظيمه العامه التي وضعها الله لعباده وهي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦]، وهذا الرجل الفاعل لهذا المحرم كان جاهلا او ناسيا، وقد رفع الله المءاخذه به، ولم يبق شيء يطالب به، ما دام المءاخذه رفعت فانه لم يبق شيء يطالب به، وعلي هذا فنقول: لو ان رجلا اصابته نجاسه ونسي ان يغسلها كان في ذاك الساعه ليس عنده ماء وصلي ونسي، فصلاته صحيحه، ليس عليه اعاده. لو انه بعد ان صلي قال له واحد: يا فلان، شوف النجاسه في ثوبك، يدوب سلم قال: السلام عليكم ورحمه الله قاله واحد: شوف النجاسه في ثوبك، فليس عليه اعاده؛ لانه جاهل، وكذلك لو جهل حكمها، يعني ما علم انها نجاسه او غير نجاسه فلا اعاده عليه؛ لعموم الايه التي ذكرناها. وهناك دليل خاص في المساله، وهو ان رسول الله صلي الله عليه وسلم حين صلي في نعليه وفيهما اذي، واعلمه بذلك جبريل، لم يستانف الصلاه، واذا لم يبطل هذا اول الصلاه فانه لا يبطل بقيه الصلاه، فالصواب انه لا اعاده عليه؛ لعموم الايه ولهذا الدليل الخاص. هذه المساله اذا قال قاءل: ما الذي منع قياسها علي ما اذا صلي محدثا وهو جاهل او ناس؟ نقول: اللي منع القياس ان ترك الوضوء من باب ترك المامور، الوضوء شيء مامور به؛ يطلب من الانسان ان يتلبس به، والنجاسه شيء منهي عنه، يطلب من الانسان ان يتخلي عنه، ففرق بين هذا وهذا، فلا يمكن ان يقاس فعل المحظور علي ترك المامور؛ ولهذا لو ان احدا اكل لحم ابل، وهو لم يعلم انه لحم ابل، وقام وصلي بلا وضوء، ثم قيل له: انه لحم ابل، فعليه الاعاده؛ لان هذا من باب ترك المامور، بخلاف النجاسه، فهي من باب فعل المحظور، هذا هو الصحيح في هذه المساله، واختاره شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله، وهو روايه عن الامام احمد في هذه المساله. ثم قال: ( ومن جبر عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر )، ( من جبر عظمه بنجس ) كيف يجبر بنجس؟ اي نعم، هذا رجل انكسر عظمه وسقط منه يعني اجزاء من العظم، فلم يجدوا هذه الاجزاء، ولا تمكنوا من جبر ما انكسر بها، فاذا عندهم كلب، فكسروا عظم الكلب وجبروا به عظم الرجل، جبر الان بعظم نجس، اذا صلي سيكون حاملا نجاسه، نقول له الان: اقلع هذا العظم النجس؛ لانه لا يجوز لك ان تصلي وانت حامل النجاسه، قال الاطباء: اذا قلعه تضرر عاد الكسر وربما لا يجبر، نقول اذن: لا يجب قلعه؛ لان الله عز وجل اباح ترك الوضوء عند خوف الضرر، فترك اجتناب النجاسه من باب اولي عند خوف الضرر، فلا يجب عليك قلعه، اذن يبقي مجبورا عظمه بعظم كلب. هل يتيمم لحمله هذه النجاسه؟ الصحيح لا يجب التيمم، ولا يشرع التيمم لهذه النجاسه، والمذهب يقولون: ان كان قد غطاه اللحم لم يجب التيمم؛ لانه غير ظاهر، وان كان لم يغطه وجب التيمم؛ لان النجاسه ظاهره، ولكن الصحيح كما مر علينا في باب التيمم ان النجاسات لا يتيمم عنها ، وان من كان علي بدنه نجاسه وتعذر عليه غسلها فليصل بدون تيمم؛ لان التيمم انما ورد في طهاره الحدث، لا الطهاره من النجاسه. يقول: ( وما سقط منه من عضو او سن فطاهر )، ما سقط ممن؟ طلبه: من الانسان. الشيخ: من الانسان، من عضو او سن فهو طاهر. العضو: مثل اصبع، قطع اصبع، ذراع، قطع ذراع، ساق، قطع ساق، فهو طاهر؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «ان المءمن لا ينجس» ، لا حيا ولا ميتا. ولقوله عليه الصلاه والسلام: «ما قطع من البهيمه وهي حيه فهو ميت» . واخذ العلماء من ذلك قاعده: ما ابين من حي فهو كميتته حلا وحرمه، وطهاره ونجاسه، وميته الادمي طاهره، اذن فالعضو المنفصل منه طاهر، ولكن الغريب ان اهل العلم رحمهم الله عامتهم يقولون: ما انفصل من الانسان فهو طاهر الا شيءا واحدا، وهو الدم، فهو نجس؛ لان الدم ليس بولا ولا غاءطا؛ اذ ان البول والغاءط هو فضلات الطعام والشراب التي ليس فيها فاءده للجسم، الله حكيم عز وجل، الجسم هذا الاكل اللي يدخل عليك من طعام وشراب هذا ياخذ الجسم ما ينفع ويدع ما لا ينفع، الذي لا ينفع له مخارج معينه اذا خرج منها فهو نجس، واللي ينفع يذهب يغذي الجسم يدخل في انسجه اللحم في العظام وغير ذلك قالوا: ان الدم لا هو من الفضله التي ليس فيها فاءده، وليس من الجسم نفسه الذي يغذيه الدم، فهو بين بين، لا هذا ولا هذا، ولهذا اعطيناه الحكم بين بين، فقلنا: ليس كالعضو الذي ينفصل، وليس كالبول والغاءط، فهو نجس يعفي عن يسيره. ولكن ذهب كثير من اهل العلم، ولكنهم قله بالنسبه للجمهور، الي ان دم الادمي طاهر، وقالوا: اذا كان العضو لا ينجس بالبينونه، فالدم من باب اولي، وليس هناك دليل علي نجاسه الدم؛ الا ما خرج من السبيلين كالحيض؛ فقد قام الدليل علي نجاسته. علي كل حال المءلف يقول رحمه الله: ( ما سقط منه من عضو او سن فطاهر ) قد يقول قاءل: ما مناسبه هذه المساله لباب اجتناب النجاسه في الصلاه؟ الفاءده: انه لو سقط منه عضو، ثم اعاده في الحال وخاطه يكون طاهرا ولا نجسا؟ طلبه: طاهر. الشيخ: يكون طاهرا، هذه الفاءده، فنقول: لا يلزمك ان تزيله اذا اردت الصلاه لانه طاهر. يقولون: ان الشيء اذا انفصل من الجسم واعيد في حرارته فورا فانه باذن الله يلحم؛ لان المنافذ والانسجه لم تتلاءم بعد، فيلحم مثل المغناطيس، ولهذا قالوا: لو قطع اذنه من هنا مثلا ثم اعادها فورا ومسك عليها لصقت وجبرت، وعلي هذا فنقول: ان مناسبه وضع هذه الجمله في هذا الباب هو انه لو اعاد هذا العضو الذي انفصل او السن اعاده في الحال وركب فهو ايش؟ طالب: طاهر. الشيخ: فهو طاهر لا يجب عليه ازالته. *** قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ولا تصح الصلاه في مقبره )، ( لا تصح ) نفي الصحه يقتضي الفساد؛ لان كل عباده اما ان تكون صحيحه، واما ان تكون فاسده، ولا واسطه بينهما، فهما نقيضان شرعا، فاذا انتفت الصحه ثبت الفساد. وقوله: ( الصلاه ) يعم كل ما يسمي صلاه، سواء كان فريضه ام نافله، وسواء كانت الصلاه ذات ركوع وسجود ام لم تكن؛ لانه قال: ( الصلاه ) وعليه فيشمل صلاه الجنازه، لا تصح في المقبره، ولكن قد دلت الادله علي استثناء صلاه الجنازه، كما سنذكره ان شاء الله، وعلي هذا فالمراد بالصلاه ما سوي صلاه الجنازه. وهل يجوز السجود المجرد كسجود التلاوه مثلا؛ مثل لو كان الانسان يقرا في المقبره ومر بايه سجده، فهل يسجد او لا يسجد؟ ينبني هذا علي اختلاف العلماء، اي في سجود التلاوه، فسجود التلاوه اختلف فيه اهل العلم، فمنهم من قال: انه صلاه، ومنهم من قال: انه ليس بصلاه. فالذين يقولون: انه ليس بصلاه يقولون: انه يجوز ان يسجد الانسان سجود التلاوه في المقبره، والذين يقولون: انه صلاه يقولون: لا يجوز. اذا قال قاءل: لا تصح الصلاه في مقبره هل المراد بالمقبره هنا ما اعد للقبر، وان لم يدفن فيه احد، او ما دفن فيه احد بالفعل؟ الجواب: ما دفن فيه احد، اما لو كانت هناك ارض اشتريت لان تكون مقبره، ولكن لم يدفن فيها احد، فان الصلاه فيها تصح، فان دفن فيها احد، فان الصلاه لا تصح فيها؛ لانها كلها اسم مقبره. فان قال قاءل: ما الدليل علي ان الصلاه لا تصح في المقبره؟ فهل يقابل ويقال: ما الدليل علي انها تصح؟ ما تقولون؟ طلبه: الاصل الصحه. الشيخ: نقول: الاصل الصحه؛ لقول النبي عليه الصلاه والسلام: «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا» ، فالاصل ان كل الاراضي تصح فيها الصلاه، ولهذا لا بد ان يءتي بدليل للاماكن التي لا تصح فيها الصلاه. فاذا قال قاءل: ما الدليل؟ قلنا: الدليل: اولا: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «الارض كلها مسجد الا المقبره والحمام» ، هذا واحد، وهو واضح، استثناء من عموم: «الا المقبره والحمام» . ثانيا: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لعنه الله علي اليهود والنصاري، اتخذوا قبور انبياءهم مساجد» ، والمساجد هنا قد يكون اعم من البناء؛ يعني قد يراد به المسجد الذي يبني، وقد يراد به المكان الذي يسجد فيه؛ لان المساجد جمع مسجد، والمسجد مكان السجود، فيكون هذا اعم من البناء. وهناك تعليل؛ وهو ان الصلاه في المقبره قد تتخذ ذريعه الي عباده القبور، ولهذا لما كان الكفار يسجدون للشمس عند طلوعها وغروبها، نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الصلاه عند طلوعها وغروبها؛ لءلا يتخذ ذريعه الي ان تعبد الشمس من دون الله، او الي ان يتشبه بالكفار. كذلك ايضا الصلاه في المقبره قد تكون ذريعه الي عباده القبور او الي التشبه بمن يعبد القبور، فلذلك نهي عنها -عن الصلاه في المقبره- فهنا اذن دليلان وتعليل، واما من علل ذلك بان يخشي ان تكون المقبره نجسه، فهذا تعليل عليل، بل ميت لم تحل فيه الروح، كيف تكون نجسه؟ قالوا: نعم لانها ربما تنبش، وفيها صديد من الاموات ينجس التراب، فيقال: سبحان الله: اولا: ان نبش المقبره الاصل عدمه. ثانيا: من يقول: انك ستصلي علي تراب فيه صديد؟ ثالثا: من يقول: ان الصديد نجس؟ كل هذه المقدمات تبطل هذا التعليل، والحديث عام اللي ذكرناه «الا المقبره والحمام» . فان قال قاءل: هل يضر القبر الواحد او لا بد من مقبره ثلاثه فاكثر؟ فالجواب: ان في ذلك خلافا، فمنهم من قال: ان القبر الواحد والاثنين لا يضر، ومنهم من قال: بل يضر، والصحيح انه يضر حتي القبر الواحد يضر؛ لانها لما كان هذا مكانا مهيءا لان يكون مقبره وقبر فيه صار الان مقبره بالفعل، والناس ليسوا يموتون جمله واحده حتي يملءوا هذا المكان، الناس يموتون تباعا واحدا فواحدا او اكثر، لكن المهم انه لا يمكن ان تطبق هذه الارض بالاموات، والاحاديث عامه فنقول: حتي الواحد. فان قال قاءل: اذا جعلتم الحكم منوطا بالاسم، فقولوا: اذن اذا اعدت ارض لان تكون مقبره فلا يصلي فيها؟ فالجواب: ان هذه لم يتحقق فيها الاسم، فهي مقبره باعتبار ما سيكون، لكن اللي دفن فيها بالفعل وجد فيها القبر بالفعل، هذا واحد. ذكرنا انفا انه يستثني من ذلك صلاه الجنازه، فنقول: اما اذا كانت الصلاه علي القبر فلا شك في استثناءها؛ لانه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه فقد المراه التي كانت تقم المسجد، فسال عنها، فقالوا: انها ماتت، وكانت قد ماتت في الليل، فالصحابه رضي الله عنهم كرهوا ان يخبروا النبي صلي الله عليه وسلم في الليل فيخرج، فقال لهم: «هلا كنتم اذنتموني» يعني: اخبرتموني حتي اصلي عليها واخرج معها، ثم قال عليه الصلاه والسلام: «دلوني علي قبرها». فخرجوا له الي البقيع ودلوه علي القبر، فقام وصلي عليها، عليه الصلاه والسلام . فهذه صلاه جنازه في المقبره لكنها علي القبر، فهل نقول: مثل ذلك لو جيء بالميت وصلي عليه قبل ان يدفن في المقبره، او ليس مثله؟ نقول: لدينا الان عموم: «الارض كلها مسجد الا المقبره» ، والصلاه علي الميت صلاه بلا شك، ولهذا تفتتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم، ويشترط لها الطهاره والقراءه؛ فهي صلاه، فما الذي يخرجها من عموم قوله: «الا المقبره؟» ، قالوا: ربما يسوغ لنا ان نقيسها علي الصلاه علي القبر، ونقول: ما دام انه قد ثبت ان رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي علي القبر؛ فلا فرق بين ان نصلي علي جنازه مدفونه، او جنازه غير مدفونه لا فرق بينهما؛ لان العله واحده، وهي ان هذا الميت الذي يصلي عليه كان في ايش؟ كان في المقبره، وعمل الناس علي هذا، علي انه يصلي علي الميت، ولو قبل الدفن في المقبره. واظن ان في المساله خلافا، لكنني لم احرره بعد. فعندنا الان الصلاه علي الميت علي القبر لا شك في استثناءها من هذا العموم، وهو: ان الصلاه لا تصح في المقبره، والصلاه علي الميت في المقبره قبل الدفن هذا ايضا نقول: انه كالصلاه علي القبر بالقياس كما ذكرنا، ويمكن لمعارض ان يعارض، واظن في ذلك خلافا لكني لم اتيقن، وسنحرره ان شاء الله تعالي. ( ولا في حش )، ما هو الحش؟ الحش: مكان الخلاء، يعني المكان الذي يتخلي فيه الانسان من البول او الغاءط؛ وهو الكنيف، لا تصح الصلاه فيه، لماذا؟ لانه نجس خبيث، ولانه ماوي الشياطين، فالشياطين خبيثه، ماواها الخباءث، احب مكان الي الشياطين انجس الاماكن {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} [النور: ٢٦] وهذا من حكمه الله عز وجل. المساجد بيوت الله وماوي الملاءكه، اما الحشوش فهي ماوي الشياطين، ولهذا يشرع للانسان ان يقول عند دخول الخلاء: «اعوذ بالله من الخبث والخباءث» ، الحش لا تصح الصلاه فيه لنجاسته ولكونه ماوي الشياطين، فلا ينبغي ان يكون هذا المكان الخبيث الذي هو ماوي الخباءث مكانا لعباده الله عز وجل، وكيف يستقيم هذا وانت تقول في الصلاه: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانت في مكان الشياطين؟ لهذا نقول: انها لا تصح في الحش. كذلك ( ولا في حمام ) الحمام: كل ما يطلق عليه اسم الحمام فانه داخل في ذلك، حتي المكان الذي ليس مبالا فانه لا تصح فيه الصلاه، للحديث الذي اخرجه الترمذي وذكرناه انفا وهو: «الارض كلها مسجد الا المقبره والحمام» . الحمام لماذا لا تصح؟ قالوا: لان الحمام مكان كشف العورات؛ لان الحمام المغتسل، ما هو بالمرحاض، نحن نقول عندنا في لغتنا: ان الحمام هو المرحاض. طالب: الكنيف. الشيخ: اي نعم، وليس كذلك، الحمام هو المغتسل، وكانوا يجعلون حمامات مغتسلات للناس ياتي الناس اليها ويغتسلون. طالب: الي الان يا شيخ. الشيخ: انا فاهم، فيختلط فيه الرجال والنساء، وتنكشف العورات، ولهذا نهي الشرع عن الصلاه فيه، وظاهر الحديث: لا فرق بين ان يكون الحمام يستعمل يعني فيه ناس الان يغتسلون، او لم يكن فيه احد، فما دام يسمي حماما فالصلاه لا تصح فيه. كذلك ( اعطان ابل ) الاعطان: جمع عطن، ويقال: معاطن جمع معطن، اعطان الابل فسرت بثلاثه تفاسير: قيل: مباركها مطلقا، وقيل: ما تقيم فيه وتاوي اليه، وقيل: ما تبرك فيه بعد صدورها من الماء؛ فهذه ثلاثه اشياء، المبارك ما تقيم فيه وتاوي اليه، والثالث ما تبرك فيه عند صدورها من الماء او انتظارها الماء. والصحيح: انه شامل للثلاثه، اي ان المعاطن ما تقيم فيه الابل وتاوي اليه، كالمراح، مرح الابل، سواء كانت مبنيه بجدران ام محوطه بقوس او باشجار او ما اشبه ذلك، تقيم فيه وتاوي اليه، منين تاوي؟ طلبه: من المرعي. الشيخ: من المرعي، كذلك ما تعطن فيه بعد صدورها من الماء، هذه المعاطن والي الان اظن يسمونها معاطن، هذا ايضا لا تصح فيه الصلاه. او مباركها اذا اعتادت الابل انها تبرك في هذا المكان، وان لم يكن مكانا مستقرا لها، فانه يعتبر معطنا، اما مبرك البعير الذي بركت فيه لعارض وروثت فيه ومشت، فهذا لا يدخل في المعاطن؛ لانه ما هو مبرك، هذا مبرك عارض، كما لو بعرت وهي تمشي، هذه معاطن الابل. الدليل قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في اعطان الابل» ، والحديث صحيح، هذا الحديث اذا قال لنا قاءل: ما وجه الدلاله من كون الصلاه لا تصح في معاطن الابل؟ طلبه: النهي. الشيخ: النهي، فاذا صليت فقد ضاددت امر الرسول عليه الصلاه والسلام، الرسول يقول: لا تصل وانت تصلي، مضاده للامر، ومضاده الامر معصيه، ولا يمكن ان تنقلب المعصيه طاعه، اذن لا تصح الصلاه. اذا قال قاءل: «صلوا في مرابض الغنم» امر، والامر للوجوب، فهل هذا يقتضي ان ابحث عن مرابض غنم لاصلي فيه؟ طلبه: لا. الشيخ: لا، انتم اول من درس ان الامر للوجوب، يعني في هذا المكان ما هو باول الناس كلهم. طالب: مصروف عن الوجوب. الشيخ: مصروف ليش؟ الطالب: عن الوجوب. الشيخ: ما الذي صرفه؟ طلبه: النهي. الشيخ: النهي، احسنتم، النهي عن الصلاه في معاطن الابل، او في اعطان الابل، هو الذي صرفه عن الوجوب، ولهذا مر علينا ان الامر بعد الحظر للاباحه، فهنا لما كان يوهم الانسان انه لما نهي عن الصلاه في اعطان الابل انه ينهي كذلك عن الصلاه في مرابض الغنم، قال: «وصلوا في مرابض الغنم» ، كانه قال: لا تصلوا في اعطان الابل، ولكم ان تصلوا في مرابض الغنم. اذا قال قاءل: عرفنا الدليل فما هو التعليل؟ قال بعض العلماء: التعليل نهي الرسول عليه الصلاه والسلام، وامر الشرع ونهيه هو العله الموجبه بالنسبه للمءمن؛ بدليل قوله تعالي: {وما كان لمءمن ولا مءمنه اذا قضي الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم} [الاحزاب: ٣٦]، اذن اذا قال: ما التعليل؟ نقول: لان الله امر به، ما التعليل لان الرسول امر به، ما التعليل لان الله نهي عنه، ما التعليل لان الرسول نهي عنه، المءمن يكتفي بهذا ويقول: سمعنا واطعنا، كذا؟ "},{"Id":1702,"Name":"02 كتاب الصلاة 12","Sort":34,"Version":0,"LessonText":"

عَرَفْنا الدليل، فما هو التعليل؟
قال بعض العلماء: التعليلُ نَهْيُ الرسول عليه الصلاة والسلام، وأَمْر الشرعِ ونَهْيه هو العِلَّةُ الموجِبةُ بالنسبة للمؤمن بدليل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦].
إذَنْ إذا قال: ما التعليل؟ نقول: لأن الله أَمَر به. ما التعليل؟ لأن الرسول أَمَر به. ما التعليل؟ لأن الله نَهَى عنه. ما التعليل؟ لأن الرسول نَهَى عنه. المؤمنُ يكتفي بهذا ويقول: سَمِعنا وأطعنا.
ويدلُّ لذلك أيضًا بالإضافة إلى دلالة القرآن أنَّ عائشة سُئِلتْ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ ولا تقضي الصَّلاةَ؟ قالت: كان يُصيبنا ذلك فنُؤمرُ بقضاء الصومِ ولا نُؤمرُ بقضاء الصَّلاةِ ، يعني الحائض، فبيَّنتْ أن العِلَّة هي الأَمْر.
لكنْ مع ذلك الإنسان يتطلَّب ويتشوَّق إلى الحكمة المناسبة؛ لأنه يعلم أن أوامرَ الشرع ونواهيَ الشرع كلَّها لحِكْمةٍ، فما هذه الحِكْمة؟ وسؤال الإنسان عن الحِكْمة في المشروعات أو في الأحكام الشرعيَّةِ أو الجزائيَّةِ أمرٌ جائزٌ، بلْ قد يكون مطلوبًا إذا قصد به العلم، ولهذا لَمَّا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في النساء: «إِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ». قُلْنَ: بِمَ يا رسولَ الله؟ -سألْنَ: ويش الحكمة؟- قال: «لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ» . فالسؤال عن الحكمة أمرٌ جائزٌ، بلْ قد يكون مطلوبًا، لكنْ لا على وجْهِ أنه إنْ بانَتْ لك الحكمةُ امتثلْتَ وإلَّا فلا.
أقول: قال بعضُ العلماء: إننا لا نَعْلم الحكمة -هذا بعد أن نقرِّر أن الحكْمة هي أَمْرُ الله ورسوله، أو نَهْي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة- قال بعض العلماء: إننا لا نَعْلم الحكمةَ. والحكْمُ الشرعيُّ الذي لا تُعلَم حِكْمتُه يُسمَّى عند أهل العلم تَعَبُّدِيًّا.
إذَن الحكمةُ تحقيقُ العبادة بالتسليم لله سواءٌ علِمْنا أمْ لم نَعْلمْ، وهذه واللهِ حِكْمةٌ عظيمةٌ، هذه حِكْمةٌ من أعظمِ الحِكَم، وإِنْ شئتم ولو أطَلْنا قليلًا؛ رَمْيُ الحصى في محلِّ الجمراتِ في الحجِّ، لو قال قائلٌ: ما حِكْمتُه؟ حِكْمتُه التعبُّد لله؛ «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا والْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» . فالتعبُّد لا شكَّ أنه من أعظم الحِكَم، ولهذا قال بعضُ العلماء: إن النهي عن الصلاة في أعطانِ الإبل تعبُّديٌّ؛ يعني أننا لا نَعْلم عِلَّته، لكن نتعبَّد لله تعالى به.
سؤال: أيُّما أعظم انقيادًا واستسلامًا؛ أنْ يستسلم الإنسانُ للأمر إذا لم يعلمْ حِكْمتَه، أو يستسلم له إذا علم حِكْمته؟
الطلبة: الأوَّل.
الشيخ: الأوَّل أعظم.
وقال بعضُ العلماء: بل لأنها نجسةٌ؛ لأن أرواثها نجسةٌ وأبوالها نجسةٌ. وهذا مبنِيٌّ على أن الأبوالَ والأرواثَ نجسةٌ ولو من الحيوان الطاهر، والصحيح خِلافُه كما تقدم في باب النجاسة، ولكن هذه العِلَّة باطلةٌ؛ إذْ لو كانت هذه هي العِلَّة ما جازت الصلاةُ في مرابض الغَنَم؛ لأن مرابض الغَنَم نفْس الشيء، فالقائلون بنجاسة أبعار الإبل وأبوالها يقولون بنجاسة أرواث الغنم وأبوالها.
وقيل: لأنَّ الإبلَ شديدةُ النُّفور، وربما تنفر وهو يصلِّي، فإذا نَفَرَتْ ربما تَدْعسه؛ تطؤُهُ بأقدامها، وينشغل قلْبُه، حتى وإنْ لم تطأْهُ ينشغل قلْبُه، لو كانت الإبل هذه تهيج، تراوغ، ينشغل قلبه، فيكون النهيُ عنها لئلَّا ينشغل قلْبُه. لكن هذه العلَّة أيضًا فيها نَظَرٌ؛ لأن مقتضاها ألَّا يكون النهيُ إلا والإبلُ موجودةٌ، ثم قد تُنقَضُ بمرابض الغَنَم؛ الغَنَم إذا قامتْ تهيج وأيش؟
طالب: (...).
الشيخ: وتَيْعَر، ومعها تَيْس يريد ضرابها، تشغل، فهلْ نقول: إنها مثلها؟ لا، إذَنْ هذه العلَّة أيضًا عليلةٌ.
وقال بعض أهل العلم: إنما نُهِيَ عن الصلاة في مَبارِكِ الإبل أو أعطانها لأنها خُلِقتْ من الشياطينِ، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد بإسنادٍ صحيحٍ ، وإذا كانتْ مخلوقةً من الشياطينِ فلا يَبْعد أن تصحبها الشياطين وتكون هذه الأماكنُ مأوًى للإبل ومعها الشياطين، وتكون الحِكْمةُ في النَّهْي عن الصلاة فيها كالحِكْمة في النَّهْي عن الصلاة في الحمَّام، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو أقربُ ما يُقال في الحِكْمة، ومع ذلك فالحِكْمةُ الحكيمةُ هي التعبُّد لله بذلك.
يقول: ولا في (مغصوبٍ) يعني: لا تصحُّ الصلاةُ في مغصوبٍ. المغصوب: كلُّ ما أُخِذ من مالكه قهرًا بغير حقٍّ، سواءٌ أُخِذ بصورة عَقدٍ أو بدون صورة عَقدٍ، كلُّ ما أُخِذ من صاحبه بغير حقٍّ فهو مغصوبٌ؛ فمثلًا: لو جاء إنسانٌ لآخَر وغَصَبَ منه أرضه وصلَّى بها فصلاتُه لا تصحُّ لأنها مغصوبةٌ، ولو جاء إنسانٌ إلى آخَر وقال: بِعْني أرضَك. قال: لا، ما أنا ببائعها. قال: بِعْها وإلا قتلتُك. فباعها اختيارًا ولَّا إكراهًا؟
الطلبة: إكراهًا.
الشيخ: إكراهًا، وصلَّى فيها، فهل تصحُّ أو لا؟
الطلبة: لا تصحُّ.
الشيخ: لا تصحُّ، وإن كانت مأخوذةً بصورة عَقدٍ.
إذَنْ لا تصحُّ الصلاة في مغصوبٍ، وهو ما أُخِذ قهرًا من مالكه بغير حقٍّ سواءٌ كان بعقدٍ أو بغير عقدٍ، المهم أنه أُخِذ بغير حقٍّ.
ما الدليل؟
نقول: ليس هناك دليلٌ، لكن هناك تعليلٌ، والعلل أوصافٌ مناسبةٌ مأخوذةٌ من قواعد الشريعة، كلُّ العلل التي يقولها العلماءُ هي هذه؛ أوصافٌ مناسبةٌ للحُكْم مأخوذةٌ من قواعد الشريعة.
يقول هؤلاء الذين قالوا بأنها لا تصحُّ بالمغصوب: لأن الإنسانَ مَنْهِيٌّ عن الْمُقام في هذا المكان؛ لأنه مِلْك غيرِه، فإذا صلَّى فصلاتُه مَنْهيٌّ عنها، والصلاةُ المنهيُّ عنها لا تصحُّ لأنها مضادَّةٌ للتعبُّد، كيف تتعبَّد لله تعالى بمعصيته؟! إذَنْ فلا تصحُّ الصلاةُ في المكان المغصوب، كما قالوا في الثوب المغصوب: لا يصحُّ الستر به، وهذا هو التعليل الذي علَّلَ به مَن يقولون بأنها لا تصحُّ في المغصوب.
والقول الثاني في المسألة: أنها تصحُّ في المكان المغصوب مع الإثم؛ لأنهم يقولون: إن الصلاةَ لم يُنْهَ عنها في المكان المغصوب، بلْ نُهِيَ عن الغصْبِ، والغصبُ أَمْرٌ خارجٌ؛ فأنت إذا صلَّيتَ فقد صلَّيتَ كما أُمِرتَ، وإقامتُك في المغصوب هي المحرَّمة، لو جاء الشرع بقوله: لا تُصَلِّ في مكانٍ مغصوبٍ، لو جاء هكذا لقلنا: إن صلَّيتَ في مكانٍ مغصوبٍ فصلاتُك باطلةٌ، لكنه قال: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] هذا الذي قال، فالنهيُ هنا لا يعود إلى الصلاةِ، يعود إلى الغَصْب، فهو عائدٌ إلى أَمْرٍ خارجٍ، وهذا القول هو الصحيحُ: أنها تصحُّ في الأرض المغصوبة لكنْ مع الإثم، يأثم الإنسان.
كمْ هذه؟ كمْ ذَكَر المؤلف؟
طالب: أربعة.
الشيخ: (لا تصحُّ الصلاةُ في مَقْبرةٍ وحشٍّ وحَمَّامٍ وأعطانِ إبلٍ ومغصوبٍ) خمسة.
قال المؤلف (وأسطِحَتِها) يعني: لا تصحُّ في أسطِحَةِ هذه الأماكن، فيكون هذا الموضعَ السادسَ؛ أسطِحَة هذه المواضع نشوف:
أولًا: سطحُ المقبرة، لا تصحُّ الصلاةُ فيه؛ لو وَجَدْنا حُجرةً مبنيَّةً في المقبرة فهلْ يجوز أن نصلِّي على سطحها؟
يقول المؤلف: لا. لماذا؟ لأن الهواء تابعٌ للقَرار.
ويش الهواء هذا؟
الأرض اللِّي هي الأرض؛ القَرار، هذا معروف أنه مقبرةٌ، الهواءُ ما فوقَ هذا القرار، إلى وين؟
طالب: إلى السماء السابعة.
الشيخ: إلى السماء السابعة! لا؛ من السماء الدنيا ما له حد، ترجع إلى السماء السابعة! لا، إلى السماء الدنيا.
طالب: وينها السماء الدنيا!
الشيخ: (...)، على كلِّ حالٍ يقول العلماءُ: إن الهواء تابعٌ للقَرار.
وهذا القولُ الذي قاله الفقهاءُ معمولٌ به دوليًّا؛ الآن إذا كان بين دولةٍ وأُخرى علاقةٌ سيئةٌ ما تسمح لطائراتها تعبر أراضيها.
طالب: (...).
الشيخ: يقول: لأن الهواء تابعٌ للقرار. إي نعم.
على كلِّ حالٍ نقول: أسطِحَةُ هذه الأماكن لا تصحُّ؛ لأن الهواءَ تابعٌ للقرار، ويأتي -إن شاء الله- البحثُ فيها.

***

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
لَمَّا ذَكَر المؤلف اجتنابَ النجاسةِ وأنه شرطٌ لصِحَّة الصلاةِ ذَكَر استطرادًا المواضع التي لا تصحُّ الصلاةُ فيها، وذَكَر منها المقبرةَ، فما الدليل؟\n
\n طالب: الدليل قول النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم \n «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» \n .\n
\n الشيخ: نعم، طيب، وذَكَر أنها لا تصحُّ في حُشٍّ، الدليل؟\n
\n طالب: لأنه مكانٌ نجسٌ.\n
\n الشيخ: وإذا نُهِيَ عن الصلاةِ في الحمَّامِ فالحشُّ؟\n
\n الطالب: من باب أَوْلى.\n
\n الشيخ: من باب أَوْلى؛ لأنه تُقضَى فيه الحاجةُ: البولُ والغائطُ، فهو أقربُ إلى النجاسةِ من الحمَّام. \n
الحمَّام، الدليل؟\n
\n طالب: \n «إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ».\n
\n الشيخ: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ».\n
أعطان الإبل، الدليل؟\n
\n طالب: قول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ» \n .\n
\n الشيخ: أحسنتَ، طيب، المغصوب؟\n
\n طالب: لأن هذا المغصوبَ ليس مِلْكًا للمصلِّي، لا تجوز الصلاةُ فيه لأنه ليس ملْكه.\n
\n الشيخ: طيب لو استأجرتُ بيتَك فالبيتُ ليس مِلْكي وتصحُّ الصلاة فيه.\n
\n الطالب: لا، إذا غصبْته من صاحبه قهرًا.\n
\n الشيخ: إي، طيب، العلة؟\n
\n الطالب: لأنه ليس ملكك.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: العلَّة لأنه لا يجوز التعبُّد لله عز وجل في مكانٍ مَنْهيٍّ عنه.\n
\n الشيخ: في مكانٍ منهيٍّ عنه؛ يعني: لأن الْمُكْث في المكان المغصوب حرامٌ، فالْمُكث للصلاة فيه حرامٌ، ولا يُتعبَّد لله تعالى بشيءٍ حرامٍ؛ لأن المعصية تُنافي الطاعة.\n
التعليل؟\n
\n طالب: تعليل ثانٍ: هو قول بعض العلماء على أنَّ الذي يصلِّي في ذلك المكان المغصوب فصلاتُه صحيحة؛ لأنه صلَّى..\n
\n الشيخ: لا، هذا قولٌ ثانٍ.\n
\n الطالب: قول ثانٍ أقول.\n
\n الشيخ: لا، فيه تعليل لعَدَم الصحَّة.\n
\n الطالب: لعَدَم صحَّةِ الصلاة في المغصوب.\n
\n الشيخ: إي نعم.\n
\n الطالب: لأن هذا يعتبر محرَّمًا (...) فهو قد يُعتبر مضادَّةً لله ورسوله؛ لأنه فعلٌ محرَّمٌ.\n
\n الشيخ: هذا الذي قال، ويمكن يُستدَلُّ عليه بقول الرسول عليه الصلاة والسلام \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n . \n
القول الثاني في المسألة أن الصلاة في المغصوب تصحُّ؛ لأن النهي فيه ليس عن الصلاة؛ فالشارع لم يقُلْ: لا تصلُّوا في المغصوب، لكنْ قال: لا تغصبوا أموالَ الناسِ؛ \n «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» \n ، ولو كان النهيُ عن الصلاة بعينها لصحَّ التعليل؛ لأنه لا يُتقرَّب إلى الله تعالى بمعصيته، وهذا القول أقرب إلى الصحَّة؛ لأن تعليله قويٌّ.\n
قال المؤلف رحمه الله: ولا في (\n أسطِحَتِها) يعني: ولا تصح الصلاةُ في أسطِحَتِها؛ أي: أسطِحَة تلك الأماكن. \n
الأماكن اللِّي ذَكَر المؤلف كمْ؟ مقبرةٌ، حُشٌّ، حَمَّامٌ، أعطانُ إبلٍ، مغصوبٌ؛ خمسة، وظاهر كلام المؤلف أن الصلاة في غير هذا تصحُّ، ولكن سبق لنا أنها لا تصحُّ في الأرض النجسة؛ لأنه يُشترَطُ طهارةُ مكانِ المصلِّى، وعلى هذا فتكون ستَّة مواضع.\n
قال: ولا في (\n أسطِحَتِها) يعني: أسطِحَة تلك المواضع، فلو بُنِيَ على المقبرة بناءٌ وصلَّى الإنسان فوقَ ذلك السطحِ فصلاتُه غير صحيحةٍ، لماذا؟ لأن الهواء تابعٌ للقرار، فكما لا تصحُّ الصلاةُ في قرارِ المقبرةِ لا تصحُّ في سطحها. \n
ولكن هُنا علَّةٌ أقوى من هذا بالنسبة للمقبرة، وهي أن علَّة النهي عن الصلاة في المقبرةِ خوف أن يكون ذريعةً لعبادةِ القبور، والصلاةُ على السطح قد تكون ذريعةً، ولا سيَّما أن البناء على المقابر أصلُه حرامٌ، فيكون يجتمع فيه أنه صلَّى على بناءٍ محرَّمٍ للعِلَّة التي نُهِيَ عن الصلاة في المقبرة من أجْلها، فالصلاة على سطحٍ بُنِي على المقبرة لا شكَّ أنها لا تصحُّ؛ لأن العِلَّة في النهي عن الصلاة في المقبرة موجودةٌ في الصلاة على سطحها، كما أن البناء على المقبرة أصله منهيٌّ عنه، فيكون هذا المكان مشبها للمكان المغصوب.\n
الْحُشُّ لا تصحُّ الصلاةُ في سطحه؛ لأن الهواء تابعٌ للقرار، ولكن هذا التعليل عليلٌ؛ الهواء تابعٌ للقرار في الملك، أمَّا في الْحُكْم فلا؛ فقد نُهِيَ عن الصلاة في الحشِّ من أجْل النجاسة، إذا لم يكنْ نجاسةٌ في سطحه فلا مانع، وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره صاحب \n المغني؛ على أن الصلاة في السطح -سطحِ الحشِّ وغيرِه مما ذُكِر- صحيحةٌ على ما سنفصِّله إن شاء الله تعالى. \n
الصلاة إذَنْ على سطح الحشِّ الصحيحُ أنها صحيحةٌ، ولكنْ هلْ تُكرَه؟ سيتبيَّن فيما بعد.\n
والدليل على أنها صحيحةٌ عمومُ قولِه صلى الله عليه وسلم: \n «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» \n ، وبناءً على ذلك فإن الصلاة على البيَّارة (البلَّاعة) لا بأس بها؛ لأنها أقلُّ من سطح الحشِّ؛ فإن سطح الحشِّ قد يقول قائل: إنه داخلٌ في اسم الحشِّ فلا تصحُّ الصلاةُ فيه، أمَّا سطح البيَّارة فليس تابعًا لها، بلْ هو مستقلٌّ، وهذا هو الذي عليه عملُ الناسِ؛ فإن البيَّارات أو أنابيب المجاري الوَسِخة تمرُّ من الأحواش ويصلِّي الناسُ فيها.\n
الحمَّامُ لا تصحُّ الصلاةُ على سطحه؛ العِلَّةُ لأنَّ الهواء تابعٌ للقرار، والقول الثاني في المسألة أنَّ الصلاةَ على سطحه تصحُّ؛ لأن الحمَّام إنْ كانت العِلَّة فيه أنه مأوى الشياطينِ فإن الشياطينَ لا تأوي إلَّا إلى المكان الذي تُكشَف فيه العورات، وإنْ كانت العِلَّة فيه خوف التنجُّس فكذلك السطح بعيدٌ من هذه العِلَّة، وعلى هذا فتصحُّ الصلاةُ في سطح الحمَّام.\n
أعطانُ الإبلِ كذلك على المذهب لا تصحُّ، والعِلَّة أن الهواء تابعٌ للقرار، والصحيح: الصِّحَّة؛ فلو كان هناك حوشٌ للإبل تُقِيم فيه وتأوي إليه وجانبٌ منه مسقَّفٌ -كما يُفعَل كثيرًا في أحواش الإبل- فالسقفُ الذي فوق هذا الحوش على المذهب لا تصحُّ الصلاةُ فيه؛ لأن الهواء تابعٌ للقرار.\n
والصحيحُ صِحَّةُ الصلاةِ فيه؛ لأن هذا لا يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام: \n «لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ» \n ؛ فإنَّ الإبل لا تَبْركُ فوق السطح، إنما تَبْركُ في أسفل. \n
إذَن الصحيحُ الآنَ أنَّ أسطِحَة هذه المواضعِ تصحُّ الصلاةُ فيها ما عدا موضعًا واحدًا وهو المقبرة؛ لأن العِلَّة الموجودة في النهيِ عن الصلاة في المقبرةِ موجودةٌ في النهي عن الصلاة في سطحٍ على بناءٍ في المقبرة.\n
طيب، المغصوب، الصلاةُ في سطحِ المغصوبِ كالصلاة في المغصوبِ إنْ كان السطحُ مغصوبًا، فإنْ لم يكنْ مغصوبًا فإنه لا شكَّ في صحَّةِ الصلاة فيه، وأظنُّ أن المذهب لا يقصدون ذلك؛ أي: لا يقصدون ما إذا كان السطحُ غيرَ مغصوبٍ.\n
فإذا قلت: كيف صورةُ كونِ الأسفلِ مغصوبًا والسطح غير مغصوبٍ؟ \n
قلنا: هذا بسيطٌ؛ يأتي رجُلٌ غاصبٌ فيغصِبُ أسفلَ البيتِ ويَدَعُ أعلاه لصاحبه، فالسطح إذَنْ مغصوبٌ ولَّا غيرُ مغصوبٍ؟\n
\n الطلبة: غيرُ مغصوبٍ.\n
\n الشيخ: غيرُ مغصوبٍ، وهذا لا أظنُّ أن المذهبَ يقولون بعَدَم الصحَّةِ فيه؛ لأن السطح الآن ملكٌ لصاحبه، لكن نقول: إذا غَصَبَ الإنسانُ البيتَ كُلَّه فإنه يكون كُلُّه مغصوبًا، وإذا كان مغصوبًا فإنه لا تصحُّ الصلاةُ فيه على قاعدة المذهب.\n
والحاصلُ أنَّ سطحَ المغصوبِ في تصويره نَظَر؛ لماذا؟ لأننا نقول: إنْ كان سطحُ المغصوب داخلًا في الغَصْب فهو مغصوبٌ، وإنْ كان خارجًا عن الغَصْب فهو ملْكٌ لصاحبه، ولا نظنُّ أن أحدًا من أهل العلم يقول: إن الصلاة لا تصحُّ فيه، لا نظنُّ أن أحدًا من أهل العلم يقول: إنه لو تسلَّطَ رجُلٌ على شخصٍ وغَصَبَ أسفلَ بيته فإنَّ صاحبَ البيتِ لا تصحُّ صلاتُه في أعلاه، لا أظنُّ أحدًا يقول بهذا، وعليه فيُستثنى الطرفانِ من هذه الخمسةِ: المقبرةُ والمغصوبُ؛ المقبرةُ لأن البناءَ على المقبرةِ كالمقبرةِ في كونه ذريعةً إلى عبادةِ القبور، ولهذا نُهِيَ عن البناء عليها، وأمَّا المغصوبُ فكما قلتُ: إنْ غَصَبَ الإنسانُ الكلَّ؛ الأسفلَ والأعلى، فالأعلى مغصوبٌ، وإنْ غَصَبَ الأسفلَ فقطْ فالأعلى مِلْكٌ لصاحبه وليس بمغصوبٍ وقد تمكَّن صاحبُه منه.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: كيف؟\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: فيه بيَّارة في الحوش تصبُّ فيها القاذورات، مُسطَّحة هذه، تصحُّ الصلاةُ عليها.\n
\n الطالب: ملامسة.\n
\n الشيخ: ما هي ملامسة.\n
\n الطالب: للنجاسة.\n
\n الشيخ: إنْ صلَّى في وسط البيَّارة فنَعَمْ فهو ملامِس، وإنْ صلَّى فوق الصَّبَّةِ فليس بملامَسة، الأنابيبُ التي تمشي من جنسها؛ لأنها أنابيب تشتمل على ما يشتمل عليه الحشُّ من الأوساخ والقاذورات، فهي بمعناه، هي مواسير تترسَّب فيها هذه القاذورات.\n
قال: (\n وتصحُّ إليها) يعني: تصحُّ الصلاة إلى هذه الأماكن، ومعنى (\n تصحُّ إليها) يعني تصحُّ الصلاةُ إذا كانت في قِبْلتك، فلو كان في قِبْلة الإنسان حَمَّامٌ فصلاتُه صحيحةٌ، إذا كان في قِبْلته حُشٌّ فصلاتُه صحيحةٌ، إذا كان في قِبْلته أعطانُ إبلٍ فصلاتُه صحيحةٌ، إذا كان في قِبْلته مغصوبٌ وهو في أرضٍ مُباحةٍ فصلاتُه صحيحةٌ، إذا كان في قِبْلته قبرٌ فصلاتُه صحيحةٌ؛ لأن المؤلف يقول: (\n تصحُّ إليها)، يصحُّ أن يتَّجه إلى المقبرة، كلُّ هذه المواطن الخمس تصحُّ الصلاةُ إليها، إلَّا أنهم قالوا: إنها تُكْره الصلاةُ إليها إذا لم يكنْ حائلٌ ولو كمؤْخِرةِ الرَّحْل، مؤْخِرةُ الرَّحْل يمكن نصف مترٍ في نصف مترٍ، يقولون: إنها تصحُّ الصلاةُ إلى هذه الأماكن وتُكْره إلَّا مع حائلٍ.\n
نحتاجُ الآن إلى دليلينِ: دليل الصحَّة، ودليل الكراهة. \n
أمَّا دليلُ الصحَّة فعمومُ قولِ الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، وهذه من الأرض، وهي طَهورٌ، وليس فيها ما يمنع الصلاة، إذَنْ فتصحُّ بمقتضى هذا العموم.\n
وأمَّا الكراهةُ فقالوا: لأنها أماكنُ نهيٍ عن الصلاة فيها فكُرِهَ استقبالها. ولكنْ كما تَرَوْن هذا التعليل فيه نَظَر.\n
وربما يعلِّل معلِّلٌ بأن هذا موضعٌ اختلفَ العلماءُ في صحَّة الصلاة فيه؛ فكُرِهت الصلاة إليها خروجًا من الخلاف. أفهمتم الآن؟ إذَن الصحَّة لها دليلٌ ولَّا لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: لها دليلٌ وهو عمومُ قولِه: \n «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا». \n
الكراهةُ لها تعليلٌ لكنه عليلٌ؛ التعليل أنه استقبلَ ما لا تصحُّ الصلاةُ فيه فكُرِهت الصلاة إليه، أو لأنه موضعٌ اختلفَ العلماء في صحَّة الصلاة فيه فكُرِهت الصلاة فيه خروجًا من الخلاف، وكِلَا التعليلينِ عليلٌ. \n
أمَّا الأول فنقول: هاتوا الدليل على أنه يُكْرَه الصلاةُ إلى هذه الأشياء، وأين الكراهة؟! وكيف تكون الكراهةُ من شخصٍ يصلِّي في أرضه وأمامَه مكانٌ مغصوبٌ؟! ويش عليه منه؟! \n
ربما نقول: إنَّ الحشَّ والحمَّامَ تُكْره الصلاةُ إليهما لأن فيهما رائحةً كريهةً قد تؤثِّر على المصلِّي، والشيء الذي يؤثِّر على المصلِّي ويشوِّش عليه مكروه.\n
أمَّا أعطانُ الإبل فربما نقول: إذا كانت الإبلُ موجودةً باركةً فربما تُكره الصلاةُ إليه؛ لأنها ربما تتحرَّك ولَّا ترغي ولَّا ما أَشْبَهَ ذلك فيؤثر عليه في صلاته، فيكون في ذلك تشويشٌ عليه.\n
المغصوب قلنا: لا وجْهَ للكراهةِ، واضح.\n
الحشُّ والحمَّام قلنا: يمكن أن يكون هناك كراهةٌ، والعِلَّة ما هي؟ \n
\n الطلبة: الرائحة.\n
\n الشيخ: الرائحةُ التي قد يتأذَّى بها المصلِّي فينشغل قلْبه.\n
أعطانُ الإبل قلنا: إن كانت الإبلُ غيرَ موجودةٍ فلا وجْهَ للكراهة، اللهم إلَّا أن يكون فيه رائحة، إذا كانت موجودةً فللكراهةِ وجْهٌ وهو أنه قد ينشغل بالرؤية إليها وهي قد ترغي وقد تضطرب، فيشوَّش عليه.\n
ويش بقينا؟\n
\n طالب: المقبرة.\n
\n الشيخ: المقبرة، الصحيحُ تحريمُ الصلاة إليها، ما هو بالكراهة، ولو قيل بعَدَم الصِّحَّة لكان له وجهٌ -بالصلاة إلى المقبرة- وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحَّ عنه من حديث أبي مَرثدٍ الغَنَويِّ أنه قال: \n «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا» \n ، أو قال \n «لَا تَجْلِسُوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهَا»، فهذا يدلُّ على تحريم الصلاة إلى المقبرة، أو إلى القبور، أو إلى القبر الواحد؛ لأن العِلَّة مِن منْعِ الصلاة في المقبرة موجودةٌ في الصلاة إلى القبر، فما دام الإنسانُ يتَّجه إلى القبر أو إلى المقبرة اتجاهًا يُقال: إنه يصلي إليها؛ فإنه يدخل في النهي، وإذا كان داخلًا في النهي لم يصحَّ؛ لقوله: \n «لا تُصلُّوا»، فالنهي هُنا عن الصلاة، فإذا صلَّى إلى القبر فقد اجتمع في فِعْله هذا طاعةٌ ومعصيةٌ، وهذا لا يمكن أن يُتقرَّب إلى الله تعالى بمعصيته.\n
فإذا قال قائلٌ: ما هو الحدُّ الفاصل؟\n
قلنا: الجدارُ فاصلٌ، إلا أن يكون جدارَ المقبرة ففي النفْس منه شيء، لكنْ إذا كان جدارًا يَحُول بينك وبين المقابر للمكان الذي أنت تصلِّي فيه فهذا لا شكَّ أنه لا نَهْيَ، كذلك لو كان بينك وبينها شارعٌ فهُنا لا نَهْيَ، أو كان بينك وبين المقبرة مسافةٌ لا تُعَدُّ مصلِّيًا إليها حدَّها بعضهم بمسافة السُّترة للمصلي، وعلى هذا فهي تكون مسافةً قريبةً، لكن لا شكَّ أن هذا يُوهِم، فإن أحدًا من الناس لو رآكَ تصلِّي وبينك وبين المقبرة ثلاثةُ أذرعٍ بدون جدارٍ لأوهم ذلك أنك تصلِّي إلى القبور، إذَنْ لا بدَّ من مسافةٍ يُعلم بها أنك لا تصلِّي إلى القبر.\n
المواضع التي ذكر المؤلف أنها لا تصح الصلاة إليها كمْ؟ \n
\n طلبة: خمسة.\n
\n الشيخ: خمسة، كذا؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: الموضعُ النجسُ في غير هذا، في أول العبارة.\n
طيب، (المقبرةُ، الْحُشُّ، الحمَّامُ، أعطانُ الإبلِ، المغصوبُ، أسطِحَتُها) ستة، (الموضعُ النجسُ) سبعة. \n
الموضعُ النجسُ وإنْ لم يكن حُشًّا أو حَمَّامًا، حتى لو مسجد يكون فيه نجاسةٌ، ما تصلِّي في النجاسة. \n
طيب، هذه سبعة، وظاهر كلام المؤلف أنَّ ما عدا هذه سبعة تصحُّ الصلاةُ فيه؛ مثل: قارعة الطريق، المجزرة؛ إلا إذا صلَّيتَ على المكان النجس فيدخل في كلامه، المزبلة تصح الصلاة فيها.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إلَّا، كلام المؤلف، ما ذَكَر المزبلة، إذَنْ فالمزبلة تصحُّ الصلاةُ فيها إذا كان الزِّبْل طاهرًا، أما إذا كان نجسًا فقد دَخَلَ في كلام المؤلف في المنع.\n
قارعة الطريق؛ لو صلَّى الإنسانُ في الطريق فصلاتُه صحيحةٌ، لكنْ إذا كان الطريقُ مسلوكًا فالصلاةُ فيه حالَ سلوكِ الناس فيه تكون مكروهةً من أجْل الانشغال والتشويش، فإنْ كان مسلوكًا بالسيارات؟\n
\n طلبة: حَرُم.\n
\n الشيخ: حَرُم، ليش؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: نعم، فقد نقول بالتحريم؛ لأنه لا يتأتَّى أن يُقيم الصلاةَ والسياراتُ تمشي، أو يعطِّل الناس فيعتدي عليهم؛ لأن وقوفَ الناسِ في أماكن الطُّرُق يمنع الناس من التطرُّق عدوان عليهم، الحقُّ لهم. \n

***

الكعبة؛ قال المؤلف: (\n ولا تصِحُّ الفريضةُ في الكعبةِ ولا فوقَها). \n
نقفُ على هذا إذا كان فيه أسئلة.\n
\n طالب: مسجد في جدَّة بعيد عن جدَّة، يدخل إليه بعضُ الكفَّار فيتبوَّلون ويتغوَّطون في داخل المسجد، فهل هذا المسجد يصح الصلاة فيه؟ (...) في المحراب وفي..
الشيخ: ليش يا أخي؟! كيف يمكّنون الكفَّار أو غير الكفَّار من البول فيه؟
طلبة: مهجور، بعيد، خارج..
الشيخ: إذا كان مهجورًا يُهدَم يا أخي.
الطالب: موجود.
الشيخ: لا، هذه -جزاك الله خيرًا- إذا بلغت تمشي لجدة بلِّغنا، يُكتَب لرئيس البلدية ولَّا لغيره من الجهات المسؤولة.
الطالب: كَتَبْنا له، وأرسلنا لهم صُوَرًا..
الشيخ: ما عليك أنت. \n

***

\n طالب: (...) وصلَّى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n ولا تصِحُّ الفريضةُ في الكعبة ولا فوقَها، وتصحُّ النافلةُ باستقبال شاخصٍ منها.
ومنها: استقبال القبلة؛ فلا تَصِحُّ بدونه إلا لعاجزٍ، ومتنفِّلٍ راكبٍ سائرٍ في سَفَرٍ ويلزمه افتتاحُ الصلاة إليها، وماشٍ ويلزمه الافتتاح والركوع والسجود إليها.
وفَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِن القِبلة إصابةُ عينها، ومَنْ بعُدَ جهتها، فإنْ أخبره ثقةٌ بيقينٍ أو وَجَدَ محاريبَ إسلاميَّةً عَمِلَ بها، ويُستدَلُّ عليها في السفر بالقُطْبِ، ويُستدَلُّ عليها بالشمسِ والقمرِ ومنازلهما.
وإن اجتهدَ مجتهدانِ فاختلفا في جهةٍ لم يتبع ..\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
ما هي المواضع التي ذَكَر المؤلف أن الصلاة لا تصحُّ فيها؟\n
\n طالب: ذَكَر المؤلفُ ستَّةَ مواضع: الأول المقبرة، كذلك الحشُّ، والحمَّامُ، وأعطانُ الإبلِ، والمغصوبُ، وكذلك أسطِحَة هذه الأماكن، والمكانُ النجسُ.\n
\n الشيخ: أحسنتَ، سبعة.\n
ما هو القولُ الراجحُ في الأسطحة؟\n
\n طالب: القولُ الراجحُ: جائزٌ، ما عدا المقبرة والمغصوب.\n
\n الشيخ: المغصوب كذا على الإطلاق؟\n
\n طالب: إذا كان السطحُ مغصوبًا.\n
\n الشيخ: إنْ كان مغصوبًا لا تصِحُّ الصلاةُ فيه، إنْ كان غير مغصوب؟\n
\n طالب: إذا كان غيرَ مغصوبٍ (...) السطح لا يجوز لأنه (...).\n
\n الشيخ: كيف لا تجوز؟! إذا كان السطحُ غير مغصوبٍ وصلَّى به مالكه؟\n
\n طالب: مالكُه، يجوز.\n
\n الشيخ: إذَنْ سطحُ المغصوبِ فيه تفصيلٌ، إنْ كان مغصوبًا فله حُكْمُ الغصْبِ، وإنْ كان غيرَ مغصوبٍ صَحَّت الصلاةُ فيه.\n
سطحُ المقبرة؟\n
\n طالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا تجوز الصلاةُ فيه؛ لأن العِلَّةَ التي منعت الصلاة في المقبرة موجودةٌ فيه.\n
بقيَّتها تصحُّ الصلاةُ على سطوحها. وهل تُكْره أو لا؟\n
\n طالب: على أسطِحَة المقبرة؟\n
\n الشيخ: لا، المقبرة ما تصِحُّ، انتهينا منها، والمغصوب فيه التفصيل، غيرها هلْ تُكْره الصلاة على سطوحها أو لا تُكره؟\n
\n الطالب: على كلام المؤلِّف تُكره، ولكن ..\n
\n الشيخ: لا، غلط.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: كيف ما فهمت؟\n
\n طالب: في أسطِحَة المواضعِ الباقية على كلامِ المؤلف أنها مثل المقبرة والغصب.\n
\n الشيخ: يعني؟\n
\n الطالب: يُنهَى عن الصلاة فيها.\n
\n الشيخ: يعني تصِحُّ ولَّا ما تصِحُّ؟\n
\n الطالب: لا تصِحُّ.\n
\n الشيخ: يُكرَه الصلاةُ فيها؟\n
\n الطالب: إي نعم لكن لا تصح، تَحرُم.\n
\n الشيخ: ويش تقولون؟ \n
\n الطلبة: (...) صح.\n
\n الشيخ: صح؟\n
\n الطلبة: نعم، تحرم.\n
\n الشيخ: هل تصحُّ الصلاةُ إليها؟\n
\n طالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: مُطْلقًا؟\n
\n الطالب: بعضهم قالوا: إذا لم يكنْ فيها فاصلٌ ما..\n
\n الشيخ: هو إذا كان فيها فاصلٌ ما كُرِهتْ.\n
\n الطالب: لكن (...) أنه يجوز.\n
\n الشيخ: ما ضَبَطْتَ.\n
\n الطالب: إلا إذا كان فيه أذيَّة بالريح.\n
\n طالب: الصلاةُ إلى المقبرةِ تَحرُم.\n
\n الشيخ: نعم، ولا تصحُّ.\n
\n الطالب: وغيرها إمَّا الكراهة أو الجواز.\n
\n الشيخ: طيب، إنْ أدَّى إلى انشغال المصلِّي كُرِه لإشغالِه وإلَّا؟\n
\n طالب: وإلَّا صحَّت الصلاة.\n
\n الشيخ: وإلَّا فلا كراهة، الصلاة تصحُّ.\n
كلام المؤلف يدلُّ على أن الصلاة إلى المقبرة صحيحةٌ ولَّا لا؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: منين تأخذه؟\n
\n الطالب: من قوله: (\n وتصِحُّ إليها).\n
\n الشيخ: (\n وتصِحُّ إليها)، وقد ذَكَر أنها لا تصِحُّ في المقبرة، ثم قال: (\n وتصِحُّ إليها).\n
صحَّحْنا أنَّ القولَ بعدم صحَّة الصلاةِ إلى القبور هو الصحيح، فما هو الدليل؟\n
\n طالب: ما..\n
\n الشيخ: ما رواه مسلمٌ عن أبي مَرثَدٍ الغَنَويِّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:\n
\n الطالب: معناه أنه نَهَى عن الصلاة إلى المقابر.\n
\n الشيخ: أنه نَهَى عن الصلاة إلى القبور؛ قال: \n «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا» \n . \n

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ولا تَصِحُّ الفريضةُ في الكعبة ولا فوقَها). \n
الفريضة إذا أُطْلِقتْ فالمراد ما وَجَبَ بأصْلِ الشرعِ، والفرائضُ سِتٌّ: الفجر، والظُّهر، والعصر، والمغرب، والعِشاء، والجمعة. وإنْ شئنا قُلْنا: خمسٌ؛ لأن الجمعة تكون بدلًا عن الظُّهر. \n
على كلِّ حالٍ الفرائضُ الخمسُ -الجمعةُ والظُّهرُ على التبادل- لا تصِحُّ في الكعبة، لماذا؟ لقولِ الله تعالى: \n {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، والمصلِّي في الكعبة لا يكون مستقبِلًا للبيتِ كُلِّه؛ لأن بعض البيتِ يكون خلْفَه وعنْ يمينه وعنْ شِماله، فلا تصحُّ.\n
(\n ولا فوقَها) يعني: ولا تصِحُّ الفريضةُ فوقَ الكعبةِ؛ يعني: على السطح؛ يعني: لا داخلَها ولا فوقَها على سطحِها؛ للعِلَّة التي ذَكَرْنا أنه لم يستقبِلْ جميعَ البيتِ وإنما استقبَلَ جانبًا منه، إلَّا إذا وقَفَ على منتهى الجدارِ بحيث تكون الكعبةُ كلُّها أمامَه فتصِحُّ؛ مثل لو وَقَفَ على آخِر العتبة من الباب فإنها تصِحُّ، أو وَقَفَ على آخِر الجدارِ من السطْحِ فإن الصلاةَ تصِحُّ؛ لأن الكعبة كلَّها الآن بين يديه، هكذا علَّلوا . \n
والقول الثاني في المسألة: أنَّ صلاةَ الفريضةِ في الكعبة تصِحُّ كالنافلة. \n
والمؤلِّف -رحمه الله- لَمَّا خصَّصَ الفريضةَ بعَدَم الصحَّة عُلِمَ من كلامِهِ أن النافلةَ تصِحُّ، وهُنا يَحسُنُ أن نتكلَّم على كلام المؤلِّف أوَّلًا فنقول: يُفْهم من قول المؤلِّف: (\n لا تصِحُّ الفريضةُ) أنَّ النافلة تصِحُّ، كذا؟ مفهومُ مخالَفة ولَّا موافَقة؟\n
\n الطلبة: مخالَفة.\n
\n الشيخ: مفهومُ مخالَفة؛ لأن ضِدَّ الفريضةِ النافلةُ، وضِدَّ عَدَمِ الصحَّةِ الصحَّةُ، إذَنْ فالمفهوم هُنا مفهومُ مخالَفة؛ يعني: تصِحُّ النافلةُ في الكعبةِ وفوقَها. ما هو الدليل؟ \n
الدليل: ما ثَبَتَ في الصحيحينِ وغيرِهما منْ \n أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في جَوفِ الكعبةِ نافلةً، صلَّى ركعتينِ نافلةً \n ، ومعلومٌ أن ما ثَبَتَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صحيحٌ فتكون النافلة صحيحةً.\n
المنذورةُ هلْ تصِحُّ في الكعبة؟ يعني: لو نَذَر أحدٌ أن يصلِّي ركعتينِ فهلْ يصِحُّ أن يصلِّيَ في الكعبة؟\n
ننظر، نقول: كلامُ المؤلِّف اشتمل على منطوقٍ ومفهومٍ عَرَفْنا حُكْمَهما؛ الفريضةُ عَرَفْنا حُكْمَها بالمنطوق وأنها لا تصِحُّ، والنافلةُ عَرَفْنا حُكْمها بالمفهوم أنها تصِحُّ. \n
بقينا بالمنذورة؛ المنذورة يمكن أن نقول: إن كلام المؤلِّف يقتضي أن يكون مسكوتًا عنها؛ لأنها لا تدخل في الفريضة ولا تدخل في النافلة، ولكنْ قد يقول قائلٌ: إننا نَنظُر أيُّها أقربُ إلى الفريضةِ أو إلى النافلةِ فنُلْحقها بالأقرب؛ إنْ نَظَرْنا إلى أنها لم تَجِبْ بأصل الشرع وإنما أوجبها المكلَّف على نفسه قلنا: إلْحاقُها بالنافلة أقربُ؛ لأن الشرع لم يُلْزِمه بها. وإن نَظَرْنا إلى أن الشرع ألزمه بها إذا وُجِد سببُها وهو النذر؛ لقولِ الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» \n قلنا: إنها أقربُ إلى الفريضةِ، ولذلك اختلفَ العلماءُ فيها: \n
فمنهم مَن قال: إن المنذورة تُلْحَق بالفريضة فلا تصِحُّ في الكعبة. \n
ومنهم مَن قال: لا، تُلْحَق بالنافلة؛ لأنها غيرُ واجبةٍ بأصل الشرع، فتُلْحق بالنافلة وتصِحُّ في الكعبة.\n
هذا الحكم في النذْر المطْلَق الذي قال فيه الناذر: لله علي نذْرٌ أن أصلِّي ركعتينِ.\n
أمَّا النذْرُ المقيَّد في الكعبةِ فيصِحُّ فيها؛ مثل أن يقول: لله علي نذْرٌ أن أصلِّي ركعتينِ في الكعبة. فتصِحُّ الصلاةُ هذه في الكعبةِ قولًا واحدًا؛ لأنه نَذَرَها نذْرًا مقيَّدًا بماذا؟ في الكعبة، فيكون على حَسَب ما نَذَر؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم \n «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ».\n
نرجعُ إلى القول الثاني في مسألة الفريضةِ؛ القول الثاني في المسألة: أن الفريضةَ تصِحُّ في الكعبة كما تصِحُّ النافلةُ، والحديثُ الذي استدَلَّ به من استدَلَّ؛ حديثُ ابنِ عُمَرَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم \n نَهَى أن يُصلَّي في سبعة مواطن ذكر منها: \n فوقَ ظَهْر بيتِ الله \n ، هذا الحديث ضعيفٌ لا تقوم به حُجَّة. فقالوا: إن الفريضة تصِحُّ كالنافلة، واستدلُّوا لذلك بأنَّ الأصل تَساوِي الفرض والنفل في جميع الأحكام إلا بدليلٍ، هذا هو الأصل، فكلُّ ما ثَبَتَ في النفل ثَبَتَ في الفرض، وكلُّ ما انتفى في النفل انتفى في الفرض، إلا بدليلٍ. \n
واستدلُّوا على هذا الأصلِ -وهو أن الأصلَ تَساوِي الفرض والنفل- استدلُّوا لذلك بأن الصحابة لما ذَكَروا \n أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي على راحِلَته حيثما توجَّهتْ به، قالوا: غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة \n ، فاستثْنَوا؛ \n غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة، وهذا يدلُّ على أنهم لو لم يستثنوا لكانت المكتوبةُ كالنافلة تُصلَّى على الراحلة، فهذا دليلٌ على أن الأصل تَساوِي الأحكام بين الفرائض والنوافل، وما استُدِلَّ به من الحديث ضعيفٌ ومن التعليلِ أيضًا ضعيفٌ؛ لأن الله عز وجل يقول: \n {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وشطْرُه بمعنى جهته، وهذا يشمل استقبالَ جميعِ الكعبةِ أو جزءٍ منها، كما فسَّرتْ ذلك السُّنَّةُ بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكعبة.\n
إذَنْ فالصحيحُ في هذه المسألةِ أن الصلاةَ في الكعبةِ صحيحةٌ فرضًا ونفلًا.\n
فإن قال قائل: أَنَّى لنا أن نصلِّي في الكعبة؟\n
فالجوابُ من وجهينِ؛ أحدهما: أن ذلك غير ممتنعٍ عقلًا ولا حِسًّا؛ بإمكان الإنسانِ أن يُفتح له بابُ الكعبة ويُصلِّي في جوفها، وقد وقع هذا لمحدِّثكم سَنَةً من السنين، ثم إذا لم يمكن أن يُفتح له الباب فالحِجْر مفتوحٌ له، والحِجْر ستَّةُ أذرعٍ منه وشيءٌ؛ حوالي النصف، كلُّه من الكعبة، فمِن الممكن أن يُصلِّي الإنسانُ الفريضةَ في الحِجْر.\n
فإذا قال قائلٌ: الواقع قد يمنعُ من ذلك؛ لأنهم الآن يمنعون من صلاةِ الفريضةِ في الحِجْر، أليس كذلك؟\n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: إذا أُقِيمت الصلاة طلَّعُوا الناسَ من الحِجْر.\n
الجواب: نعم، هذا صحيحٌ، لكنْ يُمْكن أن يُصلِّي الإنسانُ فائتةً في غير صلاةِ الجماعةِ يصلِّيها في نفْسِ الحِجْر، فإذا فَعَل ذلك فهلْ تصِحُّ أو لا؟ \n
ينبني على الخلاف؛ إن قلنا بعَدَم الصحَّة -صِحَّةِ الفريضةِ في الكعبة- فالصلاةُ في الجزء الذي مِن الكعبة مِن الحِجْر لا تصِحُّ.\n
قال المؤلف: (\n وتصِحُّ النَّافلةُ) اشترط قال: (\n باستقبالِ شاخصٍ منها) لا بدَّ أن يكون بين يديه شيءٌ شاخصٌ؛ أي: شخصٌ متشخِّصٌ قائمٌ من الكعبة، حتى في النافلة لا بدَّ من شاخصٍ. \n
ما هو الشاخص؟ \n
الشيءُ القائمُ المتَّصِل بالكعبة المبنِيُّ فيها، وعلى هذا فلو صلَّى إلى جهةِ الباب وهو مفتوحٌ -هو داخل الكعبةِ صلَّى إلى جهة الباب وهو مفتوح- هلْ تصحُّ صلاتُه؟ \n
على كلام المؤلف لا تصحُّ؛ لأنه ليس بين يديه شاخصٌ منها، فإنْ وضع لَبِنَةً أو لَبِنَتَيْنِ بين يديه لا تصحُّ أيضًا؛ لأنها ليستْ منها، ليستْ متَّصلة.\n
وقال بعضُ أهل العلم: إنه لا يُشتَرطُ استقبالُ الشاخص، قاله بعضُ أصحابنا، تصحُّ النافلةُ في الكعبة وإنْ لم يكنْ بين يديه شيءٌ منها شاخصٌ، واستدلُّوا لذلك بأنَّ الواجبَ استقبالُ الهواء، والهواءُ تابعٌ للقرار. \n
قالوا: ولذلك تصحُّ لو صلَّى على جَبَلٍ أعلى من الكعبة كما لو صلَّى على جَبَلِ أبي قُبَيْسٍ -الجبل الذي في أسفله الصفا- لو صلَّى فلا شكَّ أن الكعبة تحتَه ليس بين يديه شاخصٌ منها، ومع ذلك تصحُّ بالاتفاق، فكذلك إذا صلَّى في جوفِ الكعبةِ لا يُشترَطُ أن يكون بين يديه شاخصٌ منها. \n
ولكن هذا القياس فيه نَظَرٌ؛ لأن المصلِّي إلى الكعبة في مكانٍ أعلى يشاهِدُ شيئًا شاخصًا بين يديه وإن كان غير مُسامِتٍ له -يعني: غير محاذٍ له- فلا يصحُّ القياسُ، بخلافِ الإنسان الذي ليس بين يديه شيءٌ أبدًا، هو الآن في نفس الكعبة وليس بين يديه شيء، فهذا فرقٌ بين هذا وهذا. \n
ولا شكَّ أن الاحتياط أن يكون بين يديه شيءٌ شاخصٌ منها، لكنْ لو أنَّ الإنسان صلَّى وجاء يستفتي لا نستطيع أن نقول: إن صلاتَك غيرُ صحيحة. إنما نأمره قبلَ أن يُصلِّي ألا يُصلِّي إلا إلى شيءٍ شاخصٍ منها، ولهذا لَمَّا هُدِمَت الكعبةُ في عهد ابن الزبير بَنَى أخشابًا من أجْل أن يُصَلِّي الناسُ إليها، قال شيخ الإسلام: وهذا دليلٌ على أنه لا بدَّ أن يكون هناك شاخصٌ يصلَّى إليه. \n

***

ثم قال المؤلف رحمه الله: (\n ومنها) أي: من شروط الصلاة (\n استقبالُ القِبلة). \n
من شروط الصلاة استقبالُ القِبلة، والمرادُ بالقِبلة: الكعبة، وسُمِّيَتْ قِبْلةً لأنَّ الناسَ يستقبلونها بوجوههم ويَؤُمُّونها ويقصدونها، وكانتْ من شروط الصلاة بدلالة الكتاب والسُّنة:\n
أمَّا الكتاب فقوله تعالى: \n {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٥٠]. \n
وأما السُّنة فكثيرةٌ في هذا؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم للمُسيءِ في صلاته قال له: \n «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلةَ فَكَبِّرْ» \n .\n
وأجمعَ المسلمون على وجوبِ استقبالِ القِبْلة في الصلاة، فدلَّ على وجوبها الكتابُ والسُّنةُ والإجماعُ.\n
والحكمة من ذلك هي أن يتَّجِهَ الإنسانُ ببَدَنِه إلى مُعَظَّمٍ بأمْرِ اللهِ وهو البيتُ، كما يتَّجِهُ بقلْبه إلى ربِّه في السماء، فهُنا اتجاهان: اتجاهٌ قلْبِيٌّ، واتجاهٌ بَدَنِيٌّ؛ الاتجاهُ القَلْبِيُّ إلى الله عز وجل، والاتجاهُ البَدَنِيُّ إلى بيتِهِ الذي أَمَرَنا بالاتجاه إليه وتعظيمه.\n
ولا ريبَ أن في إيجاب استقبالِ القِبْلة من مظْهرِ اجتماعِ الأمَّةِ الإسلاميةِ ما لا يخفى على الناس، لولا هذا لكان الناسُ يصلُّون في مسجدٍ واحدٍ أحدهم يصلِّي إلى الجنوب، والثاني إلى الشَّمال، والثالث إلى الشرقِ، والرابع إلى الغرب، لكنْ إذا كانوا إلى اتجاهٍ واحدٍ صار ذلك من أكبر أسباب الائتلاف، أليس كذلك؟\n
ما ظنُّكم لو أن الناس يتَّجهون إلى ما شاؤوا، كم قِبلةً تكون لنا في هذا المسجد؟ أربعُ قِبَل، كلُّ واحدٍ له قِبْلة، وتتعذَّر الصفوف في الجماعة، لكنْ من الحِكْمة أن الله أوجب على المسلمين أن يتَّجهوا اتجاهًا واحدًا إلى الكعبة. \n
الاتجاه إلى الكعبة قلنا: إنه شرطٌ من شروط صحة الصلاة، والحكمة في وجوبه ظاهرةٌ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام في مكَّةَ يصلِّي إلى بيت المقدس، لكن الكعبة بَيْنَه وبَيْنَ بيتِ المقدس، فأين يقع مكانُه من المسجد؟\n
\n طالب: من جهة جنوب الركن اليماني.\n
\n الشيخ: إي، بين الركن اليماني والْحَجَر الأسود؛ لتكون الكعبةُ بينه وبين بيت المقدس. \n
ولَمَّا هاجر إلى المدينةِ بَقِيَ بأمْر الله عز وجل يصلِّي إلى بيت المقدس ستةَ عَشَرَ شهرًا وبعضَ السابع عَشَر، ثم بعد ذلك أُمِر بالتوجُّه إلى الكعبة.\n
يقول المؤلف: (\n فلا تَصِحُّ بدونه). (\n فلا تَصِحُّ) أي: الصلاةُ بدون استقبالِ القِبلة، ووجْهُ ذلك أنه شرطٌ، والقاعدة أنه إذا تخلَّفَ الشرطُ تخلَّفَ المشروطُ، فلا تصحُّ الصلاةُ بدونه لهذه العِلَّة.\n
فإن قُلتَ: ما هو الدليلُ؟ أنت الآن علَّلْتَ، لكنْ ما هو الدليل؟ \n
قلنا: الدليلُ هو ذلك الحديثُ الذي يُعتبر قاعدةً عظيمةً من قواعد الشرع؛ حديثُ عائشة رضي الله عنها: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n ، فمَن استقبلَ غير القِبْلة فقد عَمِل عملًا ليس عليه أمْرُ اللهِ ورسولِه، فيكون عملُه مردودًا.\n
استثنى المؤلفُ قال: (\n إلا لعاجزٍ)، العاجزُ تصحُّ صلاتُه بدون استقبالِ القِبْلةِ؛ مِثْل أنْ يكون مريضًا لا يستطيعُ الحركةَ وليس عنده أحدٌ يوجِّهُهُ إلى القِبْلة، فهُنا يتَّجهُ حيث كان وَجْهُهُ لأنه عاجزٌ.\n
ودليلُ ذلك قولُه تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقولُه تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقولُه تعالى: \n {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الأعراف: ٤٢]، وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» \n ، فالعاجز لا يَلْزمه استقبال القِبْلة لعجزه؛ لأنه غيرُ مكلَّفٍ بما يعجز عنه، فتصِحُّ الصلاةُ.\n
يُستثنى أيضًا في حال اشتداد الحربِ، يسقطُ استقبالُ القِبْلة، وقد يُقال: إنَّ هذا نوعٌ من العجز؛ يعني مِثْل لو كان الحربُ فيه كَرٌّ وفَرٌّ فإنه يسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة في هذه الحال.\n
الدليل؟\n
\n طالب: الأدلَّة السابقة.\n
\n الشيخ: الأدلَّة السابقة.\n
ومِثْل ذلك لو هَرَبَ الإنسانُ من عدوٍّ، أو هَرَبَ من سَيْلٍ، أو هَرَبَ من حريقٍ، أو هَرَبَ من زلازلَ أو ما أشبه ذلك؛ فإنه يسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة في هذه الحال، والأدلَّة ما سبق.\n
الثالث قال: (\n إلا لعاجز، ومتنفِّلٍ) هذه معطوفة على (عاجزٍ)، (\n ومتنفِّلٍ راكبٍ سائرٍ في سَفَرٍ).\n
(\n متنفِّلٍ) ضِدُّهُ: المفترِضُ، (\n راكبٍ) ضِدُّهُ: الماشي، وسيأتي بيانُ حُكْمه، (\n سائرٍ) ضِدُّهُ: المقيم الذي ليس يمشي، (\n في سَفَرٍ) ضدُّهُ: في حَضَرٍ.\n
إذَنْ نأخذ ثلاثة قيودٍ: (\n متنفِّل)، (\n سائر)، (\n في سَفَر).\n
\n طالب: (\n راكِب).\n
\n الشيخ: (\n راكِب) قلنا: مِثْل الماشي، لكنْ يزيدُ عليه قيودٌ، وإذَن ما حاجة نقول: راكب؛ لأنه قال: (\n وماشٍ)، إلا أنه يخالفه في بعض الأشياء.\n
في هذه الحال يسقط استقبال القبلة. \n
(\n متنفِّل) ضده؟\n
\n طلبة: مفترض.\n
\n الشيخ: (\n سائر) ضده النازل، (\n في سَفَر) ضده الحضر.\n
إذا قال قائلٌ: هذا استثناءٌ من عموم نصوص الكتاب؛ \n {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، فما هو الدليل؛ لأن هذا عمومٌ مِن أقوى العمومات؛ \n {حَيْثُ مَا كُنْتُمْ}، وهذه جملةٌ شرطية، وهي من أقوى العمومات؛ \n {حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، ما الذي أخرج هذه الحال؟\n
\n طالب: فِعْل النبيِّ.\n
\n الشيخ: نقول: أخرجتْها السُّنةُ؛ فِعْل الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ثَبَتَ في الصحيحينِ وغيرهما \n أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي النافلة على راحِلَتِهِ حيثُما توجَّهتْ به، إلا أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة \n ، فهذه السُّنَّةُ خصَّصَتْ عمومَ الآيات.\n
فإنْ قال قائلٌ: أفلا يمكن أن يكون هذا قَبْل وجوبِ استقبالِ القِبْلة؟\n
قلنا: لا يمكن؛ لأنهم استثنَوْا؛ الصحابةُ الذين رَوَوا الحديثَ استثنوا الفرائضَ، فدلَّ هذا على أنه بعدَ وجوبِ استقبالِ القِبْلة.\n
فإذا قال قائلٌ: ما نوع هذا التخصيص؟ \n
قلنا: هذا -الحقيقة- مِن غرائبِ التخصيصات؛ لأنه قرآنٌ خُصَّ بسُنَّةٍ، وقولٌ خُصَّ بفِعْلٍ؛ يعني لم يقُل الرسول عليه الصلاة والسلام: من تنفَّل في السفر فلا يستقبلْ، حتى نقول: إنه خُصَّ بقولٍ، بلْ نقولُ: هو قولٌ خُصَّ بفِعْلٍ، وقرآنٌ خُصَّ بسُنَّةٍ، ومعلومٌ أن تخصيص القول بالفعل أضعفُ من تخصيص القولِ بالقولِ، صحيح؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: ليش؟ \n
\n طالب: لاحتمال خصوصيَّة. \n
\n الشيخ: لاحتمال خصوصيَّة، لاحتمال نسيان، لاحتمال عُذْر، بخلافِ القول.\n
وأيضًا: تخصيصُ قرآنٍ بسُنَّةٍ أضعفُ من تخصيص قرآنٍ بقرآنٍ.\n
ولكنْ نقول: إن السُّنَّةَ تقعُ من الرسول عليه الصلاة والسلام بأمْرِ الله الصريحِ أو بأمْرِه الْحُكْميِّ الذي يُقِرُّ سبحانه وتعالى نبيَّه على ما قال أو على ما فَعَل، ولهذا إذا فَعَل الرسولُ عليه الصلاة والسلام شيئًا لا يُقِرُّه اللهُ عليه بيَّنه؛ قال الله تعالى له: \n {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [التوبة: ٤٣]، \n {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] ، \n {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: ٣٧]، فالله عز وجل لو أنَّ رسوله فَعَل فعلًا لا يريده شرعًا لَبَيَّنهُ سبحانه وتعالى. \n
فإذَنْ نقول: إنَّ فِعْل الرسولِ عليه الصلاة والسلام في تَرْكِ استقبالِ القِبْلة في التنفُّل في السفر كان بأيش؟ بأمْر اللهِ الْحُكْميِّ أو القوليِّ؟ الْحُكْمي؛ لأنه أَقَرَّه، فيكون ما جاءتْ به السُّنَّةُ كالذي جاء به القرآنُ تمامًا في أنه حُجَّةٌ.\n
هلْ تجوز الفريضة للراكبِ السائرِ في السَّفَر؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: لا، ما تجوز إلا في الحال التي يُعذَر فيها بترْكِ استقبالِ القِبْلة.\n
إذا كان المسافر نازلًا في مكان يتغدَّى ويمشى، هل يجوز أن يتنفَّل إلى غير القِبْلة؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا.\n
إذا كان الإنسان في البلد، لكن البلد متباعدةٌ أقطارُها؛ يعني البلد هذا يمكن ستين كيلو، فذَهَبَ من شَرْقه إلى غَرْبه نحو ستين كيلو أو ثمانين كيلو أو مئة كيلو، هلْ له أن يتنفَّل في هذه الحال إلى جهة سَيرِهِ؟\n
\n طلبة: لا، ليس مسافرًا.\n
\n الشيخ: ليس له ذلك؛ لأنه غير مسافرٍ، هو الآن في بلده.\n
لو قال قائلٌ: رجُلٌ في مكَّةَ في سيارته يتنفَّل، هل يجوز ذلك أو لا؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n طالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا، إنْ قلتم: يجوز؛ فهو خطأ، إن قلتم: لا يجوز..\n
\n طالب: إذا كان مستقبِلَ القِبْلة.\n
\n الشيخ: لا، غير مستقبِل القِبْلة.\n
\n طلبة: يكون مسافرًا.\n
\n الشيخ: إنْ كان مِن أهل مكَّةَ فلا يجوز، وإنْ كان من غيرهم فيجوز. \n
إذَنْ لو ذهبْتُ إلى مكَّةَ في العُمْرة، وصِرْتُ أتنفَّلُ مِن خروجي مِن المسجدِ الحرامِ إلى بيتي على السيارةِ يجوز ولو كانت الكعبةُ خلفَ ظهري؛ لأنني مسافرٌ، هذا هو الظاهر من عمومات الأدلَّة، وفيه شيءٌ من البحث والنظر.\n
\n طالب: ولو أنزلْت المتاعَ.\n
\n الشيخ: إي، ولو أنزلْت المتاعَ.\n
(\n في سَفَرٍ) لو كان السفرُ قصيرًا فظاهرُ كلام المؤلِّف أنه يجوز ولو كان السفرُ قصيرًا، فإذا خرجْتَ من البلد ولو إلى بلدٍ قريبةٍ منه، ولو كان خروجُك هذا لا يُعَدُّ سَفَرًا طويلًا تُقصر فيه الصلاة؛ فإنه يجوز للعموم، ولكنَّ بعضَ الأصحابِ رحمهم الله قالوا: لا يجوز التنفُّل على الراحلةِ إلا في سَفَرٍ يُقْصَر فيه، فإنْ كان لا يُقْصَر فيه فإنه لا يجوز.\n
قال: (\n ويَلْزمه افتتاحُ الصَّلاةِ إليها)، يعني: (\n يَلْزمه) أي: الراكبَ المتنفِّلَ في السفر (\n افتتاحُ الصلاةِ إليها) أي: إلى القِبْلة. \n
عموماتُ الأحاديثِ ليس فيها ذِكْر استقبالِ القِبْلة إلا في حديثٍ رواه أبو داود بإسنادٍ حَسَنٍ \n أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يصلِّي استقبلَ القِبْلة ثم أطْلَقَ راحِلَتَهُ حيثُما توجَّهَتْ \n . \n
فنقول: هذا الحديثُ إن صحَّ فإنه فِعْلٌ، ومجرَّد الفعل لا يدلُّ على الوجوب. \n
فنقول: الأكمَلُ أن تتَّجِهَ أوَّل ما تتَّجِهُ إلى القِبْلة، ولكنْ لو لم تفعلْ لكان هذا جائزًا ولا حَرَجَ؛ لأن أكثر الأحاديث جاءتْ عامَّةً أنه يصلِّي عليها النافلةَ حيثما توجَّهَتْ به.\n
(...). \n

***

\n طالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ومنها اجتنابُ النجاسةِ؛ فمَنْ حَمَلَ النجاسةَ لا يُعْفَى عنها). \n
\n الشيخ: (...) محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
سبق لنا أنَّ من شروط الصلاة استقبال القِبْلة، فما هو الدليل؟\n
\n طالب: قال الله عز وجل: \n {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.\n
\n الشيخ: شطرَ أيش؟\n
\n الطالب: شطرَ المسجد الحرام.\n
\n الشيخ: هات آيةً فيها نصٌّ على المسجد الحرام.\n
\n الطالب: \n {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.\n
\n الشيخ: ومن السُّنة.\n
\n الطالب: تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم الرجلَ المسيءَ في صلاته؛ قال: \n «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ».\n
\n الشيخ: أحسنت.\n
والإجماع؟\n
\n الطالب: والإجماع كذلك.\n
\n الشيخ: منعقد على وجوب استقبال..\n
\n الطالب: استقبال القِبْلة.\n
\n الشيخ: أحسنت. \n
ما هي الحِكْمة في إيجاب استقبال القِبْلة؟\n
\n طالب: الحِكْمة من وجوب استقبال القِبْلة..\n
\n الشيخ: في إيجابه.\n
\n الطالب: في إيجاب استقبال القِبْلة اجتماعُ المسلمين على قِبْلةٍ واحدةٍ.\n
\n الشيخ: هذه واحدة، على اتجاهٍ واحدٍ أو قِبْلةٍ واحدةٍ، هذه واحدة.\n
\n الطالب: ولأن اتجاهَ المسلمين إلى قِبْلةٍ واحدةٍ سببٌ في اجتماع قلوبهم.\n
\n الشيخ: هذه نتيجة الأُولى.\n
\n الطالب: استقبال الإنسان يكون بالبَدَن وبالقلْب؛ فبالقلب يتَّجه إلى الله عز وجل في السماء، وبالبَدَن يتجه إلى البيت المعظَّم.\n
\n الشيخ: أحسنت، ثالثًا؟\n
\n الطالب: ثالثًا: أن الصفوف لا يمكن تسويتُها إلا باستقبال القِبْلة، فإن الناس لو كانوا في مسجدٍ ولم يكن استقبال القِبْلة واجبًا لَرأَيْنا الناسَ يصلُّون في أربع جهات أو أكثر، فلمَّا كان استقبال القِبْلة واجبًا انضبطت الصفوف.\n
\n الشيخ: زين، رابعًا؟\n
\n طالب: تعظيم شعائر الله.\n
\n الشيخ: صح، أن هذا من تعظيم بيت الله عز وجل الذي قال الله تعالى: \n {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: ١٢٥] وأَمَر بتعظيمه.\n
\n طالب: ما ذَكَره الأخ يا شيخ؟\n
\n الشيخ: لا.\n
طيب، فيه شيء بعد، ذكرنا أربعًا.\n
\n طالب: وأنها استقبال الأنبياء جميعًا.\n
\n الشيخ: قِبْلة الأنبياء؟\n
\n الطالب: قِبْلة الأنبياء.\n
\n الشيخ: إي، بس هذه ما هي حكمة؛ لأنه يقال: ولماذا جُعِلتْ قِبْلة الأنبياء؟\n
\n طالب: تميُّز هذه الأُمَّة عن الأُمَمِ السابقة.\n
\n الشيخ: لا؛ لأن الأُمَمَ السابقة أيضًا أُمِرُوا بالتوجُّه للقِبْلة، على كلِّ حالٍ أربعُ فوائد تكفي.\n
استقبال القِبْلة شرطٌ، ويُستثنى من ذلك أشياء؟\n
\n طالب: إذا كان في شدة الحرب.\n
\n الشيخ: شدة الخوف.\n
\n الطالب: يعني بمعنى أنه لا يستطيع أن يصلِّي.\n
\n الشيخ: شدة الخوف.\n
\n الطالب: شدة الخوف.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n الطالب: الحرب؟\n
\n الشيخ: نعم، (شدة الخوف) أحسن من (الحرب) لأجْل قد يخاف الإنسانُ على نفْسه من دون حرب.\n
\n الطالب: \n {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩]\n
\n الشيخ: أين الدليل؟\n
\n الطالب: قوله تعالى: \n {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}.\n
\n الشيخ: نعم، \n {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، ومعلومٌ أن الراجل والراكب لا يتسنَّى له استقبالُ القِبْلة كما ينبغي غالبًا.\n
طيب، فيه آية عامَّة؟\n
\n طالب: فيه دليل ثانٍ.\n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتنفَّل على الراحلة.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قول الله تعالى: \n {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.\n
\n الشيخ: قوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، تمام، \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].\n
يُستثنى أيضًا؟\n
\n طالب: النافلة.\n
\n الشيخ: النافلة، شروط؟\n
\n الطالب: أن يكون راكبًا، سائرًا، في سَفَرٍ.\n
\n الشيخ: للراكب السائر في سَفَرٍ. \n
(راكب) هذا شرط ولَّا غير شرط؟\n
\n الطالب: نعم، شرطٌ على قول (...).\n
\n الشيخ: لا، على كلام المؤلف.\n
\n الطالب: نعم، شرط.\n
\n الشيخ: شرط!\n
\n طالب: غير شرط.\n
\n الشيخ: غير شرط على رأي المؤلف؟ \n
\n الطالب: (...). \n
\n الشيخ: إذَنْ أن يكون سائرًا..\n
\n طالب: سائرًا، وفي سَفَرٍ، ومتنفِّلًا.\n
\n الشيخ: النافلةُ في السفر للسائرِ لا للنازلِ.\n
دليل ذلك؟\n
\n طالب: حديثُ ابن عمر \n أنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي على راحِلَتِهِ حيثُما توجَّهَتْ به، إلَّا أنه لا يُصَلِّي بها الفريضة.\n
\n الشيخ: \n إلَّا أنه لا يُصَلِّي عليها المكتوبة -تمام- \n أو الفريضة \n .\n
وما هي الحِكْمة في إسقاط استقبال القِبْلة في هذه الصورة؟\n
\n طالب: إذا كان متنفِّلًا سائرًا، يعني فيه مشقة؛ قد يشقُّ عليه استقبالُ القِبْلة.\n
\n الشيخ: تشجيعُ الناسِ على كثرة النوافل حتى يكون الأمرُ سهلًا عليهم؛ يُصلِّي وهو على السيارة، على البعير، على الفَرَس، على أيِّ شيءٍ، ولو كُلِّفَ أن ينزل في الأرض كما يُكلَّف في الفريضة لَثَقُلَ عليهم التطوُّع وفاتَهم خيرٌ كثيرٌ، هذه مسألة. \n
المسألة الثانية ما ذَكَرها المؤلف.\n
المسألة الثالثة؟\n
\n طالب: العاجز عن استقبال القِبْلة.\n
\n الشيخ: العجز عن استقبال القِبْلة، مثل؟\n
\n الطالب: أن يكون مريضًا.\n
\n الشيخ: مِثْل أن يكون مريضًا وليس عنده مَن يوجِّهُهُ إلى القِبْلة، وهو لا يستطيع أن يتوجه إلى القِبْلة، فهُنا يسقط عنه الاستقبال. الدليل؟\n
\n الطالب: قول الله تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].\n
\n الشيخ: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، تمام.\n
\n طالب: الراكب ليس شرطًا على كلام المؤلف.\n
\n الشيخ: إي نعم، ليس بشرط. \n

***

قال المؤلف رحمه الله: (\n ويَلْزمُهُ افتتاحُ الصلاةِ إليها). \n
(\n يَلْزمُهُ) أي: الراكب (\n افتتاحُ الصلاةِ إليها)، ثم بعد ذلك يكون حيثُ كان وجَهُهُ، ودليلُ هذا حديثُ أَنَس بن مالكٍ رضي الله عنه الذي أخرجه أصحابُ السُّنن كأبي داود وغيره \n أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتنفَّل استقبلَ القِبْلةَ وكبَّرَ، ثم اتَّجَهَ حيثُ كان وَجْهُهُ \n . قالوا: فهذا دليلٌ على أنه يجب افتتاحُ الصلاةِ إلى القِبْلة؛ لأنَّ تكلُّفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعاناتَه لإيقاف البعير واتجاهَهُ إلى القِبْلة وقطْعَ المسيرِ يدلُّ على أنه أمْرٌ واجبٌ.\n
وقال بعضُ أهل العلم: إنه ليس بواجب. وأجابوا عن هذا الحديث بأمْرينِ: \n
أوَّلًا: أنه ليس إلى ذاك في درجةِ الصحة، وغايةُ ما قِيلَ فيه: إنه حَسَن.\n
والثاني: أنه فِعْلٌ، ومجرَّد الفعل لا يدلُّ على الوجوب، وحديثُ ابن عمر وغيرُه من الأحاديثِ عامٌّ \n أنه كان يُصَلِّي حيث كان وجْهُهُ.\n
وعليه فنقول: إن الصحيح في هذه المسألة أنَّ الأفضلَ أن يبتدئ الصلاةَ متَّجهًا إلى القبلة، ثم يتَّجه حيثُ كان وجْهُهُ، أمَّا أنْ يُجعَل ذلك واجبًا بمقتضى هذا الدليلِ المعارَضِ بعموم الأدلَّةِ التي هي أصحُّ منه ففي النفْس منه شيءٌ.\n
قال المؤلف: (\n وماشٍ) هذا معطوف على قوله: (\n راكبٍ)؛ يعني: ولمتنفِّلٍ ماشٍ؛ يعني: يمشي على قدميه، فيجوز للإنسان المسافر إذا كان يمشي على قدميه أن يكون اتِّجاهُهُ حيثُ كان وجْهُهُ، ويسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة، إلا أنه قال: \n
(\n ويَلْزمه الافتتاحُ والركوعُ والسجودُ إلَيْها)؛ يَلْزمه -أي: الماشي- الافتتاحُ إلى القِبْلة؛ لأنه إذا لَزِمَ الراكبَ مع معاناةِ صَرْفِ المركوبِ فلُزومُه في حقِّ الماشي من باب أَوْلى؛ لأن انصراف الماشي إلى القِبْلة أسهلُ من انصراف مَرْكوبه لو كان راكبًا.\n
كذلك يَلْزمه الركوعُ والسجودُ إليها أيضًا، أمَّا الراكبُ فلا يَلْزمه ركوعٌ ولا سجودٌ، وإنما يُومِئ إيماءً، أمَّا الماشي فيَلْزمه الركوعُ والسجودُ إليها؛ أي: إلى القِبْلة، فيختلفُ عن الراكب في أمْرينِ:\n
في أنه يَلْزمه الركوعُ والسجودُ، والراكبُ يكفيه الإيماءُ.\n
الثاني: أنه يجب أن يكون الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة بخلافِ الراكبِ، والعِلَّة في ذلك قالوا: لأن هذا سهلٌ على الماشي، أمَّا الراكبُ فلا يتحقَّق له الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة إلا إذا نَزَل، ونُزوله من مَرْكوبِهِ فيه صعوبةٌ ومشقَّةٌ.\n
ولكن الصحيح أنَّنا إنْ جوَّزْنا للماشي فإنه لا يَلْزمه الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة؛ لأن في ذلك مشقَّةٌ أيضًا؛ لأنه يستلزمُ الوقوفَ للركوعِ والسجودِ والجلوسِ بين السجدتينِ، وهذا يُعِيقُهُ بلا شكٍّ، لكنْ لو قُلنا: تُومِئُ إيماءً؛ لَكانَ يُمْكِنه أن يُومِئَ وهو ماشٍ في ركوعِهِ وسجودِهِ، فالصحيحُ أنَّنا إذا قُلنا بجوازِ ذلك للماشي فإنه لا يَلْزمه الركوعُ والسجودُ إلى القِبْلة، بلْ حُكْمه حُكْم الراكبِ في أنه يَلْزمه الافتتاحُ فقط؛ لأن الافتتاحَ مُدَّته وجيزةٌ، والانحراف إلى القِبْلة فيه يسيرٌ فلا يضرُّ، وإلا فيمشي على ما هو عليه.\n
ولكنْ نحن قُلنا: إنْ قُلْنا بالجواز. وهذا يدلُّ على أن في المسألةِ خلافًا، وهو كذلك؛ فإن من العلماء مَن يقول: إنَّ المسافرَ الماشيَ لا يجوز أن يتنفَّل حال مَشْيه؛ لأن الماشي سوف يعمل أعمالًا كثيرةً بالمشي، والراكب ساكنٌ لا يعمل، فلا يُلْحق هذا بهذا، ولأن تنفُّل المسافرِ الراكبِ على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل فهو خارجٌ عن الأصل ولا يُقاس عليه.\n
ولكن الذي يظهر -والله أعلم- أن القول الراجح ما قاله المؤلِّف في إلحاقِ الماشي بالراكب؛ لأن العِلَّة في جواز التنفُّل على الراحلة بدون عُذْرٍ هي حَمْل الإنسانِ وتشجيعُهُ على كثرةِ النوافل، وهذا حاصلٌ للمسافر الماشي كما هو حاصلٌ للمسافر الراكب.\n
وقولهم: إن هذا خلافُ الأصل، وما كان خلافَ الأصل فلا يُقاس عليه. نقول في جوابه: ما خَرَجَ عن الأصل لعِلَّةٍ معقولةٍ فلا مانعَ مِن أن يُقاس عليه؛ لأن القاعدةَ الشرعيَّةَ في هذه الشريعةِ أنها لا تفرق بين متماثلَينِ، ولا تجمع بين متفرِّقَينِ . \n
فإذا عَلِمْنا أن الشارعَ إنما رخَّص في الصلاة حيثُ كان وجْهُهُ على بعيرِهِ مِن أجْل أن يَحمِل الناس على كثرة النوافل ولا يَحْرِمَهم فنقول: هذا أيضًا في الماشي. وكثيرٌ من الناسِ المسافرين لا يجدون مركوبًا فتجدهم يمشون مع الرُّكْبانِ على أقدامهم مِن بلادهم إلى أنْ يرجعوا إلى بلادهم، وهذا شيءٌ معلومٌ يعرفه الناسُ مِن قَبْلُ لَمَّا كانوا يسافرون على الإبل.\n
قال: (\n ويَلْزمُه الركوعُ والسجودُ إليها). الماتنُ لم يُفصح بما يجب على المتنفِّلِ الراكبِ أو الماشي، بلْ ذَكَر أنه لا يَلْزمه استقبالُ القِبْلة، ولكن ماذا يستقبل؟ لم يبيِّنْ ذلك، ولكنْ قد بيَّنَت السُّنةُ هذا قبل المؤلِّف، وهو أنَّ قِبْلته جهة سَيْرِهِ، فلا بدَّ أن يكون متَّجهًا إمَّا إلى القِبْلة وإمَّا إلى جهةِ سَيْرِهِ، فلو فرضْنا أنه انحرفَ البعيرُ عن جهةِ سَيْرِهِ إلى جهةِ القِبْلة صحَّ ولَّا لا؟ صحَّ؛ لأنها هي الأصل. \n
ولو حَرَفَها عن جهةِ سَيْرِهِ لغير القِبْلة قال العلماء: لا يجوز؛ لأنه خَرَجَ عن استقبال القِبْلة وخَرَجَ عن استقبالِ سَيْرِهِ الذي أباحَ الشارعُ أن يكون قِبْلتَه مِن أجْل تسهيلِ سَيْرِه، فإذا عَدَلَ بها عن جهةِ سَيْرِهِ فإنها تَبْطُل، أمَّا إذا عَدَلَتْ به الدابةُ وعَصَفَتْ \n به فقال بعضُ أهل العلم: إنْ طال الفَصْل بَطَلَتْ صلاتُه، وإنْ لم يطُلْ لم تَبْطُلْ صلاتُه.\n
والصحيح أنه إذا عَجَزَ عن ردِّها لا تَبْطُلُ مطْلَقًا؛ لأنه يدخلُ فيما سبق في العاجز عن استقبال القِبْلة؛ ماذا يصنع هذا الرجلُ الذي جَفَلَتْ \n به الدابةُ وصارتْ تمشي على غير هُدًى وهو عاجزٌ عن كَبْحِ جماحها؟! فالصحيحُ أنه إذا عَجَزَ لم تَبْطُل ولو طال الفَصْل. \n

***

ثم بيَّن المؤلفُ رحمه الله كيف يكون استقبالُ القِبْلة، وذَكَر أنه على وجهينِ:\n
الوجه الأوَّل: أن يُلْزَم باستقبال عَيْنِ الكعبة.\n
والوجه الثاني: أن يُلْزَم باستقبال الجهة.\n
فمتى يكون إلزامُه باستقبال عينِ الكعبةِ؟ \n
قال المؤلف: (\n وفَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِن القِبْلَةِ إصابَةُ عينِها، ومَنْ بَعُدَ جِهَتها) أي: إصابةُ جِهَتِها أو استقبالُ جِهَتِها.\n
(\n فَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِن القِبْلَةِ)لم يحدِّد المؤلفُ القُرْبَ والبُعْدَ، فهَلْ يُرجَعُ في ذلك إلى العُرْف أم ماذا؟ \n
الجواب أنَّنا نقول: يمكن أن يُقال: إنَّ المؤلف حدَّدَ معنى القُرْب بقوله: (\n إصابةُ عينِها)، ولا تُمْكن إصابةُ العينِ إلَّا لِمَنْ أمْكَنَهُ مشاهدةُ العينِ، وعلى هذا فيكون القريبُ مَنْ أمْكَنَهُ مشاهدةُ الكعبةِ، فمَنْ أمْكَنَهُ مشاهدةُ الكعبةِ ففَرْضُهُ استقبالُ عينِ الكعبة.\n
وهل المرادُ الإمكانُ الشرعيُّ أو الإمكانُ الحسِّيُّ؟ \n
ظاهر كلامهم: أنَّ المراد الإمكانُ الحسِّيُّ، وأنَّه إذا أمْكَنَ المشاهدةُ حِسًّا وَجَبَ عليكَ إصابةُ العينِ وإنْ كان لا يُمْكنك شرعًا، وعلى هذا فمَنْ كان في صَحْنِ المسجدِ في صَحْنِ المطافِ فاستقبالُ عينِ الكعبةِ عليه؟ \n
\n الطلبة: فَرْضٌ. \n
\n الشيخ: فَرْضٌ، وسَهْل ولَّا صَعْب؟ \n
\n الطلبة: سَهْلٌ.\n
\n الشيخ: سَهْلٌ.\n
ومَنْ كان في المصباح في الرِّواقاتِ فهذا قد يكون سَهْلًا وقد يكون صعبًا، إذا كانت الصفوفُ قاطبةً وأمامَه عمودٌ من العُمُدِ الضِّخامِ فهُنا قد لا يستطيع رؤيتَها، ولا يستطيع أن يتحوَّل عن مكانه لأن الصفوف قاطبةً، التعذُّر هنا حِسِّيٌّ ولَّا شرعِيٌّ؟\n
\n طلبة: حسِّيٌّ.\n
\n الشيخ: يا إخوان، شرعيٌّ. أمَّا حسِّيٌّ: أنه يَقْدر يروح ويتخطَّى حتى يَصِلَ إلى صَحْن المطافِ، لكنه شرعيٌّ، فظاهر كلامهم أنَّ هذا لا تصحُّ صلاتُه حتى يكون مصيبًا لعينها، وإذا أخذْنا بهذا الرأيِ فإنَّ كثيرًا من الذين يُصلُّون في المسجد الحرام لا تصِحُّ صلاتُهم، لماذا؟ لأنَّ كثيرًا منهم نشاهدهم بأعيننا لا يصيبون عينَ الكعبة، يتَّجهون إلى جِهَتها صح، لكنْ ما يصيبون عينَها، تجد الصفَّ مستطيلًا، وبعضُهم يتَّجِهُ عن يمينِ الكعبةِ، وبعضُهم عن يسارِ الكعبةِ، وبعضُهم يتَّجِهُ إلى الكعبةِ تمامًا. \n

","SearchText":" عرفنا الدليل، فما هو التعليل؟ قال بعض العلماء: التعليل نهي الرسول عليه الصلاه والسلام، وامر الشرع ونهيه هو العله الموجبه بالنسبه للمءمن بدليل قوله تعالي: {وما كان لمءمن ولا مءمنه اذا قضي الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم} [الاحزاب: ٣٦]. اذن اذا قال: ما التعليل؟ نقول: لان الله امر به. ما التعليل؟ لان الرسول امر به. ما التعليل؟ لان الله نهي عنه. ما التعليل؟ لان الرسول نهي عنه. المءمن يكتفي بهذا ويقول: سمعنا واطعنا. ويدل لذلك ايضا بالاضافه الي دلاله القران ان عاءشه سءلت: ما بال الحاءض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاه؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنءمر بقضاء الصوم ولا نءمر بقضاء الصلاه ، يعني الحاءض، فبينت ان العله هي الامر. لكن مع ذلك الانسان يتطلب ويتشوق الي الحكمه المناسبه؛ لانه يعلم ان اوامر الشرع ونواهي الشرع كلها لحكمه، فما هذه الحكمه؟ وسءال الانسان عن الحكمه في المشروعات او في الاحكام الشرعيه او الجزاءيه امر جاءز، بل قد يكون مطلوبا اذا قصد به العلم، ولهذا لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم في النساء: «انكن اكثر اهل النار». قلن: بم يا رسول الله؟ -سالن: ويش الحكمه؟- قال: «لانكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير» . فالسءال عن الحكمه امر جاءز، بل قد يكون مطلوبا، لكن لا علي وجه انه ان بانت لك الحكمه امتثلت والا فلا. اقول: قال بعض العلماء: اننا لا نعلم الحكمه -هذا بعد ان نقرر ان الحكمه هي امر الله ورسوله، او نهي الرسول صلي الله عليه وسلم في هذه المساله- قال بعض العلماء: اننا لا نعلم الحكمه. والحكم الشرعي الذي لا تعلم حكمته يسمي عند اهل العلم تعبديا. اذن الحكمه تحقيق العباده بالتسليم لله سواء علمنا ام لم نعلم، وهذه والله حكمه عظيمه، هذه حكمه من اعظم الحكم، وان شءتم ولو اطلنا قليلا؛ رمي الحصي في محل الجمرات في الحج، لو قال قاءل: ما حكمته؟ حكمته التعبد لله؛ «انما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروه ورمي الجمار لاقامه ذكر الله» . فالتعبد لا شك انه من اعظم الحكم، ولهذا قال بعض العلماء: ان النهي عن الصلاه في اعطان الابل تعبدي؛ يعني اننا لا نعلم علته، لكن نتعبد لله تعالي به. سءال: ايما اعظم انقيادا واستسلاما؛ ان يستسلم الانسان للامر اذا لم يعلم حكمته، او يستسلم له اذا علم حكمته؟ الطلبه: الاول. الشيخ: الاول اعظم. وقال بعض العلماء: بل لانها نجسه؛ لان ارواثها نجسه وابوالها نجسه. وهذا مبني علي ان الابوال والارواث نجسه ولو من الحيوان الطاهر، والصحيح خلافه كما تقدم في باب النجاسه ، ولكن هذه العله باطله؛ اذ لو كانت هذه هي العله ما جازت الصلاه في مرابض الغنم؛ لان مرابض الغنم نفس الشيء، فالقاءلون بنجاسه ابعار الابل وابوالها يقولون بنجاسه ارواث الغنم وابوالها. وقيل: لان الابل شديده النفور، وربما تنفر وهو يصلي، فاذا نفرت ربما تدعسه؛ تطءه باقدامها، وينشغل قلبه، حتي وان لم تطاه ينشغل قلبه، لو كانت الابل هذه تهيج، تراوغ، ينشغل قلبه، فيكون النهي عنها لءلا ينشغل قلبه. لكن هذه العله ايضا فيها نظر؛ لان مقتضاها الا يكون النهي الا والابل موجوده، ثم قد تنقض بمرابض الغنم؛ الغنم اذا قامت تهيج وايش؟ طالب: (...). الشيخ: وتيعر، ومعها تيس يريد ضرابها، تشغل، فهل نقول: انها مثلها؟ لا، اذن هذه العله ايضا عليله. وقال بعض اهل العلم: انما نهي عن الصلاه في مبارك الابل او اعطانها لانها خلقت من الشياطين ، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الامام احمد باسناد صحيح ، واذا كانت مخلوقه من الشياطين فلا يبعد ان تصحبها الشياطين وتكون هذه الاماكن ماوي للابل ومعها الشياطين، وتكون الحكمه في النهي عن الصلاه فيها كالحكمه في النهي عن الصلاه في الحمام، وهذا الذي اختاره شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله، وهو اقرب ما يقال في الحكمه، ومع ذلك فالحكمه الحكيمه هي التعبد لله بذلك. يقول: ولا في ( مغصوب ) يعني: لا تصح الصلاه في مغصوب. المغصوب: كل ما اخذ من مالكه قهرا بغير حق، سواء اخذ بصوره عقد او بدون صوره عقد، كل ما اخذ من صاحبه بغير حق فهو مغصوب؛ فمثلا: لو جاء انسان لاخر وغصب منه ارضه وصلي بها فصلاته لا تصح لانها مغصوبه، ولو جاء انسان الي اخر وقال: بعني ارضك. قال: لا، ما انا بباءعها. قال: بعها والا قتلتك. فباعها اختيارا ولا اكراها؟ الطلبه: اكراها. الشيخ: اكراها، وصلي فيها، فهل تصح او لا؟ الطلبه: لا تصح. الشيخ: لا تصح، وان كانت ماخوذه بصوره عقد. اذن لا تصح الصلاه في مغصوب، وهو ما اخذ قهرا من مالكه بغير حق سواء كان بعقد او بغير عقد، المهم انه اخذ بغير حق. ما الدليل؟ نقول: ليس هناك دليل، لكن هناك تعليل، والعلل اوصاف مناسبه ماخوذه من قواعد الشريعه، كل العلل التي يقولها العلماء هي هذه؛ اوصاف مناسبه للحكم ماخوذه من قواعد الشريعه. يقول هءلاء الذين قالوا بانها لا تصح بالمغصوب: لان الانسان منهي عن المقام في هذا المكان؛ لانه ملك غيره، فاذا صلي فصلاته منهي عنها، والصلاه المنهي عنها لا تصح لانها مضاده للتعبد، كيف تتعبد لله تعالي بمعصيته؟! اذن فلا تصح الصلاه في المكان المغصوب، كما قالوا في الثوب المغصوب: لا يصح الستر به، وهذا هو التعليل الذي علل به من يقولون بانها لا تصح في المغصوب. والقول الثاني في المساله: انها تصح في المكان المغصوب مع الاثم؛ لانهم يقولون: ان الصلاه لم ينه عنها في المكان المغصوب، بل نهي عن الغصب، والغصب امر خارج؛ فانت اذا صليت فقد صليت كما امرت، واقامتك في المغصوب هي المحرمه، لو جاء الشرع بقوله: لا تصل في مكان مغصوب، لو جاء هكذا لقلنا: ان صليت في مكان مغصوب فصلاتك باطله، لكنه قال: {لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجاره عن تراض منكم} [النساء: ٢٩] هذا الذي قال، فالنهي هنا لا يعود الي الصلاه، يعود الي الغصب، فهو عاءد الي امر خارج، وهذا القول هو الصحيح: انها تصح في الارض المغصوبه لكن مع الاثم ، ياثم الانسان. كم هذه؟ كم ذكر المءلف؟ طالب: اربعه. الشيخ: ( لا تصح الصلاه في مقبره وحش وحمام واعطان ابل ومغصوب ) خمسه. قال المءلف ( واسطحتها ) يعني: لا تصح في اسطحه هذه الاماكن، فيكون هذا الموضع السادس؛ اسطحه هذه المواضع نشوف: اولا: سطح المقبره، لا تصح الصلاه فيه؛ لو وجدنا حجره مبنيه في المقبره فهل يجوز ان نصلي علي سطحها؟ يقول المءلف: لا. لماذا؟ لان الهواء تابع للقرار. ويش الهواء هذا؟ الارض اللي هي الارض؛ القرار، هذا معروف انه مقبره، الهواء ما فوق هذا القرار، الي وين؟ طالب: الي السماء السابعه. الشيخ: الي السماء السابعه! لا؛ من السماء الدنيا ما له حد، ترجع الي السماء السابعه! لا، الي السماء الدنيا. طالب: وينها السماء الدنيا! الشيخ: (...)، علي كل حال يقول العلماء: ان الهواء تابع للقرار. وهذا القول الذي قاله الفقهاء معمول به دوليا؛ الان اذا كان بين دوله واخري علاقه سيءه ما تسمح لطاءراتها تعبر اراضيها. طالب: (...). الشيخ: يقول: لان الهواء تابع للقرار. اي نعم. علي كل حال نقول: اسطحه هذه الاماكن لا تصح؛ لان الهواء تابع للقرار، وياتي -ان شاء الله- البحث فيها. *** بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. لما ذكر المءلف اجتناب النجاسه وانه شرط لصحه الصلاه ذكر استطرادا المواضع التي لا تصح الصلاه فيها، وذكر منها المقبره، فما الدليل؟ طالب: الدليل قول النبي صلي الله عليه وسلم «الارض كلها مسجد الا المقبره والحمام» . الشيخ: نعم، طيب، وذكر انها لا تصح في حش، الدليل؟ طالب: لانه مكان نجس. الشيخ: واذا نهي عن الصلاه في الحمام فالحش؟ الطالب: من باب اولي. الشيخ: من باب اولي؛ لانه تقضي فيه الحاجه: البول والغاءط، فهو اقرب الي النجاسه من الحمام. الحمام، الدليل؟ طالب: «الا المقبره والحمام» . الشيخ: قوله صلي الله عليه وسلم: «الا المقبره والحمام» . اعطان الابل، الدليل؟ طالب: قول النبي عليه الصلاه والسلام: «صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الابل» . الشيخ: احسنت، طيب، المغصوب؟ طالب: لان هذا المغصوب ليس ملكا للمصلي، لا تجوز الصلاه فيه لانه ليس ملكه. الشيخ: طيب لو استاجرت بيتك فالبيت ليس ملكي وتصح الصلاه فيه. الطالب: لا، اذا غصبته من صاحبه قهرا. الشيخ: اي، طيب، العله؟ الطالب: لانه ليس ملكك. الشيخ: لا. الطالب: العله لانه لا يجوز التعبد لله عز وجل في مكان منهي عنه. الشيخ: في مكان منهي عنه؛ يعني: لان المكث في المكان المغصوب حرام، فالمكث للصلاه فيه حرام، ولا يتعبد لله تعالي بشيء حرام؛ لان المعصيه تنافي الطاعه. التعليل؟ طالب: تعليل ثان: هو قول بعض العلماء علي ان الذي يصلي في ذلك المكان المغصوب فصلاته صحيحه؛ لانه صلي.. الشيخ: لا، هذا قول ثان. الطالب: قول ثان اقول. الشيخ: لا، فيه تعليل لعدم الصحه. الطالب: لعدم صحه الصلاه في المغصوب. الشيخ: اي نعم. الطالب: لان هذا يعتبر محرما (...) فهو قد يعتبر مضاده لله ورسوله؛ لانه فعل محرم. الشيخ: هذا الذي قال، ويمكن يستدل عليه بقول الرسول عليه الصلاه والسلام «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» . القول الثاني في المساله ان الصلاه في المغصوب تصح ؛ لان النهي فيه ليس عن الصلاه؛ فالشارع لم يقل: لا تصلوا في المغصوب، لكن قال: لا تغصبوا اموال الناس؛ «ان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام» ، ولو كان النهي عن الصلاه بعينها لصح التعليل؛ لانه لا يتقرب الي الله تعالي بمعصيته، وهذا القول اقرب الي الصحه؛ لان تعليله قوي. قال المءلف رحمه الله: ولا في ( اسطحتها ) يعني: ولا تصح الصلاه في اسطحتها؛ اي: اسطحه تلك الاماكن. الاماكن اللي ذكر المءلف كم؟ مقبره، حش، حمام، اعطان ابل، مغصوب؛ خمسه، وظاهر كلام المءلف ان الصلاه في غير هذا تصح، ولكن سبق لنا انها لا تصح في الارض النجسه؛ لانه يشترط طهاره مكان المصلي، وعلي هذا فتكون سته مواضع. قال: ولا في ( اسطحتها ) يعني: اسطحه تلك المواضع، فلو بني علي المقبره بناء وصلي الانسان فوق ذلك السطح فصلاته غير صحيحه، لماذا؟ لان الهواء تابع للقرار، فكما لا تصح الصلاه في قرار المقبره لا تصح في سطحها. ولكن هنا عله اقوي من هذا بالنسبه للمقبره، وهي ان عله النهي عن الصلاه في المقبره خوف ان يكون ذريعه لعباده القبور، والصلاه علي السطح قد تكون ذريعه، ولا سيما ان البناء علي المقابر اصله حرام، فيكون يجتمع فيه انه صلي علي بناء محرم للعله التي نهي عن الصلاه في المقبره من اجلها، فالصلاه علي سطح بني علي المقبره لا شك انها لا تصح؛ لان العله في النهي عن الصلاه في المقبره موجوده في الصلاه علي سطحها، كما ان البناء علي المقبره اصله منهي عنه، فيكون هذا المكان مشبها للمكان المغصوب. الحش لا تصح الصلاه في سطحه؛ لان الهواء تابع للقرار، ولكن هذا التعليل عليل؛ الهواء تابع للقرار في الملك، اما في الحكم فلا؛ فقد نهي عن الصلاه في الحش من اجل النجاسه، اذا لم يكن نجاسه في سطحه فلا مانع، وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره صاحب المغني ؛ علي ان الصلاه في السطح -سطح الحش وغيره مما ذكر- صحيحه علي ما سنفصله ان شاء الله تعالي. الصلاه اذن علي سطح الحش الصحيح انها صحيحه، ولكن هل تكره؟ سيتبين فيما بعد. والدليل علي انها صحيحه عموم قوله صلي الله عليه وسلم: «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا» ، وبناء علي ذلك فان الصلاه علي البياره (البلاعه) لا باس بها؛ لانها اقل من سطح الحش؛ فان سطح الحش قد يقول قاءل: انه داخل في اسم الحش فلا تصح الصلاه فيه، اما سطح البياره فليس تابعا لها، بل هو مستقل، وهذا هو الذي عليه عمل الناس؛ فان البيارات او انابيب المجاري الوسخه تمر من الاحواش ويصلي الناس فيها. الحمام لا تصح الصلاه علي سطحه؛ العله لان الهواء تابع للقرار، والقول الثاني في المساله ان الصلاه علي سطحه تصح؛ لان الحمام ان كانت العله فيه انه ماوي الشياطين فان الشياطين لا تاوي الا الي المكان الذي تكشف فيه العورات، وان كانت العله فيه خوف التنجس فكذلك السطح بعيد من هذه العله، وعلي هذا فتصح الصلاه في سطح الحمام . اعطان الابل كذلك علي المذهب لا تصح، والعله ان الهواء تابع للقرار، والصحيح: الصحه؛ فلو كان هناك حوش للابل تقيم فيه وتاوي اليه وجانب منه مسقف -كما يفعل كثيرا في احواش الابل- فالسقف الذي فوق هذا الحوش علي المذهب لا تصح الصلاه فيه؛ لان الهواء تابع للقرار. والصحيح صحه الصلاه فيه؛ لان هذا لا يدخل في قوله عليه الصلاه والسلام: «لا تصلوا في مبارك الابل» ؛ فان الابل لا تبرك فوق السطح، انما تبرك في اسفل. اذن الصحيح الان ان اسطحه هذه المواضع تصح الصلاه فيها ما عدا موضعا واحدا وهو المقبره ؛ لان العله الموجوده في النهي عن الصلاه في المقبره موجوده في النهي عن الصلاه في سطح علي بناء في المقبره. طيب، المغصوب، الصلاه في سطح المغصوب كالصلاه في المغصوب ان كان السطح مغصوبا، فان لم يكن مغصوبا فانه لا شك في صحه الصلاه فيه، واظن ان المذهب لا يقصدون ذلك؛ اي: لا يقصدون ما اذا كان السطح غير مغصوب. فاذا قلت: كيف صوره كون الاسفل مغصوبا والسطح غير مغصوب؟ قلنا: هذا بسيط؛ ياتي رجل غاصب فيغصب اسفل البيت ويدع اعلاه لصاحبه، فالسطح اذن مغصوب ولا غير مغصوب؟ الطلبه: غير مغصوب. الشيخ: غير مغصوب، وهذا لا اظن ان المذهب يقولون بعدم الصحه فيه؛ لان السطح الان ملك لصاحبه، لكن نقول: اذا غصب الانسان البيت كله فانه يكون كله مغصوبا، واذا كان مغصوبا فانه لا تصح الصلاه فيه علي قاعده المذهب. والحاصل ان سطح المغصوب في تصويره نظر؛ لماذا؟ لاننا نقول: ان كان سطح المغصوب داخلا في الغصب فهو مغصوب، وان كان خارجا عن الغصب فهو ملك لصاحبه، ولا نظن ان احدا من اهل العلم يقول: ان الصلاه لا تصح فيه، لا نظن ان احدا من اهل العلم يقول: انه لو تسلط رجل علي شخص وغصب اسفل بيته فان صاحب البيت لا تصح صلاته في اعلاه، لا اظن احدا يقول بهذا، وعليه فيستثني الطرفان من هذه الخمسه: المقبره والمغصوب؛ المقبره لان البناء علي المقبره كالمقبره في كونه ذريعه الي عباده القبور، ولهذا نهي عن البناء عليها، واما المغصوب فكما قلت: ان غصب الانسان الكل؛ الاسفل والاعلي، فالاعلي مغصوب، وان غصب الاسفل فقط فالاعلي ملك لصاحبه وليس بمغصوب وقد تمكن صاحبه منه. طالب: (...). الشيخ: كيف؟ الطالب: (...). الشيخ: فيه بياره في الحوش تصب فيها القاذورات، مسطحه هذه، تصح الصلاه عليها. الطالب: ملامسه. الشيخ: ما هي ملامسه. الطالب: للنجاسه. الشيخ: ان صلي في وسط البياره فنعم فهو ملامس، وان صلي فوق الصبه فليس بملامسه، الانابيب التي تمشي من جنسها؛ لانها انابيب تشتمل علي ما يشتمل عليه الحش من الاوساخ والقاذورات، فهي بمعناه، هي مواسير تترسب فيها هذه القاذورات. قال: ( وتصح اليها ) يعني: تصح الصلاه الي هذه الاماكن، ومعني ( تصح اليها ) يعني تصح الصلاه اذا كانت في قبلتك، فلو كان في قبله الانسان حمام فصلاته صحيحه، اذا كان في قبلته حش فصلاته صحيحه، اذا كان في قبلته اعطان ابل فصلاته صحيحه، اذا كان في قبلته مغصوب وهو في ارض مباحه فصلاته صحيحه، اذا كان في قبلته قبر فصلاته صحيحه؛ لان المءلف يقول: ( تصح اليها )، يصح ان يتجه الي المقبره، كل هذه المواطن الخمس تصح الصلاه اليها، الا انهم قالوا: انها تكره الصلاه اليها اذا لم يكن حاءل ولو كمءخره الرحل، مءخره الرحل يمكن نصف متر في نصف متر، يقولون: انها تصح الصلاه الي هذه الاماكن وتكره الا مع حاءل. نحتاج الان الي دليلين: دليل الصحه، ودليل الكراهه. اما دليل الصحه فعموم قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا» ، وهذه من الارض، وهي طهور، وليس فيها ما يمنع الصلاه، اذن فتصح بمقتضي هذا العموم. واما الكراهه فقالوا: لانها اماكن نهي عن الصلاه فيها فكره استقبالها. ولكن كما ترون هذا التعليل فيه نظر. وربما يعلل معلل بان هذا موضع اختلف العلماء في صحه الصلاه فيه؛ فكرهت الصلاه اليها خروجا من الخلاف. افهمتم الان؟ اذن الصحه لها دليل ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: لها دليل وهو عموم قوله: «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا» . الكراهه لها تعليل لكنه عليل؛ التعليل انه استقبل ما لا تصح الصلاه فيه فكرهت الصلاه اليه، او لانه موضع اختلف العلماء في صحه الصلاه فيه فكرهت الصلاه فيه خروجا من الخلاف، وكلا التعليلين عليل. اما الاول فنقول: هاتوا الدليل علي انه يكره الصلاه الي هذه الاشياء، واين الكراهه؟! وكيف تكون الكراهه من شخص يصلي في ارضه وامامه مكان مغصوب؟! ويش عليه منه؟! ربما نقول: ان الحش والحمام تكره الصلاه اليهما لان فيهما راءحه كريهه قد تءثر علي المصلي، والشيء الذي يءثر علي المصلي ويشوش عليه مكروه. اما اعطان الابل فربما نقول: اذا كانت الابل موجوده باركه فربما تكره الصلاه اليه؛ لانها ربما تتحرك ولا ترغي ولا ما اشبه ذلك فيءثر عليه في صلاته، فيكون في ذلك تشويش عليه. المغصوب قلنا: لا وجه للكراهه، واضح. الحش والحمام قلنا: يمكن ان يكون هناك كراهه، والعله ما هي؟ الطلبه: الراءحه. الشيخ: الراءحه التي قد يتاذي بها المصلي فينشغل قلبه. اعطان الابل قلنا: ان كانت الابل غير موجوده فلا وجه للكراهه، اللهم الا ان يكون فيه راءحه، اذا كانت موجوده فللكراهه وجه وهو انه قد ينشغل بالرءيه اليها وهي قد ترغي وقد تضطرب، فيشوش عليه. ويش بقينا؟ طالب: المقبره. الشيخ: المقبره، الصحيح تحريم الصلاه اليها ، ما هو بالكراهه، ولو قيل بعدم الصحه لكان له وجه -بالصلاه الي المقبره- وذلك لان النبي صلي الله عليه وسلم صح عنه من حديث ابي مرثد الغنوي انه قال: «لا تجلسوا علي القبور ولا تصلوا اليها» ، او قال «لا تجلسوا الي القبور ولا تصلوا عليها» ، فهذا يدل علي تحريم الصلاه الي المقبره، او الي القبور، او الي القبر الواحد؛ لان العله من منع الصلاه في المقبره موجوده في الصلاه الي القبر، فما دام الانسان يتجه الي القبر او الي المقبره اتجاها يقال: انه يصلي اليها؛ فانه يدخل في النهي، واذا كان داخلا في النهي لم يصح؛ لقوله: «لا تصلوا» ، فالنهي هنا عن الصلاه، فاذا صلي الي القبر فقد اجتمع في فعله هذا طاعه ومعصيه، وهذا لا يمكن ان يتقرب الي الله تعالي بمعصيته. فاذا قال قاءل: ما هو الحد الفاصل؟ قلنا: الجدار فاصل، الا ان يكون جدار المقبره ففي النفس منه شيء، لكن اذا كان جدارا يحول بينك وبين المقابر للمكان الذي انت تصلي فيه فهذا لا شك انه لا نهي، كذلك لو كان بينك وبينها شارع فهنا لا نهي، او كان بينك وبين المقبره مسافه لا تعد مصليا اليها حدها بعضهم بمسافه الستره للمصلي، وعلي هذا فهي تكون مسافه قريبه، لكن لا شك ان هذا يوهم، فان احدا من الناس لو راك تصلي وبينك وبين المقبره ثلاثه اذرع بدون جدار لاوهم ذلك انك تصلي الي القبور، اذن لا بد من مسافه يعلم بها انك لا تصلي الي القبر. المواضع التي ذكر المءلف انها لا تصح الصلاه اليها كم؟ طلبه: خمسه. الشيخ: خمسه، كذا؟ طالب: (...). الشيخ: الموضع النجس في غير هذا، في اول العباره. طيب، (المقبره، الحش، الحمام، اعطان الابل، المغصوب، اسطحتها) سته، (الموضع النجس) سبعه. الموضع النجس وان لم يكن حشا او حماما، حتي لو مسجد يكون فيه نجاسه، ما تصلي في النجاسه. طيب، هذه سبعه، وظاهر كلام المءلف ان ما عدا هذه سبعه تصح الصلاه فيه؛ مثل: قارعه الطريق، المجزره؛ الا اذا صليت علي المكان النجس فيدخل في كلامه، المزبله تصح الصلاه فيها. طالب: (...). الشيخ: الا، كلام المءلف، ما ذكر المزبله، اذن فالمزبله تصح الصلاه فيها اذا كان الزبل طاهرا، اما اذا كان نجسا فقد دخل في كلام المءلف في المنع. قارعه الطريق؛ لو صلي الانسان في الطريق فصلاته صحيحه، لكن اذا كان الطريق مسلوكا فالصلاه فيه حال سلوك الناس فيه تكون مكروهه من اجل الانشغال والتشويش، فان كان مسلوكا بالسيارات؟ طلبه: حرم. الشيخ: حرم، ليش؟ طلبه: (...). الشيخ: نعم، فقد نقول بالتحريم؛ لانه لا يتاتي ان يقيم الصلاه والسيارات تمشي، او يعطل الناس فيعتدي عليهم؛ لان وقوف الناس في اماكن الطرق يمنع الناس من التطرق عدوان عليهم، الحق لهم. *** الكعبه؛ قال المءلف: ( ولا تصح الفريضه في الكعبه ولا فوقها ). نقف علي هذا اذا كان فيه اسءله. طالب: مسجد في جده بعيد عن جده، يدخل اليه بعض الكفار فيتبولون ويتغوطون في داخل المسجد، فهل هذا المسجد يصح الصلاه فيه؟ (...) في المحراب وفي.. الشيخ: ليش يا اخي؟! كيف يمكنون الكفار او غير الكفار من البول فيه؟ طلبه: مهجور، بعيد، خارج.. الشيخ: اذا كان مهجورا يهدم يا اخي. الطالب: موجود. الشيخ: لا، هذه -جزاك الله خيرا- اذا بلغت تمشي لجده بلغنا، يكتب لرءيس البلديه ولا لغيره من الجهات المسءوله. الطالب: كتبنا له، وارسلنا لهم صورا.. الشيخ: ما عليك انت. *** طالب: (...) وصلي الله علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ولا تصح الفريضه في الكعبه ولا فوقها، وتصح النافله باستقبال شاخص منها. ومنها: استقبال القبله؛ فلا تصح بدونه الا لعاجز، ومتنفل راكب ساءر في سفر ويلزمه افتتاح الصلاه اليها، وماش ويلزمه الافتتاح والركوع والسجود اليها. وفرض من قرب من القبله اصابه عينها، ومن بعد جهتها، فان اخبره ثقه بيقين او وجد محاريب اسلاميه عمل بها، ويستدل عليها في السفر بالقطب، ويستدل عليها بالشمس والقمر ومنازلهما. وان اجتهد مجتهدان فاختلفا في جهه لم يتبع .. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. ما هي المواضع التي ذكر المءلف ان الصلاه لا تصح فيها؟ طالب: ذكر المءلف سته مواضع: الاول المقبره، كذلك الحش، والحمام، واعطان الابل، والمغصوب، وكذلك اسطحه هذه الاماكن، والمكان النجس. الشيخ: احسنت، سبعه. ما هو القول الراجح في الاسطحه؟ طالب: القول الراجح: جاءز، ما عدا المقبره والمغصوب. الشيخ: المغصوب كذا علي الاطلاق؟ طالب: اذا كان السطح مغصوبا. الشيخ: ان كان مغصوبا لا تصح الصلاه فيه، ان كان غير مغصوب؟ طالب: اذا كان غير مغصوب (...) السطح لا يجوز لانه (...). الشيخ: كيف لا تجوز؟! اذا كان السطح غير مغصوب وصلي به مالكه؟ طالب: مالكه، يجوز. الشيخ: اذن سطح المغصوب فيه تفصيل، ان كان مغصوبا فله حكم الغصب، وان كان غير مغصوب صحت الصلاه فيه. سطح المقبره؟ طالب: لا يجوز. الشيخ: لا تجوز الصلاه فيه؛ لان العله التي منعت الصلاه في المقبره موجوده فيه. بقيتها تصح الصلاه علي سطوحها. وهل تكره او لا؟ طالب: علي اسطحه المقبره؟ الشيخ: لا، المقبره ما تصح، انتهينا منها، والمغصوب فيه التفصيل، غيرها هل تكره الصلاه علي سطوحها او لا تكره؟ الطالب: علي كلام المءلف تكره، ولكن .. الشيخ: لا، غلط. طالب: (...). الشيخ: كيف ما فهمت؟ طالب: في اسطحه المواضع الباقيه علي كلام المءلف انها مثل المقبره والغصب. الشيخ: يعني؟ الطالب: ينهي عن الصلاه فيها. الشيخ: يعني تصح ولا ما تصح؟ الطالب: لا تصح. الشيخ: يكره الصلاه فيها؟ الطالب: اي نعم لكن لا تصح، تحرم. الشيخ: ويش تقولون؟ الطلبه: (...) صح. الشيخ: صح؟ الطلبه: نعم، تحرم. الشيخ: هل تصح الصلاه اليها؟ طالب: اي نعم. الشيخ: مطلقا؟ الطالب: بعضهم قالوا: اذا لم يكن فيها فاصل ما.. الشيخ: هو اذا كان فيها فاصل ما كرهت. الطالب: لكن (...) انه يجوز. الشيخ: ما ضبطت. الطالب: الا اذا كان فيه اذيه بالريح. طالب: الصلاه الي المقبره تحرم. الشيخ: نعم، ولا تصح. الطالب: وغيرها اما الكراهه او الجواز. الشيخ: طيب، ان ادي الي انشغال المصلي كره لاشغاله والا؟ طالب: والا صحت الصلاه. الشيخ: والا فلا كراهه، الصلاه تصح. كلام المءلف يدل علي ان الصلاه الي المقبره صحيحه ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: منين تاخذه؟ الطالب: من قوله: ( وتصح اليها ). الشيخ: ( وتصح اليها )، وقد ذكر انها لا تصح في المقبره، ثم قال: ( وتصح اليها ). صححنا ان القول بعدم صحه الصلاه الي القبور هو الصحيح ، فما هو الدليل؟ طالب: ما.. الشيخ: ما رواه مسلم عن ابي مرثد الغنوي ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: الطالب: معناه انه نهي عن الصلاه الي المقابر. الشيخ: انه نهي عن الصلاه الي القبور؛ قال: «لا تجلسوا علي القبور ولا تصلوا اليها» . *** قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ولا تصح الفريضه في الكعبه ولا فوقها ). الفريضه اذا اطلقت فالمراد ما وجب باصل الشرع، والفراءض ست: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والجمعه. وان شءنا قلنا: خمس؛ لان الجمعه تكون بدلا عن الظهر. علي كل حال الفراءض الخمس -الجمعه والظهر علي التبادل- لا تصح في الكعبه، لماذا؟ لقول الله تعالي: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام} ، والمصلي في الكعبه لا يكون مستقبلا للبيت كله؛ لان بعض البيت يكون خلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا تصح. ( ولا فوقها ) يعني: ولا تصح الفريضه فوق الكعبه؛ يعني: علي السطح؛ يعني: لا داخلها ولا فوقها علي سطحها؛ للعله التي ذكرنا انه لم يستقبل جميع البيت وانما استقبل جانبا منه، الا اذا وقف علي منتهي الجدار بحيث تكون الكعبه كلها امامه فتصح؛ مثل لو وقف علي اخر العتبه من الباب فانها تصح، او وقف علي اخر الجدار من السطح فان الصلاه تصح؛ لان الكعبه كلها الان بين يديه، هكذا عللوا . والقول الثاني في المساله: ان صلاه الفريضه في الكعبه تصح كالنافله. والمءلف -رحمه الله- لما خصص الفريضه بعدم الصحه علم من كلامه ان النافله تصح، وهنا يحسن ان نتكلم علي كلام المءلف اولا فنقول: يفهم من قول المءلف: ( لا تصح الفريضه ) ان النافله تصح، كذا؟ مفهوم مخالفه ولا موافقه؟ الطلبه: مخالفه. الشيخ: مفهوم مخالفه؛ لان ضد الفريضه النافله، وضد عدم الصحه الصحه، اذن فالمفهوم هنا مفهوم مخالفه؛ يعني: تصح النافله في الكعبه وفوقها. ما هو الدليل؟ الدليل: ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من ان رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي في جوف الكعبه نافله، صلي ركعتين نافله ، ومعلوم ان ما ثبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فانه صحيح فتكون النافله صحيحه. المنذوره هل تصح في الكعبه؟ يعني: لو نذر احد ان يصلي ركعتين فهل يصح ان يصلي في الكعبه؟ ننظر، نقول: كلام المءلف اشتمل علي منطوق ومفهوم عرفنا حكمهما؛ الفريضه عرفنا حكمها بالمنطوق وانها لا تصح، والنافله عرفنا حكمها بالمفهوم انها تصح. بقينا بالمنذوره؛ المنذوره يمكن ان نقول: ان كلام المءلف يقتضي ان يكون مسكوتا عنها؛ لانها لا تدخل في الفريضه ولا تدخل في النافله، ولكن قد يقول قاءل: اننا ننظر ايها اقرب الي الفريضه او الي النافله فنلحقها بالاقرب؛ ان نظرنا الي انها لم تجب باصل الشرع وانما اوجبها المكلف علي نفسه قلنا: الحاقها بالنافله اقرب؛ لان الشرع لم يلزمه بها. وان نظرنا الي ان الشرع الزمه بها اذا وجد سببها وهو النذر؛ لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «من نذر ان يطيع الله فليطعه» قلنا: انها اقرب الي الفريضه، ولذلك اختلف العلماء فيها: فمنهم من قال: ان المنذوره تلحق بالفريضه فلا تصح في الكعبه. ومنهم من قال: لا، تلحق بالنافله؛ لانها غير واجبه باصل الشرع، فتلحق بالنافله وتصح في الكعبه. هذا الحكم في النذر المطلق الذي قال فيه الناذر: لله علي نذر ان اصلي ركعتين. اما النذر المقيد في الكعبه فيصح فيها؛ مثل ان يقول: لله علي نذر ان اصلي ركعتين في الكعبه. فتصح الصلاه هذه في الكعبه قولا واحدا؛ لانه نذرها نذرا مقيدا بماذا؟ في الكعبه، فيكون علي حسب ما نذر؛ قال النبي صلي الله عليه وسلم «من نذر ان يطيع الله فليطعه» . نرجع الي القول الثاني في مساله الفريضه؛ القول الثاني في المساله: ان الفريضه تصح في الكعبه كما تصح النافله، والحديث الذي استدل به من استدل؛ حديث ابن عمر ان رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي ان يصلي في سبعه مواطن ذكر منها: فوق ظهر بيت الله ، هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجه. فقالوا: ان الفريضه تصح كالنافله، واستدلوا لذلك بان الاصل تساوي الفرض والنفل في جميع الاحكام الا بدليل، هذا هو الاصل، فكل ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، وكل ما انتفي في النفل انتفي في الفرض، الا بدليل. واستدلوا علي هذا الاصل -وهو ان الاصل تساوي الفرض والنفل- استدلوا لذلك بان الصحابه لما ذكروا ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يصلي علي راحلته حيثما توجهت به، قالوا: غير انه لا يصلي عليها المكتوبه ، فاستثنوا؛ غير انه لا يصلي عليها المكتوبه ، وهذا يدل علي انهم لو لم يستثنوا لكانت المكتوبه كالنافله تصلي علي الراحله، فهذا دليل علي ان الاصل تساوي الاحكام بين الفراءض والنوافل، وما استدل به من الحديث ضعيف ومن التعليل ايضا ضعيف؛ لان الله عز وجل يقول: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} ، وشطره بمعني جهته، وهذا يشمل استقبال جميع الكعبه او جزء منها، كما فسرت ذلك السنه بصلاه الرسول صلي الله عليه وسلم في الكعبه. اذن فالصحيح في هذه المساله ان الصلاه في الكعبه صحيحه فرضا ونفلا . فان قال قاءل: اني لنا ان نصلي في الكعبه؟ فالجواب من وجهين؛ احدهما: ان ذلك غير ممتنع عقلا ولا حسا؛ بامكان الانسان ان يفتح له باب الكعبه ويصلي في جوفها، وقد وقع هذا لمحدثكم سنه من السنين، ثم اذا لم يمكن ان يفتح له الباب فالحجر مفتوح له، والحجر سته اذرع منه وشيء؛ حوالي النصف، كله من الكعبه، فمن الممكن ان يصلي الانسان الفريضه في الحجر. فاذا قال قاءل: الواقع قد يمنع من ذلك؛ لانهم الان يمنعون من صلاه الفريضه في الحجر، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: اذا اقيمت الصلاه طلعوا الناس من الحجر. الجواب: نعم، هذا صحيح، لكن يمكن ان يصلي الانسان فاءته في غير صلاه الجماعه يصليها في نفس الحجر، فاذا فعل ذلك فهل تصح او لا؟ ينبني علي الخلاف؛ ان قلنا بعدم الصحه -صحه الفريضه في الكعبه- فالصلاه في الجزء الذي من الكعبه من الحجر لا تصح. قال المءلف: ( وتصح النافله ) اشترط قال: ( باستقبال شاخص منها ) لا بد ان يكون بين يديه شيء شاخص؛ اي: شخص متشخص قاءم من الكعبه، حتي في النافله لا بد من شاخص. ما هو الشاخص؟ الشيء القاءم المتصل بالكعبه المبني فيها، وعلي هذا فلو صلي الي جهه الباب وهو مفتوح -هو داخل الكعبه صلي الي جهه الباب وهو مفتوح- هل تصح صلاته؟ علي كلام المءلف لا تصح؛ لانه ليس بين يديه شاخص منها، فان وضع لبنه او لبنتين بين يديه لا تصح ايضا؛ لانها ليست منها، ليست متصله. وقال بعض اهل العلم: انه لا يشترط استقبال الشاخص، قاله بعض اصحابنا، تصح النافله في الكعبه وان لم يكن بين يديه شيء منها شاخص، واستدلوا لذلك بان الواجب استقبال الهواء، والهواء تابع للقرار. قالوا: ولذلك تصح لو صلي علي جبل اعلي من الكعبه كما لو صلي علي جبل ابي قبيس -الجبل الذي في اسفله الصفا- لو صلي فلا شك ان الكعبه تحته ليس بين يديه شاخص منها، ومع ذلك تصح بالاتفاق، فكذلك اذا صلي في جوف الكعبه لا يشترط ان يكون بين يديه شاخص منها. ولكن هذا القياس فيه نظر؛ لان المصلي الي الكعبه في مكان اعلي يشاهد شيءا شاخصا بين يديه وان كان غير مسامت له -يعني: غير محاذ له- فلا يصح القياس، بخلاف الانسان الذي ليس بين يديه شيء ابدا، هو الان في نفس الكعبه وليس بين يديه شيء، فهذا فرق بين هذا وهذا. ولا شك ان الاحتياط ان يكون بين يديه شيء شاخص منها، لكن لو ان الانسان صلي وجاء يستفتي لا نستطيع ان نقول: ان صلاتك غير صحيحه. انما نامره قبل ان يصلي الا يصلي الا الي شيء شاخص منها، ولهذا لما هدمت الكعبه في عهد ابن الزبير بني اخشابا من اجل ان يصلي الناس اليها، قال شيخ الاسلام: وهذا دليل علي انه لا بد ان يكون هناك شاخص يصلي اليه. *** ثم قال المءلف رحمه الله: ( ومنها ) اي: من شروط الصلاه ( استقبال القبله ). من شروط الصلاه استقبال القبله، والمراد بالقبله: الكعبه، وسميت قبله لان الناس يستقبلونها بوجوههم ويءمونها ويقصدونها، وكانت من شروط الصلاه بدلاله الكتاب والسنه: اما الكتاب فقوله تعالي: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقره: ١٥٠]. واما السنه فكثيره في هذا؛ منها قوله صلي الله عليه وسلم للمسيء في صلاته قال له: «اذا قمت الي الصلاه فاسبغ الوضوء، ثم استقبل القبله فكبر» . واجمع المسلمون علي وجوب استقبال القبله في الصلاه، فدل علي وجوبها الكتاب والسنه والاجماع. والحكمه من ذلك هي ان يتجه الانسان ببدنه الي معظم بامر الله وهو البيت، كما يتجه بقلبه الي ربه في السماء، فهنا اتجاهان: اتجاه قلبي، واتجاه بدني؛ الاتجاه القلبي الي الله عز وجل، والاتجاه البدني الي بيته الذي امرنا بالاتجاه اليه وتعظيمه. ولا ريب ان في ايجاب استقبال القبله من مظهر اجتماع الامه الاسلاميه ما لا يخفي علي الناس، لولا هذا لكان الناس يصلون في مسجد واحد احدهم يصلي الي الجنوب، والثاني الي الشمال، والثالث الي الشرق، والرابع الي الغرب، لكن اذا كانوا الي اتجاه واحد صار ذلك من اكبر اسباب الاءتلاف، اليس كذلك؟ ما ظنكم لو ان الناس يتجهون الي ما شاءوا، كم قبله تكون لنا في هذا المسجد؟ اربع قبل، كل واحد له قبله، وتتعذر الصفوف في الجماعه، لكن من الحكمه ان الله اوجب علي المسلمين ان يتجهوا اتجاها واحدا الي الكعبه. الاتجاه الي الكعبه قلنا: انه شرط من شروط صحه الصلاه، والحكمه في وجوبه ظاهره، وكان الرسول عليه الصلاه والسلام في مكه يصلي الي بيت المقدس، لكن الكعبه بينه وبين بيت المقدس، فاين يقع مكانه من المسجد؟ طالب: من جهه جنوب الركن اليماني. الشيخ: اي، بين الركن اليماني والحجر الاسود؛ لتكون الكعبه بينه وبين بيت المقدس. ولما هاجر الي المدينه بقي بامر الله عز وجل يصلي الي بيت المقدس سته عشر شهرا وبعض السابع عشر، ثم بعد ذلك امر بالتوجه الي الكعبه. يقول المءلف: ( فلا تصح بدونه ). ( فلا تصح ) اي: الصلاه بدون استقبال القبله، ووجه ذلك انه شرط، والقاعده انه اذا تخلف الشرط تخلف المشروط، فلا تصح الصلاه بدونه لهذه العله. فان قلت: ما هو الدليل؟ انت الان عللت، لكن ما هو الدليل؟ قلنا: الدليل هو ذلك الحديث الذي يعتبر قاعده عظيمه من قواعد الشرع؛ حديث عاءشه رضي الله عنها: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، فمن استقبل غير القبله فقد عمل عملا ليس عليه امر الله ورسوله، فيكون عمله مردودا. استثني المءلف قال: ( الا لعاجز )، العاجز تصح صلاته بدون استقبال القبله؛ مثل ان يكون مريضا لا يستطيع الحركه وليس عنده احد يوجهه الي القبله، فهنا يتجه حيث كان وجهه لانه عاجز. ودليل ذلك قوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، وقوله تعالي: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]، وقوله تعالي: {والذين امنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا الا وسعها} [الاعراف: ٤٢]، وقول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم» ، فالعاجز لا يلزمه استقبال القبله لعجزه؛ لانه غير مكلف بما يعجز عنه، فتصح الصلاه. يستثني ايضا في حال اشتداد الحرب، يسقط استقبال القبله، وقد يقال: ان هذا نوع من العجز؛ يعني مثل لو كان الحرب فيه كر وفر فانه يسقط عنه استقبال القبله في هذه الحال. الدليل؟ طالب: الادله السابقه. الشيخ: الادله السابقه. ومثل ذلك لو هرب الانسان من عدو، او هرب من سيل، او هرب من حريق، او هرب من زلازل او ما اشبه ذلك؛ فانه يسقط عنه استقبال القبله في هذه الحال، والادله ما سبق. الثالث قال: ( الا لعاجز، ومتنفل ) هذه معطوفه علي (عاجز)، ( ومتنفل راكب ساءر في سفر ). ( متنفل ) ضده: المفترض، ( راكب ) ضده: الماشي، وسياتي بيان حكمه، ( ساءر ) ضده: المقيم الذي ليس يمشي، ( في سفر ) ضده: في حضر. اذن ناخذ ثلاثه قيود: ( متنفل )، ( ساءر )، ( في سفر ). طالب: ( راكب ). الشيخ: ( راكب ) قلنا: مثل الماشي، لكن يزيد عليه قيود، واذن ما حاجه نقول: راكب؛ لانه قال: ( وماش )، الا انه يخالفه في بعض الاشياء. في هذه الحال يسقط استقبال القبله. ( متنفل ) ضده؟ طلبه: مفترض. الشيخ: ( ساءر ) ضده النازل، ( في سفر ) ضده الحضر. اذا قال قاءل: هذا استثناء من عموم نصوص الكتاب؛ {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} ، فما هو الدليل؛ لان هذا عموم من اقوي العمومات؛ {حيث ما كنتم} ، وهذه جمله شرطيه، وهي من اقوي العمومات؛ {حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} ، ما الذي اخرج هذه الحال؟ طالب: فعل النبي. الشيخ: نقول: اخرجتها السنه؛ فعل الرسول عليه الصلاه والسلام، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يصلي النافله علي راحلته حيثما توجهت به، الا انه لا يصلي عليها المكتوبه ، فهذه السنه خصصت عموم الايات. فان قال قاءل: افلا يمكن ان يكون هذا قبل وجوب استقبال القبله؟ قلنا: لا يمكن؛ لانهم استثنوا؛ الصحابه الذين رووا الحديث استثنوا الفراءض، فدل هذا علي انه بعد وجوب استقبال القبله. فاذا قال قاءل: ما نوع هذا التخصيص؟ قلنا: هذا -الحقيقه- من غراءب التخصيصات؛ لانه قران خص بسنه، وقول خص بفعل؛ يعني لم يقل الرسول عليه الصلاه والسلام: من تنفل في السفر فلا يستقبل، حتي نقول: انه خص بقول، بل نقول: هو قول خص بفعل، وقران خص بسنه، ومعلوم ان تخصيص القول بالفعل اضعف من تخصيص القول بالقول، صحيح؟ طلبه: نعم. الشيخ: ليش؟ طالب: لاحتمال خصوصيه. الشيخ: لاحتمال خصوصيه، لاحتمال نسيان، لاحتمال عذر، بخلاف القول. وايضا: تخصيص قران بسنه اضعف من تخصيص قران بقران. ولكن نقول: ان السنه تقع من الرسول عليه الصلاه والسلام بامر الله الصريح او بامره الحكمي الذي يقر سبحانه وتعالي نبيه علي ما قال او علي ما فعل، ولهذا اذا فعل الرسول عليه الصلاه والسلام شيءا لا يقره الله عليه بينه؛ قال الله تعالي له: {عفا الله عنك لم اذنت لهم حتي يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين} [التوبه: ٤٣]، {يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك} [التحريم: ١] ، {واذ تقول للذي انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله احق ان تخشاه} [الاحزاب: ٣٧]، فالله عز وجل لو ان رسوله فعل فعلا لا يريده شرعا لبينه سبحانه وتعالي. فاذن نقول: ان فعل الرسول عليه الصلاه والسلام في ترك استقبال القبله في التنفل في السفر كان بايش؟ بامر الله الحكمي او القولي؟ الحكمي؛ لانه اقره، فيكون ما جاءت به السنه كالذي جاء به القران تماما في انه حجه. هل تجوز الفريضه للراكب الساءر في السفر؟ طالب: لا. الشيخ: لا، ما تجوز الا في الحال التي يعذر فيها بترك استقبال القبله. اذا كان المسافر نازلا في مكان يتغدي ويمشي، هل يجوز ان يتنفل الي غير القبله؟ طلبه: لا. الشيخ: لا. اذا كان الانسان في البلد، لكن البلد متباعده اقطارها؛ يعني البلد هذا يمكن ستين كيلو، فذهب من شرقه الي غربه نحو ستين كيلو او ثمانين كيلو او مءه كيلو، هل له ان يتنفل في هذه الحال الي جهه سيره؟ طلبه: لا، ليس مسافرا. الشيخ: ليس له ذلك؛ لانه غير مسافر، هو الان في بلده. لو قال قاءل: رجل في مكه في سيارته يتنفل، هل يجوز ذلك او لا؟ طلبه: (...). طالب: لا يجوز. الشيخ: لا، ان قلتم: يجوز؛ فهو خطا، ان قلتم: لا يجوز.. طالب: اذا كان مستقبل القبله. الشيخ: لا، غير مستقبل القبله. طلبه: يكون مسافرا. الشيخ: ان كان من اهل مكه فلا يجوز، وان كان من غيرهم فيجوز. اذن لو ذهبت الي مكه في العمره، وصرت اتنفل من خروجي من المسجد الحرام الي بيتي علي السياره يجوز ولو كانت الكعبه خلف ظهري؛ لانني مسافر، هذا هو الظاهر من عمومات الادله، وفيه شيء من البحث والنظر. طالب: ولو انزلت المتاع. الشيخ: اي، ولو انزلت المتاع. ( في سفر ) لو كان السفر قصيرا فظاهر كلام المءلف انه يجوز ولو كان السفر قصيرا، فاذا خرجت من البلد ولو الي بلد قريبه منه، ولو كان خروجك هذا لا يعد سفرا طويلا تقصر فيه الصلاه؛ فانه يجوز للعموم، ولكن بعض الاصحاب رحمهم الله قالوا: لا يجوز التنفل علي الراحله الا في سفر يقصر فيه، فان كان لا يقصر فيه فانه لا يجوز. قال: ( ويلزمه افتتاح الصلاه اليها )، يعني: ( يلزمه ) اي: الراكب المتنفل في السفر ( افتتاح الصلاه اليها ) اي: الي القبله. عمومات الاحاديث ليس فيها ذكر استقبال القبله الا في حديث رواه ابو داود باسناد حسن ان الرسول عليه الصلاه والسلام كان اذا اراد ان يصلي استقبل القبله ثم اطلق راحلته حيثما توجهت . فنقول: هذا الحديث ان صح فانه فعل، ومجرد الفعل لا يدل علي الوجوب. فنقول: الاكمل ان تتجه اول ما تتجه الي القبله، ولكن لو لم تفعل لكان هذا جاءزا ولا حرج؛ لان اكثر الاحاديث جاءت عامه انه يصلي عليها النافله حيثما توجهت به. (...). *** طالب: قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ومنها اجتناب النجاسه؛ فمن حمل النجاسه لا يعفي عنها ). الشيخ: (...) محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان من شروط الصلاه استقبال القبله، فما هو الدليل؟ طالب: قال الله عز وجل: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} . الشيخ: شطر ايش؟ الطالب: شطر المسجد الحرام. الشيخ: هات ايه فيها نص علي المسجد الحرام. الطالب: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} . الشيخ: ومن السنه. الطالب: تعليم الرسول صلي الله عليه وسلم الرجل المسيء في صلاته؛ قال: «اذا قمت الي الصلاه فاسبغ الوضوء، ثم استقبل القبله فكبر» . الشيخ: احسنت. والاجماع؟ الطالب: والاجماع كذلك. الشيخ: منعقد علي وجوب استقبال.. الطالب: استقبال القبله. الشيخ: احسنت. ما هي الحكمه في ايجاب استقبال القبله؟ طالب: الحكمه من وجوب استقبال القبله.. الشيخ: في ايجابه. الطالب: في ايجاب استقبال القبله اجتماع المسلمين علي قبله واحده. الشيخ: هذه واحده، علي اتجاه واحد او قبله واحده، هذه واحده. الطالب: ولان اتجاه المسلمين الي قبله واحده سبب في اجتماع قلوبهم. الشيخ: هذه نتيجه الاولي. الطالب: استقبال الانسان يكون بالبدن وبالقلب؛ فبالقلب يتجه الي الله عز وجل في السماء، وبالبدن يتجه الي البيت المعظم. الشيخ: احسنت، ثالثا؟ الطالب: ثالثا: ان الصفوف لا يمكن تسويتها الا باستقبال القبله، فان الناس لو كانوا في مسجد ولم يكن استقبال القبله واجبا لراينا الناس يصلون في اربع جهات او اكثر، فلما كان استقبال القبله واجبا انضبطت الصفوف. الشيخ: زين، رابعا؟ طالب: تعظيم شعاءر الله. الشيخ: صح، ان هذا من تعظيم بيت الله عز وجل الذي قال الله تعالي: {واذ جعلنا البيت مثابه للناس وامنا} [البقره: ١٢٥] وامر بتعظيمه. طالب: ما ذكره الاخ يا شيخ؟ الشيخ: لا. طيب، فيه شيء بعد، ذكرنا اربعا. طالب: وانها استقبال الانبياء جميعا. الشيخ: قبله الانبياء؟ الطالب: قبله الانبياء. الشيخ: اي، بس هذه ما هي حكمه؛ لانه يقال: ولماذا جعلت قبله الانبياء؟ طالب: تميز هذه الامه عن الامم السابقه. الشيخ: لا؛ لان الامم السابقه ايضا امروا بالتوجه للقبله، علي كل حال اربع فواءد تكفي. استقبال القبله شرط، ويستثني من ذلك اشياء؟ طالب: اذا كان في شده الحرب. الشيخ: شده الخوف. الطالب: يعني بمعني انه لا يستطيع ان يصلي. الشيخ: شده الخوف. الطالب: شده الخوف. الشيخ: ما الدليل؟ الطالب: الحرب؟ الشيخ: نعم، (شده الخوف) احسن من (الحرب) لاجل قد يخاف الانسان علي نفسه من دون حرب. الطالب: {حافظوا علي الصلوات والصلاه الوسطي وقوموا لله قانتين (٢٣٨) فان خفتم فرجالا او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقره: ٢٣٨، ٢٣٩] الشيخ: اين الدليل؟ الطالب: قوله تعالي: {حافظوا علي الصلوات والصلاه الوسطي وقوموا لله قانتين (٢٣٨) فان خفتم فرجالا او ركبانا} . الشيخ: نعم، {فرجالا او ركبانا} ، ومعلوم ان الراجل والراكب لا يتسني له استقبال القبله كما ينبغي غالبا. طيب، فيه ايه عامه؟ طالب: فيه دليل ثان. الشيخ: ما هو؟ الطالب: الرسول صلي الله عليه وسلم كان يتنفل علي الراحله. الشيخ: لا. طالب: قول الله تعالي: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا او اخطانا} [البقره: ٢٨٦] الشيخ: لا. طالب: قوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} . الشيخ: قوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، تمام، {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]. يستثني ايضا؟ طالب: النافله. الشيخ: النافله، شروط؟ الطالب: ان يكون راكبا، ساءرا، في سفر. الشيخ: للراكب الساءر في سفر. (راكب) هذا شرط ولا غير شرط؟ الطالب: نعم، شرط علي قول (...). الشيخ: لا، علي كلام المءلف. الطالب: نعم، شرط. الشيخ: شرط! طالب: غير شرط. الشيخ: غير شرط علي راي المءلف؟ الطالب: (...). الشيخ: اذن ان يكون ساءرا.. طالب: ساءرا، وفي سفر، ومتنفلا. الشيخ: النافله في السفر للساءر لا للنازل. دليل ذلك؟ طالب: حديث ابن عمر ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي علي راحلته حيثما توجهت به، الا انه لا يصلي بها الفريضه . الشيخ: الا انه لا يصلي عليها المكتوبه -تمام- او الفريضه . وما هي الحكمه في اسقاط استقبال القبله في هذه الصوره؟ طالب: اذا كان متنفلا ساءرا، يعني فيه مشقه؛ قد يشق عليه استقبال القبله. الشيخ: تشجيع الناس علي كثره النوافل حتي يكون الامر سهلا عليهم؛ يصلي وهو علي السياره، علي البعير، علي الفرس، علي اي شيء، ولو كلف ان ينزل في الارض كما يكلف في الفريضه لثقل عليهم التطوع وفاتهم خير كثير، هذه مساله. المساله الثانيه ما ذكرها المءلف. المساله الثالثه؟ طالب: العاجز عن استقبال القبله. الشيخ: العجز عن استقبال القبله، مثل؟ الطالب: ان يكون مريضا. الشيخ: مثل ان يكون مريضا وليس عنده من يوجهه الي القبله، وهو لا يستطيع ان يتوجه الي القبله، فهنا يسقط عنه الاستقبال. الدليل؟ الطالب: قول الله تعالي: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]. الشيخ: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} ، تمام. طالب: الراكب ليس شرطا علي كلام المءلف. الشيخ: اي نعم، ليس بشرط. *** قال المءلف رحمه الله: ( ويلزمه افتتاح الصلاه اليها ). ( يلزمه ) اي: الراكب ( افتتاح الصلاه اليها )، ثم بعد ذلك يكون حيث كان وجهه، ودليل هذا حديث انس بن مالك رضي الله عنه الذي اخرجه اصحاب السنن كابي داود وغيره ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يتنفل استقبل القبله وكبر، ثم اتجه حيث كان وجهه . قالوا: فهذا دليل علي انه يجب افتتاح الصلاه الي القبله؛ لان تكلف النبي صلي الله عليه وسلم ومعاناته لايقاف البعير واتجاهه الي القبله وقطع المسير يدل علي انه امر واجب. وقال بعض اهل العلم: انه ليس بواجب. واجابوا عن هذا الحديث بامرين: اولا: انه ليس الي ذاك في درجه الصحه، وغايه ما قيل فيه: انه حسن. والثاني: انه فعل، ومجرد الفعل لا يدل علي الوجوب، وحديث ابن عمر وغيره من الاحاديث عام انه كان يصلي حيث كان وجهه . وعليه فنقول: ان الصحيح في هذه المساله ان الافضل ان يبتدء الصلاه متجها الي القبله، ثم يتجه حيث كان وجهه ، اما ان يجعل ذلك واجبا بمقتضي هذا الدليل المعارض بعموم الادله التي هي اصح منه ففي النفس منه شيء. قال المءلف: ( وماش ) هذا معطوف علي قوله: ( راكب )؛ يعني: ولمتنفل ماش؛ يعني: يمشي علي قدميه، فيجوز للانسان المسافر اذا كان يمشي علي قدميه ان يكون اتجاهه حيث كان وجهه، ويسقط عنه استقبال القبله، الا انه قال: ( ويلزمه الافتتاح والركوع والسجود اليها )؛ يلزمه -اي: الماشي- الافتتاح الي القبله؛ لانه اذا لزم الراكب مع معاناه صرف المركوب فلزومه في حق الماشي من باب اولي؛ لان انصراف الماشي الي القبله اسهل من انصراف مركوبه لو كان راكبا. كذلك يلزمه الركوع والسجود اليها ايضا، اما الراكب فلا يلزمه ركوع ولا سجود، وانما يومء ايماء، اما الماشي فيلزمه الركوع والسجود اليها؛ اي: الي القبله، فيختلف عن الراكب في امرين: في انه يلزمه الركوع والسجود، والراكب يكفيه الايماء. الثاني: انه يجب ان يكون الركوع والسجود الي القبله بخلاف الراكب، والعله في ذلك قالوا: لان هذا سهل علي الماشي، اما الراكب فلا يتحقق له الركوع والسجود الي القبله الا اذا نزل، ونزوله من مركوبه فيه صعوبه ومشقه. ولكن الصحيح اننا ان جوزنا للماشي فانه لا يلزمه الركوع والسجود الي القبله؛ لان في ذلك مشقه ايضا؛ لانه يستلزم الوقوف للركوع والسجود والجلوس بين السجدتين، وهذا يعيقه بلا شك، لكن لو قلنا: تومء ايماء؛ لكان يمكنه ان يومء وهو ماش في ركوعه وسجوده، فالصحيح اننا اذا قلنا بجواز ذلك للماشي فانه لا يلزمه الركوع والسجود الي القبله، بل حكمه حكم الراكب في انه يلزمه الافتتاح فقط ؛ لان الافتتاح مدته وجيزه، والانحراف الي القبله فيه يسير فلا يضر، والا فيمشي علي ما هو عليه. ولكن نحن قلنا: ان قلنا بالجواز. وهذا يدل علي ان في المساله خلافا، وهو كذلك؛ فان من العلماء من يقول: ان المسافر الماشي لا يجوز ان يتنفل حال مشيه؛ لان الماشي سوف يعمل اعمالا كثيره بالمشي، والراكب ساكن لا يعمل، فلا يلحق هذا بهذا، ولان تنفل المسافر الراكب علي خلاف الاصل، وما جاء علي خلاف الاصل فهو خارج عن الاصل ولا يقاس عليه. ولكن الذي يظهر -والله اعلم- ان القول الراجح ما قاله المءلف في الحاق الماشي بالراكب ؛ لان العله في جواز التنفل علي الراحله بدون عذر هي حمل الانسان وتشجيعه علي كثره النوافل، وهذا حاصل للمسافر الماشي كما هو حاصل للمسافر الراكب. وقولهم: ان هذا خلاف الاصل، وما كان خلاف الاصل فلا يقاس عليه. نقول في جوابه: ما خرج عن الاصل لعله معقوله فلا مانع من ان يقاس عليه؛ لان القاعده الشرعيه في هذه الشريعه انها لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين متفرقين . فاذا علمنا ان الشارع انما رخص في الصلاه حيث كان وجهه علي بعيره من اجل ان يحمل الناس علي كثره النوافل ولا يحرمهم فنقول: هذا ايضا في الماشي. وكثير من الناس المسافرين لا يجدون مركوبا فتجدهم يمشون مع الركبان علي اقدامهم من بلادهم الي ان يرجعوا الي بلادهم، وهذا شيء معلوم يعرفه الناس من قبل لما كانوا يسافرون علي الابل. قال: ( ويلزمه الركوع والسجود اليها ). الماتن لم يفصح بما يجب علي المتنفل الراكب او الماشي، بل ذكر انه لا يلزمه استقبال القبله، ولكن ماذا يستقبل؟ لم يبين ذلك، ولكن قد بينت السنه هذا قبل المءلف، وهو ان قبلته جهه سيره، فلا بد ان يكون متجها اما الي القبله واما الي جهه سيره، فلو فرضنا انه انحرف البعير عن جهه سيره الي جهه القبله صح ولا لا؟ صح؛ لانها هي الاصل. ولو حرفها عن جهه سيره لغير القبله قال العلماء: لا يجوز؛ لانه خرج عن استقبال القبله وخرج عن استقبال سيره الذي اباح الشارع ان يكون قبلته من اجل تسهيل سيره، فاذا عدل بها عن جهه سيره فانها تبطل، اما اذا عدلت به الدابه وعصفت به فقال بعض اهل العلم: ان طال الفصل بطلت صلاته، وان لم يطل لم تبطل صلاته. والصحيح انه اذا عجز عن ردها لا تبطل مطلقا؛ لانه يدخل فيما سبق في العاجز عن استقبال القبله؛ ماذا يصنع هذا الرجل الذي جفلت به الدابه وصارت تمشي علي غير هدي وهو عاجز عن كبح جماحها؟! فالصحيح انه اذا عجز لم تبطل ولو طال الفصل . *** ثم بين المءلف رحمه الله كيف يكون استقبال القبله، وذكر انه علي وجهين: الوجه الاول: ان يلزم باستقبال عين الكعبه. والوجه الثاني: ان يلزم باستقبال الجهه. فمتي يكون الزامه باستقبال عين الكعبه؟ قال المءلف: ( وفرض من قرب من القبله اصابه عينها، ومن بعد جهتها ) اي: اصابه جهتها او استقبال جهتها. ( فرض من قرب من القبله )لم يحدد المءلف القرب والبعد، فهل يرجع في ذلك الي العرف ام ماذا؟ الجواب اننا نقول: يمكن ان يقال: ان المءلف حدد معني القرب بقوله: ( اصابه عينها )، ولا تمكن اصابه العين الا لمن امكنه مشاهده العين، وعلي هذا فيكون القريب من امكنه مشاهده الكعبه، فمن امكنه مشاهده الكعبه ففرضه استقبال عين الكعبه. وهل المراد الامكان الشرعي او الامكان الحسي؟ ظاهر كلامهم: ان المراد الامكان الحسي، وانه اذا امكن المشاهده حسا وجب عليك اصابه العين وان كان لا يمكنك شرعا، وعلي هذا فمن كان في صحن المسجد في صحن المطاف فاستقبال عين الكعبه عليه؟ الطلبه: فرض. الشيخ: فرض، وسهل ولا صعب؟ الطلبه: سهل. الشيخ: سهل. ومن كان في المصباح في الرواقات فهذا قد يكون سهلا وقد يكون صعبا، اذا كانت الصفوف قاطبه وامامه عمود من العمد الضخام فهنا قد لا يستطيع رءيتها، ولا يستطيع ان يتحول عن مكانه لان الصفوف قاطبه، التعذر هنا حسي ولا شرعي؟ طلبه: حسي. الشيخ: يا اخوان، شرعي. اما حسي: انه يقدر يروح ويتخطي حتي يصل الي صحن المطاف، لكنه شرعي، فظاهر كلامهم ان هذا لا تصح صلاته حتي يكون مصيبا لعينها، واذا اخذنا بهذا الراي فان كثيرا من الذين يصلون في المسجد الحرام لا تصح صلاتهم، لماذا؟ لان كثيرا منهم نشاهدهم باعيننا لا يصيبون عين الكعبه، يتجهون الي جهتها صح، لكن ما يصيبون عينها، تجد الصف مستطيلا، وبعضهم يتجه عن يمين الكعبه، وبعضهم عن يسار الكعبه، وبعضهم يتجه الي الكعبه تماما. "},{"Id":1703,"Name":"02 كتاب الصلاة 13","Sort":35,"Version":0,"LessonText":"

الإمكان الشرعي أو الإمكان الحسي؟
ظاهر كلامهم؛ أن المراد الإمكان الحسي، وأنه إذا أمكن المشاهدة حِسًّا وجب عليك إصابة العين، وإن كان لا يمكنك شرعًا، وعلى هذا؛ فمن كان في صحن المسجد، في صحن المطاف، فاستقبال عين الكعبة عليه فرض، وسهل ولَّا صعب؟
طلبة: سهل.
الشيخ: سهل، ومن كان في المصباح في الرواقات، فهذا قد يكون سهلًا، وقد يكون صعبًا، إذا كانت الصفوف قاطبة وأمامه عمود من العمد الضخام، فهنا قد لا يستطيع رؤيتها، ولا يستطيع أن يتحول عن مكانه؛ لأن الصفوف قاطبة، التعذر هنا حسي ولَّا شرعي؟
طلبة: حسي.
الشيخ: يا إخواني!
طلبة: شرعي.
الشيخ: شرعي، أما حسي يقدر يروح، ويتخطى حتى يصل إلى صحن المطاف، لكنه شرعي، فظاهر كلامهم أن هذا لا تصح صلاته حتى يكون مصيبًا للعين، مصيبًا لعينها، وإذا أخذنا بهذا الرأي فإن كثيرًا من الذين يُصلّون في المسجد الحرام لا تصح صلاتهم؛ لماذا؟
لأن كثيرًا منهم نشاهدهم بأعيننا لا يُصيبون عين الكعبة، يتجهون إلى جهتها، صح، لكن ما يصيبون عينها، تجد الصف مستطيلًا، وبعضهم يتجه عن يمين الكعبة، وبعضهم عن يسار الكعبة، وبعضهم يتجه إلى الكعبة تمامًا.
وكذلك الذين في السطح فوق سواء السطح المسقف أو سقف المسقف، إذا كانوا بعيدين عن الجدار المطل على صحن المطاف، فإن مشاهدتهم للكعبة متعذرة حسًّا ولَّا لا؟
طلبة: شرعًا.
الشيخ: شرعًا إذا كانت الصفوف قاطبة، أما حِسًّا يمكنهم يروحون، ويقفون على حد الجدار.
وهذه المسألة مشكلة علينا، الحقيقة أنها مشكلة باعتبار أن الإنسان إذا كان في آخر الصفوف لا يتمكن من مشاهدة الكعبة قطعًا، ولا يقول: إنه أصاب عينها، ما يستطيع أنه يجزم بهذا إطلاقًا، وإنما يستقبل الجهة أحيانًا، يشوف الظلمة والسواد، ويقول: هذا عين الكعبة، ثُمَّ يصلي، وإذا سلَّم ولا الكعبة عن يمينه، ولا عن يساره، وهذا كثيرًا، وأنا أعدت الصلاة مرة من المرات بعدما صليت معهم صلاة العصر أظن، ويوم سلَّمنا ولا الكعبة على يمينّا، وإحنا فوق، لازم إني أعيد الصلاة، وهذه الحقيقة مشكلة.
ولكني ما رأيت أحدًا من أهل العلم قال بأن من كان داخل المسجد فإن فرضه استقبال الجهة إلا قولًا في سبل السلام شرح بلوغ المرام ما عزاه لأحد، لكنه قاله تفقُّهًا من عنده، وإذا لم يكن أحد قال به قبله فهو غير مُسلَّم؛ لأن المعروف من كلام أهل العلم قاطبة أن من كان يُمكنه مشاهدتها ففرضه إصابة العين.
طالب: أخذ السُّترة يا شيخ، سُترة من العمد الكبيرة، بعضهم يحرصون على السترة يا شيخ، يجعلون بينهم وبين الكعبة سترة كبيرة.
الشيخ: إي، هو إذا كان الإنسان ما في الصف، يقدر واحد يتحرك من هنا ومن هنا حتى يضبط الاتجاه، لكن إذا صار صف يشكل؛ حتى بعض الأحيان إذا صار الصف ما استقام على عين الكعبة، إذا استقمت أنت على الكعبة (...) على كتف إنسان، ولا مشكلة؛ لأنهم يقولون: كذا، وأنت بتقول: كذا، المهم -على كل حال- يقدر يشوفه إذا ركع الناس أو إذا سجدوا ممكن.
طالب: إعادة الصلاة، يعني نفهم (...) وجوب الإعادة.
الشيخ: إي نعم، معلوم؛ إذا قلنا: إن فرض إصابة العين وأنا ما أصبت العين؛ معناه ما صحت صلاتي.
طالب: (...) ما تعم به البلوى كل الناس.
الشيخ: هذا اللي نقوله، أنا أقول: إذا لم يكن في المسألة إجماع، لو كان فيها خلاف من العلماء المعتبرين، إحنا نؤيد هذا؛ لأن المسألة ضرورية الآن، الناس ما يمكن وسط الأعمدة هذه وسط البعد، ولا يمكن مشاهدتها أبدًا. (...)

***

أما في صحن المسجد صحن المطاف موجود نفس البلاط، كل بلاطة مشغولة كأنها مكان رجل. \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لا، يأتي، لا بد، يأتي.\n
\n طالب: من كلام الشيخ الآن أنه فرض أنه داخل المسجد، ولا يرى الكعبة. \n
\n الشيخ: ظاهر كلامه أنه ما يلزمه.\n
\n الطالب: الجِهة فقط ليس (...).\n
\n الشيخ: ظاهر كلامه أنه ما يلزمه، لكن ما هو بيقول عن شيء: إنه ثابت؛ بحيث الإنسان يجزم بأن هذا اختيار شيخ الإسلام. \n
\n الطالب: أقول: ما هو بواضح؟\n
\n الشيخ: ما هو بواضح. \n
\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال ابن القيم في الجزء الرابع صفحة اثنين وخمسين.\n
\n الشيخ: من، من منين أي كتاب؟\n
\n الطالب: \n بدائع الفوائد، يتكلم عن مسألة التراب، ثم قال: إذا قلنا..\n
\n الشيخ: يتكلم عن أيش؟ \n
\n الطالب: عن مسألة التراب. \n
\n الشيخ: التراب؟!!!\n
\n الطالب: وعن الصابون الأشنان (...)، مسائل ابن الزاغوني وابن عقيل.\n
\n الشيخ: (...)!!\n
\n الطالب: مسائل ابن الزاغوني وابن عقيل.\n
\n الشيخ: إي، منقول هذا؟ \n
\n الطالب: يقول:\n إذا قلنا: الواجب التوجُّه إلى عين القبلة، وكان الصف طويلًا يزيد على سمت الكعبة؟ اختلف كلام أحمد في ذلك على روايتين:
إحداهما: أن طول الصف مع البُعد الكثير لا يؤثر ذلك مِيلًا عن الكعبة إلا قدرًا يخفى أمره، ويعسر اعتباره لا سيما فيما هو مأخوذ بالاجتهاد، فعفِي عنه.
والرواية الثانية: أنه إذا طال الصف من جانبي الإمام انحرف الطرفان إلى ما يلي الإمام انحرافًا يسيرًا، يجمع به توجيه الجميع إلى العين، ولا يشبه هذا خلاف المجتهدين؛ لأن كل واحد من المجتهِدَيْن يعتقد خطأ صاحبِه في اجتهاده، وفي مسألتنا قد اتفقا في الاجتهاد.
قلت: الصواب أنه مع كثرة البُعد يكثر المحاذي للعين، فإن قيل: هذا إنما يكون مع التقوُّس كالدائرة حول نقطة. قلنا: نعم، ولكن الدائرة إذا عظمت واتسعت جدًّا فإن التقوُّس لا يظهر في جانب محيطها إلا خفيفًا فيكون الخط الطويل متقوّسًا نحو شعرة، وهذا لا يظهر للحس.\n
\n الشيخ: بس، ما استفدنا.\n
\n طالب: (...). \n
\n الشيخ: ويش يقول؟ \n
\n طالب: أقرأ؟ \n
\n الشيخ: اقرأ. \n
\n الطالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:\n
قال الزبيدي في شرح الإحياء، المجلد السادس صفحة أربع مئة وثلاثة وأربعين، بعد قول الغزالي: \n وأشكل معناه على قوم إذ قالوا: إن قلنا: إن المطلوب العين، فمتى يتصور هذا مع بُعد الديار؟ وإن قلنا: المطلوب الجهة؛ فالواقف في المسجد إن استقبل جِهة الكعبة وهو خارج ببدنه عن موازاة الكعبة لا خلاف في أنه لا تصح صلاته. \n
ثم قال الزبيدي: \n اعلم أنه في اشتراط استقبال المصلَّى على الأرض له أحوال:\n
ثم ذكر الرابع فقال:\n أن يصلي بمكة خارج المسجد، وإن عاين الكعبة، كمن يُصلِّي على أبي قُبيس، صلَّى إليها، ولو بنى محرابه على العيان صلَّى إليه أبدًا، ولا يحتاج في كل صلاة إلى المعاينة، وفي معنى المعايِن: من نَشأ بمكة وتيقَّن أن إصابة الكعبة وإن لم يشاهدها حال الصلاة، فإن لم يُعاين، ولا تيقَّن الإصابة فله اعتماد الأدلة والعمل بالاجتهاد إن حال بينه وبين الكعبة حائل أصلي كالجبل، وكذا إن كان الحائل طارئًا كالبناء على الأصحّ، للمشقة في تكليف المعاينة. \n
\n الشيخ: هذا واضح إذا كان خارج المسجد؛ يعني مثل البيوت المجاورة للمسجد، الاستقبال للعين قد يكون صعبًا، لا سيما إذا كانت العمارة هابطة أمامها عمارات رفيعة ما يقدر الواحد..\n
\n الطالب: \n ثم قال السادس من الأحوال إذا كان بموضع لا يقين فيه، اعلم أن القادر على يقين القِبلة، لا يجوز له الاجتهاد، وفيمن استقبل حِجْر الكعبة مع تمكُّنه منها، وجهان:
الأصح بالمنع؛ لأن كونه من البيت غير مقطوع به، بل هو مظنون.\n
\n ثم اليقين، قد يحصل بالمعاينة، وبغيرها، كالناشئ بمكة، العارف يقينًا بأمارات، وكما لا يجوز الاجتهاد مع القدرة على اليقين، لا يجوز اعتماد قول غيره.
وأما غير القادر على اليقين، فإن وجد من يخبره بالقبلة اعتمد، ولم يجتهد، ثم قد يكون الخبر صريحًا لفظه، وقد يكون دلالة كالمحراب المعتمد، وإذا لم يجد العاجز من يخبره فتارة يقدر على الاجتهاد وتارة لا يقدر، فإن قدر لزمه واستقبل ما ظنه القبلة.
ثم قال الغزالي:\n فإذا فهم معنى العين والجهة فأقول: الذى يصح عندنا في الفتوى أن المطلوب بالاجتهاد العين إن كانت الكعبة مما يمكن رؤيتها.
قال الزبيدي:\n وهو أظهر القولين، واتفق العراقيون على تصحيحه كما تقدم.
قال الغزالي:\n وإن كان يحتاج إلى الاستدلال عليها بالأدلة لتعذُّر رؤيتها.
ثم قال الزبيدي:\n بأن حالَ بينه وبينها حائل أصلي كالجبل أو طارئ كالبناء فيكفي استقبال الجهة، وأما طلب العين عند المشاهدة فمُجمع عليه.
قال الزبيدي: \n وبه قال أصحابنا الحنفية: ففي التجنيس للمرغيناني: من كان بمعاينة الكعبة فالشرط إصابة عينها، ومن لم يكن بمعاينتها فالشرط إصابة جهتها؛ وهو المختار.
والمراد باستقبال الجهة عندنا: أن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتًا للكعبة ولو لهوائها؛ لأن المقابلة إن وقعت في مسافة بعيدة لا تزول بما تزول به من الانحراف لو كانت في مسافة قريبة، ويتفاوت ذلك بحسب تفاوت البُعد، وتبقى المسامتة مع انتقال مناسب لذلك البعد، فلو فُرِض خطّ من تلقاء وجه المستقبل للكعبة على التحقيق في بعض البلاد، وخط آخر يقطعه على زاويتين قائمتين من جانب يمين المستقبِل أو شماله لا تزول تلك المقابلة والتوجُّه بالانتقال إلى الشمال على ذلك الخط بفراسخ كثيرة.
ثم قال الغزالي:\n وأما الاكتفاء بالجهة عند تعذُّر المعاينة، فيدل عليه الكتاب والسُّنة، وفِعل الصحابة رضي الله عنهم، والقياس، أما الكتاب فقوله تعالى: ..
\n طالب: الأبنية الحادثة ما تعتبر الأعمدة أيضًا كثيرة؟ \n
\n الشيخ: العارضة هذه، البناء العارض؟ أقول: البناء العارض.\n
\n الطالب: الأعمدة (...). \n
\n طالب آخر: هو بناء طارئ. \n
\n الشيخ: إي، هو بناء طارئ لا شك، لكن المهم اللي يشكل على الإنسان أنه في المسجد الحرام يقدر بدل ما يصلي بهذا يتقدم، ويصلي ويشاهِد الكعبة، ما هو مثل اللي يصلي في بيته. \n
\n طالب: (...) ما يقدر يا شيخ. \n
\n طالب آخر: في المواسِم يا شيخ، في الظروف العادية كل المصلين تُصلي في صحن المسجد بسهولة يعني، ولا يمكن يترك الصفوف منقطعة، ويصلي خلف الأعمدة. \n
\n طالب آخر: في الأيام العادية ممكن (...) زحمة.\n
\n الشيخ: ما يتمكن. \n
\n طالب: حتى لو حاول يا شيخ ما يمكن، كيف يتخطى الناس؟! يتخطاهم إلى أن تنتهي الصلاة ولا يصل للكعبة. \n
\n الشيخ: لا، ويؤذي أيضًا.\n
\n الطالب: ويؤذي. \n
\n الشيخ: ويؤذي الناس. \n
\n طالب: شيخ، أقول أيضًا قياسًا على من كان خارج الحرم، وهو لا يشاهد الكعبة كمن في بيته فهذا مثله (...) في ذهنه وهو خارج الحرم. \n
\n طالب آخر: النووي يا شيخ في\n المجموع ذكر كلام بسط المسألة، قال فيه: \n ولو وقف الإمام بقرب الكعبة والمأمومون خلفه مستديرين بالكعبة جاز، ولو وقفوا في آخر المسجد، وامتد صف طويل جاز، وإن وقف بقربه، وامتد الصف فصلاة الخارجين عن محاذاة الكعبة باطلة.
\n الشيخ: نعم، وعلى كل حال، اتفاق الآن، من أمكنه المشاهدة. \n
\n طلبة: تعيَّن عليه. \n
\n الشيخ: تعيَّن عليه بالاتفاق، ومن لم تمكنه وهو خارج المسجد لم تجب عليه بالاتفاق، كذا ولَّا لا؟ وهذا واضح، المشكلة الآن من كان في المسجد، ويمكنه أن ينتقل من مكانه ليُشاهِد الكعبة، هل يجب عليه؟ هذا محل الإشكال.\n
\n طالب: كلام النووي يا شيخ الأخير، ولو وقفوا في آخر المسجد..\n
\n الشيخ: لا، كلام النووي الأخير معناه أنه ما هو بصف مستطيل وخارج عن مسامتة الكعبة، ما يريد هذا. \n
\n الطالب: يريد هذا يا شيخ. \n
\n الشيخ: ما يريد هكذا. \n
\n الطالب: \n وامتدّ صف طويل جاز، وإن وقف بقربه، وامتد الصف فصلاة الخارجين عن محاذاة الكعبة باطلة..
\n الشيخ: صحيح، الآن لو امتد الصف طرف المسجد امتد مثلًا، وليكن عشرين مترًا صحَّت صلاتهم؛ لأنهم كلهم يمكنهم اتجاههم للكعبة، لكن عشرين مترًا وهما قريبون ما يمكن.\n
\n طالب: طيب يا شيخ اللي عند الحجر يا شيخ ما يشوف.\n
\n الشيخ: طيب، نقرأ. \n
\n طالب: أليس العزم على من رأى الكعبة يا شيخ؟ \n
\n الشيخ: إي، ما فيه شك إلى الآن أنا ما أجزم بشيء، أجزم بأن لم يمكنه وهو خارج المسجد واضح، ومن أمكنه ولو خارج المسجد وجب استقبال العين. \n
\n طالب: يعني يتخطى الرقاب يا شيخ؟\n
\n الشيخ: وبقينا في مسألة من كان داخل المسجد. \n
\n طالب: ويستطيع.. \n
\n الشيخ: ويستطيع، لكن استطاعة أيش؟ حسية. \n
\n طالب: ومن لم يستطع؟ \n
\n الشيخ: اللي ما يستطيع مثلًا، لو كان إنسان ما يقدر يمشي؟\n
\n طالب: (...) الزحام يا شيخ (...).\n
\n الشيخ: على كل حال خلُّوا المسألة تكون مبنية عِلى علم. \n

***

بسم الله الرحمن الرحيم\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (وفرض من قرُب من القبلة إصابة عينها).\n
أولًا: يقول: \n (من قرُب) ولم يحدّد القرب، وقد سبق لنا في الدرس الماضي أن المراد به مَنْ أمكنه معاينة الكعبة، هذا يجب أن يُصيب عين الكعبة بكل بدنه ولَّا ببعض بدنه؟\n
يقولون: بكل بدنه، فلو فُرِض أن جانب وجهه الأيمن مساويًا للكعبة؛ والجانب الأيسر خارج عن الكعبة؛ ما صح، لا بد أن يكون اتجاهه كله إلى عين الكعبة، وذلك لأنه أمكن الاتجاه عن يقين، فوجب عليه؛ ولأن الأصل وجوب الاستقبال إلى البيت الذي هو البناء، هذا هو الأصل، وليس إلى المسجد كله، وإلا لصح أن نقول: لو كان للمسجد كله لصح أن نقول: إن الذي يُصلي في الجانب الجنوبي منه مثلًا له أن يَستقبل الجانب الشمالي منه، ولو كانت الكعبة على يمينه أو على يساره، ولا أحد يقول بهذا، فالمقصود الأول هو عيْن الكعبة، فإذا أمكن وجب.\n
\n (وفرض من بعُد)؛ يعني من بعُد من الكعبة بحيث لا يمكنه المشاهدة، \n (إصابة الجِهة)، فما هي الجهة؟ الجهة حدَّدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: \n «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» \n . لما قال: \n «شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». يريد بذلك ضد القبلة، وعلى هذا فيكون ما بين المشرق والمغرب بالنسبة لأهل المدينة كله قبلة، واضح؟ \n
\n طالب: (...)؟\n
\n الشيخ: ما بين المشرق والمغرب كله قبلة. \n
\n طالب: أهل المدينة.\n
\n الشيخ: أهل المدينة ما بين المشرق والمغرب، كله قبلة؛ فالجنوب كله قِبلة لهم، أعرفتم؟ ليس قبلتهم ما ساوى الكعبة فقط، لو كان ما ساوى الكعبة كم يجي؟ خلوه عشرين مترًا، لكن نحن نقول: ما بين المشرق والمغرب، الآن هذا المسجد؛ المشرق هنا، والمغرب هنا، والجنوب هنا، كل هذا، كذا، ولَّا كذا، ولَّا كذا، كله قِبلة؛ يعني سواء اتجهت إلى وسط الجنوب تمامًا أو إلى يمينه أو يساره، المهم ألا تخرج عن كونك مستقبلًا للجنوب، هذا هو استقبال الجهة، وبهذا نعرف أن الأمر واسع. \n
فلو رأينا شخصًا يُصلِّي منحرفًا يسيرًا عن مسامتة القبلة التي ندعي أنها هي القِبلة، فإن ذلك لا يضر؛ لأنه لم يزل متجهًا إلى القبلة، إلى الجهة؛ جهة القبلة لمن كانوا شمالًا عن الكعبة ما بين الشرق والغرب، جهة القبلة لمن كانوا شرقًا عن الكعبة ما بين الشمال والجنوب، وكذلك من كانوا غربًا ما بين الشمال والجنوب، ومن كانوا جنوبًا عن الكعبة ما بين الشرق والغرب. \n
فالجهات إذن أربع، هذا مقتضى الحديث، الجهات أربع، استقبل الجهة اللي فيها الكعبة، ولك كل الأفق؛ لأنه يخرج عنك ما كان اليمين والشمال، وإلا فكل الأفق لك، وهذا واسِع، والأمر فيه غير مُشكل، الْمُشكل هو من كان في نفس المسجد، ويمكنه إصابة العين، هذا هو الْمُشكل، ولَّا الباقي ما هو مشكل، فصار إصابة الجهة لمن كان بعيدًا.\n
طيب لو فرضنا أن واحدًا في جانب مكة، في شمال مكة، لكنه في جانب منها الجهة ولَّا لا؟\n
نعم، الجهة، لكن اعلموا أنه كلما قربت من الكعبة صغُرت الجهة، وهذا واضح، فإذا وصلت إلى أن تكون تحت جِدار الكعبة تكون الجهة بقَدْر بدنِك فقط؛ يعني لو تنحرف أقل انحراف صارت الكعبة إما عن يسارك أو عن يمينك، وكلما أبعدت اتسعت الجهة، وهذا أمر مُشاهَد؛ لأن النقطة الآن لو ضربتَ نُقطة وحطيت عليها دوائر تجد أنه كلما بعدت الدوائر عنها اتسعت. \n
ثم قال: \n (فإن أخبره ثقة بيقين عمل بقوله) نقف على هذا؛ لأنه يحتاج إلى بحث. \n
\n طالب: مثال: ناس اجتهدوا في القِبلة، صلَّى بعضهم إلى جهة، ثم قيل: لو انحرفت شمالًا أو يمينًا ما ينحرف؟ \n
\n الشيخ: ينحرف؛ لأن الأكمل أفضل ما فيه شك. \n
\n طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، التعبُّد بالنظر إلى الكعبة في الصلاة.\n
\n الشيخ: ما هو بصحيح، النظر إلى الكعبة ليس عبادة لا في الصلاة ولا خارج الصلاة. \n
\n طالب: (...) ينظرون؟ \n
\n الشيخ: إي كغيرها، إلى موضع سجوده على قول أكثر العلماء، أو تلقاء وجهه كما هو اختيار الإمام مالك أن الإنسان ينظر تلقاء وجهه؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في صلاة الكسوف (...). \n

***

\n طالب: \n قال في المحرر: وإصابة عين الكعبة فرض من قرب منها. ولم يُفرِّق بين أن يكون، ثم حائل أم لا، والذي قطع به غير واحد أنه إن كان، ثم حائل فإن كان أصليًّا كجبل، ففرضه الاجتهاد إلى عينها، وعنه إلى جهتها إن تعذَّر اليقين، وإن كان غير أصلي كالدور فلا بد من اليقين، فإن تعذَّر اجتهد.
ونقل ابن الزاغوني، وجماعة في رواية أن فرضه الاجتهاد، وهذا معنى قول بعضهم: إن كان غائبًا عن الكعبة بحيث يقدر على رؤيتها، لكنه مستتِر عنها بالمنازل والجدار، فهل فرضه يقين القبلة أو التوجُّه إليها بالاجتهاد؟ فيه روايتان؛ فإن قلنا: اليقين فأخطأ أعاد وإلَّا فلا.
قال الشيخ وجيه الدين: إن كان ممنوعًا بحائل من جبل أو أكَمة، فإنه يستخبر من على ذلك الحائل من المشاهدين، هذا إن كان الحائل من الأبنية المحدثة والجدران المستجدة؛ لأنه لو كُلِّف حكم المشاهدة لأدَّى إلى تكليفه بشيء يشق عليه.
ولأصحاب الشافعي وجهان:
أحدهما: كمذهبنا، فلا فرق بين الحائل المحدث والأصلي، وهو ظاهر كلام الشافعي.
والثاني: تجب عليه المعاينة، وذلك اليقين في الحائل المحدث؛ لأن ذلك فرضه قبل حدوث الحائل، وحدوث الحائل لا يُغيِّر حكم الموضع، والخبر يكون عن مشاهدَة أو عن علم. انتهى كلامه.
وقال القاضي في الجامع: أما من فرضه المعاينة كأن يكون في المسجد يُشاهِد الكعبة ويُعاينُها، وأما من فرضه الإحاطة واليقين وإن لم يُعاين، فهو كمن كان بمكة من أهلها، أو مِنْ غيرهم، لكن كثُر مقامه فيها، ولكنه من دون حائِل عن الكعبة لأمر أصلي الخلقة كالمنازل والتلول؛ لأنه يتمكن من التوجُّه إلى عينها قطعًا، وإن كان من غير حائل، وهكذا من كان بالمدينة ففرضُه الإحاطة واليقين؛ لأنه يتوجَّه إلى محراب النبي صلى الله عليه وسلم فيُقطع على أنه متوجِّه إلى الكعبة.
وأما من فرضه الخبر فمن خفي عليه التوجه، وهناك من يُخبر عن الكعبة عن علم ويقين، وأما من فرضه التقليد، فمن خفِيت عليه الدلائل ولم يتوصل إلى القبلة بالدليل، وأما من فرضه الاجتهاد، فمن كان من مكة على مسافة لا يتوصل إلى المعاينة، ولا يتمكن من الإحاطة واليقين، ولا ممن يخبره عن إحاطة ويقين.
وأما من كان بمكة أو بالقرب منها من دون حائل عن الكعبة، فإن كان الحائل كالجبال والتلول ففرضه الاجتهاد أيضًا، وإن كان لا من أصل خلقة كالمنازل؛ ففرضه الإحاطة واليقين.
وكل من قلنا: فرضه الإحاطة أو اليقين أو الخبر عمل عليه، وكل من قلنا: فرضه الاجتهاد، فهل عليه الاجتهاد في طلب العين أو الجهة؟ على روايتين.
وذكر القاضي أن المشهور والصحيح عن الإمام أحمد أن عليه الاجتهاد في طلب الجهة، وأن علي بن سعيد قال: إنه مذهب الإمام أحمد، وكذا عند غيره من الأصحاب.
وذكر القاضي وغيره الفائدة التي ذكرها في المحرر على الروايتين، وأنه لو اختلف اجتهاد رجلين في الجهة الواحدة، لكن أحدهما يميل يمينًا، والآخر يميل شمالًا، فهل لأحدهما أن يأتمَّ بالآخر؟ ينبني على ذلك.
قوله: أو من مسجد الرسول..
\n الشيخ: أحسنت، فيه عمومات، ما هي بصريحة؛ إنه إذا صار حائل سواء أصلي ولَّا طارئ؛ فإن فرضه الاجتهاد، وأنه إذا اجتهد، وبان الخطأ فلا إعادة عليه، وهذا عام يشمل من كان في المسجد، ومن كان خارج المسجد. \n
ولكن ما ذكرتم البارحة إذا كان هناك زحام، ولا يتمكن فيجتهد ويتحرى، هذا هو الظاهر إنه يجتهد ويتحرى، وإذا أخطأ فلا إعادة عليه؛ لأن الله يقول: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]. \n
\n طالب: إذا شاهدنا واحدًا في الصحن يُصلِّي إلى غير جهة الكعبة إلى غير العين، هل نقول: صلاتك باطلة وتعيد؟ \n
\n الشيخ: إي نعم. \n
\n الطالب: نوجب عليه إعادة. \n
\n الشيخ: إي، نوجب عليه إعادة؛ لأنه شاهدها. \n
\n طالب: بالنسبة (...) يا شيخ للآن ما ذكرنا الدليل على وجوب النظر إلى الكعبة. \n
\n الشيخ: ما فيه وجوب، النظر إلى الكعبة لا يجب بل ولا (...). \n

***

\n طالب: \n .. المسجد الحرام.\n
\n الشيخ: حين صلَّى؟\n
\n الطالب: \n داخل المسجد الحرام. \n
\n أولًا: المذهب الحنفي:
تناقل فقهاء الشافعية -رحمهم الله- قولًا لأبي حنيفة بجواز التوجُّه إلى جهة الكعبة دون عينها لمن صلَّى داخل المسجد الحرام، قال الرافعي في فتح العزيز، المجلد الثالث صفحة ثنتين وعشرين بعد المئتين ما نصه:
الثانية: أن الإمام يقف خلف المقام، والقوم يقفون مستديرين بالبيت، فلو استطال الصف خلفه، ولم يستديروا فصلاة الخارجين عن محاذاة الكعبة باطلة؛ لأنهم لا يسمون مُستقبلين، وذكر صاحب التهذيب وغيره من أصحابنا أن أبا حنيفة يُصحِّح صلاة الخارجين عن محاذاة الكعبة؛ لأن الجهة كافية عنده.
ثم قال:\n لكن أبا الحسن الكرخي وغيره من أصحاب أبي حنيفة فصَّلوا، وقالوا: الفرض على المصلِّي استقبال القبلة وإصابة عينها إذا قدِر عليها، أو الجهة إذا لم يقدر على عينها، وهذا يدل على أنه إنما يكتفي بالجهة في حق البعيد الذي لا يقدر على إصابة العين لا مطلقًا. انتهى.
ولم أقف على رأي أبي حنيفة هذا مع البحث في كثير من كتب الحنفية، بل جاء في الفتاوى الهندية تبعًا لفتاوى قاضي خان: اتفقوا -أي الحنفية- على أن القبلة في حق من كان بمكة عينُ الكعبة فيلزمه التوجه إليها.
وفي الدراية كما في البناية: من كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل يمنع المشاهدة كالأبنية، فالأصح أن حكمه حكم الغائب، ولو كان الحائل أصليًّا كالجبل، فله أن يجتهد، والأولى أن يصعد على الجبل حتى تكون صلاته إلى الكعبة يقينًا.
وفي معنى ما تقدم ورد في شروح الهداية كفتح القدير لابن الهمام، والعناية للبابرتي، والبناية للزيلعي، وفي بدائع الصنائع وأحكام القرآن للجصاص، وحاشية ابن عابدين وغيرها من كتبهم.
ثانيًا: مذهب المالكية:
قال القرطبي -رحمه الله- في الجامع لأحكام القرآن، المجلد الثاني صفحة ستين بعد المئة: لا خلاف بين العلماء أن الكعبة قِبلة في كل أفق، وأجمعوا على أن من شاهدها وعاينها فرض عليه استقبالها، وأنه إن ترك استقبالها وهو معاين لها، وعالم بجهتها فلا صلاة له، وعليه إعادة كل ما صلى. ذكره أبو عمر.
وقال القرافي: من قرب من الكعبة ففرضه استقبال السمت قولًا واحدًا، فإذا صَفَّ صَفٌّ مع حائط الكعبة فصلاة الخارج عنها ببدنه أو بعضه باطلة.
وقال في منح الجليل: استقبال عين الكعبة وما في حكمها مما يمكن فيه استقبال عينها يقينًا كالجبال المحيطة بها والأودية والطرق القريبة منها، فلا يكفيهم استقبال جهتها، ولا الاجتهاد في استقبال عينها.
وفي معنى ما تقدم ورد في شروح مختصر الخليل كمواهب الجليل، والتاج والإكليل، والشرح الكبير، والشرح الصغير، وكذا في شروح رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
ثالثًا: المذهب الشافعي:
قال الرافعي في فتح العزيز: أما الحاضر في المسجد الحرام فيجب عليه استقبال عين الكعبة؛ لأنه قادر عليه.
وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب: ولو امتد صَفٌّ طويل بقرب الكعبة -أي ولو بأخريات المسجد- وخرج بعضهم عن المحاذاة بطلت صلاته.
وقال المحلي في شرح المنهاج: ومن أمكنه عِلم القبلة ولا حائل بينه وبينها كأن كان في المسجد أو على جبل أبي قبيس، أو سطح، وشك فيها لظلمة أو غيرها حرُم عليه التقليد؛ أي الأخذ بقول المجتهد بأن يعمل به فيها، (والاجتهاد)؛ أي العمل به فيها لسهولة علمها في ذلك، وكذلك ورد معنى ما تقدم في روضة الطالبين.
رابعًا: المذهب الحنبلي:
قال الموفق -رحمه الله تعالى- في المغني: قال بعض أصحابنا: الناس في استقبالها على أربعة أضرُب: منهم من يلزمه اليقين، وهو من كان معاينًا للكعبة، أو كان بمكة من أهلها، أو ناشئًا بها من وراء حائل محدث كالحيطان، ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينًا.
وقال المرداوي في الإنصاف والفرض في القبلة: إصابة العين لمن قرب منها بلا نِزاع.
ثم قال:\n المراد بقوله: لمن قرب منها: المشاهد لها، ومن كان يمكنه من أهلها، أو نشأ بها من وراء حائل محدث، كالجدران ونحوها، فلو تعذَّر إصابة العين لقريب، كمن هو خلف جبل ونحوه، فالصحيح من المذهب: أنه يجتهد إلى عينها، وعنه إلى جهتها.
وذكر جماعة من الأصحاب: إن تعذر إصابة العين للقريب فحُكمه حُكم البعيد، وقال في الواضح: إن قدر على الرؤية، إلا أنه مستتر بمنزل أو غيره، فهو كمشاهِد، وفي رواية: كبعيد.
وقال الشيخ عثمان بن قائد في دقائقه وحواشيه على المنتهى وبخطه على قوله: إلا إن تعذر. كالمصلِّي خلف أبي قبيس بخلاف من صلَّى داخل المسجد الحرام أو على سطحه أو خارجه، وأمكنه ذلك بنظره أو علمه، أو خبر عالم، إلى آخره.
وفي معنى ما تقدم ورد في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وشرح المنتهى لابن النجار والفروع، وكشاف القناع وغيرها، والله أعلم.
\n الشيخ: خلاص، ما راجعت ابن حزم.\n
\n الطالب: ما تعرض لها.\n
\n الشيخ: ما تعرَّض لها، وهذا كلهم اتفقوا على أنه إذا كان يمكنه مشاهدة الكعبة؛ فالواجب أن يتجه إلى عين الكعبة إلا ما نُقل عن الحنفية، والغريب أن ما نُقل عن الحنفية نُقل عن كتبهم خلاف ذلك.\n
\n طالب: في كتب الشافعية.\n
\n الشيخ: غريب، إي، أحسنت على كل حال. \n

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. \n
قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n فإن أخبره ثقة بيقين، أو وجد محاريب إسلامية عَمِل بها، ويُستدل عليها في السفر بالقطب والشمس والقمر ومنازلهما، وإن اجتهد مجتهدان فاختلفا في جهة لم يتبع أحدهما الآخر، ويتبع المقلد أوثقهما عنده، ومن صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، سبق لنا أن من شروط الصلاة استقبال القبلة، فما هو دليله؟ \n
\n طالب: قوله تعالى: \n {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ}. \n
\n الشيخ: \n {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ}.\n
\n الطالب: \n {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: ١٤٤].\n
\n الشيخ: يُستثنى من ذلك مسائل؟\n
\n طالب: العاجز، والمتنفل الرَّاكب في سفر، الراكب ليس بشرط، لكن في سفر؛ سائر، ومنها أيضًا الماشي على قول. \n
\n الشيخ: ويش بعد؟\n
\n الطالب: ومنها: في شدة الخوف.\n
\n الشيخ: وشدة الخوف، كم هذه؟\n
\n طالب: أربع.\n
\n الشيخ: أربعة ولا ثلاثة؟\n
\n الطالب: أربعة باعتبار..\n
\n الشيخ: أعِدْها.\n
\n الطالب: العاجز. \n
\n الشيخ: العاجز، والخائف، والمتنفِّل في سفر وهو سائر بشروطه، أو المتنفل في سفر بشروطه، ما هو الدليل على استنثناء العاجز؟\n
\n طالب: \n {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} [البقرة: ٢٨٦]. \n
\n الشيخ: لا. \n
\n طالب: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}. \n
\n الشيخ: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]\n
طيب، الدليل على استثناء الخائف؟\n
\n طالب: قوله تعالى في صلاة الخوف.\n
\n الشيخ: \n {فَإِنْ خِفْتُمْ}. \n
\n الطالب: \n {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٣٩]. \n
\n الشيخ: طيب الدليل على استثناء المتنفِّل في السفر؟ \n
\n طالب: فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يتنفَّل حيثما توجَّهت به راحلته \n .\n
\n الشيخ: نعم، أحسنت. إذا كان الإنسان يمكنه أن يشاهد الكعبة، فما فرضه؟\n
\n طالب: إصابة عينها.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n الطالب: الدليل: \n {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤]. \n
\n الشيخ: \n {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} طيب \n {الْمَسْجِدِ} غير الكعبة؟\n
\n طالب: يمكن يُقال: إجماع العلماء.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من الكعبة قال: \n «هَذِهِ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» \n .\n
\n الشيخ: قال عن الكعبة هي: \n «قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»، ثم قوله أيضًا يمكن أن نستنبط من قوله: \n {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أن المراد جهة المسجد، وهي الكعبة في المسجد، فمن ولَّى وجهه الكعبة فقد ولَّى وجهه \n {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. \n
قال المؤلف: \n (فإن أخبره ثقة بيقين أو وجد محاريب إسلامية عمِل بها)؛ يعني بماذا يستدل على القبلة؟ يستدل على القبلة بمشاهدتها إذا شاهدها، وهذا واضح، ثانيًا: بخبر ثقة، لكن عن يقين \n (أخبره ثقة بيقين) بأن قال إنسان ثقة رجل أو امرأة: هذه هي القبلة. \n
أفادنا المؤلف رحمه الله: أن إخبار الثقة لا بد فيه من أن يكون المخبِر ثقة، والثقة تستلزم العدالة والخبرة، فإن لم يكن عدلًا فليس بثقة لقول الله تعالى: \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، فأوجب الله سبحانه وتعالى أن نتبين، وأن نتثبت في خبر الفاسق، ولم يُوجب رده مطلقًا ولا قبوله مطلقًا. \n
إذن إذا قال لنا إنسان فاسق: القبلة هنا، وإن كان ذا خبرة؛ فإننا لا نعمل بقوله؛ لأنه ليس بعدل، كذلك إذا قال لنا إنسان عدل -نعرفه أنه عدل ظاهرًا وباطنًا، صاحب عبادة وزهد وورع- قال: هذه هي القبلة، لكنه ليس ذا خبرة؛ فإنه ليس بثقة، إذن لا بد في الثقة من العدالة والخبرة، لا بد أن يكون عدلًا، وأن يكون ذا خبرة. \n
وأفادنا المؤلف أن \n (أخبره ثقة) أنه لا يشترط التعدد؛ يعني لا يُشترط أن يُخبره ثقتان، وهذا بخلاف الشهادة؛ لأن هذا خبر ديني فاكتُفِي فيه بقول الواحد، كما نعمل بقول المؤذن في دخول الوقت بدون أن يتعدد المؤذنون.\n
وأفادنا أيضًا قوله: \n (ثِقة) أنه لو كان المخبِر امرأة يُوثق بقولها لكونها عدلة وذات خبرة فإننا نأخذ بقولها، والعلة في ذلك أن هذا خبر ديني، فيُقبل فيه قول الواحد كالرواية كما أننا نقبل رواية المرأة إذا كانت عدلًا حافظة كذلك نقبل قولها هنا؛ لأن هذا من باب الأخبار الدينية التي يبعد فيها الكذب إذا كان المخبِر بها ثقة. \n
وقول المؤلف: \n (بيقين) يعني بأن أخبره عن مشاهدة، أفادنا أنه لو أخبره الثقة عن اجتهاد؛ فإنه لا يعمل بقوله مثل: لو كان جماعة في سفر، كلهم لا يعرفون القِبلة، ولا يستطيعون الاجتهاد إلى جِهتها، لكن فيه واحد منهم يعرف ذلك عن اجتهاد، فظاهر كلام المؤلف أننا لا نأخذ بقوله، ولكن هذا فيه نظر. \n
والصواب: أنه إذا أخبره ثقة -سواء أخبره عن يقين أو عن اجتهاد- فإنه يعمل بقوله كما أننا نعمل بقول الثقة بالاجتهاد في مسائل الدين الحلال والحرام والواجب، فكيف لا نعمل به في إخباره بالقبلة؟\n
فالصواب أنه إذا أخبره الثقة -سواء كان إخباره صادرًا عن يقين أو صادرًا عن اجتهاد- فإنه يجب عليه العمل بقوله. \n
الثاني مما يُستدل به على القبلة قال: \n (أو وجد محاريب إسلامية) فإنه يعمل بها؛ يعني هو لا يعرف القبلة لا عن يقين، ولا عن اجتهاد، لكن وجد المحاريب الإسلامية في المساجد متجهة إلى جهة ما؛ فإنه يستدل بالمحاريب الإسلامية على جهة القبلة، وهذا أمر معلوم. \n
وقوله: \n (محاريب إسلامية) يُفهم منه أن المسلمين ما زالوا يستعملون المحاريب، وأن لهم محاريب خاصة تتميز عن محاريب النصارى وغيرهم وهو كذلك. \n
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في اتخاذ المحراب؛ هل هو سُنَّة، أو مستحب، أو مُباح، والصحيح أنه مُستحب؛ يعني لم ترد به السنة، لكن النصوص الشرعية تدل على استحبابه لما فيه من المصالح الكثيرة، ومنها تعليم الجاهل بماذا؟ بالقبلة. \n
وأما ما رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام من النهي عن مذابح كمذابح النصارى \n ؛ يعني المحاريب، فهذا النهي واضح؛ أنه وارد على ما إذا اتخذت محاريب كمحاريب النصارى، أما إذا اتخذت محاريب متميزة للمسلمين، فإن هذا لا نهي عنه. \n
قال:\n (أو وجد محاريب إسلامية عمل بها) عُلِم من كلامه أنه لو وجد محاريب غير إسلامية لم يعمل بها، لماذا؟ لأنه لا يوثق ببنائهم كما لا يُوثق بقولهم في مسائل الدين، وإلا لكان يُمكن أن يُقال: إن المعروف عند غير المسلمين من أهل الكتاب أنهم يتجهون إلى بيت أيش؟ بيت المقدس، فإذا وجدنا محاريب لهم متجهة إلى بيت المقدس، ونحن مثلًا في جهة بين بيت المقدس وبين الكعبة عرفنا أن القبلة خلاف محاريبهم، لكننا لا نثق بمحاريبهم؛ لأننا نخشى أن يكونوا قد بدَّلوا أو غيَّروا؛ فلهذا قيد المؤلف هذا بقوله: \n (أو وجد محاريب إسلامية). قال الشارح: \n (لأن اتفاقهم عليها مع تكرار الأعصار إجماع عليها، فلا تجوز مخالفتها؛ حيث علمها للمسلمين).\n
الثالث: مما يُستدل به على القبلة، قال: \n (ويُستدل عليها بالقطب)، هذا دليل آفاقي؛ أي: دليل في الأفق. \n
القطب، فما هو القطب؟ \n
القطب: هو الشيء الذي تدور عليه الأشياء، وهو أصل الشيء، والقطب هذا نَجْم خفي من جهة الشمال الشرقي بالنسبة لنا هنا في القصيم خفي جدًّا، قال العلماء: لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر، إذا كانت السماء صافية، لكن له جار بيِّن واضح يُستدل به عليه وهو (الْجَدْي)، فإن (الْجَدْي) قريب منه؛ ولهذا يظن بعض الناس أن (الجَدْي) ثابت لا يتغيّر، وليس كذلك، بل (الجَدْي) يتحرَّك يسيرًا، لكن لِقُربه من القطب لا تتبيَّن حركته، أما القطب نفسه فإنه لا يتحرك ولا يتغيَّر، كقطب الرَّحا، وأنتم تعلمون الآن الرحا إذا دارت ما كان حول قطبها؛ فإن دورانه يسير خفيًّا جدًّا، وكلما قرب كان أخفى، والبعيد تكون دورته واسعة بيِّنة، هكذا النجوم على القطب، ما كان قريبًا منه فدورته يسيرة جدًّا؛ حتى إن بعض الناس يظن أنه لا يدور، وما كان بعيدًا فإنه يدور دورانًا كبيرًا. \n
وأضرب لكم مثلًا ببنات نعش الكبرى والصغرى، هي سبع نجوم كبيرة، وسبع نجوم صغيرة؛ بنات نعش الصغرى في أحد طرفيها (الجَدْي)، وفي الآخر (الفَرْقَدان) الذي قال فيهما الشاعر:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

...........................

وَفَرْقَدَا السَّمَاءِ لَنْ يَفْتَرِقَا

\n
هذه سبعة نجوم، طرفها (الجدي)، وطرفها الثاني (الفرقدان)، هذه لا تغيب أبدًا، لا تغيب عنَّا، نشاهدها وهي تدور، أحيانًا تكون (الفرقدان) في الجنوب، و(الجَدْي) في الشمال، وأحيانًا يكون (الجَدْي) في الجنوب، و(الفرقدان) في الشمال لا تغيب، أما بنات نعْش الكبرى فإنها تغيب؛ لكن لا تكاد تمضي ساعة أو ساعة ونصف إلا وقد طلع أولها من الشرق بعد أن يغيب آخرها من الغرب؛ لأن المسافة ما هي بعيدة. \n
على كل حال يُستدل على القبلة بالقطب، سواء كنت في البر أو في البلد، ولكن يحتاج إلى معرفة القطب ما هو، أنا أخشى أن بعض الناس يظن أن القطب سهيل، وسهيل هو في؟ \n
\n طالب: الجنوب. \n
\n الشيخ: في الجنوب، لكن القطب في الشمال؛ وهو نجم خفي -كما قال صاحب الإقناع وغيره- لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر في الليالي الصافية.\n
فإذا قال قائل: ما هو الدليل على الاستدلال على القبلة بالقطب؟\n
قيل: الدليل قوله تعالى: \n {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦]، فإن الله سبحانه وتعالى أطلق الاهتداء بالنجم؛ فالنجم يُهتدى به على الجهات لكل غرض. \n
الشمس والقمر أيضًا يُستدل بهما على القِبلة؛ لأن الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب في المغرب، فإذا كنت عن الكعبة غربًا فالقبلة شرقًا، وإذا كنت عن الكعبة شرقًا، فالقبلة غربًا، وإذا كنت عن الكعبة شمالًا فالقبلة جنوبًا، وإذا كنت عن الكعبة جنوبًا فالقبلة شمالًا، \n «وَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» \n ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك لأهل المدينة ومن ضاهاهم.\n
\n (بالشمس والقمر ومنازلهما) منازل الشمس والقمر هي منازل النجوم الصيفية والشتوية، وهي ثمان وعشرون منزلة ينزلها القمر، كل ليلة له منزلة منها، وليلتان أو ليلة واحدة يكون محاقًا أو مستترًا لا يُرى؛ ولهذا تُسمى ليلة التاسع والعشرين والثلاثين، أو الثماني والعشرين والتاسع والعشرين تسمى ليالي الاستسرار؛ يعني أن القمر يَستتر فيها ولا يُرى.\n
الثماني والعشرون منزلة، هذه تنزلها الشمس على مدى سنة كاملة، أما القمر فيطوف بها في خلال شهر، يطوف بها في السنة اثنتي عشرة مرة، أما الشمس فتطوف بها في السنة مرة واحدة.\n
كيف نستدل بمنازلهما؟ \n
ننظر مثلًا إلى النجوم الشمالية التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين، والنجوم الجنوبية التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين؛ فالجنوبية من جهة الجنوب، والشمالية من جهة الشمال، لكن هذه لا يعرفها إلا من تمرَّس وصار في البر، وليس حوله أنوار من الكهرباء بحيث يعرف هذه النجوم، والذين يعرفونها يستطيعون أن يحكموا على الليل والنهار بالساعات، بل بأقل من الساعات، يقولون مثلًا: الآن راح من الليل نصفه، راح ربعه، راح ثمنه، راح عُشْره؛ يستدلون على ذلك بهذه المنازل. \n
قال: \n (بالشمس والقمر ومنازلهما)، فصار الذي يُستدل به على القِبلة: المشاهَدة، وخبر الثقة بيقين، والثالث: القطب، والمحاريب الإسلامية، والشمس والقمر ومنازلهما. \n
بعض العلماء قال: يُستدل أيضًا بالجبال الكبار، وبعضهم قال: يُستدل أيضًا بالأنهار الكبار ومصابها، \n
وبعضهم قال: يُستدل بالرياح. \n
لكن هذه الثلاثة دلالتها خفية، ولهذا أغفلها المؤلف -رحمه الله- ولم يذكرها؛ فإن من الناس من يكون عنده قوة إحساس؛ بحيث يقول لك: الهواء جنوب، لو كان أعمى، الهواء شمال، الهواء شرق، الهواء غرب، ويستدل بالرياح على الجهات. \n
في زمننا هذا جاء الله سبحانه وتعالى بالآلات الدقيقة التي يُستدل بها على جهة القبلة، بل إنني سمعت أنه يُوجد آلات يُستدل بها على عين القبلة؛ لأنهم يقولون: إن الكعبة هي مركز الكرة الأرضية، وأنهم الآن توصَّلوا إلى آلات دقيقة يكون اتجاهها دائمًا إلى مركز الأرض وهو وسطها، وهذا هو الكعبة، لكنني ما عثرت عليها حق اليقين، إنما هذا مشتهر. \n
قال: \n (وإن اجتهد مجتهدان فاختلفا جهة). \n
قوله:\n (إن اجتهد مجتهدان)، أفادنا المؤلف بأن القبلة يكون فيها مجتهد، فمن المجتهد في جهة القبلة؟ \n
المجتهد في جهة القبلة هو الذي يعرف أدلتها، كما أن المجتهد في أبواب العلم هو الذي يعرف أدلة العلم، الناس بالنسبة للقِبْلة؛ إما مجتهد، يعرف كيف يستدل بأدلتها، وإما مُقلِّد لا يعرف ولا يدري،\n
المقلّد ما فرضه؟\n
\n طالب: التقليد. \n
\n الشيخ: التقليد، لكن سبق أنه لا بد أن يكون المقلد يُخبر عن يقين على المذهب، والصحيح: أنه يُقلَّد؛ سواء كان يخبر عن يقين أو عن اجتهاد، المجتهد هو الذي يمكنه معرفة القبلة بأدلتها. \n
\n (اجتهد مجتهدان) مثال ذلك: رجلان في البر حان وقت الصلاة فاجتهدا، فقال أحدهما: القِبلة هنا من اليمين، وقال الثاني: القبلة هنا من اليسار، أيهما أصوب؟ كِلاهما مجتهد إذا اختلفا \n (جهة لم يتبع أحدهما الآخر). \n
إن اختلفا \n (جهة)؛ لأن اختلاف المجتهدين إما أن يكون في جهة واحدة، وإما أن يكون في جهتين؛ مثاله في الجهتين أن يقول أحدهما: القبلة هنا؛ ويشير إلى الشمال، والثاني قال: القِبلة هنا؛ ويشير إلى الجنوب، هذان اختلفا جهة، ولا يمكن أن يتبع أحدهما الآخر. \n
إذا اختلفا في غير الجهة؛ بمعنى أن الجهة واحدة، فهنا لا بأس أن يتبع أحدهما الآخر، لماذا؟ لأن الانحراف في الجهة لا يضر، ولا يُخلّ بالصلاة، فصار المجتهِدان إذا اختلفا في الجهة؛ بمعنى أن كل واحد منهما قال: إن القِبلة في جهة غير جهة الآخر، فإن أحدهما لا يتبع الآخر؛ لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر، وإلا فقد اتفقا على أن القِبلة شرط ولا بد. \n
أما إذا اختلفا في غير الجهة بأن اختلفا في الانحراف في جهة واحدة، فهنا لا بأس أن يتبع أحدهما الآخر مثل أن يتجها إلى الجنوب، لكن أحدهما يميل إلى الغرب، والثاني يميل إلى الشرق؛ فالجهة هنا واحدة.\n
نقول: لا بأس للذي يميل إلى الغرب أن يتبع الذي يميل إلى الشرق، ويميل معه إلى الشرق، أو نقول للذي يميل إلى الشرق: مِلْ إلى الغرب، واتبع الذي يميل إلى الغرب؛ لأنك إذا فعلت ذلك لم تبطل صلاتك بخلاف ما إذا اختلفا جهة، أحدهما يقول: هنا يعني المشرق، والثاني يقول: هنا يعني المغرب، فهنا لا يتبع أحدهما الآخر. \n
يقول: \n (لم يتبع أحدهما الآخر)، ما المراد بالاتباع هنا؟ يعني في القِبلة، لا يجوز أن يتبع أحدهما الآخر؛ حتى لو كان أعلمَ منه وأعرفَ، ما دام قد نازَعه وخالفه، فإن كان الإنسان حين اجتهد واجتهد الآخر الذي هو أعلم منه صار عنده تردُّد في اجتهاده، وغلبة ظن في اجتهاد صاحبه. فعلى المذهب لا يتبعه؛ لماذا؟ لأنهم يقولون: لا بد أن يكون خبر ثقة عن يقين.\n
ولكن الصحيح: أنه يتبعه؛ لأنه لما تردد في اجتهاده بطل اجتهاده، ولما غلب على ظنه صحة اجتهاد صاحبه وجب عليه أن يتبع ما هو أحْرى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود: \n «فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ» \n ، وهذا دليل على أن من كان عنده غلبة ظن في أمر من أمور العبادة فإنه يتبع غلبة الظن.\n
وهذا أيضًا له أصل في الكتاب، قال الله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وهذا استطاعته.\n
ثانيًا:\n (لم يتبع أحدهما الآخر) أي: في متابعة الائتمام، فلا يأتمّ به؛ لماذا؟ لأن كل واحد منهما يعتقد أن هذا أخطأ القِبلة، وللتضادّ، كيف التضاد؟ إذا كان الإمام يرى أن القبلة جنوب، والمأموم يرى أن القبلة شمال، أين يتجه الإمام؟ \n
\n طلبة: إلى الجنوب.\n
\n الشيخ: إلى الجنوب، والمأموم؟\n
\n طلبة: إلى الشمال. \n
\n الشيخ: إلى الشمال، صار المأموم قد استدبر الإمام؛ هذا تضاد، إذا ركع الإمام إلى الجنوب ركع ذاك إلى الشمال، هذه مخالفة تضاد، والمقصود من الجماعة هي الائتلاف.\n
وقال بعض أهل العلم: بل يجوز أن يتبعه، وإذا كانت الصلاة صلاة جماعة واجبة وجب أن يتبعه، ويأتم به؛ لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر بالنسبة لاجتهاده، وصوابه بالنسبة لاجتهاد نفسه، واضح؟ \n
أنا أعتقد أن الإمام مخطئ لما اتجه إلى الجنوب باعتقادي أنا، لكن باجتهاده هو أعتقد أنه مُصيب، وأنه لو تابعني لبطلت صلاته. \n
قالوا: ونظير ذلك لو أن رجلين أكلَا من لحم إبل؛ أحدهما: يعتقد أن لحم الإبل ناقِض، والثاني: يعتقد أن لحم الإبل غير ناقض، فائتم أحدهما بالآخر، فهنا أحدهما يعتقد بُطلان صلاة الآخر، ومع ذلك يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر، يجوز، قالوا: فهذا مثل هذا، واعتقاد الخطأ في الحكم كاعتقاد الخطأ في الحال، الذي خالفني في القِبلة قد اتفقت معه على الحكم؛ وأن استقبال القبلة شرط، لكن اختلفنا في أيش؟ في الحال، أنا أعتقد أن هذه هي القبلة، وهو يعتقد أن القبلة مخالفة لذلك، فلا فرق بين أن أعتقد أن هذا اللحم ناقِض الوضوء، وهو يعتقد أنه ليس بناقض.\n
وهذا القول أقرب، وهو جواز اتباع أحدهما الآخر مع اختلافهما في جهة الكعبة أو القبلة.\n
بقي عندنا إذا كان هناك ثالث ليس بمجتهد؛ يعني لدينا رجلان اجتهدا في القبلة، فقال أحدهما: القِبلة هنا، وأشار إلى ناحية، وقال الثاني: القبلة هنا، وأشار إلى ناحية مخالفة، وعندهما رجل ثالث، فمن يتبع؟ \n
قال المؤلف: \n (ويتبع المقلّد أوثقَهُما عنده) إذا قال: والله اختلف فلان وفلان، من أتبع؟ قلنا: مَن الأوثق عندك؟ قال: فلان. نقول: اتبعه، فإن اتبع غير الأوثق مع وجود الأوثق فصلاته باطلة؛ لأنه يعتقد بطلانها ويكون كالمتلاعِب في صلاته (...). \n

***

\n طالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n (فمن صلى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وَجَد من يُقَلِّده، ويجتهد العارف بأدلة القِبلة لكل صلاة، ويُصلِّي بالثاني، ولا يقضي ما صَلَّى بالأول.
ومنها: النية، فيجب أن ينوي عين صلاة معينة، ولا يُشترط في الفرض والأداء والقضاء والنَّفل والإعادة نيتهن، وينوي مع التحريمة وله..). \n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
بماذا يستدل على القِبلة؟\n
\n طالب: إن أخبره الثقة، والثاني: (...) المحاريب الإسلامية.\n
\n الشيخ: والمحاريب الإسلامية. \n
\n الطالب: وبالقطب. \n
\n الشيخ: القطب، ويش بعد؟\n
\n الطالب: وبالرياح.\n
\n الشيخ: لا؛ لأن الرياح والجبال ضعيفة، لكن غيره؟\n
\n طالب: الوسائل الجديدة.\n
\n الشيخ: لا، خلِّ هذه. \n
\n طالب: الشمس والقمر ومنازلهما. \n
\n الشيخ: الشمس والقمر ومنازلهما، فيه شيء؟\n
\n طالب: المشاهَدة.\n
\n الشيخ: لا، المشاهدة فرضها استقبال العين. \n
\n الطالب: (...). \n
\n الشيخ: اختلف رَجلان في جهة القبلة؛ أحدهما يقول: يمينًا، والثاني يقول: شمالًا؟\n
\n طالب: لا يتبع أحدهما الثاني. \n
\n الشيخ: ولو كان أعلم منه؟\n
\n الطالب: ولو كان أعلم منه؛ لأنه يرى خطأ الآخر.\n
\n الشيخ: هل يقتدي أحدهما بالآخر؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: لا، ما يكون إمامًا له؟ \n
\n الطالب: لا يقتدي واحد بالآخر؛ لأن كل واحد يظن بالآخر بالخطأ، فكيف يقتدي؟\n
\n الشيخ: لكن لو قال: صلِّ أنت وأنا أصلي، أنت إمامي وأنا مأموم، يصلح؟\n
\n الطالب: يعني واحد بمقلد؟\n
\n الشيخ: لا. \n
\n الطالب: كلاهما مجتهدان.\n
\n الشيخ: كلاهما مجتهدان؛ أحدهما قال: القبلة هنا، والثاني قال: القبلة هناك؟\n
\n الطالب: لا يقتدِي بالآخر. \n
\n الشيخ: لا يكون إمامًا له؟ \n
\n الطالب: لا. \n
\n الشيخ: ويش تقولون؟ \n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: صحيح، نعم. \n
\n طالب: أنه إذا كان رجل قبلته الشمال، ورجل قبلته الجنوب ليس لأحدهما (...) خلف الآخر (...).\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: لأن إنما جعلت الإمامة للمتابعة في حركات الصلاة، فإذا اختلفا واحد واثنان، وتعارضت القبلتان اختلت الحكمة من الائتمام في الصلاة.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ما فهمت؛ يعني يجوز أن يكون إمامًا له؛ أحدهما يتجه إلى الجنوب، والثاني للشمال؟ \n
\n طالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n الطالب: لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» \n ، وهذا الحديث عام (...). \n
\n الشيخ: يعني؟ \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: طيب. \n
\n طالب: وأيضًا للتضاد.\n
\n الشيخ: إي، للتضاد في الواقع، كيف تتحقق المتابعة واحد يروح شمال، وواحد يروح جنوب؟!\n
لو أن أحد رَجُلين مسَّ أحدُهما ذَكَره والآخر أكَل لحم إبل، وكان الذي مسَّ ذَكَره يرى أن لحم الإبل ناقض دون مس الذكر، وكان الذي أكل اللحم يرى أن مَسَّ الذَّكَر ناقض دون أكل اللحم، هل يقتدي أحدهما بالآخر يكون إمامًا له؟ \n
\n طالب: نعم، يا شيخ؛ لأنه باعتقاده هو أنه مخطئ. \n
\n الشيخ: أليس كل واحد منهما يعتقد أن صلاة الآخر باطلة؟ \n
\n الطالب: في اعتقاده هو أنه صلاته باطلة، لكن الأوْلى أنه يتبعه. \n
\n الشيخ: لكن باعتقاد صاحبه صلاته؟\n
\n الطالب: صلاته صحيحة.\n
\n الشيخ: صحيحة، ولهذا ذهب الموفق إلى أنه في مسألة القبلة يجوز أن يقتدي أحدهما بالآخر قال: لأن كل واحد منهما يعتقد أن صلاة الآخر باطلة باعتقاده هو لا باعتقاد صاحبه، وما قاله الموفَّق جيد، لكنه يُشكل عليه مسألة التضاد، \n «وَإِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» \n ، وهذا في الحقيقة مضاد له على الخط؛ الشكل والهيئة؛ الهيئة ربما يوافقه، لكن الشكل إذا قال هذا: الله أكبر، وانحنى نحو الشمال قال الثاني: الله أكبر، وانحنى نحو الجنوب، كأنما يبعد عنه، فالمذهب كأنه -والله أعلم- أقرب إلى الصواب في هذا. \n
إذا كان هناك مقلِّد من يتبع؟ اختلف اجتهاد الرجلين عنده، فمن يتبع؟\n
\n طالب: من يثق به؛ بأحدهما.\n
\n الشيخ: أيهما؟ \n
\n الطالب: أقول: اللي يثق به (...).\n
\n الشيخ: كلهم يثق بهم، نعم؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: الأوثق، فإن كانا سواء عنده؟\n
\n الطالب: يرجّح.\n
\n الشيخ: ما عنده ترجيح.\n
\n طالب: يخير بينهما.\n
\n الشيخ: يخير بينهما، صح، كالعامي إذا أفتاه رجلان، ورأى أنهما في العِلم سواء، وفي الأمانة سواء فإنه يُخيَّر. \n
\n

***

قال المؤلف رحمه الله: \n (ومن صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده). \n
\n (من صلَّى بغير اجتهاد) إن كان يحسنه، \n (ولا تقليد) إن كان لا يحسنه فإنه يقضي؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه، فكان بذلك مُفرِّطًا؛ فوجب عليه القضاء؛ مثال ذلك: رجل يُحسن الاجتهاد، ويعرف دلائل القبلة بالقطب، أو الشمس، أو القمر، ولكنه متهاون، قام وصلَّى بغير اجتهاد؛ فإنه يجب عليه القضاء.\n
وظاهر كلام المؤلف أنه يقضي ولو أصاب؛ وذلك لأنه لم يقُم بالواجب عليه من الاجتهاد، وإصابته وقعت على سبيل الصدفة لا على سبيل الركون إلى هذه الجهة؛ لأنه لم يجتهد، أعرفتم؟\n
ولهذا قال المؤلف: \n (قضى) كذلك لو كان الرجل ليس من أهل الاجتهاد، ففرضه التقليد، ولكنه لم يقلد، ما سأل أحدًا، لم يسأل أحدًا من الناس، وصلَّى هكذا، فإنه يقضي ولو أصاب، لماذا؟\n
لأنه ترك ما يجب عليه؛ إذ الواجب عليه أن يعرف أن هذه هي القبلة، إما باجتهاد إن كان يحسنه أو بتقليد إذا كان لا يحسنه، أما أن يقوم ويصلِّي هكذا؛ فهذا لا يجزئه، وهذه الأخيرة تقع كثيرًا، يأتي رجل إلى شخص ضيفًا عنده، ثم يقوم يصلي، ولا يسأل صاحب البيت أين القبلة؟ فيصلي هكذا، ليس أمامه شيء يجتهد فيه، بل وليس هو من أهل الاجتهاد الذين يعرفون القبلة بالشمس والقمر، فقام وصلَّى هكذا، فنقول له: يجب عليك أن تعيد الصلاة ولو أصبت؛ لأنك لم تأتِ بالواجب؛ فأنت لم تجتهد؛ يعني ما خرجت من الحجرة لتنظر أين الشمس، أين القمر، أين القطب؟ ولم تسأل صاحب البيت، فلم تأتِ بما يجب عليك من الاجتهاد ولا من التقليد؛ فيجب عليه أن يقضي ولو أصاب.\n
إذن ما الواجب على هذا الضيف إذا أراد أن يصلي؟ أن يسأل صاحب البيت؛ لأن صاحب البيت عنده علم بالقبلة.\n
وقال بعض العلماء: إنه إذا أصاب أجزأ؛ لأنه مهما كان سواء كان عنده اجتهاد أو تقليد؛ فإنه لن يُصلِّي إلا إلى جهة تطمئن إليها نفسه، فإذا أصاب، فلماذا نُلزمه بالقضاء؟ \n
وهذا القول أصح؛ لأنه حتى وإن كان لم يجتهد، ولم يَسأل لا يمكن أن يُصلي إلا إلى جهة تطمئن إليها نفسه، فيقول: والله أنا ظننت أن هذه القبلة، نقول: إن أخطأ وجَبَت عليه الإعادة؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه من السؤال ولا من الاجتهاد، وإن أصاب فقد أصاب، وليس عليه إعادة، وهذا القول هو الأرجح، وهو المتعيّن، أما إذا أخطأ فالأمر ظاهر؟\n
هل الْحَضَر محل للاجتهاد أو لا؟ \n
الجواب: أما المذهب فليس محلًّا للاجتهاد، وأظنه مر علينا في كلام المؤلف قال: \n (يُستدل عليها في السفر بالقطب)، فعند الأصحاب -رحمهم الله- أن الحضر ليس محلًّا للاجتهاد، ولا ريب أن هذا القول ضعيف.\n
والصواب: أن الحضر والسفر كلاهما مَحَلّ للاجتهاد، فإن الإنسان في الحضر قد يصعد إلى السطح في الليل، وينظر إلى القطب، ويستدل به، وفي النهار ينظر إلى الشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب، والعلامات التي في السفر هي علامات في الحضر.\n
وأما قولهم: إنه لا اجتهاد في الحضر؛ لأنه يستدل على ذلك بخبر أهل البلد وبالمحاريب الإسلامية، فنقول: إذا كان من أهل الاجتهاد فلا مانع.\n
فالصواب أنه إذا اجتهد في الحضر؛ فإنه تصح صلاته، إن أصاب فالأمر ظاهر، وإن لم يُصِب فإنه اجتهد وأخطأ وله أجر. \n
الخلاصة: المذهب في هذه المسألة يُشدِّدون جدًّا يقول: \n (من صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى ولو أصاب)، والصحيح أنه إن أصاب لا يقضي؛ لأنه لا بد أن تركن نفسه إلى الجهة التي اتجه إليها، فإن أخطأ وجبت عليه الإعادة، أما إذا اجتهد وأخطأ فإنه لا إعادة عليه؛ يعني إذا اجتهد لا إعادة عليه مطلقًا؛ سواء أصاب أم لم يُصِب؛ لأن هذا الرجل فعل ما يجب عليه، ومن فعل ما يجب عليه فقد اتقى الله ما استطاع، ومن اتقى الله ما استطاع فليس عليه أن يُصلِّي مرتين؛ لأن الله لم يُوجِب على عباده أن يُصلوا مرتين، هذا صلَّى حسب ما أُمِر فصحَّت صلاته.
إذا كان من غير أهل الاجتهاد في الحضر، واستند إلى قول صاحب البيت، وتبيَّن أن قول صاحب البيت خطأ، فهل يعيد؟
طلبة: لا يعيد.
الشيخ: المذهب أنه يُعيد؛ لأنه سبق أنه لا بد أن يستند إلى قول: (ثِقة بيقين).
والصحيح: أنه لا يُعيد؛ لأن هذا الإنسان اعتمد على خبر ثقة، ففعل ما يجب عليه، وكما قلنا قبل قليل: من فعل ما يجب عليه فإنه لا إعادة عليه، ولا يمكن أن نلزمه بأن يفعل الصلاة مرتين.\n
وخلاصة البحث في هذا أن نقول: \n
أولًا: من صلَّى باجتهاد فصلاته صحيحة؛ سواء أخطأ أو أصاب، وسواء في الحضر أو في السفر، هذا القول الراجح، وإذا صلى بغير اجتهاد ولا تقليد، فإن أخطأ. \n
\n طلبة: أعاد.\n
\n الشيخ: أعاد، وإن أصاب لم يُعد.\n
أما كونه يُعيد إذا أخطأ فالأمر ظاهر؛ لأنه لم يفعل ما أُمِر به من السؤال إن كان مُقلِّدًا والاجتهاد إن كان مجتهدًا. \n
وأما كونه لا يُعيد إذا أصاب؛ فلأنه لا يُمكن أن يتجه إلى جهة إلا وهو يميل إلى أنها القبلة، وهذا الميل يوجب غلبة ظن بهذا الاتجاه، والعبادات يُكتفى فيها بغلبة الظن؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم \n «فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ» \n .\n
ثم قال المؤلف رحمه الله قال: \n (إن وجد من يُقلِّده)، فإن لم يجد من يقلده وتحرى؛ فإنه لا يلزمه الإعادة.\n
يقول:\n (ويجتهد العارف بأدلة القبلة لكل صلاة). \n
\n (العارف بأدلة القبلة) وهو الذي نسميه المجتهد؛ لأنه أهْل للاجتهاد؛ لمعرفته بأدلة القِبلة، يجب عليه أن يجتهد لكل صلاة، فإذا اجتهد مثلًا لصلاة الظهر؛ وتبين له أن القبلة هكذا أمَامَه؛ ووضع العلامة على القبلة؛ فصلَّى؛ فصلاته صحيحة، إذا جاء العصر، هل يَعتمد على الاجتهاد الأول أو لا؟\n
يقول المؤلف: يجتهد لكل صلاة، يجب أن يعيد الاجتهاد مرة ثانية، وينظر في الأدلة مرة ثانية، فلكل صلاة اجتهاد؛ ولكن هذا القول أيضًا ضعيف.\n
والصواب: أنه لا يلزمه أن يجتهد لكل صلاة، ما لم يكن هناك سبب، مثل أن يطرأ عليه شك في الاجتهاد الأول، فحينئذٍ يُعيد النظر، ونظير ذلك المجتهد في المسائل العلمية، إذا حقَّق مسألة من المسائل، واجتهد فيها، ورأى أن الحُكم فيها كذا وكذا؛ ثم حدثت مرة أخرى، فهل يلزمه أن يعيد البحث والمناقشة أو يكتفي بالأول؟ يكتفي بالأول، ما لم يتبيَّن له خطؤه، فيجب إعادة النظر.\n
وهكذا المجتهد بأدلة القِبلة؛ فالصحيح خلاف ما ذهب إليه المؤلف من وجوب تجديد الاجتهاد لكل صلاة. \n
نقول: اجتهادك الأول يكفي عما بعده إلا إذا وُجد سبب يقتضي إعادة النظر كالشك، فحينئذٍ يُعيد النظر، وسواء كان الشك بإثارة الغير أو بإثارةٍ من نفسه؛ يعني سواء كان الشك من عند نفسه تردد، أو جاءه إنسان قال: يا أخي، ما هذه القبلة، القبلة عن اليمين، عن الشمال، الخلف؛ فإنه يجب عليه إعادة النظر والاجتهاد.\n
قال: \n (ويصلي بالثاني، ولا يقضي ما صلى بالأول). \n
\n (يصلي) من؟ المجتهد \n (بالثاني)، أي: بالاجتهاد الثاني، \n (ولا يقضي ما صلَّى بالأول) إذا تبين له خطؤه؛ لأن الأول مَبنيّ على اجتهاد قد أتى الإنسان فيه بما يجب عليه، ومن أتى بما يجب لم يُلزَم بإعادة العبادة؛ لأننا لو قلنا بلزوم الإعادة لأوجبنا عليه العبادة مرتين، وحينئذٍ نقول: اجتهادك الثاني لا ينقض الاجتهاد الأول.\n
فإذا صلَّى الظُّهر إلى الشمال معتقِدًا بحسب اجتهاده أن هذه هي القبلة، وفي العصر تبيَّن له أن القبلة نحو الجنوب؟ يُعيد الظهر ولَّا لا؟ \n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا يعيدها؛ لأنه صلَّاها باجتهاد حسب ما أمر، والاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد.\n
ومثله: المسائل العلمية، لو كان الإنسان يرى رأيًا بناءً على أن هذا مُقتضى دلالة النصوص، ثم بعد هذا بعد البحث والمناقشة والاطلاع تبين له خلاف قوله الأول، فإنه لا يلزمه نقض الحكم إن كان حاكمًا به، ولا نقض الفتوى، ولا يلزمه أن يذهب إلى الذي أفتاه في الأول، ويقول: إني أفتيتك بكذا، وتبين لي أني أخطأت؛ لأن الأول صادِر عن اجتهاد، فلا يُنقض بالاجتهاد الثاني.\n
وإنما قلنا: لا يُنقض؛ لأنه كما كان الخطأ في ظنه في الأول يمكن أن يكون الخطأ أيضًا في الثاني، ما يُدرى، ربما أن الأول هو الصواب، وأنت ظننت أن الثاني هو الصواب؛ فلهذا قالوا: لا يُنقض الاجتهاد بالاجتهاد.\n
ورُوي عن عمر رضي الله عنه في مسألة (الحمارية) أنه قضى فيها بحرمان الإخوة الأشقاء، ثم حدثت مرة أخرى، وقضى فيها بالتشريك، فقيل له في ذلك، فقال: \n ذَاكَ على ما قَضَيْنا، وَهَذا عَلَى ما نَقْضِي \n ، ولم ينقض الحكم الأول.\n
ثم قال: \n (ومنها) -يعني من شروط الصلاة- \n (النية)، وهذا هو الشرط التاسع وهو الأخير؛ من شروط الصلاة النيَّة، أظنه التاسع؟ \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: فيها الإسلام، والعقل، والتمييز، ودخول الوقت، وسَتْر العَوْرة، والطهارة من الحَدَث، واجتناب النجاسة، واستقبال القِبلة، هذه ثمانية. \n
\n طلبة: والنية.\n
\n الشيخ: والنِّية هي التاسعة.\n
\n طالب: المتن (...).\n
\n الشيخ: المتن ما جاء به.\n
\n طالب: هذه الخامسة.\n
\n الشيخ: لا، هذه السادسة. \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ويش فصل؟ أول باب شروط الصلاة، أظن ويش يقول؟\n
\n طالب: \n (شروطها قبلها منها الوقت).\n
\n الشيخ: \n (شروطها قبلها منها الوقت) (منها)، (مِنْ) هذه للتبعيض؛ لأنه ما ذكر كل شيء؛ هو ذكر الوقت، وستر العورة، واجتناب النجاسة، واستقبال القِبلة والنية؛ خمسة، أسقط الطهارة من الحدث، والإسلام، والعقل، والتمييز.\n
\n طلبة: ذكر (...).. \n

","SearchText":" الامكان الشرعي او الامكان الحسي؟ ظاهر كلامهم؛ ان المراد الامكان الحسي، وانه اذا امكن المشاهده حسا وجب عليك اصابه العين، وان كان لا يمكنك شرعا، وعلي هذا؛ فمن كان في صحن المسجد، في صحن المطاف، فاستقبال عين الكعبه عليه فرض، وسهل ولا صعب؟ طلبه: سهل. الشيخ: سهل، ومن كان في المصباح في الرواقات، فهذا قد يكون سهلا، وقد يكون صعبا، اذا كانت الصفوف قاطبه وامامه عمود من العمد الضخام، فهنا قد لا يستطيع رءيتها، ولا يستطيع ان يتحول عن مكانه؛ لان الصفوف قاطبه، التعذر هنا حسي ولا شرعي؟ طلبه: حسي. الشيخ: يا اخواني! طلبه: شرعي. الشيخ: شرعي، اما حسي يقدر يروح، ويتخطي حتي يصل الي صحن المطاف، لكنه شرعي، فظاهر كلامهم ان هذا لا تصح صلاته حتي يكون مصيبا للعين، مصيبا لعينها، واذا اخذنا بهذا الراي فان كثيرا من الذين يصلون في المسجد الحرام لا تصح صلاتهم؛ لماذا؟ لان كثيرا منهم نشاهدهم باعيننا لا يصيبون عين الكعبه، يتجهون الي جهتها، صح، لكن ما يصيبون عينها، تجد الصف مستطيلا، وبعضهم يتجه عن يمين الكعبه، وبعضهم عن يسار الكعبه، وبعضهم يتجه الي الكعبه تماما. وكذلك الذين في السطح فوق سواء السطح المسقف او سقف المسقف، اذا كانوا بعيدين عن الجدار المطل علي صحن المطاف، فان مشاهدتهم للكعبه متعذره حسا ولا لا؟ طلبه: شرعا. الشيخ: شرعا اذا كانت الصفوف قاطبه، اما حسا يمكنهم يروحون، ويقفون علي حد الجدار. وهذه المساله مشكله علينا، الحقيقه انها مشكله باعتبار ان الانسان اذا كان في اخر الصفوف لا يتمكن من مشاهده الكعبه قطعا، ولا يقول: انه اصاب عينها، ما يستطيع انه يجزم بهذا اطلاقا، وانما يستقبل الجهه احيانا، يشوف الظلمه والسواد، ويقول: هذا عين الكعبه، ثم يصلي، واذا سلم ولا الكعبه عن يمينه، ولا عن يساره، وهذا كثيرا، وانا اعدت الصلاه مره من المرات بعدما صليت معهم صلاه العصر اظن، ويوم سلمنا ولا الكعبه علي يمينا، واحنا فوق، لازم اني اعيد الصلاه، وهذه الحقيقه مشكله. ولكني ما رايت احدا من اهل العلم قال بان من كان داخل المسجد فان فرضه استقبال الجهه الا قولا في سبل السلام شرح بلوغ المرام ما عزاه لاحد، لكنه قاله تفقها من عنده، واذا لم يكن احد قال به قبله فهو غير مسلم؛ لان المعروف من كلام اهل العلم قاطبه ان من كان يمكنه مشاهدتها ففرضه اصابه العين. طالب: اخذ الستره يا شيخ، ستره من العمد الكبيره، بعضهم يحرصون علي الستره يا شيخ، يجعلون بينهم وبين الكعبه ستره كبيره. الشيخ: اي، هو اذا كان الانسان ما في الصف، يقدر واحد يتحرك من هنا ومن هنا حتي يضبط الاتجاه، لكن اذا صار صف يشكل؛ حتي بعض الاحيان اذا صار الصف ما استقام علي عين الكعبه، اذا استقمت انت علي الكعبه (...) علي كتف انسان، ولا مشكله؛ لانهم يقولون: كذا، وانت بتقول: كذا، المهم -علي كل حال- يقدر يشوفه اذا ركع الناس او اذا سجدوا ممكن. طالب: اعاده الصلاه، يعني نفهم (...) وجوب الاعاده. الشيخ: اي نعم، معلوم؛ اذا قلنا: ان فرض اصابه العين وانا ما اصبت العين؛ معناه ما صحت صلاتي. طالب: (...) ما تعم به البلوي كل الناس. الشيخ: هذا اللي نقوله، انا اقول: اذا لم يكن في المساله اجماع، لو كان فيها خلاف من العلماء المعتبرين، احنا نءيد هذا؛ لان المساله ضروريه الان، الناس ما يمكن وسط الاعمده هذه وسط البعد، ولا يمكن مشاهدتها ابدا. (...) *** اما في صحن المسجد صحن المطاف موجود نفس البلاط، كل بلاطه مشغوله كانها مكان رجل. طالب: (...). الشيخ: لا، ياتي، لا بد، ياتي. طالب: من كلام الشيخ الان انه فرض انه داخل المسجد، ولا يري الكعبه. الشيخ: ظاهر كلامه انه ما يلزمه. الطالب: الجهه فقط ليس (...). الشيخ: ظاهر كلامه انه ما يلزمه، لكن ما هو بيقول عن شيء: انه ثابت؛ بحيث الانسان يجزم بان هذا اختيار شيخ الاسلام. الطالب: اقول: ما هو بواضح؟ الشيخ: ما هو بواضح. طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال ابن القيم في الجزء الرابع صفحه اثنين وخمسين. الشيخ: من، من منين اي كتاب؟ الطالب: بداءع الفواءد ، يتكلم عن مساله التراب، ثم قال: اذا قلنا.. الشيخ: يتكلم عن ايش؟ الطالب: عن مساله التراب. الشيخ: التراب؟!!! الطالب: وعن الصابون الاشنان (...)، مساءل ابن الزاغوني وابن عقيل. الشيخ: (...)!! الطالب: مساءل ابن الزاغوني وابن عقيل. الشيخ: اي، منقول هذا؟ الطالب: يقول: اذا قلنا: الواجب التوجه الي عين القبله، وكان الصف طويلا يزيد علي سمت الكعبه؟ اختلف كلام احمد في ذلك علي روايتين: احداهما: ان طول الصف مع البعد الكثير لا يءثر ذلك ميلا عن الكعبه الا قدرا يخفي امره، ويعسر اعتباره لا سيما فيما هو ماخوذ بالاجتهاد، فعفي عنه. والروايه الثانيه: انه اذا طال الصف من جانبي الامام انحرف الطرفان الي ما يلي الامام انحرافا يسيرا، يجمع به توجيه الجميع الي العين، ولا يشبه هذا خلاف المجتهدين؛ لان كل واحد من المجتهدين يعتقد خطا صاحبه في اجتهاده، وفي مسالتنا قد اتفقا في الاجتهاد. قلت: الصواب انه مع كثره البعد يكثر المحاذي للعين، فان قيل: هذا انما يكون مع التقوس كالداءره حول نقطه. قلنا: نعم، ولكن الداءره اذا عظمت واتسعت جدا فان التقوس لا يظهر في جانب محيطها الا خفيفا فيكون الخط الطويل متقوسا نحو شعره، وهذا لا يظهر للحس . الشيخ: بس، ما استفدنا. طالب: (...). الشيخ: ويش يقول؟ طالب: اقرا؟ الشيخ: اقرا. الطالب: الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه وسلم، اما بعد: قال الزبيدي في شرح الاحياء، المجلد السادس صفحه اربع مءه وثلاثه واربعين، بعد قول الغزالي: واشكل معناه علي قوم اذ قالوا: ان قلنا: ان المطلوب العين، فمتي يتصور هذا مع بعد الديار؟ وان قلنا: المطلوب الجهه؛ فالواقف في المسجد ان استقبل جهه الكعبه وهو خارج ببدنه عن موازاه الكعبه لا خلاف في انه لا تصح صلاته . ثم قال الزبيدي: اعلم انه في اشتراط استقبال المصلي علي الارض له احوال : ثم ذكر الرابع فقال: ان يصلي بمكه خارج المسجد، وان عاين الكعبه، كمن يصلي علي ابي قبيس، صلي اليها، ولو بني محرابه علي العيان صلي اليه ابدا، ولا يحتاج في كل صلاه الي المعاينه، وفي معني المعاين: من نشا بمكه وتيقن ان اصابه الكعبه وان لم يشاهدها حال الصلاه، فان لم يعاين، ولا تيقن الاصابه فله اعتماد الادله والعمل بالاجتهاد ان حال بينه وبين الكعبه حاءل اصلي كالجبل، وكذا ان كان الحاءل طارءا كالبناء علي الاصح، للمشقه في تكليف المعاينه . الشيخ: هذا واضح اذا كان خارج المسجد؛ يعني مثل البيوت المجاوره للمسجد، الاستقبال للعين قد يكون صعبا، لا سيما اذا كانت العماره هابطه امامها عمارات رفيعه ما يقدر الواحد.. الطالب: ثم قال السادس من الاحوال اذا كان بموضع لا يقين فيه، اعلم ان القادر علي يقين القبله، لا يجوز له الاجتهاد، وفيمن استقبل حجر الكعبه مع تمكنه منها، وجهان: الاصح بالمنع؛ لان كونه من البيت غير مقطوع به، بل هو مظنون . ثم اليقين، قد يحصل بالمعاينه، وبغيرها، كالناشء بمكه، العارف يقينا بامارات، وكما لا يجوز الاجتهاد مع القدره علي اليقين، لا يجوز اعتماد قول غيره. واما غير القادر علي اليقين، فان وجد من يخبره بالقبله اعتمد، ولم يجتهد، ثم قد يكون الخبر صريحا لفظه، وقد يكون دلاله كالمحراب المعتمد، واذا لم يجد العاجز من يخبره فتاره يقدر علي الاجتهاد وتاره لا يقدر، فان قدر لزمه واستقبل ما ظنه القبله. ثم قال الغزالي: فاذا فهم معني العين والجهه فاقول: الذي يصح عندنا في الفتوي ان المطلوب بالاجتهاد العين ان كانت الكعبه مما يمكن رءيتها. قال الزبيدي: وهو اظهر القولين، واتفق العراقيون علي تصحيحه كما تقدم. قال الغزالي: وان كان يحتاج الي الاستدلال عليها بالادله لتعذر رءيتها. ثم قال الزبيدي: بان حال بينه وبينها حاءل اصلي كالجبل او طارء كالبناء فيكفي استقبال الجهه، واما طلب العين عند المشاهده فمجمع عليه. قال الزبيدي: وبه قال اصحابنا الحنفيه: ففي التجنيس للمرغيناني: من كان بمعاينه الكعبه فالشرط اصابه عينها، ومن لم يكن بمعاينتها فالشرط اصابه جهتها؛ وهو المختار. والمراد باستقبال الجهه عندنا: ان يبقي شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبه ولو لهواءها؛ لان المقابله ان وقعت في مسافه بعيده لا تزول بما تزول به من الانحراف لو كانت في مسافه قريبه، ويتفاوت ذلك بحسب تفاوت البعد، وتبقي المسامته مع انتقال مناسب لذلك البعد، فلو فرض خط من تلقاء وجه المستقبل للكعبه علي التحقيق في بعض البلاد، وخط اخر يقطعه علي زاويتين قاءمتين من جانب يمين المستقبل او شماله لا تزول تلك المقابله والتوجه بالانتقال الي الشمال علي ذلك الخط بفراسخ كثيره. ثم قال الغزالي: واما الاكتفاء بالجهه عند تعذر المعاينه، فيدل عليه الكتاب والسنه، وفعل الصحابه رضي الله عنهم، والقياس، اما الكتاب فقوله تعالي: .. طالب: الابنيه الحادثه ما تعتبر الاعمده ايضا كثيره؟ الشيخ: العارضه هذه، البناء العارض؟ اقول: البناء العارض. الطالب: الاعمده (...). طالب اخر: هو بناء طارء. الشيخ: اي، هو بناء طارء لا شك، لكن المهم اللي يشكل علي الانسان انه في المسجد الحرام يقدر بدل ما يصلي بهذا يتقدم، ويصلي ويشاهد الكعبه، ما هو مثل اللي يصلي في بيته. طالب: (...) ما يقدر يا شيخ. طالب اخر: في المواسم يا شيخ، في الظروف العاديه كل المصلين تصلي في صحن المسجد بسهوله يعني، ولا يمكن يترك الصفوف منقطعه، ويصلي خلف الاعمده. طالب اخر: في الايام العاديه ممكن (...) زحمه. الشيخ: ما يتمكن. طالب: حتي لو حاول يا شيخ ما يمكن، كيف يتخطي الناس؟! يتخطاهم الي ان تنتهي الصلاه ولا يصل للكعبه. الشيخ: لا، ويءذي ايضا. الطالب: ويءذي. الشيخ: ويءذي الناس. طالب: شيخ، اقول ايضا قياسا علي من كان خارج الحرم، وهو لا يشاهد الكعبه كمن في بيته فهذا مثله (...) في ذهنه وهو خارج الحرم. طالب اخر: النووي يا شيخ في المجموع ذكر كلام بسط المساله، قال فيه: ولو وقف الامام بقرب الكعبه والمامومون خلفه مستديرين بالكعبه جاز، ولو وقفوا في اخر المسجد، وامتد صف طويل جاز، وان وقف بقربه، وامتد الصف فصلاه الخارجين عن محاذاه الكعبه باطله. الشيخ: نعم، وعلي كل حال، اتفاق الان، من امكنه المشاهده. طلبه: تعين عليه. الشيخ: تعين عليه بالاتفاق، ومن لم تمكنه وهو خارج المسجد لم تجب عليه بالاتفاق، كذا ولا لا؟ وهذا واضح، المشكله الان من كان في المسجد، ويمكنه ان ينتقل من مكانه ليشاهد الكعبه، هل يجب عليه؟ هذا محل الاشكال. طالب: كلام النووي يا شيخ الاخير، ولو وقفوا في اخر المسجد.. الشيخ: لا، كلام النووي الاخير معناه انه ما هو بصف مستطيل وخارج عن مسامته الكعبه، ما يريد هذا. الطالب: يريد هذا يا شيخ. الشيخ: ما يريد هكذا. الطالب: وامتد صف طويل جاز، وان وقف بقربه، وامتد الصف فصلاه الخارجين عن محاذاه الكعبه باطله.. الشيخ: صحيح، الان لو امتد الصف طرف المسجد امتد مثلا، وليكن عشرين مترا صحت صلاتهم؛ لانهم كلهم يمكنهم اتجاههم للكعبه، لكن عشرين مترا وهما قريبون ما يمكن. طالب: طيب يا شيخ اللي عند الحجر يا شيخ ما يشوف. الشيخ: طيب، نقرا. طالب: اليس العزم علي من راي الكعبه يا شيخ؟ الشيخ: اي، ما فيه شك الي الان انا ما اجزم بشيء، اجزم بان لم يمكنه وهو خارج المسجد واضح، ومن امكنه ولو خارج المسجد وجب استقبال العين. طالب: يعني يتخطي الرقاب يا شيخ؟ الشيخ: وبقينا في مساله من كان داخل المسجد. طالب: ويستطيع.. الشيخ: ويستطيع، لكن استطاعه ايش؟ حسيه. طالب: ومن لم يستطع؟ الشيخ: اللي ما يستطيع مثلا، لو كان انسان ما يقدر يمشي؟ طالب: (...) الزحام يا شيخ (...). الشيخ: علي كل حال خلوا المساله تكون مبنيه علي علم. *** بسم الله الرحمن الرحيم قال المءلف رحمه الله تعالي: (وفرض من قرب من القبله اصابه عينها) . اولا: يقول: (من قرب) ولم يحدد القرب، وقد سبق لنا في الدرس الماضي ان المراد به من امكنه معاينه الكعبه، هذا يجب ان يصيب عين الكعبه بكل بدنه ولا ببعض بدنه؟ يقولون: بكل بدنه، فلو فرض ان جانب وجهه الايمن مساويا للكعبه؛ والجانب الايسر خارج عن الكعبه؛ ما صح، لا بد ان يكون اتجاهه كله الي عين الكعبه، وذلك لانه امكن الاتجاه عن يقين، فوجب عليه؛ ولان الاصل وجوب الاستقبال الي البيت الذي هو البناء، هذا هو الاصل، وليس الي المسجد كله، والا لصح ان نقول: لو كان للمسجد كله لصح ان نقول: ان الذي يصلي في الجانب الجنوبي منه مثلا له ان يستقبل الجانب الشمالي منه، ولو كانت الكعبه علي يمينه او علي يساره، ولا احد يقول بهذا، فالمقصود الاول هو عين الكعبه، فاذا امكن وجب. (وفرض من بعد) ؛ يعني من بعد من الكعبه بحيث لا يمكنه المشاهده، (اصابه الجهه) ، فما هي الجهه؟ الجهه حددها النبي صلي الله عليه وسلم فقال: «لا تستقبلوا القبله بغاءط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا او غربوا» . لما قال: «شرقوا او غربوا» . يريد بذلك ضد القبله، وعلي هذا فيكون ما بين المشرق والمغرب بالنسبه لاهل المدينه كله قبله، واضح؟ طالب: (...)؟ الشيخ: ما بين المشرق والمغرب كله قبله. طالب: اهل المدينه. الشيخ: اهل المدينه ما بين المشرق والمغرب، كله قبله؛ فالجنوب كله قبله لهم، اعرفتم؟ ليس قبلتهم ما ساوي الكعبه فقط، لو كان ما ساوي الكعبه كم يجي؟ خلوه عشرين مترا، لكن نحن نقول: ما بين المشرق والمغرب، الان هذا المسجد؛ المشرق هنا، والمغرب هنا، والجنوب هنا، كل هذا، كذا، ولا كذا، ولا كذا، كله قبله؛ يعني سواء اتجهت الي وسط الجنوب تماما او الي يمينه او يساره، المهم الا تخرج عن كونك مستقبلا للجنوب، هذا هو استقبال الجهه، وبهذا نعرف ان الامر واسع. فلو راينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسامته القبله التي ندعي انها هي القبله، فان ذلك لا يضر؛ لانه لم يزل متجها الي القبله، الي الجهه؛ جهه القبله لمن كانوا شمالا عن الكعبه ما بين الشرق والغرب، جهه القبله لمن كانوا شرقا عن الكعبه ما بين الشمال والجنوب، وكذلك من كانوا غربا ما بين الشمال والجنوب، ومن كانوا جنوبا عن الكعبه ما بين الشرق والغرب. فالجهات اذن اربع، هذا مقتضي الحديث، الجهات اربع، استقبل الجهه اللي فيها الكعبه، ولك كل الافق؛ لانه يخرج عنك ما كان اليمين والشمال، والا فكل الافق لك، وهذا واسع، والامر فيه غير مشكل، المشكل هو من كان في نفس المسجد، ويمكنه اصابه العين، هذا هو المشكل، ولا الباقي ما هو مشكل، فصار اصابه الجهه لمن كان بعيدا. طيب لو فرضنا ان واحدا في جانب مكه، في شمال مكه، لكنه في جانب منها الجهه ولا لا؟ نعم، الجهه، لكن اعلموا انه كلما قربت من الكعبه صغرت الجهه، وهذا واضح، فاذا وصلت الي ان تكون تحت جدار الكعبه تكون الجهه بقدر بدنك فقط؛ يعني لو تنحرف اقل انحراف صارت الكعبه اما عن يسارك او عن يمينك، وكلما ابعدت اتسعت الجهه، وهذا امر مشاهد؛ لان النقطه الان لو ضربت نقطه وحطيت عليها دواءر تجد انه كلما بعدت الدواءر عنها اتسعت. ثم قال: (فان اخبره ثقه بيقين عمل بقوله) نقف علي هذا؛ لانه يحتاج الي بحث. طالب: مثال: ناس اجتهدوا في القبله، صلي بعضهم الي جهه، ثم قيل: لو انحرفت شمالا او يمينا ما ينحرف؟ الشيخ: ينحرف؛ لان الاكمل افضل ما فيه شك. طالب: احسن الله اليك يا شيخ، التعبد بالنظر الي الكعبه في الصلاه. الشيخ: ما هو بصحيح، النظر الي الكعبه ليس عباده لا في الصلاه ولا خارج الصلاه. طالب: (...) ينظرون؟ الشيخ: اي كغيرها، الي موضع سجوده علي قول اكثر العلماء، او تلقاء وجهه كما هو اختيار الامام مالك ان الانسان ينظر تلقاء وجهه؛ ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم لاصحابه في صلاه الكسوف (...). *** طالب: قال في المحرر: واصابه عين الكعبه فرض من قرب منها. ولم يفرق بين ان يكون، ثم حاءل ام لا، والذي قطع به غير واحد انه ان كان، ثم حاءل فان كان اصليا كجبل، ففرضه الاجتهاد الي عينها، وعنه الي جهتها ان تعذر اليقين، وان كان غير اصلي كالدور فلا بد من اليقين، فان تعذر اجتهد. ونقل ابن الزاغوني، وجماعه في روايه ان فرضه الاجتهاد، وهذا معني قول بعضهم: ان كان غاءبا عن الكعبه بحيث يقدر علي رءيتها، لكنه مستتر عنها بالمنازل والجدار، فهل فرضه يقين القبله او التوجه اليها بالاجتهاد؟ فيه روايتان؛ فان قلنا: اليقين فاخطا اعاد والا فلا. قال الشيخ وجيه الدين: ان كان ممنوعا بحاءل من جبل او اكمه، فانه يستخبر من علي ذلك الحاءل من المشاهدين، هذا ان كان الحاءل من الابنيه المحدثه والجدران المستجده؛ لانه لو كلف حكم المشاهده لادي الي تكليفه بشيء يشق عليه. ولاصحاب الشافعي وجهان: احدهما: كمذهبنا، فلا فرق بين الحاءل المحدث والاصلي، وهو ظاهر كلام الشافعي. والثاني: تجب عليه المعاينه، وذلك اليقين في الحاءل المحدث؛ لان ذلك فرضه قبل حدوث الحاءل، وحدوث الحاءل لا يغير حكم الموضع، والخبر يكون عن مشاهده او عن علم. انتهي كلامه. وقال القاضي في الجامع: اما من فرضه المعاينه كان يكون في المسجد يشاهد الكعبه ويعاينها، واما من فرضه الاحاطه واليقين وان لم يعاين، فهو كمن كان بمكه من اهلها، او من غيرهم، لكن كثر مقامه فيها، ولكنه من دون حاءل عن الكعبه لامر اصلي الخلقه كالمنازل والتلول؛ لانه يتمكن من التوجه الي عينها قطعا، وان كان من غير حاءل، وهكذا من كان بالمدينه ففرضه الاحاطه واليقين؛ لانه يتوجه الي محراب النبي صلي الله عليه وسلم فيقطع علي انه متوجه الي الكعبه. واما من فرضه الخبر فمن خفي عليه التوجه، وهناك من يخبر عن الكعبه عن علم ويقين، واما من فرضه التقليد، فمن خفيت عليه الدلاءل ولم يتوصل الي القبله بالدليل، واما من فرضه الاجتهاد، فمن كان من مكه علي مسافه لا يتوصل الي المعاينه، ولا يتمكن من الاحاطه واليقين، ولا ممن يخبره عن احاطه ويقين. واما من كان بمكه او بالقرب منها من دون حاءل عن الكعبه، فان كان الحاءل كالجبال والتلول ففرضه الاجتهاد ايضا، وان كان لا من اصل خلقه كالمنازل؛ ففرضه الاحاطه واليقين. وكل من قلنا: فرضه الاحاطه او اليقين او الخبر عمل عليه، وكل من قلنا: فرضه الاجتهاد، فهل عليه الاجتهاد في طلب العين او الجهه؟ علي روايتين. وذكر القاضي ان المشهور والصحيح عن الامام احمد ان عليه الاجتهاد في طلب الجهه، وان علي بن سعيد قال: انه مذهب الامام احمد، وكذا عند غيره من الاصحاب. وذكر القاضي وغيره الفاءده التي ذكرها في المحرر علي الروايتين، وانه لو اختلف اجتهاد رجلين في الجهه الواحده، لكن احدهما يميل يمينا، والاخر يميل شمالا، فهل لاحدهما ان ياتم بالاخر؟ ينبني علي ذلك. قوله: او من مسجد الرسول.. الشيخ: احسنت، فيه عمومات، ما هي بصريحه؛ انه اذا صار حاءل سواء اصلي ولا طارء؛ فان فرضه الاجتهاد، وانه اذا اجتهد، وبان الخطا فلا اعاده عليه، وهذا عام يشمل من كان في المسجد، ومن كان خارج المسجد. ولكن ما ذكرتم البارحه اذا كان هناك زحام، ولا يتمكن فيجتهد ويتحري، هذا هو الظاهر انه يجتهد ويتحري، واذا اخطا فلا اعاده عليه؛ لان الله يقول: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]. طالب: اذا شاهدنا واحدا في الصحن يصلي الي غير جهه الكعبه الي غير العين، هل نقول: صلاتك باطله وتعيد؟ الشيخ: اي نعم. الطالب: نوجب عليه اعاده. الشيخ: اي، نوجب عليه اعاده؛ لانه شاهدها. طالب: بالنسبه (...) يا شيخ للان ما ذكرنا الدليل علي وجوب النظر الي الكعبه. الشيخ: ما فيه وجوب، النظر الي الكعبه لا يجب بل ولا (...). *** طالب: .. المسجد الحرام. الشيخ: حين صلي؟ الطالب: داخل المسجد الحرام . اولا: المذهب الحنفي: تناقل فقهاء الشافعيه -رحمهم الله- قولا لابي حنيفه بجواز التوجه الي جهه الكعبه دون عينها لمن صلي داخل المسجد الحرام، قال الرافعي في فتح العزيز، المجلد الثالث صفحه ثنتين وعشرين بعد المءتين ما نصه: الثانيه: ان الامام يقف خلف المقام، والقوم يقفون مستديرين بالبيت، فلو استطال الصف خلفه، ولم يستديروا فصلاه الخارجين عن محاذاه الكعبه باطله؛ لانهم لا يسمون مستقبلين، وذكر صاحب التهذيب وغيره من اصحابنا ان ابا حنيفه يصحح صلاه الخارجين عن محاذاه الكعبه؛ لان الجهه كافيه عنده. ثم قال: لكن ابا الحسن الكرخي وغيره من اصحاب ابي حنيفه فصلوا، وقالوا: الفرض علي المصلي استقبال القبله واصابه عينها اذا قدر عليها، او الجهه اذا لم يقدر علي عينها، وهذا يدل علي انه انما يكتفي بالجهه في حق البعيد الذي لا يقدر علي اصابه العين لا مطلقا. انتهي. ولم اقف علي راي ابي حنيفه هذا مع البحث في كثير من كتب الحنفيه، بل جاء في الفتاوي الهنديه تبعا لفتاوي قاضي خان: اتفقوا -اي الحنفيه- علي ان القبله في حق من كان بمكه عين الكعبه فيلزمه التوجه اليها. وفي الدرايه كما في البنايه: من كان بمكه وبينه وبين الكعبه حاءل يمنع المشاهده كالابنيه، فالاصح ان حكمه حكم الغاءب، ولو كان الحاءل اصليا كالجبل، فله ان يجتهد، والاولي ان يصعد علي الجبل حتي تكون صلاته الي الكعبه يقينا. وفي معني ما تقدم ورد في شروح الهدايه كفتح القدير لابن الهمام، والعنايه للبابرتي، والبنايه للزيلعي، وفي بداءع الصناءع واحكام القران للجصاص، وحاشيه ابن عابدين وغيرها من كتبهم. ثانيا: مذهب المالكيه: قال القرطبي -رحمه الله- في الجامع لاحكام القران، المجلد الثاني صفحه ستين بعد المءه: لا خلاف بين العلماء ان الكعبه قبله في كل افق، واجمعوا علي ان من شاهدها وعاينها فرض عليه استقبالها، وانه ان ترك استقبالها وهو معاين لها، وعالم بجهتها فلا صلاه له، وعليه اعاده كل ما صلي. ذكره ابو عمر. وقال القرافي: من قرب من الكعبه ففرضه استقبال السمت قولا واحدا، فاذا صف صف مع حاءط الكعبه فصلاه الخارج عنها ببدنه او بعضه باطله. وقال في منح الجليل: استقبال عين الكعبه وما في حكمها مما يمكن فيه استقبال عينها يقينا كالجبال المحيطه بها والاوديه والطرق القريبه منها، فلا يكفيهم استقبال جهتها، ولا الاجتهاد في استقبال عينها. وفي معني ما تقدم ورد في شروح مختصر الخليل كمواهب الجليل، والتاج والاكليل، والشرح الكبير، والشرح الصغير، وكذا في شروح رساله ابن ابي زيد القيرواني. ثالثا: المذهب الشافعي: قال الرافعي في فتح العزيز: اما الحاضر في المسجد الحرام فيجب عليه استقبال عين الكعبه؛ لانه قادر عليه. وفي تحفه الحبيب علي شرح الخطيب: ولو امتد صف طويل بقرب الكعبه -اي ولو باخريات المسجد- وخرج بعضهم عن المحاذاه بطلت صلاته. وقال المحلي في شرح المنهاج: ومن امكنه علم القبله ولا حاءل بينه وبينها كان كان في المسجد او علي جبل ابي قبيس، او سطح، وشك فيها لظلمه او غيرها حرم عليه التقليد؛ اي الاخذ بقول المجتهد بان يعمل به فيها، (والاجتهاد)؛ اي العمل به فيها لسهوله علمها في ذلك، وكذلك ورد معني ما تقدم في روضه الطالبين. رابعا: المذهب الحنبلي: قال الموفق -رحمه الله تعالي- في المغني: قال بعض اصحابنا: الناس في استقبالها علي اربعه اضرب: منهم من يلزمه اليقين، وهو من كان معاينا للكعبه، او كان بمكه من اهلها، او ناشءا بها من وراء حاءل محدث كالحيطان، ففرضه التوجه الي عين الكعبه يقينا. وقال المرداوي في الانصاف والفرض في القبله: اصابه العين لمن قرب منها بلا نزاع. ثم قال: المراد بقوله: لمن قرب منها: المشاهد لها، ومن كان يمكنه من اهلها، او نشا بها من وراء حاءل محدث، كالجدران ونحوها، فلو تعذر اصابه العين لقريب، كمن هو خلف جبل ونحوه، فالصحيح من المذهب: انه يجتهد الي عينها، وعنه الي جهتها. وذكر جماعه من الاصحاب: ان تعذر اصابه العين للقريب فحكمه حكم البعيد، وقال في الواضح: ان قدر علي الرءيه، الا انه مستتر بمنزل او غيره، فهو كمشاهد، وفي روايه: كبعيد. وقال الشيخ عثمان بن قاءد في دقاءقه وحواشيه علي المنتهي وبخطه علي قوله: الا ان تعذر. كالمصلي خلف ابي قبيس بخلاف من صلي داخل المسجد الحرام او علي سطحه او خارجه، وامكنه ذلك بنظره او علمه، او خبر عالم، الي اخره. وفي معني ما تقدم ورد في شرح العمده لشيخ الاسلام ابن تيميه، وشرح المنتهي لابن النجار والفروع، وكشاف القناع وغيرها، والله اعلم. الشيخ: خلاص، ما راجعت ابن حزم. الطالب: ما تعرض لها. الشيخ: ما تعرض لها، وهذا كلهم اتفقوا علي انه اذا كان يمكنه مشاهده الكعبه؛ فالواجب ان يتجه الي عين الكعبه الا ما نقل عن الحنفيه، والغريب ان ما نقل عن الحنفيه نقل عن كتبهم خلاف ذلك. طالب: في كتب الشافعيه. الشيخ: غريب، اي، احسنت علي كل حال. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: فان اخبره ثقه بيقين، او وجد محاريب اسلاميه عمل بها، ويستدل عليها في السفر بالقطب والشمس والقمر ومنازلهما، وان اجتهد مجتهدان فاختلفا في جهه لم يتبع احدهما الاخر، ويتبع المقلد اوثقهما عنده، ومن صلي بغير اجتهاد ولا تقليد قضي ان وجد من يقلده. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، سبق لنا ان من شروط الصلاه استقبال القبله، فما هو دليله؟ طالب: قوله تعالي: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم} . الشيخ: {قد نري تقلب} . الطالب: {قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبله ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم} [البقره: ١٤٤]. الشيخ: يستثني من ذلك مساءل؟ طالب: العاجز، والمتنفل الراكب في سفر، الراكب ليس بشرط، لكن في سفر؛ ساءر، ومنها ايضا الماشي علي قول. الشيخ: ويش بعد؟ الطالب: ومنها: في شده الخوف. الشيخ: وشده الخوف، كم هذه؟ طالب: اربع. الشيخ: اربعه ولا ثلاثه؟ الطالب: اربعه باعتبار.. الشيخ: اعدها. الطالب: العاجز. الشيخ: العاجز، والخاءف، والمتنفل في سفر وهو ساءر بشروطه، او المتنفل في سفر بشروطه، ما هو الدليل علي استنثناء العاجز؟ طالب: {ربنا لا تءاخذنا ان نسينا} [البقره: ٢٨٦]. الشيخ: لا. طالب: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} . الشيخ: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]، {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦] طيب، الدليل علي استثناء الخاءف؟ طالب: قوله تعالي في صلاه الخوف. الشيخ: {فان خفتم} . الطالب: {فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقره: ٢٣٩]. الشيخ: طيب الدليل علي استثناء المتنفل في السفر؟ طالب: فعل النبي صلي الله عليه وسلم؛ فانه كان يتنفل حيثما توجهت به راحلته . الشيخ: نعم، احسنت. اذا كان الانسان يمكنه ان يشاهد الكعبه، فما فرضه؟ طالب: اصابه عينها. الشيخ: ما الدليل؟ الطالب: الدليل: {قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبله ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقره: ١٤٤]. الشيخ: {شطر المسجد} طيب {المسجد} غير الكعبه؟ طالب: يمكن يقال: اجماع العلماء. الشيخ: نعم. طالب: النبي صلي الله عليه وسلم لما خرج من الكعبه قال: «هذه قبلتكم احياء وامواتا» . الشيخ: قال عن الكعبه هي: «قبلتكم احياء وامواتا» ، ثم قوله ايضا يمكن ان نستنبط من قوله: {شطر المسجد الحرام} ان المراد جهه المسجد، وهي الكعبه في المسجد، فمن ولي وجهه الكعبه فقد ولي وجهه {شطر المسجد الحرام} . قال المءلف: (فان اخبره ثقه بيقين او وجد محاريب اسلاميه عمل بها) ؛ يعني بماذا يستدل علي القبله؟ يستدل علي القبله بمشاهدتها اذا شاهدها، وهذا واضح، ثانيا: بخبر ثقه، لكن عن يقين (اخبره ثقه بيقين) بان قال انسان ثقه رجل او امراه: هذه هي القبله. افادنا المءلف رحمه الله: ان اخبار الثقه لا بد فيه من ان يكون المخبر ثقه، والثقه تستلزم العداله والخبره، فان لم يكن عدلا فليس بثقه لقول الله تعالي: {يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا} [الحجرات: ٦]، فاوجب الله سبحانه وتعالي ان نتبين، وان نتثبت في خبر الفاسق، ولم يوجب رده مطلقا ولا قبوله مطلقا. اذن اذا قال لنا انسان فاسق: القبله هنا، وان كان ذا خبره؛ فاننا لا نعمل بقوله؛ لانه ليس بعدل، كذلك اذا قال لنا انسان عدل -نعرفه انه عدل ظاهرا وباطنا، صاحب عباده وزهد وورع- قال: هذه هي القبله، لكنه ليس ذا خبره؛ فانه ليس بثقه، اذن لا بد في الثقه من العداله والخبره، لا بد ان يكون عدلا، وان يكون ذا خبره. وافادنا المءلف ان (اخبره ثقه) انه لا يشترط التعدد؛ يعني لا يشترط ان يخبره ثقتان، وهذا بخلاف الشهاده؛ لان هذا خبر ديني فاكتفي فيه بقول الواحد، كما نعمل بقول المءذن في دخول الوقت بدون ان يتعدد المءذنون. وافادنا ايضا قوله: (ثقه) انه لو كان المخبر امراه يوثق بقولها لكونها عدله وذات خبره فاننا ناخذ بقولها، والعله في ذلك ان هذا خبر ديني، فيقبل فيه قول الواحد كالروايه كما اننا نقبل روايه المراه اذا كانت عدلا حافظه كذلك نقبل قولها هنا؛ لان هذا من باب الاخبار الدينيه التي يبعد فيها الكذب اذا كان المخبر بها ثقه. وقول المءلف: (بيقين) يعني بان اخبره عن مشاهده، افادنا انه لو اخبره الثقه عن اجتهاد؛ فانه لا يعمل بقوله مثل: لو كان جماعه في سفر، كلهم لا يعرفون القبله، ولا يستطيعون الاجتهاد الي جهتها، لكن فيه واحد منهم يعرف ذلك عن اجتهاد، فظاهر كلام المءلف اننا لا ناخذ بقوله، ولكن هذا فيه نظر. والصواب: انه اذا اخبره ثقه -سواء اخبره عن يقين او عن اجتهاد- فانه يعمل بقوله كما اننا نعمل بقول الثقه بالاجتهاد في مساءل الدين الحلال والحرام والواجب، فكيف لا نعمل به في اخباره بالقبله؟ فالصواب انه اذا اخبره الثقه -سواء كان اخباره صادرا عن يقين او صادرا عن اجتهاد- فانه يجب عليه العمل بقوله . الثاني مما يستدل به علي القبله قال: (او وجد محاريب اسلاميه) فانه يعمل بها؛ يعني هو لا يعرف القبله لا عن يقين، ولا عن اجتهاد، لكن وجد المحاريب الاسلاميه في المساجد متجهه الي جهه ما؛ فانه يستدل بالمحاريب الاسلاميه علي جهه القبله، وهذا امر معلوم. وقوله: (محاريب اسلاميه) يفهم منه ان المسلمين ما زالوا يستعملون المحاريب، وان لهم محاريب خاصه تتميز عن محاريب النصاري وغيرهم وهو كذلك. وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في اتخاذ المحراب؛ هل هو سنه، او مستحب، او مباح، والصحيح انه مستحب ؛ يعني لم ترد به السنه، لكن النصوص الشرعيه تدل علي استحبابه لما فيه من المصالح الكثيره، ومنها تعليم الجاهل بماذا؟ بالقبله. واما ما روي عن النبي عليه الصلاه والسلام من النهي عن مذابح كمذابح النصاري ؛ يعني المحاريب، فهذا النهي واضح؛ انه وارد علي ما اذا اتخذت محاريب كمحاريب النصاري، اما اذا اتخذت محاريب متميزه للمسلمين، فان هذا لا نهي عنه. قال: (او وجد محاريب اسلاميه عمل بها) علم من كلامه انه لو وجد محاريب غير اسلاميه لم يعمل بها، لماذا؟ لانه لا يوثق ببناءهم كما لا يوثق بقولهم في مساءل الدين، والا لكان يمكن ان يقال: ان المعروف عند غير المسلمين من اهل الكتاب انهم يتجهون الي بيت ايش؟ بيت المقدس، فاذا وجدنا محاريب لهم متجهه الي بيت المقدس، ونحن مثلا في جهه بين بيت المقدس وبين الكعبه عرفنا ان القبله خلاف محاريبهم، لكننا لا نثق بمحاريبهم؛ لاننا نخشي ان يكونوا قد بدلوا او غيروا؛ فلهذا قيد المءلف هذا بقوله: (او وجد محاريب اسلاميه) . قال الشارح: (لان اتفاقهم عليها مع تكرار الاعصار اجماع عليها، فلا تجوز مخالفتها؛ حيث علمها للمسلمين) . الثالث: مما يستدل به علي القبله، قال: (ويستدل عليها بالقطب) ، هذا دليل افاقي؛ اي: دليل في الافق. القطب، فما هو القطب؟ القطب: هو الشيء الذي تدور عليه الاشياء، وهو اصل الشيء، والقطب هذا نجم خفي من جهه الشمال الشرقي بالنسبه لنا هنا في القصيم خفي جدا، قال العلماء: لا يراه الا حديد البصر في غير ليالي القمر، اذا كانت السماء صافيه، لكن له جار بين واضح يستدل به عليه وهو (الجدي)، فان (الجدي) قريب منه؛ ولهذا يظن بعض الناس ان (الجدي) ثابت لا يتغير، وليس كذلك، بل (الجدي) يتحرك يسيرا، لكن لقربه من القطب لا تتبين حركته، اما القطب نفسه فانه لا يتحرك ولا يتغير، كقطب الرحا، وانتم تعلمون الان الرحا اذا دارت ما كان حول قطبها؛ فان دورانه يسير خفيا جدا، وكلما قرب كان اخفي، والبعيد تكون دورته واسعه بينه، هكذا النجوم علي القطب، ما كان قريبا منه فدورته يسيره جدا؛ حتي ان بعض الناس يظن انه لا يدور، وما كان بعيدا فانه يدور دورانا كبيرا. واضرب لكم مثلا ببنات نعش الكبري والصغري، هي سبع نجوم كبيره، وسبع نجوم صغيره؛ بنات نعش الصغري في احد طرفيها (الجدي)، وفي الاخر (الفرقدان) الذي قال فيهما الشاعر: ........................... وفرقدا السماء لن يفترقا هذه سبعه نجوم، طرفها (الجدي)، وطرفها الثاني (الفرقدان)، هذه لا تغيب ابدا، لا تغيب عنا، نشاهدها وهي تدور، احيانا تكون (الفرقدان) في الجنوب، و(الجدي) في الشمال، واحيانا يكون (الجدي) في الجنوب، و(الفرقدان) في الشمال لا تغيب، اما بنات نعش الكبري فانها تغيب؛ لكن لا تكاد تمضي ساعه او ساعه ونصف الا وقد طلع اولها من الشرق بعد ان يغيب اخرها من الغرب؛ لان المسافه ما هي بعيده. علي كل حال يستدل علي القبله بالقطب، سواء كنت في البر او في البلد، ولكن يحتاج الي معرفه القطب ما هو، انا اخشي ان بعض الناس يظن ان القطب سهيل، وسهيل هو في؟ طالب: الجنوب. الشيخ: في الجنوب، لكن القطب في الشمال؛ وهو نجم خفي -كما قال صاحب الاقناع وغيره- لا يراه الا حديد البصر في غير ليالي القمر في الليالي الصافيه. فاذا قال قاءل: ما هو الدليل علي الاستدلال علي القبله بالقطب؟ قيل: الدليل قوله تعالي: {وبالنجم هم يهتدون} [النحل: ١٦]، فان الله سبحانه وتعالي اطلق الاهتداء بالنجم؛ فالنجم يهتدي به علي الجهات لكل غرض. الشمس والقمر ايضا يستدل بهما علي القبله؛ لان الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب في المغرب، فاذا كنت عن الكعبه غربا فالقبله شرقا، واذا كنت عن الكعبه شرقا، فالقبله غربا، واذا كنت عن الكعبه شمالا فالقبله جنوبا، واذا كنت عن الكعبه جنوبا فالقبله شمالا، «وما بين المشرق والمغرب قبله» ، كما قال النبي عليه الصلاه والسلام، وذلك لاهل المدينه ومن ضاهاهم. (بالشمس والقمر ومنازلهما) منازل الشمس والقمر هي منازل النجوم الصيفيه والشتويه، وهي ثمان وعشرون منزله ينزلها القمر، كل ليله له منزله منها، وليلتان او ليله واحده يكون محاقا او مستترا لا يري؛ ولهذا تسمي ليله التاسع والعشرين والثلاثين، او الثماني والعشرين والتاسع والعشرين تسمي ليالي الاستسرار؛ يعني ان القمر يستتر فيها ولا يري. الثماني والعشرون منزله، هذه تنزلها الشمس علي مدي سنه كامله، اما القمر فيطوف بها في خلال شهر، يطوف بها في السنه اثنتي عشره مره، اما الشمس فتطوف بها في السنه مره واحده. كيف نستدل بمنازلهما؟ ننظر مثلا الي النجوم الشماليه التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين، والنجوم الجنوبيه التي تقسم المشرق نصفين والمغرب نصفين؛ فالجنوبيه من جهه الجنوب، والشماليه من جهه الشمال، لكن هذه لا يعرفها الا من تمرس وصار في البر، وليس حوله انوار من الكهرباء بحيث يعرف هذه النجوم، والذين يعرفونها يستطيعون ان يحكموا علي الليل والنهار بالساعات، بل باقل من الساعات، يقولون مثلا: الان راح من الليل نصفه، راح ربعه، راح ثمنه، راح عشره؛ يستدلون علي ذلك بهذه المنازل. قال: (بالشمس والقمر ومنازلهما) ، فصار الذي يستدل به علي القبله: المشاهده، وخبر الثقه بيقين، والثالث: القطب، والمحاريب الاسلاميه، والشمس والقمر ومنازلهما. بعض العلماء قال: يستدل ايضا بالجبال الكبار، وبعضهم قال: يستدل ايضا بالانهار الكبار ومصابها، وبعضهم قال: يستدل بالرياح. لكن هذه الثلاثه دلالتها خفيه، ولهذا اغفلها المءلف -رحمه الله- ولم يذكرها؛ فان من الناس من يكون عنده قوه احساس؛ بحيث يقول لك: الهواء جنوب، لو كان اعمي، الهواء شمال، الهواء شرق، الهواء غرب، ويستدل بالرياح علي الجهات. في زمننا هذا جاء الله سبحانه وتعالي بالالات الدقيقه التي يستدل بها علي جهه القبله، بل انني سمعت انه يوجد الات يستدل بها علي عين القبله؛ لانهم يقولون: ان الكعبه هي مركز الكره الارضيه، وانهم الان توصلوا الي الات دقيقه يكون اتجاهها داءما الي مركز الارض وهو وسطها، وهذا هو الكعبه، لكنني ما عثرت عليها حق اليقين، انما هذا مشتهر. قال: (وان اجتهد مجتهدان فاختلفا جهه) . قوله: (ان اجتهد مجتهدان) ، افادنا المءلف بان القبله يكون فيها مجتهد، فمن المجتهد في جهه القبله؟ المجتهد في جهه القبله هو الذي يعرف ادلتها، كما ان المجتهد في ابواب العلم هو الذي يعرف ادله العلم، الناس بالنسبه للقبله؛ اما مجتهد، يعرف كيف يستدل بادلتها، واما مقلد لا يعرف ولا يدري، المقلد ما فرضه؟ طالب: التقليد. الشيخ: التقليد، لكن سبق انه لا بد ان يكون المقلد يخبر عن يقين علي المذهب، والصحيح: انه يقلد؛ سواء كان يخبر عن يقين او عن اجتهاد، المجتهد هو الذي يمكنه معرفه القبله بادلتها. (اجتهد مجتهدان) مثال ذلك: رجلان في البر حان وقت الصلاه فاجتهدا، فقال احدهما: القبله هنا من اليمين، وقال الثاني: القبله هنا من اليسار، ايهما اصوب؟ كلاهما مجتهد اذا اختلفا (جهه لم يتبع احدهما الاخر) . ان اختلفا (جهه) ؛ لان اختلاف المجتهدين اما ان يكون في جهه واحده، واما ان يكون في جهتين؛ مثاله في الجهتين ان يقول احدهما: القبله هنا؛ ويشير الي الشمال، والثاني قال: القبله هنا؛ ويشير الي الجنوب، هذان اختلفا جهه، ولا يمكن ان يتبع احدهما الاخر. اذا اختلفا في غير الجهه؛ بمعني ان الجهه واحده، فهنا لا باس ان يتبع احدهما الاخر، لماذا؟ لان الانحراف في الجهه لا يضر، ولا يخل بالصلاه، فصار المجتهدان اذا اختلفا في الجهه؛ بمعني ان كل واحد منهما قال: ان القبله في جهه غير جهه الاخر، فان احدهما لا يتبع الاخر؛ لان كل واحد منهما يعتقد خطا الاخر، والا فقد اتفقا علي ان القبله شرط ولا بد. اما اذا اختلفا في غير الجهه بان اختلفا في الانحراف في جهه واحده، فهنا لا باس ان يتبع احدهما الاخر مثل ان يتجها الي الجنوب، لكن احدهما يميل الي الغرب، والثاني يميل الي الشرق؛ فالجهه هنا واحده. نقول: لا باس للذي يميل الي الغرب ان يتبع الذي يميل الي الشرق، ويميل معه الي الشرق، او نقول للذي يميل الي الشرق: مل الي الغرب، واتبع الذي يميل الي الغرب؛ لانك اذا فعلت ذلك لم تبطل صلاتك بخلاف ما اذا اختلفا جهه، احدهما يقول: هنا يعني المشرق، والثاني يقول: هنا يعني المغرب، فهنا لا يتبع احدهما الاخر. يقول: (لم يتبع احدهما الاخر) ، ما المراد بالاتباع هنا؟ يعني في القبله، لا يجوز ان يتبع احدهما الاخر؛ حتي لو كان اعلم منه واعرف، ما دام قد نازعه وخالفه، فان كان الانسان حين اجتهد واجتهد الاخر الذي هو اعلم منه صار عنده تردد في اجتهاده، وغلبه ظن في اجتهاد صاحبه. فعلي المذهب لا يتبعه؛ لماذا؟ لانهم يقولون: لا بد ان يكون خبر ثقه عن يقين. ولكن الصحيح: انه يتبعه ؛ لانه لما تردد في اجتهاده بطل اجتهاده، ولما غلب علي ظنه صحه اجتهاد صاحبه وجب عليه ان يتبع ما هو احري، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود: «فليتحر الصواب، ثم ليبن عليه» ، وهذا دليل علي ان من كان عنده غلبه ظن في امر من امور العباده فانه يتبع غلبه الظن. وهذا ايضا له اصل في الكتاب، قال الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، وهذا استطاعته. ثانيا: (لم يتبع احدهما الاخر) اي: في متابعه الاءتمام، فلا ياتم به؛ لماذا؟ لان كل واحد منهما يعتقد ان هذا اخطا القبله، وللتضاد، كيف التضاد؟ اذا كان الامام يري ان القبله جنوب، والماموم يري ان القبله شمال، اين يتجه الامام؟ طلبه: الي الجنوب. الشيخ: الي الجنوب، والماموم؟ طلبه: الي الشمال. الشيخ: الي الشمال، صار الماموم قد استدبر الامام؛ هذا تضاد، اذا ركع الامام الي الجنوب ركع ذاك الي الشمال، هذه مخالفه تضاد، والمقصود من الجماعه هي الاءتلاف. وقال بعض اهل العلم: بل يجوز ان يتبعه، واذا كانت الصلاه صلاه جماعه واجبه وجب ان يتبعه، وياتم به؛ لان كل واحد منهما يعتقد خطا الاخر بالنسبه لاجتهاده، وصوابه بالنسبه لاجتهاد نفسه، واضح؟ انا اعتقد ان الامام مخطء لما اتجه الي الجنوب باعتقادي انا، لكن باجتهاده هو اعتقد انه مصيب، وانه لو تابعني لبطلت صلاته. قالوا: ونظير ذلك لو ان رجلين اكلا من لحم ابل؛ احدهما: يعتقد ان لحم الابل ناقض، والثاني: يعتقد ان لحم الابل غير ناقض، فاءتم احدهما بالاخر، فهنا احدهما يعتقد بطلان صلاه الاخر، ومع ذلك يجوز ان ياتم احدهما بالاخر، يجوز، قالوا: فهذا مثل هذا، واعتقاد الخطا في الحكم كاعتقاد الخطا في الحال، الذي خالفني في القبله قد اتفقت معه علي الحكم؛ وان استقبال القبله شرط، لكن اختلفنا في ايش؟ في الحال، انا اعتقد ان هذه هي القبله، وهو يعتقد ان القبله مخالفه لذلك، فلا فرق بين ان اعتقد ان هذا اللحم ناقض الوضوء، وهو يعتقد انه ليس بناقض. وهذا القول اقرب، وهو جواز اتباع احدهما الاخر مع اختلافهما في جهه الكعبه او القبله. بقي عندنا اذا كان هناك ثالث ليس بمجتهد؛ يعني لدينا رجلان اجتهدا في القبله، فقال احدهما: القبله هنا، واشار الي ناحيه، وقال الثاني: القبله هنا، واشار الي ناحيه مخالفه، وعندهما رجل ثالث، فمن يتبع؟ قال المءلف: (ويتبع المقلد اوثقهما عنده) اذا قال: والله اختلف فلان وفلان، من اتبع؟ قلنا: من الاوثق عندك؟ قال: فلان. نقول: اتبعه، فان اتبع غير الاوثق مع وجود الاوثق فصلاته باطله؛ لانه يعتقد بطلانها ويكون كالمتلاعب في صلاته (...). *** طالب: قال المءلف رحمه الله تعالي: (فمن صلي بغير اجتهاد ولا تقليد قضي ان وجد من يقلده، ويجتهد العارف بادله القبله لكل صلاه، ويصلي بالثاني، ولا يقضي ما صلي بالاول. ومنها: النيه، فيجب ان ينوي عين صلاه معينه، ولا يشترط في الفرض والاداء والقضاء والنفل والاعاده نيتهن، وينوي مع التحريمه وله..). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. بماذا يستدل علي القبله؟ طالب: ان اخبره الثقه، والثاني: (...) المحاريب الاسلاميه. الشيخ: والمحاريب الاسلاميه. الطالب: وبالقطب. الشيخ: القطب، ويش بعد؟ الطالب: وبالرياح. الشيخ: لا؛ لان الرياح والجبال ضعيفه، لكن غيره؟ طالب: الوساءل الجديده. الشيخ: لا، خل هذه. طالب: الشمس والقمر ومنازلهما. الشيخ: الشمس والقمر ومنازلهما، فيه شيء؟ طالب: المشاهده. الشيخ: لا، المشاهده فرضها استقبال العين. الطالب: (...). الشيخ: اختلف رجلان في جهه القبله؛ احدهما يقول: يمينا، والثاني يقول: شمالا؟ طالب: لا يتبع احدهما الثاني. الشيخ: ولو كان اعلم منه؟ الطالب: ولو كان اعلم منه؛ لانه يري خطا الاخر. الشيخ: هل يقتدي احدهما بالاخر؟ طالب: لا. الشيخ: لا، ما يكون اماما له؟ الطالب: لا يقتدي واحد بالاخر؛ لان كل واحد يظن بالاخر بالخطا، فكيف يقتدي؟ الشيخ: لكن لو قال: صل انت وانا اصلي، انت امامي وانا ماموم، يصلح؟ الطالب: يعني واحد بمقلد؟ الشيخ: لا. الطالب: كلاهما مجتهدان. الشيخ: كلاهما مجتهدان؛ احدهما قال: القبله هنا، والثاني قال: القبله هناك؟ الطالب: لا يقتدي بالاخر. الشيخ: لا يكون اماما له؟ الطالب: لا. الشيخ: ويش تقولون؟ طلبه: (...). الشيخ: صحيح، نعم. طالب: انه اذا كان رجل قبلته الشمال، ورجل قبلته الجنوب ليس لاحدهما (...) خلف الاخر (...). الشيخ: لماذا؟ الطالب: لان انما جعلت الامامه للمتابعه في حركات الصلاه، فاذا اختلفا واحد واثنان، وتعارضت القبلتان اختلت الحكمه من الاءتمام في الصلاه. طالب: (...). الشيخ: ما فهمت؛ يعني يجوز ان يكون اماما له؛ احدهما يتجه الي الجنوب، والثاني للشمال؟ طالب: لا يجوز. الشيخ: ليش؟ الطالب: لا يجوز؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، وهذا الحديث عام (...). الشيخ: يعني؟ طالب: (...). الشيخ: طيب. طالب: وايضا للتضاد. الشيخ: اي، للتضاد في الواقع، كيف تتحقق المتابعه واحد يروح شمال، وواحد يروح جنوب؟! لو ان احد رجلين مس احدهما ذكره والاخر اكل لحم ابل، وكان الذي مس ذكره يري ان لحم الابل ناقض دون مس الذكر، وكان الذي اكل اللحم يري ان مس الذكر ناقض دون اكل اللحم، هل يقتدي احدهما بالاخر يكون اماما له؟ طالب: نعم، يا شيخ؛ لانه باعتقاده هو انه مخطء. الشيخ: اليس كل واحد منهما يعتقد ان صلاه الاخر باطله؟ الطالب: في اعتقاده هو انه صلاته باطله، لكن الاولي انه يتبعه. الشيخ: لكن باعتقاد صاحبه صلاته؟ الطالب: صلاته صحيحه. الشيخ: صحيحه، ولهذا ذهب الموفق الي انه في مساله القبله يجوز ان يقتدي احدهما بالاخر قال: لان كل واحد منهما يعتقد ان صلاه الاخر باطله باعتقاده هو لا باعتقاد صاحبه، وما قاله الموفق جيد، لكنه يشكل عليه مساله التضاد، «وانما جعل الامام ليءتم به» ، وهذا في الحقيقه مضاد له علي الخط؛ الشكل والهيءه؛ الهيءه ربما يوافقه، لكن الشكل اذا قال هذا: الله اكبر، وانحني نحو الشمال قال الثاني: الله اكبر، وانحني نحو الجنوب، كانما يبعد عنه، فالمذهب كانه -والله اعلم- اقرب الي الصواب في هذا. اذا كان هناك مقلد من يتبع؟ اختلف اجتهاد الرجلين عنده، فمن يتبع؟ طالب: من يثق به؛ باحدهما. الشيخ: ايهما؟ الطالب: اقول: اللي يثق به (...). الشيخ: كلهم يثق بهم، نعم؟ طالب: (...). الشيخ: الاوثق، فان كانا سواء عنده؟ الطالب: يرجح. الشيخ: ما عنده ترجيح. طالب: يخير بينهما. الشيخ: يخير بينهما، صح، كالعامي اذا افتاه رجلان، وراي انهما في العلم سواء، وفي الامانه سواء فانه يخير. *** قال المءلف رحمه الله: (ومن صلي بغير اجتهاد ولا تقليد قضي ان وجد من يقلده) . (من صلي بغير اجتهاد) ان كان يحسنه، (ولا تقليد) ان كان لا يحسنه فانه يقضي؛ لانه لم يات بما يجب عليه، فكان بذلك مفرطا؛ فوجب عليه القضاء؛ مثال ذلك: رجل يحسن الاجتهاد، ويعرف دلاءل القبله بالقطب، او الشمس، او القمر، ولكنه متهاون، قام وصلي بغير اجتهاد؛ فانه يجب عليه القضاء. وظاهر كلام المءلف انه يقضي ولو اصاب؛ وذلك لانه لم يقم بالواجب عليه من الاجتهاد، واصابته وقعت علي سبيل الصدفه لا علي سبيل الركون الي هذه الجهه؛ لانه لم يجتهد، اعرفتم؟ ولهذا قال المءلف: (قضي) كذلك لو كان الرجل ليس من اهل الاجتهاد، ففرضه التقليد، ولكنه لم يقلد، ما سال احدا، لم يسال احدا من الناس، وصلي هكذا، فانه يقضي ولو اصاب، لماذا؟ لانه ترك ما يجب عليه؛ اذ الواجب عليه ان يعرف ان هذه هي القبله، اما باجتهاد ان كان يحسنه او بتقليد اذا كان لا يحسنه، اما ان يقوم ويصلي هكذا؛ فهذا لا يجزءه، وهذه الاخيره تقع كثيرا، ياتي رجل الي شخص ضيفا عنده، ثم يقوم يصلي، ولا يسال صاحب البيت اين القبله؟ فيصلي هكذا، ليس امامه شيء يجتهد فيه، بل وليس هو من اهل الاجتهاد الذين يعرفون القبله بالشمس والقمر، فقام وصلي هكذا، فنقول له: يجب عليك ان تعيد الصلاه ولو اصبت؛ لانك لم تات بالواجب؛ فانت لم تجتهد؛ يعني ما خرجت من الحجره لتنظر اين الشمس، اين القمر، اين القطب؟ ولم تسال صاحب البيت، فلم تات بما يجب عليك من الاجتهاد ولا من التقليد؛ فيجب عليه ان يقضي ولو اصاب. اذن ما الواجب علي هذا الضيف اذا اراد ان يصلي؟ ان يسال صاحب البيت؛ لان صاحب البيت عنده علم بالقبله. وقال بعض العلماء: انه اذا اصاب اجزا؛ لانه مهما كان سواء كان عنده اجتهاد او تقليد؛ فانه لن يصلي الا الي جهه تطمءن اليها نفسه، فاذا اصاب، فلماذا نلزمه بالقضاء؟ وهذا القول اصح ؛ لانه حتي وان كان لم يجتهد، ولم يسال لا يمكن ان يصلي الا الي جهه تطمءن اليها نفسه، فيقول: والله انا ظننت ان هذه القبله، نقول: ان اخطا وجبت عليه الاعاده؛ لانه لم يات بما يجب عليه من السءال ولا من الاجتهاد، وان اصاب فقد اصاب، وليس عليه اعاده، وهذا القول هو الارجح، وهو المتعين، اما اذا اخطا فالامر ظاهر؟ هل الحضر محل للاجتهاد او لا؟ الجواب: اما المذهب فليس محلا للاجتهاد، واظنه مر علينا في كلام المءلف قال: (يستدل عليها في السفر بالقطب) ، فعند الاصحاب -رحمهم الله- ان الحضر ليس محلا للاجتهاد، ولا ريب ان هذا القول ضعيف. والصواب: ان الحضر والسفر كلاهما محل للاجتهاد ، فان الانسان في الحضر قد يصعد الي السطح في الليل، وينظر الي القطب، ويستدل به، وفي النهار ينظر الي الشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب، والعلامات التي في السفر هي علامات في الحضر. واما قولهم: انه لا اجتهاد في الحضر؛ لانه يستدل علي ذلك بخبر اهل البلد وبالمحاريب الاسلاميه، فنقول: اذا كان من اهل الاجتهاد فلا مانع. فالصواب انه اذا اجتهد في الحضر؛ فانه تصح صلاته، ان اصاب فالامر ظاهر، وان لم يصب فانه اجتهد واخطا وله اجر. الخلاصه: المذهب في هذه المساله يشددون جدا يقول: (من صلي بغير اجتهاد ولا تقليد قضي ولو اصاب) ، والصحيح انه ان اصاب لا يقضي؛ لانه لا بد ان تركن نفسه الي الجهه التي اتجه اليها، فان اخطا وجبت عليه الاعاده، اما اذا اجتهد واخطا فانه لا اعاده عليه؛ يعني اذا اجتهد لا اعاده عليه مطلقا؛ سواء اصاب ام لم يصب؛ لان هذا الرجل فعل ما يجب عليه، ومن فعل ما يجب عليه فقد اتقي الله ما استطاع، ومن اتقي الله ما استطاع فليس عليه ان يصلي مرتين؛ لان الله لم يوجب علي عباده ان يصلوا مرتين، هذا صلي حسب ما امر فصحت صلاته. اذا كان من غير اهل الاجتهاد في الحضر، واستند الي قول صاحب البيت، وتبين ان قول صاحب البيت خطا، فهل يعيد؟ طلبه: لا يعيد. الشيخ: المذهب انه يعيد؛ لانه سبق انه لا بد ان يستند الي قول: (ثقه بيقين) . والصحيح: انه لا يعيد ؛ لان هذا الانسان اعتمد علي خبر ثقه، ففعل ما يجب عليه، وكما قلنا قبل قليل: من فعل ما يجب عليه فانه لا اعاده عليه، ولا يمكن ان نلزمه بان يفعل الصلاه مرتين. وخلاصه البحث في هذا ان نقول: اولا: من صلي باجتهاد فصلاته صحيحه؛ سواء اخطا او اصاب، وسواء في الحضر او في السفر، هذا القول الراجح ، واذا صلي بغير اجتهاد ولا تقليد، فان اخطا. طلبه: اعاد. الشيخ: اعاد، وان اصاب لم يعد. اما كونه يعيد اذا اخطا فالامر ظاهر؛ لانه لم يفعل ما امر به من السءال ان كان مقلدا والاجتهاد ان كان مجتهدا. واما كونه لا يعيد اذا اصاب؛ فلانه لا يمكن ان يتجه الي جهه الا وهو يميل الي انها القبله، وهذا الميل يوجب غلبه ظن بهذا الاتجاه، والعبادات يكتفي فيها بغلبه الظن؛ لقول الرسول صلي الله عليه وسلم «فليتحر الصواب ثم ليبن عليه» . ثم قال المءلف رحمه الله قال: (ان وجد من يقلده) ، فان لم يجد من يقلده وتحري؛ فانه لا يلزمه الاعاده. يقول: (ويجتهد العارف بادله القبله لكل صلاه) . (العارف بادله القبله) وهو الذي نسميه المجتهد؛ لانه اهل للاجتهاد؛ لمعرفته بادله القبله، يجب عليه ان يجتهد لكل صلاه، فاذا اجتهد مثلا لصلاه الظهر؛ وتبين له ان القبله هكذا امامه؛ ووضع العلامه علي القبله؛ فصلي؛ فصلاته صحيحه، اذا جاء العصر، هل يعتمد علي الاجتهاد الاول او لا؟ يقول المءلف: يجتهد لكل صلاه، يجب ان يعيد الاجتهاد مره ثانيه، وينظر في الادله مره ثانيه، فلكل صلاه اجتهاد؛ ولكن هذا القول ايضا ضعيف. والصواب: انه لا يلزمه ان يجتهد لكل صلاه ، ما لم يكن هناك سبب، مثل ان يطرا عليه شك في الاجتهاد الاول، فحينءذ يعيد النظر، ونظير ذلك المجتهد في المساءل العلميه، اذا حقق مساله من المساءل، واجتهد فيها، وراي ان الحكم فيها كذا وكذا؛ ثم حدثت مره اخري، فهل يلزمه ان يعيد البحث والمناقشه او يكتفي بالاول؟ يكتفي بالاول، ما لم يتبين له خطءه، فيجب اعاده النظر. وهكذا المجتهد بادله القبله؛ فالصحيح خلاف ما ذهب اليه المءلف من وجوب تجديد الاجتهاد لكل صلاه. نقول: اجتهادك الاول يكفي عما بعده الا اذا وجد سبب يقتضي اعاده النظر كالشك، فحينءذ يعيد النظر، وسواء كان الشك باثاره الغير او باثاره من نفسه؛ يعني سواء كان الشك من عند نفسه تردد، او جاءه انسان قال: يا اخي، ما هذه القبله، القبله عن اليمين، عن الشمال، الخلف؛ فانه يجب عليه اعاده النظر والاجتهاد. قال: (ويصلي بالثاني، ولا يقضي ما صلي بالاول) . (يصلي) من؟ المجتهد (بالثاني) ، اي: بالاجتهاد الثاني، (ولا يقضي ما صلي بالاول) اذا تبين له خطءه؛ لان الاول مبني علي اجتهاد قد اتي الانسان فيه بما يجب عليه، ومن اتي بما يجب لم يلزم باعاده العباده؛ لاننا لو قلنا بلزوم الاعاده لاوجبنا عليه العباده مرتين، وحينءذ نقول: اجتهادك الثاني لا ينقض الاجتهاد الاول. فاذا صلي الظهر الي الشمال معتقدا بحسب اجتهاده ان هذه هي القبله، وفي العصر تبين له ان القبله نحو الجنوب؟ يعيد الظهر ولا لا؟ طلبه: لا. الشيخ: لا يعيدها؛ لانه صلاها باجتهاد حسب ما امر، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد. ومثله: المساءل العلميه، لو كان الانسان يري رايا بناء علي ان هذا مقتضي دلاله النصوص، ثم بعد هذا بعد البحث والمناقشه والاطلاع تبين له خلاف قوله الاول، فانه لا يلزمه نقض الحكم ان كان حاكما به، ولا نقض الفتوي، ولا يلزمه ان يذهب الي الذي افتاه في الاول، ويقول: اني افتيتك بكذا، وتبين لي اني اخطات؛ لان الاول صادر عن اجتهاد، فلا ينقض بالاجتهاد الثاني. وانما قلنا: لا ينقض؛ لانه كما كان الخطا في ظنه في الاول يمكن ان يكون الخطا ايضا في الثاني، ما يدري، ربما ان الاول هو الصواب، وانت ظننت ان الثاني هو الصواب؛ فلهذا قالوا: لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد. وروي عن عمر رضي الله عنه في مساله (الحماريه) انه قضي فيها بحرمان الاخوه الاشقاء، ثم حدثت مره اخري، وقضي فيها بالتشريك، فقيل له في ذلك، فقال: ذاك علي ما قضينا، وهذا علي ما نقضي ، ولم ينقض الحكم الاول. ثم قال: (ومنها) -يعني من شروط الصلاه- (النيه) ، وهذا هو الشرط التاسع وهو الاخير؛ من شروط الصلاه النيه، اظنه التاسع؟ طالب: (...). الشيخ: فيها الاسلام، والعقل، والتمييز، ودخول الوقت، وستر العوره، والطهاره من الحدث، واجتناب النجاسه، واستقبال القبله، هذه ثمانيه. طلبه: والنيه. الشيخ: والنيه هي التاسعه. طالب: المتن (...). الشيخ: المتن ما جاء به. طالب: هذه الخامسه. الشيخ: لا، هذه السادسه. طالب: (...). الشيخ: ويش فصل؟ اول باب شروط الصلاه، اظن ويش يقول؟ طالب: (شروطها قبلها منها الوقت) . الشيخ: (شروطها قبلها منها الوقت) (منها) ، (من) هذه للتبعيض؛ لانه ما ذكر كل شيء؛ هو ذكر الوقت، وستر العوره، واجتناب النجاسه، واستقبال القبله والنيه؛ خمسه، اسقط الطهاره من الحدث، والاسلام، والعقل، والتمييز. طلبه: ذكر (...).. "},{"Id":1704,"Name":"02 كتاب الصلاة 14","Sort":36,"Version":0,"LessonText":"

(النية) بمعنى القصد، وأما في الشرع فهي نية العبادة، وتنقسم إلى قسمين: نية المعمول له، ونيَّة العمل؛ أما نية العمل فهي التي يتكلم عليها الفقهاء؛ لأنهم إنما يقصدون بالنيةِ النيةَ التي تتميز بها العبادة عن العادة، وتتميز بها العبادات بعضها عن بعض.
وأما نية المعمول له فالتي يتكلم عليها أرباب السلوك؛ يعني تذكر في قسم التوحيد، وهي أهم من الأول؛ نية المعمول له أهم من نية العمل؛ لأنها عليها مدار الصحة، قال الله تعالى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي؛ تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ» .
أما نية العمل فيقصد بها تمييز العبادات من غير العبادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، فينوي أن هذه عبادة، ثم ينوي أنها صلاة، وينوي أنها فريضة، نافلة، وهكذا.
نية المعمول له، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
ولا بد من ملاحظة الأمرين جميعًا؛ أولًا: نية المعمول له؛ بحيث تكون نيته لمن؟
طالب: لله.
الشيخ: لله عز وجل؛ فإن خالط هذه النية نية غير الله بطلت، لو قارن النية -نية كون العبادة لله- نية كونها لغيره بطلت؛ فلو قام رجل يصلي؛ لأنه رأى الناس يلتفتون إليه، فقام يصلي ليراه الناس فالصلاة باطلة؛ لأنه لم يخلص النية للمعمول له، وهو الله عز وجل.
نية تمييز العبادات عن غيرها، والعبادات بعضها عن بعض، ذكره المؤلف رحمه الله؛ لأن هذا هو وظيفة الفقهاء.
واعلم أن النية محلها القلب، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، فليست من أعمال الجوارح، ولهذا نقول: إن التلفّظ بها بدعة، فلا يسن للإنسان إذا أراد عبادة أن يقول: اللهم إني نويت كذا، أو أردت كذا، لا جهرًا ولا سرًّا؛ لأن هذا لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأن الله تعالى يعلم ما في القلوب، فلا حاجة أن تنطق بلسانك، فهذا ليس بذكر حتى ينطق باللسان، وإنما هي نية محلها القلب، ولا فرق في هذا بين الحج وغيره؛ حتى الحج لا يُسنّ للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العمرة، أو نويت الحج، لكن يلبي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنية؛ لأن التلبية فيها إجابة لله؛ فهي بنفسها ذكر، ليست إخبارًا عما في القلب؛ ولهذا يقول القائل: لبيك عمرة، أو لبيك حجًّا.
نعم، لو احتاج إلى الاشتراط فله أن يتلفظ بلسانه، بل لا بد أن يتلفظ فيقول مثلًا: لبيك عمرة، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، لبيك حجًّا وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهكذا.
النية محلها القلب، فلا يشرع النطق بها لا سرًّا ولا جهرًا.
ومن الطرائف: أن بعض العامة سمع شخصًا يقول -يريد أن يصلي خلف الإمام-: اللهم إني أريد أن أصلي صلاة الظهر خلف الإمام فلان بن فلان، لما هم أن يكبر قال: اصبر، باقي عليك شوي؟ ما الذي بقي؟ قال: بقي عليك التاريخ، قل: صلاة الظهر في يوم كذا من الشهر الفلاني، من السنة الفلانية!! يعني إذا كنت تريد أن تكتب وثيقة بينك وبين الله لازم تحرر الوثيقة، أما الصلاة وبس! فخجل الرجل؛ لأن هذا رد عليه، بقوله: باقي عليك التاريخ، وإحنا يمكن نضيف لك عليه أيضًا المكان.
طالب: عدد الركعات.
الشيخ: إي نعم، يعني على كل حال، الحمد لله لنا نية محلها القلب.
يقول المؤلف -رحمه الله-: النية قلنا في تعريفها قلنا: إن النية إما نية العمل أو نية المعمول له فهي إذن: العزم على فعل العبادة تقربًا إلى الله، هذا ينتظم المعنيان جميعًا، العزم على فعل العبادة تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى.
(فيجب أن ينوي عين صلاة معينة) يجب على من أراد الصلاة أن ينوي عينها إذا كانت معينة؛ مثل: أراد أن يصلي الظهر يجب أن ينوي صلاة الظهر، أراد أن يصلي الفجر يجب أن ينوي صلاة الفجر، أراد يصلي الوتر يجب أن ينوي صلاة الوتر، فإن كانت غير معينة كنفل مطلق، اكتفى أن ينوي الصلاة، قام فينوي أنه يريد أن يصلي فقط بدون تعيين.
وأفادنا المؤلف: أنه لا بد أن ينوي عين المعينة؛ كالظهر، فلو نوى فرض هذا الوقت أو الصلاة مطلقًا، لكنه جاء إلى المسجد والناس يصلون، فدخل وغاب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر، أو أنها فرض أو نفل، فعلى كلام المؤلف: صلاته غير صحيحة؛ لأنه ما نوى الصلاة المعينة، نوى صلاة وبس، لا بد أن ينوي الصلاة المعينة (...)، فإن أطلق لم تصح، لكن لم تصح على أنها هذه المعينة، وتصح على أنها صلاة، على أنها صلاة يؤجر عليها.
وقيل: لا يشترط تعيين المعيّنة، فيكفي أن ينوي الصلاة؛ وتتعين الصلاة بتعيّن الوقت، فإذا توضأ لصلاة الظهر، ثم صلى، وغاب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فالصلاة صحيحة؛ لأنه لو سئل: ماذا تريد بهذه الصلاة؟ لقال: أريد الظهر، أريد هذه المعينة الحاضرة، فيحمل على ما كان فرض الوقت.
وهذا القول هو الذي لا يسع الناس العمل إلا به؛ لأن كثيرًا من الناس يتوضأ ويأتي ويصلي ويريد هذه الصلاة، ويغيب عن ذهنه أنها ظهر أو عصر، لا سيما إذا جاء والإمام راكع؛ فإنه قد يندهش ويدخل في الصلاة، ولا يستحضر في تلك اللحظة أنها الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء.
لكن لو سئل: ماذا تريد لم يقل إلا: إني أردت هذه الصلاة الحاضرة، وينبني على هذا الخلاف: لو كان على إنسان صلاة رباعية؛ لكن لا يدري أهي الظهر أو العصر أو العشاء؟ فصلى أربعًا بنية الواجب عليه، فعلى القول بعدد بأنه لا يجب التعيين تصح، وتكون عن الصلاة المفروضة التي عليه، وعلى القول بوجوب التعيين لا تصح؛ لأنه لم يعينها ظهرًا ولا عصرًا ولا عشاءً.
ولكن الذي يترجح عندي: القول بأنه لا يشترط التعيين، وأن الوقت هو الذي يعيّن الصلاة، وأنه يصح أن يصلي أربعًا بنية ما يجب عليه، وإن لم يعيّنه، مثل لو قال: أنا عليّ صلاة رباعية، لكن ما أدري: أهي الظهر أو العصر أو العشاء؟
قلنا: صلّ أربعًا بنية ما عليك وتبرأ بذلك ذمتك.
وعليه، فلو قال: أنا عليّ صلاة من يوم ولا أدري؛ أهي الفجر، أو الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء؟ فعلى القول بعدم اشتراط التعيين نقول: صلِّ أربعًا وثلاثًا واثنتين، أو لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: أربعًا تجزئ عن الظهر أو العصر أو العشاء، وثلاثًا المغرب، واثنتين الفجر.
وعلى القول الثاني: يصلي خمسًا؛ لأنه يحتمل أن هذه الصلاة؛ الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، أو الفجر، فيجب عليه أن يحتاط ليبرئ ذمته بيقين ويصلي كم؟ خمسًا.
يقول: (فيجب أن ينوي عين صلاة معينة)، وهل النية شاقة أو سهلة؟
النية سهلة، تركها هو الشاق؛ ولهذا لا يحتاج الإنسان إلى تعب؛ فإنه إذا توضأ وخرج من بيته يريد الصلاة، فإنه -بلا شك- قد نوى، ولا يحتاج أن يقول عند الصلاة مثلًا: والله ما أدري، هل أنا ناوٍ ولَّا لا؟ إحنا نقول: ما الذي جاء بك إلى المسجد وجعلك تقف في الصف وتكبّر إلا نية الصلاة.
حتى قال بعض العلماء: لو كلّفنا الله عملًا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق.
لو قيل: اعمل ولا تنوِ (...) تنوي، صلِّ، ولكن لا تنوِ الصلاة، توضّأ، ولكن لا تنوِ الوضوء؛ يقدر؟ ما يقدر، ما من عمل إلا بنية؛ ولهذا قال شيخ الإسلام: النية تتبع العلم؛ فمن علم ما أراد فعله فقد نواه؛ إذ لا يمكن فعل بلا نية. وصدق رحمه الله، ويدل لهذا قوله عليه الصلاة والسلام: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، يعني ما فيه عمل إلا بنية ولا بد.
يقول المؤلف: (ولا يشترط في الفرض والأداء والقضاء والنفل والإعادة نيتهن)، لا يشترط في الفرض نية الفرض اكتفاءً بماذا؟ بالتعيين؛ فمثلًا: إذا نوى أنها صلاة الظهر، هل يشترط أن ينوي أنها فرض؟
لا؛ لأن نية أن تكون الظهر يتضمن نية الفرض؛ ولهذا قال: لا يُشترط في الفرض نية الفرض، ولا يُشترط أيضًا في الأداء نية الأداء؛ لماذا؟ لأنه متى صلَّى في الوقت فهي أداء، فلا حاجة أن ينوي أنه يُصلّي الظهر أداء، وكذلك لا يشترط في القضاء نية القضاء.
القضاء: هو الذي فُعل بعد وقته المحدد له شرعًا؛ كصلاة الظهر حين نام عنها حتى دخل وقت العصر، فقام يُصلِّي الظهر، نقول: هذه قضاء ولَّا أداء؟
قضاء؛ لأنها فُعلت بعد الوقت، هل يشترط مع نية الظهر أن ينوي أنها قضاء؟
الجواب: لا؛ لأن التعيين يُغني عن نية القضاء، ما دمت نويت أنها صلاة الظهر وهي قد وقعت بعد خروج الوقت، فهي قضاء سواء نويت أم لم تنوِ.
(ولا يشترط في النفل)، يعني: في النفل المطلق أن ينويه نفلًا، ولا في النفل المعين أن ينويه نفلًا، لماذا؟
أما في النفل المعيَّن فالتعيين يغني؛ يعني إذا أراد أن يوتر لا يشترط أن ينوي أنه نفل، إذا أراد أن يأتي بالراتبة -راتبة الظهر مثلًا- لا يشترط أن ينويها نفلًا؛ لماذا؟
طلبة: (...).
الشيخ: لأن تعيينها يكفي عن النفل، ما دمت قد نويت أنها راتبة الظهر؛ فإن راتبة الظهر نفل، ما دمت نويت أنها وتر؛ فإن الوتر نفل، كذلك النفل المطلق لا يشترط أن ينويه نفلًا، كرجل قام يصلي من الليل، أو قام يصلي في الضحى، ما حاجة أنه ينوي أنه نفل؛ لأنه من المعلوم أن ما عدا الصلوات الخمس فهو نفل، ولا يشترط في الإعادة نية الإعادة.
كيف ما هي الإعادة؟
الإعادة: ما فُعل في وقته مرة ثانية، هذه الإعادة، سواء كان لبطلان الأولى أم لغير بطلانها؛ فمثلًا: إذا صلَّى الظهر، ثم ذكر أنه مُحدِث، يجب عليه الإعادة ولَّا لا؟
طالب: يجب.
الشيخ: هل يجب أن ينوي أن هذه إعادة؟ لا.
إذا صلَّى الظهر في مسجد، ثم حضر إلى مسجد ثانٍ وأُقيمت الصلاة، هل يُعيد؟
نعم، السُّنة أن يعيد، هل يشترط أن ينوي أنها إعادة؟ لا؛ لأنه قد فعل الأولى، واعتقد أن هذه الثانية نفل، فلا يشترط أن ينويها معادة.
إذن لا يُشترط في الفرض أن ينويه فرضًا، ولا في الأداء أن ينويه أداءً، ولا في الإعادة أن ينويها إعادة، ولا في القضاء أن ينويه قضاء، ولا في النفل أن ينويه نفلًا، ما دام نوى الصلاة المعينة فإنه يغني عن وصفها بكونها أداء أو قضاء أو فريضة أو نافلة.
ثم قال المؤلف: (وينوي مع التحريمة، وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت)، ذكر المؤلف هنا محل النية متى يكون؟
الأَوْلى أن يكون مقارنًا للتحريمة أو قبلها بيسير؛ ولهذا قال: (ينوي مع التحريمة)، فإذا أراد أن يكبر كبَّر وهو ينوي في نفس التكبير أنها صلاة الظهر أو المغرب أو العشاء إلى آخره.
قال: (وله تقديمها بزمن يسير في الوقت) له أن يقدم النية قبل التحريمة لكن بزمن يسير، شرط آخر (في الوقت)؛ فلو نوى الصلاة قبل دخول وقتها، ولو بزمن يسير، ثم دخل الوقت وصلَّى بلا نية، فصلاته غير صحيحة؛ لأن النية سبقت الوقت، فإن نوى في الوقت، ثم تشاغل بشيء في زمن يسير، ثم كبَّر، فصلاته صحيحة؛ لأن الزمن يسير.
فإن طال الوقت، فظاهر كلام المؤلف أن النية لا تصح؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي، وقال بعض العلماء: بل تصح ما لم ينوِ فسخها؛ لأن نيته مستصحبة الحكم، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرجل من حين ما أذن قام وتوضأ ليصلي، ثم عزمت النية عن خاطره، واشتغل بأشياء أوجبت له أن ينسى النية، ثم لما أُقيمت الصلاة دخل في الصلاة بدون نية جديدة، فعلى كلام المؤلف لا تصح الصلاة؛ لأنها سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الراجح تصح الصلاة؛ لأنه لم يفسخ النية الأولى، فحكمها مستصحَب إلى الفعل، وهذا القول أصح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، وهذا الرجل قد نوى أن يصلي، ولم يتجدد شيء يفسخ به النية.
قال: (وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت، فإن قطعها في أثناء الصلاة، أو تردد بطلت)، (إن قطعها) أي: النية (في أثناء الصلاة أو تردد بطلت)، إذا قطعها في أثناء الصلاة لا شك أنها تبطل، مثل: رجل قام يتنفَّل، ثم ذكر أن له شغلًا، فقطع النية؛ فإن الصلاة تبطل ولا شك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، وهذا قد نوى القطع فانقطعت.
(أو تردد)، تردد في القطع، كيف التردد؟ يعني مثلًا سمع قارعًا يقرع الباب فتردد؛ قال: أقطع الصلاة ولا (...) أستمر؟
يقول المؤلف: إن الصلاة تبطل، وإن لم يعزم على القطع، وكذلك لو سمع جرس التلفون فتردد؛ هل يقطع الصلاة ويُكلِّم أو يستمر؟
فالمؤلف يقول: إن صلاته تبطل؛ لأن استمرار العزم شرط عنده.
وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبطل بالتردد؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية، والتردد هذا لا يُبطلها، وهذا القول هو الصحيح، فما دام الرجل لم يعزم على القطع فهو في صلاة، ولا يمكن أن نقول: إن صلاتك بطلت للتردد، هل يقطع أو لا.
فإن عزم على مبطل ولم يفعله؟ يعني النية باقية، لكن عزم على مبطل ولم يفعله؛ يعني عزم أن يتكلم في صلاته ولم يتكلم، عزم أن يُحدِث ولم يحدث، فهل تبطل أو لا؟
طلبة: تبطل.
الشيخ: قال بعض العلماء: إنها تبطل؛ لأن العزم على المفسد عزم على قطع الصلاة مثلًا، والعزم على القطع معناه أنه جعل النية مؤقتة.
ولكن المذهب -وهو الصحيح- أنها لا تبطل بالعزم على فعل مبطل إلا إذا فعله؛ لأن البطلان يتعلق بماذا؟ بنية المبطل، ولَّا بفعل المبطل؟
طلبة: بفعله.
الشيخ: بفعل المبطل، ولم يوجد، فإذا عزم على أن يبطل الصلاة، ولكنه لم يفعل؛ يعني على فعل شيء يبطلها، ولكن لم يفعل فإن الصلاة لا تبطل.
وكذلك لو عزم الصائم على الأكل، ولم يأكل، لكنه لم يقطع الصوم، لم يقطع النية، فإن صومه لا يبطل.
هل جميع العبادات تبطل بالعزم على القطع؟
الجواب: نعم، إلا الحج والعمرة؛ فإن الحج والعمرة لا يبطلان بإبطالهما؛ حتى لو صرح بذلك وقال: يا أيها الناس، اشهدوا أني قد قطعت نسكي؛ فإنه لا ينقطع ولو كان نفلًا، وهذا من خصائص الحج والعمرة؛ أنها لا تبطل بقطع النية؛ لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦].
قال: (فإن قطعها في أثنائها أو تردد بطلت).
لو علَّق القطع على شرط، فقال: إن كلمني زيد قطعت النية، أو أبطلت صلاتي؛ فإنها تبطل على كلام الفقهاء، والصحيح أنها لا تبطل؛ لأنه قد يعزم على أنه إن كلمه زيد تكلم؛ ولكن يرجع عن هذا العزم.
فعندنا الآن قطع مجزوم به، قطع مُعلَّق على شرط، قطع مُتردَّد فيه، عَزْم على فعل محظور، كم هذه؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: أربعة؛ أما الأول: وهو العزم على القطع إذا قطعها جزمًا، فلا شك أن الصلاة تبطل، ولا أظن أحدًا يخالف في ذلك.
وأما الثاني: إذا علق القطع على شرط، أو علق النية على شرط؛ يعني قطع النية على شرط؛ فالمذهب: أنها تبطل.
الثالث: إذا تردد هل يقطعها أو لا؟ فالمذهب أنها تبطل، والصحيح في المسألتين: أنها لا تبطل.
الرابع: إذا عزم على فعل المحظور ولم يفعله، فهنا لا تبطل قولًا واحدًا؛ لأن البطلان هنا بفعل المحظور، ولم يوجد فلا تبطل الصلاة به.
طالب: أقول: هل يحصل (...)؟ فالإنسان يغفل أحيانًا، لكن لا يغفل بالكلية كان متوضئًا وأتى إلى المسجد (...) وصلى.
الشيخ: إي، لكن نوى الصلاة.
الطالب: بس يعني ما عين أنه الظهر أو..؟
الشيخ: إي، هذا القول الثاني الذي لا يشترط التعيين، يقول: يكفي نية الصلاة.
الطالب: طيب على المذهب نوى مثلًا صار (...).
الشيخ: يكفي، الصحيح أنه يكفي؛ أنه متى نوى الصلاة، فهو ما جاء إلا ليصلي الظهر مثلًا.
@سج ش=7700

\nQAID=86# \n

طالب: لو دخل إنسان في الصلاة وهو مسافر فنواها أربعًا، ثم تذكر أنه مسافر، فقصرها تصح صلاته؟
الشيخ: إي نعم؛ لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، ما يحتاج إلى نية؛ لأنه هو الأصل.
طالب: بس نوى أربعًا؟
الشيخ: ولو نوى أربعًا، ما دام أنه نوى أربعًا ناسيًا، ثم ذكر يعود إلى الأصل.
طالب: أحسن الله إليك، إذا كان الاجتهاد في طلب القبلة يُفوِّت الوقت، فأيهما يُقدِّم؟
الشيخ: لا، يُقدِّم الوقت، ما من شيء يُقدَّم على الوقت أبدًا، كل الشروط والأركان يُقدَّم عليها الوقت؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].
طالب: الصائم يا شيخ إذا نوى الأكل ولا أكل.
الشيخ: ولا أكل.
الطالب: إي نعم، بس نقول: الأفضل له أنه يفطر على تمر، ثم الرطب، أما إذا لم يوجد تمر أو ماء (...)؟
الشيخ: هل قطع النية ولا قال: أبغي آكل؟
الطالب: قال: أبغي (...).
الشيخ: إذا قال: أبغى آكُل، إن أكل فسد صومه، وإن لم يأكل لمن يفسد.
الطالب: قطع النية.
الشيخ: أما لو قطع النية ويقول: خلاص، أنا أبطلت الصوم، سواء أكلت، ولَّا ما أكلت؛ يعني سواء وجدت ما آكله أم لا، فهذا قطع نيته، ويبطل صومه.
@سج ش=7698

\nQAID=83# \n

طالب: بالأمس قررنا أنه إذا اختلف المجتهدان جهة، فيصح أن يأتم أحدهما بالآخر قلنا: إن هذا هو الأقرب.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: وفي هذا الدرس قلنا: إن المذهب أقرب.
الشيخ: إي نعم؛ لأنه تبين لي الحقيقة أن التضاد فيها واضح، وليس هذا ائتمام بالإمام، هذه مخالفة ظاهرة، فهي كما لو خالفه في الأفعال.
طالب: شيخ، قلنا: إن الحج والعمرة لا ينفسخان حتى بالنية، لكن يا شيخ إذا عزم عزمًا جازمًا قلنا: إنه لا يصح عزمه، فما يجب عليه (...)؟
الشيخ: لا يجب عليه شيء؛ يعني لو رفض الإحرام قال: يا جماعة، أنا هوَّنت عن هذا النسك؛ فإنه لا يجب عليه شيء؛ لأن هذه النية لم تؤثر شيئًا.

\nطالب

: الأعمى يا شيخ لو صلَّى باجتهاده ولم يسأل؟
الشيخ: كيف يجتهد؟
طالب: صلَّى باجتهاده.
الشيخ: ويش لون باجتهاده؟ ما يشوف أعمى.
الطالب: لمس فراشًا مثلًا أو لمس محرابًا؟
الشيخ: إي، لا بأس، إذن ما يعيد.
طالب: جزاك الله خيرًا يا شيخ، إذا كان واحد مسافرًا، وأخَّر الظهر عسى يصليها العصر، ووصل البلد؛ صلَّى العصر، حتى إذا مشى حس أنه في نفس البلد فدخلت فيه نية العصر، ومن الأول نوى أنه يجمعهم، فلا بد يقدم نية الظهر، وصلى على أنها نية العصر.
الشيخ: يعني مع الإمام؟
الطالب: مع الإمام.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: تذكر أثناء الصلاة أنه نواها العصر وهو أداها الظهر، هل يقطع الصلاة؟
الشيخ: لا، يستمر، ويكملها على أنها العصر، ثم يأتي بالظهر بعد ذلك.
الطالب: والترتيب؟
الشيخ: يسقط بنسيانه.
طالب: إن نوى النفل المطلق (...).
الشيخ: سيأتينا هذا إن شاء الله، إذا انتقل من صلاة إلى أخرى ففيه تفصيل.
طالب: قلنا -يا شيخ-: إن الإنسان إذا كان مثلًا ضيفًا، ولم يسأل؛ فإنه لن يصلي إلا إلى الجهة التي تطمئن إليها قلبه مع أن كثيرًا ما الإنسان يلاحظ من بعض العوام يصلي على أي جهة، يدخل ويقول: ما ندري، إحنا نصلي وبس، ما يطمئن؟
الشيخ: لا، ما يصلح هذا.
الطالب: ويش يصير يعيد ولو أصاب؟

الشيخ: إي نعم، يعيد ولو أصاب؛ لأنه ما فيه ترجيح.
طالب: إذا قام المسافر على الصلاة واجتهد، وصلَّى إلى القبلة في ظنه؛ يعني اجتهد، وبعد جاء الثقة، وقال: يا أيها المصلي، أنت خطأ، وهل يدور في الصلاة ويُسلِّم على قوله؛ يعني الاجتهاد مقدَّم ولَّا قول الثقة مُقدم؟
الشيخ: نعم، فهمتم هذه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذا تغير اجتهاد الإنسان في أثناء الصلاة، أو جاءه من يخبره بيقين في أثناء الصلاة؛ فإنه يستدير ولا يعيد الصلاة من جديد.
الطالب: يستدير.
الشيخ: يستدير.
الطالب: على قول؟
الشيخ: على قول الثقة؛ ولهذا أهل قباء لما جاءهم الرجل وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِر أن يستقبل القبلة فاستقبِلوها، انصرفوا إلى القبلة. وبقوا في صلاتهم، بنوا على صلاتهم.
ولهذا يُلغز بها فيُقال: رجل صلَّى إلى أربع جهات وصحَّت صلاته؟
طالب: الكعبة..
الشيخ: اجتهد في الأول فقال: القبلة هكذا شمالًا، ثم لما قام إلى الركعة الثانية قال: لا، أخطأت، القبلة عن يساري، فانصرف يسارًا، فلما قام للثالثة قال: أخطات، القبلة عن يساري، فانصرف إلى اليسار، صارت أول ركعة الآن قبلتها خلف ظهره.
طالب: يدور.
الشيخ: إي نعم، فلما قام إلى الرابعة قال: أخطأت، القبلة عن يساري، فانصرف إلى اليسار، صلَّى الآن إلى كم؟
طلبة: أربع جهات.
الشيخ: إلى الجهات الأربع، وصحَّت صلاته، ولهذا يقولون: يُلغز بها، فيقال: رجل صلَّى في صلاة واحدة إلى أربع جهات؛ فصحَّت صلاته.
طالب: في جوف الكعبة.
الشيخ: لا، في جوف الكعبة كلها قبلة؛ لأن مهما كان من جهة؛ فهي قبلة، لكن هذه القبلة الثانية ما تكون القبلة الأولى.

طالب: شيخ، لو أن رجلًا أراد أن يصلي، ولا يعرف أين القبلة؛ يعني إذا وجد أناسًا لكن ما سألهم؛ لأنه عرف أنهم فساق، فصلَّى، وعندما انتهت صلاته جاء الفاسق وقال: الصلاة ليست من هنا، فماذا العمل؟
الشيخ: ما دام فاسقًا لا يثق بخبره أولًا فلا يثق بخبره ثانيًا، لكن هل أن مثل هذه المسائل لا بد فيها من أن يكون الإنسان عدلًا ظاهرًا وباطنًا أو يُكتفى بالعدالة الظاهرة؟ الظاهر أنه خلافًا للمذهب يُكتفى بالعدالة الظاهرة.

طالب: شيخ، إذا صليا رجلان في جوف الكعبة يُشترط أن يصافا بينهما لو اختلفت الجهة (...)، هل تصح الصلاة؟
الشيخ: إي نعم، بس المشكلة أنه يصير أحدهما صلَّى منفردًا خلف الصف.
الطالب: لا، اثنين.
الشيخ: اثنين؛ يعني مأمومين وإمام.
الطالب: نعم، واحد شمال، وواحد جنوب.
الشيخ: كيف؟ يعني الإمام صلَّى لجهة، وأحد المأمومين إلى جهة، والثاني إلى جهة، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يصح، لكن لازم من المصافَّة، لا بد من المصافة.
الطالب: لو صار الإمام مثلًا واحد شمال، والمأمومين جنوب، ما صار منفردًا، هما صاروا اثنين.
الشيخ: إي نعم، لا بأس.
الطالب: تصح الصلاة؟
الشيخ: إي نعم، ويمكن المأمومين ها دولا أحدهما يصلي إلى الجدار الغربي، والثاني يُصلِّي إلى الجدار الشرقي.
طلبة: هذا تضاد.
الشيخ: ما يظهر؛ لأن هذا التضاد بين المأمومين؛ حتى على كلام الفقهاء أيضًا، هذه المسألة قالوا: يجوز أن يكون اتجاه الإمام إلى جهة والمأمومين إلى جهة إذا كان داخل الكعبة.
طالب: ويش الفرق يا شيخ بينه وبين مسألة المجتهدين؟

الشيخ: المجتهدين؛ لأن أحدهما خطأ على كل حال.
الطالب: بس هو في قرارة نفسه يعتقد أن صاحبه..
الشيخ: لكن أحدهما خطأ قطعًا، أما هذا قطعًا كلهم صواب.

طالب: شيخ، قراءة القرآن بعد الفاتحة في الصلاة، هل ينوي الركن قبل التكبير أم لا؟
الشيخ: ويش تقولون؟
طلبة: ما فهمنا.
الشيخ: يقول: هل يُشترط أن ينوي قراءة سورة بعد الفاتحة قبل أن يُكبِّر، أو يجوز أن يقرأ في السورة بعد الفاتحة وإن لم ينوها من قبل؟ كذا؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: إي هذا؟
طالب: الثاني.
الشيخ: الثاني، يمكن يدخل بنية أنه سيقتصر على الفاتحة، ثم يرى أن الوقت واسع فيصلي؛ يقرأ سورة ثانية ما فيه مانع.
طالب: إذا وقع الإنسان بين أمرين (...).
الشيخ: لا، يفعل، ويحاول أن يمنع اللي..
طالب: إذا تعذَّر أن..
الشيخ: إذا تعذَّر لا يفعل.

***

\n \n طالب:\n (...) وإن شق وينوي مع التحريمة، وله تقديمها في زمن يسير في وقت، فإن قطعها في أثناء الصلاة، أو تردد بطلت، وإذا شك فيها استأنفها، وإن قلب منفرد فرضه نفلًا في وقته المتسع جاز، وإن انتقل بنية من فرض إلى فرض بطل، ويجب نية الإمامة والائتمام، وإن نوى المنفرد الائتمام لم تصح كنية إمامته فرضًا. \n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
ما تقول في مسافر اجتهد في القِبلة لصلاة الظهر، ثم جاء وقت العصر، هل يلزمه أن يعيد الاجتهاد أو لا يلزمه؟ \n
\n طالب: على كلام المؤلف يلزمه أن يعيد الاجتهاد. \n
\n الشيخ: يلزمه أن يجتهد لصلاة العصر. \n
\n الطالب: مرة ثانية. \n
\n الشيخ: مرة ثانية طيب. قلت: على كلام المؤلف، هل يعني ذلك أن هناك كلامًا آخر؟ \n
\n الطالب: كلام المؤلف مرجوح، والقول الراجح أنه لا يلزمه. \n
\n الشيخ: كلام المؤلف مرجوح، والقول الراجح أنه لا يلزمه الاجتهاد. \n
\n الطالب: إلا إذا طرأ سبب. \n
\n الشيخ: إلا إذا طرأ سبب يقتضي الاجتهاد كالشك والتردد مثلًا؛ فيلزمه أن يجتهد مرة أخرى.\n
هل يلزم المجتهد في المسائل العلمية أن يجتهد لكل حادثة؟ \n
\n طالب: المجتهد، ما سمعت. \n
\n الشيخ: رجل مجتهد أداه اجتهاده إلى أن القول الراجح كذا وكذا، ثم نزلت الحادثة مرة ثانية، هل يلزمه أن يجتهد لها مرة ثانية أو يكفي الاجتهاد الأول؟ \n
\n الطالب: يكفي الاجتهاد الأول إلا إذا شك.\n
\n الشيخ: يكفي الاجتهاد الأول ما لم يوجد سبب. إذا تبين له أنه أخطأ في الاجتهاد الأول، هل تلزمه الإعادة؟ \n
\n طالب: لا يلزم أن (...).\n
\n الشيخ: لا، الصلاة، تَبيَّن أنه مخطئ في الاجتهاد الأول، فهل تلزمه الإعادة؟\n
\n الطالب: لا يعيد الصلاة.\n
\n الشيخ: لا يعيد الصلاة. \n
\n الطالب: يغير الجهة. \n
\n الشيخ: إي نعم، يغير الجهة، ما هو الدليل؟ \n
\n الطالب: أن الاجتهاد لا ينقض.. \n
\n الشيخ: هذا تعليل، ما هو الدليل؟ \n
\n الطالب: الدليل أن عند نزول الآية (...). \n
\n طالب آخر: الدليل؛ قوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. \n
\n الشيخ: نعم، وهذا قد اتقى الله ما استطاع، فلا يؤمر بالصلاة مرة ثانية، وحديث: \n «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» \n وحديث \n أهل قباء حين أتاهم آتٍ فأخبرهم أن القبلة صُرفت \n . المهم فيه عدة أدلة. \n
رجل اجتهد عنده مجتهدان فاختلفا، مَنْ يتبع؟\n
\n طالب: السؤال؟ \n
\n الشيخ: رجل اجتهد عنده مجتهدان في القبلة فقال أحدهما: القبلة هنا، وقال الثاني: القبلة هنا يعني متضادين، فمن يتبع؟ \n
\n طالب: إن كان أهلًا للاجتهاد اجتهد، وإلا.. \n
\n الشيخ: لا، ما هو بأهل الاجتهاد. \n
\n الطالب: يُقلِّد من يثق به أكثر. \n
\n الشيخ: يعني يقلد أوثقهما عنده، صح. طيب اختلف اجتهاد رجلين، فهل يتبع أحدهما الآخر؟ \n
\n طالب: فيه تفصيل إن اختلفا في الجهة لم يتبع أحدهما الآخر، وإن لم يختلفا في الجهة فإنه يتبع أحدهما الآخر، كما.. \n
\n الشيخ: يعني إن اختلفا في الجهة تبع أحدهما الآخر. \n
\n الطالب: لا، لم يتبع أحدهما الآخر، هذا مثلًا يقول: الجهة، القبلة من جهة الشمال، وهذا يقول من جهة.. \n
\n الشيخ: إن اختلفا في الجهة؟\n
\n الطالب: إي نعم. \n
\n الشيخ: لم يتبع، وإن اختلفا في جهة؟\n
\n الطالب: وإن اختلفا في جهة تبع أحدهما الآخر. \n
\n الشيخ: إي، فهمتم؟\n
\n طلبة: لا. \n
\n الشيخ: إن اختلفا في الجهة لم يتبع أحدهما الآخر، وإن اختلفا في جهة تبع أحدهما الآخر، يحتاج إلى ترجمة لهذه العبارة، ما الفرق بين العبارتين؟\n
\n طالب: إن اختلفا في الجهة؛ أي يعني هذا اختلف في الجهة الشرقية، ودا الغربية. \n
\n الشيخ: واحد يقول: القبلة غربًا، ودا يقول: شرقًا. \n
\n الطالب: نعم، اختلفا في جهة أي جهة واحدة؛ يعني مثلًا في جهة الغرب، قال: هذا إلى اليمين، وهذا قال: إلى اليسار، فهذه في جهة. \n
\n الشيخ: صح، إذن إذا اتفقا على أن القبلة غربًا، لكن أحدهما يميل يمينًا، والثاني يميل شمالًا، فهذا يتبع أحدهما الآخر؛ يعني يُصلِّي معه مأمومًا، ويتبعه أيضًا في جهته، لا بأس أنه يترك اجتهاده، ويتبع الآخر؛ لأن الانحراف في الجهة الواحدة. \n
\n طالب: لا بأس به. \n
\n الشيخ: لا بأس به. رجل صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد، (...) عليه ولما جاء الوقت قام وصلَّى بدون شيء.\n
\n طالب: هذا على المذهب أنه تبطل صلاته، ويجب عليه إعادة الصلاة سواء أصاب أو أخطأ. \n
\n الشيخ: نعم. \n
\n الطالب: أما على القول الثاني، فإن أصاب لا يعيد صلاته، وإن أخطأ فإنه يعيد صلاته. \n
\n الشيخ: وجه هذا القول؟\n
\n الطالب: أيّ قول؟ \n
\n الشيخ: أنه إذا أصاب لا يُعيد؟\n
\n الطالب: لأنه إذا أصاب؛ لأنه ما صلَّى إلا إلى جهة اطمأنت لها نفسه. \n
\n الشيخ: صح.\n
\n الطالب: أو ربما اجتهد ولَّا.. \n
\n الشيخ: وأما إذا أخطأ فهو هنا لا فعل ما أُمر به من اجتهاد ولا أصاب القبلة. طيب النية شرط لصحة الصلاة، الدليل؟ \n
\n طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». \n \n
\n الشيخ: نعم، \n «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».\n
\n الطالب: وقوله تعالى: \n {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]. \n
\n الشيخ: \n {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] (...). \n

***

\n قال المؤلف رحمه الله: \n (وينوي مع التحريمة)، هنا شرع في بيان متى تكون النية؟ \n
متى يكون محل النية؟ \n
\n طالب: محل النية، إما قبل التكبير بقليل أو مع التكبير.\n
\n الشيخ: نعم، مع التكبير واضح هو الأفضل، وله أن يقدمها؟ \n
\n طالب: بقليل.\n
\n الشيخ: بقليل، وهنا نرجع في ذلك إلى العُرف، هل هناك قول آخر في مسألة التقديم؟ \n
\n طالب: قالوا: المذهب (...) يسير فإنه يعني (...)، يُكبِّر للصلاة، لكن إذا كان طويلًا، فإنه يبطل، ولكن الصحيح أنه سواء قصير أو طويل أنه يجوز لأن النية..\n
\n الشيخ: فإنها تصح ما لم يفسخها، وهذا القول هو الراجح؛ على أنه يجوز أن يقدم النية بزمن طويل ما لم يفسخها، وهذا يتأتى فيما لو كان بيته بعيدًا عن المسجد، وتوضَّأ لصلاة الظهر بهذه النية، وخرج لكن مع طول المسافة غفل، ثم دخل المسجد وكبَّر، هو حين التكبير لم ينوِ أنها الظهر، ولكنه قد نواها سابقًا بنية مستمرة إلى أن كبَّر، ولم يفسخها؛ فالصحيح أن هذا مجزئ، وقد نص عليه الإمام أحمد، وقال: إنه ما دخل المسجد وكبَّر إلا وهو ناوٍ، وصدق رحمه الله؛ فإذن نقول: إن القول الراجح أنه يجوز تقديم النية على فعل العبادة بزمن كثير بشرط، ما هو؟ \n
\n طلبة: ألا يفسخها.\n
\n الشيخ: ألا يفسخها. طيب إذا تردد في النية هل تبطل النية أو لا؟ \n
\n طالب: على كلام المؤلف تبطل. \n
\n الشيخ: تبطل، والقول الثاني؟ \n
\n الطالب: القول الثاني أنها لا تبطل؛ لأن الأصل بقاؤها على الأصل.\n
\n الشيخ: القول الثاني أنها لا تبطل، ما حجة المؤلف؟\n
\n طالب: استدامة النية شرط.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: انتفاء الشرط انتفاء المشروط.\n
\n الشيخ: إي، حجته أن استدامة النية شرط، ومع التردد لا استدامة، وإذا فات الشرط فات المشروط.\n
والقول الثاني الذي يقول: إنه إذا تردد ولم يعزم على القطع؛ فإنها صحيحة. \n
\n طالب: لأن النية (...) حتى ولو تردد أو شك.\n
\n الشيخ: إي؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما هو عليه حتى نتيقن الزوال؛ فالنية ثبتت بيقين، والتردد شك، والشك لا يُبطل اليقين، وهذا القول هو الصحيح، وكذلك لو علَّق النية على شرط مثلًا دخل في الصلاة قال: أنا على أساس أنني أصلي إلا إذا جاء فلان فأنا أقطع الصلاة، ولكنه استمر ولم يأتِ فلان؛ فإن الصلاة صحيحة، ويمكن أن يستدل على ذلك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام لضباعة بنت الزبير: \n «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» \n ، فإن هذا دخل بنية مشروطة، فيكون له ما شرط.\n
يقول: \n (وإذا شك فيها استأنفها) إذا شك في النية، هل نوى أم لم ينوِ، أو شك هل نوى الصلاة المعينة أم لم ينوِها فإنه يستأنف؛ وذلك لأن الأصل العدم، فإذا شك هل نوى أو لا فالأصل عدم النية.\n
وهذا كما قال المؤلف رحمه الله:\n (إذا شك فيها استأنفها)، ولكن يبقى: هل هذه الصورة واردة؟ بمعنى: هل يمكن أن يأتي إنسان ويتوضأ، ويقدم إلى المسجد، ويكبّر ويقول: إني أشك هل نويت أم لا؟\n
الظاهر أن هذا لا يمكن، وأن المسألة فرضية، إلا أن يكون موسوسًا، والموسوس لا عبرة بشكه، ولهذا قال:\n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَالشَّكُّ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا يُؤَثِّرُ

وَهَكَذَا إِذَا الشُّكُوكُ تَكْثُرُ

\n
فإذا كثرت الشكوك، فهذا وسواس لا يلتفت إليه، ولهذا تصوُّر هذه المسألة -أعني الشك في النية- تصورها صعب؛ لأنه من المستحيل أن يكون إنسان عاقل يدري ما يفعل؛ أن يأتي ويدخل في الصلاة، ويكبِّر ويقرأ؛ ثم يقول: والله أنا شكيت هو أنا ناوي ولَّا لا؟ \n
هذا بعيد جدًّا، ولهذا قال بعض أهل العلم: لو كلّفنا الله عملًا بلا نِية لكان من تكليف ما لا يطاق؛ يعني لو قال الله لنا: اعملوا ولا تنووا، كيف نعمل ولا ننوي؟ هذا ما هو ممكن، لكن على تقدير أن هذا يوجد -ولو نظريًّا- فإننا نقول: إذا شك في النية وجب أن يستأنف العبادة، ونحن الآن في الصلاة وجب أن يستأنف الصلاة، لماذا؟ \n
لأن الأصل عدم الوجود، وهو قد شك في الوجود وعدمه، فوجب الرجوع إلى الأصل؛ وهو أن النية معدومة، وحينئذٍ فلا بد من الاستئناف.\n
ولكن على كلام المؤلف: يُقيَّد هذا بما إذا لم يكن كثير الشكوك، فإن كان كثير الشكوك بحيث لا يتوضأ إلا شك، ولا يصلي إلا شك، فإن هذا لا عبرة بشكه؛ لأن شكه حينئذٍ يكون أيش؟\n
\n طالب: وسواس.\n
\n الشيخ: يكون وسواسًا، ولا عِبرة به.\n
يقول رحمه الله: \n (وإذا شك فيها استأنفها، وإن قلب منفرد فرضه نفلًا في وقته المتسع جاز) المؤلف شرع في هذه العبارة في الانتقال من نية إلى نية، والانتقال من نية إلى نية له صور متعددة:\n
منها: ما ذكره المؤلف: \n (قلب منفرد فرضه نفلًا في وقته المتسع جاز)، مثال ذلك: دخل رجل في صلاة الظهر وهو منفرد، في أثناء الصلاة قَلَبه -أي: الفرض- إلى نفل.\n
نقول: هذا جائز بشرط أن يكون الوقت متسعًا للصلاة، فإن كان الوقت مُضيَّقًا؛ بحيث لم يبقَ منه إلا مقدار أربع ركعات فإن هذا الانتقال لا يصح؛ لماذا؟ لأن الوقت الباقي تعين للفريضة، وإذا تعين للفريضة لم يصح أن يشغله بغيرها.\n
أعود مرة ثانية ولَّا واضح؟ \n
المثال: رجل دخل في صلاة الظهر وفي أثناء الصلاة قلب نية الفريضة إلى نفل نقول: هذا جائز بشرط أن يكون الوقت متسعًا؛ ولهذا قال: \n (في وقت متسع)، فإن كان الوقت مضيقًا بحيث لم يبقَ من وقت الظهر إلا مقدار أربع ركعات فإنه لا يصح أن يقلب الفرض إلى نفل، لماذا؟ \n
لأن الوقت تعيَّن للفريضة حينئذٍ فلا يجوز أن يشغله بغير الفريضة، لكن لو فعل ماذا يكون النفل؟\n
لو فعل فإن النفل يكون باطلًا؛ لأنه صلى النفل في وقت منهي عنه، فهو كما لو صلَّى النفل المطلق في أوقات النهي لا يصح. \n
وقول المؤلف: \n (وإن قلب مُنفرِدٌ نفْلَه) خرج بذلك المأموم، وخرج بذلك الإمام؛ فإن ظاهر كلام المؤلف أن المأموم لا يصح أن يقلب فرضه نفلًا، وأن الإمام لا يصح أن يقلب فرضه نفلًا، لماذا؟ \n
لأن المأموم لو قَلَبَ فرْضه نفلًا فاتته صلاة الجماعة في الفرض، وصلاة الجماعة في الفرض واجبة، وحينئذٍ يكون انتقاله من الفريضة إلى النفل سببًا لفوات هذا الواجب، فلا يحل له -أي: للمأموم- أن يقلب فرضه نفلًا؛ العلة لأنه يفوت بذلك صلاة الجماعة في الفريضة، وصلاة الجماعة في الفريضة واجبة.\n
الإمام لماذا لا يصح أن يقلِب فرضه نفلًا؟ لأنه إذا قلب فرضه نفلًا لزم من ذلك أن يأتم المأموم المفترض بالإمام المتنفل، وائتمام المفترض بالمتنفل غير صحيح، فيلزم الآن إذا قلب الإمام فرضه نفلًا أن تبطل بذلك صلاة المأموم، فيكون في هذا عدوان على غيره، ولهذا قيَّد المؤلف هذه المسألة بمن؟\n
بالمنفرد، فعُلِم منه أن الإمام لا يصح له أن يقلب فرضه نفلًا؛ لأن ذلك يؤدي إلى فساد صلاة المأموم، وأن المأموم لا يصح أن يقلب فرضه نفلًا؛ لأن ذلك يؤدي إلى ترك الجماعة في الفريضة، وترك الجماعة في الفريضة؟\n
\n طالب: واجب. \n
\n الشيخ: لا، ترك الجماعة في الفريضة لا يجوز، كيف واجب؟! هذه مسألة.\n
\n (وإن انتقل بنية من فرض إلى فرض بطلا). \n
في المسألة الأولى نقول: إنه يجوز أن يقلب الفرض إلى نفل، ولكن هل هذا مستحب أو مكروه؟ أو مستوٍ الطرفين؟\n
نقول: إنه مستحب في بعض الصور؛ وذلك فيما إذا شرع في الفريضة منفردًا، ثم حضر جماعة؛ ففي هذه الحال هو بين أمرين، بل بين أمور ثلاثة: \n
إما أن يستمر في صلاته ويؤديها فريضة وينصرف، ولا يُصلِّي مع الجماعة الذين حضروا، وإما أن يقطعها ويُصلِّي معهم؛ مع الجماعة، وإما أن يقلبها نفلًا فيكمل ركعتين، وإن كان قد صلى ركعتين، وهو في التشهد الأول مثلًا؛ فإنه يتمه ويسلم، ويحصل على نافلة، ثم يدخل مع الجماعة، فهنا الانتقال من الفرض إلى النفل مستحب من أجل أيش؟ من أجل تحصيل الجماعة، فإن خاف أن تفوته الجماعة وهو في الركعة الأولى مثلًا، ويقول: حتى لو قلبتها إلى نفل فإنه يبقى عليَّ ركعة؛ فإنا نقول: الأفضل أن يقطعها من أجل أن يدرك الجماعة.\n
قد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟\n
نقول: هو حرام إذا قطعها ليتركها، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حرامًا، بل قد يكون مأمورًا به، ألم تروا \n أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهديَ أن يجعلوا حجَّهم عُمْرة من أجل أن يكونوا متمتِّعين \n ؟ فأمرهم أن يقطعوا الفريضة نهائيًّا؛ لأجل أن يكونوا متمتعين؛ لأن التمتع أفضل من الإفراد. \n
فهذا لم يقطع الفرض رغبة عنه، ولكنه قطع الفرض رغبة فيما هو أكمل وأنفع.\n
المسألة الثانية: قال: \n (وإن انتقل بنية من فرض إلى فرض بطلا)، مثال ذلك: شرع يُصلي العصر، ثم ذكر أنه صلَّى الظهر على غير وضوء؛ فنوى أنها الظهر مجرد نية. نقول: لا تصح صلاة العصر، ولا صلاة الظهر، كيف؟ \n
السبب: لا تصح صلاة العصر؛ لأنه قطعها، والإنسان إذا قطع العبادة بالنية انقطعت إلا الحج والعمرة، ولا تصح صلاة الظهر؛ لأنه لم يبتدئها من أولها، ركعتان من هذه الصلاة مضتا على أنها عصر، فكيف أن يمكن أن تنقلب وتكون للظهر؟! لا يمكن. \n
إذا انتقل من فرض إلى فرض بطلا الفرضان، السبب؟ لأن الفرض الذي انتقل منه قد أبطله، والفرض الذي انتقل إليه لم يَنوِه من أوله، فلا يصح لا هذا ولا هذا. \n
وقول المؤلف: \n (بِنِيَّة) لو انتقل من فرض إلى فرض بتحريمة، والتحريمة قول، يعني ذكر -في المثال اللي ذكرنا- أنه يصلي العصر، وذكر أنه صلى الظهر على حدث، ثم كبر للظهر.\n
\n طالب: قطع الصلاة؟ \n
\n الشيخ: إي معلوم، ما كبر للظهر إلا وقطع الصلاة. نقول: بطلت صلاة العصر، والظهر؟\n
\n طلبة: صحت.\n
\n الشيخ: صحت، ليش؟\n
\n طلبة: لأنه من أولها.\n
\n الشيخ: لأنه ابتدأها من أولها؛ ولهذا قيد المؤلف قوله \n (إن انتقل بِنِيَّة)، يعني: لا بتحريمة. \n
وهنا عبر المؤلف بقوله: \n (بطلا)، فلننظر هل هذه العبارة صحيحة أو فيها تسامح وتغليب؟ الظاهر أني لما قلت: هل هي صحيحة أو فيها تسامح قُلتم: فيها تسامح؛ لأنها لو كانت صحيحة ما أوردت هذا الإيراد.\n
\n طالب: أقول: لو قال بطلتا.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: يعني بنية صلاته.\n
\n الشيخ: لا؛ لأن الفرض مذكر، لا، الصواب معه هو. \n
\n طالب: شيخ، نقول: قوله: \n (بطلا) يعني أنها تمضي، ولكن الصحيح أنها صيغة نفي. \n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: شيخ، الصواب أن يقول: فسدتا.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: لأن الباطل هو الذي أجمعوا على فساده، والفاسد هو الذي اختلفوا في فساده. \n
\n الشيخ: هذا في النكاح!\n
\n طالب: لو قال: بطل، كان أولى، أما الثاني لم يدخل فيها..\n
\n الشيخ: أي اللي بطل؟\n
\n الطالب: الأولى.\n
\n الشيخ: صح، الصواب أن يقول: بطلت الأولى، ولم تنعقد الثانية؛ لأن البطلان إنما يكون فيما انعقد، فالبطلان يرد على شيء صحيح فيبطله، فكان صواب العبارة أن يقول: بطلت الأولى التي قطعها ولم تنعقد الثانية، لكن هذا من باب التسامح والتغليب، مثل ما يقال: العمران، لمن؟\n
\n طلبة: لأبي بكر وعمر.\n
\n الشيخ: لأبي بكر وعمر، والقمران للشمس والقمر، هنا نقول: بطلا؛ أي: الفرضان، ولكن الثاني منهما لم ينعقد فأطلق على عدم الانعقاد البطلان من باب التغليب، والخلاف في هذا بسيط.\n
وعُلِمَ من قول المؤلف: \n (إن انتقل من فرْض إلى فرْض)، أنه لو انتقل من نفل إلى نفل لم يبطلا، ولكن هذا غير مراد؛ لأنه إذا انتقل من نفل إلى نفل معين؛ فالحكم كما لو انتقل من فرض إلى فرض، فلو انتقل مثلًا من راتبة العشاء إلى الوتر، الراتبة معينة، والوتر مُعيَّن، فبينما هو في أثناء الراتبة -راتبة العشاء- تذكَّر أن له شغلًا وقال: ما (...) أصلي الراتبة والوتر، فسأجعل الراتبة وترًا؟ نقول: يبطلان، كيف يبطلان؟ \n
\n طالب: تبطل الأولى.\n
\n الشيخ: إي نعم، على التسامح اللي قاله المؤلف، بطل الأول، ولم ينعقد الثاني؛ لأن الانتقال من معين إلى معين سواء فريضة ولَّا نافلة، هذا حُكمه.\n
وإن انتقل من نَفْل مُعيَّن أو فرض معين إلى نفل مُطلق؟\n
\n طلبة: صح.\n
\n الشيخ: صح؟ انتبهوا، انتقل من نفل معين إلى نفل مطلق أو من فرض إلى نفل مطلق يصح؟\n
\n طلبة: لا، ما يصح.\n
\n طالب: صحيح.\n
\n الشيخ: المؤلف يقول:\n (إن انتقل من فرض إلى نفل، وإن قلب منفرد فرضه نفلًا في وقت متسع جاز).\n
هنا انتقل من فرض إلى نفل؛ إذن إذا انتقل من فرض أو من نفل معين إلى نفل مطلق كان جائزًا، لكن يُشترط في الفرض أن يكون الوقت متسعًا.\n
العلة أو التعليل لماذا؟ \n
لأن المعين اشتمل على نيتين: نية مطلقة، ونية معينة، فإذا أبطل المعينة بقيت المطلقة، مثال ذلك: هذا الذي دخل يصلي الظهر، هو نوى صلاة وأنها الظهر، حذف نية الظهر، ويش بقي؟ \n
\n طلبة: الصلاة.\n
\n الشيخ: نية الصلاة؛ ولهذا نقول: إذا انتقل من مُعيَّن إلى مطلق، أجب؟\n
\n طلبة: صح.\n
\n الشيخ: صح، من معين إلى معين؟ \n
\n طلبة: بطلا. \n
\n الشيخ: بطلا جميعًا، من مطلق إلى معين، كذلك بطلا جميعًا.\n
فالصور إذن أربعة: من مطلق لمطلق؟\n
\n طلبة: صحيح. \n
\n الشيخ: صحيح، إن تصور هذا، من مطلق لمعين؟\n
\n طلبة: لا يصح.\n
\n الشيخ: لا يصح، من معين لمعين؟\n
\n طلبة: لا يصح.\n
\n الشيخ: لا يصح، من معين لمطلق؟\n
\n طالب: صح.\n
\n الشيخ: صحيح، كذا؟ \n
\n طالب: من مطلق إلى مطلق يا شيخ.\n
\n الشيخ: أقول: هل يتصور هذا؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: مثل؟\n
\n الطالب: مثلًا قدم إلى البلد، وأراد أن يصلي صلاة دخول البلد، ثم قَلَبها لصلاة الظهر؟\n
\n الشيخ: لا، هذا مُعيَّن.\n
\n الطالب: لكن هو مطلق.\n
\n الشيخ: لا، مُعيَّن، كل شيء له سبب فهو مُعيَّن، كل شيء موقَّت فهو معين.\n
\n طالب: إذا دخل في النفل، ثم أراد أن يقلبها إلى فرض.\n
\n الشيخ: ما يمكن. \n
\n طالب: ليش؟ \n
\n الشيخ: لأن هذا إما من مُعيَّن لمعين، أو من مُطلق لِمُعَيَّن.\n
\n الطالب: من معين لِمُطْلق.\n
\n الشيخ: كيف الفرض فيه مطلق؟ \n
\n الطالب: (...). \n
\n الشيخ: صار من مُعيَّن لمطلق. \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: والله الظاهر أنه ما يتصور، لكن ربما مع التأمل نجد صورة، لكن إحنا نقول: الحكم صحيح، وإن صح التصوير فذاك، وإلا فلا مانع. \n
\n طالب: الإمام إذا قلب الفرض إلى نفل، هنا لا يصح؛ لأنه لا يجوز أن يأتم المفترض بـ..
الشيخ: أن يصلي.
طالب: إي نعم.
الشيخ: أن يأتم مفترِض (...).
الطالب: (...) صحيح هذا؟
الشيخ: لا، بناءً على المذهب، أما على القول الثاني فلا بأس.
الطالب: يعني يقلب؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: سبب ثاني حتى الإمام بتفوته الجماعة؟
الشيخ: إي نعم، ربما في هذه الصورة ربما نقول: إنه قد يكون معذورًا، ولا نعم إذا عللنا بهذا قلنا: ما يجوز مطلقًا.
الطالب: يعني صار الحكم ما يجوز الاقتداء بالإمام؟
الشيخ: إن كان هذا هو العِلَّة، فإن جاز له أن يقلبه إلى نفل صار ينبني على اختلاف نية الإمام والمأموم.
طالب: لو قلب فرضه المعين إلى نفل مطلق؟
الشيخ: في وقت متسع؟
الطالب: نعم.
الشيخ: جاز.
الطالب: حتى لو كان فيه فرض يعني..
الشيخ: إي نعم، هذا كلام المؤلف. \n
\n طالب: قلنا في الدرس الماضي: إنه إذا أراد أن يشترط التلبية فيجوز له أن يتلفظ بالنية بلسانه.
الشيخ: لا، يتلفظ بالشرط.
الطالب: يتلفظ بالشرط، يقول: هذا ليس من باب اشتراط النية، ولكن من باب أن الشرط شبيه بالنذر، والنذر لا يعني..
الشيخ: قلنا: لا بأس أن يشترط، لا بد أن يشترط؛ يعني لو نوى بدون اشتراط ما صح.
الطالب: يعني ما نقول هذا شبيه بالنذر؟
الشيخ: قال الرسول: «قُولِي: إِنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» «قُولِي»، فلا بد من القول.\n

\n الطالب: (...) شبيه بالنذر.
الشيخ: لا.

\n @سج ش=1381 \n

QAID=73# \n

\n \n الطالب: صورة النقل من مطلق إلى مطلق ما هو عام؛ يعني من نفل إلى نفل؟\n
\n الشيخ: إي مثل؟ \n
\n الطالب:زي تحية المسجد إلى صلاة السنة التي قبل الظهر.\n
\n الشيخ: هذا من معين إلى معين.\n
\n الطالب: يعني نفل من نفل. \n
\n الشيخ: لا، ما هو بمطلق، هذا معين، لا بد أنك تنوي أنها راتبة، إذا لم تنوِ أنها راتبة ما يصح. \n
\n طالب: (...). \n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: \n {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام} [البقرة: ١٤٤]. \n
\n الشيخ: \n {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ}. \n
\n الطالب: \n {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه}. \n
\n الشيخ: ما الدليل على استثناء المسافر؟ \n
\n الطالب: استثناء المسافر من إيه؟ من استقبال القبلة؟ \n
\n الشيخ: إي نعم، على أن المسافر لا يشترط لصحة صلاته استقبال القبلة بالشروط التي ذكرها المؤلف.\n
\n طالب: قوله تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]. \n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: حديث أنس رضي الله عنهما قال: \n كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على دابته في السفر حيث توجَّهت به. \n
\n الشيخ: غير أنه لا يصلي عليها؟\n
\n الطالب: المكتوبة \n .\n
\n الشيخ: المكتوبة، ما هو الدليل على أن العاجز لا يجب عليه استقبال القبلة؟\n
\n طالب: قول الله عز وجل: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}. \n
\n الشيخ: نعم، وقوله؟\n
\n الطالب: وقول النبي صلى الله عليه وسلم كذلك. \n
\n الشيخ: ويش قال؟\n
\n الطالب: قول الله عز وجل: ربنا..\n
\n الشيخ: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ}. \n
\n الطالب: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. \n
\n الشيخ: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». \n فيه ثالث أيضًا: لا يجب عليه استقبال القبلة، ويش؟\n
\n طالب: الخائف.\n
\n الشيخ: الخائف، دليله؟\n
\n الطالب: قوله تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٦]. \n
\n الشيخ: لا؛ لأن الخائف بوسعه أن يصلي، لكن يخاف.\n
\n طالب: \n {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩].\n
\n الشيخ: \n {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٣٩]. ما هو فرض من يمكنه مشاهدة عين الكعبة؟\n
\n طالب: وجوب أن يصلي نحوها.\n
\n الشيخ: يُصيب عينها طيب، وفرض من بعُد؟\n
\n طالب: الجهة.\n
\n الشيخ: يصيب الجهة، ما هو الدليل على أن فرض من بعد الجهة؟\n
\n طالب: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» \n . \n
\n الشيخ: نعم، قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ».\n
رجل صلَّى في السفر بعد أن اجتهد، وقال له اجتهاده: إن القبلة نحو هذا فصلَّى، ثم تبين له بعد ذلك أن القبلة إلى غير ذلك؟\n
\n طالب: إن كان في الوقت أعاد، وإن كان بعد الوقت. \n
\n الشيخ: لا يعيد.\n
\n الطالب: (...) لا يعيد.\n
\n الشيخ: وهذا القول اللي ذكرت بالتفصيل من أين جاءك؟ \n
\n طالب: صلاته صحيحة؛ لأنه أتى بما وجب عليه. \n
\n الشيخ: أحسنت، صلاته صحيحة؛ لأنه أتى بما يجب عليه، دليل ذلك؟\n
\n طالب: \n {فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، فهذا بذل وسعه اجتهد فأدى الاجتهاد إلى، وهذا غاية ما في استطاعته.\n
\n الشيخ: إي، لكن ما فيه دليل أخص؟ \n
\n طالب: دليله: أنه لما غمي القمر على الصحابة فاجتهد كل منهم إلى قبلة، فعندما تبين الصواب مع بعضهم لم يأمر صلى الله عليه وسلم بالإعادة. \n
\n الشيخ: ما في القرآن شيء؟\n
\n الطالب: في القرآن؟\n
\n الشيخ: إي.\n
\n الطالب: نعم، مثل: \n {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا} [البقرة: ١١٥]. \n
\n الشيخ: \n {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه}.\n
رجل اجتهد في القبلة لصلاة الظهر، ثم حضرت صلاة العصر، فهل يلزمه الاجتهاد مرة أخرى؟\n
\n الطالب: على قول المؤلف يلزمه الاجتهاد، وعلى القول الثاني لا يلزمه. \n
\n الشيخ: ما لم؟\n
\n الطالب: ما لم يحدث له شك. \n
\n الشيخ: ما لم يحدث له شك، وإلا فيبني على الاجتهاد الأول. إذا تبين له أن اجتهاده الأول خطأ، فهل يعيد؟\n
\n طالب: لا يعيد الصلاة؛ لأنه أدى ما عليه في الصلاة، ولكنه (...).\n
\n الشيخ: لكن بعد أن تبين له ما يتجه مرة ثانية، ليه؟ \n
\n الطالب: (...). \n
\n الشيخ: النية، ابتدأنا، أخذنا منها شيئًا؟ \n
\n طلبة: كثيرًا.\n
\n الشيخ: النية شرط لصحة الصلاة، فما الدليل؟ \n
\n الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» \n . \n
\n الشيخ: أحسنت، كيف النية؟ هل ينوي الصلاة مطلقًا أو لا؟ \n
\n طالب: يُعيِّن، ينوي الصلاة (...).\n
\n الشيخ: وإن كانت غير معينة؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، أما عندك غير الجواب؟\n
\n طالب: يعينها الوقت، تعين بالوقت.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: إن كانت معينة يعينها، وإن كانت مطلقة يطلق.\n
\n الشيخ: أحسنت، إن كانت معينة فلا بد من تعيينها، وإن كانت مطلقة مثل النوافل المطلقة يكفي نية الصلاة، مثال المعيَّن؟ \n
\n طالب: صلاة الراتبة الفريضة. \n
\n الشيخ: كصلاة الفريضة، والراتبة، والوتر، والضحى، وغيرها كثير يعني.\n
\n الطالب: الاستسقاء.\n
\n الشيخ: إي، لكن معينة، نتكلم على المعينة سواء مؤقتة ولَّا غير مؤقتة.\n
\n طالب: تحية المسجد.\n
\n الشيخ: لا، ما هي معينة تحية المسجد، لو نوى نفلًا مطلقًا صح.\n
\n طالب: إذا قال لنا قائل: إن كل مؤقت فهو معين؟\n
\n الشيخ: لا، هو أن ينوي معينة سواء مؤقتة، ولا غير مؤقتة، وصلاة الضحى مؤقتة. هل هناك قول آخر بأنه لا يشترط تعيين المعينة؟ \n
\n طالب: نعم، يكفي أن ينوي أنها فرض الوقت.\n
\n الشيخ: أن ينوي فرض الوقت أو الصلاة اللي حضر لها، أحسنت. متى محل النية؟\n
\n الطالب: عند التكبير أو قبل التكبير. \n
\n الشيخ: تكون عند التكبير أو قبل بكثير ولَّا بيسير؟ \n
\n الطالب: بيسير. \n
\n الشيخ: نعم، المذهب بيسير، فيه قول آخر؟ \n
\n الطالب: قول آخر بكثير (...).\n
\n الشيخ: فيه قول ثالث؟\n
\n الطالب: لكن سمعت (...).\n
\n الشيخ: وهو هما؟\n
\n الطالب: (...) وقت طويل. \n
\n الشيخ: ولو قبل الفعل بوقت طويل إذا لم؟\n
\n الطالب: إذا لم يفسخها. \n
\n الشيخ: إذا لم يفسخها، يشترط أن تكون النية في الوقت، ما معنى قول المؤلف:\n (لا يُشترط في الأداء نيته)؟ \n
\n طالب: يعني ما هو شرط في وقت الأداء يعني حتى يقرأ باللسان.\n
\n الشيخ: ما فهمت؟\n
\n الطالب: يعني ما يشترط يقرأ باللسان.\n
\n الشيخ: لا، هو ما يشترط يقرأ باللسان سواء في نية المعينة أو غيرها، ما هو بشرط يقول: نويت أن أصلي، لكن ما معنى قوله: \n (لا يُشترط في الأداء نيته)؟\n
\n الطالب: لأن الوضوء والإتيان إلى المسجد هذا نية.\n
\n الشيخ: إي صحيح، لكن ليس هذا المراد.\n
\n طالب: يعني لا يشترط أن ينوي في الصلاة المؤدّاة أنها أداء، بل يكفي نية الصلاة. \n
\n الشيخ: إي، أفهمت؟ يعني مثلًا صلى الظهر، الظهر في وقتها أداء، لا يُشترط أن ينوها أداءً، إذا نوى الظهر كفى؛ لأن التعيين يكفي عن نية الأداء، وكذلك القضاء. هل يجوز للمصلِّي أن يقلب فرضه إلى نفل؟\n
\n طالب: نعم، جائز.\n
\n الشيخ: مطلقًا ولَّا بشرط؟\n
\n الطالب: بشرط أن يكون الوقت واسعًا.\n
\n الشيخ: هذا واحد، الشرط الثاني؟ \n
\n طالب: أن يكون منفردًا.\n
\n الشيخ: أن يكون منفردًا، ما هو؟\n
\n الطالب: أن يكون النفل الذي ينقلب إليه ليس معينًا.\n
\n الشيخ: لا، المطلق؟\n
\n الطالب: إي نعم، إذا كان معينًا ما يصح.\n
\n الشيخ: طيب ما يصح ذاك المعين، لكن يصح أن يقلب الفرض نفلًا، مثال ذلك؟ \n
\n طالب: صلَّى الظهر في وقته مفردًا، ثم وجد جماعة.\n
\n الشيخ: ثم حضرت جماعة.\n
\n الطالب: ثم حضرت جماعة حوَّلها إلى نفل؟\n
\n الشيخ: إلى نفل، صح، لكن بشرط أن يكون الوقت متسعًا. إذا كان الوقت مضيقًا؛ يعني لم يبقَ من الوقت إلا مقدار فعل الفريضة؟\n
\n طالب: ما يجوز.\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: (...) وقت الفريضة لا يجوز أن يؤخِّرها.\n
\n الشيخ: لأن هذا الوقت تعين للفريضة، فلا يجوز شغله بغيرها، وإذا كان مأمومًا؟ \n
\n طالب: لا يصح، إذا كان مأمومًا لا يصح.\n
\n الشيخ: ليش ما يصح؟\n
\n الطالب: لأنه إذا كان مأمومًا (...) عليه صلاة الجماعة.\n
\n الشيخ: تفوت عليه صلاة الجماعة، فلا يصح. إذا كان إمامًا؟\n
\n طالب: لا يصح.\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: يصلي بالناس (...).\n
\n الشيخ: يؤدي إلى أن يقتدي المفترض بالمتنفِّل، وهذا لا يصح تمام.\n
\n الطالب: على المذهب.\n
\n الشيخ: على المذهب إي.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: ويُفوِّت على نفسه الجماعة مع أن تفويت الجماعة في مسألة المأموم ومسألة المنفرد؛ يعني ما هو لازم قد يقول: أدرك جماعة في مسجد آخر.\n
\n طالب: وإن كان أفضل في مسجد آخر.\n
\n الشيخ: نقول: ليش أصلًا تدخل تصلي ما دام تعرف أن هناك أفضل كيف تدخل؟ إذا انتقل من فرض إلى فرض؟ \n
\n طالب: نعم، إذا انتقل من فرض إلى فرض بطل.\n
\n الشيخ: ويش اللي يبطل؟\n
\n الطالب: تبطل الصلاة. \n
\n الشيخ: أيها؟\n
\n الطالب: تبطل الأولى، ولا تصح الثانية.\n
\n الشيخ: ولا تنعقد؟\n
\n الطالب: ولا تنعقد الثانية.\n
\n الشيخ: إي نعم، مثاله؟\n
\n الطالب: مثاله: رجل دخل لصلاة الظهر مثلًا.\n
\n الشيخ: أو العصر. \n
\n الطالب: يعني كلها رباعية.\n
\n الشيخ: لا العصر أحسن.\n
\n الطالب: الظهر.\n
\n الشيخ: طيب خير إن شاء الله. \n
\n الطالب: (...) على أن يقلبها يعني.. \n
\n الشيخ: إلى العصر.\n
\n الطالب: لا، نفلًا.\n
\n الشيخ: لا، ما هو نفل، انتقل من فرض إلى فرض.\n
\n طالب: رجل صلَّى العصر، وذكر أنه مثلًا نسي أن يتوضأ في الظهر، وانتقل إلى الظهر.\n
\n الشيخ: نواها للظهر.\n
\n الطالب: نواها للظهر.\n
\n الشيخ: صح، فهمت؟ إذن التمثيل بالعصر أحسن لأجل يكون المسألة قريبة بعد أن شرع في صلاة العصر، ذكر أنه صلَّى الظهر بغير وضوء، فقال: إذن أجعلها لها. \n
مثال آخر: ويقع لكثير من العامة، يدخل مع الإمام بنية المغرب، ثم يتبين له أن الإمام يصلي العشاء فيُحوِّل نية المغرب إلى عشاء. نقول: الآن لا صح العشاء، وبطل المغرب؛ لأنه أبطله بِنيَّته، ولم يصح العشاء؛ لأنه لم يبتدئه.\n
فإن انتقل من فرض إلى فرض بالتحريمة؛ يعني كبَّر للإحرام في الثانية؟\n
\n طالب: يصح.\n
\n الشيخ: ويش اللي يصح الأول ولَّا الثاني؟\n
\n الطالب: الثاني.\n
\n الشيخ: الثاني، والأول؟ \n
\n طالب: يبطل. \n
\n الشيخ: يبطل لأنه؟\n
\n الطالب: أبطله.\n
\n الشيخ: لأنه أبطله تمام. وإذا انتقل من فرض إلى نفل معين؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: كيف؟ أيها؟\n
\n الطالب: الآن كبر.\n
\n الشيخ: إي، لما ذكر أنه صلى الظهر بلا وضوء انتقل، فقال: الله أكبر لصلاة الظهر، وابتدأها.\n
\n الطالب: وأبطل الأول. \n
\n الشيخ: إي، أبطل الأول، معلوم.\n
\n طالب: لا يصح.\n
\n الشيخ: مثل؟\n
\n الطالب: كان يشرع في صلاة الظهر، ثم يقلبها.. \n
\n الشيخ: كيف الظهر؟ إي الظهر نعم.\n
\n طالب: يشرع في صلاة الفجر، ثم ينويها أنها للسنة الراتبة قبل الفجر.\n
\n الشيخ: نعم، صح، صحيح؟\n
\n طلبة: لا يصح.\n
\n الشيخ: لا يصح الفرض؛ لأنه قطعه. \n
\n الطالب: ولا تصح..\n
\n الشيخ: ولا النافلة؛ لأنه لم ينوها من أول الصلاة بخلاف ما إذا حوله إلى نفل مطلق فيصح؛ لأن صلاة الفريضة تشتمل على نية الصلاة عمومًا، وعلى التعيين، فإذا أبطل التعيين بقي النية العامة. انتقل من نفل معين إلى نفل مُطلق؟ \n
\n طالب: انتقل من نفل معين إلى نفل مطلق. \n
\n الشيخ: نعم، يصح ولَّا لا؟ \n
\n طالب: ما يصح.\n
\n الشيخ: ما يصح. \n
\n طالب: يصح يا شيخ.\n
\n الشيخ: يصح، إي، علِّل؟ \n
\n طالب: لأن الانتقال من المعين إلى المطلق يصح.\n
\n الشيخ: إي نعم، هذا هو الحكم يا شيخ، التعليل بالحكم ما يجوز؛ لأن النفل المعين اشتمل على نيتين صلاة.\n
\n الطالب: المطلق والمعيّن.\n
\n الشيخ: المطلق والمعين، فإذا ألغى المعين؟\n
\n طالب: بقي المطلق. \n
\n الشيخ: بقي المطلق. \n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (ويجب نية الإمامة والائتمام) الجماعة وصف زائد على نية الصلاة، وهذا الوصف هو اجتماع الإمام والمأموم، فهل تُشترط هذه النية؛ نية الاجتماع أو تكفي الموافقة في الأفعال؟ هذا هو ما يريد المؤلف أن نبحث فيه. \n
الجماعة وصف زائد على أصل الصلاة، لماذا؟ \n
لأنها اجتماع على هذه الصلاة؛ فهي وصف زائد عنها؛ ولهذا نقول: الجماعة تجب للصلاة لا في الصلاة، تجب لها، ولا تجب فيها؛ فهل يُشترط نية هذا الوصف؟ أو يكفي الموافقة في الأفعال؟ \n
هذا ما سيبحثه المؤلف.. \n

","SearchText":" (النيه) بمعني القصد، واما في الشرع فهي نيه العباده، وتنقسم الي قسمين: نيه المعمول له، ونيه العمل؛ اما نيه العمل فهي التي يتكلم عليها الفقهاء؛ لانهم انما يقصدون بالنيه النيه التي تتميز بها العباده عن العاده، وتتميز بها العبادات بعضها عن بعض. واما نيه المعمول له فالتي يتكلم عليها ارباب السلوك؛ يعني تذكر في قسم التوحيد، وهي اهم من الاول؛ نيه المعمول له اهم من نيه العمل؛ لانها عليها مدار الصحه، قال الله تعالي: «انا اغني الشركاء عن الشرك، من عمل عملا اشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه» . اما نيه العمل فيقصد بها تمييز العبادات من غير العبادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، فينوي ان هذه عباده، ثم ينوي انها صلاه، وينوي انها فريضه، نافله، وهكذا. نيه المعمول له، قال فيها النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . ولا بد من ملاحظه الامرين جميعا؛ اولا: نيه المعمول له؛ بحيث تكون نيته لمن؟ طالب: لله. الشيخ: لله عز وجل؛ فان خالط هذه النيه نيه غير الله بطلت، لو قارن النيه -نيه كون العباده لله- نيه كونها لغيره بطلت؛ فلو قام رجل يصلي؛ لانه راي الناس يلتفتون اليه، فقام يصلي ليراه الناس فالصلاه باطله؛ لانه لم يخلص النيه للمعمول له، وهو الله عز وجل. نيه تمييز العبادات عن غيرها، والعبادات بعضها عن بعض، ذكره المءلف رحمه الله؛ لان هذا هو وظيفه الفقهاء. واعلم ان النيه محلها القلب، ولهذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» ، فليست من اعمال الجوارح، ولهذا نقول: ان التلفظ بها بدعه، فلا يسن للانسان اذا اراد عباده ان يقول: اللهم اني نويت كذا، او اردت كذا، لا جهرا ولا سرا؛ لان هذا لم ينقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ ولان الله تعالي يعلم ما في القلوب، فلا حاجه ان تنطق بلسانك، فهذا ليس بذكر حتي ينطق باللسان، وانما هي نيه محلها القلب، ولا فرق في هذا بين الحج وغيره؛ حتي الحج لا يسن للانسان ان يقول: اللهم اني نويت العمره، او نويت الحج، لكن يلبي بما نوي، والتلبيه غير الاخبار بالنيه؛ لان التلبيه فيها اجابه لله؛ فهي بنفسها ذكر، ليست اخبارا عما في القلب؛ ولهذا يقول القاءل: لبيك عمره، او لبيك حجا. نعم، لو احتاج الي الاشتراط فله ان يتلفظ بلسانه، بل لا بد ان يتلفظ فيقول مثلا: لبيك عمره، وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، لبيك حجا وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهكذا. النيه محلها القلب، فلا يشرع النطق بها لا سرا ولا جهرا. ومن الطراءف: ان بعض العامه سمع شخصا يقول -يريد ان يصلي خلف الامام-: اللهم اني اريد ان اصلي صلاه الظهر خلف الامام فلان بن فلان، لما هم ان يكبر قال: اصبر، باقي عليك شوي؟ ما الذي بقي؟ قال: بقي عليك التاريخ، قل: صلاه الظهر في يوم كذا من الشهر الفلاني، من السنه الفلانيه!! يعني اذا كنت تريد ان تكتب وثيقه بينك وبين الله لازم تحرر الوثيقه، اما الصلاه وبس! فخجل الرجل؛ لان هذا رد عليه، بقوله: باقي عليك التاريخ، واحنا يمكن نضيف لك عليه ايضا المكان. طالب: عدد الركعات. الشيخ: اي نعم، يعني علي كل حال، الحمد لله لنا نيه محلها القلب. يقول المءلف -رحمه الله-: النيه قلنا في تعريفها قلنا: ان النيه اما نيه العمل او نيه المعمول له فهي اذن: العزم علي فعل العباده تقربا الي الله، هذا ينتظم المعنيان جميعا، العزم علي فعل العباده تقربا الي الله سبحانه وتعالي. (فيجب ان ينوي عين صلاه معينه) يجب علي من اراد الصلاه ان ينوي عينها اذا كانت معينه؛ مثل: اراد ان يصلي الظهر يجب ان ينوي صلاه الظهر، اراد ان يصلي الفجر يجب ان ينوي صلاه الفجر، اراد يصلي الوتر يجب ان ينوي صلاه الوتر، فان كانت غير معينه كنفل مطلق، اكتفي ان ينوي الصلاه، قام فينوي انه يريد ان يصلي فقط بدون تعيين. وافادنا المءلف: انه لا بد ان ينوي عين المعينه؛ كالظهر، فلو نوي فرض هذا الوقت او الصلاه مطلقا، لكنه جاء الي المسجد والناس يصلون، فدخل وغاب عن ذهنه انها الظهر او العصر، او انها فرض او نفل، فعلي كلام المءلف: صلاته غير صحيحه؛ لانه ما نوي الصلاه المعينه، نوي صلاه وبس، لا بد ان ينوي الصلاه المعينه (...)، فان اطلق لم تصح، لكن لم تصح علي انها هذه المعينه، وتصح علي انها صلاه، علي انها صلاه يءجر عليها. وقيل: لا يشترط تعيين المعينه، فيكفي ان ينوي الصلاه؛ وتتعين الصلاه بتعين الوقت، فاذا توضا لصلاه الظهر، ثم صلي، وغاب عن ذهنه انها الظهر او العصر او المغرب او العشاء فالصلاه صحيحه؛ لانه لو سءل: ماذا تريد بهذه الصلاه؟ لقال: اريد الظهر، اريد هذه المعينه الحاضره، فيحمل علي ما كان فرض الوقت. وهذا القول هو الذي لا يسع الناس العمل الا به؛ لان كثيرا من الناس يتوضا وياتي ويصلي ويريد هذه الصلاه، ويغيب عن ذهنه انها ظهر او عصر، لا سيما اذا جاء والامام راكع؛ فانه قد يندهش ويدخل في الصلاه، ولا يستحضر في تلك اللحظه انها الظهر او العصر او المغرب او العشاء. لكن لو سءل: ماذا تريد لم يقل الا: اني اردت هذه الصلاه الحاضره، وينبني علي هذا الخلاف: لو كان علي انسان صلاه رباعيه؛ لكن لا يدري اهي الظهر او العصر او العشاء؟ فصلي اربعا بنيه الواجب عليه، فعلي القول بعدد بانه لا يجب التعيين تصح، وتكون عن الصلاه المفروضه التي عليه، وعلي القول بوجوب التعيين لا تصح؛ لانه لم يعينها ظهرا ولا عصرا ولا عشاء. ولكن الذي يترجح عندي: القول بانه لا يشترط التعيين، وان الوقت هو الذي يعين الصلاه، وانه يصح ان يصلي اربعا بنيه ما يجب عليه، وان لم يعينه ، مثل لو قال: انا علي صلاه رباعيه، لكن ما ادري: اهي الظهر او العصر او العشاء؟ قلنا: صل اربعا بنيه ما عليك وتبرا بذلك ذمتك. وعليه، فلو قال: انا علي صلاه من يوم ولا ادري؛ اهي الفجر، او الظهر، او العصر، او المغرب، او العشاء؟ فعلي القول بعدم اشتراط التعيين نقول: صل اربعا وثلاثا واثنتين، او لا؟ طالب: نعم. الشيخ: اربعا تجزء عن الظهر او العصر او العشاء، وثلاثا المغرب، واثنتين الفجر. وعلي القول الثاني: يصلي خمسا؛ لانه يحتمل ان هذه الصلاه؛ الظهر، او العصر، او المغرب، او العشاء، او الفجر، فيجب عليه ان يحتاط ليبرء ذمته بيقين ويصلي كم؟ خمسا. يقول: (فيجب ان ينوي عين صلاه معينه) ، وهل النيه شاقه او سهله؟ النيه سهله، تركها هو الشاق؛ ولهذا لا يحتاج الانسان الي تعب؛ فانه اذا توضا وخرج من بيته يريد الصلاه، فانه -بلا شك- قد نوي، ولا يحتاج ان يقول عند الصلاه مثلا: والله ما ادري، هل انا ناو ولا لا؟ احنا نقول: ما الذي جاء بك الي المسجد وجعلك تقف في الصف وتكبر الا نيه الصلاه. حتي قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نيه لكان من تكليف ما لا يطاق. لو قيل: اعمل ولا تنو (...) تنوي، صل، ولكن لا تنو الصلاه، توضا، ولكن لا تنو الوضوء؛ يقدر؟ ما يقدر، ما من عمل الا بنيه؛ ولهذا قال شيخ الاسلام: النيه تتبع العلم؛ فمن علم ما اراد فعله فقد نواه؛ اذ لا يمكن فعل بلا نيه. وصدق رحمه الله، ويدل لهذا قوله عليه الصلاه والسلام: «انما الاعمال بالنيات» ، يعني ما فيه عمل الا بنيه ولا بد. يقول المءلف: (ولا يشترط في الفرض والاداء والقضاء والنفل والاعاده نيتهن) ، لا يشترط في الفرض نيه الفرض اكتفاء بماذا؟ بالتعيين؛ فمثلا: اذا نوي انها صلاه الظهر، هل يشترط ان ينوي انها فرض؟ لا؛ لان نيه ان تكون الظهر يتضمن نيه الفرض؛ ولهذا قال: لا يشترط في الفرض نيه الفرض، ولا يشترط ايضا في الاداء نيه الاداء؛ لماذا؟ لانه متي صلي في الوقت فهي اداء، فلا حاجه ان ينوي انه يصلي الظهر اداء، وكذلك لا يشترط في القضاء نيه القضاء. القضاء: هو الذي فعل بعد وقته المحدد له شرعا؛ كصلاه الظهر حين نام عنها حتي دخل وقت العصر، فقام يصلي الظهر، نقول: هذه قضاء ولا اداء؟ قضاء؛ لانها فعلت بعد الوقت، هل يشترط مع نيه الظهر ان ينوي انها قضاء؟ الجواب: لا؛ لان التعيين يغني عن نيه القضاء، ما دمت نويت انها صلاه الظهر وهي قد وقعت بعد خروج الوقت، فهي قضاء سواء نويت ام لم تنو. (ولا يشترط في النفل)، يعني: في النفل المطلق ان ينويه نفلا، ولا في النفل المعين ان ينويه نفلا، لماذا؟ اما في النفل المعين فالتعيين يغني؛ يعني اذا اراد ان يوتر لا يشترط ان ينوي انه نفل، اذا اراد ان ياتي بالراتبه -راتبه الظهر مثلا- لا يشترط ان ينويها نفلا؛ لماذا؟ طلبه: (...). الشيخ: لان تعيينها يكفي عن النفل، ما دمت قد نويت انها راتبه الظهر؛ فان راتبه الظهر نفل، ما دمت نويت انها وتر؛ فان الوتر نفل، كذلك النفل المطلق لا يشترط ان ينويه نفلا، كرجل قام يصلي من الليل، او قام يصلي في الضحي، ما حاجه انه ينوي انه نفل؛ لانه من المعلوم ان ما عدا الصلوات الخمس فهو نفل، ولا يشترط في الاعاده نيه الاعاده. كيف ما هي الاعاده؟ الاعاده: ما فعل في وقته مره ثانيه، هذه الاعاده، سواء كان لبطلان الاولي ام لغير بطلانها؛ فمثلا: اذا صلي الظهر، ثم ذكر انه محدث، يجب عليه الاعاده ولا لا؟ طالب: يجب. الشيخ: هل يجب ان ينوي ان هذه اعاده؟ لا. اذا صلي الظهر في مسجد، ثم حضر الي مسجد ثان واقيمت الصلاه، هل يعيد؟ نعم، السنه ان يعيد، هل يشترط ان ينوي انها اعاده؟ لا؛ لانه قد فعل الاولي، واعتقد ان هذه الثانيه نفل، فلا يشترط ان ينويها معاده. اذن لا يشترط في الفرض ان ينويه فرضا، ولا في الاداء ان ينويه اداء، ولا في الاعاده ان ينويها اعاده، ولا في القضاء ان ينويه قضاء، ولا في النفل ان ينويه نفلا، ما دام نوي الصلاه المعينه فانه يغني عن وصفها بكونها اداء او قضاء او فريضه او نافله. ثم قال المءلف: (وينوي مع التحريمه، وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت) ، ذكر المءلف هنا محل النيه متي يكون؟ الاولي ان يكون مقارنا للتحريمه او قبلها بيسير؛ ولهذا قال: (ينوي مع التحريمه) ، فاذا اراد ان يكبر كبر وهو ينوي في نفس التكبير انها صلاه الظهر او المغرب او العشاء الي اخره. قال: (وله تقديمها بزمن يسير في الوقت) له ان يقدم النيه قبل التحريمه لكن بزمن يسير، شرط اخر (في الوقت) ؛ فلو نوي الصلاه قبل دخول وقتها، ولو بزمن يسير، ثم دخل الوقت وصلي بلا نيه، فصلاته غير صحيحه؛ لان النيه سبقت الوقت، فان نوي في الوقت، ثم تشاغل بشيء في زمن يسير، ثم كبر، فصلاته صحيحه؛ لان الزمن يسير. فان طال الوقت، فظاهر كلام المءلف ان النيه لا تصح؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي، وقال بعض العلماء: بل تصح ما لم ينو فسخها؛ لان نيته مستصحبه الحكم، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: ما لم ينو الفسخ، فهذا الرجل من حين ما اذن قام وتوضا ليصلي، ثم عزمت النيه عن خاطره، واشتغل باشياء اوجبت له ان ينسي النيه، ثم لما اقيمت الصلاه دخل في الصلاه بدون نيه جديده، فعلي كلام المءلف لا تصح الصلاه؛ لانها سبقت الفعل بزمن كثير، وعلي القول الراجح تصح الصلاه؛ لانه لم يفسخ النيه الاولي، فحكمها مستصحب الي الفعل، وهذا القول اصح ؛ لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات» ، وهذا الرجل قد نوي ان يصلي، ولم يتجدد شيء يفسخ به النيه. قال: (وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت، فان قطعها في اثناء الصلاه، او تردد بطلت)، (ان قطعها) اي: النيه (في اثناء الصلاه او تردد بطلت) ، اذا قطعها في اثناء الصلاه لا شك انها تبطل، مثل: رجل قام يتنفل، ثم ذكر ان له شغلا، فقطع النيه؛ فان الصلاه تبطل ولا شك؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» ، وهذا قد نوي القطع فانقطعت. (او تردد)، تردد في القطع، كيف التردد؟ يعني مثلا سمع قارعا يقرع الباب فتردد؛ قال: اقطع الصلاه ولا (...) استمر؟ يقول المءلف: ان الصلاه تبطل، وان لم يعزم علي القطع، وكذلك لو سمع جرس التلفون فتردد؛ هل يقطع الصلاه ويكلم او يستمر؟ فالمءلف يقول: ان صلاته تبطل؛ لان استمرار العزم شرط عنده. وقال بعض اهل العلم: انها لا تبطل بالتردد؛ وذلك لان الاصل بقاء النيه، والتردد هذا لا يبطلها، وهذا القول هو الصحيح، فما دام الرجل لم يعزم علي القطع فهو في صلاه ، ولا يمكن ان نقول: ان صلاتك بطلت للتردد، هل يقطع او لا. فان عزم علي مبطل ولم يفعله؟ يعني النيه باقيه، لكن عزم علي مبطل ولم يفعله؛ يعني عزم ان يتكلم في صلاته ولم يتكلم، عزم ان يحدث ولم يحدث، فهل تبطل او لا؟ طلبه: تبطل. الشيخ: قال بعض العلماء: انها تبطل؛ لان العزم علي المفسد عزم علي قطع الصلاه مثلا، والعزم علي القطع معناه انه جعل النيه مءقته. ولكن المذهب -وهو الصحيح- انها لا تبطل بالعزم علي فعل مبطل الا اذا فعله ؛ لان البطلان يتعلق بماذا؟ بنيه المبطل، ولا بفعل المبطل؟ طلبه: بفعله. الشيخ: بفعل المبطل، ولم يوجد، فاذا عزم علي ان يبطل الصلاه، ولكنه لم يفعل؛ يعني علي فعل شيء يبطلها، ولكن لم يفعل فان الصلاه لا تبطل. وكذلك لو عزم الصاءم علي الاكل، ولم ياكل، لكنه لم يقطع الصوم، لم يقطع النيه، فان صومه لا يبطل. هل جميع العبادات تبطل بالعزم علي القطع؟ الجواب: نعم، الا الحج والعمره؛ فان الحج والعمره لا يبطلان بابطالهما؛ حتي لو صرح بذلك وقال: يا ايها الناس، اشهدوا اني قد قطعت نسكي؛ فانه لا ينقطع ولو كان نفلا، وهذا من خصاءص الحج والعمره؛ انها لا تبطل بقطع النيه؛ لقول الله تعالي: {واتموا الحج والعمره لله} [البقره: ١٩٦]. قال: (فان قطعها في اثناءها او تردد بطلت) . لو علق القطع علي شرط، فقال: ان كلمني زيد قطعت النيه، او ابطلت صلاتي؛ فانها تبطل علي كلام الفقهاء، والصحيح انها لا تبطل ؛ لانه قد يعزم علي انه ان كلمه زيد تكلم؛ ولكن يرجع عن هذا العزم. فعندنا الان قطع مجزوم به، قطع معلق علي شرط، قطع متردد فيه، عزم علي فعل محظور، كم هذه؟ طلبه: اربعه. الشيخ: اربعه؛ اما الاول: وهو العزم علي القطع اذا قطعها جزما، فلا شك ان الصلاه تبطل، ولا اظن احدا يخالف في ذلك. واما الثاني: اذا علق القطع علي شرط، او علق النيه علي شرط؛ يعني قطع النيه علي شرط؛ فالمذهب: انها تبطل. الثالث: اذا تردد هل يقطعها او لا؟ فالمذهب انها تبطل، والصحيح في المسالتين: انها لا تبطل. الرابع: اذا عزم علي فعل المحظور ولم يفعله، فهنا لا تبطل قولا واحدا؛ لان البطلان هنا بفعل المحظور، ولم يوجد فلا تبطل الصلاه به. طالب: اقول: هل يحصل (...)؟ فالانسان يغفل احيانا، لكن لا يغفل بالكليه كان متوضءا واتي الي المسجد (...) وصلي. الشيخ: اي، لكن نوي الصلاه. الطالب: بس يعني ما عين انه الظهر او..؟ الشيخ: اي، هذا القول الثاني الذي لا يشترط التعيين، يقول: يكفي نيه الصلاه. الطالب: طيب علي المذهب نوي مثلا صار (...). الشيخ: يكفي، الصحيح انه يكفي؛ انه متي نوي الصلاه، فهو ما جاء الا ليصلي الظهر مثلا. طالب: لو دخل انسان في الصلاه وهو مسافر فنواها اربعا، ثم تذكر انه مسافر، فقصرها تصح صلاته؟ الشيخ: اي نعم؛ لان الاصل في صلاه المسافر القصر، ما يحتاج الي نيه؛ لانه هو الاصل. طالب: بس نوي اربعا؟ الشيخ: ولو نوي اربعا، ما دام انه نوي اربعا ناسيا، ثم ذكر يعود الي الاصل. طالب: احسن الله اليك، اذا كان الاجتهاد في طلب القبله يفوت الوقت، فايهما يقدم؟ الشيخ: لا، يقدم الوقت، ما من شيء يقدم علي الوقت ابدا، كل الشروط والاركان يقدم عليها الوقت؛ لقول الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. طالب: الصاءم يا شيخ اذا نوي الاكل ولا اكل. الشيخ: ولا اكل. الطالب: اي نعم، بس نقول: الافضل له انه يفطر علي تمر، ثم الرطب، اما اذا لم يوجد تمر او ماء (...)؟ الشيخ: هل قطع النيه ولا قال: ابغي اكل؟ الطالب: قال: ابغي (...). الشيخ: اذا قال: ابغي اكل، ان اكل فسد صومه، وان لم ياكل لمن يفسد. الطالب: قطع النيه. الشيخ: اما لو قطع النيه ويقول: خلاص، انا ابطلت الصوم، سواء اكلت، ولا ما اكلت؛ يعني سواء وجدت ما اكله ام لا، فهذا قطع نيته، ويبطل صومه. طالب: بالامس قررنا انه اذا اختلف المجتهدان جهه، فيصح ان ياتم احدهما بالاخر قلنا: ان هذا هو الاقرب. الشيخ: اي نعم. الطالب: وفي هذا الدرس قلنا: ان المذهب اقرب. الشيخ: اي نعم؛ لانه تبين لي الحقيقه ان التضاد فيها واضح، وليس هذا اءتمام بالامام، هذه مخالفه ظاهره، فهي كما لو خالفه في الافعال. طالب: شيخ، قلنا: ان الحج والعمره لا ينفسخان حتي بالنيه، لكن يا شيخ اذا عزم عزما جازما قلنا: انه لا يصح عزمه، فما يجب عليه (...)؟ الشيخ: لا يجب عليه شيء؛ يعني لو رفض الاحرام قال: يا جماعه، انا هونت عن هذا النسك؛ فانه لا يجب عليه شيء؛ لان هذه النيه لم تءثر شيءا. طالب : الاعمي يا شيخ لو صلي باجتهاده ولم يسال؟ الشيخ: كيف يجتهد؟ طالب: صلي باجتهاده. الشيخ: ويش لون باجتهاده؟ ما يشوف اعمي. الطالب: لمس فراشا مثلا او لمس محرابا؟ الشيخ: اي، لا باس، اذن ما يعيد. طالب: جزاك الله خيرا يا شيخ، اذا كان واحد مسافرا، واخر الظهر عسي يصليها العصر، ووصل البلد؛ صلي العصر، حتي اذا مشي حس انه في نفس البلد فدخلت فيه نيه العصر، ومن الاول نوي انه يجمعهم، فلا بد يقدم نيه الظهر، وصلي علي انها نيه العصر. الشيخ: يعني مع الامام؟ الطالب: مع الامام. الشيخ: اي نعم. الطالب: تذكر اثناء الصلاه انه نواها العصر وهو اداها الظهر، هل يقطع الصلاه؟ الشيخ: لا، يستمر، ويكملها علي انها العصر، ثم ياتي بالظهر بعد ذلك. الطالب: والترتيب؟ الشيخ: يسقط بنسيانه. طالب: ان نوي النفل المطلق (...). الشيخ: سياتينا هذا ان شاء الله، اذا انتقل من صلاه الي اخري ففيه تفصيل. طالب: قلنا -يا شيخ-: ان الانسان اذا كان مثلا ضيفا، ولم يسال؛ فانه لن يصلي الا الي الجهه التي تطمءن اليها قلبه مع ان كثيرا ما الانسان يلاحظ من بعض العوام يصلي علي اي جهه، يدخل ويقول: ما ندري، احنا نصلي وبس، ما يطمءن؟ الشيخ: لا، ما يصلح هذا. الطالب: ويش يصير يعيد ولو اصاب؟ الشيخ: اي نعم، يعيد ولو اصاب؛ لانه ما فيه ترجيح. طالب: اذا قام المسافر علي الصلاه واجتهد، وصلي الي القبله في ظنه؛ يعني اجتهد، وبعد جاء الثقه، وقال: يا ايها المصلي، انت خطا، وهل يدور في الصلاه ويسلم علي قوله؛ يعني الاجتهاد مقدم ولا قول الثقه مقدم؟ الشيخ: نعم، فهمتم هذه؟ طلبه: نعم. الشيخ: اذا تغير اجتهاد الانسان في اثناء الصلاه، او جاءه من يخبره بيقين في اثناء الصلاه؛ فانه يستدير ولا يعيد الصلاه من جديد. الطالب: يستدير. الشيخ: يستدير. الطالب: علي قول؟ الشيخ: علي قول الثقه؛ ولهذا اهل قباء لما جاءهم الرجل وقال: ان النبي صلي الله عليه وسلم انزل عليه الليله قران، وقد امر ان يستقبل القبله فاستقبلوها، انصرفوا الي القبله. وبقوا في صلاتهم، بنوا علي صلاتهم. ولهذا يلغز بها فيقال: رجل صلي الي اربع جهات وصحت صلاته؟ طالب: الكعبه.. الشيخ: اجتهد في الاول فقال: القبله هكذا شمالا، ثم لما قام الي الركعه الثانيه قال: لا، اخطات، القبله عن يساري، فانصرف يسارا، فلما قام للثالثه قال: اخطات، القبله عن يساري، فانصرف الي اليسار، صارت اول ركعه الان قبلتها خلف ظهره. طالب: يدور. الشيخ: اي نعم، فلما قام الي الرابعه قال: اخطات، القبله عن يساري، فانصرف الي اليسار، صلي الان الي كم؟ طلبه: اربع جهات. الشيخ: الي الجهات الاربع، وصحت صلاته، ولهذا يقولون: يلغز بها، فيقال: رجل صلي في صلاه واحده الي اربع جهات؛ فصحت صلاته. طالب: في جوف الكعبه. الشيخ: لا، في جوف الكعبه كلها قبله؛ لان مهما كان من جهه؛ فهي قبله، لكن هذه القبله الثانيه ما تكون القبله الاولي. طالب: شيخ، لو ان رجلا اراد ان يصلي، ولا يعرف اين القبله؛ يعني اذا وجد اناسا لكن ما سالهم؛ لانه عرف انهم فساق، فصلي، وعندما انتهت صلاته جاء الفاسق وقال: الصلاه ليست من هنا، فماذا العمل؟ الشيخ: ما دام فاسقا لا يثق بخبره اولا فلا يثق بخبره ثانيا، لكن هل ان مثل هذه المساءل لا بد فيها من ان يكون الانسان عدلا ظاهرا وباطنا او يكتفي بالعداله الظاهره؟ الظاهر انه خلافا للمذهب يكتفي بالعداله الظاهره. طالب: شيخ، اذا صليا رجلان في جوف الكعبه يشترط ان يصافا بينهما لو اختلفت الجهه (...)، هل تصح الصلاه؟ الشيخ: اي نعم، بس المشكله انه يصير احدهما صلي منفردا خلف الصف. الطالب: لا، اثنين. الشيخ: اثنين؛ يعني مامومين وامام. الطالب: نعم، واحد شمال، وواحد جنوب. الشيخ: كيف؟ يعني الامام صلي لجهه، واحد المامومين الي جهه، والثاني الي جهه، كذا؟ الطالب: نعم. الشيخ: يصح، لكن لازم من المصافه، لا بد من المصافه. الطالب: لو صار الامام مثلا واحد شمال، والمامومين جنوب، ما صار منفردا، هما صاروا اثنين. الشيخ: اي نعم، لا باس. الطالب: تصح الصلاه؟ الشيخ: اي نعم، ويمكن المامومين ها دولا احدهما يصلي الي الجدار الغربي، والثاني يصلي الي الجدار الشرقي. طلبه: هذا تضاد. الشيخ: ما يظهر؛ لان هذا التضاد بين المامومين؛ حتي علي كلام الفقهاء ايضا، هذه المساله قالوا: يجوز ان يكون اتجاه الامام الي جهه والمامومين الي جهه اذا كان داخل الكعبه. طالب: ويش الفرق يا شيخ بينه وبين مساله المجتهدين؟ الشيخ: المجتهدين؛ لان احدهما خطا علي كل حال. الطالب: بس هو في قراره نفسه يعتقد ان صاحبه.. الشيخ: لكن احدهما خطا قطعا، اما هذا قطعا كلهم صواب. طالب: شيخ، قراءه القران بعد الفاتحه في الصلاه، هل ينوي الركن قبل التكبير ام لا؟ الشيخ: ويش تقولون؟ طلبه: ما فهمنا. الشيخ: يقول: هل يشترط ان ينوي قراءه سوره بعد الفاتحه قبل ان يكبر، او يجوز ان يقرا في السوره بعد الفاتحه وان لم ينوها من قبل؟ كذا؟ طالب: اي نعم. الشيخ: اي هذا؟ طالب: الثاني. الشيخ: الثاني، يمكن يدخل بنيه انه سيقتصر علي الفاتحه، ثم يري ان الوقت واسع فيصلي؛ يقرا سوره ثانيه ما فيه مانع. طالب: اذا وقع الانسان بين امرين (...). الشيخ: لا، يفعل، ويحاول ان يمنع اللي.. طالب: اذا تعذر ان.. الشيخ: اذا تعذر لا يفعل. *** طالب : (...) وان شق وينوي مع التحريمه، وله تقديمها في زمن يسير في وقت، فان قطعها في اثناء الصلاه، او تردد بطلت، واذا شك فيها استانفها، وان قلب منفرد فرضه نفلا في وقته المتسع جاز، وان انتقل بنيه من فرض الي فرض بطل، ويجب نيه الامامه والاءتمام، وان نوي المنفرد الاءتمام لم تصح كنيه امامته فرضا. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. ما تقول في مسافر اجتهد في القبله لصلاه الظهر، ثم جاء وقت العصر، هل يلزمه ان يعيد الاجتهاد او لا يلزمه؟ طالب: علي كلام المءلف يلزمه ان يعيد الاجتهاد. الشيخ: يلزمه ان يجتهد لصلاه العصر. الطالب: مره ثانيه. الشيخ: مره ثانيه طيب. قلت: علي كلام المءلف، هل يعني ذلك ان هناك كلاما اخر؟ الطالب: كلام المءلف مرجوح، والقول الراجح انه لا يلزمه. الشيخ: كلام المءلف مرجوح، والقول الراجح انه لا يلزمه الاجتهاد . الطالب: الا اذا طرا سبب. الشيخ: الا اذا طرا سبب يقتضي الاجتهاد كالشك والتردد مثلا؛ فيلزمه ان يجتهد مره اخري. هل يلزم المجتهد في المساءل العلميه ان يجتهد لكل حادثه؟ طالب: المجتهد، ما سمعت. الشيخ: رجل مجتهد اداه اجتهاده الي ان القول الراجح كذا وكذا، ثم نزلت الحادثه مره ثانيه، هل يلزمه ان يجتهد لها مره ثانيه او يكفي الاجتهاد الاول؟ الطالب: يكفي الاجتهاد الاول الا اذا شك. الشيخ: يكفي الاجتهاد الاول ما لم يوجد سبب. اذا تبين له انه اخطا في الاجتهاد الاول، هل تلزمه الاعاده؟ طالب: لا يلزم ان (...). الشيخ: لا، الصلاه، تبين انه مخطء في الاجتهاد الاول، فهل تلزمه الاعاده؟ الطالب: لا يعيد الصلاه. الشيخ: لا يعيد الصلاه. الطالب: يغير الجهه. الشيخ: اي نعم، يغير الجهه، ما هو الدليل؟ الطالب: ان الاجتهاد لا ينقض.. الشيخ: هذا تعليل، ما هو الدليل؟ الطالب: الدليل ان عند نزول الايه (...). طالب اخر: الدليل؛ قوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. الشيخ: نعم، وهذا قد اتقي الله ما استطاع، فلا يءمر بالصلاه مره ثانيه، وحديث: «اذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله اجران وان اخطا فله اجر» وحديث اهل قباء حين اتاهم ات فاخبرهم ان القبله صرفت . المهم فيه عده ادله. رجل اجتهد عنده مجتهدان فاختلفا، من يتبع؟ طالب: السءال؟ الشيخ: رجل اجتهد عنده مجتهدان في القبله فقال احدهما: القبله هنا، وقال الثاني: القبله هنا يعني متضادين، فمن يتبع؟ طالب: ان كان اهلا للاجتهاد اجتهد، والا.. الشيخ: لا، ما هو باهل الاجتهاد. الطالب: يقلد من يثق به اكثر. الشيخ: يعني يقلد اوثقهما عنده، صح. طيب اختلف اجتهاد رجلين، فهل يتبع احدهما الاخر؟ طالب: فيه تفصيل ان اختلفا في الجهه لم يتبع احدهما الاخر، وان لم يختلفا في الجهه فانه يتبع احدهما الاخر، كما.. الشيخ: يعني ان اختلفا في الجهه تبع احدهما الاخر. الطالب: لا، لم يتبع احدهما الاخر، هذا مثلا يقول: الجهه، القبله من جهه الشمال، وهذا يقول من جهه.. الشيخ: ان اختلفا في الجهه؟ الطالب: اي نعم. الشيخ: لم يتبع، وان اختلفا في جهه؟ الطالب: وان اختلفا في جهه تبع احدهما الاخر. الشيخ: اي، فهمتم؟ طلبه: لا. الشيخ: ان اختلفا في الجهه لم يتبع احدهما الاخر، وان اختلفا في جهه تبع احدهما الاخر، يحتاج الي ترجمه لهذه العباره، ما الفرق بين العبارتين؟ طالب: ان اختلفا في الجهه؛ اي يعني هذا اختلف في الجهه الشرقيه، ودا الغربيه. الشيخ: واحد يقول: القبله غربا، ودا يقول: شرقا. الطالب: نعم، اختلفا في جهه اي جهه واحده؛ يعني مثلا في جهه الغرب، قال: هذا الي اليمين، وهذا قال: الي اليسار، فهذه في جهه. الشيخ: صح، اذن اذا اتفقا علي ان القبله غربا، لكن احدهما يميل يمينا، والثاني يميل شمالا، فهذا يتبع احدهما الاخر؛ يعني يصلي معه ماموما، ويتبعه ايضا في جهته، لا باس انه يترك اجتهاده، ويتبع الاخر؛ لان الانحراف في الجهه الواحده. طالب: لا باس به. الشيخ: لا باس به. رجل صلي بغير اجتهاد ولا تقليد، (...) عليه ولما جاء الوقت قام وصلي بدون شيء. طالب: هذا علي المذهب انه تبطل صلاته، ويجب عليه اعاده الصلاه سواء اصاب او اخطا. الشيخ: نعم. الطالب: اما علي القول الثاني، فان اصاب لا يعيد صلاته، وان اخطا فانه يعيد صلاته. الشيخ: وجه هذا القول؟ الطالب: اي قول؟ الشيخ: انه اذا اصاب لا يعيد؟ الطالب: لانه اذا اصاب؛ لانه ما صلي الا الي جهه اطمانت لها نفسه. الشيخ: صح. الطالب: او ربما اجتهد ولا.. الشيخ: واما اذا اخطا فهو هنا لا فعل ما امر به من اجتهاد ولا اصاب القبله. طيب النيه شرط لصحه الصلاه، الدليل؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . الشيخ: نعم، «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . الطالب: وقوله تعالي: {ولكن يءاخذكم بما كسبت قلوبكم} [البقره: ٢٢٥]. الشيخ: {لا يءاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يءاخذكم بما عقدتم الايمان} [الماءده: ٨٩] (...). *** قال المءلف رحمه الله: (وينوي مع التحريمه) ، هنا شرع في بيان متي تكون النيه؟ متي يكون محل النيه؟ طالب: محل النيه، اما قبل التكبير بقليل او مع التكبير. الشيخ: نعم، مع التكبير واضح هو الافضل، وله ان يقدمها؟ طالب: بقليل. الشيخ: بقليل، وهنا نرجع في ذلك الي العرف، هل هناك قول اخر في مساله التقديم؟ طالب: قالوا: المذهب (...) يسير فانه يعني (...)، يكبر للصلاه، لكن اذا كان طويلا، فانه يبطل، ولكن الصحيح انه سواء قصير او طويل انه يجوز لان النيه.. الشيخ: فانها تصح ما لم يفسخها، وهذا القول هو الراجح؛ علي انه يجوز ان يقدم النيه بزمن طويل ما لم يفسخها، وهذا يتاتي فيما لو كان بيته بعيدا عن المسجد، وتوضا لصلاه الظهر بهذه النيه، وخرج لكن مع طول المسافه غفل، ثم دخل المسجد وكبر، هو حين التكبير لم ينو انها الظهر، ولكنه قد نواها سابقا بنيه مستمره الي ان كبر، ولم يفسخها؛ فالصحيح ان هذا مجزء، وقد نص عليه الامام احمد، وقال: انه ما دخل المسجد وكبر الا وهو ناو، وصدق رحمه الله؛ فاذن نقول: ان القول الراجح انه يجوز تقديم النيه علي فعل العباده بزمن كثير بشرط، ما هو؟ طلبه: الا يفسخها. الشيخ: الا يفسخها . طيب اذا تردد في النيه هل تبطل النيه او لا؟ طالب: علي كلام المءلف تبطل. الشيخ: تبطل، والقول الثاني؟ الطالب: القول الثاني انها لا تبطل؛ لان الاصل بقاءها علي الاصل. الشيخ: القول الثاني انها لا تبطل، ما حجه المءلف؟ طالب: استدامه النيه شرط. الشيخ: نعم. الطالب: انتفاء الشرط انتفاء المشروط. الشيخ: اي، حجته ان استدامه النيه شرط، ومع التردد لا استدامه، واذا فات الشرط فات المشروط. والقول الثاني الذي يقول: انه اذا تردد ولم يعزم علي القطع؛ فانها صحيحه. طالب: لان النيه (...) حتي ولو تردد او شك. الشيخ: اي؛ لان الاصل بقاء ما كان علي ما هو عليه حتي نتيقن الزوال؛ فالنيه ثبتت بيقين، والتردد شك، والشك لا يبطل اليقين، وهذا القول هو الصحيح، وكذلك لو علق النيه علي شرط مثلا دخل في الصلاه قال: انا علي اساس انني اصلي الا اذا جاء فلان فانا اقطع الصلاه، ولكنه استمر ولم يات فلان؛ فان الصلاه صحيحه، ويمكن ان يستدل علي ذلك بقول الرسول عليه الصلاه والسلام لضباعه بنت الزبير: «فان لك علي ربك ما استثنيت» ، فان هذا دخل بنيه مشروطه، فيكون له ما شرط. يقول: (واذا شك فيها استانفها) اذا شك في النيه، هل نوي ام لم ينو، او شك هل نوي الصلاه المعينه ام لم ينوها فانه يستانف؛ وذلك لان الاصل العدم، فاذا شك هل نوي او لا فالاصل عدم النيه. وهذا كما قال المءلف رحمه الله: (اذا شك فيها استانفها) ، ولكن يبقي: هل هذه الصوره وارده؟ بمعني: هل يمكن ان ياتي انسان ويتوضا، ويقدم الي المسجد، ويكبر ويقول: اني اشك هل نويت ام لا؟ الظاهر ان هذا لا يمكن، وان المساله فرضيه، الا ان يكون موسوسا، والموسوس لا عبره بشكه، ولهذا قال: والشك بعد الفعل لا يءثر وهكذا اذا الشكوك تكثر فاذا كثرت الشكوك، فهذا وسواس لا يلتفت اليه، ولهذا تصور هذه المساله -اعني الشك في النيه- تصورها صعب؛ لانه من المستحيل ان يكون انسان عاقل يدري ما يفعل؛ ان ياتي ويدخل في الصلاه، ويكبر ويقرا؛ ثم يقول: والله انا شكيت هو انا ناوي ولا لا؟ هذا بعيد جدا، ولهذا قال بعض اهل العلم: لو كلفنا الله عملا بلا نيه لكان من تكليف ما لا يطاق؛ يعني لو قال الله لنا: اعملوا ولا تنووا، كيف نعمل ولا ننوي؟ هذا ما هو ممكن، لكن علي تقدير ان هذا يوجد -ولو نظريا- فاننا نقول: اذا شك في النيه وجب ان يستانف العباده، ونحن الان في الصلاه وجب ان يستانف الصلاه، لماذا؟ لان الاصل عدم الوجود، وهو قد شك في الوجود وعدمه، فوجب الرجوع الي الاصل؛ وهو ان النيه معدومه، وحينءذ فلا بد من الاستءناف. ولكن علي كلام المءلف: يقيد هذا بما اذا لم يكن كثير الشكوك، فان كان كثير الشكوك بحيث لا يتوضا الا شك، ولا يصلي الا شك، فان هذا لا عبره بشكه؛ لان شكه حينءذ يكون ايش؟ طالب: وسواس. الشيخ: يكون وسواسا، ولا عبره به. يقول رحمه الله: (واذا شك فيها استانفها، وان قلب منفرد فرضه نفلا في وقته المتسع جاز) المءلف شرع في هذه العباره في الانتقال من نيه الي نيه، والانتقال من نيه الي نيه له صور متعدده: منها: ما ذكره المءلف: (قلب منفرد فرضه نفلا في وقته المتسع جاز) ، مثال ذلك: دخل رجل في صلاه الظهر وهو منفرد، في اثناء الصلاه قلبه -اي: الفرض- الي نفل. نقول: هذا جاءز بشرط ان يكون الوقت متسعا للصلاه، فان كان الوقت مضيقا؛ بحيث لم يبق منه الا مقدار اربع ركعات فان هذا الانتقال لا يصح؛ لماذا؟ لان الوقت الباقي تعين للفريضه، واذا تعين للفريضه لم يصح ان يشغله بغيرها. اعود مره ثانيه ولا واضح؟ المثال: رجل دخل في صلاه الظهر وفي اثناء الصلاه قلب نيه الفريضه الي نفل نقول: هذا جاءز بشرط ان يكون الوقت متسعا؛ ولهذا قال: (في وقت متسع) ، فان كان الوقت مضيقا بحيث لم يبق من وقت الظهر الا مقدار اربع ركعات فانه لا يصح ان يقلب الفرض الي نفل، لماذا؟ لان الوقت تعين للفريضه حينءذ فلا يجوز ان يشغله بغير الفريضه، لكن لو فعل ماذا يكون النفل؟ لو فعل فان النفل يكون باطلا؛ لانه صلي النفل في وقت منهي عنه، فهو كما لو صلي النفل المطلق في اوقات النهي لا يصح. وقول المءلف: (وان قلب منفرد نفله) خرج بذلك الماموم، وخرج بذلك الامام؛ فان ظاهر كلام المءلف ان الماموم لا يصح ان يقلب فرضه نفلا، وان الامام لا يصح ان يقلب فرضه نفلا، لماذا؟ لان الماموم لو قلب فرضه نفلا فاتته صلاه الجماعه في الفرض، وصلاه الجماعه في الفرض واجبه، وحينءذ يكون انتقاله من الفريضه الي النفل سببا لفوات هذا الواجب، فلا يحل له -اي: للماموم- ان يقلب فرضه نفلا؛ العله لانه يفوت بذلك صلاه الجماعه في الفريضه، وصلاه الجماعه في الفريضه واجبه. الامام لماذا لا يصح ان يقلب فرضه نفلا؟ لانه اذا قلب فرضه نفلا لزم من ذلك ان ياتم الماموم المفترض بالامام المتنفل، واءتمام المفترض بالمتنفل غير صحيح، فيلزم الان اذا قلب الامام فرضه نفلا ان تبطل بذلك صلاه الماموم، فيكون في هذا عدوان علي غيره، ولهذا قيد المءلف هذه المساله بمن؟ بالمنفرد، فعلم منه ان الامام لا يصح له ان يقلب فرضه نفلا؛ لان ذلك يءدي الي فساد صلاه الماموم، وان الماموم لا يصح ان يقلب فرضه نفلا؛ لان ذلك يءدي الي ترك الجماعه في الفريضه، وترك الجماعه في الفريضه؟ طالب: واجب. الشيخ: لا، ترك الجماعه في الفريضه لا يجوز، كيف واجب؟! هذه مساله. (وان انتقل بنيه من فرض الي فرض بطلا) . في المساله الاولي نقول: انه يجوز ان يقلب الفرض الي نفل، ولكن هل هذا مستحب او مكروه؟ او مستو الطرفين؟ نقول: انه مستحب في بعض الصور؛ وذلك فيما اذا شرع في الفريضه منفردا، ثم حضر جماعه؛ ففي هذه الحال هو بين امرين، بل بين امور ثلاثه: اما ان يستمر في صلاته ويءديها فريضه وينصرف، ولا يصلي مع الجماعه الذين حضروا، واما ان يقطعها ويصلي معهم؛ مع الجماعه، واما ان يقلبها نفلا فيكمل ركعتين، وان كان قد صلي ركعتين، وهو في التشهد الاول مثلا؛ فانه يتمه ويسلم، ويحصل علي نافله، ثم يدخل مع الجماعه، فهنا الانتقال من الفرض الي النفل مستحب من اجل ايش؟ من اجل تحصيل الجماعه، فان خاف ان تفوته الجماعه وهو في الركعه الاولي مثلا، ويقول: حتي لو قلبتها الي نفل فانه يبقي علي ركعه؛ فانا نقول: الافضل ان يقطعها من اجل ان يدرك الجماعه. قد يقول قاءل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضه، وقطع الفريضه حرام؟ نقول: هو حرام اذا قطعها ليتركها، اما اذا قطعها لينتقل الي افضل، فانه لا يكون حراما، بل قد يكون مامورا به، الم تروا ان النبي صلي الله عليه وسلم امر اصحابه الذين لم يسوقوا الهدي ان يجعلوا حجهم عمره من اجل ان يكونوا متمتعين ؟ فامرهم ان يقطعوا الفريضه نهاءيا؛ لاجل ان يكونوا متمتعين؛ لان التمتع افضل من الافراد. فهذا لم يقطع الفرض رغبه عنه، ولكنه قطع الفرض رغبه فيما هو اكمل وانفع. المساله الثانيه: قال: (وان انتقل بنيه من فرض الي فرض بطلا) ، مثال ذلك: شرع يصلي العصر، ثم ذكر انه صلي الظهر علي غير وضوء؛ فنوي انها الظهر مجرد نيه. نقول: لا تصح صلاه العصر، ولا صلاه الظهر، كيف؟ السبب: لا تصح صلاه العصر؛ لانه قطعها، والانسان اذا قطع العباده بالنيه انقطعت الا الحج والعمره، ولا تصح صلاه الظهر؛ لانه لم يبتدءها من اولها، ركعتان من هذه الصلاه مضتا علي انها عصر، فكيف ان يمكن ان تنقلب وتكون للظهر؟! لا يمكن. اذا انتقل من فرض الي فرض بطلا الفرضان، السبب؟ لان الفرض الذي انتقل منه قد ابطله، والفرض الذي انتقل اليه لم ينوه من اوله، فلا يصح لا هذا ولا هذا. وقول المءلف: (بنيه) لو انتقل من فرض الي فرض بتحريمه، والتحريمه قول، يعني ذكر -في المثال اللي ذكرنا- انه يصلي العصر، وذكر انه صلي الظهر علي حدث، ثم كبر للظهر. طالب: قطع الصلاه؟ الشيخ: اي معلوم، ما كبر للظهر الا وقطع الصلاه. نقول: بطلت صلاه العصر، والظهر؟ طلبه: صحت. الشيخ: صحت، ليش؟ طلبه: لانه من اولها. الشيخ: لانه ابتداها من اولها؛ ولهذا قيد المءلف قوله (ان انتقل بنيه) ، يعني: لا بتحريمه. وهنا عبر المءلف بقوله: (بطلا) ، فلننظر هل هذه العباره صحيحه او فيها تسامح وتغليب؟ الظاهر اني لما قلت: هل هي صحيحه او فيها تسامح قلتم: فيها تسامح؛ لانها لو كانت صحيحه ما اوردت هذا الايراد. طالب: اقول: لو قال بطلتا. الشيخ: نعم. طالب: يعني بنيه صلاته. الشيخ: لا؛ لان الفرض مذكر، لا، الصواب معه هو. طالب: شيخ، نقول: قوله: (بطلا) يعني انها تمضي، ولكن الصحيح انها صيغه نفي. الشيخ: لا. طالب: شيخ، الصواب ان يقول: فسدتا. الشيخ: نعم. الطالب: لان الباطل هو الذي اجمعوا علي فساده، والفاسد هو الذي اختلفوا في فساده. الشيخ: هذا في النكاح! طالب: لو قال: بطل، كان اولي، اما الثاني لم يدخل فيها.. الشيخ: اي اللي بطل؟ الطالب: الاولي. الشيخ: صح، الصواب ان يقول: بطلت الاولي، ولم تنعقد الثانيه؛ لان البطلان انما يكون فيما انعقد، فالبطلان يرد علي شيء صحيح فيبطله، فكان صواب العباره ان يقول: بطلت الاولي التي قطعها ولم تنعقد الثانيه، لكن هذا من باب التسامح والتغليب، مثل ما يقال: العمران، لمن؟ طلبه: لابي بكر وعمر. الشيخ: لابي بكر وعمر، والقمران للشمس والقمر، هنا نقول: بطلا؛ اي: الفرضان، ولكن الثاني منهما لم ينعقد فاطلق علي عدم الانعقاد البطلان من باب التغليب، والخلاف في هذا بسيط. وعلم من قول المءلف: (ان انتقل من فرض الي فرض) ، انه لو انتقل من نفل الي نفل لم يبطلا، ولكن هذا غير مراد؛ لانه اذا انتقل من نفل الي نفل معين؛ فالحكم كما لو انتقل من فرض الي فرض، فلو انتقل مثلا من راتبه العشاء الي الوتر، الراتبه معينه، والوتر معين، فبينما هو في اثناء الراتبه -راتبه العشاء- تذكر ان له شغلا وقال: ما (...) اصلي الراتبه والوتر، فساجعل الراتبه وترا؟ نقول: يبطلان، كيف يبطلان؟ طالب: تبطل الاولي. الشيخ: اي نعم، علي التسامح اللي قاله المءلف، بطل الاول، ولم ينعقد الثاني؛ لان الانتقال من معين الي معين سواء فريضه ولا نافله، هذا حكمه. وان انتقل من نفل معين او فرض معين الي نفل مطلق؟ طلبه: صح. الشيخ: صح؟ انتبهوا، انتقل من نفل معين الي نفل مطلق او من فرض الي نفل مطلق يصح؟ طلبه: لا، ما يصح. طالب: صحيح. الشيخ: المءلف يقول: (ان انتقل من فرض الي نفل، وان قلب منفرد فرضه نفلا في وقت متسع جاز) . هنا انتقل من فرض الي نفل؛ اذن اذا انتقل من فرض او من نفل معين الي نفل مطلق كان جاءزا، لكن يشترط في الفرض ان يكون الوقت متسعا. العله او التعليل لماذا؟ لان المعين اشتمل علي نيتين: نيه مطلقه، ونيه معينه، فاذا ابطل المعينه بقيت المطلقه، مثال ذلك: هذا الذي دخل يصلي الظهر، هو نوي صلاه وانها الظهر، حذف نيه الظهر، ويش بقي؟ طلبه: الصلاه. الشيخ: نيه الصلاه؛ ولهذا نقول: اذا انتقل من معين الي مطلق، اجب؟ طلبه: صح. الشيخ: صح، من معين الي معين؟ طلبه: بطلا. الشيخ: بطلا جميعا، من مطلق الي معين، كذلك بطلا جميعا. فالصور اذن اربعه: من مطلق لمطلق؟ طلبه: صحيح. الشيخ: صحيح، ان تصور هذا، من مطلق لمعين؟ طلبه: لا يصح. الشيخ: لا يصح، من معين لمعين؟ طلبه: لا يصح. الشيخ: لا يصح، من معين لمطلق؟ طالب: صح. الشيخ: صحيح، كذا؟ طالب: من مطلق الي مطلق يا شيخ. الشيخ: اقول: هل يتصور هذا؟ الطالب: نعم. الشيخ: مثل؟ الطالب: مثلا قدم الي البلد، واراد ان يصلي صلاه دخول البلد، ثم قلبها لصلاه الظهر؟ الشيخ: لا، هذا معين. الطالب: لكن هو مطلق. الشيخ: لا، معين، كل شيء له سبب فهو معين، كل شيء موقت فهو معين. طالب: اذا دخل في النفل، ثم اراد ان يقلبها الي فرض. الشيخ: ما يمكن. طالب: ليش؟ الشيخ: لان هذا اما من معين لمعين، او من مطلق لمعين. الطالب: من معين لمطلق. الشيخ: كيف الفرض فيه مطلق؟ الطالب: (...). الشيخ: صار من معين لمطلق. طالب: (...). الشيخ: والله الظاهر انه ما يتصور، لكن ربما مع التامل نجد صوره، لكن احنا نقول: الحكم صحيح، وان صح التصوير فذاك، والا فلا مانع. طالب: الامام اذا قلب الفرض الي نفل، هنا لا يصح؛ لانه لا يجوز ان ياتم المفترض بـ.. الشيخ: ان يصلي. طالب: اي نعم. الشيخ: ان ياتم مفترض (...). الطالب: (...) صحيح هذا؟ الشيخ: لا، بناء علي المذهب، اما علي القول الثاني فلا باس. الطالب: يعني يقلب؟ الشيخ: اي نعم. الطالب: سبب ثاني حتي الامام بتفوته الجماعه؟ الشيخ: اي نعم، ربما في هذه الصوره ربما نقول: انه قد يكون معذورا، ولا نعم اذا عللنا بهذا قلنا: ما يجوز مطلقا. الطالب: يعني صار الحكم ما يجوز الاقتداء بالامام؟ الشيخ: ان كان هذا هو العله، فان جاز له ان يقلبه الي نفل صار ينبني علي اختلاف نيه الامام والماموم. طالب: لو قلب فرضه المعين الي نفل مطلق؟ الشيخ: في وقت متسع؟ الطالب: نعم. الشيخ: جاز. الطالب: حتي لو كان فيه فرض يعني.. الشيخ: اي نعم، هذا كلام المءلف. طالب: قلنا في الدرس الماضي: انه اذا اراد ان يشترط التلبيه فيجوز له ان يتلفظ بالنيه بلسانه. الشيخ: لا، يتلفظ بالشرط. الطالب: يتلفظ بالشرط، يقول: هذا ليس من باب اشتراط النيه، ولكن من باب ان الشرط شبيه بالنذر، والنذر لا يعني.. الشيخ: قلنا: لا باس ان يشترط، لا بد ان يشترط؛ يعني لو نوي بدون اشتراط ما صح. الطالب: يعني ما نقول هذا شبيه بالنذر؟ الشيخ: قال الرسول: «قولي: ان محلي حيث حبستني» «قولي» ، فلا بد من القول. الطالب: (...) شبيه بالنذر. الشيخ: لا. الطالب: صوره النقل من مطلق الي مطلق ما هو عام؛ يعني من نفل الي نفل؟ الشيخ: اي مثل؟ الطالب: زي تحيه المسجد الي صلاه السنه التي قبل الظهر. الشيخ: هذا من معين الي معين. الطالب: يعني نفل من نفل. الشيخ: لا، ما هو بمطلق، هذا معين، لا بد انك تنوي انها راتبه، اذا لم تنو انها راتبه ما يصح. طالب: (...). الشيخ: لا. طالب: {قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبله ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقره: ١٤٤]. الشيخ: {وحيث ما كنتم} . الطالب: {فولوا وجوهكم شطره} . الشيخ: ما الدليل علي استثناء المسافر؟ الطالب: استثناء المسافر من ايه؟ من استقبال القبله؟ الشيخ: اي نعم، علي ان المسافر لا يشترط لصحه صلاته استقبال القبله بالشروط التي ذكرها المءلف. طالب: قوله تعالي: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]. الشيخ: لا. طالب: حديث انس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي علي دابته في السفر حيث توجهت به . الشيخ: غير انه لا يصلي عليها؟ الطالب: المكتوبه . الشيخ: المكتوبه، ما هو الدليل علي ان العاجز لا يجب عليه استقبال القبله؟ طالب: قول الله عز وجل: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} . الشيخ: نعم، وقوله؟ الطالب: وقول النبي صلي الله عليه وسلم كذلك. الشيخ: ويش قال؟ الطالب: قول الله عز وجل: ربنا.. الشيخ: {فاتقوا الله} . الطالب: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. الشيخ: وقال النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم» . فيه ثالث ايضا: لا يجب عليه استقبال القبله، ويش؟ طالب: الخاءف. الشيخ: الخاءف، دليله؟ الطالب: قوله تعالي: {لا يكلف الله} [البقره: ٢٨٦]. الشيخ: لا؛ لان الخاءف بوسعه ان يصلي، لكن يخاف. طالب: {فان خفتم فرجالا او ركبانا} [البقره: ٢٣٩]. الشيخ: {فان خفتم فرجالا او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقره: ٢٣٩]. ما هو فرض من يمكنه مشاهده عين الكعبه؟ طالب: وجوب ان يصلي نحوها. الشيخ: يصيب عينها طيب، وفرض من بعد؟ طالب: الجهه. الشيخ: يصيب الجهه، ما هو الدليل علي ان فرض من بعد الجهه؟ طالب: قال الرسول صلي الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبله» . الشيخ: نعم، قول النبي صلي الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبله» . رجل صلي في السفر بعد ان اجتهد، وقال له اجتهاده: ان القبله نحو هذا فصلي، ثم تبين له بعد ذلك ان القبله الي غير ذلك؟ طالب: ان كان في الوقت اعاد، وان كان بعد الوقت. الشيخ: لا يعيد. الطالب: (...) لا يعيد. الشيخ: وهذا القول اللي ذكرت بالتفصيل من اين جاءك؟ طالب: صلاته صحيحه؛ لانه اتي بما وجب عليه. الشيخ: احسنت، صلاته صحيحه؛ لانه اتي بما يجب عليه، دليل ذلك؟ طالب: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، فهذا بذل وسعه اجتهد فادي الاجتهاد الي، وهذا غايه ما في استطاعته. الشيخ: اي، لكن ما فيه دليل اخص؟ طالب: دليله: انه لما غمي القمر علي الصحابه فاجتهد كل منهم الي قبله، فعندما تبين الصواب مع بعضهم لم يامر صلي الله عليه وسلم بالاعاده. الشيخ: ما في القران شيء؟ الطالب: في القران؟ الشيخ: اي. الطالب: نعم، مثل: {ولله المشرق والمغرب فاينما} [البقره: ١١٥]. الشيخ: {ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله} . رجل اجتهد في القبله لصلاه الظهر، ثم حضرت صلاه العصر، فهل يلزمه الاجتهاد مره اخري؟ الطالب: علي قول المءلف يلزمه الاجتهاد، وعلي القول الثاني لا يلزمه. الشيخ: ما لم؟ الطالب: ما لم يحدث له شك. الشيخ: ما لم يحدث له شك، والا فيبني علي الاجتهاد الاول. اذا تبين له ان اجتهاده الاول خطا، فهل يعيد؟ طالب: لا يعيد الصلاه؛ لانه ادي ما عليه في الصلاه، ولكنه (...). الشيخ: لكن بعد ان تبين له ما يتجه مره ثانيه، ليه؟ الطالب: (...). الشيخ: النيه، ابتدانا، اخذنا منها شيءا؟ طلبه: كثيرا. الشيخ: النيه شرط لصحه الصلاه، فما الدليل؟ الطالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . الشيخ: احسنت، كيف النيه؟ هل ينوي الصلاه مطلقا او لا؟ طالب: يعين، ينوي الصلاه (...). الشيخ: وان كانت غير معينه؟ طالب: (...). الشيخ: اي نعم، اما عندك غير الجواب؟ طالب: يعينها الوقت، تعين بالوقت. الشيخ: لا. طالب: ان كانت معينه يعينها، وان كانت مطلقه يطلق. الشيخ: احسنت، ان كانت معينه فلا بد من تعيينها، وان كانت مطلقه مثل النوافل المطلقه يكفي نيه الصلاه، مثال المعين؟ طالب: صلاه الراتبه الفريضه. الشيخ: كصلاه الفريضه، والراتبه، والوتر، والضحي، وغيرها كثير يعني. الطالب: الاستسقاء. الشيخ: اي، لكن معينه، نتكلم علي المعينه سواء مءقته ولا غير مءقته. طالب: تحيه المسجد. الشيخ: لا، ما هي معينه تحيه المسجد، لو نوي نفلا مطلقا صح. طالب: اذا قال لنا قاءل: ان كل مءقت فهو معين؟ الشيخ: لا، هو ان ينوي معينه سواء مءقته، ولا غير مءقته، وصلاه الضحي مءقته. هل هناك قول اخر بانه لا يشترط تعيين المعينه؟ طالب: نعم، يكفي ان ينوي انها فرض الوقت. الشيخ: ان ينوي فرض الوقت او الصلاه اللي حضر لها، احسنت. متي محل النيه؟ الطالب: عند التكبير او قبل التكبير. الشيخ: تكون عند التكبير او قبل بكثير ولا بيسير؟ الطالب: بيسير. الشيخ: نعم، المذهب بيسير، فيه قول اخر؟ الطالب: قول اخر بكثير (...). الشيخ: فيه قول ثالث؟ الطالب: لكن سمعت (...). الشيخ: وهو هما؟ الطالب: (...) وقت طويل. الشيخ: ولو قبل الفعل بوقت طويل اذا لم؟ الطالب: اذا لم يفسخها. الشيخ: اذا لم يفسخها، يشترط ان تكون النيه في الوقت، ما معني قول المءلف: (لا يشترط في الاداء نيته) ؟ طالب: يعني ما هو شرط في وقت الاداء يعني حتي يقرا باللسان. الشيخ: ما فهمت؟ الطالب: يعني ما يشترط يقرا باللسان. الشيخ: لا، هو ما يشترط يقرا باللسان سواء في نيه المعينه او غيرها، ما هو بشرط يقول: نويت ان اصلي، لكن ما معني قوله: (لا يشترط في الاداء نيته) ؟ الطالب: لان الوضوء والاتيان الي المسجد هذا نيه. الشيخ: اي صحيح، لكن ليس هذا المراد. طالب: يعني لا يشترط ان ينوي في الصلاه المءداه انها اداء، بل يكفي نيه الصلاه. الشيخ: اي، افهمت؟ يعني مثلا صلي الظهر، الظهر في وقتها اداء، لا يشترط ان ينوها اداء، اذا نوي الظهر كفي؛ لان التعيين يكفي عن نيه الاداء، وكذلك القضاء. هل يجوز للمصلي ان يقلب فرضه الي نفل؟ طالب: نعم، جاءز. الشيخ: مطلقا ولا بشرط؟ الطالب: بشرط ان يكون الوقت واسعا. الشيخ: هذا واحد، الشرط الثاني؟ طالب: ان يكون منفردا. الشيخ: ان يكون منفردا، ما هو؟ الطالب: ان يكون النفل الذي ينقلب اليه ليس معينا. الشيخ: لا، المطلق؟ الطالب: اي نعم، اذا كان معينا ما يصح. الشيخ: طيب ما يصح ذاك المعين، لكن يصح ان يقلب الفرض نفلا، مثال ذلك؟ طالب: صلي الظهر في وقته مفردا، ثم وجد جماعه. الشيخ: ثم حضرت جماعه. الطالب: ثم حضرت جماعه حولها الي نفل؟ الشيخ: الي نفل، صح، لكن بشرط ان يكون الوقت متسعا. اذا كان الوقت مضيقا؛ يعني لم يبق من الوقت الا مقدار فعل الفريضه؟ طالب: ما يجوز. الشيخ: لماذا؟ الطالب: (...) وقت الفريضه لا يجوز ان يءخرها. الشيخ: لان هذا الوقت تعين للفريضه، فلا يجوز شغله بغيرها، واذا كان ماموما؟ طالب: لا يصح، اذا كان ماموما لا يصح. الشيخ: ليش ما يصح؟ الطالب: لانه اذا كان ماموما (...) عليه صلاه الجماعه. الشيخ: تفوت عليه صلاه الجماعه، فلا يصح. اذا كان اماما؟ طالب: لا يصح. الشيخ: لماذا؟ الطالب: يصلي بالناس (...). الشيخ: يءدي الي ان يقتدي المفترض بالمتنفل، وهذا لا يصح تمام. الطالب: علي المذهب. الشيخ: علي المذهب اي. الطالب: (...). الشيخ: ويفوت علي نفسه الجماعه مع ان تفويت الجماعه في مساله الماموم ومساله المنفرد؛ يعني ما هو لازم قد يقول: ادرك جماعه في مسجد اخر. طالب: وان كان افضل في مسجد اخر. الشيخ: نقول: ليش اصلا تدخل تصلي ما دام تعرف ان هناك افضل كيف تدخل؟ اذا انتقل من فرض الي فرض؟ طالب: نعم، اذا انتقل من فرض الي فرض بطل. الشيخ: ويش اللي يبطل؟ الطالب: تبطل الصلاه. الشيخ: ايها؟ الطالب: تبطل الاولي، ولا تصح الثانيه. الشيخ: ولا تنعقد؟ الطالب: ولا تنعقد الثانيه. الشيخ: اي نعم، مثاله؟ الطالب: مثاله: رجل دخل لصلاه الظهر مثلا. الشيخ: او العصر. الطالب: يعني كلها رباعيه. الشيخ: لا العصر احسن. الطالب: الظهر. الشيخ: طيب خير ان شاء الله. الطالب: (...) علي ان يقلبها يعني.. الشيخ: الي العصر. الطالب: لا، نفلا. الشيخ: لا، ما هو نفل، انتقل من فرض الي فرض. طالب: رجل صلي العصر، وذكر انه مثلا نسي ان يتوضا في الظهر، وانتقل الي الظهر. الشيخ: نواها للظهر. الطالب: نواها للظهر. الشيخ: صح، فهمت؟ اذن التمثيل بالعصر احسن لاجل يكون المساله قريبه بعد ان شرع في صلاه العصر، ذكر انه صلي الظهر بغير وضوء، فقال: اذن اجعلها لها. مثال اخر: ويقع لكثير من العامه، يدخل مع الامام بنيه المغرب، ثم يتبين له ان الامام يصلي العشاء فيحول نيه المغرب الي عشاء. نقول: الان لا صح العشاء، وبطل المغرب؛ لانه ابطله بنيته، ولم يصح العشاء؛ لانه لم يبتدءه. فان انتقل من فرض الي فرض بالتحريمه؛ يعني كبر للاحرام في الثانيه؟ طالب: يصح. الشيخ: ويش اللي يصح الاول ولا الثاني؟ الطالب: الثاني. الشيخ: الثاني، والاول؟ طالب: يبطل. الشيخ: يبطل لانه؟ الطالب: ابطله. الشيخ: لانه ابطله تمام. واذا انتقل من فرض الي نفل معين؟ طالب: (...). الشيخ: كيف؟ ايها؟ الطالب: الان كبر. الشيخ: اي، لما ذكر انه صلي الظهر بلا وضوء انتقل، فقال: الله اكبر لصلاه الظهر، وابتداها. الطالب: وابطل الاول. الشيخ: اي، ابطل الاول، معلوم. طالب: لا يصح. الشيخ: مثل؟ الطالب: كان يشرع في صلاه الظهر، ثم يقلبها.. الشيخ: كيف الظهر؟ اي الظهر نعم. طالب: يشرع في صلاه الفجر، ثم ينويها انها للسنه الراتبه قبل الفجر. الشيخ: نعم، صح، صحيح؟ طلبه: لا يصح. الشيخ: لا يصح الفرض؛ لانه قطعه. الطالب: ولا تصح.. الشيخ: ولا النافله؛ لانه لم ينوها من اول الصلاه بخلاف ما اذا حوله الي نفل مطلق فيصح؛ لان صلاه الفريضه تشتمل علي نيه الصلاه عموما، وعلي التعيين، فاذا ابطل التعيين بقي النيه العامه. انتقل من نفل معين الي نفل مطلق؟ طالب: انتقل من نفل معين الي نفل مطلق. الشيخ: نعم، يصح ولا لا؟ طالب: ما يصح. الشيخ: ما يصح. طالب: يصح يا شيخ. الشيخ: يصح، اي، علل؟ طالب: لان الانتقال من المعين الي المطلق يصح. الشيخ: اي نعم، هذا هو الحكم يا شيخ، التعليل بالحكم ما يجوز؛ لان النفل المعين اشتمل علي نيتين صلاه. الطالب: المطلق والمعين. الشيخ: المطلق والمعين، فاذا الغي المعين؟ طالب: بقي المطلق. الشيخ: بقي المطلق. قال المءلف رحمه الله تعالي: (ويجب نيه الامامه والاءتمام) الجماعه وصف زاءد علي نيه الصلاه، وهذا الوصف هو اجتماع الامام والماموم، فهل تشترط هذه النيه؛ نيه الاجتماع او تكفي الموافقه في الافعال؟ هذا هو ما يريد المءلف ان نبحث فيه. الجماعه وصف زاءد علي اصل الصلاه، لماذا؟ لانها اجتماع علي هذه الصلاه؛ فهي وصف زاءد عنها؛ ولهذا نقول: الجماعه تجب للصلاه لا في الصلاه، تجب لها، ولا تجب فيها؛ فهل يشترط نيه هذا الوصف؟ او يكفي الموافقه في الافعال؟ هذا ما سيبحثه المءلف.. "},{"Id":1705,"Name":"02 كتاب الصلاة 15","Sort":37,"Version":0,"LessonText":"

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويجب نيَّةُ الإمامةِ والائتمامِ) الجماعة وصف زائد على نيَّة الصلاة، وهذا الوصف هو اجتماع الإمام والمأموم، فهل تُشْتَرَطُ هذه النية -نِيَّة الاجتماع- أو تكفي الموافقة في الأفعال؟ هذا هو ما يريد المؤلف أن يَبْحَثَ فيه، أفهمتم الآن؟
الجماعة وصف زائد على أصل الصلاة، لماذا؟ لأنها اجتماع على هذه الصلاة، فهى وصف زائد عنها؛ ولهذا نقول: الجماعة تجب للصلاة لا في الصلاة، تجب لها ولا تجب فيها، فهل يشترط نية هذا الوصف أو يكفي الموافقة في الأفعال؟ هذا ما سيبحثه المؤلف فيقول: (تجب نيةُ الإمامة والائتمام)، يعني: تجب نية هذا الوصف؛ فتجب نية الإمامة على مَن؟ على الإمام، ونية الائتمام على المأموم؛ أي: يجب أن ينوي الإمام الإمامة، والمأموم الائتمام؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
ولا شك أن هذا شرط لحصول الثواب -ثواب الجماعة- لا يمكن أن يُنَال ثوابُ الجماعة إلا بِنِيَّتِها، لكن هل هو شرط لصحة الصلاة؟
المؤلف يرى أنه شرط لصحة الصلاة، وأن الإمام إذا لم ينو الإمامة، والمأموم إذا لم ينو الائتمام فصلاتهما باطلة، وخلافُ نيةِ الإمام الإمامة، وللمأموم الائتمام، خلافها صُوَر:
الصورة الأولى: أن ينوي الإمام أنه مأموم، والمأموم أنه إمام، فهذا؟
طالب: باطل.
الشيخ: لا تصح؛ لا شك أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لماذا؟ للتضاد؛ لأنَّ عَمَلَ الإمام غيرُ عمل المأموم.
الثانية: أن ينوي كل واحد منهما أنه إمام الآخر، هذا أيضًا لا يصح للتضاد؛ لأنه لا يمكن أن يكون الإمام في نفس الوقت مأمومًا.
الصورة الثالثة ألَّا ينوي ذلك.
قلنا: الصورة الأولى؟
طالب: أن ينوي الإمام أنه مأموم.
الشيخ: أن ينوي الإمام الائتمام، والمأموم الإمامة.
الصورة الثانية: أن ينوي كل منهما أنه إمام الآخر.
الصور الثالثة: أن ينوي كل واحد منهما أنه مأموم الآخر، فهذا أيضًا لا يصح؛ كيف يكون المأموم هو الإمام؟ وإذا نوى كل منهما أنه مأموم الآخر ظهرا بلا إمام، لم يكن لهما إمام، وإذا نوى كل واحد منهما أنه إمام الآخر لم يكن هناك مأموم.
الصورة الرابعة: أن ينوي المأموم الائتمام ولا ينوي الإمام الإمامة، مثل: أن يأتي شخص إلى إنسان يصلي فيقتدي به ينوي أنه إمامه، وهذا الذي يصلي لم يعلم به، أي: لم يعلم أن أحدًا يصلي وراءه على إنه إمام له، فما الحكم؟
يرى المؤلف: أن الصلاة لا تصح؛ لا صلاة الإمام لأنه ما نوى -قصدي ما تصح باعتبار الجماعة- الإمام لا تصح صلاته جماعة؛ لأنه لم ينو، والمأموم لا تصح صلاته أصلًا؛ لأنه نوى الائتمام بمَن لم يكن إمامًا له، فلا تصح صلاتهما، هذا هو الذي مشى عليه المؤلف.
والقول الثاني في المسألة أن ذلك صحيح، أي أنه يصح أن يأتم الإنسان بشخص لم ينو الإمامة.
واستدل أصحاب هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي في رمضان ذات ليلة فاجتمع إليه ناس فصلوا معه ولم يكن عَلِمَ بهم، ثم صلى في الثانية والثالثة وعلم بهم، ولكنه تأخَّر في الرابعة خوفًا من أن تُفْرَض عليهم ، وهذا مذهب الإمام مالك وهو أصح؛ أنه يجوز أن يأتم الإنسان بمن لم ينو الإمامة؛ لهذا الحديث، ولأن المقصود هو المتابعة، وقد حصلت، وفي هذه الحال يكون للمأموم ثواب الجماعة، ولا يكون للإمام؛ لأن المأموم نوى فصار له ما نوى، والإمام لم ينو فلا يحصل له ما لم ينوه.
الصورة السادسة: أن ينوي الإمام الإمامة دون المأموم، كإنسان جاء إلى جنبه واحد وكبر، فظن الأول أنه يريد أن يكون مأمومًا به، فنوى الإمامة وذاك لم ينو الائتمام، فهنا لا يحصل ثواب الجماعة لا للإمام ولا للمأموم، لماذا؟ لأنه ليس هناك جماعة، المأموم ما ائتم بالإمام ولا اقتدى به ولا نواه إمامًا، والإمام نوى الإمامة لكن بِمَن؟ بغير أحد، فلا يحصل ثواب الجماعة من غير أن يكون هناك جماعة.
وهذه لو قال قائل بصحتها لم يكن بعيدًا بشرط أن المأموم يقتدي بالإمام؛ أما إذا لم يقتد فلا شك أن الجماعة لا تحصل.
المؤلف لا يرى من هذه الصور الست شيئًا صحيحًا، وإنما يرى أن الصورة الصحيحة هى أن ينوي الإمام الإمامة والمأموم الائتمام؛ ولهذا قال: (وتَجب نية الإمامة والائتمام).
الصور لو تعيدونها علينا؛ علشان يتبين أنها ست.
طالب: الصورة الأولى: أن يكون تضاد بين الإمام والمأموم أن ينوي المأموم أنه إمام، والعكس كذلك.
الشيخ: أن ينوي المأموم أنه إمام والإمام أنه مأموم.
الطالب: الصورة الثانية: أن يتفقا فيتفقا على أن كليهما مأموم.
الشيخ: أن ينوي كل واحد منهما أنه مأموم، الثالثة؟
الطالب: (...) أن كل واحد منهما إمام.
الشيخ: أن ينوي كل واحد منهما أنه إمام.
الطالب: الصورة الرابعة: لا ينوي الإمام شيئًا وينوي المأموم أنه مأموم.
الشيخ: أن ينوي المأموم الائتمام ولا ينوي الإمام الإمامة.
الطالب: الصورة الخامسة: أن ينوي الإمام الإمامة ولا ينوي المأموم الائتمام، خمسة.
الشيخ: هذه خمس.
طالب: الإمام هو إمام والمأموم يعني: هو المأموم.
الشيخ: لا، هذه صحيحة، نحن نريد خلاف الصحيح.
طالب: أن كليهما (...) مأمومًا.
الشيخ: ذكرناها.
طالب: لا ينوي شيئًا.
الشيخ: ألا ينوي شيئًا؛ يعني: بأن يتابعه بدون نية؛ يعني: تكون جازت له الصلاة ومتأكد، وصار يتابعه ولكن بدون نية، وهذا ممكن، أرأيتم لو أن شخصًا جاء يصلي، ورأى أن الإمام لا تصح صلاته، وخجل أن يخرج فصار يتابع الإمام بدون نية أنه مأموم، يمكن هذا ولَّا لا؟
طلبة: يمكن.
الشيخ: ويوجد بعض الناس أيضًا يغلب عليه الحياء الذي يُعْتَبر جبنًا، يُحْدِث وهو يصلي وهو مأموم، ويخجل أن ينطلق ليتوضأ، وأيش يعمل؟
طالب: يصلي.
الشيخ: يتابع مع الناس، وهو ما نوى الصلاة؛ لأنه مُحْدِث، وهذه تقع مع أن هذا لا يجوز، والواجب أن ينصرف وأن يضع يده إذا خاف أن يخجل، يضع يده على أنفه، كذا، يطلع للناس وهو عامل كذا، علشان أيش؟ نقول: والله، هذا أرعف أنفه غصبًا عليه، ولا أحد يخجله في هذا الشيء، إي نعم، على كل حال صارت المخالفات كم؟
طلبة: ست.
الشيخ: ست صور.
الصورة السابعة الصحيحة: أن ينوي الإمام أنه إمام، والمأموم أنه مأموم.
(...) كيف أيش؟
طالب: (...) ؟
الشيخ: سمعتم سؤال الأخ؟ يقول: جاء رجل إلى شخصين يصليان، فدفع المأموم يظن أنه الإمام، المأموم لما دُفِعَ على أنه الإمام مشَّاها، وجعل نفسه هو الإمام، ما تقولون في هذا؟
طالب: الإمام يكون على اليسار.
الشيخ: لكن هذا رجل عاميٌّ، ما يعرف اليسار من اليمين.
طالب: ما تصح.
الشيخ: هذا ما يصح، لأنه سيكون إمامًا، والإمام الأول؟
طالب: إمام؟
الشيخ: إمامًا.
طالب: يصير تضاد.
الشيخ: يصير تضاد، لكن لو أن الإمام الأول لما رأه تقدَّم قَلَبَ نية الإمامة إلى ائتمام، فيكون عندنا قلب، وقلب النية سيأتي إن شاء الله الكلام عليه وعلى صوره، إن استمر كل واحد منهما أنه إمام ما صحت.
طالب: لو دخل مسافر على رجل يصلي فريضة، وهو في التشهد الأخير فجلس معه عندما سلم.
الشيخ: يصلي رباعية، دخل مسافر مع إمام يصلي رباعية في التشهد الأخير.
الطالب: هل إذا سلَّم يُتِمُّ الرباعية أو ثنائية.
الشيخ: سمعتم السؤال؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: يقول: هل يتم رُبَاعيَّة أو ثُنَائِيَّة؟ رجل دخل مع الإمام الذي يصلي أربعًا في التشهد الأخير، هل يلزمه أن يُتِمَّ أربعًا أو يصلي ركعتين؟
طلبة: يلزمه أربعًا.
الشيخ: يلزمه أربعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، بل لقوله: «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
طالب: مستحيل، يدرك الصلاة بركعة.
الشيخ: دعنا، ما قال الرسول: فإن أدركتم الصلاة فصلوا، لو قال: إن أدركتم الصلاة، صحَّ أن تَبْنِى على مسألة ما تُدْرَكُ به الجماعة؛ ولهذا بعض الناس ظنَّ أن هذه المسألة مَبْنِيَّةٌ على إدراك الجماعة، وقال: إن إدراك الجماعة على القول الراجح لا يكون إلا بركعة.
نحن نقول: هذه ليست مَبْنِيَّة على إدراك الجماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: فإن أدركتم الجماعة فأتموا ما فاتكم.
طالب: شيخ.
الشيخ: اصبروا يا جماعة، خلينا نحرر المسألة دي، المسألة هذه للجميع، وكثيرًا ما تقع، وكثيرًا ما تُشْكِل؛ لأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة قال: إن أدرك ركعة أتمَّ أربعًا، وإن أدرك أقلَّ فله أن يُقْصِر، لكن عندي أن هذا فيه نظر؛ لأن عموم الحديث «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» يتناول هذه الصورة، وهذا الرجل الآن فاته أربع ركعات، فيتم أربعًا.
طالب: ما فيه دليل خاص.
الشيخ: ما عندي دليل خاص.
طالب: (...).
الشيخ: لا ما هو من هذا، هذا إذا كان الإمام مسافرًا الذي تقول، أما هذا الإمام مقيم يُتِمُّ.000080\">#
طالب: (...).
الشيخ: لا.
طالب: بالنسبة للذين لم ينويا شيئًا، هل تَصِحُّ صلاتُهم ولَّا لا؟
الشيخ: أيش هم؟
الطالب: اللي صلوا من غير ما ينوي الإمام الإمامة، ولا المأموم الائتمام؟
الشيخ: ما تصح صلاتهم.
الطالب: لا جماعة ولَا..؟
الشيخ: لا جماعة ولا فرادى؛ لأن هذا الشيء فيه تلاعب.
الطالب: أحسن الله إليك، الذين يجعلون صلاة الجماعة شرط صحة في الصلاة، هل يُلْزِمون من صلى منفردًا وحضر الجماعة أن يخرج من الصلاة أم يبقى..
الشيخ: ما هو بالظاهر، الظاهر أنهم لا يلزمونه؛ لأنه الآن شَرَع في الصلاة وتَلَبَّس بها.
طالب: وإن لم يتمها؟
الشيخ: إي، ولو لم يتمها، هو مطالب بصلاة الجماعة قبل أن يدخل في الصلاة، أما الآن لَمَّا دَخَل ولزمته.
طالب: إذا جاء مصلٍّ والإمام في سجود السهو (...)؟
الشيخ: هذا سؤال غريب، يقول: إذا جاء مصلٍّ والإمام في سجود السهو، هل يدخل معه أو لا؟
طالب: ما يدري هو.
الشيخ: لا، ننظر إن كان السجود قبل السلام دخل معه، وإن كان السجود بعد السلام لم يدخل معه، أعرفت؟
طالب: لكن ما يدري.
الشيخ: هذه مشكلة، إذا قال: أنا لا أدري هل السجود قبل السلام أو بعده.
طالب: وقد يحضر آخر التشهد يعني: يراه.
الشيخ: أنا أقول: إذا كان لم يره ما يدري، هل نقول: لا يدخل لئلا يعرض صلاته للخطر، أو نقول: يدخل وإن تبين له بعد ذلك أن سجود السهو بعد السلام فإنه يعيد الصلاة؟
طلبة: الأول.
الشيخ: الظاهر أن الأول أهون، أقول: لا يدخل.
طلبة: (...).
الشيخ: لا يدخل؛ لأنه إذا لم يدخل يصلي وحده، لكن إذا دخل ثم تبين أن سجود السهو بعد السلام، وقلنا: إن صلاته لا تنعقد مشكلة، وهنا أيضًا مسألة ينبغي التَّنْبِيه عليها.
قال الفقهاء: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى ثم دخل المأموم معه لم تنعقد صلاته، وهذا أيضًا.
طالب: أعد السؤال.
الشيخ: أنا ما بسأل، أنا أخبر، أعيد المسألة؟
طالب: عيد المسألة.
الشيخ: لو جاء إلى المسجد والإمام قد سَلَّم التسليمة الأولى، ثم كَبَّر للإحرام ودخل معه قبل أن يُسَلِّم الثانية، يقولون: إن صلاته لا تنعقد، صلاة المأموم ما تنعقد، ما تصح، لماذا؟
قال: لأن الإمام شَرَع في التحلُّل من الصلاة، وهنا دخل على إمام بدأت صلاته في التحلل فلا تنعقد الصلاة، وهذه أنا أحيانًا ألتفت أسلم على اليمين وإذا ببعض الناس يكبر بعد سلام الأولى، نقول لهذا الرجل: أعد صلاتك، لكن إذا كان جاهلًا، فالظاهر أننا لا نأمره بالإعادة، لا سيما على القول بأن التسليمة الثانية ركن، وأنه لا يخرج من الصلاة إلا بالتسليمة الثانية.

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n وإن نوى المنفردُ الائتمامَ لم تصِحَّ كنِيَّةِ إمامتِه فرضًا، وإن انفرد مُؤْتَمٌّ بلا عُذْرٍ بطلت، وتبطل صلاةُ مأموم ببطلان صلاة إمامه فلا استخلاف، وإن أحرم إمامُ الحيِّ بمن أَحْرَم بهم نائبُه، وعاد النائب مؤتَمًّا صحَّ.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أنه إذا انتقل من فرض إلى فرض فإنه لا تَصِحُّ، يَبْطُل الأول لإبطاله إياه بالنيَّة، ولا ينعقد الثاني؛ لأنه لم يَنْوِه بتكبيرة الإحرام، وسبق لنا أن هذه القاعدة مطَّردة في كل انتقال من مُعَيَّنٍ إلى معين، أو من مطلق إلى معين، وأنه إذا انتقل من مُعَيَّنٍ إلى مُطْلَق صحَّ، مثل: أن ينتقل من الفريضة يجعلها نافلة نفلًا مطلقًا فإنه يَصِحُّ، ووجه ذلك أن نية الفريضة تتضمن نيتين: نية الصلاة المطلقة، ونية التعيين؛ فإذا ألغى نيَّة التعيين بقيت نية الصلاة المطلقة.\n
قال المؤلف رحمه الله: (\n يجب نيةُ الإمامة والائتمام)، سبق لنا أيضًا: أنه يَجِب على الإمام أن ينوي الإمامة، وعلى المأموم أن ينوي الائتمام، وأن هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.\n
وسبق أن نيَّة الإمام الإمامةَ فيها خلاف بين أهل العلم؛ فمن العلماء مَنْ قال كما قال المؤلف: أنه لو صلَّى الإنسان وائتم به شخص وهو لم يعلم به وبقى الإمام ناويًا الانفراد فإن الصلاة لا تصح؛ صلاة المأموم، أما صلاته هو فصحيحة.\n
ولكن في المسألة قول آخر: أنه يجوز أن يصلِّى الإنسان خلف شخص لم يَنْوِ الإمامة به، وذكرنا أن هذا قول الإمام مالك رحمه الله، واستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته أناسٌ من غير أن يعلم بهم، فدلَّ ذلك على جواز الائتمام بشخص لم ينو أن يكون إمامًا لك، أما نية الائتمام فلا بد منها؛ يعني: لا يمكن لإنسان أن يصلي إلى جنبك ينوي أن يكون إمامًا بك وأنت لا تنوي أن تكون مؤتمًّا به، ثم نقول: يصح ائتمامك، لا نقول هكذا لأنك لم تنو، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» \n .\n
ثم قال المؤلف: (\n وإن نوى المنفردُ الائتمامَ لم تصحَّ)؛ يعني: شخص ابتدأ الصلاة منفردًا، ثم حضرت جماعة فصلوا جماعة، فانتقل من انفراده إلى الائتمام بالإمام الذي حضر، فإن صلاته على المذهب لا تصح، تبطل، ما الدليل؟\n
ليس هناك دليل، ولكن هناك تعليل؛ لأنه نوى الائتمام في أثناء الصلاة فَتَبَعَّضَتِ النِّية؛ حيث كان في أول الأمر منفردًا ثم كان مؤتمًّا، فلما تبعَّضَتِ النية بطلت الصلاة، كانتقاله من فرض إلى فرض، وهذا هو المذهب.\n
والقول الثاني: وهو رواية أيضًا عن أحمد: أنه يصح أن ينوي المنفرد الائتمام؛ والمثال كما سمعتم، رجل شرع يصلي وحده، ثم حضر جماعة فنوى الدخول معهم فالمذهب؟\n
\n طالب: تبطل صلاته.\n
\n الشيخ: تبطل صلاته من حين أن ينوي الدخول معهم، فإن استمرَّ استمرَّ بصلاةٍ باطلةٍ، والقول الثاني: أن ذلك صحيح؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف في صفة الصلاة، كان بالأول منفردًا ثم صار مؤتمًّا، ليس تغييرًا لنفس الصلاة، بل هو تغيير لصفة من صفات الصلاة فيكون ذلك جائزًا.\n
قالوا: والدليل على هذا: أنه قد ثبت في السُّنَّة صحة انتقال الإنسان من انفراد إلى إمامة كما سيأتي إن شاء الله، فدل هذا على أن مثل هذا التغيُّر لا يُؤَثِّر، فكما يصح الانتقال من انفراد إلى إمامة يصح الانتقال من انفراد إلى ائتمام ولا فرق، غاية ما هنالك أنه في الصورة الأولى صار إمامًا، وفي الصورة الثانية صار مؤتمًّا.\n
فإذا قال قائل: على القول بالصحة -وهو الصحيح- إذا كان قد صلى بعض الصلاة، وَحَضَر هؤلاء الجماعة ولنفرض أن ذلك في صلاة الظهر، وكان قد صلى ركعتين قبل حضور الجماعة، فلما حضر الجماعة دخل معهم، وحينئذ سوف تَتِمُّ صلاته إذا صلى الجماعة ركعتين، فماذا يصنع؟\n
نقول: يجلس لا يتابع الإمام؛ لأنه لو تابع الإمام للزم أن يُصَلِّيَ سِتًّا، وهذا لا يجوز، فيجلس وينتظر الإمام ويسلِّمَ معه، وإن شاء نوى الانفراد وسلَّم، وانصرف، فهو بالخيار إن شاء انتظر، وإن شاء نوى الانفراد وسلم وانصرف، وإن كان دخل معهم في أول صلاته فماذا يصنع؟ يتابعهم ويسلِّم معهم ولا إشكال في المسألة، هذه واحدة.\n
(\n كَنِيَّةِ إمامتِه فَرْضًا) يعني: كما لا تَصِحُّ نيةُ إمامتِه في الفرض؛ أي: كما لا يصح أن ينتقل المنفرد إلى إمامة في صلاة الفرض.\n
هو اللي سبق الآن: انتقال المنفرد إلى ائتمام لا تصح، كما قال المؤلف، والصحيح الصحة.\n
إذا انتقل المنفرد من الانفراد إلى الإمامة بأن صلَّى منفردًا ثم حضر شخص أو أكثر فقالوا له: صلِّ بنا، فنوى أن يكون إمامًا لهم، فقد انتقل منين؟ من انفراد إلى إمامة، وهذا يقول المؤلف: إنه لا يصحُّ؛ فتبطل صلاته؛ لأنه انتقل من نيَّة إلى نية، فتبطل الصلاة كما لو انتقل من فرض إلى فرض.\n
وعُلِمَ من قول المؤلف: (\n كَنِيَّة إمامتِه فرضًا) أنه لو انتقل إلى الإمامة في نفل، انتقل المنفرد من الانفراد إلى الإمامة في نفل فإن صلاته تصح.\n
الدليل: أن ابن عباس رضي الله عنهما بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من الليل، فقام ابن عباس فوقف عن يساره، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه واستمرَّ في صلاته \n ، فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم هنا من أي شيء؟\n
\n طلبة: من انفراد.\n
\n الشيخ: من انفراد إلى إمامة في فرض أو في نفل؟\n
\n طلبة: في نفل.\n
\n الشيخ: في نفل.\n
وعلى هذا؛ فيكون في انتقال المنفرد من انفراد إلى إمامة نَصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.\n
إذن المؤلف رحمه الله مشى على أن الإنسان إذا انتقل من انفراد إلى إمامة، فإن كان في نفل صحَّ، وإن كان في فرض لم يصح، ولهذا قال: (\n كَنِيَّةِ إمامتِه فرضًا).\n
والقول الثاني في المسألة: أنه يَصِحُّ أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفرض والنفل.\n
واستدل هؤلاء: بأن ما ثبت في النفل ثَبَتَ في الفرض إلا بدليل، وهذا ثابتٌ في النفل -أي انتقال المنفرد إلي إمامة- فيكون جائزًا في الفرض كما هو جائز في النفل.\n
والدليل على أن ما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل: أن الصحابة الذين رَوَوْا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر حيثما توجَّهت به، قالوا: غير أنه لا يصلي عليها الفريضة، فدلَّ هذا على أنه من المعلوم عندهم أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، ولولا ذلك لم يكن لاستثناء الفريضة وجه.\n
على كل حال القول الثاني في هذه المسألة أيش؟\n
\n طلبة: الصحة.\n
\n الشيخ: أنه يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفريضة وفي النافلة.\n
القول الثالث في المسألة: أنه لا يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة؛ لا في الفرض ولا في النفل، كما لا يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى ائتمام لا في الفرض ولا في النفل، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، فيكون المؤلف هنا خالف المذهب، مشى على خلاف المذهب، فالمذهب عند المتأخرين: أنه لا يصحُّ لا في الفرض ولا في النفل.\n
ولكن الصحيح: أنه يصحُّ في الفرض وفي النفل، أما النَّفل فقد ورد به النص، وأما الفرض فلأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل.\n
إذا قال قائل: بماذا يجيب القائلون بأنه لا يَصِحُّ في الفرض ولا في النفل عن حديث ابن عباس؟\n
فالجواب: يجيبون عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى منفردًا، وهو يغلب على ظنِّه أن ابن عباس سيصلي معه، وبَنَوْا على ذلك أنه إذا انتقل المنفرد من انفراد إلى إمامة، وكان قد ظنَّ قبل أن يدخل في الصلاة أنه سيأتيه شخص يكون إمامًا له، فإن ذلك صحيح، قالوا: لأنه لما ظن أنه سيحضر معه شخص؛ فقد نوى الإمامة في ثاني الحال من أول الصلاة فلا يضر، ولكن نرد عليهم بأنه كيف يَظُنُّ النبي صلى الله عليه وسلم أن ابنَّ عباسٍ سيصلي معه وابن عباس غلام صغير نائم، هذا من أبعد ما يكون.\n
ثم نقول: إن دعوى الظنِّ دعوى وجود شيء الأصل عدمه، فمن يقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ظنَّ ذلك، فصار قولهم هذا مردودًا من وجهين:\n
الوجه الأول: بعد ظَنِّ الرسول عليه الصلاة والسلام أن ابنَ عباسٍ سيصلي معه وهو غلام صغير نائم.\n
والثاني: أنا نقول: حتى وإن لم يكن ذلك بعيدًا فمَنِ الذي يقول: إن الرسول ظنَّ ذلك؟ هذا يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل عدم ظَنِّه ذلك، واضح؟ وحينئذ فيكون هذا الردُّ على حديث ابن عباسٍ مردودًا، فيبقى حديث ابن عباس مُحْكَمًا سالمًا من المعارضة، ويُقاس على النَّفْل الفرضُ قياسًا لا شُبْهَة فيه، وحينئذ لنا انتقالان:\n
انتقال من انفراد إلى ائتمام، فالمذهب لا يَصِحُّ، لا في الفرض ولا في النفل، والصحيح صحته في الفرض والنفل.\n
ثانيًا: انتقال من انفراد إلى إمامة، وهذا المذهب لا يصح لا في الفرض ولا في النفل، والصحيح أنه يَصِحُّ في الفرض وفي النفل.\n
وهناك قول يُفَصِّل فيقول: يصحُّ في النفل، ولا يصح في الفرض، وهو الذي مشى عليه صاحب المختصر؛ الانتقال من إمامة إلى انفراد، ومن ائتمام إلى انفراد يعني: عكس ما ذكرنا ولَّا لا؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: الأول: انتقال من انفراد إلى ائتمام، والثاني: من انفراد إلى إمامة، الثالث العكس: أن ينتقل من ائتمام إلى انفراد، فهل هذا جائز؟\n
استمع: (\n وإن انفرد مؤتّمٌّ بلا عذر بطلت)، وهذا نُعَبِّر عنه بالانتقال من ائتمام إلى انفراد، هل يجوز أو لا؟ يقول المؤلف في هذا تفصيل: إن كان هناك عذر جاز، وإن لم يكن عذر لم يجز.\n
مثال ذلك: دخل المأموم مع الإمام في الصلاة، ثم طَرَأَ عليه أن ينفرد، فانفرد وأتمَّ صلاته منفردًا وانصرف، نقول: إذا كان لعذر فصحيح، وإن كان لغير عذر فغير صحيح.\n
مثال العذر: من الأعذار تطويل الإمام تطويلًا زائدًا على السُّنَّة، فإنه يجوز للمأموم أن ينفرد، ودليل ذلك: قصة الرجل الذي صلَّى مع معاذٍ رضي الله عنه، وكان معاذ يُصَلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فدخل ذات ليلة في الصلاة فابتدأ سورة البقرة، فانفرد رجل وصلَّى وحده ومشى، فلما عَلِم به معاذ رضي الله عنه قال: إنه قد نافق؛ حيث خرج عن جماعة المسلمين، ولكن الرجل شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا معاذًا، فغضب عليه وقال له: \n «أَتُرِيدُ يَا مُعَاذُ أَنْ تَكُونَ فَتَّانًا؟ إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» \n ولم يُوَبِّخ الرجل، فدلَّ هذا على جواز انفراد المأموم؛ لتطويل الإمام، لكن بشرط أن يكون تطويلًا خارجًا عن السنة؛ لا خارجًا عن العادة.\n
لو جاء إنسانٌ وأَمَّ جماعة؛ كان إمامُهم الراتب يصلي بقراءة قصيرة وبركوع وسجود خفيف، فصلَّى بهم هذا على مقتضى السنة، فإنه لا يجوز لأحد أن ينفرد؛ لأن هذا ليس بعذر.\n
ومن الأعذار: أن يَطْرَأ على الإنسان ما يمنع كمال الصلاة، مثل: صلَّى مع الجماعة ففُتِحَ المكيِّف، والمكيِّف أمامه، ولا يسطيع أبدًا أن يُقابِل هذا المكيف، لو بقى مقابلًا له تفجَّر صدره، هذا عذر أن ينفرد، فيصلي ويخفِّف وينصرف.\n
من الأعذار أيضًا: أن يطرأ على الإنسان تَقَيُّؤٌ في أثناء الصلاة، ما يسطيع أن يبقى حتى يكمِّل الإمام، فعجَّل في الصلاة وانصرف.\n
من الأعذار أيضًا: أن يطرأ على الإنسان ريحٌ، غازات، يَشُقُّ عليه أن يبقى مع إمامه، فينفرد ويخفف وينصرف.\n
من الأعذار أيضًا: أن يطرأ عليه احتباسُ البول، يعني: يُحْصَر ببولٍ أو غائط، كما لو كان فيه إسهال مثلًا، ونزل الغائط بسرعة فانفرد ليخفِّف الصلاة وينصرف، كل هذه أعذار.\n
لكن إذا قُدِّر أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئًا؛ لأن الإمام يخفف، ولو خَفَّف أكثر من تخفيف الإمام لم تَحْصُل الطمأنينة، فهل يجوز أن ينفرد؟ لا، لماذا؟\n
لأنه لا يستفيد شيئًا بهذا الانفراد.\n
وعُلِمَ من قول المؤلف: (\n إن انفرد مؤتَمٌّ بلا عذر بطلَت) أن صلاته تبطُل بلا عذر وتصحُّ مع العذر.\n
ومن العذر أيضًا: أن تكون صلاة المأموم أقلَّ من صلاة الإمام، مثل: أن يُصَلِّي المغرب خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي العشاء على القول بالجواز؛ فإنه في هذه الحال يَنْفَرِد ويقرأ التشهد وينصرف، أو يدخُل مع الإمام إذا كان يريد أن يجمع مع الإمام فيما بَقِيَ من صلاة العشاء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو حَقٌّ، وأظنُّه منصوصَ الإمام أحمد، وأن الإمام أحمدَ نصَّ على جواز هذه الصورة.\n
إذن يجوز الانفراد في هذه الحال، ما نوع العذر؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لا، عُذْرٌ شرعي؛ لأنه لو قام مع الإمام في الرابعة بَطَلَت صلاته، فهنا الانفراد لعذر شرعيٍّ، وإن انفرد بلا عذر فصريح كلام المؤلف أنها تبطل.\n
والقول الثاني في المسألة: أنها لا تَبْطُل، لكن هذا إن قلنا به، فيجب أن يُقَيَّد بما إذا أدرك الجماعة بأن يكون قد صَلَّى مع الإمام ركعةً فأكثر، أما إذا لم يكن أدرك الجماعة فإنه لا يَحِلُّ له تركُ الجماعة؛ لكن لو صَلَّى ركعة، ثم أراد أن ينفرد على القول بأنه يجوز الانفراد بلا عذر، فإنه حينئذ يجوز أن يَنْفَرِد.\n
لكن القول بالانفراد بلا عذر في النَّفْس منه شيء، أما مع العذر الحسِّي أو الشرعي فلا شك في جوازه.\n
هل من العذر إذا كان المأموم مسافرًا والإمام مقيمًا، فهل يَنْفَرِد المأموم إذا صَلَّى ركعتين ويسلم؟\n
لا، لماذا؟ لأن المأموم المسافر إذا اقتدى بإمام يُتِمُّ وجب عليه الإتمامُ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّما جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» \n ، وقوله: \n «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» \n .\n
\n طالب: الصورة ما قيدناها (...).\n
\n الشيخ: يعني: إذا قلنا بجواز الانفراد بلا عذر فيجب أن يُقَيَّد هذا بما إذا أدرك الجماعة؛ يعني: إذا صلى مع الإمام ركعةً فأكثر؛ مثال ذلك: دَخَلَ مع الإمام في أَوَّل الصلاة، ولمَّا ركع الإمام ورفع انفرد المأموم بلا عذر، ينبغي أن نقول: هذا لا يجوز، ليش؟ لأنه يستلزم تركَ الجماعة؛ حيث لم يُدْرِك ركعةً، وقد قال النبي عليه الصلام والسلام: \n «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» \n ، أما لو انفرد في الركعة الثانية فهذا لا مَحْذور فيه إذا قلنا بصحة الانفراد بلا عذر؛ لأنه أدرك الجماعة حيث أدرك ركعة، فهمتم الآن؟ بماذا تدرك الجماعة؟\n
\n الطلبة: بركعة.\n
\n الشيخ: بركعة، زين، رجل دخل مع الإمام، وفي أثناء الركعة الأولى انفرد بغير عذر، هل أدرك الجماعة؟\n
\n طلبة: لا، ما أدركها.\n
\n الشيخ: ما أدركها؟ لماذا؟\n
\n الطلبة: لأنه لم يصلِّ ركعة.\n
\n الشيخ: لم يصلِّ ركعة، إذن هنا نقول: هذا ممنوع، وإن قلنا بجواز الانفراد بلا عذر، لماذا يُمْنَع؟ لأنه لم يُدْرِك الجماعة، والجماعة واجبة على الإنسان، فلا يجوز أن ينفرد انفرادًا يُفْضِي إلى ترك الجماعة.\n
إذا انفرد في الركعة الثانية بعد أن أدرك الركعة الأولى فحينئذ يكون أدرك الجماعة وأتى بواجب الجماعة، فإذا قلنا بجواز الانفراد بلا عذر فله أن ينفرد.\n
ولكن القول الذي تَطْمَئِن إليه النفس أن الانفراد بلا عذر لا يجوز؛ لأن هذا يُفْضِي إلى التلاعب؛ التلاعب مثلًا: إمام صلَّى بالجماعة، صَلَّى بهم ركعة، إذا واحد منهم ينفرد بالركعة الأولى، وخمسة في الركعة الثانية، والباقين في الركعة الثالثة، (...) سلم (...). \n

***

قال: (\n وإن انفرد مُؤْتَمٌّ بلا عذر بَطَلَت)، بقى عكس الصورة الثانية وهو الانتقال من انفراد إلى إمامة، عرفتم فيه الخلاف.\n
الانتقال من إمامة إلى انفراد هذا أيضًا جائز، وله صور؛ منها:\n
أن تبطُل صلاة المأموم؛ يكون الجماعة مكونةً من إمام ومأموم فتبطل صلاة المأموم، فهنا يَتَعَيَّن أن ينتقل من إمامة إلى انفراد؛ لأن مأمومه بطلت صلاته.\n
الصورة الثانية: أن ينفرد المأموم عن الإمام لِعُذْرٍ، فهنا ينتقل من إمامة إلى انفراد، ضرورة.\n
فإذن، نقول: إذا انفرد الإمام لم تبطل صلاته، وصورته: أن يكون للمأموم عذر شرعي أو حِسِّي، فينفرد عن الإمامة ويبقى الإمام وحده، فهنا يكون انتقل من إمامة إلى انفراد، ثم قال: أيش بعدها؟\n
\n طلبة: \n (وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه).\n
\n الشيخ: لعلنا ننتقل إلى المسألة الثانية حتى يتم الانتقالات.\n
\n قال: (وإن أَحْرَم إمام الحي بِمَنْ أحرمَ بهم نائبُه، وعاد النائبُ مُؤْتَمًّا صَحَّ) هذا أيضًا نوع من الانتقال، هذا انتقل من إمامة إلى ائتمام، إذا انتقل الإنسان من إمامة إلى ائتمام صَحَّت صلاته، ولها صُوَرٌ؛ منها ما ذكره المؤلف؛ أحرم شخص بقوم نائبًا عن إمام الحي، وإمام الحي مَنْ هو؟ هو الإمام الراتب؛ الإمام الراتب تَخَلَّف لعذر، وقال لفلان: صَلِّ بالناس، ثم إن عُذْرَ الإمام زال فحضر إلى المسجد، فَتَقَدَّم إلى الْمِحْراب لِيُكَمِّل بالناس صلاة الجماعة، نائبُه ماذا يصنع؟ يتأخَّر ويصلِّي إن وجد مكانًا في الصف، وإِلَّا بَقِي عن يمين الإمام كما فعل أبو بكر، فهنا ينتقل الإمام النائب من إمامة إلى ائتمام، وهذا جائز، ودليله: ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر أبا بكر أن يُصَلِّيَ بالناس، فوجد صلى الله عليه وسلم خِفَّة، فخرج إلى الناس فصلى بهم، فجلس عن يسار أبي بكر، وأبو بكر عن يمينه، والنبي صلى الله عليه وسلم يُكَبِّر، ولكن صَوْتَه خَفِيٌّ؛ فكان يكبِّر، وأبو بكر يكبِّر بتكبيره ليُسْمِعَ الناس \n ، فهنا انتقل أبو بكر رضى الله عنه مِن إمامةٍ إلى ائتمام، وهذا جائز.\n
المأمومون إلى أي شيء انتقلوا؟\n
\n طلبة: من (...).\n
\n الشيخ: لا، انتقلوا مِنْ إِمامٍ إلى إمام آخر، لكنهم ما زالوا مُؤْتَمِّين، إنما انتقلوا من إمام إلى إمام آخر.\n
وقول المؤلف: (\n إِنْ أحرَمَ إمام الحي بِمَنْ أحرم بهم نائبُه) نقول: إن القول الراجح أنه لا فرق بين إمام الحي وغَيْرِه، وأنه لو صلَّى إمامٌ بجماعة ثم حضر قارئ أقرأ منه، وكان يعلم أن الجماعة يُحِبُّون أن يكون هو الإمام، فلا حرج عليه أن يَتَقَدَّم ويكون إمامًا، ويعود الإمام الأول مأمومًا، ولا بأس به.\n
الانتقال من ائتمام إلى انفراد جائز؟\n
\n طالب: نعم، لعذر.\n
\n الشيخ: من ائتمام إلى انفراد لعذر جائز، هل من الانتقال من ائتمام إلى انفراد ما لو سَلَّم الإمام وأحد المأمومين مَسْبُوق؟ أو نقول: إن الإمام تمت صلاته، ولا يكون هذا انتقالًا؟\n
\n طلبة: مثال.\n
\n الشيخ: رجل دخل مع الإمام وقد فاته ركعة، فلما سلَّم الإمام قام يصلي الركعة انتقل الآن من ائتمام إلى انفراد، لكنَّ هذا الانفراد ضَرُورِيٌّ؛ لأن صلاة الإمام تَمَّت وانتهت، فلا بد أن ينتقل إليه ولا بأس به، هل يجوز أن ينتقل من ائتمام إلى إمامة؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: ما أسرع ما تُجِيبون، ولعلكم تُخْطِئون، من ائتمام إلى إمامة، ما هو من إمامة شخص إلى إمامة شخص؛ يعني: كان مؤتمًّا ثم صار إمامًا.\n
\n طلبة: نعم، يجوز.\n
\n الشيخ: لأنَّ قضية أبا بكر كان إمامًا ثم صار مُؤْتَمًّا، نحن نقول عكسه.\n
\n طلبة: عمر، (...) عمر مع عبد الرحمن بن عوف.\n
\n الشيخ: ما فهمتم مرادي، هل يجوز أن ينتقل من ائتمام إلى إمامة؟\n
نقول: يجوز أن ينتقل من ائتمام إلى إمامة؛ ولها صور: الصورة الأولى: أن يُنِيبَه الإمام؛ بأن يُحِسَّ الإمام أن صلاته ستبطل؛ لكونه أَحَسَّ بانتقال البول مثلًا، وعرف أنه سيخرج، فقدَّم شخصًا يُكْمِل بهم الصلاة، فقد عاد المؤتَمُّ إمامًا، هذه واحدة، وهذه المسألة ستأتي في كلام المؤلف، ونذكرها إن شاء الله.\n
الصورة الثانية: دخل اثنان مسبوقان؛ يعني: أن الإمام قد صلَّى بعضَ الصلاة، فقال أحدهما للآخر: إذا سلَّم الإمام فأنا إمامُك؛ فقال: لا بأس، فلمَّا سلَّم الإمامُ صار أحد الاثنين إمامًا للآخر، فقد انتقل هذا الإمام من ائتمام إلى إمامة، وانتقل الثاني من إمامة شخص إلى إمامة شخص آخر، فهل هذا جائز؟\n
المذهب أن هذا جائز؛ وأنه لا بأس أن يتفق اثنان دخلا وهما مسبوقان ببعض الصلاة، واتفقا على أن يكون أحدهما إمامًا للآخر، وقالوا: إن الانتقال من إمام إلى إمام آخر قد ثَبَتَتْ به السُّنَّة كما في قضية أبي بكر مع النبي عليه الصلاة والسلام، وليس في هذا إلا أن الإنسان ينتقل من ائتمام إلى إمامة، وهذا جائز.\n
وقال بعض الأصحاب -أصحاب الإمام أحمد-: إن هذا لا يجوز؛ لأن هذا تَضَمَّن انتقالًا من إمام إلى إمام، وانتقالًا من ائتمام إلى إمامة، ولا يمكن أن ننتقل من الأدنى إلى الأعلى؛ فكونُ الإنسان إمامًا أعلى من كونه مأمومًا، ولا يمكن أن يُنْتَقَل من أدنى إلى أعلى، ولكن هذا التعليل عليل، قالوا: ولأن هذا لم يكن معروفًا في عهد السلف؛ يعني: ما كان الصحابة إذا فاتهم شيء من الصلاة يتفقون على أن يتقدم بهم أحدهم ليكون إمامًا لهم، ولو كان هذا من الخير لسبقونا إليه.\n
لكن القائلين بجوازه لا يقولون: إنه مطلوب من المسبوقَينِ أن يتفقا على أن يكون أحدهما إمامًا، يقولون: هذا إذا فُعَِل فهو جائز، وفرقٌ بين أن نقول: إنه جائز، وبين أن نقول: بأنه مستحب ومشروع، نحن لا نقول بمشروعيته، لا نندب الناس إذا دخلوا وقد فاتهم شيء من الصلاة أن يقول أحدهم: إني إمامكم، لكن لو فعلوا ذلك لا نقول: إن صلاتكم باطلة.\n
وهذا القول أصح، يعني: أن ذلك جائز، لكن لا ينبغي؛ لأن ذلك لم يكن معروفًا عند السلف، وما لم يكن معروفًا عند السلف فإن الأفضل تركُه؛ لأننا نعلم أنهم أسبق منا إلى الخير، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.\n
فهذه عدة انتقالات، وأطالبكم أن تأتوا في الدرس المُقْبِل -إن شاء الله- بأنواع هذه الانتقالات، أنتم عرفتم الآن خمسة أو ستة منها.\n
\n طالب: هذا رجل يرى بوجوب القصر في الصلاة، وليرى أن الذي لا يقصر في الصلاة (...) يعني الذي يتم في الصلاة في السفر يعتبر صلاته باطلة، لو صلى مع إمام فأتم هذا الإمام (...).\n
\n الشيخ: على هذا الرأي نقول: لا يتابع الإمام.\n
\n الطالب: لا يتابع الإمام؟\n
\n الشيخ: لا يتابع الإمام.\n
\n الطالب: يجلس؟\n
\n الشيخ: يجلس وينتظر.\n
\n طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- لو تقدم إمام النائب ثم جاء الإمام الراتب، هل الأفضل أن يصير مؤتَمًّا أو يحل مكان هذا النائب؟\n
\n الشيخ: أما السُّنَّة فقد علمتها، ولكن ليس كل أحد كرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يظهر أن يقال: إنْ حَدَث من ذلك تشويش على الناس أو لزم منه تَخَطِّى الرقاب، كما لو دخل الإمام من الباب الخلفي فإنه لا يفعل ولا يتقدم، وإن لم يكن شيء من ذلك فليتقدم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.\n
\n طالب: ذكرنا انتقال المُؤْتَمِّ والمنفرد إلى مؤتم (...).\n
\n الشيخ: ذكرنا انتقال المنفرد إلى إمامة، أقول: انتقال المنفرد إلى إمامة دليل على أنه يجوز أن ينتقل المنفرد إلى ائتمام؛ لأن الإمامة والائتمام كليهما وَصْفٌ زائد على أصل النية. \n

***

\n طالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n وإن انفردَ مؤتم بلا عذر بطلت، وتبطُل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه فلا استخلاف، وإن أحْرَمَ إمامُ الحيِّ بِمَنْ أحرمَ بهم نائبُه وعاد النائب مؤتمًّا صَحَّ.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
من جُمْلَة المباحث في النية مسألة الانتقالات من صفة إلى صفة، أما الانتقال من صلاة إلى أخرى فقد سبق.\n
الانتقال من صفة إلى صفة نورد فيه أسئلة ومناقشة؛ منفرد نوى أن يكون إمامًا؟\n
\n طالب: على المذهب لا يجوز.\n
\n الشيخ: مطلقًا.\n
\n الطالب: على قول المؤلف، على المذهب لا يصح لا في (...).\n
\n الشيخ: أقول مطلقًا على المذهب لا يَصِحّ، حتى وإن كان يظنُّ أو يرجو حضور مأموم.\n
\n الطالب: هذا قول آخر غير قول المؤلف.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: على قول المؤلف.\n
\n الشيخ: ما هو المؤلف، المذهب الآن.\n
\n الطالب: مطلقًا؟\n
\n الشيخ: مطلقًا.\n
\n طالب: المذهب إذا جاء وغَلَبَ على ظَنِّه أنه سيصير مؤتَمًّا فلا تَفْسُد صلاته؛ لأنه نوى الإمامة في الابتداء.\n
\n الشيخ: أما قلنا لكم هذا؟ قلنا: إذا كان يظن أن مأمومًا سيحضر فإن إمامته تَصِحُّ قولًا واحدًا؛ لأنه دخل على أنَّه سيكون إمامًا في ثاني الحال، إذن هذه تكون مسألة منفردة، وتصِحُّ حتى على المذهب.\n
إذا نوى الإمامة في أثناء الصلاة بدون أن يكون مُؤَمِّلًا لحضور آخر؟\n
\n طالب: إذا نوى الإمامة؟\n
\n الشيخ: نعم، منفرد نوى الإمامة في أثناء الصلاة دون أن يكون عنده ظنٌّ أن أحدًا سيحضر.\n
\n الطالب: تَصِحُّ الصلاة على القول الراجح.\n
\n الشيخ: أولًا، بَيِّن لي المذهبَ، ثم ما مشى عليه الماتن، ثم الصحيح.\n
\n الطالب: المذهب يقول: أنها لا تصح.\n
\n الشيخ: لا تصح لا في الفرض..\n
\n الطالب: ولا في النفل.\n
\n الشيخ: ولا في النفل.\n
\n الطالب: ما مشى عليه المؤلف أنها لا تصح في النفل، ولا تصح في الفرض.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: القول الراجح أنها تَصِحُّ في الفرض والنفل؛ لأنها (...).\n
\n الشيخ: اصبر، ما بعد وصلنا إلى الترجيح، سبب الترجيح ما وصلنا إليه، إذن الأقوال كم صارت؟ ثلاثة، قُلْها لنا.\n
\n الطالب: نقول..\n
\n الشيخ: إذا نوى الإمامة..\n
\n الطالب: إذا نوى الإمامة..\n
\n الشيخ: وهو منفرد في الأول، ففي المسألة؟\n
\n الطالب: ثلاثة أقوال.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: القول الأول: المذهب فصلاته باطلة في الفرض والنفل مطلقًا.\n
\n الشيخ: نعم، تمام.\n
\n الطالب: القول الثاني: أنها باطلة في الفرض دون النفل.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: القول الثالث: أنها صحيحة مطلقًا.\n
\n الشيخ: في الفرض وفي النفل؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: أحسنت، تمام، القول الذي مشى عليه الماتن ما دليله؟\n
\n طالب: استدل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا كان (...).\n
\n الشيخ: جوزها في النفل، ما دليله؟\n
\n الطالب: لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة كان يصلي فصلَّى بصلاته أبو بكر.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: حديث ابن عباس رضى الله عنه، كان منفردًا ثم نوى.\n
\n الشيخ: أيش الحديث؟\n
\n الطالب: أنه ذات ليلة قام النبي صلى الله عليه وسلم ليصلِّيَ فقام ابن عباس رضى الله عنه فصلَّى بصلاته، فوقف عن يساره فأخذه إلى يمينه، كان نوى الانفراد (...) عليه الصلاة والسلام.\n
\n الشيخ: أنا أريد الحديث بس، لو تسوق لي الحديث.\n
\n الطالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة قام فتوضأ من الليل..\n
\n الشيخ: وقام يصلي من الليل.\n
\n الطالب: ثم قام ابن عباس فتوضأ، وقام عن يساره صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بِغُرَّتِه أو (...) عن يساره ووقفه على يمينه.\n
\n الشيخ: وجه الدلالة؟\n
\n الطالب: وجه الدلالة إنه كان منفردًا ثم صار إمامًا..\n
\n الشيخ: كان النبي منفردًا ثم صار إمامًا، وصلاة الليل نفل.\n
حجة القائلين بالجواز في الفرض والنفل؟\n
\n طالب: قالوا: أنَّ ما ثَبَتَ في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، وقد ثبت في النفل (...).\n
\n الشيخ: ولا دليل يمنعه في الفرض.\n
هل لك أن تأتي بدليل يدل على هذه القاعدة التي أصَّلْتَ، وهى أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل؟\n
\n الطالب: أن الصحابة رضوان الله عنهم أخذوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في السفر.\n
\n الشيخ: على راحلته.\n
\n الطالب: كان يصلى على راحلته أَيْنَمَا توجَّهت به، قالوا: غير أنه لا يصلى عليها الفريضة، لو كانت الفريضة (...).\n
\n الشيخ: صح، وفي بعض الأحاديث بعد، كان يُوتِر على راحلته حيثُما توجَّهت به غيرَ أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة.\n
دليل القائلين بالمنع بأنه لا يَصِحّ لا في الفرض ولا في النفل؟\n
\n الطالب: قال: لأن هذا دخل في الصلاة، ثم أبطلها فبطلت وانتقل (...).\n
\n الشيخ: يعني غيَّر؟\n
\n الطالب: غيَّر النيَّة.\n
\n الشيخ: يعني: دخل في الصلاة بِنِيَّةِ الانفراد فغيَّر تلك النية.\n
\n الطالب: إلى نية..\n
\n الشيخ: إلى نية أخرى، والإمامة لا تصحُّ إلا من أول الصلاة، ولكن القول الراجح؟\n
\n الطالب: أنها تصح.\n
\n الشيخ: أنها تصح؛ لأن هذا ليس تَغْيِير نِيَّة الصلاة، لم ينتقل من صلاة إلى صلاة، ولكن تغيير نية صفة في صلاة، منفرد، مؤتم، إمام.\n
إذا انتقل من انفراد إلى ائتمام؟\n
\n طالب: مِنِ انفراد إلى ائتمام؟\n
\n الشيخ: نعم، يعني: صَلَّى منفردًا، ثم حضرت جماعة فدخل معهم على أنه مأموم، فهل تصحُّ أو لا تصحُّ؟\n
\n الطالب: القول الراجح أنها تصح، أما على المذهب..\n
\n الشيخ: تصح.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: قياسًا على انتقال المنفرد؟\n
\n الطالب: إلى الإمامة.\n
\n الشيخ: إلى الإمامة، والقول الثاني؟\n
\n الطالب: القول الثاني: أنها لاتصح؛ لأنه غَيَّر النية.\n
\n الشيخ: غَيَّر النية، وهل المؤلف يوافق المذهب في هذا؟\n
\n طالب: يوافقه.\n
\n الشيخ: يوافقه؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: ويش الدليل؟ كلام المؤلف إيش يقول؟ (\n إِنْ نوى المنفردُ الائْتِمامَ لم تَصِحَّ)، صح.\n
انتقل من ائتمام إلى انفراد قبل تمام صلاة الإمام؟ أما بعد صلاة تمام الإمام فواضحة.\n
\n طالب: يصح.\n
\n الشيخ: يصح، لعذر، ولغير عذر؟\n
\n طالب: بغير عذر.\n
\n الشيخ: عجيب، تَصِحُّ بغير عذر، ولعذر لا تصح؟ هذا حكم مقلوب، أنت فاهم الموضوع؟ فهمه زين؟ أنت مع الإمام، تصلي مع الإمام، ثم خليت الإمام وانفردت وكَمَّلْتَ الصلاة لوحدك، وأيش تقول؟ يجوز ولَّا تبطل الصلاة؟\n
\n الطالب: لعذر.\n
\n الشيخ: لعذر؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: يجوز، ولغير عذر؟\n
\n الطالب: لا تصح.\n
\n الشيخ: تَبْطُل صلاتُه.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: صح يا جماعة؟\n
\n طلبة: صح.\n
\n الشيخ: لقول المؤلف: (\n وَإِنِ انْفَرَدَ مُؤْتَمٌّ بلا عذر بَطَلَت).\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لا، هذاك الإمامة اللي في الفرض.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: يقول المؤلف هنا: (\n وَإن نوى المنفرد الائتمام لم تَصِحَّ).\n
\n الطالب: (...) غلط.\n
\n الشيخ: لا، ما هى بغلط.\n
\n الطالب: عندنا (...).\n
\n الشيخ: غلط، اشطب عليها.\n
نريد صورًا لانفراد المأموم لعذر.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: يعني: في أثناء الصلاة أحسَّ بمرض لا يتمكن معه من متابعة الإمام فانفرد وأتمَّ وحده، كذا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: هذه واحدة، الثاني؟\n
\n طالب: إطالة الإمام.\n
\n الشيخ: إطالة الإمام، صح، لكن هل المراد: إطالة تخرج عن المألوف عند هذا المؤتم؟\n
\n الطالب: لا، تخرج عن السُّنَّة.\n
\n الشيخ: تخرج عن السنة، أحسنت، عندك دليل في هذا؟\n
\n الطالب: أحفظ معناها، لكن يا شيخ..\n
\n الشيخ: لك الرواية بالمعنى.\n
\n الطالب: أن رجلًا صلى مع أحد الصحابة، ثم أطال الصلاة فأحد المأمومين ترك الصلاة، ثم ذهب يشكو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم وبَّخ الصحابي على الإطالة، ولم ينكر على المأموم قطعه للصلاة.\n
\n الشيخ: أحسنت.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: لا، قطع الصلاة.\n
صحيح، والإمام هو معاذ بن جبل رضى الله عنه، وهو من أفقه الصحابة.\n
الصورة الثالثة؟\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: أصابته ريح، غازات، بحيث لا يستطيع أن يكمل مع الإمام، فله أن ينفرد ويتمم وينصرف، كذا؟ ومن ذلك صلاة الخوف، فإن الطائفة الأولى تنفرد إذا صلى الإمام ركعة انفردت وأتمت لنفسها وذهبت تجاه العدو.\n
بعض العلماء استثنى فيما إذا انفرد لعذر مسألة، ما هى؟\n
\n طالب: إذا كان لا يستفيد من الانفراد.\n
\n الشيخ: صح، إذا كان لا يستفيد من الانفراد شيئًا فإنه لا ينفرد؛ بحيث يكون الإمام يسرع في صلاته إسراعًا على قدر ما يجب، فإننا لو فرضنا أن المأموم ينفرد لِيُسْرع أكثر صار إسراعه مخلًّا بالواجب، وهذا الاستثناء صحيح.\n
فيه أيضًا من الانتقالات:\n
انتقل من إمامة إلى ائتمام؟ يعنى: كان إمامًا ثم صار مأمومًا.\n
\n طالب: على القول الأرجح أنها صحيحة.\n
\n الشيخ: واللي ما هو بأرجح؟ الظاهر إنكم تمشون على قولين قولين، وأرجح ومرجوح.\n
\n الطالب: (...) الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كان يصلي أبو بكر رضى الله عنه دخل (...) في أثناء الصلاة، باعد عن الصفوف، ثم أحس أبو بكر رضى الله عنه (...).\n
\n الشيخ: المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، وتقدَّم إلى الصف الأول، وجلس في مكان الإمام فصار أبو بكر بعد أن كان إمامًا صار مأمومًا، صح؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: فيه أيضًا هل ينتقل من إمام إلى إمام آخر؟ هل يجوز أن ينتقل؟\n
\n طالب: نعم، ينتقل ولكن (...).\n
\n الشيخ: لا، (...) هل يجوز أو لا؟\n
\n الطالب: نعم يجوز.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n طالب: أقول مثالًا فقط، ما عندي دليل.\n
\n الشيخ: سبحان الله، قاله زميلك قبل قليل.\n
\n الطالب: حديث أبي بكر؟\n
\n الشيخ: إي، حديث أبي بكر، كان الناس في الأول إمامهم أبو بكر، ثم في الثاني صار النبي صلى الله عليه وسلم، إذن يجوز أن ينتقل من إمام إلى إمام آخر.\n
\n طالب: الانتقالات سبعة؟\n
\n الشيخ: سبعة أو أكثر، المهم كل الانتقالات هذه يجوز فيها الانتقال من صفة إلى صفة على القول الراجح، ولا يُسْتَثْنَى من هذا شيء إلا ما كان انفراد المأموم فيه لا يفيد شيئًا، فهذا استثناؤه واضح. \n

***

قال المؤلف: (\n وتَبْطُل صلاةُ مأمومٍ ببطلانِ صلاةِ إمامه فلا استخلاف).\n
صلاة المأموم لا شك أنها مرتبطة بصلاة الإمام؛ ولهذا يتحمل الإمام عن المأموم أشياء كثيرة منها: التشهد الأول إذا قام الإمام عنه ناسيًا فإن المأموم يلزمه أن يتابع إمامه؛ لحديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم الظهر؛ فقام من الركعتين ولم يجلس، فقام الناس معه \n .\n
ومنها: الجلوس الذي يُسَمَّى جِلْسَة الاستراحة، فإن الإمام يتحملها عن المأموم، أي إذا كان الإمام لا يجلس فإن المشروع في حق المأموم ألَّا يجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» \n ، ولأن المأموم يَدَعُ الجلوس للتشهُّد الأول وهو واجب من أجل متابعة الإمام، ولأن المأموم يجلس في ثانية الإمام، وهي له أولى من أجل متابعة الإمام؛ يعني: لو دخلت في الركعة الثانية من الظهر أو العصر جلست في الركعة الأولى التي هي ثانية الإمام؛ ولأن المأموم يَدَعُ التشهد الأول في ثانيته التي هي للإمام ثالثة، كل ذلك من أجل متابعة الإمام؛ ولهذا نَصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أنه إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة فإن الأولى للمأموم ألا يجلس؛ لتحقيق المتابعة، كما أنه إذا كان الإمام يجلس للاستراحة فالأولى للمأموم أن يجلس، وإن كان هو لا يرى مشروعية الجلوس، من أجل متابعة الإمام؛ لأن الشارع يحرص على أن يتفق الإمام والمأموم.\n
أما الشيء الذي لا يقتضي تأخرًا عن الإمام ولا تقدمًا عليه، فهذا يتبع المأموم ما يراه؛ مثلًا: لو كان الإمام لا يرى رفع اليدين عند التكبير للركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول، والمأموم يرى أن ذلك مُسْتَحَبٌّ فإنه يفعل ذلك؛ لأنه لا يستلزم تأخُّرًا عن الإمام ولا تقدُّمًا عليه؛ ولهذا قال الرسول: \n «إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» \n ، والفاء تدل على الفوريَّة والتعقيب.\n
لكن مسألة رفع اليدين ما يكون فيها تَخَلُّف ولا سبق، وكذلك أيضًا: لو كان الإمام يَتَوَرَّك في كل تَشَهُّد حتى في الثنائية؛ يعني: في كل تشهد يعقبه سلام حتى في الثنائية، والمأموم لا يرى أنه يتورك إلا في التشهد الثاني فيما يُشْرَع فيه تَشَهُّدان، فإنه هنا له أَلَّا يتورك مع إمامه في الثنائية؛ لأن هذا لا يؤدي إلى تَخَلُّف ولا سبق.\n
ويتحمل عنه -أي الإمام- عن المأموم سجود السهو بشرط أن يدخل المأموم مع الإمام في أول الصلاة؛ يعني: لا يفوته شيء من الصلاة، فلو قُدِّرَ أن المأموم جلس للتشهد الأول، ونسي وظن أنه بين السجدتين، فصار يقول: رَبِّ اغْفِرْ لي وارحمني، ولما أطال الإمام بدأ يُكَرِّر: رب اغفر لي، حتى قام الإمام فعرف أنه في التشهد الأول فقام مع إمامه، فهنا يتحمل عنه الإمام سجود السهو، إن كان لم يفته شيء من الصلاة، وذلك لأنه لو سجد في هذه الحال لأدى إلى مخالفة الإمام، أما لو فاته شيء من الصلاة فإن الإمام لا يتحمل عنه.\n
ومن ذلك: أن الإمام يتحمل عن المأموم قراءة غير الفاتحة في الصلاة التي يُشْرَع فيها قراءة زائدة على الفاتحة في الجهرية، مثل: لو قرأ الإمام في الجهرية الفاتحة، وقرأت الفاتحة أنت، ثم قرأ آيات أخرى فإنه يتحمل ذلك عنك، ولا يشرع لك أن تقرأ شيئًا من الآيات سوى الفاتحة.\n
ومنها السترة؛ فإن سترة الإمام سترة للمأموم.\n
المهم أن بَيْن صلاة الإمام والمأموم ارتباطًا وثيقًا؛ فمن ثم قال المؤلف: (\n تَبْطُل صلاةُ المأموم ببطلان صلاة الإمام) يعني: إذا حدَث للإمام ما يُبْطِل صلاتَه بطلت صلاته وصلاة المأمومين، وإن لم يوجد منهم مبطل، ولا يُسْتَثْنى من ذلك شيء إلا إذا صلى الإمام محدثًا ونسي، أو جَهِل ولم يعلم بالحدث، أو لم يذكر الحدث إلا بعد السلام، فإنه في هذه الحال يلزم الإمام إعادة الصلاة، ولا يلزم المأموم إعادتها حتى على المذهب، يعنى: لو صلى بهم محدثًا أو على ثوبه نجاسة، أو على بدنه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة فإنه يلزمه الإعادة على المذهب ولا يلزم المأمومين.\n
وعلى هذا؛ يقول المؤلف: (\n وَتَبْطُل صلاةُ المأموم ببطلان صلاة الإمام فلا استخلاف)، أي: فلا يستخلف الإمام من يُتِم بهم الصلاة إذا بطلت صلاته، و(\n لا) نافية للجنس، و(\n استخلاف)؟\n
\n طالب: اسمها.\n
\n الشيخ: اسمها؛ يعنى: أن الإمام إذا بطلت صلاته فإنه لا يستخلف مَنْ يصلي بهم.\n
مثال ذلك: إمام في أثناء صلاته سَبَقَه الحدث، ومعنى سبقه الحدث: أنه أحدث ببول أو ريح أو غير ذلك من الأحداث، فإن صلاته تبطل، وتبطل صلاة المأموم فيلزمهم إعادة الصلاة، فإن أحس بالحدث وأمر من يتم بهم الصلاة قبل أن تبطل صلاته، فهذا جائز، لأنه استخلف بهم مَن يُتِمُّ الصلاة قبل أن تبطل صلاته، فلما استخلف بهم مَنْ يُتِمُّ بهم الصلاة قبل بطلان الصلاة صار مستخلفًا لهم وصلاته صحيحة، والإمام النائب شَرَع بهم وهم في صلاة صحيحة فيُتِمُّها بهم، فيكون قولُ المؤلف: (\n فلا استخلاف)، أي: بعد بطلان الصلاة (\n وَتَبْطُل صلاةُ المأمومِ ببطلان صلاةِ الإمام فلا استخلاف) بعد بطلان صلاة الإمام.\n
ومن ذلك: إذا شرع في الصلاة ثم ذكر في أثنائها أنه لَيْسَ على وضوء، فإن صلاتَه تَبَيَّن أنها غَيْرُ منعقدة؛ لأنه مُحْدِث، والمحدِث لا تنعقد صلاته، وماذا يصنع؟ لا يستخلف، بل يستأنف المأمومون صلاتهم؛ ويذهب هو ويتوضأ؛ لأنه تَبَيَّن في أثناء الصلاة أن صلاته باطلة، ولا يمكن أن يَبْنِي خليفته على صلاة باطلة، فلا استخلاف وهذا الذي ذهب إليه المؤلف، والمشهور من المذهب.\n
ولكن القول الثاني في المذهب الذي اختاره شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم: أنه يستخلف، وأن صلاة المأموم لا تبطل بصلاة الإمام، بل إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاته، وبقيت صلاة المأموم؛ ووجه ذلك: أن صلاة المأموم صحيحة، والأصل بقاء الصحة، ولا يمكن أن نُبْطِلَها إلا بدليل صحيح، الإمام بطلت صلاته بمقتضى الدليل الصحيح، أحدث مثلًا، تَبَيَّن أنه ليس على وضوء، لكن المأموم دخل بطاعة الله، وصلَّى بأمر الله، فلا يمكن أن نُفْسِد صلاتَه إلا بأمر الله، فأين الدليل من كتاب الله، أو سنة رسوله، أو إجماع المسلمين على أن صلاة المأموم تبطل بصلاة الإمام؟ ليس هناك دليل، والارتباطات المذكورة لا تَسْتَلْزِم أن تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام.\n
وبناء على هذا القول فإنه إذا سَبَقَ الإمامُ الحدث، أو ذكر أنه ليس على وضوء فإنه يُقَدِّم أحد المأمومين لِيُتِمَّ بهم الصلاة، فيقول: يا فلان تَقَدَّم، أتم بهم الصلاة، ولا يحل له أن يقول لهم: استأنفوا الصلاة؛ لأنه إذا قال: استأنفوا الصلاة أخرجهم من فرض، والخروج من الفرض لا يجوز إلا بسبب شرعي، وليس هذا سببًا شرعيًّا، ولهذا قال العلماء: مَنْ دَخَل في فرض حَرُمَ عليه قطعُه إلا بعذر، وهذا ليس بعذر، فالأصل صحة صلاتهم وعدم جواز الخروج منها فيقول: يا فلان، أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل ذلك؟ فلهم أن يُقَدِّموا أحدهم ليتم بهم الصلاة، فإن لم يفعلوا أَتَمَّوْهَا؟\n
\n طلبة: فرادى.\n
\n الشيخ: فرادى، ولكن الأحسن أن يقول لهم: يا فلان، تقدم أتم بهم الصلاة لئلا يَحْصُل عليهم تشويش؛ لأنهم قد ينبهرون ماذا يصنعون؟\n
فإذا قال: يا فلان تقدم، أتم بهم الصلاة، أنا أحدثت، أو أنا ذكرت أني لست على وضوء، أو أنا حصل عليَّ ماغص، أو أنا مثلًا راجت كبدي مثلًا، أو ما أشبه ذلك، المهم يذكر عذره أو لا يذكر، إنما يقول: يا فلان كَمِّل بهم، من أجل ألا يقع ارتباك وتشويش على المأمومين، ليس فيه هناك شيء تبطل به صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام إلا فيما يقوم الإمام فيه مقام المأموم، الذي يقوم فيه الإمام مقام المأموم، هذا هو الذي إذا اختلَّ اختلَّت صلاة المأموم؛ لأن ذلك الفعل من الإمام للإمام وللمأمومين، مثل: السترة؛ سترة الإمام سترة لمن خلفه، فإذا مرَّت امرأة بين الإمام وسترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأموم، لماذا؟ لأن هذه السترة مشتركة، ولهذا لا نأمر المأموم بأن يتخذ سترة، لا نأمره نقول: اتخذ سترة، بل لو اتخذ سترة لعُدَّ متنطعًا مبتدعًا، لكن فلمَّا كان هذا الفعل مشتركًا –أعني السترة- مشتركًا بين الإمام والمأموم صار انتهاكه في حق الإمام انتهاكًا في حق المأموم، فبطلت صلاة المأموم كما بطلت صلاة الإمام.\n
وهنا قاعدة مهمة وهى: أن مَنْ دخل في عبادة حسب ما أُمِرَ فإننا لا نبطلها إلا بدليل، وهنا المأمومون دخلوا في الصلاة مع الإمام حسب ما أُمِروا، فإذا تَبَيَّن للإمام في أثناء الصلاة أنه لم يتوضأ، فهل جرى من المأموم تفريط؟ أبدًا، المأموم تقدَّم؛ إمام مسلم الأصل صحة صلاته تقدم يصلي، فتقدم المأموم يُصَلِّي معه \n {اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، فإذا ذَكَر الإمام أنه ليس على وضوء ما علينا منه، نحن لو علمنا أنه على غير وضوء صح، ما يجوز أن نصلي خلفه؛ لأن هذا تلاعب في دين الله، لكن لم نعلم، ما ذنبُنا نحن؟ ونحن قد قمنا بما يجب علينا من تقوى الله عز وجل والصلاة خلف إمام مسلم، ما يصلي بلا وضوء.\n
لو أنَّ هذا مما يُبْطِل الصلاة لقال قائل: إذن إذا تقدم الإمام يقول له الناس: يا إمامنا، هل أنت محدث ولَّا على وضوء؟ أقول: ربما نخشى بعدين في أثناء الصلاة يذكر أنه على غير وضوء فتبطل صلاته، في التشهد الأخير ذكر أنه على غير وضوء، معناها أربع ركعات كلها راحت هدرًا، ويش ذنبنا، ما سوينا شيء ولا فرَّطنا، فنحن نخشى أنه في التشهد الأخير يلتفت علينا والله يا جماعة (...)، ما أنا على وضوء، إذن نذكره إذا تقدم، نقول افتكر: هل أنت على وضوء ولَّا لا؟ ما أحد يقول بهذا، إنما نصلي خلفه بناء على أن الأصل؟\n
\n الطلبة: الطهارة.\n
\n الشيخ: الأصل صحة صلاته، سيأتنا إن شاء الله في الإمامة أن عثمان بن عفان صلَّى في الناس وهو جُنُبٌ ناسٍ، فأعاد ولم يعيدوا \n ، لكن هم يقولون: عثمان لم يذكر إلا بعد سلامه، نقول: إذا قلتم بأن الصلاة جملةً صحيحة لعدم علم المأموم فصحة بعضها من باب أولى، أيُّ فرق بين أن يعلم المأموم قبل أن يُسَلِّم الإمام وبين ألا يعلم إلا بعد سلام الإمام. \n

","SearchText":" قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ويجب نيه الامامه والاءتمام ) الجماعه وصف زاءد علي نيه الصلاه، وهذا الوصف هو اجتماع الامام والماموم، فهل تشترط هذه النيه -نيه الاجتماع- او تكفي الموافقه في الافعال؟ هذا هو ما يريد المءلف ان يبحث فيه، افهمتم الان؟ الجماعه وصف زاءد علي اصل الصلاه، لماذا؟ لانها اجتماع علي هذه الصلاه، فهي وصف زاءد عنها؛ ولهذا نقول: الجماعه تجب للصلاه لا في الصلاه، تجب لها ولا تجب فيها، فهل يشترط نيه هذا الوصف او يكفي الموافقه في الافعال؟ هذا ما سيبحثه المءلف فيقول: ( تجب نيه الامامه والاءتمام )، يعني: تجب نيه هذا الوصف؛ فتجب نيه الامامه علي من؟ علي الامام، ونيه الاءتمام علي الماموم؛ اي: يجب ان ينوي الامام الامامه، والماموم الاءتمام؛ وذلك لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . ولا شك ان هذا شرط لحصول الثواب -ثواب الجماعه- لا يمكن ان ينال ثواب الجماعه الا بنيتها، لكن هل هو شرط لصحه الصلاه؟ المءلف يري انه شرط لصحه الصلاه، وان الامام اذا لم ينو الامامه، والماموم اذا لم ينو الاءتمام فصلاتهما باطله، وخلاف نيه الامام الامامه، وللماموم الاءتمام، خلافها صور: الصوره الاولي: ان ينوي الامام انه ماموم، والماموم انه امام، فهذا؟ طالب: باطل. الشيخ: لا تصح؛ لا شك او لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: لماذا؟ للتضاد؛ لان عمل الامام غير عمل الماموم. الثانيه: ان ينوي كل واحد منهما انه امام الاخر، هذا ايضا لا يصح للتضاد؛ لانه لا يمكن ان يكون الامام في نفس الوقت ماموما. الصوره الثالثه الا ينوي ذلك. قلنا: الصوره الاولي؟ طالب: ان ينوي الامام انه ماموم. الشيخ: ان ينوي الامام الاءتمام، والماموم الامامه. الصوره الثانيه: ان ينوي كل منهما انه امام الاخر. الصور الثالثه: ان ينوي كل واحد منهما انه ماموم الاخر، فهذا ايضا لا يصح؛ كيف يكون الماموم هو الامام؟ واذا نوي كل منهما انه ماموم الاخر ظهرا بلا امام، لم يكن لهما امام، واذا نوي كل واحد منهما انه امام الاخر لم يكن هناك ماموم. الصوره الرابعه: ان ينوي الماموم الاءتمام ولا ينوي الامام الامامه، مثل: ان ياتي شخص الي انسان يصلي فيقتدي به ينوي انه امامه، وهذا الذي يصلي لم يعلم به، اي: لم يعلم ان احدا يصلي وراءه علي انه امام له، فما الحكم؟ يري المءلف: ان الصلاه لا تصح؛ لا صلاه الامام لانه ما نوي -قصدي ما تصح باعتبار الجماعه- الامام لا تصح صلاته جماعه؛ لانه لم ينو، والماموم لا تصح صلاته اصلا؛ لانه نوي الاءتمام بمن لم يكن اماما له، فلا تصح صلاتهما، هذا هو الذي مشي عليه المءلف. و القول الثاني في المساله ان ذلك صحيح، اي انه يصح ان ياتم الانسان بشخص لم ينو الامامه. واستدل اصحاب هذا القول بان النبي صلي الله عليه وسلم قام يصلي في رمضان ذات ليله فاجتمع اليه ناس فصلوا معه ولم يكن علم بهم، ثم صلي في الثانيه والثالثه وعلم بهم، ولكنه تاخر في الرابعه خوفا من ان تفرض عليهم ، وهذا مذهب الامام مالك وهو اصح؛ انه يجوز ان ياتم الانسان بمن لم ينو الامامه؛ لهذا الحديث، ولان المقصود هو المتابعه، وقد حصلت، وفي هذه الحال يكون للماموم ثواب الجماعه، ولا يكون للامام؛ لان الماموم نوي فصار له ما نوي، والامام لم ينو فلا يحصل له ما لم ينوه. الصوره السادسه: ان ينوي الامام الامامه دون الماموم، كانسان جاء الي جنبه واحد وكبر، فظن الاول انه يريد ان يكون ماموما به، فنوي الامامه وذاك لم ينو الاءتمام، فهنا لا يحصل ثواب الجماعه لا للامام ولا للماموم، لماذا؟ لانه ليس هناك جماعه، الماموم ما اءتم بالامام ولا اقتدي به ولا نواه اماما، والامام نوي الامامه لكن بمن؟ بغير احد، فلا يحصل ثواب الجماعه من غير ان يكون هناك جماعه. وهذه لو قال قاءل بصحتها لم يكن بعيدا بشرط ان الماموم يقتدي بالامام؛ اما اذا لم يقتد فلا شك ان الجماعه لا تحصل. المءلف لا يري من هذه الصور الست شيءا صحيحا، وانما يري ان الصوره الصحيحه هي ان ينوي الامام الامامه والماموم الاءتمام؛ ولهذا قال: ( وتجب نيه الامامه والاءتمام ). الصور لو تعيدونها علينا؛ علشان يتبين انها ست. طالب: الصوره الاولي: ان يكون تضاد بين الامام والماموم ان ينوي الماموم انه امام، والعكس كذلك. الشيخ: ان ينوي الماموم انه امام والامام انه ماموم. الطالب: الصوره الثانيه: ان يتفقا فيتفقا علي ان كليهما ماموم. الشيخ: ان ينوي كل واحد منهما انه ماموم، الثالثه؟ الطالب: (...) ان كل واحد منهما امام. الشيخ: ان ينوي كل واحد منهما انه امام. الطالب: الصوره الرابعه: لا ينوي الامام شيءا وينوي الماموم انه ماموم. الشيخ: ان ينوي الماموم الاءتمام ولا ينوي الامام الامامه. الطالب: الصوره الخامسه: ان ينوي الامام الامامه ولا ينوي الماموم الاءتمام، خمسه. الشيخ: هذه خمس. طالب: الامام هو امام والماموم يعني: هو الماموم. الشيخ: لا، هذه صحيحه، نحن نريد خلاف الصحيح. طالب: ان كليهما (...) ماموما. الشيخ: ذكرناها. طالب: لا ينوي شيءا. الشيخ: الا ينوي شيءا؛ يعني: بان يتابعه بدون نيه؛ يعني: تكون جازت له الصلاه ومتاكد، وصار يتابعه ولكن بدون نيه، وهذا ممكن، ارايتم لو ان شخصا جاء يصلي، وراي ان الامام لا تصح صلاته، وخجل ان يخرج فصار يتابع الامام بدون نيه انه ماموم، يمكن هذا ولا لا؟ طلبه: يمكن. الشيخ: ويوجد بعض الناس ايضا يغلب عليه الحياء الذي يعتبر جبنا، يحدث وهو يصلي وهو ماموم، ويخجل ان ينطلق ليتوضا، وايش يعمل؟ طالب: يصلي. الشيخ: يتابع مع الناس، وهو ما نوي الصلاه؛ لانه محدث، وهذه تقع مع ان هذا لا يجوز، والواجب ان ينصرف وان يضع يده اذا خاف ان يخجل، يضع يده علي انفه، كذا، يطلع للناس وهو عامل كذا، علشان ايش؟ نقول: والله، هذا ارعف انفه غصبا عليه، ولا احد يخجله في هذا الشيء، اي نعم، علي كل حال صارت المخالفات كم؟ طلبه: ست. الشيخ: ست صور. الصوره السابعه الصحيحه: ان ينوي الامام انه امام، والماموم انه ماموم. (...) كيف ايش؟ طالب: (...) ؟ الشيخ: سمعتم سءال الاخ؟ يقول: جاء رجل الي شخصين يصليان، فدفع الماموم يظن انه الامام، الماموم لما دفع علي انه الامام مشاها، وجعل نفسه هو الامام، ما تقولون في هذا؟ طالب: الامام يكون علي اليسار. الشيخ: لكن هذا رجل عامي، ما يعرف اليسار من اليمين. طالب: ما تصح. الشيخ: هذا ما يصح، لانه سيكون اماما، والامام الاول؟ طالب: امام؟ الشيخ: اماما. طالب: يصير تضاد. الشيخ: يصير تضاد، لكن لو ان الامام الاول لما راه تقدم قلب نيه الامامه الي اءتمام، فيكون عندنا قلب، وقلب النيه سياتي ان شاء الله الكلام عليه وعلي صوره، ان استمر كل واحد منهما انه امام ما صحت. طالب: لو دخل مسافر علي رجل يصلي فريضه، وهو في التشهد الاخير فجلس معه عندما سلم. الشيخ: يصلي رباعيه، دخل مسافر مع امام يصلي رباعيه في التشهد الاخير. الطالب: هل اذا سلم يتم الرباعيه او ثناءيه. الشيخ: سمعتم السءال؟ الطلبه: نعم. الشيخ: يقول: هل يتم رباعيه او ثناءيه؟ رجل دخل مع الامام الذي يصلي اربعا في التشهد الاخير، هل يلزمه ان يتم اربعا او يصلي ركعتين؟ طلبه: يلزمه اربعا. الشيخ: يلزمه اربعا؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، بل لقوله: «ما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا» . طالب: مستحيل، يدرك الصلاه بركعه. الشيخ: دعنا، ما قال الرسول: فان ادركتم الصلاه فصلوا، لو قال: ان ادركتم الصلاه، صح ان تبني علي مساله ما تدرك به الجماعه؛ ولهذا بعض الناس ظن ان هذه المساله مبنيه علي ادراك الجماعه، وقال: ان ادراك الجماعه علي القول الراجح لا يكون الا بركعه. نحن نقول: هذه ليست مبنيه علي ادراك الجماعه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يقل: فان ادركتم الجماعه فاتموا ما فاتكم. طالب: شيخ. الشيخ: اصبروا يا جماعه، خلينا نحرر المساله دي، المساله هذه للجميع، وكثيرا ما تقع، وكثيرا ما تشكل؛ لان شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله في هذه المساله قال: ان ادرك ركعه اتم اربعا، وان ادرك اقل فله ان يقصر، لكن عندي ان هذا فيه نظر؛ لان عموم الحديث «ما ادركتم فصلوا، وما فاتكم فاتموا» يتناول هذه الصوره، وهذا الرجل الان فاته اربع ركعات، فيتم اربعا. طالب: ما فيه دليل خاص. الشيخ: ما عندي دليل خاص. طالب: (...). الشيخ: لا ما هو من هذا، هذا اذا كان الامام مسافرا الذي تقول، اما هذا الامام مقيم يتم. 000080\"># طالب: (...). الشيخ: لا. طالب: بالنسبه للذين لم ينويا شيءا، هل تصح صلاتهم ولا لا؟ الشيخ: ايش هم؟ الطالب: اللي صلوا من غير ما ينوي الامام الامامه، ولا الماموم الاءتمام؟ الشيخ: ما تصح صلاتهم. الطالب: لا جماعه ولا..؟ الشيخ: لا جماعه ولا فرادي؛ لان هذا الشيء فيه تلاعب. الطالب: احسن الله اليك، الذين يجعلون صلاه الجماعه شرط صحه في الصلاه، هل يلزمون من صلي منفردا وحضر الجماعه ان يخرج من الصلاه ام يبقي.. الشيخ: ما هو بالظاهر، الظاهر انهم لا يلزمونه؛ لانه الان شرع في الصلاه وتلبس بها. طالب: وان لم يتمها؟ الشيخ: اي، ولو لم يتمها، هو مطالب بصلاه الجماعه قبل ان يدخل في الصلاه، اما الان لما دخل ولزمته. طالب: اذا جاء مصل والامام في سجود السهو (...)؟ الشيخ: هذا سءال غريب، يقول: اذا جاء مصل والامام في سجود السهو، هل يدخل معه او لا؟ طالب: ما يدري هو. الشيخ: لا، ننظر ان كان السجود قبل السلام دخل معه، وان كان السجود بعد السلام لم يدخل معه، اعرفت؟ طالب: لكن ما يدري. الشيخ: هذه مشكله، اذا قال: انا لا ادري هل السجود قبل السلام او بعده. طالب: وقد يحضر اخر التشهد يعني: يراه. الشيخ: انا اقول: اذا كان لم يره ما يدري، هل نقول: لا يدخل لءلا يعرض صلاته للخطر، او نقول: يدخل وان تبين له بعد ذلك ان سجود السهو بعد السلام فانه يعيد الصلاه؟ طلبه: الاول. الشيخ: الظاهر ان الاول اهون، اقول: لا يدخل. طلبه: (...). الشيخ: لا يدخل؛ لانه اذا لم يدخل يصلي وحده، لكن اذا دخل ثم تبين ان سجود السهو بعد السلام، وقلنا: ان صلاته لا تنعقد مشكله، وهنا ايضا مساله ينبغي التنبيه عليها. قال الفقهاء: اذا سلم الامام التسليمه الاولي ثم دخل الماموم معه لم تنعقد صلاته، وهذا ايضا. طالب: اعد السءال. الشيخ: انا ما بسال، انا اخبر، اعيد المساله؟ طالب: عيد المساله. الشيخ: لو جاء الي المسجد والامام قد سلم التسليمه الاولي، ثم كبر للاحرام ودخل معه قبل ان يسلم الثانيه، يقولون: ان صلاته لا تنعقد، صلاه الماموم ما تنعقد، ما تصح، لماذا؟ قال: لان الامام شرع في التحلل من الصلاه، وهنا دخل علي امام بدات صلاته في التحلل فلا تنعقد الصلاه، وهذه انا احيانا التفت اسلم علي اليمين واذا ببعض الناس يكبر بعد سلام الاولي، نقول لهذا الرجل: اعد صلاتك، لكن اذا كان جاهلا، فالظاهر اننا لا نامره بالاعاده، لا سيما علي القول بان التسليمه الثانيه ركن، وانه لا يخرج من الصلاه الا بالتسليمه الثانيه. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: وان نوي المنفرد الاءتمام لم تصح كنيه امامته فرضا، وان انفرد مءتم بلا عذر بطلت، وتبطل صلاه ماموم ببطلان صلاه امامه فلا استخلاف، وان احرم امام الحي بمن احرم بهم ناءبه، وعاد الناءب مءتما صح . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا انه اذا انتقل من فرض الي فرض فانه لا تصح، يبطل الاول لابطاله اياه بالنيه، ولا ينعقد الثاني؛ لانه لم ينوه بتكبيره الاحرام، وسبق لنا ان هذه القاعده مطرده في كل انتقال من معين الي معين، او من مطلق الي معين، وانه اذا انتقل من معين الي مطلق صح، مثل: ان ينتقل من الفريضه يجعلها نافله نفلا مطلقا فانه يصح، ووجه ذلك ان نيه الفريضه تتضمن نيتين: نيه الصلاه المطلقه، ونيه التعيين؛ فاذا الغي نيه التعيين بقيت نيه الصلاه المطلقه. قال المءلف رحمه الله: ( يجب نيه الامامه والاءتمام )، سبق لنا ايضا: انه يجب علي الامام ان ينوي الامامه، وعلي الماموم ان ينوي الاءتمام، وان هذا هو المشهور من مذهب الامام احمد رحمه الله. وسبق ان نيه الامام الامامه فيها خلاف بين اهل العلم؛ فمن العلماء من قال كما قال المءلف: انه لو صلي الانسان واءتم به شخص وهو لم يعلم به وبقي الامام ناويا الانفراد فان الصلاه لا تصح؛ صلاه الماموم، اما صلاته هو فصحيحه. ولكن في المساله قول اخر: انه يجوز ان يصلي الانسان خلف شخص لم ينو الامامه به، وذكرنا ان هذا قول الامام مالك رحمه الله، واستدل بان النبي صلي الله عليه وسلم صلي ذات ليله في المسجد، فصلي بصلاته اناس من غير ان يعلم بهم، فدل ذلك علي جواز الاءتمام بشخص لم ينو ان يكون اماما لك، اما نيه الاءتمام فلا بد منها؛ يعني: لا يمكن لانسان ان يصلي الي جنبك ينوي ان يكون اماما بك وانت لا تنوي ان تكون مءتما به، ثم نقول: يصح اءتمامك، لا نقول هكذا لانك لم تنو، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرء ما نوي» . ثم قال المءلف: ( وان نوي المنفرد الاءتمام لم تصح )؛ يعني: شخص ابتدا الصلاه منفردا، ثم حضرت جماعه فصلوا جماعه، فانتقل من انفراده الي الاءتمام بالامام الذي حضر، فان صلاته علي المذهب لا تصح، تبطل، ما الدليل؟ ليس هناك دليل، ولكن هناك تعليل؛ لانه نوي الاءتمام في اثناء الصلاه فتبعضت النيه؛ حيث كان في اول الامر منفردا ثم كان مءتما، فلما تبعضت النيه بطلت الصلاه، كانتقاله من فرض الي فرض، وهذا هو المذهب. والقول الثاني: وهو روايه ايضا عن احمد: انه يصح ان ينوي المنفرد الاءتمام؛ والمثال كما سمعتم، رجل شرع يصلي وحده، ثم حضر جماعه فنوي الدخول معهم فالمذهب؟ طالب: تبطل صلاته. الشيخ: تبطل صلاته من حين ان ينوي الدخول معهم، فان استمر استمر بصلاه باطله، والقول الثاني: ان ذلك صحيح ؛ لان الاختلاف هنا اختلاف في صفه الصلاه، كان بالاول منفردا ثم صار مءتما، ليس تغييرا لنفس الصلاه، بل هو تغيير لصفه من صفات الصلاه فيكون ذلك جاءزا. قالوا: والدليل علي هذا: انه قد ثبت في السنه صحه انتقال الانسان من انفراد الي امامه كما سياتي ان شاء الله، فدل هذا علي ان مثل هذا التغير لا يءثر، فكما يصح الانتقال من انفراد الي امامه يصح الانتقال من انفراد الي اءتمام ولا فرق، غايه ما هنالك انه في الصوره الاولي صار اماما، وفي الصوره الثانيه صار مءتما. فاذا قال قاءل: علي القول بالصحه -وهو الصحيح- اذا كان قد صلي بعض الصلاه، وحضر هءلاء الجماعه ولنفرض ان ذلك في صلاه الظهر، وكان قد صلي ركعتين قبل حضور الجماعه، فلما حضر الجماعه دخل معهم، وحينءذ سوف تتم صلاته اذا صلي الجماعه ركعتين، فماذا يصنع؟ نقول: يجلس لا يتابع الامام؛ لانه لو تابع الامام للزم ان يصلي ستا، وهذا لا يجوز، فيجلس وينتظر الامام ويسلم معه، وان شاء نوي الانفراد وسلم، وانصرف، فهو بالخيار ان شاء انتظر، وان شاء نوي الانفراد وسلم وانصرف، وان كان دخل معهم في اول صلاته فماذا يصنع؟ يتابعهم ويسلم معهم ولا اشكال في المساله، هذه واحده. ( كنيه امامته فرضا ) يعني: كما لا تصح نيه امامته في الفرض؛ اي: كما لا يصح ان ينتقل المنفرد الي امامه في صلاه الفرض. هو اللي سبق الان: انتقال المنفرد الي اءتمام لا تصح، كما قال المءلف، والصحيح الصحه. اذا انتقل المنفرد من الانفراد الي الامامه بان صلي منفردا ثم حضر شخص او اكثر فقالوا له: صل بنا، فنوي ان يكون اماما لهم، فقد انتقل منين؟ من انفراد الي امامه، وهذا يقول المءلف: انه لا يصح؛ فتبطل صلاته؛ لانه انتقل من نيه الي نيه، فتبطل الصلاه كما لو انتقل من فرض الي فرض. وعلم من قول المءلف: ( كنيه امامته فرضا ) انه لو انتقل الي الامامه في نفل، انتقل المنفرد من الانفراد الي الامامه في نفل فان صلاته تصح. الدليل: ان ابن عباس رضي الله عنهما بات عند النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله، فقام النبي صلي الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقام ابن عباس فوقف عن يساره، فاخذ النبي صلي الله عليه وسلم براسه من وراءه فجعله عن يمينه واستمر في صلاته ، فانتقل النبي صلي الله عليه وسلم هنا من اي شيء؟ طلبه: من انفراد. الشيخ: من انفراد الي امامه في فرض او في نفل؟ طلبه: في نفل. الشيخ: في نفل. وعلي هذا؛ فيكون في انتقال المنفرد من انفراد الي امامه نص عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. اذن المءلف رحمه الله مشي علي ان الانسان اذا انتقل من انفراد الي امامه، فان كان في نفل صح، وان كان في فرض لم يصح، ولهذا قال: ( كنيه امامته فرضا ). والقول الثاني في المساله: انه يصح ان ينتقل من انفراد الي امامه في الفرض والنفل . واستدل هءلاء: بان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل، وهذا ثابت في النفل -اي انتقال المنفرد الي امامه- فيكون جاءزا في الفرض كما هو جاءز في النفل. والدليل علي ان ما ثبت في الفرض ثبت في النفل الا بدليل: ان الصحابه الذين رووا ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي علي راحلته في السفر حيثما توجهت به، قالوا: غير انه لا يصلي عليها الفريضه، فدل هذا علي انه من المعلوم عندهم ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، ولولا ذلك لم يكن لاستثناء الفريضه وجه. علي كل حال القول الثاني في هذه المساله ايش؟ طلبه: الصحه. الشيخ: انه يصح ان ينتقل من انفراد الي امامه في الفريضه وفي النافله. القول الثالث في المساله: انه لا يصح ان ينتقل من انفراد الي امامه؛ لا في الفرض ولا في النفل، كما لا يصح ان ينتقل من انفراد الي اءتمام لا في الفرض ولا في النفل، وهذا هو المذهب عند الحنابله، فيكون المءلف هنا خالف المذهب، مشي علي خلاف المذهب، فالمذهب عند المتاخرين: انه لا يصح لا في الفرض ولا في النفل. ولكن الصحيح: انه يصح في الفرض وفي النفل، اما النفل فقد ورد به النص، واما الفرض فلان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل. اذا قال قاءل: بماذا يجيب القاءلون بانه لا يصح في الفرض ولا في النفل عن حديث ابن عباس؟ فالجواب: يجيبون عنه بان النبي صلي الله عليه وسلم صلي منفردا، وهو يغلب علي ظنه ان ابن عباس سيصلي معه، وبنوا علي ذلك انه اذا انتقل المنفرد من انفراد الي امامه، وكان قد ظن قبل ان يدخل في الصلاه انه سياتيه شخص يكون اماما له، فان ذلك صحيح، قالوا: لانه لما ظن انه سيحضر معه شخص؛ فقد نوي الامامه في ثاني الحال من اول الصلاه فلا يضر، ولكن نرد عليهم بانه كيف يظن النبي صلي الله عليه وسلم ان ابن عباس سيصلي معه وابن عباس غلام صغير ناءم، هذا من ابعد ما يكون. ثم نقول: ان دعوي الظن دعوي وجود شيء الاصل عدمه، فمن يقول: ان الرسول عليه الصلاه والسلام قد ظن ذلك، فصار قولهم هذا مردودا من وجهين: الوجه الاول: بعد ظن الرسول عليه الصلاه والسلام ان ابن عباس سيصلي معه وهو غلام صغير ناءم. والثاني: انا نقول: حتي وان لم يكن ذلك بعيدا فمن الذي يقول: ان الرسول ظن ذلك؟ هذا يحتاج الي دليل؛ لان الاصل عدم ظنه ذلك، واضح؟ وحينءذ فيكون هذا الرد علي حديث ابن عباس مردودا، فيبقي حديث ابن عباس محكما سالما من المعارضه، ويقاس علي النفل الفرض قياسا لا شبهه فيه، وحينءذ لنا انتقالان: انتقال من انفراد الي اءتمام، فالمذهب لا يصح، لا في الفرض ولا في النفل، والصحيح صحته في الفرض والنفل. ثانيا: انتقال من انفراد الي امامه، وهذا المذهب لا يصح لا في الفرض ولا في النفل، والصحيح انه يصح في الفرض وفي النفل . وهناك قول يفصل فيقول: يصح في النفل، ولا يصح في الفرض، وهو الذي مشي عليه صاحب المختصر؛ الانتقال من امامه الي انفراد، ومن اءتمام الي انفراد يعني: عكس ما ذكرنا ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: الاول: انتقال من انفراد الي اءتمام، والثاني: من انفراد الي امامه، الثالث العكس: ان ينتقل من اءتمام الي انفراد، فهل هذا جاءز؟ استمع: ( وان انفرد مءتم بلا عذر بطلت )، وهذا نعبر عنه بالانتقال من اءتمام الي انفراد، هل يجوز او لا؟ يقول المءلف في هذا تفصيل: ان كان هناك عذر جاز، وان لم يكن عذر لم يجز. مثال ذلك: دخل الماموم مع الامام في الصلاه، ثم طرا عليه ان ينفرد، فانفرد واتم صلاته منفردا وانصرف، نقول: اذا كان لعذر فصحيح، وان كان لغير عذر فغير صحيح. مثال العذر: من الاعذار تطويل الامام تطويلا زاءدا علي السنه، فانه يجوز للماموم ان ينفرد، ودليل ذلك: قصه الرجل الذي صلي مع معاذ رضي الله عنه، وكان معاذ يصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع الي قومه فيصلي بهم تلك الصلاه، فدخل ذات ليله في الصلاه فابتدا سوره البقره، فانفرد رجل وصلي وحده ومشي، فلما علم به معاذ رضي الله عنه قال: انه قد نافق؛ حيث خرج عن جماعه المسلمين، ولكن الرجل شكا ذلك الي النبي صلي الله عليه وسلم فدعا معاذا، فغضب عليه وقال له: «اتريد يا معاذ ان تكون فتانا؟ اذا ام احدكم الناس فليخفف» ولم يوبخ الرجل، فدل هذا علي جواز انفراد الماموم؛ لتطويل الامام، لكن بشرط ان يكون تطويلا خارجا عن السنه؛ لا خارجا عن العاده. لو جاء انسان وام جماعه؛ كان امامهم الراتب يصلي بقراءه قصيره وبركوع وسجود خفيف، فصلي بهم هذا علي مقتضي السنه، فانه لا يجوز لاحد ان ينفرد؛ لان هذا ليس بعذر. ومن الاعذار: ان يطرا علي الانسان ما يمنع كمال الصلاه، مثل: صلي مع الجماعه ففتح المكيف، والمكيف امامه، ولا يسطيع ابدا ان يقابل هذا المكيف، لو بقي مقابلا له تفجر صدره، هذا عذر ان ينفرد، فيصلي ويخفف وينصرف. من الاعذار ايضا: ان يطرا علي الانسان تقيء في اثناء الصلاه، ما يسطيع ان يبقي حتي يكمل الامام، فعجل في الصلاه وانصرف. من الاعذار ايضا: ان يطرا علي الانسان ريح، غازات، يشق عليه ان يبقي مع امامه، فينفرد ويخفف وينصرف. من الاعذار ايضا: ان يطرا عليه احتباس البول، يعني: يحصر ببول او غاءط، كما لو كان فيه اسهال مثلا، ونزل الغاءط بسرعه فانفرد ليخفف الصلاه وينصرف، كل هذه اعذار. لكن اذا قدر انه لا يستفيد من مفارقه الامام شيءا؛ لان الامام يخفف، ولو خفف اكثر من تخفيف الامام لم تحصل الطمانينه، فهل يجوز ان ينفرد؟ لا، لماذا؟ لانه لا يستفيد شيءا بهذا الانفراد. وعلم من قول المءلف: ( ان انفرد مءتم بلا عذر بطلت ) ان صلاته تبطل بلا عذر وتصح مع العذر. ومن العذر ايضا: ان تكون صلاه الماموم اقل من صلاه الامام، مثل: ان يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء علي القول بالجواز؛ فانه في هذه الحال ينفرد ويقرا التشهد وينصرف، او يدخل مع الامام اذا كان يريد ان يجمع مع الامام فيما بقي من صلاه العشاء، وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله وهو حق، واظنه منصوص الامام احمد، وان الامام احمد نص علي جواز هذه الصوره . اذن يجوز الانفراد في هذه الحال، ما نوع العذر؟ طالب: (...). الشيخ: لا، عذر شرعي؛ لانه لو قام مع الامام في الرابعه بطلت صلاته، فهنا الانفراد لعذر شرعي، وان انفرد بلا عذر فصريح كلام المءلف انها تبطل. والقول الثاني في المساله: انها لا تبطل، لكن هذا ان قلنا به، فيجب ان يقيد بما اذا ادرك الجماعه بان يكون قد صلي مع الامام ركعه فاكثر، اما اذا لم يكن ادرك الجماعه فانه لا يحل له ترك الجماعه؛ لكن لو صلي ركعه، ثم اراد ان ينفرد علي القول بانه يجوز الانفراد بلا عذر، فانه حينءذ يجوز ان ينفرد. لكن القول بالانفراد بلا عذر في النفس منه شيء، اما مع العذر الحسي او الشرعي فلا شك في جوازه. هل من العذر اذا كان الماموم مسافرا والامام مقيما، فهل ينفرد الماموم اذا صلي ركعتين ويسلم؟ لا، لماذا؟ لان الماموم المسافر اذا اقتدي بامام يتم وجب عليه الاتمام؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، وقوله: «ما ادركتم فصلوا، وما فاتكم فاتموا» . طالب: الصوره ما قيدناها (...). الشيخ: يعني: اذا قلنا بجواز الانفراد بلا عذر فيجب ان يقيد هذا بما اذا ادرك الجماعه؛ يعني: اذا صلي مع الامام ركعه فاكثر؛ مثال ذلك: دخل مع الامام في اول الصلاه، ولما ركع الامام ورفع انفرد الماموم بلا عذر، ينبغي ان نقول: هذا لا يجوز، ليش؟ لانه يستلزم ترك الجماعه؛ حيث لم يدرك ركعه، وقد قال النبي عليه الصلام والسلام: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه» ، اما لو انفرد في الركعه الثانيه فهذا لا محذور فيه اذا قلنا بصحه الانفراد بلا عذر؛ لانه ادرك الجماعه حيث ادرك ركعه، فهمتم الان؟ بماذا تدرك الجماعه؟ الطلبه: بركعه. الشيخ: بركعه، زين، رجل دخل مع الامام، وفي اثناء الركعه الاولي انفرد بغير عذر، هل ادرك الجماعه؟ طلبه: لا، ما ادركها. الشيخ: ما ادركها؟ لماذا؟ الطلبه: لانه لم يصل ركعه. الشيخ: لم يصل ركعه، اذن هنا نقول: هذا ممنوع، وان قلنا بجواز الانفراد بلا عذر، لماذا يمنع؟ لانه لم يدرك الجماعه، والجماعه واجبه علي الانسان، فلا يجوز ان ينفرد انفرادا يفضي الي ترك الجماعه. اذا انفرد في الركعه الثانيه بعد ان ادرك الركعه الاولي فحينءذ يكون ادرك الجماعه واتي بواجب الجماعه، فاذا قلنا بجواز الانفراد بلا عذر فله ان ينفرد. ولكن القول الذي تطمءن اليه النفس ان الانفراد بلا عذر لا يجوز؛ لان هذا يفضي الي التلاعب؛ التلاعب مثلا: امام صلي بالجماعه، صلي بهم ركعه، اذا واحد منهم ينفرد بالركعه الاولي، وخمسه في الركعه الثانيه، والباقين في الركعه الثالثه، (...) سلم (...). *** قال: ( وان انفرد مءتم بلا عذر بطلت )، بقي عكس الصوره الثانيه وهو الانتقال من انفراد الي امامه، عرفتم فيه الخلاف. الانتقال من امامه الي انفراد هذا ايضا جاءز، وله صور؛ منها: ان تبطل صلاه الماموم؛ يكون الجماعه مكونه من امام وماموم فتبطل صلاه الماموم، فهنا يتعين ان ينتقل من امامه الي انفراد؛ لان مامومه بطلت صلاته. الصوره الثانيه: ان ينفرد الماموم عن الامام لعذر، فهنا ينتقل من امامه الي انفراد، ضروره. فاذن، نقول: اذا انفرد الامام لم تبطل صلاته، وصورته: ان يكون للماموم عذر شرعي او حسي، فينفرد عن الامامه ويبقي الامام وحده، فهنا يكون انتقل من امامه الي انفراد، ثم قال: ايش بعدها؟ طلبه: (وتبطل صلاه ماموم ببطلان صلاه امامه). الشيخ: لعلنا ننتقل الي المساله الثانيه حتي يتم الانتقالات. قال: (وان احرم امام الحي بمن احرم بهم ناءبه، وعاد الناءب مءتما صح ) هذا ايضا نوع من الانتقال، هذا انتقل من امامه الي اءتمام، اذا انتقل الانسان من امامه الي اءتمام صحت صلاته، ولها صور؛ منها ما ذكره المءلف؛ احرم شخص بقوم ناءبا عن امام الحي، وامام الحي من هو؟ هو الامام الراتب؛ الامام الراتب تخلف لعذر، وقال لفلان: صل بالناس، ثم ان عذر الامام زال فحضر الي المسجد، فتقدم الي المحراب ليكمل بالناس صلاه الجماعه، ناءبه ماذا يصنع؟ يتاخر ويصلي ان وجد مكانا في الصف، والا بقي عن يمين الامام كما فعل ابو بكر، فهنا ينتقل الامام الناءب من امامه الي اءتمام، وهذا جاءز، ودليله: ما وقع لرسول الله صلي الله عليه وسلم حين امر ابا بكر ان يصلي بالناس، فوجد صلي الله عليه وسلم خفه، فخرج الي الناس فصلي بهم، فجلس عن يسار ابي بكر، وابو بكر عن يمينه، والنبي صلي الله عليه وسلم يكبر، ولكن صوته خفي؛ فكان يكبر، وابو بكر يكبر بتكبيره ليسمع الناس ، فهنا انتقل ابو بكر رضي الله عنه من امامه الي اءتمام، وهذا جاءز. المامومون الي اي شيء انتقلوا؟ طلبه: من (...). الشيخ: لا، انتقلوا من امام الي امام اخر، لكنهم ما زالوا مءتمين، انما انتقلوا من امام الي امام اخر. وقول المءلف: ( ان احرم امام الحي بمن احرم بهم ناءبه ) نقول: ان القول الراجح انه لا فرق بين امام الحي وغيره، وانه لو صلي امام بجماعه ثم حضر قارء اقرا منه، وكان يعلم ان الجماعه يحبون ان يكون هو الامام، فلا حرج عليه ان يتقدم ويكون اماما، ويعود الامام الاول ماموما، ولا باس به . الانتقال من اءتمام الي انفراد جاءز؟ طالب: نعم، لعذر. الشيخ: من اءتمام الي انفراد لعذر جاءز، هل من الانتقال من اءتمام الي انفراد ما لو سلم الامام واحد المامومين مسبوق؟ او نقول: ان الامام تمت صلاته، ولا يكون هذا انتقالا؟ طلبه: مثال. الشيخ: رجل دخل مع الامام وقد فاته ركعه، فلما سلم الامام قام يصلي الركعه انتقل الان من اءتمام الي انفراد، لكن هذا الانفراد ضروري؛ لان صلاه الامام تمت وانتهت، فلا بد ان ينتقل اليه ولا باس به، هل يجوز ان ينتقل من اءتمام الي امامه؟ طلبه: نعم. الشيخ: ما اسرع ما تجيبون، ولعلكم تخطءون، من اءتمام الي امامه، ما هو من امامه شخص الي امامه شخص؛ يعني: كان مءتما ثم صار اماما. طلبه: نعم، يجوز. الشيخ: لان قضيه ابا بكر كان اماما ثم صار مءتما، نحن نقول عكسه. طلبه: عمر، (...) عمر مع عبد الرحمن بن عوف. الشيخ: ما فهمتم مرادي، هل يجوز ان ينتقل من اءتمام الي امامه؟ نقول: يجوز ان ينتقل من اءتمام الي امامه؛ ولها صور: الصوره الاولي: ان ينيبه الامام؛ بان يحس الامام ان صلاته ستبطل؛ لكونه احس بانتقال البول مثلا، وعرف انه سيخرج، فقدم شخصا يكمل بهم الصلاه، فقد عاد المءتم اماما، هذه واحده، وهذه المساله ستاتي في كلام المءلف، ونذكرها ان شاء الله. الصوره الثانيه: دخل اثنان مسبوقان؛ يعني: ان الامام قد صلي بعض الصلاه، فقال احدهما للاخر: اذا سلم الامام فانا امامك؛ فقال: لا باس، فلما سلم الامام صار احد الاثنين اماما للاخر، فقد انتقل هذا الامام من اءتمام الي امامه، وانتقل الثاني من امامه شخص الي امامه شخص اخر، فهل هذا جاءز؟ المذهب ان هذا جاءز؛ وانه لا باس ان يتفق اثنان دخلا وهما مسبوقان ببعض الصلاه، واتفقا علي ان يكون احدهما اماما للاخر، وقالوا: ان الانتقال من امام الي امام اخر قد ثبتت به السنه كما في قضيه ابي بكر مع النبي عليه الصلاه والسلام، وليس في هذا الا ان الانسان ينتقل من اءتمام الي امامه، وهذا جاءز. وقال بعض الاصحاب -اصحاب الامام احمد-: ان هذا لا يجوز؛ لان هذا تضمن انتقالا من امام الي امام، وانتقالا من اءتمام الي امامه، ولا يمكن ان ننتقل من الادني الي الاعلي؛ فكون الانسان اماما اعلي من كونه ماموما، ولا يمكن ان ينتقل من ادني الي اعلي، ولكن هذا التعليل عليل، قالوا: ولان هذا لم يكن معروفا في عهد السلف؛ يعني: ما كان الصحابه اذا فاتهم شيء من الصلاه يتفقون علي ان يتقدم بهم احدهم ليكون اماما لهم، ولو كان هذا من الخير لسبقونا اليه. لكن القاءلين بجوازه لا يقولون: انه مطلوب من المسبوقين ان يتفقا علي ان يكون احدهما اماما، يقولون: هذا اذا فعل فهو جاءز، وفرق بين ان نقول: انه جاءز، وبين ان نقول: بانه مستحب ومشروع، نحن لا نقول بمشروعيته، لا نندب الناس اذا دخلوا وقد فاتهم شيء من الصلاه ان يقول احدهم: اني امامكم، لكن لو فعلوا ذلك لا نقول: ان صلاتكم باطله. وهذا القول اصح، يعني: ان ذلك جاءز، لكن لا ينبغي؛ لان ذلك لم يكن معروفا عند السلف، وما لم يكن معروفا عند السلف فان الافضل تركه؛ لاننا نعلم انهم اسبق منا الي الخير، ولو كان خيرا لسبقونا اليه. فهذه عده انتقالات، واطالبكم ان تاتوا في الدرس المقبل -ان شاء الله- بانواع هذه الانتقالات، انتم عرفتم الان خمسه او سته منها. طالب: هذا رجل يري بوجوب القصر في الصلاه، وليري ان الذي لا يقصر في الصلاه (...) يعني الذي يتم في الصلاه في السفر يعتبر صلاته باطله، لو صلي مع امام فاتم هذا الامام (...). الشيخ: علي هذا الراي نقول: لا يتابع الامام. الطالب: لا يتابع الامام؟ الشيخ: لا يتابع الامام. الطالب: يجلس؟ الشيخ: يجلس وينتظر. طالب: يا شيخ -احسن الله اليك- لو تقدم امام الناءب ثم جاء الامام الراتب، هل الافضل ان يصير مءتما او يحل مكان هذا الناءب؟ الشيخ: اما السنه فقد علمتها، ولكن ليس كل احد كرسول الله صلي الله عليه وسلم، والذي يظهر ان يقال: ان حدث من ذلك تشويش علي الناس او لزم منه تخطي الرقاب، كما لو دخل الامام من الباب الخلفي فانه لا يفعل ولا يتقدم، وان لم يكن شيء من ذلك فليتقدم كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم. طالب: ذكرنا انتقال المءتم والمنفرد الي مءتم (...). الشيخ: ذكرنا انتقال المنفرد الي امامه، اقول: انتقال المنفرد الي امامه دليل علي انه يجوز ان ينتقل المنفرد الي اءتمام؛ لان الامامه والاءتمام كليهما وصف زاءد علي اصل النيه. *** طالب: قال المءلف رحمه الله تعالي: وان انفرد مءتم بلا عذر بطلت، وتبطل صلاه ماموم ببطلان صلاه امامه فلا استخلاف، وان احرم امام الحي بمن احرم بهم ناءبه وعاد الناءب مءتما صح. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. من جمله المباحث في النيه مساله الانتقالات من صفه الي صفه، اما الانتقال من صلاه الي اخري فقد سبق. الانتقال من صفه الي صفه نورد فيه اسءله ومناقشه؛ منفرد نوي ان يكون اماما؟ طالب: علي المذهب لا يجوز. الشيخ: مطلقا. الطالب: علي قول المءلف، علي المذهب لا يصح لا في (...). الشيخ: اقول مطلقا علي المذهب لا يصح، حتي وان كان يظن او يرجو حضور ماموم. الطالب: هذا قول اخر غير قول المءلف. الشيخ: نعم. الطالب: علي قول المءلف. الشيخ: ما هو المءلف، المذهب الان. الطالب: مطلقا؟ الشيخ: مطلقا. طالب: المذهب اذا جاء وغلب علي ظنه انه سيصير مءتما فلا تفسد صلاته؛ لانه نوي الامامه في الابتداء. الشيخ: اما قلنا لكم هذا؟ قلنا: اذا كان يظن ان ماموما سيحضر فان امامته تصح قولا واحدا؛ لانه دخل علي انه سيكون اماما في ثاني الحال، اذن هذه تكون مساله منفرده، وتصح حتي علي المذهب. اذا نوي الامامه في اثناء الصلاه بدون ان يكون مءملا لحضور اخر؟ طالب: اذا نوي الامامه؟ الشيخ: نعم، منفرد نوي الامامه في اثناء الصلاه دون ان يكون عنده ظن ان احدا سيحضر. الطالب: تصح الصلاه علي القول الراجح. الشيخ: اولا، بين لي المذهب، ثم ما مشي عليه الماتن، ثم الصحيح. الطالب: المذهب يقول: انها لا تصح. الشيخ: لا تصح لا في الفرض.. الطالب: ولا في النفل. الشيخ: ولا في النفل. الطالب: ما مشي عليه المءلف انها لا تصح في النفل، ولا تصح في الفرض. الشيخ: نعم. الطالب: القول الراجح انها تصح في الفرض والنفل؛ لانها (...). الشيخ: اصبر، ما بعد وصلنا الي الترجيح، سبب الترجيح ما وصلنا اليه، اذن الاقوال كم صارت؟ ثلاثه، قلها لنا. الطالب: نقول.. الشيخ: اذا نوي الامامه.. الطالب: اذا نوي الامامه.. الشيخ: وهو منفرد في الاول، ففي المساله؟ الطالب: ثلاثه اقوال. الشيخ: نعم. الطالب: القول الاول: المذهب فصلاته باطله في الفرض والنفل مطلقا. الشيخ: نعم، تمام. الطالب: القول الثاني: انها باطله في الفرض دون النفل. الشيخ: نعم. الطالب: القول الثالث: انها صحيحه مطلقا. الشيخ: في الفرض وفي النفل؟ الطالب: نعم. الشيخ: احسنت، تمام، القول الذي مشي عليه الماتن ما دليله؟ طالب: استدل بفعل النبي صلي الله عليه وسلم لما كان (...). الشيخ: جوزها في النفل، ما دليله؟ الطالب: لفعل النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله كان يصلي فصلي بصلاته ابو بكر. الشيخ: لا. الطالب: حديث ابن عباس رضي الله عنه، كان منفردا ثم نوي. الشيخ: ايش الحديث؟ الطالب: انه ذات ليله قام النبي صلي الله عليه وسلم ليصلي فقام ابن عباس رضي الله عنه فصلي بصلاته، فوقف عن يساره فاخذه الي يمينه، كان نوي الانفراد (...) عليه الصلاه والسلام. الشيخ: انا اريد الحديث بس، لو تسوق لي الحديث. الطالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله قام فتوضا من الليل.. الشيخ: وقام يصلي من الليل. الطالب: ثم قام ابن عباس فتوضا، وقام عن يساره صلي الله عليه وسلم، فاخذ النبي صلي الله عليه وسلم بغرته او (...) عن يساره ووقفه علي يمينه. الشيخ: وجه الدلاله؟ الطالب: وجه الدلاله انه كان منفردا ثم صار اماما.. الشيخ: كان النبي منفردا ثم صار اماما، وصلاه الليل نفل. حجه القاءلين بالجواز في الفرض والنفل؟ طالب: قالوا: ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل، وقد ثبت في النفل (...). الشيخ: ولا دليل يمنعه في الفرض. هل لك ان تاتي بدليل يدل علي هذه القاعده التي اصلت، وهي ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل؟ الطالب: ان الصحابه رضوان الله عنهم اخذوا صلاه النبي صلي الله عليه وسلم في السفر. الشيخ: علي راحلته. الطالب: كان يصلي علي راحلته اينما توجهت به، قالوا: غير انه لا يصلي عليها الفريضه، لو كانت الفريضه (...). الشيخ: صح، وفي بعض الاحاديث بعد، كان يوتر علي راحلته حيثما توجهت به غير انه لا يصلي عليها المكتوبه. دليل القاءلين بالمنع بانه لا يصح لا في الفرض ولا في النفل؟ الطالب: قال: لان هذا دخل في الصلاه، ثم ابطلها فبطلت وانتقل (...). الشيخ: يعني غير؟ الطالب: غير النيه. الشيخ: يعني: دخل في الصلاه بنيه الانفراد فغير تلك النيه. الطالب: الي نيه.. الشيخ: الي نيه اخري، والامامه لا تصح الا من اول الصلاه، ولكن القول الراجح؟ الطالب: انها تصح. الشيخ: انها تصح ؛ لان هذا ليس تغيير نيه الصلاه، لم ينتقل من صلاه الي صلاه، ولكن تغيير نيه صفه في صلاه، منفرد، مءتم، امام. اذا انتقل من انفراد الي اءتمام؟ طالب: من انفراد الي اءتمام؟ الشيخ: نعم، يعني: صلي منفردا، ثم حضرت جماعه فدخل معهم علي انه ماموم، فهل تصح او لا تصح؟ الطالب: القول الراجح انها تصح، اما علي المذهب.. الشيخ: تصح. الطالب: نعم. الشيخ: قياسا علي انتقال المنفرد؟ الطالب: الي الامامه. الشيخ: الي الامامه، والقول الثاني؟ الطالب: القول الثاني: انها لاتصح؛ لانه غير النيه. الشيخ: غير النيه، وهل المءلف يوافق المذهب في هذا؟ طالب: يوافقه. الشيخ: يوافقه؟ الطالب: نعم. الشيخ: ويش الدليل؟ كلام المءلف ايش يقول؟ ( ان نوي المنفرد الاءتمام لم تصح )، صح. انتقل من اءتمام الي انفراد قبل تمام صلاه الامام؟ اما بعد صلاه تمام الامام فواضحه. طالب: يصح. الشيخ: يصح، لعذر، ولغير عذر؟ طالب: بغير عذر. الشيخ: عجيب، تصح بغير عذر، ولعذر لا تصح؟ هذا حكم مقلوب، انت فاهم الموضوع؟ فهمه زين؟ انت مع الامام، تصلي مع الامام، ثم خليت الامام وانفردت وكملت الصلاه لوحدك، وايش تقول؟ يجوز ولا تبطل الصلاه؟ الطالب: لعذر. الشيخ: لعذر؟ طالب: نعم. الشيخ: يجوز، ولغير عذر؟ الطالب: لا تصح. الشيخ: تبطل صلاته. الطالب: نعم. الشيخ: صح يا جماعه؟ طلبه: صح. الشيخ: لقول المءلف: ( وان انفرد مءتم بلا عذر بطلت ). طالب: (...). الشيخ: لا، هذاك الامامه اللي في الفرض. الطالب: (...). الشيخ: يقول المءلف هنا: ( وان نوي المنفرد الاءتمام لم تصح ). الطالب: (...) غلط. الشيخ: لا، ما هي بغلط. الطالب: عندنا (...). الشيخ: غلط، اشطب عليها. نريد صورا لانفراد الماموم لعذر. طالب: (...). الشيخ: يعني: في اثناء الصلاه احس بمرض لا يتمكن معه من متابعه الامام فانفرد واتم وحده، كذا؟ طلبه: نعم. الشيخ: هذه واحده، الثاني؟ طالب: اطاله الامام. الشيخ: اطاله الامام، صح، لكن هل المراد: اطاله تخرج عن المالوف عند هذا المءتم؟ الطالب: لا، تخرج عن السنه. الشيخ: تخرج عن السنه، احسنت، عندك دليل في هذا؟ الطالب: احفظ معناها، لكن يا شيخ.. الشيخ: لك الروايه بالمعني. الطالب: ان رجلا صلي مع احد الصحابه، ثم اطال الصلاه فاحد المامومين ترك الصلاه، ثم ذهب يشكو لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فالنبي صلي الله عليه وسلم وبخ الصحابي علي الاطاله، ولم ينكر علي الماموم قطعه للصلاه. الشيخ: احسنت. طلبه: (...). الشيخ: لا، قطع الصلاه. صحيح، والامام هو معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو من افقه الصحابه. الصوره الثالثه؟ الطالب: (...). الشيخ: اصابته ريح، غازات، بحيث لا يستطيع ان يكمل مع الامام، فله ان ينفرد ويتمم وينصرف، كذا؟ ومن ذلك صلاه الخوف، فان الطاءفه الاولي تنفرد اذا صلي الامام ركعه انفردت واتمت لنفسها وذهبت تجاه العدو. بعض العلماء استثني فيما اذا انفرد لعذر مساله، ما هي؟ طالب: اذا كان لا يستفيد من الانفراد. الشيخ: صح، اذا كان لا يستفيد من الانفراد شيءا فانه لا ينفرد؛ بحيث يكون الامام يسرع في صلاته اسراعا علي قدر ما يجب، فاننا لو فرضنا ان الماموم ينفرد ليسرع اكثر صار اسراعه مخلا بالواجب، وهذا الاستثناء صحيح. فيه ايضا من الانتقالات: انتقل من امامه الي اءتمام؟ يعني: كان اماما ثم صار ماموما. طالب: علي القول الارجح انها صحيحه. الشيخ: واللي ما هو بارجح؟ الظاهر انكم تمشون علي قولين قولين، وارجح ومرجوح. الطالب: (...) الرسول صلي الله عليه وسلم، عندما كان يصلي ابو بكر رضي الله عنه دخل (...) في اثناء الصلاه، باعد عن الصفوف، ثم احس ابو بكر رضي الله عنه (...). الشيخ: المهم ان الرسول صلي الله عليه وسلم دخل المسجد، وتقدم الي الصف الاول، وجلس في مكان الامام فصار ابو بكر بعد ان كان اماما صار ماموما، صح؟ طالب: نعم. الشيخ: فيه ايضا هل ينتقل من امام الي امام اخر؟ هل يجوز ان ينتقل؟ طالب: نعم، ينتقل ولكن (...). الشيخ: لا، (...) هل يجوز او لا؟ الطالب: نعم يجوز. الشيخ: ما الدليل؟ طالب: اقول مثالا فقط، ما عندي دليل. الشيخ: سبحان الله، قاله زميلك قبل قليل. الطالب: حديث ابي بكر؟ الشيخ: اي، حديث ابي بكر، كان الناس في الاول امامهم ابو بكر، ثم في الثاني صار النبي صلي الله عليه وسلم، اذن يجوز ان ينتقل من امام الي امام اخر. طالب: الانتقالات سبعه؟ الشيخ: سبعه او اكثر، المهم كل الانتقالات هذه يجوز فيها الانتقال من صفه الي صفه علي القول الراجح، ولا يستثني من هذا شيء الا ما كان انفراد الماموم فيه لا يفيد شيءا، فهذا استثناءه واضح. *** قال المءلف: ( وتبطل صلاه ماموم ببطلان صلاه امامه فلا استخلاف ). صلاه الماموم لا شك انها مرتبطه بصلاه الامام؛ ولهذا يتحمل الامام عن الماموم اشياء كثيره منها: التشهد الاول اذا قام الامام عنه ناسيا فان الماموم يلزمه ان يتابع امامه؛ لحديث عبد الله بن بحينه رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي بهم الظهر؛ فقام من الركعتين ولم يجلس، فقام الناس معه . ومنها: الجلوس الذي يسمي جلسه الاستراحه، فان الامام يتحملها عن الماموم، اي اذا كان الامام لا يجلس فان المشروع في حق الماموم الا يجلس؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، ولان الماموم يدع الجلوس للتشهد الاول وهو واجب من اجل متابعه الامام، ولان الماموم يجلس في ثانيه الامام، وهي له اولي من اجل متابعه الامام؛ يعني: لو دخلت في الركعه الثانيه من الظهر او العصر جلست في الركعه الاولي التي هي ثانيه الامام؛ ولان الماموم يدع التشهد الاول في ثانيته التي هي للامام ثالثه، كل ذلك من اجل متابعه الامام؛ ولهذا نص شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله علي انه اذا كان الامام لا يجلس للاستراحه فان الاولي للماموم الا يجلس؛ لتحقيق المتابعه، كما انه اذا كان الامام يجلس للاستراحه فالاولي للماموم ان يجلس، وان كان هو لا يري مشروعيه الجلوس، من اجل متابعه الامام؛ لان الشارع يحرص علي ان يتفق الامام والماموم. اما الشيء الذي لا يقتضي تاخرا عن الامام ولا تقدما عليه، فهذا يتبع الماموم ما يراه؛ مثلا: لو كان الامام لا يري رفع اليدين عند التكبير للركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الاول، والماموم يري ان ذلك مستحب فانه يفعل ذلك؛ لانه لا يستلزم تاخرا عن الامام ولا تقدما عليه؛ ولهذا قال الرسول: «اذا ركع فاركعوا، اذا سجد فاسجدوا واذا كبر فكبروا» ، والفاء تدل علي الفوريه والتعقيب. لكن مساله رفع اليدين ما يكون فيها تخلف ولا سبق، وكذلك ايضا: لو كان الامام يتورك في كل تشهد حتي في الثناءيه؛ يعني: في كل تشهد يعقبه سلام حتي في الثناءيه، والماموم لا يري انه يتورك الا في التشهد الثاني فيما يشرع فيه تشهدان، فانه هنا له الا يتورك مع امامه في الثناءيه؛ لان هذا لا يءدي الي تخلف ولا سبق. ويتحمل عنه -اي الامام- عن الماموم سجود السهو بشرط ان يدخل الماموم مع الامام في اول الصلاه؛ يعني: لا يفوته شيء من الصلاه، فلو قدر ان الماموم جلس للتشهد الاول، ونسي وظن انه بين السجدتين، فصار يقول: رب اغفر لي وارحمني، ولما اطال الامام بدا يكرر: رب اغفر لي، حتي قام الامام فعرف انه في التشهد الاول فقام مع امامه، فهنا يتحمل عنه الامام سجود السهو، ان كان لم يفته شيء من الصلاه، وذلك لانه لو سجد في هذه الحال لادي الي مخالفه الامام، اما لو فاته شيء من الصلاه فان الامام لا يتحمل عنه. ومن ذلك: ان الامام يتحمل عن الماموم قراءه غير الفاتحه في الصلاه التي يشرع فيها قراءه زاءده علي الفاتحه في الجهريه، مثل: لو قرا الامام في الجهريه الفاتحه، وقرات الفاتحه انت، ثم قرا ايات اخري فانه يتحمل ذلك عنك، ولا يشرع لك ان تقرا شيءا من الايات سوي الفاتحه. ومنها الستره؛ فان ستره الامام ستره للماموم. المهم ان بين صلاه الامام والماموم ارتباطا وثيقا؛ فمن ثم قال المءلف: ( تبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام ) يعني: اذا حدث للامام ما يبطل صلاته بطلت صلاته وصلاه المامومين، وان لم يوجد منهم مبطل، ولا يستثني من ذلك شيء الا اذا صلي الامام محدثا ونسي، او جهل ولم يعلم بالحدث، او لم يذكر الحدث الا بعد السلام، فانه في هذه الحال يلزم الامام اعاده الصلاه، ولا يلزم الماموم اعادتها حتي علي المذهب، يعني: لو صلي بهم محدثا او علي ثوبه نجاسه، او علي بدنه نجاسه ولم يعلم بها الا بعد الصلاه فانه يلزمه الاعاده علي المذهب ولا يلزم المامومين. وعلي هذا؛ يقول المءلف: ( وتبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام فلا استخلاف )، اي: فلا يستخلف الامام من يتم بهم الصلاه اذا بطلت صلاته، و( لا ) نافيه للجنس، و( استخلاف )؟ طالب: اسمها. الشيخ: اسمها؛ يعني: ان الامام اذا بطلت صلاته فانه لا يستخلف من يصلي بهم. مثال ذلك: امام في اثناء صلاته سبقه الحدث، ومعني سبقه الحدث: انه احدث ببول او ريح او غير ذلك من الاحداث، فان صلاته تبطل، وتبطل صلاه الماموم فيلزمهم اعاده الصلاه، فان احس بالحدث وامر من يتم بهم الصلاه قبل ان تبطل صلاته، فهذا جاءز، لانه استخلف بهم من يتم الصلاه قبل ان تبطل صلاته، فلما استخلف بهم من يتم بهم الصلاه قبل بطلان الصلاه صار مستخلفا لهم وصلاته صحيحه، والامام الناءب شرع بهم وهم في صلاه صحيحه فيتمها بهم، فيكون قول المءلف: ( فلا استخلاف )، اي: بعد بطلان الصلاه ( وتبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام فلا استخلاف ) بعد بطلان صلاه الامام. ومن ذلك: اذا شرع في الصلاه ثم ذكر في اثناءها انه ليس علي وضوء، فان صلاته تبين انها غير منعقده؛ لانه محدث، والمحدث لا تنعقد صلاته، وماذا يصنع؟ لا يستخلف، بل يستانف المامومون صلاتهم؛ ويذهب هو ويتوضا؛ لانه تبين في اثناء الصلاه ان صلاته باطله، ولا يمكن ان يبني خليفته علي صلاه باطله، فلا استخلاف وهذا الذي ذهب اليه المءلف، والمشهور من المذهب. ولكن القول الثاني في المذهب الذي اختاره شيخ الاسلام وجماعه من اهل العلم: انه يستخلف، وان صلاه الماموم لا تبطل بصلاه الامام، بل اذا بطلت صلاه الامام بطلت صلاته، وبقيت صلاه الماموم؛ ووجه ذلك: ان صلاه الماموم صحيحه، والاصل بقاء الصحه، ولا يمكن ان نبطلها الا بدليل صحيح، الامام بطلت صلاته بمقتضي الدليل الصحيح، احدث مثلا، تبين انه ليس علي وضوء، لكن الماموم دخل بطاعه الله، وصلي بامر الله، فلا يمكن ان نفسد صلاته الا بامر الله، فاين الدليل من كتاب الله، او سنه رسوله، او اجماع المسلمين علي ان صلاه الماموم تبطل بصلاه الامام؟ ليس هناك دليل، والارتباطات المذكوره لا تستلزم ان تبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام. وبناء علي هذا القول فانه اذا سبق الامام الحدث، او ذكر انه ليس علي وضوء فانه يقدم احد المامومين ليتم بهم الصلاه، فيقول: يا فلان تقدم، اتم بهم الصلاه، ولا يحل له ان يقول لهم: استانفوا الصلاه؛ لانه اذا قال: استانفوا الصلاه اخرجهم من فرض، والخروج من الفرض لا يجوز الا بسبب شرعي، وليس هذا سببا شرعيا، ولهذا قال العلماء: من دخل في فرض حرم عليه قطعه الا بعذر، وهذا ليس بعذر، فالاصل صحه صلاتهم وعدم جواز الخروج منها فيقول: يا فلان، اتم بهم الصلاه، فان لم يقل ذلك؟ فلهم ان يقدموا احدهم ليتم بهم الصلاه، فان لم يفعلوا اتموها؟ طلبه: فرادي. الشيخ: فرادي، ولكن الاحسن ان يقول لهم: يا فلان، تقدم اتم بهم الصلاه لءلا يحصل عليهم تشويش؛ لانهم قد ينبهرون ماذا يصنعون؟ فاذا قال: يا فلان تقدم، اتم بهم الصلاه، انا احدثت، او انا ذكرت اني لست علي وضوء، او انا حصل علي ماغص، او انا مثلا راجت كبدي مثلا، او ما اشبه ذلك، المهم يذكر عذره او لا يذكر، انما يقول: يا فلان كمل بهم، من اجل الا يقع ارتباك وتشويش علي المامومين، ليس فيه هناك شيء تبطل به صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام الا فيما يقوم الامام فيه مقام الماموم، الذي يقوم فيه الامام مقام الماموم، هذا هو الذي اذا اختل اختلت صلاه الماموم؛ لان ذلك الفعل من الامام للامام وللمامومين، مثل: الستره؛ ستره الامام ستره لمن خلفه، فاذا مرت امراه بين الامام وسترته بطلت صلاه الامام وبطلت صلاه الماموم، لماذا؟ لان هذه الستره مشتركه، ولهذا لا نامر الماموم بان يتخذ ستره، لا نامره نقول: اتخذ ستره، بل لو اتخذ ستره لعد متنطعا مبتدعا، لكن فلما كان هذا الفعل مشتركا –اعني الستره- مشتركا بين الامام والماموم صار انتهاكه في حق الامام انتهاكا في حق الماموم، فبطلت صلاه الماموم كما بطلت صلاه الامام. وهنا قاعده مهمه وهي: ان من دخل في عباده حسب ما امر فاننا لا نبطلها الا بدليل، وهنا المامومون دخلوا في الصلاه مع الامام حسب ما امروا، فاذا تبين للامام في اثناء الصلاه انه لم يتوضا، فهل جري من الماموم تفريط؟ ابدا، الماموم تقدم؛ امام مسلم الاصل صحه صلاته تقدم يصلي، فتقدم الماموم يصلي معه {اتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، فاذا ذكر الامام انه ليس علي وضوء ما علينا منه، نحن لو علمنا انه علي غير وضوء صح، ما يجوز ان نصلي خلفه؛ لان هذا تلاعب في دين الله، لكن لم نعلم، ما ذنبنا نحن؟ ونحن قد قمنا بما يجب علينا من تقوي الله عز وجل والصلاه خلف امام مسلم، ما يصلي بلا وضوء. لو ان هذا مما يبطل الصلاه لقال قاءل: اذن اذا تقدم الامام يقول له الناس: يا امامنا، هل انت محدث ولا علي وضوء؟ اقول: ربما نخشي بعدين في اثناء الصلاه يذكر انه علي غير وضوء فتبطل صلاته، في التشهد الاخير ذكر انه علي غير وضوء، معناها اربع ركعات كلها راحت هدرا، ويش ذنبنا، ما سوينا شيء ولا فرطنا، فنحن نخشي انه في التشهد الاخير يلتفت علينا والله يا جماعه (...)، ما انا علي وضوء، اذن نذكره اذا تقدم، نقول افتكر: هل انت علي وضوء ولا لا؟ ما احد يقول بهذا، انما نصلي خلفه بناء علي ان الاصل؟ الطلبه: الطهاره. الشيخ: الاصل صحه صلاته، سياتنا ان شاء الله في الامامه ان عثمان بن عفان صلي في الناس وهو جنب ناس، فاعاد ولم يعيدوا ، لكن هم يقولون: عثمان لم يذكر الا بعد سلامه، نقول: اذا قلتم بان الصلاه جمله صحيحه لعدم علم الماموم فصحه بعضها من باب اولي، اي فرق بين ان يعلم الماموم قبل ان يسلم الامام وبين الا يعلم الا بعد سلام الامام. "},{"Id":1706,"Name":"02 كتاب الصلاة 16","Sort":38,"Version":0,"LessonText":"

إنما نصلي خلفه بناءً على أن الأصل.
طلبة: صلاته.
الشيخ: الأصل صحة صلاته؛ ولهذا الصحابة رضي الله عنهم -سيأتينا إن شاء الله في الإمامة- أن عثمان بن عفان صلى في الناس وهو جنب ناسيًا، فأعاد، ولم يعيدوا .
لكن هم يقولون: عثمان لم يذكر إلا بعد سلامه.
نقول: إذا قلتم بأن الصلاة جُملة صحيحة لعدم علم المأموم، فصِحَّة بعضها من باب أولى؛ أي فرق بين أن يعلم المأموم قبل أن يُسلِّم الإمام وبين ألَّا يعلم إلا بعد سلام الإمام؟
أما من علم أن إمامه منتقض وضوؤه فنعم، لا يجوز أصلًا أن يدخل مع الإمام؛ لأنه ائتم بمن لا تصح صلاته، وهذا تلاعب في دين الله.
خلاصة القول في هذه المسألة: هل تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام؟
نقول: للعلماء في ذلك قولان؛ قول: تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام.
وهذا هو المشهور من المذهب، وبناءً على ذلك فإن الإمام إذا بطلت صلاته لا يستخلف من يتم بهم الصلاة، بل عليهم أن يستأنفوا الصلاة من جديد.
وهذ القول ليس عليه دليل، بل الدليل على خلافه، ليس عليه دليل سوى تعليل عليل، وهو ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، ونحن نُقر بذلك، كما ربطها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ». الحديث.
لكن هل يلزم من هذا الارتباط أن الإمام إذا بطلت صلاته تبطل صلاة المأموم؟
ليس بلازم؛ وذلك لأن المأموم دخل في صلاة حسب ما أُمر به، فلا يخرج إلا بدليل على أنه فسدت صلاته، والأصل الصحة.
يُسثنى من ذلك ما إذا بطلت صلاة الإمام لخلل في شيء مشتَرك بينه وبين المأموم، فهذا يُستثنى، مثل؟
طلبة: السترة.
الشيخ: السترة؛ فإنه إذا قطعت صلاة الإمام فبطلت بطلت صلاة المأموم؛ لأن سترة الإمام مشتركة بينه وبين المأموم.
وعلى هذا فنقول: على القول الراجح أنها لا تبطل، نقول: ولا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام فيستخلف من يتم بهم الصلاة.
وقد استدل بعض أهل العلم بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طُعِن وهو في صلاة الفجر، فأمر عبد الرحمن بن عوف أن يُصلِّي بالناس .
فإنه ليس بالحديث أن عبد الرحمن استأنف، ومعلوم أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبقه الحدث، وتكلم وقال -أظن-: أكلني الكلب، وهذا كله مفسد للصلاة، ومع ذلك لم يُنقل أنه أمر عبد الرحمن أن يستأنف بهم الصلاة.
على كل حال، على فرض ألَّا يتم الاستدلال بهذا الأثر، فإن لدينا القاعدة الثابتة الراسخة، وهي أن من دخل في عبادة على الوجه المأمور به، فإنه لا يخرج منها إلا بدليل؛ لأن الأصل صحتها، لا سيما وأن الصلاة قد تكون فريضة، والفريضة لا يجوز الخروج منها إلا بدليل شرعي.
طالب: إذا انفرد المؤتم بعذر، ثم في حال انفراده زال عذره. هل يرجع ويدخل مع الإمام أو (...)؟
الشيخ: سمعتم السؤال؟ انفرد لعذر، ثم زال العذر، فهل له أن يرجع مع الإمام أو يستمر على انفراده؟ قال الفقهاء: إنه يجوز أن يرجع مع الإمام.
فقيل لهم: إن هذا ينقض قاعدتكم في قولكم: إذا نوى المنفرد الائتمام لم تصح، فهذا رجل انفرد، ثم قلتم له أن يعود، فيكون مأمومًا.
قالوا: لأن هذا كان في الأول مأمومًا، فرجوعه إلى الائتمام ثانية ليس ابتداء ائتمام، وإنما هو عود إلى ائتمام.
شوف سبحان الله! تفريق لفظي، الصورة مختلفة صحيح، لكن المعنى واحد؛ رجع من انفراد إلى ائتمام، وأنتم تُجوِّزون ذلك.
المهم أنهم يقولون -رحمهم الله-: يجوز أن يرجع مع إمامه، ولكن إذا قدرنا أنه قد صلى ركعة، ثم عاد مع إمامه وهو لم يزل في ركعته.
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: فإذا قام الإمام ليكمل صلاته؟
طلبة: يجلس.
الشيخ: يجلس وينتظره، أو ينفرد ويتم؟
لا، هذه ترد أحيانًا فيما إذا سَلَّم الإمام قبل تمام صلاته، ثم قام المأموم ليقضي ما فاته، ثم قيل للإمام: إنه باقٍ علينا ركعة، فقام الإمام ليكمل هذه الركعة، ترد هذه كثيرًا.
هل يرجع هذا المأموم الذي قام ليقضي ما فاته مع الإمام، ثم يقضي ما فاته بعد سلام الإمام؟ أو نقول: هذا انفرد ويستمر؟
نقول: هو مُخيَّر؛ هو انفرد الآن، انفرد بمقتضى الدليل الشرعي أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نقول: إذن أنت معذور بهذا الانفراد، إذا عاد الإمام لقضاء باقي صلاته، أو إذا عاد لتكميل صلاته فأنت بالخيار: إن شئت استمر على صلاتك، وإن شئت فارجع مع الإمام.
طالب: يكمل اللي فاته مع الإمام.
الشيخ: كيف يكمل؟
الطالب: يعني الإمام نهض ليأتي باللي فاته، وهذا جاء..
الشيخ: هذا قد نهض مثلًا، لنفرض أنه جاء بركعة، والناس يتداولون نقصت، ولا يقول ما نقصت حتى يتبين النقص.
الطالب: نقص ركعة.
الشيخ: فجاء بركعة، المأموم المسبوق جاء بركعة، ثم دخل مع الإمام في ركعته يُسلِّم معه.
الطالب: لا، ما ينبغي أن يكون مع الإمام ركعة.
الشيخ: كيف ما ينبغي؟ شو ما ينبغي؟
الطالب: يعني هو ذاك الجماعة ركعة. وهو يخالف الركعتين، لو قام يكمل الركعة، والجماعة يعني يتناقشون، كمل الركعتين.
الشيخ: كل الركعتين؟
الطالب: لا، كمّل ركعة، ودولا كملوا ركعة، وسلَّموا قبل.
الشيخ: ويش تقول؟
الطالب: هو عليه ركعتان يا شيخ، أصلًا عليه ركعتان.
الشيخ: الإمام عليه ركعة.
الطالب: المأموم.
الشيخ: الإمام عليه ركعة؟
الطالب: الإمام عليه ركعة.
الشيخ: والمأموم بيؤدي ركعتين، فقام هذا المأموم ليكمل.
الطالب: إي، ما كمّل ركعتين، وإلا ودولا مكملين الركعة.
الشيخ: هذا اللي إحنا نقول!
طلبة: أيش يسوي؟
الطالب: يصلي ركعتين، ويصلي واحدة.
الشيخ: لا، خلاص يُسلّم.
الطالب: أصلًا فاته أصلًا؛ لأن الإمام نَاسٍ.
الشيخ: فاته كم؟
الطالب: يعني فايته ثلاث على..
الشيخ: كم صلَّى مع الإمام هو؟
الطالب: صلَّى ثنتين.
الشيخ: إذن فايته؟ ثنتين، لكن هو ظن أن الإمام سلم قبله ركعتين، وهم ما صلى قبله إلا ركعة.
طالب: شيخ، مثلًا تثقل الصلاة إذا كان (...)، ولا يفعل ذلك.
الشيخ: هي لو كان أنها ثقيلة لقلنا: حرام تبطل الصلاة، لكن نظرًا إلى أنها خفيفة، قال شيخ الإسلام: إن الأولى ألَّا يجلس، ما قال يحرم، علشان في التشهد الأول، لو جلس للتشهد الأول صار حرامًا؛ لأن الجلسة طويلة، لكن هذه حيث إنها خفيفة ما يظهر فيها مخالفة بينة صار الأولى ألَّا يجلس، ولكن لو جلس لم يأثم.
على أن جلسة الاستراحة -في الحقيقة- لو أنك تعمَّقت في الحديث لوجدت أنها جلسة ما هي خفيفة كما يفعل بعض الناس الآن، هذه الجلسة الخفيفة في الحقيقة تعب ما هي جلسة استراحة، بل هي جلسة يستقر، ولهذا في حديث مالك بن الحويث: «حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَنْهَضَ عَلَى يَدَيْهِ» .
يعني لو أنك تشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لوجدت أنها جلسة فيها شيء من الاطمئنان، ثم فيها شيء من العناء في القيام، ولهذا يقوم على يديه، وليس هذا القيام على اليدين -فيما يظهر، والله أعلم- إلا لأجل أن سهولة النهوض؛ ولهذا جاء في الحديث يعتمد على يديه ليسهل النهوض، بخلاف وضع اليدين على الركبتين مثلًا، أو على الصدر، فهذا عبادة بلا شك، لكن القيام على اليدين بعد هذا الجلوس، متردِّد بين أن يكون عبادة، وبين أن يكون للاستعانة على النهوض.
وكذلك الجلوس؛ فإن الإنسان يشك هل هو عبادة أو من أجل الاستراحة، فيقوى عنده أنه ليس عبادة، بأنه لو كان عبادة لكان مقصودًا، ولو كان مقصودًا لكان له ذِكر، كسائر الأفعال التي في الصلاة، فإنه ما من فعل مقصود فيها إلا وله ذِكر خاص، أما هذا فليس له ذكر، ولهذا رجح الموفق -رحمه الله- في المغني، وابن القيم في زاد المعاد القول الوسط في هذه المسألة؛ أن من كان يشق عليه أن يقوم بسرعة فإنه يجلس؛ لأن الله تعالى يحب اليسر على العباد، ومن لم يكن كذلك فالأفضل النهوض؛ لأن هذا أنشط في القيام؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ» يعني يكون الإنسان معتدلًا؛ ما يضع ذراعيه على ركبتيه أو على الأرض، فإن هذا سجود إنسان فيه شيء من الكسل، فكلما كان الإنسان أقوى فهو أحسن. (...)
طالب: الشروط جمع (شرط)، وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود.
الشيخ: ما الفرق بينه وبين السبب؟
الطالب: أن السبب هو ما يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم.
الشيخ: إذن الفرق؟
الطالب: أنه لو عُدم..
الشيخ: الفرق، ما هو بالحكم؟
طالب: الفرق أن الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، وأما السبب فيلزم من وجوده الوجود.
الشيخ: صح؛ الفرق أن الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، وأما السبب فيلزم من وجوده الوجود. ما الفرق بين الشرط والمانع؟
طالب: الشرط؟
الشيخ: نعم، ما تعرف؟
الطالب: ما أعرف الشرط.
الشيخ: الأخ.
طالب: المانع ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه الوجود.
الشيخ: إذن الفرق؟
الطالب: بينه وبين..
الشيخ: الشرط.
الطالب: أن الشرط ما يلزم من عدمه العدم، والمانع ما يلزم من..
الشيخ: وجوده العدم.
الطالب: من وجوده العدم.
الشيخ: إذن هو عكس الشرط، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يقول المؤلف: إن شروط الصلاة قبلها، لماذا قال: شروطها قبلها؟
طالب: لأنها واجبة لها، لا فيها.
الشيخ: إي، لكن لماذا قال؟ ليبين الفرق بينها وبين.
الطالب: الأركان.
الشيخ: وبين الأركان؛ فإن الأركان منها، أما هذه فهي قبلها، ويجب أن تستمر فيها كلها، أما الأركان فهي منها وتتنقّل؛ قيام، ثم ركوع، ثم سجود، ثم قعود، أما هذه فهي مستمرة من أول العبادة إلى آخرها.
لماذا بدأ المؤلف بالوقت؟
طالب: بدأ بالوقت؛ لأنه أول شرط يلزم لفعل الصلاة.
الشيخ: ما فهمنا.
الطالب: بدأ بالوقت؛ لأنه أول شرط يبدأ به الصلاة.
طالب آخر: لأنه أهم شروط الصلاة.
الشيخ: لأنه أهم الشروط؛ ولهذا تجب مراعاته، وإن فاتت الشروط الأخرى؛ فلو قدر أن الإنسان ما عنده ماء يتوضأ به، ولا ما يتيمم به، وخاف فوات الوقت وجب أن يصلي بلا وضوء ولا تيمم، ولو لم يكن عنده ما يستر به عورته؛ وجب أن يصلي ولو كان عريانًا.
فبدأ به؛ لأنه أهم الشروط، ولهذا تجب مراعاته، وإن فاتت بعض الشروط أو عجز عن بعض الأركان.
الشيخ: ما هو الدليل على اشتراط الوقت من القرآن؟
طالب: قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣].
الشيخ: نعم، قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}.
يعني مفروضًا بوقت معين. الصلوات كم الموقتة؟
طالب: خمسة.
الشيخ: خمسة، اذكرها.
الطالب: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر.
الشيخ: هل في القرآن ما يشير إلى هذه الأوقات الخمسة؟
الطالب: قوله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
الشيخ: لا، هذه تدل على مجرد الوقت، أنا أقول: الأوقات الخمسة.
طالب: قوله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨].
الشيخ: أين الوقت؟
الطالب: إي نعم، {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨].
الشيخ: صح؟
طالب: نعم.
الشيخ: أنا أخبركم، الطالب إذا جاء بدليل خطأ يكون خطأً من وجهين؛ من جهة الدليل، ومن جهة الاستدلال، ولَّا لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: انتبهوا. ما هي بالمسألة جواب سؤال وبس، كيف؟
طالب: أقول: باللازم خطأ، الدليل يكون خطأ استدلال.
الشيخ: لا، قد يأتي بالدليل، ولا يفي الاستدلال. يلا الآن: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى} [الإسراء: ٧٨].
الطالب: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}.
الشيخ: بس ذا؟
الطالب: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}، هذه صلاة الفجر.
الشيخ: إذن {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي؟
الطالب: هذه صلاة.
الشيخ: أي؟
الطالب: أي الظهر والعصر.
الشيخ: لا، يا أخي، دلوك الشمس، ويش معناه؟
الطالب: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}.
الشيخ: إي، ويش هو دلوك الشمس؟
الطالب: دلوك الشمس إلى وقت الغروب كده!
الشيخ: عبِّر عنها.
طالب: لزوال..
الشيخ: ترى اللي فاهمه، لكن أنت عبرت عنه، دلوك الشمس يعني زوالها.
طيب {غَسَقِ اللَّيْلِ}؟
الطالب: {غَسَقِ اللَّيْلِ} إلى ظلمة الليل.
الشيخ: شدة الظلمة؟
الطالب: شدة الظلمة.
الشيخ: هذا الوقت من دلوك الشمس إلى غسق الليل، ويش يدخل فيه؟
الطالب: من دلوك الشمس إلى غسق الليل، هذا يدخل فيه المغرب والعشاء.
الشيخ: (...) مع المغرب.
الطالب: دلوك الشمس هذا.
الشيخ: يعني أظن إذا صلينا الظهر ما هو بعد المغرب.
الطالب: لا، دلوك الشمس هذا شو اسمه؟ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.
الشيخ: والمغرب والعشاء صح، أربع صلوات؟
الطالب: نعم.
الشيخ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وحدها، كذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: لماذا جمع الله هذه الأوقات الأربعة في وقت واحد؟ {لدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨]؟
طالب: لأهمية صلاة الفجر.
الشيخ: سلامك!
طالب: لأنه لا يوجد فاصل بين أوقات هذه الصلوات الأربعة.
الشيخ: أحسنت.
الطالب: بالنسبة للفجر فيوجد فاصل.
الشيخ: أوقاتهم متواصلة، واضح؟ من نصف النهار إلى نصف الليل، بعد نصف الليل ما فيه وقت لا للعشاء ولا لغيره، والفجر مستقلة بنفسها، لا يتصل بها صلاة قبلها ولا صلاة بعدها، أما السنة؛ فبينها الرسول عليه الصلاة والسلام بيانًا واضحًا، فوقت الظهر من إلى؟
طالب: من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثله.
الشيخ: إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، كذا؟
طالب: بعده هي الزوال.
الشيخ: بعده هي الزوال، اشرح لي الكلمة هذه.
الطالب: أشرح الكلمة؟
الشيخ: إي، اشرحها بالمثال إن شئت.
الطالب: إذا أتينا بشاخص.
الشيخ: نعم، شاخِص أي؟
الطالب: أي شيء مرتفع عن الأرض.
الشيخ: أي شيء مرتفع عن الأرض؛ كالعصا.
الطالب: كالعصا، ثم جاءت الشمس.
الشيخ: ركزناه في الأرض.
الطالب: في الأرض بشكل عمودي، ثم جاءت الشمس إلى كبد السماء.
الشيخ: لا، أول، خلينا نبدأ مع الشمس من أول ما تيجي.
الطالب: من الفجر.
الشيخ: لا، ما هو من الفجر، من طلوعها؛ لأنها قبل طلوعها ما ندري عنها.
الطالب: صعدت الشمس من المشرق.
الشيخ: كلما ارتفعت.
الطالب: كلما ارتفعت كان لهذا الشخص ظل معين، فكلما ارتفعت كلما تناقص هذا الظل.
الشيخ: كلما تناقص، خطأ في اللغة العربية.
الطالب: نقص هذا الظل.
الشيخ: إي، صح، كلما ارتفعت نقص الظل، تمام.
الطالب: حتى يصير لا ظل له.
الشيخ: لا.
الطالب: أو يزداد الظل من الجهة الأخرى قليلًا.
الشيخ: حتى يقف النقص.
الطالب: حتى يقف النقص.
الشيخ: فإذا بدأ بالزيادة، أدنى زيادة، فقد زالت؟
الطالب: زالت الشمس.
الشيخ: أحسنت؛ لأنه ما يصلح أن نقول: حتى لا يكون له ظل، هذا ما يمكن، لا بد أن يكون له ظل؛ لأننا نحن في المكان هذا، لا بد أن يكون له ظل، لكن في بعض الأمكنة ما يكون له ظل، لكن نحن الآن في جهة الشمال، في شمال الكرة الأرضية، فلا بد من ظل، في الشتاء الظل واضح جدًّا، في الصيف يقصر. إذن نقول: الصواب أن نقول: العبارة السليمة أن نقول: حتى ينتهي نقصه، فإذا أخذ في الزيادة -أدنى زيادة- فقد زالت الشمس. حط علامة على مبتدأ الزيادة، وبعدين، تزايد الظل حتى صار.
الطالب: مثل الشاخِص.
الشيخ: طول هذا الشاخِص من أين؟ من جذع الشاخص؟
الطالب: لا، من بداية الزيادة.
الشيخ: من بداية الزيادة، اللي حطينا عليها علامة، من بداية الزيادة إلى منتهى الظل إذا صار طول الشاخص، فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر، أحسنت، تمام، وقت العصر؟
طالب: من أن يصير ظل الشيء مثله إلى أن يصير ظل الشيء مثليه.
الشيخ: على كلام المؤلف.
الطالب: اختيارًا..
الشيخ: مثليه، كيف نعمل؟
الطالب: الشاخص الذي ذكر (...).
الشيخ: مَنْ؟
الطالب: الذي ذكرت وضعته فين؟ هذا الشاخِص إذا صار ظله مثله، أقصد.
الشيخ: يعني طوله مرتين.
الطالب: لا، واحدة مرة، هذا الوقت خلاص.
الشيخ: أحسنت، طوله مرة واحدة، دخل وقت العصر (...) طوله مرتان؟
طالب: إلى أن يصير مرتين خلاص، انتهى وقت العصر اختيارًا.
الشيخ: أحسنت، معنى قولك: اختيارًا؟
الطالب: يعني إذا كان للضرورة إلى أن تحمر الشمس أو تغرب.
الشيخ: لا، إلى أن تغرب الشمس؛ لأن المؤلف يقول: الضرورة إلى غروبها. تمام، وقت المغرب؟
الطالب: من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر.
الشيخ: من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، تمام.
مغيب الشمس إذا غاب قرصها عن النظر.
الشفق الأحمر: يعني الحمرة التي في السماء عند مغيب الشمس، إذا زالت خرج وقت المغرب، وقت العشاء؟
طالب: من زوال هذه الحمرة في السماء إلى منتصف الليل.
الشيخ: إلى منتصف الليل، أحسنت. طيب منتصف الليل نقيسه بماذا؟
طالب: نقيسه من بعد غروب الشمس إلى الفجر، هذا منتصف الليل.
الشيخ: هذا منتصف الليل، فمثلًا إذا قدّرنا أنه من غروب الشمس إلى صلاة الفجر اثنتا عشرة ساعة.
الطالب: يعني ست ساعات.
الشيخ: يكون نصف الليل ست ساعات، وقت الفجر؟
الطالب: يدخل من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
الشيخ: إلى طلوع الشمس، تمام، أنت قلت طلوع الفجر الثاني، هل هناك فجر أول؟
طالب: نعم، فيه فجر كاذِب أول، يختلف عن الفجر الثاني بعدة أمور.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: إنه من الفجر (...).
الشيخ: الفجر الأول.
الطالب: نعم، الفجر الأول؛ يعني ليس شديد البياض.
الشيخ: لا، حتى هذا أول ما يخرج ما هو بشديد البياض.
الطالب: الفجر الأول يخرج أول ما يخرج ليس معترضًا.
الشيخ: مستطيلًا في السماء.
الطالب: نعم، والثاني معتدل أفقي يعني.
الشيخ: هذا واحد.
الطالب: الثاني: أن الفجر الكاذب الأول يخرج، ثم يغيب.
الشيخ: هذا اثنين، وأما ذاك فيخرج، ثم يزداد. الفرق الثالث؟
الطالب: لأن نور الأول ليس كنور الثاني.
الشيخ: لا، هات الفرق.
الطالب: بين نورين يعني؟
طالب: أن الأول فيه حمرة.
الشيخ: لا، الأول بعيد عن الحمرة، والحمرة تكون من شعاع الشمس.
الطالب: الأول أبيض، والثاني أحمر يعني.
الشيخ: الله يهديك!
طالب: الأول يكون غير متصل بالأفق، بينما الثاني يكون متصلًا بالأفق.
الشيخ: أحسنت.
طالب: ذكرها.
الشيخ: لا، ما ذكرها.
طالب: بقي واحد.
الشيخ: ما في غير هذا.
طلبة: لا، فيه.
الشيخ: هذه ثلاثة.
طالب: بقي.
الشيخ: ويش؟ ما هي؟
الطالب: أن الفجر الصادق أصله من الشمال إلى الجنوب.
طلبة: ذكرها.
الشيخ: قالها، معترض يقول.
الطالب: معترض.
الشيخ: المهم هذه ثلاثة فروق بين الفجر الثاني والفجر الأول، والعبرة بالفجر الثاني كما جاء في الحديث.
ذكر الأخ أن وقت العصر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، فهل هناك قول آخر في المسألة؟
طالب: القول الثاني هو في الاختيار إلى أن تصفر الشمس.
الشيخ: إلى أن تصفر الشمس، وهذا هو الصحيح لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
طالب: «وَقْت الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» .
الشيخ: «وَقْت الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ»، بأن تكون صفراء.
إذا قال قائل: لماذا لم تحدد الأوقات بالساعات لأنها أضبط؟
طالب: إذا وُجدت الساعات يحدد بها، أما الساعات لم توجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أولًا: لأنها لم توجد في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، هذه واحدة.
الشيء الثاني: أنها تختلف، حتى في الساعات يختلف، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: قالوا لنا: إن التوقيت الزوالي مضبوط، وما هو مضبوط؛ يختلف اختلافًا عظيمًا مثلما يختلف الغروب، فلما كان يختلف لو قال الرسول صلى الله عليه وسلم: وقت الظهر من الساعة الثانية عشرة إلى الساعة الثالثة. يختلف؛ لأنها أحيانًا تكون قبل الثانية عشرة، وأحيانًا يكون بعد الثانية عشرة.
طالب: لأنه ما على الزوال.
الشيخ: لا، حتى الزوال يختلف قطعًا.
طالب: لأنهم ما يحطون على الزوال.
الشيخ: يختلف الآن ليش؟ لأن الشمس ما هي تستدير؛ يعني الكرة الأرضية، ما هي مستديرة استدارة كاملة، بيضاوية، فزاوية الانحراف لا بد يكون فيها اختلاف. على كل حال لا ينضبط.
لكن لو قال قائل: لو قال الرسول عليه الصلاة والسلام: وقت الفجر ساعة ونصف من بعد طلوع الفجر.
أيضًا يختلف، ما يمكن ضبطه؛ لأنه أحيانًا يكون بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ساعة ونصف أو أكثر بدقيقة أو دقيقتين، وأحيانًا يكون بينهما ساعة وربع؛ يعني ثلث ساعة يختلف، ثلث ساعة من ساعة ونصف طويل؛ لذلك كانت الحكمة هذا.
أيضًا التوقيت هذا، كل أحد يعرفه، حتى البدوي في البر يعرفه، لكن التوقيت بالساعات ما كل أحد يعرفه، فالمهم أن الله حكيم عز وجل، جعل هذه الأوقات مقدرة بعلامات ظاهرة كل الناس يعرفونها.
يقول المؤلف -رحمه الله-: (تدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام قبل ذلك).
هل الأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها أو تأخيرها؟
طالب: تقديمها.
طالب آخر: في أول الوقت أفضل.
الشيخ: هل يستثنى من ذلك شيء؟
طالب: إي وقت الظهر، إذا كانت الحرارة كثيرة.
الشيخ: في الصيف.
الطالب: (...).
الشيخ: هذه واحدة، والثاني؟
طالب: إذا أمر الأب.
الشيخ: لا، هذه لها أسباب، الثاني؟
طالب: يعني التأخير؟
الشيخ: إي، يُسن التأخير لكل أحد، ما هو للولد إذا أمره أبوه.
طالب: تأخير العشاء.
الشيخ: تأخير العشاء في كل وقت تأخيرها أفضل، إلا إذا شق، كذا ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: قد تجب الصلاة في أول الوقت، وقد تجب في آخر الوقت، ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: متى تجب في أول الوقت؟
طالب: (...).
الشيخ: يجب يفعلها في أول الوقت، هذا الـ.. يعني الظهر ما يجوز تأخرها، لازم تفعل بأول الوقت.
طالب: إذا علمت (...) المرأة بأنها.
الشيخ: أعطنا قاعدة.
الطالب: إذا علم أنه سيزول قبل يعني..
الشيخ: ما هو مر علينا بأصول الفقه قبل أيام؟
طالب: بلى.
الشيخ: مر علينا قريب، في أصول الفقه، إذا ظن مانعًا يمنعه من فعلها في آخر الوقت، وجب عليه أن يفعلها في أول الوقت؛ كامرأة تظن أن يأتيها الحيض في آخر الوقت، جرت عادتها أنه يأتيها الحيض في أواخر الوقت يجب عليها أن تقدم، وقد يجب التأخير؟
طالب: إذا زال المانع، وكان آخر الوقت.
الشيخ: لا.
طالب: إذا كان يتعلم واجبًا في الصلاة كقراءة الفاتحة مثلًا، فإنه يجب عليه يؤخرها.
الشيخ: إذا كان يتوقف عليه إدراك واجب، هذا الضابط. إذا كان يترتب عليه إدراك واجب وجب التأخير، مثل: أن يتوقف عليه تعلُّم الفاتحة، يتوقف عليه شراء سُترة، يتوقف عليه صلاة جماعة للرجال، المهم هذا الضابط، كذا ولَّا لا؟
وإلا فالأصل أن الأفضل التقديم إلا في صلاة العشاء مطلقًا، وفي صلاة الظهر عند اشتداد الحر.
يقول المؤلف: (إن أدرك مكلف من قدرها قدر التحريمة وجب عليه القضاء)، مثاله.
طالب: يعني إذا يقرب الشمس يغيب، وأدرك الوقت وقت التحريم؛ يعني ويصح صلاته على المذهب، ويمكن أصح هو يدرك الركعة كاملًا، وبعد.
الشيخ: أحسنت، إذن يقول: مثل لو أدرك مُكلّف وقت التحريم؛ مثل امرأة طهرت قبل غروب الشمس بمقدار تكبيرة الإحرام، يجب عليها أن تصلي العصر، ولكن يقول الصحيح: أنها لا تجب إلا إذا أدرك؟
طلبة: الركعة.
الشيخ: ركعة كاملة، ما دليلك على هذا التصحيح؟
الطالب: هو الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ» كلها.
طالب: يعني الأحاديث الصحيحة كثيرة.
الشيخ: إي، بس عاد بنا إذا قيل لك: وأين الدليل، تكون حافظ على الأقل واحدًا منها.
«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ». زين، بارك الله فيك.
إذا فاتت الإنسان صلوات، فكيف يقضيها ومتى الإعادة؟
طالب: يقضيها مُرتبة.
الشيخ: ما هو بأخذ نيابة عالية. والله (...).
طالب: يجب قضاؤها مرتبة.
الشيخ: يجب قضاؤها مرتبة، علل.
الطالب: لأنها وجبت عليه مرتبة وجب قضاؤها مرتبة.
الشيخ: هل يمكن أن تستدل لذلك بقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» ؟
طالب: نعم.
الشيخ: يمكن؟ لأنه مثلًا العصر إذا صليتها وجب أن تكون بين الظهر والمغرب، كذا؟ ومتى؟
طالب: إذا (...).
الشيخ: أنا أقول: الفرائض عمومًا سواءً بالنسيان أو بغيره.
متى؟ هل يؤخِّر، ولا فورًا، ولا أيش؟
طالب: فورًا.
الشيخ: فورًا.
طالب: فور ما يذكر.
الشيخ: فورًا، من حين ما يزول العذر يجب عليه القضاء الدليل؟
طالب: قوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
الشيخ: فأمر بصلاتها إذا ذكرها، وهذا يدل على وجوب القضاء فورًا من حين أن يذكر.
فائدة التوقيت في العبادات، في الصلاة مثلًا، ما هي الفائدة من التوقيت؟
طالب: من عدة فوائد.
الفائدة الأولى: أن يكون جميع وقت الإنسان ذكر الله سبحانه وتعالى.
الشيء الثاني:..
الشيخ: لا، هذا فائدة في توزيعها، فائدة توقيتها يعني الفائدة من كونها حُدِّدت بوقت، أنها لا تصح قبله؟
الطالب: ولا بعده.
الشيخ: ولا تصح بعده، أما قبله فلا تصح مطلقًا، أما بعده فتصح للعذر، ولغير عذر؟
الطالب: لا تصح.
الشيخ: لا تصح، وبناءً على ذلك لو تعمَّد الإنسان أن يؤخر الصلاة عن وقتها، ثم صلَّاها فإنها لا تُقبل منه، ولو صلى مئة مرة، ولَّا لا؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: وقد ذكرنا خلاف أهل العلم في هذه المسألة، وناقشنا الخلاف، وتبين لنا أن الراجح هو هذا؛ أن الإنسان إذا أخّر الصلاة عن وقتها بلا عُذر فلا صلاة له، كما أنه لو قدَّمها فلا صلاة له، أما لعذر؛ فقد جاء الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا». بماذا يسقط الترتيب؟
طالب: يسقط الترتيب بنسيانه.
الشيخ: بنسيانه.
طالب: أو خوف فوات وقت الحاضرة.
الشيخ: أو خوف فوات وقت الحاضر الاختياري..

","SearchText":" انما نصلي خلفه بناء علي ان الاصل. طلبه: صلاته. الشيخ: الاصل صحه صلاته؛ ولهذا الصحابه رضي الله عنهم -سياتينا ان شاء الله في الامامه- ان عثمان بن عفان صلي في الناس وهو جنب ناسيا، فاعاد، ولم يعيدوا . لكن هم يقولون: عثمان لم يذكر الا بعد سلامه. نقول: اذا قلتم بان الصلاه جمله صحيحه لعدم علم الماموم، فصحه بعضها من باب اولي؛ اي فرق بين ان يعلم الماموم قبل ان يسلم الامام وبين الا يعلم الا بعد سلام الامام؟ اما من علم ان امامه منتقض وضوءه فنعم، لا يجوز اصلا ان يدخل مع الامام؛ لانه اءتم بمن لا تصح صلاته، وهذا تلاعب في دين الله. خلاصه القول في هذه المساله: هل تبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام؟ نقول: للعلماء في ذلك قولان؛ قول: تبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام. وهذا هو المشهور من المذهب، وبناء علي ذلك فان الامام اذا بطلت صلاته لا يستخلف من يتم بهم الصلاه، بل عليهم ان يستانفوا الصلاه من جديد. وهذ القول ليس عليه دليل، بل الدليل علي خلافه، ليس عليه دليل سوي تعليل عليل، وهو ارتباط صلاه الماموم بصلاه الامام، ونحن نقر بذلك، كما ربطها النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: «انما جعل الامام ليءتم به، فلا تختلفوا عليه» . الحديث. لكن هل يلزم من هذا الارتباط ان الامام اذا بطلت صلاته تبطل صلاه الماموم؟ ليس بلازم؛ وذلك لان الماموم دخل في صلاه حسب ما امر به، فلا يخرج الا بدليل علي انه فسدت صلاته، والاصل الصحه. يسثني من ذلك ما اذا بطلت صلاه الامام لخلل في شيء مشترك بينه وبين الماموم، فهذا يستثني، مثل؟ طلبه: الستره. الشيخ: الستره؛ فانه اذا قطعت صلاه الامام فبطلت بطلت صلاه الماموم؛ لان ستره الامام مشتركه بينه وبين الماموم. وعلي هذا فنقول: علي القول الراجح انها لا تبطل، نقول: ولا تبطل صلاه الماموم ببطلان صلاه الامام فيستخلف من يتم بهم الصلاه . وقد استدل بعض اهل العلم بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن وهو في صلاه الفجر، فامر عبد الرحمن بن عوف ان يصلي بالناس . فانه ليس بالحديث ان عبد الرحمن استانف، ومعلوم ان امير المءمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبقه الحدث، وتكلم وقال -اظن-: اكلني الكلب، وهذا كله مفسد للصلاه، ومع ذلك لم ينقل انه امر عبد الرحمن ان يستانف بهم الصلاه. علي كل حال، علي فرض الا يتم الاستدلال بهذا الاثر، فان لدينا القاعده الثابته الراسخه، وهي ان من دخل في عباده علي الوجه المامور به، فانه لا يخرج منها الا بدليل؛ لان الاصل صحتها، لا سيما وان الصلاه قد تكون فريضه، والفريضه لا يجوز الخروج منها الا بدليل شرعي. طالب: اذا انفرد المءتم بعذر، ثم في حال انفراده زال عذره. هل يرجع ويدخل مع الامام او (...)؟ الشيخ: سمعتم السءال؟ انفرد لعذر، ثم زال العذر، فهل له ان يرجع مع الامام او يستمر علي انفراده؟ قال الفقهاء: انه يجوز ان يرجع مع الامام. فقيل لهم: ان هذا ينقض قاعدتكم في قولكم: اذا نوي المنفرد الاءتمام لم تصح، فهذا رجل انفرد، ثم قلتم له ان يعود، فيكون ماموما. قالوا: لان هذا كان في الاول ماموما، فرجوعه الي الاءتمام ثانيه ليس ابتداء اءتمام، وانما هو عود الي اءتمام. شوف سبحان الله! تفريق لفظي، الصوره مختلفه صحيح، لكن المعني واحد؛ رجع من انفراد الي اءتمام، وانتم تجوزون ذلك. المهم انهم يقولون -رحمهم الله-: يجوز ان يرجع مع امامه، ولكن اذا قدرنا انه قد صلي ركعه، ثم عاد مع امامه وهو لم يزل في ركعته. طلبه: لا يجوز. الشيخ: فاذا قام الامام ليكمل صلاته؟ طلبه: يجلس. الشيخ: يجلس وينتظره، او ينفرد ويتم؟ لا، هذه ترد احيانا فيما اذا سلم الامام قبل تمام صلاته، ثم قام الماموم ليقضي ما فاته، ثم قيل للامام: انه باق علينا ركعه، فقام الامام ليكمل هذه الركعه، ترد هذه كثيرا. هل يرجع هذا الماموم الذي قام ليقضي ما فاته مع الامام، ثم يقضي ما فاته بعد سلام الامام؟ او نقول: هذا انفرد ويستمر؟ نقول: هو مخير؛ هو انفرد الان، انفرد بمقتضي الدليل الشرعي او لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: نقول: اذن انت معذور بهذا الانفراد، اذا عاد الامام لقضاء باقي صلاته، او اذا عاد لتكميل صلاته فانت بالخيار: ان شءت استمر علي صلاتك، وان شءت فارجع مع الامام. طالب: يكمل اللي فاته مع الامام. الشيخ: كيف يكمل؟ الطالب: يعني الامام نهض لياتي باللي فاته، وهذا جاء.. الشيخ: هذا قد نهض مثلا، لنفرض انه جاء بركعه، والناس يتداولون نقصت، ولا يقول ما نقصت حتي يتبين النقص. الطالب: نقص ركعه. الشيخ: فجاء بركعه، الماموم المسبوق جاء بركعه، ثم دخل مع الامام في ركعته يسلم معه. الطالب: لا، ما ينبغي ان يكون مع الامام ركعه. الشيخ: كيف ما ينبغي؟ شو ما ينبغي؟ الطالب: يعني هو ذاك الجماعه ركعه. وهو يخالف الركعتين، لو قام يكمل الركعه، والجماعه يعني يتناقشون، كمل الركعتين. الشيخ: كل الركعتين؟ الطالب: لا، كمل ركعه، ودولا كملوا ركعه، وسلموا قبل. الشيخ: ويش تقول؟ الطالب: هو عليه ركعتان يا شيخ، اصلا عليه ركعتان. الشيخ: الامام عليه ركعه. الطالب: الماموم. الشيخ: الامام عليه ركعه؟ الطالب: الامام عليه ركعه. الشيخ: والماموم بيءدي ركعتين، فقام هذا الماموم ليكمل. الطالب: اي، ما كمل ركعتين، والا ودولا مكملين الركعه. الشيخ: هذا اللي احنا نقول! طلبه: ايش يسوي؟ الطالب: يصلي ركعتين، ويصلي واحده. الشيخ: لا، خلاص يسلم. الطالب: اصلا فاته اصلا؛ لان الامام ناس. الشيخ: فاته كم؟ الطالب: يعني فايته ثلاث علي.. الشيخ: كم صلي مع الامام هو؟ الطالب: صلي ثنتين. الشيخ: اذن فايته؟ ثنتين، لكن هو ظن ان الامام سلم قبله ركعتين، وهم ما صلي قبله الا ركعه. طالب: شيخ، مثلا تثقل الصلاه اذا كان (...)، ولا يفعل ذلك. الشيخ: هي لو كان انها ثقيله لقلنا: حرام تبطل الصلاه، لكن نظرا الي انها خفيفه، قال شيخ الاسلام: ان الاولي الا يجلس، ما قال يحرم، علشان في التشهد الاول، لو جلس للتشهد الاول صار حراما؛ لان الجلسه طويله، لكن هذه حيث انها خفيفه ما يظهر فيها مخالفه بينه صار الاولي الا يجلس، ولكن لو جلس لم ياثم. علي ان جلسه الاستراحه -في الحقيقه- لو انك تعمقت في الحديث لوجدت انها جلسه ما هي خفيفه كما يفعل بعض الناس الان، هذه الجلسه الخفيفه في الحقيقه تعب ما هي جلسه استراحه، بل هي جلسه يستقر، ولهذا في حديث مالك بن الحويث: «حتي يستوي قاعدا، ثم ينهض علي يديه» . يعني لو انك تشاهد الرسول صلي الله عليه وسلم، لوجدت انها جلسه فيها شيء من الاطمءنان، ثم فيها شيء من العناء في القيام، ولهذا يقوم علي يديه، وليس هذا القيام علي اليدين -فيما يظهر، والله اعلم- الا لاجل ان سهوله النهوض؛ ولهذا جاء في الحديث يعتمد علي يديه ليسهل النهوض، بخلاف وضع اليدين علي الركبتين مثلا، او علي الصدر، فهذا عباده بلا شك، لكن القيام علي اليدين بعد هذا الجلوس، متردد بين ان يكون عباده، وبين ان يكون للاستعانه علي النهوض. وكذلك الجلوس؛ فان الانسان يشك هل هو عباده او من اجل الاستراحه، فيقوي عنده انه ليس عباده، بانه لو كان عباده لكان مقصودا، ولو كان مقصودا لكان له ذكر، كساءر الافعال التي في الصلاه، فانه ما من فعل مقصود فيها الا وله ذكر خاص، اما هذا فليس له ذكر، ولهذا رجح الموفق -رحمه الله- في المغني ، وابن القيم في زاد المعاد القول الوسط في هذه المساله؛ ان من كان يشق عليه ان يقوم بسرعه فانه يجلس؛ لان الله تعالي يحب اليسر علي العباد، ومن لم يكن كذلك فالافضل النهوض؛ لان هذا انشط في القيام؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «اعتدلوا في السجود» يعني يكون الانسان معتدلا؛ ما يضع ذراعيه علي ركبتيه او علي الارض، فان هذا سجود انسان فيه شيء من الكسل، فكلما كان الانسان اقوي فهو احسن. (...) طالب: الشروط جمع (شرط)، وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود. الشيخ: ما الفرق بينه وبين السبب؟ الطالب: ان السبب هو ما يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم. الشيخ: اذن الفرق؟ الطالب: انه لو عدم.. الشيخ: الفرق، ما هو بالحكم؟ طالب: الفرق ان الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، واما السبب فيلزم من وجوده الوجود. الشيخ: صح؛ الفرق ان الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، واما السبب فيلزم من وجوده الوجود. ما الفرق بين الشرط والمانع؟ طالب: الشرط؟ الشيخ: نعم، ما تعرف؟ الطالب: ما اعرف الشرط. الشيخ: الاخ. طالب: المانع ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه الوجود. الشيخ: اذن الفرق؟ الطالب: بينه وبين.. الشيخ: الشرط. الطالب: ان الشرط ما يلزم من عدمه العدم، والمانع ما يلزم من.. الشيخ: وجوده العدم. الطالب: من وجوده العدم. الشيخ: اذن هو عكس الشرط، كذا؟ الطالب: نعم. الشيخ: يقول المءلف: ان شروط الصلاه قبلها، لماذا قال: شروطها قبلها؟ طالب: لانها واجبه لها، لا فيها. الشيخ: اي، لكن لماذا قال؟ ليبين الفرق بينها وبين. الطالب: الاركان. الشيخ: وبين الاركان؛ فان الاركان منها، اما هذه فهي قبلها، ويجب ان تستمر فيها كلها، اما الاركان فهي منها وتتنقل؛ قيام، ثم ركوع، ثم سجود، ثم قعود، اما هذه فهي مستمره من اول العباده الي اخرها. لماذا بدا المءلف بالوقت؟ طالب: بدا بالوقت؛ لانه اول شرط يلزم لفعل الصلاه. الشيخ: ما فهمنا. الطالب: بدا بالوقت؛ لانه اول شرط يبدا به الصلاه. طالب اخر: لانه اهم شروط الصلاه. الشيخ: لانه اهم الشروط؛ ولهذا تجب مراعاته، وان فاتت الشروط الاخري؛ فلو قدر ان الانسان ما عنده ماء يتوضا به، ولا ما يتيمم به، وخاف فوات الوقت وجب ان يصلي بلا وضوء ولا تيمم، ولو لم يكن عنده ما يستر به عورته؛ وجب ان يصلي ولو كان عريانا. فبدا به؛ لانه اهم الشروط، ولهذا تجب مراعاته، وان فاتت بعض الشروط او عجز عن بعض الاركان. الشيخ: ما هو الدليل علي اشتراط الوقت من القران؟ طالب: قوله تعالي: {ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣]. الشيخ: نعم، قوله تعالي: {ان الصلاه كانت علي المءمنين كتابا موقوتا} . يعني مفروضا بوقت معين. الصلوات كم الموقته؟ طالب: خمسه. الشيخ: خمسه، اذكرها. الطالب: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. الشيخ: هل في القران ما يشير الي هذه الاوقات الخمسه؟ الطالب: قوله عز وجل: {ان الصلاه كانت علي المءمنين} . الشيخ: لا، هذه تدل علي مجرد الوقت، انا اقول: الاوقات الخمسه. طالب: قوله عز وجل: {حافظوا علي الصلوات والصلاه الوسطي} [البقره: ٢٣٨]. الشيخ: اين الوقت؟ الطالب: اي نعم، {اقم الصلاه لدلوك الشمس الي غسق الليل وقران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا} [الاسراء: ٧٨]. الشيخ: صح؟ طالب: نعم. الشيخ: انا اخبركم، الطالب اذا جاء بدليل خطا يكون خطا من وجهين؛ من جهه الدليل، ومن جهه الاستدلال، ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: انتبهوا. ما هي بالمساله جواب سءال وبس، كيف؟ طالب: اقول: باللازم خطا، الدليل يكون خطا استدلال. الشيخ: لا، قد ياتي بالدليل، ولا يفي الاستدلال. يلا الان: {اقم الصلاه لدلوك الشمس الي} [الاسراء: ٧٨]. الطالب: {الي غسق الليل} . الشيخ: بس ذا؟ الطالب: {وقران الفجر} ، هذه صلاه الفجر. الشيخ: اذن {لدلوك الشمس} اي؟ الطالب: هذه صلاه. الشيخ: اي؟ الطالب: اي الظهر والعصر. الشيخ: لا، يا اخي، دلوك الشمس، ويش معناه؟ الطالب: {اقم الصلاه لدلوك الشمس} . الشيخ: اي، ويش هو دلوك الشمس؟ الطالب: دلوك الشمس الي وقت الغروب كده! الشيخ: عبر عنها. طالب: لزوال.. الشيخ: تري اللي فاهمه، لكن انت عبرت عنه، دلوك الشمس يعني زوالها. طيب {غسق الليل} ؟ الطالب: {غسق الليل} الي ظلمه الليل. الشيخ: شده الظلمه؟ الطالب: شده الظلمه. الشيخ: هذا الوقت من دلوك الشمس الي غسق الليل، ويش يدخل فيه؟ الطالب: من دلوك الشمس الي غسق الليل، هذا يدخل فيه المغرب والعشاء. الشيخ: (...) مع المغرب. الطالب: دلوك الشمس هذا. الشيخ: يعني اظن اذا صلينا الظهر ما هو بعد المغرب. الطالب: لا، دلوك الشمس هذا شو اسمه؟ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. الشيخ: والمغرب والعشاء صح، اربع صلوات؟ الطالب: نعم. الشيخ: {وقران الفجر} وحدها، كذا؟ طالب: نعم. الشيخ: لماذا جمع الله هذه الاوقات الاربعه في وقت واحد؟ {لدلوك الشمس الي غسق الليل} [الاسراء: ٧٨]؟ طالب: لاهميه صلاه الفجر. الشيخ: سلامك! طالب: لانه لا يوجد فاصل بين اوقات هذه الصلوات الاربعه. الشيخ: احسنت. الطالب: بالنسبه للفجر فيوجد فاصل. الشيخ: اوقاتهم متواصله، واضح؟ من نصف النهار الي نصف الليل، بعد نصف الليل ما فيه وقت لا للعشاء ولا لغيره، والفجر مستقله بنفسها، لا يتصل بها صلاه قبلها ولا صلاه بعدها، اما السنه؛ فبينها الرسول عليه الصلاه والسلام بيانا واضحا، فوقت الظهر من الي؟ طالب: من زوال الشمس الي ان يصير ظل الشيء مثله. الشيخ: الي ان يصير ظل كل شيء مثله، كذا؟ طالب: بعده هي الزوال. الشيخ: بعده هي الزوال، اشرح لي الكلمه هذه. الطالب: اشرح الكلمه؟ الشيخ: اي، اشرحها بالمثال ان شءت. الطالب: اذا اتينا بشاخص. الشيخ: نعم، شاخص اي؟ الطالب: اي شيء مرتفع عن الارض. الشيخ: اي شيء مرتفع عن الارض؛ كالعصا. الطالب: كالعصا، ثم جاءت الشمس. الشيخ: ركزناه في الارض. الطالب: في الارض بشكل عمودي، ثم جاءت الشمس الي كبد السماء. الشيخ: لا، اول، خلينا نبدا مع الشمس من اول ما تيجي. الطالب: من الفجر. الشيخ: لا، ما هو من الفجر، من طلوعها؛ لانها قبل طلوعها ما ندري عنها. الطالب: صعدت الشمس من المشرق. الشيخ: كلما ارتفعت. الطالب: كلما ارتفعت كان لهذا الشخص ظل معين، فكلما ارتفعت كلما تناقص هذا الظل. الشيخ: كلما تناقص، خطا في اللغه العربيه. الطالب: نقص هذا الظل. الشيخ: اي، صح، كلما ارتفعت نقص الظل، تمام. الطالب: حتي يصير لا ظل له. الشيخ: لا. الطالب: او يزداد الظل من الجهه الاخري قليلا. الشيخ: حتي يقف النقص. الطالب: حتي يقف النقص. الشيخ: فاذا بدا بالزياده، ادني زياده، فقد زالت؟ الطالب: زالت الشمس. الشيخ: احسنت؛ لانه ما يصلح ان نقول: حتي لا يكون له ظل، هذا ما يمكن، لا بد ان يكون له ظل؛ لاننا نحن في المكان هذا، لا بد ان يكون له ظل، لكن في بعض الامكنه ما يكون له ظل، لكن نحن الان في جهه الشمال، في شمال الكره الارضيه، فلا بد من ظل، في الشتاء الظل واضح جدا، في الصيف يقصر. اذن نقول: الصواب ان نقول: العباره السليمه ان نقول: حتي ينتهي نقصه، فاذا اخذ في الزياده -ادني زياده- فقد زالت الشمس. حط علامه علي مبتدا الزياده، وبعدين، تزايد الظل حتي صار. الطالب: مثل الشاخص. الشيخ: طول هذا الشاخص من اين؟ من جذع الشاخص؟ الطالب: لا، من بدايه الزياده. الشيخ: من بدايه الزياده، اللي حطينا عليها علامه، من بدايه الزياده الي منتهي الظل اذا صار طول الشاخص، فقد خرج وقت الظهر، ودخل وقت العصر، احسنت، تمام، وقت العصر؟ طالب: من ان يصير ظل الشيء مثله الي ان يصير ظل الشيء مثليه. الشيخ: علي كلام المءلف. الطالب: اختيارا.. الشيخ: مثليه، كيف نعمل؟ الطالب: الشاخص الذي ذكر (...). الشيخ: من؟ الطالب: الذي ذكرت وضعته فين؟ هذا الشاخص اذا صار ظله مثله، اقصد. الشيخ: يعني طوله مرتين. الطالب: لا، واحده مره، هذا الوقت خلاص. الشيخ: احسنت، طوله مره واحده، دخل وقت العصر (...) طوله مرتان؟ طالب: الي ان يصير مرتين خلاص، انتهي وقت العصر اختيارا. الشيخ: احسنت، معني قولك: اختيارا؟ الطالب: يعني اذا كان للضروره الي ان تحمر الشمس او تغرب. الشيخ: لا، الي ان تغرب الشمس؛ لان المءلف يقول: الضروره الي غروبها. تمام، وقت المغرب؟ الطالب: من غروب الشمس الي مغيب الشفق الاحمر. الشيخ: من غروب الشمس الي مغيب الشفق الاحمر، تمام. مغيب الشمس اذا غاب قرصها عن النظر. الشفق الاحمر: يعني الحمره التي في السماء عند مغيب الشمس، اذا زالت خرج وقت المغرب، وقت العشاء؟ طالب: من زوال هذه الحمره في السماء الي منتصف الليل. الشيخ: الي منتصف الليل، احسنت. طيب منتصف الليل نقيسه بماذا؟ طالب: نقيسه من بعد غروب الشمس الي الفجر، هذا منتصف الليل. الشيخ: هذا منتصف الليل، فمثلا اذا قدرنا انه من غروب الشمس الي صلاه الفجر اثنتا عشره ساعه. الطالب: يعني ست ساعات. الشيخ: يكون نصف الليل ست ساعات، وقت الفجر؟ الطالب: يدخل من طلوع الفجر الثاني الي طلوع الشمس. الشيخ: الي طلوع الشمس، تمام، انت قلت طلوع الفجر الثاني، هل هناك فجر اول؟ طالب: نعم، فيه فجر كاذب اول، يختلف عن الفجر الثاني بعده امور. الشيخ: ما هي؟ الطالب: انه من الفجر (...). الشيخ: الفجر الاول. الطالب: نعم، الفجر الاول؛ يعني ليس شديد البياض. الشيخ: لا، حتي هذا اول ما يخرج ما هو بشديد البياض. الطالب: الفجر الاول يخرج اول ما يخرج ليس معترضا. الشيخ: مستطيلا في السماء. الطالب: نعم، والثاني معتدل افقي يعني. الشيخ: هذا واحد. الطالب: الثاني: ان الفجر الكاذب الاول يخرج، ثم يغيب. الشيخ: هذا اثنين، واما ذاك فيخرج، ثم يزداد. الفرق الثالث؟ الطالب: لان نور الاول ليس كنور الثاني. الشيخ: لا، هات الفرق. الطالب: بين نورين يعني؟ طالب: ان الاول فيه حمره. الشيخ: لا، الاول بعيد عن الحمره، والحمره تكون من شعاع الشمس. الطالب: الاول ابيض، والثاني احمر يعني. الشيخ: الله يهديك! طالب: الاول يكون غير متصل بالافق، بينما الثاني يكون متصلا بالافق. الشيخ: احسنت. طالب: ذكرها. الشيخ: لا، ما ذكرها. طالب: بقي واحد. الشيخ: ما في غير هذا. طلبه: لا، فيه. الشيخ: هذه ثلاثه. طالب: بقي. الشيخ: ويش؟ ما هي؟ الطالب: ان الفجر الصادق اصله من الشمال الي الجنوب. طلبه: ذكرها. الشيخ: قالها، معترض يقول. الطالب: معترض. الشيخ: المهم هذه ثلاثه فروق بين الفجر الثاني والفجر الاول، والعبره بالفجر الثاني كما جاء في الحديث. ذكر الاخ ان وقت العصر الي ان يصير ظل كل شيء مثليه، فهل هناك قول اخر في المساله؟ طالب: القول الثاني هو في الاختيار الي ان تصفر الشمس. الشيخ: الي ان تصفر الشمس، وهذا هو الصحيح لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص. طالب: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» . الشيخ: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» ، بان تكون صفراء. اذا قال قاءل: لماذا لم تحدد الاوقات بالساعات لانها اضبط؟ طالب: اذا وجدت الساعات يحدد بها، اما الساعات لم توجد علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: اولا: لانها لم توجد في عهد الرسول عليه الصلاه والسلام، هذه واحده. الشيء الثاني: انها تختلف، حتي في الساعات يختلف، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: قالوا لنا: ان التوقيت الزوالي مضبوط، وما هو مضبوط؛ يختلف اختلافا عظيما مثلما يختلف الغروب، فلما كان يختلف لو قال الرسول صلي الله عليه وسلم: وقت الظهر من الساعه الثانيه عشره الي الساعه الثالثه. يختلف؛ لانها احيانا تكون قبل الثانيه عشره، واحيانا يكون بعد الثانيه عشره. طالب: لانه ما علي الزوال. الشيخ: لا، حتي الزوال يختلف قطعا. طالب: لانهم ما يحطون علي الزوال. الشيخ: يختلف الان ليش؟ لان الشمس ما هي تستدير؛ يعني الكره الارضيه، ما هي مستديره استداره كامله، بيضاويه، فزاويه الانحراف لا بد يكون فيها اختلاف. علي كل حال لا ينضبط. لكن لو قال قاءل: لو قال الرسول عليه الصلاه والسلام: وقت الفجر ساعه ونصف من بعد طلوع الفجر. ايضا يختلف، ما يمكن ضبطه؛ لانه احيانا يكون بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ساعه ونصف او اكثر بدقيقه او دقيقتين، واحيانا يكون بينهما ساعه وربع؛ يعني ثلث ساعه يختلف، ثلث ساعه من ساعه ونصف طويل؛ لذلك كانت الحكمه هذا. ايضا التوقيت هذا، كل احد يعرفه، حتي البدوي في البر يعرفه، لكن التوقيت بالساعات ما كل احد يعرفه، فالمهم ان الله حكيم عز وجل، جعل هذه الاوقات مقدره بعلامات ظاهره كل الناس يعرفونها. يقول المءلف -رحمه الله-: (تدرك الصلاه بتكبيره الاحرام قبل ذلك) . هل الافضل تقديم الصلاه في اول وقتها او تاخيرها؟ طالب: تقديمها. طالب اخر: في اول الوقت افضل. الشيخ: هل يستثني من ذلك شيء؟ طالب: اي وقت الظهر، اذا كانت الحراره كثيره. الشيخ: في الصيف. الطالب: (...). الشيخ: هذه واحده، والثاني؟ طالب: اذا امر الاب. الشيخ: لا، هذه لها اسباب، الثاني؟ طالب: يعني التاخير؟ الشيخ: اي، يسن التاخير لكل احد، ما هو للولد اذا امره ابوه. طالب: تاخير العشاء. الشيخ: تاخير العشاء في كل وقت تاخيرها افضل، الا اذا شق، كذا ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: قد تجب الصلاه في اول الوقت، وقد تجب في اخر الوقت، ولا لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: متي تجب في اول الوقت؟ طالب: (...). الشيخ: يجب يفعلها في اول الوقت، هذا الـ.. يعني الظهر ما يجوز تاخرها، لازم تفعل باول الوقت. طالب: اذا علمت (...) المراه بانها. الشيخ: اعطنا قاعده. الطالب: اذا علم انه سيزول قبل يعني.. الشيخ: ما هو مر علينا باصول الفقه قبل ايام؟ طالب: بلي. الشيخ: مر علينا قريب، في اصول الفقه، اذا ظن مانعا يمنعه من فعلها في اخر الوقت، وجب عليه ان يفعلها في اول الوقت؛ كامراه تظن ان ياتيها الحيض في اخر الوقت، جرت عادتها انه ياتيها الحيض في اواخر الوقت يجب عليها ان تقدم، وقد يجب التاخير؟ طالب: اذا زال المانع، وكان اخر الوقت. الشيخ: لا. طالب: اذا كان يتعلم واجبا في الصلاه كقراءه الفاتحه مثلا، فانه يجب عليه يءخرها. الشيخ: اذا كان يتوقف عليه ادراك واجب، هذا الضابط. اذا كان يترتب عليه ادراك واجب وجب التاخير، مثل: ان يتوقف عليه تعلم الفاتحه، يتوقف عليه شراء ستره، يتوقف عليه صلاه جماعه للرجال، المهم هذا الضابط، كذا ولا لا؟ والا فالاصل ان الافضل التقديم الا في صلاه العشاء مطلقا، وفي صلاه الظهر عند اشتداد الحر. يقول المءلف: (ان ادرك مكلف من قدرها قدر التحريمه وجب عليه القضاء) ، مثاله. طالب: يعني اذا يقرب الشمس يغيب، وادرك الوقت وقت التحريم؛ يعني ويصح صلاته علي المذهب، ويمكن اصح هو يدرك الركعه كاملا، وبعد. الشيخ: احسنت، اذن يقول: مثل لو ادرك مكلف وقت التحريم؛ مثل امراه طهرت قبل غروب الشمس بمقدار تكبيره الاحرام، يجب عليها ان تصلي العصر، ولكن يقول الصحيح: انها لا تجب الا اذا ادرك؟ طلبه: الركعه. الشيخ: ركعه كامله، ما دليلك علي هذا التصحيح؟ الطالب: هو الحديث الصحيح، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك» كلها. طالب: يعني الاحاديث الصحيحه كثيره. الشيخ: اي، بس عاد بنا اذا قيل لك: واين الدليل، تكون حافظ علي الاقل واحدا منها. «من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك» . زين، بارك الله فيك. اذا فاتت الانسان صلوات، فكيف يقضيها ومتي الاعاده؟ طالب: يقضيها مرتبه. الشيخ: ما هو باخذ نيابه عاليه. والله (...). طالب: يجب قضاءها مرتبه. الشيخ: يجب قضاءها مرتبه، علل. الطالب: لانها وجبت عليه مرتبه وجب قضاءها مرتبه. الشيخ: هل يمكن ان تستدل لذلك بقول النبي عليه الصلاه والسلام: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» ؟ طالب: نعم. الشيخ: يمكن؟ لانه مثلا العصر اذا صليتها وجب ان تكون بين الظهر والمغرب، كذا؟ ومتي؟ طالب: اذا (...). الشيخ: انا اقول: الفراءض عموما سواء بالنسيان او بغيره. متي؟ هل يءخر، ولا فورا، ولا ايش؟ طالب: فورا. الشيخ: فورا. طالب: فور ما يذكر. الشيخ: فورا، من حين ما يزول العذر يجب عليه القضاء الدليل؟ طالب: قوله عليه الصلاه والسلام: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» . الشيخ: فامر بصلاتها اذا ذكرها، وهذا يدل علي وجوب القضاء فورا من حين ان يذكر. فاءده التوقيت في العبادات، في الصلاه مثلا، ما هي الفاءده من التوقيت؟ طالب: من عده فواءد. الفاءده الاولي: ان يكون جميع وقت الانسان ذكر الله سبحانه وتعالي. الشيء الثاني:.. الشيخ: لا، هذا فاءده في توزيعها، فاءده توقيتها يعني الفاءده من كونها حددت بوقت، انها لا تصح قبله؟ الطالب: ولا بعده. الشيخ: ولا تصح بعده، اما قبله فلا تصح مطلقا، اما بعده فتصح للعذر، ولغير عذر؟ الطالب: لا تصح. الشيخ: لا تصح، وبناء علي ذلك لو تعمد الانسان ان يءخر الصلاه عن وقتها، ثم صلاها فانها لا تقبل منه، ولو صلي مءه مره، ولا لا؟ طلبه: اي نعم. الشيخ: وقد ذكرنا خلاف اهل العلم في هذه المساله، وناقشنا الخلاف، وتبين لنا ان الراجح هو هذا؛ ان الانسان اذا اخر الصلاه عن وقتها بلا عذر فلا صلاه له، كما انه لو قدمها فلا صلاه له، اما لعذر؛ فقد جاء الحديث عن النبي عليه الصلاه والسلام: «من نام عن صلاه او نسيها فليصلها اذا ذكرها» . بماذا يسقط الترتيب؟ طالب: يسقط الترتيب بنسيانه. الشيخ: بنسيانه. طالب: او خوف فوات وقت الحاضره. الشيخ: او خوف فوات وقت الحاضر الاختياري.. "},{"Id":1707,"Name":"02 كتاب الصلاة 17","Sort":39,"Version":0,"LessonText":"

طالب: وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[باب صفة الصلاة]
باب صفة الصلاة

يسن القيام عند (قد) من إقامتها وتسوية الصف، ويقول: الله أكبر رافعًا يديه مضمومتي الأصابع، ممدودة حذو منكبيه في السجود، ويُسمع الإمامُ من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين، وغيرُه نفسَه، ثم يقبض على كوع يسراه تحت سرته وينظر مسجده، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرًّا، وليست من الفاتحة، ثم يقرأ الفاتحة وإن قطعها بذِكْر أو سكوت غير مشروعين، وطال أو ترك منها تشديدة أو حرفًا أو ترتيبًا لزم غير مأموم إعادتها.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: (باب صفة الصلاة) صفتها يعني الكيفية التي تكون عليها والعلماء؛ علماء الفقه -رحمهم الله- تكلموا على صفة الصلاة وعلى صفة الحج؛ وذلك لأن من شرط العبادة، بل شرط العبادة أمران: الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأما الإخلاص لله فيتكلم عليه أهل التوحيد والعقائد، وأما المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيتكلم عليها الفقهاء، وضد ذلك؛ ضد الإخلاص الإشراك، وضد المتابعة البدعة، فمن تابع الرسول عليه الصلاة والسلام بدون إخلاص لم تصح عبادته؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ، ومن أخلص لله ولم يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن عبادته مردودة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ، ومن ثم اضطر العلماء إلى بيان صفة الصلاة والحج، لكن لم نجدهم ذكروا صفة الصيام، ولم نجدهم ذكروا صفة الزكاة.
أما الصيام فإنه ترك، وبينوا ما يتركه الإنسان ببيان المفطرات، وقالوا: إنه -أي الصيام- هو الإمساك، والإمساك عن المفطرات بنية التعبد لله تعالى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا هو الكيفية، هذا حقيقة هو الكيفية، وفي الزكاة ذكروا الأموال الزكوية ومقدار الأنصبة، ومقدار الواجب، وأهل الزكاة، وهذا -بالحقيقة- هو الكيفية.
والصلاة -كما نعلم- هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي التي إذا تركها الإنسان تهاونًا وكسلًا كان كافرًا، وإن جحد وجوبها كان كافرًا ولو صلَّى، إذا قال: أنا أصلي هذه الصلوات الخمس على أنها نافلة كان كافرًا وإن كان يصليها.
الصلاة هي إما في جماعة، وإما في انفراد، إذا كان في جماعة فأحسن ما يكون أن يتوضأ الإنسان في بيته ويسبغ الوضوء، ثم يخرج من بيته بِنِيَّة صلاة الجماعة، فإذا فعل ذلك -أي أسبغ الوضوء، ثم خرج من بيته قاصدًا صلاة الجماعة- لم يخطُ خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، قرب بيته أم بعد، ولا يعني ذلك أنه ينبغي للإنسان أن يتقصد الأبعد من المساجد، بل يعني ذلك أنه إذا بعد منزلك من المسجد، فلا تستبعد المسجد وتقول: إن في ذلك تعبًا عليَّ، بل اسعَ إليه ولك في كل خطوة إذا خرجت مسبغًا للوضوء قاصدًا المسجد أن يرفع الله لك بها درجة ويحط عنك بها خطيئة.
وينبغي أن يأتي إليها بسكينة ووقار؛ سكينة في الأطراف ووقار في الهيئة، فلا يأتي إليها وهو منزعج أو يمشي مشية الإنسان الذي ليس بمنتظم، بل يكون وقورًا؛ لأنه مقبل على مكان يقف فيه بين يدي الله عز وجل، ونحن نعلم أن الإنسان لو أقبل على قصر ملك من الملوك لوجدته يتهيأ وينظر كيف مشلحه؟ كيف شماغه؟ كيف وجهه؟ كيف ثوبه؟ ويأتي بسكينة ووقار ويُظهر على نفسه ذلك فكيف بمن يأتي إلى بيت الله عز وجل ليقف بين يديه؟ ولا يكون مسرعًا، لا يسرع المشي حتى وإن خاف أن تفوته الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا تُسْرِعُوا» ، لا تسرع فما أدركت فصَلِّ، وما فاتك فأتم؛ يعني هذا هو حقيقة الأدب مع الله عز وجل.
ثم إذا حضرت المسجد فصلِّ ما تيسر لك، إن كان قد أذَّن فإنه يمكنك أن تصلي الراتبة إذا كانت لهذه الفريضة راتبة قبلها، وإن لم يكن لها راتبة قبلها فسُنَّة ما بين الأذانين؛ لأن بين كل أذانين صلاة.
وتُجزِئ هذه الصلاة -أعني سُنَّة ما بين الأذانين أو الراتبة- عن تحية المسجد؛ لأن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» ، يصدق بما إذا صلى الإنسان الراتبة أو سنة ما بين الأذانين، ثم اجلس بنية انتظار الصلاة، واعلم أنك لا تزال في صلاة ما انتظرت الصلاة حتى لو تأخر الإمام وزاد خمس دقائق أو عشر فإنك على خير؛ لأنك لا تزال في صلاة ما انتظرت الصلاة، ثم مع ذلك الملائكة تصلي عليك ما دمت في مصلَّاك.
ورجل تصلي عليه الملائكة حري بأن يستجيب الله -سبحانه وتعالى- دعاء الملائكة له.
فإذا أقيمت الصلاة، فقال المؤلف: (يسن القيام عند (قد) من إقامتها) يعني يسن للمأموم أن يقوم إذا قال المقيم: (قد قامت الصلاة)؛ لأن (قد) تفيد التحقيق، و(قامت) تفيد الواقع، وحينئذٍ يكون موضع القيام للصلاة عند قوله: (قد قامت الصلاة)، وظاهر كلام المؤلف أنه يسن القيام عند هذه الجملة سواء رأى المأمومون الإمام أم لم يروه، وهذا أحد الأقوال في المذهب.
والمذهب المشهور أنهم لا يقومون عند (قد) من إقامتها إلا إذا رأوا الإمام، فإن لم يروه انتظروا حتى يروا الإمام؛ لأنهم تابعون، ولو قاموا في الصف قبل أن يروا الإمام لكانوا متبوعين؛ لأن الإمام سيأتي بعدهم بعد أن يصطفوا ويقوموا، والغالب أنها لا تقام الصلاة عندنا في هذا البلد إلا وقد رؤي الإمام، الغالب أنها لا تقام حتى يدخل الإمام المسجد ويراه الناس، ثم يقيم المؤذن.
وقوله: (عند (قد) من إقامتها) هذا أيضًا أحد أقوال المسألة، وهو من مفردات المذهب. وقيل: يقوم إذا رأى الإمام مطلقًا، وقيل: يقوم إذا شرع في الإقامة، وقيل: يقوم إذا قال: حي على الصلاة، وقيل: يقوم إذا كبر الإمام تكبيرة الإحرام.
وقيل: الأمر في ذلك واسع، والسنة لم ترد محددة لموضع القيام إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» ، فإذا كانت السنة غير محددة للقيام كان القيام عند أول الإقامة أو في أثنائها أو عند انتهائها، كل ذلك جائز، المهم ألا يفوتك تكبيرة الإحرام؛ بمعنى أن تكون متهيئًا للدخول في الصلاة قبل أن تفوتك تكبيرة الإحرام، هذا أهم شيء.
وقوله: (عند (قد) من إقامتها، وتسوية الصف)؛ يعني تسن تسوية الصف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك، فيقول: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» ويرشد أصحابه لهذا حتى فهموا ذلك عنه وعقلوه عقلًا جيدًا، وفي يوم من الأيام خرج عليه الصلاة والسلام وأُقيمت الصلاة فالتفت، فإذا رجل قد بدا صدره فقال: «عِبَادَ اللَّهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» .
«لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ» اللام هذه موطئة للقسم، وتقدير الكلام: والله لتسون، فالجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم، واللام والنون «لَتُسَوُّنَّ»، وهي خبر فيه تحذير؛ لأنه قال: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ»، أي: بين وجهات نظركم حتى تختلف القلوب، وهذا -بلا شك- وعيد على من ترك التسوية.
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب تسوية الصف، واستدلوا لذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم به وتوعده على مخالفته، وشيء يأتي الأمر به ويُتوعَّد على مخالفته لا يمكن أن يُقال: إنه سُنَّة فقط، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة وجوب تسوية الصف، وأن الجماعة إذا لم يُسوّوا الصف فهم آثمون، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولكن هل إذا خالفوا فلم يسووا الصف تبطل صلاتهم؛ لأنهم تركوا واجبًا؟
فيه احتمال، قد يقال: إنها تبطل؛ لأنهم تركوا الواجب، ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى، أنهم يأثمون ولكن لا تبطل صلاتهم؛ لأن التسوية واجب للصلاة لا واجب فيها؛ يعني هو خارج عن هيئتها والواجب للصلاة يأثم الإنسان بتركه، ولا تبطل الصلاة به كالأذان مثلًا واجب للصلاة، ولا تبطل الصلاة به.
ثم إن تسوية الصف تكون بالتساوي بحيث لا يتقدم أحد على أحد، وهل المعتبر مُقدَّم الرِّجل؟
لا، المعتبر المناكِب والأكعُب؛ المناكب اللي في أعلى البدن، والأكعب أسفل القدم، وهذا عند الاعتدال، أما إذا كان في الإنسان احتداب فلا عِبرة بالمناكب؛ لأنه لا يمكن أن تتساوى المناكب والأكعب فيمن عنده احتداب، وكيف يمكن وهو منهصر الظهر؟! فالعبرة في مثل هذا بالأكعب ولَّا بالمناكب؟
طلبة: بالأكعب.
الشيخ: بالأكعب، وإنما اعتُبرت الأكعب؛ لأنها العمود الذي يعتمد عليه البدن، فإن الكعب في أسفل الساق، والساق هو عمود البدن، فكان هذا هو المعتَبر، وأما أطراف الأرجل فليست بمعتبرة؛ وذلك لأن أطراف الأرجل تختلف، فبعض الناس تكون رجله طويلة، وبعض الناس قصيرة؛ فلهذا كان المعتبر الكعب.
ثم إن تسوية الصف المتوعَّد على مخالفتها هي تسويته بالموازاة والمحاذاة، ولا فرق بين أن يكون الصف خلف الإمام أو مع الإمام، وعلى هذا، فإذا وقف إمام ومأموم، فكيف يكون الإمام.
طالب: بحذائه.
الشيخ: يكون محاذيًا للمأموم، ولا يتقدم عليه خلافًا لمن قال من أهل العلم: إنه ينبغي تقدم الإمام على المأموم يسيرًا ليتميز الإمام عن المأموم، فيقال: إن هذا خلاف ظاهر النص، فابن عباس -رضي الله عنهما- أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه وجعله عن يمينه، ولم يقل: وأخَّره قليلًا، ثم إن الإمام والمأموم يعتبران صفًّا، فإذا اعتبرناهما صفًّا كان المشروع تسوية الصف، ثم إن هناك تسوية أخرى بمعنى الكمال؛ يعني الاستواء بمعنى الكمال، كما قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: ١٤]، فإذا قلنا: استواء الصف بمعنى كماله لم يكن ذلك مقتصرًا على تسوية المحاذاة، بل يشمل عدة أشياء:
أولًا: تسوية المحاذاة، وعرفتموها، أو لا؟ وهذه على القول الراجح واجبة.
الثاني: التراص في الصف؛ فإن هذا من كماله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك، وندب أمته أن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربها، يتراصون ويكملون الأول فالأول.
ولكن المراد بالتراص ألا يدعوا فرجًا للشياطين، وليس المراد بالتراص التزاحم؛ لأن هناك فرقًا بين التراص وبين التزاحم؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «تَرَاصُّوا وَلَا تَدَعُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ» يعني لا يكون بينكم فرج تدخل منها الشياطين؛ لأن الشياطين تدخل بين الصفوف كأولاد الضأن الصغار من أجل أن يشوشوا على المصلين صلاتهم، هذا من تسوية الصف التراص.
ثالثًا: إكمال الأول فالأول، فإن هذا من استواء الصفوف، فلا يُشرع في الصف الثاني حتى يكمل الصف الأول، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تكميل الصف الأول فقال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا» تصور، يقول: «ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا»، يعني يقترعوا عليه، فإذا جاء واحد للصف الأول وقال: تعالَ، أنا أحق به منك، قال: لا، أنا أحق. قال: طيب، إذن نقرع، نسوي قرعة، أينا يكون في هذا المكان الخالي.
ومن لعب الشيطان بكثير من الناس اليوم أنهم يرون الصف الأول ليس فيه إلا نصفه، ومع ذلك يشرعون في الصف الثاني، ثم إذا أُقيمت الصلاة، وقيل لهم: أتموا الصف الأول جعلوا يتلافتون مندهشين كأنهم منذرون بجيش خلفهم، لا يدري الإنسان أين يذهب حيارى، أعوذ بالله! أتموا الصف، فيبقى ويش العلم هذا؟
وكل ذلك -في الحقيقة- سببه أولًا: الجهل العظيم، والشيء الثاني: أن بعض الأئمة لا يبالون بهذا الشيء، ما يبالي يسوى الصف ويتمم يتراصون أو لا، كأنه كل شيء عندهم، استووا اعتدلوا، لو يجد الصف كالسهم من الاستواء قال: استووا، ولو يجده أعوج من قوس الهلال ما وقف حتى يستووا، ما يهتم حتى إن بعض الناس قال لي: إن رجلين إمامًا ومأمومًا قاما يصليان فالتفت الإمام: استووا على اليمين، اعتدلوا، قال: ما على يسارك أحد، ليش؟ لأنهم يظنون أنها سنة مطلقًا، وهي في الواقع سُنَّة عند الحاجة إليها، لكن ينبغي أن تكون سنة مؤثرة بحيث إذا وجد واحدًا متقدمًا: تأخر يا فلان، وقد سمعتم ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام حينما رأى رجلًا باديًا صدره، وكان عليه الصلاة والسلام يُسوِّي الصفوف بيده، يمسح المناكب والصدور بيده من طرف الصف إلى طرفه، وهذه هل توجد عندنا في الأئمة؟
طلبة: لا.
الشيخ: أبدًا لو توجد ويوش عليه واحد من الجماعة ترك كل شيء، وراح المحراب وصلَّى، ولكن الواجب أن الإنسان يصبر ويعوِّد الناس على تسوية الصف حتى يسووا الصفوف، ولا يمكن لإنسان مؤمن يبلغه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» ، ثم لا يبالي بتسوية الصف، وها هنا حديث مشهور عند الناس، وليس له أصل؛ وهو أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج، ولكن هذا ليس له أصل عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن فيه ما هو أعظم منه؛ الحديث الذي ذكرنا لكم. كم وجهًا ذكرنا للتسوية؟
طلبة: ثلاثة.
الشيخ: ثلاثة؟ ومنها أيضًا -من تسوية الصفوف-: التقارب فيما بينها، وفيما بينها وبين الإمام أيضًا؛ لأنهم جماعة، والجماعة مأخوذة من الاجتماع، ولا اجتماع مع التباعد، كلما قربت الصفوف بعضها إلى بعض وقربت إلى الإمام كان أفضل وأجمل، ونحن نرى في بعض المساجد أن بين الإمام وبين الصف الأول ما يتسع لصف أو صفين؛ أي أن الإمام يتقدم كثيرًا، وهذا -فيما أظن- صادر عن الجهل؛ فالسنة للإمام أن يكون قريبًا من المأمومين، وللمأمومين أن يكونوا قريبين من الإمام، وهم أيضًا كل صف قريب من الصف الآخر، هذا من تسوية الصف؛ لأنا قلنا: من الاستواء الذي هو الكمال.
خامسًا: تكميل الأول فالأول.
طلبة: (...).
الشيخ: ذكرنا الصف الأول، لكن هذا فوق الصف الأول؛ يعني حتى الصف الثاني تقدم إليه قبل أن تشرع في الصف الثالث، ولكن هل أن الصف الثاني بالنسبة للصف الثالث صف أول بحيث يدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا» أو لا؟ الظاهر لا؛ وذلك لأن الصف الأول يقتضي المبادرة والتبكير بخلاف الصف الثاني، فقد يكون مع تأخر الإمام، والتقدم إلى المسجد أمر مطلوب.
السادس من استواء الصفوف وكمالها أن يدنو الإنسان من الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» ، وكلما كان أقرب كان به أولى؛ ولهذا جاء الحث على الدنو من الإمام في صلاة الجمعة؛ لأن الدنو من الإمام في صلاة الجمعة يكتسب الدنو إليه في الصلاة، والدنو إليه في الخطبة.
فالدنو من الإمام أمر مطلوب، نجد بعض الناس يأتي إلى الصف، ويجد فيه مكانًا قريبًا من الإمام، لكن يذهب إلى آخر الصف عند الجدار، وهذا من الحرمان، والسُّنة أن تدنو من الإمام، فكلما دنوت كان أفضل.
ولكن هناك وجه سابع في التسوية وهي تفضيل اليمين؛ يمين الإمام على شماله؛ يعني أن أيمن الصف أفضل من أيسره، ولكن ليس على سبيل الإطلاق كما في الصف الأول؛ لأنه لو كان على سبيل الإطلاق كما في الصف الأول لقال الرسول عليه الصلاة والسلام: أتموا الأيمن فالأيمن، كما قال: «أَتِمُّوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ» ، وإذا كان ليس من المشروع أن نبدأ بالجانب الأيمن حتى يكمل فإننا ننظر في أصول الشريعة، كيف يكون هذا بالنسبة لليسار؟
نجد أن هذا يكون بالنسبة لليسار إذا تحاذا اليمين واليسار وتساويا فالأفضل اليمين، كما لو كان اليسار خمسة واليمين خمسة، وجاء الحادي عشر نقول له: اذهب إلى اليمين؛ لأن اليمين أفضل مع التساوي أو التقارب أيضًا بحيث لا يظهر التفاوت بين يمين الصف ويساره، أما مع التباعد فلا شك أن اليسار القريب أفضل من اليمين البعيد؛ ويدل لذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في أول الأمر يأمر الجماعة إذا كانوا ثلاثة أن يقف الإمام بينهما، بين الاثنين .
وهذا يدل على أن اليمين ليس أفضل مطلقًا؛ لأنه لو كان أفضل مطلقًا لكان الأفضل أن يكون المأمومان عن يمين الإمام، ولكن كان المشروع أن واحدًا عن اليمين وواحدًا عن اليسار حتى يتوسط الإمام، ولا يحصل حيف وجنف في أحد الطرفين.
ومن استواء الصفوف أن تفرد النساء وحدها؛ بمعنى أن يكون النساء خلف الرجال، لا يختلط النساء بالرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» ، فبين هنا -عليه الصلاة والسلام- أنه كلما تأخر النساء عن الرجال كان أفضل.
إذن الأفضل أن تؤخر النساء عن صفوف الرجال؛ لما في قربهن إلى الرجال من الفتنة، وأشد من ذلك اختلاطهن بالرجال؛ بأن تكون المرأة إلى جانب الرجل، أو يكون صف من النساء بين صفوف الرجال، هذا لا ينبغي، وهو إلى التحريم مع خوف الفتنة واضح؛ يعني هو محرم مع خوف الفتنة، ومع انتفاء الفتنة خلاف الأولى؛ يعني لو كان النساء من محارمه فهي خلاف الأوْلى وخلاف الأفْضل.
وهل من استواء الصفوف أن يتقدّم الرجال ويتأخر الصبيان؟ وهذا تاسع.
قال بعض العلماء: إن هذا من تسوية الصفوف؛ يعني من استوائها وكمالها أن يكون الرجال البالغون هم الذين يلون الإمام، وأن يكون الصبيان في الخلف، فإذا كان عندنا مئة رجل يمثلون صفًّا ومئة صبي يمثلون نصف الصف، نجعل المئة الرجل الصف الأول، ومئة الطفل الصف الثاني، حتى لو تقدم صبي إلى الأول أخَّرناه؛ لأن استواء الصف أن يكون الرجال البالغون هم الأمام، واستُدِلَّ لذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» .
ولكن في هذا نظر، بل نقول: إن الصبيان إذا تقدموا إلى مكان فهم أحق به من غيرهم؛ لعموم الأدلة الدالة على أن من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به، والمساجد بيوت الله، يستوي فيها عباد الله، فإذا تقدم الصبي إلى الصف الأول مثلًا، وجلس فليكن في مكانه؛ ولأننا لو قلنا بإزاحة الصبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد أدَّى ذلك إلى لعبهم؛ لأنهم ينفردون بالصف، كل واحد يكلم الثاني، أو إذا غلط الإمام حكوا، أو إذا سمعوا داخلًا كذلك، ثم مُشْكِل إذا دخل رجال بالغون بعد أن صف الجماعة؟
طالب: يرجعونهم.
الشيخ: يرجعونهم وهم في الصلاة؟! مُشْكِل، وإن بقوا صفًّا كاملًا أمامهم، فيا ويح من كان خلفهم سيشوِّشون عليه؛ لأنه يجد هذا يتحرك، وهذا يعبث، وهذا يطلع قلمه، وهذا يطلع ساعته، وهذا يضرب صاحبه، وهكذا، يشتغل اللي وراءهم.
ثم إن في تأخيرهم عن الصف الأول بعد أن كانوا فيه يؤدي إلى محظورين:
المحظور الأول: كراهة الصبي للمسجد؛ لأن الصبي، وإن كان صبيًّا لا تحتقره؛ فالشيء ينطبع بقلبه، يقول: أنا جاي أبغي أصلي، وفرح أني توضأت عند أهلي، وجيت ويمكن لابس ثياب الزينة، وبعدين أقوم أجلس في هذا، ويصلي ما شاء الله أن يصلي؛ لأن المفروض إلى ثلاث عشرة سنة، إلى أربع عشرة سنة، إلى خمس عشرة سنة، كل دول يطلعوا وراء، ثم في النهاية يقول لي: روح وراء! ويش يكون تصوره المسجد حبه للمسجد؟! لا شك أنه ينقلب كراهة.
كذلك بالنسبة للرجل المعين الذي أخرجه من الصف يبقى هذا في عينه إلى أن يموت، وأنا لا أنسى رجلًا.. على كل حال يبقى الإنسان ما ينسى هذا الرجل إلى يوم القيامة؛ لأنه أخرجه من المكان هذا.
فالحاصل أن هذا القول ضعيف، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» فمراده -صلوات الله وسلامه عليه- حثُّ هؤلاء على التقدم لا إخراج الصغار من أماكنهم، فصارت أوجه التسوية كم؟
طالب: تسعة.
الشيخ: تسعة، فيه أيضًا وجه عاشر، وهو اقتداء كل صف بمن أمامه عند الحاجة، إذا كان صوت الإمام خفيًّا ولا يبلغ أحد، فكل إنسان وكل صف يقتدي بمن أمامه؛ ولهذا قال العلماء: إذا كان الإنسان خارج المسجد لم يصح ائتمامه بالإمام إلا أن يرى الإمام أو بعض المأمومين، لكن التسوية بالوجه الأول؛ وهي تسوية المحاذاة، هذه واجبة على القول الصحيح.
قال المؤلف: (وتسوية الصف) (أل) هنا للعهد ولَّا للعموم؟
طالب: للعموم.
الشيخ: للعموم، ولهذا عبَّر بعض الفقهاء بقوله: تسوية الصفوف؛ فالصف هنا اسم جنس يشمل جميع الصفوف؛ الأول، والثاني، والثالث، وهلم جرًّا، وتسوية الصف.
طالب: شيخ، إذا قيل له: لا تجعل فرجة للشيطان قال: الشيطان يدخل بين قدمي؟
الشيخ: والله هذا خطر!
طالب: كثير جدًّا يقول هذا.
الشيخ: أقول: هذا كلام خطِر جدًّا؛ لأنه شِبه تهكم بما قال الرسول عليه الصلاة والسلام.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- بعض الناس في مواصلة الصف يرص القدم جدًّا حتى إنه يضايق جاره (...)، وجاء في هذا المعنى أن الصحابة كانوا يلصقون أقدامهم بعضهم ببعض، ويقولون: إن الإلزاق يبطل الالتحام والناس يختلفون في قبولهم هذا الأمر.
الشيخ: هو لا شك أن الصحابة كانوا يُلصق الإنسان كعبه بكعب أخيه، ومنكبه بمنكبه تحقيقًا للتسوية والمراصة، لكن ليس كما يفعل بعض الناس الآن يفحج رجليه حتى يُضيّق على من حوله مع أن الكتف بعيد من الكتف الآخر، هذا ليس من السنة، وأنت لو وقفت طبيعيًّا فإن المناكب سوف يرص بعضها بعضًا، وكذلك الأكعب سوف يرص بعضها بعضًا..
طالب: لكن الالتحام؟
الشيخ: لكن إذا كان يؤذي، أنا قلت لكم قبل قليل: ليس هو الزحام، التراص ألا يدعوا فرجات للشيطان، ليس هو الزحام اللي يخلي الإنسان يلَّا يتحرك؛ يعني بعض الناس يزاحم حتى إنه ما يمكن يسجد إلا إذا سجد صاحبه من المراصة، هذا ما هو المطلوب.
أقول: إذا حصل من ذلك أذية فإن أهل العلم قالوا: لا تُرتَكب الأذية من أجل فعل مستحب، بل تُتقى الأذية حتى قالوا في التورُّك: لو أن الإنسان إذا تورك في التشهد الأخير آذى جاره، فإن الأفضل ألا يتورك.
طالب: شيخ، الصف بين السواري يا شيخ؟
طالب آخر: شيخ -أحسن الله إليك- الآن إذا صف النساء كما يحدث في الحرم يصف صفوف النساء أمام الرجال، هل تصح الصلاة؟
الشيخ: إي نعم، سيأتي -إن شاء الله تعالى- في باب الجماعة أن الصلاة لا تبطل إذا كان أمام الرجال نساء يصلين.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- إذا كنت أنا في موقع شعرت أن شخصًا آخر أفضل مني من أولي الأحلام والنهى، فهل أقدمه مكاني؟ (...).
الشيخ: سمعتم؟
طلبة: ما سمعنا.
الشيخ: يقول: هل أُوثر غيري بالمكان الفاضي، كذا؟ هذا خلاصة السؤال.
الجواب: لا، إلا إذا كان في ذلك مصلحة تربو على مصلحة التقدم، وقد ذكرنا فيما سبق أن الإيثار بالقرب قد يكون حرامًا، وقد يكون مكروهًا، فإذا كانت القربة واجبة فالإيثار بها حرام، مثل لو كان عندك ماء يكفيك للوضوء، لكن لا يكفيك أنت وصاحبك، فهنا لا يجوز أن تؤثره بالماء؛ لأنه يجب عليك أن تستعمل هذا الماء، أما الإيثار بالسنن فكرهها أهل العلم، قالوا: يكره إيثار غيره بمكانه الفاضل لا قبول، قالوا: لأن ذلك ينبئ عن رغبة عن الخير، لكن إذا كان هناك مصلحة، مثل لو كان الذي قدم أبوك، وتخشى إن لم تؤثره أن يكون في نفسه شيء، أو كان إنسان له فضل على الناس بإحسان مالي أو غيره، وآثرته فلا بأس، ومن هذا ما يفعله الناس الآن عندنا إيثار المؤذن بالمكان؛ لأن كل الناس الذين يأتون يدعون مكان المؤذن يؤثرونه به هذا للمصلحة فلا بأس.
طالب: (...).
الشيخ: عجيب، يظنون ما تصح صلاة أحد فيه؟!
الطالب: (...).
الشيخ: نعم؟
طالب: هل يطلب من الجماعة أن يتراصوا على اليمين أكثر من اليسار التسوية، يعني؟
الشيخ: نعم، إذا كان الفرق واضحًا فلا بأس أن تقول: ائتوا لليسار؛ لأجل بيان السنة؛ لأن كثيرًا من الناس الآن يظنون أن الأفضل اليمين مطلقًا، حتى أحيانًا يكمل الصف من اليمين، ولا عندك من اليسار إلا واحد أو اثنين.
طالب: (...).
الشيخ: كراهة الشخص اللي طلعه من المكان.
الطالب: بالنسبة للصف إذا كان صفًّا واحدًا، وكان نصف الصف متقدمين قليلًا، ونصف الصف متأخرًا قليلًا، وجئت أنا أصلي هل أتبع المتأخرين ولَّا المتقدمين الصف صار قسمين يعني؟
الشيخ: شو؟!
الطالب: مثل الصف صار الآن..
الشيخ: شو هذا؟!
الطالب: بيحصل.
الشيخ: ما يحصل!
الطالب: إلا يحصل.
الشيخ: لا إله إلا الله! ويش لون؟!
الطالب: مثلًا هذا صف الصلاة يأتي مثلًا..
الشيخ: هذا الأبيض هذا.
الطالب: هذا الأبيض، يأتي أناس يصفون هنا، ويأتي ناس يصفون هنا يعني قبل منهم بقدم.
الشيخ: قدِّم المتأخِّر ولَّا أخِّر المتقدم.
الطالب: كثير الصف، نصف الصف قدام شوي، ونصف الصف ورا شوي.
طالب آخر: (...).
الشيخ: على كل حال..
طالب: كثير تقع.
الشيخ: ويش بدك؟! تبغي أقول لك: (...)؟!
طالب: لا، ويش أسوِّي أكون مع هؤلاء أو مع هؤلاء؟
الشيخ: اقتدِ بالذي يلي الإمام، مثلًا إذا كنت من اليمين شوف اللي على اليسار، اقتدِ باليسار، إذا كنت في يسار الصف اقتدِ بالذي عن يمينك؛ لأن أصل مبتدأ الصف ما هو من آخره، مبتدأ الصف مما يلي الإمام.
طالب: شيخ، قلنا: إذا أسبغ الوضوء وخرج إلى المسجد كان له بكل خطوة أن يُرفع له بها درجة، قد لا يتوضأ الإنسان في البيت مثلًا كأن يكون في المسجد دورة مياه، فهل يُحرم هذا الأجر؟
الشيخ: والله ظاهر الحديث أنه يُحرم؛ لأن هناك فرقًا بين من يخرج من بيته متهيئًا للصلاة قاصدًا لها وبين إنسان يأتي إلى المسجد غير متهيئ للصلاة. نشوف الجانب هذا.
طالب: بالنسبة لألفاظ تسوية الصفوف يا شيخ.. (...)
الشيخ: (...).

***

\n طالب: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. \n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n
باب صفة الصلاة
\n

***

\n طالب: (...) وعلى نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال رحمه الله تعالى: \n
\n ويقول: (الله أكبر) رافعًا يديه مضمومتي الأصابع ممدودتين حذو منكبيه في السجود، ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه تحت سرته، وينظر مسجده، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرًّا وليست من الفاتحة، ثم يقرأ الفاتحة، فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين قال: أو ترك منها تشديدة، أو حرفًا، أو ترتيبًا لزم غير مأمومه إعادتها، ويجهر الكل بآمين في الجهرية.
\n الشيخ: (...) وعلى نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (ويقول: الله أكبر) إذا كان الإنسان أخرس، فكيف يقول: الله أكبر؟ هل تسقط عنه للعجز أم ماذا؟\n
\n طالب: ينويها، يقولها بقلبه.\n
\n الشيخ: يقولها بقلبه؟\n
\n الطالب: ولا يتلفظ بها كما..\n
\n الشيخ: كيف لا يتلفظ بها؟! ما يقدر، أخرس!!\n
\n الطالب: قالوا: إنه يحرك فمه.\n
\n الشيخ: يقولها بقلبه، ما دليلك على أنه يقولها بقلبه؟\n
\n الطالب: قوله تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.\n
\n الشيخ: \n {إِلَّا وُسْعَهَا}..\n
\n الطالب: وهذا لا يستطيع إلا أن يقولها بقلبه فـ..\n
\n الشيخ: فوجب عليه، وهل يحرك شفتيه ولسانه؟\n
\n طالب: لا يحرك.\n
\n الشيخ: لماذا؟ أليس القول يلزم منه تحريك اللسان والشفتين؟ \n
\n طالب: لكن لا يحرك لسانه وشفتيه فقط، إذا كان لا ينطق..\n
\n الشيخ: هو أخرس، السؤال عن رجل أخرس.\n
\n الطالب: نعم، لا يحرك لسانه وشفتيه.\n
\n الشيخ: ألست أنت الآن إذا تكلمت أليس لسانك يتحرك وشفتاك؟ أسألك أليس لسانك وشفتاك تتحركان إذا تكلمت؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: طيب لماذا لا نقول: يحرك اللسان والشفتين؟\n
\n طالب: لأنه أخرس.\n
\n الشيخ: إي، أنا أقول: يُحرِّك، لا يجب عليه القول، لكن يجب عليه التحريك.\n
\n طالب: لا يحرك شفتيه ولسانه؛ لأن لسانه علامة على قول القلب، فإذا سقط الأصل، وهو النطق يسقط الفرع وهو تحريك لسانه وشفتيه.\n
\n الشيخ: لا، هو غير هذا الجواب.\n
\n طالب: القول بأن تحريك اللسان والشفتين مقصود لغيره.\n
\n الشيخ: مقصود لغيره، وسيلة للنطق، فإذا سقط النطق سقطت الوسيلة؛ تحريك اللسان والشفتين مقصود لغيره وسيلة للنطق، فإذا سقط النطق لعدم القدرة عليه سقطت الوسيلة.\n
ذكرنا على قول: (الله أكبر) أن الباحث أولًا هل يقوم غيرها مقامها؟\n
\n طالب: لا يقوم غيرها مقامها.\n
\n الشيخ: ولو كان بمعناها؟\n
\n الطالب: ولو كان بمعناها (...) فيقتصر بها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.\n
\n الشيخ: وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُعيِّن التكبير؟\n
\n الطالب: يقول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: \n «ارْجِع فَصَلِّ فَإِنَّكَ..» فكبر، لما قال له: استقبل القبلة..\n
\n الشيخ: \n «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» \n ، أحسنت. \n
هل يجوز أن يقول الله الأكبر؟\n
\n طالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يجوز، لماذا؟\n
\n طالب: لأن (...).\n
\n الشيخ: لأن مدلول (الله أكبر) أبلغ من مدلول (الله الأكبر)؛ ولأن هذا هو الذي ورد به النص.\n
فسر بعض العلماء أكبر بكبير، فما رأيك بهذا التفسير؟\n
\n طالب: لا، ضعيف يا شيخ.\n
\n الشيخ: هذا التفسير ضعيف، وهل يُعتبر أنقص من اللفظ أو لا؟\n
\n طالب: أنقص منه؛ لأنه..\n
\n الشيخ: أنقص، لماذا؟\n
\n الطالب: (...) ويقع فيه المشاركة.\n
\n الشيخ: إذن من قال: أكبر بمعنى (كبير) فقد نقص المعنى؛ لأن كبير لا تمنع المشاركة بخلاف أكبر.\n
قال المؤلف: \n (رافعًا يديه مضومتي الأصابع) ما الدليل على رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام؟\n
\n طالب: فعل النبي صلى الله عليه وسلم.\n
\n الشيخ: ومن رواه عنه.\n
\n الطالب: في البخاري يا شيخ أن الرفع عن ابن عمر أن الرفع في أربعة مواضع..\n
\n الشيخ: رواه عنه ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم: \n يرفع يديه إلى حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة \n .\n
ما هي الحكمة من هذا الرفع؟ \n
\n طالب: الحكمة قيل: إن في هذا تعظيمًا لله سبحانه وتعالى.\n
\n الشيخ: نعم، إظهار التعظيم لله.\n
\n الطالب: إي نعم، وقيل: إن هذه إشارة إلى رفع الحجاب بين المصلِّي وبين ربه.\n
\n الشيخ: اثنين.\n
\n طالب: قيل: إنها من زينة الصلاة.\n
\n الشيخ: زينة للصلاة.\n
\n الطالب: قيل أيضًا إنها يجتمع فيها العبادتان القولية والفعلية..\n
\n الشيخ: إشارة لتعظيم الله، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي.\n
وهنا مباحث: \n
أولًا: الرفع يقول المؤلف:\n (إلى حذو المنكبين)، والمنكبان هما الكتفان، فيكون منتهى الرفع إلى الكتفين، هكذا \n (مضمومتي الأصابع ممدودة)، فإذا قُدِّر أن في الإنسان آفة تمنعه من رفع اليدين إلى المنكبين، فماذا يصنع؟ يرفع إلى حيث يقدر عليه؛ لقول الله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، كذلك إذا قُدِّر أن في الإنسان آفة، لا يستطيع أن يرفعهما إلى حذو المنكبين، بل إلى أكثر من ذلك كما لو كانت مرافِقه لا تنحني بل هي واقفة، ما يقدر يقوم إلا كذا مثلًا، يرفع ولَّا لا؟\n
\n طالب: نعم. \n
\n الشيخ: يرفع لقوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ اسْتَطَعْتُمْ}، وإذا كان لا يستطيع الرفع بواحدة رفع بالأخرى للآية؛ \n ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان واقفًا بعرفة فسقط خِطام ناقته، وكان رافعًا يديه يدعو أخذه بإحدى يديه والأخرى مرفوعة يدعو الله بها \n .\n
ويقول المؤلف: \n (رافعًا يديه مضمومتي الأصابع ممدودة)، الضم أي رَص بعضها إلى بعض، والمد ضد القبض، هكذا.
وقال بعض العلماء: إنه ينشرها؛ أي يفرقها هكذا، ولكن الصحيح ما ذكره المؤلف؛ لأن هذا هو الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام. \n

","SearchText":" طالب: وصلي الله وسلم علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: [باب صفه الصلاه] باب صفه الصلاه يسن القيام عند (قد) من اقامتها وتسويه الصف، ويقول: الله اكبر رافعا يديه مضمومتي الاصابع، ممدوده حذو منكبيه في السجود، ويسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين، وغيره نفسه، ثم يقبض علي كوع يسراه تحت سرته وينظر مسجده، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرا، وليست من الفاتحه، ثم يقرا الفاتحه وان قطعها بذكر او سكوت غير مشروعين، وطال او ترك منها تشديده او حرفا او ترتيبا لزم غير ماموم اعادتها. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال رحمه الله تعالي: (باب صفه الصلاه) صفتها يعني الكيفيه التي تكون عليها والعلماء؛ علماء الفقه -رحمهم الله- تكلموا علي صفه الصلاه وعلي صفه الحج؛ وذلك لان من شرط العباده، بل شرط العباده امران: الاخلاص لله، والمتابعه لرسول الله صلي الله عليه وسلم؛ فاما الاخلاص لله فيتكلم عليه اهل التوحيد والعقاءد، واما المتابعه لرسول الله صلي الله عليه وسلم فيتكلم عليها الفقهاء، وضد ذلك؛ ضد الاخلاص الاشراك، وضد المتابعه البدعه، فمن تابع الرسول عليه الصلاه والسلام بدون اخلاص لم تصح عبادته؛ لقوله تعالي في الحديث القدسي: «انا اغني الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه» ، ومن اخلص لله ولم يتبع رسول الله صلي الله عليه وسلم فان عبادته مردوده؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، ومن ثم اضطر العلماء الي بيان صفه الصلاه والحج، لكن لم نجدهم ذكروا صفه الصيام، ولم نجدهم ذكروا صفه الزكاه. اما الصيام فانه ترك، وبينوا ما يتركه الانسان ببيان المفطرات، وقالوا: انه -اي الصيام- هو الامساك، والامساك عن المفطرات بنيه التعبد لله تعالي من طلوع الفجر الي غروب الشمس، وهذا هو الكيفيه، هذا حقيقه هو الكيفيه، وفي الزكاه ذكروا الاموال الزكويه ومقدار الانصبه، ومقدار الواجب، واهل الزكاه، وهذا -بالحقيقه- هو الكيفيه. والصلاه -كما نعلم- هي اعظم اركان الاسلام بعد الشهادتين، وهي التي اذا تركها الانسان تهاونا وكسلا كان كافرا، وان جحد وجوبها كان كافرا ولو صلي، اذا قال: انا اصلي هذه الصلوات الخمس علي انها نافله كان كافرا وان كان يصليها. الصلاه هي اما في جماعه، واما في انفراد، اذا كان في جماعه فاحسن ما يكون ان يتوضا الانسان في بيته ويسبغ الوضوء، ثم يخرج من بيته بنيه صلاه الجماعه، فاذا فعل ذلك -اي اسبغ الوضوء، ثم خرج من بيته قاصدا صلاه الجماعه- لم يخط خطوه الا رفع الله له بها درجه وحط عنه بها خطيءه، قرب بيته ام بعد، ولا يعني ذلك انه ينبغي للانسان ان يتقصد الابعد من المساجد، بل يعني ذلك انه اذا بعد منزلك من المسجد، فلا تستبعد المسجد وتقول: ان في ذلك تعبا علي، بل اسع اليه ولك في كل خطوه اذا خرجت مسبغا للوضوء قاصدا المسجد ان يرفع الله لك بها درجه ويحط عنك بها خطيءه. وينبغي ان ياتي اليها بسكينه ووقار؛ سكينه في الاطراف ووقار في الهيءه، فلا ياتي اليها وهو منزعج او يمشي مشيه الانسان الذي ليس بمنتظم، بل يكون وقورا؛ لانه مقبل علي مكان يقف فيه بين يدي الله عز وجل، ونحن نعلم ان الانسان لو اقبل علي قصر ملك من الملوك لوجدته يتهيا وينظر كيف مشلحه؟ كيف شماغه؟ كيف وجهه؟ كيف ثوبه؟ وياتي بسكينه ووقار ويظهر علي نفسه ذلك فكيف بمن ياتي الي بيت الله عز وجل ليقف بين يديه؟ ولا يكون مسرعا، لا يسرع المشي حتي وان خاف ان تفوته الصلاه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اذا سمعتم الاقامه فامشوا الي الصلاه وعليكم السكينه والوقار ولا تسرعوا» ، لا تسرع فما ادركت فصل، وما فاتك فاتم؛ يعني هذا هو حقيقه الادب مع الله عز وجل. ثم اذا حضرت المسجد فصل ما تيسر لك، ان كان قد اذن فانه يمكنك ان تصلي الراتبه اذا كانت لهذه الفريضه راتبه قبلها، وان لم يكن لها راتبه قبلها فسنه ما بين الاذانين؛ لان بين كل اذانين صلاه. وتجزء هذه الصلاه -اعني سنه ما بين الاذانين او الراتبه- عن تحيه المسجد؛ لان قول الرسول عليه الصلاه والسلام: «اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتي يصلي ركعتين» ، يصدق بما اذا صلي الانسان الراتبه او سنه ما بين الاذانين، ثم اجلس بنيه انتظار الصلاه، واعلم انك لا تزال في صلاه ما انتظرت الصلاه حتي لو تاخر الامام وزاد خمس دقاءق او عشر فانك علي خير؛ لانك لا تزال في صلاه ما انتظرت الصلاه، ثم مع ذلك الملاءكه تصلي عليك ما دمت في مصلاك. ورجل تصلي عليه الملاءكه حري بان يستجيب الله -سبحانه وتعالي- دعاء الملاءكه له. فاذا اقيمت الصلاه، فقال المءلف: (يسن القيام عند (قد) من اقامتها) يعني يسن للماموم ان يقوم اذا قال المقيم: (قد قامت الصلاه)؛ لان (قد) تفيد التحقيق، و(قامت) تفيد الواقع، وحينءذ يكون موضع القيام للصلاه عند قوله: (قد قامت الصلاه)، وظاهر كلام المءلف انه يسن القيام عند هذه الجمله سواء راي المامومون الامام ام لم يروه، وهذا احد الاقوال في المذهب. والمذهب المشهور انهم لا يقومون عند (قد) من اقامتها الا اذا راوا الامام، فان لم يروه انتظروا حتي يروا الامام؛ لانهم تابعون، ولو قاموا في الصف قبل ان يروا الامام لكانوا متبوعين؛ لان الامام سياتي بعدهم بعد ان يصطفوا ويقوموا، والغالب انها لا تقام الصلاه عندنا في هذا البلد الا وقد رءي الامام، الغالب انها لا تقام حتي يدخل الامام المسجد ويراه الناس، ثم يقيم المءذن. وقوله: (عند (قد) من اقامتها) هذا ايضا احد اقوال المساله، وهو من مفردات المذهب. وقيل: يقوم اذا راي الامام مطلقا، وقيل: يقوم اذا شرع في الاقامه، وقيل: يقوم اذا قال: حي علي الصلاه، وقيل: يقوم اذا كبر الامام تكبيره الاحرام. وقيل: الامر في ذلك واسع، والسنه لم ترد محدده لموضع القيام الا ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا تقوموا حتي تروني» ، فاذا كانت السنه غير محدده للقيام كان القيام عند اول الاقامه او في اثناءها او عند انتهاءها، كل ذلك جاءز، المهم الا يفوتك تكبيره الاحرام؛ بمعني ان تكون متهيءا للدخول في الصلاه قبل ان تفوتك تكبيره الاحرام، هذا اهم شيء. وقوله: (عند (قد) من اقامتها، وتسويه الصف) ؛ يعني تسن تسويه الصف؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم كان يامر بذلك، فيقول: «سووا صفوفكم» ويرشد اصحابه لهذا حتي فهموا ذلك عنه وعقلوه عقلا جيدا، وفي يوم من الايام خرج عليه الصلاه والسلام واقيمت الصلاه فالتفت، فاذا رجل قد بدا صدره فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم» . «لتسون صفوفكم» اللام هذه موطءه للقسم، وتقدير الكلام: والله لتسون، فالجمله مءكده بثلاثه مءكدات، وهي: القسم، واللام والنون «لتسون» ، وهي خبر فيه تحذير؛ لانه قال: «لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم» ، اي: بين وجهات نظركم حتي تختلف القلوب، وهذا -بلا شك- وعيد علي من ترك التسويه. ولهذا ذهب بعض اهل العلم الي وجوب تسويه الصف، واستدلوا لذلك بامر النبي صلي الله عليه وسلم به وتوعده علي مخالفته، وشيء ياتي الامر به ويتوعد علي مخالفته لا يمكن ان يقال: انه سنه فقط، ولهذا كان القول الراجح في هذه المساله وجوب تسويه الصف، وان الجماعه اذا لم يسووا الصف فهم اثمون ، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله. ولكن هل اذا خالفوا فلم يسووا الصف تبطل صلاتهم؛ لانهم تركوا واجبا؟ فيه احتمال، قد يقال: انها تبطل؛ لانهم تركوا الواجب، ولكن احتمال عدم البطلان مع الاثم اقوي، انهم ياثمون ولكن لا تبطل صلاتهم؛ لان التسويه واجب للصلاه لا واجب فيها؛ يعني هو خارج عن هيءتها والواجب للصلاه ياثم الانسان بتركه، ولا تبطل الصلاه به كالاذان مثلا واجب للصلاه، ولا تبطل الصلاه به. ثم ان تسويه الصف تكون بالتساوي بحيث لا يتقدم احد علي احد، وهل المعتبر مقدم الرجل؟ لا، المعتبر المناكب والاكعب؛ المناكب اللي في اعلي البدن، والاكعب اسفل القدم، وهذا عند الاعتدال، اما اذا كان في الانسان احتداب فلا عبره بالمناكب؛ لانه لا يمكن ان تتساوي المناكب والاكعب فيمن عنده احتداب، وكيف يمكن وهو منهصر الظهر؟! فالعبره في مثل هذا بالاكعب ولا بالمناكب؟ طلبه: بالاكعب. الشيخ: بالاكعب، وانما اعتبرت الاكعب؛ لانها العمود الذي يعتمد عليه البدن، فان الكعب في اسفل الساق، والساق هو عمود البدن، فكان هذا هو المعتبر، واما اطراف الارجل فليست بمعتبره؛ وذلك لان اطراف الارجل تختلف، فبعض الناس تكون رجله طويله، وبعض الناس قصيره؛ فلهذا كان المعتبر الكعب. ثم ان تسويه الصف المتوعد علي مخالفتها هي تسويته بالموازاه والمحاذاه، ولا فرق بين ان يكون الصف خلف الامام او مع الامام، وعلي هذا، فاذا وقف امام وماموم، فكيف يكون الامام. طالب: بحذاءه. الشيخ: يكون محاذيا للماموم، ولا يتقدم عليه خلافا لمن قال من اهل العلم: انه ينبغي تقدم الامام علي الماموم يسيرا ليتميز الامام عن الماموم، فيقال: ان هذا خلاف ظاهر النص، فابن عباس -رضي الله عنهما- اخذ النبي صلي الله عليه وسلم براسه من وراءه وجعله عن يمينه، ولم يقل: واخره قليلا، ثم ان الامام والماموم يعتبران صفا، فاذا اعتبرناهما صفا كان المشروع تسويه الصف، ثم ان هناك تسويه اخري بمعني الكمال؛ يعني الاستواء بمعني الكمال، كما قال الله تعالي: {ولما بلغ اشده واستوي} [القصص: ١٤]، فاذا قلنا: استواء الصف بمعني كماله لم يكن ذلك مقتصرا علي تسويه المحاذاه، بل يشمل عده اشياء: اولا: تسويه المحاذاه، وعرفتموها، او لا؟ وهذه علي القول الراجح واجبه . الثاني: التراص في الصف؛ فان هذا من كماله، وكان النبي صلي الله عليه وسلم يامر بذلك، وندب امته ان يصفوا كما تصف الملاءكه عند ربها، يتراصون ويكملون الاول فالاول. ولكن المراد بالتراص الا يدعوا فرجا للشياطين، وليس المراد بالتراص التزاحم؛ لان هناك فرقا بين التراص وبين التزاحم؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاه والسلام يقول: «تراصوا ولا تدعوا فرجات للشيطان» يعني لا يكون بينكم فرج تدخل منها الشياطين؛ لان الشياطين تدخل بين الصفوف كاولاد الضان الصغار من اجل ان يشوشوا علي المصلين صلاتهم، هذا من تسويه الصف التراص. ثالثا: اكمال الاول فالاول، فان هذا من استواء الصفوف، فلا يشرع في الصف الثاني حتي يكمل الصف الاول، وقد ندب النبي صلي الله عليه وسلم الي تكميل الصف الاول فقال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول، ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا» تصور، يقول: «ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا» ، يعني يقترعوا عليه، فاذا جاء واحد للصف الاول وقال: تعال، انا احق به منك، قال: لا، انا احق. قال: طيب، اذن نقرع، نسوي قرعه، اينا يكون في هذا المكان الخالي. ومن لعب الشيطان بكثير من الناس اليوم انهم يرون الصف الاول ليس فيه الا نصفه، ومع ذلك يشرعون في الصف الثاني، ثم اذا اقيمت الصلاه، وقيل لهم: اتموا الصف الاول جعلوا يتلافتون مندهشين كانهم منذرون بجيش خلفهم، لا يدري الانسان اين يذهب حياري، اعوذ بالله! اتموا الصف، فيبقي ويش العلم هذا؟ وكل ذلك -في الحقيقه- سببه اولا: الجهل العظيم، والشيء الثاني: ان بعض الاءمه لا يبالون بهذا الشيء، ما يبالي يسوي الصف ويتمم يتراصون او لا، كانه كل شيء عندهم، استووا اعتدلوا، لو يجد الصف كالسهم من الاستواء قال: استووا، ولو يجده اعوج من قوس الهلال ما وقف حتي يستووا، ما يهتم حتي ان بعض الناس قال لي: ان رجلين اماما وماموما قاما يصليان فالتفت الامام: استووا علي اليمين، اعتدلوا، قال: ما علي يسارك احد، ليش؟ لانهم يظنون انها سنه مطلقا، وهي في الواقع سنه عند الحاجه اليها، لكن ينبغي ان تكون سنه مءثره بحيث اذا وجد واحدا متقدما: تاخر يا فلان، وقد سمعتم ما قاله الرسول عليه الصلاه والسلام حينما راي رجلا باديا صدره، وكان عليه الصلاه والسلام يسوي الصفوف بيده، يمسح المناكب والصدور بيده من طرف الصف الي طرفه، وهذه هل توجد عندنا في الاءمه؟ طلبه: لا. الشيخ: ابدا لو توجد ويوش عليه واحد من الجماعه ترك كل شيء، وراح المحراب وصلي، ولكن الواجب ان الانسان يصبر ويعود الناس علي تسويه الصف حتي يسووا الصفوف، ولا يمكن لانسان مءمن يبلغه ان الرسول عليه الصلاه والسلام قال: «لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم» ، ثم لا يبالي بتسويه الصف، وها هنا حديث مشهور عند الناس، وليس له اصل؛ وهو ان الله لا ينظر الي الصف الاعوج، ولكن هذا ليس له اصل عن النبي عليه الصلاه والسلام، لكن فيه ما هو اعظم منه؛ الحديث الذي ذكرنا لكم. كم وجها ذكرنا للتسويه؟ طلبه: ثلاثه. الشيخ: ثلاثه؟ ومنها ايضا -من تسويه الصفوف-: التقارب فيما بينها، وفيما بينها وبين الامام ايضا؛ لانهم جماعه، والجماعه ماخوذه من الاجتماع، ولا اجتماع مع التباعد، كلما قربت الصفوف بعضها الي بعض وقربت الي الامام كان افضل واجمل، ونحن نري في بعض المساجد ان بين الامام وبين الصف الاول ما يتسع لصف او صفين؛ اي ان الامام يتقدم كثيرا، وهذا -فيما اظن- صادر عن الجهل؛ فالسنه للامام ان يكون قريبا من المامومين، وللمامومين ان يكونوا قريبين من الامام، وهم ايضا كل صف قريب من الصف الاخر، هذا من تسويه الصف؛ لانا قلنا: من الاستواء الذي هو الكمال. خامسا: تكميل الاول فالاول. طلبه: (...). الشيخ: ذكرنا الصف الاول، لكن هذا فوق الصف الاول؛ يعني حتي الصف الثاني تقدم اليه قبل ان تشرع في الصف الثالث، ولكن هل ان الصف الثاني بالنسبه للصف الثالث صف اول بحيث يدخل في قول الرسول عليه الصلاه والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول، ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا» او لا؟ الظاهر لا؛ وذلك لان الصف الاول يقتضي المبادره والتبكير بخلاف الصف الثاني، فقد يكون مع تاخر الامام، والتقدم الي المسجد امر مطلوب. السادس من استواء الصفوف وكمالها ان يدنو الانسان من الامام؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «ليلني منكم اولو الاحلام والنهي» ، وكلما كان اقرب كان به اولي؛ ولهذا جاء الحث علي الدنو من الامام في صلاه الجمعه؛ لان الدنو من الامام في صلاه الجمعه يكتسب الدنو اليه في الصلاه، والدنو اليه في الخطبه. فالدنو من الامام امر مطلوب، نجد بعض الناس ياتي الي الصف، ويجد فيه مكانا قريبا من الامام، لكن يذهب الي اخر الصف عند الجدار، وهذا من الحرمان، والسنه ان تدنو من الامام، فكلما دنوت كان افضل. ولكن هناك وجه سابع في التسويه وهي تفضيل اليمين؛ يمين الامام علي شماله؛ يعني ان ايمن الصف افضل من ايسره، ولكن ليس علي سبيل الاطلاق كما في الصف الاول؛ لانه لو كان علي سبيل الاطلاق كما في الصف الاول لقال الرسول عليه الصلاه والسلام: اتموا الايمن فالايمن، كما قال: «اتموا الاول فالاول» ، واذا كان ليس من المشروع ان نبدا بالجانب الايمن حتي يكمل فاننا ننظر في اصول الشريعه، كيف يكون هذا بالنسبه لليسار؟ نجد ان هذا يكون بالنسبه لليسار اذا تحاذا اليمين واليسار وتساويا فالافضل اليمين، كما لو كان اليسار خمسه واليمين خمسه، وجاء الحادي عشر نقول له: اذهب الي اليمين؛ لان اليمين افضل مع التساوي او التقارب ايضا بحيث لا يظهر التفاوت بين يمين الصف ويساره، اما مع التباعد فلا شك ان اليسار القريب افضل من اليمين البعيد؛ ويدل لذلك ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان في اول الامر يامر الجماعه اذا كانوا ثلاثه ان يقف الامام بينهما، بين الاثنين . وهذا يدل علي ان اليمين ليس افضل مطلقا؛ لانه لو كان افضل مطلقا لكان الافضل ان يكون المامومان عن يمين الامام، ولكن كان المشروع ان واحدا عن اليمين وواحدا عن اليسار حتي يتوسط الامام، ولا يحصل حيف وجنف في احد الطرفين. ومن استواء الصفوف ان تفرد النساء وحدها؛ بمعني ان يكون النساء خلف الرجال، لا يختلط النساء بالرجال؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال اولها، وشرها اخرها، وخير صفوف النساء اخرها، وشرها اولها» ، فبين هنا -عليه الصلاه والسلام- انه كلما تاخر النساء عن الرجال كان افضل. اذن الافضل ان تءخر النساء عن صفوف الرجال؛ لما في قربهن الي الرجال من الفتنه، واشد من ذلك اختلاطهن بالرجال؛ بان تكون المراه الي جانب الرجل، او يكون صف من النساء بين صفوف الرجال، هذا لا ينبغي، وهو الي التحريم مع خوف الفتنه واضح؛ يعني هو محرم مع خوف الفتنه، ومع انتفاء الفتنه خلاف الاولي؛ يعني لو كان النساء من محارمه فهي خلاف الاولي وخلاف الافضل. وهل من استواء الصفوف ان يتقدم الرجال ويتاخر الصبيان؟ وهذا تاسع. قال بعض العلماء: ان هذا من تسويه الصفوف؛ يعني من استواءها وكمالها ان يكون الرجال البالغون هم الذين يلون الامام، وان يكون الصبيان في الخلف، فاذا كان عندنا مءه رجل يمثلون صفا ومءه صبي يمثلون نصف الصف، نجعل المءه الرجل الصف الاول، ومءه الطفل الصف الثاني، حتي لو تقدم صبي الي الاول اخرناه؛ لان استواء الصف ان يكون الرجال البالغون هم الامام، واستدل لذلك بقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «ليلني منكم اولو الاحلام والنهي» . ولكن في هذا نظر، بل نقول: ان الصبيان اذا تقدموا الي مكان فهم احق به من غيرهم؛ لعموم الادله الداله علي ان من سبق الي ما لم يسبق اليه احد فهو احق به، والمساجد بيوت الله، يستوي فيها عباد الله، فاذا تقدم الصبي الي الصف الاول مثلا، وجلس فليكن في مكانه؛ ولاننا لو قلنا بازاحه الصبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد ادي ذلك الي لعبهم؛ لانهم ينفردون بالصف، كل واحد يكلم الثاني، او اذا غلط الامام حكوا، او اذا سمعوا داخلا كذلك، ثم مشكل اذا دخل رجال بالغون بعد ان صف الجماعه؟ طالب: يرجعونهم. الشيخ: يرجعونهم وهم في الصلاه؟! مشكل، وان بقوا صفا كاملا امامهم، فيا ويح من كان خلفهم سيشوشون عليه؛ لانه يجد هذا يتحرك، وهذا يعبث، وهذا يطلع قلمه، وهذا يطلع ساعته، وهذا يضرب صاحبه، وهكذا، يشتغل اللي وراءهم. ثم ان في تاخيرهم عن الصف الاول بعد ان كانوا فيه يءدي الي محظورين: المحظور الاول: كراهه الصبي للمسجد؛ لان الصبي، وان كان صبيا لا تحتقره؛ فالشيء ينطبع بقلبه، يقول: انا جاي ابغي اصلي، وفرح اني توضات عند اهلي، وجيت ويمكن لابس ثياب الزينه، وبعدين اقوم اجلس في هذا، ويصلي ما شاء الله ان يصلي؛ لان المفروض الي ثلاث عشره سنه، الي اربع عشره سنه، الي خمس عشره سنه، كل دول يطلعوا وراء، ثم في النهايه يقول لي: روح وراء! ويش يكون تصوره المسجد حبه للمسجد؟! لا شك انه ينقلب كراهه. كذلك بالنسبه للرجل المعين الذي اخرجه من الصف يبقي هذا في عينه الي ان يموت، وانا لا انسي رجلا.. علي كل حال يبقي الانسان ما ينسي هذا الرجل الي يوم القيامه؛ لانه اخرجه من المكان هذا. فالحاصل ان هذا القول ضعيف، واما قوله صلي الله عليه وسلم: «ليلني منكم اولو الاحلام والنهي» فمراده -صلوات الله وسلامه عليه- حث هءلاء علي التقدم لا اخراج الصغار من اماكنهم، فصارت اوجه التسويه كم؟ طالب: تسعه. الشيخ: تسعه، فيه ايضا وجه عاشر، وهو اقتداء كل صف بمن امامه عند الحاجه، اذا كان صوت الامام خفيا ولا يبلغ احد، فكل انسان وكل صف يقتدي بمن امامه؛ ولهذا قال العلماء: اذا كان الانسان خارج المسجد لم يصح اءتمامه بالامام الا ان يري الامام او بعض المامومين، لكن التسويه بالوجه الاول؛ وهي تسويه المحاذاه، هذه واجبه علي القول الصحيح. قال المءلف: (وتسويه الصف) (ال) هنا للعهد ولا للعموم؟ طالب: للعموم. الشيخ: للعموم، ولهذا عبر بعض الفقهاء بقوله: تسويه الصفوف؛ فالصف هنا اسم جنس يشمل جميع الصفوف؛ الاول، والثاني، والثالث، وهلم جرا، وتسويه الصف. طالب: شيخ، اذا قيل له: لا تجعل فرجه للشيطان قال: الشيطان يدخل بين قدمي؟ الشيخ: والله هذا خطر! طالب: كثير جدا يقول هذا. الشيخ: اقول: هذا كلام خطر جدا؛ لانه شبه تهكم بما قال الرسول عليه الصلاه والسلام. طالب: شيخ -احسن الله اليك- بعض الناس في مواصله الصف يرص القدم جدا حتي انه يضايق جاره (...)، وجاء في هذا المعني ان الصحابه كانوا يلصقون اقدامهم بعضهم ببعض، ويقولون: ان الالزاق يبطل الالتحام والناس يختلفون في قبولهم هذا الامر. الشيخ: هو لا شك ان الصحابه كانوا يلصق الانسان كعبه بكعب اخيه، ومنكبه بمنكبه تحقيقا للتسويه والمراصه، لكن ليس كما يفعل بعض الناس الان يفحج رجليه حتي يضيق علي من حوله مع ان الكتف بعيد من الكتف الاخر، هذا ليس من السنه، وانت لو وقفت طبيعيا فان المناكب سوف يرص بعضها بعضا، وكذلك الاكعب سوف يرص بعضها بعضا.. طالب: لكن الالتحام؟ الشيخ: لكن اذا كان يءذي، انا قلت لكم قبل قليل: ليس هو الزحام، التراص الا يدعوا فرجات للشيطان، ليس هو الزحام اللي يخلي الانسان يلا يتحرك؛ يعني بعض الناس يزاحم حتي انه ما يمكن يسجد الا اذا سجد صاحبه من المراصه، هذا ما هو المطلوب. اقول: اذا حصل من ذلك اذيه فان اهل العلم قالوا: لا ترتكب الاذيه من اجل فعل مستحب، بل تتقي الاذيه حتي قالوا في التورك: لو ان الانسان اذا تورك في التشهد الاخير اذي جاره، فان الافضل الا يتورك. طالب: شيخ، الصف بين السواري يا شيخ؟ طالب اخر: شيخ -احسن الله اليك- الان اذا صف النساء كما يحدث في الحرم يصف صفوف النساء امام الرجال، هل تصح الصلاه؟ الشيخ: اي نعم، سياتي -ان شاء الله تعالي- في باب الجماعه ان الصلاه لا تبطل اذا كان امام الرجال نساء يصلين. طالب: شيخ -احسن الله اليك- اذا كنت انا في موقع شعرت ان شخصا اخر افضل مني من اولي الاحلام والنهي، فهل اقدمه مكاني؟ (...). الشيخ: سمعتم؟ طلبه: ما سمعنا. الشيخ: يقول: هل اوثر غيري بالمكان الفاضي، كذا؟ هذا خلاصه السءال. الجواب: لا، الا اذا كان في ذلك مصلحه تربو علي مصلحه التقدم، وقد ذكرنا فيما سبق ان الايثار بالقرب قد يكون حراما، وقد يكون مكروها، فاذا كانت القربه واجبه فالايثار بها حرام، مثل لو كان عندك ماء يكفيك للوضوء، لكن لا يكفيك انت وصاحبك، فهنا لا يجوز ان تءثره بالماء؛ لانه يجب عليك ان تستعمل هذا الماء، اما الايثار بالسنن فكرهها اهل العلم، قالوا: يكره ايثار غيره بمكانه الفاضل لا قبول، قالوا: لان ذلك ينبء عن رغبه عن الخير، لكن اذا كان هناك مصلحه، مثل لو كان الذي قدم ابوك، وتخشي ان لم تءثره ان يكون في نفسه شيء، او كان انسان له فضل علي الناس باحسان مالي او غيره، واثرته فلا باس، ومن هذا ما يفعله الناس الان عندنا ايثار المءذن بالمكان؛ لان كل الناس الذين ياتون يدعون مكان المءذن يءثرونه به هذا للمصلحه فلا باس. طالب: (...). الشيخ: عجيب، يظنون ما تصح صلاه احد فيه؟! الطالب: (...). الشيخ: نعم؟ طالب: هل يطلب من الجماعه ان يتراصوا علي اليمين اكثر من اليسار التسويه، يعني؟ الشيخ: نعم، اذا كان الفرق واضحا فلا باس ان تقول: اءتوا لليسار؛ لاجل بيان السنه؛ لان كثيرا من الناس الان يظنون ان الافضل اليمين مطلقا، حتي احيانا يكمل الصف من اليمين، ولا عندك من اليسار الا واحد او اثنين. طالب: (...). الشيخ: كراهه الشخص اللي طلعه من المكان. الطالب: بالنسبه للصف اذا كان صفا واحدا، وكان نصف الصف متقدمين قليلا، ونصف الصف متاخرا قليلا، وجءت انا اصلي هل اتبع المتاخرين ولا المتقدمين الصف صار قسمين يعني؟ الشيخ: شو؟! الطالب: مثل الصف صار الان.. الشيخ: شو هذا؟! الطالب: بيحصل. الشيخ: ما يحصل! الطالب: الا يحصل. الشيخ: لا اله الا الله! ويش لون؟! الطالب: مثلا هذا صف الصلاه ياتي مثلا.. الشيخ: هذا الابيض هذا. الطالب: هذا الابيض، ياتي اناس يصفون هنا، وياتي ناس يصفون هنا يعني قبل منهم بقدم. الشيخ: قدم المتاخر ولا اخر المتقدم. الطالب: كثير الصف، نصف الصف قدام شوي، ونصف الصف ورا شوي. طالب اخر: (...). الشيخ: علي كل حال.. طالب: كثير تقع. الشيخ: ويش بدك؟! تبغي اقول لك: (...)؟! طالب: لا، ويش اسوي اكون مع هءلاء او مع هءلاء؟ الشيخ: اقتد بالذي يلي الامام، مثلا اذا كنت من اليمين شوف اللي علي اليسار، اقتد باليسار، اذا كنت في يسار الصف اقتد بالذي عن يمينك؛ لان اصل مبتدا الصف ما هو من اخره، مبتدا الصف مما يلي الامام. طالب: شيخ، قلنا: اذا اسبغ الوضوء وخرج الي المسجد كان له بكل خطوه ان يرفع له بها درجه، قد لا يتوضا الانسان في البيت مثلا كان يكون في المسجد دوره مياه، فهل يحرم هذا الاجر؟ الشيخ: والله ظاهر الحديث انه يحرم؛ لان هناك فرقا بين من يخرج من بيته متهيءا للصلاه قاصدا لها وبين انسان ياتي الي المسجد غير متهيء للصلاه. نشوف الجانب هذا. طالب: بالنسبه لالفاظ تسويه الصفوف يا شيخ.. (...) الشيخ: (...). *** طالب: بسم الله، والحمد لله، والصلاه والسلام علي رسول الله. قال المءلف رحمه الله تعالي: باب صفه الصلاه يسن القيام عند (قد) من اقامتها وتسويه الصف ويقول: الله اكبر رافعا يديه مضمومتي الاصابع، ممدوده حذو منكبيه كالسجود، ويسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين، وغيره نفسه، ثم يقبض كوع.. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. لماذا يذكر الفقهاء -رحمهم الله- صفه الصلاه والحج والوضوء، وما اشبه ذلك؟ طالب: (...). الشيخ: يقول: لماذا يذكرونها؟ وهل هناك حاجه الي ذكرها؟ طالب: لانه يشترط المتابعه. الشيخ: لان من شرط صحه العباده. طالب: المتابعه. الشيخ: المتابعه، وهل هناك شرط اخر؟ الطالب: الاخلاص. الشيخ: الاخلاص، من الذي يتكلم عن الاخلاص؟ الطالب: اهل العقيده. الشيخ: اصحاب العقيده والتوحيد، ما هو الدليل علي اشتراط الاخلاص من القران والسنه؟ طالب: قوله تعالي: {ان الله لا يغفر ان يشرك به} [النساء: ٤٨]. الشيخ: لا. طالب: {وما امروا الا ليعبدوا} [البينه: ٥]. الشيخ: {وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} . (...) هل يشترط للقيام عند (قد قامت الصلاه) شرط؟ طالب: اي نعم، ان يرووا الامام. الشيخ: ان يرووا الامام، احسنت، فان اقاموا والامام لم يدخل المسجد، ولم يروه فانهم لا يقومون؛ لاحتمال ان يكون المءذن اقام سهوا او ما اشبه ذلك. هل في هذه المساله خلاف؟ الاخ؟ طالب: نعم. الشيخ: نعم، كيف هو؟ الطالب: البعض مثلا يقولون: القيام يكون عند سماع المءذن يقول: (قد قامت الصلاه)، والبعض يقول: عندما يقول: حي علي الصلاه، والبعض يقول: عندما يقول: حي علي الفلاح، فيه اقوال كثيره. الشيخ: طيب. الطالب: ثمه سبعه اقوال. الشيخ: نعم. الطالب: اللي مشي عليه المءلف ان عند قوله: (قد) مطلقه سواء راي الامام ام لا، في المذهب انه اذا راي الامام، وقيل: يقوم اذا الامام مطلقا، وقيل: اذا.. الشيخ: هذه ما ذكرناها، نحن ذكرنا اذا راي الامام مطلقا؟! طلبه: اي نعم، ذكرناها. الشيخ: نسيتها. الطالب: وقيل: اذا شرع في الاقامه، قيل: اذا قال: حي علي الصلاه، وقيل: اذا انتهي منها، وقيل في ذلك (...).. الشيخ: نعم، اذا كبر الامام. الطالب: اذا كبر الامام. الشيخ: وذكرنا قولا اخر؛ وهو ان الامر في ذلك واسع؛ يعني اذا قام عند ابتداء الاقامه او عند (حي علي الصلاه)، او عند (قد قامت الصلاه) فالامر واسع في هذا. قال المءلف: (وتسويه الصف) ، الاخ؟ تسويه الصف هذه معطوفه علي ايش؟ طالب: يسن القيام عند قد قامت الصلاه (...). الشيخ: اذن تسويته الصف حكمها علي ما مشي عليه المءلف؟ طالب: نعم. الشيخ: حكم تسويه الصف علي ما مشي عليه المءلف؟ طالب: سنه. الشيخ: سنه، وحكم السنه انه يثاب. طالب: يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه. الشيخ: وهذا هو الذي مشي عليه المءلف. هل هناك قول اخر؟ طالب: واجب عند تسويه الصف. الشيخ: عند تسويه الصف بالمحاذاه خاصه واجب. ما هو الدليل علي انه سنه؟ طالب: قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم» . الشيخ: نعم، «فان تسويه الصف من تمام الصلاه» «من تمام» ، والتمام كمال. القول الثاني انه واجب، ما هو الدليل؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم» (...). الشيخ: وجه الدلاله علي الوجوب؟ الطالب: ان الذي لا يساوي الصف فتوعده الله سبحانه تعالي والرسول عليه الصلاه والسلام بوعيد شديد. الشيخ: الوعيد علي من لم يسو، والوعيد لا يكون الا علي فعل محرم او ترك واجب. اذن هذا القول هو الراجح، لكن ما هو الجواب عن دليل او عن استدلال من قال بالاستحباب؟ من يعرف؟ الحديث: «سووا صفوفكم؛ فان تسويه الصف من تمام الصلاه» . طالب: (...) الاستحباب لا يخالف. الشيخ: نقول: هذا الحديث امر، والامر يقتضي الوجوب، والتمام قد يكون تمام واجب وتمام مستحب، فقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «ما فاتكم فاتموا» ها؟ طلبه: واجب. الشيخ: اتمام واجب؛ فالاتمام قد يكون لاتمام الواجب، ولا شك ان التعليل بقوله: «ان تسويه الصف من تمام الصلاه» يراد به الحث علي فعل هذا الامر، او علي فعل هذا المامور به، وعلي هذا فالحديث ان لم يكن فيه دليل علي الوجوب لم يكن فيه دليل علي عدم الوجوب، والصحيح ان فيه دليلا للوجوب؛ لان الاتمام قد يكون اتمام واجب وقد يكون اتمام مستحب. ذكرنا ان تسويه الصف بالمعني العام الماخوذ من الاستواء بمعني الكمال لا يختص بتسويه المحاذات بل له عده اوجه؛ منها، من تسويه الصف؟ طالب: ما فهمت. الشيخ: اقول: من تسويه الصف؛ يعني تسويه الصف مجرد المحاذاه يعني التساوي. الطالب: علي المنكبين والكعبين علي الكعبين. الشيخ: وغيره ما فيه تسويه ثانيه؟ طالب: التراص. الشيخ: احسنت، من ذلك التراص. طالب: اي، وكذلك.. الشيخ: التراص، هل عندك دليل علي مشروعيه التراص في الصف؟ طالب: اي نعم، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم وتراصوا» . الشيخ: نعم، وقال فيه: «الا تصفون كما تصف الملاءكه عند ربها؟» قالوا: كيف يصفون؟ قال: «يتراصون ويكملون الاول فالاول» . قال المءلف: (ويقول: الله اكبر) يقول من؟ يقول المصلي: (الله اكبر)، والقول اذا اطلق فانما هو قول اللسان، اما اذا قيد فقيل: يقول في قلبه، او يقول في نفسه فانه يتقيد بذلك، واما عند الاطلاق فلا بد ان يكون القول باللسان فيقول: الله اكبر، وهذا القول واجب، بل هو ركن لا تنعقد الصلاه بدونه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال للمسيء في صلاته: «اذا قمت الي الصلاه فاسبغ الوضوء، ثم استقبل القبله فكبر» مع انه قال في الاول: «ارجع فصل فانك لم تصل» . وعلي هذا فيكون كل ما امر به الرسول عليه الصلاه والسلام المسيء في صلاته فهو ركن لا تصح الصلاه بدونه، وان شءت فقل: واجب لا تصح الصلاه بدونه؛ اذ يشمل اسباغ الوضوء، فانه ليس بركن، بل هو شرط. اذن هذا الدليل علي وجوب هذه التكبيره، واذا ثبت وجوبها، ولكن عجز الانسان عنها لكونه اخرس، لا يستطيع النطق، فهل تسقط عنه او ينويها بقلبه او يحرك لسانه وشفتيه؟ نقول: بل ينويها بقلبه؛ لان قول الانسان: (الله اكبر) متضمن لقول اللسان وقول القلب، اليس كذلك؟ فانه لم يقل بلسانه: (الله اكبر) الا حين قاله بقلبه وعزم عليه، فاذا تعذر النطق باللسان وجب؟ طلبه: القول بالقلب. الشيخ: القول بالقلب فيقولها بقلبه، ولا يحرك لسانه وشفتيه خلافا لمن قال من اهل العلم: انه يحرك لسانه وشفتيه؛ لان في القول تحريك اللسان والشفتين، فلما تعذر الصوت وجب التحريك. نحن نقول في الرد علي هذا: ان التحريك؛ تحريك اللسان والشفتين، هل هو مقصود لذاته او لغيره؟ مقصود لغيره؛ لان القول لا يحصل الا به، فاذا تعذر المقصود الاصلي سقطت الوسيله، وصارت هذه الوسيله مجرد حركه وعبث، ويش الفاءده من انسان يحرك شفتيه ولسانه وهو لا يستطيع النطق؟ فالقول الراجح في هذه المساله ان الانسان اذا كان اخرس لا يستطيع ان يقول بلسانه؛ فانه ينوي ذلك بقلبه ولا يحرك شفتيه ولا لسانه؛ لان ذلك عبث وحركه في الصلاه لا حاجه اليها . قال المءلف: (ويقول) ، وقلنا: ان القول يكون باللسان، فهل يشترط اسماع نفسه لهذا القول؟ الجواب: في هذا خلاف، فمن اهل العلم قال: لا بد ان يكون له صوت يسمع به نفسه، وان لم يسمعه من بجنبه، بل لا بد ان يسمع نفسه، فان نطق بدون ان يسمع نفسه فلا عبره بهذا النطق، ولكن هذا القول ضعيف. والصحيح انه لا يشترط ان يسمع نفسه؛ لان الاسماع امر زاءد علي القول والنطق وما كان زاءدا علي ما جاءت به السنه فعلي مدعيه الدليل، والا فلا يقبل. وعلي هذا فلو تاكد الانسان من خروج الحروف من مخارجها، ولم يسمع سواء كان ذلك لضعف سمعه او لاصوات حوله او لغير سبب، المهم انه متاكد انه نطق بالحروف، ولكن لم يسمع نفسه فان القول الراجح ان تكبيره، بل ان جميع اقواله معتبره، وانه لا يشترط اكثر مما دلت النصوص علي اشتراطه وهو القول . يقول المءلف: (يقول: الله اكبر) ، بهذا اللفظ، الله اكبر، فلا يجزء غيرها، ولو قام مقامها لو قال: الله الاجل، او: الله اجل، او: اعظم، او ما اشبه ذلك فانه لا يجزء؛ لان الفاظ الذكر توقيفيه، يتوقف فيها علي ما ورد به النص، ولا يجوز ابدالها بغيرها؛ لانها قد تحمل معني نظن ان غيرها يحمله وهو لا يحمله. فان قال: الله الاكبر. فقال بعض العلماء: انه يجزء، وقال اخرون: بل لا يجزء، والصحيح انه لا يجزء؛ لان قولك: اكبر مع حذف المفضل عليه يدل علي اكبريه مطلقه بخلاف: الله الاكبر؛ فانك تقول: ولدي هذا هو الاكبر، فلا يدل علي ما تدل عليه اكبر بالتنكير، ثم ان هذا هو الذي ورد به النص وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، فالواجب ان يقول: الله اكبر، بهذا اللفظ. واذا كان لا يعرف اللغه العربيه، ولا يستطيع النطق بها، فماذا يصنع؟ نقول: لدينا قاعده شرعيه قال الله فيها: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} [البقره: ٢٨٦]، وقال تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، وقال النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم» ، فليكبر بلغته ولا حرج عليه؛ لانه لا يستطيع، فاذا قال قاءل: لماذا لا تقولون له: اسكت وانو التكبير بقلبك؟ فالجواب: لان التكبير يشتمل علي لفظ ومعني؛ ويشتمل علي قول بالقلب؛ يعني يشتمل علي ثلاثه اشياء: قول القلب، واللفظ الذي جاء به النص؛ وهو العربي، والثالث المعني، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: هذا الرجل الذي لا يعرف اللغه العربيه يستطيع ان يكبر بقلبه، ويستطيع ان يكبر بالمعني، ولا يستطيع ان يكبر باللفظ، واذا اخذنا بالايه الكريمه: {فاتقوا الله ما استطعتم} قلنا: انت الان تستطيع شيءين، وتعجز عن الثالث، فقم بالشيءين وهما تكبير القلب والمعني، ويسقط عنك الثالث؛ وهو التكبير اللفظي؛ لانك عاجز عنه. ثم نرجع الي معني هذه الكلمه (الله اكبر)، ويش معناها؟ وما مناسبه ابتداء الصلاه بها؟ نقول: معناها ظاهر؛ ان الله تعالي اكبر من كل شيء في ذاته واسماءه وصفاته، وكل ما تحتمله هذه الكلمه من معني، قال الله عز وجل: {وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر: ٦٧]، وقال عز وجل: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين} [الانبياء: ١٠٤]، ومن هذه عظمته فهو اكبر من كل شيء، اما المعني فقد قال الله تعالي: {وله الكبرياء في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم} [الجاثيه: ٣٧]، فكل معني لهذه الكلمه من معاني الكبرياء فهو ثابت لله عز وجل. زعم بعض العلماء ان معني (الله اكبر) الله كبير، ولكن هذا زعم ضعيف جدا؛ لان كل انسان يعرف الفرق بين الكبير واكبر، صحيح ان الله تعالي سمي نفسه بالكبير المتعال، لكن اكبر غير معني الكبير، لكنهم فروا من المفاضله بين الخالق والمخلوق، ولكن هذا الفرار الذي فروا منه اوقعهم في شر مما فروا منه، اوقعهم بان ياتوا بوصف لو اخذنا بظاهره لكان المخلوق والخالق سواء، وهذا نظيره في تفسير بعضهم قول الله تعالي: {الله اعلم} ؛ بان المعني الله عالم، يقول: {ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله} [النحل: ١٢٥] قالوا: هو عالم؛ لانك اذا قلت: اعلم؛ اقتضي مفضلا ومفضلا عليه، فيقال: وما المانع ان يكون الله اعلم من كل احد، اعلم من كل عالم؟ شو المانع؟ لكن لو قلت: الله عالم اتيت بلفظ لا يمنع المشاركه ولا لا؟ لانك ممكن تقول: الله عالم، والانسان عالم، وفلان عالم، وفلان عالم، وفلان عالم، وايما ابلغ في الوصف ان تاتي بلفظ يمنع المشاركه، وهو الافضليه المطلقه، او بلفظ لا يمنع المشاركه؟ طلبه: الاول. الشيخ: الاول، اذن الله يقول عن نفسه: الله اعلم، وانت تقول: الله عالم، هذا فيه شيء من نقص المعني. اذن نقول: (الله اكبر) اسم تفضيل علي اسمه، وحذف المفضل عليه ليتناول كل شيء، اكبر من كل شيء عز وجل. هذه الكلمه كيف تنطق؟ قال العلماء: يكره مدها، يكره ان يمد الله، بل يقطعها حتي في النهوض من السجود الي القيام مع طول النهوض، وحتي في الهوي الي السجود مع طول ما بين القيام والسجود لا تمدها، ما تقول: الله اكبر، اقطعها، قالوا: لان هذا ما جاءت به السنه فيكون مكروها، هكذا نص عليه الفقهاء رحمهم الله، ولكن الظاهر -والله اعلم- ان الامر في هذا واسع، ولكن ليس مدها بافضل من قطعها كما يتوهمه بعض الناس، بعض الناس الان يقول: لا بد ان تجعل للركوع هيءه في التكبير، وللسجود هيءه، وللجلوس هيءه، وللتشهد، واظن بين السجدتين لاجل ان يكون الماموم خلفك اله محركه. حرك الزر هذا يشتغل شيء، والزر هذا يشتغل شيء؛ لان الماموم اذا صارت التكبيرات تختلف ويش يتابع؟ طلبه: (...). الشيخ: يتابع ها التكبير، اذا كبرت للسجود عرف انك ساجد، سجد، لو هو سارح القلب، ان كبرت للنهوض كذلك فعل، لكن اذا جزمت او قطعت التكبير كله صار الماموم قد شد اعصابه وفكره يحسب كل ركعه وسجده يخشي ان يقوم في موضع الجلوس فيخجل امام الناس، او ان يجلس في موضع القيام فيخجل، وتجده قد شد حيله -كما يقولون- او شد فكره من اجل ان يعرف ان هذه هي الركعه الثانيه، وهذه الثالثه، وهذه الرابعه. صحيح ان المسبوق قد يلتبس عليه الامر؛ يعني لو دخل معك انسان في الركعه الثانيه، وتكبيرك لا يتغير، ثم كبرت وجلست يظن المسبوق؟ طالب: انك قاءم. الشيخ: انك قاءم؛ لانه لا يعرف التفريق، ولكن نقول: هذا محظور يمكن ازالته؛ اولا: بان يقال: ان النبي صلي الله عليه وسلم لم ينقل عنه انه يفرق بين التكبيرات، بل ان ظاهر صنيعه -عليه الصلاه والسلام- انه لا يفرق؛ لانه لما صنع المنبر صار يصلي عليه، وقال: «انما فعلت هذا لتاتموا بي ولتعلموا صلاتي» . فلو كان يكبر ويغير بين التكبير لكان الناس ياتمون به ولو لم يكن علي المنبر. ثم نقول: هذا المسبوق سيكون يلي شخصا اخر غير مسبوق، يعرف اللي جنبه، قد يكون مسبوق اخر قبله مسبوق، اليس كذلك؟ المسبوق الذي يلي الذين لم يسبقوا يعرف فيقتضي به، وهذا يقتضي بهذا، وهذا يقتضي بهذا، واهم شيء هو اتباع السنه مع حصول الفاءده في كون الماموم يشد نفسه حتي يعرف عدد الركعات، والفقهاء -رحمهم الله- قد نصوا علي انه يكره مده؛ مد التكبير، وبعض الفقهاء قال: يمد التكبير في الهوي الي السجود، وفي القيام من السجود لطول ما بين الركنين. قال: (ويقول: الله اكبر رافعا يديه) (رافعا) حال من (يقول) حال مقارنه ولا لا؟ يعني حال القول يكون رافعا يديه، واستمع (رافعا يديه مضمومتي) ، كذا عندكم ولا مضمومتا؟ طلبه: مضموتي. الشيخ: بالياء، اي، هذا هو الاحسن (مضمومتي الاصابع ممدوده حذو منكبيه) ، حذو يعني (حذاء)، منكبيه يعني كتفيه، عندنا اولا الرفع، رفع اليدين، ما دليله؟ دليله جاءت به السنه في عده احاديث كحديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه اذا افتتح الصلاه، واذا كبر للركوع، واذا رفع راسه من الركوع ، وصح عنه ايضا انه يرفع يديه اذا قام من الجلسه للتشهد الاول . فهذه اربعه مواضع، ترفع فيها اليدان كما جاءت به السنه. قال المءلف: (مضمومتي الاصابع) ؛ يعني يضم بعضها الي بعض، (ممدوده) يعني غير مقبوضه، المد ضد القبض، القبض هكذا، يضم الاصابع الي الراحه، المد فتحها هكذا، الضم الصاق بعضها ببعض، وهذا قد جاء في احاديث في السنن، وان لم تكن في الصحيحين، لكنها في السنن، هكذا يقول: اما حذو المنكبين فقد جاءت بها الاحاديث في الصحيحين وغيرهما الي حذو المنكبين. وقوله: (رافعا يديه) لم يبين المءلف هل هذا عام للرجال والنساء او خاص بالرجال، ولكنه سياتي -ان شاء الله- في اخر صفه الصلاه ان المراه كالرجل الا انها تسدل رجليها، وتضم نفسها فلا تتجافي عند السجود، ولا ترفع يديها، تخالف في هذه الامور الثلاثه، وربما في اكثر كما سننظر ان شاء الله، ولكن الصحيح ان ذلك عام في حق الرجل وحق المراه، وان المراه ترفع يديها كما يرفع الرجل . فاذا قال قاءل: ما الدليل علي عموم هذا الحكم للرجال والنساء؟ قلنا: الدليل ان ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، وما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال الا بدليل، وهنا ليس فيه دليل علي ان المراه لا ترفع يديها، بل النصوص عامه، وقول النبي صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» ، الخطاب فيه للرجال وللنساء، يشمل. فاذا قال قاءل: ما الحكمه من رفع اليدين؟ فالجواب علي ذلك: ان الحكمه في ذلك الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم؛ فاتباع الرسول عليه الصلاه والسلام هو الحكمه، وهو الذي يسلم به المرء بدون ان يتجول عقله هنا وهناك. ولهذا لما سءلت ام المءمنين عاءشه رضي الله عنها: ما بال الحاءض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاه؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنءمر بقضاء الصوم ولا نءمر بقضاء الصلاه . وانما عللت بالنص؛ لان النص غايه كل مءمن {وما كان لمءمن ولا مءمنه اذا قضي الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم} [الاحزاب: ٣٦]، فالمءمن اذا قيل له: هذا حكم الله ورسوله، وظيفته ان يقول: سمعنا واطعنا. اذن الحكمه من رفع اليدين عند التكبير هو؟ طالب: الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم. الشيخ: الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم، ومع ذلك يمكن ان نتامل لعلنا نحصل علي حكمه من فعل الرسول؛ يعني لماذا فعل الرسول هذا؟ انا لست اسال عن لماذا فعلت انا، انا فعلت اتباعا للرسول عليه الصلاه والسلام، لكن لماذا فعل الرسول هكذا؟ نقول: في هذا تعظيم لله عز وجل، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي، فان قولك: (الله اكبر) لا شك انك لو استحضرت هذا المعني تماما لغابت عنك الدنيا كلها؛ لان الله اكبر من كل شيء، وانت الان ستقف بين يدي من هو اكبر من كل شيء، فيقترن التعظيم القولي والتعظيم الفعلي برفع اليدين، ثم ان بعض العلماء ايضا علل بتعليل اخر بانه اشاره الي رفع الحجاب بينك وبين الله، والانسان عاده يرفع الاشياء بيديه، ويعمل بيديه، فيقول هكذا كان شيءا ازلته لءلا يكون بينك وبين ربك حجاب. وعلل بعضهم بتعليل ثالث؛ بان ذلك من زينه الصلاه؛ لان الانسان اذا وقف وكبر بدون ان يتحرك لم تكن الصلاه علي وجه حسن كامل، وهذا وان كان فيه بعض الشيء، لكن يمكن ان نقول: ليجتمع التعبد لله تعالي عند الدخول في الصلاه بالقول ويش بعد؟ طالب: وبالفعل. الشيخ: وبالفعل، فيجتمع للانسان تعبدان في هذا الحال اول ما يدخل؛ لانك لو مثلا فرضنا ان قلت: الله اكبر، ولا حركت شيءا ما صار فيه عباده مقارنه للتكبير، اذا قال قاءل.. طالب: (...). الشيخ: والله يا اخي، اطلاق القول بانها بدعه، وفيه اختلاف في الوصف يقصد به التعليم. طالب: (...). الشيخ: صحيح، اي، لكن هو يقول: انا ما اتعبد لله بذلك، لكن لما كان الناس يغفلون وتسرح قلوبهم هذه علشان ننبههم شويه. علي كل حال انا ما استطيع اطلاق القول بانها بدعه، لكن اقول: انه لا شك ان الافضل عدم التمييز؛ ولهذا الفقهاء نصوا علي الكراهه، انه يكره المد في التكبير، وان الاولي قطعه؛ الله اكبر. طالب: شيخ -جزاك الله خيرا- يستدلون بعض الناس علي انها بدعه، ان العرب ما يمدون في هذا الموضع؛ لانه ليس موضع مد (...)، يقولون: اذا مديت فنحن علي يقين انك خالفت فعل النبي صلي الله عليه وسلم؛ لان النبي عربي (...). الشيخ: علي كل حال، يجيك بعض اناس اخرين، يقولون: هذا دين جديد، نحن وجدنا العلماء كلهم قبلك يمدون، (...)، لكن انا اقول: والله العوام اذا بين لهم الحق نقول: يا جماعه، لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه، فاذا كان الرسول يفعل هذا فعلي العين والراس، اثبتوا لنا ذلك، ولكم علينا ان نقوله من اول صلاه نصليها بعد ان يثبت عندنا، حينءذ يسكتون؛ لان العامي اذا بين له الحق وضح.. طالب: ذكر النووي ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يمد التكبير عند جلسه الاستراحه، يعني الدليل؟ الشيخ: من اللي قال؟ طالب: النووي. الشيخ: النووي، كم بينه وبين الرسول صلي الله عليه وسلم؟ طالب: يعني قصدي الدليل. الشيخ: اقول: كم بينه وبين الرسول، اسالك؟ طالب: (...). الشيخ: طيب الاسناد منقطع ولا متصل؟ الطالب: فيما يبدو انه منقطع. الشيخ: خل يثبت هذا باسناد الي الرسول صلي الله عليه وسلم، وجزاك الله خيرا، بين لنا هذا. طالب: احسن الله اليك، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «لا تقوموا حتي تروني» ، ما (...) علي انهم يقوموا اذا راوا يعني مفهوم المخالفه، ان السنه ان يقوموا للصلاه اذا راوا الامام. الشيخ: اي نعم، وهكذا كثير من العلماء قالوا: السنه اذا راوا الامام قاموا من اجل الا يعيقوه بعد الاقامه؛ يعني بعد الاقامه اذا اشتغل الامام بتسويه الصفوف؛ يعني يتاخر، لكن اذا قاموا وسووا صفوفهم قبل ان تقام الصلاه؛ يعني كان هذا طيبا، وهذا يدل علي ان الانسان يقوم اذا راي الامام وان لم يصل الي (قد قامت الصلاه). طالب: والارجح يا شيخ؟ وهذا الموضوع اقربها يعني للمعني وللنص؟ الشيخ: هذا جيد. طالب: بالنسبه للتكبير، الاربعه مواضع ما قيل عليها زياده فيه بعض العلماء.. الشيخ: سياتينا -ان شاء الله- في تكبيره الجنازه. طالب: لا، انا اقصد في جميع حركات الصلاه، الانتقال من حركه الي حركه.. الشيخ: اي نعم، سياتينا -ان شاء الله تعالي- ان القول بانه يسن رفع اليدين في كل خفض ورفع قول ضعيف؛ لانه مستند الي حديث ضعيف، ذكر الشيخ ابن القيم -رحمه الله- انه وهم من الراوي (...). *** طالب: (...) وعلي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، قال رحمه الله تعالي: ويقول: (الله اكبر) رافعا يديه مضمومتي الاصابع ممدودتين حذو منكبيه في السجود، ويسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه تحت سرته، وينظر مسجده، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرا وليست من الفاتحه، ثم يقرا الفاتحه، فان قطعها بذكر او سكوت غير مشروعين قال: او ترك منها تشديده، او حرفا، او ترتيبا لزم غير مامومه اعادتها، ويجهر الكل بامين في الجهريه. الشيخ: (...) وعلي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: (ويقول: الله اكبر) اذا كان الانسان اخرس، فكيف يقول: الله اكبر؟ هل تسقط عنه للعجز ام ماذا؟ طالب: ينويها، يقولها بقلبه. الشيخ: يقولها بقلبه؟ الطالب: ولا يتلفظ بها كما.. الشيخ: كيف لا يتلفظ بها؟! ما يقدر، اخرس!! الطالب: قالوا: انه يحرك فمه. الشيخ: يقولها بقلبه، ما دليلك علي انه يقولها بقلبه؟ الطالب: قوله تعالي: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها} . الشيخ: {الا وسعها} .. الطالب: وهذا لا يستطيع الا ان يقولها بقلبه فـ.. الشيخ: فوجب عليه، وهل يحرك شفتيه ولسانه؟ طالب: لا يحرك. الشيخ: لماذا؟ اليس القول يلزم منه تحريك اللسان والشفتين؟ طالب: لكن لا يحرك لسانه وشفتيه فقط، اذا كان لا ينطق.. الشيخ: هو اخرس، السءال عن رجل اخرس. الطالب: نعم، لا يحرك لسانه وشفتيه. الشيخ: الست انت الان اذا تكلمت اليس لسانك يتحرك وشفتاك؟ اسالك اليس لسانك وشفتاك تتحركان اذا تكلمت؟ الطالب: نعم. الشيخ: طيب لماذا لا نقول: يحرك اللسان والشفتين؟ طالب: لانه اخرس. الشيخ: اي، انا اقول: يحرك، لا يجب عليه القول، لكن يجب عليه التحريك. طالب: لا يحرك شفتيه ولسانه؛ لان لسانه علامه علي قول القلب، فاذا سقط الاصل، وهو النطق يسقط الفرع وهو تحريك لسانه وشفتيه. الشيخ: لا، هو غير هذا الجواب. طالب: القول بان تحريك اللسان والشفتين مقصود لغيره. الشيخ: مقصود لغيره، وسيله للنطق، فاذا سقط النطق سقطت الوسيله؛ تحريك اللسان والشفتين مقصود لغيره وسيله للنطق، فاذا سقط النطق لعدم القدره عليه سقطت الوسيله. ذكرنا علي قول: (الله اكبر) ان الباحث اولا هل يقوم غيرها مقامها؟ طالب: لا يقوم غيرها مقامها. الشيخ: ولو كان بمعناها؟ الطالب: ولو كان بمعناها (...) فيقتصر بها علي ما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: وهل ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم ما يعين التكبير؟ الطالب: يقول صلي الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «ارجع فصل فانك..» فكبر، لما قال له: استقبل القبله.. الشيخ: «اذا قمت الي الصلاه فاسبغ الوضوء، ثم استقبل القبله فكبر» ، احسنت. هل يجوز ان يقول الله الاكبر؟ طالب: لا يجوز. الشيخ: لا يجوز، لماذا؟ طالب: لان (...). الشيخ: لان مدلول (الله اكبر) ابلغ من مدلول (الله الاكبر)؛ ولان هذا هو الذي ورد به النص. فسر بعض العلماء اكبر بكبير، فما رايك بهذا التفسير؟ طالب: لا، ضعيف يا شيخ. الشيخ: هذا التفسير ضعيف، وهل يعتبر انقص من اللفظ او لا؟ طالب: انقص منه؛ لانه.. الشيخ: انقص، لماذا؟ الطالب: (...) ويقع فيه المشاركه. الشيخ: اذن من قال: اكبر بمعني (كبير) فقد نقص المعني؛ لان كبير لا تمنع المشاركه بخلاف اكبر. قال المءلف: (رافعا يديه مضومتي الاصابع) ما الدليل علي رفع اليدين عند تكبيره الاحرام؟ طالب: فعل النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: ومن رواه عنه. الطالب: في البخاري يا شيخ ان الرفع عن ابن عمر ان الرفع في اربعه مواضع.. الشيخ: رواه عنه ابن عمر: كان النبي صلي الله عليه وسلم: يرفع يديه الي حذو منكبيه اذا افتتح الصلاه . ما هي الحكمه من هذا الرفع؟ طالب: الحكمه قيل: ان في هذا تعظيما لله سبحانه وتعالي. الشيخ: نعم، اظهار التعظيم لله. الطالب: اي نعم، وقيل: ان هذه اشاره الي رفع الحجاب بين المصلي وبين ربه. الشيخ: اثنين. طالب: قيل: انها من زينه الصلاه. الشيخ: زينه للصلاه. الطالب: قيل ايضا انها يجتمع فيها العبادتان القوليه والفعليه.. الشيخ: اشاره لتعظيم الله، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي. وهنا مباحث: اولا: الرفع يقول المءلف: (الي حذو المنكبين) ، والمنكبان هما الكتفان، فيكون منتهي الرفع الي الكتفين، هكذا (مضمومتي الاصابع ممدوده) ، فاذا قدر ان في الانسان افه تمنعه من رفع اليدين الي المنكبين، فماذا يصنع؟ يرفع الي حيث يقدر عليه؛ لقول الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، كذلك اذا قدر ان في الانسان افه، لا يستطيع ان يرفعهما الي حذو المنكبين، بل الي اكثر من ذلك كما لو كانت مرافقه لا تنحني بل هي واقفه، ما يقدر يقوم الا كذا مثلا، يرفع ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: يرفع لقوله تعالي: {فاتقوا الله استطعتم} ، واذا كان لا يستطيع الرفع بواحده رفع بالاخري للايه؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم لما كان واقفا بعرفه فسقط خطام ناقته، وكان رافعا يديه يدعو اخذه باحدي يديه والاخري مرفوعه يدعو الله بها . ويقول المءلف: (رافعا يديه مضمومتي الاصابع ممدوده) ، الضم اي رص بعضها الي بعض، والمد ضد القبض، هكذا. وقال بعض العلماء: انه ينشرها؛ اي يفرقها هكذا، ولكن الصحيح ما ذكره المءلف؛ لان هذا هو الوارد عن النبي عليه الصلاه والسلام. "},{"Id":1708,"Name":"02 كتاب الصلاة 18","Sort":40,"Version":0,"LessonText":"

صار لتعظيم الله، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي.
وهنا مباحث:
أولًا: الرفع، يقول المؤلف: إلى حذو المنكبين. والمنكبان هما الكتفان، فيكون منتهى الرفع إلى الكتفين هكذا (مضمومتي الأصابع ممدودة) فإذا قدر أن في الإنسان آفة تمنعه من رفع اليدين إلى المنكبين فماذا يصنع؟ يرفع إلى حيث يقدر عليه؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].
كذلك إذا قدر أن في الإنسان آفة لا يستطيع أن يرفعهما إلى حذو المنكبين؛ بل إلى أكثر من ذلك، كما لو كانت مرافقه لا تنحني، بل هي واقفة، ما يقدر يقوم مثلًا يرفع ولّا لا؟ يرفع؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وإذا كان لا يستطيع الرفع بواحدة رفع بالأخرى للآية، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان واقفًا بعرفة فسقط خطام ناقته، وكان رافعًا يديه يدعو، أخذه بإحدى يديه والأخرى مرفوعة يدعو الله بها .
ويقول المؤلف: (رافعًا يديه مضمومتي الأصابع ممدودة) الضم أي رص بعضها إلى بعض، والمد ضد؟
طالب: القبض.
الشيخ: وقال بعض العلماء: إنه ينشرها، أي يفرقها، ولكن الصحيح ما ذكره المؤلف؛ لأن هذا هو الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام.

***

\n الشيخ: قال: (\n حذو منكبيه)؛ ذكرنا أن المراد بالمنكبين الكتفان، ويجوز أن يرفعهما إلى فروع أذنيه؛ لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون صفة الرفع من العبادات الواردة على وجوه متنوعة.\n
والعلماء رحمهم الله اختلفوا في العبادات الواردة على وجوه متنوعة، هل الأفضل الاقتصار على واحد منها، أو الأفضل فعل جميعها في أوقات شتى، أو الأفضل أن يجمع بين ما يمكن جمعه؟ والصحيح القول الثاني الوسط، وهو أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة يفعل بعضها هكذا وبعضها هكذا، فهنا الرفع ورد إلى حذو منكبيه، ورد إلى فروع أذنيه، فنقول: كل سُنة، والأفضل أن تفعل هذا مرة وهذا مرة؛ ليتحقق فعل السنة على الوجهين، ولبقاء السنة حية؛ لأنك لو أخذت بوجه وتركت الآخر مات الوجه الآخر، فلا يمكن أن تبقى سنة حية إلا إذا كنا نعمل بهذا مرة وبهذا مرة، ولأن الإنسان إذا عمل بهذا مرة وبهذا مرة صار قلبه حاضرًا عند أداء السنة، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائمًا فإنه يكون فاعلًا له كفعل الآلة عادة، وهذا شيء مشاهد، ولهذا من لزم الاستفتاح مثلًا بقول: \n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» دائمًا تجده من يوم يكبِّر يشرع في \n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» من غير شعور؛ لأنه اعتاد ذلك، لكن لو كان يقول هذا مرة والثاني مرة صار منتبهًا.\n
ففي فعل العبادات المتنوعة على وجوهها الواردة ثلاثة فوائد:\n
الأول: اتباع السنة. والثاني: إحياء السنة. والثالث: حضور القلب.\n
وربما يكون هناك وجه رابع في بعض الأحيان: إذا كانت إحدى الصفات أقصر من الأخرى، كما في الذكر بعد الصلاة أحيانًا يكون الإنسان مثلًا يحب أن يسرع في الانصراف فيقتصر على (سبحان الله) عشر مرات و(الحمد لله) عشر مرات و(الله أكبر) عشر مرات؛ فيكون هنا فاعلًا للسنة قاضيًا لحاجته، ولا حرج على الإنسان أن يفعل ذلك يعني مع قصد الحاجة؛ كما قال تعالى في أهل الحج: \n {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨].\n
إذن الأفضل في رفع اليدين أيش؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: أن يرفعهما مرة إلى حذو المنكبين ومرة إلى فروع الأذنين، وحاول بعض العلماء أن يجمع بين الروايات وقال: من قال: إلى حذو المنكبين أراد أسفل الكف، ومن قال: إلى فروع الأذنين أراد أعلى الكف الأصابع، وهذا يعني يقول: وهذا قريب أن يكون أسفل الكف محاذيًا للمنكب وأعلاه محاذيًا لفروع الأذنين، فمن قال: بفروع الأذنين اعتبر أعلى الكف ومن قال: إلى حذو المنكبين اعتبر أسفله.\n
ولكن نقول: لا حاجة إلى هذا الجمع؛ لأن الأصل أن المراد الكف نفسه، لا أعلاه ولا أسفله، الظاهر أن المراد الكف نفسه لا أعلاه ولا أسفله، ولأن الأمر في هذا واسع، يعني مثلًا ليس الآن الإنسان مكلفًا إلى أن يتحرى إلى هذه الدقة بحيث يكون أسفل الكف محاذيًا للمنكب، وأعلاه محاذيًا لفروع الأذنين. طيب، ومتى يبتدئ الرفع؟\n
المؤلف يقول: (\n يقول: الله أكبر رافعًا يديه). فمتى يبتدئ؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: الأحاديث الواردة في ذلك وردت أيضًا على وجوه متعددة، فبعضها يدل على أنه يرفع ثم يكبر، وبعضها على أنه يكبر ثم يرفع، وبعضها على أنه يرفع حين يكبر، يعني يكون ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع، وانتهاؤه مع انتهاء الرفع، ثم يضع يديه، ونحن نقول: إن الأمر أيضًا في هذا واسع، يعني سواء رفعت ثم كبرت أو كبرت ثم رفعت، أو رفعت مع التكبير، الأمر في هذا واسع؛ إن فعلت أي صفة من هذه الصفات فأنت مصيب للسنة.\n
يقول: (\n حذو منكبيه كالسجود) أي كما يفعل في السجود إذا سجد فإنه يجعل يديه حذو منكبيه، وهذا أيضًا إحدى الصفتين في السجود، أن يجعل الإنسان يديه حذو منكبيه، وسيأتي إن شاء الله كيف تكون الذراعان، لكن المؤلف ذكر هذا استطرادًا، وإلا ليس هذا موضع ذكر اليدين في حال السجود، طيب، وسيأتي إن شاء الله أن هناك صفة أخرى وهو أن يسجد بين كفيه فيقدم الكفين حتى يحاذي بهما وجهه ويسجد بينهما.\n
ثم قال المؤلف: (\n ويسمع الإمام من خلفه وغيره نفسه) يسمع الإمام من خلفه في أيش؟ في التكبير، يعني المؤلف يقول: يكبر يقول: الله أكبر ثم قال: (\n ويسمع الإمام من خلفه وغيره نفسه). يسمع من خلفه حسب ما تقتضيه الحال إن كان من خلفه واحدًا فالصوت الخفي يكفي، إن كان من خلفه كثيرين فلا بد من رفع الصوت، وإذا كان لا يُسمع صوته من وراءه استعان بمبلغ يبلغ عنه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم \n حين جاء وأبو بكر يصلي بالناس، وكان صلوات الله وسلامه عليه مريضًا لا يُسمِع صوته المأمومين، فصلى أبو بكر عن يمينه، وجعل يبلغ الناس تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم \n ، إذا كبر النبي عليه الصلاة والسلام بصوت منخفض كبر أبو بكر بصوت مرتفع فسمعه الناس، وهذا هو أصل التبليغ وراء الإمام.\n
فإن كان لا حاجة إلى المبلغ بأن كان صوت الإمام يبلغ الناس مباشرة أو بواسطة فما لا حاجة إليه لا حاجة إليه، أي لا يسن أن يعيد أحد تكبير الإمام إذا كان تكبير الإمام يصل إلى المأمومين؛ لأن هذا إنما يفعل عند الحاجة فقط، وإذا لم يكن حاجة فليس بسنة باتفاق المسلمين. \n

***

\n الشيخ: وقول المؤلف: (\n يسمع الإمام من خلفه) هل هذا على سبيل الاستحباب أو على سبيل الوجوب؟ المشهور من المذهب أنه على سبيل الاستحباب، وليس على سبيل الوجوب، وأن الإمام له أن يكبر تكبيرًا خفيًّا لا يسمع، كما أن للمنفرد والمأموم ذلك، كما أن المأموم لا يرفع الصوت، وكذلك المنفرد، فللإمام أن يفعل كذلك فلا يرفع صوته، ولكن الأفضل أن يرفع صوته.\n
ولكن ظاهر كلام المؤلف أن هذا على سبيل الوجوب، لا على سبيل الاستحباب؛ لأنه قال: (\n وغيره نفسه). وإسماع الغير أي غير الإمام نفسه واجب، فيكون قوله: (\n ويسمع الإمام من خلفه) أيش؟ واجبًا. وهذا الذي هو ظاهر كلام المؤلف هذا هو القول الصحيح؛ أنه يجب على الإمام أن يكبر تكبيرًا مسموعًا يسمعه من خلفه:\n
أولًا: لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه لو كان الأمر غير واجب لم يكن هناك داع إلى أن يبلغ أبو بكر التكبير لمن خلف النبي صلى الله عليه وسلم.\n
وثانيًا: لأنه لا يتم اقتداء المأمومين بالإمام إلا بسماع أيش؟ التكبير، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.\n
أنا أعتقد لو أن الإمام إذا قام من السجودلم يرفع صوته بالتكبير، متى يقوم الناس؟ ما يقومون إلا إذا شرع في الفاتحة، إلا إذا شرع في الفاتحة وجهر بها، مع أن جهره بالفاتحة على سبيل الاستحباب، فالصواب بلا شك والقول الصحيح بلا شك أنه يجب على الإمام أن يرفع صوته بالتكبير والتسميع بحيث يسمعه من وراءه بحسب الحال. \n

***

\n قال المؤلف رحمه الله: (\n يُسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين). أي كما يسمع القراءة في أولتي غير الظهرين، أولتي هذه مثنى ولَّا جمع؟\n
\n طلبة: مثنى.\n
\n الشيخ: مثنى، أين النون؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: حذفت للإضافة كذا؛ لأنه يحذف التنوين والنون عند الإضافة، كذا، صحيح؟\n
\n طالب: صحيح نعم.\n
\n الشيخ: طيب، (\n أولتي غير الظهرين) ما هما الظهران؟\n
\n الطلبة: الظهر والعصر.\n
\n الشيخ: وأطلق عليهما اسم الظهرين تغليبًا؛ كما يقال: العشاءين وكما يقال: العمرين وكما يقال: القمرين. \n
إذن المراد في (\n أولتي غير الظهرين) يعني الظهر والعصر، فهو يجهر في كل ركعتين أولتين في غير الظهرين، ولننظر ماذا يشمل؟ يشمل المغرب أو لا؟ والعشاء والفجر، لكن الفجر ليس إلا؟ \n
\n طالب: ركعتين.\n
\n الشيخ: لكنه داخل في كلام المؤلف، يشمل الجمعة، يشمل العيدين، يشمل الاستسقاء، يشمل التراويح، ويشمل الوتر، ويشمل الكسوف، يشمل كل ما تشرع فيه الجماعة، فإنه يسن أن يجهر بالقراءة ما عدا؟\n
\n طالب: الظهرين.\n
\n الشيخ: ما عدا الظهرين فإنه لا يجهر بالقراءة فيهما، طيب، فإذا قال قائل: صلاة الليل جهرية وصلاة النهار سرية، لماذا؟ ما هي الحكمة في أن يجهر في صلاة الليل ويسر في صلاة النهار؟\n
فالجواب: لأن الليل تقل فيه الوساوس ويجتمع فيه القلب واللسان على القراءة، فيكون اجتماع الناس على صوت الإمام وقراءة الإمام أبلغ من تفرقهم، ولهذا لا يشرع الجهر في النهار إلا في صلاة جامعة كصلاة؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف؛ يعني الناس يجتمعون، ولا شك أن إنصاتهم على قراءة الإمام تجعل قراءتهم قراءة واحدة؛ لأن المستمع كالقارئ، لكن لو كان الإمام يسر لكان كل واحد يقرأ على نفسه، فيكون الجهر أجمع على القراءة؛ لأنهم يجتمعون على قراءة واحدة، بخلاف السر.\n
هذا ما ظهر لي من الحكمة في الجهر لصلاة الجمعة والعيدين وشبههما، وكذلك في صلاة الليل.\n
يقول: (\n كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه). وغيره يعني ويسمع غيره، غير من؟ غير الإمام، فمن غيره؟\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: المأموم والمنفرد. يسمع نفسه، يعني يتكلم وينطق بحيث يسمع نفسه، فإن أبان الحروف بدون أن يسمع نفسه لم تصح قراءته، بل ولم يصح تكبيره، لو كبر وقال: الله أكبر لكن على وجه لا يسمع نفسه لم تنعقد صلاته؛ لأن التكبير أيش؟ لم يصح، لا بد أن يسمع نفسه، ولكن يشترط لوجوب إسماع نفسه ألا يكون هناك مانع من إسماع نفسه، فإن كان هناك مانع سقط وجوب الإسماع لوجود المانع، لو كان يصلي وحوله دركتر. تعرفون صوت الدركتر؟ ولا يسمع هذا، لا يمكن يسمع نفسه إلا إذا رفع صوته كثيرًا، فنقول: يكفي أن تكون بحيث تسمع نفسك لولا المانع، ولكن سبق لنا أنه لا دليل على اشتراط إسماع النفس، وأن الصحيح أنه متى أبان الحروف فإنه يصح التكبير وتصح القراءة أيضًا كل قول فإنه لا يشترط فيه إسماع النفس.\n
والغريب أنهم هنا قالوا رحمهم الله: يشترط لإسماع النفس في التكبير والقراءة وقالوا فيما إذا قال الإنسان لزوجته: أنت طالق؛ تطلق وإن لم يسمع نفسه. وكان مقتضى الأدلة أن تكون المعاملة بالأسهل في حق من؟ في حق الله. كيف نعامله في حق الله بالأشد ونقول: لا بد أن تسمع نفسك وفي حق الآدمي ولا سيما الطلاق الذي أصله مكروه نقول: يقع الطلاق وإن لم تسمع نفسك، لو قال: زوجتي طالق على وجه لم يسمع هو نطق نفسه فإن زوجته تطلق. على كل حال القول الراجح أنه لا يشترط لصحة التكبير والقراءة أن يسمع الإنسان نفسه، فمتى بانت الحروف ثبتت القراءة وثبت التكبير. \n

***

\n (\n وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه تحت سرته وينظر مسجده، ثم) بعد أيش؟\n
\n طالب: التكبير.\n
\n الشيخ: بعد التكبير ورفع اليدين، مكبر رفع يديه إذا أراد أن يضعهما (\n يقبض كوع يسراه) هذا الكوع يقبضه هكذا يمسكه، طيب بعض الناس نشاهده يقول: الله أكبر ثم يرسل يديه ثم؟\n
\n طالب: يرفعها.\n
\n الشيخ: يرفعهما ويقبضهما، هذا ليس له أصل، بل من حين أن تنزلها من الرفع؟\n
\n طلبة: تقبضها.\n
\n الشيخ: تقبض، يقبض الكوع. أين الكوع؟ الكوع في مفصل الكف من الذراع ويقابله الكرسوع وبينهما الرسغ.\n
نسأل: أين الكوع والكرسوع؟\n
\n طالب: الكف والذراع، مقاس بين الكف والذراع.\n
\n الشيخ: المفصل الذي بين الكف والذراع. لكن هذا المفصل فيه ثلاثة أشياء: فيه كوع وكرسوع ورسغ، من يعرفه؟\n
\n طالب: الكوع هو الذي يلي الإبهام، والكرسوع هو الذي يلي الخنصر والرسغ يتوسط بين الكوع والكرسوع.\n
\n الشيخ: الذي بينهما طيب، صحيح. \n
الكوع يقول العلماء: إنه العظم الذي يلي الإبهام، اللي تحت الإبهام، والكرسوع هو الذي يلي؟\n
\n الطالب: الخنصر.\n
\n الشيخ: والرسغ هو الذي بينهما.\n
وأنشدوا على ذلك واحفظه: \n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُــــــــوعٌ وَمَــــــا يَلِـــــــي	لِخِنْصِرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَــــــــــــطْ
وَعَظْمٌ يَلِي إِبْهَــــــــــــــامَ رِجْـــــــلٍ مُلَقَّــــــــــــبٌ	بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنَ الْغَلَــــــطْ

\n
المؤلف يقول: (\n يقبض كوع يسراه)، ومراده بالكوع المفصل، يقبض كوع يسراه تحت سرته، فأفادنا المؤلف رحمه الله أن السنة قبض الكوع، لكن وردت السنة بقبض الكوع كما قال المؤلف، ووردت السنة بوضع اليد على الذراع من غير قبض هكذا بدون قبض. إذن هاتان صفتان: قبض والثاني؟ \n
\n طلبة: وضع.\n
\n الشيخ: فإن قبضت فعلى خير، وإن وضعت بدون قبض فعلى خير أيضًا، كلاهما سنة.\n
نرى بعض الناس يقبض المرفق فهل لهذا أصل؟ \n
\n طالب: لا أصل له.\n
\n الشيخ: ليس لهذا أصل، وإنما يقبض الكوع أو الذراع، ففي \n صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أنه قال: \n كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة \n ؛ يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. إذن هاتان صفتان إما على الكوع وإما على أيش؟\n
\n طلبة: الذراع. \n

***

\n الشيخ: يقول المؤلف: (\n تحت سرته). يعني يجعل اليد اليمني واليسرى تحت السرة.\n
وهذه الصفة التي ذكرها المؤلف هي المشروعة على المشهور من المذهب، وفيها حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: \n من السنة وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت السرة \n . \n
وذهب بعض العلماء إلى أنه يضعها فوق السرة، ونص الإمام أحمد على ذلك أنه يضع اليدين فوق السرة ولكنها تحت الصدر.\n
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يضعهما على الصدر، وهذا هو أقرب الأقوال.\n
والسنة في ذلك كلها فيها مقال، لكن حديث سهل بن سعد الذي في \n البخاري ظاهره يؤيد أن الوضع يكون على الصدر، على أن الأحاديث الواردة على ما فيها من المقال أمثلها حديث وائل بن حجر، أن النبي صلى الله عليه وسلم \n كان يضعهما على صدره \n هكذا، فهذا أحسن ما يكون من الوضع.\n
نرى بعض الناس يضعهما على جنبه هكذا، يعني على الجنب الأيسر هكذا، وإذا سألته: لماذا؟ قال: لأن هذا جانب القلب، وكأن قلبه يطير إذا دخل في الصلاة فيضع يديه على قلبه ليمسكه، ولكن هذا التعليل عليل، وإن شئت فقل: ميت:\n
أولًا: لأنه في مقابل السنة، وكل تعليل في مقابل السنة فإنه مردود على صاحبه؛ لأن السنة أحق بالاتباع.\n
وثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم \n نهى أن يصلي الرجل مختصرًا \n ، أي واضعًا يده على خاصرته، وهذا إن لم ينطبق عليه النهي فهو قريب منه، لهذا إذا رأيت أحدًا يفعل هكذا فانصحه وقل: ما هكذا السنة.\n
ثم إن فيه شيئًا آخر شيئًا ثالثًا، وهو أن فيه إجحافًا؛ لعدم التوسط في البدن؛ لأنه الآن فضل جانب اليسار على جانب اليمين، فنقول: خير الأمور الوسط العدل فكن بين اليمين وبين اليسار وضع اليدين على الصدر.\n
\n طالب: (...).
الشيخ: نعم هذا يقول: إننا نرى الذين يضعون أيديهم تحت السرة تجده واضعًا يده تحت السرة (...) يهوجس، يعني يشعر بأنه كسلان وأن رفع اليد يكون في الغالب أنشط، وهذا صحيح، لكن يجب أن نعلم أن العادة لها أثر ربما لما اعتادوا ذلك صار عندهم سهلًا.

طالب: أقوال العلماء (...).
الشيخ: للأسف أثر علي الأثر ضعيف.\n

\n \n طالب: بعض المأمومين يجهر بتكبيرة الإحرام بعدما يكبر الإمام.
الشيخ: يجهر لا على سبيل التبليغ، لكن هو يجهر بنفسه، ولا ينبغي هذا، المأموم لا ينبغي له أن يجهر لا بالتكبير ولا بالتسميع ولا بالقراءة ولا بالتحميد، وقلت: بالتسميع؛ لأن بعض العلماء يرى أن المأموم يسمع والصحيح أنه لا يسمع. \n
\n طالب: أحسن الله إليكم، جاء في حديث سهل بن سعد أنه يضع اليمنى على اليسرى على الذراع ، لكن إن قبض على الذراع، لا على الكوع؟
الشيخ: فيه أحاديث أخرى.
الطالب: في القبض على الذراع؟
الشيخ: في القبض على الكوع.
الطالب: لا، في الذراع قصدي.
الشيخ: الذراع (...) وضع.
الطالب: وإن قبض؟
الشيخ: لا، الوضع أحسن.
\n طالب: جزاك الله خيرًا، بعض الناس تكون يده اليمنى مقطوعة الأصابع، وإذا جاء يتشهد يشرع له أنه يؤشر بأصبعه اليسرى؟\n
\n الشيخ: نعم، هذا سابق لأوانه.\n
\n طالب: هنا في اللي يعجز عن رفع اليدين؟\n
\n الشيخ: لا، ما وصلنا هذا في التشهد. \n
\n طالب: وضع اليدين على الثديين قريبًا من النحر. ما حكمه يا شيخ؟
الشيخ: هذا الظاهر؛ لأنه لا ينافي أن يضعهما على صدره؛ لأن هذا من الصدر، لكن بعض العلماء يضعها على النحر هكذا.
هذا لا شك أنه خطأ؛ لأنه فهمه من قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] ولكن الآية لا تدل على ذلك، الصواب أن المراد بقوله: {وَانْحَرْ} التقرب إلى الله تعالى بالنحر، بالذبح.\n
\n طالب: (...) الرفع من سجود التلاوة (...)؟
الشيخ: إي نعم، حتى في الرفع من سجود التلاوة، لكن بعض الناس إذا رفع من سجود التلاوة ما يكبر، ما هو يدري أنه يسر بالتكبير؛ لأنه لا يرى أنه يكبر وهمًا منه، حيث ظنوا أن ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أن سجود التلاوة ليس فيه تكبير عند الرفع، فظنوا أن هذا عام، وهو ظن ليس بصواب، ومراد شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم إذا سجد للتلاوة سجودًا منفردًا، أما إذا كان في صلب الصلاة فإن جميع الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إنه كان يكبر كلما ركع وكلما سجد، بل كلما رفع وخفض وهذا عام يشمل حتى سجود التلاوة. \n

***

\n طالب: باسم الله، والحمد لله، قال المؤلف رحمة الله تعالى عليه: \n ويقول: الله أكبر رافعًا يديه مضمومتي الأصابع، ممدودة حذو منكبيه كالسجود، ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه. ثم يقبض على كوع يسراه تحت سرته، وينظر مسجده، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه) هل إسماع الإمام لمن خلفه على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟\n
\n طالب: على سبيل الاستحباب.\n
\n الشيخ: هذا الذي يفيده كلام المؤلف.\n
\n طالب: كلام المؤلف يفيد الوجوب، يقول: (\n ويسمع).\n
\n الشيخ: كيف علمت أن كلامه يفيد الوجوب؟\n
\n الطالب: لقوله: (\n ويسمع).\n
\n الشيخ: يسمع هذه خبر.\n
\n طالب: قوله: (\n وغيره نفسه).\n
\n الشيخ: (\n وغيره نفسه) فإن إسماع غيره نفسه واجب. \n
ولكن قوله: (\n كقراءته في أولتي غير الظهرين) قد يمنع من القول بأنه واجب؛ لأن قراءته في أولتي غير الظهرين لا يجب فيها الإسماع، طيب، ماذا يشمل قوله: (\n كقراءته في أولتي غير الظهرين)؟ \n
\n طالب: يشمل كل الصلوات التي غير الظهر والعصر، التي يجهر بها بالقراءة.\n
\n الشيخ: مثل؟\n
\n الطالب: مثل في المغرب والعشاء والعيدين.\n
\n الشيخ: والفجر.\n
\n الطالب: وصلاة الاستسقاء والكسوف.\n
\n الشيخ: اصبر نسيت الفجر. \n
\n طالب: والفجر وصلاة الاستسقاء والكسوف والعيدين.\n
\n الشيخ: وقيام رمضان.\n
\n الطالب: ويوم الجمعة وقيام رمضان.\n
\n الشيخ: قوله: (\n وغيره نفسه). (\n غيره) الضمير يعود على من؟ \n
\n طالب: المأموم.\n
\n الشيخ: (\n غيره) يعود على من؟ الضمير يعود على من؟\n
\n الطالب: الضمير يعود على الإمام.\n
\n الشيخ: أي غير الإمام يسمع نفسه. طيب هل هناك قول آخر في المسألة؟ (\n غيره نفسه)؟\n
السؤال: فهمنا أن الإمام يسمع من خلفه وأن غير الإمام يسمع نفسه، فهل هناك قول آخر بعدم وجوب إسماع المصلي نفسه؟\n
\n طالب: (...) الإمام لا يسمع.\n
\n الشيخ: ما هو الإمام؛ المصلي.\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: فيه؟\n
\n الطالب: نعم. \n
\n الشيخ: وما مناط الحكم، أو ما العبرة عند هؤلاء الذين يقولون: لا يجب أن يسمع نفسه العبرة بأيش؟\n
\n طالب: العبرة بمخارج الحروف.\n
\n الشيخ: نعم، أن يخرج الحروف من مخارجها، فإذا أخرج الحروف فلا شرط، فليس بالشرط أن يسمع نفسه، وهذا القول هو الراجح. \n
طيب، قال المؤلف: (\n ثم يقبض كوع يسراه) ما هو الكوع؟\n
المراد المفصل اللي بين الكف؟\n
\n الطالب: والذراع.\n
\n الشيخ: طيب، (\n يقبض)، كيف القبض؟ \n
\n طالب: (...) على..\n
\n الشيخ: يضع ولا يقبض كذا؟ يمسك يعني. \n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: وصيغة أخرى بالوضع.\n
\n الشيخ: بالوضع فقط، وكلا الأمرين؟ \n
\n الطالب: سنة. \n
\n الشيخ: طيب، قول المؤلف: (\n تحت سرته)، ما هو الدليل على هذا؟\n
\n طالب: الدليل استدل بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: السنة أن يضع يمينه على..\n
\n الشيخ: وضع اليد اليمنى؟\n
\n الطالب: على اليسرى تحت السرة.\n
\n الشيخ: طيب، فيه قول آخر؟\n
\n طالب: قول أنها فوق السرة.\n
\n الشيخ: أنها توضع فوق السرة، وقول ثالث؟\n
\n طالب: أنها على الصدر، توضع على الصدر.\n
\n الشيخ: طيب، وفيها أيضا قول رابع؟\n
\n طالب: توضع على النحر.\n
\n الشيخ: وأقرب الأقوال إلى الصحة؟\n
\n طالب: توضع على الصدر.\n
\n الشيخ: على الصدر؛ لحديث؟\n
\n الطالب: لحديث ابن عمر، وحديث ما رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي \n أمر الناس أن يضعوا.\n
\n الشيخ: \n أن يضع الرجل.\n
\n الطالب: \n الرجل اليد اليمنى على الذراع اليسرى.. \n
\n الشيخ: في الصلاة \n . فإن ظاهر هذه الصفة؟\n
\n الطالب: على الصدر.\n
\n الشيخ: أن يكون على الصدر؛ لأنه ما يضع اليد اليمنى على الذراع إلا وقد رفع اليدين، وفيها أيضًا حديث وائل بن حجر.\n
\n الطالب: أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على صدره.\n
\n الشيخ: اليمنى على اليسرى فوق صدره. أما حديث علي فقد ضعفه كثير من أهل العلم ولم يأخذوا به. \n
قال المؤلف: (\n وينظر مسجده) أي موضع سجوده، ينظر: الضمير يعود على المصلي، وهو شامل لمن يصلي وحده أو مع الإمام وللإمام أيضًا، يعني يشمل الإمام والمأموم والمنفرد، انتبه أنه ينظر موضع سجوده، وعلى هذا كثير من أهل العلم، واستدلوا بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا \n أنه كان ينظر إلى موضع سجوده في حال صلاته \n ، وكذلك قالوا في تفسير قوله تعالى: \n {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١، ٢] قالوا: إن الخشوع أن ينظر إلى موضع سجوده.\n
وقال بعض العلماء: بل ينظر إلى حيث كان وجهه تلقاء وجهه، إلا إذا كان جالسًا فإنه ينظر إلى يده حيث يشير عند الدعاء، وإلا فإنه ينظر تلقاء وجهه. \n
وفصل بعض العلماء بين الإمام والمنفرد وبين المأموم فقال: إن المأموم ينظر إلى إمامه ليتحقق من متابعته، ولهذا قال أبو الدرداء: \n كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدًا، ثم نقع سجودًا بعده \n . قالوا: فهذا دليل على أنهم ينظرون إليه. \n
واستدلوا أيضًا بما جرى في صلاة الكسوف، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أنه عرضت عليه الجنة وعرضت عليه النار وقال فيما عرضت عليه الجنة قال: \n «حَيْثُ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ»، وفيما عرضت عليه النار قال: \n «حِينَمَا رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ» \n وهذا يدل على أن المأموم ينظر إلى إمامه. والأمر في هذا واسع، ينظر الإنسان ما هو أخشع له إلا في الجلوس فإنه ينظر إلى أصبعه، يرمي ببصره إلى أصبعه، حيث تكون الإشارة كما جاء ذلك في \n صحيح مسلم.\n
واستثنى أهل العلم من هذه المسألة، بل بعض أهل العلم استثنى ما إذا كان في صلاة الخوف، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم \n بعث عينًا فجعل ينظر إلى ناحية الشِّعب وهو يصلي لينظر إلى هذا العين \n ، والعين هو الجاسوس، ولأن الإنسان يحتاج إلى النظر يمينًا وشمالًا في حال الخوف.\n
والعمل ولو كان كثيرًا في حال الخوف مغتفر فكذلك عمل البصر، وهذا الاستثناء صحيح.\n
واستثنى بعض العلماء المصلي في المسجد الحرام وقالوا: ينبغي أن ينظر إلى الكعبة؛ لأنها قبلة المصلي، ولكن هذا القول ضعيف، فإن النظر إلى الكعبة يشغل المصلي بلا شك؛ لأنه إذا نظر إلى الكعبة نظر إلى الناس وهم يطوفون فأشغلوه، والصحيح أن المسجد الحرام كغيره ينظر فيه المصلي إما إلى موضع سجوده أو تلقاء وجهه.\n
وأما النظر إلى فوق، إلى السماء، فإنه محرم، بل من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك واشتد قوله فيه حتى قال: \n «لَيَنْتَهُنُّ -يعني الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة- أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» \n ، وفي لفظ \n «أَوْ لَا تَرْجِع إِلَيْهِمْ» \n ، وهذا وعيد، والوعيد لا يكون إلا على شيء من كبائر الذنوب. بل قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته، واستدلوا لذلك بوجهين: \n
الوجه الأول: أنه انصرف بوجهه عن جهة القبلة؛ لأن الكعبة في الأرض وليست في السماء.\n
والثاني: أنه فعل محرمًا منهيًّا عنه في الصلاة بخصوصها، والفعل المحرم المنهي عنه في العبادة بخصوصها يقتضي بطلانها، ولكن جمهور أهل العلم على أن صلاته لا تبطل برفع بصره إلى السماء، لكن هو على القول الراجح آثم بلا شك؛ لأن الوعيد لا يأتي على فعل مكروه فقط. إذن ينظر المصلي إما تلقاء وجهه وإلا إلى موضع سجوده، ولكن أيهما أرجح: ينبغي أن يختار ما هو أخشع لقلبه، إلا في موضع واحد، بل في موضعين: في حال الخوف، وفيما \n إذا جلس فإنه يرمي ببصره إلى موضع إشارته إلى أصبعه \n كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه سلم.\n
أما في حال الصلاة في المسجد الحرام والنظر إلى الكعبة فإن القول الصحيح أنه لا ينظر.\n
ومن العجيب أن القوم الذين قالوا: ينظر إلى الكعبة قالوا: لأن النظر إلى الكعبة عبادة، وهذا التعليل يحتاج إلى دليل، من أين لنا أن النظر إلى الكعبة عبادة؟ يحتاج إلى دليل هذا؛ لأن إثبات أي عبادة إن لم يكن له أصل من الشرع فإنه يكون بدعة فيه، لو أن الإنسان أغمض عينيه بحيث لا ينظر شيئًا فهل هذا جائز أو لا؟ الصحيح أنه مكروه؛ لأنه يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران، حيث يغمضون أعينهم، وقيل: إنه أيضًا من فعل اليهود، والتشبه بغير المسلمين أقل أحواله التحريم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، فيكون إغماض البصر في الصلاة مكروهًا على أقل تقدير، إلا إذا كان هناك سبب، مثل أن يكون حوله ما يشغله لو فتح عينيه، فحينئذ يغمض تحاشيًا لهذه المفسدة.\n
فإن قال قائل: أنا أجد نفسي إذا أغمضت عيني أخشع مما إذا لم أغمض عيني، فهل تفتونني بأن أغمض عيني؟ الجواب: لا؛ لأن هذا الخشوع الذي يحصل لك بفعل مكروه من الشيطان فهو كخشوع الصوفية في أذكارهم التي يتعبدون بها، وهي بدعة. \n
والشيطان قد يلقي في قلبك أو قد يبعد عن قلبك فلا توسوس إذا أغمضت عينيك من أجل أن يوقعك فيما هو مكروه، فنقول: افتح عينيك وحاول أن تخشع في صلاتك، أما أن تغمض عينيك لتخشع بدون سبب فلا؛ لأن هذا من الشيطان. \n
قال: (\n وينظر مسجِده) ولّا مسجَده؟\n
\n طلبة: مسجِده.\n
\n الشيخ: يقولون: إن القياس مسجَده لكن هذا جاء على خلاف القياس بكسر الجيم.\n
(\n ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك). \n
(\n سبحانك اللهم وبحمدك) هذه جملة تتضمن التنزيه والإثبات، تتضمن التنزيه في قوله: (\n سبحانك اللهم)، والإثبات في قولك: (\n وبحمدك)؛ لأن الحمد هو وصف المحمود بالكمال، فتكون هاتان الجملتان جامعتين للتنزيه، ويش بعد؟ \n
\n طلبة: والإثبات.\n
\n الشيخ: أولًا قوله: (\n سبحانك) هذه اسم مصدر من سبح يسبح، والمصدر أيش؟\n
\n طلبة: تسبيح.\n
\n الشيخ: واسم المصدر سبحان، قالوا: وهو دائمًا منصوب على المفعولية المطلقة محذوف العامل مضاف، ففيه ثلاثة أشياء؛ أنه منصوب على المفعولية المطلقة دائمًا، والثاني؟\n
\n طلبة: محذوف العامل.\n
\n الشيخ: والثالث؟\n
\n طلبة: مضاف.\n
\n الشيخ: ومعناه: تنزيهًا لك يا رب، وعماذا تنزه الله؟ تنزهه عن كل نقص. \n
والنقص إما أن يكون في الصفات أو في مماثلة المخلوقات، فصفاته التي يتصف بها منزه فيها عن كل نقص. \n
يتصف بالعلم أي علم؟ العلم الكامل، بالحياة الكاملة، بالسمع الكامل، بالبصر الكامل، وهكذا جميع الصفات التي يتصف بها هو فيها منزه عن النقص. كذلك منزه عن أن يوصف بصفة نقص محضة، ما هو بنقص في كمال، بصفة نقص محضة، مثل أن يوصف بالعاجز أو بالظالم أو ما أشبه ذلك، منزه عن مماثلة المخلوقات ولو فيما هو كمال في المخلوق فإن الله تعالى منزه عنه. \n
فمنزه عن أن تكون صفاته الخبرية كصفات المخلوقين، مثل الوجه واليدين والقدم والعينين، منزه عن أن تكون هذه الصفات الخبرية كصفات المخلوقين، كذا؟ وأن تكون صفاته الذاتية كصفات المخلوقين، فعلمه ليس كعلم المخلوق؛ لأن علم المخلوق كله نقص؛ نقص في ابتدائه لأنه مسبوق بجهل، وفي غايته لأنه ملحوق بالنسيان، وفي شموله لأنه قاصر، حتى روحك التي بين جنبيك لا تعلم عنها شيئًا \n {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥]، حتى ما تريد أن تفعله غدًا لست على يقين من أن تفعله، لكنك ترجو وتأمل، وإلا فلا تعلم نفس ماذا تكسب غدًا. إذن هذا نقص عظيم حتى في العلم، البشر ناقص أما الله عز وجل فإنه كامل العلم. \n
كذلك أيضًا لا يماثل المخلوق في صفاته الفعلية، مثل الاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد، والرضا والغضب، وما أشبه ذلك، لا يماثل شيء من هذه الصفات لشيء من صفات المخلوقين، وإن وافقها في الاسم فالاسم هو الاسم ولكن المسمى غير المسمى، الصفة هي الصفة ولكن الموصوف غير الموصوف، فلا تماثل بين الخالق والمخلوق. \n
إذن ينزه الله سبحانه وتعالى عن ثلاثة أشياء: عن النقص في صفات الكمال، وعن صفات النقص المجردة عن الكمال، والثالث عن؟\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: مماثلة المخلوقين، وتمثيله بالمخلوقين نقص؛ لأن تسوية الكامل بالناقص تجعله ناقصًا، بل قال الشاعر: \n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

أَلَمْ تَـــــــــــرَ أَنَّ السَّيْـــــــــفَ يَنْقُــــصُ قَــــــــــــــــدْرُهُ

إِذَا قِيلَ: إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَــــــــــا

\n
لو قلت: والله عندي سيف عظيم وقمت تمدحه مدحًا كبيرًا فقلت: هو أمضى من العصا، ماذا يكون تصور الإنسان لهذا السيف بعد مدحك العظيم له إذا قلت: هو أمضى من العصا؟ يهبط هبوطًا عظيمًا، ولا ترى لهذا السيف قدرًا؛ لأنك نفيت أن يكون مماثلًا للعصا، وسيف يمكن أن يتصور الإنسان مماثلته للعصا سيف لا خير فيه.\n
أما الحمد فقلت: إنه وصف المحمود بالكمال، الكمال الذاتي والفعلي، فالله سبحانه وتعالى كامل في ذاته، ومن لازم كماله في ذاته أن يكون كاملًا في صفاته، كذلك في فعله، ففعله دائر بين العدل والإحسان، لا يمكن أن يظلم؛ إما أن يعامل عباده بالعدل وإما أن يعاملهم بالإحسان، فالمسيء يعامله بالعدل \n {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] لا يمكن أن يزيد، والمحسن يعامله بالفضل \n {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠]. ففعله عز وجل دائر بين الأمرين، ومن كان فعله دائرًا بين الأمرين هذين، وهما العدل والفضل، فلا شك أنه محمود على أفعاله كما هو محمود على صفاته. \n
إذن جمعت الآن بين التنزيه والكمال: (\n سبحانك اللهم وبحمدك) وعلى هذا فالواو تفيد معنى المعية، يعني: ونزهتك تنزيهًا مقرونا بأيش؟ بالحمد.\n
(\n وتبارك اسمك) اسم هنا مفرد لكنه مضاف، فيشمل كل اسم من أسماء الله. وهل المراد بالاسم هنا المسمى كما في قوله: \n «تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»، ويكون المراد بـ(\n تبارك اسمك) أي تباركت، كقوله: \n {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] والمسبح من؟ الله المسمى، أو أن المراد أن اسم الله نفسه كله بركة؟ وإذا كان اسم المسمى بركة فالمسمى أعظم بركة وأشد وأولى. \n
الثاني أظهر؛ لأننا نسلم فيه من التجوز بالاسم عن المسمى، ويفهمنا هذا أن تبارك الاسم تبارك لأيش؟ للمسمى، أعطونا مثالًا من بركة الاسم. مثال من بركة اسم الله: لو ذبحت ذبيحة بدون تسمية لكانت ميتة نجسة حرامًا، صح؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: جيفة ولو سميت الله عليها كانت ذكية طيبة حلالًا، هذا من البركة، إذا سميت على الطعام لم يشاركك الشيطان فيه هذه بركة، وإن لم تسمِّ شاركك، إذا سميت على الوضوء على قول من يرى وجوب التسمية صح وضوؤك، وإن لم تسم بطل وضوؤك، وعلى قول من يرى استحبابها يكون وضوؤك أكمل مما لو لم تسمِّ. فهذه من بركة اسم الله عز وجل. وكل أمر لا يبدأ فيه بـ(باسم الله) فهو أبتر.\n
(\n وتبارك اسمك وتعالى جدك): (\n تعالى) يعني ارتفع ارتفاعًا معنويًّا، والجد بمعنى العظمة، يعني أن عظمتك عظمة عظيمة عالية، لا يساميها أي عظمة من عظمة البشر، بل من عظمة المخلوق كلهم. \n
(\n وتعالى جدك، ولا إله غيرك). (\n لا إله غيرك) هذه هي كلمة التوحيد التي أرسل بها جميع الرسل \n {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]، ومن كان آخر كلامه من الدنيا (لا إله إلا الله) دخل الجنة، فهي من أفضل الذكر أو أفضل الذكر. ومعناها: لا معبود حق إلا الله، فإله بمعنى مألوه، وهو اسم لا النافية للجنس، وخبرها محذوف. و(إلا الله): (إلا) أداة استثناء، و(الله) بدل من الخبر المحذوف، هذا أصح ما قيل في معناها وفي إعرابها.\n
إذن معناها: لا معبود حق إلا الله، فهل هناك معبود باطل سوى الله؟\n
نعم، هناك معبود باطل سوى الله؛ لقوله تعالى: \n {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: ٦٢]. \n
وهذه الآلهة وإن سميت آلهة فهي باطلة \n {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣]، هذه الكلمة لها مقتضى، مقتضاها التسليم التام لله عز وجل؛ لأن العبادة مأخوذة من الذل، ومنه طريق معبد؛ أي: مذلل مسهل، فمقتضى هذه الكلمة العظيمة الاستسلام لله تعالى ظاهرًا وباطنًا.\n
فأنت الآن تخبر خبرًا تنطقه بلسانك وتعتقده بجنانك بأن الله هو المعبود حقًّا، وما سواه فهو باطل، ثم تأمل كيف جاءت هذه الكلمة التي فيها توحيد الله بألوهيته بعد الثناء عليه؛ ليكون توحيده بالألوهية مبنيًّا على كماله، واضح؟\n
(\n سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك) كلها يتناول عظمة الكمال.\n
ثم قال: (\n ولا إله غيرك) فيكون هذا السابق كالسبب المبني عليه اللاحق، يعني أنه لكمال صفاتك لا معبود حق إلا أنت، (\n ولا إله غيرك)، هذا هو دعاء الاستفتاح، وكان عمر رضي الله عنه على ما روي عنه يستفتح بذلك \n رواه مسلم بسند فيه انقطاع، لكن وصله البيهقي؛ أنه رضي الله عنه كان يستفتح بذلك، وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباعهم، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا لكن بسند ضعيف. \n
هل هناك دعاء آخر يستفتح به؟ \n
الجواب: نعم، فيه أنواع، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في أنواع الاستفتاحات؛ منها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنيهة، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: \n «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» \n ، وهذا أصح من الحديث الذي فيه الاستفتاح بـ\n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» إلى آخره، لكن كل من النوعين جائز وسنة، وينبغي للإنسان أن يستفتح بهذا مرة وبهذا مرة؛ ليأتي بالسنن كلها، وليكون ذلك إحياء للسنة، ولأنه أحضر للقلب؛ لأن الإنسان إذا التزم شيئًا معينًا صار عادة له حتى إنه لو غفل مثلًا كبر تكبيرة الإحرام وغفل ومن عادته أن يستفتح بـ\n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» يجد نفسه قد شرع فيه بدون قصد، لكن إذا حاول أن يقول هذا مرة وهذا مرة صار في ذلك حضور القلب، فيحضر قلبه ويستحضر هذا أو هذا فيدعو به.\n
وهل يجمع بينهما؟ \n
الجواب: لا، لا يجمع بينهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب أبا هريرة حين سأله بأنه يقول: \n «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ» ولم يذكر \n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ»، فدل هذا على أنه لا يجمع بينها.\n
وقول المؤلف: (\n ويقول: سبحان اللهم وبحمدك) إلى آخره يشمل هذا صلاة الفريضة وصلاة النافلة، وهل يدخل في ذلك صلاة الجنازة؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: فيه خلاف بين العلماء، فمن العلماء من قال: يدخل؛ لأنها صلاة، وكان الرسول يستفتح في صلاته.\n
وقال بعض العلماء -وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد-: إنه لا استفتاح في صلاة الجنازة، لماذا؟ لأنها مبنية على التخفيف، ولهذا ليس فيها ركوع وليس فيها سجود، وليس فيها تشهد، مما يدل على أن الشارع لاحظ فيها أيش؟ التخفيف، \n

ولعل هذا أقرب. وعلى هذا ففي صلاة الجنازة لا يستفتح، بل يستعيذ ويشرع في الفاتحة. \n

***

\n قال المؤلف رحمه الله: (\n ثم يستعيذ ثم يبسمل) يستعيذ بمن؟ بالله عز وجل، وممن؟\n
\n طلبة: من الشيطان.\n
\n الشيخ: من الشيطان الرجيم وحذف المؤلف ذلك للعلم به، لم يقل: يستعيذ بالله من كذا، من الشيطان الرجيم؛ لأن هذا معلوم. يستعيذ فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لفائدتين: \n
الفائدة الأولى: طرد الشيطان عنه. \n
والفائدة الثانية: أنه سيقرأ، والإنسان مشروع له عند قراءة القرآن أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، بل قد قال بعض العلماء: إنه يجب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأمر الله بذلك في قوله: \n {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨].\n
وما معنى (أعوذ)؟ معناها: ألتجئ وأعتصم بالله، وهو سبحانه وتعالى الملجأ لكل مؤمن، لا ملجأ منه إلا إليه. والشيطان اسم جنس لا يختص بشيطان معين، بل هو شامل لجنس الشيطان. والشيطان مشتق من شطن، أي: بعد؛ لبعده عن رحمة الله، فإن الله لعنه، أي طرده وأبعده عن رحمته.\n
وقيل: من شاط، إذا غضب؛ لأن الشيطان طبيعته الطيش والغضب والتسرع وعدم التأني، ولهذا لم يتقبل أمر الله سبحانه وتعالى بالسجود لآدم، بل رده فورًا وأنكر السجود له \n {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: ٦١].\n
وعلى كل فإن الشيطان يحرص غاية الحرص على أن يفسد على المرء صلاته، فتجده يأتيه من كل باب، إذا سد بابًا فتح عليه بابًا آخر بسرعة، وإذا سده فتح عليه بابًا ثالثًا، وهلم جرًّا، فلهذا شُرع أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند ابتداء الصلاة لطرد الشيطان عنه، ولأنه سوف يقرأ القرآن.\n
يقول: (\n ثم يبسمل) يعني يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، أتى المؤلف من كل كلمة بحرف، أتى بالباء والسين والميم واللام، ويسمي علماء النحو هذا النوع من التصرف يسمونه النحت بالحاء؛ لأن الإنسان نحت الكلمات حتى استخلص منها هذه الكلمة.\n
يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وقد سبق لنا تفسير هذه الآية وبيان إعرابها، فقلنا في تفسيرها: إن الإنسان يستعين بكل اسم من أسماء الله، وأخذنا أن مراد كل اسم من أسماء الله أخذناه من أن (اسم) مفرد مضاف فيعم. \n
ويتوسل المبسمل إلى الله تعالى بوصف الرحمة؛ لأن الرحمة تعين الإنسان على عمله، والإنسان المبسمل يريد أن يستعين بالبسملة، بل بأسماء الله على أعماله.\n
أما إعرابها فقد ذكرنا مرات كثيرة أن أصح ما قيل فيها من الإعراب أنها متعلقة.\n
\n طلبة: بفعل.\n
\n الشيخ: بفعل محذوف متأخر.\n
\n طالب: مناسب.\n
\n الشيخ: مناسب للمقال.\n
ولماذا قلنا: إنها متعلقة بفعل؟ لأن الأفعال هي الأصل في العمل، محذوف تبركًا بالاقتصار على اسم الله عز وجل، ولكثرة الاستعمال، ومتأخر لأن في تقديمه متأخرًا فائدتين:\n
الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عز وجل.\n
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تقديم المعمول يفيد الحصر.\n
وقدرناه مناسبًا للمقام لأنه أدل على مقصود المبسمل؛ فإنك إذا قلت: باسم الله وأنت تريد القراءة فكيف يكون التقدير؟\n
\n طلبة: أقرأ باسم الله.\n
\n الشيخ: باسم الله أقرأ، وهذا أخص مما لو قلت: باسم الله أبتدئ؛ لأن القراءة أخص من مطلق الابتداء. \n
يقول: (\n ثم يبسمل ثم يقرأ). \n
\n طالب: (...) يمكن الاستدلال بهذه بحديث ابن مسعود (...).\n
\n الشيخ: إي نعم. \n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: بماذا؟\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: حتى يقع ساجدًا، ما قال: حتى ينقطع صوته.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: هذا خلاف الظاهر.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي. هذه ستأتينا إن شاء الله: ثم يصلي الركعة الثانية في الأولى.\n
\n طالب: والبسملة يا شيخ.
الشيخ: إي البسملة في كل صلاة ما فيها إشكال، في كل ركعة.\n

\n \n طالب: السور مثلًا يقرأ ثلاث سور يعني..
الشيخ: يبسمل.
طالب: يعني ورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي سأله (...) بما حدث عن قراءة النبي صلى عليه وسلم في الظهر والعصر قال بتحرك لحيته (...).
الشيخ: إي، وهذا يؤيد القول هذا.\n
\n طالب: الحديث الذي ورد يا شيخ (...) بأنه قد قضى بينهما في الصلاة (...) في الصلاة؛ صحيح؟
الشيخ: لا، ضعيف.
الطالب: (...).
الشيخ: ما هو صحيح، يقول: إنه ورد الحديث أن الرسول جمع بين «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» وقوله: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ»، نقول: هذا غير صحيح، هذا شاذ.
\n طالب: بعض المساجد تجد السجاد الذي فيه زخرفة، وهذا قد يشغل المصلي، فهل نقول له..
الشيخ: يقول: بعض المساجد فيها سجاد فيه زخرفة وهو يشغل المصلي فهل يغمض؟
طالب: يغمض يقاوم.
الشيخ: ويش قلنا؟
طالب: لا.
الشيخ: قلنا: إذا كان له سبب لا بأس هذا داخل \n

\n السبب.@/ج \n

\n #\n
\n طالب: في قول لأهل علماء المغرب هذا مذهب الإمام مالك (...) الحديث (...) النبي صلى الله عليه وسلم (...) كيف يكون مذهب الإمام مالك وهو رواه في الموطأ؟
الشيخ: هذا ما هو مذهب مالك شخصيًّا، اصطلاحًا يعني مذهب أصحاب مالك، أما مالك نفسه فلا.\n
مثلما أصحاب الإمام أحمد أحيانًا يقولون قولًا يكون هو المذهب عندهم اصطلاحًا وليس مذهبه شخصيًّا يخالف نصه.\n \n
\n طالب: يا شيخ، هل وردت الاستعاذة (...) أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
الشيخ: إي نعم فيها؛ ورد في حديث رواه أبو داود .
طالب: في الصلاة لأبي داود.
الشيخ: في الصلاة نعم.
\n طالب: في حديث عائشة ما المراد بأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ينظرون إلى أقدامهم، ثم في عهد أبي بكر ينظرون إلى موضع السجود، وفي عهد عمر ينظرون إلى الأمام، وفي عهد عثمان..؟
الشيخ: والله ما أدري عن هذا الحديث، ما أدري عن صحته.
طالب: سنده؟
الشيخ: أقول: ما أدري عن صحته.\n
\n طالب: يقولون يا شيخ من حديث أبي هريرة أو قول أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس كانوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلما أنزل الله {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ٢] صرفوا بأبصارهم إلى موضع السجود .
الشيخ: نعم.
الطالب: ما يدل على أن النظر إلى..
الشيخ: هذا لو صح لا بأس، لكن الحديث فيه ضعف شديد.\n
\n طالب: أحسن الله إليكم، بالنسبة إلى سؤال الأخ يقول: إنه قد يشاهد المأموم الإمام وهو لا ينظر إليه ببصره؛ لأن الإنسان أحيانًا ينظر (...) للأمام واقف لم يتحرك ويرى على جانبه أو متقدمًا قليلًا على الرغم أني ما أنظر إليه.
طالب آخر: لأن العين تأخذ من اليمين والشمال.
الشيخ: هذه والله ما أدري إن كان الله خلق لك أربع عيون أو خمس عيون!
الطالب: كيف؟
الشيخ: أما عين واحدة فيها بصر واحد ما يمكن تنظر إلى الشمال والأمام.
الطالب: الآن ما تلمح أحدًا عن يسارك ولا عن يمينك؟
الشيخ: لا، المحل اللي أنا أركز عليه أدرك كيف فعل لكن الثانين خطف يكون يمكن خطف أعرف أنك تتحرك ولّا شيء.
الطالب: أحيانًا يكون المأموم خلف الإمام مثلًا متقدمًا عن يمينه وبينما هو ينظر هكذا، ينظر حركة إنسان يتحرك.
الشيخ: أنتم ما بالكم يا أخي تروحون وراء ليش أنكم تحاولون يعني صرف النصوص عن ظاهرها.
الطالب: ما حاولنا هذا.
الشيخ: بلى. ما دام تقول حين رأيتكم تأخرت، وما دام أبو الدرداء يقول يقع ساجدًا هذا واضح أنه ينظر إليه. \n

***

\n الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرًّا، وليست من الفاتحة، ثم يقرأ الفاتحة، فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال أو ترك منها تشديدة أو حرفًا أو ترتيبًا لزم غير مأموم إعادتها. ويجهر الكل بآمين في الجهرية. ثم يقرأ بعدها سورة تكون في الصبح من طوال المفصَّل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه، ولا تصح الصلاة بقراءة خارجة عن مصحف عثمان.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن الإنسان إذا فرغ من التكبير فإنه يضع يده اليمنى على اليسرى إما قبضًا وإما وضعًا، فالقبض معروف يقبض هكذا، والوضع يضع هكذا، وكلاهما جاءت به السنة، وسبق لنا أن العلماء اختلفوا هل تكون على الصدر أو على السرة أو فوقها أو تحتها أو عند النحر، وأن أقرب الأقوال أن تكون على الصدر. وسبق لنا أيضًا أن الإنسان ينظر إلى موضع سجوده لأنه أخشع له، وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذا هو معنى الخشوع المذكور في قوله تعالى: \n {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١، ٢]، وأن العلماء اختلفوا في هذا؛ فمنهم من يقول هكذا ومنهم من يقول: ينظر إلى تلقاء وجهه ما لم يكن مأمومًا، فإنه ينظر إلى إمامه. ويستثنى من ذلك حال التشهد في حال الجلوس؛ فإنه ينظر إلى سبابته حيث يشير بها.\n
وذكرنا أن الأولى في ذلك أن ينظر ما هو أنفع له وأخشع. والذين قالوا: إنه ينظر إلى الإمام الذي يظهر لي أن الذي ينظر إلى الإمام من كان قريبًا منه، بحيث لا يستلزم التفاتًا، فإن استلزم التفاتًا فالالتفات مكروه؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل عنه: \n «إِنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» \n .\n
وذكرنا أن بعض العلماء استثنى ما إذا كان تجاه الكعبة فإنه ينظر إليها، وقلنا: إن هذا لا دليل عليه، والصحيح أنه لا ينظر إليها تعبدًا؛ لعدم وروده، بل إن النظر إلى الكعبة والناس يطوفون سبب لانشغال الفكر والبصر.\n
وذكرنا أنه يستثنى من ذلك ما إذا كان في خوف، فإنه ينظر إلى مكان الخوف؛ لأن \n النبي صلى الله عليه وسلم بعث عينًا وجعل ينظر إلى الشعب ينظر هل أتى أو لا. \n \n
وهناك دليل آخر، وهو عموم قوله تعالى: \n {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ١٠٢] فإن من أخذ الحذر النظر للعدو ومن أين جاء.\n
وذكرنا أنه في مقابل ذلك يُكره للإنسان أن يرفع بصره إلى السماء، بل الصحيح أنه حرام، وأنه من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد عليه \n ، وذكرنا خلاف العلماء فيما إذا رفع رأسه إلى السماء هل تبطل صلاته أم لا، وبينا أن الأقرب أيش؟\n
\n طالب: عدم بطلانها.\n
\n الشيخ: عدم البطلان مع التحريم. \n

***

\n الاستفتاح، بعد تكبيرة الإحرام يستفتح الصلاة بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والوارد عنه في الاستفتاح أنواع، وقد بينا هل الأفضل الاقتصار على نوع واحد منها ولزومه أم الأفضل أن يفعل هذا مرة وهذا مرة، وقلنا: الأفضل؟\n
\n طالب: الثاني.\n
\n الشيخ: الثاني. أنه يفعل هذا مرة وهذا مرة وقلنا إن في ذلك؟\n
\n طالب: فوائد.\n
\n الشيخ: ثلاث فوائد، أولًا: إحياء السنة، وثانيًا؟ \n
\n طلبة: اتباع السنة.\n
\n الشيخ: وثالثًا؟ \n
\n طلبة: حضور القلب.\n
\n طالب: بُعد الملل عن الإنسان.\n
\n الشيخ: ودفع السآمة إن كان فيه سآمة. هذا هو الأولى. وذكرنا هل يشرع أن يجمع بين هذه الأنواع في الاستفتاح، وقلنا: لا؛ لأن حديث أبي هريرة لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول \n لم يقل له إلا نوعًا واحدًا، وهذا يدل على أن الإنسان يقتصر على نوع ولا يجمع.\n
وشرحنا قوله: (\n سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، ولكننا لم نشرح حديث أبي هريرة.\n
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة \n ، ومن حرص أبي هريرة رضي الله عنه على العلم بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له حين قال له: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: \n «لَقَدْ ظَنَنْتُ أَلَّا يَسْأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ هَذَا غَيْرُكَ؛ لِمَا أَرَى مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ» ثم قال: \n «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ» \n . المهم أنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير والقراءة، ومعلوم أن الصلاة ذكر كلها، ما من شيء منها إلا وفيه ذكر قولي وفعلي، وما من أمر مشروع فيها من الأفعال إلا وله ذكر، كل الأفعال التي فيها مشروعة لها ذكر، علم أنه لا بد أن يقول شيئًا، فقال: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ وكلمة (ما تقول) تدل على أنه كان يعتقد أنه يقول شيئًا؛ لأنه لم يقل: هل أنت ساكت؟ قال: \n «أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» \n ، فسأل الله أن يباعد بينه وبين خطاياه كما يباعد بين المشرق والمغرب، وهذا -أعني المباعدة بين المشرق والمغرب- هو غاية ما يبالغ فيه الناس، فالناس يبالغون في الشيئين المتباعدين إما بما بين السماء والأرض وإما بما بين المشرق والمغرب.\n
ومعنى باعد بيني وبينها هل المراد باعد بيني وبين فعلها بحيث لا أفعلها، أو باعد بيني وبين عقوبتها؟ \n
\n طالب: يستلزم.\n
\n الشيخ: نشوف. \n «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ». وهذه الجملة تدل على أن المراد بذلك الخطايا التي وقعت منه؛ لأنه قال: نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس؛ أي: كما يغسل الثوب الأبيض إذا أصابه الدنس فيرجع أبيض.\n
وإنما ذكر الأبيض لأن الأبيض هو أشد ما يؤثر فيه الوسخ، بخلاف الأسود، ولهذا أنتم في أيام الشتاء إذا لبستم الثياب السود تبقى عليكم شهرًا أو أكثر، لكن الأبيض لا يبقى أسبوعًا إلا وقد تدنس، فلهذا قال: \n «كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ»، وهذا ظاهر أنه في الذنوب التي فعلها ينقى منها، وبعد التنقية قال: \n «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» \n ، إذن فالذي يظهر أن الجملة الأولى في المباعدة ألا أفعل الخطايا، ثم إن فعلتها فنقني منها ثم أزل آثارها أيضًا بزيادة التطهير بالماء والثلج والبرد. \n
هنا قال: \n «بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» الماء لا شك أنه مطهر، لكن الثلج والبرد ما مناسبته هنا، مع أن المعروف أن الماء الساخن أبلغ في التنظيف؟ قال أهل العلم: لأن الذنوب آثارها العذاب بالنار، والنار حارة، والحرارة يناسبها في التنقية منها الشيء البارد، فالماء فيه التنظيف، والثلج والبرد فيه التبريد؛ فلهذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين ما فيه التنظيف وما فيه التبريد، وهذا لا شك أنه وجه حسن طيب، هذا هو معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه.\n
وبقي أن يقال: هل النبي صلى الله عليه وسلم يخطئ أم ماذا؟ \n
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ» فأضاف الخطايا إلى نفسه، وقال: \n «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» \n ، وقال الله تعالى: \n {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩]، وقال الله تعالى: \n {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢]، ولكن الشأن كل الشأن هل هذه الذنوب تبقى؟\n
الجواب: لا، فالنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الإقرار على الذنب، معصوم من ذلك، بخلاف غيره فإنه يذنب وقد يُقَر على ذلك، ويستمر في معصيته، وقد لا يغفر له، أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مغفور له الذنب، ولا يقر عليه عليه الصلاة والسلام، بل لا بد أن يُنبَّه عليه مهما كان الأمر: \n {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: ١] هذا هو فصل الخطاب في هذه المسألة التي تنازع الناس فيها. \n

","SearchText":" صار لتعظيم الله، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي. وهنا مباحث: اولا: الرفع، يقول المءلف: الي حذو المنكبين. والمنكبان هما الكتفان، فيكون منتهي الرفع الي الكتفين هكذا ( مضمومتي الاصابع ممدوده ) فاذا قدر ان في الانسان افه تمنعه من رفع اليدين الي المنكبين فماذا يصنع؟ يرفع الي حيث يقدر عليه؛ لقول الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. كذلك اذا قدر ان في الانسان افه لا يستطيع ان يرفعهما الي حذو المنكبين؛ بل الي اكثر من ذلك، كما لو كانت مرافقه لا تنحني، بل هي واقفه، ما يقدر يقوم مثلا يرفع ولا لا؟ يرفع؛ لقوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، واذا كان لا يستطيع الرفع بواحده رفع بالاخري للايه، ولان النبي صلي الله عليه وسلم لما كان واقفا بعرفه فسقط خطام ناقته، وكان رافعا يديه يدعو، اخذه باحدي يديه والاخري مرفوعه يدعو الله بها . ويقول المءلف: ( رافعا يديه مضمومتي الاصابع ممدوده ) الضم اي رص بعضها الي بعض، والمد ضد؟ طالب: القبض. الشيخ: وقال بعض العلماء: انه ينشرها، اي يفرقها، ولكن الصحيح ما ذكره المءلف؛ لان هذا هو الوارد عن النبي عليه الصلاه والسلام. *** الشيخ: قال: ( حذو منكبيه )؛ ذكرنا ان المراد بالمنكبين الكتفان، ويجوز ان يرفعهما الي فروع اذنيه؛ لورود ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم، فتكون صفه الرفع من العبادات الوارده علي وجوه متنوعه. والعلماء رحمهم الله اختلفوا في العبادات الوارده علي وجوه متنوعه، هل الافضل الاقتصار علي واحد منها، او الافضل فعل جميعها في اوقات شتي، او الافضل ان يجمع بين ما يمكن جمعه؟ والصحيح القول الثاني الوسط، وهو ان العبادات الوارده علي وجوه متنوعه يفعل بعضها هكذا وبعضها هكذا، فهنا الرفع ورد الي حذو منكبيه، ورد الي فروع اذنيه، فنقول: كل سنه، والافضل ان تفعل هذا مره وهذا مره؛ ليتحقق فعل السنه علي الوجهين ، ولبقاء السنه حيه؛ لانك لو اخذت بوجه وتركت الاخر مات الوجه الاخر، فلا يمكن ان تبقي سنه حيه الا اذا كنا نعمل بهذا مره وبهذا مره، ولان الانسان اذا عمل بهذا مره وبهذا مره صار قلبه حاضرا عند اداء السنه، بخلاف ما اذا اعتاد الشيء داءما فانه يكون فاعلا له كفعل الاله عاده، وهذا شيء مشاهد، ولهذا من لزم الاستفتاح مثلا بقول: «سبحانك اللهم وبحمدك» داءما تجده من يوم يكبر يشرع في «سبحانك اللهم وبحمدك» من غير شعور؛ لانه اعتاد ذلك، لكن لو كان يقول هذا مره والثاني مره صار منتبها. ففي فعل العبادات المتنوعه علي وجوهها الوارده ثلاثه فواءد: الاول: اتباع السنه. والثاني: احياء السنه. والثالث: حضور القلب. وربما يكون هناك وجه رابع في بعض الاحيان: اذا كانت احدي الصفات اقصر من الاخري، كما في الذكر بعد الصلاه احيانا يكون الانسان مثلا يحب ان يسرع في الانصراف فيقتصر علي (سبحان الله) عشر مرات و(الحمد لله) عشر مرات و(الله اكبر) عشر مرات؛ فيكون هنا فاعلا للسنه قاضيا لحاجته، ولا حرج علي الانسان ان يفعل ذلك يعني مع قصد الحاجه؛ كما قال تعالي في اهل الحج: {ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم} [البقره: ١٩٨]. اذن الافضل في رفع اليدين ايش؟ طالب: (...). الشيخ: ان يرفعهما مره الي حذو المنكبين ومره الي فروع الاذنين، وحاول بعض العلماء ان يجمع بين الروايات وقال: من قال: الي حذو المنكبين اراد اسفل الكف، ومن قال: الي فروع الاذنين اراد اعلي الكف الاصابع، وهذا يعني يقول: وهذا قريب ان يكون اسفل الكف محاذيا للمنكب واعلاه محاذيا لفروع الاذنين، فمن قال: بفروع الاذنين اعتبر اعلي الكف ومن قال: الي حذو المنكبين اعتبر اسفله. ولكن نقول: لا حاجه الي هذا الجمع؛ لان الاصل ان المراد الكف نفسه، لا اعلاه ولا اسفله، الظاهر ان المراد الكف نفسه لا اعلاه ولا اسفله، ولان الامر في هذا واسع، يعني مثلا ليس الان الانسان مكلفا الي ان يتحري الي هذه الدقه بحيث يكون اسفل الكف محاذيا للمنكب، واعلاه محاذيا لفروع الاذنين. طيب، ومتي يبتدء الرفع؟ المءلف يقول: ( يقول: الله اكبر رافعا يديه ). فمتي يبتدء؟ طالب: (...). الشيخ: الاحاديث الوارده في ذلك وردت ايضا علي وجوه متعدده، فبعضها يدل علي انه يرفع ثم يكبر، وبعضها علي انه يكبر ثم يرفع، وبعضها علي انه يرفع حين يكبر، يعني يكون ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع، وانتهاءه مع انتهاء الرفع، ثم يضع يديه، ونحن نقول: ان الامر ايضا في هذا واسع، يعني سواء رفعت ثم كبرت او كبرت ثم رفعت، او رفعت مع التكبير، الامر في هذا واسع؛ ان فعلت اي صفه من هذه الصفات فانت مصيب للسنه. يقول: ( حذو منكبيه كالسجود ) اي كما يفعل في السجود اذا سجد فانه يجعل يديه حذو منكبيه، وهذا ايضا احدي الصفتين في السجود، ان يجعل الانسان يديه حذو منكبيه، وسياتي ان شاء الله كيف تكون الذراعان، لكن المءلف ذكر هذا استطرادا، والا ليس هذا موضع ذكر اليدين في حال السجود، طيب، وسياتي ان شاء الله ان هناك صفه اخري وهو ان يسجد بين كفيه فيقدم الكفين حتي يحاذي بهما وجهه ويسجد بينهما. ثم قال المءلف: ( ويسمع الامام من خلفه وغيره نفسه ) يسمع الامام من خلفه في ايش؟ في التكبير، يعني المءلف يقول: يكبر يقول: الله اكبر ثم قال: ( ويسمع الامام من خلفه وغيره نفسه ). يسمع من خلفه حسب ما تقتضيه الحال ان كان من خلفه واحدا فالصوت الخفي يكفي، ان كان من خلفه كثيرين فلا بد من رفع الصوت، واذا كان لا يسمع صوته من وراءه استعان بمبلغ يبلغ عنه كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم حين جاء وابو بكر يصلي بالناس، وكان صلوات الله وسلامه عليه مريضا لا يسمع صوته المامومين، فصلي ابو بكر عن يمينه، وجعل يبلغ الناس تكبير رسول الله صلي الله عليه وسلم ، اذا كبر النبي عليه الصلاه والسلام بصوت منخفض كبر ابو بكر بصوت مرتفع فسمعه الناس، وهذا هو اصل التبليغ وراء الامام. فان كان لا حاجه الي المبلغ بان كان صوت الامام يبلغ الناس مباشره او بواسطه فما لا حاجه اليه لا حاجه اليه، اي لا يسن ان يعيد احد تكبير الامام اذا كان تكبير الامام يصل الي المامومين؛ لان هذا انما يفعل عند الحاجه فقط، واذا لم يكن حاجه فليس بسنه باتفاق المسلمين. *** الشيخ: وقول المءلف: ( يسمع الامام من خلفه ) هل هذا علي سبيل الاستحباب او علي سبيل الوجوب؟ المشهور من المذهب انه علي سبيل الاستحباب، وليس علي سبيل الوجوب، وان الامام له ان يكبر تكبيرا خفيا لا يسمع، كما ان للمنفرد والماموم ذلك، كما ان الماموم لا يرفع الصوت، وكذلك المنفرد، فللامام ان يفعل كذلك فلا يرفع صوته، ولكن الافضل ان يرفع صوته. ولكن ظاهر كلام المءلف ان هذا علي سبيل الوجوب، لا علي سبيل الاستحباب؛ لانه قال: ( وغيره نفسه ). واسماع الغير اي غير الامام نفسه واجب، فيكون قوله: ( ويسمع الامام من خلفه ) ايش؟ واجبا. وهذا الذي هو ظاهر كلام المءلف هذا هو القول الصحيح؛ انه يجب علي الامام ان يكبر تكبيرا مسموعا يسمعه من خلفه : اولا: لفعل النبي عليه الصلاه والسلام، فانه لو كان الامر غير واجب لم يكن هناك داع الي ان يبلغ ابو بكر التكبير لمن خلف النبي صلي الله عليه وسلم. وثانيا: لانه لا يتم اقتداء المامومين بالامام الا بسماع ايش؟ التكبير، وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. انا اعتقد لو ان الامام اذا قام من السجودلم يرفع صوته بالتكبير، متي يقوم الناس؟ ما يقومون الا اذا شرع في الفاتحه، الا اذا شرع في الفاتحه وجهر بها، مع ان جهره بالفاتحه علي سبيل الاستحباب، فالصواب بلا شك والقول الصحيح بلا شك انه يجب علي الامام ان يرفع صوته بالتكبير والتسميع بحيث يسمعه من وراءه بحسب الحال. *** قال المءلف رحمه الله: ( يسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين ). اي كما يسمع القراءه في اولتي غير الظهرين، اولتي هذه مثني ولا جمع؟ طلبه: مثني. الشيخ: مثني، اين النون؟ طالب: (...). الشيخ: حذفت للاضافه كذا؛ لانه يحذف التنوين والنون عند الاضافه، كذا، صحيح؟ طالب: صحيح نعم. الشيخ: طيب، ( اولتي غير الظهرين ) ما هما الظهران؟ الطلبه: الظهر والعصر. الشيخ: واطلق عليهما اسم الظهرين تغليبا؛ كما يقال: العشاءين وكما يقال: العمرين وكما يقال: القمرين. اذن المراد في ( اولتي غير الظهرين ) يعني الظهر والعصر، فهو يجهر في كل ركعتين اولتين في غير الظهرين، ولننظر ماذا يشمل؟ يشمل المغرب او لا؟ والعشاء والفجر، لكن الفجر ليس الا؟ طالب: ركعتين. الشيخ: لكنه داخل في كلام المءلف، يشمل الجمعه، يشمل العيدين، يشمل الاستسقاء، يشمل التراويح، ويشمل الوتر، ويشمل الكسوف، يشمل كل ما تشرع فيه الجماعه، فانه يسن ان يجهر بالقراءه ما عدا؟ طالب: الظهرين. الشيخ: ما عدا الظهرين فانه لا يجهر بالقراءه فيهما، طيب، فاذا قال قاءل: صلاه الليل جهريه وصلاه النهار سريه، لماذا؟ ما هي الحكمه في ان يجهر في صلاه الليل ويسر في صلاه النهار؟ فالجواب: لان الليل تقل فيه الوساوس ويجتمع فيه القلب واللسان علي القراءه، فيكون اجتماع الناس علي صوت الامام وقراءه الامام ابلغ من تفرقهم، ولهذا لا يشرع الجهر في النهار الا في صلاه جامعه كصلاه؟ طالب: (...). الشيخ: الجمعه والعيدين والاستسقاء والكسوف؛ يعني الناس يجتمعون، ولا شك ان انصاتهم علي قراءه الامام تجعل قراءتهم قراءه واحده؛ لان المستمع كالقارء، لكن لو كان الامام يسر لكان كل واحد يقرا علي نفسه، فيكون الجهر اجمع علي القراءه؛ لانهم يجتمعون علي قراءه واحده، بخلاف السر. هذا ما ظهر لي من الحكمه في الجهر لصلاه الجمعه والعيدين وشبههما، وكذلك في صلاه الليل. يقول: ( كقراءته في اولتي غير الظهرين وغيره نفسه ). وغيره يعني ويسمع غيره، غير من؟ غير الامام، فمن غيره؟ الطلبه: (...). الشيخ: الماموم والمنفرد. يسمع نفسه، يعني يتكلم وينطق بحيث يسمع نفسه، فان ابان الحروف بدون ان يسمع نفسه لم تصح قراءته، بل ولم يصح تكبيره، لو كبر وقال: الله اكبر لكن علي وجه لا يسمع نفسه لم تنعقد صلاته؛ لان التكبير ايش؟ لم يصح، لا بد ان يسمع نفسه، ولكن يشترط لوجوب اسماع نفسه الا يكون هناك مانع من اسماع نفسه، فان كان هناك مانع سقط وجوب الاسماع لوجود المانع، لو كان يصلي وحوله دركتر. تعرفون صوت الدركتر؟ ولا يسمع هذا، لا يمكن يسمع نفسه الا اذا رفع صوته كثيرا، فنقول: يكفي ان تكون بحيث تسمع نفسك لولا المانع، ولكن سبق لنا انه لا دليل علي اشتراط اسماع النفس، وان الصحيح انه متي ابان الحروف فانه يصح التكبير وتصح القراءه ايضا كل قول فانه لا يشترط فيه اسماع النفس. والغريب انهم هنا قالوا رحمهم الله: يشترط لاسماع النفس في التكبير والقراءه وقالوا فيما اذا قال الانسان لزوجته: انت طالق؛ تطلق وان لم يسمع نفسه. وكان مقتضي الادله ان تكون المعامله بالاسهل في حق من؟ في حق الله. كيف نعامله في حق الله بالاشد ونقول: لا بد ان تسمع نفسك وفي حق الادمي ولا سيما الطلاق الذي اصله مكروه نقول: يقع الطلاق وان لم تسمع نفسك، لو قال: زوجتي طالق علي وجه لم يسمع هو نطق نفسه فان زوجته تطلق. علي كل حال القول الراجح انه لا يشترط لصحه التكبير والقراءه ان يسمع الانسان نفسه، فمتي بانت الحروف ثبتت القراءه وثبت التكبير . *** ( وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه تحت سرته وينظر مسجده، ثم ) بعد ايش؟ طالب: التكبير. الشيخ: بعد التكبير ورفع اليدين، مكبر رفع يديه اذا اراد ان يضعهما ( يقبض كوع يسراه ) هذا الكوع يقبضه هكذا يمسكه، طيب بعض الناس نشاهده يقول: الله اكبر ثم يرسل يديه ثم؟ طالب: يرفعها. الشيخ: يرفعهما ويقبضهما، هذا ليس له اصل، بل من حين ان تنزلها من الرفع؟ طلبه: تقبضها. الشيخ: تقبض، يقبض الكوع. اين الكوع؟ الكوع في مفصل الكف من الذراع ويقابله الكرسوع وبينهما الرسغ. نسال: اين الكوع والكرسوع؟ طالب: الكف والذراع، مقاس بين الكف والذراع. الشيخ: المفصل الذي بين الكف والذراع. لكن هذا المفصل فيه ثلاثه اشياء: فيه كوع وكرسوع ورسغ، من يعرفه؟ طالب: الكوع هو الذي يلي الابهام، والكرسوع هو الذي يلي الخنصر والرسغ يتوسط بين الكوع والكرسوع. الشيخ: الذي بينهما طيب، صحيح. الكوع يقول العلماء: انه العظم الذي يلي الابهام، اللي تحت الابهام، والكرسوع هو الذي يلي؟ الطالب: الخنصر. الشيخ: والرسغ هو الذي بينهما. وانشدوا علي ذلك واحفظه: وعظم يلي الابهام كــــــــوع ومــــــا يلـــــــي لخنصره الكرسوع والرسغ ما وســــــــــــط وعظم يلي ابهــــــــــــــام رجـــــــل ملقــــــــــــب ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلــــــط المءلف يقول: ( يقبض كوع يسراه )، ومراده بالكوع المفصل، يقبض كوع يسراه تحت سرته، فافادنا المءلف رحمه الله ان السنه قبض الكوع، لكن وردت السنه بقبض الكوع كما قال المءلف، ووردت السنه بوضع اليد علي الذراع من غير قبض هكذا بدون قبض. اذن هاتان صفتان: قبض والثاني؟ طلبه: وضع. الشيخ: فان قبضت فعلي خير، وان وضعت بدون قبض فعلي خير ايضا، كلاهما سنه. نري بعض الناس يقبض المرفق فهل لهذا اصل؟ طالب: لا اصل له. الشيخ: ليس لهذا اصل، وانما يقبض الكوع او الذراع، ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد انه قال: كان الناس يءمرون ان يضع الرجل يده اليمني علي ذراعه اليسري في الصلاه ؛ يضع يده اليمني علي ذراعه اليسري في الصلاه. اذن هاتان صفتان اما علي الكوع واما علي ايش؟ طلبه: الذراع. *** الشيخ: يقول المءلف: ( تحت سرته ). يعني يجعل اليد اليمني واليسري تحت السره. وهذه الصفه التي ذكرها المءلف هي المشروعه علي المشهور من المذهب، وفيها حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه قال: من السنه وضع اليد اليمني علي اليسري تحت السره . وذهب بعض العلماء الي انه يضعها فوق السره، ونص الامام احمد علي ذلك انه يضع اليدين فوق السره ولكنها تحت الصدر. وذهب اخرون من اهل العلم الي انه يضعهما علي الصدر، وهذا هو اقرب الاقوال. والسنه في ذلك كلها فيها مقال، لكن حديث سهل بن سعد الذي في البخاري ظاهره يءيد ان الوضع يكون علي الصدر، علي ان الاحاديث الوارده علي ما فيها من المقال امثلها حديث واءل بن حجر، ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يضعهما علي صدره هكذا، فهذا احسن ما يكون من الوضع. نري بعض الناس يضعهما علي جنبه هكذا، يعني علي الجنب الايسر هكذا، واذا سالته: لماذا؟ قال: لان هذا جانب القلب، وكان قلبه يطير اذا دخل في الصلاه فيضع يديه علي قلبه ليمسكه، ولكن هذا التعليل عليل، وان شءت فقل: ميت: اولا: لانه في مقابل السنه، وكل تعليل في مقابل السنه فانه مردود علي صاحبه؛ لان السنه احق بالاتباع. وثانيا: ان النبي صلي الله عليه وسلم نهي ان يصلي الرجل مختصرا ، اي واضعا يده علي خاصرته، وهذا ان لم ينطبق عليه النهي فهو قريب منه، لهذا اذا رايت احدا يفعل هكذا فانصحه وقل: ما هكذا السنه. ثم ان فيه شيءا اخر شيءا ثالثا، وهو ان فيه اجحافا؛ لعدم التوسط في البدن؛ لانه الان فضل جانب اليسار علي جانب اليمين، فنقول: خير الامور الوسط العدل فكن بين اليمين وبين اليسار وضع اليدين علي الصدر. طالب: (...). الشيخ: نعم هذا يقول: اننا نري الذين يضعون ايديهم تحت السره تجده واضعا يده تحت السره (...) يهوجس، يعني يشعر بانه كسلان وان رفع اليد يكون في الغالب انشط ، وهذا صحيح، لكن يجب ان نعلم ان العاده لها اثر ربما لما اعتادوا ذلك صار عندهم سهلا. طالب: اقوال العلماء (...). الشيخ: للاسف اثر علي الاثر ضعيف. طالب: بعض المامومين يجهر بتكبيره الاحرام بعدما يكبر الامام. الشيخ: يجهر لا علي سبيل التبليغ، لكن هو يجهر بنفسه، ولا ينبغي هذا، الماموم لا ينبغي له ان يجهر لا بالتكبير ولا بالتسميع ولا بالقراءه ولا بالتحميد، وقلت: بالتسميع؛ لان بعض العلماء يري ان الماموم يسمع والصحيح انه لا يسمع . طالب: احسن الله اليكم، جاء في حديث سهل بن سعد انه يضع اليمني علي اليسري علي الذراع ، لكن ان قبض علي الذراع، لا علي الكوع؟ الشيخ: فيه احاديث اخري. الطالب: في القبض علي الذراع؟ الشيخ: في القبض علي الكوع. الطالب: لا، في الذراع قصدي. الشيخ: الذراع (...) وضع. الطالب: وان قبض؟ الشيخ: لا، الوضع احسن. طالب: جزاك الله خيرا، بعض الناس تكون يده اليمني مقطوعه الاصابع، واذا جاء يتشهد يشرع له انه يءشر باصبعه اليسري؟ الشيخ: نعم، هذا سابق لاوانه. طالب: هنا في اللي يعجز عن رفع اليدين؟ الشيخ: لا، ما وصلنا هذا في التشهد. طالب: وضع اليدين علي الثديين قريبا من النحر. ما حكمه يا شيخ؟ الشيخ: هذا الظاهر؛ لانه لا ينافي ان يضعهما علي صدره؛ لان هذا من الصدر، لكن بعض العلماء يضعها علي النحر هكذا. هذا لا شك انه خطا؛ لانه فهمه من قوله تعالي: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: ٢] ولكن الايه لا تدل علي ذلك، الصواب ان المراد بقوله: {وانحر} التقرب الي الله تعالي بالنحر، بالذبح. طالب: (...) الرفع من سجود التلاوه (...)؟ الشيخ: اي نعم، حتي في الرفع من سجود التلاوه، لكن بعض الناس اذا رفع من سجود التلاوه ما يكبر، ما هو يدري انه يسر بالتكبير؛ لانه لا يري انه يكبر وهما منه، حيث ظنوا ان ما ذهب اليه شيخ الاسلام ابن تيميه وابن القيم ان سجود التلاوه ليس فيه تكبير عند الرفع، فظنوا ان هذا عام، وهو ظن ليس بصواب، ومراد شيخ الاسلام ابن تيميه وابن القيم اذا سجد للتلاوه سجودا منفردا، اما اذا كان في صلب الصلاه فان جميع الواصفين لصلاه النبي صلي الله عليه وسلم يقولون: انه كان يكبر كلما ركع وكلما سجد، بل كلما رفع وخفض وهذا عام يشمل حتي سجود التلاوه. *** طالب: باسم الله، والحمد لله، قال المءلف رحمه الله تعالي عليه: ويقول: الله اكبر رافعا يديه مضمومتي الاصابع، ممدوده حذو منكبيه كالسجود، ويسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين وغيره نفسه. ثم يقبض علي كوع يسراه تحت سرته، وينظر مسجده، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ويسمع الامام من خلفه كقراءته في اولتي غير الظهرين وغيره نفسه ) هل اسماع الامام لمن خلفه علي سبيل الوجوب او علي سبيل الاستحباب؟ طالب: علي سبيل الاستحباب. الشيخ: هذا الذي يفيده كلام المءلف. طالب: كلام المءلف يفيد الوجوب، يقول: ( ويسمع ). الشيخ: كيف علمت ان كلامه يفيد الوجوب؟ الطالب: لقوله: ( ويسمع ). الشيخ: يسمع هذه خبر. طالب: قوله: ( وغيره نفسه ). الشيخ: ( وغيره نفسه ) فان اسماع غيره نفسه واجب. ولكن قوله: ( كقراءته في اولتي غير الظهرين ) قد يمنع من القول بانه واجب؛ لان قراءته في اولتي غير الظهرين لا يجب فيها الاسماع، طيب، ماذا يشمل قوله: ( كقراءته في اولتي غير الظهرين )؟ طالب: يشمل كل الصلوات التي غير الظهر والعصر، التي يجهر بها بالقراءه. الشيخ: مثل؟ الطالب: مثل في المغرب والعشاء والعيدين. الشيخ: والفجر. الطالب: وصلاه الاستسقاء والكسوف. الشيخ: اصبر نسيت الفجر. طالب: والفجر وصلاه الاستسقاء والكسوف والعيدين. الشيخ: وقيام رمضان. الطالب: ويوم الجمعه وقيام رمضان. الشيخ: قوله: ( وغيره نفسه ). ( غيره ) الضمير يعود علي من؟ طالب: الماموم. الشيخ: ( غيره ) يعود علي من؟ الضمير يعود علي من؟ الطالب: الضمير يعود علي الامام. الشيخ: اي غير الامام يسمع نفسه. طيب هل هناك قول اخر في المساله؟ ( غيره نفسه )؟ السءال: فهمنا ان الامام يسمع من خلفه وان غير الامام يسمع نفسه، فهل هناك قول اخر بعدم وجوب اسماع المصلي نفسه؟ طالب: (...) الامام لا يسمع. الشيخ: ما هو الامام؛ المصلي. طالب: نعم. الشيخ: فيه؟ الطالب: نعم. الشيخ: وما مناط الحكم، او ما العبره عند هءلاء الذين يقولون: لا يجب ان يسمع نفسه العبره بايش؟ طالب: العبره بمخارج الحروف. الشيخ: نعم، ان يخرج الحروف من مخارجها، فاذا اخرج الحروف فلا شرط، فليس بالشرط ان يسمع نفسه، وهذا القول هو الراجح. طيب، قال المءلف: ( ثم يقبض كوع يسراه ) ما هو الكوع؟ المراد المفصل اللي بين الكف؟ الطالب: والذراع. الشيخ: طيب، ( يقبض )، كيف القبض؟ طالب: (...) علي.. الشيخ: يضع ولا يقبض كذا؟ يمسك يعني. الطالب: (...). الشيخ: نعم. الطالب: وصيغه اخري بالوضع. الشيخ: بالوضع فقط، وكلا الامرين؟ الطالب: سنه. الشيخ: طيب، قول المءلف: ( تحت سرته )، ما هو الدليل علي هذا؟ طالب: الدليل استدل بقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه حيث قال: السنه ان يضع يمينه علي.. الشيخ: وضع اليد اليمني؟ الطالب: علي اليسري تحت السره. الشيخ: طيب، فيه قول اخر؟ طالب: قول انها فوق السره. الشيخ: انها توضع فوق السره، وقول ثالث؟ طالب: انها علي الصدر، توضع علي الصدر. الشيخ: طيب، وفيها ايضا قول رابع؟ طالب: توضع علي النحر. الشيخ: واقرب الاقوال الي الصحه؟ طالب: توضع علي الصدر. الشيخ: علي الصدر؛ لحديث؟ الطالب: لحديث ابن عمر، وحديث ما رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي امر الناس ان يضعوا . الشيخ: ان يضع الرجل . الطالب: الرجل اليد اليمني علي الذراع اليسري.. الشيخ: في الصلاه . فان ظاهر هذه الصفه؟ الطالب: علي الصدر. الشيخ: ان يكون علي الصدر؛ لانه ما يضع اليد اليمني علي الذراع الا وقد رفع اليدين، وفيها ايضا حديث واءل بن حجر. الطالب: انه كان النبي صلي الله عليه وسلم كان يضع يده علي صدره. الشيخ: اليمني علي اليسري فوق صدره. اما حديث علي فقد ضعفه كثير من اهل العلم ولم ياخذوا به. قال المءلف: ( وينظر مسجده ) اي موضع سجوده، ينظر: الضمير يعود علي المصلي، وهو شامل لمن يصلي وحده او مع الامام وللامام ايضا، يعني يشمل الامام والماموم والمنفرد، انتبه انه ينظر موضع سجوده، وعلي هذا كثير من اهل العلم، واستدلوا بحديث روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا انه كان ينظر الي موضع سجوده في حال صلاته ، وكذلك قالوا في تفسير قوله تعالي: {قد افلح المءمنون (١) الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المءمنون: ١، ٢] قالوا: ان الخشوع ان ينظر الي موضع سجوده. وقال بعض العلماء: بل ينظر الي حيث كان وجهه تلقاء وجهه، الا اذا كان جالسا فانه ينظر الي يده حيث يشير عند الدعاء، والا فانه ينظر تلقاء وجهه. وفصل بعض العلماء بين الامام والمنفرد وبين الماموم فقال: ان الماموم ينظر الي امامه ليتحقق من متابعته، ولهذا قال ابو الدرداء: كان النبي صلي الله عليه وسلم اذا سجد لم يحن احد منا ظهره حتي يقع رسول الله صلي الله عليه وسلم ساجدا، ثم نقع سجودا بعده . قالوا: فهذا دليل علي انهم ينظرون اليه. واستدلوا ايضا بما جري في صلاه الكسوف، حيث اخبر النبي صلي الله عليه وسلم الصحابه انه عرضت عليه الجنه وعرضت عليه النار وقال فيما عرضت عليه الجنه قال: «حيث رايتموني تقدمت» ، وفيما عرضت عليه النار قال: «حينما رايتموني تاخرت» وهذا يدل علي ان الماموم ينظر الي امامه. والامر في هذا واسع، ينظر الانسان ما هو اخشع له الا في الجلوس فانه ينظر الي اصبعه، يرمي ببصره الي اصبعه، حيث تكون الاشاره كما جاء ذلك في صحيح مسلم . واستثني اهل العلم من هذه المساله، بل بعض اهل العلم استثني ما اذا كان في صلاه الخوف، واستدلوا لذلك بان النبي صلي الله عليه وسلم بعث عينا فجعل ينظر الي ناحيه الشعب وهو يصلي لينظر الي هذا العين ، والعين هو الجاسوس، ولان الانسان يحتاج الي النظر يمينا وشمالا في حال الخوف. والعمل ولو كان كثيرا في حال الخوف مغتفر فكذلك عمل البصر، وهذا الاستثناء صحيح. واستثني بعض العلماء المصلي في المسجد الحرام وقالوا: ينبغي ان ينظر الي الكعبه؛ لانها قبله المصلي، ولكن هذا القول ضعيف، فان النظر الي الكعبه يشغل المصلي بلا شك؛ لانه اذا نظر الي الكعبه نظر الي الناس وهم يطوفون فاشغلوه، والصحيح ان المسجد الحرام كغيره ينظر فيه المصلي اما الي موضع سجوده او تلقاء وجهه . واما النظر الي فوق، الي السماء، فانه محرم، بل من كباءر الذنوب؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن ذلك واشتد قوله فيه حتي قال: «لينتهن -يعني الذين يرفعون ابصارهم الي السماء في الصلاه- او لتخطفن ابصارهم» ، وفي لفظ «او لا ترجع اليهم» ، وهذا وعيد، والوعيد لا يكون الا علي شيء من كباءر الذنوب. بل قال بعض العلماء: ان الانسان اذا رفع بصره الي السماء وهو يصلي بطلت صلاته، واستدلوا لذلك بوجهين: الوجه الاول: انه انصرف بوجهه عن جهه القبله؛ لان الكعبه في الارض وليست في السماء. والثاني: انه فعل محرما منهيا عنه في الصلاه بخصوصها، والفعل المحرم المنهي عنه في العباده بخصوصها يقتضي بطلانها، ولكن جمهور اهل العلم علي ان صلاته لا تبطل برفع بصره الي السماء، لكن هو علي القول الراجح اثم بلا شك ؛ لان الوعيد لا ياتي علي فعل مكروه فقط. اذن ينظر المصلي اما تلقاء وجهه والا الي موضع سجوده، ولكن ايهما ارجح: ينبغي ان يختار ما هو اخشع لقلبه، الا في موضع واحد، بل في موضعين: في حال الخوف، وفيما اذا جلس فانه يرمي ببصره الي موضع اشارته الي اصبعه كما جاءت به السنه عن النبي صلي الله عليه سلم. اما في حال الصلاه في المسجد الحرام والنظر الي الكعبه فان القول الصحيح انه لا ينظر . ومن العجيب ان القوم الذين قالوا: ينظر الي الكعبه قالوا: لان النظر الي الكعبه عباده، وهذا التعليل يحتاج الي دليل، من اين لنا ان النظر الي الكعبه عباده؟ يحتاج الي دليل هذا؛ لان اثبات اي عباده ان لم يكن له اصل من الشرع فانه يكون بدعه فيه، لو ان الانسان اغمض عينيه بحيث لا ينظر شيءا فهل هذا جاءز او لا؟ الصحيح انه مكروه ؛ لانه يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران، حيث يغمضون اعينهم، وقيل: انه ايضا من فعل اليهود، والتشبه بغير المسلمين اقل احواله التحريم كما قال شيخ الاسلام رحمه الله، فيكون اغماض البصر في الصلاه مكروها علي اقل تقدير، الا اذا كان هناك سبب، مثل ان يكون حوله ما يشغله لو فتح عينيه، فحينءذ يغمض تحاشيا لهذه المفسده. فان قال قاءل: انا اجد نفسي اذا اغمضت عيني اخشع مما اذا لم اغمض عيني، فهل تفتونني بان اغمض عيني؟ الجواب: لا؛ لان هذا الخشوع الذي يحصل لك بفعل مكروه من الشيطان فهو كخشوع الصوفيه في اذكارهم التي يتعبدون بها، وهي بدعه. والشيطان قد يلقي في قلبك او قد يبعد عن قلبك فلا توسوس اذا اغمضت عينيك من اجل ان يوقعك فيما هو مكروه، فنقول: افتح عينيك وحاول ان تخشع في صلاتك، اما ان تغمض عينيك لتخشع بدون سبب فلا؛ لان هذا من الشيطان. قال: ( وينظر مسجده ) ولا مسجده؟ طلبه: مسجده. الشيخ: يقولون: ان القياس مسجده لكن هذا جاء علي خلاف القياس بكسر الجيم. ( ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك ). ( سبحانك اللهم وبحمدك ) هذه جمله تتضمن التنزيه والاثبات، تتضمن التنزيه في قوله: ( سبحانك اللهم )، والاثبات في قولك: ( وبحمدك )؛ لان الحمد هو وصف المحمود بالكمال، فتكون هاتان الجملتان جامعتين للتنزيه، ويش بعد؟ طلبه: والاثبات. الشيخ: اولا قوله: ( سبحانك ) هذه اسم مصدر من سبح يسبح، والمصدر ايش؟ طلبه: تسبيح. الشيخ: واسم المصدر سبحان، قالوا: وهو داءما منصوب علي المفعوليه المطلقه محذوف العامل مضاف، ففيه ثلاثه اشياء؛ انه منصوب علي المفعوليه المطلقه داءما، والثاني؟ طلبه: محذوف العامل. الشيخ: والثالث؟ طلبه: مضاف. الشيخ: ومعناه: تنزيها لك يا رب، وعماذا تنزه الله؟ تنزهه عن كل نقص. والنقص اما ان يكون في الصفات او في مماثله المخلوقات، فصفاته التي يتصف بها منزه فيها عن كل نقص. يتصف بالعلم اي علم؟ العلم الكامل، بالحياه الكامله، بالسمع الكامل، بالبصر الكامل، وهكذا جميع الصفات التي يتصف بها هو فيها منزه عن النقص. كذلك منزه عن ان يوصف بصفه نقص محضه، ما هو بنقص في كمال، بصفه نقص محضه، مثل ان يوصف بالعاجز او بالظالم او ما اشبه ذلك، منزه عن مماثله المخلوقات ولو فيما هو كمال في المخلوق فان الله تعالي منزه عنه. فمنزه عن ان تكون صفاته الخبريه كصفات المخلوقين، مثل الوجه واليدين والقدم والعينين، منزه عن ان تكون هذه الصفات الخبريه كصفات المخلوقين، كذا؟ وان تكون صفاته الذاتيه كصفات المخلوقين، فعلمه ليس كعلم المخلوق؛ لان علم المخلوق كله نقص؛ نقص في ابتداءه لانه مسبوق بجهل، وفي غايته لانه ملحوق بالنسيان، وفي شموله لانه قاصر، حتي روحك التي بين جنبيك لا تعلم عنها شيءا {ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا} [الاسراء: ٨٥]، حتي ما تريد ان تفعله غدا لست علي يقين من ان تفعله، لكنك ترجو وتامل، والا فلا تعلم نفس ماذا تكسب غدا. اذن هذا نقص عظيم حتي في العلم، البشر ناقص اما الله عز وجل فانه كامل العلم. كذلك ايضا لا يماثل المخلوق في صفاته الفعليه، مثل الاستواء علي العرش، والنزول الي السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد، والرضا والغضب، وما اشبه ذلك، لا يماثل شيء من هذه الصفات لشيء من صفات المخلوقين، وان وافقها في الاسم فالاسم هو الاسم ولكن المسمي غير المسمي، الصفه هي الصفه ولكن الموصوف غير الموصوف، فلا تماثل بين الخالق والمخلوق. اذن ينزه الله سبحانه وتعالي عن ثلاثه اشياء: عن النقص في صفات الكمال، وعن صفات النقص المجرده عن الكمال، والثالث عن؟ الطلبه: (...). الشيخ: مماثله المخلوقين، وتمثيله بالمخلوقين نقص؛ لان تسويه الكامل بالناقص تجعله ناقصا، بل قال الشاعر: الم تـــــــــــر ان السيـــــــــف ينقــــص قــــــــــــــــدره اذا قيل: ان السيف امضي من العصــــــــــا لو قلت: والله عندي سيف عظيم وقمت تمدحه مدحا كبيرا فقلت: هو امضي من العصا، ماذا يكون تصور الانسان لهذا السيف بعد مدحك العظيم له اذا قلت: هو امضي من العصا؟ يهبط هبوطا عظيما، ولا تري لهذا السيف قدرا؛ لانك نفيت ان يكون مماثلا للعصا، وسيف يمكن ان يتصور الانسان مماثلته للعصا سيف لا خير فيه. اما الحمد فقلت: انه وصف المحمود بالكمال، الكمال الذاتي والفعلي، فالله سبحانه وتعالي كامل في ذاته، ومن لازم كماله في ذاته ان يكون كاملا في صفاته، كذلك في فعله، ففعله داءر بين العدل والاحسان، لا يمكن ان يظلم؛ اما ان يعامل عباده بالعدل واما ان يعاملهم بالاحسان، فالمسيء يعامله بالعدل {وجزاء سيءه سيءه مثلها} [الشوري: ٤٠] لا يمكن ان يزيد، والمحسن يعامله بالفضل {من جاء بالحسنه فله عشر امثالها} [الانعام: ١٦٠]. ففعله عز وجل داءر بين الامرين، ومن كان فعله داءرا بين الامرين هذين، وهما العدل والفضل، فلا شك انه محمود علي افعاله كما هو محمود علي صفاته. اذن جمعت الان بين التنزيه والكمال: ( سبحانك اللهم وبحمدك ) وعلي هذا فالواو تفيد معني المعيه، يعني: ونزهتك تنزيها مقرونا بايش؟ بالحمد. ( وتبارك اسمك ) اسم هنا مفرد لكنه مضاف، فيشمل كل اسم من اسماء الله. وهل المراد بالاسم هنا المسمي كما في قوله: «تباركت يا ذا الجلال والاكرام» ، ويكون المراد بـ( تبارك اسمك ) اي تباركت، كقوله: {سبح اسم ربك الاعلي} [الاعلي: ١] والمسبح من؟ الله المسمي، او ان المراد ان اسم الله نفسه كله بركه؟ واذا كان اسم المسمي بركه فالمسمي اعظم بركه واشد واولي. الثاني اظهر؛ لاننا نسلم فيه من التجوز بالاسم عن المسمي، ويفهمنا هذا ان تبارك الاسم تبارك لايش؟ للمسمي، اعطونا مثالا من بركه الاسم. مثال من بركه اسم الله: لو ذبحت ذبيحه بدون تسميه لكانت ميته نجسه حراما، صح؟ طالب: نعم. الشيخ: جيفه ولو سميت الله عليها كانت ذكيه طيبه حلالا، هذا من البركه، اذا سميت علي الطعام لم يشاركك الشيطان فيه هذه بركه، وان لم تسم شاركك، اذا سميت علي الوضوء علي قول من يري وجوب التسميه صح وضوءك، وان لم تسم بطل وضوءك، وعلي قول من يري استحبابها يكون وضوءك اكمل مما لو لم تسم. فهذه من بركه اسم الله عز وجل. وكل امر لا يبدا فيه بـ(باسم الله) فهو ابتر. ( وتبارك اسمك وتعالي جدك ): ( تعالي ) يعني ارتفع ارتفاعا معنويا، والجد بمعني العظمه، يعني ان عظمتك عظمه عظيمه عاليه، لا يساميها اي عظمه من عظمه البشر، بل من عظمه المخلوق كلهم. ( وتعالي جدك، ولا اله غيرك ). ( لا اله غيرك ) هذه هي كلمه التوحيد التي ارسل بها جميع الرسل {وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون} [الانبياء: ٢٥]، ومن كان اخر كلامه من الدنيا (لا اله الا الله) دخل الجنه، فهي من افضل الذكر او افضل الذكر. ومعناها: لا معبود حق الا الله، فاله بمعني مالوه، وهو اسم لا النافيه للجنس، وخبرها محذوف. و(الا الله): (الا) اداه استثناء، و(الله) بدل من الخبر المحذوف، هذا اصح ما قيل في معناها وفي اعرابها. اذن معناها: لا معبود حق الا الله، فهل هناك معبود باطل سوي الله؟ نعم، هناك معبود باطل سوي الله؛ لقوله تعالي: {ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل} [الحج: ٦٢]. وهذه الالهه وان سميت الهه فهي باطله {ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباءكم ما انزل الله بها من سلطان} [النجم: ٢٣]، هذه الكلمه لها مقتضي، مقتضاها التسليم التام لله عز وجل؛ لان العباده ماخوذه من الذل، ومنه طريق معبد؛ اي: مذلل مسهل، فمقتضي هذه الكلمه العظيمه الاستسلام لله تعالي ظاهرا وباطنا. فانت الان تخبر خبرا تنطقه بلسانك وتعتقده بجنانك بان الله هو المعبود حقا، وما سواه فهو باطل، ثم تامل كيف جاءت هذه الكلمه التي فيها توحيد الله بالوهيته بعد الثناء عليه؛ ليكون توحيده بالالوهيه مبنيا علي كماله، واضح؟ ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالي جدك ) كلها يتناول عظمه الكمال. ثم قال: ( ولا اله غيرك ) فيكون هذا السابق كالسبب المبني عليه اللاحق، يعني انه لكمال صفاتك لا معبود حق الا انت، ( ولا اله غيرك )، هذا هو دعاء الاستفتاح، وكان عمر رضي الله عنه علي ما روي عنه يستفتح بذلك رواه مسلم بسند فيه انقطاع، لكن وصله البيهقي؛ انه رضي الله عنه كان يستفتح بذلك، وهو احد الخلفاء الراشدين الذين امرنا باتباعهم، وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم مرفوعا لكن بسند ضعيف. هل هناك دعاء اخر يستفتح به؟ الجواب: نعم، فيه انواع، ولشيخ الاسلام ابن تيميه رساله في انواع الاستفتاحات؛ منها ما ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريره، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم اذا كبر للصلاه سكت هنيهه، فقلت: بابي انت وامي يا رسول الله، ارايت سكوتك بين التكبير والقراءه، ما تقول؟ قال: اقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» ، وهذا اصح من الحديث الذي فيه الاستفتاح بـ «سبحانك اللهم وبحمدك» الي اخره، لكن كل من النوعين جاءز وسنه، وينبغي للانسان ان يستفتح بهذا مره وبهذا مره؛ لياتي بالسنن كلها، وليكون ذلك احياء للسنه، ولانه احضر للقلب؛ لان الانسان اذا التزم شيءا معينا صار عاده له حتي انه لو غفل مثلا كبر تكبيره الاحرام وغفل ومن عادته ان يستفتح بـ «سبحانك اللهم وبحمدك» يجد نفسه قد شرع فيه بدون قصد، لكن اذا حاول ان يقول هذا مره وهذا مره صار في ذلك حضور القلب، فيحضر قلبه ويستحضر هذا او هذا فيدعو به. وهل يجمع بينهما؟ الجواب: لا، لا يجمع بينهما؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم اجاب ابا هريره حين ساله بانه يقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي» ولم يذكر «سبحانك اللهم وبحمدك» ، فدل هذا علي انه لا يجمع بينها. وقول المءلف: ( ويقول: سبحان اللهم وبحمدك ) الي اخره يشمل هذا صلاه الفريضه وصلاه النافله، وهل يدخل في ذلك صلاه الجنازه؟ طالب: لا. الشيخ: فيه خلاف بين العلماء، فمن العلماء من قال: يدخل؛ لانها صلاه، وكان الرسول يستفتح في صلاته. وقال بعض العلماء -وهو المشهور من مذهب الامام احمد-: انه لا استفتاح في صلاه الجنازه، لماذا؟ لانها مبنيه علي التخفيف، ولهذا ليس فيها ركوع وليس فيها سجود، وليس فيها تشهد، مما يدل علي ان الشارع لاحظ فيها ايش؟ التخفيف، ولعل هذا اقرب. وعلي هذا ففي صلاه الجنازه لا يستفتح، بل يستعيذ ويشرع في الفاتحه. *** قال المءلف رحمه الله: ( ثم يستعيذ ثم يبسمل ) يستعيذ بمن؟ بالله عز وجل، وممن؟ طلبه: من الشيطان. الشيخ: من الشيطان الرجيم وحذف المءلف ذلك للعلم به، لم يقل: يستعيذ بالله من كذا، من الشيطان الرجيم؛ لان هذا معلوم. يستعيذ فيقول: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لفاءدتين: الفاءده الاولي: طرد الشيطان عنه. والفاءده الثانيه: انه سيقرا، والانسان مشروع له عند قراءه القران ان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، بل قد قال بعض العلماء: انه يجب ان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لامر الله بذلك في قوله: {فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: ٩٨]. وما معني (اعوذ)؟ معناها: التجء واعتصم بالله، وهو سبحانه وتعالي الملجا لكل مءمن، لا ملجا منه الا اليه. والشيطان اسم جنس لا يختص بشيطان معين، بل هو شامل لجنس الشيطان. والشيطان مشتق من شطن، اي: بعد؛ لبعده عن رحمه الله، فان الله لعنه، اي طرده وابعده عن رحمته. وقيل: من شاط، اذا غضب؛ لان الشيطان طبيعته الطيش والغضب والتسرع وعدم التاني، ولهذا لم يتقبل امر الله سبحانه وتعالي بالسجود لادم، بل رده فورا وانكر السجود له {ااسجد لمن خلقت طينا} [الاسراء: ٦١]. وعلي كل فان الشيطان يحرص غايه الحرص علي ان يفسد علي المرء صلاته، فتجده ياتيه من كل باب، اذا سد بابا فتح عليه بابا اخر بسرعه، واذا سده فتح عليه بابا ثالثا، وهلم جرا، فلهذا شرع ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند ابتداء الصلاه لطرد الشيطان عنه، ولانه سوف يقرا القران. يقول: ( ثم يبسمل ) يعني يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، اتي المءلف من كل كلمه بحرف، اتي بالباء والسين والميم واللام، ويسمي علماء النحو هذا النوع من التصرف يسمونه النحت بالحاء؛ لان الانسان نحت الكلمات حتي استخلص منها هذه الكلمه. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وقد سبق لنا تفسير هذه الايه وبيان اعرابها، فقلنا في تفسيرها: ان الانسان يستعين بكل اسم من اسماء الله، واخذنا ان مراد كل اسم من اسماء الله اخذناه من ان (اسم) مفرد مضاف فيعم. ويتوسل المبسمل الي الله تعالي بوصف الرحمه؛ لان الرحمه تعين الانسان علي عمله، والانسان المبسمل يريد ان يستعين بالبسمله، بل باسماء الله علي اعماله. اما اعرابها فقد ذكرنا مرات كثيره ان اصح ما قيل فيها من الاعراب انها متعلقه. طلبه: بفعل. الشيخ: بفعل محذوف متاخر. طالب: مناسب. الشيخ: مناسب للمقال. ولماذا قلنا: انها متعلقه بفعل؟ لان الافعال هي الاصل في العمل، محذوف تبركا بالاقتصار علي اسم الله عز وجل، ولكثره الاستعمال، ومتاخر لان في تقديمه متاخرا فاءدتين: الفاءده الاولي: التبرك بتقديم اسم الله عز وجل. والفاءده الثانيه: الحصر؛ لان تقديم المعمول يفيد الحصر. وقدرناه مناسبا للمقام لانه ادل علي مقصود المبسمل؛ فانك اذا قلت: باسم الله وانت تريد القراءه فكيف يكون التقدير؟ طلبه: اقرا باسم الله. الشيخ: باسم الله اقرا، وهذا اخص مما لو قلت: باسم الله ابتدء؛ لان القراءه اخص من مطلق الابتداء. يقول: ( ثم يبسمل ثم يقرا ). طالب: (...) يمكن الاستدلال بهذه بحديث ابن مسعود (...). الشيخ: اي نعم. الطالب: (...). الشيخ: بماذا؟ الطالب: (...). الشيخ: حتي يقع ساجدا، ما قال: حتي ينقطع صوته. الطالب: (...). الشيخ: هذا خلاف الظاهر. طالب: (...). الشيخ: اي. هذه ستاتينا ان شاء الله: ثم يصلي الركعه الثانيه في الاولي. طالب: والبسمله يا شيخ. الشيخ: اي البسمله في كل صلاه ما فيها اشكال، في كل ركعه. طالب: السور مثلا يقرا ثلاث سور يعني.. الشيخ: يبسمل. طالب: يعني ورد حديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي ساله (...) بما حدث عن قراءه النبي صلي عليه وسلم في الظهر والعصر قال بتحرك لحيته (...). الشيخ: اي، وهذا يءيد القول هذا. طالب: الحديث الذي ورد يا شيخ (...) بانه قد قضي بينهما في الصلاه (...) في الصلاه؛ صحيح؟ الشيخ: لا، ضعيف. الطالب: (...). الشيخ: ما هو صحيح، يقول: انه ورد الحديث ان الرسول جمع بين «سبحانك اللهم وبحمدك» وقوله: «اللهم باعد» ، نقول: هذا غير صحيح، هذا شاذ. طالب: بعض المساجد تجد السجاد الذي فيه زخرفه، وهذا قد يشغل المصلي، فهل نقول له.. الشيخ: يقول: بعض المساجد فيها سجاد فيه زخرفه وهو يشغل المصلي فهل يغمض؟ طالب: يغمض يقاوم. الشيخ: ويش قلنا؟ طالب: لا. الشيخ: قلنا: اذا كان له سبب لا باس هذا داخل السبب. طالب: في قول لاهل علماء المغرب هذا مذهب الامام مالك (...) الحديث (...) النبي صلي الله عليه وسلم (...) كيف يكون مذهب الامام مالك وهو رواه في الموطا ؟ الشيخ: هذا ما هو مذهب مالك شخصيا، اصطلاحا يعني مذهب اصحاب مالك، اما مالك نفسه فلا. مثلما اصحاب الامام احمد احيانا يقولون قولا يكون هو المذهب عندهم اصطلاحا وليس مذهبه شخصيا يخالف نصه. طالب: يا شيخ، هل وردت الاستعاذه (...) اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. الشيخ: اي نعم فيها؛ ورد في حديث رواه ابو داود . طالب: في الصلاه لابي داود. الشيخ: في الصلاه نعم. طالب: في حديث عاءشه ما المراد بان الناس في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ينظرون الي اقدامهم، ثم في عهد ابي بكر ينظرون الي موضع السجود، وفي عهد عمر ينظرون الي الامام، وفي عهد عثمان..؟ الشيخ: والله ما ادري عن هذا الحديث، ما ادري عن صحته. طالب: سنده؟ الشيخ: اقول: ما ادري عن صحته. طالب: يقولون يا شيخ من حديث ابي هريره او قول ابي هريره رضي الله عنه ان الناس كانوا يرفعون ابصارهم الي السماء فلما انزل الله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المءمنون: ٢] صرفوا بابصارهم الي موضع السجود . الشيخ: نعم. الطالب: ما يدل علي ان النظر الي.. الشيخ: هذا لو صح لا باس، لكن الحديث فيه ضعف شديد. طالب: احسن الله اليكم، بالنسبه الي سءال الاخ يقول: انه قد يشاهد الماموم الامام وهو لا ينظر اليه ببصره؛ لان الانسان احيانا ينظر (...) للامام واقف لم يتحرك ويري علي جانبه او متقدما قليلا علي الرغم اني ما انظر اليه. طالب اخر: لان العين تاخذ من اليمين والشمال. الشيخ: هذه والله ما ادري ان كان الله خلق لك اربع عيون او خمس عيون! الطالب: كيف؟ الشيخ: اما عين واحده فيها بصر واحد ما يمكن تنظر الي الشمال والامام. الطالب: الان ما تلمح احدا عن يسارك ولا عن يمينك؟ الشيخ: لا، المحل اللي انا اركز عليه ادرك كيف فعل لكن الثانين خطف يكون يمكن خطف اعرف انك تتحرك ولا شيء. الطالب: احيانا يكون الماموم خلف الامام مثلا متقدما عن يمينه وبينما هو ينظر هكذا، ينظر حركه انسان يتحرك. الشيخ: انتم ما بالكم يا اخي تروحون وراء ليش انكم تحاولون يعني صرف النصوص عن ظاهرها. الطالب: ما حاولنا هذا. الشيخ: بلي. ما دام تقول حين رايتكم تاخرت، وما دام ابو الدرداء يقول يقع ساجدا هذا واضح انه ينظر اليه. *** الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله وبعد، فقد قال المءلف رحمه الله تعالي: ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرا، وليست من الفاتحه، ثم يقرا الفاتحه، فان قطعها بذكر او سكوت غير مشروعين وطال او ترك منها تشديده او حرفا او ترتيبا لزم غير ماموم اعادتها. ويجهر الكل بامين في الجهريه. ثم يقرا بعدها سوره تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من اوساطه، ولا تصح الصلاه بقراءه خارجه عن مصحف عثمان. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان الانسان اذا فرغ من التكبير فانه يضع يده اليمني علي اليسري اما قبضا واما وضعا، فالقبض معروف يقبض هكذا، والوضع يضع هكذا، وكلاهما جاءت به السنه، وسبق لنا ان العلماء اختلفوا هل تكون علي الصدر او علي السره او فوقها او تحتها او عند النحر، وان اقرب الاقوال ان تكون علي الصدر. وسبق لنا ايضا ان الانسان ينظر الي موضع سجوده لانه اخشع له، وقد ذكر كثير من المفسرين ان هذا هو معني الخشوع المذكور في قوله تعالي: {قد افلح المءمنون (١) الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المءمنون: ١، ٢]، وان العلماء اختلفوا في هذا؛ فمنهم من يقول هكذا ومنهم من يقول: ينظر الي تلقاء وجهه ما لم يكن ماموما، فانه ينظر الي امامه. ويستثني من ذلك حال التشهد في حال الجلوس؛ فانه ينظر الي سبابته حيث يشير بها. وذكرنا ان الاولي في ذلك ان ينظر ما هو انفع له واخشع. والذين قالوا: انه ينظر الي الامام الذي يظهر لي ان الذي ينظر الي الامام من كان قريبا منه، بحيث لا يستلزم التفاتا، فان استلزم التفاتا فالالتفات مكروه؛ قال النبي عليه الصلاه والسلام حين سءل عنه: «انه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاه العبد» . وذكرنا ان بعض العلماء استثني ما اذا كان تجاه الكعبه فانه ينظر اليها، وقلنا: ان هذا لا دليل عليه، والصحيح انه لا ينظر اليها تعبدا؛ لعدم وروده، بل ان النظر الي الكعبه والناس يطوفون سبب لانشغال الفكر والبصر. وذكرنا انه يستثني من ذلك ما اذا كان في خوف، فانه ينظر الي مكان الخوف؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم بعث عينا وجعل ينظر الي الشعب ينظر هل اتي او لا. وهناك دليل اخر، وهو عموم قوله تعالي: {وخذوا حذركم} [النساء: ١٠٢] فان من اخذ الحذر النظر للعدو ومن اين جاء. وذكرنا انه في مقابل ذلك يكره للانسان ان يرفع بصره الي السماء، بل الصحيح انه حرام ، وانه من الكباءر؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم توعد عليه ، وذكرنا خلاف العلماء فيما اذا رفع راسه الي السماء هل تبطل صلاته ام لا، وبينا ان الاقرب ايش؟ طالب: عدم بطلانها. الشيخ: عدم البطلان مع التحريم. *** الاستفتاح، بعد تكبيره الاحرام يستفتح الصلاه بما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم، والوارد عنه في الاستفتاح انواع، وقد بينا هل الافضل الاقتصار علي نوع واحد منها ولزومه ام الافضل ان يفعل هذا مره وهذا مره، وقلنا: الافضل؟ طالب: الثاني. الشيخ: الثاني. انه يفعل هذا مره وهذا مره وقلنا ان في ذلك؟ طالب: فواءد. الشيخ: ثلاث فواءد، اولا: احياء السنه، وثانيا؟ طلبه: اتباع السنه. الشيخ: وثالثا؟ طلبه: حضور القلب. طالب: بعد الملل عن الانسان. الشيخ: ودفع السامه ان كان فيه سامه. هذا هو الاولي. وذكرنا هل يشرع ان يجمع بين هذه الانواع في الاستفتاح، وقلنا: لا؛ لان حديث ابي هريره لما سال النبي صلي الله عليه وسلم ماذا يقول لم يقل له الا نوعا واحدا، وهذا يدل علي ان الانسان يقتصر علي نوع ولا يجمع. وشرحنا قوله: ( سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك )، ولكننا لم نشرح حديث ابي هريره. اما حديث ابي هريره رضي الله عنه فان النبي صلي الله عليه وسلم كان اذا كبر في الصلاه سكت هنيهه ، ومن حرص ابي هريره رضي الله عنه علي العلم بشهاده النبي صلي الله عليه وسلم له حين قال له: يا رسول الله، من اسعد الناس بشفاعتك؟ قال: «لقد ظننت الا يسالني احد عن هذا غيرك؛ لما اري من حرصك علي العلم» ثم قال: «اسعد الناس بشفاعتي من قال: لا اله الا الله خالصا من قلبه» . المهم انه لما راي النبي صلي الله عليه وسلم يسكت بين التكبير والقراءه، ومعلوم ان الصلاه ذكر كلها، ما من شيء منها الا وفيه ذكر قولي وفعلي، وما من امر مشروع فيها من الافعال الا وله ذكر، كل الافعال التي فيها مشروعه لها ذكر، علم انه لا بد ان يقول شيءا، فقال: ارايت سكوتك بين التكبير والقراءه ما تقول؟ وكلمه (ما تقول) تدل علي انه كان يعتقد انه يقول شيءا؛ لانه لم يقل: هل انت ساكت؟ قال: «اقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» ، فسال الله ان يباعد بينه وبين خطاياه كما يباعد بين المشرق والمغرب، وهذا -اعني المباعده بين المشرق والمغرب- هو غايه ما يبالغ فيه الناس، فالناس يبالغون في الشيءين المتباعدين اما بما بين السماء والارض واما بما بين المشرق والمغرب. ومعني باعد بيني وبينها هل المراد باعد بيني وبين فعلها بحيث لا افعلها، او باعد بيني وبين عقوبتها؟ طالب: يستلزم. الشيخ: نشوف. «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الابيض من الدنس» . وهذه الجمله تدل علي ان المراد بذلك الخطايا التي وقعت منه؛ لانه قال: نقني منها كما ينقي الثوب الابيض من الدنس؛ اي: كما يغسل الثوب الابيض اذا اصابه الدنس فيرجع ابيض. وانما ذكر الابيض لان الابيض هو اشد ما يءثر فيه الوسخ، بخلاف الاسود، ولهذا انتم في ايام الشتاء اذا لبستم الثياب السود تبقي عليكم شهرا او اكثر، لكن الابيض لا يبقي اسبوعا الا وقد تدنس، فلهذا قال: «كما ينقي الثوب الابيض من الدنس» ، وهذا ظاهر انه في الذنوب التي فعلها ينقي منها، وبعد التنقيه قال: «اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» ، اذن فالذي يظهر ان الجمله الاولي في المباعده الا افعل الخطايا، ثم ان فعلتها فنقني منها ثم ازل اثارها ايضا بزياده التطهير بالماء والثلج والبرد. هنا قال: «بالماء والثلج والبرد» الماء لا شك انه مطهر، لكن الثلج والبرد ما مناسبته هنا، مع ان المعروف ان الماء الساخن ابلغ في التنظيف؟ قال اهل العلم: لان الذنوب اثارها العذاب بالنار، والنار حاره، والحراره يناسبها في التنقيه منها الشيء البارد، فالماء فيه التنظيف، والثلج والبرد فيه التبريد؛ فلهذا جمع النبي صلي الله عليه وسلم بين ما فيه التنظيف وما فيه التبريد، وهذا لا شك انه وجه حسن طيب، هذا هو معني حديث ابي هريره رضي الله عنه. وبقي ان يقال: هل النبي صلي الله عليه وسلم يخطء ام ماذا؟ الجواب: قال النبي صلي الله عليه وسلم: «اللهم اغسلني من خطاياي» فاضاف الخطايا الي نفسه، وقال: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، علانيته وسره، واوله واخره» ، وقال الله تعالي: {واستغفر لذنبك وللمءمنين والمءمنات} [محمد: ١٩]، وقال الله تعالي: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر} [الفتح: ٢]، ولكن الشان كل الشان هل هذه الذنوب تبقي؟ الجواب: لا، فالنبي صلي الله عليه وسلم معصوم من الاقرار علي الذنب، معصوم من ذلك، بخلاف غيره فانه يذنب وقد يقر علي ذلك، ويستمر في معصيته، وقد لا يغفر له، اما النبي صلي الله عليه وسلم فانه مغفور له الذنب، ولا يقر عليه عليه الصلاه والسلام، بل لا بد ان ينبه عليه مهما كان الامر: {يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضات ازواجك والله غفور رحيم} [التحريم: ١] هذا هو فصل الخطاب في هذه المساله التي تنازع الناس فيها. "},{"Id":1709,"Name":"02 كتاب الصلاة 19","Sort":41,"Version":0,"LessonText":"

فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ» ، فأضاف الخطايا إلى نفسِه، وقال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» ، وقال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩]، وقال الله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢]، ولكن الشأن كلُّ الشأن هل هذه الذُّنوب تبقى؟
الجواب: لا، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم معصومٌ مِن الإِقرارِ على الذَّنبِ، معصومٌ مِن ذلك، بخلاف غيره، فإنه يُذنب، وقد يُقَرُّ على ذلك ويستمرُّ في معصيته، وقد لا يُغفر له، أما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فإنه مغفور له الذنب، ولا يقر عليه، عليه الصلاة والسلام، بل لا بُدَّ أن يُنبَّه عليه مهما كان الأمر: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: ١].
هذا هو فَصْلُ الخطاب في هذه المسألة التي تنازعَ النَّاسُ فيها، لكن هناك شيء معين مِن الذنوب لا شَكَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم معصومٌ منه، وهو الكذبُ والخيانة؛ لأنه لو قيل بجواز ذلك عليه لكان في ذلك قَدْحٌ في رسالته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فلا يمكن أن يقعَ منه.
كذلك أيضًا معصوم مما يُخلُّ بأصل العبادة وأصلِ الأخلاق، كالشِّركِ، وكسفاسف الأخلاق مثل الزِّنا وشبهه، هذا لا شَكَّ أنَّه معصومٌ منه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، لكن الخطايا التي بينه وبين ربِّه هذه قد تقعُ منه، ولكنها خطايا صغيرة تُكَفَّر، وقد غَفَرَ اللَّهُ له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر.
قلتُ: ذلك؛ لأن بعض العلماء رحمهم الله قالوا: إن كلَّ شيء وَصَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نفسَه به من الذُّنوبِ فالمراد ذنوبُ أُمَّتِه؛ لا ذنبه هو؛ لأنه هو لا يُذنب، وكلُّ خطيئة أضافها لنفسه فالمراد خطايا أُمَّتِه، ولا شَكَّ أن هذا قول فيه غلو، إذا كان الله قال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [محمد: ١٩]، فإن العطف يقتضي المغايرة، وليس في ذلك أيُّ قَدْح في أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقعُ منه بعض الذُّنوب الصغيرة، ولكنه لا يُقَرُّ عليها، ثم هو مغفورٌ له، وما أكثر ما يكون الإِنسان بعد المعصية خيرًا منه قبلها، كثيرًا من الأحيان يخطئ الإِنسان، يقع في معصية، ثم يَجدُ مِن قلبِه انكسارًا بين يدي الله عزّ وجل وإنابةً إلى الله، وتوبةً إليه، حتى إن ذَنْبَه يكون دائمًا بين عينيه، وإذا رأى نفسَه أنه مطيع، وأنه من أهل الطاعة صار عنده من العُجب والغرور وعدم الإِنابة إلى الله ما يفسد عليه أمر دينه، فالله عزّ وجل حكيم، قد يبتلي الإِنسان بالذنب ليُصلح حالَه، كما يبتلي الإِنسانَ بالجوع لتستقيم صحَّته، فالله عز وجل له حكمة.
هل حصل لآدم الاجتباء قبل الذنب أو بعد الذنب؟
الطلبة: بعد الذنب.
الشيخ: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ} [طه: ١٢٢]، بعد أن أذنبَ وتابَ؛ اجتباه ربُّه فتاب عليه وهدى، انظر إلى حال الذين تخلَّفوا في غزوة تبوك ماذا حصل لهم؟ لا شَكَّ أنه حصل لهم من الإِيمان، ورِفْعَةِ الدرجات، وعلوِّ المنزلة ما لم يكن قبل ذلك، هل يمكن أن تنزل آيات تُتلى إلى يوم القيامة في شأنهم لولا أنه حصل منهم ذلك ثم تابوا إلى الله؟
الطلبة: لا.
الشيخ: لا، فالمهمُّ أن الإِنسان لا يُعصم مِن الخطأ، ولكن الأنبياء عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ معصومون مما أشرنا إليه، ومعصومون مِن الإِقرار على الصغائر، بل لا بُدَّ أن يتوبوا منها.
بقية الاستفتاحات تكون طويلة، يقولها الإنسان في صلاة الليل؛ لأنها محل التطويل، ويقولها إن شاء إذا صلى وحده، أما إذا صلى في الجماعة فقد يشق على الجماعة أن يبقى الإمام ساكتًا في بعض الاستفتاحات الطويلة.
وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يستفتح، فيما أخبر به أبا هريرة ، وهو يصلي بالجماعة، فهو صلى الله عليه وسلم خير أسوة لنا.
يقول المؤلف رحمه الله: (ثم يستفتح، فيقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يستعيذ فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإن شاء قال: أعوذ بالسميع العليم -أو: بالله السميع العليم- من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه) والاستعاذة هذه مأمور بها للصلاة ولّا للقراءة؟
الطلبة: للقراءة.
الشيخ: للقراءة؛ إذ لو كانت للصلاة لكانت تلي تكبيرة الإحرام، أو قبل تكبيرة الإحرام، ولكنها للقراءة، وقد قال الله عز وجل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، فأمر الله تعالى بالاستعاذة من الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن؛ ليكون الشيطان بعيدًا عن قلب المرء وهو يتلو كتاب الله حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن، وتفهم معانيه، والانتفاع به؛ لأن هناك فَرْقًا بين أن تقرأ القرآنَ وقلبُك حاضرٌ وبين أن تقرأه وقلبُك لاهٍ.
إذا قرأته وقلبُك حاضرٌ حصل لك من معرفة المعاني والانتفاعِ بالقرآن ما لم يحصُلْ لك إذا قرأته وأنت غافل، وجرّبْ تجدْ.
فلهذا شُرع تقدم الاستعاذة على القِراءة في الصَّلاةِ وخارج الصلاة.
ومعنى: (أعوذ بالله) أي: ألتجئ إليه وأعتصم به؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الملاذُ وهو المعاذُ، أقول: هو الملاذُ وهو المعاذُ، فما الفَرْق بينهما؟
قال العلماء: الفَرْق بينهما: أن اللِّياذ لطلب الخير، والعياذ للفرار من الشرِّ، وأنشدوا على ذلك قول الشاعر:

\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

يَـــــــــا مَـــنْ ألُــــــوذُ بِــــهِ فِيـمَــا أُؤَمِّـــلُــــهُ	ومَــنْ أعُـــــــوذُ بِــهِ مِمَّـــــا أُحَــــــــــاذِرُهُ
لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسِرُهُ	وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ

\n
فهذا الفرق بين: لاذ بالله، وعاذ بالله.\n
وقوله: (\n مِن الشيطان الرجيم) الشيطان: اسمُ جنْسٍ يشمَلُ الشيطان الأول الذي أُمِرَ بالسُّجود لآدم فلم يسجدْ، ويشمَلُ ذُرِّيَّته.\n
وهو مِن شَطَنَ إذا بَعُدَ، أو مِن شَاطَ إذا غَضِبَ، والمعنى الأول: أنه من شطن هو الأقربُ؛ ولذلك لم يُمنعْ من الصَّرْفِ؛ لأنَّ النون فيه أصليّة.\n
وأما الرجيم: فهو فعيل بمعنى: راجم، وبمعنى: مرجوم؛ لأن فَعيلًا تأتي بمعنى: فاعل، وبمعنى: مفعول، فمِن إتيانها بمعنى فاعل: سميع، بصير، عليم، والأمثلة كثيرة.\n
ومِن إتيانها بمعنى مفعول: جَريح، وقَتيل، وكسير، وما أشبه ذلك.\n
فالشيطانُ رجيمٌ بالمعنيين، فهو مرجوم بلعنة الله -والعياذُ بالله- وطَرْدِه وإبعادِه عن رحمته، وهو راجم غيره بالمعاصي، فإن الشياطين تَؤزُّ أهلَ المعاصي إلى المعاصي أزًّا.\n
(\n ثم يستعيذ ثم يُبسمل) يقول: \n {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١]، والبسملة كما تقرؤونها تتضمَّن جارًّا ومجرورًا، وصفة وموصوفًا، الجار هي؟\n
\n الطلبة: بسم.\n
\n الشيخ: لا، الباء، والمجرور: اسم، والصفة؟\n
\n طالب: الله.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطلبة: الرحمن الرحيم.\n
\n الشيخ: الرحمن الرحيم، والموصوف؟ \n
\n الطلبة: الله.\n
\n الشيخ: الله.\n
ومضاف، ومضاف إليه، (اسم) مضاف إلى لفظ الجلالة.\n
هذه البسملة لا بُدَّ أن تكون متعلِّقة بشيء؛ لأن كُلَّ حرف جرٍّ لا بُدَّ أن يتعلَّق بشيء، كما قال الناظم:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

لَا بُــــدَّ لِلْــــجَارِّ مِــنَ التَّــعَــلُّــقِ	بِـفِـعْــــلٍ اوْ مَعْنَــــاهُ نَحْــــــــوَ مُـــرْتَــقِي
وَاسْتَثْنِ كُــــلَّ زَائِــدٍ لَــهُ عَمَـلْ	كَالْبَا وَمِنْ وَالْكَافِ أَيْضًا وَلَعَلْ

\n
فهنا (الباء) لا بُدَّ أن تتعلَّق بشيء، وأحسن ما قيل في متعلَّقها: إنه فِعْلٌ مؤخَّرٌ مناسب للمقام، فإذا كنت تسمِّي على قراءة فالتقدير: بسم الله أقرأ، وإذا كنت تُسمِّي على أكل: بسم الله آكل، وعلى شُرْب: بسم الله أشربُ، وعلى وُضُوء: بسم الله أتوضَّأ.\n
هنا الآن نقرأُ البسملةَ لنقرأ الفاتحةَ، فيكون التقدير فيها: بسم الله أقرأ.\n
وأما (الله) فهو عَلَمٌ على الرَّبِّ عزّ وجل، وأصلُه: إله، لكن حُذفت الهمزةُ تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وإله بمعنى: مألوه، والمألوه: هو المعبود محبَّة وتعظيمًا.\n
وأما (الرحمن): فهي اسمٌ مِن أسماء الله، وهي من حيثُ الإِعرابُ صفة، وهو ذو الرحمة الواسعة الواصلة لجميع الخلق.\n
(والرحيم) فعيل مِن الرحمة أيضًا، لكن رُوعِيَ فيها الفعلُ دون الصفة؛ كيف الفعل دون الصفة؟ لأن الرحمة وصف، والفعل إيصال الرحمة إلى مَن؟ إلى المرحوم.\n
يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف: (\n سِرًّا) يبسمل سِرًّا؛ يعني: إذا كانت الصَّلاةُ جهرًا.\n
أما إذا كانت الصلاة سِرِّية فإنه سوف يُسرُّ في البسملة وفي القراءة، فقوله: (\n سِرًّا) يعني: أنه لا يُسمعها المأمومين وإن كان يجهر بالقراءة، وذلك لأن أكثر الأحاديث الواردة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم تدلُّ على أنه كان يقرؤها سِرًّا، بل قد قيل: إنَّ كُلَّ حديث ذُكر فيه الجهرُ بالبسملة فهو ضعيف.\n
وإذا كان يقرؤها سرًّا.\n
قال المؤلف: (\n وليست من الفاتحة)، (ليست): الضَّميرُ يعودُ على مَن؟ على أي شيء؟\n
\n الطلبة: البسملة.\n
\n الشيخ: البسملة ليست من الفاتحة، بل هي آيةٌ مستقلّة يُفتتح بها كلُّ سورة مِن القرآن؛ ما عدا براءة، فإنه ليس فيها بسملة اجتهادًا من الصحابة، لكنه اجتهاد -بلا شك- مستندٌ إلى توقيف، كيف ذلك؟ لأننا نعلم لو نزلت البسملة بين الأنفال وبراءة لوجب بقاؤها؛ لأن الله يقول: \n {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]، فلمَّا لم نجدها عُلِمَ أن اجتهاد الصَّحابة كان موافقًا للواقع.\n
أليس كذلك؟\n
\n الطلبة: بلى.\n
\n الشيخ: لأنه لو كانت آية من القرآن بين الأنفال وبراءة لوجب بقاؤها ولا يمكن أن تزول.\n
نعم، ليست من الفاتحة، إذا لم تكن من الفاتحة، فإنه مِن المعلوم أنَّ الفاتحةَ سبعُ آيات، فكيف تُوزَّع السَّبع آيات على الفاتحة إذا أخرجنا البسملةَ منها؟\n
فالجواب: أنها توزَّع كالآتي:\n
\n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آية، \n {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الثانية، \n {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الثالثة، \n {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} الرابعة، \n {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} الخامسة، \n {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} السادسة، \n {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} السابعة.\n
هذا التقسيم هو المطابق للمعنى واللَّفظِ.\n
أما مطابقته للَّفظ: فلأننا إذا وزَّعنا الفاتحةَ على هذا القدر صارت الآيات متناسبة متقاربة.\n
لكن إذا قلنا: \n {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هذه الآية السادسة.\n
\n {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} صارت السابعة طويلة لا تتناسب مع الآيات السَّابقة، فهذا تناسبٌ لفظي.\n
التَّناسبُ المعنوي: أن الله تعالى قال: \n «قَسَمْتُ الصَّلَاة بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي»، كم هذه؟ ثلاث آيات كلُّها لله.\n
\n «فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» \n ، فيقتضي أن تكون النِّصفُ هي: \n {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، الرابعة.\n
\n {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦، ٧]، هذه الآيات، ثلاث آيات، لمن؟\n
\n الطلبة: للعبد.\n
\n الشيخ: للعبد فـ\n {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} المناسب من حيث المعنى أن تكون هي الآية الوسطى، ثلاث قبلها لله، وثلاث بعدها للعبد.\n
ثم هي أيضا \n {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} بين الله وبين العبد نصفين.\n
فإن قال قائل: إذا قلتم ذلك فكيف الجواب عمَّا نجدُه في المصاحف أن أول آية في الفاتحة هي البسملة؟ مكتوب فيها رقم واحد، و\n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}رقم اثنين.\n
نقول: هذا الترقيم على قول بعض أهل العلم، رُقِّمت على قول بعض العلماء، أنَّ البسملة آية من الفاتحة؛ ولهذا في بقية السُّور لا تُعدُّ مِن آياتها ولا تُرقَّم، والصَّحيحُ أنها ليست مِن الفاتحة، ولا مِن غير الفاتحة، بل هي آية مستقلَّة.\n
فإذا قال قائل: قلتم: إن البسملة آية مستقلَّة، ونحن وجدناها في كتاب الله آية ضمن آية في قوله: \n {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠]، قلنا: هذه حكاية وخبر عن كتابٍ صَدَرَ مِن سُليمان، وليس الإِنسان يقرؤها على أنه سيبتدئ بها مقدمة لما بعدها، لكنها مقدِّمة كتابٍ كَتَبَهُ سُليمان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ونَقَلَهُ اللَّهُ لنا عزّ وجل، فليس من هذا الباب.\n
يقول: \n (وليست من الفاتحة، ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحةَ).\n
(\n الفاتحة) أل هذه للعموم؟\n
يعني: يقرؤها كاملة بآياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها، أما هيئاتها فليست بشرط، الشرط: أن يقرأها مكملًا هذه الأمور الأربعة، وهي: آياتها، كلماتها، حروفها، حركاتها، فلو قرأت ستَّ آيات منها لم تصحَّ، ولو قرأ سبع آيات لكن أسقط (\n الضَّالين) لم تصحَّ، ولو قرأ كلَّ الآيات، ولم يسقط شيئًا منها، من الكلمات، لكن أسقط حرفًا مثل أن يقول: صراط الذين أنعم عليهم، فأسقط التاء، أيضًا لم تصحَّ.\n
في الحركات، لو أخلف الحركات فإنها لا تصح، لا تصحُّ إنْ كان اللَّحنُ يُحيل المعنى، وإلا صحَّت، ولكنه لا يجوز أن يتعمَّد اللَّحنَ وإنْ كان لا يُحيل المعنى، فلو قال: (أَهْدِنَا الصراط المستقيم)، ما تقولون؟ \n
\n الطلبة: لا تصح.\n
\n الشيخ: لم تصح؛ لأن المعنى يختلف، (أَهْدِنَا الصراط المستقيم) يعني: أعطنا إيَّاه هدية، لكن \n {اهْدِنَا}: دُلَّنا عليه، ووفِّقْنَا له، وَثَبِّتْنَا فيه.\n
ولو قال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ)؟\n
\n الطلبة: لم تصح.\n
\n الشيخ: لم يصحَّ؛ ليش؟ يختل المعنى، يكون الإِنعامُ مِن القارئ، وليس مِن الله عزّ وجل.\n
طيب، ولو قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ الْعَالَمِينَ)؟\n
\n الطلبة: لم تصحَّ.\n
\n الشيخ: لم تصحَّ، ليش؟ \n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: أسقط حرفًا؛ لأن الحرف المشدَّد عن حرفين، فإذا قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ الْعَالَمِينَ)، فإنها لا تصح الفاتحة؛ لأنه لا بُدَّ أن يقول: \n {رَبِّ الْعَالَمِينَ} إذن لا بُدَّ أن يقرأها تامَّة بآياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها.\n
فإن ترك آية، أو كلمة، أو حرفًا، أو حركة تخلُّ بالمعنى لم تصحَّ.\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: البسملة جهرًا ليس فيها سنة؛ لأن أحاديثها ضعيفة، لكن إذا صليت خلف إمام يقرؤها جهرًا، فتابع ولا تشذ.\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: يعني لا تشذ، تقول: والله هذا إمام مبتدع، ما أنا مصلي وراه.\n
\n طالب: إذا ضم الرحمن. \n
\n الشيخ: إذا ضم الرحمن ما يخل المعنى، لكنه لا يجوز أن يتعمده.\n
\n طالب: شيخ بالنسبة لما قال بعض العلماء: إن لفظة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم غير واردة، بل الواردة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، الواردة، أما هذه ما ترد في الحديث الصحيح، حتى الآية..\n
\n الشيخ: لكن مُجمع عليها، والله عز وجل يقول: \n {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [فصلت: ٣٦]، نفس الآية مسند الإجماع.\n
\n طالب: في آية ثانية: \n {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.\n
\n الشيخ: لا \n {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، صحح.\n
\n طالب: والحديث كذلك.\n
\n الشيخ: ما قال من الشيطان الرجيم: \n {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨].\n
\n طالب: إذا قلنا: الحديث يفسر الآية. \n
\n الشيخ: ما يفسر، نقول: هذا وجه ثانٍ.\n
\n طالب: بعض الأئمة يا شيخ تقرأ مثلًا الفاتحة على السليقة (...) البادية يقرؤها مثل لغة البادية، مثل أن يقول: اهدنا الصراط المستكيم.\n
\n الشيخ: هذا يقول: إن بعض البادية يقرؤون على سليقتهم، فيقول: اهدنا الصراط المستجيم، هل تصح؟ حدثني رجل كان عنده علم من اللغة يقول: إن القاف -جعلها مستجيم- إنها لغة عربية، بعضهم أيضًا يقول: \n {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلِيهُم.\n
\n الطلبة: فيه قراءة.\n
\n الشيخ: لا، عَلِيهُم بكسر اللام، القراءة أنه يفتح اللام ويضم الهاء \n {علَيهُم} هذه قراءة صحيحة سبعية، لكن هنا يقول: عَلِيهُم.\n
هذه ما تخل بالمعنى لكن لا يجوز للإنسان أن يتعمدها، بل يجب أن يعود لسانه على اللغة العربية الفصحى.\n
أيضًا بعض الناس يقول: (ولا الظالين) بالظاء، فهل نقول: إن هذا لا تصح قراءته الفاتحة؟ نقول: نعم، قال بعض العلماء هكذا؛ لأنه لا بد أن ينطق بها بحروفها، ولكن المشهور عندنا في المذهب –الحنابلة- أنه يعفى عن ذلك.\n
وعللوا هذا بأن في اعتبار التفريق بين الظاء والضاد حرجًا؛ لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يفرق، تجد بعض الأئمة يصلون بالناس ينطق بهذه الضاد ظاءً مغلظة، أيضًا يغلظها ليملأ فمه منها: ولا الظالين.\n
فنقول: هذا أمر يصعب على الناس أن يفرقوا بين الضاد والظاء، كما أن بعض الناس أيضًا يبالغ في الضاد، حتى أنها تَقرُب من الطاء، والوسط هو خير الأمور.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: يعني ما نقدر ننطقها.\n
\n طالب: يقولون: ما ينطقها إلا قليل.\n
\n الشيخ: هم يقولون، إي؛ لأنهم عودوا أنفسهم على هذا. \n
\n طالب: شيخ (...). \n

***

\n الطالب: وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحةَ، فَإِنْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ، أوْ سكوت غَيْرِ مَشْرُوعَيْن، وَطَالَ أَوْ تَرَكَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً، أَوْ حَرْفًا، أو تَرْتِيبًا لَزِمَ غَيْرَ مَأْمُومٍ إعَادَتُها، وَيَجْهُرُ الكُلُّ بِآمِينَ في الجَهْرِيَّة ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً تَكُونُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ وَفِي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ، وَلاَ تَصِحُّ الصَّلاةُ بِقِرَاءَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ثم يقرأ الفاتحة) أي: بعد البسملة يقرأ الفاتحة، و(\n ثم) هنا لا يُراد بها المعنى النحوي، أي أنها للترتيب والتراخي، بل هي لمجرد الترتيب؛ لأنه لا تراخي بين البسملة وقراءة الفاتحة، بل يُبسملُ ثم يَشرعُ في الفاتحة فَورًا.\n
(\n يقرأ الفاتحة) وهي معروفة، وهي أعظم سورة في كتاب الله، وأفضل سورة في كتاب الله، وسُمِّيت (\n فاتحة) لأنه افتُتِحَ بها المُصحفُ في الكتابة.\n
ولأنها تُفتتحُ بها الصَّلاةُ في القراءة، وليست يُفتتح بها كلُّ شيء؛ كما يصنعه بعض الناس اليوم إذا أرادوا أن يشرعوا في شيء قرؤوا الفاتحة، أو إذا أرادوا أن يترحَّمُوا على شخص قالوا: (الفاتحة) يعني: يقرؤوا عليه الفاتحة، فإن هذا لم يَرِدْ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.\n
والفاتحةُ هي أمُّ القرآن، وذلك لأن جميعَ مقاصدِ القرآن موجود فيها، فهي مشتملة على التوحيد بأنواعه الثلاثة، وعلى الرسالة، وعلى اليوم الآخر، وعلى طُرق الرُّسل، وجميعُ ما يتعلَّق بأصول الشَّرائع موجودٌ في هذه الفاتحة، ولهذا تُسمَّى \n «أمُّ الْقُرْآنِ» \n ، وتُسمَّى \n «السَّبْعُ الْمَثَانِي» \n ، كما صحَّ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.\n
وقد خصَّها الله بالذِّكْرِ في قوله: \n {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: ٨٧]، وعَطْفُ القرآن عليها من باب عَطْفِ العام على الخاص.\n
يقرأ الفاتحة، والفاتحة رُكْنٌ مِن أركان الصَّلاةِ، وشرطٌ لصحَّتها، فلا تصحُّ الصَّلاةُ بدونها؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: \n «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» \n ، وهذا النفي ليس نفيًا للوجود؛ لأنه قد توجد الصلاة بلا فاتحة وليست نفيًا للكمال، بل هي نفي للصحة؛ لأن الأصل فيما نفي أن يكون نفيًا لوجوده، فإن تعذر فهو نفي لصحته.\n
ونفي الصحة نفي للوجود الشرعي في الواقع، فإن لم يمكن صار النفي نفيًا للكمال، هذا ترتيب النفي، وعلى هذا فمن ادعى أن النفي نفي للكمال مع إمكان حمله على نفي الصحة فقوله مردود؛ لأن الأصل في المنفي عدم وجوده، فإن كان غير موجود قَدَرًا فهو نفي للوجود، وإن كان غير موجود شرعًا؛ يعني غير ثابت شرعًا فهو نفي للصحة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: \n «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، وصح عنه أنه قال: \n «كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِي خِدَاجٌ» \n ؛ أي: فاسدة، وصح عنه أنه قال: \n «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآَنِ» \n ، وكل هذه نصوص صريحة في تعيين قراءة الفاتحة، وعلى هذا فنقول: هي ركن في الصلاة.\n
ثم هل هي ركن في كل ركعة أو يجزئ أن تقرأ في أول ركعة أو في آخر ركعة، أو فيما بينهما، على خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنه إذا قرأ فاتحة الكتاب في الصلاة في أول ركعة أو في آخر ركعة أو فيما بين ذلك صدق عليه أنه قرأ بفاتحة الكتاب؛ لأن الفعل المطلق أو الأمر المطلق لا يشترط فيه التكرار.\n
ومن العلماء من قال: بل لا بد منها في كل ركعة، وهذا القول هو الصحيح، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته حين وصف له الركعة الأولى قال: \n «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» \n ، فكما أن الركوع والسجود والقيام والقعود ركن في كل ركعة، فكذلك قراءة الفاتحة، ولا فرق، ويدل لذلك أيضا مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها في كل ركعة ولم يحفظ عنه أنه أخل بها في ركعة من الركعات.\n
فعلى هذا نقول: الفاتحة ركن في كل ركعة، ولا تسقط إلا عن مسبوق أدرك الإمام راكعًا أو قائمًا، ثم شرع فيها وخاف أن يفوته الركوع قبل أن يتمها، فإن في هذه الحال تسقط، ودليل ذلك: حديث أبي بكرة رضي الله عنه \n حين دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فأسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف، ثم استمر في صلاته، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: «أَيُّكُمُ الَّذِي فَعَلَ هَذَا»، قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، قال: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» \n .\n
ولم يأمره بقضاء الرَّكعة التي أدركَ ركوعها، دون قراءتها، ولو كانت الركعة غير صحيحة لأمره بإعادة الركعة، كما أمَرَ المسيءَ في صلاتِهِ بإعادة الصلاة لعدم الإتيان بأركانها؛ ولأن القياس يقتضي ذلك فإن قراءة الفاتحة ركن في القيام، وهذا المسبوق سقط عنه القيام لمتابعة إمامه، فلما سقط عنه المحل سقط الحال؛ كما لو قُطعت يد إنسان؛ فإنه يسقط عنه غسلها في الوضوء؛ لعدم وجود المحل.\n
واختلف العلماء رحمهم الله، هل هي ركن أو واجب؟ وهل هي على الإمام والمأموم والمنفرد؟ على خلاف في ذلك طويل، ولكن أصح الأقوال وأجمعها للأدلة أنها ركن لا تصح الصلاة بدونها، لا في حق الإمام، ولا في حق المأموم، ولا في حق المنفرد، لا في الصلاة السرية ولا في الصلاة الجهرية.\n
ولولا أن النص ورد في وجوبها أو في ركنيتها في الصلاة الجهرية لكان القياس يقتضي أن من سمعها من إمامه لا تجب عليه لماذا ؟ لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم، ولهذا إذا قال: \n {وَلَا الضَّالِّينَ} فإننا نؤمن على دعائه، وهذا يدل على أن قراءته قراءة لنا، وإلا لكان تأميننا على قراءته عبثًا ولغوًا؛ ولأن الله عز وجل قال في حق موسى وهارون \n {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: ٨٩]، ومن المعلوم أن الذي دعا موسى حيث قال: \n {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨]، فجعل الدعاء لهما؛ لأن أحدهما يدعو والثاني يؤمن ويستمع.\n
ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، إذا دلت السنة على شيء بطل القياس، والسنة دلت على وجوب قراءتها على المأموم في صلاة الفجر، وصلاة الفجر صلاة جهرية، ففي حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم صلاة الفجر، فلما انصرف قال: \n «لَعَلَّكُمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ»، قالوا: نعم، قال: «لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» \n .\n
ولا يعارض هذا الحديث حديث أبي هريرة أنه قال: \n فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ مَا كَان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يجهرُ فيه \n .\n
فإن المراد انتهوا عن قراءة ما سوى الفاتحة، وكانوا بالأول يقرؤون كما يقرأ الإمام، ويخالجون الإمام وينازعونه القراءة، فالحاصل أن القول الراجح وجوب، بل ركنية قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، ولا تسقط إلا عن المسبوق إذا لم يتمكن من قراءتها قبل أن تفوته الركعة.\n
قال: (\n ثم يقرأ الفاتحة) ولا بد أن تكون القراءة متوالية يقول: (\n يقرأ الفاتحة) يفيد هذا القول: (\n يقرأ الفاتحة)، أنه لا بُدَّ أن يقرأ الفاتحةَ بجميع حروفها وحركاتها وكلماتها وآياتها، كم هذه؟\n
\n الطلبة: أربع.\n
\n الشيخ: أربع؛ الآيات، الكلمات، الحروف، الحركات، لا بد أن يقرأها بهذا، وهو مأخوذ مِن قول المؤلِّفِ: (\n الفاتحة)، فإن (أل) هنا للعهد الذِّهني؛ فيكون المراد به الفاتحة المعروفة التي فيها الآيات السَّبْع والكلمات والحروف والحركات، ولا بُدَّ أن تكون متوالية؛ يعني: ألا يقطعها بفصل طويل؛ بل لا بُدَّ أن تكون متوالية لماذا؟ لأنها عبادة واحدة، فاشتُرطَ أن ينبني بعضُها على بعض، كالأعضاء في الوُضُوء.\n
فالوُضُوء: الوجه، ثم اليدان، ثم الرأس، ثم الرجلان،كذا لا بُدَّ أن يتوالى غَسْلُ هذه الأعضاء الأربعة، كذلك سورة الفاتحة؛ الآية الأُولى، ثم الثانية، ثم الثالثة إلى آخره، لا بُدَّ أن تتوالى.\n
يقول المؤلف: (\n فإن قطعها بذِكْرٍ، أو سكوت غير مشروعين، وطَالَ لزم إعادتها).\n
إن قطعها بذكر يعني: لما قال: \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}جعل يُثني على الله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، والله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وقام يدعو بدعاء، ثم قال: \n {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.\n
نقول: هذا غيرُ مشروع، فإذا طال الفصلُ وَجَبَ عليك الإِعادة، كذلك لو قَطَعَها بسكوت، قال: \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم سَمِعَ ضَوضاءَ فسكت يستمعُ ماذا يقول النَّاسُ، وطال الفصلُ، فإنه يعيدها مِن جديد؛ لأنه لا بُدَّ فيها من التَّوالي، لكن اشترط المؤلِّفُ قال: (\n غير مشروعين) يعني: الذِّكْر والسُّكوت، فإن كانا مشروعين كما لو قَطَعَها بذكر دعاء أن يكون مِن الذين أنعمَ اللَّهُ عليهم، مثل لما مرَّ \n {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} قال: اللَّهُمَّ اجْعلنِي منهم، وألحقني بالصَّالحين. فهذا يسير، ثم هو جائز ولّا غير جائز؟ جائز بل هو مشروعٌ في صلاةِ الليل.\n
كذلك إذا سكتَ لاستماعِ قراءةِ إمامِه، وكان يعلم أن إمامَه يسكتُ قبل الرُّكوعِ سكوتًا يمكنه أن يكملها، فسكتَ استماعًا لقراءة إمامِه، ثم أتمَّها حين سكتَ الإِمامُ قبل الرُّكوعِ، فإن هذا السُّكوتَ مشروعٌ، فلا يضرُّ ولو طال.\n
قال المؤلف: \n (أَوْ تَرَكَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً، أَوْ حَرْفًا، أو تَرْتِيبًا لَزِمَ غَيْرَ مَأْمُومٍ إعَادَتُها).\n
\n (ترك منها تشديدة) مثل أن يقول: الحمد لله رَبِ العالمين، هذا ترك تشديدة، وهي تشديد الباء، وإنما لم يصح؛ لأن الحرف المشدّد عن حرفين، فإذا تَرَكَ التشديدَ نقصَ حرفًا.\n
كذلك لو تَرَكَ منها حرفًا، وهذا يقعُ كثيرًا مِن الذين يُدغمون، يقرؤها بسرعة ويدغم، فيسقط حرفًا، فيقول مثلًا: غير مغضوب عليهم، يسقط (أل)، فلا تصحُّ.\n
كذلك يقول: (\n أو ترتيبًا)، وهذا ينبغي أن يُضم للأمور الأربعة: إذا أخلَّ بترتيبها، فقال: \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} \n {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} \n {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فإنها لا تصح، لماذا؟ لأنه أخلَّ بالترتيب، وترتيب الآيات توقيفي من النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليس اجتهاديًّا، ولهذا كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلم يقول: \n «ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي مَكَانِ كَذَا مِنْ سُورَةِ كَذَا» \n ، فهو توقيفي، ولو لم يكن بالنسبة للفاتحة إلا قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم إيَّاها على هذا الترتيب الذي أجمعَ عليه المسلمون، فإذا أخل بترتيبها فقدم بعض الآيات أو بعض الكلمات على بعض فإنها لا تصح.\n
إذن ممكن نقول: الآيات، الكلمات، الحروف، الحركات، الترتيب، خمسة.\n
\n طالب: الموالاة.\n
\n الشيخ: الموالاة، هذه خارجة عن القراءة في الظاهر.\n
يقول: (...).\n
\n (لزِم غيْرَ مأْمُومٍ إعَادَتُها) (غير) بالنصب على أنها مفعول مقدَّم لـ(لزم)، وإعادة فاعل مؤخَّر، يعني: لزمت إعادتُها على غير المأموم؛ لماذا؟ لأن قراءة الفاتحة في حقِّ المأموم -على ما ذهب إليه المؤلف- ليست بواجبة، فلو تَرَكَها المأمومُ عمدًا -لو ترك الفاتحة عمدًا- لم يلزمه إعادتها، لماذا؟\n
لأن القراءة ليست ركنًا ولا واجبًا في حقه، ولكن مع ذلك يحرم عليه أن ينكِّس الآيات، أو أن يُنكِّس الكلمات، إنما من حيث وجوبُ إعادة الفاتحة لا يجبُ على المأموم، على ما ذهب إليه المؤلف.\n
وقوله: \n (لزم غير مأموم إعادتها) ظاهر كلامه: أنه يعيدُها من أولها، فلو أسقطَ (أل) مِن قوله: \n {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فظاهرُ كلامِه أنه يلزمه إعادة الفاتحة كلها؛ وليس هذا بوجيه، وقد لا يكون هذا مراده، بل يلزمه إعادة ما أخلَّ به وما بعدَه؛ لأن ما قبلَه وَقَعَ صحيحًا، والمدَّة ليست طويلة حتى نقول: إنه لو أعاد مِن حيث أخلَّ لَزِمَ طول الفصل بين الجزء الصَّحيح الأول والجزء الصَّحيح الثاني؛ لأن كلَّ الفاتحة لا تستوعب زمنًا طويلًا، وعلى هذا؛ فإذا أخلَّ بشيءٍ مِن آخرِها، فإنه لا يلزمه إلا إعادة ما أخلَّ به وما بعدَه.\n
إعادة ما أخلَّ به واضح لكن ما بعده؟ مراعاةً للترتيب، فإن كانت في أول الآية مثل: \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يلزمه مِن الأول؛ لأن كل ما حصل بعد هذا لا بد فيه من الترتيب.\n
\n (لَزِمَ غَيْرَ مَأْمُومٍ إعَادَتُها)، بقي علينا كيف يقرأ هذه السُّورة.\n
نقول: يقرؤها معربةً مرتَّبةً متواليةً، وينبغي أن يفصِلَ بين آياتِها، يقفَ عند كلِّ آية، فيقف سبعَ مرَّات، \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}فيقف، \n {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيقف، \n {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فيقف، \n {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيقف، \n {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فيقف، \n {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيقف، \n {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فيقف؛ \n لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يَقِفُ عند كلِّ آية \n ، وإن لم يقفْ فلا حرجَ؛ لأنَّ وقوفه عند كلِّ آيةٍ على سبيلِ الاستحبابِ، لا على سبيلِ الوجوبِ؛ لأنَّه مِن فِعْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم دون أمْرِه، وما فَعَلَه النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من دون أَمْرٍ مما يُتعبَّد به فهو للاستحباب، كما مر علينا في أصول الفقه: أنَّ الفعلَ المجرَّدَ يفيد الاستحباب؛ ولأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لمَّا عَلَّمَ المسيءَ في صلاتِه، بل لما أمره أن يقرأ ما تيسَّر مِن القرآن لم يقل: ورتِّل، أو: قِفْ عند كلِّ آية.\n
فإنْ قال قائل: ذكرتم أنه إذا أبدل حرفًا بحرف فإنَّها لا تصحُّ، فما تقولون فيمَن أبدَل الضَّادَ في قوله: \n {وَلَا الضَّالِّينَ} بالظاء؟\n
قلنا: في ذلك وجهان لفقهاء الحنابلة:\n
وجه: لا تصحُّ؛ لأنه أبدلَ حَرْفًا بحرف.\n
والوجه الثاني: تصحُّ، وهو المشهور مِن المذهب، وعلَّلوا ذلك بتقارب المخرجين، وبصعوبة التفريق بينهما، وهذا الوجه هو الصَّحيح، وعلى هذا فمَن قال: (غير المغظوب عليهم ولا الظالين) فصلاته صحيحة، ولا يكاد أحدٌ من العامة يُفرِّق بين الضَّاد وبين الظاء.\n
ومنها أيضًا يقول المؤلف: \n (ويجهرُ الكُلُّ بآمينَ في الجَهريَّة) مَن الكل؟ المنفرد، والمأموم، والإِمام بالجهرية.\n
أما الإِمام فواضح أنه يجهر بآمين؛ لأن ذلك ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام في قوله: \n «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» \n ، فعلَّق تأميننا بتأمين الإِمام، ولولا أننا نسمعُهُ لم يكن لتعْليقِهِ بتأمين الإِمامِ فائدة، بل لكان حَرَجًا على الأمة؛ ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم \n كان يجهرُ بـ(آمين) حتى يَمُدَّ بها صوتَه \n ، آمين.\n
وكذلك المأمومون يجهرون بها، كما كان الصَّحابةُ رضي الله عنهم يجهرون بذلك خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ حتى يرتجَّ المسجدُ بهم، وهذه السُّنَّةُ صحيحةٌ ثابتة.\n
لكن المنفرد نقول: إن جَهَرَ بقراءته؛ جَهَرَ بـ(آمين)، وإن أسرَّ، ودليل ذلك: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في صلاة السِرِّ كالظُّهر والعصر لا يجهر بآمين، وهذا يقتضي أنك إذا لم تجهر بالقراءة لم تجهر بآمين.\n
فالمنفرد الذي يقوم الليل مثلًا، أحيانًا يرى أن حضورَ قلبِه وقوَّة يقظته وطرد النوم عنه بالجهر، فيجهر \n كما فَعَلَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام حين صَلَّى بحذيفة بن اليمان. \n \n
فإذا جَهَرَ بالقراءة جَهَرَ بالتأمين، وأحيانًا يرى أن الإِسرار أفضل له وأخشع، وأبعد عن الرِّياء، أو أن هناك مانعًا يمنعه من\n
الجَهْر لكون مَن حولَه نيامًا، وما أشبه ذلك، فإذا أسرَّ بالقراءة فإنه يُسِرُّ بالتأمين، ولا يجهر به.\n
قوله: \n (بآمين في الجهريَّة)، ما معنى (آمين)، (آمين) معناها: اللَّهُمَّ اسْتجِبْ، وعلى هذا فهي اسمُ فِعْل، دعاء، واسمُ الفعل ما دل على معنى الفعل دون حروفه، أليس كذلك؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: ما دل على معنى الفعل دون حروفه (هلم): اسمُ فِعْلٍ؛ لأنه بمعنى أقبل، كذا.\n
(\n صَهْ) اسمُ فِعْلٍ بمعنى اسكتْ، أحيانًا أقول: (\n صَهٍ)، وأحيانًا أقول (\n صَهْ)، بينهما فَرْق، إن قلت: (\n صهٍ) يعني: اسكتْ عن كُلِّ شيء، إن قلت: (\n صَهْ): اسكتْ عن كلام معيَّن.\n
(آمين) قالوا: إنها بمعنى: اللَّهُمَّ اسْتجِبْ، فهي فِعْل دعاء، واسم الفعل ليس له اشتقاق.\n
قال الفقهاء: فإن شدَّدَ الميمَ بطلت الصَّلاةُ؛ لأنَّ معناها حينئذٍ: قاصدين، ولا وجه لذلك، ولهذا قالوا: يحرم أن يُشدِّد الميم، وتبطل الصَّلاةُ؛ لأنه أتى بكلامٍ مِن جنسِ كلام المخلوقين.\n
ومتى يقول: آمين؟\n
الإِمامُ إذا انتهى من قوله: \n {وَلَا الضَّالِّينَ}، قال: آمين، والمنفرد إذا انتهى من قوله: \n {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين.\n
والمأموم، قال بعضُ العلماءِ: يقول: (آمين) إذا فَرَغَ الإِمامُ مِن قول: آمين.\n
واستدلُّوا بظاهر قوله: \n «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» \n ، قالوا: وهذا كقوله: \n «إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» \n ، ومعلومٌ أنك لا تكبِّر حتى يفرغ الإِمامُ مِن التكبير، ولكن هذا القول ضعيف؛ ودليل ذلك أنه جاء مصرحًا به في لفظٍ آخر: \n «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: {وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ» \n .\n
وعلى هذا فيكون المعنى: إذا أمَّن؛ أي: إذا بَلَغَ ما يُؤمَّنُ عليه، وهو \n {وَلَا الضَّالِّينَ}، أو إذا شَرَعَ في التَّأمين فأمِّنوا؛ لتكونوا معه، لكن نسمع بعض الأحيان بعض الجماعة يتعجَّل؛ لا يكاد يصل الإِمام إلى النون من \n {وَلَا الضَّالِّينَ} إلا وقد قال: (آمين)، هذا خِلافُ السُّنَّةِ، وهذا نوعٌ مِن مسابقة الإِمام؛ لأنَّ الإِمامَ لم يَصلْ إلى الحدِّ الذي يُؤمَّنُ على قوله فيه حتى يختم قوله: \n {وَلَا الضَّالِّينَ}.\n
يقول المؤلف: \n (ويجهرُ الكُلُّ بآمينَ في الجَهريَّة).\n
لم يفصح المؤلِّف -رحمه الله- هنا عَمَّا إذا لم يعرفْ الفاتحةَ هل يلزمه أن يتعلَّمها؟\n
الجواب: نعم؛ يلزم أن يتعلَّمها؛ لأن قراءتَها واجبةٌ، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، كعادم الماء؛ يجب عليه طلبُه وشراؤه إنْ كان يُباع؛ لأنَّ ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ.\n
وليس هذا من باب: ما لا يتمُّ الوجوب؛ لأن وجوب الفاتحة ثابتٌ، فيلزم أن يتعلَّم هذه السُّورة، فإن ضاق الوقتُ قرأ ما تيسَّرَ من القرآن من سواها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: \n «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» \n ، فإن لم يكن معه قرآن فإنه يُسَبِّحُ: (سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللَّهُ أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله) كم هذه؟ خمس كلمات، فإذا قال قائل: كيف يجزئ الخمس عن السَّبع؛ لأن الآيات في الفاتحة سَبْع؟\n
فالجواب: أنه لا يلزمُ أن يكون البدلُ مساويًا للمُبدل منه، أَلا ترى أنَّ كسوةَ العشرة في كفَّارة اليمين لا يساويها إطعامُهم في الغالب، ولا تساوي عِتْقَ الرَّقَبة أيضًا، فالبدلُ لا يلزم منه مساواة المُبدل منه، لكن قال فقهاؤنا رحمهم الله: إذا كان عنده شيءٌ من القرآن سوى الفاتحة وجب عليه أن يقرأ منه بقَدْرِ الفاتحة، وفرَّقوا بين هذا وبين الذِّكر؛ بأن ما يَقدر عليه من جنس ما عَجز عنه؛ فوجب أن يكون مساويًا له، بخلاف البدل المحض فإنه لا يلزم.\n
فصارت المراتب الآن: قراءة الفاتحة، فإن عجز فبما تيسَّرَ مِنَ القرآن مِن غيرها، فإن عَجَزَ فالتَّسبيحُ، والتَّحميد، والتَّكبير، والتَّهليل والحَوقلة.\n
إذا قال قائل: إذا لم أجد مَنْ يُعَلِّمني إيَّاها إلا بأُجرة، فهل يلزمُني دفع الأجرة إليه؟\n
الجواب: نعم؛ كما لو لم أجد ماءً إلا ببيع، فإنه يلزمُني شراؤه للوُضُوء، ولكن يبقى النَّظرُ: هل يجوز للآخر أن يطلب أُجْرةً على تعليم القرآن؟\n
الجواب الصحيح: الجواز؛ لعموم قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» \n ، وهذا الذي استأجر، أو طَلَبَ الأُجرةَ، طَلَبَ على عَمَلٍ متعدٍّ وهو التَّعليم، بخلاف مَن طَلَبَ أُجرة على القِراءة، فإنه لا يجوز، لو جاء واحد وقال: أنا بقرأ سورة البقرة وتُعطيني كذا وكذا، قلنا: هذا حَرام، أمَّا إذا قال: أعلِّمُكَ إياها بكذا وكذا؛ فهذا جائز، ولهذا \n زوَّجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ الذي لم يجدْ مهرًا، زوجه المرأة بما معه من القُرآن \n ، يعلِّمُها إيَّاه.\n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك (...) بعض أهل العلم بقولهم بأنهم أجمعوا على أن قول الله عز وجل \n {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] أنها نزلت في الصلاة، ولما قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن قراءة المأموم حال قراءة الإمام عبث لا تتم به الجماعة.\n
\n الشيخ: نعم، كما قلنا قبل قليل، قلنا: نعم هي عامة في غير الفاتحة؛ لأن الفاتحة دل النص على وجوب قراءتها، فتكون أدلة وجوب قراءة الفاتحة مخصصة لعموم الآية.\n
وأما قول شيخ الإسلام: إنها عبث، فهذا من الكلمات التي نرجو الله أن يعفو عنه بها، فكيف تكون عبثًا، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: \n «لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» \n .\n
ثم إنه يرد على ذلك ما إذا جاء بعد أن قرأ الإمام الفاتحة، وهو في السورة اللي بعدها، فأين تذهب الفاتحة في حق هذا الرجل، لا قرأها ولا استمع إليها. \n

***

\n الطالب: (...) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n وَيَجْهُرُ الكُلُّ بِآمِينَ في الجَهْرِيَّة ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً، تَكُونُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ، وَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ بِقِرَاءَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ ثَمَّ يَركَع.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
الجهر سبق لنا أنه يكون في أولتين غير الظهرين، صلاة الليل؛ الفرائض معروف فيها الجهر، وصلاة النفل إن كانت تقام جماعة فالسنة فيها الجهر وإن كان الإنسان منفردًا فإنه يُخير بين الإسرار والجهر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّ حذيفة بن اليمان فجهر \n ، وأمَّ ابن عباس \n والظاهر أنه لم يجهر، فإذا كانت القراءة جهرًا أنشط له فليقرأ جهرًا، وإن كانت القراءة سرًّا أخشع له فليقرأ سرًّا، وإن تساوى الأمران احتمل أن يقال بالجهر؛ لأنها صلاة ليلية، واحتمل أن يقال بعدمه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الراتبة في العشاء لا يجهر.\n
ثم قال المؤلف رحمه الله: \n (وَيَجْهُرُ الكُلُّ بِآمِينَ في الجَهْرِيَّة ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً)، قوله: \n (ثُمَّ يَقْرَأُ) هل (ثم) هنا على معناها الأصلي؟ أي أنها تفيد الترتيب والتراخي، أو لمجرد الترتيب؟\n
هذا مبنيٌّ على القول باستحبابِ السُّكوتِ بعدَ الفاتحة أو عدمِه.\n
فإن قلنا: باستحباب السُّكوتِ -وهو المذهب- صارت (ثم) هنا على معناها الأصلي؛ أي أنها للتَّرتيب والتَّراخي، وعلى هذا فيسكتُ الإِمامُ بعدَ الفاتحةِ سكوتًا، ولكن كم مقدار هذا السُّكوت؟\n
قال بعض العلماء: إنه بمقدار قراءة المأموم سُورةَ الفاتحةِ، وعلى هذا؛ فيكون طويلًا بعضَ الشَّيء.\n
وقيل: بل إنه سكوت ليترادَّ إلى الإِمام نَفَسُه، وليتأمَّل ماذا يقرأ بعدَ الفاتحةِ، وليشْرَع المأموم في قراءة الفاتحة حتى يستمرَّ فيها؛ لأن الإِمام لو شَرَعَ فورًا بقراءة السُّورة لم يبدأ المأموم بالقراءة، وحينئذٍ تفوته.\n
والصَّحيح أن هذه السَّكتة سكتة يسيرة؛ لا تشرع بمقدار أن يقرأَ المأمومُ سُورةَ الفاتحة، بل السُّكوت بمقدار أن يقرأ المأمومُ سُورةَ الفاتحة إلى البدعة أقرب منه إلى السُّنّة؛ لأن هذا السُّكوتَ طويلٌ، ولو كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسكتُه؛ لكان الصَّحابةُ يسألون عنه، كما \n سألَ أبو هريرة رضي الله عنه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن سُكوته فيما بين التكبير والقِراءة \n ، فالصَّحيح أنَّها سكتةٌ يسيرة فيها هذه الفوائد:\n
أولًا: التَّمييز بين القِراءةِ المفروضةِ والقراءة المستحبَّة.\n
وثانيًا: ليترادَّ إليه النفسُ.\n
وثالثًا: لأجل أن يشرع المأمومُ بالقِراءة.\n
ورابعًا: ربما لا يكون قد أعدَّ سورةً يقرأ بها بعدَ الفاتحة، فيتأمَّل ماذا يقرأ.\n
\n (ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا)، أي: بعدَ الفاتحة، وأفاد قوله: (\n بعدَها) أنه لا تُشرع القراءةُ قبل الفاتحة، فلو نسيَ فقرأ السُّورةَ قبل الفاتحةِ أعادها بعد الفاتحة؛ لأنه ذِكْرٌ قالَه في غير موضعه فلم يجزئ، بل لا بد أن يعيد.\n
\n (يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً) وهذه القراءة على قول جمهور أهل العلم بل عامتهم سُنَّةٌ، وليست بواجبةٍ؛ لأنه لا يجب إلا قراءة الفاتحة.\n
وأفادنا المؤلِّف بقوله: (\n سُورة) إلى أنَّ الذي ينبغي للإِنسانِ أن يقرأَ سورةً كاملةً، لا بعضَ السُّورة، ولا آيات من أثناء السُّور؛ هذه هي السنة أن يقرأ سورة ولكن هل يفرقها بين الركعتين سيأتي الكلام عليه.\n
المهم ألا يقرأ آيات من أثناء السور؛ لأن ذلك لم يَرِدْ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أطلقه ابن القيم، قال: لم يكن من هديه أن يقرأ آيات من أثناء السور.\n
ولكن ورد بل ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام: \n قرأ في سُنَّةِ الفجر آيات من السُّور، فكان أحيانًا يقرأ في الرَّكعة الأُولى: \n {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦] \n الآية، وفي الثانية: \n {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤] \n ، والأصل: أن ما ثَبَتَ في النَّفْل ثَبَتَ في الفرض؛ وهذه قاعدة دلت عليها السنة؛ أن ما ثبت في نفل الصلاة فهو ثابت في الفرض، إلا بدليل، وما ثبت في الفرض فهو ثابت في النفل إلا بدليل؛ لأنها عبادة من جنس، والأصل اتفاقها في الأحكام، ويدلُّ لهذا: أن الصَّحابة رضي الله عنهم لما حَكَوا \n أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته يُوتِرُ عليها قالوا: غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبةَ .\n
فلما حَكَوا أنه يوتر، ثم قالوا: غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة، دَلَّ ذلك على أنَّ المعلومَ أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفل ثبتَ في الفرض.\n
على كُل حال؛ نرى أنه لا بأس أن يقرأ الإِنسانُ آيةً من سورةٍ في الفريضة وفي النافلة، وربما يُستدل له أيضًا بعموم قوله تعالى: \n {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، لكن السُّنَّة والأفضل أن يقرأَ سورةً، والأفضلُ أن تكون كاملةً في كلِّ ركعة، فإن شَقَّ فلا حَرَجَ عليه أن يقسم السُّورة بين الركعتين؛ \n لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ ذات يوم سورة المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، فلما وصل إلى قصة موسى وهارون أخذته سَعْلةٌ فَرَكَعَ \n ، فدلَّ هذا على جواز قَسْمِ السُّورة؛ لا سيَّما عند الحاجة.\n
وقوله: (\n سُورة) السورة هي طائفة من القرآن لها أول ولها آخر، سُميت بذلك؛ لأنها مسورة بابتداء وانتهاء، يعني لها محيط في الأول وفي الآخر، ومنه قيل للحائط المحيط بالبيت سور.\n
قوله: (\n سُورة) يلزم من قراءة السُّورة أن يقرأَ قبلها: \n (بسم الله الرحمن الرحيم)، وعلى هذا؛ فتكون البسملةُ مكرَّرة كم مرة؟\n
\n الطلبة: مرَّتين.\n
\n الشيخ: مرَّتين: مرَّة للفاتحة، ومرَّة للسُّورة، أما إنْ قرأ مِن أثناء السُّورة فإنه لا يُبسمل؛ لأن الله لم يأمر عند قراءة القرآن إلا بالاستعاذةِ، وأما البسملة فإنها لا تكون في أواسط السُّور.\n
يقول المؤلف: \n (تَكُونُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ) (تكون) أي: السُّورة، (\n في الصبح) أي: في صلاة الصُّبح، (\n من طِوال المُفصَّلِ) بكسر الطاء، ولا يقال: طُوال؛ لأن طُوال صفة للرَّجُل الطويل، وأما طِوال بالكسر فهي جمع طُول، أي: سُورة من السُّور الطِوال مِن المفصل.\n
المفصَّل ثلاثة أقسام، كما يدلُّ عليه كلام المؤلِّف: منه طِوال، ومنه قِصار، ومنه وسط، فمِن (ق) إلى (عَمَّ) هذا هو الطِوال، ومِن (عَمَّ) إلى (الضُّحَى) أوساط، ومُن (الضُّحَى) إلى آخره قِصار.\n
وسُمِّيَ مُفصَّلًا لكثرة فواصله؛ لأن سُورَهُ قصيرةٌ، فلهذا سمي مفصلا.\n
من (ق) إلى آخر (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أربعة أجزاء وشيء أو لا؟ يساوي البقرة وآل عمران، ورُبعًا مِن النساء، وشيئًا قليلًا، تكون في الصُّبح مِن طِوال المُفصَّل؛ لماذا؟ لأن الله عزَّ وجلَّ نصَّ على القرآن في صلاة الفجر فقال: \n {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]، فَعبَّرَ عن الصَّلاةِ بالقرآن إشارةً إلى أنَّه ينبغي أن يكون القرآن مستوعِبًا لأكثرها، وهو كذلك، ولهذا بقيت صلاةُ الصُّبح على ركعتين لم تُزَدْ، بينما الظُّهر والعصر والعشاء كلها زِيدت.\n
قال المؤلف: \n (وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ) يعني: من الضُّحى إلى آخره هذا هو الأفضل.\n
\n (وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ) من عَمَّ إلى الضحى دليل ذلك السُّنَّة الواردة عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام؛ فإن الغالب مِن فِعْلِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هو هذا.\n
لكنه أحيانًا يقرأ في الفجر مِن القِصَار، وفي المغرب من الطِوال، فمرَّة صَلَّى الفجرَ بـ\n {إِذَا زُلْزِلَتِ} قرأها مرتين في الرَّكعتين، ومرَّة في المغرب قرأ بسُورة الأَعْرَافِ، وقرأ بسورة الْطُّور ، وقرأ بـ(المرسلات)، وكلُّ هذا من أطول ما يكون من السُّور، فدلَّ ذلك على أنه ينبغي للإِمام أن يكون غالبًا على ما ذَكَرَ المؤلِّفُ، ولكن لا بأس أن يطيل في بعض الأحيان في المغرب، ويُقَصِّرَ في الفجر.\n
وقول المؤلف: \n (وفي الباقي من أوساطه) الدليل على ذلك؛ \n أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرشد معاذَ بنَ جَبَلٍ أن يقرأ في صلاة العشاء بـ(سَبِّحِ) والغاشية و(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)، و(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) \n ، ونحوها، فدلَّ هذا على أن هذا هو الأفضل.\n
وهنا سؤال: هل يجوز أن يقرأَ الإِنسانُ بالسُّورةِ في الرَّكعتينِ بمعنى أنْ يكرِّرها مرَّتين؟\n
الجواب: نعم، ولا بأس بذلك، والدَّليلُ فِعْلُ الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ \n أنه قرأ: (إِذَا زُلْزِلَت) في الرَّكعتين جميعًا \n ، أي: كرَّرها.\n
لكن قد يقول قائل: لعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَسِيَ؛ لأنَّ مِن عادته أنه لا يُكرِّر السُّورة.\n
والجواب عن هذا: أن يُقال: احتمالُ النسيانِ وارد، ولكن أقوى منه احتمال التشريع؛ أي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كرَّرها تشريعًا للأمة؛ ليبيِّن للأمة أن ذلك جائز، يُرجّح احتمالِ النسيان أنَّ العادة من فِعْلِ الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ألا يكرر، ويرجح احتمال التشريعُ أن الأصل في فِعْلِ الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ التشريعُ، وأنه لو كان ناسيًا لنبّه عليه، وهذا الأخيرُ -أي: أنَّ ذلك مِن باب التشريع- أحوطُ وأقربُ إلى الصَّوابِ، وأنه يجوز للإنسان أحيانًا أن يكرر السورة ولا بأس.\n
قال: \n (وفي الباقي من أوساطه).\n
بحث المؤلف الشارح -رحمه الله- تنكيس السُّور، والآيات، والكلمات، والحروف، وإن كان لم يبحث في هذه الأربعة، ولكن نحن الآن نبحث فيها، تنكيس السُّور وتنكيس الآيات وتنكيس الكلمات وتنكيس الحروف.\n
أما تنكيس الحروف؛ فهذا لا شك في تحريمه؛ بمعنى أن تكون الكلمة مشتملة على ثلاثة أحرف؛ فيبدؤها الإنسان مِن آخرها مثلًا، هذا لا شكَّ في تحريمه، وأنَّ الصَّلاةَ تبطلُ به؛ لأنه إخراج للقرآن عن الوجه الذي تكلَّم الله به، كما أن الغالب أنَّ المعنى يختلفُ اختلافًا كبيرًا.\n
وأما تنكيس الكلمات؛ أي: أن يبدأ بكلمة قبل الأُخرى، مثل أن يقول: الحمد لربِّ العالمين، الله الرحمن الرحيم، فهذا أيضًا محرَّم بلا شكٍّ؛ لأنه إخراجٌ لكلامِ الله عن الوجه الذي تكلَّم اللَّهُ به.\n
تنكيس الآيات أيضًا؛ محرَّم على القول الرَّاجح؛ لأن ترتيب الآيات توقيفي، ومعنى توقيفي: أنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا تَجِدُ أحيانًا بعضَ الآيات بين آيات لا يَظهرُ لك تَعَلُّقُها به، مما يدلُّ على أن الأمر توقيفي مثل قوله تعالى: \n {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، وقوله: \n {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} الآية [البقرة: ٢٤٠].\n
أيهما أسبق قراءة؟\n
\n الطلبة: الثانية.\n
\n الشيخ: لا، الأولى أسبق، الأولى سابقة عليها في القراءة.\n
وأيهما أسبق نزولا؟\n
\n الطلبة: الثانية.\n
\n الشيخ: الثانية، ولو كان التَّرتيبُ غيرَ توقيفي؛ لكان على حسب النُّزولِ، لكنه توقيفي، أي أن الأمر فيه موقوف على ورود الشرع به، وعلى هذا فيحرم تنكيس أيش؟\n
\n الطلبة: الآيات.\n
\n الشيخ: الآيات، هذه ثلاثة أشياء.\n
تنكيس السور يُكره، وقيل: يجوز، وأظن فيه قولًا بالتحريم فهذه ثلاثة أقوال.\n
أما الذين قالوا بالجواز فاستدلُّوا: بحديث حذيفة بن اليمان، الذي في \n صحيح مسلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: \n قامَ مِن اللَّيلِ فقرأَ بسورةِ البقرةِ، ثم بالنِّساءِ، ثم آل عمران \n ، وهذا على غير التَّرتيبِ المعروف، قالوا: وفِعْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم دليلٌ على الجواز.\n
وأما الذين قالوا بالكراهة، فقالوا: إنَّ الصَّحابةَ رضي الله عنهم وَضَعُوا المُصحفَ الإِمام -الذي يكادون يُجمعون عليه- في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وَضَعوه على هذا التَّرتيب، فلا ينبغي الخروجُ عن إجماعهم، أو عمَّا يكون كالإِجماع منهم؛ لأنَّهم سلفُنا وقدوتُنا.\n
وأما الذين قالوا بالتحريم، فقالوا: إن هذا إجماع من الصحابة، أو يكاد يكون إجماعًا، وهو من سُنَّة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد أُمِرْنَا باتِّباعِه، فوجب علينا أن نقرأ القرآن مرتبًا؛ ولأنه قد يكون فيه تشويشٌ على العامة، وتَنَقُّصٌ لكلام الله عزّ وجل إذا رأى العامة أنَّ النَّاسَ يقدِّمون ويؤخِّرون فيه، والعامي عامي جاهل لا يعرف.\n
ولكن؛ القول بالكراهة قولٌ وسطٌ بين قولين، فيقال: إنَّ إجماع الصحابة على هذا الترتيب غير موجود، فإن في مصاحف بعضِهم ما يخالف هذا التَّرتيب كمصحف ابن مسعود، رضي الله عنه، وأما \n قراءة النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في حديث حذيفة لـ(النساء) قبل (آل عمران) \n فهذا -لعلَّه- قبل العرضة الأخيرة؛ لأنَّ جبريلَ كان يُعارِضُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم القرآن في كُلِّ رمضان، فيكون ما اتَّفق عليه الصحابةُ أو ما كادوا يتَّفقون عليه هو الذي استقرَّ عليه الأمر، لا سيما وأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقرنُ بين البقرة وآل عمران، مما يدلُّ على أنهما قرينتان، فيكون تقديمه النساء في حديث حذيفة قبل الترتيب الأخير.\n
والحق أن الترتيب بين السُّور منه توقيفي، ومنه اجتهادي، فما وَرَدَتْ به السُّنَّةُ كالترتيب بين (الجُمعة) و(المنافقين)، وبين (سَبِّحِ) و(الغاشية) فهو على سبيل التوقيف؛ فالنبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قرأَ (الجمعة) قبل (المنافقون).\n
وقرأ (سَبِّح) قبل (الغاشية) فهذا على سبيل الترتيب التوقيفي، وما لم تَرِدْ به السُّنَّةُ فهو اجتهادٌ من الصَّحابةِ، والغالب أنَّ الاجتهادَ، إذا كان معه الأكثر أقربُ إلى الصَّوابِ.\n
\n طالب: (...) يبدأ من البقرة، يقرأ كل يوم..\n
\n الشيخ: إي نعم، هذا خلاف السنة لا شك؛ يعني بعض المصلين يبدأ القرآن من أوله إلى آخره، ويدعي أنه يفعل ذلك من أجل أن يسمع الناس كلام الله من أوله إلى آخره، فنقول له: أين النبي صلى الله عليه وسلم من هذا؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك؛ لأجل أن يبلغ الناس كلام الله ولا ينسيهم إياه، فأين هو من ذلك أهو لا يدري أم ماذا؟ ثم نقول: العلماء لم يقولوا بهذا، وإذا لم يقولوا به فإنه يكون ذلك خروجًا عن السنة المعروفة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وكذلك يكون خروجًا عما قاله علماء هذه الأمة.\n
\n طالب: شيخ أحسن الله إليكم، أقول ذكر بعض الصحابة \n أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر حتى إن الذاهب ليذهب إلى البقيع فيقضي الحاجة، ثم يتوضأ، ثم يدرك الركعة الأولى \n ، وقوله: (كان) كأنها (...) اللفظ تفيد الاستمرار، وقد ذكرنا في كلام المؤلف أنه يقرأ في الباقي من أوساطهم؛ من أوساط المفصل.\n
\n الشيخ: نعم، هذا الغالب.\n
\n الطالب: لكن كأنه يقول: إنه كان يديم الاستمرار في التطويل في الظهر.\n
\n الشيخ: لا، هذا الطول لا يديمه؛ لأنه وردت أحاديث تدل على خلاف ذلك.\n
\n طالب: بالنسبة لتحديد المفصل هل هو توقيفي أو اجتهادي؟\n
\n الشيخ: لا، اجتهاد، الظاهر إنه اجتهاد من العلماء ما سمعت بهذا في السنة.\n
\n طالب: شيخ، إذا كان رجل ما يرتب القرآن -يقرأ علينا القرآن بالترتيب- لكن يحاول أنه يمر على القرآن أو على أغلبه؛ لكي يسمع الناس أكثر القرآن، وبعض الآيات ناقصة (...) جهاد وبغي و..\n
\n الشيخ: ما أرى هذا، أنا ما أرى هذا، شيء لم يفعله السلف لا خير فيه، نعم لو فُرض أن هناك مناسبة وقرأ بهذا لم أرَ في هذا بأسا على أنه فيه ثقل عندي؛ يعني –مثلًا- لو ابتدأ في رمضان ابتدأ صلاة المغرب أول ليلة منه بآيات الصيام مثلًا، أو صلاة العشاء لكان في هذا شيء من التساهل، على إني لا أحب هذا؛ لأن هذه المناسبة أيضًا موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يُعهد أو لم يُنقل أنه كان يقرأ بذلك، فالذي أرى أن الإنسان لا يتخذ سنة لم يسنها مَن قبله أبدًا، الاتباع أولى من الابتداع مهما حسن عند العبد. \n

","SearchText":" فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «اللهم اغسلني من خطاياي» ، فاضاف الخطايا الي نفسه، وقال: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، علانيته وسره، واوله واخره» ، وقال الله تعالي: {واستغفر لذنبك وللمءمنين والمءمنات} [محمد: ١٩]، وقال الله تعالي: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر} [الفتح: ٢]، ولكن الشان كل الشان هل هذه الذنوب تبقي؟ الجواب: لا، فالنبي صلي الله عليه وسلم معصوم من الاقرار علي الذنب، معصوم من ذلك، بخلاف غيره، فانه يذنب، وقد يقر علي ذلك ويستمر في معصيته، وقد لا يغفر له، اما النبي صلي الله عليه وسلم فانه مغفور له الذنب، ولا يقر عليه، عليه الصلاه والسلام، بل لا بد ان ينبه عليه مهما كان الامر: {يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاه ازواجك والله غفور رحيم} [التحريم: ١]. هذا هو فصل الخطاب في هذه المساله التي تنازع الناس فيها، لكن هناك شيء معين من الذنوب لا شك ان النبي صلي الله عليه وسلم معصوم منه، وهو الكذب والخيانه؛ لانه لو قيل بجواز ذلك عليه لكان في ذلك قدح في رسالته عليه الصلاه والسلام، فلا يمكن ان يقع منه. كذلك ايضا معصوم مما يخل باصل العباده واصل الاخلاق، كالشرك، وكسفاسف الاخلاق مثل الزنا وشبهه، هذا لا شك انه معصوم منه عليه الصلاه والسلام، لكن الخطايا التي بينه وبين ربه هذه قد تقع منه، ولكنها خطايا صغيره تكفر، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تاخر. قلت: ذلك؛ لان بعض العلماء رحمهم الله قالوا: ان كل شيء وصف النبي صلي الله عليه وسلم نفسه به من الذنوب فالمراد ذنوب امته؛ لا ذنبه هو؛ لانه هو لا يذنب، وكل خطيءه اضافها لنفسه فالمراد خطايا امته، ولا شك ان هذا قول فيه غلو، اذا كان الله قال: {واستغفر لذنبك وللمءمنين} [محمد: ١٩]، فان العطف يقتضي المغايره، وليس في ذلك اي قدح في ان الرسول صلي الله عليه وسلم يقع منه بعض الذنوب الصغيره، ولكنه لا يقر عليها، ثم هو مغفور له، وما اكثر ما يكون الانسان بعد المعصيه خيرا منه قبلها، كثيرا من الاحيان يخطء الانسان، يقع في معصيه، ثم يجد من قلبه انكسارا بين يدي الله عز وجل وانابه الي الله، وتوبه اليه، حتي ان ذنبه يكون داءما بين عينيه، واذا راي نفسه انه مطيع، وانه من اهل الطاعه صار عنده من العجب والغرور وعدم الانابه الي الله ما يفسد عليه امر دينه، فالله عز وجل حكيم، قد يبتلي الانسان بالذنب ليصلح حاله، كما يبتلي الانسان بالجوع لتستقيم صحته، فالله عز وجل له حكمه. هل حصل لادم الاجتباء قبل الذنب او بعد الذنب؟ الطلبه: بعد الذنب. الشيخ: {ثم اجتباه ربه} [طه: ١٢٢]، بعد ان اذنب وتاب؛ اجتباه ربه فتاب عليه وهدي، انظر الي حال الذين تخلفوا في غزوه تبوك ماذا حصل لهم؟ لا شك انه حصل لهم من الايمان، ورفعه الدرجات، وعلو المنزله ما لم يكن قبل ذلك، هل يمكن ان تنزل ايات تتلي الي يوم القيامه في شانهم لولا انه حصل منهم ذلك ثم تابوا الي الله؟ الطلبه: لا. الشيخ: لا، فالمهم ان الانسان لا يعصم من الخطا، ولكن الانبياء عليهم الصلاه والسلام معصومون مما اشرنا اليه، ومعصومون من الاقرار علي الصغاءر، بل لا بد ان يتوبوا منها. بقيه الاستفتاحات تكون طويله، يقولها الانسان في صلاه الليل؛ لانها محل التطويل، ويقولها ان شاء اذا صلي وحده، اما اذا صلي في الجماعه فقد يشق علي الجماعه ان يبقي الامام ساكتا في بعض الاستفتاحات الطويله. واذا كان النبي عليه الصلاه والسلام يستفتح، فيما اخبر به ابا هريره ، وهو يصلي بالجماعه، فهو صلي الله عليه وسلم خير اسوه لنا. يقول المءلف رحمه الله: (ثم يستفتح، فيقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالي جدك، ولا اله غيرك، ثم يستعيذ فيقول: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وان شاء قال: اعوذ بالسميع العليم -او: بالله السميع العليم- من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه) والاستعاذه هذه مامور بها للصلاه ولا للقراءه؟ الطلبه: للقراءه. الشيخ: للقراءه؛ اذ لو كانت للصلاه لكانت تلي تكبيره الاحرام، او قبل تكبيره الاحرام، ولكنها للقراءه، وقد قال الله عز وجل: {فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: ٩٨]، فامر الله تعالي بالاستعاذه من الشيطان الرجيم عند تلاوه القران؛ ليكون الشيطان بعيدا عن قلب المرء وهو يتلو كتاب الله حتي يحصل له بذلك تدبر القران، وتفهم معانيه، والانتفاع به؛ لان هناك فرقا بين ان تقرا القران وقلبك حاضر وبين ان تقراه وقلبك لاه. اذا قراته وقلبك حاضر حصل لك من معرفه المعاني والانتفاع بالقران ما لم يحصل لك اذا قراته وانت غافل، وجرب تجد. فلهذا شرع تقدم الاستعاذه علي القراءه في الصلاه وخارج الصلاه. ومعني: ( اعوذ بالله) اي: التجء اليه واعتصم به؛ لانه سبحانه وتعالي هو الملاذ وهو المعاذ، اقول: هو الملاذ وهو المعاذ، فما الفرق بينهما؟ قال العلماء: الفرق بينهما: ان اللياذ لطلب الخير، والعياذ للفرار من الشر، وانشدوا علي ذلك قول الشاعر: يـــــــــا مـــن الــــــوذ بــــه فيـمــا اءمـــلــــه ومــن اعـــــــوذ بــه ممـــــا احــــــــــاذره لا يجبر الناس عظما انت كاسره ولا يهيضون عظما انت جابره فهذا الفرق بين: لاذ بالله، وعاذ بالله. وقوله: ( من الشيطان الرجيم ) الشيطان: اسم جنس يشمل الشيطان الاول الذي امر بالسجود لادم فلم يسجد، ويشمل ذريته. وهو من شطن اذا بعد، او من شاط اذا غضب، والمعني الاول: انه من شطن هو الاقرب؛ ولذلك لم يمنع من الصرف؛ لان النون فيه اصليه. واما الرجيم: فهو فعيل بمعني: راجم، وبمعني: مرجوم؛ لان فعيلا تاتي بمعني: فاعل، وبمعني: مفعول، فمن اتيانها بمعني فاعل: سميع، بصير، عليم، والامثله كثيره. ومن اتيانها بمعني مفعول: جريح، وقتيل، وكسير، وما اشبه ذلك. فالشيطان رجيم بالمعنيين، فهو مرجوم بلعنه الله -والعياذ بالله- وطرده وابعاده عن رحمته، وهو راجم غيره بالمعاصي، فان الشياطين تءز اهل المعاصي الي المعاصي ازا. ( ثم يستعيذ ثم يبسمل ) يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحه: ١]، والبسمله كما تقرءونها تتضمن جارا ومجرورا، وصفه وموصوفا، الجار هي؟ الطلبه: بسم. الشيخ: لا، الباء، والمجرور: اسم، والصفه؟ طالب: الله. الشيخ: لا. الطلبه: الرحمن الرحيم. الشيخ: الرحمن الرحيم، والموصوف؟ الطلبه: الله. الشيخ: الله. ومضاف، ومضاف اليه، (اسم) مضاف الي لفظ الجلاله. هذه البسمله لا بد ان تكون متعلقه بشيء؛ لان كل حرف جر لا بد ان يتعلق بشيء، كما قال الناظم: لا بــــد للــــجار مــن التــعــلــق بـفـعــــل او معنــــاه نحــــــــو مـــرتــقي واستثن كــــل زاءــد لــه عمـل كالبا ومن والكاف ايضا ولعل فهنا (الباء) لا بد ان تتعلق بشيء، واحسن ما قيل في متعلقها: انه فعل مءخر مناسب للمقام، فاذا كنت تسمي علي قراءه فالتقدير: بسم الله اقرا، واذا كنت تسمي علي اكل: بسم الله اكل، وعلي شرب: بسم الله اشرب، وعلي وضوء: بسم الله اتوضا. هنا الان نقرا البسمله لنقرا الفاتحه، فيكون التقدير فيها: بسم الله اقرا. واما (الله) فهو علم علي الرب عز وجل، واصله: اله، لكن حذفت الهمزه تخفيفا؛ لكثره الاستعمال، واله بمعني: مالوه، والمالوه: هو المعبود محبه وتعظيما. واما (الرحمن): فهي اسم من اسماء الله، وهي من حيث الاعراب صفه، وهو ذو الرحمه الواسعه الواصله لجميع الخلق. (والرحيم) فعيل من الرحمه ايضا، لكن روعي فيها الفعل دون الصفه؛ كيف الفعل دون الصفه؟ لان الرحمه وصف، والفعل ايصال الرحمه الي من؟ الي المرحوم. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المءلف: ( سرا ) يبسمل سرا؛ يعني: اذا كانت الصلاه جهرا. اما اذا كانت الصلاه سريه فانه سوف يسر في البسمله وفي القراءه، فقوله: ( سرا ) يعني: انه لا يسمعها المامومين وان كان يجهر بالقراءه، وذلك لان اكثر الاحاديث الوارده عن النبي صلي الله عليه وسلم تدل علي انه كان يقرءها سرا، بل قد قيل: ان كل حديث ذكر فيه الجهر بالبسمله فهو ضعيف. واذا كان يقرءها سرا. قال المءلف: ( وليست من الفاتحه )، (ليست): الضمير يعود علي من؟ علي اي شيء؟ الطلبه: البسمله. الشيخ: البسمله ليست من الفاتحه، بل هي ايه مستقله يفتتح بها كل سوره من القران؛ ما عدا براءه، فانه ليس فيها بسمله اجتهادا من الصحابه، لكنه اجتهاد -بلا شك- مستند الي توقيف، كيف ذلك؟ لاننا نعلم لو نزلت البسمله بين الانفال وبراءه لوجب بقاءها؛ لان الله يقول: {انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون} [الحجر: ٩]، فلما لم نجدها علم ان اجتهاد الصحابه كان موافقا للواقع. اليس كذلك؟ الطلبه: بلي. الشيخ: لانه لو كانت ايه من القران بين الانفال وبراءه لوجب بقاءها ولا يمكن ان تزول. نعم، ليست من الفاتحه، اذا لم تكن من الفاتحه، فانه من المعلوم ان الفاتحه سبع ايات، فكيف توزع السبع ايات علي الفاتحه اذا اخرجنا البسمله منها؟ فالجواب: انها توزع كالاتي: {الحمد لله رب العالمين} ايه، {الرحمن الرحيم} الثانيه، {مالك يوم الدين} الثالثه، {اياك نعبد واياك نستعين} الرابعه، {اهدنا الصراط المستقيم} الخامسه، {صراط الذين انعمت عليهم} السادسه، {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} السابعه. هذا التقسيم هو المطابق للمعني واللفظ. اما مطابقته للفظ: فلاننا اذا وزعنا الفاتحه علي هذا القدر صارت الايات متناسبه متقاربه. لكن اذا قلنا: {اهدنا الصراط المستقيم} هذه الايه السادسه. {صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} صارت السابعه طويله لا تتناسب مع الايات السابقه، فهذا تناسب لفظي. التناسب المعنوي: ان الله تعالي قال: «قسمت الصلاه بيني وبين عبدي نصفين، فاذا قال: {الحمد لله رب العالمين} قال: حمدني عبدي، واذا قال: {الرحمن الرحيم} ، قال: اثني علي عبدي، واذا قال: {مالك يوم الدين} ، قال: مجدني عبدي» ، كم هذه؟ ثلاث ايات كلها لله. «فاذا قال: {اياك نعبد واياك نستعين} ، قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين» ، فيقتضي ان تكون النصف هي: {اياك نعبد واياك نستعين} ، الرابعه. {اهدنا الصراط المستقيم (٦) صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحه: ٦، ٧]، هذه الايات، ثلاث ايات، لمن؟ الطلبه: للعبد. الشيخ: للعبد فـ {اياك نعبد واياك نستعين} المناسب من حيث المعني ان تكون هي الايه الوسطي، ثلاث قبلها لله، وثلاث بعدها للعبد. ثم هي ايضا {اياك نعبد واياك نستعين} بين الله وبين العبد نصفين. فان قال قاءل: اذا قلتم ذلك فكيف الجواب عما نجده في المصاحف ان اول ايه في الفاتحه هي البسمله؟ مكتوب فيها رقم واحد، و {الحمد لله رب العالمين} رقم اثنين. نقول: هذا الترقيم علي قول بعض اهل العلم، رقمت علي قول بعض العلماء، ان البسمله ايه من الفاتحه؛ ولهذا في بقيه السور لا تعد من اياتها ولا ترقم، والصحيح انها ليست من الفاتحه، ولا من غير الفاتحه، بل هي ايه مستقله . فاذا قال قاءل: قلتم: ان البسمله ايه مستقله، ونحن وجدناها في كتاب الله ايه ضمن ايه في قوله: {انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم} [النمل: ٣٠]، قلنا: هذه حكايه وخبر عن كتاب صدر من سليمان، وليس الانسان يقرءها علي انه سيبتدء بها مقدمه لما بعدها، لكنها مقدمه كتاب كتبه سليمان عليه الصلاه والسلام، ونقله الله لنا عز وجل، فليس من هذا الباب. يقول: (وليست من الفاتحه، ثم يقرا الفاتحه). ( الفاتحه ) ال هذه للعموم؟ يعني: يقرءها كامله باياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها، اما هيءاتها فليست بشرط، الشرط: ان يقراها مكملا هذه الامور الاربعه، وهي: اياتها، كلماتها، حروفها، حركاتها، فلو قرات ست ايات منها لم تصح، ولو قرا سبع ايات لكن اسقط ( الضالين ) لم تصح، ولو قرا كل الايات، ولم يسقط شيءا منها، من الكلمات، لكن اسقط حرفا مثل ان يقول: صراط الذين انعم عليهم، فاسقط التاء، ايضا لم تصح. في الحركات، لو اخلف الحركات فانها لا تصح، لا تصح ان كان اللحن يحيل المعني، والا صحت، ولكنه لا يجوز ان يتعمد اللحن وان كان لا يحيل المعني، فلو قال: (اهدنا الصراط المستقيم)، ما تقولون؟ الطلبه: لا تصح. الشيخ: لم تصح؛ لان المعني يختلف، (اهدنا الصراط المستقيم) يعني: اعطنا اياه هديه، لكن {اهدنا} : دلنا عليه، ووفقنا له، وثبتنا فيه. ولو قال: (صراط الذين انعمت عليهم)؟ الطلبه: لم تصح. الشيخ: لم يصح؛ ليش؟ يختل المعني، يكون الانعام من القارء، وليس من الله عز وجل. طيب، ولو قال: (الحمد لله رب العالمين)؟ الطلبه: لم تصح. الشيخ: لم تصح، ليش؟ الطلبه: (...). الشيخ: اسقط حرفا؛ لان الحرف المشدد عن حرفين، فاذا قال: (الحمد لله رب العالمين)، فانها لا تصح الفاتحه؛ لانه لا بد ان يقول: {رب العالمين} اذن لا بد ان يقراها تامه باياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها. فان ترك ايه، او كلمه، او حرفا، او حركه تخل بالمعني لم تصح. الطلبه: (...). الشيخ: نعم. الطلبه: (...). الشيخ: البسمله جهرا ليس فيها سنه؛ لان احاديثها ضعيفه، لكن اذا صليت خلف امام يقرءها جهرا، فتابع ولا تشذ. الطلبه: (...). الشيخ: يعني لا تشذ، تقول: والله هذا امام مبتدع، ما انا مصلي وراه. طالب: اذا ضم الرحمن. الشيخ: اذا ضم الرحمن ما يخل المعني، لكنه لا يجوز ان يتعمده. طالب: شيخ بالنسبه لما قال بعض العلماء: ان لفظه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم غير وارده، بل الوارده اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، الوارده، اما هذه ما ترد في الحديث الصحيح، حتي الايه.. الشيخ: لكن مجمع عليها، والله عز وجل يقول: {فاستعذ بالله} [فصلت: ٣٦]، نفس الايه مسند الاجماع. طالب: في ايه ثانيه: {فاستعذ بالله انه هو السميع العليم} . الشيخ: لا {فاستعذ بالله انه هو السميع العليم} ، صحح. طالب: والحديث كذلك. الشيخ: ما قال من الشيطان الرجيم: {فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: ٩٨]. طالب: اذا قلنا: الحديث يفسر الايه. الشيخ: ما يفسر، نقول: هذا وجه ثان. طالب: بعض الاءمه يا شيخ تقرا مثلا الفاتحه علي السليقه (...) الباديه يقرءها مثل لغه الباديه، مثل ان يقول: اهدنا الصراط المستكيم. الشيخ: هذا يقول: ان بعض الباديه يقرءون علي سليقتهم، فيقول: اهدنا الصراط المستجيم، هل تصح؟ حدثني رجل كان عنده علم من اللغه يقول: ان القاف -جعلها مستجيم- انها لغه عربيه، بعضهم ايضا يقول: {رب العالمين (٢) الرحمن الرحيم (٣) مالك يوم الدين (٤) اياك نعبد واياك نستعين (٥) اهدنا الصراط المستقيم} صراط الذين انعمت عليهم. الطلبه: فيه قراءه. الشيخ: لا، عليهم بكسر اللام، القراءه انه يفتح اللام ويضم الهاء {عليهم} هذه قراءه صحيحه سبعيه، لكن هنا يقول: عليهم. هذه ما تخل بالمعني لكن لا يجوز للانسان ان يتعمدها، بل يجب ان يعود لسانه علي اللغه العربيه الفصحي. ايضا بعض الناس يقول: (ولا الظالين) بالظاء، فهل نقول: ان هذا لا تصح قراءته الفاتحه؟ نقول: نعم، قال بعض العلماء هكذا؛ لانه لا بد ان ينطق بها بحروفها، ولكن المشهور عندنا في المذهب –الحنابله- انه يعفي عن ذلك. وعللوا هذا بان في اعتبار التفريق بين الظاء والضاد حرجا؛ لانه ليس كل احد يستطيع ان يفرق، تجد بعض الاءمه يصلون بالناس ينطق بهذه الضاد ظاء مغلظه، ايضا يغلظها ليملا فمه منها: ولا الظالين. فنقول: هذا امر يصعب علي الناس ان يفرقوا بين الضاد والظاء، كما ان بعض الناس ايضا يبالغ في الضاد، حتي انها تقرب من الطاء، والوسط هو خير الامور. طالب: (...). الشيخ: يعني ما نقدر ننطقها. طالب: يقولون: ما ينطقها الا قليل. الشيخ: هم يقولون، اي؛ لانهم عودوا انفسهم علي هذا. طالب: شيخ (...). *** الطالب: وعلي اله واصحابه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي: (ثم يقرا الفاتحه، فان قطعها بذكر، او سكوت غير مشروعين، وطال او ترك منها تشديده، او حرفا، او ترتيبا لزم غير ماموم اعادتها، ويجهر الكل بامين في الجهريه ثم يقرا بعدها سوره تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من اوساطه، ولا تصح الصلاه بقراءه خارجه عن مصحف عثمان، ثم يركع مكبرا رافعا يديه). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ثم يقرا الفاتحه ) اي: بعد البسمله يقرا الفاتحه، و( ثم ) هنا لا يراد بها المعني النحوي، اي انها للترتيب والتراخي، بل هي لمجرد الترتيب؛ لانه لا تراخي بين البسمله وقراءه الفاتحه، بل يبسمل ثم يشرع في الفاتحه فورا. ( يقرا الفاتحه ) وهي معروفه، وهي اعظم سوره في كتاب الله، وافضل سوره في كتاب الله، وسميت ( فاتحه ) لانه افتتح بها المصحف في الكتابه. ولانها تفتتح بها الصلاه في القراءه، وليست يفتتح بها كل شيء؛ كما يصنعه بعض الناس اليوم اذا ارادوا ان يشرعوا في شيء قرءوا الفاتحه، او اذا ارادوا ان يترحموا علي شخص قالوا: (الفاتحه) يعني: يقرءوا عليه الفاتحه، فان هذا لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم، ولا عن الصحابه رضي الله عنهم. والفاتحه هي ام القران، وذلك لان جميع مقاصد القران موجود فيها، فهي مشتمله علي التوحيد بانواعه الثلاثه، وعلي الرساله، وعلي اليوم الاخر، وعلي طرق الرسل، وجميع ما يتعلق باصول الشراءع موجود في هذه الفاتحه، ولهذا تسمي «ام القران» ، وتسمي «السبع المثاني» ، كما صح ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقد خصها الله بالذكر في قوله: {ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقران العظيم} [الحجر: ٨٧]، وعطف القران عليها من باب عطف العام علي الخاص. يقرا الفاتحه، والفاتحه ركن من اركان الصلاه، وشرط لصحتها، فلا تصح الصلاه بدونها؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا صلاه لمن لم يقرا بفاتحه الكتاب» ، وهذا النفي ليس نفيا للوجود؛ لانه قد توجد الصلاه بلا فاتحه وليست نفيا للكمال، بل هي نفي للصحه؛ لان الاصل فيما نفي ان يكون نفيا لوجوده، فان تعذر فهو نفي لصحته. ونفي الصحه نفي للوجود الشرعي في الواقع، فان لم يمكن صار النفي نفيا للكمال، هذا ترتيب النفي، وعلي هذا فمن ادعي ان النفي نفي للكمال مع امكان حمله علي نفي الصحه فقوله مردود؛ لان الاصل في المنفي عدم وجوده، فان كان غير موجود قدرا فهو نفي للوجود، وان كان غير موجود شرعا؛ يعني غير ثابت شرعا فهو نفي للصحه، وقد صح عن النبي عليه الصلاه والسلام انه قال: «لا صلاه لمن لم يقرا بفاتحه الكتاب» ، وصح عنه انه قال: «كل صلاه لا يقرا فيها بفاتحه الكتاب فهي خداج» ؛ اي: فاسده، وصح عنه انه قال: «لا تجزء صلاه لا يقرا فيها بام القران» ، وكل هذه نصوص صريحه في تعيين قراءه الفاتحه، وعلي هذا فنقول: هي ركن في الصلاه. ثم هل هي ركن في كل ركعه او يجزء ان تقرا في اول ركعه او في اخر ركعه، او فيما بينهما، علي خلاف بين اهل العلم، فمنهم من قال: انه اذا قرا فاتحه الكتاب في الصلاه في اول ركعه او في اخر ركعه او فيما بين ذلك صدق عليه انه قرا بفاتحه الكتاب؛ لان الفعل المطلق او الامر المطلق لا يشترط فيه التكرار. ومن العلماء من قال: بل لا بد منها في كل ركعه، وهذا القول هو الصحيح، ويدل لذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم للمسيء في صلاته حين وصف له الركعه الاولي قال: «ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» ، فكما ان الركوع والسجود والقيام والقعود ركن في كل ركعه، فكذلك قراءه الفاتحه، ولا فرق، ويدل لذلك ايضا مواظبه النبي صلي الله عليه وسلم علي قراءتها في كل ركعه ولم يحفظ عنه انه اخل بها في ركعه من الركعات. فعلي هذا نقول: الفاتحه ركن في كل ركعه، ولا تسقط الا عن مسبوق ادرك الامام راكعا او قاءما، ثم شرع فيها وخاف ان يفوته الركوع قبل ان يتمها، فان في هذه الحال تسقط، ودليل ذلك: حديث ابي بكره رضي الله عنه حين دخل المسجد والنبي صلي الله عليه وسلم راكع، فاسرع وركع قبل ان يصل الي الصف، ثم استمر في صلاته، فلما فرغ النبي صلي الله عليه وسلم من صلاته قال: «ايكم الذي فعل هذا»، قال ابو بكره: انا يا رسول الله، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد» . ولم يامره بقضاء الركعه التي ادرك ركوعها، دون قراءتها، ولو كانت الركعه غير صحيحه لامره باعاده الركعه، كما امر المسيء في صلاته باعاده الصلاه لعدم الاتيان باركانها؛ ولان القياس يقتضي ذلك فان قراءه الفاتحه ركن في القيام، وهذا المسبوق سقط عنه القيام لمتابعه امامه، فلما سقط عنه المحل سقط الحال؛ كما لو قطعت يد انسان؛ فانه يسقط عنه غسلها في الوضوء؛ لعدم وجود المحل. واختلف العلماء رحمهم الله، هل هي ركن او واجب؟ وهل هي علي الامام والماموم والمنفرد؟ علي خلاف في ذلك طويل، ولكن اصح الاقوال واجمعها للادله انها ركن لا تصح الصلاه بدونها، لا في حق الامام، ولا في حق الماموم، ولا في حق المنفرد، لا في الصلاه السريه ولا في الصلاه الجهريه. ولولا ان النص ورد في وجوبها او في ركنيتها في الصلاه الجهريه لكان القياس يقتضي ان من سمعها من امامه لا تجب عليه لماذا ؟ لان قراءه الامام قراءه للماموم، ولهذا اذا قال: {ولا الضالين} فاننا نءمن علي دعاءه، وهذا يدل علي ان قراءته قراءه لنا، والا لكان تاميننا علي قراءته عبثا ولغوا؛ ولان الله عز وجل قال في حق موسي وهارون {قد اجيبت دعوتكما} [يونس: ٨٩]، ومن المعلوم ان الذي دعا موسي حيث قال: {ربنا اطمس علي اموالهم واشدد علي قلوبهم فلا يءمنوا حتي يروا العذاب الاليم} [يونس: ٨٨]، فجعل الدعاء لهما؛ لان احدهما يدعو والثاني يءمن ويستمع. ولكن اذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، اذا دلت السنه علي شيء بطل القياس، والسنه دلت علي وجوب قراءتها علي الماموم في صلاه الفجر، وصلاه الفجر صلاه جهريه، ففي حديث عباده بن الصامت ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي ذات يوم صلاه الفجر، فلما انصرف قال: «لعلكم تقرءون خلف امامكم»، قالوا: نعم، قال: «لا تفعلوا الا بام القران فانه لا صلاه لمن لم يقرا بها» . ولا يعارض هذا الحديث حديث ابي هريره انه قال: فانتهي الناس عن ما كان النبي صلي الله عليه وسلم يجهر فيه . فان المراد انتهوا عن قراءه ما سوي الفاتحه، وكانوا بالاول يقرءون كما يقرا الامام، ويخالجون الامام وينازعونه القراءه، فالحاصل ان القول الراجح وجوب، بل ركنيه قراءه الفاتحه علي الامام والماموم والمنفرد في الصلاه السريه والجهريه، ولا تسقط الا عن المسبوق اذا لم يتمكن من قراءتها قبل ان تفوته الركعه . قال: ( ثم يقرا الفاتحه ) ولا بد ان تكون القراءه متواليه يقول: ( يقرا الفاتحه ) يفيد هذا القول: ( يقرا الفاتحه )، انه لا بد ان يقرا الفاتحه بجميع حروفها وحركاتها وكلماتها واياتها، كم هذه؟ الطلبه: اربع. الشيخ: اربع؛ الايات، الكلمات، الحروف، الحركات، لا بد ان يقراها بهذا، وهو ماخوذ من قول المءلف: ( الفاتحه )، فان (ال) هنا للعهد الذهني؛ فيكون المراد به الفاتحه المعروفه التي فيها الايات السبع والكلمات والحروف والحركات، ولا بد ان تكون متواليه؛ يعني: الا يقطعها بفصل طويل؛ بل لا بد ان تكون متواليه لماذا؟ لانها عباده واحده، فاشترط ان ينبني بعضها علي بعض، كالاعضاء في الوضوء. فالوضوء: الوجه، ثم اليدان، ثم الراس، ثم الرجلان،كذا لا بد ان يتوالي غسل هذه الاعضاء الاربعه، كذلك سوره الفاتحه؛ الايه الاولي، ثم الثانيه، ثم الثالثه الي اخره، لا بد ان تتوالي. يقول المءلف: ( فان قطعها بذكر، او سكوت غير مشروعين، وطال لزم اعادتها). ان قطعها بذكر يعني: لما قال: {الحمد لله رب العالمين} جعل يثني علي الله: سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله، والله اكبر، وسبحان الله بكره واصيلا، والله اكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وقام يدعو بدعاء، ثم قال: {الرحمن الرحيم} . نقول: هذا غير مشروع، فاذا طال الفصل وجب عليك الاعاده، كذلك لو قطعها بسكوت، قال: {الحمد لله رب العالمين} ثم سمع ضوضاء فسكت يستمع ماذا يقول الناس، وطال الفصل، فانه يعيدها من جديد؛ لانه لا بد فيها من التوالي، لكن اشترط المءلف قال: ( غير مشروعين ) يعني: الذكر والسكوت، فان كانا مشروعين كما لو قطعها بذكر دعاء ان يكون من الذين انعم الله عليهم، مثل لما مر {صراط الذين انعمت عليهم} قال: اللهم اجعلني منهم، والحقني بالصالحين. فهذا يسير، ثم هو جاءز ولا غير جاءز؟ جاءز بل هو مشروع في صلاه الليل. كذلك اذا سكت لاستماع قراءه امامه، وكان يعلم ان امامه يسكت قبل الركوع سكوتا يمكنه ان يكملها، فسكت استماعا لقراءه امامه، ثم اتمها حين سكت الامام قبل الركوع، فان هذا السكوت مشروع، فلا يضر ولو طال. قال المءلف: (او ترك منها تشديده، او حرفا، او ترتيبا لزم غير ماموم اعادتها) . (ترك منها تشديده) مثل ان يقول: الحمد لله رب العالمين، هذا ترك تشديده، وهي تشديد الباء، وانما لم يصح؛ لان الحرف المشدد عن حرفين، فاذا ترك التشديد نقص حرفا. كذلك لو ترك منها حرفا، وهذا يقع كثيرا من الذين يدغمون، يقرءها بسرعه ويدغم، فيسقط حرفا، فيقول مثلا: غير مغضوب عليهم، يسقط (ال)، فلا تصح. كذلك يقول: ( او ترتيبا )، وهذا ينبغي ان يضم للامور الاربعه: اذا اخل بترتيبها، فقال: {الحمد لله رب العالمين} {مالك يوم الدين} {الرحمن الرحيم} فانها لا تصح، لماذا؟ لانه اخل بالترتيب، وترتيب الايات توقيفي من النبي صلي الله عليه وسلم وليس اجتهاديا، ولهذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «ضعوا هذه الايه في مكان كذا من سوره كذا» ، فهو توقيفي، ولو لم يكن بالنسبه للفاتحه الا قراءه النبي صلي الله عليه وسلم اياها علي هذا الترتيب الذي اجمع عليه المسلمون، فاذا اخل بترتيبها فقدم بعض الايات او بعض الكلمات علي بعض فانها لا تصح. اذن ممكن نقول: الايات، الكلمات، الحروف، الحركات، الترتيب، خمسه. طالب: الموالاه. الشيخ: الموالاه، هذه خارجه عن القراءه في الظاهر. يقول: (...). (لزم غير ماموم اعادتها) (غير) بالنصب علي انها مفعول مقدم لـ(لزم)، واعاده فاعل مءخر، يعني: لزمت اعادتها علي غير الماموم؛ لماذا؟ لان قراءه الفاتحه في حق الماموم -علي ما ذهب اليه المءلف- ليست بواجبه، فلو تركها الماموم عمدا -لو ترك الفاتحه عمدا- لم يلزمه اعادتها، لماذا؟ لان القراءه ليست ركنا ولا واجبا في حقه، ولكن مع ذلك يحرم عليه ان ينكس الايات، او ان ينكس الكلمات، انما من حيث وجوب اعاده الفاتحه لا يجب علي الماموم، علي ما ذهب اليه المءلف. وقوله: (لزم غير ماموم اعادتها) ظاهر كلامه: انه يعيدها من اولها، فلو اسقط (ال) من قوله: {غير المغضوب عليهم} فظاهر كلامه انه يلزمه اعاده الفاتحه كلها؛ وليس هذا بوجيه، وقد لا يكون هذا مراده، بل يلزمه اعاده ما اخل به وما بعده؛ لان ما قبله وقع صحيحا، والمده ليست طويله حتي نقول: انه لو اعاد من حيث اخل لزم طول الفصل بين الجزء الصحيح الاول والجزء الصحيح الثاني؛ لان كل الفاتحه لا تستوعب زمنا طويلا، وعلي هذا؛ فاذا اخل بشيء من اخرها، فانه لا يلزمه الا اعاده ما اخل به وما بعده. اعاده ما اخل به واضح لكن ما بعده؟ مراعاه للترتيب، فان كانت في اول الايه مثل: {الحمد لله رب العالمين} يلزمه من الاول؛ لان كل ما حصل بعد هذا لا بد فيه من الترتيب. (لزم غير ماموم اعادتها) ، بقي علينا كيف يقرا هذه السوره. نقول: يقرءها معربه مرتبه متواليه، وينبغي ان يفصل بين اياتها، يقف عند كل ايه، فيقف سبع مرات، {الحمد لله رب العالمين} فيقف، {الرحمن الرحيم} فيقف، {مالك يوم الدين} فيقف، {اياك نعبد واياك نستعين} فيقف، {اهدنا الصراط المستقيم} فيقف، {صراط الذين انعمت عليهم} فيقف، {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فيقف؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم كان يقف عند كل ايه ، وان لم يقف فلا حرج؛ لان وقوفه عند كل ايه علي سبيل الاستحباب، لا علي سبيل الوجوب؛ لانه من فعل النبي صلي الله عليه وسلم دون امره، وما فعله النبي عليه الصلاه والسلام من دون امر مما يتعبد به فهو للاستحباب، كما مر علينا في اصول الفقه: ان الفعل المجرد يفيد الاستحباب؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم لما علم المسيء في صلاته، بل لما امره ان يقرا ما تيسر من القران لم يقل: ورتل، او: قف عند كل ايه. فان قال قاءل: ذكرتم انه اذا ابدل حرفا بحرف فانها لا تصح، فما تقولون فيمن ابدل الضاد في قوله: {ولا الضالين} بالظاء؟ قلنا: في ذلك وجهان لفقهاء الحنابله: وجه: لا تصح؛ لانه ابدل حرفا بحرف. والوجه الثاني: تصح، وهو المشهور من المذهب، وعللوا ذلك بتقارب المخرجين، وبصعوبه التفريق بينهما، وهذا الوجه هو الصحيح ، وعلي هذا فمن قال: (غير المغظوب عليهم ولا الظالين) فصلاته صحيحه، ولا يكاد احد من العامه يفرق بين الضاد وبين الظاء. ومنها ايضا يقول المءلف: (ويجهر الكل بامين في الجهريه) من الكل؟ المنفرد، والماموم، والامام بالجهريه. اما الامام فواضح انه يجهر بامين؛ لان ذلك ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام في قوله: «اذا امن الامام فامنوا» ، فعلق تاميننا بتامين الامام، ولولا اننا نسمعه لم يكن لتعليقه بتامين الامام فاءده، بل لكان حرجا علي الامه؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم كان يجهر بـ(امين) حتي يمد بها صوته ، امين. وكذلك المامومون يجهرون بها، كما كان الصحابه رضي الله عنهم يجهرون بذلك خلف النبي صلي الله عليه وسلم؛ حتي يرتج المسجد بهم، وهذه السنه صحيحه ثابته. لكن المنفرد نقول: ان جهر بقراءته؛ جهر بـ(امين)، وان اسر، ودليل ذلك: ان النبي صلي الله عليه وسلم كان في صلاه السر كالظهر والعصر لا يجهر بامين، وهذا يقتضي انك اذا لم تجهر بالقراءه لم تجهر بامين. فالمنفرد الذي يقوم الليل مثلا، احيانا يري ان حضور قلبه وقوه يقظته وطرد النوم عنه بالجهر، فيجهر كما فعل النبي عليه الصلاه والسلام حين صلي بحذيفه بن اليمان . فاذا جهر بالقراءه جهر بالتامين، واحيانا يري ان الاسرار افضل له واخشع، وابعد عن الرياء، او ان هناك مانعا يمنعه من الجهر لكون من حوله نياما، وما اشبه ذلك، فاذا اسر بالقراءه فانه يسر بالتامين، ولا يجهر به. قوله: (بامين في الجهريه) ، ما معني (امين)، (امين) معناها: اللهم استجب، وعلي هذا فهي اسم فعل، دعاء، واسم الفعل ما دل علي معني الفعل دون حروفه، اليس كذلك؟ طالب: نعم. الشيخ: ما دل علي معني الفعل دون حروفه (هلم): اسم فعل؛ لانه بمعني اقبل، كذا. ( صه ) اسم فعل بمعني اسكت، احيانا اقول: ( صه )، واحيانا اقول ( صه )، بينهما فرق، ان قلت: ( صه ) يعني: اسكت عن كل شيء، ان قلت: ( صه ): اسكت عن كلام معين. (امين) قالوا: انها بمعني: اللهم استجب، فهي فعل دعاء، واسم الفعل ليس له اشتقاق. قال الفقهاء: فان شدد الميم بطلت الصلاه؛ لان معناها حينءذ: قاصدين، ولا وجه لذلك، ولهذا قالوا: يحرم ان يشدد الميم، وتبطل الصلاه؛ لانه اتي بكلام من جنس كلام المخلوقين. ومتي يقول: امين؟ الامام اذا انتهي من قوله: {ولا الضالين} ، قال: امين، والمنفرد اذا انتهي من قوله: {ولا الضالين} قال: امين. والماموم، قال بعض العلماء: يقول: (امين) اذا فرغ الامام من قول: امين. واستدلوا بظاهر قوله: «اذا امن الامام فامنوا» ، قالوا: وهذا كقوله: «اذا كبر فكبروا» ، ومعلوم انك لا تكبر حتي يفرغ الامام من التكبير، ولكن هذا القول ضعيف؛ ودليل ذلك انه جاء مصرحا به في لفظ اخر: «اذا قال الامام: {ولا الضالين} فقولوا: امين» . وعلي هذا فيكون المعني: اذا امن؛ اي: اذا بلغ ما يءمن عليه، وهو {ولا الضالين} ، او اذا شرع في التامين فامنوا؛ لتكونوا معه، لكن نسمع بعض الاحيان بعض الجماعه يتعجل؛ لا يكاد يصل الامام الي النون من {ولا الضالين} الا وقد قال: (امين)، هذا خلاف السنه، وهذا نوع من مسابقه الامام؛ لان الامام لم يصل الي الحد الذي يءمن علي قوله فيه حتي يختم قوله: {ولا الضالين} . يقول المءلف: (ويجهر الكل بامين في الجهريه) . لم يفصح المءلف -رحمه الله- هنا عما اذا لم يعرف الفاتحه هل يلزمه ان يتعلمها؟ الجواب: نعم؛ يلزم ان يتعلمها؛ لان قراءتها واجبه، وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب، كعادم الماء؛ يجب عليه طلبه وشراءه ان كان يباع؛ لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وليس هذا من باب: ما لا يتم الوجوب؛ لان وجوب الفاتحه ثابت، فيلزم ان يتعلم هذه السوره، فان ضاق الوقت قرا ما تيسر من القران من سواها؛ لعموم قوله صلي الله عليه وسلم: «اقرا ما تيسر معك من القران» ، فان لم يكن معه قران فانه يسبح: (سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله، والله اكبر، ولا حول ولا قوه الا بالله) كم هذه؟ خمس كلمات، فاذا قال قاءل: كيف يجزء الخمس عن السبع؛ لان الايات في الفاتحه سبع؟ فالجواب: انه لا يلزم ان يكون البدل مساويا للمبدل منه، الا تري ان كسوه العشره في كفاره اليمين لا يساويها اطعامهم في الغالب، ولا تساوي عتق الرقبه ايضا، فالبدل لا يلزم منه مساواه المبدل منه، لكن قال فقهاءنا رحمهم الله: اذا كان عنده شيء من القران سوي الفاتحه وجب عليه ان يقرا منه بقدر الفاتحه، وفرقوا بين هذا وبين الذكر؛ بان ما يقدر عليه من جنس ما عجز عنه؛ فوجب ان يكون مساويا له، بخلاف البدل المحض فانه لا يلزم. فصارت المراتب الان: قراءه الفاتحه، فان عجز فبما تيسر من القران من غيرها، فان عجز فالتسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل والحوقله. اذا قال قاءل: اذا لم اجد من يعلمني اياها الا باجره، فهل يلزمني دفع الاجره اليه؟ الجواب: نعم؛ كما لو لم اجد ماء الا ببيع، فانه يلزمني شراءه للوضوء، ولكن يبقي النظر: هل يجوز للاخر ان يطلب اجره علي تعليم القران؟ الجواب الصحيح: الجواز ؛ لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: «ان احق ما اخذتم عليه اجرا كتاب الله» ، وهذا الذي استاجر، او طلب الاجره، طلب علي عمل متعد وهو التعليم، بخلاف من طلب اجره علي القراءه، فانه لا يجوز، لو جاء واحد وقال: انا بقرا سوره البقره وتعطيني كذا وكذا، قلنا: هذا حرام، اما اذا قال: اعلمك اياها بكذا وكذا؛ فهذا جاءز، ولهذا زوج النبي صلي الله عليه وسلم الرجل الذي لم يجد مهرا، زوجه المراه بما معه من القران ، يعلمها اياه. طالب: شيخ، احسن الله اليك (...) بعض اهل العلم بقولهم بانهم اجمعوا علي ان قول الله عز وجل {واذا قرء القران فاستمعوا له وانصتوا} [الاعراف: ٢٠٤] انها نزلت في الصلاه، ولما قال شيخ الاسلام رحمه الله: ان قراءه الماموم حال قراءه الامام عبث لا تتم به الجماعه. الشيخ: نعم، كما قلنا قبل قليل، قلنا: نعم هي عامه في غير الفاتحه؛ لان الفاتحه دل النص علي وجوب قراءتها، فتكون ادله وجوب قراءه الفاتحه مخصصه لعموم الايه. واما قول شيخ الاسلام: انها عبث، فهذا من الكلمات التي نرجو الله ان يعفو عنه بها، فكيف تكون عبثا، والنبي عليه الصلاه والسلام يقول: «لا تفعلوا الا بام القران فانه لا صلاه لمن لم يقرا بها» . ثم انه يرد علي ذلك ما اذا جاء بعد ان قرا الامام الفاتحه، وهو في السوره اللي بعدها، فاين تذهب الفاتحه في حق هذا الرجل، لا قراها ولا استمع اليها. *** الطالب: (...) والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ويجهر الكل بامين في الجهريه ثم يقرا بعدها سوره، تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من اوساطه، ولا تصح الصلاه بقراءه خارجه عن مصحف عثمان ثم يركع. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. الجهر سبق لنا انه يكون في اولتين غير الظهرين، صلاه الليل؛ الفراءض معروف فيها الجهر، وصلاه النفل ان كانت تقام جماعه فالسنه فيها الجهر وان كان الانسان منفردا فانه يخير بين الاسرار والجهر، فان النبي صلي الله عليه وسلم ام حذيفه بن اليمان فجهر ، وام ابن عباس والظاهر انه لم يجهر، فاذا كانت القراءه جهرا انشط له فليقرا جهرا، وان كانت القراءه سرا اخشع له فليقرا سرا، وان تساوي الامران احتمل ان يقال بالجهر؛ لانها صلاه ليليه، واحتمل ان يقال بعدمه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم كان اذا صلي الراتبه في العشاء لا يجهر. ثم قال المءلف رحمه الله: (ويجهر الكل بامين في الجهريه ثم يقرا بعدها سوره) ، قوله: (ثم يقرا) هل (ثم) هنا علي معناها الاصلي؟ اي انها تفيد الترتيب والتراخي، او لمجرد الترتيب؟ هذا مبني علي القول باستحباب السكوت بعد الفاتحه او عدمه. فان قلنا: باستحباب السكوت -وهو المذهب- صارت (ثم) هنا علي معناها الاصلي؛ اي انها للترتيب والتراخي، وعلي هذا فيسكت الامام بعد الفاتحه سكوتا، ولكن كم مقدار هذا السكوت؟ قال بعض العلماء: انه بمقدار قراءه الماموم سوره الفاتحه، وعلي هذا؛ فيكون طويلا بعض الشيء. وقيل: بل انه سكوت ليتراد الي الامام نفسه، وليتامل ماذا يقرا بعد الفاتحه، وليشرع الماموم في قراءه الفاتحه حتي يستمر فيها؛ لان الامام لو شرع فورا بقراءه السوره لم يبدا الماموم بالقراءه، وحينءذ تفوته. والصحيح ان هذه السكته سكته يسيره؛ لا تشرع بمقدار ان يقرا الماموم سوره الفاتحه، بل السكوت بمقدار ان يقرا الماموم سوره الفاتحه الي البدعه اقرب منه الي السنه؛ لان هذا السكوت طويل، ولو كان النبي صلي الله عليه وسلم يسكته؛ لكان الصحابه يسالون عنه، كما سال ابو هريره رضي الله عنه النبي صلي الله عليه وسلم عن سكوته فيما بين التكبير والقراءه ، فالصحيح انها سكته يسيره فيها هذه الفواءد: اولا: التمييز بين القراءه المفروضه والقراءه المستحبه. وثانيا: ليتراد اليه النفس. وثالثا: لاجل ان يشرع الماموم بالقراءه. ورابعا: ربما لا يكون قد اعد سوره يقرا بها بعد الفاتحه، فيتامل ماذا يقرا. (ثم يقرا بعدها) ، اي: بعد الفاتحه، وافاد قوله: ( بعدها ) انه لا تشرع القراءه قبل الفاتحه، فلو نسي فقرا السوره قبل الفاتحه اعادها بعد الفاتحه؛ لانه ذكر قاله في غير موضعه فلم يجزء، بل لا بد ان يعيد. (يقرا بعدها سوره) وهذه القراءه علي قول جمهور اهل العلم بل عامتهم سنه، وليست بواجبه؛ لانه لا يجب الا قراءه الفاتحه. وافادنا المءلف بقوله: ( سوره ) الي ان الذي ينبغي للانسان ان يقرا سوره كامله، لا بعض السوره، ولا ايات من اثناء السور؛ هذه هي السنه ان يقرا سوره ولكن هل يفرقها بين الركعتين سياتي الكلام عليه. المهم الا يقرا ايات من اثناء السور؛ لان ذلك لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم، اطلقه ابن القيم، قال: لم يكن من هديه ان يقرا ايات من اثناء السور. ولكن ورد بل ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام: قرا في سنه الفجر ايات من السور، فكان احيانا يقرا في الركعه الاولي: {قولوا امنا بالله} [البقره: ١٣٦] الايه، وفي الثانيه: {قل يا اهل الكتاب تعالوا الي كلمه سواء بيننا وبينكم} [ال عمران: ٦٤] ، والاصل: ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض؛ وهذه قاعده دلت عليها السنه؛ ان ما ثبت في نفل الصلاه فهو ثابت في الفرض، الا بدليل، وما ثبت في الفرض فهو ثابت في النفل الا بدليل؛ لانها عباده من جنس، والاصل اتفاقها في الاحكام، ويدل لهذا: ان الصحابه رضي الله عنهم لما حكوا ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يصلي علي راحلته يوتر عليها قالوا: غير انه لا يصلي عليها المكتوبه . فلما حكوا انه يوتر، ثم قالوا: غير انه لا يصلي عليها المكتوبه، دل ذلك علي ان المعلوم ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض. علي كل حال؛ نري انه لا باس ان يقرا الانسان ايه من سوره في الفريضه وفي النافله، وربما يستدل له ايضا بعموم قوله تعالي: {فاقراوا ما تيسر من القران} [المزمل: ٢٠]، لكن السنه والافضل ان يقرا سوره، والافضل ان تكون كامله في كل ركعه، فان شق فلا حرج عليه ان يقسم السوره بين الركعتين؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قرا ذات يوم سوره المءمنون: {قد افلح المءمنون} ، فلما وصل الي قصه موسي وهارون اخذته سعله فركع ، فدل هذا علي جواز قسم السوره؛ لا سيما عند الحاجه. وقوله: ( سوره ) السوره هي طاءفه من القران لها اول ولها اخر، سميت بذلك؛ لانها مسوره بابتداء وانتهاء، يعني لها محيط في الاول وفي الاخر، ومنه قيل للحاءط المحيط بالبيت سور. قوله: ( سوره ) يلزم من قراءه السوره ان يقرا قبلها: (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وعلي هذا؛ فتكون البسمله مكرره كم مره؟ الطلبه: مرتين. الشيخ: مرتين: مره للفاتحه، ومره للسوره، اما ان قرا من اثناء السوره فانه لا يبسمل؛ لان الله لم يامر عند قراءه القران الا بالاستعاذه، واما البسمله فانها لا تكون في اواسط السور. يقول المءلف: (تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من اوساطه) (تكون) اي: السوره، ( في الصبح ) اي: في صلاه الصبح، ( من طوال المفصل ) بكسر الطاء، ولا يقال: طوال؛ لان طوال صفه للرجل الطويل، واما طوال بالكسر فهي جمع طول، اي: سوره من السور الطوال من المفصل. المفصل ثلاثه اقسام، كما يدل عليه كلام المءلف: منه طوال، ومنه قصار، ومنه وسط، فمن (ق) الي (عم) هذا هو الطوال، ومن (عم) الي (الضحي) اوساط، ومن (الضحي) الي اخره قصار. وسمي مفصلا لكثره فواصله؛ لان سوره قصيره، فلهذا سمي مفصلا. من (ق) الي اخر (قل اعوذ برب الناس) اربعه اجزاء وشيء او لا؟ يساوي البقره وال عمران، وربعا من النساء، وشيءا قليلا، تكون في الصبح من طوال المفصل؛ لماذا؟ لان الله عز وجل نص علي القران في صلاه الفجر فقال: {اقم الصلاه لدلوك الشمس الي غسق الليل وقران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا} [الاسراء: ٧٨]، فعبر عن الصلاه بالقران اشاره الي انه ينبغي ان يكون القران مستوعبا لاكثرها، وهو كذلك، ولهذا بقيت صلاه الصبح علي ركعتين لم تزد، بينما الظهر والعصر والعشاء كلها زيدت. قال المءلف: (وفي المغرب من قصاره) يعني: من الضحي الي اخره هذا هو الافضل. (وفي الباقي من اوساطه) من عم الي الضحي دليل ذلك السنه الوارده عن النبي عليه الصلاه والسلام؛ فان الغالب من فعل النبي عليه الصلاه والسلام هو هذا. لكنه احيانا يقرا في الفجر من القصار، وفي المغرب من الطوال، فمره صلي الفجر بـ {اذا زلزلت} قراها مرتين في الركعتين، ومره في المغرب قرا بسوره الاعراف، وقرا بسوره الطور ، وقرا بـ(المرسلات)، وكل هذا من اطول ما يكون من السور، فدل ذلك علي انه ينبغي للامام ان يكون غالبا علي ما ذكر المءلف، ولكن لا باس ان يطيل في بعض الاحيان في المغرب، ويقصر في الفجر. وقول المءلف: (وفي الباقي من اوساطه) الدليل علي ذلك؛ ان النبي صلي الله عليه وسلم ارشد معاذ بن جبل ان يقرا في صلاه العشاء بـ(سبح) والغاشيه و(والليل اذا يغشي)، و(والشمس وضحاها) ، ونحوها، فدل هذا علي ان هذا هو الافضل. وهنا سءال: هل يجوز ان يقرا الانسان بالسوره في الركعتين بمعني ان يكررها مرتين؟ الجواب: نعم، ولا باس بذلك، والدليل فعل الرسول عليه الصلاه والسلام انه قرا: (اذا زلزلت) في الركعتين جميعا ، اي: كررها. لكن قد يقول قاءل: لعل النبي صلي الله عليه وسلم نسي؛ لان من عادته انه لا يكرر السوره. والجواب عن هذا: ان يقال: احتمال النسيان وارد، ولكن اقوي منه احتمال التشريع؛ اي: ان النبي صلي الله عليه وسلم كررها تشريعا للامه؛ ليبين للامه ان ذلك جاءز، يرجح احتمال النسيان ان العاده من فعل الرسول عليه الصلاه والسلام الا يكرر، ويرجح احتمال التشريع ان الاصل في فعل الرسول عليه الصلاه والسلام التشريع، وانه لو كان ناسيا لنبه عليه، وهذا الاخير -اي: ان ذلك من باب التشريع- احوط واقرب الي الصواب، وانه يجوز للانسان احيانا ان يكرر السوره ولا باس . قال: (وفي الباقي من اوساطه) . بحث المءلف الشارح -رحمه الله- تنكيس السور، والايات، والكلمات، والحروف، وان كان لم يبحث في هذه الاربعه، ولكن نحن الان نبحث فيها، تنكيس السور وتنكيس الايات وتنكيس الكلمات وتنكيس الحروف. اما تنكيس الحروف؛ فهذا لا شك في تحريمه؛ بمعني ان تكون الكلمه مشتمله علي ثلاثه احرف؛ فيبدءها الانسان من اخرها مثلا، هذا لا شك في تحريمه، وان الصلاه تبطل به؛ لانه اخراج للقران عن الوجه الذي تكلم الله به، كما ان الغالب ان المعني يختلف اختلافا كبيرا. واما تنكيس الكلمات؛ اي: ان يبدا بكلمه قبل الاخري، مثل ان يقول: الحمد لرب العالمين، الله الرحمن الرحيم، فهذا ايضا محرم بلا شك؛ لانه اخراج لكلام الله عن الوجه الذي تكلم الله به. تنكيس الايات ايضا؛ محرم علي القول الراجح ؛ لان ترتيب الايات توقيفي، ومعني توقيفي: انه بامر النبي صلي الله عليه وسلم، ولهذا تجد احيانا بعض الايات بين ايات لا يظهر لك تعلقها به، مما يدل علي ان الامر توقيفي مثل قوله تعالي: {والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعه اشهر وعشرا} [البقره: ٢٣٤]، وقوله: {والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصيه لازواجهم متاعا الي الحول غير اخراج} الايه [البقره: ٢٤٠]. ايهما اسبق قراءه؟ الطلبه: الثانيه. الشيخ: لا، الاولي اسبق، الاولي سابقه عليها في القراءه. وايهما اسبق نزولا؟ الطلبه: الثانيه. الشيخ: الثانيه، ولو كان الترتيب غير توقيفي؛ لكان علي حسب النزول، لكنه توقيفي، اي ان الامر فيه موقوف علي ورود الشرع به، وعلي هذا فيحرم تنكيس ايش؟ الطلبه: الايات. الشيخ: الايات، هذه ثلاثه اشياء. تنكيس السور يكره، وقيل: يجوز، واظن فيه قولا بالتحريم فهذه ثلاثه اقوال. اما الذين قالوا بالجواز فاستدلوا: بحديث حذيفه بن اليمان، الذي في صحيح مسلم ان النبي صلي الله عليه وسلم: قام من الليل فقرا بسوره البقره، ثم بالنساء، ثم ال عمران ، وهذا علي غير الترتيب المعروف، قالوا: وفعل النبي صلي الله عليه وسلم دليل علي الجواز. واما الذين قالوا بالكراهه، فقالوا: ان الصحابه رضي الله عنهم وضعوا المصحف الامام -الذي يكادون يجمعون عليه- في عهد امير المءمنين عثمان بن عفان، وضعوه علي هذا الترتيب، فلا ينبغي الخروج عن اجماعهم، او عما يكون كالاجماع منهم؛ لانهم سلفنا وقدوتنا. واما الذين قالوا بالتحريم، فقالوا: ان هذا اجماع من الصحابه، او يكاد يكون اجماعا، وهو من سنه الخليفه الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد امرنا باتباعه، فوجب علينا ان نقرا القران مرتبا؛ ولانه قد يكون فيه تشويش علي العامه، وتنقص لكلام الله عز وجل اذا راي العامه ان الناس يقدمون ويءخرون فيه، والعامي عامي جاهل لا يعرف. ولكن؛ القول بالكراهه قول وسط بين قولين، فيقال: ان اجماع الصحابه علي هذا الترتيب غير موجود، فان في مصاحف بعضهم ما يخالف هذا الترتيب كمصحف ابن مسعود، رضي الله عنه، واما قراءه النبي عليه الصلاه والسلام في حديث حذيفه لـ(النساء) قبل (ال عمران) فهذا -لعله- قبل العرضه الاخيره؛ لان جبريل كان يعارض النبي صلي الله عليه وسلم القران في كل رمضان، فيكون ما اتفق عليه الصحابه او ما كادوا يتفقون عليه هو الذي استقر عليه الامر، لا سيما وان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقرن بين البقره وال عمران، مما يدل علي انهما قرينتان، فيكون تقديمه النساء في حديث حذيفه قبل الترتيب الاخير. والحق ان الترتيب بين السور منه توقيفي، ومنه اجتهادي، فما وردت به السنه كالترتيب بين (الجمعه) و(المنافقين)، وبين (سبح) و(الغاشيه) فهو علي سبيل التوقيف؛ فالنبي عليه الصلاه والسلام قرا (الجمعه) قبل (المنافقون). وقرا (سبح) قبل (الغاشيه) فهذا علي سبيل الترتيب التوقيفي، وما لم ترد به السنه فهو اجتهاد من الصحابه، والغالب ان الاجتهاد، اذا كان معه الاكثر اقرب الي الصواب. طالب: (...) يبدا من البقره، يقرا كل يوم.. الشيخ: اي نعم، هذا خلاف السنه لا شك؛ يعني بعض المصلين يبدا القران من اوله الي اخره، ويدعي انه يفعل ذلك من اجل ان يسمع الناس كلام الله من اوله الي اخره، فنقول له: اين النبي صلي الله عليه وسلم من هذا؟ اليس النبي صلي الله عليه وسلم اولي الناس بذلك؛ لاجل ان يبلغ الناس كلام الله ولا ينسيهم اياه، فاين هو من ذلك اهو لا يدري ام ماذا؟ ثم نقول: العلماء لم يقولوا بهذا، واذا لم يقولوا به فانه يكون ذلك خروجا عن السنه المعروفه عن النبي عليه الصلاه والسلام، وكذلك يكون خروجا عما قاله علماء هذه الامه. طالب: شيخ احسن الله اليكم، اقول ذكر بعض الصحابه ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي الظهر حتي ان الذاهب ليذهب الي البقيع فيقضي الحاجه، ثم يتوضا، ثم يدرك الركعه الاولي ، وقوله: (كان) كانها (...) اللفظ تفيد الاستمرار، وقد ذكرنا في كلام المءلف انه يقرا في الباقي من اوساطهم؛ من اوساط المفصل. الشيخ: نعم، هذا الغالب. الطالب: لكن كانه يقول: انه كان يديم الاستمرار في التطويل في الظهر. الشيخ: لا، هذا الطول لا يديمه؛ لانه وردت احاديث تدل علي خلاف ذلك. طالب: بالنسبه لتحديد المفصل هل هو توقيفي او اجتهادي؟ الشيخ: لا، اجتهاد، الظاهر انه اجتهاد من العلماء ما سمعت بهذا في السنه. طالب: شيخ، اذا كان رجل ما يرتب القران -يقرا علينا القران بالترتيب- لكن يحاول انه يمر علي القران او علي اغلبه؛ لكي يسمع الناس اكثر القران، وبعض الايات ناقصه (...) جهاد وبغي و.. الشيخ: ما اري هذا، انا ما اري هذا، شيء لم يفعله السلف لا خير فيه، نعم لو فرض ان هناك مناسبه وقرا بهذا لم ار في هذا باسا علي انه فيه ثقل عندي؛ يعني –مثلا- لو ابتدا في رمضان ابتدا صلاه المغرب اول ليله منه بايات الصيام مثلا، او صلاه العشاء لكان في هذا شيء من التساهل، علي اني لا احب هذا؛ لان هذه المناسبه ايضا موجوده في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم ولم يعهد او لم ينقل انه كان يقرا بذلك، فالذي اري ان الانسان لا يتخذ سنه لم يسنها من قبله ابدا، الاتباع اولي من الابتداع مهما حسن عند العبد. "},{"Id":1710,"Name":"02 كتاب الصلاة 20","Sort":42,"Version":0,"LessonText":"

قوله: (لا تصح): نفي الصحة يقتضي الفساد. فإذا قرأ بقراءة خارجة عن مصحف عثمان فصلاته فاسدة على كلام المؤلف. وما المراد بالصحة؛ إذا قال العلماء في العبادات: تصح أو لا تصح؟
قال العلماء: الصحيح ما سقط به الطلب، وبرئت به الذمة، والفاسد ما ليس كذلك، فإذا فعل الإنسان عبادة ولم يسقط الطلب بها عنه لاختلال شرط أو وجود مفسد قلنا: إنها فاسدة، وإذا فعل عبادة وسقط بها الطلب وبرئت بها الذمة قلنا: إنها صحيحة.
وقوله: (بقراءة خارجة عن مصحف عثمان) ما مصحف عثمان؟ مصحف عثمان رضي الله عنه هو الذي جمع الناس عليه في خلافته؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي والقرآن لم يجمع، بل كان في صدور الرجال، وفي عسب النخل، وفي اللخاف: في الحجارة البيضاء الرهيفة، وما أشبه ذلك، ثم جُمع في خلافة أبي بكر رضي الله عنه حين استحر القتل بالقراء في اليمامة.
ثم جمع في عهد عثمان رضي الله عنه، سبب جمعه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» ، فكان الناس يقرؤون بهذه الأحرف، وقد اختلفت لهجات الناس، فصار فيه خلاف، في الأجناد الذين يقاتلون في أطراف المملكة الإسلامية، فخشي بعض القواد من الفتنة، فكتبوا إلى عثمان رضي الله عنه في ذلك، فاستشار الصحابة، فجمع المصحف، بل القراءات على حرف واحد، وهو لغة قريش، يعني على لغة واحدة وهي لغة قريش، واختارها لأنها أشرف اللغات، حيث إنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أعرب اللغات أيضًا، يعني أنها أرسخها في العربية، فجمع المصاحف كلها على مصحف واحد وأحرق ما سواها.
فاجتمعت الأمة على هذا المصحف، ونُقل إلينا نقلًا متواترًا، ينقُله الأصاغر عن الأكابر، ولم تختلف فيه الأيدي ولا النقلة، بل هو محفوظ بحفظ الله عز وجل إلى يوم القيامة.
لكن هناك قراءات خارجة عن هذا المصحف الذي أمر عثمان بجمع المصاحف عليه، وهذه القراءات صحيحة ثابتة عمن قرأ بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها تعتبر عند القراء اصطلاحًا شاذة، وإن كانت صحيحة، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه القراءة الشاذة في أمرين:
الأمر الأول: هل تجوز القراءة بها، أو لا تجوز؟ وعلى القول بالجواز فهل تجوز القراءة بها في الصلاة وخارج الصلاة، أو خارج الصلاة فقط؟
الأمر الثاني: اختلف العلماء الذين يقولون: لا يقرأ بها هل هي حجة في الحكم، أو ليست بحجة؟ فمنهم من قال: إنها ليست بحجة، ومنهم من قال: إنها حجة.
وأصح هذه الأقوال أنه إذا صحت هذه القراءة عمن قرأ بها من الصحابة، فإنها مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصح القراءة بها في الصلاة وخارج الصلاة، هذا هو الأصح، أصح الأقاويل في هذا؛ لأنها إذا صحت موصولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما المانع؟ نعم لا نقرأ بها أمام العامة؛ لأننا إذا قرأنا بها أمام العامة حصل بذلك فتنة، وحصل بذلك تشويش، وحصل بذلك قلة اطمئنان إلى القرآن الكريم، وقلة ثقة به، وهذا لا شك أنه مؤثر ربما على العقيدة فضلًا عن العمل.
لكن الكلام فيما بين الإنسان وبين نفسه، أو فيما بينه وبين طلبة العلم الذين يفهمون حقيقة هذا الأمر، لا يقول قائل: إذا صحت وصححتم الصلاة بها وصححتم القراءة بها وأثبتم الأحكام بها، لا يقول قائل: لماذا لا تقرؤونها على العامة؟ لأننا نقول: إن هدي الصحابة رضي الله عنهم ألا تحدث الناس بحديث لا تبلغه عقولهم، كما في حديث علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون -أي: بما يمكن أن يعرفوه ويهضموه وتبلغه عقولهم- أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ . يعني العامي إذا جاءه أمر غريب عليه نفر على طول، وكذب، وقال: هذا شيء محال، مستحيل، أنا لا أؤمن بهذا الشيء. ربما يقول هكذا. مشكلة هذا.
وقال ابن مسعود: إنك لا تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة . وصدق رضي الله عنه، فلهذا نحن لا نحدث العامة بشيء لا تبلغه عقولهم؛ لئلا تحصل الفتنة، ويتضرر في عقيدته وفي عمله.
ومن ذلك ما يكثر السؤال عنه من الطلبة، وهو أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لما قرأ قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ٥٨] أنه وضع إبهامه وسبابته على أذنه وعلى عينيه : فقال: هل يجوز أن أفعل هذا؟
فجوابنا على هذا أن نقول: لا تفعله أمام العامة؛ لأن العامة ربما ينتقلون بسرعة إلى اعتقاد المشابهة والمماثلة، بخلاف طالب العلم.
ثم هذا فعل من الرسول عليه الصلاة والسلام وليس أمرًا، ما قال لنا: ضعوا أصابعكم على أعينكم وآذانكم حتى نقول: لا بد من تنفيذ أمر الرسول، هو فعل قصد به تحقيق هذا الأمر، لا التعبد بذلك، فيما يظهر لنا، فلماذا نلزم أنفسنا ونكرر السؤال عن مثل هذا من أجل أن نقوله أمام العامة؟
فالحاصل أنه ينبغي لطالب العلم أن يكون معلمًا مربيًا، والشيء الذي يخشى منه الفتنة وليس أمرًا لازمًا لا بد منه ينبغي للإنسان أن يتجنبه.
إذن يقول المؤلف رحمه الله: (لو قرأ بقراءة خارجة عن مصحف عثمان لم تصح الصلاة) مثال ذلك: قوله تعالى في آية كفارة اليمين: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩]، في قراءة ابن مسعود: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ}، فلو قرأ الإنسان في الصلاة: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ} بطلت صلاته، لماذا؟ قالوا: لأن هذه الكلمة ليست من كلام الله، ما نعتبرها من كلام الله حكمًا، وإن كانت قد تكون من كلام الله حقيقة، لكننا لا نعتبرها حكمًا من كلام الله، فتكون من كلام الآدميين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ» .
ولكن هذا القول إذا تأملته وجدته ضعيفًا، وكيف تكون من كلام الآدميين وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها؟ ولا سيما قراءة ابن مسعود الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ -أو قال: طَرِيًّا كَمَا أُنْزِلْ- فَلْيَقْرَأْ، أو فَعَلَيْهِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» ، يعني قراءة ابن مسعود. فقراءة أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يقول قائل بعد صحتها وثبوتها عن ابن مسعود: إن الصلاة لا تصح بها؟ ولهذا كلما تأملت هذا القول وجدته ضعيفًا. ولكن احذروا أن تقرؤوا بها أمام العامة؛ لما علمتم من خوف الفتنة.
قال: (ولا تصح الصلاة بقراءة خارجة عن مصحف عثمان رضي الله عنه، ثم يركع مكبِّرًا) يعني بعد القراءة يركع مكبرًا.
وقوله (ثم يركع) نقول فيها مثلما قلنا في: ثم يقرأ بعد الفاتحة: إنها للترتيب والتراخي. فينبغي قبل أن يركع أن يسكت سكوتًا، لكنه ليس سكوتًا طويلًا، بل بقدر ما يرتد إليه نفسه، فإن ذلك قد جاء في حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، فيسكت بين القراءتين الفاتحة والسورة، وبين القراءة والركوع، لكنه ليس سكوتًا طويلًا بل سكوتًا قصيرًا.
وقوله (يركع): الركوع هو الانحناء في الظهر، فيركع، وهذا الركوع المقصود به: تعظيم الله عز وجل؛ فإن هذه الهيئة من هيئات التعظيم، ولذلك كان الناس يفعلونها أمام الملوك والكبراء والأسياد، ينحنون لهم، وربما يركعون، وربما يسجدون، والعياذ بالله، لكن الركوع هيئة تدل على تعظيم الراكع بين يدي من ركع له، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ» ليجتمع فيه التعظيم القولي والتعظيم الفعلي.
وقوله (مكبرًا) حال من يركع، حال مقارنة ولا غير مقارنة؟
طالب: مقارنة.
الشيخ: مقارنة. يعني في حال هويه إلى الركوع يكبر، فلا يبدأ قبل، ولا يؤخره حتى يصل إلى الركوع، أي يجب أن يكون التكبير فيما بين الانتقال والانتهاء، حتى قال الفقهاء رحمهم الله: لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي، أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع فإنه لا يجزئه؛ لأنهم يقولون: إن هذا تكبير في الانتقال، فمحله ما بين الركنين، فإن أدخله في الركن الأول لم يصح، وإن أدخله في الركن الثاني أيضًا لم يصح؛ لأنه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر، فالقيام لا يشرع فيه التكبير، والركوع لا يشرع فيه التكبير، إنما التكبير بين القيام وبين الركوع.
ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر؛ لأن التكبير علامة على الانتقال، فينبغي أن يكون في حال الانتقال، ولكن القول بأنه إن كمله بعد الوصول للركوع، أو بدأ به قبل الانحناء مبطل للصلاة؛ القول بأن ذلك مبطل للصلاة فيه مشقة على الناس؛ لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم لوجدت أكثر الناس لا يعملون بهذا، منهم من يكبر قبل أن يتحرك للهوي، ومنهم من يصل إلى الركوع قبل أن يكمل.
والغريب أن بعض الجهال اجتهد اجتهادًا خاطئًا، وقال: لا أكبر حتى أصل إلى الركوع، لا أكبر حتى أصل إلى الركوع، لماذا؟ قال: لأنني لو كبرت قبل أن أصل إلى الركوع لسابقني المأمومون، يسابقونني فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع، وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل إليه.
وهذا من غرائب الاجتهاد؛ أن تفسد عبادتك لتصحيح عبادة غيرك الذي ليس مأمورًا بأن يسابقك، يعني هو المخطئ، يعني لو قدر أن المأموم من حين ما سمع لفظ: الله أكبر أهوى إلى الركوع، فهل هو مخطئ أو أنت المخطئ؟ المخطئ المأموم. كيف أذهب إلى شيء يرى بعض العلماء أن صلاتي تفسد به من أجل تصحيح خطأ لإنسان هو المخطئ؟!
ولهذا نقول: هذا اجتهاد في غير محله، ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد أيش؟
طلبة: جاهلًا مركبًا.
الشيخ: جاهلًا مركبًا؛ لأنه جهل، وجهل أنه جاهل. إذن نقول: كبر من حين أن تهوي، واحرص على أن ينتهي قبل أن تصل إلى الركوع، ولكن لو وصلت إلى الركوع قبل أن تنتهي فلا حرج عليك، والقول بأن الصلاة تفسد بذلك قول ضعيف ولا يمكن العمل به.
قال (ثم يركع مكبرًا) ولا يمكن العمل به إلا بمشقة.
(ثم يركع مكبرًا، رافعًا يديه) رافعًا يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فُرُع أذنيه كما سبق عند تكبيرة الإحرام.
ويرفع يديه إذا أراد أن يركع، ثم يضعهما على ركبتيه. ودليل ذلك: حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا كبر للركوع ، والحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما.
يقول: (رافعًا يديه، ويضعهما على ركبيته) سبق لنا بحث في هذه المسألة، وهو إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يرفعهما إلى الفروع أو إلى المنكبين فماذا يصنع؟
طلبة: المستطاع.
الشيخ: يرفعهما بقدر المستطاع، وإذا كان لا يستطيع أن يرفعهما إلا فوق، مثل أن تكون يداه ما تتعكف، ممدودة، نقول: يرفع ولو زاد؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].
قال: (ويضعهما على ركبتيه) يضعهما: أي اليدين. والمراد باليدين هنا؟
طالب: الكفان.
الشيخ: المراد الكفان؛ لأننا هو سبق لنا قاعدة: أن اليد إذا أطلقت فهي الكف. صح؟
طالب: نعم.
الشيخ: تليها قاعدة؛ أن الله لما أراد ما خرج عن الكف بين في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، ولهذا يقطع السارق من مفصل الكف؛ لقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، ولا يقطع من المرفق؛ لأنه لو أراد ذلك لقيده.
طالب: شيخ، القراءات هذه (...) هل هذه من قراءة مصحف..؟
الشيخ: إي نعم، كل القراءات السبعية هذه كلها من مصحف عثمان.
طالب: طيب، أيش معنى هذه الأول، لغات يعني؟
الشيخ: ما نعرف هذه اللغات ماتت، لما اقتصر الناس على المصحف هذا، على لغة قريش، ماتت اللغات الأخرى، ما نعلمها.
طالب: هذه يعني يقرؤها الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: إي، لا، ما هو بالرسول قرأ بها، لكن هم رخص لهم في ذلك، رخص لهم، فالآن مثلًا اللهجات تجد فرقًا بين لهجة القصيم مثلًا ولهجة الرياض ولهجة الحجاز وما أشبه ذلك.
طالب: شيخ (...) بعدما يقرأ الفاتحة؟
الشيخ: كلا.
الطالب: (...).
الشيخ: لا، أطول شويه، علشان يبدأ المأموم بالقراءة. نعم.
طالب: وضع اليد اليمنى على اليسرى للمرأة، اختلاف بين بعض الطلبة بينهم (...) والرحمة.
الشيخ: إحنا ذكرنا أنه إما وضع أو قبض.
طالب: (...) على القبض (...) قبض (...).
الشيخ: أيش لون؟
طالب: ممكن يقول: يحط إصبعين (...) ويحط الباقي ذلك، ومنهم يقول (...) أو (...).
الشيخ: القبض كذا، إحنا ذكرنا، وقلت لكم، قبض عادي، إي نعم.
أما هذه ذكر بعض العلماء أنه لما وردت الأحاديث بالقبض والوضع قال: نجمع بينهما بالفعل، ونخلي خنصر وإبهام (...) على فوق، علشان يجمع بينهما، لكن ما هو بصحيح هذا، بل هما هيئتان مستقلتان.
طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، أقول: إذا فرغ المأموم من التشهد الأول قبل أن يقوم الإمام، هل يعيد أو يصبر.
الشيخ: بيجينا إن شاء الله.
طالب: لا؛ لأنه (...) يا شيخ هذا والله.
الشيخ: نعم؟
طالب: إذا صلى إمام بطلبة علم وقرأ بقراءة أخرى، لكن هم ما عندهم علم بالقراءات؟
الشيخ: وأيش تقولون في هذا؟ يعني صلى إمام بطلبة علم لكن ما عندهم علم بالقراءات؟
طلبة: يبين، يعلمهم.
الشيخ: إي ما يخالف، يعلمهم قبل ولا عقب؟
طالب: قبل.
الشيخ: قبل أحسن؛ لأنه إذا قرأ بالقراءة اللي ما يعرفونها يشوش عليهم في صلاتهم، يمكن يردون عليه، ويمكن لو هابوه لعلمه، نعم، يصير في قلوبهم شك، فالأحسن يقول لهم مثلًا قبل.
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، وردت بعض الروايات: كان يكبِّر حين يسجد ، ما هو الدليل؟
الشيخ: ما وصلنا للسجود، جزاك الله خيرًا.
طالب: لا، بس موضع التكبير بس.
الشيخ: إي، التكبير في الانتقال.
طالب: لا، الرواية هذه حين يسجد.
الشيخ: تبقى تجيئنا إن شاء الله في السجود.
طالب: شيخ، بالنسبة للسكتة بعد الفاتحة، بعضهم يقول: ينبغي للإمام أنه ما يسكت.
الشيخ: إي نعم.
طالب: حتى السكتة الصغيرة هذه؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: هؤلاء الذين لم يصححوا حديث سمرة قالوا: لا يسكت، ولكن لا شك أن الصحيح السكوت:
أولًا: لأن الحديث كما قال ابن حجر ثابت، وحسنه بعضهم، ما هو صحيح أنه واصل إلى درجة الحسن بلا شك.
والشيء الثاني: أنه من القاعدة الشرعية: التفريق بين الفرض والنفل، وقراءة الفاتحة ركن، وما بعدها نفل، فلو واصلت لم يتضح الفرض.
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا يا شيخ. لو قال قائل: إن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم الزلزلة في الركعتين؛ لعله كان مسافرًا، وإذا كان الإنسان مسافرًا يقرأ من قصار قصد.
الشيخ: ما يخالف، لا، هو ما هو بالمشكلة أنه قرأ قصير، المشكلة أنه كررها، هل هو نسيان أو تشريع؟ أما مسألة التقصير لا. نعم.
طالب: يقال: إنه (...).
الشيخ: أيش؟
طالب: وضع اليدين على الركبتين نسف وضعًا آخر ثابتًا.
الشيخ: إي نعم، صحيح.
طالب: (...).
الشيخ: ما وصلناه.
طالب: شيخ، بعض الأئمة حريصون على تطبيق هذه السنة في المغرب، يحبون يقرأون بسورة الأعراف، بعضهم يعني يخبر المأموين أو يكتب لوحة على الباب بأننا سنقرأ اليوم الأعراف، علشان ما يشق عليهم..
الشيخ: سمعتم سؤاله؟
طالب: لا ما سمعنا.
الشيخ: يقول: بعض الأئمة يحب أن يفعل السنة في قراءة الأعراف، فيكتب على الباب: إننا الليلة سنقرأ في سورة الأعراف، أو يخبرهم مثلًا، فهل هذا مشروع أو غير مشروع أنه يخبرهم؟
طلبة: (...).
الشيخ: هو لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخبر الصحابة فيما يظهر، لكن بعض الناس اجتهد قال: لأني أخشى أن يكون من الناس من له حاجة، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بمراعاة ذوي الحاجات بأن نقصر الصلاة؛ يجيء واحد مثلًا عنده شغل؛ إما مواعد أحدًا، إما ضيوف عنده، إذا قرأنا سورة الأعراف يمكن يؤذن الأخير ما خلصنا، وربما أنه يقطع الصلاة.
لكن قد يقول قائل: نعم، له أن يقطع الصلاة، ولا مانع؟
طلبة: (...).
الشيخ: ما يعرف الحكم؟ هذه مشكلة.
طلبة: بعضهم ما يعرف يقرأ.
طالب آخر: فيه حل يا شيخ. (...).
الشيخ: لا أدري، اللي وده يطبق السنة..
طالب: اللي وده يطبق السنة، ما يطبقه بالمسجد العام الذي يأتي كل أحد، (...)، أنا أذكر أني سألتك السؤال يا شيخ هذا، (...) طلبة علم، لا يصلي (...).
الشيخ: لا، هو يرى أن السنة أن يفعل الإنسان في مسجده الذي يصلي فيه.
طالب: إذا علم الناس السنة يجهلون هذا (...).
الشيخ: لكن هي ما هي السنة راتبة، يمكن الرسول فعلها مرة واحدة.
طالب: شيخ (...).
الشيخ: نعم.
طالب: ما أظن الحل يا شيخ، ما أظن (...).
الشيخ: نعم. لا قلنا. أنا أرى أنه ما يكتب، لكن مهما قال لك ربما نقول: إذا علمنا أن الناس اختلفت أحوالهم، وأنهم لهم علاقات بعد المغرب، ألا تكلف عليهم. نعم إذا كنتم محصورين، في جماعة مثلًا، في المسجد معروف جماعتنا، ويعرفون السنة، وقرأت بهم؛ لأنه بعد حتى قلنا له أن ينفصل أو ينفرد، فقالوا: ربما لا يعلم جواز الانفراد.
طالب: (...) إذا قام ساكتًا حتى يعني جلس جلسة الاستراحة، ثم بعد جلسة الاستراحة يكبر ويقوم.
الشيخ: لا، أنا أرى إذا كان الإمام يرى جلسة الاستراحة أنه من يوم يرفع من السجود يكبر علشان يشوفه المأمومون ويجلسون؛ لأن السنة إذا كان الإمام يجلس استراحة أن تجلس.
طالب: طيب، هم يقومون من قبل إذا كبر وجلس للاستراحة (...).
الشيخ: إذا خاف من هذا، يعني مثلًا بأن كان ما هي معروفة من حالة الإمام، ربما نقول: لا تكبر إلا إذا قمت.
طالب: بعد أن قام للاستراحة؟
الشيخ: نعم.
الشيخ: قال (ويضعهما على ركبتيه) ويضعهما: يعني اليدين (على ركبتيه مفرجتي الأصابع).
قوله: (يضعهما على ركبتيه) هذا هو السنة، وهي السنة الأخيرة، وقد كانت السنة قبل ذلك التطبيق، وهو أن يضع الإنسان بطن كفه على كفه الأخرى، ثم يضعهما بين ركبتيه، أو بين فخذيه، وهذا كان في أول الإسلام، ثم بعد ذلك نسخ، وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعمل بذلك؛ لأنه لم يبلغه الناسخ، ولكنه قد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن ذلك كان في أول الأمر ثم نسخ.
وعلى هذا فيضع الكفين على الركبتين معتمدًا عليهما، ليس مجرد لمس، بل يعتمد، وتكون مفرجتي الأصابع، يعني لا مضمومة هكذا، بل مفرجة هكذا، كأنه قابض ركبتيه، كما جاءت بذلك السنة.
وقوله: (مستويًا ظهره) الاستواء يشمل استواء الظهر في المد، واستواءه في العلو والنزول، يعني فليس يقوس ظهره ولا يستره حتى ينزل وسطه، وليس أيضًا ينزل مقدم الظهر حتى يكون كالذي يريد أن يصل إلى الأرض بوجهه، بل كان ظهره مستويًا، وقد جاءت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالت عائشة رضي الله عنها: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه -لم يشخصه: يعني لم يرفعه، ولم يصوبه: يعني لم ينزله- ولكن بين ذلك .
وجاء كذلك فيما رواه الإمام أحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوي ظهره .
وجاء عنه أيضًا أنه كان يسويه حتى لو صب عليه الماء لاستقر . وهذا يدل على كمال التسوية.
هذا بالنسبة للظهر: فيكون الظهر والرأس سواءً، ويكون الظهر ممدودًا مستويًا، أما بالنسبة لليدين فعرفتم أنهما توضَعان على الركب مفرجتي الأصابع. وينبغي كذلك أيضًا أن يفرج في يديه، فيفرجهما عن جنبيه، ولكن هذا مشروط بما إذا لم يكن فيه أذية، فإن كان فيه أذية لمن كان إلى جانبه، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يفعل سنة يؤذي بها غيره؛ لأن الأذية فيها تشويش على المصلي إلى جنبك، وتلبيس عليه، ثم إنه يخشى أن يكون ذلك داخلًا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨] فإن هذا يشمل الأذى القولي والفعلي.
على كل حال يفرج عضديه عن جنبيه ما لم يؤذ جاره، فإن آذاه فلا ينتهك حرمة المسلم من أجل فعل سنة.
قال: (مفرجتي الأصابع مستويًا ظهره) والواجب من هذا أن ينحني بحيث يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى الوقوف التام، يعني بحيث يعرف أن هذا الرجل راكع.
وقيل: الواجب أن ينحني بحيث يمكن من كان وسطًا أن يمس ركبتيه بيديه، وهذا هو المشهور من المذهب، أنه ينحني بحيث يمكن أن يمس ركبتيه بيديه إذا كان وسطًا، يعني إذا كانت يداه ليستا طويلتين ولا قصيرتين. لكن القول الأول أظهر، وهو أن يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى الوقوف التام، بحيث يعرف من يراه أنه قد حنى ظهره.
يقول: (ويقول: سبحان ربي العظيم)، يقول متى؟
طالب: في الركوع.
الشيخ: يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم.
وسبحان: اسم مصدر منصوب على المفعولية المطلقة دائمًا، محذوف العامل دائمًا أيضًا. ومعنى التسبيح: التنزيه. والذي ينزه الله عنه أمران:
أحدهما: النقص المطلق.
والثاني: النقص في كماله.
والثالث، وقد يكون من الثاني: مشابهة المخلوقين.
فهذه ثلاثة أشياء ينزه الله عنها: النقص المطلق، والثاني؟
طلبة: النقص في الكمال.
الشيخ: النقص في الكمال. والثالث؟
طلبة: مشابهة المخلوقين.
الشيخ: مشابهة المخلوقين.
أما الأول فينزه عز وجل عن الجهل والعجز والضعف والموت والنوم وما أشبه ذلك.
وأما الثاني فينزه عن التعب فيما يفعله؛ كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨]. فالقدرة والخلق لا شك أنه كمال، لكن قد يعتريها النقص بالنسبة للمخلوق، فالمخلوق قد يصنع بابًا، قد يصنع قِدرًا، قد يبني بناءً، ولكن مع التعب والإعياء، فيكون هذا نقصًا في أيش؟ في الكمال. أما الرب عز وجل فإنه لا يلحقه تعب ولا إعياء، حتى مع هذه المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض، وفي هذه المدة الوجيزة، ومع ذلك ما مسه تعب ولا إعياء.
الثالث: مشابهة المخلوقين، فإن مشابهة المخلوقين نقص؛ لأن إلحاق الكامل بالناقص يجعله ناقصًا، بل مقارنة الكامل بالناقص يجعله ناقصًا، كما قيل:

\n \n \n \n \n \n \n \n

أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ

إِذَا قِيلَ: إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَا

\n
لأنك لو قلت: والله عندي سيف حديد قوي أمضى من العصا، ماذا يفهم الناس من هذا السيف؟\n
\n طلبة: أنه ناقص.\n
\n الشيخ: أنه ضعيف. إذا قلت: إنه أمضى من العصا معناه أنه ليس بشيء.\n
فعلى كل حال: الذي ينزه الله عنه هذه الأمور الثلاثة: النقص المطلق، والنقص في الكمال، ومشابهة المخلوقين.\n
وقوله (\n ربي العظيم): العظيم في ذاته وصفاته، فإنه سبحانه وتعالى في ذاته أعظم من كل شيء، قال الله تعالى: \n {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: ١٠٤]، طي السجل للكتب سهل جدًّا، إذا كتب الإنسان وثيقة وطواها فهي عنده سهلة، وقال عز وجل: \n {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: ٦٧]، وما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدنا \n .\n
وأما عظم صفاته فلا تسأل عنها، ما من صفة من صفاته إلا وهي عظمى؛ كما قال الله تعالى: \n {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [النحل: ٦٠].\n
إذن أنت تنزه الله سبحانه وتعالى وتصفه بعد تنزيهه بأمرين كماليين كاملين وهما: الربوبية والعظمة، فيجتمع من هذا الذكر التنزيه والتعظيم. والتنزيه والتعظيم باللسان تعظيم قولي، وبالركوع تعظيم فعلي، فيكون الركوع جامعًا بين التعظيمين القولي والفعلي، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ» \n .\n
ومقام تعظيم الغير مقام ذل للمعظم، ولهذا لما كان القرآن أشرف الذكر لم يناسب أن يقرأه الإنسان وهو في هذا الانحناء والخضوع، بل يُقرأ في حال القيام، والقيام أكمل حالًا من الركوع من حيث الهيئة، وإن كان الركوع لا شك أن الذل لله عز وجل.\n
قال: (\n يقول: سبحان ربي العظيم) ولم يذكر المؤلف كم يقول ذلك، نعم، ولكن سيأتينا إن شاء الله تعالى في ذكرٍ لواجبات الصلاة أن الواجب مرة، وما زاد فهو سنة.\n
وقول المؤلف (\n يقول: سبحان ربي العظيم) ظاهره أنه لا يزيد عليها شيئًا، فلا يقول: وبحمده، وهذا هو المشهور من المذهب، وهو أن الاقتصار على قول: (سبحان ربي العظيم) أفضل من أن يزيد قوله: (وبحمده).
ولكن الصحيح أن المشروع أن يقول أحيانًا: (وبحمده)؛ لأن ذلك قد جاءت به السنة، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله أنه يقول هذا وهذا؛ لورود السنة به، فيقتصر أحيانًا على (سبحان ربي العظيم) وأحيانًا يزيد: (وبحمده). \n
وظاهر كلامه أيضًا: أنه لا يقول ما صح به الحديث عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: \n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» \n ، ولكن السنة قول ذلك، وأن يقول الإنسان هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله: \n «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي».\n
وكذلك أيظًا ظاهر كلام المؤلف أنه لا يقول: \n «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» \n ، ولكن السنة قد جاءت به وصحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا يزيد: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.\n
ولكن هل يقول هذه الزيادة الأخيرة دائمًا بالإضافة إلى (سبحان ربي العظيم) و(سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) أو أحيانًا؟\n
هذا محل احتمال، وقد سبق لنا أن الاستفتاحات الواردة لا تقال جميعًا، إنما يقال بعضها أحيانًا وبعضها أحيانًا، لكن أذكار الركوع المعروف عند عامة العلماء أنها تذكر جميعًا.\n
قال: (\n ويقول: سبحان ربي العظيم، ثم يرفع رأسه) ثم يرفع رأسه فقط الرأس؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: والظهر.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: يرفع رأسه وظهره، نعم؛ لأن المؤلف قال: (\n ثم يركع)، والركوع هو انحناء الظهر، لكن مراده يرفع رأسه وظهره بلا شك.\n
(\n يرفع رأسه ويديه قائلًا إمام ومنفرد) إلى آخره.\n
(\n يرفع رأسه ويديه) الرفع من الركوع ركن، ولا بد منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: \n «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» \n .\n
وأما رفع اليدين فإنه سنة، إن فعله الإنسان فهو أفضل، وإن تركه فصلاته صحيحة، هذا هو الذي عليه عامة أهل العلم. والرفع هنا سنة ثبتت بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا كبر للركوع وإذا رفع من الركوع، إذا قال: \n «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» \n .\n
قال: (\n قائلًا إمام ومنفرد). (\n قائلًا): حال من؟ \n
\n طالب: فاعل يرفع.\n
\n الشيخ: حال من فاعل يرفع. إذن فيكون القول في حال الرفع، ويكون هذا الذكر (سمع الله لمن حمده) من أذكار الرفع، فلا يقال قبل الرفع ولا يؤخر لما بعده.\n
ويقال في هذا ما قيل في التكبير؛ فمن العلماء من قال: يجب أن يكون قوله: (سمع الله لمن حمده) ما بين النهوض إلى الاعتدال، فإن قاله قبل أن ينهض أو أخر بعضه أو كله حتى اعتدل فإن صلاته لا تصح، لكن سبق لنا أن الأمر في هذا واسع، وأنه لا ينبغي إلحاق الناس الحرج في هذا الأمر.\n
(\n قائلًا إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده)، (سمع) من المعروف أنها تتعدى بنفسها، كما قال الله تعالى: \n {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: ١]، وهنا تعدت باللام، ولا يمكن أن نقول: إن تعديتها باللام من أجل ضعف العامل؛ لأن العامل هنا فعل، وهو الأصل في العمل، ولكن نقول: تعدت باللام لأنها ضمنت معنى فعل يعدى باللام، يعني (سمع) هنا ضمنت معنى فعل يعدى باللام، ما هو أقرب فعل يتناسب مع هذا الفعل؟\n
\n طلبة: استجاب.\n
\n الشيخ: استجاب. قال الله تعالى: \n {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: ١٩٥]. وعلى هذا فمعنى (يستمع) أي: استجاب. وهذا هو المراد بدلالة اللفظ ودلالة المقام. أما دلالة اللفظ فهو تعدي الفعل بأيش؟\n
\n طلبة: باللام.\n
\n الشيخ: وأما دلالة المقام فلأن مجرد السمع لا يستفيد منه الحامد، إنما يستفيد الحامد بماذا؟ بالاستجابة، أما مجرد السمع فإن الله يسمع من حمده ومن لم يحمده، ولكن الذي يستفيد منه هو الاستجابة. وعلى هذا فيكون الفعل هنا مضمنًا معنى (استجاب)، نقول ذلك بدلالة لفظية ودلالة حالية أو مقامية؟ اللفظية: ما هي؟\n
\n طلبة: تعديه.\n
\n الشيخ: تعديه باللام، والحالية أو المقامية إذا شئت هو أنه لا يستفيد الإنسان من سمع الله المجرد، بل لا يستفيد إلا من استجابته.\n
وقوله: (\n سمع الله لمن حمده) سبق لنا أن الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، ولكن قد يقول قائل: كيف تقولون: إن (سمع) بمعنى (استجاب)، وهنا ليس فيه دعاء؟\n
والجواب على ذلك أن نقول: إن من حمد الله فإنه قد دعا ربه بلسان الحال؛ لأن الذي يحمد الله ويش يرجو؟\n
\n طلبة: الثواب.\n
\n الشيخ: يرجو الثواب، فإذا كان يرجو الثواب فإن الثناء على الله بالحمد والذكر والتكبير مثلًا متضمن للدعاء؛ لأنه لم يحمد الله إلا رجاء الثواب.\n
فإذن نقول: (\n سمع الله لمن حمده)، كيف تقول: إن معناها استجاب؟\n
فنقول: لأن الحامد إنما حمد الله رجاءً لثوابه، فيكون (استجاب) مناسبًا تمامًا لذلك.\n
قال: (\n سمع الله لمن حمده) لا بد أن يكون بهذا اللفظ، فلو قال: استجاب الله لمن أثنى عليه، فهل يصح؟\n
\n طلبة: لا يصح.\n
\n الشيخ: لا يصح؛ لأن هذا ذكر واجب، فيقتصر فيه على الوارد، ولا بد أن يكون على هذا الترتيب: (سمع الله لمن حمده)، فلو قال: (الله سمع لمن حمده) لم يصح، ولو قال: (لمن حمده سمع الله) لم يصح أيضًا، لا بد من الترتيب؛ لأنها السنة وردت هكذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n ، ولأنه ذِكر واجب، فوجب الاقتصار فيه على الوارد.\n
قال: (\n وبعد قيامهما) الضمير يعود على الإمام والمنفرد.\n
(\n بعد قيامهما) يقولان: (\n ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد).\n
يقول: (\n ربنا ولك الحمد) ولم يذكر المؤلف غير هذه الصيغة، فهل هذا يقتضي أن تكون هي الواجبة؟ يحتمل أن يكون هكذا، ويحتمل أن المؤلف اقتصر على هذه الصيغة طلبًا للاختصار.\n
وعلى كل فهذه الصيغة فيها أربع صفات:\n
الصفة الأولى: ربنا ولك الحمد.\n
والصفة الثانية: ربنا لك الحمد.\n
والصفة الثالثة: اللهم ربنا لك الحمد.\n
والصفة الرابعة: اللهم ربنا ولك الحمد.\n
وكل واحدة من هذه الصفات مجزِئة، ولكن الأفضل أن يقول هذا أحيانًا وهذا أحيانًا على القاعدة التي قررناها فيما سبق؛ من أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل فيها فعلها على هذه الوجوه، وذكرنا أن في ذلك ثلاث فوائد:\n
\n طالب: الفائدة الأولى: نحافظ على الشكل.\n
\n الشيخ: نحافظ على السنة، يعني إحياء كل من السنن.\n
\n طالب: اتباع السنة.\n
\n الشيخ: اتباع السنة. \n
\n الطالب: حضور القلب. \n
\n الشيخ: حضور القلب؛ لأن الإنسان إذا صار مستمرًّا على صيغة واحدة صارت كأنها أتوماتيكية، يقولها ولا يشعر، فإذا كان منتبهًا يغير يقول هذا أحيانًا وهذا أحيانًا صار ذلك أدعى لحضور القلب؟\n
\n طالب: إبعاد الملل الذي..\n
\n الشيخ: نعم، دفع الملل عن الإنسان، وهذا في العبادات؟\n
\n طالب: المتنوعة.\n
\n الشيخ: المتنوعة، قد يكون في غير هذا الموضع أيضًا. نعم.\n
\n طالب: سؤال يا شيخ، السؤال الثاني.\n
\n الشيخ: سؤال، طيب. \n
\n طالب: شيخ، نقل بعض الأقوال عندنا فتوى عند من ذكر هذه الأذكار جملة ذكروا أكثر من الأذكار هذه في أحد أركانه، في الصلاة.
الشيخ: أيش، أن من؟
طالب: من ذكر هذه الأذكار المتنوعة في موضع واحد فقط أنها بدعة، وصور لذلك مثل الأذكار الصباح والمساء.
الشيخ: نعم، أن من ذكرها في موضع واحد؟
طالب: نعم.
الشيخ: يعني من جمعها قصدك.
طالب: نعم، الأذكار المتنوعة جمعها كلها في موضع واحد.
الشيخ: أما إذا كانت كل واحدة بدلًا عن الأخرى فهذا لا شك أنها بدعة، يعني لو قال الإنسان: ربنا ولك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، قلنا: هذا بدعة.
طالب: يقاس عليها؟
الشيخ: لكن إذا جمعها وهي مختلفة، ما هي من نوع الواحد، فلا يظهر أنها بدعة؛ ولهذا نقول في أذكار الصلوات: تجمع بينها، أذكار الصباح والمساء كذلك.
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك، استمرار وضع اليد على الركبة هل هو شرط في الركوع أم لا؟
الشيخ: لا، ما هو شرط.\n
\n طالب: بعض الأئمة يا شيخ يرفعون من الركوع ولا يقولون: (سمع الله لمن حمده) إلا وهو قائم، في هذه الحال يأتي مسبوق ويركع، وهو رافع من الركوع، فهل يصح أم لا يصح؟ تجزئه الركعة هذه اللي أدركها مع الإمام قبل أن يقول: سمع الله لمن حمده؟
الشيخ: سمعتم السؤال؟ يقول: إن بعض الأئمة لا يقولون: سمع الله لمن حمده إلا بعد قيامهم، ثم يأتي شخص فيركع والإمام قد رفع، فهل يعتد بهذه الركعة؛ لأنه ركع قبل أن يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، أو لا يعتد بها؛ لأن الإمام رفع من الركوع؟
طالب: لا يعتد.
الشيخ: الجواب، لا يعتد بها، لا يعتد بها لا شك، لكن هذا من جهل الأئمة، وقد مر علينا أن بعضهم يقول: أنا أؤخر التكبير أو التسميع لئلا يسبقني المأمومون، وسبق لنا بيان خطأ هذا الشخص، وهذا الذي ذكرت أيضًا فيه خطأ آخر وهو أن بعض المسبوقين يعتد بهذه الركعة مع أنها لا تجزئه. إي نعم.\n
\n طالب : شيخ، المأموم إذا قال: سمع الله لمن حمده، فهل تبطل صلاته؟
الشيخ: إي بيجينا إن شاء الله.\n
\n طالب: شيخ، عبد الله بن مسعود يا شيخ كان بيطبق في الركوع، هل بلغه النسخ عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: لم يبلغه، اللهم ما بلغه، قطعًا لو بلغه ما بقي هكذا.\n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، قلنا: إن الثناء هو الدعاء (...) استجاب سمع الله لمن حمده.
الشيخ: الثناء متضمن للدعاء.
طالب: متضمن للدعاء.
الشيخ: نعم.
طالب: لكن هو يقول: سمع الله لمن حمده، ولم يقل: اللهم لك الحمد، يعني: لم يحمد الله، قال: لمن حمده.
الشيخ: نعم، صح.
طالب: وين الحمد؟
الشيخ: يعني كل من حمد الله فالله يستجيب له.
طالب: يعني هو لا يخبر عن نفسه.
الشيخ: لا، ما هو بيخبر عن نفسه، ما قال: سمع الله لي، يخبر بأن الله سبحانه وتعالى لفضله وكرمه كل من حمده استجاب له. \n

***

\n طالب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n ومأموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط، ثم يخر مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء: رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع أنفه، ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده.\n
\n الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ومأموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط).\n
قال: (\n سمع الله لمن حمده) معنى سمع يعني استجاب، كما فهمتم، والحمد هو الثناء، أو بل الحمد وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم.\n
فيقال: حمد الشيء أو حمد فلانًا يعني وصفه بصفات الكمال مع محبته وتعظيمه، وأنه ذو احترام في قلبه.\n
قال ابن القيم: وبهذا يعرف الفرق بين الحمد والمدح؛ فإن المدح وصف الممدوح بالكمال أو بالصفات الحميدة، لكن لا يلزم منه أن يكون محبًّا معظمًا، قد يمدحه من أجل أن ينال غرضًا له، قد يمدحه من أجل أن يتقي شره، لكن الحمد لا يكون إلا مع محبة وتعظيم.\n
وبهذا نعرف قوة سر اللغة العربية؛ حيث إن الحروف واحدة هنا: حمد ومدح، الحروف فيها واحدة، لكن إذا اختلف ترتيب الحروف اختلف المعنى، فمدح مقلوب؟ \n
\n طلبة: حمد.\n
\n الشيخ: مقلوب حمد، يعني: مختلف في الترتيب، وإن كان ليس مقلوبًا من كل وجه، لكن لما اختلف ترتيب الحروف اختلف المعنى.\n
المهم أن الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، وأما من عرّف الحمد بأنه الثناء بالجميل الاختياري فهذا قاصر:\n
أولًا: لأن الثناء أخص من المدح؛ لأن الثناء هو مدح مكرر، كما جاء في الحديث الصحيح أن الإنسان إذا قال: \n «\n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} \n قال الله: حَمِدَنِي عَبْدِي، فإذا قال: \n {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} \n قال الله: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي» \n ، ففرق الله سبحانه وتعالى بين الحمد والثناء.\n
ثانيًا: أنه الجميل الاختياري يخرج الحمد على كمال الصفات اللازمة التي لا تتعدى كالعظمة والكبرياء وما أشبه ذلك، والله تعالى محمود على صفات الكمال اللازمة وصفات الكمال المتعدية، فهو محمود على كماله، ومحمود على إحسانه سبحانه وتعالى.\n
قال: (\n ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد) (ملء) هذه صفة لموصوف محذوف، والتقدير: حمدًا ملء. و(حمدًا) هذه المحذوفة منصوبة على المصدر، والعامل فيها المصدر في قوله: (\n ربنا ولك الحمد). وقوله: (\n ملء السماء وملء الأرض) هكذا قال المؤلف بلفظ الإفراد، وأكثر الروايات الواردة في هذا بلفظ الجمع: \n «مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ» \n . هذا أكثر الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية لمسلم: \n «مِلْءَ السَّمَاءِ» \n ، لكن أكثر الروايات بالجمع. \n
(\n وملء الأرض): جاء بها مفردة؛ لأن هذا هو التعبير القرآني، فالله سبحانه وتعالى في القرآن يعبر عن الأرض بالإفراد وعن السماوات بالجمع.\n
وقوله (\n ملء السماوات وملء الأرض) ما معنى قوله: (\n ملء)؟\n
قال بعض أهل العلم: معناه أنه لو كان الحمد أجسامًا لملأ السماء وملأ الأرض، فيكون ملأها بالحجم، يعني لو قدر أن هذا الحمد أجسام لملأ السماء والأرض، ولكن الصحيح خلاف ذلك وأن معنى قوله: (\n ملء السماء) هو أن الله سبحانه وتعالى محمود على كل مخلوق، وعلى كل فعل يفعله، فكل فعل يفعله وكل مخلوق يخلقه فإن الله تعالى يستحق عليه الحمد. ومعلوم أن السماوات والأرض بما فيها كلها من خلق الله، فيكون الحمد حينئذ مالئًا للسماوات والأرض؛ لأن المخلوقات تملأ السماوات والأرض، وهذا أولى؛ لأن الإنسان يستحضر به أن الله محمود على كل فعل فعله وعلى كل خلق خلقه.\n
أما أن يقدر أنه أجسام متراكمة فهذه أيضًا تختلف؛ لأن الأجسام قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة، ومعلوم الفرق بين ما ملئ بأجسام صغيرة وما ملئ بأجسام كبيرة؛ لأن ما ملئ بأجسام كبيرة في الغالب يكون فيه فراغات، وقدر ذلك بصاع من الأقط المقروص، الذي جعل كالقرصان، ومن صاع من الرز، تجد الفراغات الكثيرة في الأول دون الثاني.\n
فالمهم أن القول الصحيح في هذه المسألة: أن الله تعالى يحمَد على كل ما في السماوات وما في الأرض من مخلوقاته، وعلى كل فعل فعله سبحانه وتعالى.\n
وقوله: (\n ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد). هل يشاء الله من شيء بعد؟\n
الجواب: نعم؛ لأن السماوات والأرض تطوى وتزول، ثم تأتي الجنة والنار، فهو أعم من بقاء السماء والأرض. ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد مما لا يعلمه إلا الله.\n
في بعض روايات مسلم: \n «وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا» \n ، وهذا نص على ما بينهما، ولو حذفت لكان قوله: \n «مِلْءَ السَّماوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ» مغنيًا عنها، ولهذا يذكر الله تعالى أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ويذكر أحيانًا أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام.\n
(\n ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد) من يقول هذا؟ يقوله الإمام والمنفرد؛ لقول المؤلف: (\n ومأموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط). قال (\n ومأموم) يعني أن المأموم يقول في رفعه، في حال الرفع: ربنا ولك الحمد. أما الإمام والمنفرد فيقول في رفعه: سمع الله لمن حمده. إذن المأموم يقول في رفعه: ربنا ولك الحمد.\n
قال: (\n فقط): هذه بمعنى: فحسْب، يعني لا يزيد على ذلك، فيقتصر على هذا ويقف ساكتًا. الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» \n .\n
ولكن عند التأمل نجد أن هذا القول ضعيف، وأن المأموم ينبغي أن يقول كما يقول الإمام والمنفرد، يعني يقول بعد رفعه: ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، فجعل قول المأموم: (ربنا ولك الحمد) معادلًا لقول الإمام: (سمع الله لمن حمده). والإمام يقول: (سمع الله لمن حمده) في حال الرفع، فيكون المأموم في حال الرفع يقول: ربنا ولك الحمد، أما بعد القيام فيقول: ملء السماوات إلى آخره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n .\n
فهذا هو القول الراجح في هذه المسألة: أن المأموم يقول كما يقول الإمام والمنفرد بعد رفعهما، وعرفتم وجه الترجيح.\n
إذن يترجح بأمرين: الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل قول المأموم: (ربنا ولك الحمد) بإزاء قول الإمام؟\n
\n طلبة: سمع الله لمن حمده.\n
\n الشيخ: سمع الله لمن حمده. وهذا حين الرفع.\n
الوجه الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n ، فإن هذا يشمل المأموم كما يشمل الإمام والمنفرد.\n
وعلم من كلام المؤلف أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده. وهو كذلك.\n
فإذا قال قائل: ما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وقد كان يقول: \n «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»؟\n
فالجواب على هذا سهل وهو أن قوله: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» عام، وإذا قال: \n «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» \n هذا خاص، والخاص يقضي؟\n
\n طلبة: على العام. \n
\n الشيخ: على العام، فيكون المأموم مستثنًى من هذا العموم بالنسبة لقول: (سمع الله لمن حمده) فإنه يقول: (ربنا ولك الحمد) فقط. وظاهر كلام المؤلف أنه لا يزيد على هذا الذكر الواجب بعد القيام من الركوع. ولكن الصحيح أنه يزيد ما جاءت به السنة، مثل: \n «أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» \n .\n
وعلى هذا فالظاهر أن المؤلف حذف هذه الجملة اقتصارًا أو اختصارًا؟\n
\n طلبة: اختصار..\n
\n طلبة: اقتصار.. \n
\n الشيخ: هو في الحقيقة فيه احتمال أن يكون اقتصارًا أو اختصارًا؛ إن كان اختصارًا فالمعنى أن المؤلف اقتصر على بعض الذكر الوارد، وإذا كان اقتصارًا فالمعنى أن المؤلف يرى ألا يقال سواه، يعني هو اقتصر على هذا. ولكن الذي يظهر أنه اقتصار، أنه حذفها اقتصارًا؛ لأن المقام مقام ذكر، والذكر ينبغي أن يذكر كل ما ورد فيه، إلا أن يدعي مدعٍ أن المؤلف يرى أن هذا الكتاب مختصر، فاختصر.\n
على كل حال لا يهمنا ما أراده المؤلف، الذي يهمنا أن السنة أن يقول الإنسان ما ورد في هذا مما زاد على كلام المؤلف.\n
قال: (\n ومأموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط) ولم يذكر المؤلف رحمه الله ماذا يصنع بيديه بعد الرفع من الركوع؟ هل يعيدهما على ما كانتا عليه قبل الركوع فيضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى، أو يرسلهما؟\n
فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن الإنسان يخير بين إرسالهما وبين وضع اليد اليمنى على ذراع اليسرى، وكأن الإمام أحمد رحمه الله رأى ذلك؛ لأنه ليس في السنة ما هو صريح في هذا، فقال: الإنسان مخير، وهذا كما يقول بعض العلماء في مثل هذه المسألة: الأمر في ذلك واسع؛ إن شاء أرسل، وإن شاء وضع.\n
ولكن الذي يظهر من السنة أن السنة هي وضع اليمنى على ذراع اليسرى؛ لعموم حديث سهل بن سعد الثابت في البخاري: \n كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة \n . فإنك إذا أخذت بعموم هذا الحديث في الصلاة ولم يقل: في القيام، تبين لك أن القيام بعد الركوع يشرع فيه الوضع؛ لأن الصلاة اليدان فيها حال الركوع تكون على الركبتين، وفي حال السجود على الأرض، وفي حال الجلوس على الفخذين، وأيش بقي؟\n
\n طلبة: القيام.\n
\n الشيخ: حال القيام يشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، فيضع الإنسان يده اليمنى على ذراعه اليسرى، وهذا هو الصحيح. \n
\n طالب: شيخ، لم يذكر المصنف قول المأموم: حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه .
الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا ما ذكره المؤلف، مع أنه قد ثبتت به السنة في إقرار الرسول عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال ذلك.
طالب: ما ورد في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم.
طالب آخر: نسمع السؤال الأول يا شيخ.
الشيخ: السؤال يقول: ما ذكر: حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. إي نعم.
طالب: وهل جاء في السنة قول الصحابي حينما أقره النبي صلى الله عليه وسلم: كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك؟
الشيخ: لا أعرف هذا.
طالب: الذي تعرف (...).
الشيخ: إي، ما ذكر هذا.
\n طالب: شيخ، الإكثار من الحمد، يعني النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف وقوفًا طويلًا، لا نقول يعني: إن الإنسان يحمد كما يشاء، ما جاءت به السنة وما لم تأت.
الشيخ: نعم. يعني مثلًا إذا كان في صلاة تطال فيها الأركان.
طالب: مثل؟
الشيخ: مثل الركوع، والقيام بعده، والسجود، والجلوس، يكرر الحمد، أقول: يكرر الحمد.
طالب: هل يكرر ويأتي..؟
الشيخ: يأتي بالوارد ويكرر ما شاء، مثلًا يقول: لربي الحمد، اللهم لك الحمد، وما أشبه ذلك.
\n طالب: طيب، يا شيخ، فيه وجه (...) أن المأمومين يقولون مثل الإمام، أنت قلت: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
الشيخ: نعم.
طالب: فيه وجه يا شيخ، ما نقول: قاعدة: أن المأموم الأصل يفعل مثل الإمام إلا ما جاء الدليل بالتخصيص.
الشيخ: نعم، ما فيه شك، هذا هو الأصل، كل مصل؛ إمام أو مأموم أو منفرد ذكر أو أنثى، فيفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
\n طالب: أحسن الله إليك، هل يجوز أن يوصل الأذكار في قوله: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض؟
الشيخ: الظاهر أنه لا بأس به؛ لأن الأول بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا بفعله، لكن كونه يبدأ بما جاءت به السنة الصريحة عن الرسول أحسن، إي نعم.
\n طالب: (...) الحمد والشكر.
الشيخ: في هذه من الزيادات التي لا تنبغي.
طالب: هذا اللفظ.
الشيخ: لغة إي نعم؛ لأنه يقال: إن الألفاظ الواردة في الأذكار ينبغي المحافظة عليها. نعم.
\n طالب: جزاك الله خيرًا، بالنسبة لإرسال اليدين بعد الركوع، لو شاهدنا رجلًا يرسل يديه هل نقول له: أنت خالفت السنة أو نقول: إن الأمر على السعة؟
الشيخ: أما على مذهب الإمام أحمد فالأمر على السعة، ما نقول له شيئًا، لا نقول: ضع ولا أرسل، لكن على ما رجحناه: ينبغي أن ندله؛ لأن بعض الناس قد يغتر بكلام بعض العلماء الذين أنكروا هذا إنكارًا عظيمًا، يعني أنكروا الوضع، وزعموا أنه بدعة، فيبين له؛ لأنه يخشى أن يعتقد أن الوضع بدعة، فيكون في هذا خطر عليه.\n
\n طالب: شيخ. قد جاء في سنن الدارقطني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: \n كنا إذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قلنا: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد \n . فماذا يجاب عليه؟\n
\n الشيخ: يجاب بأن هذا اجتهاد منهم مخالف لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسول قال: \n «إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» مع أن الإمام يقول: ربنا ولك الحمد بالاتفاق.\n
\n طالب: لكن هو يقول يا شيخ: كنا يعني إن صح.. \n
\n الشيخ: إي، هذا مثل قول ابن مسعود رضي الله عنه: \n كنا نقول بعد موت الرسول: السلام على النبي، بدل قوله: السلام عليك أيها النبي \n . ولا شك أن هذا من فعل ابن مسعود رضي الله عنه، ليس عن جميع الصحابة؛ لأن \n عمر بن الخطاب خطب على المنبر؛ على منبر الرسول، وأمر بالتشهد، وقال: قولوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته \n . صريحة. \n

***

(...) وآله وأصحابه أجمعين. قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ثم يقرأ الفاتحة).\n
وسؤالنا الآن: ما حكم قراءة الفاتحة على ما ذهب إليه المؤلف؟\n
\n طالب: حكم قراءة الفاتحة واجب.\n
\n الشيخ: من أي نوع من أنواع الواجبات؟\n
\n الطالب: الواجب لازم على صاحبي الحال.\n
\n الشيخ: هذا تعريف الواجب.\n
\n طالب: الواجب الذي..\n
\n الشيخ: من أي أنواع الواجبات؟\n
\n طالب: شو أنواع الواجبات؟\n
\n الشيخ: لأن الواجبات لها أنواع، الواجبات في الصلاة التي يجب تحققها في الصلاة أنواع.\n
\n طالب: هذه من الأشياء التي يجب تحققها في الصلاة.\n
\n الشيخ: ما هذا يعني؟ نعم.\n
\n طالب: إنها ركن.\n
\n الشيخ: من الأركان؟ صح. من الأركان. يعني فيه واجب وركن وشرط، وكلها يصدق عليها اسم واجب، لكنها أنواع. هي ركن من أركان الصلاة على كل مصلٍّ، على ما ذهب إليه المؤلف؟\n
\n طالب: لا. على المنفرد والإمام، أما المأموم فلا.\n
\n الشيخ: إذن فيه ركن في حق الإمام والمنفرد، دون المأموم؟ كيف نستخرج هذا من كلام المؤلف؟\n
\n طالب: إي نعم. لأنه قال: (\n ثم يقرأ الفاتحة) يتكلم عن الإمام.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: لا؛ لقوله: (\n يقرأ به لزم غير مأموم إعادتها).\n
\n الشيخ: نعم. نأخذه من قوله: (\n لزم غير مأموم)؟\n
\n طالب: (\n إعادتها).\n
\n الشيخ: (\n إعادتها)، وغير المأموم هو المنفرد؟\n
\n طالب: والإمام.\n
\n الشيخ: والإمام. طيب.\n
ما هو الدليل على ركنية قراءة الفاتحة؟\n
\n طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: إنه صلاة لم يقرأ فيها بالفاتحة فهي خداج.\n
\n الشيخ: \n «بِأُمِّ».\n
\n طالب: \n «بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خَدَاجٌ» \n .\n
\n الشيخ: نعم خَدَاجٌ يعني فاسدة. هذا حديث أبي هريرة. حديث عبادة \n : \n «لَا صَلَاةَ».\n
\n طالب: \n «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بـِ..».\n
\n الشيخ: طيب. لو قال قائل: هذا لنفي الكمال؛ لقوله تعالى: \n {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: \n «فَاقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» \n .\n
\n طالب: نعم هو يقال: هذا مردود من وجهين.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: \n «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» \n .\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: الثاني: أن النفي إذا أطلق فإنه يعني ينصرف إلى نفي الصحة، فإن لم يمكن حمله على ذلك على نفي الوجود (...).\n
\n الشيخ: لأنه قد يصلي بلا فاتحة.\n
\n طالب: فيحمل على نفي الصحة، ولا ينتقل عنه إلا بدليل. \n
\n الشيخ: هو يقول: عندي دليل: \n {اقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} هذا في القرآن، \n «فَاقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» \n هذا في السنة.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم. \n
\n طالب: نقول: إن الآية هذه والحديث هذا عام.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: وحديث عبادة بن الصامت يخصص الفاتحة فقط.\n
\n الشيخ: إي نعم، نجيب عنه بهذا، نجيب عنه بأن هذا عام وهذا خاص، ثم نقول أيضًا: ما أشار إليه \n «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ» \n . وحديث أبي هريرة: \n «فَهِيَ خَدَاجٌ» \n ، يعني؟\n
\n طلبة: فاسدة.\n
\n الشيخ: فاسدة، الخداج: الشيء الفاسد. ثم نقول أيضًا: في الغالب أن أيسر ما يكون من القرآن؟\n
\n طالب: الفاتحة.\n
\n الشيخ: الفاتحة عند المسلمين؛ لأنهم يقرأونها كثيرًا (...) \n

***

\n طالب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n ثم يخر مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه، ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده.\n
\n الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n ثم يخر مكبرًا).\n
قوله: (\n ثم) كلمة أو حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي، ولم يبين المؤلف رحمه الله مقدار هذا التراخي، ولكنه قد دلت السنة من حديث البراء بن عازب وغيره على أن هذا القيام -أعني الاعتدال بعد الركوع- يكون بمقدار الركوع تقريبًا، فقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه: \n رمقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ما عدا القيام والجلوس -يعني في التشهد- قريبًا من السواء \n . \n
وعلى هذا فالسنة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام إطالة هذا الركن -أعني ما بين الركوع والسجود- خلافًا لمن كان يسرع فيهما، بل لمن كان لا يطمئن فيهما، كما نشاهده من بعض المصلين؛ من حين أن يرفع من الركوع يسجد، فالذي يفعل هذا -أي لا يطمئن بعد الركوع- صلاته باطلة؛ لأنه ترك ركنًا من أركان الصلاة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي ولا يطمئن، فصلى الرجل ثلاث مرات وكلها يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: \n «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» \n .\n
والآفة التي جاءت المسلمين في هذا الركن -القيام بعد الركوع- وفي الركن الذي بين السجدتين يقول شيخ الإسلام: إن هذا جاء من بعض أمراء بني أمية؛ فإنهم كانوا لا يطيلون هذين الركنين، أي القيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين. وتعرفون أن الناس على دين ملوكهم، فتلقى الناس عنهم التخفيف في هذين الركنين، فظن كثير من الناس أن ذلك هو السنة، فماتت السنة، حتى صار إظهارها من المنكر، أو يكاد يكون منكرًا، حتى إن الإنسان إذا أطال فيهما ظن الظان أنه قد نسي وأوهم.\n
المهم أن قول المؤلف: (\n ثم يخر): لم يبين مقدار المهلة أو التراخي ولكن نقول: دلت السنة على أنه أيش؟ بمقدار الركوع أو قريبًا منه.\n
وبناءً على ذلك فنحن نعلم جميعًا أنه في صلاة الكسوف يطال الركوع، أليس كذلك؟\n
\n طلبة: بلى.\n
\n الشيخ: يطال إطالة طويلة، فإذا رفع من الركوع -الركوع الثاني- فإنه أيضًا يطيل القيام نحوًا من الركوع، ولكن ماذا يقول؟\n
يكرر الحمد، إن كان يعرف ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا المقام قاله، وإن كان لا يعرف كرر، والإنسان يستطيع أن يكرر الحمد مدة طويلة؛ لأن هذا الركن ذكره حمد، من حين ما يرفع الإنسان، يقول: سمع الله لمن حمده. ثم يشرع في الحمد. فهذا الركن إذن ركن حمد، فإذا كنت تعرف ما جاءت به السنة في هذا فذلك أفضل، وإذا لم تعرف فكرر الحمد، لو تقول: لربي الحمد، ربي ولك الحمد، وما أشبه ذلك من الكلمات كفى.\n
قال المؤلف: (\n ثم يخر مكبرًا ساجدًا) (يخر مكبرًا) حال من فاعل (يخر). والحال الأصل فيها أنها مقارنة للفعل، فإذا قلت مثلًا: جاء زيد راكبًا. فمتى ركوبه؟ حين مجيئه. (\n خر مكبرًا): متى تكبيره؟ حين خروره.\n
وهو كذلك؛ فإن محل التكبير هو الخرور من القيام إلى السجود، وكذلك جميع تكبيرات الانتقال محلها ما بين الركن الذي انتقلت منه وبين الركن الذي انتقلت إليه. وقد سبق لنا البحث في هذا، فلا حاجة إلى إعادته. المهم أنك تكبر في حال الخرور إلى السجود.\n
ولم يذكر المؤلف رحمه الله رفع اليدين، فهل هذا من باب الاختصار أو الاقتصار أو العمد؟\n
\n طالب: الثالث..\n
\n الشيخ: الجواب: الثالث. من باب العمد؛ لأن رفع اليدين عند السجود ليس بسنة؛ فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما -وهو من أشد الناس حرصًا على السنة وأضبط الناس لها- أنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم \n كان يرفع يديه إذا كبر للإحرام، وإذا ركع كبر للركوع، وإذا رفع من الركوع. قال: وكان لا يفعل ذلك في السجود، ولا إذا قام من السجود \n .\n
والرجل قد ضبط وفصل وبين، وليس هذا من باب النفي المجرد، هذا نفي يدل على إثبات ترك الفعل؛ لأن الرجل قد تحرى الصلاة وضبط: تكبير عند الدخول في الصلاة، عند الركوع، عند الرفع منه، عند السجود، عند القيام من السجود. هذه محلات الانتقالات، فأثبت التكبير في ثلاثة مواضع ونفاها في السجود، وعند القيام من السجود.\n
\n طالب: الرفع ولا التكبير.\n
\n الشيخ: (...) الرفع.\n
\n طالب: تقول: التكبير.\n
\n الشيخ: لا، أنا أقول: هذه التكبيرات اللي أثبتها. على كل حال الرفع، نحن نتكلم عن الرفع. وعلى هذا فليس من السنة أنه يرفع يديه إذا سجد. وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع في كل خفض ورفع. ولكن ابن القيم رحمه الله ذكر أن هذا وهم، وأن صواب الحديث: كان يكبر في كل خفض ورفع، وقال: إن وجه الوهم فيه حديث ابن عمر فإنه صريح في عدم الرفع عند السجود وعند الرفع من السجود.\n
وليس هذا من باب تعارض مثبت ومنفي حتى نقول بالقاعدة المشهورة: إن المثبت مقدم على النافي؛ لأن النفي هنا في قوة الإثبات، فإنه رجل يحكي عن عمل واحد فصله، قال: هذا فيه كذا، وأثبته، وهذا ليس فيه كذا، ونفاه. وفرق بين النفي المطلق وبين النفي المقرون بالتفصيل؛ فإن النفي المقرون بالتفصيل دليل على أن صاحبه قد ضبط حتى وصل إلى هذه الحال، عرف ما ثبت فيه الرفع وما لم يثبت فيه الرفع.\n
وعلى هذا فنقول: إن حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين مقدم على ذلك الحديث الضعيف، والوهم فيه قريب. وعلى هذا فإذا قال قائل: ما الفرق بين الهوي إلى الركوع والهوي إلى السجود؟ أليس كل منهما انتقالًا من أعلى إلى أسفل؟ الجواب: بلى، ولكن العبادات مبنية على؟\n
\n طلبة: التوقيف.\n
\n الشيخ: التوقيف، فلا قياس فيها. ولو دخل القياس في مثل هذه الأمور في صفات العبادات وما أشبهها لضاع انضباط الناس، ولصار كل إنسان يقيس على ما يريد، أو على ما يظن أن القياس فيه تام الأركان، ويضيع الاتفاق بين الأمة في عباداتهم التي يتقربون بها إلى الله عز وجل.\n
يقول المؤلف رحمه الله: (\n ثم يخر مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء) (ساجدًا) حال من أين؟\n
\n طلبة: فاعل يخر.\n
\n الشيخ: من فاعل يخر، ولكنها حال مقارنة ولّا حال يعني لاحقة؟\n
\n طلبة: لاحقة.\n
\n الشيخ: لاحقة؛ لأن هذه الحال -أعني السجود- لا تكون في حال الخرور، ولكنها تكون بعد انتهاء الخرور، فهي حال لاحقة مقدرة.\n
يقول: (\n ساجدًا على سبعة أعضاء): (ساجدًا) لا بد أن يكون ساجدًا، والسجود بحيث تتساوى أطرافه العليا والسفلى، فلو فرض أنه سجد على شيء مرتفع هكذا منزلق وصار إلى القعود أقرب منه إلى السجود، فإن ذلك؟\n
\n طلبة: لا يعد..\n
\n الشيخ: لا يعد سجودًا، لا بد من تساوي الأعالي والأسافل، أو على الأقل نقول: أن يكون إلى السجود التام أقرب منه إلى الجلوس التام، فيما لو كانت الأرض متصاعدة.\n
يقول: (\n ساجدًا على سبعة أعضاء) وبيَّنها قال: (\n رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع أنفه).كم هذه؟\n
\n طلبة: سبعة.\n
\n الشيخ: سبعة؟ نعدها زين؛ رجليه ثم ركبتيه.\n
\n طلبة: أربعة.\n
\n الشيخ: أربعة، ثم؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: ثم يديه ستة. ثم جبهته مع أنفه.\n
\n طلبة: هذه واحد.\n
\n الشيخ: جبهة وأنف؟\n
\n طلبة: واحد.\n
\n الشيخ: الجبهة والأنف واحد؟\n
\n طلبة: واحد.\n
\n الشيخ: واحد؟\n
\n طالب: عضو واحد.\n
\n الشيخ: عضو واحد. طيب لو قضم الإنسان أنف رجل، كان فيه نصف الدية ولا دية كاملة؟\n
\n طلبة: دية كاملة.\n
\n الشيخ: طيب، إذا كان هو الجبهة والعضو واحدًا، معناه ما قضم إلا نصف العضو؟ \n

","SearchText":" قوله: ( لا تصح ): نفي الصحه يقتضي الفساد. فاذا قرا بقراءه خارجه عن مصحف عثمان فصلاته فاسده علي كلام المءلف. وما المراد بالصحه؛ اذا قال العلماء في العبادات: تصح او لا تصح؟ قال العلماء: الصحيح ما سقط به الطلب، وبرءت به الذمه، والفاسد ما ليس كذلك، فاذا فعل الانسان عباده ولم يسقط الطلب بها عنه لاختلال شرط او وجود مفسد قلنا: انها فاسده، واذا فعل عباده وسقط بها الطلب وبرءت بها الذمه قلنا: انها صحيحه. وقوله: ( بقراءه خارجه عن مصحف عثمان ) ما مصحف عثمان؟ مصحف عثمان رضي الله عنه هو الذي جمع الناس عليه في خلافته؛ وذلك ان النبي صلي الله عليه وسلم توفي والقران لم يجمع، بل كان في صدور الرجال، وفي عسب النخل، وفي اللخاف: في الحجاره البيضاء الرهيفه، وما اشبه ذلك، ثم جمع في خلافه ابي بكر رضي الله عنه حين استحر القتل بالقراء في اليمامه. ثم جمع في عهد عثمان رضي الله عنه، سبب جمعه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «ان القران انزل علي سبعه احرف» ، فكان الناس يقرءون بهذه الاحرف، وقد اختلفت لهجات الناس، فصار فيه خلاف، في الاجناد الذين يقاتلون في اطراف المملكه الاسلاميه، فخشي بعض القواد من الفتنه، فكتبوا الي عثمان رضي الله عنه في ذلك، فاستشار الصحابه، فجمع المصحف، بل القراءات علي حرف واحد، وهو لغه قريش، يعني علي لغه واحده وهي لغه قريش، واختارها لانها اشرف اللغات، حيث انها لغه النبي صلي الله عليه وسلم، وهي اعرب اللغات ايضا، يعني انها ارسخها في العربيه، فجمع المصاحف كلها علي مصحف واحد واحرق ما سواها. فاجتمعت الامه علي هذا المصحف، ونقل الينا نقلا متواترا، ينقله الاصاغر عن الاكابر، ولم تختلف فيه الايدي ولا النقله، بل هو محفوظ بحفظ الله عز وجل الي يوم القيامه. لكن هناك قراءات خارجه عن هذا المصحف الذي امر عثمان بجمع المصاحف عليه، وهذه القراءات صحيحه ثابته عمن قرا بها عن النبي صلي الله عليه وسلم، لكنها تعتبر عند القراء اصطلاحا شاذه، وان كانت صحيحه، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه القراءه الشاذه في امرين: الامر الاول: هل تجوز القراءه بها، او لا تجوز؟ وعلي القول بالجواز فهل تجوز القراءه بها في الصلاه وخارج الصلاه، او خارج الصلاه فقط؟ الامر الثاني: اختلف العلماء الذين يقولون: لا يقرا بها هل هي حجه في الحكم، او ليست بحجه؟ فمنهم من قال: انها ليست بحجه، ومنهم من قال: انها حجه. واصح هذه الاقوال انه اذا صحت هذه القراءه عمن قرا بها من الصحابه، فانها مرفوعه الي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وتصح القراءه بها في الصلاه وخارج الصلاه، هذا هو الاصح، اصح الاقاويل في هذا؛ لانها اذا صحت موصوله الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فما المانع؟ نعم لا نقرا بها امام العامه؛ لاننا اذا قرانا بها امام العامه حصل بذلك فتنه، وحصل بذلك تشويش، وحصل بذلك قله اطمءنان الي القران الكريم، وقله ثقه به، وهذا لا شك انه مءثر ربما علي العقيده فضلا عن العمل. لكن الكلام فيما بين الانسان وبين نفسه، او فيما بينه وبين طلبه العلم الذين يفهمون حقيقه هذا الامر، لا يقول قاءل: اذا صحت وصححتم الصلاه بها وصححتم القراءه بها واثبتم الاحكام بها، لا يقول قاءل: لماذا لا تقرءونها علي العامه؟ لاننا نقول: ان هدي الصحابه رضي الله عنهم الا تحدث الناس بحديث لا تبلغه عقولهم، كما في حديث علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون -اي: بما يمكن ان يعرفوه ويهضموه وتبلغه عقولهم- اتريدون ان يكذب الله ورسوله؟ . يعني العامي اذا جاءه امر غريب عليه نفر علي طول، وكذب، وقال: هذا شيء محال، مستحيل، انا لا اءمن بهذا الشيء. ربما يقول هكذا. مشكله هذا. وقال ابن مسعود: انك لا تحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، الا كان لبعضهم فتنه . وصدق رضي الله عنه، فلهذا نحن لا نحدث العامه بشيء لا تبلغه عقولهم؛ لءلا تحصل الفتنه، ويتضرر في عقيدته وفي عمله. ومن ذلك ما يكثر السءال عنه من الطلبه، وهو انه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه لما قرا قوله تعالي: {ان الله يامركم ان تءدوا الامانات الي اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا} [النساء: ٥٨] انه وضع ابهامه وسبابته علي اذنه وعلي عينيه : فقال: هل يجوز ان افعل هذا؟ فجوابنا علي هذا ان نقول: لا تفعله امام العامه؛ لان العامه ربما ينتقلون بسرعه الي اعتقاد المشابهه والمماثله، بخلاف طالب العلم. ثم هذا فعل من الرسول عليه الصلاه والسلام وليس امرا، ما قال لنا: ضعوا اصابعكم علي اعينكم واذانكم حتي نقول: لا بد من تنفيذ امر الرسول، هو فعل قصد به تحقيق هذا الامر، لا التعبد بذلك، فيما يظهر لنا، فلماذا نلزم انفسنا ونكرر السءال عن مثل هذا من اجل ان نقوله امام العامه؟ فالحاصل انه ينبغي لطالب العلم ان يكون معلما مربيا، والشيء الذي يخشي منه الفتنه وليس امرا لازما لا بد منه ينبغي للانسان ان يتجنبه. اذن يقول المءلف رحمه الله: ( لو قرا بقراءه خارجه عن مصحف عثمان لم تصح الصلاه ) مثال ذلك: قوله تعالي في ايه كفاره اليمين: {فكفارته اطعام عشره مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبه فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام ذلك كفاره ايمانكم} [الماءده: ٨٩]، في قراءه ابن مسعود: {فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام متتابعه} ، فلو قرا الانسان في الصلاه: {فصيام ثلاثه ايام متتابعه} بطلت صلاته، لماذا؟ قالوا: لان هذه الكلمه ليست من كلام الله، ما نعتبرها من كلام الله حكما، وان كانت قد تكون من كلام الله حقيقه، لكننا لا نعتبرها حكما من كلام الله، فتكون من كلام الادميين، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «ان هذه الصلاه لا يصلح فيها شيء من كلام الادميين» . ولكن هذا القول اذا تاملته وجدته ضعيفا، وكيف تكون من كلام الادميين وقد صح ان النبي صلي الله عليه وسلم قرا بها؟ ولا سيما قراءه ابن مسعود الذي قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم: «من اراد ان يقرا القران غضا كما انزل -او قال: طريا كما انزل- فليقرا، او فعليه بقراءه ابن ام عبد» ، يعني قراءه ابن مسعود. فقراءه اوصي بها رسول الله صلي الله عليه وسلم، كيف يقول قاءل بعد صحتها وثبوتها عن ابن مسعود: ان الصلاه لا تصح بها؟ ولهذا كلما تاملت هذا القول وجدته ضعيفا. ولكن احذروا ان تقرءوا بها امام العامه؛ لما علمتم من خوف الفتنه. قال: ( ولا تصح الصلاه بقراءه خارجه عن مصحف عثمان رضي الله عنه، ثم يركع مكبرا ) يعني بعد القراءه يركع مكبرا. وقوله ( ثم يركع ) نقول فيها مثلما قلنا في: ثم يقرا بعد الفاتحه: انها للترتيب والتراخي. فينبغي قبل ان يركع ان يسكت سكوتا، لكنه ليس سكوتا طويلا، بل بقدر ما يرتد اليه نفسه، فان ذلك قد جاء في حديث سمره بن جندب رضي الله عنه ، فيسكت بين القراءتين الفاتحه والسوره، وبين القراءه والركوع ، لكنه ليس سكوتا طويلا بل سكوتا قصيرا. وقوله ( يركع ): الركوع هو الانحناء في الظهر، فيركع، وهذا الركوع المقصود به: تعظيم الله عز وجل؛ فان هذه الهيءه من هيءات التعظيم، ولذلك كان الناس يفعلونها امام الملوك والكبراء والاسياد، ينحنون لهم، وربما يركعون، وربما يسجدون، والعياذ بالله، لكن الركوع هيءه تدل علي تعظيم الراكع بين يدي من ركع له، ولهذا قال النبي عليه الصلاه والسلام: «اما الركوع فعظموا فيه الرب» ليجتمع فيه التعظيم القولي والتعظيم الفعلي. وقوله ( مكبرا ) حال من يركع، حال مقارنه ولا غير مقارنه؟ طالب: مقارنه. الشيخ: مقارنه. يعني في حال هويه الي الركوع يكبر، فلا يبدا قبل، ولا يءخره حتي يصل الي الركوع، اي يجب ان يكون التكبير فيما بين الانتقال والانتهاء، حتي قال الفقهاء رحمهم الله: لو بدا بالتكبير قبل ان يهوي، او اتمه بعد ان يصل الي الركوع فانه لا يجزءه؛ لانهم يقولون: ان هذا تكبير في الانتقال، فمحله ما بين الركنين، فان ادخله في الركن الاول لم يصح، وان ادخله في الركن الثاني ايضا لم يصح؛ لانه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر، فالقيام لا يشرع فيه التكبير، والركوع لا يشرع فيه التكبير، انما التكبير بين القيام وبين الركوع. ولا شك ان هذا القول له وجهه من النظر؛ لان التكبير علامه علي الانتقال، فينبغي ان يكون في حال الانتقال، ولكن القول بانه ان كمله بعد الوصول للركوع، او بدا به قبل الانحناء مبطل للصلاه؛ القول بان ذلك مبطل للصلاه فيه مشقه علي الناس؛ لانك لو تاملت احوال الناس اليوم لوجدت اكثر الناس لا يعملون بهذا، منهم من يكبر قبل ان يتحرك للهوي، ومنهم من يصل الي الركوع قبل ان يكمل. والغريب ان بعض الجهال اجتهد اجتهادا خاطءا، وقال: لا اكبر حتي اصل الي الركوع، لا اكبر حتي اصل الي الركوع، لماذا؟ قال: لانني لو كبرت قبل ان اصل الي الركوع لسابقني المامومون، يسابقونني فيهوون قبل ان اصل الي الركوع، وربما وصلوا الي الركوع قبل ان اصل اليه. وهذا من غراءب الاجتهاد؛ ان تفسد عبادتك لتصحيح عباده غيرك الذي ليس مامورا بان يسابقك، يعني هو المخطء، يعني لو قدر ان الماموم من حين ما سمع لفظ: الله اكبر اهوي الي الركوع، فهل هو مخطء او انت المخطء؟ المخطء الماموم. كيف اذهب الي شيء يري بعض العلماء ان صلاتي تفسد به من اجل تصحيح خطا لانسان هو المخطء؟! ولهذا نقول: هذا اجتهاد في غير محله، ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد ايش؟ طلبه: جاهلا مركبا. الشيخ: جاهلا مركبا؛ لانه جهل، وجهل انه جاهل. اذن نقول: كبر من حين ان تهوي، واحرص علي ان ينتهي قبل ان تصل الي الركوع، ولكن لو وصلت الي الركوع قبل ان تنتهي فلا حرج عليك، والقول بان الصلاه تفسد بذلك قول ضعيف ولا يمكن العمل به. قال ( ثم يركع مكبرا ) ولا يمكن العمل به الا بمشقه. ( ثم يركع مكبرا، رافعا يديه ) رافعا يديه الي حذو منكبيه، او الي فرع اذنيه كما سبق عند تكبيره الاحرام. ويرفع يديه اذا اراد ان يركع، ثم يضعهما علي ركبتيه. ودليل ذلك: حديث ابن عمر ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يرفع يديه اذا كبر للركوع ، والحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما. يقول: ( رافعا يديه، ويضعهما علي ركبيته ) سبق لنا بحث في هذه المساله، وهو اذا كان الانسان لا يستطيع ان يرفعهما الي الفروع او الي المنكبين فماذا يصنع؟ طلبه: المستطاع. الشيخ: يرفعهما بقدر المستطاع، واذا كان لا يستطيع ان يرفعهما الا فوق، مثل ان تكون يداه ما تتعكف، ممدوده، نقول: يرفع ولو زاد؛ لقول الله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. قال: ( ويضعهما علي ركبتيه ) يضعهما: اي اليدين. والمراد باليدين هنا؟ طالب: الكفان. الشيخ: المراد الكفان؛ لاننا هو سبق لنا قاعده: ان اليد اذا اطلقت فهي الكف. صح؟ طالب: نعم. الشيخ: تليها قاعده؛ ان الله لما اراد ما خرج عن الكف بين في قوله تعالي: {فاغسلوا وجوهكم وايديكم الي المرافق} [الماءده: ٦]، ولهذا يقطع السارق من مفصل الكف؛ لقوله تعالي: {فاقطعوا ايديهما} [الماءده: ٣٨]، ولا يقطع من المرفق؛ لانه لو اراد ذلك لقيده. طالب: شيخ، القراءات هذه (...) هل هذه من قراءه مصحف..؟ الشيخ: اي نعم، كل القراءات السبعيه هذه كلها من مصحف عثمان. طالب: طيب، ايش معني هذه الاول، لغات يعني؟ الشيخ: ما نعرف هذه اللغات ماتت، لما اقتصر الناس علي المصحف هذا، علي لغه قريش، ماتت اللغات الاخري، ما نعلمها. طالب: هذه يعني يقرءها الرسول صلي الله عليه وسلم؟ الشيخ: اي، لا، ما هو بالرسول قرا بها، لكن هم رخص لهم في ذلك، رخص لهم، فالان مثلا اللهجات تجد فرقا بين لهجه القصيم مثلا ولهجه الرياض ولهجه الحجاز وما اشبه ذلك. طالب: شيخ (...) بعدما يقرا الفاتحه؟ الشيخ: كلا. الطالب: (...). الشيخ: لا، اطول شويه، علشان يبدا الماموم بالقراءه. نعم. طالب: وضع اليد اليمني علي اليسري للمراه، اختلاف بين بعض الطلبه بينهم (...) والرحمه. الشيخ: احنا ذكرنا انه اما وضع او قبض. طالب: (...) علي القبض (...) قبض (...). الشيخ: ايش لون؟ طالب: ممكن يقول: يحط اصبعين (...) ويحط الباقي ذلك، ومنهم يقول (...) او (...). الشيخ: القبض كذا، احنا ذكرنا، وقلت لكم، قبض عادي، اي نعم. اما هذه ذكر بعض العلماء انه لما وردت الاحاديث بالقبض والوضع قال: نجمع بينهما بالفعل، ونخلي خنصر وابهام (...) علي فوق، علشان يجمع بينهما، لكن ما هو بصحيح هذا، بل هما هيءتان مستقلتان. طالب: شيخ، احسن الله اليكم، اقول: اذا فرغ الماموم من التشهد الاول قبل ان يقوم الامام، هل يعيد او يصبر. الشيخ: بيجينا ان شاء الله. طالب: لا؛ لانه (...) يا شيخ هذا والله. الشيخ: نعم؟ طالب: اذا صلي امام بطلبه علم وقرا بقراءه اخري، لكن هم ما عندهم علم بالقراءات؟ الشيخ: وايش تقولون في هذا؟ يعني صلي امام بطلبه علم لكن ما عندهم علم بالقراءات؟ طلبه: يبين، يعلمهم. الشيخ: اي ما يخالف، يعلمهم قبل ولا عقب؟ طالب: قبل. الشيخ: قبل احسن؛ لانه اذا قرا بالقراءه اللي ما يعرفونها يشوش عليهم في صلاتهم، يمكن يردون عليه، ويمكن لو هابوه لعلمه، نعم، يصير في قلوبهم شك، فالاحسن يقول لهم مثلا قبل. طالب: شيخ، جزاك الله خيرا، وردت بعض الروايات: كان يكبر حين يسجد ، ما هو الدليل؟ الشيخ: ما وصلنا للسجود، جزاك الله خيرا. طالب: لا، بس موضع التكبير بس. الشيخ: اي، التكبير في الانتقال. طالب: لا، الروايه هذه حين يسجد. الشيخ: تبقي تجيءنا ان شاء الله في السجود. طالب: شيخ، بالنسبه للسكته بعد الفاتحه، بعضهم يقول: ينبغي للامام انه ما يسكت. الشيخ: اي نعم. طالب: حتي السكته الصغيره هذه؛ لانه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: هءلاء الذين لم يصححوا حديث سمره قالوا: لا يسكت، ولكن لا شك ان الصحيح السكوت: اولا: لان الحديث كما قال ابن حجر ثابت، وحسنه بعضهم، ما هو صحيح انه واصل الي درجه الحسن بلا شك. والشيء الثاني: انه من القاعده الشرعيه: التفريق بين الفرض والنفل، وقراءه الفاتحه ركن، وما بعدها نفل، فلو واصلت لم يتضح الفرض. طالب: شيخ، جزاك الله خيرا يا شيخ. لو قال قاءل: ان قراءه النبي صلي الله عليه وسلم الزلزله في الركعتين؛ لعله كان مسافرا، واذا كان الانسان مسافرا يقرا من قصار قصد. الشيخ: ما يخالف، لا، هو ما هو بالمشكله انه قرا قصير، المشكله انه كررها، هل هو نسيان او تشريع؟ اما مساله التقصير لا. نعم. طالب: يقال: انه (...). الشيخ: ايش؟ طالب: وضع اليدين علي الركبتين نسف وضعا اخر ثابتا. الشيخ: اي نعم، صحيح. طالب: (...). الشيخ: ما وصلناه. طالب: شيخ، بعض الاءمه حريصون علي تطبيق هذه السنه في المغرب، يحبون يقراون بسوره الاعراف، بعضهم يعني يخبر الماموين او يكتب لوحه علي الباب باننا سنقرا اليوم الاعراف، علشان ما يشق عليهم.. الشيخ: سمعتم سءاله؟ طالب: لا ما سمعنا. الشيخ: يقول: بعض الاءمه يحب ان يفعل السنه في قراءه الاعراف، فيكتب علي الباب: اننا الليله سنقرا في سوره الاعراف، او يخبرهم مثلا، فهل هذا مشروع او غير مشروع انه يخبرهم؟ طلبه: (...). الشيخ: هو لا شك ان الرسول صلي الله عليه وسلم ما اخبر الصحابه فيما يظهر، لكن بعض الناس اجتهد قال: لاني اخشي ان يكون من الناس من له حاجه، والنبي عليه الصلاه والسلام امر بمراعاه ذوي الحاجات بان نقصر الصلاه؛ يجيء واحد مثلا عنده شغل؛ اما مواعد احدا، اما ضيوف عنده، اذا قرانا سوره الاعراف يمكن يءذن الاخير ما خلصنا، وربما انه يقطع الصلاه. لكن قد يقول قاءل: نعم، له ان يقطع الصلاه، ولا مانع؟ طلبه: (...). الشيخ: ما يعرف الحكم؟ هذه مشكله. طلبه: بعضهم ما يعرف يقرا. طالب اخر: فيه حل يا شيخ. (...). الشيخ: لا ادري، اللي وده يطبق السنه.. طالب: اللي وده يطبق السنه، ما يطبقه بالمسجد العام الذي ياتي كل احد، (...)، انا اذكر اني سالتك السءال يا شيخ هذا، (...) طلبه علم، لا يصلي (...). الشيخ: لا، هو يري ان السنه ان يفعل الانسان في مسجده الذي يصلي فيه. طالب: اذا علم الناس السنه يجهلون هذا (...). الشيخ: لكن هي ما هي السنه راتبه، يمكن الرسول فعلها مره واحده. طالب: شيخ (...). الشيخ: نعم. طالب: ما اظن الحل يا شيخ، ما اظن (...). الشيخ: نعم. لا قلنا. انا اري انه ما يكتب، لكن مهما قال لك ربما نقول: اذا علمنا ان الناس اختلفت احوالهم، وانهم لهم علاقات بعد المغرب، الا تكلف عليهم. نعم اذا كنتم محصورين، في جماعه مثلا، في المسجد معروف جماعتنا، ويعرفون السنه، وقرات بهم؛ لانه بعد حتي قلنا له ان ينفصل او ينفرد، فقالوا: ربما لا يعلم جواز الانفراد. طالب: (...) اذا قام ساكتا حتي يعني جلس جلسه الاستراحه، ثم بعد جلسه الاستراحه يكبر ويقوم. الشيخ: لا، انا اري اذا كان الامام يري جلسه الاستراحه انه من يوم يرفع من السجود يكبر علشان يشوفه المامومون ويجلسون؛ لان السنه اذا كان الامام يجلس استراحه ان تجلس. طالب: طيب، هم يقومون من قبل اذا كبر وجلس للاستراحه (...). الشيخ: اذا خاف من هذا، يعني مثلا بان كان ما هي معروفه من حاله الامام، ربما نقول: لا تكبر الا اذا قمت. طالب: بعد ان قام للاستراحه؟ الشيخ: نعم. الشيخ: قال ( ويضعهما علي ركبتيه ) ويضعهما: يعني اليدين ( علي ركبتيه مفرجتي الاصابع ). قوله: ( يضعهما علي ركبتيه ) هذا هو السنه، وهي السنه الاخيره، وقد كانت السنه قبل ذلك التطبيق، وهو ان يضع الانسان بطن كفه علي كفه الاخري، ثم يضعهما بين ركبتيه، او بين فخذيه، وهذا كان في اول الاسلام، ثم بعد ذلك نسخ، وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعمل بذلك؛ لانه لم يبلغه الناسخ، ولكنه قد ثبت في صحيح مسلم وغيره ان ذلك كان في اول الامر ثم نسخ. وعلي هذا فيضع الكفين علي الركبتين معتمدا عليهما، ليس مجرد لمس، بل يعتمد، وتكون مفرجتي الاصابع، يعني لا مضمومه هكذا، بل مفرجه هكذا، كانه قابض ركبتيه، كما جاءت بذلك السنه. وقوله: ( مستويا ظهره ) الاستواء يشمل استواء الظهر في المد، واستواءه في العلو والنزول، يعني فليس يقوس ظهره ولا يستره حتي ينزل وسطه، وليس ايضا ينزل مقدم الظهر حتي يكون كالذي يريد ان يصل الي الارض بوجهه، بل كان ظهره مستويا، وقد جاءت بذلك السنه عن النبي صلي الله عليه وسلم؛ قالت عاءشه رضي الله عنها: كان اذا ركع لم يشخص راسه ولم يصوبه -لم يشخصه: يعني لم يرفعه، ولم يصوبه: يعني لم ينزله- ولكن بين ذلك . وجاء كذلك فيما رواه الامام احمد: ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يسوي ظهره . وجاء عنه ايضا انه كان يسويه حتي لو صب عليه الماء لاستقر . وهذا يدل علي كمال التسويه. هذا بالنسبه للظهر: فيكون الظهر والراس سواء، ويكون الظهر ممدودا مستويا، اما بالنسبه لليدين فعرفتم انهما توضعان علي الركب مفرجتي الاصابع. وينبغي كذلك ايضا ان يفرج في يديه، فيفرجهما عن جنبيه، ولكن هذا مشروط بما اذا لم يكن فيه اذيه، فان كان فيه اذيه لمن كان الي جانبه، فانه لا ينبغي للانسان ان يفعل سنه يءذي بها غيره؛ لان الاذيه فيها تشويش علي المصلي الي جنبك، وتلبيس عليه، ثم انه يخشي ان يكون ذلك داخلا في قوله تعالي: {والذين يءذون المءمنين والمءمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا} [الاحزاب: ٥٨] فان هذا يشمل الاذي القولي والفعلي. علي كل حال يفرج عضديه عن جنبيه ما لم يءذ جاره، فان اذاه فلا ينتهك حرمه المسلم من اجل فعل سنه. قال: ( مفرجتي الاصابع مستويا ظهره ) والواجب من هذا ان ينحني بحيث يكون الي الركوع التام اقرب منه الي الوقوف التام، يعني بحيث يعرف ان هذا الرجل راكع. وقيل: الواجب ان ينحني بحيث يمكن من كان وسطا ان يمس ركبتيه بيديه، وهذا هو المشهور من المذهب، انه ينحني بحيث يمكن ان يمس ركبتيه بيديه اذا كان وسطا، يعني اذا كانت يداه ليستا طويلتين ولا قصيرتين. لكن القول الاول اظهر، وهو ان يكون الي الركوع التام اقرب منه الي الوقوف التام، بحيث يعرف من يراه انه قد حني ظهره. يقول: ( ويقول: سبحان ربي العظيم )، يقول متي؟ طالب: في الركوع. الشيخ: يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وسبحان: اسم مصدر منصوب علي المفعوليه المطلقه داءما، محذوف العامل داءما ايضا. ومعني التسبيح: التنزيه. والذي ينزه الله عنه امران: احدهما: النقص المطلق. والثاني: النقص في كماله. والثالث، وقد يكون من الثاني: مشابهه المخلوقين. فهذه ثلاثه اشياء ينزه الله عنها: النقص المطلق، والثاني؟ طلبه: النقص في الكمال. الشيخ: النقص في الكمال. والثالث؟ طلبه: مشابهه المخلوقين. الشيخ: مشابهه المخلوقين. اما الاول فينزه عز وجل عن الجهل والعجز والضعف والموت والنوم وما اشبه ذلك. واما الثاني فينزه عن التعب فيما يفعله؛ كما في قوله تعالي: {ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في سته ايام وما مسنا من لغوب} [ق: ٣٨]. فالقدره والخلق لا شك انه كمال، لكن قد يعتريها النقص بالنسبه للمخلوق، فالمخلوق قد يصنع بابا، قد يصنع قدرا، قد يبني بناء، ولكن مع التعب والاعياء، فيكون هذا نقصا في ايش؟ في الكمال. اما الرب عز وجل فانه لا يلحقه تعب ولا اعياء، حتي مع هذه المخلوقات العظيمه، السماوات والارض، وفي هذه المده الوجيزه، ومع ذلك ما مسه تعب ولا اعياء. الثالث: مشابهه المخلوقين، فان مشابهه المخلوقين نقص؛ لان الحاق الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل مقارنه الكامل بالناقص يجعله ناقصا، كما قيل: الم تر ان السيف ينقص قدره اذا قيل: ان السيف امضي من العصا لانك لو قلت: والله عندي سيف حديد قوي امضي من العصا، ماذا يفهم الناس من هذا السيف؟ طلبه: انه ناقص. الشيخ: انه ضعيف. اذا قلت: انه امضي من العصا معناه انه ليس بشيء. فعلي كل حال: الذي ينزه الله عنه هذه الامور الثلاثه: النقص المطلق، والنقص في الكمال، ومشابهه المخلوقين. وقوله ( ربي العظيم ): العظيم في ذاته وصفاته، فانه سبحانه وتعالي في ذاته اعظم من كل شيء، قال الله تعالي: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين} [الانبياء: ١٠٤]، طي السجل للكتب سهل جدا، اذا كتب الانسان وثيقه وطواها فهي عنده سهله، وقال عز وجل: {وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون} [الزمر: ٦٧]، وما السماوات السبع والارضون السبع في كف الرحمن الا كخردله في كف احدنا . واما عظم صفاته فلا تسال عنها، ما من صفه من صفاته الا وهي عظمي؛ كما قال الله تعالي: {ولله المثل الاعلي وهو العزيز الحكيم } [النحل: ٦٠]. اذن انت تنزه الله سبحانه وتعالي وتصفه بعد تنزيهه بامرين كماليين كاملين وهما: الربوبيه والعظمه، فيجتمع من هذا الذكر التنزيه والتعظيم. والتنزيه والتعظيم باللسان تعظيم قولي، وبالركوع تعظيم فعلي، فيكون الركوع جامعا بين التعظيمين القولي والفعلي، ولهذا قال النبي عليه الصلاه والسلام: «الا واني نهيت ان اقرا القران راكعا او ساجدا، اما الركوع فعظموا فيه الرب» . ومقام تعظيم الغير مقام ذل للمعظم، ولهذا لما كان القران اشرف الذكر لم يناسب ان يقراه الانسان وهو في هذا الانحناء والخضوع، بل يقرا في حال القيام، والقيام اكمل حالا من الركوع من حيث الهيءه، وان كان الركوع لا شك ان الذل لله عز وجل. قال: ( يقول: سبحان ربي العظيم ) ولم يذكر المءلف كم يقول ذلك، نعم، ولكن سياتينا ان شاء الله تعالي في ذكر لواجبات الصلاه ان الواجب مره، وما زاد فهو سنه. وقول المءلف ( يقول: سبحان ربي العظيم ) ظاهره انه لا يزيد عليها شيءا، فلا يقول: وبحمده، وهذا هو المشهور من المذهب، وهو ان الاقتصار علي قول: (سبحان ربي العظيم) افضل من ان يزيد قوله: (وبحمده). ولكن الصحيح ان المشروع ان يقول احيانا: (وبحمده) ؛ لان ذلك قد جاءت به السنه، وقد نص الامام احمد رحمه الله انه يقول هذا وهذا؛ لورود السنه به، فيقتصر احيانا علي (سبحان ربي العظيم) واحيانا يزيد: (وبحمده). وظاهر كلامه ايضا: انه لا يقول ما صح به الحديث عن عاءشه رضي الله عنها؛ ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يكثر ان يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» ، ولكن السنه قول ذلك، وان يقول الانسان هذا؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوله: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» . وكذلك ايظا ظاهر كلام المءلف انه لا يقول: «سبوح قدوس رب الملاءكه والروح» ، ولكن السنه قد جاءت به وصحت عن النبي صلي الله عليه وسلم، فعلي هذا يزيد: سبوح قدوس رب الملاءكه والروح. ولكن هل يقول هذه الزياده الاخيره داءما بالاضافه الي (سبحان ربي العظيم) و(سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) او احيانا؟ هذا محل احتمال، وقد سبق لنا ان الاستفتاحات الوارده لا تقال جميعا، انما يقال بعضها احيانا وبعضها احيانا، لكن اذكار الركوع المعروف عند عامه العلماء انها تذكر جميعا. قال: ( ويقول: سبحان ربي العظيم، ثم يرفع راسه ) ثم يرفع راسه فقط الراس؟ طلبه: (...). الشيخ: والظهر. طلبه: (...). الشيخ: يرفع راسه وظهره، نعم؛ لان المءلف قال: ( ثم يركع )، والركوع هو انحناء الظهر، لكن مراده يرفع راسه وظهره بلا شك. ( يرفع راسه ويديه قاءلا امام ومنفرد ) الي اخره. ( يرفع راسه ويديه ) الرفع من الركوع ركن، ولا بد منه؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «ثم ارفع حتي تطمءن قاءما» . واما رفع اليدين فانه سنه، ان فعله الانسان فهو افضل، وان تركه فصلاته صحيحه، هذا هو الذي عليه عامه اهل العلم. والرفع هنا سنه ثبتت بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين وغيرهما، ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يرفع يديه اذا كبر للركوع واذا رفع من الركوع، اذا قال: «سمع الله لمن حمده» . قال: ( قاءلا امام ومنفرد ). ( قاءلا ): حال من؟ طالب: فاعل يرفع. الشيخ: حال من فاعل يرفع. اذن فيكون القول في حال الرفع، ويكون هذا الذكر (سمع الله لمن حمده) من اذكار الرفع، فلا يقال قبل الرفع ولا يءخر لما بعده. ويقال في هذا ما قيل في التكبير؛ فمن العلماء من قال: يجب ان يكون قوله: (سمع الله لمن حمده) ما بين النهوض الي الاعتدال، فان قاله قبل ان ينهض او اخر بعضه او كله حتي اعتدل فان صلاته لا تصح، لكن سبق لنا ان الامر في هذا واسع، وانه لا ينبغي الحاق الناس الحرج في هذا الامر. ( قاءلا امام ومنفرد: سمع الله لمن حمده )، (سمع) من المعروف انها تتعدي بنفسها، كما قال الله تعالي: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادله: ١]، وهنا تعدت باللام، ولا يمكن ان نقول: ان تعديتها باللام من اجل ضعف العامل؛ لان العامل هنا فعل، وهو الاصل في العمل، ولكن نقول: تعدت باللام لانها ضمنت معني فعل يعدي باللام، يعني (سمع) هنا ضمنت معني فعل يعدي باللام، ما هو اقرب فعل يتناسب مع هذا الفعل؟ طلبه: استجاب. الشيخ: استجاب. قال الله تعالي: {فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثي بعضكم من بعض} [ال عمران: ١٩٥]. وعلي هذا فمعني (يستمع) اي: استجاب. وهذا هو المراد بدلاله اللفظ ودلاله المقام. اما دلاله اللفظ فهو تعدي الفعل بايش؟ طلبه: باللام. الشيخ: واما دلاله المقام فلان مجرد السمع لا يستفيد منه الحامد، انما يستفيد الحامد بماذا؟ بالاستجابه، اما مجرد السمع فان الله يسمع من حمده ومن لم يحمده، ولكن الذي يستفيد منه هو الاستجابه. وعلي هذا فيكون الفعل هنا مضمنا معني (استجاب)، نقول ذلك بدلاله لفظيه ودلاله حاليه او مقاميه؟ اللفظيه: ما هي؟ طلبه: تعديه. الشيخ: تعديه باللام، والحاليه او المقاميه اذا شءت هو انه لا يستفيد الانسان من سمع الله المجرد، بل لا يستفيد الا من استجابته. وقوله: ( سمع الله لمن حمده ) سبق لنا ان الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبه والتعظيم، ولكن قد يقول قاءل: كيف تقولون: ان (سمع) بمعني (استجاب)، وهنا ليس فيه دعاء؟ والجواب علي ذلك ان نقول: ان من حمد الله فانه قد دعا ربه بلسان الحال؛ لان الذي يحمد الله ويش يرجو؟ طلبه: الثواب. الشيخ: يرجو الثواب، فاذا كان يرجو الثواب فان الثناء علي الله بالحمد والذكر والتكبير مثلا متضمن للدعاء؛ لانه لم يحمد الله الا رجاء الثواب. فاذن نقول: ( سمع الله لمن حمده )، كيف تقول: ان معناها استجاب؟ فنقول: لان الحامد انما حمد الله رجاء لثوابه، فيكون (استجاب) مناسبا تماما لذلك. قال: ( سمع الله لمن حمده ) لا بد ان يكون بهذا اللفظ، فلو قال: استجاب الله لمن اثني عليه، فهل يصح؟ طلبه: لا يصح. الشيخ: لا يصح؛ لان هذا ذكر واجب، فيقتصر فيه علي الوارد، ولا بد ان يكون علي هذا الترتيب: (سمع الله لمن حمده)، فلو قال: (الله سمع لمن حمده) لم يصح، ولو قال: (لمن حمده سمع الله) لم يصح ايضا، لا بد من الترتيب؛ لانها السنه وردت هكذا، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» ، ولانه ذكر واجب، فوجب الاقتصار فيه علي الوارد. قال: ( وبعد قيامهما ) الضمير يعود علي الامام والمنفرد. ( بعد قيامهما ) يقولان: ( ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الارض وملء ما شءت من شيء بعد ). يقول: ( ربنا ولك الحمد ) ولم يذكر المءلف غير هذه الصيغه، فهل هذا يقتضي ان تكون هي الواجبه؟ يحتمل ان يكون هكذا، ويحتمل ان المءلف اقتصر علي هذه الصيغه طلبا للاختصار. وعلي كل فهذه الصيغه فيها اربع صفات: الصفه الاولي: ربنا ولك الحمد. والصفه الثانيه: ربنا لك الحمد. والصفه الثالثه: اللهم ربنا لك الحمد. والصفه الرابعه: اللهم ربنا ولك الحمد. وكل واحده من هذه الصفات مجزءه، ولكن الافضل ان يقول هذا احيانا وهذا احيانا علي القاعده التي قررناها فيما سبق؛ من ان العبادات الوارده علي وجوه متنوعه الافضل فيها فعلها علي هذه الوجوه، وذكرنا ان في ذلك ثلاث فواءد: طالب: الفاءده الاولي: نحافظ علي الشكل. الشيخ: نحافظ علي السنه، يعني احياء كل من السنن. طالب: اتباع السنه. الشيخ: اتباع السنه. الطالب: حضور القلب. الشيخ: حضور القلب؛ لان الانسان اذا صار مستمرا علي صيغه واحده صارت كانها اتوماتيكيه، يقولها ولا يشعر، فاذا كان منتبها يغير يقول هذا احيانا وهذا احيانا صار ذلك ادعي لحضور القلب؟ طالب: ابعاد الملل الذي.. الشيخ: نعم، دفع الملل عن الانسان، وهذا في العبادات؟ طالب: المتنوعه. الشيخ: المتنوعه، قد يكون في غير هذا الموضع ايضا. نعم. طالب: سءال يا شيخ، السءال الثاني. الشيخ: سءال، طيب. طالب: شيخ، نقل بعض الاقوال عندنا فتوي عند من ذكر هذه الاذكار جمله ذكروا اكثر من الاذكار هذه في احد اركانه، في الصلاه. الشيخ: ايش، ان من؟ طالب: من ذكر هذه الاذكار المتنوعه في موضع واحد فقط انها بدعه، وصور لذلك مثل الاذكار الصباح والمساء. الشيخ: نعم، ان من ذكرها في موضع واحد؟ طالب: نعم. الشيخ: يعني من جمعها قصدك. طالب: نعم، الاذكار المتنوعه جمعها كلها في موضع واحد. الشيخ: اما اذا كانت كل واحده بدلا عن الاخري فهذا لا شك انها بدعه، يعني لو قال الانسان: ربنا ولك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، قلنا: هذا بدعه. طالب: يقاس عليها؟ الشيخ: لكن اذا جمعها وهي مختلفه، ما هي من نوع الواحد، فلا يظهر انها بدعه؛ ولهذا نقول في اذكار الصلوات: تجمع بينها، اذكار الصباح والمساء كذلك. طالب: شيخ، احسن الله اليك، استمرار وضع اليد علي الركبه هل هو شرط في الركوع ام لا؟ الشيخ: لا، ما هو شرط. طالب: بعض الاءمه يا شيخ يرفعون من الركوع ولا يقولون: (سمع الله لمن حمده) الا وهو قاءم، في هذه الحال ياتي مسبوق ويركع، وهو رافع من الركوع، فهل يصح ام لا يصح؟ تجزءه الركعه هذه اللي ادركها مع الامام قبل ان يقول: سمع الله لمن حمده؟ الشيخ: سمعتم السءال؟ يقول: ان بعض الاءمه لا يقولون: سمع الله لمن حمده الا بعد قيامهم، ثم ياتي شخص فيركع والامام قد رفع، فهل يعتد بهذه الركعه؛ لانه ركع قبل ان يقول الامام: سمع الله لمن حمده، او لا يعتد بها؛ لان الامام رفع من الركوع؟ طالب: لا يعتد. الشيخ: الجواب، لا يعتد بها، لا يعتد بها لا شك، لكن هذا من جهل الاءمه، وقد مر علينا ان بعضهم يقول: انا اءخر التكبير او التسميع لءلا يسبقني المامومون، وسبق لنا بيان خطا هذا الشخص، وهذا الذي ذكرت ايضا فيه خطا اخر وهو ان بعض المسبوقين يعتد بهذه الركعه مع انها لا تجزءه. اي نعم . طالب : شيخ، الماموم اذا قال: سمع الله لمن حمده، فهل تبطل صلاته؟ الشيخ: اي بيجينا ان شاء الله. طالب: شيخ، عبد الله بن مسعود يا شيخ كان بيطبق في الركوع، هل بلغه النسخ عن الرسول صلي الله عليه وسلم؟ الشيخ: لم يبلغه، اللهم ما بلغه، قطعا لو بلغه ما بقي هكذا. طالب: شيخ، احسن الله اليكم، قلنا: ان الثناء هو الدعاء (...) استجاب سمع الله لمن حمده. الشيخ: الثناء متضمن للدعاء. طالب: متضمن للدعاء. الشيخ: نعم. طالب: لكن هو يقول: سمع الله لمن حمده، ولم يقل: اللهم لك الحمد، يعني: لم يحمد الله، قال: لمن حمده. الشيخ: نعم، صح. طالب: وين الحمد؟ الشيخ: يعني كل من حمد الله فالله يستجيب له. طالب: يعني هو لا يخبر عن نفسه. الشيخ: لا، ما هو بيخبر عن نفسه، ما قال: سمع الله لي، يخبر بان الله سبحانه وتعالي لفضله وكرمه كل من حمده استجاب له. *** طالب: الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: وماموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط، ثم يخر مكبرا ساجدا علي سبعه اعضاء: رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع انفه، ولو مع حاءل ليس من اعضاء سجوده. الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ( وماموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط ). قال: ( سمع الله لمن حمده ) معني سمع يعني استجاب، كما فهمتم، والحمد هو الثناء، او بل الحمد وصف المحمود بالكمال مع المحبه والتعظيم. فيقال: حمد الشيء او حمد فلانا يعني وصفه بصفات الكمال مع محبته وتعظيمه، وانه ذو احترام في قلبه. قال ابن القيم: وبهذا يعرف الفرق بين الحمد والمدح؛ فان المدح وصف الممدوح بالكمال او بالصفات الحميده، لكن لا يلزم منه ان يكون محبا معظما، قد يمدحه من اجل ان ينال غرضا له، قد يمدحه من اجل ان يتقي شره، لكن الحمد لا يكون الا مع محبه وتعظيم. وبهذا نعرف قوه سر اللغه العربيه؛ حيث ان الحروف واحده هنا: حمد ومدح، الحروف فيها واحده، لكن اذا اختلف ترتيب الحروف اختلف المعني، فمدح مقلوب؟ طلبه: حمد. الشيخ: مقلوب حمد، يعني: مختلف في الترتيب، وان كان ليس مقلوبا من كل وجه، لكن لما اختلف ترتيب الحروف اختلف المعني. المهم ان الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبه والتعظيم، واما من عرف الحمد بانه الثناء بالجميل الاختياري فهذا قاصر: اولا: لان الثناء اخص من المدح؛ لان الثناء هو مدح مكرر، كما جاء في الحديث الصحيح ان الانسان اذا قال: « {الحمد لله رب العالمين} قال الله: حمدني عبدي، فاذا قال: {الرحمن الرحيم} قال الله: اثني علي عبدي» ، ففرق الله سبحانه وتعالي بين الحمد والثناء. ثانيا: انه الجميل الاختياري يخرج الحمد علي كمال الصفات اللازمه التي لا تتعدي كالعظمه والكبرياء وما اشبه ذلك، والله تعالي محمود علي صفات الكمال اللازمه وصفات الكمال المتعديه، فهو محمود علي كماله، ومحمود علي احسانه سبحانه وتعالي. قال: ( ملء السماء وملء الارض وملء ما شءت من شيء بعد ) (ملء) هذه صفه لموصوف محذوف، والتقدير: حمدا ملء. و(حمدا) هذه المحذوفه منصوبه علي المصدر، والعامل فيها المصدر في قوله: ( ربنا ولك الحمد ). وقوله: ( ملء السماء وملء الارض ) هكذا قال المءلف بلفظ الافراد، واكثر الروايات الوارده في هذا بلفظ الجمع: «ملء السماوات وملء الارض» . هذا اكثر الروايات الوارده عن النبي صلي الله عليه وسلم، وفي روايه لمسلم: «ملء السماء» ، لكن اكثر الروايات بالجمع. ( وملء الارض ): جاء بها مفرده؛ لان هذا هو التعبير القراني، فالله سبحانه وتعالي في القران يعبر عن الارض بالافراد وعن السماوات بالجمع. وقوله ( ملء السماوات وملء الارض ) ما معني قوله: ( ملء )؟ قال بعض اهل العلم: معناه انه لو كان الحمد اجساما لملا السماء وملا الارض، فيكون ملاها بالحجم، يعني لو قدر ان هذا الحمد اجسام لملا السماء والارض، ولكن الصحيح خلاف ذلك وان معني قوله: ( ملء السماء ) هو ان الله سبحانه وتعالي محمود علي كل مخلوق، وعلي كل فعل يفعله، فكل فعل يفعله وكل مخلوق يخلقه فان الله تعالي يستحق عليه الحمد. ومعلوم ان السماوات والارض بما فيها كلها من خلق الله، فيكون الحمد حينءذ مالءا للسماوات والارض؛ لان المخلوقات تملا السماوات والارض، وهذا اولي؛ لان الانسان يستحضر به ان الله محمود علي كل فعل فعله وعلي كل خلق خلقه. اما ان يقدر انه اجسام متراكمه فهذه ايضا تختلف؛ لان الاجسام قد تكون صغيره وقد تكون كبيره، ومعلوم الفرق بين ما ملء باجسام صغيره وما ملء باجسام كبيره؛ لان ما ملء باجسام كبيره في الغالب يكون فيه فراغات، وقدر ذلك بصاع من الاقط المقروص، الذي جعل كالقرصان، ومن صاع من الرز، تجد الفراغات الكثيره في الاول دون الثاني. فالمهم ان القول الصحيح في هذه المساله: ان الله تعالي يحمد علي كل ما في السماوات وما في الارض من مخلوقاته، وعلي كل فعل فعله سبحانه وتعالي. وقوله: ( ملء السماء وملء الارض وملء ما شءت من شيء بعد ). هل يشاء الله من شيء بعد؟ الجواب: نعم؛ لان السماوات والارض تطوي وتزول، ثم تاتي الجنه والنار، فهو اعم من بقاء السماء والارض. ملء السماوات وملء الارض وملء ما شءت من شيء بعد مما لا يعلمه الا الله. في بعض روايات مسلم: «وملء ما بينهما» ، وهذا نص علي ما بينهما، ولو حذفت لكان قوله: «ملء السماوات وملء الارض» مغنيا عنها، ولهذا يذكر الله تعالي انه خلق السماوات والارض في سته ايام، ويذكر احيانا انه خلق السماوات والارض وما بينهما في سته ايام. ( ملء السماء، وملء الارض، وملء ما شءت من شيء بعد ) من يقول هذا؟ يقوله الامام والمنفرد؛ لقول المءلف: ( وماموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط ). قال ( وماموم ) يعني ان الماموم يقول في رفعه، في حال الرفع: ربنا ولك الحمد. اما الامام والمنفرد فيقول في رفعه: سمع الله لمن حمده. اذن الماموم يقول في رفعه: ربنا ولك الحمد. قال: ( فقط ): هذه بمعني: فحسب، يعني لا يزيد علي ذلك، فيقتصر علي هذا ويقف ساكتا. الدليل: قوله صلي الله عليه وسلم: «اذا قال الامام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» . ولكن عند التامل نجد ان هذا القول ضعيف، وان الماموم ينبغي ان يقول كما يقول الامام والمنفرد، يعني يقول بعد رفعه: ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شءت من شيء بعد؛ وذلك لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اذا قال الامام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» ، فجعل قول الماموم: (ربنا ولك الحمد) معادلا لقول الامام: (سمع الله لمن حمده). والامام يقول: (سمع الله لمن حمده) في حال الرفع، فيكون الماموم في حال الرفع يقول: ربنا ولك الحمد، اما بعد القيام فيقول: ملء السماوات الي اخره؛ لقوله صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» . فهذا هو القول الراجح في هذه المساله: ان الماموم يقول كما يقول الامام والمنفرد بعد رفعهما، وعرفتم وجه الترجيح. اذن يترجح بامرين: الامر الاول: ان النبي صلي الله عليه وسلم جعل قول الماموم: (ربنا ولك الحمد) بازاء قول الامام؟ طلبه: سمع الله لمن حمده. الشيخ: سمع الله لمن حمده. وهذا حين الرفع. الوجه الثاني: قوله صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» ، فان هذا يشمل الماموم كما يشمل الامام والمنفرد. وعلم من كلام المءلف ان الماموم لا يقول: سمع الله لمن حمده. وهو كذلك. فاذا قال قاءل: ما الجواب عن قوله صلي الله عليه وسلم «صلوا كما رايتموني اصلي» ، وقد كان يقول: «سمع الله لمن حمده» ؟ فالجواب علي هذا سهل وهو ان قوله: «صلوا كما رايتموني اصلي» عام، واذا قال: «سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد» هذا خاص، والخاص يقضي؟ طلبه: علي العام. الشيخ: علي العام، فيكون الماموم مستثني من هذا العموم بالنسبه لقول: (سمع الله لمن حمده) فانه يقول: (ربنا ولك الحمد) فقط. وظاهر كلام المءلف انه لا يزيد علي هذا الذكر الواجب بعد القيام من الركوع. ولكن الصحيح انه يزيد ما جاءت به السنه، مثل: «اهل الثناء والمجد، احق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما اعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» . وعلي هذا فالظاهر ان المءلف حذف هذه الجمله اقتصارا او اختصارا؟ طلبه: اختصار.. طلبه: اقتصار.. الشيخ: هو في الحقيقه فيه احتمال ان يكون اقتصارا او اختصارا؛ ان كان اختصارا فالمعني ان المءلف اقتصر علي بعض الذكر الوارد، واذا كان اقتصارا فالمعني ان المءلف يري الا يقال سواه، يعني هو اقتصر علي هذا. ولكن الذي يظهر انه اقتصار، انه حذفها اقتصارا؛ لان المقام مقام ذكر، والذكر ينبغي ان يذكر كل ما ورد فيه، الا ان يدعي مدع ان المءلف يري ان هذا الكتاب مختصر، فاختصر. علي كل حال لا يهمنا ما اراده المءلف، الذي يهمنا ان السنه ان يقول الانسان ما ورد في هذا مما زاد علي كلام المءلف. قال: ( وماموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط ) ولم يذكر المءلف رحمه الله ماذا يصنع بيديه بعد الرفع من الركوع؟ هل يعيدهما علي ما كانتا عليه قبل الركوع فيضع يده اليمني علي ذراعه اليسري، او يرسلهما؟ فالمنصوص عن الامام احمد رحمه الله ان الانسان يخير بين ارسالهما وبين وضع اليد اليمني علي ذراع اليسري، وكان الامام احمد رحمه الله راي ذلك؛ لانه ليس في السنه ما هو صريح في هذا، فقال: الانسان مخير، وهذا كما يقول بعض العلماء في مثل هذه المساله: الامر في ذلك واسع؛ ان شاء ارسل، وان شاء وضع. ولكن الذي يظهر من السنه ان السنه هي وضع اليمني علي ذراع اليسري؛ لعموم حديث سهل بن سعد الثابت في البخاري: كان الناس يءمرون ان يضع الرجل يده اليمني علي ذراعه اليسري في الصلاه . فانك اذا اخذت بعموم هذا الحديث في الصلاه ولم يقل: في القيام، تبين لك ان القيام بعد الركوع يشرع فيه الوضع؛ لان الصلاه اليدان فيها حال الركوع تكون علي الركبتين، وفي حال السجود علي الارض، وفي حال الجلوس علي الفخذين، وايش بقي؟ طلبه: القيام. الشيخ: حال القيام يشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، فيضع الانسان يده اليمني علي ذراعه اليسري، وهذا هو الصحيح. طالب: شيخ، لم يذكر المصنف قول الماموم: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . الشيخ: اي نعم، هذا ايضا ما ذكره المءلف، مع انه قد ثبتت به السنه في اقرار الرسول عليه الصلاه والسلام للرجل الذي قال ذلك. طالب: ما ورد في السنه قول النبي صلي الله عليه وسلم. طالب اخر: نسمع السءال الاول يا شيخ. الشيخ: السءال يقول: ما ذكر: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. اي نعم. طالب: وهل جاء في السنه قول الصحابي حينما اقره النبي صلي الله عليه وسلم: كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك؟ الشيخ: لا اعرف هذا. طالب: الذي تعرف (...). الشيخ: اي، ما ذكر هذا. طالب: شيخ، الاكثار من الحمد، يعني النبي صلي الله عليه وسلم كان يقف وقوفا طويلا، لا نقول يعني: ان الانسان يحمد كما يشاء، ما جاءت به السنه وما لم تات. الشيخ: نعم. يعني مثلا اذا كان في صلاه تطال فيها الاركان. طالب: مثل؟ الشيخ: مثل الركوع، والقيام بعده، والسجود، والجلوس، يكرر الحمد، اقول: يكرر الحمد. طالب: هل يكرر وياتي..؟ الشيخ: ياتي بالوارد ويكرر ما شاء، مثلا يقول: لربي الحمد، اللهم لك الحمد، وما اشبه ذلك. طالب: طيب، يا شيخ، فيه وجه (...) ان المامومين يقولون مثل الامام، انت قلت: النبي صلي الله عليه وسلم قال: «صلوا كما رايتموني اصلي» . الشيخ: نعم. طالب: فيه وجه يا شيخ، ما نقول: قاعده: ان الماموم الاصل يفعل مثل الامام الا ما جاء الدليل بالتخصيص. الشيخ: نعم، ما فيه شك، هذا هو الاصل، كل مصل؛ امام او ماموم او منفرد ذكر او انثي، فيفعل كما فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم. طالب: احسن الله اليك، هل يجوز ان يوصل الاذكار في قوله: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الارض؟ الشيخ: الظاهر انه لا باس به؛ لان الاول باقرار الرسول صلي الله عليه وسلم وهذا بفعله، لكن كونه يبدا بما جاءت به السنه الصريحه عن الرسول احسن، اي نعم. طالب: (...) الحمد والشكر. الشيخ: في هذه من الزيادات التي لا تنبغي. طالب: هذا اللفظ. الشيخ: لغه اي نعم؛ لانه يقال: ان الالفاظ الوارده في الاذكار ينبغي المحافظه عليها. نعم. طالب: جزاك الله خيرا، بالنسبه لارسال اليدين بعد الركوع، لو شاهدنا رجلا يرسل يديه هل نقول له: انت خالفت السنه او نقول: ان الامر علي السعه؟ الشيخ: اما علي مذهب الامام احمد فالامر علي السعه، ما نقول له شيءا، لا نقول: ضع ولا ارسل، لكن علي ما رجحناه: ينبغي ان ندله؛ لان بعض الناس قد يغتر بكلام بعض العلماء الذين انكروا هذا انكارا عظيما، يعني انكروا الوضع، وزعموا انه بدعه، فيبين له؛ لانه يخشي ان يعتقد ان الوضع بدعه، فيكون في هذا خطر عليه. طالب: شيخ. قد جاء في سنن الدارقطني من حديث ابي هريره رضي الله عنه وارضاه انه قال: كنا اذا قال النبي عليه الصلاه والسلام: «سمع الله لمن حمده»، قلنا: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد . فماذا يجاب عليه؟ الشيخ: يجاب بان هذا اجتهاد منهم مخالف لامر الرسول عليه الصلاه والسلام؛ لان الرسول قال: «اذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» مع ان الامام يقول: ربنا ولك الحمد بالاتفاق. طالب: لكن هو يقول يا شيخ: كنا يعني ان صح.. الشيخ: اي، هذا مثل قول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقول بعد موت الرسول: السلام علي النبي، بدل قوله: السلام عليك ايها النبي . ولا شك ان هذا من فعل ابن مسعود رضي الله عنه، ليس عن جميع الصحابه؛ لان عمر بن الخطاب خطب علي المنبر؛ علي منبر الرسول، وامر بالتشهد، وقال: قولوا: السلام عليك ايها النبي ورحمه الله وبركاته . صريحه. *** (...) واله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ثم يقرا الفاتحه ). وسءالنا الان: ما حكم قراءه الفاتحه علي ما ذهب اليه المءلف؟ طالب: حكم قراءه الفاتحه واجب. الشيخ: من اي نوع من انواع الواجبات؟ الطالب: الواجب لازم علي صاحبي الحال. الشيخ: هذا تعريف الواجب. طالب: الواجب الذي.. الشيخ: من اي انواع الواجبات؟ طالب: شو انواع الواجبات؟ الشيخ: لان الواجبات لها انواع، الواجبات في الصلاه التي يجب تحققها في الصلاه انواع. طالب: هذه من الاشياء التي يجب تحققها في الصلاه. الشيخ: ما هذا يعني؟ نعم. طالب: انها ركن. الشيخ: من الاركان؟ صح. من الاركان. يعني فيه واجب وركن وشرط، وكلها يصدق عليها اسم واجب، لكنها انواع. هي ركن من اركان الصلاه علي كل مصل، علي ما ذهب اليه المءلف؟ طالب: لا. علي المنفرد والامام، اما الماموم فلا. الشيخ: اذن فيه ركن في حق الامام والمنفرد، دون الماموم؟ كيف نستخرج هذا من كلام المءلف؟ طالب: اي نعم. لانه قال: ( ثم يقرا الفاتحه ) يتكلم عن الامام. الشيخ: لا. طالب: لا؛ لقوله: ( يقرا به لزم غير ماموم اعادتها ). الشيخ: نعم. ناخذه من قوله: ( لزم غير ماموم )؟ طالب: ( اعادتها ). الشيخ: ( اعادتها )، وغير الماموم هو المنفرد؟ طالب: والامام. الشيخ: والامام. طيب. ما هو الدليل علي ركنيه قراءه الفاتحه؟ طالب: قوله صلي الله عليه وسلم: انه صلاه لم يقرا فيها بالفاتحه فهي خداج. الشيخ: «بام» . طالب: «بام القران فهي خداج» . الشيخ: نعم خداج يعني فاسده. هذا حديث ابي هريره. حديث عباده : «لا صلاه» . طالب: «لا صلاه لمن لم يقرا بـ..» . الشيخ: طيب. لو قال قاءل: هذا لنفي الكمال؛ لقوله تعالي: {فاقرءوا ما تيسر من القران} [المزمل: ٢٠]، وقول النبي صلي الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: «فاقرا ما تيسر معك من القران» . طالب: نعم هو يقال: هذا مردود من وجهين. الشيخ: نعم. طالب: الاول: قوله صلي الله عليه وسلم: «لا تجزء صلاه لا يقرا فيها بام القران» . الشيخ: نعم. طالب: الثاني: ان النفي اذا اطلق فانه يعني ينصرف الي نفي الصحه، فان لم يمكن حمله علي ذلك علي نفي الوجود (...). الشيخ: لانه قد يصلي بلا فاتحه. طالب: فيحمل علي نفي الصحه، ولا ينتقل عنه الا بدليل. الشيخ: هو يقول: عندي دليل: {اقرءوا ما تيسر من القران} هذا في القران، «فاقرا ما تيسر معك من القران» هذا في السنه. طالب: (...). الشيخ: اي نعم. طالب: نقول: ان الايه هذه والحديث هذا عام. الشيخ: نعم. طالب: وحديث عباده بن الصامت يخصص الفاتحه فقط. الشيخ: اي نعم، نجيب عنه بهذا، نجيب عنه بان هذا عام وهذا خاص، ثم نقول ايضا: ما اشار اليه «لا تجزء صلاه» . وحديث ابي هريره: «فهي خداج» ، يعني؟ طلبه: فاسده. الشيخ: فاسده، الخداج: الشيء الفاسد. ثم نقول ايضا: في الغالب ان ايسر ما يكون من القران؟ طالب: الفاتحه. الشيخ: الفاتحه عند المسلمين؛ لانهم يقراونها كثيرا (...) *** طالب: الحمد لله، والصلاه والسلام علي رسول الله، قال المءلف رحمه الله تعالي: ثم يخر مكبرا ساجدا علي سبعه اعضاء: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع انفه، ولو مع حاءل ليس من اعضاء سجوده. الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد خاتم النبيين وامام المتقين، وعلي اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ( ثم يخر مكبرا ). قوله: ( ثم ) كلمه او حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي، ولم يبين المءلف رحمه الله مقدار هذا التراخي، ولكنه قد دلت السنه من حديث البراء بن عازب وغيره علي ان هذا القيام -اعني الاعتدال بعد الركوع- يكون بمقدار الركوع تقريبا، فقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه: رمقت صلاه النبي صلي الله عليه وسلم، او قال: الصلاه مع النبي صلي الله عليه وسلم، فوجدت قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ما عدا القيام والجلوس -يعني في التشهد- قريبا من السواء . وعلي هذا فالسنه الوارده عن النبي عليه الصلاه والسلام اطاله هذا الركن -اعني ما بين الركوع والسجود- خلافا لمن كان يسرع فيهما، بل لمن كان لا يطمءن فيهما، كما نشاهده من بعض المصلين؛ من حين ان يرفع من الركوع يسجد، فالذي يفعل هذا -اي لا يطمءن بعد الركوع- صلاته باطله؛ لانه ترك ركنا من اركان الصلاه، وقد راي النبي صلي الله عليه وسلم رجلا يصلي ولا يطمءن، فصلي الرجل ثلاث مرات وكلها يقول فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ارجع فصل فانك لم تصل» . والافه التي جاءت المسلمين في هذا الركن -القيام بعد الركوع- وفي الركن الذي بين السجدتين يقول شيخ الاسلام: ان هذا جاء من بعض امراء بني اميه؛ فانهم كانوا لا يطيلون هذين الركنين، اي القيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين. وتعرفون ان الناس علي دين ملوكهم، فتلقي الناس عنهم التخفيف في هذين الركنين، فظن كثير من الناس ان ذلك هو السنه، فماتت السنه، حتي صار اظهارها من المنكر، او يكاد يكون منكرا، حتي ان الانسان اذا اطال فيهما ظن الظان انه قد نسي واوهم. المهم ان قول المءلف: ( ثم يخر ): لم يبين مقدار المهله او التراخي ولكن نقول: دلت السنه علي انه ايش؟ بمقدار الركوع او قريبا منه. وبناء علي ذلك فنحن نعلم جميعا انه في صلاه الكسوف يطال الركوع، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: يطال اطاله طويله، فاذا رفع من الركوع -الركوع الثاني- فانه ايضا يطيل القيام نحوا من الركوع، ولكن ماذا يقول؟ يكرر الحمد، ان كان يعرف ما ورد عن النبي عليه الصلاه والسلام في هذا المقام قاله، وان كان لا يعرف كرر، والانسان يستطيع ان يكرر الحمد مده طويله؛ لان هذا الركن ذكره حمد، من حين ما يرفع الانسان، يقول: سمع الله لمن حمده. ثم يشرع في الحمد. فهذا الركن اذن ركن حمد، فاذا كنت تعرف ما جاءت به السنه في هذا فذلك افضل، واذا لم تعرف فكرر الحمد، لو تقول: لربي الحمد، ربي ولك الحمد، وما اشبه ذلك من الكلمات كفي. قال المءلف: ( ثم يخر مكبرا ساجدا ) (يخر مكبرا) حال من فاعل (يخر). والحال الاصل فيها انها مقارنه للفعل، فاذا قلت مثلا: جاء زيد راكبا. فمتي ركوبه؟ حين مجيءه. ( خر مكبرا ): متي تكبيره؟ حين خروره. وهو كذلك؛ فان محل التكبير هو الخرور من القيام الي السجود، وكذلك جميع تكبيرات الانتقال محلها ما بين الركن الذي انتقلت منه وبين الركن الذي انتقلت اليه. وقد سبق لنا البحث في هذا، فلا حاجه الي اعادته. المهم انك تكبر في حال الخرور الي السجود. ولم يذكر المءلف رحمه الله رفع اليدين، فهل هذا من باب الاختصار او الاقتصار او العمد؟ طالب: الثالث.. الشيخ: الجواب: الثالث. من باب العمد؛ لان رفع اليدين عند السجود ليس بسنه؛ فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما -وهو من اشد الناس حرصا علي السنه واضبط الناس لها- انه ذكر ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يرفع يديه اذا كبر للاحرام، واذا ركع كبر للركوع، واذا رفع من الركوع. قال: وكان لا يفعل ذلك في السجود، ولا اذا قام من السجود . والرجل قد ضبط وفصل وبين، وليس هذا من باب النفي المجرد، هذا نفي يدل علي اثبات ترك الفعل؛ لان الرجل قد تحري الصلاه وضبط: تكبير عند الدخول في الصلاه، عند الركوع، عند الرفع منه، عند السجود، عند القيام من السجود. هذه محلات الانتقالات، فاثبت التكبير في ثلاثه مواضع ونفاها في السجود، وعند القيام من السجود. طالب: الرفع ولا التكبير. الشيخ: (...) الرفع. طالب: تقول: التكبير. الشيخ: لا، انا اقول: هذه التكبيرات اللي اثبتها. علي كل حال الرفع، نحن نتكلم عن الرفع. وعلي هذا فليس من السنه انه يرفع يديه اذا سجد. وقد روي عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان يرفع في كل خفض ورفع. ولكن ابن القيم رحمه الله ذكر ان هذا وهم، وان صواب الحديث: كان يكبر في كل خفض ورفع، وقال: ان وجه الوهم فيه حديث ابن عمر فانه صريح في عدم الرفع عند السجود وعند الرفع من السجود. وليس هذا من باب تعارض مثبت ومنفي حتي نقول بالقاعده المشهوره: ان المثبت مقدم علي النافي؛ لان النفي هنا في قوه الاثبات، فانه رجل يحكي عن عمل واحد فصله، قال: هذا فيه كذا، واثبته، وهذا ليس فيه كذا، ونفاه. وفرق بين النفي المطلق وبين النفي المقرون بالتفصيل؛ فان النفي المقرون بالتفصيل دليل علي ان صاحبه قد ضبط حتي وصل الي هذه الحال، عرف ما ثبت فيه الرفع وما لم يثبت فيه الرفع. وعلي هذا فنقول: ان حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين مقدم علي ذلك الحديث الضعيف، والوهم فيه قريب. وعلي هذا فاذا قال قاءل: ما الفرق بين الهوي الي الركوع والهوي الي السجود؟ اليس كل منهما انتقالا من اعلي الي اسفل؟ الجواب: بلي، ولكن العبادات مبنيه علي؟ طلبه: التوقيف. الشيخ: التوقيف، فلا قياس فيها. ولو دخل القياس في مثل هذه الامور في صفات العبادات وما اشبهها لضاع انضباط الناس، ولصار كل انسان يقيس علي ما يريد، او علي ما يظن ان القياس فيه تام الاركان، ويضيع الاتفاق بين الامه في عباداتهم التي يتقربون بها الي الله عز وجل. يقول المءلف رحمه الله: ( ثم يخر مكبرا ساجدا علي سبعه اعضاء ) (ساجدا) حال من اين؟ طلبه: فاعل يخر. الشيخ: من فاعل يخر، ولكنها حال مقارنه ولا حال يعني لاحقه؟ طلبه: لاحقه. الشيخ: لاحقه؛ لان هذه الحال -اعني السجود- لا تكون في حال الخرور، ولكنها تكون بعد انتهاء الخرور، فهي حال لاحقه مقدره. يقول: ( ساجدا علي سبعه اعضاء ): (ساجدا) لا بد ان يكون ساجدا، والسجود بحيث تتساوي اطرافه العليا والسفلي، فلو فرض انه سجد علي شيء مرتفع هكذا منزلق وصار الي القعود اقرب منه الي السجود، فان ذلك؟ طلبه: لا يعد.. الشيخ: لا يعد سجودا، لا بد من تساوي الاعالي والاسافل، او علي الاقل نقول: ان يكون الي السجود التام اقرب منه الي الجلوس التام، فيما لو كانت الارض متصاعده. يقول: ( ساجدا علي سبعه اعضاء ) وبينها قال: ( رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع انفه ).كم هذه؟ طلبه: سبعه. الشيخ: سبعه؟ نعدها زين؛ رجليه ثم ركبتيه. طلبه: اربعه. الشيخ: اربعه، ثم؟ طلبه: (...). الشيخ: ثم يديه سته. ثم جبهته مع انفه. طلبه: هذه واحد. الشيخ: جبهه وانف؟ طلبه: واحد. الشيخ: الجبهه والانف واحد؟ طلبه: واحد. الشيخ: واحد؟ طالب: عضو واحد. الشيخ: عضو واحد. طيب لو قضم الانسان انف رجل، كان فيه نصف الديه ولا ديه كامله؟ طلبه: ديه كامله. الشيخ: طيب، اذا كان هو الجبهه والعضو واحدا، معناه ما قضم الا نصف العضو؟ "},{"Id":1711,"Name":"02 كتاب الصلاة 21","Sort":43,"Version":0,"LessonText":"

يقول: (ساجدًا على سبعة أعضاء).
(سبعة أعضاء): وبيَّنَاها.
قال: (رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه)، كم هذه؟
طلبة: سبعة.
الشيخ: سبعة؟ نَعُد زين؛ رجليه.
طالب: اثنان.
الشيخ: ثم ركبتيه.
طلبة: أربعة.
الشيخ: أربعة، ثم؟
الطلبة: يديه.
الشيخ: ثم يديه؛ ستة، ثم جبهته مع أنفه.
الطلبة: واحد.
الشيخ: الجبهة والأنف واحد؟
الطلبة: الأنف والجبهة واحد.
الشيخ: واحد؟
طالب: عضو واحد.
الشيخ: عضو واحد، لو قضم الإنسان أنف رَجُل كان فيه نصف الدية ولَّا دية كاملة؟
الطلبة: دية كاملة.
الشيخ: إذا كان هو الجبهة والعضو واحد، معناه ما قضم إلا نصف العضو؟
الطلبة: محل واحد.
الشيخ: نقول: الواقع أن الجبهة والأنف ليس شيئًا واحدًا في الحقيقة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام ألْحَقَ الأنف بالجبهة إلحاقًا، وسنتلو الحديث، روى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ -أَوْ أَعْضَاءٍ- عَلَى الْجَبْهَةِ»، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ .
وهنا لو كان الأنف من الجبهة حكمًا وحقيقةً ما أشار إليه، أليس كذلك؟
الطلبة: بلى.
الشيخ: ولو كان عضوًا مستقلًّا لنص عليه، وجعله مستقلًّا، وقال: على الجبهة وعلى الأنف، إذن فهو تابع، فهو من الجبهة حُكْمًا لا حقيقة، ولهذا أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم إشارة.
الجبهة واليدين، يقول المؤلف: (ثم يديه)، (يديه)، والحديث «كَفَّيْهِ»، و«الْكَفَّيْنِ» ، فهل بينهما فرق؟ لا؛ لأن اليد عند الإطلاق هي الكف فقط.
أرأيتم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: ٣٨].
ثم أرأيتم قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]، ماذا يُطلَق عليه لفظ اليدين في الآيتين؟
الطلبة: الكف.
الشيخ: الكف.
ولهذا يُقطَع السارق من مفصل الكف، وفي التيمم أرى النبي صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر كيف مسح اليدين، فمسح ظاهر كفيه، ومسح الشمال على اليمين .
إذن كلام المؤلف لا يعارض الحديث؛ لأن اليدين عند الإطلاق؟
الطلبة: (...).
الشيخ: يُراد بهما الكف، وأما إذا قُيِّدت اليد فعلى حسب ما قُيِّدَت به، كما في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦].
يقول المؤلف رحمه الله: (ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه)، (جبهته مع أنفه)، ولهذا ما قال: جبهته وأنفه، أو ثم أنفه.
قال: (مع)، إشارة إلى أن الأنف تابع مصاحِب، وهو كذلك.
وبقي علينا نظر آخر في هذه العبارة.
أولًا: قال المؤلف: (على سبعة أعضاء: رجليه)، أليس هو قائم على رجليه من الأصل؟
الطلبة: في السجود.
الشيخ: في السجود ربما يرفعهما، كذا ولَّا لا؟
الطلبة: إي.
الشيخ: ولهذا نص عليهما، حتى لا يرفعهما إذا سجد.
ينزل المصلي على ركبتيه أولا ثم يديه ثم قال المؤلف: (ثم ركبتيه، ثم يديه).
فأفاد المؤلف بالنص الصريح أن الركبتين مقدمتان على اليدين، وهذا الذي ذهب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعامة أهل العلم -ومنهم الأئمة الثلاثة؛ أحمد وأبو حنيفة والشافعي- على أن الركبتين مقدمتان على اليدين، وهذا مقتضى النص المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلًا، والذي ثبت عنه أو كاد يثبت قولًا، وهو أيضًا مقتضى النظر الصحيح.
أما الأول؛ وهو أنه مقتضى النص، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم رُوِيَ عنه أنه كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه ، لكن هذا الحديث طعن فيه كثير من أهل العلم وقالوا: إنه ضعيف.
وأما ما ثبت عنه قولًا أو كاد يثبت فهو حديث أبي هريرة، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ» ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبرك الرجل كما يبرك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فيقدم مُقَدَّمه على مُؤَخَّره كما هو ظاهر.
وقد ظن بعض أهل العلم أن معنى قوله: «فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ»، يعني: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وأنه نهى أن يبرك الإنسان على ركبتيه، وعلى هذا فيقدِّم يديه.
ولكن بين اللفظين فرقًا واضحًا، فإن النهي في قوله: «كَمَا يَبْرُكُ» نهي عن؟ الكيفية؛ لأن الكاف للتشبيه.
وأما النهي فلا يبرك على ما يبرك، لو كان بهذا اللفظ لكان نهيًا على ما يسجد عليه، وعلى هذا فلا يسجد على الركبتين؛ لأن البعير يَبْرُك على ركبتيه.
وأما النظر فلأن الوضع الطبيعي للبدن أن ينزل شيئًا فشيئًا، كما أنه يقوم من الأرض شيئًا فشيئًا، فإذا كان ينزل شيئًا فشيئًا فالأسفل منه ينزل قبل الأعلى، وإذا قام شيئًا فشيئًا فالأعلى يكون قبل الأسفل، وعلى هذا فيكون هذا القول الذي عليه عامة أهل العلم هو الموافق للمنقول والطبيعة.
لكن مع ذلك لو أن إنسانًا كان ثقيلًا أو مريضًا، أو في ركبتيه ما يشق عليه به السجود على الركبتين؟ ففي هذه الحال نقول: لا بأس أن الإنسان يفعل ويقدم اليدين، ويكون النهي ما لم يوجَد سبب يقتضيه، فإن وُجِدَ سبب يقتضيه كالحاجة لمرض أو كِبَر أو ألم في الركبتين، أو غير ذلك فإن هذا لا بأس به؛ لأن مبنى الدين الإسلامي -ولله الحمد- على..؟
طالب: اليسر.
الشيخ: اليسر والسهولة؛ ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، والإرادة هنا شرعية، يعني أن الشرع هو التيسير.
وفي السنة: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» ، «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» .
فالمقصود الوصول إلى السجود، فإن تمكن الإنسان به على الوجه الأكمل فهو أكمل، وإن شق عليه فإنه يفعل ما تَيَسَّر.
ومن العلماء من يقول: بل يسجد على يديه أولًا، ظنًّا منه أن قوله: «فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ» يراد به: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وقال: إن رُكْبَتَيِ البعير في يديه، وهذا صحيح؛ أن ركبتي البعير وكل ذات أربع في اليدين، لكن الحديث لا يساعد لفظه على هذا المعنى.
وأما آخر الحديث المفرع على أوله، ففيه انقلاب كما حققه ابن القيم، وهو قوله: «وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتِهِ»؛ لأنه لو كان على الصحة لكان مناقضًا لأول الحديث، وكلام النبي عليه الصلاة والسلام لا مناقضة فيه.
أقول: من العلماء من قال: إنه يبدأ بيديه قبل ركبتيه.
ومن العلماء، بل ما هم من العلماء، بل من الناس الإخوة المبتدئين مَن حاول أن يجمع بين الأمرين، فقال: لا أنزل أعالي بدني ولا أسجد على الركبتين، أجلس مُسْتَوْفِزًا ثم أضع يدي على الأرض كذا، ثم أدفعهما إلى الأمام كذا، يسحبها إلى الأمام.
فنقول: مَن جاء بهذه الصفة؟ هذه الصفة ما قال بها أحد من المتقدمين أبدًا، والجمع بين النصوص بصفة تخالف ما تقتضيه النصوص وتخرج عما قاله العلماء خطأ.
رأيت بعض الناس يحط يديه يبغي يسجد (يبُوبَز) كما نقول باللغة العامية، وما أدري يا إخوان اللي..
يحاول أن يجمع بين وصول اليدين إلى الأرض قبل الركبتين، وبين أن لا يخطئ أعاليه، ويش اللي راح؟ أعاليه قبل أسافله.
فالحقيقة أن هذه الصفة غريبة، ما رأيت أحدًا من أهل العلم قال بها أبدًا، وتحتاج إلى دليل إثبات أن الرسول يخلي إيديه يصح من عند الرُّكب إلى أن يوازي الوجه.
هذا فعل خلاف ما تقتضيه الطبيعة والجِبِلَّة، وكل فعل يخالف ما تقتضيه الطبيعة والجِبِلَّة في الصلاة يحتاج إلى دليل؛ لأن الصلاة عبادة كلها بأفعالها وأقوالها.
وهذه قاعدة أُحِبُّ أن تنتبهوا لها: كل فعل يخالف مقتضى الطبيعة -العادة يعني- في تنقُّلات البدن يحتاج إلى دليل على إثباته؛ لأنه يكون مشروعًا.
وبناءً على ذلك نقول: الأصل وضع الأعضاء على ما هي عليه في الصلاة حتى يقوم دليل على أيش؟
طالب: المخالفة.
الشيخ: على المخالفة.
ولهذا لولا أنه ورد ما يدل على تطابق الرِّجْلَين في السجود لكنا نقول: إن الإنسان يجعلهما طبيعيتين، فإذا كان الركبتان متباعدتين فلتكن القدمان كذلك.
لكن لَمَّا ورد ما يدل على أنها يلصق بعضهما ببعض خرجنا عن هذا الأصل، فكل شيء لم يُنقل مما خرج عن عادة البدن فإنه يبقى على ما هو عليه من عادة البدن.
طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، (...) أنه لقي في العبادة.
الشيخ: نعم.
الطالب: (...) فيها، لكن مر علينا أن قلنا: إنه يجوز للمعتكف أن يخرج من مُعْتَكَفِه إن اشترط ذلك، قياسًا على حديث ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ.
الشيخ: نعم.
الطالب: (...).
الشيخ: هذه ليست في الصفة؛ لأن الرسول قال: «إِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» ، فهذا التعليل يدل على أن كل عبادة تَلْزَم للدخول فيها إذا استثنى فيها الإنسان فله ذلك.
طالب: ما فهمت يا شيخ.
الشيخ: أقول: التعليل، «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ».
الطالب: نعم.
الشيخ: يدل على أن كل عبادة إذا شرع فيها الإنسان لزمته، فإنه إذا استثنى فيها فله على ربه ما استثناه، يعني فيه علة تشير إلى هذا.
طالب: بارك الله فيك، عندما يكون الإمام واقفًا يا شيخ وقف على سجود التلاوة، فيكبِّر يرفع يديه ويسجد.
الشيخ: لا، هذا قال الفقهاء: إنه يُشرع، الفقهاء -رحمهم الله- استثنوا من السجود مسألتين:
المسألة الأولى: إذا سجد للتلاوة.
والمسألة الثانية: إذا سجد بعد القنوت في الوتر.
ولكن لا دليل على ذلك، الصحيح أنه لا يُسْتَثْنَى شيء.
طالب: بالنسبة لفعل ابن عمر يا شيخ، فقد كان يقدِّم يديه على ركبتيه.
الشيخ: نعم.
طالب: ما أدري ما الإجابة على ذلك؟
الشيخ: الإجابة عن هذا من وجهين:
الوجه الأول: أنه فعل صحابي معارَض بفعل من هو أعلم منه وهو أبوه عمر.
والوجه الثاني: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان في آخر عمره ثقيلًا، فقد كان حتى في جلوسه في الصلاة يتربع ولا يفترش، وسأله أحد أبنائه لماذا كان يصنع ذلك والرسول عليه الصلاة والسلام كان يفترش؟ قال: إن رِجْلَيَّ لا تُقِلَّانِي .
ورجل تصل به الحال إلى هذا، لا شك أنه يحتاج إلى أن ينزل على يديه؛ لأنه أيسر له.
طالب: شيخ، لو قال إنسان يعني خروجًا من الخلاف: إنه يفعل هذا مرة وهذا مرة (...).
الشيخ: لا، لو قال: خروجًا من الخلاف، أولًا: النصوص ما تدل على هذا حتى يُثبت خلافًا، وأقوال العلماء إذا لم يكن لها حظ من النظر يبقى أهل العلم فيها معذورين فيما ذهبوا إليه، لكن لا يُجعل قولهم قولًا مُشَرِّعًا.
وليست هذه المسألة كجلسة الاستراحة التي يمكن أن تُحْمَل على حال دون حال -كما سيأتينا إن شاء الله تعالى - بل هذه صفة، إما هذه ولَّا هذه. ***

(...) نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
\n (يَخِرُّ مُكَبِّرًا ساجدًا على سبعة أعضاء؛ رِجْلَيْه، ثم ركبيته، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه).
وأوردنا إشكالًا على قوله: \n (رجليه)، ما هو الإشكال؟\n
\n طالب: تكون مضمومتين أو.. \n
\n الشيخ: لا، أوردنا إشكالًا على قول المؤلف:\n (رِجْلَيْه)، مع أن الرِّجْلين في الأرض من الأصل.\n
\n الطالب: إي نعم، ولذلك إذا سجد فإنهما يرتفعان عن الأرض.\n
\n الشيخ: إذا سجد فلا يرفعهما.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: عن الأرض، ثم إن كيفيتهما في القيام غير كيفيتهما في السجود، أليس كذلك؟\n
\n الطالب: بلى.\n
\n الشيخ: يقول: \n (ثم جبهته مع أنفه)، قال: \n (ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده).\n
\n (ولو مع حائل) يعني: يسجد على الأرض ولو مع حائل ليس من أعضاء السجود.\n
\n (الحائل): يشمل الثوب، والغُطرة، والمَشْلَح، وما كان من جنس الأرض، وما كان من غير جنسها، عامٌّ، لكن لا بد أن يكون طاهرًا؛ لأنه لا يمكن السجود على النجس؛ إذ إن من شرط الصلاة -كما سبق- اجتناب النجاسة.\n
وقول المؤلف:\n (ليس من أعضاء سجوده).\n
يعني: لا يجوز أن يسجد على حائل من أعضاء السجود بأن يضع جبهته على كفَّيْه مثلًا، أو يضع يديه بعضهما على بعض، أو يضع رِجْلَيْه بعضهما على بعض؛ لأنه إذا فعل ذلك فكأنما سجد على عضو واحد، إذا وضع جبهته على يديه فلم يسجد على الجبهة في الحقيقة، بل سجد على العضو المباشر دون العضو الذي فوقه.\n
وقوله رحمه الله: \n (ولو مع حائل ليس من أعضاء السجود).\n
لم يُبَيِّن حكم السجود على الحائل إذا كان من غير أعضاء السجود، إنما بَيَّنَ أن السجود مُجْزِئ مع الحائل، لكن ما حكم وضع الحائل؟\n
قال أهل العلم: إن الحائل ينقسم إلى قسمين:\n
قسم متصل بالمصلِّي؛ فهذا يُكره أن يسجد عليه إلا من حاجة، مثل: الثوب الملبوس، والْمَشْلَح الملبوس، والغُطرة، وما أشبه ذلك.\n
ودليل ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: \n كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمَكِّن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه \n .\n
فقوله: (إذا لم يستطع أن يُمَكِّن)، دل على أنهم لا يفعلون ذلك مع الاستطاعة، ثم التعبير (\n إذا لم يستطع) يدل على أنه مكروه لا يُفْعَل إلا عند الحاجة.\n
أما إذا كان الحائل منفصلًا فهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على الخمرة \n ، والخمرة عبارة عن خَصيف من النخل يَسع جبهة المصلي وكفَّيْه فقط. \n
وعلى هذا فتكون الحوائل ثلاثة أقسام:\n
قسم من أعضاء السجود؛ فهذا السجود عليه حرام، ولا يجزئ السجود.\n
وقسم من غير أعضاء السجود لكنه متصل بالمصلي؛ فهذا مكروه، ولو فعل لأجزأ السجود لكنه مع الكراهة.\n
والثالث: قسم منفصل، فهذا لا بأس به.\n
ولكن قال أهل العلم: يُكره أن يَخُصَّ جبهته فقط بما يسجد عليه، وعلَّلُوا ذلك بأن هذا يشابه فعل الرافضة في صلاتهم، فإن الرافضة يتخذون هذا تديُّنًا، يصلون على قطعة من المَدَر كالفخار يصنعونها مما يسمونه النجف الأشرف، ولهذا تجد عند أبواب مساجدهم، تجد الصناديق الدواليب مملوءة من هذه الحجارة، إذا أراد الإنسان أن يدخل المسجد أخذ حجارة ليسجد عليها. \n
ومنهم من يفعل ذلك؛ لأنه يرى أنه لا يجوز السجود إلا على شيء من جنس الأرض، فلا يجوز السجود على الفراش ولو من خصيف النخل، مع أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سجد على خصيف النخل كما في حديث أنس \n حينما غسل له الحصير الذي اسودَّ من طول ما لُبِس، وصلى عليه صلى الله عليه وسلم \n . \n
لكن هم لا يرون ذلك، فيسجدون على شيء معيَّن، لكن يضعون الجبهة عليه فقط، ولهذا قال أهل العلم: يُكْرَه أن يَخص جبهته بما يسجد عليه؛ لأنه فعل الرافضة. \n
المؤلف -رحمه الله- يقول:\n (يسجد على أعضائه السبعة) (ولو مع حائل ليس من أعضاء السجود).\n
السجود على هذه الأعضاء السبعة واجب في كل حال السجود، بمعنى أنه لا يجوز أن يرفع عضوًا من أعضائه حال سجوده؛ لا يدًا، ولا رجلًا، ولا أنفًا، ولا جبهة، ولا أي شيء من هذه الأعضاء السبعة، فإن فعل -فإن كان في جميع حال السجود- فلا شك أن سجوده لا يصح؛ لأنه نقص عضوًا من الأعضاء التي يجب أن تسجد.\n
وأما إذا كان في أثناء السجود، بمعنى أن رَجُلًا حَكَّتْهُ رِجْلُه فحَكَّها بالرِّجْل الأخرى فهذا محل نظر؛ قد يقال: إنها لا تصح صلاته؛ لأنه ترك هذا الركن جزءًا من السجود.\n
وقد يقال: إنه يجزئه؛ لأن العبرة بالأعم والأكثر، فإذا كان الأعم والأكثر أنه ساجد على الأعضاء السبعة أجزأه.\n
وعلى هذا فيكون الاحتياط أن لا يرفع شيئًا، وليصبر حتى لو أصابته حكة في يده مثلًا، أو في فخذه، أو في رجله فليصبر حتى يقوم من السجود.\n
ومن المباحث في هذا الركن: أنه إذا عجز عن السجود ببعض الأعضاء فهل يسجد على البقية أو لا؟\n
نقول: لدينا قاعدة تبين هذا وغيره، وهي قوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» \n . \n
فإذا قُدِّر أن إحدى يديه جريحة لا يستطيع أن يسجد عليها فليسجد على بقية الأعضاء؛ لقوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.\n
وإذا قُدِّر أنه قد عمل عملية في عينيه، وقيل له: لا تسجد على الأرض، فليومئ ما أمكنه، وليضع من أعضاء السجود ما أمكنه.\n
وأما قول بعض الفقهاء: مَن عجز عن السجود بالجبهة لم يلزمه بغيرها.\n
فهذا مُسَلَّم في بعض الأحوال؛ مُسَلَّم فيما إذا كان لا يستطيع أن ينحني بحيث يكون إلى السجود التام أقرب منه إلى الاعتدال التام، فهذا مُسَلَّم أن يقال: لا يلزمك السجود.\n
مثلًا: لو كان ما يستطيع إلا أن يقول هكذا، ما نقول: ضع يديك؛ لأنه لو وضع يديه ليس كهيئة..؟\n
\n طالب: السجود.\n
\n الشيخ: الساجد.\n
لكن إذا كان يستطيع أن يومئ بحيث يكون إلى السجود التام أقرب منه إلى الجلوس التام فهنا يلزمه أن يسجد ببقية الأعضاء، فيدنو من الأرض بقدر ما يمكنه، ثم يضع أيش؟\n
\n طلبة: يديه.\n
\n الشيخ: يضع يديه.\n
فإذا قال قائل: ما هو الدليل على هذا؟\n
قلنا: الدليل أننا أُمِرْنَا بالسجود، وأُمِرْنَا أن نتقي الله ما استطعنا، فإذا كنا أقرب إلى السجود وجب أن (...)؛ لأننا نكون كهيئة الساجد الذي رفع جبهته، فيلزمنا ذلك.\n
أما إذا كنا لا نستطيع أن ندنو من الأرض بحيث نكون إلى السجود أقرب ففَرْضُنَا حينئذ الإيماء، فيومئ الإنسان ولا يلزمه أن يضع يديه أو ركبتيه على الأرض، أفهمنا هذا؟ \n
\n الطلبة: نعم.\n
\n الشيخ: إذن بَيَّنَّا هذا الأمر ببحثين، ما هما؟ \n
\n طالب: استدامة.\n
\n الشيخ: استدامة السجود على الأعضاء السبعة، والثاني؟ إذا عجزنا عن بعضها فهل يلزمنا البعض الآخر، وعرفتم التفصيل.\n
فإذا قال قائل: ما هي الحكمة من السجود؟ وما هو السر في هذا السجود؟\n
قلنا: لأنه من كمال التعبد لله والذل له، فإن الإنسان يضع أشرف ما فيه بحذاء أدنى ما فيه، كذا؟ يضع أشرف ما فيه وهو وجهه، بحذاء أسفل ما فيه وهو: قدمه. \n
وأيضًا يضعه على موطئ الأقدام، كل هذا تعبدًا لله تعالى وتقربًا إليه، ومن أجل هذا التطامُن والنزول للرب عز وجل صار أقرب ما يكون الإنسان من ربه وهو؟\n
\n الطلبة: ساجد.\n
\n الشيخ: ساجد.\n
يعني: مع أنه لو قام لكان أعلى وأقرب، كل ما علا الإنسان كان أقرب لله عز وجل، لكن هذا نزل حتى صار في الأسفل، ولنزوله لله عز وجل صار أقرب إلى الله \n «مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ» \n ، هذا هو الحكمة والسر في هذا السجود العظيم، ولهذا ينبغي لنا أن تسجد قلوبنا قبل أن تسجد جوارحنا، قبل أن تسجد أعضاؤنا، بأن يشعر الإنسان بهذا الذل والتطامُن والتواضع لله عز وجل حتى يدرك لذة السجود وحلاوته، ويعرف أنه الآن قَرُبَ من ربه سبحانه وتعالى، بل هو أقرب ما يكون إلى الله.\n
هذا المعنى قد يغفل عنه أصحاب الظواهر الذين يريدون أن يُجَمِّلوا الطاعات بظاهرِها، وهم يُحْمَدون على هذا، لا شك أننا مأمورون بأن نُجَمِّل الطاعات بظواهرها، أو نُجَمِّل ظواهرها بتمام الاتباع وكماله، لكن هناك شيء آخر يغفل عنه كثير من الناس، ويعتني به أرباب السلوك، وهو تكميل الباطن بحيث يركع القلب قبل ركوع البدن، ويسجد قبل سجود البدن.\n
ولكن قد يُخطئ أرباب السلوك الذين يعتنون بالبواطن، قد يقصرون في إصلاح الظواهر، فتجدهم يُخِلُّون كثيرًا في إصلاح الظواهر، والكمال هو؟\n
\n طالب: إصلاح الظاهر والباطن.\n
\n الشيخ: إصلاح الأمرين جميعًا، والعناية بكمالهما جميعًا؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر.\n
وإني والله، وأُشهِدُ الله، أننا لو أقمنا الصلاة كما ينبغي لخرجنا في كل ما نخرج من صلاة بإيمان جديد قوي؛ لأن الله يقول: \n {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥]، لكن نسأل الله أن يعاملنا بعفوه، ندخل فيها بقلب ونخرج منها بقلب هو القلب الأول إن لم يكن أردأ؛ لأننا ما نأتي بما ينبغي أن نأتي به من خضوع القلب وحضوره وشعوره بهذه التنقلات التي هي رياض في الواقع، رياض عبادة، يعني الصلاة هي صلاة واحدة، لكنها رياض متنوعة، أفعال مختلفة متنوعة، وأقوال كذلك ما بين قراءة كلام الله عز وجل وذكره، وتعظيمه وتكبيره، ودعائه والثناء عليه، ووصفه بأكمل الصفات (التحيات لله، والصلوات والطيبات)، إلى آخره، فهي رياض عظيمة، لكن فينا قصور من جهة مراعاة هذه الأسرار.\n
إذن نقول: إن هذا هو السر في السجود؛ كمال التعبد لله والتواضع له، ولهذا كان جزاء الساجد أن يكون أقرب ما يكون من ربه عز وجل؛ لأنه تَوَاضَع لله ونَزَل، فرفعه الله وصار أقرب ما يكون إلى ربه.\n
وقد ورد في الحديث \n أن الله حرَّم على النار أن تأكل أعضاء السجود \n فيمن يدخل النار من العصاة؛ لأن عصاة المؤمنين إذا لم يتب الله عليهم ولم تكن لهم حسنات تَرْجُح على سيئاتهم فإنهم يعذَّبُون في النار بقدر ذنوبهم، لكن أعضاء السجود محترَمة لا تأكلها النار ولا تؤثر فيها، ولهذا قال بعضهم:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

يَا رَبِّ أَعْضَاءَ السُّجُودِ عَتَقْتـــــــــَهَا	مِنْ فَضْلِكَ الْوَافِي وَأَنْتَ الْبَاقِي
وَالْعِتْقُ يَسْرِي فِي الْغِنَى يَا ذَا الْغِنَى	فَامْنُنْ عَلَى الْفَانِي بِعِتْقِ الْبَاقِي

\n
فتوسَّل إلى الله بعتق هذه الأعضاء إلى أن يُعتِق جميع البدن بسريان العتق إليه.\n
قال المؤلف -رحمه الله-:\n (ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده).\n
قال:\n (ويجافي عضديه عن جنبيه).\n
\n (يجافي): الفاعل من؟\n
\n طلبة: المصلي.\n
\n الشيخ: المصلي الساجد.\n
\n (يجافي عضديه عن جنبيه) يعني يبعدهما؛ لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يفعل ذلك \n ، حتى إن الصحابة ليأوون له، يَرِقُّونَ له من شدة مجافاته صلوات الله وسلامه عليه، وحتى إنه ليُرَى بياض إبطه \n من شدة مجافاته، يعني رداءه يتمايز عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطه، وحتى إنه لو شاءت أن تمر البَهْمَة -وهي صغار الغنم- من تحته لَمَرَّت \n من شدة مجافاته.\n
فـ\n (يجافي عضديه عن جنبيه)، ويُسْتَثْنَى من ذلك ما إذا كان في الجماعة وخشي أن يؤذي جاره، فإنه لا يُستحب له أذية جاره، وذلك لأن هذه المجافاةَ سُنَّة، والإيذاء أقل أحواله الكراهة، ولا يمكن أن يُفعل شيء مكروه مُؤْذٍ لجارك مُشَوِّشٍ عليه من أجل سُنَّة، ولهذا استثنى العلماء -رحمهم الله- ذلك، فقالوا: ما لم يؤذ جاره، فإن آذى جاره فلا يفعل.\n
ولكن اعلم أنك متى تركت السنة لدرء المفسدة، والله يعلم أنه لولا ذلك لفعلت، فإنه يُكْتَب لك أجرها، فإن الرجل إذا ترك العمل لله عوَّضَه الله عز وجل، بل إذا تركه بغير اختياره، مَن مَرِضَ أو سَافرَ كُتِبَ له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا، فيجافي عضديه عن جنبيه.\n
قال: \n (وبطنه عن فخذيه)، يجافي بطنه عن فخذيه، أي: يرفعه، وكذلك أيضًا يرفع الفخذين عن الساقين.\n
فهذه ثلاثة أشياء:\n
التجافي بالعضدين عن أيش؟\n
\n الطلبة: عن الجنبين.\n
\n الشيخ: عن الجنبين، وبالبطن عن الفخذين، وبالفخذين عن الساقين، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ» \n ، \n «اعْتَدِلُوا» يعني: اجعلوه سجودًا معتدلًا، لا تَخْصِرُون فتنزل البطن على الفخذ، والفخذ على الساق، ولا تمتدون أيضًا، كما يفعل بعض الناس، تجده إذا سجد يمتد حتى يقرب من الانبطاح، فهذا لا شك أنه من البدعة؛ لأنه ليس بسنة، ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة فيما نعلم أن الإنسان يمد ظهره في السجود، إنما مد الظهر في حال أيش؟ الركوع، أما السجود فإنه يرتفع ببطنه ولا يمده.\n
ويقول المؤلف -رحمه الله-:\n (وعضده عن جنبيه) (ويفرق ركبتيه).\n
\n (يفرق ركبتيه) يعني: لا يضم ركبتيه بعضهما إلى بعض، واليدين؟\n
\n طالب: يجافيهما.\n
\n الشيخ: يجافيها، إذن لا بد أن يفرقهم، والركبتان تفرَّق، القدمان؟\n
\n الطلبة: يتراصَّا.\n
\n الشيخ: اختلف العلماء في ذلك:\n
فمن العلماء من يقول: إنه يفرِّق قدميه أيضًا؛ لأن القدمين تابعان للساقين، والركبتين، فإذا كانت السُّنَّة تفريق الركبتين، فلتكن السنة أيضًا تفريق القدمين، حتى إن بعض الفقهاء -رحمهم الله- قدَّرُوا ذلك بأن يكون بينهما مقدار شبر للتفريق.\n
ولكن الذي يظهر من السنة أن القدمين تكونان مرصوصتين، يعني يَرُصّ القدمين بعضهما ببعض، كما في الصحيح في حديث عائشة \n حين فقدت النبي صلى الله عليه وسلم، فوقعت يدها على قدميه منصوبتين وهو ساجد \n .\n
واليد الواحدة لا تبقى على القدمين إلا في حال التراصّ، وقد جاء ذلك أيضًا في \n صحيح ابن خزيمة \n : \n أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يَرُصُّ قدميه.\n
وعلى هذا فالسُّنَّة في القدمين هي التراص بخلاف الركبتين واليدين.\n
ولم يذكر المؤلف -رحمه الله- أين يكون محل اليدين، هنا ما ذكره، ولكنه ذكره في أول باب صفة الصلاة حين قال: \n (يرفع يديه حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ كالسجود).\n
وعلى هذا فيكون موضع اليدين على حذاء المنكبين، وإن شاء قدَّمَهُمَا وسجد وجعلهما على حذاء الجبهة أو فروع الأذنين؛ لأن كل هذا مما جاءت به السنة. \n
فله أن يجعلهما على حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ، وله أن يقدِّمَهُما حتى يكونا حَذْوَ جبهته وأنفه، كل هذا جاءت به السنة.\n
ولكن ماذا يصنع لو طال السجود؛ بأن كان خلف إمام يطيل السجود، فماذا يصنع؟ هل يضع ذراعيه على الأرض، يتكئ على الأرض، أو ماذا يصنع؟\n
نقول: لا، لا يتكئ على الأرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قال: \n «لَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» \n . إذن أين يضعهما؟\n
قال العلماء -رحمهم الله-: يعتمد على ركبتيه، يعني يضع طرف المرفق على الركبة إذا شَقَّ عليه طول السجود، وهذا إذا كان مع إمام، أما إذا كان في نفسه فإنه لا ينبغي له أن يكلِّف نفسه ويشق عليها، بل إذا شق عليه وتعب فإنه يقوم، ولا ينبغي للإنسان أن يشق على نفسه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يَسَّر على عباده.\n
يقول -رحمه الله-:\n (ويفرِّق ركبتيه، ويقول: سبحان ربي الأعلى).\n
يقول في حال السجود: \n (سبحان ربي الأعلى).\n
وقد مَرَّ علينا معنى التسبيح، وما الذي يُسبَّح الله عنه، أي يُنَزَّه.\n
وأما قوله: \n (ربي الأعلى) دون أن يقول: (ربي العظيم)؛ لأن ذِكر عُلُوِّ الله هنا أنسب من ذِكْر العظمة؛ فإن الإنسان الآن أنزل ما يكون، فلما كان أنزل ما يكون كان من المناسب أن يثني على الله بماذا؟\n
\n طلبة: بارتفاعه.\n
\n الشيخ: بالعُلُو، وانظر إلى الحكمة والمناسبة في مثل هذه الأمور، كيف كان الصحابة -رضي الله عنهم- في السفر إذا عَلَوْا شيئًا كَبَّرُوا، وإذا هَبَطُوا واديًا سَبَّحُوا. \n لماذا؟\n
لأن الإنسان إذا علا وارتفع قد يتعاظم في نفسه ويتكبر ويعلو، فناسب أن يقول: الله أكبر؛ ليُذَكِّر نفسه بكبرياء الله عز وجل، أما إذا نزل فإن النزول لا شك أنه نقص، فكان ذِكْر التسبيح أولى، تنزيه الله عز وجل عن النقص الذي أنا كنت فيه الآن، انحدرت، فكان هذا من المناسبة أن الإنسان يُذَكِّر نفسه بما هو أعلى منها.\n
ونظير هذا من بعض الوجوه\n أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئًا يعجبه من الدنيا يقول: \n «لَبَّيْكَ، إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ» \n ، سبحان الله! لَبَّيْكَ، ويش المناسبة لَبَّيْكَ؟ \n
لأن الإنسان إذا رأى ما يعجبه من الدنيا ربما يلتفت إليه فيُعرض عن الله، فيقول: \n «لَبَّيْكَ» استجابة لله عز وجل، ثم يُوطِّن نفسه فيقول:\n «إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ».\n
فهذا العيش الذي يعجبُكِ لا تغترِّي به، عيش زائل، العيش حقيقة هو عيش الآخرة، ولهذا كان من السنة إذا رأى الإنسان ما يعجبه في الدنيا وخاف أن تنقاد نفسه إليه أن يقول: لَبَّيْكَ، إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ، ذكرنا هذا استطرادًا.\n
المهم أن الإنسان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى.\n
وما المراد بالعلو؛ أعُلُوُّ المكان، أم علو الصفة؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: يشمل الأمرين جميعًا.\n
وهذا أمر - أعني أنه يشمل الأمرين جميعًا - مُتَّفَقٌ عليه في فِطَر الناس، إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته، فإن علو الله عز وجل عُلُوُّ ذات، أمر مفطور عليه الخلق.\n
لو أنك قلت للعامي: ماذا تريد بقولك: سبحان ربي الأعلى؟ \n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: عُلُوُّ المكان، يعني عُلُوّ الذات، ولا يدري عن علو الصفة، ومع ذلك فقد أنكر عُلُوَّه في ذاته مَن أنكره ممن يستقبلون قِبْلَتَنَا، ولا شك أنهم خالفوا الكتاب والسنة وإجماع السلف والعقل والفطرة، ولو رجعوا إلى فِطَرِهم لعرفوا أن هذا أمر لا بد منه، لا بد من الإقرار به، هم عندما يصيبهم شيء يندهشون منه بسرعة، أين تنصرف قلوبهم؟\n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: إلى السُّمُوّ، إلى العلو، هم يقفون بعرفة الله يدعون الله ويرفعون أيديهم، ولَّا ينزلونها للأرض؟\n
\n طلبة: يرفعونها. \n
\n الشيخ: يرفعون أيديهم، ومن العجيب أنهم يرفعون أيديهم ويَدَّعون أن الله في الأرض - نسأل الله العافية-.\n
المهم أننا نشعر بقولنا: سبحان ربي الأعلى، بأن الله عَلِيٌّ في ذاته وعَلِيٌّ في صفاته، بل هو أعلى من كل شيء، والله تعالى وصف نفسه أحيانًا بالأعلى، وأحيانًا بالعَلِيّ؛ لأن الوصفين ثابتان له؛ العلو، وكونه أعلى، كما أنه يُوصف بأنه الكبير، وأنه الأكبر، وبالعليم وأيش؟\n
\n طلبة: الأعلم.\n
\n الشيخ: وبالأعلم، وصيغة التفضيل في هذه الأشياء على بابها، وليست بمعنى اسم الفاعل كما يدَّعِيه بعض العلماء.\n
(...) -رحمه الله تعالى-: \n (ثم يرفع رأسه مُكَبِّرًا).\n
\n (يرفع رأسه)، يعني: وما يتبعه من اليدين.\n
\n (مُكَبِّرًا): حال من فاعل (يرفع).\n
وعلى هذا فيكون التكبير في حال أيش؟ في حال الرفع؛ لأن هذا التكبير تكبير انتقال، وتكبير الانتقالات كلها تكون ما بين الركنين، لا يبدأ بها قبل ولا يؤخرها إلى ما بعد؛ لأنه إن بدأها قبل أدخلها على أذكار الركن الذي انتقل منه، وإن أخَّرَها أدخلها على أذكار الركن الذي انتقل إليه، فالسنة أن يكون التكبير في حال الانتقال.\n
\n (مُكَبِّرًا، ويجلس مفترشًا يُسْرَاه).\n
\n (يجلس) يعني: بعد السجدة الأولى.\n
\n (مفترشًا يسراه) يعني: جاعلًا لها كالفراش.\n
هذا من الافتراش، والفراش يكون تحت الإنسان، أي يضعها تحته مفترِشًا لها، لا جالسًا على عَقِبَيْهِ، بل يفترش هو عليه، فيكون ظهرها إلى الأرض، وبطنها إلى أعلى، هذا معنى الافتراش.\n
يقول:\n (مفترشًا يُسْرَاه، ناصبًا يمناه).\n
\n (ناصبًا يمناه) يعني: جاعلها منتصبة، والمراد: القدم.\n
وحينئذ لا بد أن يُخرجها من يمينه، فتكون الرِّجْل اليمنى مُخْرَجة من اليمين، واليسرى مفترشة، وهذه الصفة متَّفَق عليها، أي أنه يجلس بين السجدتين هكذا، لا يجلس مُتَوَرِّكًا.\n
وظاهر كلام المؤلف أنه لا يُسَنُّ في هذا الجلوس سوى هذه الصفة.\n
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجلس ناصبًا قدميه على عقبيه، واستدلوا بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن ذلك هو السنة. \n \n
ولكن المعروف عند أصحاب الإمام أحمد-رحمه الله- أن ذلك ليس من السنة؛ لأن أكثر الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها تصف هذه الجلسة بالافتراش، ولا يبعد أن يكون ابن عباس -رضي الله عنهما- ذكر ما كان أولًا، فإن صفة الجلوس قد تكون كصفة الركوع، وكان المسلمون في أول الأمر يركع الرجل فيضع يديه بين فخذيه، ولا يضعهما على الركبتين \n ، حتى إن ابن مسعود -رضي الله عنه- تَمَسَّك بهذا، ويسمى عندهم التطبيق، ولم يَعلم ابن مسعود بالسنة التي نسخت هذا الفعل مع أنه منسوخ بلا شك، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا.\n
ففقهاؤنا -رحمهم الله- يرون أن هذه الجلسة ليس لها إلا صفة الافتراش فقط.\n
ويقول المؤلف: \n (ناصبًا يمناه، ويقول: رب اغفر لي وارحمني) إلى آخره.\n
لم يذكر المؤلف -رحمه الله- أين يضع اليدين، وكيف يضعهما، مع أنهما من الأمر المهم.\n
في هذه الجلسة يضع يديه على فخذيه، وينتهي الوضع إلى الركبة، هذه صفة.\n
صفة ثانية: أنه يضع اليد اليمنى على الركبة، واليد اليسرى تُلقم الركبة، يعني يمسكها هكذا كأنه قابض لها.\n
يعني: إما أن يضع اليدين على الفخذين، يكون أطراف الأصابع على حد الرُّكبة.\n
أو يقدِّم شوي، ويكون اليد اليسرى يُلْقِمُهَا الرُّكْبة، واليد اليمنى يضعها على حرف الركبة.\n
صفتان عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما صحيحة، ولكن كيف يكون وضع اليد؟ الآن عرفنا المكان، لكن كيف يكون الوضع؟\n
أما بالنسبة لليسرى فتكون مبسوطة مضمومة الأصابع موجَّهة إلى القبلة، ويكون طرف الْمِرْفَق عند طرف الفخذ، بمعنى أنه لا يقول هكذا، يُخرجها، بل يضمها إلى الفخذ حتى يكون طرف المرفق على طرف الفخذ.\n
أما اليمنى فإن السُّنَّة تدل على أنه يقبض منها الخنصر والبنصر، ويُحلق الإبهام مع الوسطى، ويرفع السبابة ويُحركها عند الدعاء.\n
هكذا جاء فيما روى الإمام أحمد \n من حديث وائل بن حجر بسند قال فيه صاحب\n الفتح الرباني: إنه جيد. وقال فيه الْمُحَشِّي على \n زاد المعاد: إنه صحيح. وإلى هذا ذهب ابن القيم -رحمه الله-.\n
أما كلام الفقهاء فيرون أن اليد اليمنى تكون مبسوطة في الجلسة بين السجدتين كاليد اليسرى.\n
ولكن اتباع السنة أولى، إذا كان هذا قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام فإنه هو الأولى. \n
ولذلك لم يرد في السنة لا بحديث صحيح ولا ضعيف ولا حسن أن اليد اليمنى تكون مبسوطة على الرِّجل اليمنى.\n
إنما ورد أنها تُقْبَض، يعني يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى، أو تضم الوسطى أيضًا ويضم إليها الإبهام، \n إذا جلس في الصلاة \n ، وفي بعض الألفاظ:\n إذا جلس في التشهد \n . وكلاهما في الصحيح؛ \n صحيح مسلم.\n
فنحن إذا أخذنا كلمة: \n إذا جلس في الصلاة.\n
قلنا: هذا عام في جميع الجلسات.\n
وقوله: \n إذا جلس في التشهد في بعض الألفاظ لا يدل على التخصيص؛ لأن لدينا قاعدة ذكرها الأصوليون، وممن كان يذكرها دائمًا الشوكاني في \n نيل الأوطار، والشنقيطي في \n أضواء البيان، على أنه إذا ذُكِرَ بعض أفراد العام بحكم يطابق العام فإن ذلك لا يدل على التخصيص.\n
يعني ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام ليس ذلك تخصيصًا، إنما التخصيص أن يُذكر بعض أفراد العام بحكم يُخالف العام.\n
مثال الأول: قلت لك: أكرم الطلبة. هذا عام يشمل كل طالب، ثم قلت: أكرم فلانًا؛ وهو من الطلبة، فهل هذا يقتضي أن لا أُكرم سواه؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا، لكن يقتضي أن هناك عناية من أجلها خصصته بالذِّكْر.\n
أما إذا قلت -وهو مثال للثاني-: أكرم الطلبة. ثم قلت: لا تكرم فلانًا؛ وهو من الطلبة، فهذا تخصيص؛ لأن الأول ذكرت فلانًا بحكم يُوافق العام، وهنا ذكرته بحكم يُخالف العام.\n
ولهذا يقولون في تعريف التخصيص: تخصيص بعض أفراد العام بحكم يخالف، أو إخراج بعض أفراد العام من الحكم. \n
فهو لا بد أن يكون مخالفًا، أما إذا كان موافقًا فإن الجمهور -جمهور الأصوليين- كما حكاه صاحب \n أضواء البيان يرون أنه لا يفيد التخصيص، وهو ظاهر كما في المثال الذي ذكرنا لكم.\n
وعلى هذا فيكون بعض أفراد حديث ابن عمر الذي خُصَّ بالتشهد لا يقتضي التخصيص من بعض ألفاظه الدالة على العموم.\n
أما الفقهاء -رحمهم الله- فقالوا: إنه في هذه الجلسة يبسط يده اليمنى كما يبسط يده اليسرى.\n
وبناءً على كلام الفقهاء تكون كل جلسة من جلسات الصلاة مخالِفة للأخرى، من أجل التمييز، كيف ذلك؟\n
لأن الجلسة بين السجدتين افتراش مع كون اليدين مبسوطتين، في التشهد الأول افتراش لكن اليمنى تُقبَض، في التشهد الأخير تَوَرُّك وإن كان يوافق التشهد الأول في قبض اليد.\n
فهم -رحمهم الله- يجعلون لكل جلسة صفة تميزها عن الصفات الأخرى.\n
ولكن كما قلت لكم: إن اتباع السنة أولى من اتباع الرأي.\n
أما ما يقول في هذه الجلسة، فيقول المؤلف: \n (يقول: رب اغفر لي)، وسكت عما سواه. \n
اقتصر -رحمه الله- على الواجب، ولكن الصحيح أنه يقول كل ما ذُكر عن النبي عليه الصلاة والسلام: \n «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» \n ، أو: \n «اجْبُرْنِي» \n بدل: \n «ارْزُقْنِي».\n
وإن شاء جمع بينها؛ لأن المقام مقام دعاء.\n
قوله: \n «رَبِّ اغْفِرْ لِي» يعني أنك تسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك الذنوب كلها أو الصغائر؟\n
\n طلبة: كلها.\n
\n الشيخ: كلها، الصغائر والكبائر، والمغفرة هي ستر الذنب والعفو عنه، مأخوذة من المِغْفَر الذي يكون على رأس الإنسان عند الحرب يتقي به السهام.\n
وأما \n «ارْحَمْنِي» فهو طلب رحمة الله عز وجل التي بها حصول المطلوب، وبالمغفرة زوال المرهوب، هذا إذا جُمِعَ بينهما.\n
إما إذا فُرِّقت المغفرة عن الرحمة فإن كل واحدة منهما تشمل الأخرى، ولهذا نظائر في اللغة العربية:\n
فالفقير والمسكين إذا ذُكِرَا جميعًا صار لكل واحد منهما معنى، وإذا أُفرد أحدهما عن الآخر صار معناهما واحدًا.\n
يعني: إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.\n
وأما قوله: \n «ارْزُقْنِي» فهو طلب الرزق، ولكن، ما هو الرزق؟ هل هو ما يقوم به البدن، أو ما يقوم به الدين؟\n
\n طلبة: الرزق.\n
\n الشيخ: كلاهما، يعني أن رزق الله عز وجل ما يقوم به البدن من طعام وشراب ولباس وسكن، وما يقوم به الدين من علم وإيمان وعمل صالح.\n
فهل نحن نستحضر هذه المعاني عندما نقول: \n «ارْزُقْنِي»؟ ويش نستحضر؟ \n
\n طلبة: الأول.\n
\n الشيخ: يعني ما تستحضر إلا أن الله يرزقك طعامًا وشرابًا ولباسًا.\n
\n طالب: نعم.\n
\n طلبة: ده الغالب.\n
\n الشيخ: أو ما نستحضر شيئًا أبدًا، نقول هذا على أنه دعاء يقال في هذا المكان.\n
على كل حال الإنسان ينبغي له أن يعوِّد نفسه على استحضار هذه المعاني العظيمة، حتى يخرج منتفعًا.\n
فإذا قال: ارْزُقْنِي، يعني: ارزقني ما به قوام البدن، وما به قوام الدين؛ قوام البدن بالطعام والشراب واللباس والمسكن.\n
وقوام الدين؟ \n
\n طالب: بالعلم.\n
\n الشيخ: بالعلم والإيمان والعمل الصالح.\n
\n «وَعَافِنِي» من أي مرض؟\n
أما إذا كان الإنسان صحيحًا، فالظاهر أنه يقول: \n «عَافِنِي»؛ لأنها دعاء مسنون في هذا المكان، دون أن يستحضر شيئًا.\n
وإن كان مريضًا مرضًا بدنيًّا، استحضر أنه يسأل الله أن يعافيه من هذا المرض البدني، أما إذا كان مريضًا مرضًا قلبيًّا، وما أكثر الأمراض القلبية! -نسأل الله أن يعافينا منها- فما أدري أنستحضر ذلك أو لا؟ نعم، ما أدري.\n
على كل حال ينبغي للإنسان إذا سأل العافية في هذا المكان أو غيره أن يستحضر أنه يسأل الله العافية؛ عافية البدن، وعافية القلب، ولا حرج أن يقول: عافني في بدني وقلبي، حتى يستحضر؛ لأنه إن لم يقل هذا قد يغفل. \n
\n «اجْبُرْنِي»، الجبر يكون من النقص، وكل إنسان ناقص، مُفرِّط، مُسْرِف على نفسه بتجاوز الحد أو القصور عنه، يحتاج إلى جَبْر حتى يعود سليمًا بعد كسره.\n
ولكن جَبْر مِن كَسْر العظم، ولَّا منين؟\n
\n طلبة: الجميع.\n
\n الشيخ: نعم، من كسر العظام البدنية، ومن كسر العظام المعنوية، الإنسان يحتاج إلى جبر يجبر له النقص الذي يكون فيه، فهذه المعاني التي تُذكر في الأدعية ينبغي للإنسان أن يستحضرها.\n
فإن قال قائل: أليس يغني عن ذلك كله أن يقول: اللهم ارحمني؛ لأن الرحمة عند الإطلاق بها يحصل المحبوب وزوال المكروه؟\n
فالجواب: بلى.\n
لكن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط، لكن البسط على حسب ما جاءت به السنة، ما هو بالبسط الذي يذكرونه، بعض الناس يجعلونه من هذا إلى مكة، أو إلى مصر، أو غيرها، أدعية مسجوعة يمكن لا يكون لها معنى، أو لها معنًى غير صحيح.\n
لماذا كان المشروع فيه البسط؟ لأسباب؛ أولًا: أن الدعاء عبادة، وكلما ازددت في العبادة ازددت خيرًا.\n
ثانيًا: أن الدعاء مناجاة لله عز وجل، وأحب شيء إليك هو الله عز وجل، ولا شك أن كثرة المناجاة مع الحبيب مما تزيد في الحب، أليس كذلك؟ \n
\n الطلبة: بلى.\n
\n الشيخ: ثالثًا: أن يستحضر الإنسان ذنوبه؛ لأن الذنوب أنواع، فإذا كُرِّر، إذا زِيد في الدعاء استحضر، ولهذا كان من دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» \n .\n
فلهذا كان من المشروع أن يزيد الإنسان في الدعاء ولو كان متكرِّرًا، ولو كان مبسوطًا؛ لأن كل مقام له مقال.\n
قال: \n (ويسجد الثانية كالأولى)، يسجدها كالأولى في القول ولَّا في الفعل؟\n
\n طلبة: في كل شيء.\n
\n الشيخ: في كل شيء؛ في القول والفعل، يعني فيما يقال فيها من أذكار وما يقال فيها من الأفعال، وسبق لنا أن أقوال السجود أن يقول: سبحان ربي الأعلى، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح. ويدعو، وكلما أكثر من الدعاء في السجود كان أولى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» \n . \n
وهل يَقرأ القرآن وهو ساجد؟ \n
لا، بل قد نُهِيَ عن ذلك، نُهِيَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن وهو راكع أو ساجد \n ، اللهم إلا إذا دعا بجملة من القرآن مثل: \n {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨]، فهذا لا يضر؛ لأن المقصود به الدعاء.\n
قال:\n (ثم يرفع مُكَبِّرًا ناهضًا على صدور قدميه).\n
\n (يرفع) من السجدة الثانية.\n
\n (مُكَبِّرًا) حال من فاعل (يرفع)، فيكون التكبير في حال الرفع.\n
\n (ناهضًا على صدور قدميه)، قال في \n الشرح: ولا يجلس للاستراحة. يعني ينهض على صدور قدميه مُعْتَمِدًا على ركبتيه؛ كما قال: \n (معتمدًا على ركبتيه إن سَهُل)، وإن لم يسهُل عليه فإنه يعتمد على الأرض.\n
يقول -رحمه الله-: \n (ناهضًا على صدور قدميه).\n
ويبدأ بالنهوض من السجود، يبدأ بالجبهة والأنف، ثم باليدين فيضعهما على الركبتين، ثم ينهض على صدور القدمين، هذا هو السنة على ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله-.\n
فاستفدنا من كلامه أنه لا يجلس إذا قام إلى الركعة الثانية.\n
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل الحديث وبين الفقهاء أيضًا؛ فمنهم من قال: إنه لا يجلس، كما ذكره المؤلف، فلا يُسَنُّ الجلوس مطلَقًا، لكن إن احتاج إليه جلس لا للتعبد ولكن لمشقة النهوض، كما لو كان شيخًا كبيرًا، أو كان مريضًا، أو كان في ركبتيه ألم، فيجلس هنا لا تعبدًا ولكن لدفع المشقة.\n
وقال بعض العلماء: بل يجلس مطلقًا. وهذان قولان متقابلان.\n
هذا القول الثاني يقول: يجلس، سواء كان محتاجًا للجلوس أم لم يحتج، يجلس تعبُّدًا لله عز وجل. \n
القول الثالث: قول وسط؛ وافق هؤلاء في حال، ووافق هؤلاء في حال، فقال: إن كان الإنسان محتاجًا إلى الجلوس، أي أنه لا يستطيع أن ينهض فيجلس، وإذا كان يستطيع أن ينهض فلا يجلس.\n
ولكل قول من هذه الأقوال الثلاثة دليل، ونتكلم عليه إن شاء الله في الدرس القادم.\n
\n طالب: بالنسبة يا شيخ للجلسة بين السجدتين، قوله: «رَبِّ اغْفِرْ لِي»، هل يكرِّرها أو يقتصر على هذا كما وردت به السنة؟
الشيخ: ظاهر كلام المؤلف أنه يقتصر على هذا فقط، والحقيقة أني نسيت أن أذكر هل يُطيل هذا الركن أو لا، وهو مهم، إن شاء الله نعود إليه في الدرس القادم.\n
\n طالب: بالنسبة لقيام الليل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرِّرها، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض، إلا بدليل؟
الشيخ: نعم، ولهذا قال الفقهاء اللي غير المؤلف، قالوا: يُسَنُّ تكرارها ثلاثًا.\n
\n طالب: شيخ، القاعدة اللي قررناها أن الأوراد توقيفية لا يقال فيه بشيء إلا موافِقًا للنص، والآن قلنا في الدرس: إنه إذا جمع بين (ارْزُقْنِي) و(اجْبُرْنِي)، أو مثلًا قال: عافِنِي في القلب والبدن، أن هذا جائز، كيف نوفِّق بين القاعدة؟
الشيخ: أصل هذه الأدعية ليس معناها أنها محصور فيها، ليس محصورًا، وإلا لو أخذنا بهذا لقلنا: لا يجوز لنا أن نقرأ في الصلاة إلا بما قرأ به النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنها توقيفية، لكن إذا علمنا أن هذا مكان دعاء نجعله مكان دعاء، إذا علمناه مكان ذِكر نجعله مكان ذِكر، لو زاد.
\n طالب: شيخ، تردد في السنة النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»، واحد نقله للسجود، قلنا: هذه أدعية جامعة.
الشيخ: نعم.
الطالب: لأن المكان يعني مكان استجابة.
الشيخ: نعم، نقول: إذا نقلها تعبُّدًا فهذا غلط، وإن نقلها لأنها دعاء يحب أن يدعو الله به فلا بأس، لكن يذكرها أيضًا إذا فرغ من التشهد الأخير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر به، أمر إذا فرغ من التشهد الأخير أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ» إلى آخره.
طالب: (...) لازم يكون (...).
الشيخ: نعم، الأفضل أن يحافظ أولًا على ما ورد، فإذا زاد الوقت مثل في صلاة الليل أو مع الإمام وأطال، يقول: نعم.
\n طالب: شيخ، ما يتذكر قلنا في دروس سابقة أنه من ادعى في الحديث إما نسخًا أو أنه كان في أول الإسلام، فعليه الدليل أو (...).
الشيخ: نعم.
الطالب: فإن لم يأت بذلك فلا دليل، وقلنا يا شيخ: قول الحنابلة إن قول ابن عباس (...) هذا متأخِّر، يعني قول منسوخ..
الشيخ: منسوخ، ما هو متأخر.
الطالب: أين الناسخ؟
الشيخ: هم يقولون: إن أكثر الأحاديث الواردة عن الرسول حتى من المتأخرين من الصحابة كلها تدل على التورك وعلى الافتراش.
طالب: هذا يكون دليلًا على النسخ؟
الشيخ: هو ليس بدليل إلى ذاك، يعني ما هو إلى ذاك في القوة، لكن لا شك أن الجلوس افتراش أريح للإنسان، وأكثر في الطمأنينة، وتعرف الإنسان لو يجلس على عقبيه هذه الجلسة هو بين أمرين: يا إما بيتحمل على ركبتيه بيديه، ولَّا بيتعب بسرعة، ثم قد لا يطمئن لا سيما إذا كان الإنسان ثقيلًا. (...) \n

***

\n طالب:.. محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: \n (ويصلي الثانية كذلك ما عدا التحريمة والاستفتاح، والتعوذ، وتجديدَ النية، ثم يجلس مفترشًا ويداه على فخذيه، يقبض خنصر اليمنى، وبنصرها، ويحلِّق إبهامها مع الوسطى).
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن الإنسان إذا قام من السجود يقوم مُكَبِّرًا ناهضًا على صدور قدميه، ولكن المؤلف قيَّده بقوله: \n (إن سهل) يعني: فإن شق فعلى ما تيسر.\n
والذي ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- من كون المصلي يقوم معتمِدًا على ركبتيه، على صدور قدميه، هو المشهور من مذهب الحنابلة، وعلى هذا فلا يُسَنُّ أن يجلس عند القيام إلى الثانية، أو القيام إلى الرابعة، وهذه الجلسة تسمى عند العلماء جلسة الاستراحة.\n
ومعلوم أن إضافتها إلى الاستراحة يعطيها حكمًا خاصًّا بما إذا كان الإنسان يستريح بها، ولهذا رفض بعضهم أن تسمى جلسة الاستراحة، وقال: يجلس، ولا نقول: جلسة استراحة ولا غير استراحة؛ لأننا إذا سميناها جلسة الاستراحة رفعنا عنها حكم التعبُّد، وصارت لمجرد الاستراحة.\n
ولكن في هذا شيء من النظر؛ لأن الاستراحة للتقوِّي على العبادة عبادة، كقول الله تعالى: \n {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] فتسمية العلماء لها قاطبة فيما نعلم بجلسة الاستراحة لا يُنكَر؛ لأننا نقول: حتى وإن سَمَّيْنَاها جلسة الاستراحة فإن التعبد لله بها إذا كان الإنسان يستريح بها لينشط على العبادة يجعلها عبادة.\n
المهم نحن وعدنا بأن نتكلم على خلاف العلماء في هذه الجلسة، فالمشهور من المذهب كما رأيتم أنها لا تُسَنُّ مطلَقًا، بل السنة أن ينهض على صدور قدميه معتمدًا على ركبتيه، سواء كان نشيطًا، أو غير نشيط.\n
وقال بعض العلماء: بل يجلس؛ لأنه ثبت في \n صحيح البخاري \n من حديث مالك بن الحويرث \n أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا.\n
وكذلك في نفس الحديث أنه كان يعتمد على يديه، أي يعتمد على الأرض ثم يقوم.\n
قالوا: وهذا دليل على أنها جلسة يستقر فيها؛ لأن الاستواء بمعنى الاستقرار، ومنه قوله تعالى: \n {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: ١٣، ١٤].\n
فإذا كان مالك بن الحويرث يروي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي روى قوله صلى الله عليه وسلم: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n ، وقد جاء في وفد قومه في السنة التاسعة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يدل على أنها مستحبة، وأنها من الجلسات المندوبة، وليست من الجلسات التي تفعل بمقتضى الطبيعة والجِبِلَّة.\n
جلسة الاستراحة قبل القيام من السجود سنة في حق من يحتاجها فقط للراحة وعدم المشقة وفصَّل بعض العلماء في هذا، وقال: قد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان لا يجلس، وأنه كان يجلس، ومن المعلوم أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حالين؛ حالًا فيها كان نشيطًا شابًّا قويًّا، وحالًا كان فيها دون ذلك، فإنه كان عليه الصلاة والسلام في آخر حياته يصلي الليل قاعدًا، أكثر من سَنَة يصلي قاعدًا، وكان عليه الصلاة والسلام سابَقَ عائشة فسبقها، ثم سابقها فسبقته \n .\n
ثم إنه عليه الصلاة والسلام كان يحب أن ييسر على نفسه في العبادة، وكذلك يحب أن ييسر الإنسان على نفسه في العبادة، حتى إنه أنكر على الذين قالوا: \n نصوم ولا نفطر، ونقوم ولا ننام، ولا نتزوج النساء \n . \n
ومنع عبدَ الله بن عمرو بن العاص من أن يصوم الدهر، وأرشده إلى أن يصوم يومًا ويدع يومًا، ومنعه من أن يقوم الليل كله، وأرشده إلى أن ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه \n ، وهذا دليل على أن شريعة النبي عليه الصلاة والسلام مبنية على اليسر والسهولة.\n
وكان مالك بن الحويرث قَدِمَ إليه في آخر حياته، فكان صلى الله عليه وسلم يحب التيسير على نفسه، فيجلس ثم يعتمد بيديه على الأرض، وهذا يدل على أن قيامه فيه شيء من المشقة، بدليل اعتماده على الأرض؛ لأن مَن كان نشيطًا فإنه وإن جلس للتشهد أو لغير التشهد لا يحتاج إلى الاعتماد، فلولا أنه كان عليه الصلاة والسلام محتاجًا إلى هذه الجلسة ما اعتمد عند النهوض منها.\n
وقالوا أيضًا: إن من المعلوم أن جميع أفعال الصلاة المستقلة أركان، وأن كل ركن له ذكر خاص، وهذه ليست ركنًا بالإجماع، أكثر ما فيها أن العلماء اختلفوا في مشروعيتها.\n
أما أنها ركن فإنه قد نَقل غيرُ واحد الإجماع على أنها ليست بركن، وأيضًا كل فعل من أفعال الصلاة له ذِكر، وهذه ليس لها ذِكْر، فدل على أنها فعل ليس فعل عبادة.\n
وعليه فنقول: إن احتاج الإنسان إليها صارت مشروعة لغيرها؛ للراحة وعدم المشقة، وإن لم يحتج فليست بمشروعة، وهذا القول كما ترون قول وسط، تجتمع فيه الأخبار كما قال صاحب \n المغني رحمه الله، وهو اختيار ابن القيم؛ أننا لا نقول: سُنَّة، على الإطلاق، ولا غير سُنَّة، على الإطلاق، بل نقول: هي سُنَّة في حق مَن؟\n
\n طالب: يحتاجها.\n
\n الشيخ: يحتاج إليها لكِبَر أو مرض أو غير ذلك.\n
وكنت أميل إلى أنها مستحبة على الإطلاق، وأن الإنسان ينبغي له أن يجلس، وكنت أفعل ذلك أيضًا بعد أن كنت إمامًا، ولكن تبين لي بعد التأمل الطويل أن هذا القول المفصَّل قول وسط، وأنه أرجح من القول بالاستحباب مطلقًا، وإن كان الرُّجحان فيه ليس جيدًا عندي، لكنه تميل إليه نفسي أكثر، فاعتمدت ذلك.\n
يبقى النظر، إذا كان الإنسان مأمومًا فهل يُسَنُّ له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سنة، أو متابعة الإمام أفضل؟\n
والجواب على ذلك: أن متابعة الإمام أفضل، ولهذا تُرِك الواجب، وهو التشهد الأول، من أجل متابعة الإمام، وفُعِل الزائد، كما لو أدرك الإمام في الركعة الثانية فإنه سوف يتشهد في أيش؟ في أول ركعة، فيأتي بتشهد زائد، كل ذلك من أجل متابعة الإمام.\n
بل يترك الإنسان الركن من أجل متابعة الإمام، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا»..\n
\n طلبة: \n «قُعُودًا». \n
\n الشيخ: \n «قُعُودًا» \n .\n
فهو يترك ركن القيام وركن الركوع، فيجلس في موضع القيام، ويومئ في موضع الركوع، كل هذا من أجل متابعة الإمام.\n
فإن قال قائل: الجلسة هذه يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام.\n
فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» \n ، فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مهلة، وهذا يدل على أن الأفضل في حق المأموم أن لا يتأخر عن الإمام ولا تأخرًا يسيرًا، بل أن يبادر بالمتابعة، فلا يوافِق ولا يُسابِق ولا يتأخَّر، بل يكون مبادِرًا للفعل مع الإمام.\n
وهذا هو حقيقة الائتمام؛ أن لا تتأخر عن إمامك، وأن لا تسبقه، وأن لا توافقه، فإذا كان الأمر بالعكس بأن كان الإمام يرى هذه الجلسة وأنت لا تراها؟\n
فإن الواجب عليك أن تجلس؛ لأنك لو لم تجلس لقُمْتَ قبل إمامك، وهذه مسابَقة، والمسابَقة حرام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ» \n .\n
قد يقول: أنا لا أقوم قبله، لكن أَتَأَنَّى في السجود حتى أظن أنه قام؟ \n
قلنا: إذن لم تفعل محرَّمًا، لكن تَرَكْتَ أيش؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: سُنَّة، وهي المبادرة بمتابعة الإمام، فإذا كنت لا ترى أنها مستحبة والإمام يرى فاجلس مع إمامك، كما أنك تجلس معه في التشهد الذي ليس في محل تشهد، كل ذلك من أجل المتابعة.\n
تُشرع جلسة الاستراحة قبل القيام من السجود إذن القول الذي يترجَّح عندي، وليس رجحانه كثيرًا، لكنني أميل إليه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها: أن هذه الجلسة مشروعة عند الحاجة إليها، وإلا فلا يجلس.\n
أما بالنسبة للمأموم فقد عرفتم ما ذكرناه. \n

***

يقول المؤلف: \n (معتمدًا على ركبتيه إن سهل، ويصلي الثانية كالأولى).\n
\n (يصلي الثانية)، يعني: الركعة الثانية\n (كالأولى).\n
وعلى هذا فـ\n (الثانية) صفة لموصوف محذوف، تقديره؟\n
\n طلبة: الركعة.\n
\n الشيخ: الركعة.\n
فإذا قال قائل: هل يجوز أن يُحذَف الموصوف وتبقى الصفة؟\n
نقول: نعم، وهذا كثير جدًّا، هذا كثير في القرآن، وكلام الناس؛ قال الله تعالى: \n {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: ١١] أي؟\n
\n الطلبة: دروعًا سابغات.\n
\n الشيخ: دروعًا سابغات.\n
وقال: \n {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: ٢٢٧] أي: الأعمال الصالحات.\n
وأمثالها كثير، لكن الذي يَقِلُّ هو العكس، وهو حذف النعت وبقاء المنعوت؛ لأن النعت -وهي الصفة- هو المقصود، ولهذا قال ابن مالك:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

وَمَا مِنَ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ

يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفِي النَّعْتِ يَقِلْ

\n
يقول: \n (الثانية كالأولى ما عدا التحريمة).\n
\n طالب: كذلك.\n
\n الشيخ: كذلك، نعم، أي: كالأولى، يُصلِّيها كالأولى، يعني: في القيام والركوع والسجود والجلوس وما يقال فيها.\n
ثم استثنى المؤلف فقال: \n (ما عدا التحريمة) أي: تكبيرة الإحرام، لماذا؟\n
لأن التحريمة تُفتَتَح بها الصلاة، وقد افتتحت، بل لو أنه كبَّر ناويًا التحريمة بطلت صلاته؛ لأن لازم ذلك أن يكون قد قطع الركعة الأولى، وابتدأ الثانية من جديد، وهذا يبطل الصلاة.\n
وقوله:\n (ما عدا التحريمةَ) بالنصب ولَّا بالجر؟\n
\n طلبة: بالنصب.\n
\n الشيخ: وجوبًا ولَّا جوازًا؟ \n
\n طالب: جوازًا.\n
\n طلبة: وجوبًا لسبقها بـ (ما).\n
\n الشيخ: إيه، هذه يجب فيها النصب؛ لأنها مسبوقة بـ(ما)، أما لو خلت من (ما) جاز الوجهان. \n
قال: \n (ما عدا التحريمةَ والاستفتاح).\n
أيضًا الاستفتاح لا يُسَنُّ في الركعة الثانية؛ لأن الاستفتاح تُفْتَتَح به الصلاة بعد التحريم، فلا يُعاد مرة أخرى.\n
فإن قال أحد من الناس: أستفتح في الركعة الأولى بنوع من الاستفتاحات، وأستفتح في الركعة الثانية بنوع آخر.\n
قلنا: هذا من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح مرة واحدة في؟\n
\n طلبة: أول الصلاة.\n
\n الشيخ: أول الصلاة.\n
قال: \n (والتعوذ) يعني: وما عدا التعوذ، يعني قوله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنه يُشرع في الأولى، ولا يُشرع في الثانية، لماذا؟\n
لأن قراءة الصلاة قراءة واحدة، فإن الصلاة عبادة واحدة من أولها إلى آخرها، فإذا تعوَّذْت لأول مرة كفى؛ لأن القراءة واحدة.\n
ولهذا بناءً على ذلك قالوا: لو قرأ في الركعة الأولى سورة، ثم قرأ في الركعة الثانية ما قبلها، لكان ذلك مكروهًا؛ لمخالفة الترتيب، ولو كان في الركعة الثانية؛ لأن قراءة الصلاة واحدة.\n
وقال بعض أهل العلم: بل يتعوذ. \n

","SearchText":" يقول: (ساجدا علي سبعه اعضاء) . (سبعه اعضاء) : وبيناها. قال: (رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع انفه) ، كم هذه؟ طلبه: سبعه. الشيخ: سبعه؟ نعد زين؛ رجليه. طالب: اثنان. الشيخ: ثم ركبتيه. طلبه: اربعه. الشيخ: اربعه، ثم؟ الطلبه: يديه. الشيخ: ثم يديه؛ سته، ثم جبهته مع انفه. الطلبه: واحد. الشيخ: الجبهه والانف واحد؟ الطلبه: الانف والجبهه واحد. الشيخ: واحد؟ طالب: عضو واحد. الشيخ: عضو واحد، لو قضم الانسان انف رجل كان فيه نصف الديه ولا ديه كامله؟ الطلبه: ديه كامله. الشيخ: اذا كان هو الجبهه والعضو واحد، معناه ما قضم الا نصف العضو؟ الطلبه: محل واحد. الشيخ: نقول: الواقع ان الجبهه والانف ليس شيءا واحدا في الحقيقه، لكن الرسول عليه الصلاه والسلام الحق الانف بالجبهه الحاقا، وسنتلو الحديث، روي ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال: «امرنا ان نسجد علي سبعه اعظم -او اعضاء- علي الجبهه»، واشار بيده الي انفه . وهنا لو كان الانف من الجبهه حكما وحقيقه ما اشار اليه، اليس كذلك؟ الطلبه: بلي. الشيخ: ولو كان عضوا مستقلا لنص عليه، وجعله مستقلا، وقال: علي الجبهه وعلي الانف، اذن فهو تابع، فهو من الجبهه حكما لا حقيقه، ولهذا اشار اليه النبي صلي الله عليه وسلم اشاره. الجبهه واليدين، يقول المءلف: (ثم يديه)، (يديه) ، والحديث «كفيه»، و«الكفين» ، فهل بينهما فرق؟ لا؛ لان اليد عند الاطلاق هي الكف فقط. ارايتم قوله تعالي: {والسارق والسارقه فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا} [الماءده: ٣٨]. ثم ارايتم قوله تعالي: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه} [الماءده: ٦]، ماذا يطلق عليه لفظ اليدين في الايتين؟ الطلبه: الكف. الشيخ: الكف. ولهذا يقطع السارق من مفصل الكف، وفي التيمم اري النبي صلي الله عليه وسلم عمار بن ياسر كيف مسح اليدين، فمسح ظاهر كفيه، ومسح الشمال علي اليمين . اذن كلام المءلف لا يعارض الحديث؛ لان اليدين عند الاطلاق؟ الطلبه: (...). الشيخ: يراد بهما الكف، واما اذا قيدت اليد فعلي حسب ما قيدت به، كما في قوله تعالي: {فاغسلوا وجوهكم وايديكم الي المرافق} [الماءده: ٦]. يقول المءلف رحمه الله: (ثم يديه، ثم جبهته مع انفه)، (جبهته مع انفه) ، ولهذا ما قال: جبهته وانفه، او ثم انفه. قال: (مع)، اشاره الي ان الانف تابع مصاحب، وهو كذلك. وبقي علينا نظر اخر في هذه العباره. اولا: قال المءلف: (علي سبعه اعضاء: رجليه) ، اليس هو قاءم علي رجليه من الاصل؟ الطلبه: في السجود. الشيخ: في السجود ربما يرفعهما، كذا ولا لا؟ الطلبه: اي. الشيخ: ولهذا نص عليهما، حتي لا يرفعهما اذا سجد. ينزل المصلي علي ركبتيه اولا ثم يديه ثم قال المءلف: (ثم ركبتيه، ثم يديه) . فافاد المءلف بالنص الصريح ان الركبتين مقدمتان علي اليدين، وهذا الذي ذهب اليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعامه اهل العلم -ومنهم الاءمه الثلاثه؛ احمد وابو حنيفه والشافعي- علي ان الركبتين مقدمتان علي اليدين، وهذا مقتضي النص المروي عن النبي صلي الله عليه وسلم فعلا، والذي ثبت عنه او كاد يثبت قولا، وهو ايضا مقتضي النظر الصحيح. اما الاول؛ وهو انه مقتضي النص، فلان النبي صلي الله عليه وسلم روي عنه انه كان اذا سجد بدا بركبتيه قبل يديه ، لكن هذا الحديث طعن فيه كثير من اهل العلم وقالوا: انه ضعيف. واما ما ثبت عنه قولا او كاد يثبت فهو حديث ابي هريره، وهو قوله عليه الصلاه والسلام: «اذا سجد احدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» ، فان الرسول صلي الله عليه وسلم نهي ان يبرك الرجل كما يبرك البعير، والبعير اذا برك يقدم يديه، فيقدم مقدمه علي مءخره كما هو ظاهر. وقد ظن بعض اهل العلم ان معني قوله: «فلا يبرك كما يبرك البعير» ، يعني: فلا يبرك علي ما يبرك عليه البعير، وانه نهي ان يبرك الانسان علي ركبتيه، وعلي هذا فيقدم يديه. ولكن بين اللفظين فرقا واضحا، فان النهي في قوله: «كما يبرك» نهي عن؟ الكيفيه؛ لان الكاف للتشبيه. واما النهي فلا يبرك علي ما يبرك، لو كان بهذا اللفظ لكان نهيا علي ما يسجد عليه، وعلي هذا فلا يسجد علي الركبتين؛ لان البعير يبرك علي ركبتيه. واما النظر فلان الوضع الطبيعي للبدن ان ينزل شيءا فشيءا، كما انه يقوم من الارض شيءا فشيءا، فاذا كان ينزل شيءا فشيءا فالاسفل منه ينزل قبل الاعلي، واذا قام شيءا فشيءا فالاعلي يكون قبل الاسفل، وعلي هذا فيكون هذا القول الذي عليه عامه اهل العلم هو الموافق للمنقول والطبيعه. لكن مع ذلك لو ان انسانا كان ثقيلا او مريضا، او في ركبتيه ما يشق عليه به السجود علي الركبتين؟ ففي هذه الحال نقول: لا باس ان الانسان يفعل ويقدم اليدين، ويكون النهي ما لم يوجد سبب يقتضيه، فان وجد سبب يقتضيه كالحاجه لمرض او كبر او الم في الركبتين، او غير ذلك فان هذا لا باس به؛ لان مبني الدين الاسلامي -ولله الحمد- علي..؟ طالب: اليسر. الشيخ: اليسر والسهوله؛ ففي القران الكريم يقول الله تعالي: {يريد الله بكم اليسر} [البقره: ١٨٥]، والاراده هنا شرعيه، يعني ان الشرع هو التيسير. وفي السنه: «بعثت بالحنيفيه السمحه» ، «يسروا ولا تعسروا» . فالمقصود الوصول الي السجود، فان تمكن الانسان به علي الوجه الاكمل فهو اكمل، وان شق عليه فانه يفعل ما تيسر. ومن العلماء من يقول: بل يسجد علي يديه اولا، ظنا منه ان قوله: «فلا يبرك كما يبرك البعير» يراد به: فلا يبرك علي ما يبرك عليه البعير، وقال: ان ركبتي البعير في يديه، وهذا صحيح؛ ان ركبتي البعير وكل ذات اربع في اليدين، لكن الحديث لا يساعد لفظه علي هذا المعني. واما اخر الحديث المفرع علي اوله، ففيه انقلاب كما حققه ابن القيم، وهو قوله: «وليضع يديه قبل ركبته» ؛ لانه لو كان علي الصحه لكان مناقضا لاول الحديث، وكلام النبي عليه الصلاه والسلام لا مناقضه فيه. اقول: من العلماء من قال: انه يبدا بيديه قبل ركبتيه. ومن العلماء، بل ما هم من العلماء، بل من الناس الاخوه المبتدءين من حاول ان يجمع بين الامرين، فقال: لا انزل اعالي بدني ولا اسجد علي الركبتين، اجلس مستوفزا ثم اضع يدي علي الارض كذا، ثم ادفعهما الي الامام كذا، يسحبها الي الامام. فنقول: من جاء بهذه الصفه؟ هذه الصفه ما قال بها احد من المتقدمين ابدا، والجمع بين النصوص بصفه تخالف ما تقتضيه النصوص وتخرج عما قاله العلماء خطا. رايت بعض الناس يحط يديه يبغي يسجد (يبوبز) كما نقول باللغه العاميه، وما ادري يا اخوان اللي.. يحاول ان يجمع بين وصول اليدين الي الارض قبل الركبتين، وبين ان لا يخطء اعاليه، ويش اللي راح؟ اعاليه قبل اسافله. فالحقيقه ان هذه الصفه غريبه، ما رايت احدا من اهل العلم قال بها ابدا، وتحتاج الي دليل اثبات ان الرسول يخلي ايديه يصح من عند الركب الي ان يوازي الوجه. هذا فعل خلاف ما تقتضيه الطبيعه والجبله، وكل فعل يخالف ما تقتضيه الطبيعه والجبله في الصلاه يحتاج الي دليل؛ لان الصلاه عباده كلها بافعالها واقوالها. وهذه قاعده احب ان تنتبهوا لها: كل فعل يخالف مقتضي الطبيعه -العاده يعني- في تنقلات البدن يحتاج الي دليل علي اثباته؛ لانه يكون مشروعا. وبناء علي ذلك نقول: الاصل وضع الاعضاء علي ما هي عليه في الصلاه حتي يقوم دليل علي ايش؟ طالب: المخالفه. الشيخ: علي المخالفه. ولهذا لولا انه ورد ما يدل علي تطابق الرجلين في السجود لكنا نقول: ان الانسان يجعلهما طبيعيتين، فاذا كان الركبتان متباعدتين فلتكن القدمان كذلك. لكن لما ورد ما يدل علي انها يلصق بعضهما ببعض خرجنا عن هذا الاصل، فكل شيء لم ينقل مما خرج عن عاده البدن فانه يبقي علي ما هو عليه من عاده البدن. طالب: شيخ، احسن الله اليكم، (...) انه لقي في العباده. الشيخ: نعم. الطالب: (...) فيها، لكن مر علينا ان قلنا: انه يجوز للمعتكف ان يخرج من معتكفه ان اشترط ذلك، قياسا علي حديث ضباعه بنت الزبير. الشيخ: نعم. الطالب: (...). الشيخ: هذه ليست في الصفه؛ لان الرسول قال: «ان لك علي ربك ما استثنيت» ، فهذا التعليل يدل علي ان كل عباده تلزم للدخول فيها اذا استثني فيها الانسان فله ذلك. طالب: ما فهمت يا شيخ. الشيخ: اقول: التعليل، «فان لك علي ربك ما استثنيت» . الطالب: نعم. الشيخ: يدل علي ان كل عباده اذا شرع فيها الانسان لزمته، فانه اذا استثني فيها فله علي ربه ما استثناه، يعني فيه عله تشير الي هذا. طالب: بارك الله فيك، عندما يكون الامام واقفا يا شيخ وقف علي سجود التلاوه، فيكبر يرفع يديه ويسجد. الشيخ: لا، هذا قال الفقهاء: انه يشرع، الفقهاء -رحمهم الله- استثنوا من السجود مسالتين: المساله الاولي: اذا سجد للتلاوه. والمساله الثانيه: اذا سجد بعد القنوت في الوتر. ولكن لا دليل علي ذلك، الصحيح انه لا يستثني شيء. طالب: بالنسبه لفعل ابن عمر يا شيخ، فقد كان يقدم يديه علي ركبتيه. الشيخ: نعم. طالب: ما ادري ما الاجابه علي ذلك؟ الشيخ: الاجابه عن هذا من وجهين: الوجه الاول: انه فعل صحابي معارض بفعل من هو اعلم منه وهو ابوه عمر. والوجه الثاني: ان ابن عمر رضي الله عنهما كان في اخر عمره ثقيلا، فقد كان حتي في جلوسه في الصلاه يتربع ولا يفترش، وساله احد ابناءه لماذا كان يصنع ذلك والرسول عليه الصلاه والسلام كان يفترش؟ قال: ان رجلي لا تقلاني . ورجل تصل به الحال الي هذا، لا شك انه يحتاج الي ان ينزل علي يديه؛ لانه ايسر له. طالب: شيخ، لو قال انسان يعني خروجا من الخلاف: انه يفعل هذا مره وهذا مره (...). الشيخ: لا، لو قال: خروجا من الخلاف، اولا: النصوص ما تدل علي هذا حتي يثبت خلافا، واقوال العلماء اذا لم يكن لها حظ من النظر يبقي اهل العلم فيها معذورين فيما ذهبوا اليه، لكن لا يجعل قولهم قولا مشرعا. وليست هذه المساله كجلسه الاستراحه التي يمكن ان تحمل علي حال دون حال -كما سياتينا ان شاء الله تعالي - بل هذه صفه، اما هذه ولا هذه. *** (...) نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. (يخر مكبرا ساجدا علي سبعه اعضاء؛ رجليه، ثم ركبيته، ثم يديه، ثم جبهته مع انفه). واوردنا اشكالا علي قوله: (رجليه) ، ما هو الاشكال؟ طالب: تكون مضمومتين او.. الشيخ: لا، اوردنا اشكالا علي قول المءلف: (رجليه) ، مع ان الرجلين في الارض من الاصل. الطالب: اي نعم، ولذلك اذا سجد فانهما يرتفعان عن الارض. الشيخ: اذا سجد فلا يرفعهما. الطالب: نعم. الشيخ: عن الارض، ثم ان كيفيتهما في القيام غير كيفيتهما في السجود، اليس كذلك؟ الطالب: بلي. الشيخ: يقول: (ثم جبهته مع انفه) ، قال: (ولو مع حاءل ليس من اعضاء سجوده) . (ولو مع حاءل) يعني: يسجد علي الارض ولو مع حاءل ليس من اعضاء السجود. (الحاءل) : يشمل الثوب، والغطره، والمشلح، وما كان من جنس الارض، وما كان من غير جنسها، عام، لكن لا بد ان يكون طاهرا؛ لانه لا يمكن السجود علي النجس؛ اذ ان من شرط الصلاه -كما سبق- اجتناب النجاسه. وقول المءلف: (ليس من اعضاء سجوده) . يعني: لا يجوز ان يسجد علي حاءل من اعضاء السجود بان يضع جبهته علي كفيه مثلا، او يضع يديه بعضهما علي بعض، او يضع رجليه بعضهما علي بعض؛ لانه اذا فعل ذلك فكانما سجد علي عضو واحد، اذا وضع جبهته علي يديه فلم يسجد علي الجبهه في الحقيقه، بل سجد علي العضو المباشر دون العضو الذي فوقه. وقوله رحمه الله: (ولو مع حاءل ليس من اعضاء السجود) . لم يبين حكم السجود علي الحاءل اذا كان من غير اعضاء السجود، انما بين ان السجود مجزء مع الحاءل، لكن ما حكم وضع الحاءل؟ قال اهل العلم: ان الحاءل ينقسم الي قسمين: قسم متصل بالمصلي؛ فهذا يكره ان يسجد عليه الا من حاجه، مثل: الثوب الملبوس، والمشلح الملبوس، والغطره، وما اشبه ذلك. ودليل ذلك حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم في شده الحر، فاذا لم يستطع احدنا ان يمكن جبهته من الارض بسط ثوبه فسجد عليه . فقوله: (اذا لم يستطع ان يمكن)، دل علي انهم لا يفعلون ذلك مع الاستطاعه، ثم التعبير ( اذا لم يستطع ) يدل علي انه مكروه لا يفعل الا عند الحاجه. اما اذا كان الحاءل منفصلا فهذا لا باس به، ولا كراهه فيه؛ لانه ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه صلي علي الخمره ، والخمره عباره عن خصيف من النخل يسع جبهه المصلي وكفيه فقط. وعلي هذا فتكون الحواءل ثلاثه اقسام: قسم من اعضاء السجود؛ فهذا السجود عليه حرام، ولا يجزء السجود. وقسم من غير اعضاء السجود لكنه متصل بالمصلي؛ فهذا مكروه، ولو فعل لاجزا السجود لكنه مع الكراهه. والثالث: قسم منفصل، فهذا لا باس به. ولكن قال اهل العلم: يكره ان يخص جبهته فقط بما يسجد عليه، وعللوا ذلك بان هذا يشابه فعل الرافضه في صلاتهم، فان الرافضه يتخذون هذا تدينا، يصلون علي قطعه من المدر كالفخار يصنعونها مما يسمونه النجف الاشرف، ولهذا تجد عند ابواب مساجدهم، تجد الصناديق الدواليب مملوءه من هذه الحجاره، اذا اراد الانسان ان يدخل المسجد اخذ حجاره ليسجد عليها. ومنهم من يفعل ذلك؛ لانه يري انه لا يجوز السجود الا علي شيء من جنس الارض، فلا يجوز السجود علي الفراش ولو من خصيف النخل، مع انه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه سجد علي خصيف النخل كما في حديث انس حينما غسل له الحصير الذي اسود من طول ما لبس، وصلي عليه صلي الله عليه وسلم . لكن هم لا يرون ذلك، فيسجدون علي شيء معين، لكن يضعون الجبهه عليه فقط، ولهذا قال اهل العلم: يكره ان يخص جبهته بما يسجد عليه؛ لانه فعل الرافضه. المءلف -رحمه الله- يقول: (يسجد علي اعضاءه السبعه) (ولو مع حاءل ليس من اعضاء السجود) . السجود علي هذه الاعضاء السبعه واجب في كل حال السجود، بمعني انه لا يجوز ان يرفع عضوا من اعضاءه حال سجوده؛ لا يدا، ولا رجلا، ولا انفا، ولا جبهه، ولا اي شيء من هذه الاعضاء السبعه، فان فعل -فان كان في جميع حال السجود- فلا شك ان سجوده لا يصح؛ لانه نقص عضوا من الاعضاء التي يجب ان تسجد. واما اذا كان في اثناء السجود، بمعني ان رجلا حكته رجله فحكها بالرجل الاخري فهذا محل نظر؛ قد يقال: انها لا تصح صلاته؛ لانه ترك هذا الركن جزءا من السجود. وقد يقال: انه يجزءه؛ لان العبره بالاعم والاكثر، فاذا كان الاعم والاكثر انه ساجد علي الاعضاء السبعه اجزاه. وعلي هذا فيكون الاحتياط ان لا يرفع شيءا، وليصبر حتي لو اصابته حكه في يده مثلا، او في فخذه، او في رجله فليصبر حتي يقوم من السجود. ومن المباحث في هذا الركن: انه اذا عجز عن السجود ببعض الاعضاء فهل يسجد علي البقيه او لا؟ نقول: لدينا قاعده تبين هذا وغيره، وهي قوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]، وقول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم» . فاذا قدر ان احدي يديه جريحه لا يستطيع ان يسجد عليها فليسجد علي بقيه الاعضاء؛ لقوله تعالي: {فاتقوا الله ما استطعتم} . واذا قدر انه قد عمل عمليه في عينيه، وقيل له: لا تسجد علي الارض، فليومء ما امكنه، وليضع من اعضاء السجود ما امكنه. واما قول بعض الفقهاء: من عجز عن السجود بالجبهه لم يلزمه بغيرها. فهذا مسلم في بعض الاحوال؛ مسلم فيما اذا كان لا يستطيع ان ينحني بحيث يكون الي السجود التام اقرب منه الي الاعتدال التام، فهذا مسلم ان يقال: لا يلزمك السجود. مثلا: لو كان ما يستطيع الا ان يقول هكذا، ما نقول: ضع يديك؛ لانه لو وضع يديه ليس كهيءه..؟ طالب: السجود. الشيخ: الساجد. لكن اذا كان يستطيع ان يومء بحيث يكون الي السجود التام اقرب منه الي الجلوس التام فهنا يلزمه ان يسجد ببقيه الاعضاء، فيدنو من الارض بقدر ما يمكنه، ثم يضع ايش؟ طلبه: يديه. الشيخ: يضع يديه. فاذا قال قاءل: ما هو الدليل علي هذا؟ قلنا: الدليل اننا امرنا بالسجود، وامرنا ان نتقي الله ما استطعنا، فاذا كنا اقرب الي السجود وجب ان (...)؛ لاننا نكون كهيءه الساجد الذي رفع جبهته، فيلزمنا ذلك. اما اذا كنا لا نستطيع ان ندنو من الارض بحيث نكون الي السجود اقرب ففرضنا حينءذ الايماء، فيومء الانسان ولا يلزمه ان يضع يديه او ركبتيه علي الارض، افهمنا هذا؟ الطلبه: نعم. الشيخ: اذن بينا هذا الامر ببحثين، ما هما؟ طالب: استدامه. الشيخ: استدامه السجود علي الاعضاء السبعه، والثاني؟ اذا عجزنا عن بعضها فهل يلزمنا البعض الاخر، وعرفتم التفصيل. فاذا قال قاءل: ما هي الحكمه من السجود؟ وما هو السر في هذا السجود؟ قلنا: لانه من كمال التعبد لله والذل له، فان الانسان يضع اشرف ما فيه بحذاء ادني ما فيه، كذا؟ يضع اشرف ما فيه وهو وجهه، بحذاء اسفل ما فيه وهو: قدمه. وايضا يضعه علي موطء الاقدام، كل هذا تعبدا لله تعالي وتقربا اليه، ومن اجل هذا التطامن والنزول للرب عز وجل صار اقرب ما يكون الانسان من ربه وهو؟ الطلبه: ساجد. الشيخ: ساجد. يعني: مع انه لو قام لكان اعلي واقرب، كل ما علا الانسان كان اقرب لله عز وجل، لكن هذا نزل حتي صار في الاسفل، ولنزوله لله عز وجل صار اقرب الي الله «من تواضع لله رفعه» ، هذا هو الحكمه والسر في هذا السجود العظيم، ولهذا ينبغي لنا ان تسجد قلوبنا قبل ان تسجد جوارحنا، قبل ان تسجد اعضاءنا، بان يشعر الانسان بهذا الذل والتطامن والتواضع لله عز وجل حتي يدرك لذه السجود وحلاوته، ويعرف انه الان قرب من ربه سبحانه وتعالي، بل هو اقرب ما يكون الي الله. هذا المعني قد يغفل عنه اصحاب الظواهر الذين يريدون ان يجملوا الطاعات بظاهرها، وهم يحمدون علي هذا، لا شك اننا مامورون بان نجمل الطاعات بظواهرها، او نجمل ظواهرها بتمام الاتباع وكماله، لكن هناك شيء اخر يغفل عنه كثير من الناس، ويعتني به ارباب السلوك، وهو تكميل الباطن بحيث يركع القلب قبل ركوع البدن، ويسجد قبل سجود البدن. ولكن قد يخطء ارباب السلوك الذين يعتنون بالبواطن، قد يقصرون في اصلاح الظواهر، فتجدهم يخلون كثيرا في اصلاح الظواهر، والكمال هو؟ طالب: اصلاح الظاهر والباطن. الشيخ: اصلاح الامرين جميعا، والعنايه بكمالهما جميعا؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر. واني والله، واشهد الله، اننا لو اقمنا الصلاه كما ينبغي لخرجنا في كل ما نخرج من صلاه بايمان جديد قوي؛ لان الله يقول: {اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاه ان الصلاه تنهي عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: ٤٥]، لكن نسال الله ان يعاملنا بعفوه، ندخل فيها بقلب ونخرج منها بقلب هو القلب الاول ان لم يكن اردا؛ لاننا ما ناتي بما ينبغي ان ناتي به من خضوع القلب وحضوره وشعوره بهذه التنقلات التي هي رياض في الواقع، رياض عباده، يعني الصلاه هي صلاه واحده، لكنها رياض متنوعه، افعال مختلفه متنوعه، واقوال كذلك ما بين قراءه كلام الله عز وجل وذكره، وتعظيمه وتكبيره، ودعاءه والثناء عليه، ووصفه باكمل الصفات (التحيات لله، والصلوات والطيبات)، الي اخره، فهي رياض عظيمه، لكن فينا قصور من جهه مراعاه هذه الاسرار. اذن نقول: ان هذا هو السر في السجود؛ كمال التعبد لله والتواضع له، ولهذا كان جزاء الساجد ان يكون اقرب ما يكون من ربه عز وجل؛ لانه تواضع لله ونزل، فرفعه الله وصار اقرب ما يكون الي ربه. وقد ورد في الحديث ان الله حرم علي النار ان تاكل اعضاء السجود فيمن يدخل النار من العصاه؛ لان عصاه المءمنين اذا لم يتب الله عليهم ولم تكن لهم حسنات ترجح علي سيءاتهم فانهم يعذبون في النار بقدر ذنوبهم، لكن اعضاء السجود محترمه لا تاكلها النار ولا تءثر فيها، ولهذا قال بعضهم: يا رب اعضاء السجود عتقتـــــــــها من فضلك الوافي وانت الباقي والعتق يسري في الغني يا ذا الغني فامنن علي الفاني بعتق الباقي فتوسل الي الله بعتق هذه الاعضاء الي ان يعتق جميع البدن بسريان العتق اليه. قال المءلف -رحمه الله-: (ولو مع حاءل ليس من اعضاء سجوده) . قال: (ويجافي عضديه عن جنبيه) . (يجافي) : الفاعل من؟ طلبه: المصلي. الشيخ: المصلي الساجد. (يجافي عضديه عن جنبيه) يعني يبعدهما؛ لانه ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان يفعل ذلك ، حتي ان الصحابه لياوون له، يرقون له من شده مجافاته صلوات الله وسلامه عليه، وحتي انه ليري بياض ابطه من شده مجافاته، يعني رداءه يتمايز عن جنبيه حتي يبدو بياض ابطه، وحتي انه لو شاءت ان تمر البهمه -وهي صغار الغنم- من تحته لمرت من شده مجافاته. فـ (يجافي عضديه عن جنبيه) ، ويستثني من ذلك ما اذا كان في الجماعه وخشي ان يءذي جاره، فانه لا يستحب له اذيه جاره، وذلك لان هذه المجافاه سنه، والايذاء اقل احواله الكراهه، ولا يمكن ان يفعل شيء مكروه مءذ لجارك مشوش عليه من اجل سنه، ولهذا استثني العلماء -رحمهم الله- ذلك، فقالوا: ما لم يءذ جاره، فان اذي جاره فلا يفعل. ولكن اعلم انك متي تركت السنه لدرء المفسده، والله يعلم انه لولا ذلك لفعلت، فانه يكتب لك اجرها، فان الرجل اذا ترك العمل لله عوضه الله عز وجل، بل اذا تركه بغير اختياره، من مرض او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما، فيجافي عضديه عن جنبيه. قال: (وبطنه عن فخذيه) ، يجافي بطنه عن فخذيه، اي: يرفعه، وكذلك ايضا يرفع الفخذين عن الساقين. فهذه ثلاثه اشياء: التجافي بالعضدين عن ايش؟ الطلبه: عن الجنبين. الشيخ: عن الجنبين، وبالبطن عن الفخذين، وبالفخذين عن الساقين، ولهذا قال النبي عليه الصلاه والسلام: «اعتدلوا في السجود» ، «اعتدلوا» يعني: اجعلوه سجودا معتدلا، لا تخصرون فتنزل البطن علي الفخذ، والفخذ علي الساق، ولا تمتدون ايضا، كما يفعل بعض الناس، تجده اذا سجد يمتد حتي يقرب من الانبطاح، فهذا لا شك انه من البدعه؛ لانه ليس بسنه، ما ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام ولا عن الصحابه فيما نعلم ان الانسان يمد ظهره في السجود، انما مد الظهر في حال ايش؟ الركوع، اما السجود فانه يرتفع ببطنه ولا يمده. ويقول المءلف -رحمه الله-: (وعضده عن جنبيه) (ويفرق ركبتيه) . (يفرق ركبتيه) يعني: لا يضم ركبتيه بعضهما الي بعض، واليدين؟ طالب: يجافيهما. الشيخ: يجافيها، اذن لا بد ان يفرقهم، والركبتان تفرق، القدمان؟ الطلبه: يتراصا. الشيخ: اختلف العلماء في ذلك: فمن العلماء من يقول: انه يفرق قدميه ايضا؛ لان القدمين تابعان للساقين، والركبتين، فاذا كانت السنه تفريق الركبتين، فلتكن السنه ايضا تفريق القدمين، حتي ان بعض الفقهاء -رحمهم الله- قدروا ذلك بان يكون بينهما مقدار شبر للتفريق. ولكن الذي يظهر من السنه ان القدمين تكونان مرصوصتين، يعني يرص القدمين بعضهما ببعض، كما في الصحيح في حديث عاءشه حين فقدت النبي صلي الله عليه وسلم، فوقعت يدها علي قدميه منصوبتين وهو ساجد . واليد الواحده لا تبقي علي القدمين الا في حال التراص، وقد جاء ذلك ايضا في صحيح ابن خزيمه : ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يرص قدميه . وعلي هذا فالسنه في القدمين هي التراص بخلاف الركبتين واليدين. ولم يذكر المءلف -رحمه الله- اين يكون محل اليدين، هنا ما ذكره، ولكنه ذكره في اول باب صفه الصلاه حين قال: (يرفع يديه حذو منكبيه كالسجود) . وعلي هذا فيكون موضع اليدين علي حذاء المنكبين، وان شاء قدمهما وسجد وجعلهما علي حذاء الجبهه او فروع الاذنين؛ لان كل هذا مما جاءت به السنه. فله ان يجعلهما علي حذو منكبيه، وله ان يقدمهما حتي يكونا حذو جبهته وانفه، كل هذا جاءت به السنه. ولكن ماذا يصنع لو طال السجود؛ بان كان خلف امام يطيل السجود، فماذا يصنع؟ هل يضع ذراعيه علي الارض، يتكء علي الارض، او ماذا يصنع؟ نقول: لا، لا يتكء علي الارض؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن ذلك، قال: «لا يبسط احدكم ذراعيه انبساط الكلب» . اذن اين يضعهما؟ قال العلماء -رحمهم الله-: يعتمد علي ركبتيه، يعني يضع طرف المرفق علي الركبه اذا شق عليه طول السجود، وهذا اذا كان مع امام، اما اذا كان في نفسه فانه لا ينبغي له ان يكلف نفسه ويشق عليها، بل اذا شق عليه وتعب فانه يقوم، ولا ينبغي للانسان ان يشق علي نفسه؛ لان الله سبحانه وتعالي يسر علي عباده. يقول -رحمه الله-: (ويفرق ركبتيه، ويقول: سبحان ربي الاعلي) . يقول في حال السجود: (سبحان ربي الاعلي) . وقد مر علينا معني التسبيح، وما الذي يسبح الله عنه، اي ينزه. واما قوله: (ربي الاعلي) دون ان يقول: (ربي العظيم)؛ لان ذكر علو الله هنا انسب من ذكر العظمه؛ فان الانسان الان انزل ما يكون، فلما كان انزل ما يكون كان من المناسب ان يثني علي الله بماذا؟ طلبه: بارتفاعه. الشيخ: بالعلو، وانظر الي الحكمه والمناسبه في مثل هذه الامور، كيف كان الصحابه -رضي الله عنهم- في السفر اذا علوا شيءا كبروا، واذا هبطوا واديا سبحوا. لماذا؟ لان الانسان اذا علا وارتفع قد يتعاظم في نفسه ويتكبر ويعلو، فناسب ان يقول: الله اكبر؛ ليذكر نفسه بكبرياء الله عز وجل، اما اذا نزل فان النزول لا شك انه نقص، فكان ذكر التسبيح اولي، تنزيه الله عز وجل عن النقص الذي انا كنت فيه الان، انحدرت، فكان هذا من المناسبه ان الانسان يذكر نفسه بما هو اعلي منها. ونظير هذا من بعض الوجوه ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان اذا راي شيءا يعجبه من الدنيا يقول: «لبيك، ان العيش عيش الاخره» ، سبحان الله! لبيك، ويش المناسبه لبيك؟ لان الانسان اذا راي ما يعجبه من الدنيا ربما يلتفت اليه فيعرض عن الله، فيقول: «لبيك» استجابه لله عز وجل، ثم يوطن نفسه فيقول: «ان العيش عيش الاخره» . فهذا العيش الذي يعجبك لا تغتري به، عيش زاءل، العيش حقيقه هو عيش الاخره، ولهذا كان من السنه اذا راي الانسان ما يعجبه في الدنيا وخاف ان تنقاد نفسه اليه ان يقول: لبيك، ان العيش عيش الاخره، ذكرنا هذا استطرادا. المهم ان الانسان يقول في سجوده: سبحان ربي الاعلي. وما المراد بالعلو؛ اعلو المكان، ام علو الصفه؟ طلبه: (...). الشيخ: يشمل الامرين جميعا. وهذا امر - اعني انه يشمل الامرين جميعا - متفق عليه في فطر الناس، الا من اجتالته الشياطين عن فطرته، فان علو الله عز وجل علو ذات، امر مفطور عليه الخلق. لو انك قلت للعامي: ماذا تريد بقولك: سبحان ربي الاعلي؟ طلبه: (...). الشيخ: علو المكان، يعني علو الذات، ولا يدري عن علو الصفه، ومع ذلك فقد انكر علوه في ذاته من انكره ممن يستقبلون قبلتنا، ولا شك انهم خالفوا الكتاب والسنه واجماع السلف والعقل والفطره، ولو رجعوا الي فطرهم لعرفوا ان هذا امر لا بد منه، لا بد من الاقرار به، هم عندما يصيبهم شيء يندهشون منه بسرعه، اين تنصرف قلوبهم؟ طلبه: (...). الشيخ: الي السمو، الي العلو، هم يقفون بعرفه الله يدعون الله ويرفعون ايديهم، ولا ينزلونها للارض؟ طلبه: يرفعونها. الشيخ: يرفعون ايديهم، ومن العجيب انهم يرفعون ايديهم ويدعون ان الله في الارض - نسال الله العافيه-. المهم اننا نشعر بقولنا: سبحان ربي الاعلي، بان الله علي في ذاته وعلي في صفاته، بل هو اعلي من كل شيء، والله تعالي وصف نفسه احيانا بالاعلي، واحيانا بالعلي؛ لان الوصفين ثابتان له؛ العلو، وكونه اعلي، كما انه يوصف بانه الكبير، وانه الاكبر، وبالعليم وايش؟ طلبه: الاعلم. الشيخ: وبالاعلم، وصيغه التفضيل في هذه الاشياء علي بابها، وليست بمعني اسم الفاعل كما يدعيه بعض العلماء. (...) -رحمه الله تعالي-: (ثم يرفع راسه مكبرا) . (يرفع راسه) ، يعني: وما يتبعه من اليدين. (مكبرا) : حال من فاعل (يرفع). وعلي هذا فيكون التكبير في حال ايش؟ في حال الرفع؛ لان هذا التكبير تكبير انتقال، وتكبير الانتقالات كلها تكون ما بين الركنين، لا يبدا بها قبل ولا يءخرها الي ما بعد؛ لانه ان بداها قبل ادخلها علي اذكار الركن الذي انتقل منه، وان اخرها ادخلها علي اذكار الركن الذي انتقل اليه، فالسنه ان يكون التكبير في حال الانتقال. (مكبرا، ويجلس مفترشا يسراه) . (يجلس) يعني: بعد السجده الاولي. (مفترشا يسراه) يعني: جاعلا لها كالفراش. هذا من الافتراش، والفراش يكون تحت الانسان، اي يضعها تحته مفترشا لها، لا جالسا علي عقبيه، بل يفترش هو عليه، فيكون ظهرها الي الارض، وبطنها الي اعلي، هذا معني الافتراش. يقول: (مفترشا يسراه، ناصبا يمناه) . (ناصبا يمناه) يعني: جاعلها منتصبه، والمراد: القدم. وحينءذ لا بد ان يخرجها من يمينه، فتكون الرجل اليمني مخرجه من اليمين، واليسري مفترشه، وهذه الصفه متفق عليها، اي انه يجلس بين السجدتين هكذا، لا يجلس متوركا. وظاهر كلام المءلف انه لا يسن في هذا الجلوس سوي هذه الصفه. وذهب بعض اهل العلم الي انه يجلس ناصبا قدميه علي عقبيه، واستدلوا بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ان ذلك هو السنه. ولكن المعروف عند اصحاب الامام احمد-رحمه الله- ان ذلك ليس من السنه؛ لان اكثر الاحاديث الوارده عن النبي صلي الله عليه وسلم كلها تصف هذه الجلسه بالافتراش، ولا يبعد ان يكون ابن عباس -رضي الله عنهما- ذكر ما كان اولا، فان صفه الجلوس قد تكون كصفه الركوع، وكان المسلمون في اول الامر يركع الرجل فيضع يديه بين فخذيه، ولا يضعهما علي الركبتين ، حتي ان ابن مسعود -رضي الله عنه- تمسك بهذا، ويسمي عندهم التطبيق، ولم يعلم ابن مسعود بالسنه التي نسخت هذا الفعل مع انه منسوخ بلا شك، صح عن النبي صلي الله عليه وسلم هذا. ففقهاءنا -رحمهم الله- يرون ان هذه الجلسه ليس لها الا صفه الافتراش فقط. ويقول المءلف: (ناصبا يمناه، ويقول: رب اغفر لي وارحمني) الي اخره. لم يذكر المءلف -رحمه الله- اين يضع اليدين، وكيف يضعهما، مع انهما من الامر المهم. في هذه الجلسه يضع يديه علي فخذيه، وينتهي الوضع الي الركبه، هذه صفه. صفه ثانيه: انه يضع اليد اليمني علي الركبه، واليد اليسري تلقم الركبه، يعني يمسكها هكذا كانه قابض لها. يعني: اما ان يضع اليدين علي الفخذين، يكون اطراف الاصابع علي حد الركبه. او يقدم شوي، ويكون اليد اليسري يلقمها الركبه، واليد اليمني يضعها علي حرف الركبه. صفتان عن النبي صلي الله عليه وسلم كلاهما صحيحه، ولكن كيف يكون وضع اليد؟ الان عرفنا المكان، لكن كيف يكون الوضع؟ اما بالنسبه لليسري فتكون مبسوطه مضمومه الاصابع موجهه الي القبله، ويكون طرف المرفق عند طرف الفخذ، بمعني انه لا يقول هكذا، يخرجها، بل يضمها الي الفخذ حتي يكون طرف المرفق علي طرف الفخذ. اما اليمني فان السنه تدل علي انه يقبض منها الخنصر والبنصر، ويحلق الابهام مع الوسطي، ويرفع السبابه ويحركها عند الدعاء. هكذا جاء فيما روي الامام احمد من حديث واءل بن حجر بسند قال فيه صاحب الفتح الرباني : انه جيد. وقال فيه المحشي علي زاد المعاد : انه صحيح. والي هذا ذهب ابن القيم -رحمه الله-. اما كلام الفقهاء فيرون ان اليد اليمني تكون مبسوطه في الجلسه بين السجدتين كاليد اليسري. ولكن اتباع السنه اولي، اذا كان هذا قد ورد عن النبي عليه الصلاه والسلام فانه هو الاولي. ولذلك لم يرد في السنه لا بحديث صحيح ولا ضعيف ولا حسن ان اليد اليمني تكون مبسوطه علي الرجل اليمني. انما ورد انها تقبض، يعني يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الابهام مع الوسطي، او تضم الوسطي ايضا ويضم اليها الابهام، اذا جلس في الصلاه ، وفي بعض الالفاظ: اذا جلس في التشهد . وكلاهما في الصحيح؛ صحيح مسلم . فنحن اذا اخذنا كلمه: اذا جلس في الصلاه . قلنا: هذا عام في جميع الجلسات. وقوله: اذا جلس في التشهد في بعض الالفاظ لا يدل علي التخصيص؛ لان لدينا قاعده ذكرها الاصوليون، وممن كان يذكرها داءما الشوكاني في نيل الاوطار ، والشنقيطي في اضواء البيان ، علي انه اذا ذكر بعض افراد العام بحكم يطابق العام فان ذلك لا يدل علي التخصيص. يعني ذكر بعض افراد العام بحكم يوافق العام ليس ذلك تخصيصا، انما التخصيص ان يذكر بعض افراد العام بحكم يخالف العام. مثال الاول: قلت لك: اكرم الطلبه. هذا عام يشمل كل طالب، ثم قلت: اكرم فلانا؛ وهو من الطلبه، فهل هذا يقتضي ان لا اكرم سواه؟ طلبه: لا. الشيخ: لا، لكن يقتضي ان هناك عنايه من اجلها خصصته بالذكر. اما اذا قلت -وهو مثال للثاني-: اكرم الطلبه. ثم قلت: لا تكرم فلانا؛ وهو من الطلبه، فهذا تخصيص؛ لان الاول ذكرت فلانا بحكم يوافق العام، وهنا ذكرته بحكم يخالف العام. ولهذا يقولون في تعريف التخصيص: تخصيص بعض افراد العام بحكم يخالف، او اخراج بعض افراد العام من الحكم. فهو لا بد ان يكون مخالفا، اما اذا كان موافقا فان الجمهور -جمهور الاصوليين- كما حكاه صاحب اضواء البيان يرون انه لا يفيد التخصيص، وهو ظاهر كما في المثال الذي ذكرنا لكم. وعلي هذا فيكون بعض افراد حديث ابن عمر الذي خص بالتشهد لا يقتضي التخصيص من بعض الفاظه الداله علي العموم. اما الفقهاء -رحمهم الله- فقالوا: انه في هذه الجلسه يبسط يده اليمني كما يبسط يده اليسري. وبناء علي كلام الفقهاء تكون كل جلسه من جلسات الصلاه مخالفه للاخري، من اجل التمييز، كيف ذلك؟ لان الجلسه بين السجدتين افتراش مع كون اليدين مبسوطتين، في التشهد الاول افتراش لكن اليمني تقبض، في التشهد الاخير تورك وان كان يوافق التشهد الاول في قبض اليد. فهم -رحمهم الله- يجعلون لكل جلسه صفه تميزها عن الصفات الاخري. ولكن كما قلت لكم: ان اتباع السنه اولي من اتباع الراي. اما ما يقول في هذه الجلسه، فيقول المءلف: (يقول: رب اغفر لي) ، وسكت عما سواه. اقتصر -رحمه الله- علي الواجب، ولكن الصحيح انه يقول كل ما ذكر عن النبي عليه الصلاه والسلام: «رب اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني» ، او: «اجبرني» بدل: «ارزقني» . وان شاء جمع بينها؛ لان المقام مقام دعاء . قوله: «رب اغفر لي» يعني انك تسال الله سبحانه وتعالي ان يغفر لك الذنوب كلها او الصغاءر؟ طلبه: كلها. الشيخ: كلها، الصغاءر والكباءر، والمغفره هي ستر الذنب والعفو عنه، ماخوذه من المغفر الذي يكون علي راس الانسان عند الحرب يتقي به السهام. واما «ارحمني» فهو طلب رحمه الله عز وجل التي بها حصول المطلوب، وبالمغفره زوال المرهوب، هذا اذا جمع بينهما. اما اذا فرقت المغفره عن الرحمه فان كل واحده منهما تشمل الاخري، ولهذا نظاءر في اللغه العربيه: فالفقير والمسكين اذا ذكرا جميعا صار لكل واحد منهما معني، واذا افرد احدهما عن الاخر صار معناهما واحدا. يعني: اذا اجتمعا افترقا، واذا افترقا اجتمعا. واما قوله: «ارزقني» فهو طلب الرزق، ولكن، ما هو الرزق؟ هل هو ما يقوم به البدن، او ما يقوم به الدين؟ طلبه: الرزق. الشيخ: كلاهما، يعني ان رزق الله عز وجل ما يقوم به البدن من طعام وشراب ولباس وسكن، وما يقوم به الدين من علم وايمان وعمل صالح. فهل نحن نستحضر هذه المعاني عندما نقول: «ارزقني» ؟ ويش نستحضر؟ طلبه: الاول. الشيخ: يعني ما تستحضر الا ان الله يرزقك طعاما وشرابا ولباسا. طالب: نعم. طلبه: ده الغالب. الشيخ: او ما نستحضر شيءا ابدا، نقول هذا علي انه دعاء يقال في هذا المكان. علي كل حال الانسان ينبغي له ان يعود نفسه علي استحضار هذه المعاني العظيمه، حتي يخرج منتفعا. فاذا قال: ارزقني، يعني: ارزقني ما به قوام البدن، وما به قوام الدين؛ قوام البدن بالطعام والشراب واللباس والمسكن. وقوام الدين؟ طالب: بالعلم. الشيخ: بالعلم والايمان والعمل الصالح. «وعافني» من اي مرض؟ اما اذا كان الانسان صحيحا، فالظاهر انه يقول: «عافني» ؛ لانها دعاء مسنون في هذا المكان، دون ان يستحضر شيءا. وان كان مريضا مرضا بدنيا، استحضر انه يسال الله ان يعافيه من هذا المرض البدني، اما اذا كان مريضا مرضا قلبيا، وما اكثر الامراض القلبيه! -نسال الله ان يعافينا منها- فما ادري انستحضر ذلك او لا؟ نعم، ما ادري. علي كل حال ينبغي للانسان اذا سال العافيه في هذا المكان او غيره ان يستحضر انه يسال الله العافيه؛ عافيه البدن، وعافيه القلب، ولا حرج ان يقول: عافني في بدني وقلبي، حتي يستحضر؛ لانه ان لم يقل هذا قد يغفل. «اجبرني» ، الجبر يكون من النقص، وكل انسان ناقص، مفرط، مسرف علي نفسه بتجاوز الحد او القصور عنه، يحتاج الي جبر حتي يعود سليما بعد كسره. ولكن جبر من كسر العظم، ولا منين؟ طلبه: الجميع. الشيخ: نعم، من كسر العظام البدنيه، ومن كسر العظام المعنويه، الانسان يحتاج الي جبر يجبر له النقص الذي يكون فيه، فهذه المعاني التي تذكر في الادعيه ينبغي للانسان ان يستحضرها. فان قال قاءل: اليس يغني عن ذلك كله ان يقول: اللهم ارحمني؛ لان الرحمه عند الاطلاق بها يحصل المحبوب وزوال المكروه؟ فالجواب: بلي. لكن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط، لكن البسط علي حسب ما جاءت به السنه، ما هو بالبسط الذي يذكرونه، بعض الناس يجعلونه من هذا الي مكه، او الي مصر، او غيرها، ادعيه مسجوعه يمكن لا يكون لها معني، او لها معني غير صحيح. لماذا كان المشروع فيه البسط؟ لاسباب؛ اولا: ان الدعاء عباده، وكلما ازددت في العباده ازددت خيرا. ثانيا: ان الدعاء مناجاه لله عز وجل، واحب شيء اليك هو الله عز وجل، ولا شك ان كثره المناجاه مع الحبيب مما تزيد في الحب، اليس كذلك؟ الطلبه: بلي. الشيخ: ثالثا: ان يستحضر الانسان ذنوبه؛ لان الذنوب انواع، فاذا كرر، اذا زيد في الدعاء استحضر، ولهذا كان من دعاء الرسول عليه الصلاه والسلام: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، علانيته وسره، واوله واخره» . فلهذا كان من المشروع ان يزيد الانسان في الدعاء ولو كان متكررا، ولو كان مبسوطا؛ لان كل مقام له مقال. قال: (ويسجد الثانيه كالاولي) ، يسجدها كالاولي في القول ولا في الفعل؟ طلبه: في كل شيء. الشيخ: في كل شيء؛ في القول والفعل، يعني فيما يقال فيها من اذكار وما يقال فيها من الافعال، وسبق لنا ان اقوال السجود ان يقول: سبحان ربي الاعلي، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملاءكه والروح. ويدعو، وكلما اكثر من الدعاء في السجود كان اولي؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «واما السجود فاكثروا من الدعاء، فقمن ان يستجاب لكم» . وهل يقرا القران وهو ساجد؟ لا، بل قد نهي عن ذلك، نهي النبي صلي الله عليه وسلم ان يقرا القران وهو راكع او ساجد ، اللهم الا اذا دعا بجمله من القران مثل: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب} [ال عمران: ٨]، فهذا لا يضر؛ لان المقصود به الدعاء. قال: (ثم يرفع مكبرا ناهضا علي صدور قدميه) . (يرفع) من السجده الثانيه. (مكبرا) حال من فاعل (يرفع)، فيكون التكبير في حال الرفع. (ناهضا علي صدور قدميه) ، قال في الشرح : ولا يجلس للاستراحه. يعني ينهض علي صدور قدميه معتمدا علي ركبتيه؛ كما قال: (معتمدا علي ركبتيه ان سهل) ، وان لم يسهل عليه فانه يعتمد علي الارض. يقول -رحمه الله-: (ناهضا علي صدور قدميه) . ويبدا بالنهوض من السجود، يبدا بالجبهه والانف، ثم باليدين فيضعهما علي الركبتين، ثم ينهض علي صدور القدمين، هذا هو السنه علي ما ذهب اليه المءلف -رحمه الله-. فاستفدنا من كلامه انه لا يجلس اذا قام الي الركعه الثانيه. وهذه المساله فيها خلاف بين اهل الحديث وبين الفقهاء ايضا؛ فمنهم من قال: انه لا يجلس، كما ذكره المءلف، فلا يسن الجلوس مطلقا، لكن ان احتاج اليه جلس لا للتعبد ولكن لمشقه النهوض، كما لو كان شيخا كبيرا، او كان مريضا، او كان في ركبتيه الم، فيجلس هنا لا تعبدا ولكن لدفع المشقه. وقال بعض العلماء: بل يجلس مطلقا. وهذان قولان متقابلان. هذا القول الثاني يقول: يجلس، سواء كان محتاجا للجلوس ام لم يحتج، يجلس تعبدا لله عز وجل. القول الثالث: قول وسط؛ وافق هءلاء في حال، ووافق هءلاء في حال، فقال: ان كان الانسان محتاجا الي الجلوس، اي انه لا يستطيع ان ينهض فيجلس، واذا كان يستطيع ان ينهض فلا يجلس. ولكل قول من هذه الاقوال الثلاثه دليل، ونتكلم عليه ان شاء الله في الدرس القادم. طالب: بالنسبه يا شيخ للجلسه بين السجدتين، قوله: «رب اغفر لي» ، هل يكررها او يقتصر علي هذا كما وردت به السنه؟ الشيخ: ظاهر كلام المءلف انه يقتصر علي هذا فقط، والحقيقه اني نسيت ان اذكر هل يطيل هذا الركن او لا، وهو مهم، ان شاء الله نعود اليه في الدرس القادم. طالب: بالنسبه لقيام الليل، كان النبي صلي الله عليه وسلم يكررها، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض، الا بدليل؟ الشيخ: نعم، ولهذا قال الفقهاء اللي غير المءلف، قالوا: يسن تكرارها ثلاثا. طالب: شيخ، القاعده اللي قررناها ان الاوراد توقيفيه لا يقال فيه بشيء الا موافقا للنص، والان قلنا في الدرس: انه اذا جمع بين (ارزقني) و(اجبرني)، او مثلا قال: عافني في القلب والبدن، ان هذا جاءز، كيف نوفق بين القاعده؟ الشيخ: اصل هذه الادعيه ليس معناها انها محصور فيها، ليس محصورا، والا لو اخذنا بهذا لقلنا: لا يجوز لنا ان نقرا في الصلاه الا بما قرا به النبي عليه الصلاه والسلام؛ لانها توقيفيه، لكن اذا علمنا ان هذا مكان دعاء نجعله مكان دعاء، اذا علمناه مكان ذكر نجعله مكان ذكر، لو زاد. طالب: شيخ، تردد في السنه النبي صلي الله عليه وسلم امر ان يقال: «اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر» ، واحد نقله للسجود، قلنا: هذه ادعيه جامعه. الشيخ: نعم. الطالب: لان المكان يعني مكان استجابه. الشيخ: نعم، نقول: اذا نقلها تعبدا فهذا غلط، وان نقلها لانها دعاء يحب ان يدعو الله به فلا باس، لكن يذكرها ايضا اذا فرغ من التشهد الاخير؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم امر به، امر اذا فرغ من التشهد الاخير ان يقول: «اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم» الي اخره. طالب: (...) لازم يكون (...). الشيخ: نعم، الافضل ان يحافظ اولا علي ما ورد، فاذا زاد الوقت مثل في صلاه الليل او مع الامام واطال، يقول: نعم. طالب: شيخ، ما يتذكر قلنا في دروس سابقه انه من ادعي في الحديث اما نسخا او انه كان في اول الاسلام، فعليه الدليل او (...). الشيخ: نعم. الطالب: فان لم يات بذلك فلا دليل، وقلنا يا شيخ: قول الحنابله ان قول ابن عباس (...) هذا متاخر، يعني قول منسوخ.. الشيخ: منسوخ، ما هو متاخر. الطالب: اين الناسخ؟ الشيخ: هم يقولون: ان اكثر الاحاديث الوارده عن الرسول حتي من المتاخرين من الصحابه كلها تدل علي التورك وعلي الافتراش. طالب: هذا يكون دليلا علي النسخ؟ الشيخ: هو ليس بدليل الي ذاك، يعني ما هو الي ذاك في القوه، لكن لا شك ان الجلوس افتراش اريح للانسان، واكثر في الطمانينه، وتعرف الانسان لو يجلس علي عقبيه هذه الجلسه هو بين امرين: يا اما بيتحمل علي ركبتيه بيديه، ولا بيتعب بسرعه، ثم قد لا يطمءن لا سيما اذا كان الانسان ثقيلا. (...) *** طالب: .. محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف -رحمه الله تعالي-: (ويصلي الثانيه كذلك ما عدا التحريمه والاستفتاح، والتعوذ، وتجديد النيه، ثم يجلس مفترشا ويداه علي فخذيه، يقبض خنصر اليمني، وبنصرها، ويحلق ابهامها مع الوسطي). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان الانسان اذا قام من السجود يقوم مكبرا ناهضا علي صدور قدميه، ولكن المءلف قيده بقوله: (ان سهل) يعني: فان شق فعلي ما تيسر. والذي ذهب اليه المءلف -رحمه الله- من كون المصلي يقوم معتمدا علي ركبتيه، علي صدور قدميه، هو المشهور من مذهب الحنابله، وعلي هذا فلا يسن ان يجلس عند القيام الي الثانيه، او القيام الي الرابعه، وهذه الجلسه تسمي عند العلماء جلسه الاستراحه. ومعلوم ان اضافتها الي الاستراحه يعطيها حكما خاصا بما اذا كان الانسان يستريح بها، ولهذا رفض بعضهم ان تسمي جلسه الاستراحه، وقال: يجلس، ولا نقول: جلسه استراحه ولا غير استراحه؛ لاننا اذا سميناها جلسه الاستراحه رفعنا عنها حكم التعبد، وصارت لمجرد الاستراحه. ولكن في هذا شيء من النظر؛ لان الاستراحه للتقوي علي العباده عباده، كقول الله تعالي: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقره: ١٨٥] فتسميه العلماء لها قاطبه فيما نعلم بجلسه الاستراحه لا ينكر؛ لاننا نقول: حتي وان سميناها جلسه الاستراحه فان التعبد لله بها اذا كان الانسان يستريح بها لينشط علي العباده يجعلها عباده. المهم نحن وعدنا بان نتكلم علي خلاف العلماء في هذه الجلسه، فالمشهور من المذهب كما رايتم انها لا تسن مطلقا، بل السنه ان ينهض علي صدور قدميه معتمدا علي ركبتيه، سواء كان نشيطا، او غير نشيط. وقال بعض العلماء: بل يجلس؛ لانه ثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث ان النبي صلي الله عليه وسلم كان اذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتي يستوي قاعدا . وكذلك في نفس الحديث انه كان يعتمد علي يديه، اي يعتمد علي الارض ثم يقوم. قالوا: وهذا دليل علي انها جلسه يستقر فيها؛ لان الاستواء بمعني الاستقرار، ومنه قوله تعالي: {لتستووا علي ظهوره ثم تذكروا نعمه ربكم اذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (١٣) وانا الي ربنا لمنقلبون} [الزخرف: ١٣، ١٤]. فاذا كان مالك بن الحويرث يروي هذا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهو الذي روي قوله صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» ، وقد جاء في وفد قومه في السنه التاسعه في اخر حياه النبي صلي الله عليه وسلم، فان هذا يدل علي انها مستحبه، وانها من الجلسات المندوبه، وليست من الجلسات التي تفعل بمقتضي الطبيعه والجبله. جلسه الاستراحه قبل القيام من السجود سنه في حق من يحتاجها فقط للراحه وعدم المشقه وفصل بعض العلماء في هذا، وقال: قد روي عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان لا يجلس، وانه كان يجلس، ومن المعلوم ان لرسول الله صلي الله عليه وسلم حالين؛ حالا فيها كان نشيطا شابا قويا، وحالا كان فيها دون ذلك، فانه كان عليه الصلاه والسلام في اخر حياته يصلي الليل قاعدا، اكثر من سنه يصلي قاعدا، وكان عليه الصلاه والسلام سابق عاءشه فسبقها، ثم سابقها فسبقته . ثم انه عليه الصلاه والسلام كان يحب ان ييسر علي نفسه في العباده، وكذلك يحب ان ييسر الانسان علي نفسه في العباده، حتي انه انكر علي الذين قالوا: نصوم ولا نفطر، ونقوم ولا ننام، ولا نتزوج النساء . ومنع عبد الله بن عمرو بن العاص من ان يصوم الدهر، وارشده الي ان يصوم يوما ويدع يوما، ومنعه من ان يقوم الليل كله، وارشده الي ان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه ، وهذا دليل علي ان شريعه النبي عليه الصلاه والسلام مبنيه علي اليسر والسهوله. وكان مالك بن الحويرث قدم اليه في اخر حياته، فكان صلي الله عليه وسلم يحب التيسير علي نفسه، فيجلس ثم يعتمد بيديه علي الارض، وهذا يدل علي ان قيامه فيه شيء من المشقه، بدليل اعتماده علي الارض؛ لان من كان نشيطا فانه وان جلس للتشهد او لغير التشهد لا يحتاج الي الاعتماد، فلولا انه كان عليه الصلاه والسلام محتاجا الي هذه الجلسه ما اعتمد عند النهوض منها. وقالوا ايضا: ان من المعلوم ان جميع افعال الصلاه المستقله اركان، وان كل ركن له ذكر خاص، وهذه ليست ركنا بالاجماع، اكثر ما فيها ان العلماء اختلفوا في مشروعيتها. اما انها ركن فانه قد نقل غير واحد الاجماع علي انها ليست بركن، وايضا كل فعل من افعال الصلاه له ذكر، وهذه ليس لها ذكر، فدل علي انها فعل ليس فعل عباده. وعليه فنقول: ان احتاج الانسان اليها صارت مشروعه لغيرها؛ للراحه وعدم المشقه، وان لم يحتج فليست بمشروعه، وهذا القول كما ترون قول وسط، تجتمع فيه الاخبار كما قال صاحب المغني رحمه الله، وهو اختيار ابن القيم؛ اننا لا نقول: سنه، علي الاطلاق، ولا غير سنه، علي الاطلاق، بل نقول: هي سنه في حق من؟ طالب: يحتاجها. الشيخ: يحتاج اليها لكبر او مرض او غير ذلك. وكنت اميل الي انها مستحبه علي الاطلاق، وان الانسان ينبغي له ان يجلس، وكنت افعل ذلك ايضا بعد ان كنت اماما، ولكن تبين لي بعد التامل الطويل ان هذا القول المفصل قول وسط، وانه ارجح من القول بالاستحباب مطلقا، وان كان الرجحان فيه ليس جيدا عندي، لكنه تميل اليه نفسي اكثر، فاعتمدت ذلك. يبقي النظر، اذا كان الانسان ماموما فهل يسن له ان يجلس اذا كان يري هذا الجلوس سنه، او متابعه الامام افضل؟ والجواب علي ذلك: ان متابعه الامام افضل، ولهذا ترك الواجب، وهو التشهد الاول، من اجل متابعه الامام، وفعل الزاءد، كما لو ادرك الامام في الركعه الثانيه فانه سوف يتشهد في ايش؟ في اول ركعه، فياتي بتشهد زاءد، كل ذلك من اجل متابعه الامام. بل يترك الانسان الركن من اجل متابعه الامام، فقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «اذا صلي قاعدا فصلوا» .. طلبه: «قعودا» . الشيخ: «قعودا» . فهو يترك ركن القيام وركن الركوع، فيجلس في موضع القيام، ويومء في موضع الركوع، كل هذا من اجل متابعه الامام. فان قال قاءل: الجلسه هذه يسيره لا يحصل بها تخلف عن الامام. فالجواب: ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اذا ركع فاركعوا، واذا سجد فاسجدوا، واذا كبر فكبروا» ، فاتي بالفاء الداله علي الترتيب والتعقيب بدون مهله، وهذا يدل علي ان الافضل في حق الماموم ان لا يتاخر عن الامام ولا تاخرا يسيرا، بل ان يبادر بالمتابعه، فلا يوافق ولا يسابق ولا يتاخر، بل يكون مبادرا للفعل مع الامام. وهذا هو حقيقه الاءتمام؛ ان لا تتاخر عن امامك، وان لا تسبقه، وان لا توافقه، فاذا كان الامر بالعكس بان كان الامام يري هذه الجلسه وانت لا تراها؟ فان الواجب عليك ان تجلس؛ لانك لو لم تجلس لقمت قبل امامك، وهذه مسابقه، والمسابقه حرام؛ لقول النبي عليه الصلاه والسلام: «اما يخشي الذي يرفع راسه قبل الامام ان يحول الله راسه راس حمار، او يجعل صورته صوره حمار» . قد يقول: انا لا اقوم قبله، لكن اتاني في السجود حتي اظن انه قام؟ قلنا: اذن لم تفعل محرما، لكن تركت ايش؟ طلبه: (...). الشيخ: سنه، وهي المبادره بمتابعه الامام، فاذا كنت لا تري انها مستحبه والامام يري فاجلس مع امامك، كما انك تجلس معه في التشهد الذي ليس في محل تشهد، كل ذلك من اجل المتابعه. تشرع جلسه الاستراحه قبل القيام من السجود اذن القول الذي يترجح عندي، وليس رجحانه كثيرا، لكنني اميل اليه، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها: ان هذه الجلسه مشروعه عند الحاجه اليها، والا فلا يجلس. اما بالنسبه للماموم فقد عرفتم ما ذكرناه. *** يقول المءلف: (معتمدا علي ركبتيه ان سهل، ويصلي الثانيه كالاولي) . (يصلي الثانيه) ، يعني: الركعه الثانيه (كالاولي) . وعلي هذا فـ (الثانيه) صفه لموصوف محذوف، تقديره؟ طلبه: الركعه. الشيخ: الركعه. فاذا قال قاءل: هل يجوز ان يحذف الموصوف وتبقي الصفه؟ نقول: نعم، وهذا كثير جدا، هذا كثير في القران، وكلام الناس؛ قال الله تعالي: {ان اعمل سابغات وقدر في السرد} [سبا: ١١] اي؟ الطلبه: دروعا سابغات. الشيخ: دروعا سابغات. وقال: {الا الذين امنوا وعملوا الصالحات} [الشعراء: ٢٢٧] اي: الاعمال الصالحات. وامثالها كثير، لكن الذي يقل هو العكس، وهو حذف النعت وبقاء المنعوت؛ لان النعت -وهي الصفه- هو المقصود، ولهذا قال ابن مالك: وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل يقول: (الثانيه كالاولي ما عدا التحريمه) . طالب: كذلك. الشيخ: كذلك، نعم، اي: كالاولي، يصليها كالاولي، يعني: في القيام والركوع والسجود والجلوس وما يقال فيها. ثم استثني المءلف فقال: (ما عدا التحريمه) اي: تكبيره الاحرام، لماذا؟ لان التحريمه تفتتح بها الصلاه، وقد افتتحت، بل لو انه كبر ناويا التحريمه بطلت صلاته؛ لان لازم ذلك ان يكون قد قطع الركعه الاولي، وابتدا الثانيه من جديد، وهذا يبطل الصلاه. وقوله: (ما عدا التحريمه) بالنصب ولا بالجر؟ طلبه: بالنصب. الشيخ: وجوبا ولا جوازا؟ طالب: جوازا. طلبه: وجوبا لسبقها بـ (ما). الشيخ: ايه، هذه يجب فيها النصب؛ لانها مسبوقه بـ(ما)، اما لو خلت من (ما) جاز الوجهان. قال: (ما عدا التحريمه والاستفتاح) . ايضا الاستفتاح لا يسن في الركعه الثانيه؛ لان الاستفتاح تفتتح به الصلاه بعد التحريم، فلا يعاد مره اخري. فان قال احد من الناس: استفتح في الركعه الاولي بنوع من الاستفتاحات، واستفتح في الركعه الثانيه بنوع اخر. قلنا: هذا من البدع؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم يستفتح مره واحده في؟ طلبه: اول الصلاه. الشيخ: اول الصلاه. قال: (والتعوذ) يعني: وما عدا التعوذ، يعني قوله: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فانه يشرع في الاولي، ولا يشرع في الثانيه، لماذا؟ لان قراءه الصلاه قراءه واحده، فان الصلاه عباده واحده من اولها الي اخرها، فاذا تعوذت لاول مره كفي؛ لان القراءه واحده. ولهذا بناء علي ذلك قالوا: لو قرا في الركعه الاولي سوره، ثم قرا في الركعه الثانيه ما قبلها، لكان ذلك مكروها؛ لمخالفه الترتيب، ولو كان في الركعه الثانيه؛ لان قراءه الصلاه واحده. وقال بعض اهل العلم: بل يتعوذ. "},{"Id":1712,"Name":"02 كتاب الصلاة 22","Sort":44,"Version":0,"LessonText":"

مالك:

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَمَا مِنَ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ

يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفِي النَّعْتِ يَقِلْ

\n
يقول: الثانية كالأولى، \n(ما عدا التحريمة).\n
\n(كذلك) أي: كالأُولى، يصلِّيها كالأُولى؛ يعني: في القيام والرُّكوعِ والسُّجودِ والجلوسِ، وما يقال فيها.\n
ثم استثنى المؤلف فقال:\n (ما عدا التحريمة) أي: تكبيرة الإحرام، لماذا؟ لأن التحريمة تُفتتح بها الصَّلاةُ، وقد افْتتِحَتْ، بل لو أنه كَبَّرَ ناويًا التَّحريمة بطلت صلاتُه؛ لأن لازم ذلك أن يكون قد قطع الركعة الأُولى، وابتدأ الثانية مِن جديد، وهذا يُبطل الصَّلاةَ.\n
وقوله: (ما عدا التحريمة) بالنصب ولّا بالجر؟\n
\nطلبة: بالنصب.\n
\nالشيخ: وجوبًا ولّا جوازًا؟\n
\nطلبة: وجوبًا.\n
\nطلبة آخرون: جوازًا.\n
\nالشيخ: إي، هذه يجب فيها النصب؛ لأنها مسبوقة بـ(بما)، أما لو خلت من (ما) جاز الوجهان. \n

***

\n قال: \n (ما عدا التحريمة والاستفتاح)، أيضًا الاستفتاح لا يُسَنُّ في الركعة الثانية؛ لأن الاستفتاح تُفتتح به الصَّلاةُ بعد التحريمة، فلا يُعاد مرة أخرى.\n
فإن قال أحد مِن النَّاس: أستفتحُ في الركعة الأُولى بنوعٍ من الاستفتاحات، وأستفتحُ في الركعة الثانية بنوعٍ آخر. قلنا: هذا بدعة؛ لأن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يستفتح مرَّة واحدة في أوَّل الصَّلاةِ.\n
قال: \n (والتعوذ) يعني: وما عدا التعوُّذَ؛ يعني: قوله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنه يُشرع في الأُولى ولا يُشرع في الثانية؛ لماذا؟ لأن قراءة الصَّلاة واحدة، فإنَّ الصَّلاةَ عبادةٌ واحدةٌ من أوَّلها إلى آخرها، فإذا تعوَّذَت لأوَّل مرَّة كفى؛ لأن القراءة واحدة، ولهذا بناء على ذلك قالوا: لو قرأ في الرَّكعة الأُولى سورةً، ثم قرأ في الركعة الثانية ما قبلها؛ لكان ذلك مكروهًا؛ لمخالفة التَّرتيب، ولو كان في الركعة الثانية؛ لأن قراءة الصَّلاةِ واحدة.\n
وقال بعض أهل العلم: بل يتعوَّذ في كل ركعة، وذلك لأنه حال بين القراءتين أذكار وأفعال، فيستعيذ بالله عند القراءة في كل ركعة، والأمر في هذا سهل، لو قيل: إنه يخير لتكافؤ الأدلة، لكان له وجه، فنقول: إن استعذت بالله من الشيطان الرجيم فحسن، وإن لم تستعذ اكتفاءً بالأول أجزأ أيضًا.\n
ثم قال: \n (والتعوذ وتجديد النية)، كيف تجديد النية؟ يعني أنَّه لا يأتي بنيَّةٍ جديدة، بخلاف الرَّكعةِ الأُولى، فإن الرَّكعةَ الأُولى يدخُلُ في الصَّلاةِ بنيَّةٍ جديدة، فلو نوى الدخول بنيَّةٍ جديدةٍ في الرَّكعة الثانية بطلت الأُولى؛ لأنَّ لازمَ تجديد النيَّة في الركعة الثانية قَطْعُ النيّة في الركعة الأُولى.\n
عندي في الشرح يقول: إلا إذا لم يتعوَّذ في الأُولى فيتعوَّذُ في الثانية، وهذا استثناء جيد، إذا لم يتعوَّذ في الأُولى فيتعوَّذُ في الثانية، مثل أن يدركَ الإمامَ راكعًا، فإنه إذا أدرك الإمام راكعًا سوف يُكبِّر تكبيرة الإحرام، ثم يُكبِّر للرُّكوع ويركع، وتكون القراءة متى؟ في الرَّكعةِ الثانيةِ، وحينئذٍ يتعوَّذ.\n
وهذا الذي قاله في الشرح هو مرادهم فيما يظهر، لماذا؟ لأن تعليلهم يدلُّ عليه، حيث قالوا: إنه تعوَّذ في القراءةِ الأُولى، وقراءةُ الصَّلاةِ قراءةٌ واحدة.\n
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أنَّ الرَّكعة الثانية كالأُولى حتى في مقدار القراءة؛ لأنه لم يستثنِ إلا هذه المسائل الأربع، وهي أيش؟ التحريمة، الاستفتاح، والتعوذ، وتجديد النية.\n
فظاهره: أنَّ القراءة في الرَّكعة الثانية كالقراءة في الرَّكعة الأُولى، ولكن الصواب خِلافُ ذلك، فإنَّ القراءةَ في الركعةِ الثانيةِ دون القراءة في الركعة الأُولى، كما هو صريح حديث أبي قتادة \n ، لكن في حديث أبي سعيد \n ما يدلُّ على أن الركعة الثانية كالأُولى، إلا أنه -أي: حديث أبي سعيد- يدلُّ على أن القراءة مشروعة في الركعات الأربع؛ أي: قراءة ما عدا الفاتحة، فإن حديث أبي سعيد الخدري يدلُّ على أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ مع الفاتحة في كلِّ ركعة، لكن في الركعتين الأوليين يقرأ قراءة سواء، في الركعتين الأخريين سواء، لكنها دون الأولى على النِّصْفِ مِن الأولى.\n
يقول: \n (ثم يجلس مفترشًا) ثم أيش بعد؟ بعد أن يُصلِّي الثانيةَ بركوعها وسجودها وقيامها وقعودها يجلس، وهذا الجلوس للتشهُّدِ؛ إمَّا الأول، وإمَّا الأخير، إن كانت الصَّلاةُ رباعية أو ثلاثية فهذا أوَّل، وإن كانت سوى ذلك فهذا أخير.\n
يقول: \n (ثم يجلس مفترشًا ويداه على فخذيه) قوله: \n (مفترشًا) سَبَقَ لنا تفسيرُها، وأنَّ معنى الافتراش أن يجعلَ رِجْلَهُ اليسرى تحت مقعدته كأنها فراش، ويُخرج اليُمنى مِن الجانب الأيمن ناصبًا لها، هذا الافتراش.\n
قال المؤلف: \n (ويداه على فخذيه) الجملةُ يحتملُ أن تكون في مَوضعِ نَصْبٍ على الحال مِن فاعل \n (يجلس) يعني: يجلس والحالُ أن يديه على فخذيه، ويحتملُ أنها جملةٌ استئنافية، وعلى كُلِّ تقديرٍ؛ فإنَّ معنى العبارة: أنه في هذا الجلوس يَجعلُ يديه على فخذيه.\n
وظاهر كلامه أنه لا يقدمهما حتى تكونا على الرُّكبة؛ لأن الفخذَ حَدُّهُ الرُّكبة، الرُّكبة ليست مِن الفخذِ، فكلام المؤلف يدل على أنك تجعل اليد اليمنى واليد اليسرى لا تصل إلى حِذاء الرُّكبة، بل على حَدِّها؛ لأنها لو وصلت إلى حِذاء الرُّكبة خرجت عن الفخذ، وعلى هذا؛ فلا يُلْقِم اليُسرى ركبته، ولا يضع اليُمنى على حرف الفخذِ، وهذا ما ذهب إليه المؤلِّفُ، ولكن سبق لنا أن السُّنَّة دَلَّت على مشروعية الأمرين؛ أي: أن تضعَ اليدين على الفخذين، وأن تُلْقِمَ اليُسرى الرُّكبةَ وتَجعلَ اليُمنى على حَرْفِ الفخذِ؛ يعني: على طَرَفِهِ، فكلاهما صفتان.\n
وعلى هذا نقول: إن اليدين لهما صفتان في الرَّفْعِ والسُّجود والجلوس، أو لا؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: صفتان في الرَّفْعِ؛ حذو المنكبين أو فروع الأذنين.\n
في السجود حذو المنكبين أو أن يسجد بينهما، هذا في السجود.\n
في الجلوس: إمَّا أن يجعلَهما على الفخذين، أو على الرُّكبتين، لكنها في اليُسرى تُلْقَم.\n
قال: \n (ويقبض خنصر اليمنى وبنصرها، ويحلق إبهامها مع الوسطى) الخنصر أين هو؟\n
\n طالب: الصغرى.\n
\n الشيخ: الصغرى، البنصر: هو الذي يليه، والوسطى: هي التي تلي البنصر. \n
يقول المؤلف:\n (يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى) هكذا كالحلقة، وتبقى السَّبَّابةُ مفتوحةً لا يضمُّها، وهذه صفة أيضًا، واقتصار المصنِّف رحمه الله عليها لا يسلتزم نفي ما عداها، وهناك صفة أخرى؛ بأن نضمَّ الخنصرَ والبنصرَ والوسطى، ويضمَّ إليها الإبهامَ وتبقى السَّبَّابةُ مفتوحةً، فهاتان أيضًا صفتان في كيفية أصابع اليد اليُمنى، ففيها صفتان، أما اليسرى فهي على الفخذ مبسوطة مضمومة الأصابع ممدودة على الفخذ.\n
قال المؤلف رحمه الله : \n (ويشير بسبابتها في تشهده) السَّبَّابة: ما بين الإبهام والوسطى، وسُمِّيت سَبَّابة؛ لأن الإنسان يُشيرُ بها عند السَّبِّ، يقول: شوف هذا الرجل الفاجر، يشير بها، وتُسَمَّى أيضًا سَبَّاحة، سبحان الله، هذا من باب الأضداد، سَبَّابة بسَّبِّ بها الناس، سباحة يُسَبَّح بها اللَّهُ عزّ وجل؛ لأنه يُشيرُ بها عند تسبيح الله.\n
على كل يقول:\n (يشير بها في تشهده): و(في) للظَّرفية، والظَّرفُ أوسعُ مِن المظروف، فهل المراد: يُشيرُ بها في تشهُّدِه مِن حين ما يبدأ إلى أن ينتهي، أو المراد: يُشيرُ بها في تشهُّدِه في موضع الإشارة؟\n
فيه احتمال كلامُ المؤلِّف، لكن غيره بَيَّنَ أنه يُشيرُ بها عند وجودِ سبب الإشارة، وما هو سبب الإشارة؟\n
ذِكْرُ الله، واختلف الفقهاءُ المتأخرون في معنى كلمة: ذِكْر الله، هل المعنى عند ذِكْرِ الجلالة، وعلى هذا؛ فإذا قلت: (التحيات لله) تُشِيرُ، (السَّلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله) تُشِيرُ، (السَّلام علينا وعلى عباد الله) تُشِيرُ، (أشهد أنْ لا إله إلا الله) تُشِيرُ، هذه أربع مرَّات في التشهُّدِ الأول، (اللَّهم صَلِّ) خَمْس؛ (اللهم) أصلُها (الله)، (اللَّهُمَّ بارك) سِتٌّ، (أعوذ بالله مِن عذاب جهنم) سبع.\n
وقيل: المراد بذِكْرِ الله: الذِّكْر الخاصُّ، وهو (لا إله إلا الله)، وعلى هذا؛ فلا تشيرُ إلا مَرَّةً واحدةً، وذلك عندما تقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله. \n

\n هذا اختلاف الفقهاء، ولكن السُّنَّة دَلَّت على أنه يُشير بها عند الدعاء؛ لأن لفظ الحديث: \n يُحرِّكُها يدعو بها \n ، وقد وَرَدَ في الحديث نَفْيُ التَّحريك وإثباتُ التحريك، نفي التحريك لا يحركها، إثباته يحركها، والجمعُ بينهما سهل؛ أن نفيُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ الدَّائم، وإثباتُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ عند الدُّعاء، فكلما دعوت تحرِّكْ؛ إشارة إلى علوِّ المدعو سبحانه وتعالى، وعلى هذا فنقول: (التحيات لله) ما فيها إشارة أو لا؟\n
(السلام عليك أيُّها النبيِّ) فيه إشارة؛ لأن السَّلامَ خَبَرٌ بمعنى الدُّعاءِ، (السَّلامُ علينا) فيه إشارة؛ لأن السَّلامَ خَبَرٌ بمعنى الدُّعاءِ، (اللهم صَلِّ على محمَّد) فيه إشارة، (اللهم بارك على محمَّد) فيه إشارة، (أعوذ بالله من عذاب جهنَّم) فيه إشارة، (ومِن عذاب القبر) إشارة، (ومِن فتنة المحيا والممات) إشارة، (ومِن فتنة المسيح الدَّجَّال) إشارة، وكُلَّما دعوت تُؤشّر إشارةً إلى عُلُوِّ مَنْ تدعوه سبحانه وتعالى، وهذا أقربُ إلى السُّنَّة، وهو اللفظ الذي ذكرته لكم يحركها يدعو بها.\n
يقول المؤلف رحمه الله: \n (ويبسط اليسرى) يعني: أصابعها على أيش على الفخذِ الأيسر؛ لأنه قال بالأول: \n (ويداه على فخذيه).\n
\n (ويقول: التحيات لله وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ) إلى آخره، يقول بقلبه أو بلسانه؟\n
\n طلبة: بلسانه.\n
\n طالب: بالاثنين.\n
\n الشيخ: نعم، يقول بلسانه متدبِّرًا لذلك بقلبه.\n
وهل يُشترطُ أن يُسمعَ نفسَه؟ فيه خِلافٌ، أمَّا المذهبُ فيُشترط أن يُسمعَ نفسَه في الفاتحة، وفي كُلِّ ذِكْرٍ واجبٍ.\n
قوله: \n (التحيات لله) ما معنى التحيات؟ التحيات: جمع تحيَّة، والتحيَّة هي: التَّعظيم، كلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم فهو تحيَّة، وهنا يقول: \n (التحيات)، (أل) المفيدة للعموم، وجُمعها لاختلاف أنواعها، أما أفرادها فلا حدَّ لها؛ يعني: كل تحية، بل كُلَّ نوع من أنواع التَّحيَّات فهو لله، واللام هنا للاستحقاق والاختصاص؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطلاق إلا الله عزّ وجل، ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله، وأمَّا إذا حَيَّا إنسان على سبيل الخصوص فلا بأس به.\n
لو قلت مثلًا: لك تحيَّاتي، لك تحيَّاتُنَا، مع التحيَّة، فلا بأس بذلك، قال الله تعالى: \n {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]، لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكمال لا تكون إلا لله عزّ وجل.\n
فإذا قال قائل: هل اللَّهُ بحاجة إلى أن تحييه؟\n
فالجواب: كلاَّ؛ ليس بحاجة، لكنه أهْلٌ للتعظيم، فأعظِّمه لحاجتي لذلك، لا لحاجته لذلك، والمصلحة لمن؟\n
\n طلبة: للعبد.\n
\n الشيخ: للعبد، \n {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: ٧].\n
\n (التحيات لله وَالصَّلَوَاتُ)، الصلوات ما هي الصلوات؟\n
\n طالب: جمع صلاة.\n
\n الشيخ: الخمس مع النوافل، الجمعة، الأدعية، الجواب كلِّ ما يُطلق عليه اسم صلاة شرعًا أو لُغةً فهو شامل، فالصَّلوات كلُّها لله حقًّا واستحقاقًا، لا أحد يستحقُّها؛ وليست حقًّا لأحد سوى الله عزّ وجل، الدُّعاءُ أيضا حقًّا واستحقاقًا لمن؟ لله عزّ وجل \n {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠]، كلُّ الصلوات فرضُها ونفلُها، ليليها ونهاريها، كلها لله، كُلُّ الأدعية لله.\n
\n طالب: (...) الصلاة، يصلي إمامًا، البعض يقول: (...).
الشيخ: والله هذه يمكن أن يخرج عنها بأن يجلس ثم عند التكبير يقوم، إلا إذا كانوا من أصحابه اللي يعرفونه فيكبر عند النهوض من السجود ويجلس ويجلسون معه.
الطالب: عامة؟
الشيخ: لا، عامة الناس أنا أرى إذا كان الإمام يراها ألا يكبر حتى ينهض منها.
طالب: وينهض من السجود بلا تكبير يا شيخ؟
الشيخ: إي نعم؛ لأن كل هذا من السجود إلى انتهاء القيام كله محل التكبير.\n
\n طالب: فتح الله عليك يا شيخ، ذكرت أن المسبوق يستعيذ في الركعة الثانية، هل يستفتح يا شيخ؟
الشيخ: لا، الاستفتاح نقول: سنة فات محلها.\n
\n طالب: بالنسبة يا شيخ التطويل في الجلوس بين السجدتين.
الشيخ: على كل حال، التطويل في الجلسة بين السجدتين كالتطويل في القيام بعد الركوع، أي أنه مشروع؛ لأنه مشروع الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه أن تكون قريبًا من السواء، وهذا الأفضل.
طالب: مقدار جلسة الاستراحة يقولون: إنها سنة، وكثير من الناس..
الشيخ: الذين يقولون: إنها سنة، يرون أنها خفيفة جدًّا، ولهذا أجابوا عن القائلين بأنها لو كانت مشروعة لشرع فيها ذكر، أجابوا عنه، قالوا بأنها جلسة خفيفة ما تحتاج إلى ذكر، مع أن ظاهر حديث مالك بن حويرث: حتى يستوي ، يدل على أنها ليست كما يتصورون، إنها جلسة فيها شيء من الاستقرار. \n

***

\n الطالب: (...) وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n
\n ويقول: التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا التشهد الأول.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أنه يصلي الركعة الثانية كالركعة الأولى إلا فيما استُثْنِي، ومنه؟\n
\n طالب: النية والاستفتاح.\n
\n الشيخ: النية، ويش معنى النية؟\n
\n طالب: تغيير النية.\n
\n الشيخ: تجديد.\n
\n طالب: نعم، تجديد النية.\n
\n الشيخ: وأما استمرار النية؟\n
\n الطالب: هذا لا (...)، لا بد من استمرار النية.\n
\n الشيخ: فلا بد من استمرارها.\n
لماذا يستثنى تجديد النية؟\n
\n طالب: لأنه إذا جدد النية قطع الصلاة.\n
\n الشيخ: إذا جدد النية معناه أنه أبطل الركعة الأولى.\n
الثاني؟\n
\n طالب: الثاني الاستفتاح.\n
\n الشيخ: الاستفتاح، فلا يستفتح في الأولى؟\n
\n طالب: يستفتح في الأولى، ولا يستفتح في الثانية.\n
\n الشيخ: ولا يستفتح في الثانية، هل يستثنى من ذلك شيء؟\n
\n طالب: إذا لم يستفتح في الأولى..\n
\n الشيخ: كيف يستفتح في الأولى؟ ويش لون يعني؟\n
\n طالب: يعني جاء والإمام راكع فركع معه.\n
\n الشيخ: أو هذا في التعوذ، نحن نتكلم عن الاستفتاح.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: سنة فات محلها.\n
الثالث؟\n
\n طالب: التعوذ.\n
\n الشيخ: التعوذ، فلا يتعوذ في الثانية، إلا؟\n
\n طالب: إلا إذا أتى والإمام راكع.\n
\n الشيخ: إلا إذا لم يتعوذ في الأولى، مثل أن يأتي والإمام راكع ولا يتعوذ ولا يقرأ الفاتحة.\n
وهل هذا متفق عليه؟\n
\n طالب: لا ليس متفقًا عليه، بل قال أهل العلم: في كل ركعة.\n
\n الشيخ: يتعوذ في كل ركعة.\n
مبنى الخلاف هنا على أي شيء؟\n
\n طالب: هل التعوذ يعني..\n
\n طالب آخر: هل يعد ما حصل بين الركعة الأولى والثانية فاصلًا؟\n
\n الشيخ: هل قراءة الصلاة قراءة واحدة أو لكل ركعة قراءة مستقلة؟ فإن قلنا بالأول..\n
\n طالب: فيكفيه الاستفتاح الأول (...) أن القراءة واحدة، ويكفي الاستعاذة في أول قراءة.\n
\n الشيخ: فإن قلنا: قراءة الصلاة واحدة كفى التعوذ الأول، وإن قلنا: لكل ركعة قراءة؟\n
\n طالب: فيستعيذ لكل قراءة.\n
\n الشيخ: يستعيذ في كل قراءة.\n
بقي الرابع.\n
\n طالب: تكبيرة الإحرام.\n
\n الشيخ: تكبيرة الإحرام؟\n
\n طالب: نعم، لا يعيد تكبيرة الإحرام في الثانية.\n
\n الشيخ: لا يعيدها في الركعة الثانية، لماذا؟\n
\n طالب: خوف النية؛ لأنه لو أعادها كأنه أبطل الأولى وشَرَع من جديد.\n
\n الشيخ: أحسنت، لو كبر للإحرام في الثانية كأنه قطع الأولى وشَرَع من جديد.\n
قال بعد ذلك: يقول: \n (يجلس مفترشًا) كما سبق، ويقول؟\n
\n طالب: التحيات لله.\n
\n الشيخ: ما معنى التحيات؟\n
\n طالب: أي التعظيمات لله عز وجل.\n
\n الشيخ: يعني الكلمات الدالة على التعظيم.\n
بالقول ولا بالفعل؟\n
\n الطالب: بكليهما.\n
\n الشيخ: نعم، التحيات يعني كل ما يدل على التعظيم بالقول أو بالفعل فهو لله.\n
استحقاقًا واختصاصًا ولّا استحقاقًا فقط؟\n
\n طالب: استحقاقًا واختصاصًا.\n
\n الشيخ: استحقاقًا واختصاصًا، إذ لا أحد يستحق التعظيم المطلق إلا الله عز وجل.\n
\n (الصلوات)؟\n
\n طالب: هي كل الصلوات من أقوال..\n
\n الشيخ: الصلاة الشرعية ولّا اللغوية؟ ولّا هذه وهذه؟\n
\n الطالب: كل الصلوات الشرعية بأقوالها وأفعالها.\n
\n الشيخ: واللغوية؟\n
\n الطالب: واللغوية أيضًا.\n
\n الشيخ: ما الفرق بين الشرعية واللغوية؟\n
\n الطالب: الشرعية ما شُرِع مثل هذه الصلاة المفروضة، واللغوية هي الدعاء.\n
\n الشيخ: إذن الدعاء والصلوات المعروفة الخمس والنوافل والجمعة كلها.\n
\n الطالب: لله سبحانه وتعالى.\n
\n الشيخ: لله، استحقاقًا واختصاصًا؟ ولّا استحقاقًا فقط؟\n
\n الطالب: استحقاقًا واختصاصًا.\n
\n الشيخ: قال: \n (والطيبات لله) الطيبات يشمل الأعمال القولية والفعلية، ويشمل الأوصاف أيضًا، فالله سبحانه وتعالى له من الأوصاف أطيبها، قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: \n «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ» \n ، فكل أنواع الطيب ثابتة لله عز وجل من كل وجه، وله أيضًا ما طاب من الأقوال والأفعال الصادرة من الخلق لقوله: \n «لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا».\n
فالطيبات إذن لها معنيان: المعنى الأول: ما يتعلَّق بالله، والمعنى الثاني: ما يتعلَّق بأفعال العباد، فما يتعلَّق بالله فله مِن الأوصاف أطيبها، ومِن الأفعال أطيبها، ومن الأقوال أطيبها؛ يعني: لا يقول إلا الطيب، ولا يَفعلُ إلا الطَّيب، ولا يتَّصفُ إلا بالطيب، فهو طيب في كُلِّ شيء؛ في ذاته وصفاته وأفعالِه.\n
وله أيضًا مِن الأعمال -أعمال العباد القولية والفعلية- له أيش؟ الطَّيبُ، لا يَقبلُ إلا طيبًا، فإن الطَّيبَ لا يليقُ به إلا الطَّيب، ولا يقدم له إلا الطيب، وقد قال الله تعالى: \n {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: ٢٦]، فهذه سُنَّةُ الله عزّ وجل.\n
فهل أنت أيُّها المصلِّي تستحضر وأنت تقول: (الطيبات لله) تستحضر هذه المعاني، أو تقولها على أنها ذِكْرٌ وثناء؟\n
أغلبُ النَّاسِ على الثاني، ما يستحضر عندما يقول: (الطيبات) أن الله طيِّب في ذاتِه وصفاتِه وأفعالِه وأقوالِه، وأنه لا يليقُ به إلا الطَّيب مِن الأقوال والأفعال الصَّادرة مِن الخَلْقِ، معلوم هذا؟\n
ضدُّ الطَّيِّب شيئان: الخبيث، وما ليس بطيب ولا خبيث؛ لأن الله تعالى له الأوصاف العُليا، \n {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [الروم: ٢٧]، فلا يُمكنُ أن يكون في أوصافه أو أفعاله ما ليس بطيب ولا خبيث، بل كُلُّ أفعالِه وأقوالِه وصفاتِه كلُّها طيبة.\n
أما ما يصدرُ مِن الخَلْق؛ فنعم منه ما هو طيِّبٌ، ومنه ما هو خبيثٌ، ومنه ما ليس كذلك، لكن ما الذي يَصعد إلى الله ويُرفع إلى الله؟\n
\n {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]، وما ليس بطيِّبٍ فهو إلى الأرض، ما يصعدُ إلى السَّماءِ.\n
ثم قال: \n (السلام عليك أيها النبي) (السَّلام) قيل: إنَّ المراد بالسَّلامِ: اسمُ الله عزّ وجل؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال:\n «إنَّ اللَّهَ هو السَّلامُ» \n ، كما قال عزّ وجل في كتابه: \n {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ} [الحشر: ٢٣]، وبناءً على هذا القول ما معنى كون السلام على الرسول؟ ما معناه؟ أي: بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك، فكأننا نقول: اللَّهُ عليك، أي: رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك، وما أشبه ذلك.\n
وقيل: السلام: اسم مصدر سَلَّمَ، بمعنى أيش؟ إذا قلنا: السلام: اسم مصدر سَلَّمَ، بمعنى أيش؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: بمعنى التَّسليم يا أخي، إذا قلت: كلام اسم مصدر من كَلَّمَ، ويش يصير معنى كلام؟\n
\n طلبة: تكليم.\n
\n الشيخ: تكليم.\n
سلام اسم مصدر سَلَّم إذن بمعنى تسليم، \n {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]، فما معنى التسليم على الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ معناه: أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة.\n
إذا قال قائل: قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ واضحًا، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ وقد مات صلّى الله عليه وسلّم؟\n
الجواب أن نقول: ليس الموت تكون به السلامة، الموت لا تكون به السلامة، هناك أهوال يوم القيامة، ولهذا \n كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على الصِّراط يقولون: اللَّهُمَّ سَلِّمْ؛ اللهم سَلِّمْ \n ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات بمجرد موته، هذه واحدة.\n
إذن ندعو للرَّسول صلّى الله عليه وسلّم بالسَّلامةِ من هول الموقف ومن خوفه.\n
ونقول أيضًا: قد يكون بمعنًى أعم، السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِهِ؛ كما قال العلماءُ: \n {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، قالوا: إليه في حياته، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته، فيكون دعاؤك بالسلام على محمد صلى الله عليه وسلم بعد موته دعاءً بسلامة شرعة وسنته من أن تنالها أيدي العابثين.\n
ثم قوله: \n (السَّلامُ عَلَيْك أيُّهَا النَّبيُّ) هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ؟ يعني: هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ، ولا تدعو بأن الله يُسلِّمُه؟\n
تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه، إذن هو خَبَرٌ بمعنى الطلب فكأنه من صفاتك اللازمة أو من الأمر المستقر أن تدعو للرسول صلى الله عليه وسلم بالسلامة من كل آفة، وعلى الوجه الثاني ولسنته وشريعته أيضًا بالسلامة من كل آفة.\n
ثم هنا يقول: \n (السَّلامُ عَلَيْك) فهل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضًا؟\n
الجواب: لا، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها شيء من كلام الآدميين، ولكن كما قال شيخ الإسلام في\n اقتضاء الصراط المستقيم: لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين السَّلامِ عليه، كأنه أمامك تخاطبه، ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون: السلام عليك، وهو لا يسمعهم، ويقولون: السلام عليك، وهم في بلد وهو في بلد، ونحن نقول: السلام عليك، ونحن في بلد غير الذي توفي فيه وهو أيضًا قد توفي، فليس هذا من باب الخطاب المعتاد بين الناس، ولذلك نقول: إنه يقول السلام عليك أيها النبي في حياته وبعد وفاته.\n
وأما ما وَرَدَ في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه\n أنهم كانوا يقولون بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: السَّلامُ على النَّبيِّ ورحمة الله وبركاته \n فهذا مِن اجتهاداتِه رضي الله عنه التي خالَفه فيها مَنْ هو أعلمُ منه؛ عُمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه، \n فإنه خَطَبَ النَّاسَ على مِنبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال في التشهُّدِ: السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله \n كما رواه مالك في \n الموطأ بسَنَدٍ من أصحِّ الأسانيد، قاله عُمرُ بمحضر الصَّحابة رضي الله عنهم، وأقرُّوه على ذلك.\n
ثم إن الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ علَّم أمَّته، علمها، حتى إنه كان يُعَلِّم ابنَ مسعود وكَفُّه بين كفَّيه، من أجل أن يستحضر هذا اللَّفظَ، وكان يُعلِّمُهم إيَّاه كما يُعلِّمُهم السُّورة من القرآن، وهو يعلم أنه سيموت؛ لأن الله قال له: \n {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠]، ولم يقلْ: بعد موتي قولوا: السَّلامُ على النَّبيِّ، بل عَلَّمَهم التشهُّدَ بهذا اللفظ كما يُعلِّمُهم السُّورةَ من القرآن بلفظها، وعلى هذا فيكون ما جاء عن ابن مسعود اجتهادًا منه خالفه فيه من هو أعلم منه من الصحابة رضي الله عنهم، فلا يُعَوَّلُ عليه، بل يُقال: (السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ).\n
وقوله: \n (أيُّها النبيُّ) هذه مُنادى حُذفت منه ياء النداء، والأصل: يا أيها النبيُّ، وحُذفت ياء النداء لكثرة الاستعمال والتخفيف، والبداءة بالإشارة أو بالكناية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.\n
وقوله:\n (أيُّها النبيُّ) يُقال: النَّبيءُ، ويقال: النَّبيُّ، أمّا إذا قيل: النبيء فهو فعيل مِن النبأ بمعنى الخَبَر، لكنه فعيل بمعنى فاعل أو مفعول؟\n
بمعناهما جميعا؛ فهو منبِئ ومنبَأ، أليس كذلك؟ \n {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ١، ٢]، فهو منبِئ منبَأ، هذا إذا كانت بالهمز.\n
وإن كانت بالتخفيف أو بالتسهيل: النَّبيُّ، فإما أن تكون أصلها مهموزًا وحُذفت الهمزة تخفيفًا، وإمَّا أن تكون من (النَّبْوَة) وهي الارتفاع، وسُمِّيَ بذلك لارتفاع رُتبته صلّى الله عليه وسلّم.\n
ألا يمكن أن نقول: إنها (النَّبيّ) بالياء، من الأمرين جميعًا؟ من النَّبْوَة وهو الارتفاع، ولّا من النبأ وهو الخبر؟ يمكن ولّا ما يمكن؟\n
يمكن، وقد مر علينا مثل هذه المعاني، وذكرنا قاعدة مفيدة، وهي أن اللفظ إذا احتمل معنيين لا يتنافيان حُمل عليهما جميعًا، ولا شَكَّ أن الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم مقامُه أرفع المقامات، وأنه مُنَبَّأ ومُنْبِئ.\n
\n (أيُّهَا النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) (رحمة) معطوفة على (السَّلام)؛ يعني: ورحمة الله عليك، إذن الخبر محذوف، ويجوز أن يكون مِن باب عطف المفرد على المفرد.\n
الرحمة إذا قُرنت بالمغفرة أو بالسَّلامِ صار لها معنًى، وإن أُفردت صار لها معنى آخر، إذا قُرنت بالمغفرة أو بالسلام صار المراد بها: ما يحصُل به المطلوب، والمغفرة والسلام: ما يزول به المرهوب، وإن أُفردت شملت الأمرين جميعًا، فأنت بعد أن دعوت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالسَّلام دعوت له بالرَّحمة؛ ليحصُل له المطلوبُ ويزول عنه المرهوب.\n
فإن قال قائل: لماذا بدأ بالسَّلام قبل الرحمة؟\n
فالجواب: أنَّ التَّخلية قبل التحلية، التحلية أيش؟ ما هي تحلية الماء، التَّحلية: ذِكْرُ الأوصاف الكاملة، والتخلية: السَّلامة من النقائص، فنبدأ بطلب السلامة أولًا، ثم بطلب الرحمة.\n
\n (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بركاته: جمع بَرَكَة، وهي الخير الكثير الثَّابت؛ لأن أصلها من الْبِرْكة، والْبِرْكة ماؤها كثير، أو الإناء أكثر منها؟\n
\n طالب: البركة.\n
\n الشيخ: ماؤها كثير، ثابت ولّا متحرك؟\n
\n طالب: ثابت.\n
\n الشيخ: ثابت، هذا الأصل؛ لأن البركة وعاء كبير للماء، فما معنى البركات؟ البركات هي: النَّمَاءُ والزِّيادة، في أيش؟ في كلِّ شيء من الخير، فما هي البركات التي تعود على الرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعد موته؟ ففي حياته معروف ممكن يُبارك له في طعامه، في شرابه، في كسوته، في أهله.\n
بعد موته البركة بكثرة أتباعه، وما يُتَّبع فيه، كثرة أتباعه إذا قَدَّرنا أن شخصًا أتباعه مليون رَجُل، وصار أتباعه مليونين هذه بَرَكَة ولّا لا؟ زيادة.\n
إذا قَدَّرْنا أن الأتباع يتطوَّعون بعشر ركعات، وبعضهم بعشرين ركعة، صار في الثاني زيادة، إذن فأنا أدعو للرسول عليه الصلاة والسلّام بالبَرَكَة وهذا يستلزم دعائي بكَثْرَة أتباعه، وكَثْرَة عمل أتباعه؛ لأنّ كلَّ عمل صالح يفعلهُ أتباع الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فله مثل أجورهم إلى يوم القيامة.\n
وأقول استطرادًا: إن هذا أحد الأوجه التي يُرَدُّ بها على من يهدون ثواب القُرَب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن بعض المحبِّين للرَّسُول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يهدون إليه القُرَب؛ يقول: أهدي للرسول ختمة، أهدي للرسول الفاتحة، الفاتحة على روح محمَّد، وما أشبه ذلك، نقول: هذا من البدع ومن الضلال، أسألك أيُّها المُهْدي للرسول عبادة، هل أنت أشدُّ حُبًّا للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من أبي بكر للرسول؟\n
إن قال: نعم، قلنا: كذبت، ثم كذبت، ثم كذبت. وإن قال: لا، قلنا: (...) أبو بكر، أنت الآن تنقصت أبا بكر، لماذا لم يُهْدِ أبو بكر رضي الله عنه للرسول عليه الصلاة والسلام ختمة ولّا فاتحة ولّا غيرها؟ فهذا بدعة، ثم هو من السفه، عملك الآن وإن لم تُهْدِ ثوابه سيكون للرَّسول صلّى الله عليه وسلّم مثله، فإذا أهديت الثَّوابَ، فمعناه أنك حرمت نفسك من الثواب فقط، وإلاَّ فللرسول مثل عملك، أهديت أم لم تُهْدِ.\n
إذن يدخل في البركات ما تتضمنه البركة من كثرة أتباعه ومن كثرة العمل الصالح من أتباعه ولّا لا؟\n
\n (السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) نقول في السلام كما قلنا في الأول، وأما (علينا) من نحن؟ ويش تستحضر أنت إذا قلت: السلام علينا؟\n
\n طالب: المؤمنين.\n
\n الشيخ: نحن صلينا المغرب اليوم وصلينا راتبة المغرب، ما الذي استحضرتم حينما قلتم: السلام علينا؟ اصدقوني بارك الله فيكم.\n
\n طلبة: ما استحضرنا.\n
\n الشيخ: ما تستحضرون من شيء إلا أنه تشهد يقال، مفروضٌ.\n
(علينا) (نا) لا شَكَّ أنها لا يُراد بها الشخص نفسه فقط، وإنما يُراد بها الشَّخص ومَن معه، فمن الذي معه؟\n
قيل: المصلُّون، وقيل: الملائكة، وقيل: المراد جميع الأُمَّة المحمَّدية، علينا معشر الأمة، وهذا القول الأخير أصحُّ، علينا نحن معشر هذه الأمة، فكما دعونا لنبينا محمَّد عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بالسَّلامِ ندعو أيضًا لأنفسنا بالسَّلام؛ لأننا أتباعه، وهذا هو الأصح، وبعضهم قال: (علينا) أي: على المصلين، وعلى الملائكة، لكن هذا ينتقض بما إذا صلى الإنسان وحده مفردًا، فإنه ليس معه مصلٍّ، أما الملائكة فنعم، هم مع الإنسان على كل حال.\n
\n (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) هذا تعميم بعد تخصيص؛ صح؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: عباد الله الصالحين من هم؟\n
\n طلبة: كلهم.\n
\n الشيخ: كُلُّ عبدٍ صالح في السماء والأرض؛ حيّ ولّا ميِّت، من الآدميين والملائكة والجِنِّ، كل عبد صالح، إذن تعميم بعد تخصيص ولّا تخصيص بعد تعميم؟\n
\n طلبة: تعميم بعد تخصيص.\n
\n الشيخ: تعميم بعد تخصيص، والدعاء ينبغي فيه البسط.\n
عباد الله الصالحون هم الذين تعبَّدوا لله؛ أي: تذلَّلوا له بالطاعة امتثالًا للأمر واجتنابًا للنهي، وأفضل وَصْفٍ يتَّصف به الإنسان أن يكون عبدًا لله، ولهذا ذَكَرَ اللهُ وَصْفَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أعلى مقاماته \n {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: ١]، الإسراء والمعراج مِن أفضل ما يكون من المقامات للرسول صلّى الله عليه وسلّم، قال في سورة النجم: \n {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠]، الإسراء \n {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }، المعراج \n {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ}.\n
وقال ذلك في مقام الدِّفاع عنه: \n {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]، وقال بذلك في مقام التنزيل عليه: \n {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: ١] \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: ١].\n
فالحاصل: أن أشرف وصف للإنسان أن يكون عبدًا لله، أسأل الله أن يحقِّق ذلك لي ولكم، أن يكون عبدًا لله حقيقة لا عبدًا لهواه، يقول إذا سَمِعَ أَمْرَ رَبِّه: سمعنا وأطعنا، إذا سَمِعَ نهيه: سمعنا وَتَجَنَّبْنَا، هذا أشرف ما يكون للإنسان.\n
عباد الله الصالحون هم الذين صَلحتْ سرائرُهم وظواهرُهم، صَلحتْ السرائر والظواهر، السرائر: بإخلاص العبادة لله، والظَّواهر: بمتابعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.\n
هؤلاء هم الصَّالحون، ضِدُّ ذلك عباد الله الفاسدون، إما بالسَّرائر، وإما بالظَّواهر، فالمشركُ فاسدُ السَّريرة، والمبتدعُ فاسدُ الظَّاهر؛ لأنَّ بعض المبتدعة يريد الخيرَ، لكنه فاسدُ الظَّاهر، ما مشى على الطَّريق الذي رَسَمَهُ الرسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.\n
والمشركُ فاسدُ الباطن، ولو عَمِلَ عملًا ظاهرُه الصِّحة والصَّلاح فهو فاسدُ الباطن، مثل المرائي، عباد الله الصالحون إذن الذين صَلُحتْ أيش؟ سرائرُهم، بماذا؟\n
\n طالب: بالإخلاص.\n
\n الشيخ: بالإخلاص لله، وظواهرُهم بمتابعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.\n
قلت: ضد ذلك العباد الفاسدون، هل هناك عباد فاسدون لله؟\n
إي نعم؛ كُلُّ مَنْ في السماوات والأرض فهو عبد لله: \n {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣]، ومن ذلك الكفار، الكُفَّار عبيد لله، لكن عبيد بالعبودية الكونية القدرية، لا بالعبودية الشرعية.\n
\n (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) (أشهد) الشهادة هذه أبلغ مِن قول: أُخْبِر؛ لأن الخبر قد يكون عن سماع، والشهادة تكون عن قَطْعٍ، كأنما يشاهد الإنسانُ بعينيه.\n
\n (أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ) جملة معترضة: يقول بعض الناس: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، (أنَّ)، أسمعها كثيرًا، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، هذا خطأ من حيث اللغة العربية؛ لأن (أنَّ) لا تكون بمثل هذا التركيب، الذي يكون بمثل هذا التركيب ما هو؟ (أنْ) المخفَّفة مِن الثقيلة؛ لأن (أنْ) هنا مخفَّفة مِن الثقيلة ولا يمكن أن تكون هي الثقيلة، وجملة (لا إله إلا الله) في مَحلِّ رَفْعِ خبرها، واسمُها ضمير الشأن محذوف وجوبًا.\n
إذن النُّطقُ الصحيحُ: أشهد أنْ لا إله إلا الله، أما (أنَّ) فليس بصحيح.\n
وقوله: \n (لا إله إلا الله) هذه كلمةُ التوحيد التي بعثَ اللهُ بها جميعَ الرُّسلِ: \n {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]، وبها يكون تحقيق توحيد الألوهية، وإن شئت فقل: تحقيق توحيد العِبادة، وهما بمعنى واحد، لكن يُسمَّى توحيدُ الألوهية باعتبار إضافته إلى الله، توحيد العِبادة باعتبار إضافته إلى العبد، وإلا فالمعنى واحد.\n
\n (لا إله إلا الله) أي: لا معبود حقٌّ إلا الله، لماذا فَسَّرْناها بهذا التفسير؛ لأن (إله) فِعَال بمعنى مفعول، والمألوه: هو المعبود حُبًّا وتعظيمًا، وخبر (لا) محذوف تقديره: حق، لا إله حَقٌّ إلا الله، (الله) بدل مِن الخبر المحذوف، ومعنى هذه الجملة العظيمة أنه لا معبود حقٌّ سوى الله عزّ وجل.\n
أما المعبود وليس بحقٍّ فقد يعبد غير الله، بل قد عُبِد غير الله، عبدت الأشجار والأحجار والحيوان والشمس والقمر والنجوم والآدميون والفروج، واحد يعبد الفرج، فرج المرأة، نسأل الله العافية، وعُبِدَت البقر، البقر تُعبد، والإنسان إذا أريد أن يضرب به المثل في البلاهة ويش قال له: يا بقرة، ومع ذلك تعبد هذه البقرة، اللهم لك الحمد على كل حال، كل ما عبد من دون الله فهو باطل، وإنْ سُمِّيَ إلهًا، ولهذا قال الله عزّ وجل: \n {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: ٣٠]، وفي الآية الأخرى: \n {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: ٦٢]، ولا بطلان أعظم مِن بطلانه، وقال الله تعالى يخاطب الذين يَعْبُدون مِن دون الله: \n {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣]، أين ذكرت هذه؟\n
\n طلبة: في النجم.\n
\n الشيخ: في سورة النجم، \n {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ١٩ - ٢٣]، وليست حقائق، بل هي مجرَّد أسماء، وأما (الله) فهي علم على الرب عز وجل.\n
\n (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) أن محمدًا هو ابن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، بَعَثَهُ اللَّهُ عزّ وجل بمكَّة أمِّ القرى، وأحبّ البلاد إلى الله، وهاجر إلى المدينة، وتُوفِّي فيها صلّى الله عليه وسلّم.\n
\n (أشهد أن محمدًا عبده) لا شريكه في ملكه، فليس لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم شَرِكَة في مِلْكِ الله أبدًا، وهو بَشَرٌ مثلُنا تميَّز عنا بالوحي، وبما جَبَلَه الله عليه مِن العبادة والأخلاق، قال النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام: \n «إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» \n ، وقال الله له: \n {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام: ٥٠]، ويش وظيفته؟ \n {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: ٥٠]، وقال له في آية آخرى: \n {قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا} [الجن: ٢١]، زد على ذلك: \n {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: ٢٢]، لو أرَادَ اللَّهُ به سوءًا ما مَنَعَه أحدٌ، فهو عَبْدٌ ، وهو صلّى الله عليه وسلّم أحق الناس عبودية وأشدُّهم تعبدا لله، حتى إنه كان يقوم لله عزّ وجل حتى تتورَّمَ قدماه، فيُقال له: \n لقد غَفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فيقول: «أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا» \n ، فكان عليه الصلاة والسلام أشد الناس عبادة لله.\n
يقول:\n (ورسولُهُ) رسوله أرسله الله عزّ وجل وجعله واسطة بينه وبين الخَلْق في تبليغ شرعه فقط، فهو الواسطة بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى في العلم بشرع الله، إذْ لولا رسول الله ما عرفنا كيف نعبد الله عزّ وجل، فكان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ رسولًا مِن الله إلى الخَلْقِ، ونِعْمَ الرسول، ونِعْمَ المرسِل، ونعم المرسَل به، فالنبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هو رسولٌ مرسلٌ مِنَ الله، وهو أفضل الرُّسل، وخاتم الرُّسل، وإمام الرُّسل صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا لما جُمِعُوا له ليلة المعراج تقدَّمهم إمامًا مع أنه آخرهم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.\n
نأخذ من هذين الوصفين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضلالُ طائفتين ضَلَّتا فيهما، طائفة ظَنَّتْ أنَّ له حقًّا في الرُّبوبية، فصارت تدعو الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وصار تعظيمُ الرسول صلّى الله عليه وسلّم في قلوبها أشدَّ مِن تعظيم الله، نعوذ بالله، حتى إنه إذا ذُكِرَ الرَّسولُ اقشعرت جلودهم؛ ثم تلين كأنما ذكر الله، وإذا ذُكِرَ الله، وإذا هو كالماء البارد على جلودهم، لا يتحرَّكون، هؤلاء أشركوا بالرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، بل جعلوه أعظم مِن الله عزّ وجل.\n
الطائفة الثانية عكس هذه الطائفة، كذبت الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقالت: ليس برسول، إمَّا أنه كاذب في أصل الرِّسالة، كما قال الله تعالى: \n {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: ٢٤]، وإما أنه كاذب في تعميم الرسالة، كما يقول النَّصارى الذين يداهنون المسلمين، وانخدعَ بهم بعضُ العرب، قالوا: محمدٌ رسول لكن إلى العرب فقط \n {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: ٢]، وهم يقولون: نحن لسنا بأميين، نحن مِن بني إسرائيل مِن أهل الكتاب، وما لنا وللأميين \n {بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ} عرفتم كيف التلبيس؟ فقالوا: نؤمن بأن محمدًا رسول لكن إليكم أيها الأميون، أما نحن لا.\n
النصارى يقولون: رسولنا عيسى، ويَغْلُون به حتى يجعلونه إلهًا مع الله، واليهود يقولون: عيسى كاذبٌ، ابن زانية -والعياذ بالله- مقتولٌ مصلوبٌ، ونبيهم موسى، وأئمة الكفر لهم أقوال شنيعة -والعياذ بالله- في الرسل.\n
على كُل حال نقول لمن ادعى خصوصية رسالة الرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام في العرب، نقول: هل تؤمن بأنه رسول؟ إذا قال: نعم، هل الرسول يكذب؟ إنْ قال: نعم، بطلت شهادتُه، الرَّسولُ ما يكذب، وإنْ قال: لا، قلنا: اقرأ \n {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨]، أما أن تُلبِّس وتأتي بآيات متشابهة فإنك أحقُّ مَنْ يدخلُ في قوله تعالى: \n {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧].\n
\n طالب: (...) السلام عليك يا أيها (...).\n
\n الشيخ: والله الجواز يجوز، لكن الاقتصار على الوارد أفضل بلا شك.\n
\n الطالب: ما ينكر على الإخوة..\n
\n الشيخ: لا، ينبهون.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ما هو بالظاهر، الظاهر أنه بعد.\n
\n طالب: فيه رواية (...).\n
\n الشيخ: على كل حال إذا ثبتت فلا مانع.\n
\n طالب: (...) في قوله بدعاء الاستفتاح: لا معبود سواه (...).\n
\n الشيخ: لا، بعض الناس يقول في الاستفتاح: ولا إله غيره ولا معبود سواه، ما حاجة؛ لأن (لا إله غيره) هي (لا معبود سواه).\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ويش تقولون يا جماعة؟ يقول: هل يجوز أن نسكن النون؟ يعني هل يجوز الإظهار في موضع الإدغام هذا المعنى، كذا؟\n
\n الطالب: نعم، أشهد أنْ لا إله إلا الله.\n
\n الشيخ: ما تقولون؟ نقول: يجوز ما فيه مانع؛ لأن كل علم التجويد تحسين، ما فيه شيء واجب، تحسين لفظ، وعلى هذا فيجوز أن نقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد ألَّا إله إلا الله، ولا نقول: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، ترى هذا خطأ من حيث اللغة، أما العوام ما نقول: إنكم أخطأتم في التوحيد، لكن في اللغة ما يصح.\n
\n طالب: شيخ أحسن الله إليك، أقول: يصح الأذان بقول المؤذن: أشهد أنَّ لا إله إلا الله؟\n
\n الشيخ: يصح؛ لأن هذا خطأ ما يتغير به المعنى.\n
\n طالب: جزاك الله خيرًا، بعض العامة يقولون: إنه إن دخل المسجد النبوي يحس بسكينة أكثر لو دخل المسجد الـ..\n
\n الشيخ: لأنه يسكن نفسه، هو يعتقد هذا، الآن ييجي يمك واحد ويسقيك ماء على العادة تشربه، وييجي يمك يقول: هذا ماء قرأ به شخص يرجى أن الله يستجيب دعاءه ويشفيك، وهو ما قربه أحد، ولا شربك (...) والله بحمد الله وجدت خفة، وهو ما قربه أحد، لكن النفس لها انفعال. \n

***

\n طالب: (...) رحمه الله تعالى:\n ويقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا التشهد الأول، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ويستعيذ من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، ويدعو بما ورد، ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك.
وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مكبرًا بعد التشهد الأول.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين\n
هل هذا له مفهوم عباد الله الصالحين، أو أن الصالحين صفة كاشفة لا مفهوم لها؟\n
\n طالب: أنا أسمعها تبيانًا، وما أفهمها.\n
\n الشيخ: الصفة الكاشفة اللي ما لها مفهوم، التي تبين السبب والعلة وهي ليس لها مفهوم، والصفة التي لها مفهوم هي التي تقيد الموصوف.\n
\n طالب: مثل أيش؟\n
\n الشيخ: مثل (...)، عباد الله -هنا- الصالحين، هل هو مقيد للموصوف الذي هو (عباد)، ولّا مُبَيِّن وكاشف بأن كل عبد فهو صالح؟\n
\n طالب: مُقيِّد.\n
\n الشيخ: مُقيِّد.\n
\n الطالب: لأنه فيه عباد الله غير صالحين.\n
\n الشيخ: لأن العباد بالمعنى العام يشمل الصالح وغير الصالح، \n {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣]، فإذن الصالحين صفة.\n
\n طالب: مُبيِّنة.\n
\n الشيخ: مبينة ولّا مقيِّدة؟\n
\n طلبة: مقيدة.\n
\n الشيخ: مقيدة، يخرج بها العباد الذين هم غير صالحين، كالكفار، هم عبيد لله لكنهم غير صالحين.\n
الصفة الكاشفة التي ليس لها مفهوم هي التي تكون كالتعليل والسبب، مثل قوله تعالى: \n {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١]، \n {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} هل أحد يمكن أن يقول: هناك رب لم يخلقنا؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: إذن \n {الَّذِي خَلَقَكُمْ} صفة مبيِّنة كاشفة؛ يعني كالعلة لما سبق، اعبدوه؛ لأنه الذي خلقكم، ومثل قوله تعالى: \n {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣]، \n {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} هذه صفة كاشفة؛ يعني مبيِّنة للعلة؛ يعني كأن الربائب -لأنها في حجرك- كأنها ابنتك، ولكنه ليس لها مفهوم.\n
\n {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١]؛ يعني: وأما ربك غير الأعلى فلا تسبحه؟ لا، هذه صفة كاشفة، وأمثلتها كثيرة موجودة.\n
فعلى هذا نقول: (الصالحين) هنا صفة مقيّدة، فإن قال قائل: ما الأصل، الصفة المقيدة ولّا الكاشفة؟ فالأصل المقيدة، الأصل أن الوصف قيد في الموصوف.\n
قوله: \n (أشهد أن لا إله إلا الله) ما معنى لا إله إلا الله؟\n
\n طالب: أي لا معبود بحق إلا الله.\n
\n الشيخ: لا معبود حق إلا الله، أحسنت.\n
هل هناك أحد يعبد من دون الله؟ كثير.\n
\n طالب: الأحجار والأشجار وغيرها.\n
\n الشيخ: ويسمون آلهة؟\n
\n طالب: لأنهم معبودون؛ يعني يعبدون، فكل معبود فهو معبود.\n
\n الشيخ: فهو إله، ولكن يسمون آلهة وهي لا حقيقة لألوهيتها، ولهذا قالوا: \n {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} [الزخرف: ٥٨]، وقالوا: \n {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: ٥].\n
\n (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) \n (أشهد أن محمدًا عبده ورسوله) تضمنت الرد على طائفتين منحرفتين.\n
\n طالب: الطائفة الأولى قدموا النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة، الطائفة الثانية تعميم الرسالة.\n
\n الشيخ: خطأ.\n
\n طالب: تقديس الرسول صلى الله عليه وسلم، ثانيًا تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.\n
\n الشيخ: إي، هذا اللي قاله الأخ، إثبات الرسالة هي رد على من أنكروا رسالته.\n
\n طالب: الطائفة الأولى اعتقدت أن النبي صلى الله عليه وسلم له حق في الربوبية، الطائفة الثانية زعمت أن النبي صلى الله عليه وسلم (...).\n
\n الشيخ: إذن رد على طائفتين؛ طائفة أنكرت رسالته إما مطلقًا أو على سبيل العموم؛ يعني أنكروها نهائيًّا، ما هو رسول، أو أنكروا عموم رسالته، هذه مأخوذة من قوله: (ورسوله)، طائفة أخرى غالت في الرسول عليه الصلاة والسلام حتى جعلته في منزلة الربوبية، يُرَد عليهم بقوله: عبد.\n
هل أشرف أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون عبدًا لله؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n طالب: قول الله سبحانه وتعالى في أثناء المدافعة عليه: وإن كنت..\n
\n الشيخ: لأن الله وصفه بالعبودية في أعلى مراتبه، اذكرها.\n
\n طالب: في سورة..\n
\n الشيخ: لا تجيب الآيات، بس اذكر المراتب اللي إحنا قلنا.\n
\n طالب: وصفه الله بمرتبة العبودية في أثناء المدافعة عليه..\n
\n الشيخ: المدافعة عنه.\n
\n طالب: \n {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]. \n
\n الشيخ: هذه واحدة.\n
\n طالب: وفي أثناء وصفه تفضل عليه بالكتاب: \n {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: ١].\n
\n الشيخ: الثالث؟\n
\n طالب: في سورة الـ..\n
\n الشيخ: في حال الإسراء والمعراج.\n
\n طالب: في حال الإسراء أيضًا.\n
\n الشيخ: والمعراج.\n
\n طالب: نعم، قول الله سبحانه وتعالى: \n {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١].\n
\n الشيخ: المعراج؟\n
\n طالب: هو المعراج الإسراء.\n
\n الشيخ: لا، المعراج غير الإسراء.\n
\n طالب: في سورة النجم.\n
\n الشيخ: ماذا قال؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: في قوله: \n {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠].\n
وأيضًا هو الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: \n «أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا» \n ، ولذلك لا أحد في الخلق فيما نعلم قام بالعبودية، كما قام الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال عن نفسه: \n «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ» \n ؛ لأنه أعلمنا به سبحانه وتعالى.\n
قال المؤلف: \n (هذا التشهد الأول) (هذا) المشار إليه ما ذُكِرَ مِن قوله: \n (التحيات)، إلى قوله: \n (وأنَّ محمدًا عبدُه ورسوله)، واعْلَمْ أن الأحاديث وَرَدَتْ في التشهُّدِ على أكثر من وَجْهٍ، فما موقفنا مِن هذه الوجوه؟\n
الجواب على هذا أن نقول: إنَّ العلماء رحمهم الله اختلفوا في موقفنا من هذه الوجوه، هذا بعد أن نعلم أنه لا يمكن جَمْع الذِّكْرَين في آنٍ واحدٍ، أمَّا إذا كان يُمكن أن يجمعا في آنٍ واحدٍ فجمعُهما أولى، لكن إذا لم يمكن بأن يكون هناك قرينة تدلُّ على أن كلَّ واحد منهما يُقال بمفرده كما في دعاء الاستفتاح، وكما في التشهد، فالتشهُّدُ عَلَّمَه النبيُّ عليه الصلاة والسلام عبدَ الله بن عبَّاس، وعَلَّمَه عَبدَ الله بن مسعود، حديث عبد الله بن مسعود في\n الصحيحين، وحديثُ ابن عبَّاس في\n مسلم، وكلاهما صحيح، وليس بينهما إلا اختلاف يسير، مما يدلُّنا على أن كلَّ واحد منهما يُقال بمفرده، وأن هذا الاختلاف اليسير مما جاءت به السُّنَّةُ.\n
موقفنا في هذا أقول: إن العلماء اختلفوا، فمنهم من رَجَّح ومنهم من جمع، أما من رجح فقال: أرجح ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، فأختار تشهد ابن مسعود، وأما من جمع فقال: كلاهما صحيح، ولكني أقول هذا مرة وأقول هذا مرة، وهذه الطريق أحسن من الطريق الأولى، أعني الجمع بين ما يمكن جمعه، مرة هذا ومرة هذا، وهي طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفي سلوكها فائدة بل أكثر، ففي سلوكها تحقيق اتباع السنة، حيث عملت بالوجهين، ولو رجحت لتركت العمل بوجه من وجوه السنة.\n
ثانيًا: في سلوك هذه الطريقة إحياء السنة؛ لأنك إذا لم تعمل بها نسيتها، فماتت، وهذا مشاهد، الآن اسأل كثيرًا من طلبة العلم كيف تشهد عبد الله بن عباس؟ لا يدري؛ لأنه لم يعمل به فكونك تعمل به يكون فيه إحياء السنة، هاتان فائدتان، الفائدة الثالثة أنه أدعى لحضور القلب، كيف ذلك؟ لأن الإنسان إذا راعى عند الذكر أن يختار هذا وهذا حضر قلبه، لكن إذا أمسك بوجه واحد من وجوه الذكر صار يقوله من دون شعور، كأنه عادة، وكما يقول أهل المكاين: أوتوماتيكيًّا.\n
ولذلك تجده يقرأ الفاتحة في الصلاة ما يدري (...)، يمكن بدون قصد، أليس كذلك؟ فإذا كان الإنسان يحس بأنه سيفعل هذا الوجه وهذا الوجه؛ صار ذلك أدعى لحضور قلبه، فصار في سلوك هذه الطريق ثلاث فوائد.\n
إذن الأفضل أن نقول: ما جاءت به السنة من التشهد، أحيانًا هذا وأحيانًا هذا، حتى نحفظ السنة.\n
يقول: \n (هذا التشهد الأول ثم يقول) (ثم يقول) في أي تشهد؟ في التشهد الأخير؛ لأن المؤلف لما فصل وقال: (ثم يقول) دلّ على أن ما يُقال بعد (ثم) لا يُقال في التشهد الأول، وعلى هذا فلا يُستحب أن تصلي على النبي في التشهُّد الأوَّل، لا يستحب، وهذا هو الذي مشى عليه المؤلِّف، وهو ظاهرُ السُّنَّة؛ لأنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يُعلِّم ابنَ مسعود وابنَ عباس إلا هذا التشهُّد فقط، وقال ابنُ مسعود: كُنَّا نقولُ قبلَ أن يُفرضَ علينا التشهُّد، وذكر التشهد الأول فقط، ولم يَذكرِ الصَّلاةَ على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.\n
وعلى هذا فلا يُسَنّ أن يصلي الإنسان على النبي صلّى الله عليه وسلّم في التشهد الأول؛ لأنه لو كان سُنَّةً لكان الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يعلِّمهم إيَّاه في التشهُّدِ.\n
وأما قولهم:\n يا رسولَ الله، علِمْنَا كيف نسلم عليك، فكيف نُصَلِّي عليك إذا نحن صَلَّينا عليك في صلاتِنا؟ \n ، فهو سؤال عن الكيفيَّة وليس فيه ذِكْرُ الموضع، وفَرْقٌ بين أن يُعَيَّنَ الموضع أو تُبَيَّنَ الكيفيَّة، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في\n زاد المعاد: كان من هدي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم تخفيف هذا التشهد، ثم ذكر الحديث \n أنه كان كأنما يجلس على الرضف -يعني الحجارة المحماة- من شدة تعجيله \n .\n
وهذا الحديث وإن كان في سنده نظر، لكن هو ظاهر السنة؛ أي أنه لا يزيد على هذا، وأظنه في \n صحيح ابن خزيمة: \n أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتشهد في هذا الجلوس ولا يَدْعو \n ، وقوله: \n لا يَدْعُو يشمل الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء بالتعوذ من عذاب جهنم وعذاب القبر.\n
ومع ذلك لو أن أحدًا مِن النَّاس صَلَّى على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الموضع ما أنكرنا عليه، لكن لو سألنا أيُّما أحسن؟ قلنا: الاقتصار على التشهُّدِ فقط، ولكن لو أنه صَلَّى فلا يؤمر بالإعادة أو ينْهَ عن هذا الشيء؛ لأنه زيادة خير، وفيه احتمال -وإن كان ضعيفًا- أنه يصلى عليه في هذا المكان.\n
ثم يقول: \n (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).\n
قال: \n (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) (اللهم) معناها: يا الله، لكن حُذفت منها ياء النداء، وعُوِّضَ عنها الميم، وجُعِلت الميم في الآخر تيمُّنًا بالبداءة باسم الله عزّ وجل، وكانت ميمًا ولم تكن جيمًا ولا حاءً ولا خاءً؛ لأن الميم أدلُّ على الجَمْعِ، ولهذا تجتمع الشفتان فيها، فكأن الدَّاعي جمع قَلْبَه على رَبِّه ودعا، فقال: اللَّهُمَّ.\n
وعليه فنعرب (اللهم) نقول: (الله) منادى مبني على الضم في محل نصب، ومعنى (الله): أي: ذو الألوهية، الذي يَأْلَهُهُ كل من تعبد له سبحانه وتعالى.\n
\n (صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) قوله: \n (صَلِّ على محمد)، قيل: إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء.\n
فإذا قالوا: صلت عليه الملائكة؛ يعني: استغفرت له، وإذا قال: صلى عليه الخطيب؛ يعني: دعا له، وإذا قيل: صلى عليه الله؛ يعني: رحمه.\n
وهذا مشهور بين أهل العلم، لكن الصحيح خلاف ذلك، وأن الصلاة أخص من الرحمة، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدعاء بالرحمة لكل مؤمن، واختلفوا: هل يصلى على غير الأنبياء؟ ولو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لم يكن بينهما فرق، لكان كما ندعو لفلان بالرحمة نصلي عليه.\n
وأيضًا فقد قال الله تعالى: \n {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧]، فعطف الرحمة على الصلوات، والعطف يقتضي المغايرة، فتبين بدلالة الآية الكريمة واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في موضع والرحمة في موضع على أن الصلاة ليست هي الرحمة.\n
إذن فما هي؟ أحسن ما قيل فيها ما ذكره أبو العالية رحمه الله: أن صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، (اللهم صَلِّ عليه): أثنِ عليه في الملأ الأعلى.\n
فإذا قال قائل: هذا بعيد من اشتقاق اللفظ، الصلاة في اللغة الدعاء ليست الثناء.\n
فالجواب على هذا: أن الصلاة أيضًا من الصلة، ولا شك أن الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم الصلات؛ لأن الثناء على الإنسان قد يكون أحيانًا أهم عند الإنسان من كل مال، فالذكرى الحسنة صلة عظيمة.\n
وعلى هذا؛ فالقول الراجح: أن الصلاة تعني: الثناء عليه في الملأ الأعلى، فأنت إذا قلت: اللهم صَلِّ على محمد؛ أي: أثن عليه في الملأ الأعلى، أي: عند الملائكة المقربين.\n
وقوله: \n (على محمد) قد يقول قائل: لماذا لم يقل: على النبي، أو: على نبيك محمد، وإنما ذكره باسمه العلم فقط، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى: \n {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]؟\n
فالجواب: أن هذا من باب الخبر، والخبر أوسع من الدعاء؛ يعني أوسع من أن تدعوه باسمه، فجاز أن يكون بلفظ محمد.\n
\n (وعلى آل محمد) يعني: وصل على آل محمد، وآل محمد قيل: إنهم أتباعه على دينه؛ لأن آل الشخص كل من ينتمي إلى الشخص، كل من ينتمي إليك فهو من آلك، سواء انتمى إليك بنسب، أو انتمى إليك بحمية ومعاهدة وموالاة، أو انتمى إليك باتباع، كما قال الله تعالى: \n {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]، فيكون (آله) هم أتباعه على دينه.\n
وقيل: آل النبي صلى الله عليه وسلم القرابة، والقائل بذلك خَصَّ القرابة بالمؤمنين؛ يعني المؤمنين من قرابته صلى الله عليه وسلم، فخرج بذلك سائر الناس، وخرج بذلك كل من كان كافرًا من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول هذا القائل: آله المؤمنون من قرابته، ولكن الصحيح الأول، وأن الآل هم الأتباع، نعم لو قُرِن (الآل) بغيره فقيل: على محمد وآله وأتباعه، صار المراد بالآل المؤمنين من قرابته.\n
\n (وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم) \n (كما صليت) الكاف هنا للتشبيه أو للتعليل، ولننظر فأكثر العلماء يقولون: إنها للتشبيه، وهؤلاء فتحوا على أنفسهم إيرادًا يحتاجون إلى الجواب عنه، وذلك لأن القاعدة أن المُشَبّه دون المُشَبّه به، وعلى هذا؛ فأنت سألت الله صلاة دون الصلاة على آل إبراهيم. \n

","SearchText":" مالك: وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل يقول: الثانيه كالاولي، (ما عدا التحريمه) . (كذلك) اي: كالاولي، يصليها كالاولي؛ يعني: في القيام والركوع والسجود والجلوس، وما يقال فيها. ثم استثني المءلف فقال: (ما عدا التحريمه) اي: تكبيره الاحرام، لماذا؟ لان التحريمه تفتتح بها الصلاه، وقد افتتحت، بل لو انه كبر ناويا التحريمه بطلت صلاته؛ لان لازم ذلك ان يكون قد قطع الركعه الاولي، وابتدا الثانيه من جديد، وهذا يبطل الصلاه. وقوله: (ما عدا التحريمه) بالنصب ولا بالجر؟ طلبه: بالنصب. الشيخ: وجوبا ولا جوازا؟ طلبه: وجوبا. طلبه اخرون: جوازا. الشيخ: اي، هذه يجب فيها النصب؛ لانها مسبوقه بـ(بما)، اما لو خلت من (ما) جاز الوجهان. *** قال: (ما عدا التحريمه والاستفتاح) ، ايضا الاستفتاح لا يسن في الركعه الثانيه؛ لان الاستفتاح تفتتح به الصلاه بعد التحريمه، فلا يعاد مره اخري. فان قال احد من الناس: استفتح في الركعه الاولي بنوع من الاستفتاحات، واستفتح في الركعه الثانيه بنوع اخر. قلنا: هذا بدعه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يستفتح مره واحده في اول الصلاه. قال: (والتعوذ) يعني: وما عدا التعوذ؛ يعني: قوله: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فانه يشرع في الاولي ولا يشرع في الثانيه؛ لماذا؟ لان قراءه الصلاه واحده، فان الصلاه عباده واحده من اولها الي اخرها، فاذا تعوذت لاول مره كفي؛ لان القراءه واحده، ولهذا بناء علي ذلك قالوا: لو قرا في الركعه الاولي سوره، ثم قرا في الركعه الثانيه ما قبلها؛ لكان ذلك مكروها؛ لمخالفه الترتيب، ولو كان في الركعه الثانيه؛ لان قراءه الصلاه واحده. وقال بعض اهل العلم: بل يتعوذ في كل ركعه، وذلك لانه حال بين القراءتين اذكار وافعال، فيستعيذ بالله عند القراءه في كل ركعه، والامر في هذا سهل، لو قيل: انه يخير لتكافء الادله، لكان له وجه، فنقول: ان استعذت بالله من الشيطان الرجيم فحسن، وان لم تستعذ اكتفاء بالاول اجزا ايضا. ثم قال: (والتعوذ وتجديد النيه) ، كيف تجديد النيه؟ يعني انه لا ياتي بنيه جديده، بخلاف الركعه الاولي، فان الركعه الاولي يدخل في الصلاه بنيه جديده، فلو نوي الدخول بنيه جديده في الركعه الثانيه بطلت الاولي؛ لان لازم تجديد النيه في الركعه الثانيه قطع النيه في الركعه الاولي. عندي في الشرح يقول: الا اذا لم يتعوذ في الاولي فيتعوذ في الثانيه، وهذا استثناء جيد، اذا لم يتعوذ في الاولي فيتعوذ في الثانيه، مثل ان يدرك الامام راكعا، فانه اذا ادرك الامام راكعا سوف يكبر تكبيره الاحرام، ثم يكبر للركوع ويركع، وتكون القراءه متي؟ في الركعه الثانيه، وحينءذ يتعوذ. وهذا الذي قاله في الشرح هو مرادهم فيما يظهر، لماذا؟ لان تعليلهم يدل عليه، حيث قالوا: انه تعوذ في القراءه الاولي، وقراءه الصلاه قراءه واحده. وظاهر كلام المءلف رحمه الله: ان الركعه الثانيه كالاولي حتي في مقدار القراءه؛ لانه لم يستثن الا هذه المساءل الاربع، وهي ايش؟ التحريمه، الاستفتاح، والتعوذ، وتجديد النيه. فظاهره: ان القراءه في الركعه الثانيه كالقراءه في الركعه الاولي، ولكن الصواب خلاف ذلك، فان القراءه في الركعه الثانيه دون القراءه في الركعه الاولي ، كما هو صريح حديث ابي قتاده ، لكن في حديث ابي سعيد ما يدل علي ان الركعه الثانيه كالاولي، الا انه -اي: حديث ابي سعيد- يدل علي ان القراءه مشروعه في الركعات الاربع؛ اي: قراءه ما عدا الفاتحه، فان حديث ابي سعيد الخدري يدل علي ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يقرا مع الفاتحه في كل ركعه، لكن في الركعتين الاوليين يقرا قراءه سواء، في الركعتين الاخريين سواء، لكنها دون الاولي علي النصف من الاولي. يقول: (ثم يجلس مفترشا) ثم ايش بعد؟ بعد ان يصلي الثانيه بركوعها وسجودها وقيامها وقعودها يجلس، وهذا الجلوس للتشهد؛ اما الاول، واما الاخير، ان كانت الصلاه رباعيه او ثلاثيه فهذا اول، وان كانت سوي ذلك فهذا اخير. يقول: (ثم يجلس مفترشا ويداه علي فخذيه) قوله: (مفترشا) سبق لنا تفسيرها، وان معني الافتراش ان يجعل رجله اليسري تحت مقعدته كانها فراش، ويخرج اليمني من الجانب الايمن ناصبا لها، هذا الافتراش. قال المءلف: (ويداه علي فخذيه) الجمله يحتمل ان تكون في موضع نصب علي الحال من فاعل (يجلس) يعني: يجلس والحال ان يديه علي فخذيه، ويحتمل انها جمله استءنافيه، وعلي كل تقدير؛ فان معني العباره: انه في هذا الجلوس يجعل يديه علي فخذيه. وظاهر كلامه انه لا يقدمهما حتي تكونا علي الركبه؛ لان الفخذ حده الركبه، الركبه ليست من الفخذ، فكلام المءلف يدل علي انك تجعل اليد اليمني واليد اليسري لا تصل الي حذاء الركبه، بل علي حدها؛ لانها لو وصلت الي حذاء الركبه خرجت عن الفخذ، وعلي هذا؛ فلا يلقم اليسري ركبته، ولا يضع اليمني علي حرف الفخذ، وهذا ما ذهب اليه المءلف، ولكن سبق لنا ان السنه دلت علي مشروعيه الامرين؛ اي: ان تضع اليدين علي الفخذين، وان تلقم اليسري الركبه وتجعل اليمني علي حرف الفخذ؛ يعني: علي طرفه، فكلاهما صفتان. وعلي هذا نقول: ان اليدين لهما صفتان في الرفع والسجود والجلوس، او لا؟ طلبه: نعم. الشيخ: صفتان في الرفع؛ حذو المنكبين او فروع الاذنين. في السجود حذو المنكبين او ان يسجد بينهما، هذا في السجود. في الجلوس: اما ان يجعلهما علي الفخذين، او علي الركبتين، لكنها في اليسري تلقم. قال: (ويقبض خنصر اليمني وبنصرها، ويحلق ابهامها مع الوسطي) الخنصر اين هو؟ طالب: الصغري. الشيخ: الصغري، البنصر: هو الذي يليه، والوسطي: هي التي تلي البنصر. يقول المءلف: (يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الابهام مع الوسطي) هكذا كالحلقه، وتبقي السبابه مفتوحه لا يضمها، وهذه صفه ايضا، واقتصار المصنف رحمه الله عليها لا يسلتزم نفي ما عداها، وهناك صفه اخري؛ بان نضم الخنصر والبنصر والوسطي، ويضم اليها الابهام وتبقي السبابه مفتوحه، فهاتان ايضا صفتان في كيفيه اصابع اليد اليمني، ففيها صفتان، اما اليسري فهي علي الفخذ مبسوطه مضمومه الاصابع ممدوده علي الفخذ. قال المءلف رحمه الله : (ويشير بسبابتها في تشهده) السبابه: ما بين الابهام والوسطي، وسميت سبابه؛ لان الانسان يشير بها عند السب، يقول: شوف هذا الرجل الفاجر، يشير بها، وتسمي ايضا سباحه، سبحان الله، هذا من باب الاضداد، سبابه بسب بها الناس، سباحه يسبح بها الله عز وجل؛ لانه يشير بها عند تسبيح الله. علي كل يقول: (يشير بها في تشهده) : و(في) للظرفيه، والظرف اوسع من المظروف، فهل المراد: يشير بها في تشهده من حين ما يبدا الي ان ينتهي، او المراد: يشير بها في تشهده في موضع الاشاره؟ فيه احتمال كلام المءلف، لكن غيره بين انه يشير بها عند وجود سبب الاشاره، وما هو سبب الاشاره؟ ذكر الله، واختلف الفقهاء المتاخرون في معني كلمه: ذكر الله، هل المعني عند ذكر الجلاله، وعلي هذا؛ فاذا قلت: (التحيات لله) تشير، (السلام عليك ايها النبي ورحمه الله) تشير، (السلام علينا وعلي عباد الله) تشير، (اشهد ان لا اله الا الله) تشير، هذه اربع مرات في التشهد الاول، (اللهم صل) خمس؛ (اللهم) اصلها (الله)، (اللهم بارك) ست، (اعوذ بالله من عذاب جهنم) سبع. وقيل: المراد بذكر الله: الذكر الخاص، وهو (لا اله الا الله)، وعلي هذا؛ فلا تشير الا مره واحده، وذلك عندما تقول: اشهد ان لا اله الا الله. هذا اختلاف الفقهاء، ولكن السنه دلت علي انه يشير بها عند الدعاء؛ لان لفظ الحديث: يحركها يدعو بها ، وقد ورد في الحديث نفي التحريك واثبات التحريك، نفي التحريك لا يحركها، اثباته يحركها، والجمع بينهما سهل؛ ان نفي التحريك يراد به التحريك الداءم، واثبات التحريك يراد به التحريك عند الدعاء، فكلما دعوت تحرك؛ اشاره الي علو المدعو سبحانه وتعالي، وعلي هذا فنقول: (التحيات لله) ما فيها اشاره او لا؟ (السلام عليك ايها النبي) فيه اشاره؛ لان السلام خبر بمعني الدعاء، (السلام علينا) فيه اشاره؛ لان السلام خبر بمعني الدعاء، (اللهم صل علي محمد) فيه اشاره، (اللهم بارك علي محمد) فيه اشاره، (اعوذ بالله من عذاب جهنم) فيه اشاره، (ومن عذاب القبر) اشاره، (ومن فتنه المحيا والممات) اشاره، (ومن فتنه المسيح الدجال) اشاره، وكلما دعوت تءشر اشاره الي علو من تدعوه سبحانه وتعالي، وهذا اقرب الي السنه، وهو اللفظ الذي ذكرته لكم يحركها يدعو بها. يقول المءلف رحمه الله: (ويبسط اليسري) يعني: اصابعها علي ايش علي الفخذ الايسر؛ لانه قال بالاول: (ويداه علي فخذيه) . (ويقول: التحيات لله والصلوات والطيبات) الي اخره، يقول بقلبه او بلسانه؟ طلبه: بلسانه. طالب: بالاثنين. الشيخ: نعم، يقول بلسانه متدبرا لذلك بقلبه. وهل يشترط ان يسمع نفسه؟ فيه خلاف، اما المذهب فيشترط ان يسمع نفسه في الفاتحه، وفي كل ذكر واجب. قوله: (التحيات لله) ما معني التحيات؟ التحيات: جمع تحيه، والتحيه هي: التعظيم، كل لفظ يدل علي التعظيم فهو تحيه، وهنا يقول: (التحيات) ، (ال) المفيده للعموم، وجمعها لاختلاف انواعها، اما افرادها فلا حد لها؛ يعني: كل تحيه، بل كل نوع من انواع التحيات فهو لله، واللام هنا للاستحقاق والاختصاص؛ فلا يستحق التحيات علي الاطلاق الا الله عز وجل، ولا احد يحيا علي الاطلاق الا الله، واما اذا حيا انسان علي سبيل الخصوص فلا باس به. لو قلت مثلا: لك تحياتي، لك تحياتنا، مع التحيه، فلا باس بذلك، قال الله تعالي: {واذا حييتم بتحيه فحيوا باحسن منها او ردوها} [النساء: ٨٦]، لكن التحيات علي سبيل العموم والكمال لا تكون الا لله عز وجل. فاذا قال قاءل: هل الله بحاجه الي ان تحييه؟ فالجواب: كلا؛ ليس بحاجه، لكنه اهل للتعظيم، فاعظمه لحاجتي لذلك، لا لحاجته لذلك، والمصلحه لمن؟ طلبه: للعبد. الشيخ: للعبد، {ان تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرضي لعباده الكفر وان تشكروا يرضه لكم} [الزمر: ٧]. (التحيات لله والصلوات) ، الصلوات ما هي الصلوات؟ طالب: جمع صلاه. الشيخ: الخمس مع النوافل، الجمعه، الادعيه، الجواب كل ما يطلق عليه اسم صلاه شرعا او لغه فهو شامل، فالصلوات كلها لله حقا واستحقاقا، لا احد يستحقها؛ وليست حقا لاحد سوي الله عز وجل، الدعاء ايضا حقا واستحقاقا لمن؟ لله عز وجل {وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: ٦٠]، كل الصلوات فرضها ونفلها، ليليها ونهاريها، كلها لله، كل الادعيه لله. طالب: (...) الصلاه، يصلي اماما، البعض يقول: (...). الشيخ: والله هذه يمكن ان يخرج عنها بان يجلس ثم عند التكبير يقوم، الا اذا كانوا من اصحابه اللي يعرفونه فيكبر عند النهوض من السجود ويجلس ويجلسون معه. الطالب: عامه؟ الشيخ: لا، عامه الناس انا اري اذا كان الامام يراها الا يكبر حتي ينهض منها. طالب: وينهض من السجود بلا تكبير يا شيخ؟ الشيخ: اي نعم؛ لان كل هذا من السجود الي انتهاء القيام كله محل التكبير. طالب: فتح الله عليك يا شيخ، ذكرت ان المسبوق يستعيذ في الركعه الثانيه، هل يستفتح يا شيخ؟ الشيخ: لا، الاستفتاح نقول: سنه فات محلها. طالب: بالنسبه يا شيخ التطويل في الجلوس بين السجدتين. الشيخ: علي كل حال، التطويل في الجلسه بين السجدتين كالتطويل في القيام بعد الركوع، اي انه مشروع؛ لانه مشروع الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه ان تكون قريبا من السواء، وهذا الافضل. طالب: مقدار جلسه الاستراحه يقولون: انها سنه، وكثير من الناس.. الشيخ: الذين يقولون: انها سنه، يرون انها خفيفه جدا، ولهذا اجابوا عن القاءلين بانها لو كانت مشروعه لشرع فيها ذكر، اجابوا عنه، قالوا بانها جلسه خفيفه ما تحتاج الي ذكر، مع ان ظاهر حديث مالك بن حويرث: حتي يستوي ، يدل علي انها ليست كما يتصورون، انها جلسه فيها شيء من الاستقرار. *** الطالب: (...) وعلي اله واصحابه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي: ويقول: التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله، هذا التشهد الاول. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا انه يصلي الركعه الثانيه كالركعه الاولي الا فيما استثني، ومنه؟ طالب: النيه والاستفتاح. الشيخ: النيه، ويش معني النيه؟ طالب: تغيير النيه. الشيخ: تجديد. طالب: نعم، تجديد النيه. الشيخ: واما استمرار النيه؟ الطالب: هذا لا (...)، لا بد من استمرار النيه. الشيخ: فلا بد من استمرارها. لماذا يستثني تجديد النيه؟ طالب: لانه اذا جدد النيه قطع الصلاه. الشيخ: اذا جدد النيه معناه انه ابطل الركعه الاولي. الثاني؟ طالب: الثاني الاستفتاح. الشيخ: الاستفتاح، فلا يستفتح في الاولي؟ طالب: يستفتح في الاولي، ولا يستفتح في الثانيه. الشيخ: ولا يستفتح في الثانيه، هل يستثني من ذلك شيء؟ طالب: اذا لم يستفتح في الاولي.. الشيخ: كيف يستفتح في الاولي؟ ويش لون يعني؟ طالب: يعني جاء والامام راكع فركع معه. الشيخ: او هذا في التعوذ، نحن نتكلم عن الاستفتاح. طالب: (...). الشيخ: سنه فات محلها. الثالث؟ طالب: التعوذ. الشيخ: التعوذ، فلا يتعوذ في الثانيه، الا؟ طالب: الا اذا اتي والامام راكع. الشيخ: الا اذا لم يتعوذ في الاولي، مثل ان ياتي والامام راكع ولا يتعوذ ولا يقرا الفاتحه. وهل هذا متفق عليه؟ طالب: لا ليس متفقا عليه، بل قال اهل العلم: في كل ركعه. الشيخ: يتعوذ في كل ركعه. مبني الخلاف هنا علي اي شيء؟ طالب: هل التعوذ يعني.. طالب اخر: هل يعد ما حصل بين الركعه الاولي والثانيه فاصلا؟ الشيخ: هل قراءه الصلاه قراءه واحده او لكل ركعه قراءه مستقله؟ فان قلنا بالاول.. طالب: فيكفيه الاستفتاح الاول (...) ان القراءه واحده، ويكفي الاستعاذه في اول قراءه. الشيخ: فان قلنا: قراءه الصلاه واحده كفي التعوذ الاول، وان قلنا: لكل ركعه قراءه؟ طالب: فيستعيذ لكل قراءه. الشيخ: يستعيذ في كل قراءه. بقي الرابع. طالب: تكبيره الاحرام. الشيخ: تكبيره الاحرام؟ طالب: نعم، لا يعيد تكبيره الاحرام في الثانيه. الشيخ: لا يعيدها في الركعه الثانيه، لماذا؟ طالب: خوف النيه؛ لانه لو اعادها كانه ابطل الاولي وشرع من جديد. الشيخ: احسنت، لو كبر للاحرام في الثانيه كانه قطع الاولي وشرع من جديد. قال بعد ذلك: يقول: (يجلس مفترشا) كما سبق، ويقول؟ طالب: التحيات لله. الشيخ: ما معني التحيات؟ طالب: اي التعظيمات لله عز وجل. الشيخ: يعني الكلمات الداله علي التعظيم. بالقول ولا بالفعل؟ الطالب: بكليهما. الشيخ: نعم، التحيات يعني كل ما يدل علي التعظيم بالقول او بالفعل فهو لله. استحقاقا واختصاصا ولا استحقاقا فقط؟ طالب: استحقاقا واختصاصا. الشيخ: استحقاقا واختصاصا، اذ لا احد يستحق التعظيم المطلق الا الله عز وجل. (الصلوات) ؟ طالب: هي كل الصلوات من اقوال.. الشيخ: الصلاه الشرعيه ولا اللغويه؟ ولا هذه وهذه؟ الطالب: كل الصلوات الشرعيه باقوالها وافعالها. الشيخ: واللغويه؟ الطالب: واللغويه ايضا. الشيخ: ما الفرق بين الشرعيه واللغويه؟ الطالب: الشرعيه ما شرع مثل هذه الصلاه المفروضه، واللغويه هي الدعاء. الشيخ: اذن الدعاء والصلوات المعروفه الخمس والنوافل والجمعه كلها. الطالب: لله سبحانه وتعالي. الشيخ: لله، استحقاقا واختصاصا؟ ولا استحقاقا فقط؟ الطالب: استحقاقا واختصاصا. الشيخ: قال: (والطيبات لله) الطيبات يشمل الاعمال القوليه والفعليه، ويشمل الاوصاف ايضا، فالله سبحانه وتعالي له من الاوصاف اطيبها، قال النبي صلي الله عليه وسلم: «ان الله طيب» ، فكل انواع الطيب ثابته لله عز وجل من كل وجه، وله ايضا ما طاب من الاقوال والافعال الصادره من الخلق لقوله: «لا يقبل الا طيبا» . فالطيبات اذن لها معنيان: المعني الاول: ما يتعلق بالله، والمعني الثاني: ما يتعلق بافعال العباد، فما يتعلق بالله فله من الاوصاف اطيبها، ومن الافعال اطيبها، ومن الاقوال اطيبها؛ يعني: لا يقول الا الطيب، ولا يفعل الا الطيب، ولا يتصف الا بالطيب، فهو طيب في كل شيء؛ في ذاته وصفاته وافعاله. وله ايضا من الاعمال -اعمال العباد القوليه والفعليه- له ايش؟ الطيب، لا يقبل الا طيبا، فان الطيب لا يليق به الا الطيب، ولا يقدم له الا الطيب، وقد قال الله تعالي: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} [النور: ٢٦]، فهذه سنه الله عز وجل. فهل انت ايها المصلي تستحضر وانت تقول: (الطيبات لله) تستحضر هذه المعاني، او تقولها علي انها ذكر وثناء؟ اغلب الناس علي الثاني، ما يستحضر عندما يقول: (الطيبات) ان الله طيب في ذاته وصفاته وافعاله واقواله، وانه لا يليق به الا الطيب من الاقوال والافعال الصادره من الخلق، معلوم هذا؟ ضد الطيب شيءان: الخبيث، وما ليس بطيب ولا خبيث؛ لان الله تعالي له الاوصاف العليا، {وله المثل الاعلي} [الروم: ٢٧]، فلا يمكن ان يكون في اوصافه او افعاله ما ليس بطيب ولا خبيث، بل كل افعاله واقواله وصفاته كلها طيبه. اما ما يصدر من الخلق؛ فنعم منه ما هو طيب، ومنه ما هو خبيث، ومنه ما ليس كذلك، لكن ما الذي يصعد الي الله ويرفع الي الله؟ {اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: ١٠]، وما ليس بطيب فهو الي الارض، ما يصعد الي السماء. ثم قال: (السلام عليك ايها النبي) (السلام) قيل: ان المراد بالسلام: اسم الله عز وجل؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «ان الله هو السلام» ، كما قال عز وجل في كتابه: {الملك القدوس السلام} [الحشر: ٢٣]، وبناء علي هذا القول ما معني كون السلام علي الرسول؟ ما معناه؟ اي: بالحفظ والكلاءه والعنايه وغير ذلك، فكاننا نقول: الله عليك، اي: رقيب حافظ معتن بك، وما اشبه ذلك. وقيل: السلام: اسم مصدر سلم، بمعني ايش؟ اذا قلنا: السلام: اسم مصدر سلم، بمعني ايش؟ طالب: (...). الشيخ: بمعني التسليم يا اخي، اذا قلت: كلام اسم مصدر من كلم، ويش يصير معني كلام؟ طلبه: تكليم. الشيخ: تكليم. سلام اسم مصدر سلم اذن بمعني تسليم، {يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الاحزاب: ٥٦]، فما معني التسليم علي الرسول صلي الله عليه وسلم؟ معناه: اننا ندعو له بالسلامه من كل افه. اذا قال قاءل: قد يكون هذا الدعاء في حياته عليه الصلاه والسلام واضحا، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسلامه وقد مات صلي الله عليه وسلم؟ الجواب ان نقول: ليس الموت تكون به السلامه، الموت لا تكون به السلامه، هناك اهوال يوم القيامه، ولهذا كان دعاء الرسل اذا عبر الناس علي الصراط يقولون: اللهم سلم؛ اللهم سلم ، فلا ينتهي المرء من المخاوف والافات بمجرد موته، هذه واحده. اذن ندعو للرسول صلي الله عليه وسلم بالسلامه من هول الموقف ومن خوفه. ونقول ايضا: قد يكون بمعني اعم، السلام علي شرعه وسنته؛ كما قال العلماء: {فردوه الي الله والرسول} [النساء: ٥٩]، قالوا: اليه في حياته، والي سنته بعد وفاته، فيكون دعاءك بالسلام علي محمد صلي الله عليه وسلم بعد موته دعاء بسلامه شرعه وسنته من ان تنالها ايدي العابثين. ثم قوله: (السلام عليك ايها النبي) هل هو خبر او دعاء؟ يعني: هل انت تخبر بان الرسول مسلم، ولا تدعو بان الله يسلمه؟ تدعو بان الله يسلمه، اذن هو خبر بمعني الطلب فكانه من صفاتك اللازمه او من الامر المستقر ان تدعو للرسول صلي الله عليه وسلم بالسلامه من كل افه، وعلي الوجه الثاني ولسنته وشريعته ايضا بالسلامه من كل افه. ثم هنا يقول: (السلام عليك) فهل هذا خطاب للرسول عليه الصلاه والسلام كخطاب الناس بعضهم بعضا؟ الجواب: لا، لو كان كذلك لبطلت الصلاه به؛ لان هذه الصلاه لا يصح فيها شيء من كلام الادميين، ولكن كما قال شيخ الاسلام في اقتضاء الصراط المستقيم : لقوه استحضارك للرسول عليه الصلاه والسلام حين السلام عليه، كانه امامك تخاطبه، ولهذا كان الصحابه يقولون: السلام عليك، وهو لا يسمعهم، ويقولون: السلام عليك، وهم في بلد وهو في بلد، ونحن نقول: السلام عليك، ونحن في بلد غير الذي توفي فيه وهو ايضا قد توفي، فليس هذا من باب الخطاب المعتاد بين الناس، ولذلك نقول: انه يقول السلام عليك ايها النبي في حياته وبعد وفاته. واما ما ورد في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انهم كانوا يقولون بعد وفاه الرسول صلي الله عليه وسلم: السلام علي النبي ورحمه الله وبركاته فهذا من اجتهاداته رضي الله عنه التي خالفه فيها من هو اعلم منه؛ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فانه خطب الناس علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال في التشهد: السلام عليك ايها النبي ورحمه الله كما رواه مالك في الموطا بسند من اصح الاسانيد، قاله عمر بمحضر الصحابه رضي الله عنهم، واقروه علي ذلك. ثم ان الرسول عليه الصلاه والسلام علم امته، علمها، حتي انه كان يعلم ابن مسعود وكفه بين كفيه، من اجل ان يستحضر هذا اللفظ، وكان يعلمهم اياه كما يعلمهم السوره من القران، وهو يعلم انه سيموت؛ لان الله قال له: {انك ميت وانهم ميتون} [الزمر: ٣٠]، ولم يقل: بعد موتي قولوا: السلام علي النبي، بل علمهم التشهد بهذا اللفظ كما يعلمهم السوره من القران بلفظها، وعلي هذا فيكون ما جاء عن ابن مسعود اجتهادا منه خالفه فيه من هو اعلم منه من الصحابه رضي الله عنهم، فلا يعول عليه، بل يقال: (السلام عليك ايها النبي). وقوله: (ايها النبي) هذه منادي حذفت منه ياء النداء، والاصل: يا ايها النبي، وحذفت ياء النداء لكثره الاستعمال والتخفيف، والبداءه بالاشاره او بالكنايه لرسول الله صلي الله عليه وسلم. وقوله: (ايها النبي) يقال: النبيء، ويقال: النبي، اما اذا قيل: النبيء فهو فعيل من النبا بمعني الخبر، لكنه فعيل بمعني فاعل او مفعول؟ بمعناهما جميعا؛ فهو منبء ومنبا، اليس كذلك؟ {يا ايها المدثر (١) قم فانذر} [المدثر: ١، ٢]، فهو منبء منبا، هذا اذا كانت بالهمز. وان كانت بالتخفيف او بالتسهيل: النبي، فاما ان تكون اصلها مهموزا وحذفت الهمزه تخفيفا، واما ان تكون من (النبوه) وهي الارتفاع، وسمي بذلك لارتفاع رتبته صلي الله عليه وسلم. الا يمكن ان نقول: انها (النبي) بالياء، من الامرين جميعا؟ من النبوه وهو الارتفاع، ولا من النبا وهو الخبر؟ يمكن ولا ما يمكن؟ يمكن، وقد مر علينا مثل هذه المعاني، وذكرنا قاعده مفيده، وهي ان اللفظ اذا احتمل معنيين لا يتنافيان حمل عليهما جميعا، ولا شك ان الرسول صلي الله عليه وسلم مقامه ارفع المقامات، وانه منبا ومنبء. (ايها النبي ورحمه الله وبركاته) (رحمه) معطوفه علي (السلام)؛ يعني: ورحمه الله عليك، اذن الخبر محذوف، ويجوز ان يكون من باب عطف المفرد علي المفرد. الرحمه اذا قرنت بالمغفره او بالسلام صار لها معني، وان افردت صار لها معني اخر، اذا قرنت بالمغفره او بالسلام صار المراد بها: ما يحصل به المطلوب، والمغفره والسلام: ما يزول به المرهوب، وان افردت شملت الامرين جميعا، فانت بعد ان دعوت لرسول الله صلي الله عليه وسلم بالسلام دعوت له بالرحمه؛ ليحصل له المطلوب ويزول عنه المرهوب. فان قال قاءل: لماذا بدا بالسلام قبل الرحمه؟ فالجواب: ان التخليه قبل التحليه، التحليه ايش؟ ما هي تحليه الماء، التحليه: ذكر الاوصاف الكامله، والتخليه: السلامه من النقاءص، فنبدا بطلب السلامه اولا، ثم بطلب الرحمه. (السلام عليك ايها النبي ورحمه الله وبركاته) بركاته: جمع بركه، وهي الخير الكثير الثابت؛ لان اصلها من البركه، والبركه ماءها كثير، او الاناء اكثر منها؟ طالب: البركه. الشيخ: ماءها كثير، ثابت ولا متحرك؟ طالب: ثابت. الشيخ: ثابت، هذا الاصل؛ لان البركه وعاء كبير للماء، فما معني البركات؟ البركات هي: النماء والزياده، في ايش؟ في كل شيء من الخير، فما هي البركات التي تعود علي الرسول عليه الصلاه والسلام بعد موته؟ ففي حياته معروف ممكن يبارك له في طعامه، في شرابه، في كسوته، في اهله. بعد موته البركه بكثره اتباعه، وما يتبع فيه، كثره اتباعه اذا قدرنا ان شخصا اتباعه مليون رجل، وصار اتباعه مليونين هذه بركه ولا لا؟ زياده. اذا قدرنا ان الاتباع يتطوعون بعشر ركعات، وبعضهم بعشرين ركعه، صار في الثاني زياده، اذن فانا ادعو للرسول عليه الصلاه والسلام بالبركه وهذا يستلزم دعاءي بكثره اتباعه، وكثره عمل اتباعه؛ لان كل عمل صالح يفعله اتباع الرسول عليه الصلاه والسلام فله مثل اجورهم الي يوم القيامه. واقول استطرادا: ان هذا احد الاوجه التي يرد بها علي من يهدون ثواب القرب الي رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ لان بعض المحبين للرسول عليه الصلاه والسلام يهدون اليه القرب؛ يقول: اهدي للرسول ختمه، اهدي للرسول الفاتحه، الفاتحه علي روح محمد، وما اشبه ذلك، نقول: هذا من البدع ومن الضلال، اسالك ايها المهدي للرسول عباده، هل انت اشد حبا للرسول عليه الصلاه والسلام من ابي بكر للرسول؟ ان قال: نعم، قلنا: كذبت، ثم كذبت، ثم كذبت. وان قال: لا، قلنا: (...) ابو بكر، انت الان تنقصت ابا بكر، لماذا لم يهد ابو بكر رضي الله عنه للرسول عليه الصلاه والسلام ختمه ولا فاتحه ولا غيرها؟ فهذا بدعه، ثم هو من السفه، عملك الان وان لم تهد ثوابه سيكون للرسول صلي الله عليه وسلم مثله، فاذا اهديت الثواب، فمعناه انك حرمت نفسك من الثواب فقط، والا فللرسول مثل عملك، اهديت ام لم تهد. اذن يدخل في البركات ما تتضمنه البركه من كثره اتباعه ومن كثره العمل الصالح من اتباعه ولا لا؟ (السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين) نقول في السلام كما قلنا في الاول، واما (علينا) من نحن؟ ويش تستحضر انت اذا قلت: السلام علينا؟ طالب: المءمنين. الشيخ: نحن صلينا المغرب اليوم وصلينا راتبه المغرب، ما الذي استحضرتم حينما قلتم: السلام علينا؟ اصدقوني بارك الله فيكم. طلبه: ما استحضرنا. الشيخ: ما تستحضرون من شيء الا انه تشهد يقال، مفروض. (علينا) (نا) لا شك انها لا يراد بها الشخص نفسه فقط، وانما يراد بها الشخص ومن معه، فمن الذي معه؟ قيل: المصلون، وقيل: الملاءكه، وقيل: المراد جميع الامه المحمديه، علينا معشر الامه، وهذا القول الاخير اصح، علينا نحن معشر هذه الامه، فكما دعونا لنبينا محمد عليه الصلاه والسلام بالسلام ندعو ايضا لانفسنا بالسلام؛ لاننا اتباعه، وهذا هو الاصح، وبعضهم قال: (علينا) اي: علي المصلين، وعلي الملاءكه، لكن هذا ينتقض بما اذا صلي الانسان وحده مفردا، فانه ليس معه مصل، اما الملاءكه فنعم، هم مع الانسان علي كل حال. (السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين) هذا تعميم بعد تخصيص؛ صح؟ طلبه: نعم. الشيخ: عباد الله الصالحين من هم؟ طلبه: كلهم. الشيخ: كل عبد صالح في السماء والارض؛ حي ولا ميت، من الادميين والملاءكه والجن، كل عبد صالح، اذن تعميم بعد تخصيص ولا تخصيص بعد تعميم؟ طلبه: تعميم بعد تخصيص. الشيخ: تعميم بعد تخصيص، والدعاء ينبغي فيه البسط. عباد الله الصالحون هم الذين تعبدوا لله؛ اي: تذللوا له بالطاعه امتثالا للامر واجتنابا للنهي، وافضل وصف يتصف به الانسان ان يكون عبدا لله، ولهذا ذكر الله وصف رسوله صلي الله عليه وسلم بالعبوديه في اعلي مقاماته {سبحان الذي اسري بعبده ليلا} [الاسراء: ١]، الاسراء والمعراج من افضل ما يكون من المقامات للرسول صلي الله عليه وسلم، قال في سوره النجم: {فاوحي الي عبده ما اوحي} [النجم: ١٠]، الاسراء {سبحان الذي اسري بعبده } ، المعراج {فاوحي الي عبده} . وقال ذلك في مقام الدفاع عنه: {وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فاتوا بسوره من مثله} [البقره: ٢٣]، وقال بذلك في مقام التنزيل عليه: {تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده} [الفرقان: ١] {الحمد لله الذي انزل علي عبده الكتاب} [الكهف: ١]. فالحاصل: ان اشرف وصف للانسان ان يكون عبدا لله، اسال الله ان يحقق ذلك لي ولكم، ان يكون عبدا لله حقيقه لا عبدا لهواه، يقول اذا سمع امر ربه: سمعنا واطعنا، اذا سمع نهيه: سمعنا وتجنبنا، هذا اشرف ما يكون للانسان. عباد الله الصالحون هم الذين صلحت سراءرهم وظواهرهم، صلحت السراءر والظواهر، السراءر: باخلاص العباده لله، والظواهر: بمتابعه رسول الله صلي الله عليه وسلم. هءلاء هم الصالحون، ضد ذلك عباد الله الفاسدون، اما بالسراءر، واما بالظواهر، فالمشرك فاسد السريره، والمبتدع فاسد الظاهر؛ لان بعض المبتدعه يريد الخير، لكنه فاسد الظاهر، ما مشي علي الطريق الذي رسمه الرسول عليه الصلاه والسلام. والمشرك فاسد الباطن، ولو عمل عملا ظاهره الصحه والصلاح فهو فاسد الباطن، مثل المراءي، عباد الله الصالحون اذن الذين صلحت ايش؟ سراءرهم، بماذا؟ طالب: بالاخلاص. الشيخ: بالاخلاص لله، وظواهرهم بمتابعه رسول الله صلي الله عليه وسلم. قلت: ضد ذلك العباد الفاسدون، هل هناك عباد فاسدون لله؟ اي نعم؛ كل من في السماوات والارض فهو عبد لله: {ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا} [مريم: ٩٣]، ومن ذلك الكفار، الكفار عبيد لله، لكن عبيد بالعبوديه الكونيه القدريه، لا بالعبوديه الشرعيه. (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) (اشهد) الشهاده هذه ابلغ من قول: اخبر؛ لان الخبر قد يكون عن سماع، والشهاده تكون عن قطع، كانما يشاهد الانسان بعينيه. (اشهد ان لا اله الا الله) جمله معترضه: يقول بعض الناس: اشهد ان لا اله الا الله، (ان)، اسمعها كثيرا، اشهد ان لا اله الا الله، هذا خطا من حيث اللغه العربيه؛ لان (ان) لا تكون بمثل هذا التركيب، الذي يكون بمثل هذا التركيب ما هو؟ (ان) المخففه من الثقيله؛ لان (ان) هنا مخففه من الثقيله ولا يمكن ان تكون هي الثقيله، وجمله (لا اله الا الله) في محل رفع خبرها، واسمها ضمير الشان محذوف وجوبا. اذن النطق الصحيح: اشهد ان لا اله الا الله، اما (ان) فليس بصحيح. وقوله: (لا اله الا الله) هذه كلمه التوحيد التي بعث الله بها جميع الرسل: {وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون} [الانبياء: ٢٥]، وبها يكون تحقيق توحيد الالوهيه، وان شءت فقل: تحقيق توحيد العباده، وهما بمعني واحد، لكن يسمي توحيد الالوهيه باعتبار اضافته الي الله، توحيد العباده باعتبار اضافته الي العبد، والا فالمعني واحد. (لا اله الا الله) اي: لا معبود حق الا الله، لماذا فسرناها بهذا التفسير؛ لان (اله) فعال بمعني مفعول، والمالوه: هو المعبود حبا وتعظيما، وخبر (لا) محذوف تقديره: حق، لا اله حق الا الله، (الله) بدل من الخبر المحذوف، ومعني هذه الجمله العظيمه انه لا معبود حق سوي الله عز وجل. اما المعبود وليس بحق فقد يعبد غير الله، بل قد عبد غير الله، عبدت الاشجار والاحجار والحيوان والشمس والقمر والنجوم والادميون والفروج، واحد يعبد الفرج، فرج المراه، نسال الله العافيه، وعبدت البقر، البقر تعبد، والانسان اذا اريد ان يضرب به المثل في البلاهه ويش قال له: يا بقره، ومع ذلك تعبد هذه البقره، اللهم لك الحمد علي كل حال، كل ما عبد من دون الله فهو باطل، وان سمي الها، ولهذا قال الله عز وجل: {ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل} [لقمان: ٣٠]، وفي الايه الاخري: {وان ما يدعون من دونه هو الباطل} [الحج: ٦٢]، ولا بطلان اعظم من بطلانه، وقال الله تعالي يخاطب الذين يعبدون من دون الله: {ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباءكم ما انزل الله بها من سلطان} [النجم: ٢٣]، اين ذكرت هذه؟ طلبه: في النجم. الشيخ: في سوره النجم، {افرايتم اللات والعزي (١٩) ومناه الثالثه الاخري (٢٠) الكم الذكر وله الانثي (٢١) تلك اذا قسمه ضيزي (٢٢) ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباءكم ما انزل الله بها من سلطان} [النجم: ١٩ - ٢٣]، وليست حقاءق، بل هي مجرد اسماء، واما (الله) فهي علم علي الرب عز وجل. (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) ان محمدا هو ابن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، بعثه الله عز وجل بمكه ام القري، واحب البلاد الي الله، وهاجر الي المدينه، وتوفي فيها صلي الله عليه وسلم. (اشهد ان محمدا عبده) لا شريكه في ملكه، فليس لرسول الله صلي الله عليه وسلم شركه في ملك الله ابدا، وهو بشر مثلنا تميز عنا بالوحي، وبما جبله الله عليه من العباده والاخلاق، قال النبي عليه الصلاه والسلام: «انما انا بشر مثلكم، انسي كما تنسون» ، وقال الله له: {قل لا اقول لكم عندي خزاءن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم اني ملك} [الانعام: ٥٠]، ويش وظيفته؟ {ان اتبع الا ما يوحي الي} [الانعام: ٥٠]، وقال له في ايه اخري: {قل اني لا املك لكم ضرا ولا رشدا} [الجن: ٢١]، زد علي ذلك: {قل اني لن يجيرني من الله احد ولن اجد من دونه ملتحدا} [الجن: ٢٢]، لو اراد الله به سوءا ما منعه احد، فهو عبد ، وهو صلي الله عليه وسلم احق الناس عبوديه واشدهم تعبدا لله، حتي انه كان يقوم لله عز وجل حتي تتورم قدماه، فيقال له: لقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر، فيقول: «افلا احب ان اكون عبدا شكورا» ، فكان عليه الصلاه والسلام اشد الناس عباده لله. يقول: (ورسوله) رسوله ارسله الله عز وجل وجعله واسطه بينه وبين الخلق في تبليغ شرعه فقط، فهو الواسطه بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالي في العلم بشرع الله، اذ لولا رسول الله ما عرفنا كيف نعبد الله عز وجل، فكان عليه الصلاه والسلام رسولا من الله الي الخلق، ونعم الرسول، ونعم المرسل، ونعم المرسل به، فالنبي عليه الصلاه والسلام هو رسول مرسل من الله، وهو افضل الرسل، وخاتم الرسل، وامام الرسل صلي الله عليه وسلم، ولهذا لما جمعوا له ليله المعراج تقدمهم اماما مع انه اخرهم عليه الصلاه والسلام. ناخذ من هذين الوصفين لرسول الله صلي الله عليه وسلم ضلال طاءفتين ضلتا فيهما، طاءفه ظنت ان له حقا في الربوبيه، فصارت تدعو الرسول عليه الصلاه والسلام، وصار تعظيم الرسول صلي الله عليه وسلم في قلوبها اشد من تعظيم الله، نعوذ بالله، حتي انه اذا ذكر الرسول اقشعرت جلودهم؛ ثم تلين كانما ذكر الله، واذا ذكر الله، واذا هو كالماء البارد علي جلودهم، لا يتحركون، هءلاء اشركوا بالرسول عليه الصلاه والسلام، بل جعلوه اعظم من الله عز وجل. الطاءفه الثانيه عكس هذه الطاءفه، كذبت الرسول عليه الصلاه والسلام، وقالت: ليس برسول، اما انه كاذب في اصل الرساله، كما قال الله تعالي: {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب} [ص: ٢٤]، واما انه كاذب في تعميم الرساله، كما يقول النصاري الذين يداهنون المسلمين، وانخدع بهم بعض العرب، قالوا: محمد رسول لكن الي العرب فقط {هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته} [الجمعه: ٢]، وهم يقولون: نحن لسنا باميين، نحن من بني اسراءيل من اهل الكتاب، وما لنا وللاميين {بعث في الاميين} عرفتم كيف التلبيس؟ فقالوا: نءمن بان محمدا رسول لكن اليكم ايها الاميون، اما نحن لا. النصاري يقولون: رسولنا عيسي، ويغلون به حتي يجعلونه الها مع الله، واليهود يقولون: عيسي كاذب، ابن زانيه -والعياذ بالله- مقتول مصلوب، ونبيهم موسي، واءمه الكفر لهم اقوال شنيعه -والعياذ بالله- في الرسل. علي كل حال نقول لمن ادعي خصوصيه رساله الرسول عليه الصلاه والسلام في العرب، نقول: هل تءمن بانه رسول؟ اذا قال: نعم، هل الرسول يكذب؟ ان قال: نعم، بطلت شهادته، الرسول ما يكذب، وان قال: لا، قلنا: اقرا {قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يءمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} [الاعراف: ١٥٨]، اما ان تلبس وتاتي بايات متشابهه فانك احق من يدخل في قوله تعالي: {فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنه وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الا الله والراسخون في العلم} [ال عمران: ٧]. طالب: (...) السلام عليك يا ايها (...). الشيخ: والله الجواز يجوز، لكن الاقتصار علي الوارد افضل بلا شك. الطالب: ما ينكر علي الاخوه.. الشيخ: لا، ينبهون. طالب: (...). الشيخ: ما هو بالظاهر، الظاهر انه بعد. طالب: فيه روايه (...). الشيخ: علي كل حال اذا ثبتت فلا مانع. طالب: (...) في قوله بدعاء الاستفتاح: لا معبود سواه (...). الشيخ: لا، بعض الناس يقول في الاستفتاح: ولا اله غيره ولا معبود سواه، ما حاجه؛ لان (لا اله غيره) هي (لا معبود سواه). طالب: (...). الشيخ: ويش تقولون يا جماعه؟ يقول: هل يجوز ان نسكن النون؟ يعني هل يجوز الاظهار في موضع الادغام هذا المعني، كذا؟ الطالب: نعم، اشهد ان لا اله الا الله. الشيخ: ما تقولون؟ نقول: يجوز ما فيه مانع؛ لان كل علم التجويد تحسين، ما فيه شيء واجب، تحسين لفظ، وعلي هذا فيجوز ان نقول: اشهد ان لا اله الا الله واشهد الا اله الا الله، ولا نقول: اشهد ان لا اله الا الله، تري هذا خطا من حيث اللغه، اما العوام ما نقول: انكم اخطاتم في التوحيد، لكن في اللغه ما يصح. طالب: شيخ احسن الله اليك، اقول: يصح الاذان بقول المءذن: اشهد ان لا اله الا الله؟ الشيخ: يصح؛ لان هذا خطا ما يتغير به المعني. طالب: جزاك الله خيرا، بعض العامه يقولون: انه ان دخل المسجد النبوي يحس بسكينه اكثر لو دخل المسجد الـ.. الشيخ: لانه يسكن نفسه، هو يعتقد هذا، الان ييجي يمك واحد ويسقيك ماء علي العاده تشربه، وييجي يمك يقول: هذا ماء قرا به شخص يرجي ان الله يستجيب دعاءه ويشفيك، وهو ما قربه احد، ولا شربك (...) والله بحمد الله وجدت خفه، وهو ما قربه احد، لكن النفس لها انفعال. *** طالب: (...) رحمه الله تعالي: ويقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله، هذا التشهد الاول، ثم يقول: اللهم صل علي محمد وعلي ال محمد كما صليت علي ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك علي محمد وعلي ال محمد كما باركت علي ال ابراهيم انك حميد مجيد، ويستعيذ من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنه المحيا والممات وفتنه المسيح الدجال، ويدعو بما ورد، ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمه الله، وعن يساره كذلك. وان كان في ثلاثيه او رباعيه نهض مكبرا بعد التشهد الاول. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين هل هذا له مفهوم عباد الله الصالحين، او ان الصالحين صفه كاشفه لا مفهوم لها؟ طالب: انا اسمعها تبيانا، وما افهمها. الشيخ: الصفه الكاشفه اللي ما لها مفهوم، التي تبين السبب والعله وهي ليس لها مفهوم، والصفه التي لها مفهوم هي التي تقيد الموصوف. طالب: مثل ايش؟ الشيخ: مثل (...)، عباد الله -هنا- الصالحين، هل هو مقيد للموصوف الذي هو (عباد)، ولا مبين وكاشف بان كل عبد فهو صالح؟ طالب: مقيد. الشيخ: مقيد. الطالب: لانه فيه عباد الله غير صالحين. الشيخ: لان العباد بالمعني العام يشمل الصالح وغير الصالح، {ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا} [مريم: ٩٣]، فاذن الصالحين صفه. طالب: مبينه. الشيخ: مبينه ولا مقيده؟ طلبه: مقيده. الشيخ: مقيده، يخرج بها العباد الذين هم غير صالحين، كالكفار، هم عبيد لله لكنهم غير صالحين. الصفه الكاشفه التي ليس لها مفهوم هي التي تكون كالتعليل والسبب، مثل قوله تعالي: {يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم} [البقره: ٢١]، {اعبدوا ربكم الذي خلقكم} هل احد يمكن ان يقول: هناك رب لم يخلقنا؟ طلبه: لا. الشيخ: اذن {الذي خلقكم} صفه مبينه كاشفه؛ يعني كالعله لما سبق، اعبدوه؛ لانه الذي خلقكم، ومثل قوله تعالي: {ورباءبكم اللاتي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن} [النساء: ٢٣]، {اللاتي في حجوركم} هذه صفه كاشفه؛ يعني مبينه للعله؛ يعني كان الرباءب -لانها في حجرك- كانها ابنتك، ولكنه ليس لها مفهوم. {سبح اسم ربك الاعلي} [الاعلي: ١]؛ يعني: واما ربك غير الاعلي فلا تسبحه؟ لا، هذه صفه كاشفه، وامثلتها كثيره موجوده. فعلي هذا نقول: (الصالحين) هنا صفه مقيده، فان قال قاءل: ما الاصل، الصفه المقيده ولا الكاشفه؟ فالاصل المقيده، الاصل ان الوصف قيد في الموصوف. قوله: (اشهد ان لا اله الا الله) ما معني لا اله الا الله؟ طالب: اي لا معبود بحق الا الله. الشيخ: لا معبود حق الا الله، احسنت. هل هناك احد يعبد من دون الله؟ كثير. طالب: الاحجار والاشجار وغيرها. الشيخ: ويسمون الهه؟ طالب: لانهم معبودون؛ يعني يعبدون، فكل معبود فهو معبود. الشيخ: فهو اله، ولكن يسمون الهه وهي لا حقيقه لالوهيتها، ولهذا قالوا: {االهتنا خير ام هو} [الزخرف: ٥٨]، وقالوا: {اجعل الالهه الها واحدا} [ص: ٥]. (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) (اشهد ان محمدا عبده ورسوله) تضمنت الرد علي طاءفتين منحرفتين. طالب: الطاءفه الاولي قدموا النبي صلي الله عليه وسلم في الرساله، الطاءفه الثانيه تعميم الرساله. الشيخ: خطا. طالب: تقديس الرسول صلي الله عليه وسلم، ثانيا تكذيب الرسول صلي الله عليه وسلم. الشيخ: اي، هذا اللي قاله الاخ، اثبات الرساله هي رد علي من انكروا رسالته. طالب: الطاءفه الاولي اعتقدت ان النبي صلي الله عليه وسلم له حق في الربوبيه، الطاءفه الثانيه زعمت ان النبي صلي الله عليه وسلم (...). الشيخ: اذن رد علي طاءفتين؛ طاءفه انكرت رسالته اما مطلقا او علي سبيل العموم؛ يعني انكروها نهاءيا، ما هو رسول، او انكروا عموم رسالته، هذه ماخوذه من قوله: (ورسوله)، طاءفه اخري غالت في الرسول عليه الصلاه والسلام حتي جعلته في منزله الربوبيه، يرد عليهم بقوله: عبد. هل اشرف اوصاف الرسول صلي الله عليه وسلم ان يكون عبدا لله؟ طالب: نعم. الشيخ: ما الدليل؟ طالب: قول الله سبحانه وتعالي في اثناء المدافعه عليه: وان كنت.. الشيخ: لان الله وصفه بالعبوديه في اعلي مراتبه، اذكرها. طالب: في سوره.. الشيخ: لا تجيب الايات، بس اذكر المراتب اللي احنا قلنا. طالب: وصفه الله بمرتبه العبوديه في اثناء المدافعه عليه.. الشيخ: المدافعه عنه. طالب: {وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فاتوا بسوره من مثله} [البقره: ٢٣]. الشيخ: هذه واحده. طالب: وفي اثناء وصفه تفضل عليه بالكتاب: {تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده} [الفرقان: ١]. الشيخ: الثالث؟ طالب: في سوره الـ.. الشيخ: في حال الاسراء والمعراج. طالب: في حال الاسراء ايضا. الشيخ: والمعراج. طالب: نعم، قول الله سبحانه وتعالي: {سبحان الذي اسري بعبده ليلا من المسجد الحرام} [الاسراء: ١]. الشيخ: المعراج؟ طالب: هو المعراج الاسراء. الشيخ: لا، المعراج غير الاسراء. طالب: في سوره النجم. الشيخ: ماذا قال؟ طالب: (...). الشيخ: في قوله: {فاوحي الي عبده ما اوحي} [النجم: ١٠]. وايضا هو الرسول صلي الله عليه وسلم، قال: «افلا احب ان اكون عبدا شكورا» ، ولذلك لا احد في الخلق فيما نعلم قام بالعبوديه، كما قام الرسول عليه الصلاه والسلام، وقال عن نفسه: «اني لارجو ان اكون اخشاكم لله واتقاكم له» ؛ لانه اعلمنا به سبحانه وتعالي. قال المءلف: (هذا التشهد الاول) (هذا) المشار اليه ما ذكر من قوله: (التحيات) ، الي قوله: (وان محمدا عبده ورسوله) ، واعلم ان الاحاديث وردت في التشهد علي اكثر من وجه، فما موقفنا من هذه الوجوه؟ الجواب علي هذا ان نقول: ان العلماء رحمهم الله اختلفوا في موقفنا من هذه الوجوه، هذا بعد ان نعلم انه لا يمكن جمع الذكرين في ان واحد، اما اذا كان يمكن ان يجمعا في ان واحد فجمعهما اولي، لكن اذا لم يمكن بان يكون هناك قرينه تدل علي ان كل واحد منهما يقال بمفرده كما في دعاء الاستفتاح، وكما في التشهد، فالتشهد علمه النبي عليه الصلاه والسلام عبد الله بن عباس، وعلمه عبد الله بن مسعود، حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين ، وحديث ابن عباس في مسلم ، وكلاهما صحيح، وليس بينهما الا اختلاف يسير، مما يدلنا علي ان كل واحد منهما يقال بمفرده، وان هذا الاختلاف اليسير مما جاءت به السنه. موقفنا في هذا اقول: ان العلماء اختلفوا، فمنهم من رجح ومنهم من جمع، اما من رجح فقال: ارجح ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، فاختار تشهد ابن مسعود، واما من جمع فقال: كلاهما صحيح، ولكني اقول هذا مره واقول هذا مره، وهذه الطريق احسن من الطريق الاولي، اعني الجمع بين ما يمكن جمعه، مره هذا ومره هذا، وهي طريقه شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله، وفي سلوكها فاءده بل اكثر، ففي سلوكها تحقيق اتباع السنه، حيث عملت بالوجهين، ولو رجحت لتركت العمل بوجه من وجوه السنه. ثانيا: في سلوك هذه الطريقه احياء السنه؛ لانك اذا لم تعمل بها نسيتها، فماتت، وهذا مشاهد، الان اسال كثيرا من طلبه العلم كيف تشهد عبد الله بن عباس؟ لا يدري؛ لانه لم يعمل به فكونك تعمل به يكون فيه احياء السنه، هاتان فاءدتان، الفاءده الثالثه انه ادعي لحضور القلب، كيف ذلك؟ لان الانسان اذا راعي عند الذكر ان يختار هذا وهذا حضر قلبه، لكن اذا امسك بوجه واحد من وجوه الذكر صار يقوله من دون شعور، كانه عاده، وكما يقول اهل المكاين: اوتوماتيكيا. ولذلك تجده يقرا الفاتحه في الصلاه ما يدري (...)، يمكن بدون قصد، اليس كذلك؟ فاذا كان الانسان يحس بانه سيفعل هذا الوجه وهذا الوجه؛ صار ذلك ادعي لحضور قلبه، فصار في سلوك هذه الطريق ثلاث فواءد. اذن الافضل ان نقول: ما جاءت به السنه من التشهد، احيانا هذا واحيانا هذا، حتي نحفظ السنه. يقول: (هذا التشهد الاول ثم يقول) (ثم يقول) في اي تشهد؟ في التشهد الاخير؛ لان المءلف لما فصل وقال: (ثم يقول) دل علي ان ما يقال بعد (ثم) لا يقال في التشهد الاول، وعلي هذا فلا يستحب ان تصلي علي النبي في التشهد الاول، لا يستحب، وهذا هو الذي مشي عليه المءلف، وهو ظاهر السنه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يعلم ابن مسعود وابن عباس الا هذا التشهد فقط، وقال ابن مسعود: كنا نقول قبل ان يفرض علينا التشهد، وذكر التشهد الاول فقط، ولم يذكر الصلاه علي النبي صلي الله عليه وسلم. وعلي هذا فلا يسن ان يصلي الانسان علي النبي صلي الله عليه وسلم في التشهد الاول؛ لانه لو كان سنه لكان الرسول عليه الصلاه والسلام يعلمهم اياه في التشهد. واما قولهم: يا رسول الله، علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك اذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ ، فهو سءال عن الكيفيه وليس فيه ذكر الموضع، وفرق بين ان يعين الموضع او تبين الكيفيه، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : كان من هدي النبي صلي الله عليه وسلم تخفيف هذا التشهد، ثم ذكر الحديث انه كان كانما يجلس علي الرضف -يعني الحجاره المحماه- من شده تعجيله . وهذا الحديث وان كان في سنده نظر، لكن هو ظاهر السنه؛ اي انه لا يزيد علي هذا، واظنه في صحيح ابن خزيمه : ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يتشهد في هذا الجلوس ولا يدعو ، وقوله: لا يدعو يشمل الدعاء بالصلاه علي النبي صلي الله عليه وسلم، والدعاء بالتعوذ من عذاب جهنم وعذاب القبر. ومع ذلك لو ان احدا من الناس صلي علي النبي صلي الله عليه وسلم في هذا الموضع ما انكرنا عليه، لكن لو سالنا ايما احسن؟ قلنا: الاقتصار علي التشهد فقط، ولكن لو انه صلي فلا يءمر بالاعاده او ينه عن هذا الشيء؛ لانه زياده خير، وفيه احتمال -وان كان ضعيفا- انه يصلي عليه في هذا المكان. ثم يقول: (اللهم صل علي محمد وعلي ال محمد كما صليت علي ال ابراهيم انك حميد مجيد، وبارك علي محمد وعلي ال محمد كما باركت علي ال ابراهيم انك حميد مجيد) . قال: (اللهم صل علي محمد) (اللهم) معناها: يا الله، لكن حذفت منها ياء النداء، وعوض عنها الميم، وجعلت الميم في الاخر تيمنا بالبداءه باسم الله عز وجل، وكانت ميما ولم تكن جيما ولا حاء ولا خاء؛ لان الميم ادل علي الجمع، ولهذا تجتمع الشفتان فيها، فكان الداعي جمع قلبه علي ربه ودعا، فقال: اللهم. وعليه فنعرب (اللهم) نقول: (الله) منادي مبني علي الضم في محل نصب، ومعني (الله): اي: ذو الالوهيه، الذي يالهه كل من تعبد له سبحانه وتعالي. (صل علي محمد وعلي ال محمد) قوله: (صل علي محمد) ، قيل: ان الصلاه من الله الرحمه، ومن الملاءكه الاستغفار، ومن الادميين الدعاء. فاذا قالوا: صلت عليه الملاءكه؛ يعني: استغفرت له، واذا قال: صلي عليه الخطيب؛ يعني: دعا له، واذا قيل: صلي عليه الله؛ يعني: رحمه. وهذا مشهور بين اهل العلم، لكن الصحيح خلاف ذلك، وان الصلاه اخص من الرحمه، ولذا اجمع المسلمون علي جواز الدعاء بالرحمه لكل مءمن، واختلفوا: هل يصلي علي غير الانبياء؟ ولو كانت الصلاه بمعني الرحمه لم يكن بينهما فرق، لكان كما ندعو لفلان بالرحمه نصلي عليه. وايضا فقد قال الله تعالي: {اولءك عليهم صلوات من ربهم ورحمه} [البقره: ١٥٧]، فعطف الرحمه علي الصلوات، والعطف يقتضي المغايره، فتبين بدلاله الايه الكريمه واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاه في موضع والرحمه في موضع علي ان الصلاه ليست هي الرحمه. اذن فما هي؟ احسن ما قيل فيها ما ذكره ابو العاليه رحمه الله: ان صلاه الله علي نبيه ثناءه عليه في الملا الاعلي، (اللهم صل عليه): اثن عليه في الملا الاعلي. فاذا قال قاءل: هذا بعيد من اشتقاق اللفظ، الصلاه في اللغه الدعاء ليست الثناء. فالجواب علي هذا: ان الصلاه ايضا من الصله، ولا شك ان الثناء علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في الملا الاعلي من اعظم الصلات؛ لان الثناء علي الانسان قد يكون احيانا اهم عند الانسان من كل مال، فالذكري الحسنه صله عظيمه. وعلي هذا؛ فالقول الراجح: ان الصلاه تعني: الثناء عليه في الملا الاعلي، فانت اذا قلت: اللهم صل علي محمد؛ اي: اثن عليه في الملا الاعلي، اي: عند الملاءكه المقربين . وقوله: (علي محمد) قد يقول قاءل: لماذا لم يقل: علي النبي، او: علي نبيك محمد، وانما ذكره باسمه العلم فقط، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالي: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: ٦٣]؟ فالجواب: ان هذا من باب الخبر، والخبر اوسع من الدعاء؛ يعني اوسع من ان تدعوه باسمه، فجاز ان يكون بلفظ محمد. (وعلي ال محمد) يعني: وصل علي ال محمد، وال محمد قيل: انهم اتباعه علي دينه؛ لان ال الشخص كل من ينتمي الي الشخص، كل من ينتمي اليك فهو من الك، سواء انتمي اليك بنسب، او انتمي اليك بحميه ومعاهده وموالاه، او انتمي اليك باتباع، كما قال الله تعالي: {ويوم تقوم الساعه ادخلوا ال فرعون اشد العذاب} [غافر: ٤٦]، فيكون (اله) هم اتباعه علي دينه. وقيل: ال النبي صلي الله عليه وسلم القرابه، والقاءل بذلك خص القرابه بالمءمنين؛ يعني المءمنين من قرابته صلي الله عليه وسلم، فخرج بذلك ساءر الناس، وخرج بذلك كل من كان كافرا من قرابه النبي صلي الله عليه وسلم، فيقول هذا القاءل: اله المءمنون من قرابته، ولكن الصحيح الاول، وان الال هم الاتباع، نعم لو قرن (الال) بغيره فقيل: علي محمد واله واتباعه، صار المراد بالال المءمنين من قرابته. (وعلي ال محمد كما صليت علي ال ابراهيم) (كما صليت) الكاف هنا للتشبيه او للتعليل، ولننظر فاكثر العلماء يقولون: انها للتشبيه، وهءلاء فتحوا علي انفسهم ايرادا يحتاجون الي الجواب عنه، وذلك لان القاعده ان المشبه دون المشبه به، وعلي هذا؛ فانت سالت الله صلاه دون الصلاه علي ال ابراهيم. "},{"Id":1713,"Name":"02 كتاب الصلاة 23","Sort":45,"Version":0,"LessonText":"

قَرابته صلى الله عليه وسلم، فخرج بذلك سائرُ الناس، وخرج بذلك كلُّ مَن كان كافرًا من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول هذا القائل: آلُهُ: المؤمنون من قرابته. ولكن الصحيح الأوَّل وأنَّ الآلَ هم الأتباع، نعم لو قُرن الآلُ بغيره فقيل: على محمدٍ وآلِهِ وأتباعِه، صار المراد بالآلِ المؤمنين من قرابته.
(وعلى آلِ محمدٍ كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيم).
(كما صلَّيْتَ) الكاف هنا للتشبيه أو للتعليل؟ ولننظر، فأكثر العلماء يقولون: إنها للتشبيه، وهؤلاء فتحوا على أنفسهم إيرادًا يحتاجون إلى الجواب عنه، وذلك لأن القاعدة أنَّ المشبَّه دون المشبَّه به، وعلى هذا فأنت سألتَ اللهَ صلاةً على محمدٍ وآله دون الصلاة على آل إبراهيم، ومعلومٌ أنَّ محمدًا وآلَه أفضلُ من إبراهيم وآلِه، فلذلك حَصَل الإشكالُ؛ لأن هذا يُعارِض القاعدةَ المتَّفقَ عليها وهي أنَّ المشبَّه أدنى من المشبَّه به.
وأجابوا عن ذلك بأجوبة منها: أن آل إبراهيم يدخل فيهم محمَّدٌ عليه الصلاة والسلام لأنه من آلِه؛ فإبراهيم أبوه، فكأنه سُئل للرسول عليه الصلاة والسلام الصلاةُ مرَّتين: مرَّةً باعتبار الخصوص (اللهم صَلِّ على محمَّد)، ومرَّة باعتبار العموم (كما صَلَّيتَ على آل إبراهيم)، ولكن هذا جوابٌ فيه شيءٌ، وليس بواضح.
والقول الثاني: أنَّ الكاف للتعليل، وأنَّ هذا من باب التوسُّل بفِعْل الله السابق إلى فِعْل اللاحِقِ؛ يعني: كما أنك سبحانك سَبَقَ الفضلُ منك على آل إبراهيم فأَلْحِق الفضل منك على محمدٍ وآلِه. وهذا لا يلزم أن يكون هناك مشبَّهٌ ومشبَّهٌ به.
فإنْ قال قائل: وهلْ تأتي الكافُ للتعليل؟
قلنا: نعم، تأتي للتعليل، استمعْ إليها من كلام العلماء واستمعْ إلى مثالها؛ قال ابن مالك:

\n \n \n \n \n \n \n \n

شَبِّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ

يُــعْنَى وَزَائِـــــــــدًا لِتَـــــوْكِــــيدٍ وَرَدْ

\n
فأفاد بقوله: (وبها التعليلُ قد يُعنَى) أنه قد يُقصَد بها التعليل.\n
وأمَّا المثالُ فكقوله تعالى: \n {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٥١]؛ فإن الكاف هنا للتعليل، معلِّلةٌ لِمَا سَبَقَ.\n
مثالٌ آخر: قوله تعالى: \n {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٩٨] أي: لهدايتكم. وإنْ كان يجوز فيها التشبيهُ؛ يعني: واذكروه الذِّكْرَ الذي هداكم إليه.\n
فهذا الوجه -أعني أنَّ الكاف في قوله: (\n كما صَلَّيْتَ) للتعليل- من باب التوسل بالفعل السابق إلى تحقيق الفعل اللاحق، هذا هو الوجْه الأصحُّ الذي لا يَرِدُ عليه إشكال.\n
\n طالب: في التشهد الأول إذا أطالَ الإمام؟\n
\n الشيخ: إذا أطالَ الإمام في التشهد الأول فلا بأس أن تستمرَّ.\n
\n الطالب: يُعيد ولَّا يستمِرُّ؟ \n
\n الشيخ: لا، يستمِرُّ، وبعض العلماء يقول: يُعيد. ولكنْ إذا استمرَّ فلا حرج.\n
\n الطالب: ولا يسكت؟\n
\n الشيخ: لا، ما يسكت.\n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك، والذين قالوا: إنه نصلي على النبي بعد التشهد. أقول: بِمَ استدلُّوا، أحسن الله إليك؟ \n
\n الشيخ: استدلُّوا بقولهم: \n يا رسول الله، علِمْنا كيف نُسَلِّم عليك، فكيف نُصَلِّي عليك إذا صَلَّينا عليك في صلاتِنا؟ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ...» \n .\n
\n طالب: ما استدلُّوا بإتيان الصلاة تابعةً للشهادة، فكأنك إذا شهدتَ له بالرسالة كأنك تصلِّي عليه؟\n
\n الشيخ: لا، هذا ما هو مطَّرد.\n
\n طالب: (...) اللهم صلِّ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم (...).\n
\n الشيخ: كما صلَّيتَ على إبراهيم.\n
\n الطالب: وعلى آل إبراهيم.\n
\n الشيخ: إي، قلنا: نبغي نبحث إن شاء الله.\n
\n طالب: ويُستثنى منه يا شيخ (...) حديث التشهد ابن مسعود قال: \n «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْكَلَامِ مَا شَاءَ» \n .\n
\n الشيخ: من الدعاء، هذا في الأخير. \n

***

(...) نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
يقول المؤلف: إنه يسجد على سبعة أعضاء، فما هي هذه الأعضاء؟\n
\n طالب: اليدان ثم الركبتان ثم (...).\n
\n الشيخ: يداه أولًا، ثم ركبتاه..\n
\n طالب: رِجلاه ثم ركبتاه؛ أربعة، ثم يداه، ثم الجبهة معهم.\n
\n الشيخ: كيف يقول: يسجد على رِجليه، وهو لا يزال قائمًا على رِجليه؟\n
\n الطالب: يعني في حال سجوده قد يرفعهما، قال المؤلف توكيدًا على أنه يضعهما على الأرض.\n
\n الشيخ: طيب، وأيضًا السجود على القدمين ليس كالوقوف عليهما؛ الوقوفُ على بطونهما، والسجودُ على أطراف القدمينِ.\n
ما هو الدليل على وجوب السجود على هذه الأعضاء السبعة؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» \n .\n
\n الشيخ: كمِّل.\n
\n الطالب: الرِّجْلينِ؟\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: الأنف؟\n
\n الشيخ: لا، لفظ الحديث.\n
\n طالب: الجبهة مع الأنف؟ \n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: الكفَّينِ، والركبتينِ، والجبهة مع الأنف، وأطراف القدمينِ.\n
\n الشيخ: لا، ما هو هذا لفظ الحديث، هذا معناه، لكنْ نودُّه باللفظ أحسن.\n
\n طالب: الجبهة -وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنفه- والكفَّينِ، والركبتينِ، وأطراف القدمينِ.\n
\n الشيخ: لماذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنْفه ولم يَعُدَّه عضوًا مستقلًّا؟\n
\n طالب: لأن الأنف تابعٌ للجبهةِ؛ فأشار إليه باعتبار أنه عَظْمٌ واحد.\n
\n الشيخ: فأشار إليه لئلَّا يظُنَّ الظانُّ أن المراد الجبهة فقط، ولم يعدَّه عضوًا مستقِلًّا لأنه تابعٌ للجبهة.\n
ما الحكمة في أن الإنسان يقول في السجود: سبحان ربي الأعلى؟\n
\n طالب: لأن السجود أذلُّ هيئةٍ يفعلها الإنسان بين يديْ ربِّه عز وجل في عبادته.\n
\n الشيخ: وهو تطامُنٌ؛ لأنه وَضَعَ أعالي البَدَن..\n
\n الطالب: أسْبَقَ ما في بدنه على الأرض، (...) يقول: سبحان ربي الأعلى.\n
\n الشيخ: نعم، هل لهذا نظيرٌ من السُّنة؛ وهو أنَّ الإنسان إذا كان في سُفولٍ فإنه يسبِّح الله.\n
\n طالب: نعم، كان الصحابة رضي الله عنهم إذا هَبَطوا واديًا كانوا يسبِّحون الله سبحانه وتعالى، وإذا صعدوا الجبلَ يُكبِّرون.\n
\n الشيخ: طيب، (التسبيح) ما معناه أولًا؟ وعن ماذا يكون؟\n
\n طالب: التسبيح هو تنزيهُ اللهِ سبحانه وتعالى عن النقائص، فيكون في (...) عن مماثلة المخلوقين، وعن النقص التامِّ، وعن النقص في صفاته.\n
\n الشيخ: صح، النقص في كماله.\n
لو قال قائلٌ: للهِ وجْهٌ كوجهِ أحسن المخلوقات. \n
\n طالب: هذا ليس صحيحًا.\n
\n الشيخ: حرام؟\n
\n الطالب: هذا قولٌ باطلٌ؛ لأنه اقتضى من قوله هذا التشبيهَ.\n
\n الشيخ: يعني هلْ مَن قال هذا يُعتبر مسبِّحًا لله؟\n
\n الطالب: لا.\n
\n الشيخ: لا؛ لأنه مَثَّله بالناقص، وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصًا.\n
لو قال: إن الله سبحانه وتعالى خَلَق السماواتِ والأرضَ في ستَّةِ أيامٍ ثم استراحَ، هل يكون مسبِّحًا لله؟\n
\n طالب: لا يكون مسبِّحًا لله.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n الطالب: لأنه أوَّلًا: كذَّبَ النصَّ الواردَ في هذا في قوله تعالى: \n {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨]؛ نفى اللهُ عز وجل عن نفْسِه التعبَ. ثانيًا: أنه قال: إنَّ الله عز وجل ناقصٌ في هذه الصفة. فأثبتَ النقصَ لله في هذه الصفة.\n
\n الشيخ: هذا نقص في كماله.\n
\n الطالب: في كماله، نعم.\n
\n الشيخ: لو قال قائلٌ: إن الله -سبحانه وتعالى- يمكن أن يموت؟\n
\n طالب: لا يجوز ذلك.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n الطالب: لأن الله سبحانه وتعالى..\n
\n الشيخ: حيٌّ لا يموت.\n
\n الطالب: حيٌّ لا يموت، (...).\n
\n الشيخ: لا، والموت نقص ولَّا لا؟\n
\n الطالب: طبعًا نقص؛ لأنه من صفات المخلوقين أولًا. \n
\n الشيخ: نعم، هو نقص، ما فيه شك.\n
\n الطالب: (...) محدود للإنس والجن.\n
\n الشيخ: نعم، صحيح، إذَنْ هذا القسم الثالث: تنزيهه عن النقص، والثاني: نقصٌ في الكمال، والأول: نقصٌ في مماثلة المخلوقين.\n
لو قال لنا قائل: هل الله خَلَق نفسَه؟\n
\n طالب: يُقال: هذه أمورٌ غيبيَّة نسكت عنها، أمورٌ غيبيَّة ندركها ولا تمنع (...).\n
\n الشيخ: كفى، كفى، لا.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: ما يصير هذا.\n
\n الطالب: (...) أن الله خلق نفسه لا شك أنه ليس (...).\n
\n طالب: ننفي هذا يا شيخ؛ لأن هذا نقْصٌ.\n
\n الشيخ: نقْص، ما فيه شك.\n
\n طالب: نقول: استعِذْ بالله من الشيطان الرجيم، نأمره بالاستعاذة، هذا من الشيطان.\n
\n الشيخ: نقول: هذا من الشيطان، ولا يمكن أن يَرِدَ هذا؛ هو الأول الذي ليس قَبْله شيءٌ، كيف يكون خَلَق نفْسَه؟!\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: هو خَلَقَ كلَّ شيءٍ، وهو الأول الذي ليس قبله شيءٌ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولُوا: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟» \n ، وعند ذلك يجب على الإنسان أنْ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأنْ يعلم أن الله هو الأوَّلُ الذي ليس قبله شيءٌ، والآخرُ الذي ليس بعده شيء.\n
ما تقول في رجُلٍ سَجَدَ على يَدِهِ، هل يصحُّ سجوده؟\n
\n طالب: ما يصحُّ؛ لأنه فيه استثناء؛ قال: (\n ليس من أعضاء السجود)، واليد من أعضاء السجود.\n
\n الشيخ: تقول: لا يصح.\n
\n الطالب: (...) لم يسجدْ (...) السابع (...) \n «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» (...) على يديه فلا يُعتبر صحيحًا.\n
\n الشيخ: لأن ظاهر الحديث سبعة أعضاء، لا بد كلّ عضو وحدَه، والمؤلف استثنى هذا.\n
ماذا يقول بين السجدتينِ؟\n
\n طالب: اللهم اغفرْ لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارحمني. خمس.\n
\n الشيخ: أعِدْ، ربِّ اغفرْ لي.\n
\n الطالب: ربِّ اغفرْ لي، وارحمني، واهدني، واجبُرني.\n
\n الشيخ: ما معنى المغفرة؟ \n
\n الطالب: المغفرة لنا أنه يغفر الذنوبَ اللهُ سبحانه وتعالى.\n
\n الشيخ: إي، ويش معنى (يغفر الذنوب)؟ أنت تقولها في كلِّ صلاة الآن.\n
\n الطالب: ربنا اغفرْ لي، يا ربِّ اغفرْ لي، يا رب.\n
\n الشيخ: إي، لكنْ ويش معنى (اغفر لي)؟ أنت تسألُ اللهَ شيئًا لا تدري ويش معناه؟\n
\n الطالب: اغفرْ لي الذنوب.\n
\n الشيخ: إي، ويش معنى (اغفر لي)؟\n
\n الطالب: يعني: امسح الذنوب.\n
\n الشيخ: واللهِ غريب، هل يُعقل واحد يدعو الله بشيءٍ لا يدري ويش معناه؟!\n
\n الطالب: يمسح ذنوبي، ربنا يغفر لك ذنوبك.\n
\n الشيخ: معناه؟\n
\n طالب: المغفرة هي ستر الذنب (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، وهذه دائمًا تمرُّ علينا؛ أنَّ المغفرةَ سترُ الذنبِ عن الخَلْقِ والتجاوزُ عن العقاب، ومرَّ علينا وجْهُ مناسبةِ هذا المعنى لِلَّفْظِ؛ لأنه مأخوذٌ من المِغْفَر الذي يوضع على رأسِ الإنسانِ عند الحرب ليستتر به من السهام ويَقِيه. \n

***

يقول: (\n وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).\n
(\n بَارِكْ) فِعْل دعاءٍ كما هو معروفٌ؛ لأنه موجَّهٌ من المخلوق إلى الخالق، وما وردَ بصيغة الأمر موجَّهًا من المخلوق إلى الخالق فهو دعاء؛ لأن المخلوق لا يأمر الخالق.\n
ومعنى (\n بارِكْ على محمَّدٍ) أي: أَنْزِل البَرَكة عليه، ولهذا جاءتْ متعدِّيةً بـ(على) دون اللام، (عليه)؛ أي: أَنْزِل عليه البَرَكة. \n
والبَرَكة: مأخوذة من البِرْكة، وهي مجتمَع الماء، ولا يكون إلَّا على وَجْهِ الكثرةِ والقرارِ والثُّبوتِ، وعليه فالبَرَكة كثرةُ الخيراتِ ودوامُها واستمرارُها، ويشمَلُ البَرَكةَ في العمل والبَرَكةَ في الأَثَر؛ أمَّا البَرَكة في العمل فأنْ يُوفِّق اللهُ الإنسانَ لعملٍ لا يُوفَّق له مَن نُزِعَتْ منه البَرَكة، وأمَّا الأَثَر بأنْ يكون لعملِه آثارٌ جليلةٌ نافعةٌ ينتفع بها الناس. \n
ولا شكَّ أنَّ بَرَكة النبيِّ عليه الصلاة والسلام أنه لا نظيرَ لها، وذلك لأنَّ أمَّته أكثرُ الأُمَم، ولأنَّ اجتهادهم في الخير أكثرُ من اجتهادِ غيرهم، فبُورِكَ له عليه الصلاة والسلام فيمن اتَّبعَه، وبُورِكَ له في عَمَلِ من اتَّبعَه.\n
وقوله: (\n وعلى آلِ محمَّدٍ) سَبَقَ لنا أنَّ الآل إذا أُفرِدتْ تشمَلُ جميعَ الأتباعِ، فالمرادُ بآله أتباعُه، وسَبَقَ لنا الشَّاهدُ من كون الآل بمعنى الأتباع، وهو قوله تعالى: \n {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] \n {آلَ فِرْعَوْنَ} يعني أتباعه. \n
أمَّا إذا قُرِنَت الآلُ بالأصحابِ والأتباعِ صار المرادُ بها المؤمنين من قرابتِه، ولا عَجَبَ أن يكون لِلَّفْظِ معنًى عند الانفراد ومعنًى عند الاقتران؛ فالمسكينُ -مَثَلًا- والفقيرُ بمعنى واحدٍ عند الانفراد، ولكُلِّ واحدٍ منهما معنًى عند الاقترانِ والاجتماعِ، البِرُّ والتقوى كذلك؛ لكُلِّ واحدةٍ منهما معنًى عند الاقتران ويتَّفق معناهما عند الافتراق.\n
الآن (الآلُ) إذا اقترنتْ بالأصحابِ والأتباعِ صار المرادُ بها المؤمنين من قَرابةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهُم بنو هاشمٍ ومَن تفرَّع منهم؛ لأن (الآل) يشمَلُ إلى الجَدِّ الرابع، وأمَّا إذا أُفردَتْ فهي كما قلنا هنا: إن المراد بها أتباعه على دينه.\n
(\n كما باركتَ على آلِ إبراهيم) الكاف هنا -على القول الذي رجَّحْناه فيما مضى في قوله: (كما صَلَّيتَ)- للتَّعليل، وعلى هذا فيكون ذِكْرُها من باب التوسُّلِ بفِعْلِ الله السَّابق إلى فِعْله اللاحق؛ كأنك تقول: كما أنَّك يا ربِّ قد تفضَّلتَ على آلِ إبراهيم وباركْتَ عليهم فبارِكْ على آلِ محمَّد.\n
وقوله: (\n إنك حميدٌ مجيدٌ) الجملة هذه استئنافية تفيد التعليل؛ يعني: دعوناك يا ربِّ بهذا الدعاء لأنك حميدٌ مجيدٌ. \n
(الحميد) فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ وبمعنى مفعولٍ، فهو حامدٌ ومحمودٌ، حامد لِمَنْ؟ حامدٌ لعباده وأوليائه الذين قاموا بأمره، ومحمودٌ يُحْمَدُ عز وجل على ما له من صفاتِ الكمال وجزيلِ الإنعام، يُحمد على الأمْرينِ، فهو لكماله يُحمد ولإنعامه يُحمد أيضًا.\n
وأمَّا (المجيد) فهي فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ؛ أي: ذو المجد، والمجدُ هو العظمةُ والقُوَّة، ويُقال: في كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ. هذا مَثَلٌ مشهورٌ عند العرب، المَرْخُ والعَفَارُ نوعانِ من الشَّجرِ في الحجاز معروفان، يعني أنها أسرعُ الشَّجَرِ انقداحًا إذا ضُرِبتْ بالزَّنْدِ، وإلَّا ففي كُلِّ الأشجار نارٌ كما قال تعالى: \n {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} [يس: ٨٠] المهمُّ أن المجيد معناه ذو المجد، وهي العَظَمةُ وكمالُ السلْطان. \n

***

ثم قال: (\n ويستعيذُ بالله من عذابِ جهنَّمَ ومن عذابِ القبرِ) إلى آخره.\n
قال: (\n ويستعيذ)، فيقول: أعوذُ بالله من عذابِ جهنَّم، والعِياذُ هو الالتجاءُ مِن مكروهٍ أو الاعتصامُ مِن مكروهٍ؛ يعني: أن تعتصم بالله من المكروه. واللِّياذ: أن تلجأ إليه لحصول المطلوب، كما قال الشاعرُ:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

يَـــــــا مَـــنْ أَلُـــــــــوذُ بِـــــــهِ فِيمَـــا أُؤَمِّلُــــهُ	وَمَـــــنْ أَعُــــــــوذُ بِــــــهِ مِمَّــا أُحَــــــاذِرُهُ
لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسِرُهُ	وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ

\n
فجعلَ اللِّياذَ فيما يُؤمَّل، والعِياذَ فيما يُحذَرُ؛ أي مِن الأشياء المكروهة.\n
وقوله: (\n من عذاب جهنم) أي: العذاب الحاصل منها، فالإضافة هنا على تقدير (مِنْ)، فهي جنسيَّة؛ كما تقول: خاتمُ حديدٍ؛ أي: خاتمٌ مِن حديدٍ. ويحتمل أن تكون الإضافة على تقدير (في) أي: عذاب في جهنَّم؛ كما قال تعالى: \n {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} [سبأ: ٣٣] أي: مكرٌ في الليل، والإضافة -كما تعرفون- تأتي على تقدير (مِن)، وعلى تقدير (في)، وعلى تقدير (اللام) وهي الأكثر.\n
(\n من عذاب جهنم). (\n جهنَّم) عَلَمٌ على النَّارِ التي أعدَّها الله عز وجل للكافرين؛ \n {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣١]، وهذه النَّار وَرَدَ من صفاتِها وصفاتِ العذاب فيها في الكتاب والسُّنَّة ما تقْشَعِرُّ منه الجلودُ، والبحث فيها من عِدَّة وجوهٍ:\n
الوجه الأول: هل هي موجودةٌ الآن أو ليستْ بموجودة؟\n
الجواب: موجودةٌ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم عُرِضتْ عليه النَّارُ في صلاة الكسوف وهو يُصلِّي بالنَّاسِ، وكذلك في المعراج رأى النَّارَ أيضًا، والقرآن يدلُّ على ذلك أيضًا كما قال تعالى: \n {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٤] والإعداد بمعنى التهيئة، والفعل كما تعرفونه ماضٍ، فيقتضي أن الإعداد حاصلٌ الآن.\n
البحث الثاني: هلْ هي مؤبَّدةٌ أو مؤمَّدةٌ؛ يعني: هلْ تفنى أو هي دائمة أبدَ الآبدينَ؟\n
الثاني هو المتعيِّن قطعًا أنها مؤبَّدة، ولا يكاد يُعرف عند السَّلفِ سوى هذا القول، ولهذا جَعَله العلماء من عقائدهم؛ من العقيدة أن تؤمِنَ وتعتقد بأن النار مؤبَّدة أبدَ الآبدينَ، وهذا أمرٌ مقطوعٌ به لا شكَّ فيه؛ لأن الله تعالى ذَكَرَ التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن: في سورة النساء في قوله: \n {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٩) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩]، والثاني في سورة الأحزاب: \n {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٥) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب: ٦٤، ٦٥]، والثالث في سورة الجن: \n {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣]، ولو ذَكَرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ التأبيد في موضعٍ واحدٍ من القرآن لكفى، فكيف وهو قد ذَكَرَه في ثلاثة مواضع.\n
ومن العجب أن فِئةً قليلةً من العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناءً على عِلَلٍ عليلةٍ لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسُّنَّة، وحَرَّفوا من أجْلها الكتابَ والسُّنَّةَ فقالوا: إن \n {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أي: ما دامتْ موجودةً. كيف هذا! إذا كانوا خالدين فيها أبدًا لَزِمَ أن تكون هي مؤبَّدةٌ؛ \n {فِيهَا} فهي كائنةٌ، هم كائنون فيها، وإذا كان الإنسانُ خالدًا مؤبَّدًا تخليدُهُ لَزِمَ أنْ يكون مكانُ الخُلود مؤبَّدًا؛ لأنه لو فَنِيَ مكانُ الخلود ما صَحَّ تأبيدُ الخُلود.\n
والآيةُ واضحةٌ جدًّا، والتعليلاتُ الباردةُ المخالفةُ للنصِّ مردودةٌ على صاحبها، ولهذا الخلافُ الذي ذُكِرَ عن فِئةٍ قليلةٍ من أهل العلم خلافٌ مُطَّرَحٌ؛ لأنه مخالفٌ للنصِّ الصَّريح الذي يجب على كُلِّ مؤمنٍ أن يعتقده، ومَنْ خالَفه لشُبْهةٍ قامت عنده فيُعْذَر عند الله، لكن مَن تأمَّل نصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ عَرَفَ أنها مؤبَّدةٌ، والحكمة تقتضي ذلك؛ لأن هذا الكافر أفنى عُمرَه في محاربةِ الله عزَّ وجلَّ ومعصيةِ الله والكفرِ به وتكذيبِ رُسُله، كلَّ عُمرِه، مع أنه جاءه النذيرُ، وأُعْذِرَ، وبُيِّنَ له الحقُّ، ودُعِيَ إليه، وقُوتِلَ عليه، وأصرَّ على الكفر والباطل، كيف نقول: إنَّ هذا لا يؤبَّد عذابُه! والآيات في هذا صريحةٌ، فالحكمة تقتضي هذا لأن عُمرَه كلَّه الذي أُجرِيَ فيه في الدنيا أمضاه في الكفر والتكذيب والاستكبار.\n
البحث الثالث: هلْ عذابها حقيقيٌّ يُؤلِم، أو أنَّ أهلَها يكونون فيها كأنهم حِجارةٌ لا يتألَّمون لأنهم يأخذون مناعةً كما يُقال؟\n
يتعيَّنُ الأول أيضًا، ومَنْ قال خِلافَ ذلك فقد أخطأ وأَبْعَدَ النَّجْعَة، فهُم يُعَذَّبون ويألمون ألَمًا عظيمًا شديدًا كما قال تعالى في عِدَّة آيات: \n {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، حتى إنهم يتمنَّون الموتَ، والذي يتمنَّى الموت هل يُقال: إنه يتألَّم، أو: إنه تأقْلَمَ؟ لو تأقْلَمَ ما تألَّمَ ولا دعا اللهَ أنْ يقضيَ عليه؛ \n {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: ٧٧].\n
إذَنْ هم يتألَّمون بلا شَكٍّ، والحرارةُ الناريةُ تؤثِّر عليهم، تؤثِّر على أبدانهم ظاهرِها وباطنِها؛ قال الله تعالى في كتابه العزيز: \n {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ٥٦]، وهذا واضحٌ أنَّ ظاهر أبدانهم يتألَّم وينضج، يمور، وقال تعالى: \n {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: ٢٩]، والشيُّ معروف، شَيُّ الوجهِ واللَّحم وما أشْبَهَ ذلك معروفٌ، فهُم إذا استغاثوا يُغاثوا بماءٍ كالْمُهلِ بعد مُدَّةٍ طويلة، هذا الماء إذا أقْبَلَ على وجوههم شواها وتساقطتْ والعياذُ بالله، فإذا شَرِبوه قَطَّعَ أمعاءَهم؛ \n {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: ١٥]، وهذا عذابُ الباطن ولَّا الظاهر؟ هذا عذابُ الباطنِ، يُقطِّع الأمعاءَ من الداخل، وقال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في أهونِ أهلِ النَّارِ عذابًا: \n «إِنَّهُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» \n . أعوذ بالله، الدِّماغ يَغْلي، فما بالك بما دونه مما هو أقرب إلى النَّعْلَينِ، وهذا دليلٌ واضحٌ على أنَّهم يتألَّمون وأنَّ هذه النارَ تؤثِّر فيهم، وكذلك قال تعالى: \n {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: ٢٢] الْمُحرِق، والآياتُ في هذا والأحاديثُ كثيرة.\n
البحث الرابع: هل هناك نارانِ: نارٌ لأهل الكُفر، ونارٌ لأهل التوحيد الذين يُعذَّبون فيها ثم يخرجون؟\n
زَعَمَ بعضُ العلماء ذلك وقال: إنَّ النَّارَ نارانِ: نارٌ لأهل الكُفر، ونارٌ لأهل المعاصي من المؤمنين، وبينهما فَرْقٌ. ولكن هذا لا أعلمُ له دليلًا لا من القرآنِ ولا من السُّنَّةِ، والذي أعلمُه أنَّ النَّار واحدةٌ لا تختلف، لكن عذابها يختلفُ؛ لا شَكَّ أنَّها على عُصاةِ المؤمنينَ ليستْ هي على الكافرين؛ بلا شكٍّ أنها تختلف. \n
وكوننا نقول بالتقسيم بناءً على استبعادِ عقولنا أن تكون نارٌ واحدةٌ تؤثِّر تأثيرَيْنِ مختلفَيْنِ، هذا الاستبعادُ لا وَجْهَ له:\n
أولًا: أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ، والله تعالى قادرٌ على أن يجعل النَّارَ الواحدة لشخصٍ سلامًا ولآخرَ عذابًا.\n
وثانيًا: أن أحوال الآخرة لا تُقاس بأحوال الدنيا أبدًا لظهور الفَرْقِ العظيم بينهما، فلا يجوز أن تقيس أحوال الآخرةِ بأحوال الدُّنيا لتنفي ما لا يتَّسعُ له عقلُك، بلْ عليك بالنسبة لأحوال الآخرة أن تُسَلِّم وتقْبل وتُصدِّق. \n
أليستْ هذه الشمسُ تدنو من الخلائق قَدْرَ ميلٍ يوم القيامة، ولو كانت أحوالُ النَّاسِ يوم القيامة كأحوالهم في الدنيا لأحرقتْهم؛ لأنَّ هذه الشمسَ الآن في أوْجِهَا لو أنها نزلتْ ولو يسيرًا أحرقتِ الأرضَ، مَحَتْهَا عن آخرها، ونحن نحسُّ بحرارتها الآن وبيننا وبينها مسافاتٌ عظيمةٌ، ونحسُّ بحرارتها لا سيَّما في أيام الصيف حين تكون عمودية، ومع ذلك تدنو من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميلٍ ولا يحترقون بها.\n
كذلك أيضًا في يوم القيامة؛ الناسُ في مقامٍ واحدٍ، المؤمنون لهم نورٌ يسعى بين أيديهم وبأيمانهمْ والكُفَّارُ في ظُلْمَةٍ، لكنْ في الدنيا لو كان جانبك واحدٌ على يمينه نورٌ وبين يديه نورٌ تنتفع ولَّا ما تنتفع؟ تنتفع، في الآخرة لا.\n
في الآخرة أيضًا يكون العَرَق؛ يَعرقُ النَّاسُ، فيختلف العَرَقُ اختلافًا عظيمًا بينهم وهُمْ في مكانٍ واحدٍ، مِن النَّاسِ مَن يَصِلُ العَرَقُ إلى كعبيه، ومنهم مَن يَصِلُ إلى ركبتيه، ومنهم مَن يَصِلُ إلى حَقْوَيْهِ، ومنهم مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ، وهُم في مكانٍ واحدٍ.\n
فالمهمُّ أنه لا يجوز أن نقيسَ أحوالَ الآخرة بأحوال الدُّنيا، ثم نذهبَ ونُحدِثَ أشياء لم تأتِ في الكتاب والسُّنَّة كتقسيم النَّارِ إلى نارَيْنِ: نارٍ للعُصَاةِ، ونارٍ للكافرين. فالذي بَلَغَنا ووصل إليه عِلْمُنا أنها نارٌ واحدةٌ لكنها تختلف.\n
البحث الخامس: أين النارُ الآن؟ إحنا أثبتْنا أنها موجودةٌ، فأين هي؛ أفي السماء أمْ في الأرض؟\n
نقول: هي في الأرض، ولكنْ قال بعضُ أهل العِلْم: إنَّها هي البحار هذه. وقال آخرون: بل هي في باطن الأرض. والذي يظهر أنَّها في الأرض، ولكنْ ما ندري أين هي مِن الأرض، نؤمنُ بأنها في الأرض ليستْ في السماء، ولكنْ لا نعلم في أيِّ مكانٍ هي على وَجْهِ التعيين.\n
البحث السادس: هل النارُ (جهنَّم) لها أسماء متعدِّدةٌ أو اسمٌ واحد؟\n
الجواب: لها أسماء متعدِّدة، وهذا التعدُّد في الأسماء لاختلاف صفاتها؛ فتُسمَّى الجحيم، وتُسمَّى جهنَّم، وتُسمَّى لَظَى، وتُسمَّى السَّعير، بحسب اختلاف الصفات، والْمُسمَّى واحدٌ، فكلُّ ما صحَّ في كتابِ الله أو سُنَّةِ الرسول صلى الله عليه وسلم من أسمائها فإنه يجب على المؤمن أن يصدِّق به ويُثْبِتَه.\n
قول المصلي: (أعوذ بالله من عذاب جهنَّم) هل المراد أنه يتعوَّذ بالله من فِعْلِ المعاصي المؤدِّيةِ إلى جهنَّم، أو يتعوَّذ بالله من جهنَّم وإنْ عَصَى فهو يطلب المغفرةَ من الله، أو يشمَلُ الأمرينِ؟\n
يشمَلُ الأمرين؛ فهو يستعيذُ بالله من عذاب جهنَّم؛ أي: من فِعْلِ الأسبابِ المؤدِّية إلى عذاب جهنَّم، ومن عذاب جهنَّم؛ أي: من عقوبة جهنَّم إذا فَعَلَ الأسبابَ التي توجِبُ ذلك؛ لأن الإنسان بين أمرينِ: إمَّا عصمةٌ من الذُّنوب فهُنا أعاذه اللهُ من فِعْلِ السببِ، وإمَّا عفوٌ عن الذُّنوبِ وهُنا أعاذه اللهُ من فِعْل السببِ ولَّا من أَثَرِ السبب؟ مِن أَثَر السبب.\n
وقولُنا قبل قليل: العِصْمة من الذُّنوبِ. هذا ليس معناه العصمة المطْلَقة؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: \n «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» \n . وقال: \n «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» \n .\n
ومنْ (\n عذابِ القَبْرِ). \n
ما هو القبر؟ أصل القبر مدفنُ الميِّت؛ قال الله تعالى: \n {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: ٢١]؛ قال ابنُ عباسٍ فيها: أيْ: أَكْرَمَهُ بدفْنِهِ. فأصلُ القبرِ مدفنُ الميِّتِ.\n
وقد يُراد به البرزخُ الذي بين موتِ الإنسان وقيامِ الساعة وإنْ لم يُدفَنْ؛ كما قال تعالى: \n {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠] يعني: مِن وراءِ الذين ماتوا، وأوَّل الآيةِ يدلُّ على هذا؛ \n {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠].\n
فهل الدَّاعي إذا دَعَا: أعوذُ باللهِ من عذابِ القبر. يريد من مدفن الموتى، أو من عذاب البرزخ الذي بين موته وبين قيام الساعة؟\n
الثاني؛ لأنَّ الإنسانَ في الحقيقة لا يدري هل يموتُ ويُدفَنُ، أو يموتُ وتأكلُهُ السِّباعُ، أو يَحترقُ ويكون رمادًا، ما يدري؛ \n {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤]، فاستحضِرْ أنك إذا قلتَ: من عذاب القبر؛ أي: مِن العذاب الذي يكون للإنسان بعد موته إلى قيام الساعة.\n
والبحثُ في عذابِ القبرِ من عِدَّةِ أوجُهٍ:\n
أولًا: هل عذابُ القبرِ ثابتٌ أو غيرُ ثابتٍ؟\n
الجواب: ثابتٌ بصريحِ السُّنَّةِ وظاهرِ القرآنِ وإجماعِ المسلمين؛ ثلاثة أدلَّة.\n
أمَّا صريحُ السُّنَّةِ فهذا الحديثُ وأمثالُه؛ قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: \n «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» \n .\n
وأمَّا إجماعُ المسلمين فلأنَّ جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: أعوذُ باللهِ من عذابِ جهنَّمَ، ومن عذابِ القبر. حتى العامَّة الذين ليسوا من أهل الإجماع ولا من العلماء.\n
وأمَّا ظاهرُ القرآنِ فمثلُ قول الله تعالى في آلِ فرعون: \n {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]؛ قال: \n {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، ثم قال: \n {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، ولا شكَّ أن عَرْضهم على النارِ ليس من أجْلِ أن يتفرَّجوا عليها، بلْ من أجْلِ أن يُصيبهم من عذابها. هذه آية.\n
وقال تعالى: \n {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ} [الأنعام: ٩٣] الله أكبر! إنهم لَشَحيحونَ بأنفسهم ما يريدونَ أن تخرج؛ \n {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} فقال: \n {الْيَوْمَ}، أيش اليوم؟ متى؟ (أل) هنا للعهدِ الحضوريِّ، \n {الْيَوْمَ} يعني اليوم الحاضر اللِّي هو يوم وفاتِهم \n {تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: ٩٣]. \n
إذَنْ فعذابُ القبرِ ثابتٌ بماذا؟\n
\n طالب: بصريحِ السُّنةِ وظاهرِ القرآنِ وإجماعِ المسلمين.\n
\n الشيخ: نعم، طيب، هذا الظَّاهرُ من القرآنِ يكاد يكون كالصَّريح؛ لأن الآيتينِ اللتينِ ذكرناهما كالصَّريح في ذلك.\n
البحثُ الثاني في عذابِ القبر: هلْ هو على البدنِ، أو على الرُّوح، أو عليهما؟\n
الجواب: الأصلُ أنه على الرُّوح؛ لأنَّ الحكْم بعد الموت للرُّوح، والبدنُ جُثَّةٌ هامدةٌ، ولهذا لا يحتاج البدنُ إلى إمدادٍ لبقائه؛ فلا يأكلُ ولا يشربُ، بلْ تأكله الهوامُّ، والأصلُ أنَّه على الرُّوح. \n
لكنْ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنَّ الرُّوحَ قد تتَّصلُ بالبَدَنِ فتُعذَّب. واعتمدوا في ذلك على أنَّ هذا قد رُئِيَ حِسًّا في القبر؛ فقد فُتِحَتْ بعضُ القبور ورُئِيَ أثرُ العذابِ على الجسم، وفُتِحتْ بعضُ القبور ورُئِيَ أثرُ النَّعيمِ على الجسم. \n
وقد حدثني بعضُ النَّاسِ أنَّهم في هذا البلد هنا في عُنَيزة كانوا يَحفِرون للسورِ؛ سورِ البلدِ الخارجي، فمَرُّوا على قبرٍ فانفتح اللَّحْدُ، فوجدوا فيه ميتًا قد أكلتْ كَفَنَه الأرضُ وبقي جسمُه يابسًا؛ لكنْ لم تأكلْ منه شيئًا، حتى إنهم قالوا: إنهم رأوا لِحْيتَهُ وفيها الحنَّاءُ، وفاحَ عليهم رائحةٌ أطيبُ ما يكون من المسك، فتوقَّفوا، وجاؤوا إلى الشيخ -وكان ذلك الوقتَ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين- وسألوه فقال: دَعُوه على ما هو عليه وجنِّبوا عنه؛ احفِروا إمَّا يمين ولَّا يسار.\n
فبناءً على ذلك قال العلماء: إنَّ الرُّوح قد تتَّصل بالبدنِ فيكون العذابُ على هذا وهذا، وربما يُستأنسُ لذلك بالحديث الذي قال فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّ الْقَبْرَ لَيُضَيَّقُ عَلَى الْكَافِرِ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ» \n ، فهذا يدلُّ على أن العذابَ يكون على الجسم، على البَدَن؛ لأن الأضلاع في الجسم. \n

***

(...) بس ثلاثة؟ \n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: اثنين؟ \n
\n طالب: اثنان. \n
\n الشيخ: أظن فيه وجه ثالث.\n
فيه وجه ثالث؟\n
\n طالب: أوَّل شيءٍ قلنا: عذاب القبر ما هو، وقلنا: (...) الميت، قال تعالى..\n
\n الشيخ: ذَكَرْنا القبرَ ما هو، ذكرنا المراد بالقبر.\n
\n الطالب: وقلنا: (...) الميت، قال تعالى..\n
\n الشيخ: هذا ما يدخل في وجوب عذاب القبر، ما يدخل، لكنه نَعَمْ ينبغي أنْ نعرفه أنَّ القبر في الأصل هو مدفنُ الموتى، ويُطْلَق على البرزخ الذي بين موتِ الإنسان وقيامِ الساعة؛ لقوله تعالى: \n {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠]، وهذا له فائدةٌ عظيمةٌ؛ فائدتُه لو أنَّ الإنسان احترق وذَرَتْه الرِّياحُ هلْ يَلْحقه من عذاب القبر شيءٌ أو لا؟ ونجعل هذا هو الثالث من وجوه البحث في عذاب القبر. \n
ذَكَرْنا أنه هلْ هو على الرُّوح أو على الجسم, وقُلْنا: إنَّ الأصل أنه على الروح؛ لأنه كما جاء في حديث المحتضَر إذا نزلتْ ملائكةُ العذابِ لقَبْضِ رُوحه تولَّتْه ملائكةُ العذاب فأخذوه وحنَّطوه بِحَنوطٍ معهم نزل من السماء -والعياذ بالله- حَنوطٌ من النار وكَفَنٌ من النار -نسألُ اللهَ العافيةَ- ومعلومٌ أنَّ الذي تُكفِّنه الملائكة ليس هو الجسم بلْ هو الروح، وهذا يدلُّ على أن الأصل أن العذابَ على الروحِ، لكنْ فيه ما يدلُّ من السُّنةِ على أن الجسم يناله من هذا العذاب؛ فإن الميت الكافر يُضَيَّقُ عليه القبر حتى تختلفَ أضلاعُه كما صحَّتْ بذلك السُّنةُ، وهذا يدلُّ على أن الجسم يناله من هذا العذاب.\n
الوجه الثالث: إذا لم يُدفن الميِّت؛ أكلتْهُ السِّباعُ، أو ذَرَتْهُ الرِّياحُ، أو سقط في اليَمِّ فأكلتْهُ الحيتانُ، فهلْ يكون عليه عذاب؟\n
الجواب: نعم، ويكون العذابُ على الروح؛ لأن الجسد قد زالَ وتَلِفَ وفَنِيَ، وإنْ كان هذا أمْرًا غيبيًّا أيضًا، لا أستطيعُ أنْ أجزِمَ بأنَّ البَدَن لا يناله من هذا العذاب ولو كان قد فَنِيَ واحترقَ؛ لأن الأمْر الأُخرويَّ لا يستطيع الإنسانُ أن يقيسه على الْمُشاهَدِ في الدُّنيا.\n
البحث الرابع: هلْ عذابُ القبرِ دائمٌ أو منقطعٌ؟\n
نقول: أمَّا إنْ كان الإنسانُ كافرًا -والعياذ بالله- فإنه لا طريقَ إلى وصولِ النعيمِ إليه أبدًا، ويكون عذابُهُ مستمِرًّا، وأمَّا إنْ كان عاصيًا وهو مؤمنٌ فإنه إذا عُذِّبَ في قَبْرِهِ يُعذَّبُ بقَدْرِ ذُنوبه، وربَّما يكون عذابُ ذنوبه أقلَّ من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذٍ يكون منقطعًا.\n
وهلْ يُخَفَّفُ بالنسبة للمؤمن العاصي؟\n
الجواب: نعم، قد يُخفَّفُ؛ \n لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقَبْرينِ فقال: «إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، بَلَى إِنَّهُ كَبِيرٌ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ -أو قال: لَا يَسْتَنْزِهُ- مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثم أخَذَ جريدةً رطْبةً فشقَّها نصفينِ، فغَرَزَ في كُلِّ قبرٍ واحدةً وقال: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» \n . وهذا دليلٌ على أنه قد يُخفَّف العذابُ. \n
ولكنْ ما مناسبةُ هاتينِ الجريدتَيْنِ لتخفيفِ العذابِ عن هذينِ المعذَّبَيْنِ؟\n
قيل: لأنَّهما -أي الجريدتينِ- تُسَبِّحانِ ما لم تَيْبسا، والتسبيحُ يُخفِّف من العذاب على الميِّت، وفرَّعوا على هذه العِلَّةِ المستنبَطةِ التي قد تكونُ مُستبْعَدَةً، فرَّعوا عليها أنه يُسَنُّ للإنسانِ أن يذهب إلى القبورِ ويُسَبِّحَ عندها مِن أجْل أن يخفَّف عنها.\n
وقال بعضُ العلماء: هذا التعليلُ ضعيفٌ؛ لأنَّ الجريدتينِ تُسَبِّحانِ، سواءٌ كانَتَا رطْبتينِ أم يابستينِ؛ لقول الله تعالى: \n {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤]، \n {إِنْ مِنْ شَيْءٍ}. وسُمِعَ تسبيحُ الحصى بين يَدَيِ الرَّسولِ عليه الصلاة والسلام مع أنَّ الحصى يابسٌ.\n
إذَنْ ما العِلَّة؟\n
العِلَّة أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم تَرَجَّى مِن الله عز وجل أن يُخفِّف عنهما مِن العذاب ما دامت هاتانِ الجريدتانِ رطْبتينِ؛ يعني أن المدَّة ليست طويلة، الذي رجاه الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك من أجْلِ التحذير عن فِعْلِهما؛ لأن فِعْلَهما كبيرٌ كما جاء في الرواية: \n «بَلَى إِنَّهُ كَبِيرٌ».\n
أحدُهما لا يَسْتبرِئُ من البول، وإذا لم يَسْتبرِئْ مِن البول صَلَّى بطهارة ولَّا بغير طهارة؟\n
\n الطلبة: بغير طهارة.\n
\n الشيخ: طيب، والثاني يمشي بالنميمة فيُفسِد عبادَ اللهِ -والعياذُ بالله- ويُلقِي بينهم العداوةَ والبغضاءَ، فالأمْرُ كبيرٌ، وهذا هو الأقربُ؛ الأقربُ أنها شفاعةٌ مُوَقَّتةٌ تحذيرًا للأُمَّةِ لا بُخْلًا مِن الرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعةِ الدائمةِ، ولكنْ تحذيرًا للأُمَّة.\n
نقول استطرادًا: بعض العلماء -عفا الله عنهم- قالوا: يُسَنُّ أن يضع الإنسانُ جريدةً رطْبَةً أو شجرةً أو نحوَها على القبرِ ليُخَفَّفَ عنه. لكن هذا الاستنباط بعيدٌ جدًّا ولا يجوز: \n
أولًا: أنَّنا لم يُكْشَف لنا أنَّ هذا الرَّجُل يُعَذَّب، أليس كذلك؟\n
\n الطلبة: بلى.\n
\n الشيخ: بخلافِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام.\n
ثانيًا: أنَّنا إذا فَعَلْنا ذلك فقد أسأْنا إلى الميِّت؛ لأننا ظَنَنَّا به ظَنَّ سوءٍ أنه يُعذَّب، وما يُدرينا فلَعلَّهُ يُنَعَّمُ، لعلَّ هذا الميِّت مِمَّنْ مَنَّ اللهُ عليه بالمغفرةِ قبلَ موتِه لوجود سببٍ من أسباب المغفرة الكثيرة، فمات وقد عفا رَبُّ العبادِ عنه، وحينئذٍ لا يستحقُّ عذابًا.\n
ثالثًا: أنَّ هذا الاستنباط مخالفٌ لما كان عليه السلف الصالح الذين هم أعلمُ النَّاسِ مِنَّا بشريعة الله، من هم؟ الصحابة؛ ما فَعَلَ هذا أحدٌ من الصحابة رضي الله عنهم، فما بالُنا نحن نفعله؟!\n
رابعًا: أنَّ الله تعالى قد فتح لنا ما هو خير منه؛ فكان النبيُّ عليه الصلاة والسلام إذا فَرَغَ من دفن الميِّت وَقَفَ عليه وقال: \n «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» \n .\n
البحث الخامس أو المبحث الخامس: هلْ عذابُ القبرِ من أُمُورِ الغيبِ أمْ من أمورِ الشَّهادة؟\n
الجواب أنَّه من أمور الغيب، وكمْ مِن إنسانٍ في هذه المقابر يُعذَّب ونحن لا نَشعُرُ به، وكمْ جارٍ له مُنَعَّمٌ مفتوحٌ له بابٌ إلى الجنةِ ونحن لا نَشْعُرُ به، ما تحتَ القبورِ لا يعلمه إلا علَّامُ الغيوب، فشأنُ عذاب القبر من أمور الغيب، ولولا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبَرَنا ما عَلِمْنا، ولهذا لمَّا \n دَخَلَت امرأةٌ يهوديَّةٌ إلى عائشةَ وأخبرتْها أنَّ الميِّتَ يُعذَّب في قبرِهِ فَزِعَتْ، حتى جاء النبيُّ عليه الصلاة والسلام وأخبَرَتْهُ، وأَقَرَّ ذلك عليه الصلاة والسلام \n .\n
ولكنْ قد يُطْلِع اللهُ تعالى عليه مَنْ شاء مِن عباده مِثْلما أطْلَعَ نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم على الرَّجُلينِ اللذينِ يُعذَّبانِ؛ أحدُهما يمشي بالنميمة، والآخرُ لا يستنزِهُ من البول.\n
والحكمةُ من جَعْلِهِ من أمورِ الغيبِ هي أنَّ الله سبحانه وتعالى أرحمُ الراحمينَ؛ لو كُنَّا نَطَّلِعُ على عذابِ القبورِ لَمِتْنا؛ لأنَّ الإنسان إذا اطَّلعَ على أنَّ أباهُ أو أخاهُ أو ابنهُ أو زوجهُ أو قريبهُ يُعذَّب في القبرِ ولا يستطيعُ فِكَاكَه، هلْ يَقْلق ولَّا يَنْعَم؟ يَقْلَقُ، ما فيه شَكٌّ، ولا يستريح، وهذه مِن نعمة الله سبحانه وتعالى أنَّ الله سَتَرَ علينا عذابَ القبور.\n
ثانيًا: أنَّه سَتَرَ على الميِّتِ أيضًا؛ لو كان هذا الميِّتُ في الدنيا قد سَتَرَ اللهُ عليه ولم نعلمْ عن ذنوبه بينه وبين ربِّه، واللهُ عزَّ وجلَّ يتولَّاهُ، ثم ماتَ وأطْلَعَنا اللهُ على عذابِهِ؛ صارَ في ذلك فضيحةٌ عظيمةٌ له، وصارَ كلُّ إنسانٍ يخافُ، وكلُّ إنسانٍ يمكن أن يُعَيَّر؛ يقال: أنت الآن في المسجد وغدًا في القبر مُعذَّب، شوف، فُلان في المسجد والآن يُعذَّب في قبره. ففيه ستْر مِن الله عز وجل رَحْمة بِمَن؟ بالميِّت.\n
ثالثًا: مِن الحكمة في ذلك أنَّه قد يَصعُب على الإنسان دَفْنُ ميِّته؛ كما يُروى عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام: \n «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ» \n أو كلامٌ هذا معناه، ففيه أنَّ الدَّفْنَ ربما يَصعُب ويشقُّ ولا ينقادُ الناسُ لذلك، وإنْ كان الإنسانُ إذا كان له عذابُ قبرٍ عُذِّبَ ولو على سطح الأرض.\n
الرابع: أنَّه لو كان يُعلَم لم يكنْ للإيمانِ فيه مَزِيَّةٌ، لماذا؟ لأنه يكون مُشاهَدًا، وهو من أمور الغيب التي يُثْنَى على مَن آمنَ بها، ثم إنَّه قد يحمِلُ النَّاسَ على أنْ يؤمنوا كلهم؛ لقوله تعالى: \n {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [غافر: ٨٤]، فإذا رأى النَّاسُ هؤلاء المدفونينَ يسمعونهم يتصارخونَ آمنوا، ما كَفَرَ أحدٌ؛ لأنه الآنَ أيْقَنَ بالعذاب، فكأنَّه رآهُ رأْيَ العينِ كأنه نَزَلَ به، فلم يكنْ للإيمان فائدة. \n
وحِكَمُ الله سبحانه وتعالى عظيمةٌ، والإنسانُ المؤمنُ حقيقةً هو الذي يجزمُ بخبر الله أكثرَ مما يجزمُ بما شاهَدَهُ بعينه؛ لأنَّ خَبَرَ اللهِ عزَّ وجلَّ لا يتطرَّقُ إليه احتمالُ الوهم ولا الكذب، وما تراه بعينك يُمْكن أن تتوهَّمه؛ كمْ مِن إنسانٍ شَهِدَ أنَّه رأى الهلالَ وإذا هي نجمةٌ، كمْ مِن إنسانٍ شَهِدَ أنه رأى الهلالَ وإذا هي شعرةٌ بيضاءُ على حاجبه، هذا وَهْمٌ ولَّا حقيقة؟\n
\n الطلبة: وهم.\n
\n الشيخ: كم مِن إنسانٍ يرى شَبَحًا فيقول: هذا إنسانٌ مُقبِلٌ، يَلَّه يا جماعة، السلاحَ السلاحَ، أقْبَلَ العدوُّ. وإذا هو جِذْع نخلةٍ، ما فيه عدوٌّ ولا أقْبَلَ عليه أحدٌ، هذا واقع ولَّا غير واقع؟\n
\n الطلبة: واقع.\n
\n الشيخ: نعم، وكمْ من إنسانٍ يرى السَّاكنَ متحرِّكًا والمتحرِّكَ ساكنًا، لكنَّ خبَرَ اللهِ ما يتطرَّق إليه الاحتمالُ أبدًا، ولهذا -نسألُ الله أن يمنَّ علينا وعليكم بالثبات- المؤمنُ يرى خَبَرَ اللهِ أشدَّ مما يراه بعينه مِن قَبولِهِ والإيمانِ به، نسألُ اللهَ أن يُثبِّتَنا جميعًا، فخَبَرُ اللهِ بهذه الأمور نحن نقول: أشدُّ من المشاهَدةِ، مع ما في الستر من هذه المصالحِ العظيمةِ، فلذلك صارَ عذابُ القبرِ مستورًا -ولله الحمد- من أجْل هذه المصالحِ العظيمةِ للخَلْق.\n
قال: ومِن (\n فتنةِ المحيا والمماتِ) انتبهوا لهذا، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ على رسول الله، ما أنصَحَهُ للأُمَّةِ! يستعيذُ بالله من فتنةِ المحيا والممات. \n
فتنةُ المحيا والمماتِ تعني اختبار المرْءِ في دينه في حياتِهِ وفي مماتِهِ، وسيأتي -إنْ شاء الله- الاختبارُ في المماتِ هلْ هو سؤالُ الملَكينِ الميتَ أو فتنةٌ أُخرى في الحياة لكنها عند الموت.\n
فتنةُ الحياة يا إخواني عظيمةٌ وشديدةٌ، وقلَّ من يتخلَّص منها إلا مَنْ شاء الله خلاصَهُ، أسألُ اللهَ أن يجعلني وإيَّاكم مِمَّن يتخلَّص منها. \n
فتنةُ المحيا تدور على شيئينِ: شُبُهات، وشَهَوات؛ إما شُبُهات تَعرِض للإنسان فيلتبس عليه الحقُّ بالباطلِ فيَرى الباطلَ حقًّا والحقَّ باطلًا، وإذا رأى الحقَّ باطلًا تجنَّبه، وإذا رأى الباطلَ حقًّا فَعَلَهُ، وهذه فتنةٌ عظيمةٌ؛ ما أكثرَ الذين يَرَوْنَ الرِّبا حقًّا فينتهكون! ما أكثرَ الذين يَرَونَ غِشَّ النَّاسِ شطارةً وجَودةً في البيع والشراء فيغشُّون! هذه فتنة، ما أكثرَ الذي يرى النَّظَرَ إلى النساءِ تلذُّذًا وتمتُّعًا وحريَّةً فيُطْلق نفْسَه في النظر إلى النساء! بلْ ما أكثرَ الذي يشربُ الخمرَ ويراه لذَّةً وطربًا! وما أكثرَ الذين يَرَوْنَ آلات اللَّهو والمعازفَ فنًّا يُدرَسُ ويُعطى عليه شهادات ومراتب، كلُّ هذا من فتنةِ المحيا؛ إمَّا شُبْهةٌ تَعرِض للإنسان ولا يعرفُ الحقَّ من الباطلِ، وإمَّا شهوةٌ -والعياذُ بالله- وهي أشَدُّ، شهوة؛ يعرفُ الحقَّ ولكنْ لا يتَّبعه، ويعرفُ الباطلَ ولكنْ ينتهكُه ولا يُبالي به، هذه فتنةٌ عظيمةٌ ما أكثرَ مَن فُتِنَ بها، ولهذا يُشرَع للإنسانِ أنْ يستعيذ بالله من فتنةِ المحيا.\n
وأمَّا فتنةُ المماتِ فاختلفَ فيها العلماءُ على قولينِ:\n
منهم مَن قال: إنَّ فتنةَ المماتِ سؤالُ الملَكَينِ الميِّتَ في قَبْرِه عن ربِّهِ ودينِهِ، ونبيِّهِ؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أو قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» \n ، يؤتَى الميِّتُ ويُسألُ: مَن ربُّكَ؟ ما دينُكَ؟ من نبيُّكَ؟ أمَّا مَنْ كان إيمانُهُ في الدنيا خالصًا -أسألُ اللهَ أنْ يجعلني وإيَّاكُمْ منهم- فهذا يَسْهل عليه الجواب؛ فإذا سألوا: مَنْ ربُّك؟ قال: ربِّي الله. مَنْ نبيُّك؟ قال: نبيِّي محمَّد. ما دينُك؟ قال: ديني الإسلام. بكلِّ صراحةٍ وبكلِّ سُهولة، وأمَّا غيره -والعياذُ بالله- فإذا سُئلَ قال: هاهْ هاهْ، لا أدري، سمعتُ الناسَ يقولون شيئًا فقُلْتُه \n . نعوذ بالله، ما دَخَلَ الإيمانُ قلْبَه.\n
وتأمَّلْ قولَه: هاهْ، هاهْ. كأنَّه كان يعلمُ شيئًا فنَسِيَهُ، وما أشَدَّ الحسرةَ في شيءٍ عَلِمْتَه ثم نسيتَه؛ لأن الجاهلَ لم يكسبْ شيئًا، لكن النَّاسي كَسَبَ الشيءَ فخَسِرَهُ، أمَّا الجاهل لم يكسبْ شيئًا، يهونُ عليه الأمْر، لكن هذا يقول: هاهْ، هاهْ. كأنَّه تفطَّنَ، فيُحال بينه وبين الجوابِ الصحيحِ والعياذُ بالله، والنهاية والنتيجة يقول: لا أدري مَنْ ربِّي، ما ديني، مَنْ نبيِّي، سمعتُ الناسَ يقولون شيئًا فقلتُه. لكن ما هناك إيمان، هذه فتنةٌ عظيمةٌ أسألُ اللهَ أنْ يُنَجِّيني وإيَّاكم منها، هذه الفتنة تدور في الحقيقةِ على ما في القلْب؛ إذا كان القلْبُ مؤمنًا حقيقةً يرى أمورَ الغيبِ رأْيَ العينِ فهذا يُجيب بكلِّ سُهولة، وإنْ كان الأمرُ بالعكسِ فالأمْر بالعكسِ، فهذه فتنةٌ عظيمةٌ قال بعضُ العلماءِ: إنها هي المرادةُ بقوله: مِن فتنةِ الممات.\n
وقيل: المراد بفتنة المماتِ ما يكون عند الموتِ في آخِرِ الحياةِ، ونصَّ عليها وإنْ كانتْ مِن فتنة الحياة لعِظَمِها وأهمِّيتها، كما نصَّ على فتنة الدجَّال مع أنها من فتنة المحيا، فهي فتنةُ مماتٍ؛ لأنها قُرْبُهُ، وخُصَّتْ بالذِّكْر لأنها أشَدُّ ما يكون وأعظمُ ما يكون؛ وذلك أنَّ الإنسانَ عند موتِهِ هي -كما يقال- ساعةُ الصِّفْر، ساعةُ الوداع، وداع حقولِ العمل، انتهى كلُّ شيءٍ الآنَ، في هذه اللحظة تصفيةٌ؛ إِمَّا سعادةٌ وإمَّا شقاوةٌ؛ \n «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ» \n ، فالفتنةُ عظيمةٌ، وأشَدُّ ما يكونُ الشيطانُ حرصًا على إغواءِ بني آدمَ في تلك اللحظةِ، والمعصومُ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ، يأتي إلى الإنسان في هذه الحالِ الحرِجَةِ التي لا يتصوَّرها إلا من وقع فيها، ما يتصورها الإنسانُ لشِدَّتها؛ \n {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [القيامة: ٢٦ - ٣٠]، حالةٌ حَرِجةٌ عظيمةٌ، الإنسانُ فيها ضعيفُ النَّفْسِ، ضعيفُ الإرادةِ، ضعيفُ القوَّةِ، ضيِّقُ الصَّدرِ، يأتيه الشيطانُ يغويه لأنَّ هذا وقتُ المغنم للشيطان، حتى إنَّه -كما قال أهل العلم- قد يَعرِضُ للإنسانِ الأديانَ اليهوديَّةَ والنصرانيَّةَ والإسلاميَّةَ بصورةِ أبَوَيْهِ يعرضانِ عليه الإسلامَ واليهوديَّةَ والنصرانيَّةَ، ويُشيرانِ عليه باليهوديَّةِ أو بالنصرانيَّةِ، أبواه يُمثِّلُهما الشيطانُ له، والشيطانُ يمكن يمثِّل أيَّ واحدٍ إلَّا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ويش تَرَوْنَ في هذه الحالِ؟ فتنة ولَّا لا؟ فتنةٌ، أعظمُ الفِتَنِ؛ أمُّه وأبوه اللِّي هو يرى أنهما أنصح الناس له يقولان: صِرْ يهوديًّا ولَّا نصرانيًّا، ينسى الإسلامَ لأنه في ضيقٍ، في حَرَجٍ، لكن هذا -والحمد لله- لا يكون لكلِّ أحدٍ.\n
حتى لو كان الإنسانُ لا يتمكَّن الشيطانُ من أن يَصِلَ إلى هذه الدرجة معه، لكنْ مع ذلك يُخشى عليه منه؛ يقال: إنَّ الإمام أحمد وهو في سَكَراتِ الموتِ يُسمَع يقول: بَعد، بَعد، فلمَّا أفاق قيل له في ذلك فقال: إنَّ الشيطانَ كان يعضُّ أنامِلَهُ يقول: فُتَّني يا أحمد. الله أكبر! يعضُّ أناملَه ندمًا وحسْرةً؛ كيف ما أغوى الإمام أحمد! فيقول له: بَعد، بعدُ. ويش معنى: بَعد، بَعد؟ إلى الآن ما خرجت الرُّوح، ما دامت الرُّوح في البدن كلُّ شيءٍ واردٌ، كلُّ شيءٍ محتمَلٌ، ربَّنا لا تُزِغْ قلوبَنا بعد إذْ هَدَيْتَنا، ففي هذه الحال فتنةٌ عظيمةٌ جدًّا، ولهذا نصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليها؛ قال: \n «مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» \n ؛ لأنها فتنةٌ عظيمةٌ، وعليها مدارُ السعادة والشقاوة. \n

***

\n الطالب: (...) (\n وعنْ يسارِهِ كذلك).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سَبَقَ لنا أنَّ الإنسان في آخر التشهُّدِ الأخيرِ خاصَّةً يستعيذُ بالله من أربعٍ: من عذابِ جهنَّم، ومن عذابِ القبرِ، ومن فتنةِ المحيا والمماتِ، ومن فتنةِ المسيحِ الدجَّالِ، وآخر ما تكلَّمْنا عليه فتنة المحيا والممات، وذَكَرْنا أن فتنةَ المحيا تدور على شيئينِ: الشُّبهة والشهوة:\n
فالشُّبهةُ أن يلتبسَ الحقُّ على المرْءِ حتى لا يميز بين الحقِّ والباطلِ، وهذا دَوَاؤُهُ العلمُ. \n
والشهوةُ أن يكون الإنسانُ له إرادةٌ خلاف مرادِ الله سبحانه وتعالى، سواءٌ كانتْ في المالِ، أو في المساكنِ، أو في الثيابِ، أو المراكبِ، أو في النساءِ، أو في غير ذلك، المهمُّ أنها شهوةٌ؛ يعني أنْ يريدَ خلافَ ما يرضاه الله عز وجل، ودواءُ هذه خشيةُ اللهِ عزَّ وجلَّ وتقواه والإنابةُ إليه. فإذا وُقِيَ الإنسانُ الفِتْنتَينِ: فتنة الشهوة وفتنة الشُّبهة، حصلتْ له النجاةُ. \n
وذَكَرْنا فتنةَ المماتِ وأنَّ فيها تفسيرينِ: التفسيرُ الأوَّلُ: الفتنةُ التي تكون عند الموت، والثاني: التي تكون بعد الموت، وهي سؤال الملَكَينِ الإنسانَ عن ربِّهِ ودينِهِ ونبيِّهِ، ولا مانعَ من أن نقول بأنَّها تشملُ الأمْرينِ جميعًا، ويكونُ دخولُ الفتنةِ التي قبلَ الموتِ وعند الموتِ نُصَّ عليها؛ لأنَّها أعظمُ فتنةٍ تَرِدُ على الإنسان، وذَكَرْنا ما يُخشى منها من سوءِ الخاتمةِ -والعياذُ بالله- إذا لم يُجِرِ اللَّهُ العبدَ من هذه الفتنة.\n
أمَّا الملَكَانِ ففتنتُهما نبحثُ فيها من وُجوهٍ:\n
الوجه الأول: هلْ هذه الفتنةُ حقيقيَّةٌ؛ يعني هذا الاختبار حقيقيٌّ بمعنى أنَّ الإنسان يُجْلَسُ في قبرِهِ ويُناقَش، أو أنه خياليٌّ؟\n
نقول: هو حقيقيٌّ بلا شَكٍّ وأنَّ الإنسانَ في قبرِهِ يُجْلَسُ ويُناقَشُ ويُسأل.\n
فإنْ قال قائلٌ: إنَّ القبرَ محدودٌ ضيِّقٌ، كيف يُجلَس؟\n
فالجواب على هذا أنَّ الواجبَ على المؤمنِ في الأُمورِ الغيبيَّةِ أنْ يَقْبلَ ويُصدِّقَ ولا يَسألَ عمَّا وراءَ ذلك، بلْ يقول: سَمِعْنا وآمنَّا وصدَّقْنا وقَبِلْنَا، ولا يسأل: كيفَ؟ ولِمَ؟؛ لأنه لا يسألُ عن كيفَ ولِمَ إلَّا مَنْ شَكَّ، وأمَّا مَنْ آمنَ وانشرحَ صدرُهُ لأخبارِ الله ورسوله فيُسَلِّمُ على طول ويقول: اللهُ أعلمُ بكيفيَّةِ ذلك.\n
ثانيًا نقول: تَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَن بعد الموت ليس كتعلُّقِها به في حال الحياة، بلْ إنَّ تَعَلُّقَ الرُّوحِ بالبَدَنِ في حالِ النومِ ليس كتَعَلُّقِها به في حالِ اليقظة؛ فللرُّوحِ مع البَدَن شؤونٌ عظيمةٌ ما يُدْرِكُها الإنسانُ، تَعَلُّقُها بالبَدَنِ بعد الموتِ لا يُمْكن أنْ يُقاس بتَعَلُّقها به في حال الحياة، وها هو الإنسانُ في منامِهِ يرى أنه ذَهَبَ وجاءَ وسافرَ وكَلَّمَ أُناسًا والْتَقَى بأُناسٍ أحياءٍ وأمواتٍ، ويرى أنَّ له بُسْتانًا جميلًا أوْ دارًا مُوحِشةً مُظْلِمةً، ويرى أنه راكبٌ على سيَّارةٍ مُريحةٍ، ويرى مرَّةً أنه صَدَمَ ومرَّةً أنه صُدِم، كلُّ هذا يمكن مع أنَّ الإنسانَ على فِراشِهِ ما تَغيَّرَ، حتى الغطاء الذي عليه لم يتغيَّرْ، وهو رايح وجاي ويركب ويُكلِّم، ومع ذلك هو في مكانه، وهذا أمْرٌ يكون حقًّا إذا كانتْ رؤيا صالحةً، حتى إنَّه حدثني بعضُ الناسِ أنَّه إذا رأى الرُّؤيا جاءتْ في اليقظةِ تمامًا، ما هي ضَرْب مَثَل، تأتي كما رأى، ولذلك يقول: أنا أتوحَّش دائمًا مما أرى، وأُحِبُّ ألَّا أرى شيئًا أو أنْ يُنسيني اللهُ إيَّاهُ؛ لأنَّه يقول: يجيء كما شاهَدَ في المنام، ومع ذلك فإننا نحسُّ بهذا إحساسًا ظاهرًا.\n
فتَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَنِ بعد الموتِ يُخالِف تَعَلُّقَها به في اليقظةِ أو في المنامِ، ولها شأنٌ آخرُ ما نُدرِكُه نحن، فالإنسانُ يُمْكن أنْ يُجْلَسَ في قَبْرِهِ ويُساءل ولو كان القَبْرُ محدودًا ضيِّقًا، إذَن الفتنةُ حقيقةٌ؛ يُسأَلُ المرْءُ عن ثلاثة أشياء: عن ربِّه، ودينه، ونبيِّه.\n
وسَبَقَ لنا ذِكْرُ كيفيَّةِ الجوابِ مِن المسؤولِ وأنَّ المؤمنَ يقول: ربِّي اللهُ، وديني الإسلامُ، ونبيِّي محمَّدٌ. وأمَّا الكافرُ أو المرتابُ فيقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعتُ النَّاسَ يقولون شيئًا فقلتُه. \n

***

أمَّا الرابعةُ قال: ومِنْ (\n فِتْنةِ المسيحِ الدجَّالِ).\n
(\n المسيح) فَعِيلٌ بمعنى مفعولٍ مِن المسْحِ؛ لأنه كان يمسحُ الأرضَ لسُرعةِ سيرِهِ فيها، أو لأنه كان ممسوحَ العينِ؛ لأنه أعورُ العينِ اليُمنى، كأنَّ عينَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ أو عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ، إمَّا (طافيةٌ) أو (طافئةٌ)، إن كانت (طافئة) فهي خابِيةٌ؛ يعني: كأنها غائرةٌ، وإن كانت هي (طافية) بالياء فهي كالعِنَبةِ الطافيةِ فوق الماءِ؛ أي إنها ناتئة.\n
على كُلِّ حالٍ هذا المسيحُ الدجَّال فِتنتُه مِنْ فتنةِ الدُّنيا؛ لأنه لا يَفتِنُ إلَّا الأحياءَ، الأمواتُ قد سَلِموا منه.\n
فإنْ قال إنسانٌ: إذا كان مِنْ فتنةِ الدُّنيا أو مِن فتنةِ المحيا، فلماذا ذُكِرَ وحده؟\n
والجوابُ على هذا سهلٌ؛ لأنَّ أعظمَ فتنةٍ على وَجْهِ الأرضِ منذُ خُلِقَ آدمُ إلى قيامِ الساعةِ فتنةُ الدجَّال كما قال ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولهذا ما مِنْ نبيٍّ مِنْ نوحٍ إلى محمَّدٍ -صلواتُ الله عليهم وسلامُه- إلَّا أنذره قومَه تنويهًا بشأنِهِ وتعظيمًا له وتحذيرًا منه، وإلَّا فإنَّ الله يعلم أنه لنْ يخرجَ إلَّا في آخِرِ الزمانِ، لكنْ أُمِرَ الرسلُ أن يُنذِروا قومَهم إيَّاهُ من أجْلِ أنْ يتبيَّن عِظَمُه وفداحتُه، وقد صحَّ ذلك عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام وقال: \n «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ» صلواتُ الله وسلامُه عليه، يعني: أكفيكم إيَّاهُ. \n «وَإِلَّا فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» \n ، نِعْمَ الخليفةُ.\n
فهذا الدجَّالُ شأنُهُ عظيمٌ مِن أعظمِ بلْ هو أعظمُ فتنةٍ كما جاء في الحديث منذُ خُلِقَ آدمُ إلى أن تقومَ الساعةُ، فكانَ حَرِيًّا بأنْ يُخَصَّ مِن بينِ فِتَنِ المحيا. \n
ومِنْ (\n فتنةِ المسيحِ الدجَّالِ).\n
وأمَّا (\n الدجَّالُ) فالدجالُ مأخوذٌ من الدَّجَل، وهو التمويهُ؛ لأنَّ هذا مُمَوِّهٌ وأعظمُ مُمَوِّهٍ وأشدُّ الناسِ دَجَلًا كما سيأتي -إن شاء الله- من البحث فيه.\n
البحث فيه من أمور:\n
أولًا: هذا المسيحُ الدجَّالُ هو من علاماتِ الساعةِ، هذا باعتبارِ زمنِهِ، ولكنَّه غيرُ مُحدَّدٍ، لا نَعْلمه؛ لأنَّه لا يَعلمُ متى تكون الساعةُ إلَّا الله، فكذلك أشراطُها ما نَعْلم منها إلَّا ما ظَهَرَ، فوقْتُ خروجِهِ غيرُ معلومٍ لنا، لكنَّنا نعلمُ أنه مِن أشراطِ الساعة.\n
أمَّا مكانُهُ فإنَّه يخرجُ من المشرقِ جِهَة الفِتَنِ والشَّرِّ كما قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: \n «الْفِتْنَةُ هَاهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ» \n ، فالمشرقُ مَنْبعُ الشَّرِّ والفِتَنِ، يخرجُ من المشرقِ من خُراسانَ مارًّا بأصفهانَ، داخلًا للجزيرةِ من بينِ الشامِ والعراقِ، ليس له هَمٌّ إلَّا المدينة، أكبرُ هَمِّهِ المدينةُ؛ لأنَّ فيها البشيرُ النذيرُ عليه الصلاة والسلام، فيُحِبُّ أنْ يقضي على أهل المدينةِ، ولكنَّها ممنوعةٌ منه مُحرَّمةٌ عليه كما ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام؛ على كلِّ بابٍ منها ملائكةٌ يحفظونها \n ، هذا الرجُل يَخْرجُ خَلَّةً بين الشامِ والعراقِ، ويَتْبعُهُ من يهودِ أصفهانَ سبعونَ ألفًا؛ يهود أصفهان اللِّي في إيران الآن، سبعونَ ألفًا يتْبعونه لأنهم جنودُه، هم اليهودُ مِن أخبثِ عباد الله، وهو أضلُّ عباد الله، فيَتْبعونه ويُؤْوُونه وينصرونه، ويكونونَ مَسَالِحَ له -أي: جنودًا مُجَنَّدينَ- هُمْ وغيرُهم مِمَّن يتبعه، قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: \n «يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا، يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا» \n . يُثَبِّتُنا عليه الصلاة والسلام لأنَّ الأمْرَ خطيرٌ. \n
وقال عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ» فَلْيبعدْ \n «فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ بِمَا يُلْقِي مِنَ الشُّبُهَاتِ» \n ؛ يأتيهِ الإنسانُ يقول: أنا أبَدًا هذا لَنْ يُضِلَّني ولنْ أتأثَّر به، ولكنْ لا يزالُ يُلْقِي فيه مِن الشُّبُهاتِ حتى يتَّبعهُ والعياذُ بالله.\n
فإذَن البحثُ فيه من وجوهٍ: أولًا: زمنُ خروجهِ لا يُعلَم، لكنه من أشراطِ الساعة، أمَّا مكانُه فمِن المشْرقِ، وأمَّا اتجاهُهُ فإلى المدينةِ، أكبرُ هَمٍّ له أنْ يصِلَ إلى المدينة ولكنَّ الله يحميها منه ولله الحمد، وأمَّا دَعْوته فقدْ ذُكِر أنه أولَ ما يخرجُ يدعو إلى الإسلام ويقول: إنه مسلمٌ، ويُنافِحُ عن الإسلام، ثم بعد ذلك يَدَّعي النُّبُوَّةَ وأنه نبيٌّ، ثم بعد ذلك يَدَّعي أنه إِلَهٌ، أعوذُ بالله، فهذه دَعْواه، نهايتُها بدايةُ فرعون؛ وهي ادِّعاءُ الربوبيَّةِ وأنه الربُّ.\n
ولكنْ مِن حِكْمة الله عز وجل أنَّ الله سبحانه وتعالى يُعطيه آياتٍ فيها الفِتَنُ العظيمةُ؛ فإنه يأتي إلى القومِ يدْعوهم فيتَّبعونه، فيُصبحونَ وقد نَبَتَتْ أراضيهم وشبعتْ مواشيهم، فتعودُ إليهم أَوْفَرَ ما تكونُ لبنًا وأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا؛ يعني أنهم يعيشون برَغَدٍ لأنهم اتَّبعوه، ويأتي القومَ فيدْعوهم فلا يتَّبعونه، فيُصبحونَ مُمْحِلينَ ما في أراضيهم شيءٌ، وهذه فتنةٌ عظيمةٌ لا سِيَّمَا في الأعراب، الأعرابيُّ يفتتنُ بهذا افتتانًا عظيمًا. \n
ويَمُرُّ بالخربةِ فيقول: أخْرِجِي كُنُوزَكِ. أمْرٌ؛ أخْرِجِي كُنُوزَكِ. فتَخرجُ كُنُوزُها تَتْبَعُهُ كيعاسيبِ النَّحلِ، تَتْبعُهُ مِنْ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ وغيرِها بدونِ آلاتٍ وبدونِ شيءٍ، فتنةٌ مِن الله عز وجل، فالفتنةُ عظيمةٌ جدًّا، هذه معاملتُه لأهلِ الدنيا، اللِّي يتمتَّع بالدنيا أو يَبأس فيها.\n
أمَّا المآلُ فإنَّ الله تعالى جعلَ معه جنةً ونارًا بحسبِ رُؤْيا العينِ، لكنْ جَنَّتُهُ نارٌ، ونارُهُ جنَّةٌ، مَنْ أطاعهُ أدخله هذه الجنَّةَ فيما يرى الناسُ ولكنَّها نارٌ مُحرِقةٌ والعياذُ بالله، ومَنْ عصاهُ أدخله النارَ فيما يراه الناسُ ولكنَّها جنَّةٌ وماءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ.\n
إذَنْ يحتاج الأمرُ إلى تثبيتٍ من الله عز وجل، إنْ لم يُثَبِّتِ اللهُ المرءَ هَلَكَ وضَلَّ، فيحتاج إلى أنْ يُثَبِّتَ اللهُ المرْءَ على دِينِهِ ثباتًا قويًّا تامًّا.\n
يَخرُجُ إليه رجُلٌ من الناسِ شابٌّ فيقول له: أنتَ الدجَّالُ الذي ذَكَرَ لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. يقول ذلك، فيدْعوهُ فيأْبَى أنْ يَتَّبعه. \n

","SearchText":" قرابته صلي الله عليه وسلم، فخرج بذلك ساءر الناس، وخرج بذلك كل من كان كافرا من قرابه النبي صلي الله عليه وسلم، فيقول هذا القاءل: اله: المءمنون من قرابته. ولكن الصحيح الاول وان الال هم الاتباع، نعم لو قرن الال بغيره فقيل: علي محمد واله واتباعه، صار المراد بالال المءمنين من قرابته. ( وعلي ال محمد كما صليت علي ال ابراهيم ). ( كما صليت ) الكاف هنا للتشبيه او للتعليل؟ ولننظر، فاكثر العلماء يقولون: انها للتشبيه، وهءلاء فتحوا علي انفسهم ايرادا يحتاجون الي الجواب عنه، وذلك لان القاعده ان المشبه دون المشبه به، وعلي هذا فانت سالت الله صلاه علي محمد واله دون الصلاه علي ال ابراهيم، ومعلوم ان محمدا واله افضل من ابراهيم واله، فلذلك حصل الاشكال؛ لان هذا يعارض القاعده المتفق عليها وهي ان المشبه ادني من المشبه به. واجابوا عن ذلك باجوبه منها: ان ال ابراهيم يدخل فيهم محمد عليه الصلاه والسلام لانه من اله؛ فابراهيم ابوه، فكانه سءل للرسول عليه الصلاه والسلام الصلاه مرتين: مره باعتبار الخصوص (اللهم صل علي محمد)، ومره باعتبار العموم (كما صليت علي ال ابراهيم)، ولكن هذا جواب فيه شيء، وليس بواضح. والقول الثاني: ان الكاف للتعليل، وان هذا من باب التوسل بفعل الله السابق الي فعل اللاحق؛ يعني: كما انك سبحانك سبق الفضل منك علي ال ابراهيم فالحق الفضل منك علي محمد واله. وهذا لا يلزم ان يكون هناك مشبه ومشبه به. فان قال قاءل: وهل تاتي الكاف للتعليل؟ قلنا: نعم، تاتي للتعليل، استمع اليها من كلام العلماء واستمع الي مثالها؛ قال ابن مالك: شبه بكاف وبها التعليل قد يــعني وزاءـــــــــدا لتـــــوكــــيد ورد فافاد بقوله: (وبها التعليل قد يعني) انه قد يقصد بها التعليل. واما المثال فكقوله تعالي: {كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم} [البقره: ١٥١]؛ فان الكاف هنا للتعليل، معلله لما سبق. مثال اخر: قوله تعالي: {واذكروه كما هداكم} [البقره: ١٩٨] اي: لهدايتكم. وان كان يجوز فيها التشبيه؛ يعني: واذكروه الذكر الذي هداكم اليه. فهذا الوجه -اعني ان الكاف في قوله: ( كما صليت ) للتعليل- من باب التوسل بالفعل السابق الي تحقيق الفعل اللاحق، هذا هو الوجه الاصح الذي لا يرد عليه اشكال. طالب: في التشهد الاول اذا اطال الامام؟ الشيخ: اذا اطال الامام في التشهد الاول فلا باس ان تستمر. الطالب: يعيد ولا يستمر؟ الشيخ: لا، يستمر، وبعض العلماء يقول: يعيد. ولكن اذا استمر فلا حرج. الطالب: ولا يسكت؟ الشيخ: لا، ما يسكت. طالب: شيخ، احسن الله اليك، والذين قالوا: انه نصلي علي النبي بعد التشهد. اقول: بم استدلوا، احسن الله اليك؟ الشيخ: استدلوا بقولهم: يا رسول الله، علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك اذا صلينا عليك في صلاتنا؟ قال: «قولوا: اللهم صل...» . طالب: ما استدلوا باتيان الصلاه تابعه للشهاده، فكانك اذا شهدت له بالرساله كانك تصلي عليه؟ الشيخ: لا، هذا ما هو مطرد. طالب: (...) اللهم صل علي ابراهيم وعلي ال ابراهيم (...). الشيخ: كما صليت علي ابراهيم. الطالب: وعلي ال ابراهيم. الشيخ: اي، قلنا: نبغي نبحث ان شاء الله. طالب: ويستثني منه يا شيخ (...) حديث التشهد ابن مسعود قال: «ثم يتخير من الكلام ما شاء» . الشيخ: من الدعاء، هذا في الاخير. *** (...) نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. يقول المءلف: انه يسجد علي سبعه اعضاء، فما هي هذه الاعضاء؟ طالب: اليدان ثم الركبتان ثم (...). الشيخ: يداه اولا، ثم ركبتاه.. طالب: رجلاه ثم ركبتاه؛ اربعه، ثم يداه، ثم الجبهه معهم. الشيخ: كيف يقول: يسجد علي رجليه، وهو لا يزال قاءما علي رجليه؟ الطالب: يعني في حال سجوده قد يرفعهما، قال المءلف توكيدا علي انه يضعهما علي الارض. الشيخ: طيب، وايضا السجود علي القدمين ليس كالوقوف عليهما؛ الوقوف علي بطونهما، والسجود علي اطراف القدمين. ما هو الدليل علي وجوب السجود علي هذه الاعضاء السبعه؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «امرت ان اسجد علي سبعه اعظم» . الشيخ: كمل. الطالب: الرجلين؟ الشيخ: لا. الطالب: الانف؟ الشيخ: لا، لفظ الحديث. طالب: الجبهه مع الانف؟ الشيخ: لا. الطالب: الكفين، والركبتين، والجبهه مع الانف، واطراف القدمين. الشيخ: لا، ما هو هذا لفظ الحديث، هذا معناه، لكن نوده باللفظ احسن. طالب: الجبهه -واشار النبي صلي الله عليه وسلم الي انفه- والكفين، والركبتين، واطراف القدمين. الشيخ: لماذا اشار النبي صلي الله عليه وسلم الي انفه ولم يعده عضوا مستقلا؟ طالب: لان الانف تابع للجبهه؛ فاشار اليه باعتبار انه عظم واحد. الشيخ: فاشار اليه لءلا يظن الظان ان المراد الجبهه فقط، ولم يعده عضوا مستقلا لانه تابع للجبهه. ما الحكمه في ان الانسان يقول في السجود: سبحان ربي الاعلي؟ طالب: لان السجود اذل هيءه يفعلها الانسان بين يدي ربه عز وجل في عبادته. الشيخ: وهو تطامن؛ لانه وضع اعالي البدن.. الطالب: اسبق ما في بدنه علي الارض، (...) يقول: سبحان ربي الاعلي. الشيخ: نعم، هل لهذا نظير من السنه؛ وهو ان الانسان اذا كان في سفول فانه يسبح الله. طالب: نعم، كان الصحابه رضي الله عنهم اذا هبطوا واديا كانوا يسبحون الله سبحانه وتعالي، واذا صعدوا الجبل يكبرون. الشيخ: طيب، (التسبيح) ما معناه اولا؟ وعن ماذا يكون؟ طالب: التسبيح هو تنزيه الله سبحانه وتعالي عن النقاءص، فيكون في (...) عن مماثله المخلوقين، وعن النقص التام، وعن النقص في صفاته. الشيخ: صح، النقص في كماله. لو قال قاءل: لله وجه كوجه احسن المخلوقات. طالب: هذا ليس صحيحا. الشيخ: حرام؟ الطالب: هذا قول باطل؛ لانه اقتضي من قوله هذا التشبيه. الشيخ: يعني هل من قال هذا يعتبر مسبحا لله؟ الطالب: لا. الشيخ: لا؛ لانه مثله بالناقص، وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا. لو قال: ان الله سبحانه وتعالي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استراح، هل يكون مسبحا لله؟ طالب: لا يكون مسبحا لله. الشيخ: ليش؟ الطالب: لانه اولا: كذب النص الوارد في هذا في قوله تعالي: {وما مسنا من لغوب} [ق: ٣٨]؛ نفي الله عز وجل عن نفسه التعب. ثانيا: انه قال: ان الله عز وجل ناقص في هذه الصفه. فاثبت النقص لله في هذه الصفه. الشيخ: هذا نقص في كماله. الطالب: في كماله، نعم. الشيخ: لو قال قاءل: ان الله -سبحانه وتعالي- يمكن ان يموت؟ طالب: لا يجوز ذلك. الشيخ: ليش؟ الطالب: لان الله سبحانه وتعالي.. الشيخ: حي لا يموت. الطالب: حي لا يموت، (...). الشيخ: لا، والموت نقص ولا لا؟ الطالب: طبعا نقص؛ لانه من صفات المخلوقين اولا. الشيخ: نعم، هو نقص، ما فيه شك. الطالب: (...) محدود للانس والجن. الشيخ: نعم، صحيح، اذن هذا القسم الثالث: تنزيهه عن النقص، والثاني: نقص في الكمال، والاول: نقص في مماثله المخلوقين. لو قال لنا قاءل: هل الله خلق نفسه؟ طالب: يقال: هذه امور غيبيه نسكت عنها، امور غيبيه ندركها ولا تمنع (...). الشيخ: كفي، كفي، لا. الطالب: (...). الشيخ: ما يصير هذا. الطالب: (...) ان الله خلق نفسه لا شك انه ليس (...). طالب: ننفي هذا يا شيخ؛ لان هذا نقص. الشيخ: نقص، ما فيه شك. طالب: نقول: استعذ بالله من الشيطان الرجيم، نامره بالاستعاذه، هذا من الشيطان. الشيخ: نقول: هذا من الشيطان، ولا يمكن ان يرد هذا؛ هو الاول الذي ليس قبله شيء، كيف يكون خلق نفسه؟! طالب: (...). الشيخ: هو خلق كل شيء، وهو الاول الذي ليس قبله شيء، ولهذا قال النبي عليه الصلاه والسلام: «لا يزال الناس يتساءلون: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتي يقولوا: من خلق الله؟» ، وعند ذلك يجب علي الانسان ان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وان يعلم ان الله هو الاول الذي ليس قبله شيء، والاخر الذي ليس بعده شيء. ما تقول في رجل سجد علي يده، هل يصح سجوده؟ طالب: ما يصح؛ لانه فيه استثناء؛ قال: ( ليس من اعضاء السجود )، واليد من اعضاء السجود. الشيخ: تقول: لا يصح. الطالب: (...) لم يسجد (...) السابع (...) «امرت ان اسجد علي سبعه اعظم» (...) علي يديه فلا يعتبر صحيحا. الشيخ: لان ظاهر الحديث سبعه اعضاء، لا بد كل عضو وحده، والمءلف استثني هذا. ماذا يقول بين السجدتين؟ طالب: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارحمني. خمس. الشيخ: اعد، رب اغفر لي. الطالب: رب اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني. الشيخ: ما معني المغفره؟ الطالب: المغفره لنا انه يغفر الذنوب الله سبحانه وتعالي. الشيخ: اي، ويش معني (يغفر الذنوب)؟ انت تقولها في كل صلاه الان. الطالب: ربنا اغفر لي، يا رب اغفر لي، يا رب. الشيخ: اي، لكن ويش معني (اغفر لي)؟ انت تسال الله شيءا لا تدري ويش معناه؟ الطالب: اغفر لي الذنوب. الشيخ: اي، ويش معني (اغفر لي)؟ الطالب: يعني: امسح الذنوب. الشيخ: والله غريب، هل يعقل واحد يدعو الله بشيء لا يدري ويش معناه؟! الطالب: يمسح ذنوبي، ربنا يغفر لك ذنوبك. الشيخ: معناه؟ طالب: المغفره هي ستر الذنب (...). الشيخ: اي نعم، وهذه داءما تمر علينا؛ ان المغفره ستر الذنب عن الخلق والتجاوز عن العقاب، ومر علينا وجه مناسبه هذا المعني للفظ؛ لانه ماخوذ من المغفر الذي يوضع علي راس الانسان عند الحرب ليستتر به من السهام ويقيه. *** يقول: ( وبارك علي محمد وعلي ال محمد، كما باركت علي ال ابراهيم انك حميد مجيد ). ( بارك ) فعل دعاء كما هو معروف؛ لانه موجه من المخلوق الي الخالق، وما ورد بصيغه الامر موجها من المخلوق الي الخالق فهو دعاء؛ لان المخلوق لا يامر الخالق. ومعني ( بارك علي محمد ) اي: انزل البركه عليه، ولهذا جاءت متعديه بـ(علي) دون اللام، (عليه)؛ اي: انزل عليه البركه. والبركه: ماخوذه من البركه، وهي مجتمع الماء، ولا يكون الا علي وجه الكثره والقرار والثبوت، وعليه فالبركه كثره الخيرات ودوامها واستمرارها، ويشمل البركه في العمل والبركه في الاثر؛ اما البركه في العمل فان يوفق الله الانسان لعمل لا يوفق له من نزعت منه البركه، واما الاثر بان يكون لعمله اثار جليله نافعه ينتفع بها الناس. ولا شك ان بركه النبي عليه الصلاه والسلام انه لا نظير لها، وذلك لان امته اكثر الامم، ولان اجتهادهم في الخير اكثر من اجتهاد غيرهم، فبورك له عليه الصلاه والسلام فيمن اتبعه، وبورك له في عمل من اتبعه. وقوله: ( وعلي ال محمد ) سبق لنا ان الال اذا افردت تشمل جميع الاتباع، فالمراد باله اتباعه، وسبق لنا الشاهد من كون الال بمعني الاتباع، وهو قوله تعالي: {ويوم تقوم الساعه ادخلوا ال فرعون اشد العذاب} [غافر: ٤٦] {ال فرعون} يعني اتباعه. اما اذا قرنت الال بالاصحاب والاتباع صار المراد بها المءمنين من قرابته، ولا عجب ان يكون للفظ معني عند الانفراد ومعني عند الاقتران؛ فالمسكين -مثلا- والفقير بمعني واحد عند الانفراد، ولكل واحد منهما معني عند الاقتران والاجتماع، البر والتقوي كذلك؛ لكل واحده منهما معني عند الاقتران ويتفق معناهما عند الافتراق. الان (الال) اذا اقترنت بالاصحاب والاتباع صار المراد بها المءمنين من قرابه النبي صلي الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم ومن تفرع منهم؛ لان (الال) يشمل الي الجد الرابع، واما اذا افردت فهي كما قلنا هنا: ان المراد بها اتباعه علي دينه. ( كما باركت علي ال ابراهيم ) الكاف هنا -علي القول الذي رجحناه فيما مضي في قوله: ( كما صليت )- للتعليل ، وعلي هذا فيكون ذكرها من باب التوسل بفعل الله السابق الي فعله اللاحق؛ كانك تقول: كما انك يا رب قد تفضلت علي ال ابراهيم وباركت عليهم فبارك علي ال محمد. وقوله: ( انك حميد مجيد ) الجمله هذه استءنافيه تفيد التعليل؛ يعني: دعوناك يا رب بهذا الدعاء لانك حميد مجيد. (الحميد) فعيل بمعني فاعل وبمعني مفعول، فهو حامد ومحمود، حامد لمن؟ حامد لعباده واولياءه الذين قاموا بامره، ومحمود يحمد عز وجل علي ما له من صفات الكمال وجزيل الانعام، يحمد علي الامرين، فهو لكماله يحمد ولانعامه يحمد ايضا. واما (المجيد) فهي فعيل بمعني فاعل؛ اي: ذو المجد، والمجد هو العظمه والقوه، ويقال: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار. هذا مثل مشهور عند العرب، المرخ والعفار نوعان من الشجر في الحجاز معروفان، يعني انها اسرع الشجر انقداحا اذا ضربت بالزند، والا ففي كل الاشجار نار كما قال تعالي: {الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا} [يس: ٨٠] المهم ان المجيد معناه ذو المجد، وهي العظمه وكمال السلطان. *** ثم قال: ( ويستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ) الي اخره. قال: ( ويستعيذ )، فيقول: اعوذ بالله من عذاب جهنم، والعياذ هو الالتجاء من مكروه او الاعتصام من مكروه؛ يعني: ان تعتصم بالله من المكروه. واللياذ: ان تلجا اليه لحصول المطلوب، كما قال الشاعر: يـــــــا مـــن الـــــــــوذ بـــــــه فيمـــا اءملــــه ومـــــن اعــــــــوذ بــــــه ممــا احــــــاذره لا يجبر الناس عظما انت كاسره ولا يهيضون عظما انت جابره فجعل اللياذ فيما يءمل، والعياذ فيما يحذر؛ اي من الاشياء المكروهه. وقوله: ( من عذاب جهنم ) اي: العذاب الحاصل منها، فالاضافه هنا علي تقدير (من)، فهي جنسيه؛ كما تقول: خاتم حديد؛ اي: خاتم من حديد. ويحتمل ان تكون الاضافه علي تقدير (في) اي: عذاب في جهنم؛ كما قال تعالي: {بل مكر الليل والنهار اذ تامروننا ان نكفر بالله} [سبا: ٣٣] اي: مكر في الليل، والاضافه -كما تعرفون- تاتي علي تقدير (من)، وعلي تقدير (في)، وعلي تقدير (اللام) وهي الاكثر. ( من عذاب جهنم ). ( جهنم ) علم علي النار التي اعدها الله عز وجل للكافرين؛ {واتقوا النار التي اعدت للكافرين} [ال عمران: ١٣١]، وهذه النار ورد من صفاتها وصفات العذاب فيها في الكتاب والسنه ما تقشعر منه الجلود، والبحث فيها من عده وجوه: الوجه الاول: هل هي موجوده الان او ليست بموجوده؟ الجواب: موجوده؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم عرضت عليه النار في صلاه الكسوف وهو يصلي بالناس، وكذلك في المعراج راي النار ايضا، والقران يدل علي ذلك ايضا كما قال تعالي: {اعدت للكافرين} [البقره: ٢٤] والاعداد بمعني التهيءه، والفعل كما تعرفونه ماض، فيقتضي ان الاعداد حاصل الان. البحث الثاني: هل هي مءبده او مءمده؛ يعني: هل تفني او هي داءمه ابد الابدين؟ الثاني هو المتعين قطعا انها مءبده، ولا يكاد يعرف عند السلف سوي هذا القول، ولهذا جعله العلماء من عقاءدهم؛ من العقيده ان تءمن وتعتقد بان النار مءبده ابد الابدين، وهذا امر مقطوع به لا شك فيه؛ لان الله تعالي ذكر التابيد في ثلاثه مواضع من القران: في سوره النساء في قوله: {ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا (١٦٩) الا طريق جهنم خالدين فيها ابدا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩]، والثاني في سوره الاحزاب: {ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا (٦٥) خالدين فيها ابدا} [الاحزاب: ٦٤، ٦٥]، والثالث في سوره الجن: {ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ابدا} [الجن: ٢٣]، ولو ذكر الله عز وجل التابيد في موضع واحد من القران لكفي، فكيف وهو قد ذكره في ثلاثه مواضع. ومن العجب ان فءه قليله من العلماء ذهبوا الي انها تفني بناء علي علل عليله لمخالفتها لمقتضي الكتاب والسنه، وحرفوا من اجلها الكتاب والسنه فقالوا: ان {خالدين فيها ابدا} اي: ما دامت موجوده. كيف هذا! اذا كانوا خالدين فيها ابدا لزم ان تكون هي مءبده؛ {فيها} فهي كاءنه، هم كاءنون فيها، واذا كان الانسان خالدا مءبدا تخليده لزم ان يكون مكان الخلود مءبدا؛ لانه لو فني مكان الخلود ما صح تابيد الخلود. والايه واضحه جدا، والتعليلات البارده المخالفه للنص مردوده علي صاحبها، ولهذا الخلاف الذي ذكر عن فءه قليله من اهل العلم خلاف مطرح؛ لانه مخالف للنص الصريح الذي يجب علي كل مءمن ان يعتقده، ومن خالفه لشبهه قامت عنده فيعذر عند الله، لكن من تامل نصوص الكتاب والسنه عرف انها مءبده، والحكمه تقتضي ذلك؛ لان هذا الكافر افني عمره في محاربه الله عز وجل ومعصيه الله والكفر به وتكذيب رسله، كل عمره، مع انه جاءه النذير، واعذر، وبين له الحق، ودعي اليه، وقوتل عليه، واصر علي الكفر والباطل، كيف نقول: ان هذا لا يءبد عذابه! والايات في هذا صريحه، فالحكمه تقتضي هذا لان عمره كله الذي اجري فيه في الدنيا امضاه في الكفر والتكذيب والاستكبار. البحث الثالث: هل عذابها حقيقي يءلم، او ان اهلها يكونون فيها كانهم حجاره لا يتالمون لانهم ياخذون مناعه كما يقال؟ يتعين الاول ايضا، ومن قال خلاف ذلك فقد اخطا وابعد النجعه، فهم يعذبون ويالمون الما عظيما شديدا كما قال تعالي في عده ايات: {لهم عذاب اليم} ، حتي انهم يتمنون الموت، والذي يتمني الموت هل يقال: انه يتالم، او: انه تاقلم؟ لو تاقلم ما تالم ولا دعا الله ان يقضي عليه؛ {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال انكم ماكثون لقد جءناكم بالحق ولكن اكثركم للحق كارهون} [الزخرف: ٧٧]. اذن هم يتالمون بلا شك، والحراره الناريه تءثر عليهم، تءثر علي ابدانهم ظاهرها وباطنها؛ قال الله تعالي في كتابه العزيز: {ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما} [النساء: ٥٦]، وهذا واضح ان ظاهر ابدانهم يتالم وينضج، يمور، وقال تعالي: {وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} [الكهف: ٢٩]، والشي معروف، شي الوجه واللحم وما اشبه ذلك معروف، فهم اذا استغاثوا يغاثوا بماء كالمهل بعد مده طويله، هذا الماء اذا اقبل علي وجوههم شواها وتساقطت والعياذ بالله، فاذا شربوه قطع امعاءهم؛ {وسقوا ماء حميما فقطع امعاءهم} [محمد: ١٥]، وهذا عذاب الباطن ولا الظاهر؟ هذا عذاب الباطن، يقطع الامعاء من الداخل، وقال النبي عليه الصلاه والسلام في اهون اهل النار عذابا: «انه في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه» . اعوذ بالله، الدماغ يغلي، فما بالك بما دونه مما هو اقرب الي النعلين، وهذا دليل واضح علي انهم يتالمون وان هذه النار تءثر فيهم، وكذلك قال تعالي: {وذوقوا عذاب الحريق} [الحج: ٢٢] المحرق، والايات في هذا والاحاديث كثيره. البحث الرابع: هل هناك ناران: نار لاهل الكفر، ونار لاهل التوحيد الذين يعذبون فيها ثم يخرجون؟ زعم بعض العلماء ذلك وقال: ان النار ناران: نار لاهل الكفر، ونار لاهل المعاصي من المءمنين، وبينهما فرق. ولكن هذا لا اعلم له دليلا لا من القران ولا من السنه، والذي اعلمه ان النار واحده لا تختلف، لكن عذابها يختلف؛ لا شك انها علي عصاه المءمنين ليست هي علي الكافرين؛ بلا شك انها تختلف. وكوننا نقول بالتقسيم بناء علي استبعاد عقولنا ان تكون نار واحده تءثر تاثيرين مختلفين، هذا الاستبعاد لا وجه له: اولا: ان الله علي كل شيء قدير، والله تعالي قادر علي ان يجعل النار الواحده لشخص سلاما ولاخر عذابا. وثانيا: ان احوال الاخره لا تقاس باحوال الدنيا ابدا لظهور الفرق العظيم بينهما، فلا يجوز ان تقيس احوال الاخره باحوال الدنيا لتنفي ما لا يتسع له عقلك، بل عليك بالنسبه لاحوال الاخره ان تسلم وتقبل وتصدق. اليست هذه الشمس تدنو من الخلاءق قدر ميل يوم القيامه، ولو كانت احوال الناس يوم القيامه كاحوالهم في الدنيا لاحرقتهم؛ لان هذه الشمس الان في اوجها لو انها نزلت ولو يسيرا احرقت الارض، محتها عن اخرها، ونحن نحس بحرارتها الان وبيننا وبينها مسافات عظيمه، ونحس بحرارتها لا سيما في ايام الصيف حين تكون عموديه، ومع ذلك تدنو من الخلاءق يوم القيامه بمقدار ميل ولا يحترقون بها. كذلك ايضا في يوم القيامه؛ الناس في مقام واحد، المءمنون لهم نور يسعي بين ايديهم وبايمانهم والكفار في ظلمه، لكن في الدنيا لو كان جانبك واحد علي يمينه نور وبين يديه نور تنتفع ولا ما تنتفع؟ تنتفع، في الاخره لا. في الاخره ايضا يكون العرق؛ يعرق الناس، فيختلف العرق اختلافا عظيما بينهم وهم في مكان واحد، من الناس من يصل العرق الي كعبيه، ومنهم من يصل الي ركبتيه، ومنهم من يصل الي حقويه، ومنهم من يلجمه العرق، وهم في مكان واحد. فالمهم انه لا يجوز ان نقيس احوال الاخره باحوال الدنيا، ثم نذهب ونحدث اشياء لم تات في الكتاب والسنه كتقسيم النار الي نارين: نار للعصاه، ونار للكافرين. فالذي بلغنا ووصل اليه علمنا انها نار واحده لكنها تختلف. البحث الخامس: اين النار الان؟ احنا اثبتنا انها موجوده، فاين هي؛ افي السماء ام في الارض؟ نقول: هي في الارض، ولكن قال بعض اهل العلم: انها هي البحار هذه. وقال اخرون: بل هي في باطن الارض. والذي يظهر انها في الارض، ولكن ما ندري اين هي من الارض، نءمن بانها في الارض ليست في السماء، ولكن لا نعلم في اي مكان هي علي وجه التعيين. البحث السادس: هل النار (جهنم) لها اسماء متعدده او اسم واحد؟ الجواب: لها اسماء متعدده، وهذا التعدد في الاسماء لاختلاف صفاتها؛ فتسمي الجحيم، وتسمي جهنم، وتسمي لظي، وتسمي السعير، بحسب اختلاف الصفات، والمسمي واحد، فكل ما صح في كتاب الله او سنه الرسول صلي الله عليه وسلم من اسماءها فانه يجب علي المءمن ان يصدق به ويثبته. قول المصلي: (اعوذ بالله من عذاب جهنم) هل المراد انه يتعوذ بالله من فعل المعاصي المءديه الي جهنم، او يتعوذ بالله من جهنم وان عصي فهو يطلب المغفره من الله، او يشمل الامرين؟ يشمل الامرين؛ فهو يستعيذ بالله من عذاب جهنم؛ اي: من فعل الاسباب المءديه الي عذاب جهنم، ومن عذاب جهنم؛ اي: من عقوبه جهنم اذا فعل الاسباب التي توجب ذلك؛ لان الانسان بين امرين: اما عصمه من الذنوب فهنا اعاذه الله من فعل السبب، واما عفو عن الذنوب وهنا اعاذه الله من فعل السبب ولا من اثر السبب؟ من اثر السبب. وقولنا قبل قليل: العصمه من الذنوب. هذا ليس معناه العصمه المطلقه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «كل بني ادم خطاء، وخير الخطاءين التوابون» . وقال: «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» . ومن ( عذاب القبر ). ما هو القبر؟ اصل القبر مدفن الميت؛ قال الله تعالي: {ثم اماته فاقبره} [عبس: ٢١]؛ قال ابن عباس فيها: اي: اكرمه بدفنه. فاصل القبر مدفن الميت. وقد يراد به البرزخ الذي بين موت الانسان وقيام الساعه وان لم يدفن؛ كما قال تعالي: {ومن وراءهم برزخ الي يوم يبعثون} [المءمنون: ١٠٠] يعني: من وراء الذين ماتوا، واول الايه يدل علي هذا؛ {حتي اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمه هو قاءلها ومن وراءهم برزخ الي يوم يبعثون} [المءمنون: ١٠٠]. فهل الداعي اذا دعا: اعوذ بالله من عذاب القبر. يريد من مدفن الموتي، او من عذاب البرزخ الذي بين موته وبين قيام الساعه؟ الثاني؛ لان الانسان في الحقيقه لا يدري هل يموت ويدفن، او يموت وتاكله السباع، او يحترق ويكون رمادا، ما يدري؛ {وما تدري نفس باي ارض تموت} [لقمان: ٣٤]، فاستحضر انك اذا قلت: من عذاب القبر؛ اي: من العذاب الذي يكون للانسان بعد موته الي قيام الساعه. والبحث في عذاب القبر من عده اوجه: اولا: هل عذاب القبر ثابت او غير ثابت؟ الجواب: ثابت بصريح السنه وظاهر القران واجماع المسلمين؛ ثلاثه ادله. اما صريح السنه فهذا الحديث وامثاله؛ قال النبي عليه الصلاه والسلام: «تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من عذاب القبر» . واما اجماع المسلمين فلان جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: اعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر. حتي العامه الذين ليسوا من اهل الاجماع ولا من العلماء. واما ظاهر القران فمثل قول الله تعالي في ال فرعون: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعه ادخلوا ال فرعون اشد العذاب} [غافر: ٤٦]؛ قال: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} ، ثم قال: {ويوم تقوم الساعه ادخلوا ال فرعون اشد العذاب} ، ولا شك ان عرضهم علي النار ليس من اجل ان يتفرجوا عليها، بل من اجل ان يصيبهم من عذابها. هذه ايه. وقال تعالي: {ولو تري اذ الظالمون في غمرات الموت والملاءكه باسطو ايديهم اخرجوا انفسكم} [الانعام: ٩٣] الله اكبر! انهم لشحيحون بانفسهم ما يريدون ان تخرج؛ {اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون} فقال: {اليوم} ، ايش اليوم؟ متي؟ (ال) هنا للعهد الحضوري، {اليوم} يعني اليوم الحاضر اللي هو يوم وفاتهم {تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون} [الانعام: ٩٣]. اذن فعذاب القبر ثابت بماذا؟ طالب: بصريح السنه وظاهر القران واجماع المسلمين. الشيخ: نعم، طيب، هذا الظاهر من القران يكاد يكون كالصريح؛ لان الايتين اللتين ذكرناهما كالصريح في ذلك. البحث الثاني في عذاب القبر: هل هو علي البدن، او علي الروح، او عليهما؟ الجواب: الاصل انه علي الروح؛ لان الحكم بعد الموت للروح، والبدن جثه هامده، ولهذا لا يحتاج البدن الي امداد لبقاءه؛ فلا ياكل ولا يشرب، بل تاكله الهوام، والاصل انه علي الروح. لكن قال شيخ الاسلام ابن تيميه: ان الروح قد تتصل بالبدن فتعذب. واعتمدوا في ذلك علي ان هذا قد رءي حسا في القبر؛ فقد فتحت بعض القبور ورءي اثر العذاب علي الجسم، وفتحت بعض القبور ورءي اثر النعيم علي الجسم. وقد حدثني بعض الناس انهم في هذا البلد هنا في عنيزه كانوا يحفرون للسور؛ سور البلد الخارجي، فمروا علي قبر فانفتح اللحد، فوجدوا فيه ميتا قد اكلت كفنه الارض وبقي جسمه يابسا؛ لكن لم تاكل منه شيءا، حتي انهم قالوا: انهم راوا لحيته وفيها الحناء، وفاح عليهم راءحه اطيب ما يكون من المسك، فتوقفوا، وجاءوا الي الشيخ -وكان ذلك الوقت عبد الله بن عبد الرحمن ابا بطين- وسالوه فقال: دعوه علي ما هو عليه وجنبوا عنه؛ احفروا اما يمين ولا يسار. فبناء علي ذلك قال العلماء: ان الروح قد تتصل بالبدن فيكون العذاب علي هذا وهذا، وربما يستانس لذلك بالحديث الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ان القبر ليضيق علي الكافر حتي تختلف اضلاعه» ، فهذا يدل علي ان العذاب يكون علي الجسم، علي البدن؛ لان الاضلاع في الجسم. *** (...) بس ثلاثه؟ طلبه: (...). الشيخ: اثنين؟ طالب: اثنان. الشيخ: اظن فيه وجه ثالث. فيه وجه ثالث؟ طالب: اول شيء قلنا: عذاب القبر ما هو، وقلنا: (...) الميت، قال تعالي.. الشيخ: ذكرنا القبر ما هو، ذكرنا المراد بالقبر. الطالب: وقلنا: (...) الميت، قال تعالي.. الشيخ: هذا ما يدخل في وجوب عذاب القبر، ما يدخل، لكنه نعم ينبغي ان نعرفه ان القبر في الاصل هو مدفن الموتي، ويطلق علي البرزخ الذي بين موت الانسان وقيام الساعه؛ لقوله تعالي: {ومن وراءهم برزخ الي يوم يبعثون} [المءمنون: ١٠٠]، وهذا له فاءده عظيمه؛ فاءدته لو ان الانسان احترق وذرته الرياح هل يلحقه من عذاب القبر شيء او لا؟ ونجعل هذا هو الثالث من وجوه البحث في عذاب القبر. ذكرنا انه هل هو علي الروح او علي الجسم, وقلنا: ان الاصل انه علي الروح؛ لانه كما جاء في حديث المحتضر اذا نزلت ملاءكه العذاب لقبض روحه تولته ملاءكه العذاب فاخذوه وحنطوه بحنوط معهم نزل من السماء -والعياذ بالله- حنوط من النار وكفن من النار -نسال الله العافيه- ومعلوم ان الذي تكفنه الملاءكه ليس هو الجسم بل هو الروح، وهذا يدل علي ان الاصل ان العذاب علي الروح، لكن فيه ما يدل من السنه علي ان الجسم يناله من هذا العذاب؛ فان الميت الكافر يضيق عليه القبر حتي تختلف اضلاعه كما صحت بذلك السنه، وهذا يدل علي ان الجسم يناله من هذا العذاب. الوجه الثالث: اذا لم يدفن الميت؛ اكلته السباع، او ذرته الرياح، او سقط في اليم فاكلته الحيتان، فهل يكون عليه عذاب؟ الجواب: نعم، ويكون العذاب علي الروح؛ لان الجسد قد زال وتلف وفني، وان كان هذا امرا غيبيا ايضا، لا استطيع ان اجزم بان البدن لا يناله من هذا العذاب ولو كان قد فني واحترق؛ لان الامر الاخروي لا يستطيع الانسان ان يقيسه علي المشاهد في الدنيا. البحث الرابع: هل عذاب القبر داءم او منقطع؟ نقول: اما ان كان الانسان كافرا -والعياذ بالله- فانه لا طريق الي وصول النعيم اليه ابدا، ويكون عذابه مستمرا، واما ان كان عاصيا وهو مءمن فانه اذا عذب في قبره يعذب بقدر ذنوبه، وربما يكون عذاب ذنوبه اقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعه، وحينءذ يكون منقطعا. وهل يخفف بالنسبه للمءمن العاصي؟ الجواب: نعم، قد يخفف؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: «انهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، بلي انه كبير؛ اما احدهما فكان لا يستبرء -او قال: لا يستنزه- من البول، واما الاخر فكان يمشي بالنميمه». ثم اخذ جريده رطبه فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحده وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» . وهذا دليل علي انه قد يخفف العذاب. ولكن ما مناسبه هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين؟ قيل: لانهما -اي الجريدتين- تسبحان ما لم تيبسا، والتسبيح يخفف من العذاب علي الميت، وفرعوا علي هذه العله المستنبطه التي قد تكون مستبعده، فرعوا عليها انه يسن للانسان ان يذهب الي القبور ويسبح عندها من اجل ان يخفف عنها. وقال بعض العلماء: هذا التعليل ضعيف؛ لان الجريدتين تسبحان، سواء كانتا رطبتين ام يابستين؛ لقول الله تعالي: {تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الاسراء: ٤٤]، {ان من شيء} . وسمع تسبيح الحصي بين يدي الرسول عليه الصلاه والسلام مع ان الحصي يابس. اذن ما العله؟ العله ان الرسول صلي الله عليه وسلم ترجي من الله عز وجل ان يخفف عنهما من العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين؛ يعني ان المده ليست طويله، الذي رجاه الرسول عليه الصلاه والسلام، وذلك من اجل التحذير عن فعلهما؛ لان فعلهما كبير كما جاء في الروايه: «بلي انه كبير» . احدهما لا يستبرء من البول، واذا لم يستبرء من البول صلي بطهاره ولا بغير طهاره؟ الطلبه: بغير طهاره. الشيخ: طيب، والثاني يمشي بالنميمه فيفسد عباد الله -والعياذ بالله- ويلقي بينهم العداوه والبغضاء، فالامر كبير، وهذا هو الاقرب؛ الاقرب انها شفاعه موقته تحذيرا للامه لا بخلا من الرسول صلي الله عليه وسلم بالشفاعه الداءمه، ولكن تحذيرا للامه. نقول استطرادا: بعض العلماء -عفا الله عنهم- قالوا: يسن ان يضع الانسان جريده رطبه او شجره او نحوها علي القبر ليخفف عنه. لكن هذا الاستنباط بعيد جدا ولا يجوز: اولا: اننا لم يكشف لنا ان هذا الرجل يعذب، اليس كذلك؟ الطلبه: بلي. الشيخ: بخلاف النبي عليه الصلاه والسلام. ثانيا: اننا اذا فعلنا ذلك فقد اسانا الي الميت؛ لاننا ظننا به ظن سوء انه يعذب، وما يدرينا فلعله ينعم، لعل هذا الميت ممن من الله عليه بالمغفره قبل موته لوجود سبب من اسباب المغفره الكثيره، فمات وقد عفا رب العباد عنه، وحينءذ لا يستحق عذابا. ثالثا: ان هذا الاستنباط مخالف لما كان عليه السلف الصالح الذين هم اعلم الناس منا بشريعه الله، من هم؟ الصحابه؛ ما فعل هذا احد من الصحابه رضي الله عنهم، فما بالنا نحن نفعله؟! رابعا: ان الله تعالي قد فتح لنا ما هو خير منه؛ فكان النبي عليه الصلاه والسلام اذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لاخيكم واسالوا له التثبيت؛ فانه الان يسال» . البحث الخامس او المبحث الخامس: هل عذاب القبر من امور الغيب ام من امور الشهاده؟ الجواب انه من امور الغيب، وكم من انسان في هذه المقابر يعذب ونحن لا نشعر به، وكم جار له منعم مفتوح له باب الي الجنه ونحن لا نشعر به، ما تحت القبور لا يعلمه الا علام الغيوب، فشان عذاب القبر من امور الغيب، ولولا ان رسول الله صلي الله عليه وسلم اخبرنا ما علمنا، ولهذا لما دخلت امراه يهوديه الي عاءشه واخبرتها ان الميت يعذب في قبره فزعت، حتي جاء النبي عليه الصلاه والسلام واخبرته، واقر ذلك عليه الصلاه والسلام . ولكن قد يطلع الله تعالي عليه من شاء من عباده مثلما اطلع نبيه صلي الله عليه وسلم علي الرجلين اللذين يعذبان؛ احدهما يمشي بالنميمه، والاخر لا يستنزه من البول. والحكمه من جعله من امور الغيب هي ان الله سبحانه وتعالي ارحم الراحمين؛ لو كنا نطلع علي عذاب القبور لمتنا؛ لان الانسان اذا اطلع علي ان اباه او اخاه او ابنه او زوجه او قريبه يعذب في القبر ولا يستطيع فكاكه، هل يقلق ولا ينعم؟ يقلق، ما فيه شك، ولا يستريح، وهذه من نعمه الله سبحانه وتعالي ان الله ستر علينا عذاب القبور. ثانيا: انه ستر علي الميت ايضا؛ لو كان هذا الميت في الدنيا قد ستر الله عليه ولم نعلم عن ذنوبه بينه وبين ربه، والله عز وجل يتولاه، ثم مات واطلعنا الله علي عذابه؛ صار في ذلك فضيحه عظيمه له، وصار كل انسان يخاف، وكل انسان يمكن ان يعير؛ يقال: انت الان في المسجد وغدا في القبر معذب، شوف، فلان في المسجد والان يعذب في قبره. ففيه ستر من الله عز وجل رحمه بمن؟ بالميت. ثالثا: من الحكمه في ذلك انه قد يصعب علي الانسان دفن ميته؛ كما يروي عن النبي عليه الصلاه والسلام: «لولا ان لا تدافنوا لسالت الله ان يريكم عذاب القبر» او كلام هذا معناه، ففيه ان الدفن ربما يصعب ويشق ولا ينقاد الناس لذلك، وان كان الانسان اذا كان له عذاب قبر عذب ولو علي سطح الارض. الرابع: انه لو كان يعلم لم يكن للايمان فيه مزيه، لماذا؟ لانه يكون مشاهدا، وهو من امور الغيب التي يثني علي من امن بها، ثم انه قد يحمل الناس علي ان يءمنوا كلهم؛ لقوله تعالي: {فلما راوا باسنا قالوا امنا بالله وحده} [غافر: ٨٤]، فاذا راي الناس هءلاء المدفونين يسمعونهم يتصارخون امنوا، ما كفر احد؛ لانه الان ايقن بالعذاب، فكانه راه راي العين كانه نزل به، فلم يكن للايمان فاءده. وحكم الله سبحانه وتعالي عظيمه، والانسان المءمن حقيقه هو الذي يجزم بخبر الله اكثر مما يجزم بما شاهده بعينه؛ لان خبر الله عز وجل لا يتطرق اليه احتمال الوهم ولا الكذب، وما تراه بعينك يمكن ان تتوهمه؛ كم من انسان شهد انه راي الهلال واذا هي نجمه، كم من انسان شهد انه راي الهلال واذا هي شعره بيضاء علي حاجبه، هذا وهم ولا حقيقه؟ الطلبه: وهم. الشيخ: كم من انسان يري شبحا فيقول: هذا انسان مقبل، يله يا جماعه، السلاح السلاح، اقبل العدو. واذا هو جذع نخله، ما فيه عدو ولا اقبل عليه احد، هذا واقع ولا غير واقع؟ الطلبه: واقع. الشيخ: نعم، وكم من انسان يري الساكن متحركا والمتحرك ساكنا، لكن خبر الله ما يتطرق اليه الاحتمال ابدا، ولهذا -نسال الله ان يمن علينا وعليكم بالثبات- المءمن يري خبر الله اشد مما يراه بعينه من قبوله والايمان به، نسال الله ان يثبتنا جميعا، فخبر الله بهذه الامور نحن نقول: اشد من المشاهده، مع ما في الستر من هذه المصالح العظيمه، فلذلك صار عذاب القبر مستورا -ولله الحمد- من اجل هذه المصالح العظيمه للخلق. قال: ومن ( فتنه المحيا والممات ) انتبهوا لهذا، اللهم صل وسلم علي رسول الله، ما انصحه للامه! يستعيذ بالله من فتنه المحيا والممات. فتنه المحيا والممات تعني اختبار المرء في دينه في حياته وفي مماته، وسياتي -ان شاء الله- الاختبار في الممات هل هو سءال الملكين الميت او فتنه اخري في الحياه لكنها عند الموت. فتنه الحياه يا اخواني عظيمه وشديده، وقل من يتخلص منها الا من شاء الله خلاصه، اسال الله ان يجعلني واياكم ممن يتخلص منها. فتنه المحيا تدور علي شيءين: شبهات، وشهوات؛ اما شبهات تعرض للانسان فيلتبس عليه الحق بالباطل فيري الباطل حقا والحق باطلا، واذا راي الحق باطلا تجنبه، واذا راي الباطل حقا فعله، وهذه فتنه عظيمه؛ ما اكثر الذين يرون الربا حقا فينتهكون! ما اكثر الذين يرون غش الناس شطاره وجوده في البيع والشراء فيغشون! هذه فتنه، ما اكثر الذي يري النظر الي النساء تلذذا وتمتعا وحريه فيطلق نفسه في النظر الي النساء! بل ما اكثر الذي يشرب الخمر ويراه لذه وطربا! وما اكثر الذين يرون الات اللهو والمعازف فنا يدرس ويعطي عليه شهادات ومراتب، كل هذا من فتنه المحيا؛ اما شبهه تعرض للانسان ولا يعرف الحق من الباطل، واما شهوه -والعياذ بالله- وهي اشد، شهوه؛ يعرف الحق ولكن لا يتبعه، ويعرف الباطل ولكن ينتهكه ولا يبالي به، هذه فتنه عظيمه ما اكثر من فتن بها، ولهذا يشرع للانسان ان يستعيذ بالله من فتنه المحيا. واما فتنه الممات فاختلف فيها العلماء علي قولين: منهم من قال: ان فتنه الممات سءال الملكين الميت في قبره عن ربه ودينه، ونبيه؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انه قد اوحي الي انكم تفتنون في قبوركم مثل او قريبا من فتنه المسيح الدجال» ، يءتي الميت ويسال: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ اما من كان ايمانه في الدنيا خالصا -اسال الله ان يجعلني واياكم منهم- فهذا يسهل عليه الجواب؛ فاذا سالوا: من ربك؟ قال: ربي الله. من نبيك؟ قال: نبيي محمد. ما دينك؟ قال: ديني الاسلام. بكل صراحه وبكل سهوله، واما غيره -والعياذ بالله- فاذا سءل قال: هاه هاه، لا ادري، سمعت الناس يقولون شيءا فقلته . نعوذ بالله، ما دخل الايمان قلبه. وتامل قوله: هاه، هاه. كانه كان يعلم شيءا فنسيه، وما اشد الحسره في شيء علمته ثم نسيته؛ لان الجاهل لم يكسب شيءا، لكن الناسي كسب الشيء فخسره، اما الجاهل لم يكسب شيءا، يهون عليه الامر، لكن هذا يقول: هاه، هاه. كانه تفطن، فيحال بينه وبين الجواب الصحيح والعياذ بالله، والنهايه والنتيجه يقول: لا ادري من ربي، ما ديني، من نبيي، سمعت الناس يقولون شيءا فقلته. لكن ما هناك ايمان، هذه فتنه عظيمه اسال الله ان ينجيني واياكم منها، هذه الفتنه تدور في الحقيقه علي ما في القلب؛ اذا كان القلب مءمنا حقيقه يري امور الغيب راي العين فهذا يجيب بكل سهوله، وان كان الامر بالعكس فالامر بالعكس، فهذه فتنه عظيمه قال بعض العلماء: انها هي المراده بقوله: من فتنه الممات. وقيل: المراد بفتنه الممات ما يكون عند الموت في اخر الحياه، ونص عليها وان كانت من فتنه الحياه لعظمها واهميتها، كما نص علي فتنه الدجال مع انها من فتنه المحيا، فهي فتنه ممات؛ لانها قربه، وخصت بالذكر لانها اشد ما يكون واعظم ما يكون؛ وذلك ان الانسان عند موته هي -كما يقال- ساعه الصفر، ساعه الوداع، وداع حقول العمل، انتهي كل شيء الان، في هذه اللحظه تصفيه؛ اما سعاده واما شقاوه؛ «ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنه حتي ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار» ، فالفتنه عظيمه، واشد ما يكون الشيطان حرصا علي اغواء بني ادم في تلك اللحظه، والمعصوم من عصمه الله، ياتي الي الانسان في هذه الحال الحرجه التي لا يتصورها الا من وقع فيها، ما يتصورها الانسان لشدتها؛ {كلا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن انه الفراق والتفت الساق بالساق الي ربك يومءذ المساق} [القيامه: ٢٦ - ٣٠]، حاله حرجه عظيمه، الانسان فيها ضعيف النفس، ضعيف الاراده، ضعيف القوه، ضيق الصدر، ياتيه الشيطان يغويه لان هذا وقت المغنم للشيطان، حتي انه -كما قال اهل العلم- قد يعرض للانسان الاديان اليهوديه والنصرانيه والاسلاميه بصوره ابويه يعرضان عليه الاسلام واليهوديه والنصرانيه، ويشيران عليه باليهوديه او بالنصرانيه، ابواه يمثلهما الشيطان له، والشيطان يمكن يمثل اي واحد الا النبي صلي الله عليه وسلم، ويش ترون في هذه الحال؟ فتنه ولا لا؟ فتنه، اعظم الفتن؛ امه وابوه اللي هو يري انهما انصح الناس له يقولان: صر يهوديا ولا نصرانيا، ينسي الاسلام لانه في ضيق، في حرج، لكن هذا -والحمد لله- لا يكون لكل احد. حتي لو كان الانسان لا يتمكن الشيطان من ان يصل الي هذه الدرجه معه، لكن مع ذلك يخشي عليه منه؛ يقال: ان الامام احمد وهو في سكرات الموت يسمع يقول: بعد، بعد، فلما افاق قيل له في ذلك فقال: ان الشيطان كان يعض انامله يقول: فتني يا احمد. الله اكبر! يعض انامله ندما وحسره؛ كيف ما اغوي الامام احمد! فيقول له: بعد، بعد. ويش معني: بعد، بعد؟ الي الان ما خرجت الروح، ما دامت الروح في البدن كل شيء وارد، كل شيء محتمل، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا، ففي هذه الحال فتنه عظيمه جدا، ولهذا نص النبي صلي الله عليه وسلم عليها؛ قال: «من فتنه المحيا والممات» ؛ لانها فتنه عظيمه، وعليها مدار السعاده والشقاوه. *** الطالب: (...) ( وعن يساره كذلك ). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان الانسان في اخر التشهد الاخير خاصه يستعيذ بالله من اربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنه المسيح الدجال، واخر ما تكلمنا عليه فتنه المحيا والممات، وذكرنا ان فتنه المحيا تدور علي شيءين: الشبهه والشهوه: فالشبهه ان يلتبس الحق علي المرء حتي لا يميز بين الحق والباطل، وهذا دواءه العلم. والشهوه ان يكون الانسان له اراده خلاف مراد الله سبحانه وتعالي، سواء كانت في المال، او في المساكن، او في الثياب، او المراكب، او في النساء، او في غير ذلك، المهم انها شهوه؛ يعني ان يريد خلاف ما يرضاه الله عز وجل، ودواء هذه خشيه الله عز وجل وتقواه والانابه اليه. فاذا وقي الانسان الفتنتين: فتنه الشهوه وفتنه الشبهه، حصلت له النجاه. وذكرنا فتنه الممات وان فيها تفسيرين: التفسير الاول: الفتنه التي تكون عند الموت، والثاني: التي تكون بعد الموت، وهي سءال الملكين الانسان عن ربه ودينه ونبيه، ولا مانع من ان نقول بانها تشمل الامرين جميعا، ويكون دخول الفتنه التي قبل الموت وعند الموت نص عليها؛ لانها اعظم فتنه ترد علي الانسان، وذكرنا ما يخشي منها من سوء الخاتمه -والعياذ بالله- اذا لم يجر الله العبد من هذه الفتنه. اما الملكان ففتنتهما نبحث فيها من وجوه: الوجه الاول: هل هذه الفتنه حقيقيه؛ يعني هذا الاختبار حقيقي بمعني ان الانسان يجلس في قبره ويناقش، او انه خيالي؟ نقول: هو حقيقي بلا شك وان الانسان في قبره يجلس ويناقش ويسال. فان قال قاءل: ان القبر محدود ضيق، كيف يجلس؟ فالجواب علي هذا ان الواجب علي المءمن في الامور الغيبيه ان يقبل ويصدق ولا يسال عما وراء ذلك، بل يقول: سمعنا وامنا وصدقنا وقبلنا، ولا يسال: كيف؟ ولم؟؛ لانه لا يسال عن كيف ولم الا من شك، واما من امن وانشرح صدره لاخبار الله ورسوله فيسلم علي طول ويقول: الله اعلم بكيفيه ذلك. ثانيا نقول: تعلق الروح بالبدن بعد الموت ليس كتعلقها به في حال الحياه، بل ان تعلق الروح بالبدن في حال النوم ليس كتعلقها به في حال اليقظه؛ فللروح مع البدن شءون عظيمه ما يدركها الانسان، تعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن ان يقاس بتعلقها به في حال الحياه، وها هو الانسان في منامه يري انه ذهب وجاء وسافر وكلم اناسا والتقي باناس احياء واموات، ويري ان له بستانا جميلا او دارا موحشه مظلمه، ويري انه راكب علي سياره مريحه، ويري مره انه صدم ومره انه صدم، كل هذا يمكن مع ان الانسان علي فراشه ما تغير، حتي الغطاء الذي عليه لم يتغير، وهو رايح وجاي ويركب ويكلم، ومع ذلك هو في مكانه، وهذا امر يكون حقا اذا كانت رءيا صالحه، حتي انه حدثني بعض الناس انه اذا راي الرءيا جاءت في اليقظه تماما، ما هي ضرب مثل، تاتي كما راي، ولذلك يقول: انا اتوحش داءما مما اري، واحب الا اري شيءا او ان ينسيني الله اياه؛ لانه يقول: يجيء كما شاهد في المنام، ومع ذلك فاننا نحس بهذا احساسا ظاهرا. فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظه او في المنام، ولها شان اخر ما ندركه نحن، فالانسان يمكن ان يجلس في قبره ويساءل ولو كان القبر محدودا ضيقا، اذن الفتنه حقيقه؛ يسال المرء عن ثلاثه اشياء: عن ربه، ودينه، ونبيه. وسبق لنا ذكر كيفيه الجواب من المسءول وان المءمن يقول: ربي الله، وديني الاسلام، ونبيي محمد. واما الكافر او المرتاب فيقول: هاه، هاه، لا ادري، سمعت الناس يقولون شيءا فقلته. *** اما الرابعه قال: ومن ( فتنه المسيح الدجال ). ( المسيح ) فعيل بمعني مفعول من المسح؛ لانه كان يمسح الارض لسرعه سيره فيها، او لانه كان ممسوح العين؛ لانه اعور العين اليمني، كان عينه عنبه طافيه او عنبه طافءه، اما (طافيه) او (طافءه)، ان كانت (طافءه) فهي خابيه؛ يعني: كانها غاءره، وان كانت هي (طافيه) بالياء فهي كالعنبه الطافيه فوق الماء؛ اي انها ناتءه. علي كل حال هذا المسيح الدجال فتنته من فتنه الدنيا؛ لانه لا يفتن الا الاحياء، الاموات قد سلموا منه. فان قال انسان: اذا كان من فتنه الدنيا او من فتنه المحيا، فلماذا ذكر وحده؟ والجواب علي هذا سهل؛ لان اعظم فتنه علي وجه الارض منذ خلق ادم الي قيام الساعه فتنه الدجال كما قال ذلك النبي صلي الله عليه وسلم، ولهذا ما من نبي من نوح الي محمد -صلوات الله عليهم وسلامه- الا انذره قومه تنويها بشانه وتعظيما له وتحذيرا منه، والا فان الله يعلم انه لن يخرج الا في اخر الزمان، لكن امر الرسل ان ينذروا قومهم اياه من اجل ان يتبين عظمه وفداحته، وقد صح ذلك عن النبي عليه الصلاه والسلام وقال: «ان يخرج وانا فيكم فانا حجيجه دونكم» صلوات الله وسلامه عليه، يعني: اكفيكم اياه. «والا فامرء حجيج نفسه، والله خليفتي علي كل مسلم» ، نعم الخليفه. فهذا الدجال شانه عظيم من اعظم بل هو اعظم فتنه كما جاء في الحديث منذ خلق ادم الي ان تقوم الساعه، فكان حريا بان يخص من بين فتن المحيا. ومن ( فتنه المسيح الدجال ). واما ( الدجال ) فالدجال ماخوذ من الدجل، وهو التمويه؛ لان هذا مموه واعظم مموه واشد الناس دجلا كما سياتي -ان شاء الله- من البحث فيه. البحث فيه من امور: اولا: هذا المسيح الدجال هو من علامات الساعه، هذا باعتبار زمنه، ولكنه غير محدد، لا نعلمه؛ لانه لا يعلم متي تكون الساعه الا الله، فكذلك اشراطها ما نعلم منها الا ما ظهر، فوقت خروجه غير معلوم لنا، لكننا نعلم انه من اشراط الساعه. اما مكانه فانه يخرج من المشرق جهه الفتن والشر كما قال النبي عليه الصلاه والسلام: «الفتنه هاهنا. واشار الي المشرق» ، فالمشرق منبع الشر والفتن، يخرج من المشرق من خراسان مارا باصفهان، داخلا للجزيره من بين الشام والعراق، ليس له هم الا المدينه، اكبر همه المدينه؛ لان فيها البشير النذير عليه الصلاه والسلام، فيحب ان يقضي علي اهل المدينه، ولكنها ممنوعه منه محرمه عليه كما ثبت عن النبي عليه الصلاه والسلام؛ علي كل باب منها ملاءكه يحفظونها ، هذا الرجل يخرج خله بين الشام والعراق، ويتبعه من يهود اصفهان سبعون الفا؛ يهود اصفهان اللي في ايران الان، سبعون الفا يتبعونه لانهم جنوده، هم اليهود من اخبث عباد الله، وهو اضل عباد الله، فيتبعونه ويءوونه وينصرونه، ويكونون مسالح له -اي: جنودا مجندين- هم وغيرهم ممن يتبعه، قال النبي عليه الصلاه والسلام: «يا عباد الله فاثبتوا، يا عباد الله فاثبتوا» . يثبتنا عليه الصلاه والسلام لان الامر خطير. وقال عليه الصلاه والسلام: «من سمع بالدجال فلينا عنه» فليبعد «فان الرجل ياتيه وهو مءمن فلا يزال به حتي يتبعه بما يلقي من الشبهات» ؛ ياتيه الانسان يقول: انا ابدا هذا لن يضلني ولن اتاثر به، ولكن لا يزال يلقي فيه من الشبهات حتي يتبعه والعياذ بالله. فاذن البحث فيه من وجوه: اولا: زمن خروجه لا يعلم، لكنه من اشراط الساعه، اما مكانه فمن المشرق، واما اتجاهه فالي المدينه، اكبر هم له ان يصل الي المدينه ولكن الله يحميها منه ولله الحمد، واما دعوته فقد ذكر انه اول ما يخرج يدعو الي الاسلام ويقول: انه مسلم، وينافح عن الاسلام، ثم بعد ذلك يدعي النبوه وانه نبي، ثم بعد ذلك يدعي انه اله، اعوذ بالله، فهذه دعواه، نهايتها بدايه فرعون؛ وهي ادعاء الربوبيه وانه الرب. ولكن من حكمه الله عز وجل ان الله سبحانه وتعالي يعطيه ايات فيها الفتن العظيمه؛ فانه ياتي الي القوم يدعوهم فيتبعونه، فيصبحون وقد نبتت اراضيهم وشبعت مواشيهم، فتعود اليهم اوفر ما تكون لبنا واسبغه ضروعا؛ يعني انهم يعيشون برغد لانهم اتبعوه، وياتي القوم فيدعوهم فلا يتبعونه، فيصبحون ممحلين ما في اراضيهم شيء، وهذه فتنه عظيمه لا سيما في الاعراب، الاعرابي يفتتن بهذا افتتانا عظيما. ويمر بالخربه فيقول: اخرجي كنوزك. امر؛ اخرجي كنوزك. فتخرج كنوزها تتبعه كيعاسيب النحل، تتبعه من ذهب وفضه وغيرها بدون الات وبدون شيء، فتنه من الله عز وجل، فالفتنه عظيمه جدا، هذه معاملته لاهل الدنيا، اللي يتمتع بالدنيا او يباس فيها. اما المال فان الله تعالي جعل معه جنه ونارا بحسب رءيا العين، لكن جنته نار، وناره جنه، من اطاعه ادخله هذه الجنه فيما يري الناس ولكنها نار محرقه والعياذ بالله، ومن عصاه ادخله النار فيما يراه الناس ولكنها جنه وماء عذب طيب. اذن يحتاج الامر الي تثبيت من الله عز وجل، ان لم يثبت الله المرء هلك وضل، فيحتاج الي ان يثبت الله المرء علي دينه ثباتا قويا تاما. يخرج اليه رجل من الناس شاب فيقول له: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. يقول ذلك، فيدعوه فيابي ان يتبعه. "},{"Id":1714,"Name":"02 كتاب الصلاة 24","Sort":46,"Version":0,"LessonText":"

نهايتها بداية فرعون، وهي ادعاء الربوبية وأنه الرب.
ولكن من حكمة الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى يعطيه آيات فيها الفتن العظيمة، فإنه يأتي إلى القوم يدعوهم فيتبعونه، فيصبحون وقد نبتت أراضيهم، وشبعت مواشيهم، فتعود إليهم أوفر ما تكون لبنًا، وأَسْبَغه ضروعًا، يعني أنهم يعيشون برَغَد؛ لأنهم اتبعوه.
ويأتي القومَ فيدعوهم فلا يتبعونه، فيصبحون مُمْحِلِين، ما في أراضيهم شيء، وهذه فتنة عظيمة، لا سيما في الأعراب، الأعرابي يفتتن بهذا افتتانًا عظيمًا، ويمر بالخرِبة فيقول: أَخْرِجي كنوزك، أمر، فتخرج كنوزُها تتبعه كيعاسيب النحل، تتبعه، من ذهب وفضة وغيرها، بدون آلات وبدون شيء، فتنة من الله عز وجل، فالفتنة عظيمة جدًّا، ثم مع ذلك هذه حاله في معاملته لأهل الدنيا، اللي بيتمتع بالدنيا أو يبأس فيها.
أما المآل فإن الله تعالى جعل معه جنة ونارًا، بحسب رؤيا العين، لكن جنته نار، وناره جنة، من أطاعه أدخله هذه الجنة فيما يرى الناس، ولكنها نار مُحْرِقة -والعياذ بالله-، ومن عصاه أدخله النار فيما يراه الناس، ولكنها جنة وماء عذب طيب.
إذن يحتاج الأمر إلى تثبيت من الله عز وجل، إن لم يُثَبِّت الله المرء هلك وضل، فيحتاج إلى أن يثبت الله المرء على دينه ثباتًا قويًّا تامًّا.
يخرج إليه رجل من الناس شاب فيقول له: أنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدعوه فيأبى أن يتبعه فيأمر ويُشَقُّ هذا الإنسان نصفين، ويجعل نصفًا هنا ونصفًا هنا ويمشي بينهما، تحقيقًا للتباين؛ تباين جسده بعضه عن بعض، ثم يدعوه: قم يا فلان، فيقوم يتهلَّلُ وجهه، يقوم في الحال، ويقول: أنت الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. لله دره!! ما يخاف، ثم يقتله ثانية ويمر بين شقيه، ثم يدعوه فيقوم يَتَهَلَّل ويقول: أنت الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم يأتي ليقتله فلا يُسلَّط عليه، يعجزُ عن قتله، ولن يُسلَّط على أحد بعدَه.
فهذا من أعظم النَّاس شهادةً عند الله؛ لأنه في هذا المقام العظيم الرهيب الذي لا نتصوَّره نحن في هذا المكان، لا يتصور رهبته إلا مَن باشره، المقام رهيب عظيم، ومع ذلك يُصرِّحُ على الملأ إعذارًا وإنذارًا بأنك أنت الدَّجَّال الذي ذَكَرَ لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
هذه حاله وما يدعو إليه، ولكن هذه المحنة العظيمة لا تدوم، وهو الوجه الرابع الذي نتكلم عنه.
مقدار لُبْثه في الأرض أربعون يومًا فقط، لكن يوم كسنةٍ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، هكذا حدَّث النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم.
قال الصَّحابةُ رضي الله عنهم: يا رسولَ الله، هذا اليوم الذي كَسَنَة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد؟ قال: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» ، انظروا يا إخواني إلى هذا المثال لتأخذوا منه عبرة، كيف كان تصديق أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم لرسول الله؟ ما ذهبوا يُحَرِّفون أو يُؤَوِّلُون، أو يقولون: إنَّ اليوم لا يمكن أن يطول؛ لأن الشمس تجري في فلكها ولا تتغيَّر، ولكنه يطول لكثرة المشاق فيه ولعِظَمِ المشاق فيه، فهو يطولُ؛ لأنه مُتْعِب، ما قالوا هكذا، كما يقوله بعضُ المُتَحَذْلِقِين.
بماذا صَدَّقوا؟ صَدَّقوا بأن هذا اليوم سيكون اثني عشر شهرًا حقيقة، بدون تحريف وبدون تأويل، وهكذا حقيقة المؤمن، ينقاد لما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب، وإن حَارَ فيها عقلُه، لكن يجب أن تعلم أن خبر الله ورسوله لا يكون فيما يكون محالًا في العقول، لكن فيما يكون حيرةً في العقول، يعني العقول تتحير؛ لأنها ما تدركه، لكن لا يمكن أن يكون شيئًا محالًا.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أول يوم من أيام الدجال كَسَنَة، لو أن هذا الحديث مَرَّ على المتأخِّرين الذين يدَّعون أنهم هم العقلاء لقالوا: إنَّ طوله مجاز عمَّا فيه مِن التَّعبِ والمشاق؛ لأن أيام السرور قصيرة، وأيام الشرور طويلة.
ولكن الصَّحابة رضي الله عنهم لصفائهم وقَبولهم سَلَّموا في الحال، وقالوا: إنَّ الذي خَلَقَ الشَّمسَ، وجعلها تجري في أربعة وعشرين ساعة في اليوم والليلة، قادر على أن يجعلها تجري في اليوم كم؟ اثني عشر شهرًا؛ لأن الخالق واحد عزَّ وجل، فهو قادر، ولذلك سَلَّموا، وقالوا: كيف نُصلِّي؟ ما سألوا عن الأمر الكوني؛ لأنهم يعلمون أن قدرة الله فوق مستواهم، سألوا عن الأمر الشرعي الذي هم مُكَلَّفون به وهو الصَّلاة، وهذا والله حقيقة الانقياد والقَبول، قالوا: كيف نصلي؟ قال: «اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» .
وسبحان الله العظيم! إذا تأملت أن هذا الدِّينَ تامٌّ كامل، لا يمكن أن تكون مسألة يَحتاجُ النَّاسُ إليها إلى يوم القيامة إلا وُجِدَ لها أصلٌ.
كيف أنطقَ اللَّهُ عز وجل الصَّحابةَ أن يسألوا هذا السؤال؟ ما قالوا: نصبر حتى يأتي ذاك اليوم نشوف، نبحث. أنطقَهم اللَّهُ حتى يكون الدِّين كاملًا ما يَحتاجُ إلى تكميل، وقد احتاج النَّاسُ إلى هذا الآن، الآن المناطق القُطبية يبقى الليل فيها سِتَّة أشهر، والنهار ستة أشهر، نحتاج إلى هذا الحديث ولَّا ما نحتاج؟ نحتاج، شوف كيف أفتى الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المشكلة؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣]، والله لو نتأمَّل كلمة {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} لعلمنا أنه ما يوجَد شيء ناقص في الدِّين أبدًا، كامل مِن كلِّ وَجْهٍ، لكن النقص فينا؛ إما قصور في علومنا، ولَّا في أفهامنا، ولَّا إرادات تكون ما هي منضبطة، يكون إنسان وده ينصر قوله فيَعْمَى عن الحقِّ، نسأل الله العافية.
فلو أننا نظرنا بعلم وفَهْمٍ وحُسْنِ نية لوجدنا أن الدِّينَ -ولله الحمدُ- لا يحتاج إلى مُكَمِّل، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة إلا وُجِدَ حَلُّها في الكتاب والسُّنَّة، لكن لما كَثُرَ الهوى، وغلب على النَّاسِ، صار بعض الناس يَعْمَى عليه الحقُّ، ويَخْفَى عليه الحق، وتجدهم إذا نزلت الحادثة التي لم تكن معروفة مِن قبل بعينها، وإن كان جنسها معروفًا، تجدهم يختلفون فيها أكثر من أصابعهم، إذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة، كل هذا لأنَّ الهوى غلب على النَّاسِ الآن، وإلا لو كان القصد سليمًا والفهم صافيًا والعلم واسعًا لعَرَفْت.
على كل حال أقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يبقى أربعين يومًا، فماذا يكون الأمر بعد الأربعين؟
ينزل المسيحُ عيسى بن مريم، الذي رَفَعَهُ الله إليه، وقد جاء في الأحاديث أنه ينزِلُ عند المنارة البيضاء في دمشق، أو عليها -النسيان مني- ينزل فلا يَحِلُّ لكافرٍ يجد ريحَه إلا مات، وهذه من آيات الله، يموت، يلحق الدَّجَّالَ عند باب اللُّدِّ -اللُّدّ الآن في فلسطين عند اليهود- فيقتله هناك، وحينئذٍ يقضي عليه نهائيًّا، ولا يقبل عليه الصلاة والسلام إلا الإسلام، لا يقبل الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويُرِيق الخمر، ولا يقبل إلا الإسلام فقط، لا يُعبَد إلا الله.
وعلى هذا، فالجزية التي شرعها الإسلام جعل الإسلام لها أمدًا تنتهي إليه، متى؟ نزول عيسى، ولا يقال: إن هذا تشريع من عيسى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك مقرِّرًا له.
فوضع الجزية عند نزول عيسى من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وإقراره، وكونه يتحدث عن عيسى بن مريم مقرًّا له، هذا من سنته. وإلا فإن عيسى لا يأتي بشرع جديد، ولا أحد يأتي بشرع جديد.
ما فيه إلا شرع محمد عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة، هذا ما يتعلق بالدجال، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه.
قال بعض أهل العلم: إن الرسل الذين أَنْذَرُوا قومهم به لم يُنْذِرُوهم بعينه، وإنما أنذروهم بجنس فتنته، يعني أنذروهم من الدَّجَاجِلَة.
ولكن هذا القول ضعيف، بل هو نوع من التحريف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذره قومَه، وهذا صريح في أن الناس أنذروا قومهم بعين الرجل هذا، وقد سبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به.
ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل، يوجد من بني آدم الآن مَن يضل الناس بحاله وقَالِه، وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله سبحانه وتعالى بحكمته أعطاه بيانًا وفصاحة، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: ٤٢].
فعلى المرء إذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون في أهل البدع من أناس يبتدعون في العقيدة، وأناس يبتدعون في السلوك، وغير ذلك، يجب عليه أن يعرض هذه البدع على أي شيء؟ على الكتاب والسنة، وأن يحذر منها، وألَّا يغتر بما تُكْسَى من زخارف القول؛ فإن هذه الزخارف كما قيل فيها:

\n \n \n \n \n \n \n \n

حُجَجٌ تَهَافَتُ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا

حَقًّا وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ

\n
فالدجال الْمُعَيَّن لا شك أن فتنته أعظم شيء، لكن هناك دَجَاجِلَة يُدَجِّلُون على الناس ويُمَوِّهُون عليهم، فيجب الحذر منهم، ومعرفة إراداتهم ونواياهم، ولهذا قال الله تعالى في المنافقين: \n {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}، مع أنه قال: \n {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}، يعني: بيانه وفصاحته وعظمه يَجُرُّك جَرًّا إلى أن تسمع، لكن \n {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: ٤]، ما فيهم خير، حتى الْخُشُب ما هي قائمة بنفسها \n {مُسَنَّدَةٌ}، تقوم على الجدار، فهي لا خير فيها، \n {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: ٤]. \n
فهؤلاء الذين يتزَيَّنُون للناس بأساليب القول، سواء في العقيدة، أو في السلوك والمنهج، يجب الحذر منهم، وأن تُعْرَض أقوالهم وأفعالهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما خالفهما فهو باطل مهما كان، ولا تقولَنَّ: إن هؤلاء القوم أُعْطُوا فصاحة وبيانًا لينصروا الحق؛ فإن الله تعالى قد يَبْتَلِي، فيعطي الإنسان فصاحة وبيانًا وإن كان على باطل، كما ابتلى الله الناس بالدجال وهو على باطل بلا شك.\n
بقي علينا بحث صغير: هل الدجال من بني آدم؟\n
نعم، هو من بني آدم، وبعض العلماء -لكن أقوال- يقول: إنه شيطان، وبعضهم يقول: إن أباه إنسي وأمه جنية، على كل حال ما ندري، هذه كلها أقوال ما هي صحيحة، فالذي يظهر أن الدجال من بني آدم، وأنه كبني آدم؛ يحتاج إلى الأكل والشرب، وغير ذلك، ولهذا يقتله عيسى قتلًا عاديًّا كما يُقْتَل البشر.\n
يقول: ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. \n
\n طالب: موجود الآن يا شيخ؟\n
\n الشيخ: لا، ما وُجِد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر حياته خطب الناس \n وقال: «إِنَّهُ عَلَى رَأْسِ مِئَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ» \n ، وهذا خبرٌ، وخبر النبي عليه الصلاة والسلام لا يدخله الكذب نهائيًّا، وهو مُتَلَقًّى من الوحي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم مثل الغيب، فهو غير موجود، لكن الله يبعثه متى شاء.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: فيه نظر، حديث الترمذي فيه نظر.\n
\n طالب: علاماته يا شيخ؟\n
\n الشيخ: هذا ليس وقت السؤال، البحث فقهي، لكن تعرضنا لهذه المسائل؛ لأنه يندر أن توجد في كتب التوحيد إلا كان في المستقبل إن شاء الله. \n
يقول: \n (ويدعو بما ورد)، ليت المؤلف قال: ويدعو بما أحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر حديث ابن مسعود في التشهد قال:\n «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» \n ، لكن يمكن أن نجيب عن كلام المؤلف فنقول: إنه ينبغي أن يبدأ الإنسان بما ورد؛ لأن الدعاء الوارد خير من الدعاء المصطنَع الذي أنت تقوله، فإذا وُجِدَ دعاء وارد، فالتزامه أولًا، ثم تدعو بما شئت.\n
ومما ورد في هذا: \n «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَعَلَى شُكْرِكَ، وَعَلَى حُسْنِ عِبَادَتِكَ» \n ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر معاذ بن جبل أن يدعو به دُبُرَ كل صلاة مكتوبة، وفي بعض الألفاظ أمره أن يدعو به في صلاته، فإذا جمعنا بين اللفظين قلنا: في صلاته في دُبُرِها، أي: في آخرها. \n
والقول بأن هذا الدعاء في آخر الصلاة أصح من القول بأنه بعد السلام؛ لأن الذي بعد السلام إنما هو الذِّكر، \n {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [النساء: ١٠٣]، وأما ما قُيِّدَ بدُبُر الصلاة وهو دعاء فإنه في آخرها.\n
وسُئِلَ شيخ الإسلام رحمه الله: كيف يقول: دُبُر الصلاة، فقال: دُبُر الشيء منه، كدُبُر الحيوان، فإن الحيوان له دُبُر، ودُبُره في نفس الجسم، فكذلك دبر الصلاة يكون من الصلاة، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى أن ندعو بعد التشهد صار الدعاء المقيَّد بالدُّبُر محله قبل السلام آخر الصلاة.\n
أما دُبُر الصلاة فهو الذِّكْر؛ ولهذا لا يَرِد علينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: \n «تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» \n ، ومعلوم أن هذا بعد السلام بالاتفاق؛ لأن هذا مطابق للآية: \n {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ}، والأول الدعاء اللي قلنا يكون في آخر الصلاة قبل السلام مطابق للحديث: \n «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ».\n
\n طالب: شيخ، حديث الْجَسَّاسة (...)؟ \n
\n الشيخ: والله في قلبي منه شيء.\n
\n طالب: (...) أحد من العلماء؟ \n
\n الشيخ: إي، فيه من أنكرها، صرح بإنكارها. \n
\n طالب: طول مدة الدجال، أقول: تخرج عن العادة.\n
\n الشيخ: الله على كل شيء قدير، لكن الحديث اللي ذكرته لكم في الصحيحين: \n «لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ» \n . \n
\n طالب: قلنا في تفسير العين الطافئة قلنا: (...) الطافئة، وهنا تفسير ممسوح العين، فلا يتوافق مسيح من ممسوح العين وتكون طافئة (...) الدجال، ما تكون ممسوحة.\n
\n الشيخ: لا، يمكن أن تكون طافئة، إذا صار المرتفع يسيرًا صار طرف العين غارًا.\n
\n طالب: من جهة يعني؟\n
\n الشيخ: إي نعم، من جهة. \n
\n طالب: أحسن الله إليك، بعض العلماء أخذوا من قول النبي صلى الله عليه وسلم في قتل عيسى للمسيح الدجال أنه يقتله بسيفه، قال: هذا فيه دليل على أن آخر الزمان الدبابات والرشاشات الموجودة الآن ستفنى. \n
\n الشيخ: والله ما أدري، اللي أعرف في الحديث: يقتله، لكن في يأجوج ومأجوج أنهم يَرْمُون بنشابهم إلى السماء، فترجع إليهم مُخَضَّبَة بالدماء، فيقولون: قتلنا مَن في الأرض وقتلنا مَن في السماء، ولا نستبعد أن هذه تروح، أنا حدَّثَنِي إنسان بأنهم الآن عَثَرُوا على صناعة آلة تبطل كل الكمبيوتر، كل شيء على الكمبيوتر تبطله، حتى الطائرات تسقط على الأرض إذا شغَّلُوا هذا، بس إنه الآن من الأشياء السرية، أنا حدثني واحد في مركز الدراسات أظن..\n
\n طالب: كلية الملك عبد العزيز. \n
\n الشيخ: المهم أنه قال: إنه بس من الأمور السرية هذه، إلى الآن لم تخرج، وهذا إذا خرج معناه أبطل كل شيء، والله على كل شيء قدير، لكن إحنا ليت معنا سلاح إيمان، لو معنا سلاح إيمان ما نفعتهم دباباتهم ولا صواريخهم. \n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، دَلَّت السنة يا شيخ على أن حفظ أول عشر آيات من سورة الكهف أو آخرها عُصِمَ بها من الدجال، أقول أحسن الله إليكم: لا شك أن النص (...) بنفسه، لكن أقول: ما المناسبة بين العشر آيات..؟\n
\n الشيخ: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: \n «مَنْ أَدْرَكَهُ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ بِفَوَاتِحِ سُورَةِ الْكَهْفِ» \n ، فليقرأ عليه بذلك.\n
\n الطالب: يقرأ على الدجال. \n
\n الشيخ: يقرأ على الدجال، فيه لفظان: فليقرأ عليه بكذا، وفليقرأ عليه كذا. \n
\n الطالب: وَحِفْظُها ما جاء؟\n
\n الشيخ: ما أدري والله، لكن حفظها لأجل يقرأ عليه. \n
\n الطالب: لكن مناسبتها يا شيخ؟ \n
\n الشيخ: الله أعلم. \n
\n طالب: سمعنا أنه يقول للأرض تنبت، وكيف يَتَنَقَّل يا شيخ؟ هل هو على حمار كما قالوا؟\n
\n الشيخ: الرسول صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن سيره الحقيقة، لكن البحث يُنْسِي بعضه بعضًا: كيف سَيْرُه في الأرض؟ قال: \n «كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ» \n ، مثل السحاب اللي شالته الريح، السحاب اللي شالته الريح من أسرع ما يكون. \n
\n الطالب: ترى تنبت الأرض يا شيخ؟ \n
\n الشيخ: إي نعم. \n
\n الطالب: كيف؟ \n
\n الشيخ: يقول لها: أَنْبِتِي، ويقول للسماء: أَمْطِرِي، تمطر، فتنة عظيمة. \n
\n طالب: أحسن الله إليك، هل هو أول علامات الساعة الدجال، أو طلوع الشمس من مغربها؟\n
\n الشيخ: لا، ما هو أول، طلوع الشمس من مغربها آخر شيء؛ لأنها إذا طلعت من مغربها لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، والإيمان بعد الدجال يكون، عيسى بن مريم واللي معه كلهم مؤمنون. \n
\n طالب: بالنسبة للدعاء في آخر الصلاة، هل يمكن أن يطلب شيئًا من أمور الدنيا، ولا خاص بس ..\n
\n الشيخ: ويش ودك تطلب؟\n
\n الطالب: بيت، سيارة، زوجة. \n
\n الشيخ: اطلب، ما فيه مانع. \n
\n طالب: بالنسبة (...) المذكور في (...) شيخ، ما ورد أنه يحيي الموتى، يأتي الرجل اللي أبوه وأمه ميتان فيحييهما. \n
\n الشيخ: هذه ما رأيتها، لكن قضية الشاب هذا إحياء موتى. \n
\n طالب: شيخ، المسيح ما اسمه؟\n
\n الشيخ: ذكرنا هذا. \n

***

\n الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. \n
قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n (ويدعو بما ورد ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك.
وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مُكَبِّرًا بعد التشهد الأول، وصلى ما بقي كالثانية بالحمد فقط، ثم يجلس في تَشَهُّدِه الأخير مُتَوَرِّكًا، والمرأة مثله، لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها).
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن الإنسان يَتَعَوَّذ من أربعة أشياء: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. \n
وآخر ما تكلَّمنا عليه المسيح الدجال من عدة وجوه؛ أولًا: في مكانه، وفي هدفه، وفي زمانه، وفي مُكْثِه في الأرض، وفي فتنته وعِظَمِها، وكل هذا أظنه عُلِمَ لكم، أليس كذلك؟\n
\n طالب: بلى. \n
\n الشيخ: فكم مُكْثُه؟\n
\n طالب: أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا العادية. \n
\n الشيخ: ومن أين يخرج؟\n
\n طالب: يخرج من المشرق من خراسان، ومارًّا بأصفهان، ثم يتجه نحو المدينة. \n
\n الشيخ: من بين الشام والعراق. هل يمكن أن يدخل المدينة؟\n
\n طالب: لا يمكن.\n
\n الشيخ: لا يمكن.\n
\n الطالب: على كل باب ملائكة يحفظونها.\n
\n الشيخ: ومكة؟ \n
\n الطالب: كذلك.\n
\n الشيخ: ومكة كذلك لا يمكن أن يدخلها. ما هي نوع فتنته، يعني بأي شيء يفتن الناس؟\n
\n طالب: بأنه إله.\n
\n الشيخ: يدعوهم إلى..؟\n
\n الطالب: عبادته.\n
\n الشيخ: إلى عبادته وتأليهه. وهل يُبَرِّر ذلك تلك الدعوى؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: بماذا؟\n
\n الطالب: (...)؟\n
\n الشيخ: ما هي أو اذكر شيئًا منها.\n
\n الطالب: الإحياء والإماتة، إنبات الزرع، إنزال المطر، إخراج الكنوز.\n
\n الشيخ: والجنة؟\n
\n الطالب: إحضار جنة ونار معه.\n
\n الشيخ: نعم، هل جنته حق؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: وناره؟\n
\n الطالب: ليس كذلك.\n
\n الشيخ: ليس كذلك، إذن ما جنته؟\n
\n الطالب: جنته نار.\n
\n الشيخ: إي نعم، وناره؟\n
\n الطالب: جنة.\n
\n الشيخ: وناره جنة. إحياء الموتى، صورة المسألة؟\n
\n طالب: هو أن يأتيه شاب ثم يقول: أنت المسيح الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقتله فيشقه نصفين ثم يمر بينه، ثم يعود كما كان، ثم يقول له: أنت المسيح الدجال الذي أخبرنا بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يكررها، ثم يريد أن يقتله فلا يستطيع أن يقتله، ولا يقتل أحدًا بعده. \n
\n الشيخ: هو أنه يأتيه هذا الرجل الشاب، ويقول: أنت الدجال الذي ذَكَرَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأمر به فيُضْرَب ويُشَجّ ويُوَسَّع ظهره وبطنه ضربًا، ثم يعيد عليه المساءلة ثانية، ثم يقول له: أنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيشقه نصفين ويمشي بينهما، وأنا ذكرت لكم في الدرس الماضي أنه يفعل به هذا مرتين، ولكن المرة الأولى ليست قتلًا، إنما هي شج وضرب فقط.\n
هذا اليوم الذي كسنة كيف يصنع الناس فيه من جهة الصلاة ومن جهة الصيام؟\n
\n طالب: سأل الصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام: كيف يكفينا صلاة واحدة؟ قال: \n «اقْدُرُوا لِلصَّلَاةِ قَدْرَهَا» \n ، كل فرض يأتي يحسب الزمن العادي اللي كان يُصَلَّى فيُصَلُّون، ثم يُصَلُّون بعده، في هذا اليوم يُصَلُّون عدة صلوات. \n
\n الشيخ: يعني يصلون صلاة سنة كاملة، وفي الشهر؟\n
\n الطالب: وفي الشهر كذلك، يَقْدِرُونَ له قدره، صلاة شهر كامل، وفي الأسبوع..؟\n
\n الشيخ: صلاة شهر كامل وفي الأسبوع كذلك. ما نهاية الدجال؟\n
\n طالب: (...) ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فيقتله. \n
\n الشيخ: فيقتله، وينتهي أمره. \n
أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه علامة، وهي أنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة أو طافية، وعلامة أخرى أنه مكتوب بين عينيه (كافر)، وكُتِبَت في الحديث: (ك ف ر) يقرؤها كل مؤمن؛ يقرأ أو ما يقرأ، ويعمى عنها الكافر والمنافق. \n
لم يُفْصِح المؤلف بحكم هذه الاستعاذة، هل هي واجبة أو لا، ولكن سيأتينا إن شاء الله بيان أنها ليست واجبة؛ لأن المؤلف -رحمه الله- سيذكر فيما بعد الأركان والواجبات، وما عداها فهو سنن، وهو لم يذكر هذه في الواجبات، ولا في الأركان. \n
وعلى هذا يكون التعَوُّذ بالله من هذه الأربع سنة، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة. \n
وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية أن التعَوُّذ من هذه الأربع واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، ولأن هذه الأشياء الأربعة أمرها عظيم وشأنها كبير، فكانت جديرة بأن تُفْرَض على المسلمين ليقولوها في صلاتهم، ليستعيذوا بالله منها في صلاتهم؛ لأن خطرها من أعظم الخطر، وإذا نجا الإنسان منها فقد نجا. \n
فعلى هذا نقول: المسألة فيها قولان لأهل العلم -أي في وجوب التعوذ بالله من هذه الأربع فيه قولان لأهل العلم-: \n
القول الأول: أن ذلك واجب؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولشدة خطرها وعظمها. \n
والقول الثاني: أنها سنة، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء. \n
ولا شك أنه لا ينبغي للإنسان أن يُخِلَّ بها، فإن أَخَلَّ بها فإنه على خطر من أمرين؛ الأمر الأول: الإثم، والأمر الثاني: ألا تصح صلاته، ولهذا كان بعض السلف يأمر بإعادة الصلاة على من لم يَتَعَوَّذ بالله منها. \n
وسبق لنا أن المؤلف يقول بعد ذلك: \n (يدعو بما ورد)، فقوله: \n (بما ورد) (ما) اسم موصول يشمل كل الوارد. \n
ولكن ليس مراده أن كل دعاء ورد في السنة يُدْعَى به هنا، وإنما مراده أن يدعو بما ورد الدعاء به في هذا المكان، ومنه ما سبق: \n «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَعَلَى شُكْرِكَ، وَعَلَى حُسْنِ عِبَادَتِكَ» \n ، ومنه ما عَلَّمَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه حين قال: يا رسول الله، علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: \n «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» \n ، ولكن لو دعا بدعاء غير ذلك فإنه يجوز.\n
لكن ظاهر كلام المؤلف أنه لا بد أن يكون الدعاء واردًا، ولكن هل مراده واردًا باعتبار الجنس، أو باعتبار النوع والعين؟\n
فيه احتمال؛ يحتمل أنه يريد بما ورد بعينه، ويحتمل أن يريد بما ورد بجنسه، والذي ورد الدعاء بجنسه في الصلاة هو ما يتعلق بأمر الآخرة، وإذا قلنا بهذا الاحتمال صار معنى كلام المؤلف أن يدعو بدعاء يتعلق بأمور الآخرة، سواء ورد هذا الدعاء بعينه أم لم يَرِد، وإن قلنا بالاحتمال الأول؛ بما ورد بعينه، صار يتقيد بما ورد بعينه في هذا الموضع.\n
لكن الاحتمال الأول أشمل؛ أن يدعو بما ورد باعتبار الجنس، وهو ما يتعلق بأمور الآخرة، فيدعو بما يتعلق بأمور الآخرة بما شاء.\n
ولكن هاهنا مسألة؛ وهي أنه ينبغي المحافظة أولًا على الوارد في هذا المكان بعينه، ثم بعد ذلك يدعو بما شاء.\n
وظاهر كلام المؤلف أنه لا يدعو بغير ما ورد، سواء قلنا: إن المراد ما ورد بجنسه أو بعينه، فلا يدعو بشيء من أمور الدنيا، مثل أن يقول: اللهم ارزقني بيتًا واسعًا، اللهم ارزقني زوجة جميلة، اللهم ارزقني مالًا كثيرًا، اللهم ارزقني سيارة مريحة، اللهم ارزقني ثوبًا شتويًّا في أيام الشتاء، صيفيًّا في أيام الصيف، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا يتعلق بأمور الدنيا. \n
حتى قال الفقهاء رحمهم الله: لو دعا بشيء مما يتعلق بأمور الدنيا بطلت صلاته، لكن هذا قول ضعيف بلا شك.\n
والصحيح أنه لا بأس أن يدعو بشيء يتعلق بأمور الدنيا، وذلك لأن الدعاء عبادة، وليس للإنسان ملجأ إلا الله، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: \n «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» \n ، ويقول: \n «أَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» \n ، ويقول في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد: \n «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» \n .\n
والإنسان لا يجد نفسه مُقْبِلًا تمام الإقبال على الله إلا وهو يصلي، فكيف نقول: لا تسأل الله وأنت تصلي شيئًا تحتاجه في أمور دنياك! هذا بعيد جدًّا.\n
وقد جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ» \n ، وشِسْع النعل يتعلق بأمور الدنيا. \n
فالصواب بلا شك أنه يدعو بعد التشهد بما شاء من خير الدنيا والآخرة، وأجمع ما يُدْعَى به في ذلك: \n {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]، فإن هذه جامعة لخير الدنيا والآخرة.\n
قولنا: إنه يدعو على القول الراجح بما شاء، هل يجوز الدعاء لِمُعَيَّن، بأن يقول: اللهم اجْزِ فلانًا عني خيرًا، أو: اللهم اغفر لفلان؟\n
الجواب: نعم يجوز؛ لأن هذا دعاء، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه دعا على قوم مُعَيَّنِين، ودعا لقوم مُعَيَّنِين؛ فدعا للمستَضْعَفِين في مكة، ودعا على الطغاة في مكة، لكنه نُهِيَ عن الدعاء على الطغاة باللعن، إنما دعا صلى الله عليه وسلم لِمُعَيَّن، فيجوز أن تدعو لمعين وأنت في صلاتك، سواء كان أباك أم أمك أم أخاك، أم أي إنسان تحب أن تدعو له.\n
قال:\n (ويدعو بما ورد). لكن لو دعا لشخص بصيغة الخطاب فتذكر وهو يصلي، فقال: غفر الله لك يا شيخ الإسلام ابن تيمية. فهل تبطل صلاته؟ \n
الفقهاء يقولون: تبطل؛ لأنه أتى بكاف الخطاب، والخطاب لا يجوز في الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: \n «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» \n ، ولم يستثنوا إلا النبي عليه الصلاة والسلام، قالوا: إنك تخاطبه: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، أما غيره لا تَأْتِ له بكاف الخطاب مطلَقًا. \n
ولكن هذا القول في النفس منه شيء، وذلك لأنك إذا قلت: غفر الله لك يا فلان، وأنت تصلي، فإنك لا تشعر بأنك تخاطبه أبدًا، ولكن تشعر بأنك مستحضرٌ له غاية الاستحضار حتى كأنه أمامك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين تَفَلَّت عليه الشيطان، قال: \n «أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ» \n ، فخاطَبه. \n
فبعضهم يقول: إن هذا الحديث قبل تحريم الكلام، وبعضهم يؤوله، ولكن كلا الجوابين فيه نظرٌ. \n
فالذي يظهر أن خطاب الآدميين أن تخاطبه، مثلًا يمر بك تقول: يا فلان تعال، وين أنت رايح؟ هذا كلام آدميين، تبطل به الصلاة ولَّا ما تبطل؟ تبطل، لكن شخص يستحضر شخصًا مَيِّتًا، ثم يقول: غفر الله لك يا فلان، في كون هذا من الكلام الْمُبْطِل للصلاة نظر. ولكن دَرْءًا للشبهة بدل أن يقول: غفر الله لك، يقول: اللهم اغفر له، وهذا جائز بالاتفاق.\n
قال المؤلف:\n (ثم يُسَلِّم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يسار كذلك).\n
يُسَلِّم بعد التشهد والدعاء، يُسَلِّم عن يمينه وعن يساره، يقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله. وهذا خطابٌ: السلام عليكم، لكنه خطابٌ يخرج به من الصلاة، بخلاف الخطاب الذي يكون في أثناء الصلاة فقد سمعتم القول فيه، أما هذا فهو خطاب يخرج به من الصلاة.\n
على من يُسَلِّم: السلام عليكم؟\n
\n طالب: على الخلاف، أنه يسلم على من (...) لا مثل، قال أنه يسلم على من جنبه بالصفوف، وقيل: إنه يسلم على الملائكة، وقيل: إنه يُسَلِّم على..\n
\n الشيخ: يقولون: إذا كان معه جماعة فيسلم عليهم: عليكم، وإذا لم يكن معه جماعة فيُسَلِّم على الملائكة الذين على يمينه وشماله، يقول: السلام عليكم ورحمة الله.\n
لكن هذا السلام الآن إذا سَلَّم الإنسان مع الجماعة، هل يجب على الجماعة أن يَرُدُّوا عليه؟\n
لا، وإن كان قد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسَلِّم عليهم ويُسَلِّم بعضهم على بعض بهذا السلام، لكن الظاهر أن يقال: هذا السلام حاصل من الجميع، فكل واحد يُسَلِّم على الآخر، فاكتُفِيَ بسلام الثاني عن الرد؛ السلام عليكم، الثاني يقول: السلام عليكم.\n
هذا هو أقرب ما يقال في رد هذا السلام، وإلا فلا شك أن المأمومين يُسَلِّم بعضهم على بعض بهذا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حينما كانوا يرفعون أيديَهم يُومِؤُون بها، قال: \n «مَا لِي أَرَاكُمْ تُومِؤُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، مِنْ عَلَى يَمِينِهِ، وَمِنْ عَلَى شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» \n .\n
وهذا يدل على أن هذا السلام يُقْصَد به السلام على من بجانبه، لكنه لما كان كل واحد يُسَلِّم على الثاني اكتُفِيَ بهذا عن الرد.\n
قال: \n (السلام عليكم ورحمة الله)، سبق شرحها في التشهد، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله.\n
قال: \n (وعن يساره كذلك) يقول: السلام عليكم ورحمة الله، وهاهنا بحثٌ في السلام:\n
أولًا: لو قال: سلامٌ عليكم، بدون (أل)، هل يجزئ؟\n
الجواب: نعم، لكن السنة أن يكون بـ(أل)؛ لأن هذا هو الذي جاء به الحديث، فيقول: السلام عليكم.\n
الثاني: لو جاء بالإفراد، قال: السلام عليك ورحمة الله، فإنه لا يجزئ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n ، ولوجود الفرق بين الإفراد وبين الجمع.\n
ولو قال: السلام عليكم، فقط، فهل يجزئ؟\n
فيه خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: لا يجزئ، ومنهم من قال: يجزئ؛ لأنه قد ورد في حديث رواه النسائي أشرت إليه قبل قليل: \n «أَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» \n ، بدون ذكر: (ورحمة الله)، وعلى هذا فيكون قوله: (ورحمة الله) سنة، وليس بواجب.\n
ومنها -من البحث في السلام-: هل يزيد على ذلك فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟\n
هذا موضع خلاف بين العلماء؛ فمنهم من قال: الأفضل ألَّا يزيد، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، ألَّا يزيد على قوله: ورحمة الله، لا في التسليمة الأولى، ولا في التسليمة الثانية.\n
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يزيد في التسليمة الأولى: (وبركاته)، دون الثانية، فيقول في الأولى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وفي الثانية: السلام عليكم، فقط؛ لحديث أخرجه أبو داود، قال الحافظ ابن حجر: إن إسناده صحيح.\n
ومنها -أي من البحث في السلام-: لو اقتصر على تسليمة واحدة، فهل يجزئ؟\n
هذا أيضًا موضع خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: يجزئ؛ لحديث عائشة: وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ. وهذا لفظ مُطْلَق يصدُق بواحدة.\n
ومنهم من قال: لا يجزئ؛ وأن (أل) في التسليم للعهد الذهني، أي: بالتسليم بالمعهود، وهو السلام عليكم ورحمة الله، من اليمين، والسلام عليكم ورحمة الله، من اليسار. \n
واستدلوا لذلك بقوله في الحديث الذي رواه النسائي أشرنا إليه قبل قليل: \n «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَمِنْ عَلَى شِمَالِهِ»، وقالوا: إن ما دون الكفاية لا يكون مُجْزِئًا ولا جائزًا؛ لأنه قال: يكفيك كذا، معناه ما دونه لا يكفي، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وأنه لا بد من التسليمتين، ولا يجوز أن يُخِلَّ بهما.\n
واستدلوا أيضًا بمحافظة النبي صلى الله عليه وسلم على التسليمتين، وقالوا: إن محافظته عليهما حضرًا وسفرًا، في حضور البوادي، والأعراب، والعالِم، والجاهل، يدل على أنه لا بد منهما، ويُرَشِّح ذلك قوله: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n .\n
وقال بعض أهل العلم: تجزئ واحدة في النفل دون الفرض؛ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سَلَّم في الوتر تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه، وقالوا: إن النفل قد يُخَفَّف فيه ما لا يُخَفَّف في الفرض، وعلى هذا فتجزئ التسليمة الواحدة في النفل دون الفرض.\n
فهذه أقوال ثلاثة؛ هل لا بد من التسليمتين في الفرض والنفل، كما هو المشهور من المذهب، أو تجزئ تسليمة واحدة في الفرض والنفل، أو تجزئ تسليمة واحدة في النفل دون الفرض؟\n
على كل حال الاحتياط من الأقوال الثالثة هو أن يُسَلِّم مرتين؛ لأنه إذا سَلَّمَ مرتين لم يَقُل أحدٌ من أهل العلم: إن صلاتك باطلة، ولو سَلَّم مرةً واحدة لقال له: من أهل العلم من يقول: إن صلاتك باطلة. \n
ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاحتياط فيما لم يتضح فيه الدليل، فقال عليه الصلاة والسلام: \n «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» \n .\n
وقال عليه الصلاة والسلام: \n «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» \n ، وأنت إذا أتيت بالتسليمة الثانية فقد أتيت بذكر تتقرب به إلى الله عز وجل، وتَسْلَمُ به من أن يقال: إن صلاتك باطلة.\n
على أن الذين قالوا بوجوب التسليمتين في الفرض والنفل قالوا: إن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام قضية عين تحتمل النسيان أو غير ذلك، فلا يُقَدَّم هذا الفعل على القول الذي قال: إنما كان يكفي أحدكم أن يقول كذا. \n
ولكن هذا الاحتمال فيه نظر؛ لأن الأصل في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم التشريع وعدم النسيان، ولا سيما أنه سَلَّمَ واحدة تلقاء وجهه على خلاف العادة، مما يدل على أنه أرادها قصدًا، لكن كما قلت: الاحتياط أن يُسَلِّمَ مرتين في الفرض والنفل.\n
قال: \n (وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مُكَبِّرًا بعد التشهد الأول). \n
\n (إن كان في ثلاثية أو رباعية) ثلاثية مثل المغرب، رباعية كالظهر والعصر والعشاء.\n
\n (نهض مُكَبِّرًا)، (مُكَبِّرًا) حال من فاعل (نهض)، تدل على أنه يكون التكبير في حال النهوض، وهو كذلك؛ لأن جميع التكبيرات ما عدا تكبيرة الإحرام كلها محلها ما بين الركنين، فيكون مُكَبِّرًا حال النهوض.\n
قال: \n (نهض مُكَبِّرًا بعد التشهد الأول)، والتشهد الأول ينتهي عند قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. \n
وظاهر كلام المؤلف أنه لا يرفع يديه؛ لأنه لم يقل: ويرفع يديه، وهذا هو المشهور من المذهب؛ أنه لا يرفع يديه إذا قام من التشهد الأول؛ لأن مواضع رفع اليدين على المذهب ثلاثة فقط: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه.\n
ولكن الصحيح أنه يرفع يديه؛ لأنه صَحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.\n
وعلى هذا القول فالقول الراجح في هذه المسألة أنه يرفع يديه إذا قام من التشهد الأول، ولأنه انتقال من نوع إلى نوع آخر في الصلاة، فإن الركعتين الأوليين يُشْرَع فيهما ما لا يُشْرَع في الركعتين الأُخْرَيَيْن، فلما كان هذا انتقال من نوع إلى نوع صار من الحكمة أن يُمَيَّزَ هذا الانتقال بالرفع، كأنه صلاة جديدة، وإن لم تكن جديدة لكنها لتَمَيُّزها عن الركعتين الأوليين صار يرفع. \n
ولكن متى يكون الرفع؟ يكون الرفع إذا قام؛ لأن لفظ الحديث:\n يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، وليس يرفع وهو جالس ثم ينهض؛ لأن هذا الرفع مع التكبير، والتكبير لا يكون إلا بعد النهوض، يعني في حال النهوض، وعليه فيكون التكبير إذا قام؛ لأن لفظ الحديث: \n يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، يُكَبِّر حين يقوم من الركعتين بعد الجلوس، ومعلوم أن كلمة (حين يقوم) ليس معناها: حين ينهض؛ إذ إن بينهما فرقًا، فمن توهم أنه يرفع وهو جالس، فليُصَحِّح وهمه، بل الرفع يكون إذا انتهى قائمًا. \n
يقول رحمه الله: \n (وصَلَّى ما بقي كالثانية بالحمد فقط)، وصلى ما بقي كالثانية، أيش الثانية؟ أي كالركعة الثانية، يعني: فليس فيه تكبيرة إحرام، ولا استفتاح، ولا تَعَوُّذ، ولا تجديد نية. \n
\n طالب: ولا قراءة سورة؟\n
\n الشيخ: لا؛ لأنه قال:\n (كالثانية)، لكن قال: \n (بالحمد)، هذا اللي أخرج قراءة السورة، قال: \n (بالحمد فقط). \n
تمتاز الركعتان هاتان عن الأوليين أنه يقتصر فيهما على الحمد، وأنه يُسِرُّ فيهما بالقراءة، حتى في الصلاة الجهرية يُسِرُّ فيهما بالقراءة، فهما ركعتان من نوع جديد.\n
وقول المؤلف: \n (بالحمد فقط)، يعني: لا يزيد، وهذا هو مقتضى حديث أبي قتادة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأُخْرَيَيْن بفاتحة الكتاب فقط، ولكن في حديث أبي سعيد الخدري ما يدل على أن الركعتين الأُخْرَيَيْن يُقْرَأ فيهما؛ لأنه ذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الركعتين الأُولَيَيْن بسورة، ولا يُطَوِّل الأولى على الثانية، ويقرأ في الركعتين الأُخْرَيين بنصف ذلك.\n
وهذا يدل -أعني حديث أبي سعيد الخدري- على أنه جعل الركعتين الأوليين سواء، والركعتين الأخريين سواء.\n
لكن بعض العلماء رَجَّح حديث أبي قتادة؛ لأنه متفق عليه، وحديث أبي سعيد في مسلم، ولأن حديث أبي قتادة جزم به الراوي، وأما حديث أبي سعيد فقال: حَزَرْنَا قِيَامَهُ، أي: خَرَصْنَاه وَقَدَّرْناه، وفرقٌ بين من يجزم بالشيء وبين من يَخْرِصه ويُقَدِّرُه.\n
ولكن الذي يظهر أن إمكان الجمع حاصلٌ، يعني أنه يمكن الجمع بين الحديثين، فيقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أحيانًا يفعل ما يدل عليه حديث أبي سعيد، وأحيانًا يفعل ما يدل عليه حديث أبي قتادة؛ لأن الصلاة -كما تعلمون- ليست واحدة حتى نقول: فيه تعارض، كل يوم يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم خمس مرات، وإذا أمكن الجمع وجب الرجوع إليه قبل أن نقول بالنسخ، وقبل أن نقول بالترجيح.\n
قال: \n (بالحمد فقط، ثم يجلس في تَشَهُّده الأخير مُتَوَرِّكًا)، يجلس متى؟ إذا أتى بما بقي؛ إما ركعة إن كان في ثلاثية، أو ركعتين إذا كان في رباعية، يجلس في تشهده الأخير مُتَوَرِّكًا.\n
وكيفية التَّوَرُّك: أن يُخْرِج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن، ويجلس على مقعدته على الأرض، وتكون الرجل اليمنى منصوبة، الرجل اليمنى منصوبة، والثانية مفروشة، لكنها خارجة من الجانب الأيمن، وهذه إحدى صفات التَّوَرُّك.\n
الصفة الثانية: أن يفرش القدمين جميعًا، ويخرجهما من الجانب الأيمن.\n
والصفة الثالثة: أن يفرش اليمنى، ويدخل اليسرى بين الفخذ والساق، بين فخذ اليمنى وساقها.\n
كل هذه وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة التورك، وعلى هذا فنقول: ينبغي أن يفعل الإنسان هذا مرة، وهذا مرة، بناءً على القاعدة التي قَعَّدَها أهل العلم، وهي أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي أن يفعلها مرة هكذا ومرة هكذا؛ للفوائد الثلاث الذي ذكرناها من قبل، نعيدها الآن.\n
\n طالب: أولًا: إحياء السنة. \n
\n الشيخ: نعم، إحياء السنة، الثاني؟\n
\n طالب: تستحضر القلب.\n
\n الشيخ: أن هذا أقوى لاستحضاره.\n
\n طالب: اتباع السنة. \n
\n الشيخ: كيف اتباع؟\n
\n طالب: إحياء السنة واتباعها.\n
\n الشيخ: اتباع السنة؛ لأنه يفعل هذا وهذا. \n
على كل حال فيها فوائد، ولا شك أنها أشد في الاتباع مما إذا اقتصر على شيء واحد، ولكن هاهنا مسألة، وهي أنه يجب على الإنسان إذا أراد أن يفعل هذه العبادات المتنوعة أن يكون على يقين منها، فإن شك رجع إلى ما يتيقنه، أحيانًا ينسى الإنسان، مثلًا: حديث ابن عباس في التشهد، وحديث ابن مسعود، بينهما بعض الاختلاف، أحيانًا ينسى الإنسان ما جاء في حديث ابن عباس، فماذا يصنع؟ هل يخبط في الحديث، ولا يقتصر على اللي هو يعلم؟ يقتصر على الذي يعلم، كما قلنا في قراءات في القرآن الكريم، القراءات التي يُقْرَأ بها في القرآن إذا كنت حافظًا لها مجيدًا لها مُتْقِنًا لها فالأفضل أن تقرأ بهذا مرة، وبهذا مرة، ما لم يكن بحضرة العوام، وأما إذا كنت غير مجيد لها فإنك تقتصر على ما تعلم؛ لئلا تُخَبِّط في القرآن، وهكذا أيضًا العبادات. \n
قال: \n (والمرأة مثله)، المرأة مثله في أيش؟ في كل ما تقدم، حتى في رفع اليدين، فترفع يديها، وتجافي عضديها عن جنبيها في الركوع، لكن تضم نفسها في الركوع والسجود، وتسدل رجليها في جانب يمينها. \n
تختلف المرأة عن الرجل في بعض الأشياء، وما دام عندكم أسئلة نؤجلها إن شاء الله.\n
\n طالب: (...) الحديث، وبعدين قالوا فيه (...) وبركاته، ما الراجح؟
الشيخ: إي، زيادة (وبركاته) في التسليمة الأولى فقط.
طالب: الأحسن الواحد يقتصر على السلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: أما بالنسبة عند العامة فالأفضل أن يقتصر عليها، وفي نفسه لا بأس أنه يتمها.
طالب: طيب لو قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم قال: وبركاته، بينه وبين نفسه.
الشيخ: ما فيه مانع، طيبة. \n
\n طالب: قلنا في دروس سابقة: إنه يُسَنَّ أن يجعل {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} آخر كلامه آخر دعائه؛ لأدلة واردة، لكن يا شيخ فيه دليل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول علي: كان يقولها ما بين التشهد والتسليم آخر شيء.
الشيخ: اللي هي ربنا آتنا؟
الطالب: لا، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت.
الشيخ: إي، لكن لا يمنع أن يقول غيرها، كان يقول هذه، ولا يمنع أن يقول..
الطالب: (...) دليل.
الشيخ: أقول: ما يمنع أن يقول غيرها، أما لو قال: ولم يقل سواها، صح. \n
\n طالب: شيخ، قلنا: العلة في قول: السلام عليكم ورحمة الله، إن الكاف هنا للخطاب، وقلنا: إن هذه خروج من الصلاة، ما يكون فيه دليل (...)؟
الشيخ: لا، ما فيه دليل؛ لأن حديث عائشة صريح: يختمها بالتسليم.
الطالب: كله ذِكْر.
الشيخ: بالتسليم، التسليم ذِكْر، تجعل الضرطة مثل الذكر؟ ما أحد يقول هذا، إن قالها أحد ما هو بصحيح.
طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، قلنا: إن قال المصلي: سلامٌ عليكم ورحمة الله، فإن ذلك يجزئ.
الشيخ: نعم.
الطالب: لكن نحن قلنا في تفسيرها: إنه كالتفسير الذي قلناه في (السلام عليك أيها النبي)، ومن التفسير في قولنا: السلام عليك أيها النبي، أن السلام اسم الله عز وجل.
الشيخ: إي، لكن هذا ضعيف، ضَعَّفْنَا هذا القول. \n
\n طالب: قال الفقهاء عفا الله عنهم: يبدأ بالسلام مع بدء التفاته.
الشيخ: هذا هو الظاهر، الظاهر أنه يبدأ مع بدء حتى يكون الكاف في (السلام عليكم) في حال انتهاء أو توسط الالتفات.
طالب: ما بيلتفت بعد ما يُسلَّم.
الشيخ: لا، معها، أما بعض الناس يقول: السلامُ عليكم، السلام وهو مستقبل القبلة، هذا استحبه بعض الفقهاء، لكن ما له أصل، بعضهم قال: لا يلتفت إلا حين يأتي بكاف الخطاب، لكن ظاهر السنة خلاف ذلك، أنه يلتفت من حين يبدأ بالسلام. \n
\n طالب: جزاكم الله خيرًا، ما ورد الاستعاذة من فتنة الْمَأْثَم والْمَغْرَم؟
الشيخ: بلى، بس ما فيها أمر. \n
\n طالب: شيخ، إذا كان المصلي في نفل، ثم سَلَّم وكان بجواره واحد، هل يجب عليه الرد؟
الشيخ: لا، ما يرد. \n
\n طالب: هل لا بد أنه ينوي الخروج من الصلاة حين السلام؟
الشيخ: كيف؟
طالب: يعني يسَلِّم هكذا، أو نقول: لا بد أن تنوي تخرج من الصلاة؟
الشيخ: يعني لو سَلَّم يريد السلام ما هو بالخروج يعني؟
طالب: الفقهاء يقولون: لا بد ينوي بالسلام هذا الخروجَ من الصلاة.
الشيخ: على سبيل السُّنِّيَّة يعني، لكن هذا معروف، ما أحد يُسَلِّم من صلاته إلا يريد هذا. \n
\n طالب: هل لا بد أن يلتفت يعني (...) أو يلتفت التفاتًا يسيرًا؟
الشيخ: لا، يلتفت حتى يُرَى بياض خَدِّه، لكن كونه يلتفت بكل بدنه لا، يلتفت برأسه فقط. \n
\n طالب: جزاكم الله خيرًا، قلنا: عندما تقول: سلام عليكم، إن هذا يحزئ لكن مخالف للسنة؟
الشيخ: لكن السنة أن يكون بـ(أل).
طالب: إي نعم، وقلنا يا شيخ: السلام عليك، هذا لا يجزئ؛ لأن حديث عائشة: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ، وحديث: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وأيضًا يا شيخ الصيغة الأولى مخالفة؟
الشيخ: إي، لكن بينهما فرق؟ الثانية: عليك وعليكم، تنقل الكلام من المخاطَبين إلى مخاطب واحد، لكن هذاك في تعريف السلام وتنكيره، وقد ورد هذا وهذا، {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: ٢٥]. \n
\n طالب: شيخ، إذا التفت على اليسار، يعني يلتفت على اليمين السلام، ولكن نسي أن يقول: السلام، تذكر أنها وجبت على اليسار، يجزئ؟
الشيخ: يعني بس هو التفت ولا سَلَّم ثم سَلَّم؟
طالب: ثم سَلَّم على شماله.
الشيخ: لا، إذا ذكر يلتفت يمينًا، بسيطة إدارة رأسه. \n
\n طالب: شيخ، قلتم في التشهد يا شيخ: إن التشهد الأول ينتهي عند لفظ الشهادة، وفي حديث عائشة رضي الله عنها وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، صلاة الليل، صلى تسع ركعات، وجلس في الثامنة التي ليس فيها سلام، تَشَهَّد وقال وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، كيف نخرج من الإشكال يا شيخ؟
الشيخ: هذا في الوتر، يعني صلى ثماني ركعات، وجلس في الثامنة، فحمد الله وأثنى عليه، ما أدري عن صلاة النبي، لكن هذا في الوتر.
طالب: شيخ ثبت في..
الشيخ: لا، ما هو ثبت في النفل، ثبوته له أحكام خاصة، ولذلك تُسْرَد فيه الثماني ركعات، بل تسع ركعات، وخمس ركعات، وسبع ركعات، وغيره ما يفعل. \n
\n طالب: أقول: بعض الناس يُسَلِّم عن يمينه، ثم يستقبل القبلة يعني قليلا، ثم يُسَلّم عن يساره، يعني يقول: السلام عليكم ورحمة الله، هكذا، ثم يُسَلِّم عن يساره، فهل هذا له أصل؟
الشيخ: لا، ما أعلم له أصلًا، يعني يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، كذا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ما له أصل هذا.
طالب: في قوله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الصفتين ولا في مرة واحدة.
الشيخ: في الأولى فقط، على اليمين فقط. \n

***

\n الطالب: قال رحمه الله تعالى:\n والمرأة مثله، لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها.
فصل
\n

ويُكْرَه في الصلاة التفاتُه، ورفعُ بصره إلى السماء، وتغميض عينيه، وإقعاؤه، وافتراشه ذراعيه ساجدًا، وعبثُه وتَخَصُّره، وتَرَوُّحُه، وفرقعة أصابعه وتشبيكها، وأن يكون حاقنًا، أو بحضرة طعام يشتهيه، وتكرار الفاتحة.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن كان في ثلاثية أو رباعية) إلى آخره، فيه مناقشة هنا.
طالب: من قبل.
الشيخ: قال المؤلف: (ويدعو بما ورد)، قوله: (بما ورد)، ذكرنا أنه ينبغي أن تُبَدَّل هذه العبارة بماذا؟
طالب: بما أَحَبَّ.
الشيخ: بما أَحَبَّ، لماذا؟
الطالب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه في الحديث: «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ أَوْ مَا شَاءَ» .
الشيخ: حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد قال: «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ»، أو قال: «مَا شَاءَ». ما الذي يُستفاد من هذه الجملة؟ أن الدعاء يكون قبل السلام أو بعد السلام؟
طالب: قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام، كذا؟ ما رأيك فيمن اعتادوا أن يَدْعُوا بعد الصلاة، إما في النافلة أو في الفريضة؟ هذه أظن ما تكلمنا عليها؟
طالب: ما ذكرناها.
الشيخ: ما تكلمنا عليها، ما يخالف، نتكلم عليها إن شاء الله.
يقول المؤلف: (يقول عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله)، على مَن يُسَلِّم إذا كان مُنْفَرِدًا؟
طالب: على الملائكة.
الشيخ: على الملائكة، وإذا كان مع الإمام؟
طالب: كذلك، واللي جنبه بعد، يُسَلِّم عليه.
الشيخ: وعلى من عنده من المأمومين، والإمام يُسَلِّم على من معه من المصلين، ولهذا كل منهم يلتفت عن يمينه وشماله.
قال المؤلف: (إذا كان في ثلاثية أو رباعية نهض)، كيف نهوضه؟
طالب: نهض على صدور قدميه.
الشيخ: على صدور قدميه، مُعْتَمِدًا على ركبتيه.
الطالب: إن سهُل.
الشيخ: إن سهل ذلك، فإن لم يسهل؟
طالب: فإنه يعتمد على الأرض؛ للحديث (...) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام في وتر من صلاته يعتمد بيديه على الأرض.
الشيخ: أو مالك بن الحويرث.
الطالب: نعم.
الشيخ: مالك بن الحويرث.
إذن إذا لم يسهل يقوم معتمدًا على يديه بعد أن يجلس قليلًا، كذا؟
طالب: أو وهو جالس.
الشيخ: أو وهو جالس؛ لأنه في التشهد، إي نعم.
ظاهر كلام المؤلف أنه يرفع يديه أو لا يرفع؟
طالب: أنه لا يرفع، وهو المذهب.
الشيخ: والقول الثاني في المسألة؟
الطالب: أنه يرفع؛ لحديث ابن عمر.
الشيخ: أنه يرفع؛ لحديث ابن عمر، وهو الصحيح.
يقول المؤلف: إنه بعد التشهد الأول يقرأ مع الفاتحة كم سورة؟
طالب: يقرأ الفاتحة فقط.
الشيخ: الفاتحة فقط؟
الطالب: نعم، في الركعة الثالثة يقرأ الفاتحة فقط.
الشيخ: في الثالثة والرابعة الفاتحة فقط. هل ذكرنا نحن في هذا شيئًا؟
الطالب: نعم، ذكرنا حديث أبي سعيد، ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ..
الشيخ: ورد ما ظاهره أنه كان يقرأ في الركعتين الأُخْرَيَيْن نصف ما يقرأ في الركعتين الأُولَيَيْن.
وفي حديث أبي قتادة؟
الطالب: كان يقرأ الحمد فقط.
الشيخ: الحمد فقط، هل هذا من باب اختلاف التنوع، أو اختلاف التضاد، وحينئذ نلجأ إلى الترجيح؟
طالب: لا، قلنا يا شيخ: إنه من باب اختلاف التنوع، ويمكن الجمع، فنفعل هذا تارة، نقرأ بالحمد فقط، ونقرأ بسورة قصيرة تارة أخرى.
الشيخ: إي، كذا يا جماعة.
طلبة: نعم.
الشيخ: وفيه قول ثان؟
طالب: والثاني أنه يُرَجِّح حديث أبي قتادة أنه هو الراجح؛ لأنه مُتَيَقِّن، أما حديث أبي سعيد فهو فيه تخمين و..
الشيخ: يقول: حَزَرْنَا.
الطالب: حزرنا، نعم.
الشيخ: هذا وجه، وجه ثان للترجيح؟
الطالب: وجه ثان للترجيح أن حديث أبي قتادة هو الراجح.
الشيخ: وجه الترجيح هو الراجح؟ هذا الحكم.
الطالب: قال: لأنه نص على قراءة الفاتحة.
الشيخ: سلامك، هذا هو الوجه الأول اللي أنت قلت.
طالب: أنه يا شيخ في الصحيحين حديث أبي قتادة، بينما حديث أبي سعيد في صحيح مسلم فقط.
الشيخ: أحسنت.
طالب: (...) على التقسيم، ربما يكون أولى، فيدل على أن كل قسم ذُكِرَ ما يختص (...).
الشيخ: كيف التقسيم؟
طالب: يعني يقال: إنه كان يفعل في ركعتين كذا وكذا، وفي الركعتين الثانيتين كذا وكذا، فقسم الصلاة، وذكر في كل قسم ما كان يفعله.
الشيخ: إي، وهذا كيف القسم، حتى حديث أبي سعيد مقسم. حديث أبي سعيد ظاهره أن قراءة الركعتين الأوليين سواء؟
طالب: والأخريين سواء.
الشيخ: سواء، يكون أطولها الركعتين في الظهر الأوليين، ثم الركعتين الأخريين، ثم العصر أقل من الأخريين، ثم الركعتين الأخريين في العصر أقل، فتكون درجات.
يقول المؤلف: إنه يجلس في التشهد الأخير، كيف التورك؟
طالب: له ثلاث صور.
الشيخ: له ثلاث صور.
الطالب: الأولى أنه يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه الأيمن وينصب اليمنى.
الشيخ: هذه واحدة، يُخْرِج اليسرى من الجانب الأيمن من تحت الساق وينصب اليمنى.
الطالب: الحالة الثانية أنه يفرش القدمين جميعًا ويجعلهما في جهة اليمين، والصورة الثالثة أن يجعل رجله اليسرى بين فخذه وساقه الأيمن.
الشيخ: واليمنى مفروشة.
الطالب: واليمنى منصوبة.
الشيخ: لا، مفروشة، منصوبة صعب جدًّا.
طالب: (...).
الشيخ: لا، هذه أهون. التَّوَرُّك هل هو في كل تشهد يعقبه سلام أم ماذا؟
طالب: لا، التورك في الصلاة الرباعية فقط.
الشيخ: دون الثلاثية.
الطالب: الصلاة الرباعية والثلاثية دون الثنائية، يعني في كل صلاة يعقبها تشهد أول وتشهد ثان.
الشيخ: يعني في كل صلاة فيها تشهدان يكون التشهد الأخير.
الطالب: نعم.
الشيخ: صح.

***

مسألة الدعاء، المؤلف رحمه الله يقول: \n (يدعو بما أَحَبَّ)\n
وهذا هو الذي دل عليه حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» \n ، وبناءً على ذلك، إذا سألنا سائل: هل أدعو بعد السلام أو قبل السلام؟ قلنا له: ادع قبل السلام؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنك ما دمت في الصلاة فإنك تناجي ربك، وإذا سَلَّمْت انصرفت، وكونك تدعو في الحال التي تناجي فيها ربك خير من كونك تدعو بعد الانصراف. \n
وهذا ترجيح نظري، وأما ما يفعله بعض الناس من كونهم إذا سَلَّمُوا دَعَوْا في الفريضة، أو في النافلة، فهذا لا أصل له، ولم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم إلا حين وضع كفارُ قريش سَلَا الناقة عليه وهو ساجد، فإنه لَمَّا سَلَّم رفع يديه يدعو عليهم. \n
وهذا قد يقال: إنه فعل ذلك لمناسبة، وهي تخويفهم؛ لأنه لو دعا وهو يصلي ما علموا بذلك، فإذا دعا بعد الصلاة ورفع يديه فلا شك أن في هذا تخويفًا لهم، فيكون هذا له مناسبة.\n
كذلك أيضًا بعض الناس إذا فرغ من صلاة الفريضة دعا، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل: أي الدعاء أسمع؟ يعني: أقرب إجابة، قال صلى الله عليه وسلم: \n «جَوْفُ اللَّيْلِ، وَأَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ» \n ، قالوا: والأدبار تكون بعد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» \n ، ومعلومٌ أن هذا لا يقال إلا بعد السلام، فيكون قوله:\n «أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ» أي: بعد السلام.\n
فنقول: هذا الفهم للحديث غير مُتَعَيِّن، بل يجب أن يُحْمَل على أن المراد بالأدبار آخر الصلوات، بدليل حديث ابن مسعود، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء بعد التشهد، والسنة يُفَسِّر بعضها بعضًا، أما أدبار الصلوات فقد أرشد الله سبحانه وتعالى عباده إلى أن يذكروا الله بعدها، فقال: \n {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ}، وليس فيه الأمر بالدعاء.\n
وعلى هذا فنقول: ما ورد مُقَيَّدًا بدُبُر الصلاة، فإن كان ذِكْرًا فهو بعد السلام، وإن كان دعاء فهو قبل السلام، والدعاء أدبارَ الصلوات يكون قبل السلام.\n
فإن قال قائل: إن دُبُرَ الشيء بعده، كما في الحديث:\n أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، أي: بعد موته؟\n
فالجواب: أن الدبر ما كان الشيء مُسْتَدْبِرًا له، وقد يكون منه، وقد لا يكون منه، والذي يُعَيِّن كونه منه أو ليس منه القرائن والسياق، ولهذا يقال: دبر الحيوان، وهو منه، آخره، فكذلك الدبر يُفَسَّر في كل موضع بما تقتضيه الحال والسياق.\n
بقي علينا أن نقول: المحافظة على الدعاء بعد النافلة كما يفعله عَوَامُّنا، يحافظون محافظةً شديدة على الدعاء بعد النافلة، حتى إن بعضهم يرى أنه إن لم يكن من السنن فهو من الواجبات. \n
حتى إننا نرى بعضهم إذا أقيمت الصلاة وهو يسلم من النافلة قبل أن يقوم ليصلي الفريضة يرفع يديه هكذا، وتشك هل دعا ولَّا ما دعا، يرفع يديه ثم يمسح وجهه، ثم يمسح بعضها ببعض، ثم يقوم يصلي، يمكن ما دعا، لكن يلازمون على هذا ظنًّا منهم أنه أمر واجب، أو قريب من الوجوب، فهذا لا شك أنه لا أصل له، ولا أحد من أهل العلم قاله. \n
ولهذا ينبغي لطلبة العلم أن يُنَبِّهُوا الناس، ولكن بالرفق؛ لأن العامة إذا أُنْكِر عليهم شيء اعتادوه نفروا، فإذا أُتُوا بالحكمة واللين هبطوا وقَبِلُوا، ولذلك ما أكثر الذين يسألون: ما حكم رفع اليدين بعد صلاة النافلة؟! فيظنون أن الحكم معلَّق برفع اليدين، والحكم ما هو معلَّق برفع اليدين، الحكم معلَّق بالدعاء، سواء رفعت أم لم ترفع. \n
نقول: ما دمت تريد أن تدعو الله ادع الله قبل أن تُسَلِّم، هذا هو المشروع، هذا هو تعليقنا على قوله: \n (ويدعو بما ورد). \n
وسبق لنا أن الدعاء لو قال: بما أحب، لكان أحسن؛ لأجل يشمل الدعاء بالوارد وغيره؛ لأن الإنسان يدعو بما شاء، حتى في أمور الدنيا على القول الراجح فإن له أن يدعو الله تعالى بشيء من أمور الدنيا، ولا حرج عليه. \n

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (والمرأة مثله)، (مثله) أي: مثل الرجل، المرأة مثل الرجل، ما الدليل؟ الدليل عدم الدليل، كيف يكون الدليل عدم الدليل؟ \n
نعم، الدليل عدم الدليل على التفريق بين المرأة والرجل، وعلى هذا فإذا قال لنا قائل: ما الدليل على أن المرأة تصلي كما يصلي الرجل؟ نقول: الدليل عدم الدليل، وما الدليل على أنها لا تصلي كصلاة الرجل، والأصل في النساء أنهن كالرجال في الأحكام، كما أن الأصل في الرجال أنهم كالنساء في الأحكام. \n

","SearchText":" نهايتها بدايه فرعون، وهي ادعاء الربوبيه وانه الرب. ولكن من حكمه الله عز وجل ان الله سبحانه وتعالي يعطيه ايات فيها الفتن العظيمه، فانه ياتي الي القوم يدعوهم فيتبعونه، فيصبحون وقد نبتت اراضيهم، وشبعت مواشيهم، فتعود اليهم اوفر ما تكون لبنا، واسبغه ضروعا، يعني انهم يعيشون برغد؛ لانهم اتبعوه. وياتي القوم فيدعوهم فلا يتبعونه، فيصبحون ممحلين، ما في اراضيهم شيء، وهذه فتنه عظيمه، لا سيما في الاعراب، الاعرابي يفتتن بهذا افتتانا عظيما، ويمر بالخربه فيقول: اخرجي كنوزك، امر، فتخرج كنوزها تتبعه كيعاسيب النحل، تتبعه، من ذهب وفضه وغيرها، بدون الات وبدون شيء، فتنه من الله عز وجل، فالفتنه عظيمه جدا، ثم مع ذلك هذه حاله في معاملته لاهل الدنيا، اللي بيتمتع بالدنيا او يباس فيها. اما المال فان الله تعالي جعل معه جنه ونارا، بحسب رءيا العين، لكن جنته نار، وناره جنه، من اطاعه ادخله هذه الجنه فيما يري الناس، ولكنها نار محرقه -والعياذ بالله-، ومن عصاه ادخله النار فيما يراه الناس، ولكنها جنه وماء عذب طيب. اذن يحتاج الامر الي تثبيت من الله عز وجل، ان لم يثبت الله المرء هلك وضل، فيحتاج الي ان يثبت الله المرء علي دينه ثباتا قويا تاما. يخرج اليه رجل من الناس شاب فيقول له: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فيدعوه فيابي ان يتبعه فيامر ويشق هذا الانسان نصفين، ويجعل نصفا هنا ونصفا هنا ويمشي بينهما، تحقيقا للتباين؛ تباين جسده بعضه عن بعض، ثم يدعوه: قم يا فلان، فيقوم يتهلل وجهه، يقوم في الحال، ويقول: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. لله دره!! ما يخاف، ثم يقتله ثانيه ويمر بين شقيه، ثم يدعوه فيقوم يتهلل ويقول: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ثم ياتي ليقتله فلا يسلط عليه، يعجز عن قتله، ولن يسلط علي احد بعده. فهذا من اعظم الناس شهاده عند الله؛ لانه في هذا المقام العظيم الرهيب الذي لا نتصوره نحن في هذا المكان، لا يتصور رهبته الا من باشره، المقام رهيب عظيم، ومع ذلك يصرح علي الملا اعذارا وانذارا بانك انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. هذه حاله وما يدعو اليه، ولكن هذه المحنه العظيمه لا تدوم، وهو الوجه الرابع الذي نتكلم عنه. مقدار لبثه في الارض اربعون يوما فقط، لكن يوم كسنه، ويوم كشهر، ويوم كجمعه، وساءر ايامه كايامنا، هكذا حدث النبي صلي الله عليه وسلم. قال الصحابه رضي الله عنهم: يا رسول الله، هذا اليوم الذي كسنه اتكفينا فيه صلاه يوم واحد؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» ، انظروا يا اخواني الي هذا المثال لتاخذوا منه عبره، كيف كان تصديق اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لرسول الله؟ ما ذهبوا يحرفون او يءولون، او يقولون: ان اليوم لا يمكن ان يطول؛ لان الشمس تجري في فلكها ولا تتغير، ولكنه يطول لكثره المشاق فيه ولعظم المشاق فيه، فهو يطول؛ لانه متعب، ما قالوا هكذا، كما يقوله بعض المتحذلقين. بماذا صدقوا؟ صدقوا بان هذا اليوم سيكون اثني عشر شهرا حقيقه، بدون تحريف وبدون تاويل، وهكذا حقيقه المءمن، ينقاد لما اخبر الله به ورسوله من امور الغيب، وان حار فيها عقله، لكن يجب ان تعلم ان خبر الله ورسوله لا يكون فيما يكون محالا في العقول، لكن فيما يكون حيره في العقول، يعني العقول تتحير؛ لانها ما تدركه، لكن لا يمكن ان يكون شيءا محالا. فالرسول صلي الله عليه وسلم اخبر بان اول يوم من ايام الدجال كسنه، لو ان هذا الحديث مر علي المتاخرين الذين يدعون انهم هم العقلاء لقالوا: ان طوله مجاز عما فيه من التعب والمشاق؛ لان ايام السرور قصيره، وايام الشرور طويله. ولكن الصحابه رضي الله عنهم لصفاءهم وقبولهم سلموا في الحال، وقالوا: ان الذي خلق الشمس، وجعلها تجري في اربعه وعشرين ساعه في اليوم والليله، قادر علي ان يجعلها تجري في اليوم كم؟ اثني عشر شهرا؛ لان الخالق واحد عز وجل، فهو قادر، ولذلك سلموا، وقالوا: كيف نصلي؟ ما سالوا عن الامر الكوني؛ لانهم يعلمون ان قدره الله فوق مستواهم، سالوا عن الامر الشرعي الذي هم مكلفون به وهو الصلاه، وهذا والله حقيقه الانقياد والقبول، قالوا: كيف نصلي؟ قال: «اقدروا له قدره» . وسبحان الله العظيم! اذا تاملت ان هذا الدين تام كامل، لا يمكن ان تكون مساله يحتاج الناس اليها الي يوم القيامه الا وجد لها اصل. كيف انطق الله عز وجل الصحابه ان يسالوا هذا السءال؟ ما قالوا: نصبر حتي ياتي ذاك اليوم نشوف، نبحث. انطقهم الله حتي يكون الدين كاملا ما يحتاج الي تكميل، وقد احتاج الناس الي هذا الان، الان المناطق القطبيه يبقي الليل فيها سته اشهر، والنهار سته اشهر، نحتاج الي هذا الحديث ولا ما نحتاج؟ نحتاج، شوف كيف افتي الرسول عليه الصلاه والسلام هذه الفتوي قبل ان تقع هذه المشكله؛ لان الله تعالي قال في كتابه: {اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي} [الماءده: ٣]، والله لو نتامل كلمه {اكملت لكم دينكم} لعلمنا انه ما يوجد شيء ناقص في الدين ابدا، كامل من كل وجه، لكن النقص فينا؛ اما قصور في علومنا، ولا في افهامنا، ولا ارادات تكون ما هي منضبطه، يكون انسان وده ينصر قوله فيعمي عن الحق، نسال الله العافيه. فلو اننا نظرنا بعلم وفهم وحسن نيه لوجدنا ان الدين -ولله الحمد- لا يحتاج الي مكمل، وانه لا يمكن ان تقع مساله صغيره ولا كبيره الا وجد حلها في الكتاب والسنه، لكن لما كثر الهوي، وغلب علي الناس، صار بعض الناس يعمي عليه الحق، ويخفي عليه الحق، وتجدهم اذا نزلت الحادثه التي لم تكن معروفه من قبل بعينها، وان كان جنسها معروفا، تجدهم يختلفون فيها اكثر من اصابعهم، اذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشره، كل هذا لان الهوي غلب علي الناس الان، والا لو كان القصد سليما والفهم صافيا والعلم واسعا لعرفت. علي كل حال اقول: ان الرسول صلي الله عليه وسلم اخبر بانه يبقي اربعين يوما، فماذا يكون الامر بعد الاربعين؟ ينزل المسيح عيسي بن مريم، الذي رفعه الله اليه، وقد جاء في الاحاديث انه ينزل عند المناره البيضاء في دمشق، او عليها -النسيان مني- ينزل فلا يحل لكافر يجد ريحه الا مات، وهذه من ايات الله، يموت، يلحق الدجال عند باب اللد -اللد الان في فلسطين عند اليهود- فيقتله هناك، وحينءذ يقضي عليه نهاءيا، ولا يقبل عليه الصلاه والسلام الا الاسلام، لا يقبل الجزيه، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويريق الخمر، ولا يقبل الا الاسلام فقط، لا يعبد الا الله. وعلي هذا، فالجزيه التي شرعها الاسلام جعل الاسلام لها امدا تنتهي اليه، متي؟ نزول عيسي، ولا يقال: ان هذا تشريع من عيسي؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم اخبر بذلك مقررا له. فوضع الجزيه عند نزول عيسي من سنه الرسول عليه الصلاه والسلام؛ لان سنه الرسول صلي الله عليه وسلم قوله وفعله واقراره، وكونه يتحدث عن عيسي بن مريم مقرا له، هذا من سنته. والا فان عيسي لا ياتي بشرع جديد، ولا احد ياتي بشرع جديد. ما فيه الا شرع محمد عليه الصلاه والسلام الي يوم القيامه، هذا ما يتعلق بالدجال، نسال الله ان يعيذنا واياكم منه. قال بعض اهل العلم: ان الرسل الذين انذروا قومهم به لم ينذروهم بعينه، وانما انذروهم بجنس فتنته، يعني انذروهم من الدجاجله. ولكن هذا القول ضعيف، بل هو نوع من التحريف؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم اخبر بانه ما من نبي الا انذره قومه، وهذا صريح في ان الناس انذروا قومهم بعين الرجل هذا، وقد سبق لنا بيان الحكمه من انذار الرسل به. ولكن يجب علينا ان نعلم ان جنس هذه الفتنه موجود حتي في غير هذا الرجل، يوجد من بني ادم الان من يضل الناس بحاله وقاله، وبكل ما يستطيع، وتجد ان الله سبحانه وتعالي بحكمته اعطاه بيانا وفصاحه، {ليهلك من هلك عن بينه ويحيي من حي عن بينه} [الانفال: ٤٢]. فعلي المرء اذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون في اهل البدع من اناس يبتدعون في العقيده، واناس يبتدعون في السلوك، وغير ذلك، يجب عليه ان يعرض هذه البدع علي اي شيء؟ علي الكتاب والسنه، وان يحذر منها، والا يغتر بما تكسي من زخارف القول؛ فان هذه الزخارف كما قيل فيها: حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور فالدجال المعين لا شك ان فتنته اعظم شيء، لكن هناك دجاجله يدجلون علي الناس ويموهون عليهم، فيجب الحذر منهم، ومعرفه اراداتهم ونواياهم، ولهذا قال الله تعالي في المنافقين: {هم العدو فاحذرهم} ، مع انه قال: {وان يقولوا تسمع لقولهم} ، يعني: بيانه وفصاحته وعظمه يجرك جرا الي ان تسمع، لكن {كانهم خشب مسنده} [المنافقون: ٤]، ما فيهم خير، حتي الخشب ما هي قاءمه بنفسها {مسنده} ، تقوم علي الجدار، فهي لا خير فيها، {يحسبون كل صيحه عليهم هم العدو فاحذرهم} [المنافقون: ٤]. فهءلاء الذين يتزينون للناس باساليب القول، سواء في العقيده، او في السلوك والمنهج، يجب الحذر منهم، وان تعرض اقوالهم وافعالهم علي كتاب الله وسنه رسوله صلي الله عليه وسلم، فما خالفهما فهو باطل مهما كان، ولا تقولن: ان هءلاء القوم اعطوا فصاحه وبيانا لينصروا الحق؛ فان الله تعالي قد يبتلي، فيعطي الانسان فصاحه وبيانا وان كان علي باطل، كما ابتلي الله الناس بالدجال وهو علي باطل بلا شك. بقي علينا بحث صغير: هل الدجال من بني ادم؟ نعم، هو من بني ادم، وبعض العلماء -لكن اقوال- يقول: انه شيطان، وبعضهم يقول: ان اباه انسي وامه جنيه، علي كل حال ما ندري، هذه كلها اقوال ما هي صحيحه، فالذي يظهر ان الدجال من بني ادم، وانه كبني ادم؛ يحتاج الي الاكل والشرب، وغير ذلك، ولهذا يقتله عيسي قتلا عاديا كما يقتل البشر. يقول: ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنه المسيح الدجال. طالب: موجود الان يا شيخ؟ الشيخ: لا، ما وجد؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم في اخر حياته خطب الناس وقال: «انه علي راس مءه سنه لا يبقي علي وجه الارض ممن هو عليها اليوم احد» ، وهذا خبر، وخبر النبي عليه الصلاه والسلام لا يدخله الكذب نهاءيا، وهو متلقي من الوحي؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم لا يعلم مثل الغيب، فهو غير موجود، لكن الله يبعثه متي شاء. طالب: (...). الشيخ: فيه نظر، حديث الترمذي فيه نظر. طالب: علاماته يا شيخ؟ الشيخ: هذا ليس وقت السءال، البحث فقهي، لكن تعرضنا لهذه المساءل؛ لانه يندر ان توجد في كتب التوحيد الا كان في المستقبل ان شاء الله. يقول: (ويدعو بما ورد) ، ليت المءلف قال: ويدعو بما احب؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم لما ذكر حديث ابن مسعود في التشهد قال: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» ، لكن يمكن ان نجيب عن كلام المءلف فنقول: انه ينبغي ان يبدا الانسان بما ورد؛ لان الدعاء الوارد خير من الدعاء المصطنع الذي انت تقوله، فاذا وجد دعاء وارد، فالتزامه اولا، ثم تدعو بما شءت. ومما ورد في هذا: «اللهم اعني علي ذكرك، وعلي شكرك، وعلي حسن عبادتك» ، فان الرسول صلي الله عليه وسلم امر معاذ بن جبل ان يدعو به دبر كل صلاه مكتوبه، وفي بعض الالفاظ امره ان يدعو به في صلاته، فاذا جمعنا بين اللفظين قلنا: في صلاته في دبرها، اي: في اخرها. والقول بان هذا الدعاء في اخر الصلاه اصح من القول بانه بعد السلام؛ لان الذي بعد السلام انما هو الذكر، {فاذا قضيتم الصلاه فاذكروا الله} [النساء: ١٠٣]، واما ما قيد بدبر الصلاه وهو دعاء فانه في اخرها. وسءل شيخ الاسلام رحمه الله: كيف يقول: دبر الصلاه، فقال: دبر الشيء منه، كدبر الحيوان، فان الحيوان له دبر، ودبره في نفس الجسم، فكذلك دبر الصلاه يكون من الصلاه، واذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم ارشدنا الي ان ندعو بعد التشهد صار الدعاء المقيد بالدبر محله قبل السلام اخر الصلاه. اما دبر الصلاه فهو الذكر؛ ولهذا لا يرد علينا ان الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاه» ، ومعلوم ان هذا بعد السلام بالاتفاق؛ لان هذا مطابق للايه: {فاذا قضيتم الصلاه فاذكروا الله} ، والاول الدعاء اللي قلنا يكون في اخر الصلاه قبل السلام مطابق للحديث: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» . طالب: شيخ، حديث الجساسه (...)؟ الشيخ: والله في قلبي منه شيء. طالب: (...) احد من العلماء؟ الشيخ: اي، فيه من انكرها، صرح بانكارها. طالب: طول مده الدجال، اقول: تخرج عن العاده. الشيخ: الله علي كل شيء قدير، لكن الحديث اللي ذكرته لكم في الصحيحين: «لا يبقي علي وجه الارض ممن هو عليها اليوم احد» . طالب: قلنا في تفسير العين الطافءه قلنا: (...) الطافءه، وهنا تفسير ممسوح العين، فلا يتوافق مسيح من ممسوح العين وتكون طافءه (...) الدجال، ما تكون ممسوحه. الشيخ: لا، يمكن ان تكون طافءه، اذا صار المرتفع يسيرا صار طرف العين غارا. طالب: من جهه يعني؟ الشيخ: اي نعم، من جهه. طالب: احسن الله اليك، بعض العلماء اخذوا من قول النبي صلي الله عليه وسلم في قتل عيسي للمسيح الدجال انه يقتله بسيفه، قال: هذا فيه دليل علي ان اخر الزمان الدبابات والرشاشات الموجوده الان ستفني. الشيخ: والله ما ادري، اللي اعرف في الحديث: يقتله، لكن في ياجوج وماجوج انهم يرمون بنشابهم الي السماء، فترجع اليهم مخضبه بالدماء، فيقولون: قتلنا من في الارض وقتلنا من في السماء، ولا نستبعد ان هذه تروح، انا حدثني انسان بانهم الان عثروا علي صناعه اله تبطل كل الكمبيوتر، كل شيء علي الكمبيوتر تبطله، حتي الطاءرات تسقط علي الارض اذا شغلوا هذا، بس انه الان من الاشياء السريه، انا حدثني واحد في مركز الدراسات اظن.. طالب: كليه الملك عبد العزيز. الشيخ: المهم انه قال: انه بس من الامور السريه هذه، الي الان لم تخرج، وهذا اذا خرج معناه ابطل كل شيء، والله علي كل شيء قدير، لكن احنا ليت معنا سلاح ايمان، لو معنا سلاح ايمان ما نفعتهم دباباتهم ولا صواريخهم. طالب: شيخ، احسن الله اليكم، دلت السنه يا شيخ علي ان حفظ اول عشر ايات من سوره الكهف او اخرها عصم بها من الدجال، اقول احسن الله اليكم: لا شك ان النص (...) بنفسه، لكن اقول: ما المناسبه بين العشر ايات..؟ الشيخ: الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «من ادركه فليقرا عليه بفواتح سوره الكهف» ، فليقرا عليه بذلك. الطالب: يقرا علي الدجال. الشيخ: يقرا علي الدجال، فيه لفظان: فليقرا عليه بكذا، وفليقرا عليه كذا. الطالب: وحفظها ما جاء؟ الشيخ: ما ادري والله، لكن حفظها لاجل يقرا عليه. الطالب: لكن مناسبتها يا شيخ؟ الشيخ: الله اعلم. طالب: سمعنا انه يقول للارض تنبت، وكيف يتنقل يا شيخ؟ هل هو علي حمار كما قالوا؟ الشيخ: الرسول صلي الله عليه وسلم سءل عن سيره الحقيقه، لكن البحث ينسي بعضه بعضا: كيف سيره في الارض؟ قال: «كالغيث استدبرته الريح» ، مثل السحاب اللي شالته الريح، السحاب اللي شالته الريح من اسرع ما يكون. الطالب: تري تنبت الارض يا شيخ؟ الشيخ: اي نعم. الطالب: كيف؟ الشيخ: يقول لها: انبتي، ويقول للسماء: امطري، تمطر، فتنه عظيمه. طالب: احسن الله اليك، هل هو اول علامات الساعه الدجال، او طلوع الشمس من مغربها؟ الشيخ: لا، ما هو اول، طلوع الشمس من مغربها اخر شيء؛ لانها اذا طلعت من مغربها لم ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل، والايمان بعد الدجال يكون، عيسي بن مريم واللي معه كلهم مءمنون. طالب: بالنسبه للدعاء في اخر الصلاه، هل يمكن ان يطلب شيءا من امور الدنيا، ولا خاص بس .. الشيخ: ويش ودك تطلب؟ الطالب: بيت، سياره، زوجه. الشيخ: اطلب، ما فيه مانع. طالب: بالنسبه (...) المذكور في (...) شيخ، ما ورد انه يحيي الموتي، ياتي الرجل اللي ابوه وامه ميتان فيحييهما. الشيخ: هذه ما رايتها، لكن قضيه الشاب هذا احياء موتي. طالب: شيخ، المسيح ما اسمه؟ الشيخ: ذكرنا هذا. *** الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: (ويدعو بما ورد ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمه الله، وعن يساره كذلك. وان كان في ثلاثيه او رباعيه نهض مكبرا بعد التشهد الاول، وصلي ما بقي كالثانيه بالحمد فقط، ثم يجلس في تشهده الاخير متوركا، والمراه مثله، لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها). الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان الانسان يتعوذ من اربعه اشياء: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنه المسيح الدجال. واخر ما تكلمنا عليه المسيح الدجال من عده وجوه؛ اولا: في مكانه، وفي هدفه، وفي زمانه، وفي مكثه في الارض، وفي فتنته وعظمها، وكل هذا اظنه علم لكم، اليس كذلك؟ طالب: بلي. الشيخ: فكم مكثه؟ طالب: اربعون يوما، يوم كسنه، ويوم كشهر، ويوم كجمعه، وساءر ايامه كايامنا العاديه. الشيخ: ومن اين يخرج؟ طالب: يخرج من المشرق من خراسان، ومارا باصفهان، ثم يتجه نحو المدينه. الشيخ: من بين الشام والعراق. هل يمكن ان يدخل المدينه؟ طالب: لا يمكن. الشيخ: لا يمكن. الطالب: علي كل باب ملاءكه يحفظونها. الشيخ: ومكه؟ الطالب: كذلك. الشيخ: ومكه كذلك لا يمكن ان يدخلها. ما هي نوع فتنته، يعني باي شيء يفتن الناس؟ طالب: بانه اله. الشيخ: يدعوهم الي..؟ الطالب: عبادته. الشيخ: الي عبادته وتاليهه. وهل يبرر ذلك تلك الدعوي؟ طالب: نعم. الشيخ: بماذا؟ الطالب: (...)؟ الشيخ: ما هي او اذكر شيءا منها. الطالب: الاحياء والاماته، انبات الزرع، انزال المطر، اخراج الكنوز. الشيخ: والجنه؟ الطالب: احضار جنه ونار معه. الشيخ: نعم، هل جنته حق؟ طالب: لا. الشيخ: وناره؟ الطالب: ليس كذلك. الشيخ: ليس كذلك، اذن ما جنته؟ الطالب: جنته نار. الشيخ: اي نعم، وناره؟ الطالب: جنه. الشيخ: وناره جنه. احياء الموتي، صوره المساله؟ طالب: هو ان ياتيه شاب ثم يقول: انت المسيح الدجال الذي اخبرنا عنك رسول الله صلي الله عليه وسلم، فيقتله فيشقه نصفين ثم يمر بينه، ثم يعود كما كان، ثم يقول له: انت المسيح الدجال الذي اخبرنا بك رسول الله صلي الله عليه وسلم، ثم يكررها، ثم يريد ان يقتله فلا يستطيع ان يقتله، ولا يقتل احدا بعده. الشيخ: هو انه ياتيه هذا الرجل الشاب، ويقول: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فيامر به فيضرب ويشج ويوسع ظهره وبطنه ضربا، ثم يعيد عليه المساءله ثانيه، ثم يقول له: انت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فيشقه نصفين ويمشي بينهما، وانا ذكرت لكم في الدرس الماضي انه يفعل به هذا مرتين، ولكن المره الاولي ليست قتلا، انما هي شج وضرب فقط. هذا اليوم الذي كسنه كيف يصنع الناس فيه من جهه الصلاه ومن جهه الصيام؟ طالب: سال الصحابه الرسول عليه الصلاه والسلام: كيف يكفينا صلاه واحده؟ قال: «اقدروا للصلاه قدرها» ، كل فرض ياتي يحسب الزمن العادي اللي كان يصلي فيصلون، ثم يصلون بعده، في هذا اليوم يصلون عده صلوات. الشيخ: يعني يصلون صلاه سنه كامله، وفي الشهر؟ الطالب: وفي الشهر كذلك، يقدرون له قدره، صلاه شهر كامل، وفي الاسبوع..؟ الشيخ: صلاه شهر كامل وفي الاسبوع كذلك. ما نهايه الدجال؟ طالب: (...) ينزل عيسي بن مريم عليه الصلاه والسلام فيقتله. الشيخ: فيقتله، وينتهي امره. اعطانا رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه علامه، وهي انه اعور العين اليمني، كان عينه عنبه طافءه او طافيه، وعلامه اخري انه مكتوب بين عينيه (كافر)، وكتبت في الحديث: (ك ف ر) يقرءها كل مءمن؛ يقرا او ما يقرا، ويعمي عنها الكافر والمنافق. لم يفصح المءلف بحكم هذه الاستعاذه، هل هي واجبه او لا، ولكن سياتينا ان شاء الله بيان انها ليست واجبه؛ لان المءلف -رحمه الله- سيذكر فيما بعد الاركان والواجبات، وما عداها فهو سنن، وهو لم يذكر هذه في الواجبات، ولا في الاركان. وعلي هذا يكون التعوذ بالله من هذه الاربع سنه، وهذا هو المشهور عند اكثر اهل العلم، ومنهم الاءمه الثلاثه. وعن الامام احمد رحمه الله روايه ان التعوذ من هذه الاربع واجب؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم امر بها، ولان هذه الاشياء الاربعه امرها عظيم وشانها كبير، فكانت جديره بان تفرض علي المسلمين ليقولوها في صلاتهم، ليستعيذوا بالله منها في صلاتهم؛ لان خطرها من اعظم الخطر، واذا نجا الانسان منها فقد نجا. فعلي هذا نقول: المساله فيها قولان لاهل العلم -اي في وجوب التعوذ بالله من هذه الاربع فيه قولان لاهل العلم-: القول الاول: ان ذلك واجب؛ لامر النبي صلي الله عليه وسلم، ولشده خطرها وعظمها. والقول الثاني: انها سنه، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء. ولا شك انه لا ينبغي للانسان ان يخل بها، فان اخل بها فانه علي خطر من امرين؛ الامر الاول: الاثم، والامر الثاني: الا تصح صلاته، ولهذا كان بعض السلف يامر باعاده الصلاه علي من لم يتعوذ بالله منها. وسبق لنا ان المءلف يقول بعد ذلك: (يدعو بما ورد) ، فقوله: (بما ورد) (ما) اسم موصول يشمل كل الوارد. ولكن ليس مراده ان كل دعاء ورد في السنه يدعي به هنا، وانما مراده ان يدعو بما ورد الدعاء به في هذا المكان، ومنه ما سبق: «اللهم اعني علي ذكرك، وعلي شكرك، وعلي حسن عبادتك» ، ومنه ما علمه النبي صلي الله عليه وسلم ابا بكر رضي الله عنه حين قال: يا رسول الله، علمني دعاء ادعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب الا انت، فاغفر لي مغفره من عندك، وارحمني؛ انك انت الغفور الرحيم» ، ولكن لو دعا بدعاء غير ذلك فانه يجوز. لكن ظاهر كلام المءلف انه لا بد ان يكون الدعاء واردا، ولكن هل مراده واردا باعتبار الجنس، او باعتبار النوع والعين؟ فيه احتمال؛ يحتمل انه يريد بما ورد بعينه، ويحتمل ان يريد بما ورد بجنسه، والذي ورد الدعاء بجنسه في الصلاه هو ما يتعلق بامر الاخره، واذا قلنا بهذا الاحتمال صار معني كلام المءلف ان يدعو بدعاء يتعلق بامور الاخره، سواء ورد هذا الدعاء بعينه ام لم يرد، وان قلنا بالاحتمال الاول؛ بما ورد بعينه، صار يتقيد بما ورد بعينه في هذا الموضع. لكن الاحتمال الاول اشمل؛ ان يدعو بما ورد باعتبار الجنس، وهو ما يتعلق بامور الاخره، فيدعو بما يتعلق بامور الاخره بما شاء. ولكن هاهنا مساله؛ وهي انه ينبغي المحافظه اولا علي الوارد في هذا المكان بعينه، ثم بعد ذلك يدعو بما شاء. وظاهر كلام المءلف انه لا يدعو بغير ما ورد، سواء قلنا: ان المراد ما ورد بجنسه او بعينه، فلا يدعو بشيء من امور الدنيا، مثل ان يقول: اللهم ارزقني بيتا واسعا، اللهم ارزقني زوجه جميله، اللهم ارزقني مالا كثيرا، اللهم ارزقني سياره مريحه، اللهم ارزقني ثوبا شتويا في ايام الشتاء، صيفيا في ايام الصيف، وما اشبه ذلك؛ لان هذا يتعلق بامور الدنيا. حتي قال الفقهاء رحمهم الله: لو دعا بشيء مما يتعلق بامور الدنيا بطلت صلاته، لكن هذا قول ضعيف بلا شك. والصحيح انه لا باس ان يدعو بشيء يتعلق بامور الدنيا، وذلك لان الدعاء عباده، وليس للانسان ملجا الا الله، واذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: «اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» ، ويقول: «اما السجود فاكثروا فيه من الدعاء، فقمن ان يستجاب لكم» ، ويقول في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» . والانسان لا يجد نفسه مقبلا تمام الاقبال علي الله الا وهو يصلي، فكيف نقول: لا تسال الله وانت تصلي شيءا تحتاجه في امور دنياك! هذا بعيد جدا. وقد جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاه والسلام: «ليسال احدكم ربه حتي شسع نعله» ، وشسع النعل يتعلق بامور الدنيا. فالصواب بلا شك انه يدعو بعد التشهد بما شاء من خير الدنيا والاخره، واجمع ما يدعي به في ذلك: {ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الاخره حسنه وقنا عذاب النار} [البقره: ٢٠١]، فان هذه جامعه لخير الدنيا والاخره. قولنا: انه يدعو علي القول الراجح بما شاء، هل يجوز الدعاء لمعين، بان يقول: اللهم اجز فلانا عني خيرا، او: اللهم اغفر لفلان؟ الجواب: نعم يجوز؛ لان هذا دعاء، واذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم ثبت عنه انه دعا علي قوم معينين، ودعا لقوم معينين؛ فدعا للمستضعفين في مكه، ودعا علي الطغاه في مكه، لكنه نهي عن الدعاء علي الطغاه باللعن، انما دعا صلي الله عليه وسلم لمعين، فيجوز ان تدعو لمعين وانت في صلاتك، سواء كان اباك ام امك ام اخاك، ام اي انسان تحب ان تدعو له. قال: (ويدعو بما ورد) . لكن لو دعا لشخص بصيغه الخطاب فتذكر وهو يصلي، فقال: غفر الله لك يا شيخ الاسلام ابن تيميه. فهل تبطل صلاته؟ الفقهاء يقولون: تبطل؛ لانه اتي بكاف الخطاب، والخطاب لا يجوز في الصلاه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: «ان هذه الصلاه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» ، ولم يستثنوا الا النبي عليه الصلاه والسلام، قالوا: انك تخاطبه: السلام عليك ايها النبي، اما غيره لا تات له بكاف الخطاب مطلقا. ولكن هذا القول في النفس منه شيء، وذلك لانك اذا قلت: غفر الله لك يا فلان، وانت تصلي، فانك لا تشعر بانك تخاطبه ابدا، ولكن تشعر بانك مستحضر له غايه الاستحضار حتي كانه امامك، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال حين تفلت عليه الشيطان، قال: «العنك بلعنه الله» ، فخاطبه. فبعضهم يقول: ان هذا الحديث قبل تحريم الكلام، وبعضهم يءوله، ولكن كلا الجوابين فيه نظر. فالذي يظهر ان خطاب الادميين ان تخاطبه، مثلا يمر بك تقول: يا فلان تعال، وين انت رايح؟ هذا كلام ادميين، تبطل به الصلاه ولا ما تبطل؟ تبطل، لكن شخص يستحضر شخصا ميتا، ثم يقول: غفر الله لك يا فلان، في كون هذا من الكلام المبطل للصلاه نظر. ولكن درءا للشبهه بدل ان يقول: غفر الله لك، يقول: اللهم اغفر له، وهذا جاءز بالاتفاق. قال المءلف: (ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمه الله، وعن يسار كذلك) . يسلم بعد التشهد والدعاء، يسلم عن يمينه وعن يساره، يقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمه الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمه الله. وهذا خطاب: السلام عليكم، لكنه خطاب يخرج به من الصلاه، بخلاف الخطاب الذي يكون في اثناء الصلاه فقد سمعتم القول فيه، اما هذا فهو خطاب يخرج به من الصلاه. علي من يسلم: السلام عليكم؟ طالب: علي الخلاف، انه يسلم علي من (...) لا مثل، قال انه يسلم علي من جنبه بالصفوف، وقيل: انه يسلم علي الملاءكه، وقيل: انه يسلم علي.. الشيخ: يقولون: اذا كان معه جماعه فيسلم عليهم: عليكم، واذا لم يكن معه جماعه فيسلم علي الملاءكه الذين علي يمينه وشماله، يقول: السلام عليكم ورحمه الله. لكن هذا السلام الان اذا سلم الانسان مع الجماعه، هل يجب علي الجماعه ان يردوا عليه؟ لا، وان كان قد روي ابو داود ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يسلم عليهم ويسلم بعضهم علي بعض بهذا السلام، لكن الظاهر ان يقال: هذا السلام حاصل من الجميع، فكل واحد يسلم علي الاخر، فاكتفي بسلام الثاني عن الرد؛ السلام عليكم، الثاني يقول: السلام عليكم. هذا هو اقرب ما يقال في رد هذا السلام، والا فلا شك ان المامومين يسلم بعضهم علي بعض بهذا، كما قال النبي عليه الصلاه والسلام حينما كانوا يرفعون ايديهم يومءون بها، قال: «ما لي اراكم تومءون بايديكم كانها اذناب خيل شمس؟ انما كان يكفي احدكم ان يقول: السلام عليكم، من علي يمينه، ومن علي شماله: السلام عليكم» . وهذا يدل علي ان هذا السلام يقصد به السلام علي من بجانبه، لكنه لما كان كل واحد يسلم علي الثاني اكتفي بهذا عن الرد. قال: (السلام عليكم ورحمه الله) ، سبق شرحها في التشهد، السلام عليك ايها النبي ورحمه الله. قال: (وعن يساره كذلك) يقول: السلام عليكم ورحمه الله، وهاهنا بحث في السلام: اولا: لو قال: سلام عليكم، بدون (ال)، هل يجزء؟ الجواب: نعم، لكن السنه ان يكون بـ(ال)؛ لان هذا هو الذي جاء به الحديث، فيقول: السلام عليكم. الثاني: لو جاء بالافراد، قال: السلام عليك ورحمه الله، فانه لا يجزء؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، ولوجود الفرق بين الافراد وبين الجمع. ولو قال: السلام عليكم، فقط، فهل يجزء؟ فيه خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: لا يجزء، ومنهم من قال: يجزء؛ لانه قد ورد في حديث رواه النساءي اشرت اليه قبل قليل: «ان يقول احدكم من علي يمينه وعلي شماله: السلام عليكم» ، بدون ذكر: (ورحمه الله)، وعلي هذا فيكون قوله: (ورحمه الله) سنه، وليس بواجب. ومنها -من البحث في السلام-: هل يزيد علي ذلك فيقول: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته؟ هذا موضع خلاف بين العلماء؛ فمنهم من قال: الافضل الا يزيد، وهو المشهور من مذهب الامام احمد، الا يزيد علي قوله: ورحمه الله، لا في التسليمه الاولي، ولا في التسليمه الثانيه. وذهب بعض اهل العلم الي انه يزيد في التسليمه الاولي: (وبركاته)، دون الثانيه، فيقول في الاولي: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. وفي الثانيه: السلام عليكم، فقط؛ لحديث اخرجه ابو داود، قال الحافظ ابن حجر: ان اسناده صحيح. ومنها -اي من البحث في السلام-: لو اقتصر علي تسليمه واحده، فهل يجزء؟ هذا ايضا موضع خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: يجزء؛ لحديث عاءشه: وكان يختم الصلاه بالتسليم. وهذا لفظ مطلق يصدق بواحده. ومنهم من قال: لا يجزء؛ وان (ال) في التسليم للعهد الذهني، اي: بالتسليم بالمعهود، وهو السلام عليكم ورحمه الله، من اليمين، والسلام عليكم ورحمه الله، من اليسار. واستدلوا لذلك بقوله في الحديث الذي رواه النساءي اشرنا اليه قبل قليل: «انما كان يكفي احدكم ان يقول: السلام عليكم، من علي يمينه ومن علي شماله» ، وقالوا: ان ما دون الكفايه لا يكون مجزءا ولا جاءزا؛ لانه قال: يكفيك كذا، معناه ما دونه لا يكفي، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابله، وانه لا بد من التسليمتين، ولا يجوز ان يخل بهما. واستدلوا ايضا بمحافظه النبي صلي الله عليه وسلم علي التسليمتين، وقالوا: ان محافظته عليهما حضرا وسفرا، في حضور البوادي، والاعراب، والعالم، والجاهل، يدل علي انه لا بد منهما، ويرشح ذلك قوله: «صلوا كما رايتموني اصلي» . وقال بعض اهل العلم: تجزء واحده في النفل دون الفرض؛ لانه ورد عن النبي عليه الصلاه والسلام انه سلم في الوتر تسليمه واحده تلقاء وجهه، وقالوا: ان النفل قد يخفف فيه ما لا يخفف في الفرض، وعلي هذا فتجزء التسليمه الواحده في النفل دون الفرض. فهذه اقوال ثلاثه؛ هل لا بد من التسليمتين في الفرض والنفل، كما هو المشهور من المذهب، او تجزء تسليمه واحده في الفرض والنفل، او تجزء تسليمه واحده في النفل دون الفرض؟ علي كل حال الاحتياط من الاقوال الثالثه هو ان يسلم مرتين؛ لانه اذا سلم مرتين لم يقل احد من اهل العلم: ان صلاتك باطله، ولو سلم مره واحده لقال له: من اهل العلم من يقول: ان صلاتك باطله. ومن المعلوم ان النبي صلي الله عليه وسلم امر بالاحتياط فيما لم يتضح فيه الدليل، فقال عليه الصلاه والسلام: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما امور مشتبهات، فمن اتقي الشبهات استبرا لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام» . وقال عليه الصلاه والسلام: «دع ما يريبك الي ما لا يريبك» ، وانت اذا اتيت بالتسليمه الثانيه فقد اتيت بذكر تتقرب به الي الله عز وجل، وتسلم به من ان يقال: ان صلاتك باطله. علي ان الذين قالوا بوجوب التسليمتين في الفرض والنفل قالوا: ان فعل الرسول عليه الصلاه والسلام قضيه عين تحتمل النسيان او غير ذلك، فلا يقدم هذا الفعل علي القول الذي قال: انما كان يكفي احدكم ان يقول كذا. ولكن هذا الاحتمال فيه نظر؛ لان الاصل في فعل الرسول صلي الله عليه وسلم التشريع وعدم النسيان، ولا سيما انه سلم واحده تلقاء وجهه علي خلاف العاده، مما يدل علي انه ارادها قصدا، لكن كما قلت: الاحتياط ان يسلم مرتين في الفرض والنفل. قال: (وان كان في ثلاثيه او رباعيه نهض مكبرا بعد التشهد الاول) . (ان كان في ثلاثيه او رباعيه) ثلاثيه مثل المغرب، رباعيه كالظهر والعصر والعشاء. (نهض مكبرا) ، (مكبرا) حال من فاعل (نهض)، تدل علي انه يكون التكبير في حال النهوض، وهو كذلك؛ لان جميع التكبيرات ما عدا تكبيره الاحرام كلها محلها ما بين الركنين، فيكون مكبرا حال النهوض. قال: (نهض مكبرا بعد التشهد الاول) ، والتشهد الاول ينتهي عند قوله: اشهد ان لا اله الا الله، واشهد ان محمدا عبده ورسوله. وظاهر كلام المءلف انه لا يرفع يديه؛ لانه لم يقل: ويرفع يديه، وهذا هو المشهور من المذهب؛ انه لا يرفع يديه اذا قام من التشهد الاول؛ لان مواضع رفع اليدين علي المذهب ثلاثه فقط: عند تكبيره الاحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه. ولكن الصحيح انه يرفع يديه؛ لانه صح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم. وعلي هذا القول فالقول الراجح في هذه المساله انه يرفع يديه اذا قام من التشهد الاول ، ولانه انتقال من نوع الي نوع اخر في الصلاه، فان الركعتين الاوليين يشرع فيهما ما لا يشرع في الركعتين الاخريين، فلما كان هذا انتقال من نوع الي نوع صار من الحكمه ان يميز هذا الانتقال بالرفع، كانه صلاه جديده، وان لم تكن جديده لكنها لتميزها عن الركعتين الاوليين صار يرفع. ولكن متي يكون الرفع؟ يكون الرفع اذا قام؛ لان لفظ الحديث: يكبر حين يقوم ، وليس يرفع وهو جالس ثم ينهض؛ لان هذا الرفع مع التكبير، والتكبير لا يكون الا بعد النهوض، يعني في حال النهوض، وعليه فيكون التكبير اذا قام؛ لان لفظ الحديث: يكبر حين يقوم ، يكبر حين يقوم من الركعتين بعد الجلوس، ومعلوم ان كلمه (حين يقوم) ليس معناها: حين ينهض؛ اذ ان بينهما فرقا، فمن توهم انه يرفع وهو جالس، فليصحح وهمه، بل الرفع يكون اذا انتهي قاءما. يقول رحمه الله: (وصلي ما بقي كالثانيه بالحمد فقط) ، وصلي ما بقي كالثانيه، ايش الثانيه؟ اي كالركعه الثانيه، يعني: فليس فيه تكبيره احرام، ولا استفتاح، ولا تعوذ، ولا تجديد نيه. طالب: ولا قراءه سوره؟ الشيخ: لا؛ لانه قال: (كالثانيه) ، لكن قال: (بالحمد) ، هذا اللي اخرج قراءه السوره، قال: (بالحمد فقط) . تمتاز الركعتان هاتان عن الاوليين انه يقتصر فيهما علي الحمد، وانه يسر فيهما بالقراءه، حتي في الصلاه الجهريه يسر فيهما بالقراءه، فهما ركعتان من نوع جديد. وقول المءلف: (بالحمد فقط) ، يعني: لا يزيد، وهذا هو مقتضي حديث ابي قتاده رضي الله عنه الثابت في الصحيحين، ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يقرا في الركعتين الاخريين بفاتحه الكتاب فقط، ولكن في حديث ابي سعيد الخدري ما يدل علي ان الركعتين الاخريين يقرا فيهما؛ لانه ذكر ان الرسول عليه الصلاه والسلام كان يقرا في الركعتين الاوليين بسوره، ولا يطول الاولي علي الثانيه، ويقرا في الركعتين الاخريين بنصف ذلك. وهذا يدل -اعني حديث ابي سعيد الخدري- علي انه جعل الركعتين الاوليين سواء، والركعتين الاخريين سواء. لكن بعض العلماء رجح حديث ابي قتاده؛ لانه متفق عليه، وحديث ابي سعيد في مسلم، ولان حديث ابي قتاده جزم به الراوي، واما حديث ابي سعيد فقال: حزرنا قيامه، اي: خرصناه وقدرناه، وفرق بين من يجزم بالشيء وبين من يخرصه ويقدره. ولكن الذي يظهر ان امكان الجمع حاصل، يعني انه يمكن الجمع بين الحديثين، فيقال: ان الرسول صلي الله عليه وسلم احيانا يفعل ما يدل عليه حديث ابي سعيد، واحيانا يفعل ما يدل عليه حديث ابي قتاده؛ لان الصلاه -كما تعلمون- ليست واحده حتي نقول: فيه تعارض، كل يوم يصلي الرسول صلي الله عليه وسلم خمس مرات، واذا امكن الجمع وجب الرجوع اليه قبل ان نقول بالنسخ، وقبل ان نقول بالترجيح. قال: (بالحمد فقط، ثم يجلس في تشهده الاخير متوركا) ، يجلس متي؟ اذا اتي بما بقي؛ اما ركعه ان كان في ثلاثيه، او ركعتين اذا كان في رباعيه، يجلس في تشهده الاخير متوركا. وكيفيه التورك: ان يخرج الرجل اليسري من الجانب الايمن، ويجلس علي مقعدته علي الارض، وتكون الرجل اليمني منصوبه، الرجل اليمني منصوبه، والثانيه مفروشه، لكنها خارجه من الجانب الايمن، وهذه احدي صفات التورك. الصفه الثانيه: ان يفرش القدمين جميعا، ويخرجهما من الجانب الايمن. والصفه الثالثه: ان يفرش اليمني، ويدخل اليسري بين الفخذ والساق، بين فخذ اليمني وساقها. كل هذه وردت عن النبي صلي الله عليه وسلم في صفه التورك، وعلي هذا فنقول: ينبغي ان يفعل الانسان هذا مره، وهذا مره، بناء علي القاعده التي قعدها اهل العلم، وهي ان العبادات الوارده علي وجوه متنوعه ينبغي ان يفعلها مره هكذا ومره هكذا؛ للفواءد الثلاث الذي ذكرناها من قبل، نعيدها الان. طالب: اولا: احياء السنه. الشيخ: نعم، احياء السنه، الثاني؟ طالب: تستحضر القلب. الشيخ: ان هذا اقوي لاستحضاره. طالب: اتباع السنه. الشيخ: كيف اتباع؟ طالب: احياء السنه واتباعها. الشيخ: اتباع السنه؛ لانه يفعل هذا وهذا. علي كل حال فيها فواءد، ولا شك انها اشد في الاتباع مما اذا اقتصر علي شيء واحد، ولكن هاهنا مساله، وهي انه يجب علي الانسان اذا اراد ان يفعل هذه العبادات المتنوعه ان يكون علي يقين منها، فان شك رجع الي ما يتيقنه، احيانا ينسي الانسان، مثلا: حديث ابن عباس في التشهد، وحديث ابن مسعود، بينهما بعض الاختلاف، احيانا ينسي الانسان ما جاء في حديث ابن عباس، فماذا يصنع؟ هل يخبط في الحديث، ولا يقتصر علي اللي هو يعلم؟ يقتصر علي الذي يعلم، كما قلنا في قراءات في القران الكريم، القراءات التي يقرا بها في القران اذا كنت حافظا لها مجيدا لها متقنا لها فالافضل ان تقرا بهذا مره، وبهذا مره، ما لم يكن بحضره العوام، واما اذا كنت غير مجيد لها فانك تقتصر علي ما تعلم؛ لءلا تخبط في القران، وهكذا ايضا العبادات. قال: (والمراه مثله) ، المراه مثله في ايش؟ في كل ما تقدم، حتي في رفع اليدين، فترفع يديها، وتجافي عضديها عن جنبيها في الركوع، لكن تضم نفسها في الركوع والسجود، وتسدل رجليها في جانب يمينها. تختلف المراه عن الرجل في بعض الاشياء، وما دام عندكم اسءله نءجلها ان شاء الله. طالب: (...) الحديث، وبعدين قالوا فيه (...) وبركاته، ما الراجح؟ الشيخ: اي، زياده (وبركاته) في التسليمه الاولي فقط. طالب: الاحسن الواحد يقتصر علي السلام عليكم ورحمه الله. الشيخ: اما بالنسبه عند العامه فالافضل ان يقتصر عليها، وفي نفسه لا باس انه يتمها. طالب: طيب لو قال: السلام عليكم ورحمه الله، ثم قال: وبركاته، بينه وبين نفسه. الشيخ: ما فيه مانع، طيبه. طالب: قلنا في دروس سابقه: انه يسن ان يجعل {ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الاخره حسنه} اخر كلامه اخر دعاءه؛ لادله وارده، لكن يا شيخ فيه دليل ورد عن الرسول صلي الله عليه وسلم، يقول علي: كان يقولها ما بين التشهد والتسليم اخر شيء. الشيخ: اللي هي ربنا اتنا؟ الطالب: لا، اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت، وما اسررت وما اعلنت. الشيخ: اي، لكن لا يمنع ان يقول غيرها، كان يقول هذه، ولا يمنع ان يقول.. الطالب: (...) دليل. الشيخ: اقول: ما يمنع ان يقول غيرها، اما لو قال: ولم يقل سواها، صح. طالب: شيخ، قلنا: العله في قول: السلام عليكم ورحمه الله، ان الكاف هنا للخطاب، وقلنا: ان هذه خروج من الصلاه، ما يكون فيه دليل (...)؟ الشيخ: لا، ما فيه دليل؛ لان حديث عاءشه صريح: يختمها بالتسليم. الطالب: كله ذكر. الشيخ: بالتسليم، التسليم ذكر، تجعل الضرطه مثل الذكر؟ ما احد يقول هذا، ان قالها احد ما هو بصحيح. طالب: شيخ، احسن الله اليكم، قلنا: ان قال المصلي: سلام عليكم ورحمه الله، فان ذلك يجزء. الشيخ: نعم. الطالب: لكن نحن قلنا في تفسيرها: انه كالتفسير الذي قلناه في (السلام عليك ايها النبي)، ومن التفسير في قولنا: السلام عليك ايها النبي، ان السلام اسم الله عز وجل. الشيخ: اي، لكن هذا ضعيف، ضعفنا هذا القول. طالب: قال الفقهاء عفا الله عنهم: يبدا بالسلام مع بدء التفاته. الشيخ: هذا هو الظاهر، الظاهر انه يبدا مع بدء حتي يكون الكاف في (السلام عليكم) في حال انتهاء او توسط الالتفات. طالب: ما بيلتفت بعد ما يسلم. الشيخ: لا، معها، اما بعض الناس يقول: السلام عليكم، السلام وهو مستقبل القبله، هذا استحبه بعض الفقهاء، لكن ما له اصل، بعضهم قال: لا يلتفت الا حين ياتي بكاف الخطاب، لكن ظاهر السنه خلاف ذلك، انه يلتفت من حين يبدا بالسلام. طالب: جزاكم الله خيرا، ما ورد الاستعاذه من فتنه الماثم والمغرم؟ الشيخ: بلي، بس ما فيها امر. طالب: شيخ، اذا كان المصلي في نفل، ثم سلم وكان بجواره واحد، هل يجب عليه الرد؟ الشيخ: لا، ما يرد. طالب: هل لا بد انه ينوي الخروج من الصلاه حين السلام؟ الشيخ: كيف؟ طالب: يعني يسلم هكذا، او نقول: لا بد ان تنوي تخرج من الصلاه؟ الشيخ: يعني لو سلم يريد السلام ما هو بالخروج يعني؟ طالب: الفقهاء يقولون: لا بد ينوي بالسلام هذا الخروج من الصلاه. الشيخ: علي سبيل السنيه يعني، لكن هذا معروف، ما احد يسلم من صلاته الا يريد هذا. طالب: هل لا بد ان يلتفت يعني (...) او يلتفت التفاتا يسيرا؟ الشيخ: لا، يلتفت حتي يري بياض خده، لكن كونه يلتفت بكل بدنه لا، يلتفت براسه فقط. طالب: جزاكم الله خيرا، قلنا: عندما تقول: سلام عليكم، ان هذا يحزء لكن مخالف للسنه؟ الشيخ: لكن السنه ان يكون بـ(ال). طالب: اي نعم، وقلنا يا شيخ: السلام عليك، هذا لا يجزء؛ لان حديث عاءشه: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ، وحديث: «صلوا كما رايتموني اصلي» ، وايضا يا شيخ الصيغه الاولي مخالفه؟ الشيخ: اي، لكن بينهما فرق؟ الثانيه: عليك وعليكم، تنقل الكلام من المخاطبين الي مخاطب واحد، لكن هذاك في تعريف السلام وتنكيره، وقد ورد هذا وهذا، {قالوا سلاما قال سلام قوم منكرون} [الذاريات: ٢٥]. طالب: شيخ، اذا التفت علي اليسار، يعني يلتفت علي اليمين السلام، ولكن نسي ان يقول: السلام، تذكر انها وجبت علي اليسار، يجزء؟ الشيخ: يعني بس هو التفت ولا سلم ثم سلم؟ طالب: ثم سلم علي شماله. الشيخ: لا، اذا ذكر يلتفت يمينا، بسيطه اداره راسه. طالب: شيخ، قلتم في التشهد يا شيخ: ان التشهد الاول ينتهي عند لفظ الشهاده، وفي حديث عاءشه رضي الله عنها وصف صلاه النبي صلي الله عليه وسلم، صلاه الليل، صلي تسع ركعات، وجلس في الثامنه التي ليس فيها سلام، تشهد وقال وصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم، كيف نخرج من الاشكال يا شيخ؟ الشيخ: هذا في الوتر، يعني صلي ثماني ركعات، وجلس في الثامنه، فحمد الله واثني عليه، ما ادري عن صلاه النبي، لكن هذا في الوتر. طالب: شيخ ثبت في.. الشيخ: لا، ما هو ثبت في النفل، ثبوته له احكام خاصه، ولذلك تسرد فيه الثماني ركعات، بل تسع ركعات، وخمس ركعات، وسبع ركعات، وغيره ما يفعل. طالب: اقول: بعض الناس يسلم عن يمينه، ثم يستقبل القبله يعني قليلا، ثم يسلم عن يساره، يعني يقول: السلام عليكم ورحمه الله، هكذا، ثم يسلم عن يساره، فهل هذا له اصل؟ الشيخ: لا، ما اعلم له اصلا، يعني يقول: السلام عليكم ورحمه الله، السلام عليكم ورحمه الله، كذا؟ الطالب: اي نعم. الشيخ: ما له اصل هذا. طالب: في قوله: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، في الصفتين ولا في مره واحده. الشيخ: في الاولي فقط، علي اليمين فقط. *** الطالب: قال رحمه الله تعالي: والمراه مثله، لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها. فصل ويكره في الصلاه التفاته، ورفع بصره الي السماء، وتغميض عينيه، واقعاءه، وافتراشه ذراعيه ساجدا، وعبثه وتخصره، وتروحه، وفرقعه اصابعه وتشبيكها، وان يكون حاقنا، او بحضره طعام يشتهيه، وتكرار الفاتحه. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه، ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين. قال المءلف رحمه الله تعالي: (وان كان في ثلاثيه او رباعيه) الي اخره، فيه مناقشه هنا. طالب: من قبل. الشيخ: قال المءلف: (ويدعو بما ورد) ، قوله: (بما ورد) ، ذكرنا انه ينبغي ان تبدل هذه العباره بماذا؟ طالب: بما احب. الشيخ: بما احب، لماذا؟ الطالب: لان النبي صلي الله عليه وسلم ورد عنه في الحديث: «ثم ليتخير من الدعاء اعجبه اليه او ما شاء» . الشيخ: حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد قال: «ثم ليتخير من الدعاء اعجبه اليه» ، او قال: «ما شاء» . ما الذي يستفاد من هذه الجمله؟ ان الدعاء يكون قبل السلام او بعد السلام؟ طالب: قبل السلام. الشيخ: قبل السلام، كذا؟ ما رايك فيمن اعتادوا ان يدعوا بعد الصلاه، اما في النافله او في الفريضه؟ هذه اظن ما تكلمنا عليها؟ طالب: ما ذكرناها. الشيخ: ما تكلمنا عليها، ما يخالف، نتكلم عليها ان شاء الله. يقول المءلف: (يقول عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمه الله) ، علي من يسلم اذا كان منفردا؟ طالب: علي الملاءكه. الشيخ: علي الملاءكه، واذا كان مع الامام؟ طالب: كذلك، واللي جنبه بعد، يسلم عليه. الشيخ: وعلي من عنده من المامومين، والامام يسلم علي من معه من المصلين، ولهذا كل منهم يلتفت عن يمينه وشماله. قال المءلف: (اذا كان في ثلاثيه او رباعيه نهض) ، كيف نهوضه؟ طالب: نهض علي صدور قدميه. الشيخ: علي صدور قدميه، معتمدا علي ركبتيه. الطالب: ان سهل. الشيخ: ان سهل ذلك، فان لم يسهل؟ طالب: فانه يعتمد علي الارض؛ للحديث (...) ان النبي صلي الله عليه وسلم كان اذا قام في وتر من صلاته يعتمد بيديه علي الارض. الشيخ: او مالك بن الحويرث. الطالب: نعم. الشيخ: مالك بن الحويرث. اذن اذا لم يسهل يقوم معتمدا علي يديه بعد ان يجلس قليلا، كذا؟ طالب: او وهو جالس. الشيخ: او وهو جالس؛ لانه في التشهد، اي نعم. ظاهر كلام المءلف انه يرفع يديه او لا يرفع؟ طالب: انه لا يرفع، وهو المذهب. الشيخ: والقول الثاني في المساله؟ الطالب: انه يرفع؛ لحديث ابن عمر. الشيخ: انه يرفع؛ لحديث ابن عمر، وهو الصحيح. يقول المءلف: انه بعد التشهد الاول يقرا مع الفاتحه كم سوره؟ طالب: يقرا الفاتحه فقط. الشيخ: الفاتحه فقط؟ الطالب: نعم، في الركعه الثالثه يقرا الفاتحه فقط. الشيخ: في الثالثه والرابعه الفاتحه فقط. هل ذكرنا نحن في هذا شيءا؟ الطالب: نعم، ذكرنا حديث ابي سعيد، ورد ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يقرا.. الشيخ: ورد ما ظاهره انه كان يقرا في الركعتين الاخريين نصف ما يقرا في الركعتين الاوليين. وفي حديث ابي قتاده؟ الطالب: كان يقرا الحمد فقط. الشيخ: الحمد فقط، هل هذا من باب اختلاف التنوع، او اختلاف التضاد، وحينءذ نلجا الي الترجيح؟ طالب: لا، قلنا يا شيخ: انه من باب اختلاف التنوع، ويمكن الجمع، فنفعل هذا تاره، نقرا بالحمد فقط، ونقرا بسوره قصيره تاره اخري. الشيخ: اي، كذا يا جماعه. طلبه: نعم. الشيخ: وفيه قول ثان؟ طالب: والثاني انه يرجح حديث ابي قتاده انه هو الراجح؛ لانه متيقن، اما حديث ابي سعيد فهو فيه تخمين و.. الشيخ: يقول: حزرنا. الطالب: حزرنا، نعم. الشيخ: هذا وجه، وجه ثان للترجيح؟ الطالب: وجه ثان للترجيح ان حديث ابي قتاده هو الراجح. الشيخ: وجه الترجيح هو الراجح؟ هذا الحكم. الطالب: قال: لانه نص علي قراءه الفاتحه. الشيخ: سلامك، هذا هو الوجه الاول اللي انت قلت. طالب: انه يا شيخ في الصحيحين حديث ابي قتاده، بينما حديث ابي سعيد في صحيح مسلم فقط. الشيخ: احسنت. طالب: (...) علي التقسيم، ربما يكون اولي، فيدل علي ان كل قسم ذكر ما يختص (...). الشيخ: كيف التقسيم؟ طالب: يعني يقال: انه كان يفعل في ركعتين كذا وكذا، وفي الركعتين الثانيتين كذا وكذا، فقسم الصلاه، وذكر في كل قسم ما كان يفعله. الشيخ: اي، وهذا كيف القسم، حتي حديث ابي سعيد مقسم. حديث ابي سعيد ظاهره ان قراءه الركعتين الاوليين سواء؟ طالب: والاخريين سواء. الشيخ: سواء، يكون اطولها الركعتين في الظهر الاوليين، ثم الركعتين الاخريين، ثم العصر اقل من الاخريين، ثم الركعتين الاخريين في العصر اقل، فتكون درجات. يقول المءلف: انه يجلس في التشهد الاخير، كيف التورك؟ طالب: له ثلاث صور. الشيخ: له ثلاث صور. الطالب: الاولي انه يخرج رجله اليسري من تحت ساقه الايمن وينصب اليمني. الشيخ: هذه واحده، يخرج اليسري من الجانب الايمن من تحت الساق وينصب اليمني. الطالب: الحاله الثانيه انه يفرش القدمين جميعا ويجعلهما في جهه اليمين، والصوره الثالثه ان يجعل رجله اليسري بين فخذه وساقه الايمن. الشيخ: واليمني مفروشه. الطالب: واليمني منصوبه. الشيخ: لا، مفروشه، منصوبه صعب جدا. طالب: (...). الشيخ: لا، هذه اهون. التورك هل هو في كل تشهد يعقبه سلام ام ماذا؟ طالب: لا، التورك في الصلاه الرباعيه فقط. الشيخ: دون الثلاثيه. الطالب: الصلاه الرباعيه والثلاثيه دون الثناءيه، يعني في كل صلاه يعقبها تشهد اول وتشهد ثان. الشيخ: يعني في كل صلاه فيها تشهدان يكون التشهد الاخير. الطالب: نعم. الشيخ: صح. *** مساله الدعاء، المءلف رحمه الله يقول: (يدعو بما احب) وهذا هو الذي دل عليه حديث ابن مسعود رضي الله عنه، ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» ، وبناء علي ذلك، اذا سالنا ساءل: هل ادعو بعد السلام او قبل السلام؟ قلنا له: ادع قبل السلام؛ لان هذا هو الذي ارشد اليه النبي صلي الله عليه وسلم، ولانك ما دمت في الصلاه فانك تناجي ربك، واذا سلمت انصرفت، وكونك تدعو في الحال التي تناجي فيها ربك خير من كونك تدعو بعد الانصراف. وهذا ترجيح نظري، واما ما يفعله بعض الناس من كونهم اذا سلموا دعوا في الفريضه، او في النافله، فهذا لا اصل له، ولم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما نعلم الا حين وضع كفار قريش سلا الناقه عليه وهو ساجد، فانه لما سلم رفع يديه يدعو عليهم. وهذا قد يقال: انه فعل ذلك لمناسبه، وهي تخويفهم؛ لانه لو دعا وهو يصلي ما علموا بذلك، فاذا دعا بعد الصلاه ورفع يديه فلا شك ان في هذا تخويفا لهم، فيكون هذا له مناسبه. كذلك ايضا بعض الناس اذا فرغ من صلاه الفريضه دعا، واستدل بقول النبي صلي الله عليه وسلم حين سءل: اي الدعاء اسمع؟ يعني: اقرب اجابه، قال صلي الله عليه وسلم: «جوف الليل، وادبار الصلوات المكتوبه» ، قالوا: والادبار تكون بعد؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاه ثلاثا وثلاثين» ، ومعلوم ان هذا لا يقال الا بعد السلام، فيكون قوله: «ادبار الصلوات المكتوبه» اي: بعد السلام. فنقول: هذا الفهم للحديث غير متعين، بل يجب ان يحمل علي ان المراد بالادبار اخر الصلوات، بدليل حديث ابن مسعود، حيث امر النبي صلي الله عليه وسلم بالدعاء بعد التشهد، والسنه يفسر بعضها بعضا، اما ادبار الصلوات فقد ارشد الله سبحانه وتعالي عباده الي ان يذكروا الله بعدها، فقال: {فاذا قضيتم الصلاه فاذكروا الله} ، وليس فيه الامر بالدعاء. وعلي هذا فنقول: ما ورد مقيدا بدبر الصلاه، فان كان ذكرا فهو بعد السلام، وان كان دعاء فهو قبل السلام، والدعاء ادبار الصلوات يكون قبل السلام. فان قال قاءل: ان دبر الشيء بعده، كما في الحديث: ان رجلا اعتق غلاما له عن دبر ، اي: بعد موته؟ فالجواب: ان الدبر ما كان الشيء مستدبرا له، وقد يكون منه، وقد لا يكون منه، والذي يعين كونه منه او ليس منه القراءن والسياق، ولهذا يقال: دبر الحيوان، وهو منه، اخره، فكذلك الدبر يفسر في كل موضع بما تقتضيه الحال والسياق. بقي علينا ان نقول: المحافظه علي الدعاء بعد النافله كما يفعله عوامنا، يحافظون محافظه شديده علي الدعاء بعد النافله، حتي ان بعضهم يري انه ان لم يكن من السنن فهو من الواجبات. حتي اننا نري بعضهم اذا اقيمت الصلاه وهو يسلم من النافله قبل ان يقوم ليصلي الفريضه يرفع يديه هكذا، وتشك هل دعا ولا ما دعا، يرفع يديه ثم يمسح وجهه، ثم يمسح بعضها ببعض، ثم يقوم يصلي، يمكن ما دعا، لكن يلازمون علي هذا ظنا منهم انه امر واجب، او قريب من الوجوب، فهذا لا شك انه لا اصل له، ولا احد من اهل العلم قاله. ولهذا ينبغي لطلبه العلم ان ينبهوا الناس، ولكن بالرفق؛ لان العامه اذا انكر عليهم شيء اعتادوه نفروا، فاذا اتوا بالحكمه واللين هبطوا وقبلوا، ولذلك ما اكثر الذين يسالون: ما حكم رفع اليدين بعد صلاه النافله؟! فيظنون ان الحكم معلق برفع اليدين، والحكم ما هو معلق برفع اليدين، الحكم معلق بالدعاء، سواء رفعت ام لم ترفع. نقول: ما دمت تريد ان تدعو الله ادع الله قبل ان تسلم، هذا هو المشروع، هذا هو تعليقنا علي قوله: (ويدعو بما ورد) . وسبق لنا ان الدعاء لو قال: بما احب، لكان احسن؛ لاجل يشمل الدعاء بالوارد وغيره؛ لان الانسان يدعو بما شاء، حتي في امور الدنيا علي القول الراجح فان له ان يدعو الله تعالي بشيء من امور الدنيا، ولا حرج عليه . *** قال المءلف رحمه الله تعالي: (والمراه مثله)، (مثله) اي: مثل الرجل، المراه مثل الرجل، ما الدليل؟ الدليل عدم الدليل، كيف يكون الدليل عدم الدليل؟ نعم، الدليل عدم الدليل علي التفريق بين المراه والرجل، وعلي هذا فاذا قال لنا قاءل: ما الدليل علي ان المراه تصلي كما يصلي الرجل؟ نقول: الدليل عدم الدليل، وما الدليل علي انها لا تصلي كصلاه الرجل، والاصل في النساء انهن كالرجال في الاحكام، كما ان الاصل في الرجال انهم كالنساء في الاحكام. "},{"Id":1715,"Name":"02 كتاب الصلاة 25","Sort":47,"Version":0,"LessonText":"

بقي علينا أن نقول: المحافظة على الدعاء بعد النافلة كما يفعله عوامنا؛ يحافظون محافظةً شديدةً على الدعاء بعد النافلة؛ حتى إن بعضهم يرى أنه إن لم يكن من السنن فهو من الواجبات، حتى إننا نرى بعضهم إذا أقيمت الصلاة وهو يُسَلِّم من النافلة قبل أن يقوم ليصلي الفريضة يرفع يديه هكذا وتشك هل دعا ولَّا ما دعا؛ يرفع يديه ثم يمسح وجهه ثم يمسح بعضها في بعض ثم يقوم يصلي، يمكن أنه ما دعا، لكن يلازمون على هذا ظنًّا منهم أنه أمر واجب أو قريب من الوجوب، فهذا لا شك أنه لا أصل له، ولا أحد من أهل العلم قاله؛ ولهذا ينبغي لطلبة العلم أن يُنَبِّهوا الناس ولكن بالرفق؛ لأن العامة إذا أُنكِر عليهم شيئًا اعتادوه نفروا، فإذا أوتوا بالحكمة واللين هبطوا وقَبِلوا.
ولذلك ما أكثر الذين يسألون: ما حكم رفع اليدين بعد صلاة النافلة؟ فيظنون أن الحكم معلق بأيش؟ برفع اليدين، الحكم مو معلق برفع اليدين، الحكم معلق بالدعاء، سواء رُفِعَت أم لم تُرْفَع.
نقول: ما دمت تريد أن تدعوَ الله ادع الله قَبْلَ أن تُسَلِّم، هذا هو المشهور، هذا هو تعليقنا على قوله: (ويدعو بما وَرَد).
وسبق لنا أن الدعاء لو قال: (بما أحب) لكان أحسن؛ لأجل أن يشمل الدعاء بالوارد وغيره، لأن الإنسان يدعو بما شاء، حتى في أمور الدنيا على القول الراجح فإن له أن يدعو الله تعالى بشيء من أمور الدنيا ولا حرج عليه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والمرأة مثلُه) (مثلُه) أي: مثل الرجل، المرأة مثل الرجل، ما الدليل؟ الدليل عدم الدليل، كيف يكون الدليل عدم الدليل؟!
طالب: (...).
الشيخ: نعم، الدليل عدم الدليل على التفريق بين المرأة والرجل.
وعلى هذا فإذا قال لنا قائل: ما الدليل على أن المرأة تُصَلِّي كما يصلي الرجل؟
نقول: الدليل عدم الدليل، وما الدليل على أنها لا تصلي كصلاة الرجل، ما هو الدليل؟ والأصل في النساء أنهن كالرجال في الأحكام، كما أن الأصل في الرجال أنهم كالنساء في الأحكام؛ ولهذا مَن قذف رجلًا أُقيم عليه حَدُّ القذف، أو تَرَتَّب عليه حدُّ القذف كما لو قذف امرأة، مع أن الآية في القذف فيمن؟
طلبة: في النساء.
الشيخ: في النساء؛ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور: ٤، ٥]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الموبقات حين عدَّها: «وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» ، ومن المعلوم أن الرجل مثل المرأة في هذا، ووجه ذلك أن الأصل اشتراك المكلَّفِينَ من رجال ونساء في الأحكام إلا ما قام الدليل عليه، فما قام الدليل على أنه خاصٌّ بالنساء فهو خاص بهن، وما قام الدليل على أنه خاصٌّ بالرجال فهو خاصٌّ بالرجال، فمثلًا الولاياتُ العامة خاصَّة بمَن؟ بالرجال؛ كالإمارة والقضاء وما أشبه ذلك، هذا خاصٌّ بالرجال لا تتولاه النساء أبدًا.
نعم، ربما تتولى المرأة إمارةً صغيرة محدودة؛ كما لو سافرت مع نساء، وصارت أميرتَهن في السفر، وإن كان هذا أمرًا قد لا يقع، لكن لا بأس به، وكمديرة المدرسة مثلًا، وما أشبه ذلك من ولايات النساء، أما أن تكون ذات ولاية على الرجال فهذا ليس من الدين الإسلامي في شيء.
إذن فالأصل اشتراك النساء والرجال في الأحكام إلا ما قام الدليل عليه، حتى في رفع اليدين؟
طلبة: نعم.
الشيخ: حتى في رفع اليدين؛ يعني: ترفع يَدَيْها حيث يرفع الرجل، لكن هذا استدراك، والمستدرَك منه قوله: (والمرأة مثله)، استدرك من هذا قوله: (لكن تضُمُّ نفسَها وتسدِل رجلَيْها في جانب يمينها). تضم نفسها في الحال التي يُشْرَع للرجل التجافي، فهي تضم نفسها في حال الركوع يُشرَع للرجل مجافاة العضدين عن الجنبين، وفي حال السجود كذلك، مجافاة العضدين عن الجنبين، ومجافاة البطن عن الفخذين، والفخذين عن الساقين، المرأة لا تجافي.
(تضم نفسها) فإذا سجدت تجعل بطنها على فخذيها، وفخذيها على ساقيها، وإذا ركعت تضم يَدَيْها هكذا على صدرها، ما الدليل؟ ما دمنا نقول: الأصل أن ما ثبت للرجال من أحكام فهو ثابت للنساء إلا بدليل، ما الدليل؟
قالوا: الدليل القواعد العامة في الشريعة الإسلامية، أن المرأة ينبغي لها أن تتستَّر، وضمُّها نفسها أستر لها مما لو جافت، والجواب على هذا من وجهين:
الأول: أن هذه علة لا يمكن أن تقاوم عموم النصوص الدالة على أن المرأة كالرجل في الأحكام؛ لا سيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»؛ فإن هذا الخطاب عامٌّ للرجال وللنساء، وهذا الذي ذكروا لا يُقاوِم هذه العمومات.
ثانيًا: أن نقول: هذا ينتقض فيما لو صَلَّت وحدها، والغالب والمشروع للمرأة أن تُصَلِّيَ وحدها في بيتها بدون حضرة الرجال، وحينئذ لا حاجة إلى الانضمام، ما دام لا يشهدها الرجال.
ثالثا: الوجه الثالث نقول: أنتم تقولون: إنها ترفع يديها، وإن كانت المسألة خلافية؛ لأن بعض العلماء يقول: لا ترفع يديها، ورفع اليدين أقرب إلى التكشف من المجافاة، ربما إذا كان عليها ثوب هكذا ورفعته يتبيَّن شيء مستتر بالثوب، ومع ذلك تقولون: إنه يُسَنُّ لها رفع اليدين؛ لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام، فما هو القول الراجح بعد أن عرفنا ضعف هذا القول؟
القول الراجح: أن المرأة تصنع كما يصنع الرجل في كل شيء، فترفع يَدَيْها وتتجافى، وتَمُدُّ الظهر في حال الركوع، وترفعه عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في حال السجود.
ثم استثني المؤلف مسألة أخرى فقال: (وتُسْدِل رجليها في جانب يمينها)، والرجل يُسَنُّ له أيش؟ الافتراش، أو التورُّك، أما هي فتسدِل الرجلين في جانب اليمين في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهُّدين، وهذا أيضًا ليس عليه دليل، لا دليل عليه، بل الدليل يدلُّ على أنها تفعل كما يفعل الرجل؛ تفترش في الجلوس بين السجدتين وفي التشهد الأول، وفي التشهُّد الأخير في صلاة ليس فيها إلا تشهُّد واحد، وتتورَّك في التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية.
إذن، لا يستثنى من هذا شيء بالنسبة للمرأة، لكن لا شك أن المرأة تخالف الرجل في بعض الأحكام كمسألة السترة مثلًا، سُتْرَة في الثياب يعني، ومسألة القراءة، أن الرجل يجهر في القراءة في الصلاة الجَهْرِيَّة، وهي لا تجهر، السُّنَّة في حقها أن تُسِرَّ.
انتهى المؤلف من الكلام على صفة الصلاة، ولكن لم يذكر رحمه الله ماذا يقول بعد السلام من الصلاة؛ لأن الكتاب هذا مختصر، ولكن ينبغي أن نعرف ماذا يقول الإنسان بعد السلام من الصلاة، يقول إذا سلم: أستغفر الله ثلاث مرات ، أي: أطلب من الله المغفرة.
وإنما شُرِع للإنسان سؤال المغفرة بعد أداء هذه العبادة العظيمة؛ لأن هذه العبادة العظيمة جديرة بالاعتناء والاهتمام، وكثير من الناس يُفرِّط فيها إما بالمشروعات الظاهرة أو بالمشروعات الباطنة؛ ففي المشروعات الباطنة يُفرِّط تفريطًا كثيرًا، وما أكثر الذين يُصَلُّون بظواهرهم لا ببواطنهم، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: في المشروعات الظاهرة أيضًا لا يخلو الإنسان من تقصير أو تجاوز، ربما يُقصِّر في وضع اليدين أو في استواء الرأس مع الظهر في الركوع، أو في التجافي أو في أي شيء، هذا وارد، وربما يكون منه تجاوز في الحركات، كما يُشاهَد من بعضهم، يطالع الساعة وهو يصلي، يطلع القلم ويعصره هل فيه حبر ولّا ما فيه حبر، وكذلك أيضًا يفطن لشيء ناسيه ويطلِّعه ويكتبه براحته؛ لأنه ذكره.
والشيطان يُذَكِّرك ما نسيت إذا كنت في الصلاة، وإذا انتهيت من الصلاة أنساك إياه لحين تيجي الصلاة الثانية ثم يُذَكِّرك؛ ولهذا يُذْكَر أن رجلًا جاء لأبي حنيفة وقال: إنه نسي كذا وكذا، وأن المسألة التي نسيها ما هي هينة؛ وديعة كبيرة أو شيء، المهم، قال له: اذهب فصلِّ، فذهب الرجل وصلى فتذكَّر، تذكَّر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشيطان يقول للإنسان في حال صلاته: «اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا»؛ فأبو حنيفة رحمه الله استنبط من هذا الحديث أنَّ الصلاة سبب للتذكُّر.
المهم أن الاستغفار بعد السلام له مناسبة عظيمة؛ وهي التقصير في الصلاة، ما يخلو أحد من التقصير، فتسأل الله المغفرة؛ ولهذا استُحِبَّ للإنسان أن يَخْتِم عمله بالاستغفار، وأن يختم عمره بالاستغفار؛ أما العمر فقد قال الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: ١ - ٣] قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذا نعيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عمر: لا أفهم منها إلا ما فهمت ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ أَرَانِي آيةً؛ إِذَا رَأَيْتُهَا فِي أُمَّتِي أَنْ أُسَبِّحَهُ وَأَسْتَغْفِرَهُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}» ، جاء ولَّا ما جاء؟ جاء ورآه؛ ولهذا كان يُكْثِر عليه الصلاة والسلام أن يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» . ثم يقول بعد الاستغفار: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» والمناسبة في هذا ظاهرة، كأنك تقول: اللهم أنت السلام، فسلِّم لي صلاتي من الردِّ والرفض؛ لأن الصلاة قد تُقبَل وقد لا تُقْبَل، قد تُلَفُّ ويُضْرَب بها وجهُ صاحبها، والعياذ بالله، وقد تُقبَل، وما أربح الذين يَقبل الله صلاتهم، اللهم اجعلنا منهم.
ثم يقول ما ورد من الذكر، والترتيب بعد ذلك بعد الاستغفار واللهم أنت السلام لا أعلم فيه ترتيبًا في السنة، فإذا قَدَّم شيئًا على شيء فلا حرج، المهم أن يحرص على ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب، ومنه التسبيح والتحميد والتكبير وقد ورد على عدة أوجه:
الوجه الأول: أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين ويختم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، فتكون مئة.
الوجه الثاني أن يقول: سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر أربعًا وثلاثين ، كم تكون الجميع؟
طلبة: مئة.
الشيخ: مئة أيضًا.
والوجه الثالث أن يقول: سبحان الله عشرًا، والحمد لله عشرًا، والله أكبر عشرًا ، تكون الجميع ثلاثين.
والوجه الرابع: أن يقول: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً» ، تكون الجميع مئة.
هذا الاختلاف من اختلاف التنوع، وقد مرَّ علينا أنه ينبغي للإنسان في العبادات الواردة على وجوه متنوعة أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، وذكرنا فوائد ذلك.
وينبغي أيضًا أن يقرأ آية الكرسي ؛ لأنه رُوِي فيها أحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام وإن كانت ضعيفة، لكن إن كانت الأحاديث صحيحة فقد وقعت محلها، وإن لم تكن صحيحة فهي زيادة حِرْزِ للإنسان؛ لأن مما يحفظ الإنسانَ من الشياطين قراءةُ آية الكرسي، وكذلك (قل هو الله أحد)، و(قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، ومن أراد بسط هذا فليرجع إلى الكتب المؤلَّفة في ذلك مثل كتاب الأذكار للنووي، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وهو كتاب مفيد؛ لأنه رحمه الله ذكر فيه فوائد الذكر، ذكر فيه فوق مئة فائدة لذكر الله عز وجل.
[مكروهات الصلاة ]
ثم قال: (فصلٌ: ويُكْرَه في الصلاة التفاتُه). (التفات) نائب فاعل؛ يعني: يُكرَه للمصلي أن يلتفت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» اختلاس يعني: سرقة ونهب، يختلسه الشيطان من صلاة العبد، وقال: «إِيَّاكَ وَالالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ» ؛ ولأن الالتفات حركة لا مبرِّر لها، والأصل كراهة الحركات في الصلاة؛ ولأن في الالتفات إعراضًا عن الله عز وجل؛ فإن الله سبحانه وتعالى إذا قام الإنسان يصلي فالله تعالى قِبَلَ وَجْهِهِ؛ ولهذا حَرُم على المصلي أن يَتَنَخَّعَ قِبَل وَجْهِهِ؛ لأنه من سوء الأدب مع الله، ولكن إذا كان لحاجة فلا بأس، فمن الحاجة ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم حيثُ أرسلَ عينًا تترقب العدو، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي ويلتفت نحو الشِّعب الذي يأتي منه هذا العين، والعين يعني: الجاسوس؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا أصابه الوَسواس في صلاته أن يَتْفُل عن يساره ثلاثَ مرَّات ويستعيذَ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا التفاتٌ لحاجة، ومن ذلك لو كانت المرأة عندها صبي وتخشى عليه فصارت تلتفت إليه فإن هذا من الحاجة، فهذا لا بأس به لأنه عمل يسير يحتاج إليه الإنسان.
ثم اعلم أن الالتفات نوعان؛ التفات حسيٌّ بالبدن، والتفات معنويٌّ بالقلب؛ الالتفات في البدن معروف، وما أكثر الذين يُمكنهم أن يسيطروا على هذا الالتفات، أليس كذلك؟ لأنه يسير، عمل بدني يسير.
أما الالتفات المعنوي القلبي فهذا هو العلة التي لا يخلو أحد منها، وما أصعب معالجتها، وما أقل السالم منها، وليته التفاتٌ جزئي، التفات يَمْسُكُك من أول الصلاة إلى آخرها، وينطبق عليه تمامًا أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه الرجل هذه الحال، قال له: «ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: خِنْزَبٌ» سمَّاه الرسول عليه الصلاة والسلام «فَإِذَا أَحْسَسْتَ بِهِ فَاتْفُل عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، إذن صار هذا الاختلاس الواضح.
وأيضًا هذا الالتفات خَفِيٌّ مثل المختلِس، تعرفون المختلس كيف يعمل؛ المختلس يجي عندك في الدكان، ويوهمك أنه بيشري منك بضائع كثيرة، يقول: شوف لي هذا كم يِسْوَى؟ تروح تجيبه، يجي (...) أبغي ذاك، الرجل ياخده ويحطه، ويأمن من الرجل، يأمن من هذا الزبون اللي واقف على الدكان، مرتين ثلاث، ثم يقول: والله شوف لي (...) إيش الدكان، راح يجيب الغداء (...) قش اللي حول الباب ومشي، هذا اختلاس، ليش؟ لأنه أتى بخُفْيَة، حتى حصَّل مقصوده.
الشيطان إذا أتى القلب بِخُفْيَة، هذا اختلاس في الحقيقة، وكل منهما اختلاس، لا الالتفات البدني ولا القلبي.
طالب: الإنسان في صلاة النافلة قد يُقَصِّر بعض الشيء (...) هل يستغفر بعد الصلاة؟
الشيخ: هذا ورد بعد المكتوبة لأنها أعظم وأهم.
الطالب: لا يقال في النافلة شيء؟
الشيخ: والله القياسُ فيه نظر.
طالب: المرأة تُسِرُّ مطلقًا (...) يعني: تقرأ سرًّا.
الشيخ: لا، إذا كان حولها رجال، أما إذا كان ما حولها رجال ففي الجهرية لا بأس أن تجهر.
طالب: التفل، هل يتفل على يساره أو (...) على جسمه.
الشيخ: لا يتفل؟ ما يتفل على (...) ما راح تمسه.
الطالب: ما يتفل على نفسه؟
الشيخ: لا، يعني من باب الورد يعني؟
الطالب: إي.
الشيخ: لا.
طالب: الرسول عليه الصلاة والسلام هل كان يقوم قبل الاستغفار أو بعده؟
الشيخ: لا كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم استغفر ثلاثًا، وكان لا ينصرف إلا بعد أن يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».
طالب: شيخ، بالنسبة أن المرأة ليست كالرجل، ذكروا في ذلك حديثًا وهو (...) عن زيد بن أبي عبيد أو كذا أن النبي عليه الصلاة والسلام مر على امرأتين تصليان فقال لهما: «ضُمَّا اللَّحْمَ إِلَى بَعْضِه، فَإِنَّكُمَا فِي هَذَا لَسْتُنَّ كَالرِّجَالِ» ، وكذلك عن عَلِيٍّ يا شيخ، مدى صحة هذا؟
الشيخ: حرِّره لنا، جِبه لنا إن شاء الله.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ما عرفت أنا كيفية السدل؟
الشيخ: السدل تطلع (...).
طالب: يعني: نفس التورُّك؟
الشيخ: لا، ما هو، يعني: بعده شوي، قليلًا (...)؟
طالب: جزاك الله خيرًا، يا شيخ، بالنسبة للمرأة تضم نفسها في هذه الحالة إذا كان (...) صلاة يصلون، نرى بعض النساء تصلي، هل تضم نفسها؟
الشيخ: أي، المذهب مطلقًا، سواء عندها رجال، أو ما عندها رجال.
طالب: ما هو القول الراجح؟
الشيخ: القول الراجح: لا؛ أنها مثل الرجل مطلقًا.
الطالب: حتى لو كان الرجال يشوفونها؟
الشيخ: إذا خيفت الفتنة معلوم، حتى لو شيء مشروع، إذا خيفت الفتنة يُتْرَك.
طالب: قول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» في الأذكار، هل يُكَرَّر في المغرب والفجر؟
الشيخ: المغرب والفجر ورد أنه يقول عشر مرات، ويزيد أيضًا: «يُحْيِي وَيُمِيتُ» ، في غير الفجر ثلاث مرات بدون زيادة: «يُحْيِي وَيُمِيتُ».
الطالب: يا شيخ، وإن كان مسافرًا؟
الشيخ: كله واحد، نعم.
طالب: في السلام نرى بعض الناس يُسَلِّم بعد الفريضة وبعد النافلة، يصافح في هذا البلد؛ يعني: يسلِّم عند إقامة الصلاة، وقد استدل بعضهم بحديث المسيء صلاته؛ لأنه (...) السلام ثلاث مرات؟
الشيخ: يقول ابن القيم:

\n \n \n \n \n \n \n \n

وَسَلِ الْعِياذَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَالْهَوَى

فَهُمَا لُكِلِّ الشَّرِّ جَامِعَتَانِ

\n
الإنسان الذي له هوى يستدل بما ليس فيه دليل، المسيء في صلاته سلَّم؛ لأنه راح انصرف وجاء رجع فسلَّم؛ لأن المشروع من الإنسان إذا لاقى أخاه بعد أن انصرف عنه أن يُسَلِّم، ما سلَّم؛ لأنه أدَّى صلاته.\n
وأما مسألة السلام بعد الصلاة فهذه على نوعين:\n
النوع الأول: أن يتخذها الإنسان على أنها سُنَّة بعد الصلاة، وعلامة ذلك أنه يأتي هو وصاحبه إلى المسجد فيدخلان جميعًا ويصليان جميعًا، وإذا سلما من الصلاة سلَّم عليه وصافحه، هذه يعني: كأنه فَهِمَ أن هذا السلام من سنن الصلاة، هذا لا شك أنه يُنهى عنه، ويُبدَّع صاحبه.\n
القسم الثاني: ألا يكون كذلك، وإنما يسلم عليه على العادة ويصافحه تحبُّبًا وتألُّفًا فهذا لا بأس به، وعلامة ذلك أنه يفعل هذا لأنه لم يصادفه قبل الصلاة، فهذا لا بأس به وليس فيه شيء. \n

***

\n الطالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n فصل: ويكره في الصلاة التفاتُه ورفعُ بصره إلى السماء وتغميضُ عينيه، وإقعاءٌ وافتراشُ ذراعيه ساجدًا، وعبثُه وتخصُّرُه وتروُّحُه وفرقعةُ أصابعِه وتشبيكُها، وأن يكون حاقنًا أو بحضرةِ طعامٍ يشتهيه، وتَكرارُ الفاتحة لا جمع سُوَرٍ في فرض كنفل، وله ردُّ المارِّ بين يديه وعدُّ الآي والفتحُ على إمامه ولبس الثوب ولفُّ العمامة.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.\n
سبق لنا أنه بعد السلام يستغفر الله تعالى ثلاثًا، فما هي الحكمة في الاستغفار؟\n
\n طالب: الحكمة من الاستغفار هو أن (...) نفس الذي يحصل من المصلي في صلاته (...).\n
\n الشيخ: هو أن الإنسان لا يخلو؟\n
\n الطالب: من تقصير في صلاته.\n
\n الشيخ: من تقصير ونقص في صلاته. هل لهذا نظير أن يُطلَب من الإنسان الاستغفار في آخر العبادة؟\n
\n طالب: نعم، يطلب من الإنسان الاستغفار في آخر العبادة، كذلك آخر حياته.\n
\n الشيخ: هات آخر عبادة؟\n
\n الطالب: بعد التسليم.\n
\n الشيخ: خَلِّ الصلاة، نريد مثالًا لها، يعني: مثالًا آخر يَعْضُد هذه القاعدة؟\n
\n طالب: إذا انتهى الإنسان من الحج يذكر الله، قال الله سبحانه وتعالى: \n {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: ٢٠٠].\n
\n الشيخ: \n {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩]، وسبق لنا أنواع من الذكر تقال بعد السلام، منها؟\n
\n طالب: \n يُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً، وَيَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً، وَيُكَبِّرُ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً \n .\n
\n الشيخ: أو يقول: \n «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثَلاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً» ويختم؟\n
\n الطالب: بـ\n «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» \n .\n
\n الشيخ: بـ\n «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» إلى آخره، وفيه أيضًا نوع آخر.\n
\n طالب: أن يسبِّح الله عشر مرات.\n
\n الشيخ: \n أن يسبح الله عشرًا، ويَحْمَدَ عشرًا، ويُكَبِّرَ عشرًا \n . النوع الثالث؟\n
\n طالب: \n يسبح الله؛ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسًا وعشرين مرة \n .\n
\n الشيخ: خمس وعشرين مرة، تكون مئة.\n
لما أنهى المؤلف رحمه الله صفة الصلاة ذَكَر ما يُكْرَه في الصلاة، ويجب أن نعرف الفرق بين الصلاة المكروهة وبين الصلاة التي فُعِل فيها شيء مكروه، الصلاة المكروهة فيها ثواب ولَّا لا؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: إي نعم، فيها ثواب وهي مكروهة.\n
\n طالب: (...) ليس فيها ثواب.\n
\n الشيخ: ليس فيها ثواب.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: لا، هذه حرام، لكن حتى لو فرض، الصلاة في أوقات النهي، على رأي من يرى أنه قبل أن تصفرَّ الشمس مكروه وبعده حرام، فهذه ليس فيها ثواب.\n
الصلاة التي فيها مكروه، هل فيها ثواب؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: فيها ثواب، كذا؟ مثل؟\n
\n طالب: كالالتفات.\n
\n الشيخ: كالالتفات، فإنه يُثاب على أصل الصلاة، ولكن يُكْرَه الالتفات.\n
المؤلف ذكر أنه يُكرَه الالتفات، فما المراد بالالتفات هنا؟\n
\n طالب: الالتفات نوعان، (...) الالتفات بالوجه.\n
\n الشيخ: بالوجه، لا بجميع؟\n
\n الطالب: لا بجميع البدن.\n
\n الشيخ: ما حكم الالتفات بجميع البدن عن القبلة؟\n
\n الطالب: يبطل الصلاة.\n
\n الشيخ: يبطل الصلاة؛ لأن من شرطها استقبال؟\n
\n الطالب: القبلة.\n
\n الشيخ: القبلة. ما الذي يستثنى من المكروه؟\n
\n طالب: (...).\n
\n طالب آخر: إذا كان لحاجة.\n
\n الشيخ: نعم، إذا كان لحاجة، يستثنى من ذلك إذا كان لحاجة، مثاله؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: المهم صاحت طفلة والتفتَّ تنظر ماذا حصل لها؟ هذه حاجة ولَّا لا؟\n
\n الطالب: حاجة.\n
\n الشيخ: حاجة، صح؟ فيه حاجة شرعية؟ الحاجة الشرعية للالتفات؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: هذه حاجة شرعية؛ ذكرنا أن هناك نوعًا من الالتفات؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: نوع من الالتفات مكروه، إن لم يكن حرامًا؟\n
\n الطالب: التفات معنوي.\n
\n الشيخ: المعنوي أيش؟\n
\n الطالب: التفات القلب.\n
\n الشيخ: التفات القلب، هذا مكروه ولَّا غير مكروه؟\n
\n الطالب: (...) يبطل الصلاة.\n
\n الشيخ: إي إنه مكروه، وقد يُبْطِل الصلاة على رأي بعض العلماء، والصحيح أنه لا يبطل. \n

***

\n كلمة \n (يُكرَه) أظنها معروفة لديكم، ما حاجة إلى تفسيرها الآن، المكروه عند أهل العلم هو ما نُهِيَ عنه لا على سبيل الإلزام بالترك، وحكمه أنه يُثاب تاركه امتثالًا ولا يُعاقَب فاعله، فهو في منزلة بين المباح والمحرم.\n
يقول المؤلف رحمه الله:\n (يُكرَه رَفْعُ بصرِه إلى السماء)؛ يعني: يكره رفع بصره إلى السماء وهو يصلي، سواء في حال القراءة، أو في حال الدعاء أو في حال الرفع من الركوع، أو في أي حال من الأحوال، يُكْرَه أن يرفع بصره إلى السماء، بدليل وتعليل؛ يعني: له دليل وله تعليل؛ أما الدليل فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُم» \n يعني: إما أن ينتهوا وإما أن يُعاقبوا بهذه العقوبة؛ أن تُخْطَف أبصارُهم فلا ترجع إليهم، واشتدَّ قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، هذا الدليل، والحقيقة أن الدليل أقوى من المدلول؛ لأن الدليل يقتضي أن يكون رفعُ البصر إلى السماء محرَّمًا؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حذَّر منه واشتد قوله فيه، ثم ذكر عقوبة محتملة، وهي أن تُخْطَف أبصارُهم ولا ترجع إليهم.\n
ومن المعلوم أن التحذير عن الشيء بذكر العقوبة يدلُّ على أنه حرام، كما قلنا في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمارٍ» قلنا: إن هذا دليل على تحريم مسابقة الإمام.\n
وكذلك أيضًا قلنا في قوله عليه الصلاة والسلام: \n «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفُنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» \n قلنا: إن فيه دليلًا على القول الراجح على وجوب تسوية الصف، وهذا الحديث الذي معنا في رفع البصر إلى السماء لا يقصر دلالة عن دلالة قوله صلى الله عليه وسلم: \n «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ».\n
بل إنما قد يكون أشد وأبلغ أن يرجع بصر الإنسان إلى عمى قبل أن يرتد إليه؛ ولهذا كان القول الراجح في رفع البصر إلى السماء في الصلاة أنه حرام، وليس بمكروه فقط.\n
ولكن إذا قلنا بأنه حرام ثم رفع بصره إلى السماء، فهل تبطل الصلاة؟\n
اختلف في ذلك أهل العلم؛ فقال بعضهم: إنها تبطل الصلاة، وعلَّلوا ذلك بتعليلين؛ التعليل الأول أنه فعل منهيٌّ عنه في العبادة، والإنسان إذا فعل فعلًا منهيًّا عنه في العبادة أبطلها؛ لأنه ينافيها.\n
والثاني أن فيه انحرافًا عن القبلة؛ لأنه إذا رفع رأسه هكذا صار مستقبلًا القبلة بحلقه لا بوجهه.\n
ولكن الذي يظهر لي أن المسألة لا تصل إلى حد البطلان؛ أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة حرام، لكن الوصول إلى حد البطلان في النفس منه شيء؛ أما التعليل بأنه انحراف عن القبلة فإنه منقوض بالالتفات، فإن الملتفِتَ إلى اليمين أو اليسار قد انحرف عن القبلة، ومع ذلك لا تَبْطُل صلاته، وأما أنه فعلٌ محرَّم في العبادة فيقتضي أن يبطلها كما أبطل الكلامُ الصلاةَ، وأبطل الأكل والشرب الصوم، فهذا مثله، فهو -لا شك والله- تعليل قوي، لكن النفس لا تطمئن إلى أمر المصلي بالإعادة إذا رفع رأسه.\n
إنما نقول: إن صلاتك على خطر، وأما الإثم فإنك آثم؛ بناء على ذلك ينبغي لطالب العلم إذا رأى الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أن يُنْكِر عليهم، ويجب أن يعلِّمهم بأن هذا حرام، وأنا أرى كثيرًا من الناس إذا رفع رأسه من الركوع خاصَّة رفع وجهه إلى السماء حتى تكاد تقول: إنه ارتفع عن الأرض من شدة رفع وجهِه إلى السماء، فيُحذَّر من ذلك.\n
يقول -وعندي بالشرح-: \n (ويُكرَه أيضًا تغميضُ عينيه؛ لأنه فعلُ اليهود) تغميض العينين أيضًا مكروه..\n
\n طالب: التعليل (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، التعليل في مسألة رفع البصر إلى السماء أن فيه سوءَ أدبٍ مع الله؛ لأنك بين يديه، فينبغي أن تتأدب وألا ترفع رأسك، بل يكون رأسك خاضعًا؛ ولهذا \n قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: إنه كان قبل أن يُسْلِمَ يَكْرَه النبيَّ صلى الله عليه وسلم كراهةً شديدةً حتى يقول: حتى تمنيت أن أتمكن منه فأقتله، يقول: فلما أسلم كان لا يرفع بصره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم \n يعني: احترامًا له وتعظيمًا له.\n
فالربُّ عز وجل، أنت الآن واقف بين يديه وهو قِبَل وجهك فكونك تقول: هكذا، فيه شيء من سوء الأدب؛ فلهذا جاء الحديث بالتحذير منه.\n
أما تغميض عينيه فيقول المؤلف: إنه مكروه، وعلَّل ذلك بأنه فعلُ اليهود في صلاتهم، ونحن منهيُّون عن التشبه بالكفار من اليهود وغيرهم، لا سيما في الشعائر الدينية؛ لأن دياناتهم ديانات منسوخة، أبطلها الله تعالى بشرع محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن نتشبَّه بهم في العبادات ولا غيرها، ولكن يَذْكُر كثيرٌ من الناس أنه إذا أغمض عينيه كان أخشعَ له، ولكن هذا من الشيطانِ يُخَشِّعُه إذا أغمض عينيه من أجل أن يفعل هذا المكروه، ولو عالج نفسه وأبقى عينه مفتوحة، وحاول الخشوع لكان أحسن.\n
لو فُرِضَ أنه كان بين يديك شيء لا تستطيع أن تفتح عينيك أمامه؛ لأنه يشغلك فحينئذ لا حرج عليك أن تُغَمِّض بقدر الحاجة، وأما بدون حاجة فإنه مكروه كما قال المؤلف، ولا تغترَّ بما يُلْقِيه الشيطان في قلبك من أنك إذا غمضت صار أخشع.\n
يقول: \n (ويُكْرَه أيضًا إقعاؤه في الجلوس) يُكْرَه للمصلي أن يُقْعِيَ في الجلوس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إقعاءٍ كإقعاء الكلب؛ ولأن الإنسان لا يستقر في حال الإقعاء؛ لأنه يتعب، ولكن كيف الإقعاء؟\n
الإقعاء عند أصحابنا له صور؛ منها أن يفرش قدميه، أي: يجعل ظهورهما نحو الأرض، ثم يجلس على عقبيه؛ يعني: بينهما في الواقع، تصوَّرتموه؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: يفرش قدميه، يعني: يجعل ظهورهما إلى الأرض هكذا، ثم يجلس على العقبين؛ يعني: العقبين على أطراف الفخذين، هذا مكروه؛ أولًا: لأنه يُشْبِه من بعض الوجوه إقعاء الكلب، والثاني: أنه متعب، لا يستقر الإنسان في حال جلوسه على هذا الوجه.\n
الوجه الثاني: أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، وهذا لا شك أنه إقعاء كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولكن بعض أهل العلم قال: إن هذه الصورة من الإقعاء من السُّنَّة؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال: \n إنها سُنَّة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، أو سُنَّة نبيك \n ، ولكن أكثر أهل العلم على خلاف ذلك، وأن هذا ليس من السنة، ويشبه والله أعلم أن يكون قول ابن عباس رضي الله عنهما تحدُّثًا عن سنِّةٍ سابقة نُسِخت بالأحاديث الكثيرة المستفيضة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَفْرِش رجله اليسرى وينصب اليمنى، أو يتورك.\n
الصفة الثالثة، وهي أقربها مطابقةً لإقعاء الكلب أن يَنْصِبَ فخذيه وساقيه ويجلس على عَقِبَيْه، لا سيما إن اعتمد بيديه على الأرض، تصورتموها الآن؟ هكذا؛ يعني: الساقان والفخذان منصوبات، والأَلْية على الأرض، لا سيما إن انضم إلى ذلك اعتماد هكذا، صار كأنه الكلب تمامًا، وهذا هو المعروف من الإقعاء في اللغة العربية.\n
بقيت صفات أخرى للجلوس لا تُكْرَه، لكنها خلاف السنة كالتربُّع مثلًا، التربع مثل جلستي هذه، هذه تربع، هذه ليست مشروعة، ولا مكروهة، لكنها مشروعة في حال القيام، إذا صلى الإنسان جالسًا فإنه في موضع القيام يتربَّع وفي موضع الركوع يتربَّع، وفي موضع السجود يفترش يثني رجليه.\n
\n (وإقعاؤه وافتراشُ ذِراعَيْه ساجدًا) يعني: يُكْرَه أن يفترش ذراعيه حال السجود، وإنما قال: ساجدًا؛ لأن هذا هو الواقع، ولكن مع ذلك لو افترشهما جالسًا فهو أشد كراهة، مثل لو جلس وقال هكذا، يصير هذا أشد كراهة؛ لكن في حال السجود يُكْرَه أن يفترش ذراعيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «اعْتَدِلُوا فِي السَّجُودِ، وَلَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» \n ؛ لأن الكلب إذا جلس مدّد يديه على الأرض، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لأن الإنسان لا ينبغي أن يتشبَّه بالحيوان.\n
فإن الله لم يذكر تشبيه الإنسان بالحيوان إلا في مقام الذمِّ؛ استمعوا إلى قوله تعالى: \n {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥].\n
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يتكلم والإمام يخطب: \n «كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا» \n .\n
وقال تعالى: \n {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: ١٧٥، ١٧٦] هذا مقام ذمٍّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ» \n .\n
إذن، فأنتم ترون الآن أن الإنسان لا يُشَبَّه بالحيوان إلا في حال الذم، وبناء على ذلك نقول: إذا كان التشبُّه بالحيوان في غير الصلاة مذمومًا ففي الصلاة من باب أولى؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «لَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» \n . كما نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب.\n
ماذا يصنع في الذراعين؟\n
\n طالب: يجافي.\n
\n الشيخ: يُجافي ويرفعهما عن الأرض، إلا أن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إذا طال السجود فله أن يعتمد بِمِرفقيه على ركبتيه على الأرض، على ركبتيه، إذا طال السجود وشقَّ عليه فإنه يعتمد بمرفقيه على ركبتيه؛ لأن هذا مما فيه التيسير على المكلف، والشارع يريد منا اليسر، ومن ثم شُرِعَت جلسة الاستراحة لمن يتثاقل أي: ينهض بدون جلوس.\n
\n طالب: (...).
الشيخ: أيهم؟ الأولى والثانية؟ الأولى أنه يفرش رجليه هكذا على الأرض، ظهورها إلى الأرض، وبطونها إلى مقعدته، ويجلس على العقبين.
الطالب: (...).
الشيخ: ما ينصب قدميه.
ثانيًا: ينصب قدميه ويجلس على عقبيه (...)، ويجلس على عقبيه؟
طلبة: (...).
الشيخ: هذه الثانية، الأولى يصفِّطها ويخلي ظهورها على الأرض.
طالب: فرش القدمين؟\n

\n الشيخ: فرش القدمين؛ يخلي ظهورها على الأرض، يحتاج إني أوريكم أنا (...)؟
الطالب: هذه الثانية (...).
الشيخ: هذه اللي على عقبيه، إي نعم، لا، بس (...) شوية.
الطالب: (...).
الشيخ: فيه صعوبة، هذه الثانية، الثالثة (...) يسمونها عندنا (البوبزة).
طالب: نصب القدمين والجلوس بينهما على الأليتين.
الشيخ: إي، هذا أظنه أيضًا مما كرهه العلماء، لكن ما ذكروه في الإقعاء.
طالب: الجلسة (...) الانتصاب، يجعل رجليه (...).
الشيخ: متخالفات؟
الطالب: لا، بس نفس الجلسة اللي جلسها السابقة، لكن هذه (...).
الشيخ: متخالفات يعني.
الطالب: (...).
الشيخ: هي الظاهر أن الإقعاء الأول إنه متقاربات؛ لأنهم يقولون: يجلس على عقبيه.
الطالب: ينصب واحدة.
الشيخ: ويجلس على واحدة.
على كل حال الإقعاء معروف، مثل البوبز، الإقعاء عند العرب هو اللي يسمونه الآن (البوبز)، هذا ما فيه إشكال.\n
\n طالب: المؤلف يقول: \n (يُكْرَه)، والحديث الذي استدل به للنهي عن الإقعاء، والإقعاء يقتضي التحريم؛ هل الصواب (...)؟\n
\n الشيخ: إي نعم، هذه نتكلم عليها إن شاء الله.\n
\n الطالب: الرد على من قالوا ببطلان الصلاة في الحقيقة، الحديث ربما يَعْضُد الذين لا يقولون بالبطلان، لمن ينظر إلى السماء؛ لأن الرسول ما أمرهم بالإعادة، فقط نهاهم..
الشيخ: لا، هو بارك الله فيك، ما حدث إنسانًا واحدًا، ما كلَّم واحدًا حتى يقول: أعد صلاتك.
الطالب: حتى ولو كان يا شيخ..
الشيخ: طيب، لما قال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» . ما قال: ومن تكلم فليُعِد، هو لو خاطب واحدًا، ولو قال له: أعد، صح الاستدلال.
\n طالب: شيخ -أحسن الله إليك- نقول: النهي ليس منصبًّا على ذات المنهي عنه، والقاعدة التي مرت بنا أنه إذا انصبَّ النهي عليه فإنه يفيد البطلان، أقول: هنا انصبَّ النهي، ومع ذلك تبطل الصلاة، قلنا: في النفس من هذا شيء، والقاعدة البطلان.
الشيخ: والله ما رأيت أنا أحدًا يقول: إنها تبطل غير ابن حزم، ولا أَثَرَه عن أحد، المشكلة الواحد يعني: يتحرى، أما التحريم ما عندي فيه شك أنه حرام، والاقتصار على الكراهة فيه نظر.\n
\n طالب: لو سمحت، التسبيح إحدى عشر مرة، والتكبير إحدى عشر مرة.
الشيخ: لا، ما هو بصحيح هذا، هذا وَهْمٌ من الراوي ثلاثًا وثلاثين.\n
\n طالب: (...) القاعدة أن ابن حزم رحمه الله أنها تَبْطُل صلاته، ألا يمكن نقول له: إذن يَبْطُل الذي يفترش يديه كافتراش الكلب؛ لأن كل هذه من الأفعال المحرَّمة في الصلاة؟
الشيخ: لا ما هي مثل هذه؛ لأن الرسول اشتد قوله في هذا، اشتد وتوعَّد، لا هذه، ما اتفقنا على أنها حرام.
طالب: أحسن الله إليك، بعض العلماء يقولون: إن الإقعاء عند العرب كما شاهدنا، والنبي تكلم بما هو معروف عند العرب فلا يكون إلا هذه الصورة، وما عداها فيكون مستحبًّا، واستدلوا أيضًا بفعل العبادلة ، فما رأيكم يعني؟
الشيخ: المهم أن الإنسان ما يُقعِي.
طالب: يكون الإقعاء الوارد عن العرب كما..
الشيخ: والله، هذا جيد، لكن مسألة الاستدلال بحديث ابن عباس كما قلت: فيه نظر، أما المنهي عنه هو الإقعاء كإقعاء الكلب؛ يعني: ينبغي أن يُخَصَّ هذا بما كان كإقعاء الكلب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما نَهى عن الإقعاء مطلقًا، قال: «كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ».
الطالب: والصور الباقية التي ذكرنا الآن هل تكون من إقعاء الكلب؟
الشيخ: لا أبدًا، هذه شرعية ما هي لغوية، عند من قال بها شرعية.\n
\n طالب: شيخ -رحمك الله- رفع البصر للكعبة هل حاجة (...)؟
الشيخ: الكعبة؟! هي تحتاج إلى رفع بصر؟!
الطالب: النظر إليها.
الشيخ: النظر إليها، هذه مر علينا، ما مر علينا؟ مر علينا وقلنا: هذا ليس بصحيح.
طالب: النظر مثلي أنا الآن (...).
الشيخ: لا لا، هكذا في السقف.
الطالب: النظر كده عادي؟
الشيخ: لا، هذا يسمى تلقاء وجهه.\n
\n طالب: جزاكم الله خيرًا، تغميض العينين قلنا: إنه يُكْرَه للتشبه باليهود، التشبه باليهود هل هي للكراهة ولّا للتحريم؟
الشيخ: المشهور من المذهب قاعدتهم يقولون: إن التشبُّه بالكفار مكروه، انتبهوا لهذا، المذهب عندنا عند الحنابلة، عند الأصحاب أصحاب المذهب أن التشبُّهَ بالكفار مكروه وليس حرامًا، عرفت؟ لكن الصحيح أنه حرام.
الطالب: يعني: يصير تحريمًا (...)؟
الشيخ: يعني: التحريم صعب. \n

","SearchText":" بقي علينا ان نقول: المحافظه علي الدعاء بعد النافله كما يفعله عوامنا؛ يحافظون محافظه شديده علي الدعاء بعد النافله؛ حتي ان بعضهم يري انه ان لم يكن من السنن فهو من الواجبات، حتي اننا نري بعضهم اذا اقيمت الصلاه وهو يسلم من النافله قبل ان يقوم ليصلي الفريضه يرفع يديه هكذا وتشك هل دعا ولا ما دعا؛ يرفع يديه ثم يمسح وجهه ثم يمسح بعضها في بعض ثم يقوم يصلي، يمكن انه ما دعا، لكن يلازمون علي هذا ظنا منهم انه امر واجب او قريب من الوجوب، فهذا لا شك انه لا اصل له، ولا احد من اهل العلم قاله؛ ولهذا ينبغي لطلبه العلم ان ينبهوا الناس ولكن بالرفق؛ لان العامه اذا انكر عليهم شيءا اعتادوه نفروا، فاذا اوتوا بالحكمه واللين هبطوا وقبلوا. ولذلك ما اكثر الذين يسالون: ما حكم رفع اليدين بعد صلاه النافله؟ فيظنون ان الحكم معلق بايش؟ برفع اليدين، الحكم مو معلق برفع اليدين، الحكم معلق بالدعاء، سواء رفعت ام لم ترفع. نقول: ما دمت تريد ان تدعو الله ادع الله قبل ان تسلم، هذا هو المشهور، هذا هو تعليقنا علي قوله: (ويدعو بما ورد) . وسبق لنا ان الدعاء لو قال: (بما احب) لكان احسن؛ لاجل ان يشمل الدعاء بالوارد وغيره، لان الانسان يدعو بما شاء، حتي في امور الدنيا علي القول الراجح فان له ان يدعو الله تعالي بشيء من امور الدنيا ولا حرج عليه . قال المءلف رحمه الله تعالي: (والمراه مثله) (مثله) اي: مثل الرجل، المراه مثل الرجل، ما الدليل؟ الدليل عدم الدليل، كيف يكون الدليل عدم الدليل؟! طالب: (...). الشيخ: نعم، الدليل عدم الدليل علي التفريق بين المراه والرجل. وعلي هذا فاذا قال لنا قاءل: ما الدليل علي ان المراه تصلي كما يصلي الرجل؟ نقول: الدليل عدم الدليل، وما الدليل علي انها لا تصلي كصلاه الرجل، ما هو الدليل؟ والاصل في النساء انهن كالرجال في الاحكام، كما ان الاصل في الرجال انهم كالنساء في الاحكام؛ ولهذا من قذف رجلا اقيم عليه حد القذف، او ترتب عليه حد القذف كما لو قذف امراه، مع ان الايه في القذف فيمن؟ طلبه: في النساء. الشيخ: في النساء؛ {والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا باربعه شهداء فاجلدوهم ثمانين جلده ولا تقبلوا لهم شهاده ابدا واولءك هم الفاسقون (٤) الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا} [النور: ٤، ٥]، وقال النبي عليه الصلاه والسلام في الموبقات حين عدها: «وقذف المحصنات الغافلات المءمنات» ، ومن المعلوم ان الرجل مثل المراه في هذا، ووجه ذلك ان الاصل اشتراك المكلفين من رجال ونساء في الاحكام الا ما قام الدليل عليه، فما قام الدليل علي انه خاص بالنساء فهو خاص بهن، وما قام الدليل علي انه خاص بالرجال فهو خاص بالرجال، فمثلا الولايات العامه خاصه بمن؟ بالرجال؛ كالاماره والقضاء وما اشبه ذلك، هذا خاص بالرجال لا تتولاه النساء ابدا. نعم، ربما تتولي المراه اماره صغيره محدوده؛ كما لو سافرت مع نساء، وصارت اميرتهن في السفر، وان كان هذا امرا قد لا يقع، لكن لا باس به، وكمديره المدرسه مثلا، وما اشبه ذلك من ولايات النساء، اما ان تكون ذات ولايه علي الرجال فهذا ليس من الدين الاسلامي في شيء. اذن فالاصل اشتراك النساء والرجال في الاحكام الا ما قام الدليل عليه، حتي في رفع اليدين؟ طلبه: نعم. الشيخ: حتي في رفع اليدين؛ يعني: ترفع يديها حيث يرفع الرجل، لكن هذا استدراك، والمستدرك منه قوله: (والمراه مثله) ، استدرك من هذا قوله: (لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها) . تضم نفسها في الحال التي يشرع للرجل التجافي، فهي تضم نفسها في حال الركوع يشرع للرجل مجافاه العضدين عن الجنبين، وفي حال السجود كذلك، مجافاه العضدين عن الجنبين، ومجافاه البطن عن الفخذين، والفخذين عن الساقين، المراه لا تجافي. (تضم نفسها) فاذا سجدت تجعل بطنها علي فخذيها، وفخذيها علي ساقيها، واذا ركعت تضم يديها هكذا علي صدرها، ما الدليل؟ ما دمنا نقول: الاصل ان ما ثبت للرجال من احكام فهو ثابت للنساء الا بدليل، ما الدليل؟ قالوا: الدليل القواعد العامه في الشريعه الاسلاميه، ان المراه ينبغي لها ان تتستر، وضمها نفسها استر لها مما لو جافت، والجواب علي هذا من وجهين: الاول: ان هذه عله لا يمكن ان تقاوم عموم النصوص الداله علي ان المراه كالرجل في الاحكام؛ لا سيما وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «صلوا كما رايتموني اصلي» ؛ فان هذا الخطاب عام للرجال وللنساء، وهذا الذي ذكروا لا يقاوم هذه العمومات. ثانيا: ان نقول: هذا ينتقض فيما لو صلت وحدها، والغالب والمشروع للمراه ان تصلي وحدها في بيتها بدون حضره الرجال، وحينءذ لا حاجه الي الانضمام، ما دام لا يشهدها الرجال. ثالثا: الوجه الثالث نقول: انتم تقولون: انها ترفع يديها، وان كانت المساله خلافيه؛ لان بعض العلماء يقول: لا ترفع يديها، ورفع اليدين اقرب الي التكشف من المجافاه، ربما اذا كان عليها ثوب هكذا ورفعته يتبين شيء مستتر بالثوب، ومع ذلك تقولون: انه يسن لها رفع اليدين؛ لان الاصل تساوي الرجال والنساء في الاحكام، فما هو القول الراجح بعد ان عرفنا ضعف هذا القول؟ القول الراجح: ان المراه تصنع كما يصنع الرجل في كل شيء، فترفع يديها وتتجافي، وتمد الظهر في حال الركوع، وترفعه عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في حال السجود. ثم استثني المءلف مساله اخري فقال: (وتسدل رجليها في جانب يمينها) ، والرجل يسن له ايش؟ الافتراش، او التورك، اما هي فتسدل الرجلين في جانب اليمين في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهدين، وهذا ايضا ليس عليه دليل، لا دليل عليه، بل الدليل يدل علي انها تفعل كما يفعل الرجل؛ تفترش في الجلوس بين السجدتين وفي التشهد الاول، وفي التشهد الاخير في صلاه ليس فيها الا تشهد واحد، وتتورك في التشهد الاخير في الثلاثيه والرباعيه. اذن، لا يستثني من هذا شيء بالنسبه للمراه، لكن لا شك ان المراه تخالف الرجل في بعض الاحكام كمساله الستره مثلا، ستره في الثياب يعني، ومساله القراءه، ان الرجل يجهر في القراءه في الصلاه الجهريه، وهي لا تجهر، السنه في حقها ان تسر. انتهي المءلف من الكلام علي صفه الصلاه، ولكن لم يذكر رحمه الله ماذا يقول بعد السلام من الصلاه؛ لان الكتاب هذا مختصر، ولكن ينبغي ان نعرف ماذا يقول الانسان بعد السلام من الصلاه، يقول اذا سلم: استغفر الله ثلاث مرات ، اي: اطلب من الله المغفره. وانما شرع للانسان سءال المغفره بعد اداء هذه العباده العظيمه؛ لان هذه العباده العظيمه جديره بالاعتناء والاهتمام، وكثير من الناس يفرط فيها اما بالمشروعات الظاهره او بالمشروعات الباطنه؛ ففي المشروعات الباطنه يفرط تفريطا كثيرا، وما اكثر الذين يصلون بظواهرهم لا ببواطنهم، اليس كذلك؟ طلبه: بلي. الشيخ: في المشروعات الظاهره ايضا لا يخلو الانسان من تقصير او تجاوز، ربما يقصر في وضع اليدين او في استواء الراس مع الظهر في الركوع، او في التجافي او في اي شيء، هذا وارد، وربما يكون منه تجاوز في الحركات، كما يشاهد من بعضهم، يطالع الساعه وهو يصلي، يطلع القلم ويعصره هل فيه حبر ولا ما فيه حبر، وكذلك ايضا يفطن لشيء ناسيه ويطلعه ويكتبه براحته؛ لانه ذكره. والشيطان يذكرك ما نسيت اذا كنت في الصلاه، واذا انتهيت من الصلاه انساك اياه لحين تيجي الصلاه الثانيه ثم يذكرك؛ ولهذا يذكر ان رجلا جاء لابي حنيفه وقال: انه نسي كذا وكذا، وان المساله التي نسيها ما هي هينه؛ وديعه كبيره او شيء، المهم، قال له: اذهب فصل، فذهب الرجل وصلي فتذكر، تذكر؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم اخبر بان الشيطان يقول للانسان في حال صلاته: «اذكر كذا، اذكر كذا» ؛ فابو حنيفه رحمه الله استنبط من هذا الحديث ان الصلاه سبب للتذكر. المهم ان الاستغفار بعد السلام له مناسبه عظيمه؛ وهي التقصير في الصلاه، ما يخلو احد من التقصير، فتسال الله المغفره؛ ولهذا استحب للانسان ان يختم عمله بالاستغفار، وان يختم عمره بالاستغفار؛ اما العمر فقد قال الله تعالي لرسوله عليه الصلاه والسلام: {اذا جاء نصر الله والفتح (١) ورايت الناس يدخلون في دين الله افواجا (٢) فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا} [النصر: ١ - ٣] قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذا نعي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقال عمر: لا افهم منها الا ما فهمت ، وقال النبي عليه الصلاه والسلام: «ان الله اراني ايه؛ اذا رايتها في امتي ان اسبحه واستغفره {اذا جاء نصر الله والفتح} » ، جاء ولا ما جاء؟ جاء وراه؛ ولهذا كان يكثر عليه الصلاه والسلام ان يقول: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» . ثم يقول بعد الاستغفار: «اللهم انت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والاكرام» والمناسبه في هذا ظاهره، كانك تقول: اللهم انت السلام، فسلم لي صلاتي من الرد والرفض؛ لان الصلاه قد تقبل وقد لا تقبل، قد تلف ويضرب بها وجه صاحبها، والعياذ بالله، وقد تقبل، وما اربح الذين يقبل الله صلاتهم، اللهم اجعلنا منهم. ثم يقول ما ورد من الذكر، والترتيب بعد ذلك بعد الاستغفار واللهم انت السلام لا اعلم فيه ترتيبا في السنه، فاذا قدم شيءا علي شيء فلا حرج، المهم ان يحرص علي ما ورد عن النبي عليه الصلاه والسلام في هذا الباب، ومنه التسبيح والتحميد والتكبير وقد ورد علي عده اوجه: الوجه الاول: ان يقول: سبحان الله والحمد لله والله اكبر ثلاثا وثلاثين ويختم لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير ، فتكون مءه. الوجه الثاني ان يقول: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله اكبر اربعا وثلاثين ، كم تكون الجميع؟ طلبه: مءه. الشيخ: مءه ايضا. والوجه الثالث ان يقول: سبحان الله عشرا، والحمد لله عشرا، والله اكبر عشرا ، تكون الجميع ثلاثين. والوجه الرابع: ان يقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله، والله اكبر خمسا وعشرين مره» ، تكون الجميع مءه. هذا الاختلاف من اختلاف التنوع، وقد مر علينا انه ينبغي للانسان في العبادات الوارده علي وجوه متنوعه ان يفعل هذا تاره وهذا تاره، وذكرنا فواءد ذلك. وينبغي ايضا ان يقرا ايه الكرسي ؛ لانه روي فيها احاديث عن الرسول عليه الصلاه والسلام وان كانت ضعيفه، لكن ان كانت الاحاديث صحيحه فقد وقعت محلها، وان لم تكن صحيحه فهي زياده حرز للانسان؛ لان مما يحفظ الانسان من الشياطين قراءه ايه الكرسي، وكذلك (قل هو الله احد)، و(قل اعوذ برب الفلق)، و(قل اعوذ برب الناس)، ومن اراد بسط هذا فليرجع الي الكتب المءلفه في ذلك مثل كتاب الاذكار للنووي، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وهو كتاب مفيد؛ لانه رحمه الله ذكر فيه فواءد الذكر، ذكر فيه فوق مءه فاءده لذكر الله عز وجل. [مكروهات الصلاه ] ثم قال: (فصل: ويكره في الصلاه التفاته) . (التفات) ناءب فاعل؛ يعني: يكره للمصلي ان يلتفت؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم سءل عن الالتفات في الصلاه، فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاه العبد» اختلاس يعني: سرقه ونهب، يختلسه الشيطان من صلاه العبد، وقال: «اياك والالتفات في الصلاه فانه هلكه، فان كان لا بد ففي التطوع» ؛ ولان الالتفات حركه لا مبرر لها، والاصل كراهه الحركات في الصلاه؛ ولان في الالتفات اعراضا عن الله عز وجل؛ فان الله سبحانه وتعالي اذا قام الانسان يصلي فالله تعالي قبل وجهه؛ ولهذا حرم علي المصلي ان يتنخع قبل وجهه؛ لانه من سوء الادب مع الله، ولكن اذا كان لحاجه فلا باس، فمن الحاجه ما جري للنبي صلي الله عليه وسلم حيث ارسل عينا تترقب العدو، فكان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي ويلتفت نحو الشعب الذي ياتي منه هذا العين، والعين يعني: الجاسوس؛ ولان النبي صلي الله عليه وسلم امر الانسان اذا اصابه الوسواس في صلاته ان يتفل عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا التفات لحاجه، ومن ذلك لو كانت المراه عندها صبي وتخشي عليه فصارت تلتفت اليه فان هذا من الحاجه، فهذا لا باس به لانه عمل يسير يحتاج اليه الانسان. ثم اعلم ان الالتفات نوعان؛ التفات حسي بالبدن، والتفات معنوي بالقلب؛ الالتفات في البدن معروف، وما اكثر الذين يمكنهم ان يسيطروا علي هذا الالتفات، اليس كذلك؟ لانه يسير، عمل بدني يسير. اما الالتفات المعنوي القلبي فهذا هو العله التي لا يخلو احد منها، وما اصعب معالجتها، وما اقل السالم منها، وليته التفات جزءي، التفات يمسكك من اول الصلاه الي اخرها، وينطبق عليه تماما انه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاه العبد، بدليل ان الرسول صلي الله عليه وسلم لما شكا اليه الرجل هذه الحال، قال له: «ذاك شيطان يقال له: خنزب» سماه الرسول عليه الصلاه والسلام «فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاث مرات، وقل: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ، اذن صار هذا الاختلاس الواضح. وايضا هذا الالتفات خفي مثل المختلس، تعرفون المختلس كيف يعمل؛ المختلس يجي عندك في الدكان، ويوهمك انه بيشري منك بضاءع كثيره، يقول: شوف لي هذا كم يسوي؟ تروح تجيبه، يجي (...) ابغي ذاك، الرجل ياخده ويحطه، ويامن من الرجل، يامن من هذا الزبون اللي واقف علي الدكان، مرتين ثلاث، ثم يقول: والله شوف لي (...) ايش الدكان، راح يجيب الغداء (...) قش اللي حول الباب ومشي، هذا اختلاس، ليش؟ لانه اتي بخفيه، حتي حصل مقصوده. الشيطان اذا اتي القلب بخفيه، هذا اختلاس في الحقيقه، وكل منهما اختلاس، لا الالتفات البدني ولا القلبي. طالب: الانسان في صلاه النافله قد يقصر بعض الشيء (...) هل يستغفر بعد الصلاه؟ الشيخ: هذا ورد بعد المكتوبه لانها اعظم واهم. الطالب: لا يقال في النافله شيء؟ الشيخ: والله القياس فيه نظر. طالب: المراه تسر مطلقا (...) يعني: تقرا سرا. الشيخ: لا، اذا كان حولها رجال، اما اذا كان ما حولها رجال ففي الجهريه لا باس ان تجهر. طالب: التفل، هل يتفل علي يساره او (...) علي جسمه. الشيخ: لا يتفل؟ ما يتفل علي (...) ما راح تمسه. الطالب: ما يتفل علي نفسه؟ الشيخ: لا، يعني من باب الورد يعني؟ الطالب: اي. الشيخ: لا. طالب: الرسول عليه الصلاه والسلام هل كان يقوم قبل الاستغفار او بعده؟ الشيخ: لا كان الرسول صلي الله عليه وسلم اذا سلم استغفر ثلاثا، وكان لا ينصرف الا بعد ان يقول: «اللهم انت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والاكرام» . طالب: شيخ، بالنسبه ان المراه ليست كالرجل، ذكروا في ذلك حديثا وهو (...) عن زيد بن ابي عبيد او كذا ان النبي عليه الصلاه والسلام مر علي امراتين تصليان فقال لهما: «ضما اللحم الي بعضه، فانكما في هذا لستن كالرجال» ، وكذلك عن علي يا شيخ، مدي صحه هذا؟ الشيخ: حرره لنا، جبه لنا ان شاء الله. طالب: شيخ، احسن الله اليك، ما عرفت انا كيفيه السدل؟ الشيخ: السدل تطلع (...). طالب: يعني: نفس التورك؟ الشيخ: لا، ما هو، يعني: بعده شوي، قليلا (...)؟ طالب: جزاك الله خيرا، يا شيخ، بالنسبه للمراه تضم نفسها في هذه الحاله اذا كان (...) صلاه يصلون، نري بعض النساء تصلي، هل تضم نفسها؟ الشيخ: اي، المذهب مطلقا، سواء عندها رجال، او ما عندها رجال. طالب: ما هو القول الراجح؟ الشيخ: القول الراجح: لا؛ انها مثل الرجل مطلقا. الطالب: حتي لو كان الرجال يشوفونها؟ الشيخ: اذا خيفت الفتنه معلوم، حتي لو شيء مشروع، اذا خيفت الفتنه يترك. طالب: قول: «لا اله الا الله» في الاذكار، هل يكرر في المغرب والفجر؟ الشيخ: المغرب والفجر ورد انه يقول عشر مرات، ويزيد ايضا: «يحيي ويميت» ، في غير الفجر ثلاث مرات بدون زياده: «يحيي ويميت» . الطالب: يا شيخ، وان كان مسافرا؟ الشيخ: كله واحد، نعم. طالب: في السلام نري بعض الناس يسلم بعد الفريضه وبعد النافله، يصافح في هذا البلد؛ يعني: يسلم عند اقامه الصلاه، وقد استدل بعضهم بحديث المسيء صلاته؛ لانه (...) السلام ثلاث مرات؟ الشيخ: يقول ابن القيم: وسل العياذ من التكبر والهوي فهما لكل الشر جامعتان الانسان الذي له هوي يستدل بما ليس فيه دليل، المسيء في صلاته سلم؛ لانه راح انصرف وجاء رجع فسلم؛ لان المشروع من الانسان اذا لاقي اخاه بعد ان انصرف عنه ان يسلم، ما سلم؛ لانه ادي صلاته. واما مساله السلام بعد الصلاه فهذه علي نوعين: النوع الاول: ان يتخذها الانسان علي انها سنه بعد الصلاه، وعلامه ذلك انه ياتي هو وصاحبه الي المسجد فيدخلان جميعا ويصليان جميعا، واذا سلما من الصلاه سلم عليه وصافحه، هذه يعني: كانه فهم ان هذا السلام من سنن الصلاه، هذا لا شك انه ينهي عنه، ويبدع صاحبه. القسم الثاني: الا يكون كذلك، وانما يسلم عليه علي العاده ويصافحه تحببا وتالفا فهذا لا باس به، وعلامه ذلك انه يفعل هذا لانه لم يصادفه قبل الصلاه، فهذا لا باس به وليس فيه شيء. *** الطالب: قال المءلف رحمه الله تعالي: فصل: ويكره في الصلاه التفاته ورفع بصره الي السماء وتغميض عينيه، واقعاء وافتراش ذراعيه ساجدا، وعبثه وتخصره وتروحه وفرقعه اصابعه وتشبيكها، وان يكون حاقنا او بحضره طعام يشتهيه، وتكرار الفاتحه لا جمع سور في فرض كنفل، وله رد المار بين يديه وعد الاي والفتح علي امامه ولبس الثوب ولف العمامه. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد، وعلي اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين. سبق لنا انه بعد السلام يستغفر الله تعالي ثلاثا، فما هي الحكمه في الاستغفار؟ طالب: الحكمه من الاستغفار هو ان (...) نفس الذي يحصل من المصلي في صلاته (...). الشيخ: هو ان الانسان لا يخلو؟ الطالب: من تقصير في صلاته. الشيخ: من تقصير ونقص في صلاته. هل لهذا نظير ان يطلب من الانسان الاستغفار في اخر العباده؟ طالب: نعم، يطلب من الانسان الاستغفار في اخر العباده، كذلك اخر حياته. الشيخ: هات اخر عباده؟ الطالب: بعد التسليم. الشيخ: خل الصلاه، نريد مثالا لها، يعني: مثالا اخر يعضد هذه القاعده؟ طالب: اذا انتهي الانسان من الحج يذكر الله، قال الله سبحانه وتعالي: {فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا} [البقره: ٢٠٠]. الشيخ: {ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم} [البقره: ١٩٩]، وسبق لنا انواع من الذكر تقال بعد السلام، منها؟ طالب: يسبح الله ثلاثا وثلاثين مره، ويحمده ثلاثا وثلاثين مره، ويكبر الله اربعا وثلاثين مره . الشيخ: او يقول: «سبحان الله، والحمد لله، والله اكبر، ثلاثا وثلاثين مره» ويختم؟ الطالب: بـ «لا اله الا الله» . الشيخ: بـ «لا اله الا الله» الي اخره، وفيه ايضا نوع اخر. طالب: ان يسبح الله عشر مرات. الشيخ: ان يسبح الله عشرا، ويحمد عشرا، ويكبر عشرا . النوع الثالث؟ طالب: يسبح الله؛ سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر خمسا وعشرين مره . الشيخ: خمس وعشرين مره، تكون مءه. لما انهي المءلف رحمه الله صفه الصلاه ذكر ما يكره في الصلاه، ويجب ان نعرف الفرق بين الصلاه المكروهه وبين الصلاه التي فعل فيها شيء مكروه، الصلاه المكروهه فيها ثواب ولا لا؟ طالب: نعم. الشيخ: اي نعم، فيها ثواب وهي مكروهه. طالب: (...) ليس فيها ثواب. الشيخ: ليس فيها ثواب. الطالب: (...). الشيخ: لا، هذه حرام، لكن حتي لو فرض، الصلاه في اوقات النهي، علي راي من يري انه قبل ان تصفر الشمس مكروه وبعده حرام، فهذه ليس فيها ثواب. الصلاه التي فيها مكروه، هل فيها ثواب؟ طالب: (...). الشيخ: فيها ثواب، كذا؟ مثل؟ طالب: كالالتفات. الشيخ: كالالتفات، فانه يثاب علي اصل الصلاه، ولكن يكره الالتفات. المءلف ذكر انه يكره الالتفات، فما المراد بالالتفات هنا؟ طالب: الالتفات نوعان، (...) الالتفات بالوجه. الشيخ: بالوجه، لا بجميع؟ الطالب: لا بجميع البدن. الشيخ: ما حكم الالتفات بجميع البدن عن القبله؟ الطالب: يبطل الصلاه. الشيخ: يبطل الصلاه؛ لان من شرطها استقبال؟ الطالب: القبله. الشيخ: القبله. ما الذي يستثني من المكروه؟ طالب: (...). طالب اخر: اذا كان لحاجه. الشيخ: نعم، اذا كان لحاجه، يستثني من ذلك اذا كان لحاجه، مثاله؟ طالب: (...). الشيخ: المهم صاحت طفله والتفت تنظر ماذا حصل لها؟ هذه حاجه ولا لا؟ الطالب: حاجه. الشيخ: حاجه، صح؟ فيه حاجه شرعيه؟ الحاجه الشرعيه للالتفات؟ طالب: (...). الشيخ: هذه حاجه شرعيه؛ ذكرنا ان هناك نوعا من الالتفات؟ طالب: (...). الشيخ: نوع من الالتفات مكروه، ان لم يكن حراما؟ الطالب: التفات معنوي. الشيخ: المعنوي ايش؟ الطالب: التفات القلب. الشيخ: التفات القلب، هذا مكروه ولا غير مكروه؟ الطالب: (...) يبطل الصلاه. الشيخ: اي انه مكروه، وقد يبطل الصلاه علي راي بعض العلماء، والصحيح انه لا يبطل . *** كلمه (يكره) اظنها معروفه لديكم، ما حاجه الي تفسيرها الان، المكروه عند اهل العلم هو ما نهي عنه لا علي سبيل الالزام بالترك، وحكمه انه يثاب تاركه امتثالا ولا يعاقب فاعله، فهو في منزله بين المباح والمحرم. يقول المءلف رحمه الله: (يكره رفع بصره الي السماء) ؛ يعني: يكره رفع بصره الي السماء وهو يصلي، سواء في حال القراءه، او في حال الدعاء او في حال الرفع من الركوع، او في اي حال من الاحوال، يكره ان يرفع بصره الي السماء، بدليل وتعليل؛ يعني: له دليل وله تعليل؛ اما الدليل فلان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لينتهين اقوام عن رفع ابصارهم الي السماء في الصلاه، او لتخطفن ابصارهم» يعني: اما ان ينتهوا واما ان يعاقبوا بهذه العقوبه؛ ان تخطف ابصارهم فلا ترجع اليهم، واشتد قوله صلي الله عليه وسلم في ذلك، هذا الدليل، والحقيقه ان الدليل اقوي من المدلول؛ لان الدليل يقتضي ان يكون رفع البصر الي السماء محرما؛ فان الرسول صلي الله عليه وسلم حذر منه واشتد قوله فيه، ثم ذكر عقوبه محتمله، وهي ان تخطف ابصارهم ولا ترجع اليهم. ومن المعلوم ان التحذير عن الشيء بذكر العقوبه يدل علي انه حرام، كما قلنا في قول الرسول عليه الصلاه والسلام: «اما يخشي الذي يرفع راسه قبل الامام ان يحول الله راسه راس حمار او يجعل صورته صوره حمار» قلنا: ان هذا دليل علي تحريم مسابقه الامام. وكذلك ايضا قلنا في قوله عليه الصلاه والسلام: «لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم» قلنا: ان فيه دليلا علي القول الراجح علي وجوب تسويه الصف ، وهذا الحديث الذي معنا في رفع البصر الي السماء لا يقصر دلاله عن دلاله قوله صلي الله عليه وسلم: «اما يخشي الذي يرفع راسه قبل الامام ان يحول الله راسه راس حمار او يجعل صورته صوره حمار» . بل انما قد يكون اشد وابلغ ان يرجع بصر الانسان الي عمي قبل ان يرتد اليه؛ ولهذا كان القول الراجح في رفع البصر الي السماء في الصلاه انه حرام، وليس بمكروه فقط. ولكن اذا قلنا بانه حرام ثم رفع بصره الي السماء، فهل تبطل الصلاه؟ اختلف في ذلك اهل العلم؛ فقال بعضهم: انها تبطل الصلاه، وعللوا ذلك بتعليلين؛ التعليل الاول انه فعل منهي عنه في العباده، والانسان اذا فعل فعلا منهيا عنه في العباده ابطلها؛ لانه ينافيها. والثاني ان فيه انحرافا عن القبله؛ لانه اذا رفع راسه هكذا صار مستقبلا القبله بحلقه لا بوجهه. ولكن الذي يظهر لي ان المساله لا تصل الي حد البطلان؛ ان رفع البصر الي السماء في الصلاه حرام، لكن الوصول الي حد البطلان في النفس منه شيء؛ اما التعليل بانه انحراف عن القبله فانه منقوض بالالتفات، فان الملتفت الي اليمين او اليسار قد انحرف عن القبله، ومع ذلك لا تبطل صلاته، واما انه فعل محرم في العباده فيقتضي ان يبطلها كما ابطل الكلام الصلاه، وابطل الاكل والشرب الصوم، فهذا مثله، فهو -لا شك والله- تعليل قوي، لكن النفس لا تطمءن الي امر المصلي بالاعاده اذا رفع راسه. انما نقول: ان صلاتك علي خطر، واما الاثم فانك اثم؛ بناء علي ذلك ينبغي لطالب العلم اذا راي الذين يرفعون ابصارهم الي السماء في الصلاه ان ينكر عليهم، ويجب ان يعلمهم بان هذا حرام، وانا اري كثيرا من الناس اذا رفع راسه من الركوع خاصه رفع وجهه الي السماء حتي تكاد تقول: انه ارتفع عن الارض من شده رفع وجهه الي السماء، فيحذر من ذلك. يقول -وعندي بالشرح-: (ويكره ايضا تغميض عينيه؛ لانه فعل اليهود) تغميض العينين ايضا مكروه.. طالب: التعليل (...). الشيخ: اي نعم، التعليل في مساله رفع البصر الي السماء ان فيه سوء ادب مع الله؛ لانك بين يديه، فينبغي ان تتادب والا ترفع راسك، بل يكون راسك خاضعا؛ ولهذا قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: انه كان قبل ان يسلم يكره النبي صلي الله عليه وسلم كراهه شديده حتي يقول: حتي تمنيت ان اتمكن منه فاقتله، يقول: فلما اسلم كان لا يرفع بصره الي رسول الله صلي الله عليه وسلم يعني: احتراما له وتعظيما له. فالرب عز وجل، انت الان واقف بين يديه وهو قبل وجهك فكونك تقول: هكذا، فيه شيء من سوء الادب؛ فلهذا جاء الحديث بالتحذير منه. اما تغميض عينيه فيقول المءلف: انه مكروه، وعلل ذلك بانه فعل اليهود في صلاتهم، ونحن منهيون عن التشبه بالكفار من اليهود وغيرهم، لا سيما في الشعاءر الدينيه؛ لان دياناتهم ديانات منسوخه، ابطلها الله تعالي بشرع محمد صلي الله عليه وسلم، فلا يجوز ان نتشبه بهم في العبادات ولا غيرها، ولكن يذكر كثير من الناس انه اذا اغمض عينيه كان اخشع له، ولكن هذا من الشيطان يخشعه اذا اغمض عينيه من اجل ان يفعل هذا المكروه، ولو عالج نفسه وابقي عينه مفتوحه، وحاول الخشوع لكان احسن. لو فرض انه كان بين يديك شيء لا تستطيع ان تفتح عينيك امامه؛ لانه يشغلك فحينءذ لا حرج عليك ان تغمض بقدر الحاجه، واما بدون حاجه فانه مكروه كما قال المءلف، ولا تغتر بما يلقيه الشيطان في قلبك من انك اذا غمضت صار اخشع. يقول: (ويكره ايضا اقعاءه في الجلوس) يكره للمصلي ان يقعي في الجلوس؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن اقعاء كاقعاء الكلب؛ ولان الانسان لا يستقر في حال الاقعاء؛ لانه يتعب، ولكن كيف الاقعاء؟ الاقعاء عند اصحابنا له صور؛ منها ان يفرش قدميه، اي: يجعل ظهورهما نحو الارض، ثم يجلس علي عقبيه؛ يعني: بينهما في الواقع، تصورتموه؟ طلبه: نعم. الشيخ: يفرش قدميه، يعني: يجعل ظهورهما الي الارض هكذا، ثم يجلس علي العقبين؛ يعني: العقبين علي اطراف الفخذين، هذا مكروه؛ اولا: لانه يشبه من بعض الوجوه اقعاء الكلب، والثاني: انه متعب، لا يستقر الانسان في حال جلوسه علي هذا الوجه. الوجه الثاني: ان ينصب قدميه ويجلس علي عقبيه، وهذا لا شك انه اقعاء كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولكن بعض اهل العلم قال: ان هذه الصوره من الاقعاء من السنه؛ لان ابن عباس رضي الله عنهما قال: انها سنه ابي القاسم صلي الله عليه وسلم، او سنه نبيك ، ولكن اكثر اهل العلم علي خلاف ذلك، وان هذا ليس من السنه، ويشبه والله اعلم ان يكون قول ابن عباس رضي الله عنهما تحدثا عن سنه سابقه نسخت بالاحاديث الكثيره المستفيضه بان النبي صلي الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسري وينصب اليمني، او يتورك. الصفه الثالثه، وهي اقربها مطابقه لاقعاء الكلب ان ينصب فخذيه وساقيه ويجلس علي عقبيه، لا سيما ان اعتمد بيديه علي الارض، تصورتموها الان؟ هكذا؛ يعني: الساقان والفخذان منصوبات، والاليه علي الارض، لا سيما ان انضم الي ذلك اعتماد هكذا، صار كانه الكلب تماما، وهذا هو المعروف من الاقعاء في اللغه العربيه. بقيت صفات اخري للجلوس لا تكره، لكنها خلاف السنه كالتربع مثلا، التربع مثل جلستي هذه، هذه تربع، هذه ليست مشروعه، ولا مكروهه، لكنها مشروعه في حال القيام، اذا صلي الانسان جالسا فانه في موضع القيام يتربع وفي موضع الركوع يتربع، وفي موضع السجود يفترش يثني رجليه. (واقعاءه وافتراش ذراعيه ساجدا) يعني: يكره ان يفترش ذراعيه حال السجود، وانما قال: ساجدا؛ لان هذا هو الواقع، ولكن مع ذلك لو افترشهما جالسا فهو اشد كراهه، مثل لو جلس وقال هكذا، يصير هذا اشد كراهه؛ لكن في حال السجود يكره ان يفترش ذراعيه؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط احدكم ذراعيه انبساط الكلب» ؛ لان الكلب اذا جلس مدد يديه علي الارض، فنهي النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك؛ لان الانسان لا ينبغي ان يتشبه بالحيوان. فان الله لم يذكر تشبيه الانسان بالحيوان الا في مقام الذم؛ استمعوا الي قوله تعالي: {مثل الذين حملوا التوراه ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا} [الجمعه: ٥]. وقال النبي صلي الله عليه وسلم في الذي يتكلم والامام يخطب: «كمثل الحمار يحمل اسفارا» . وقال تعالي: {واتل عليهم نبا الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين (١٧٥) ولو شءنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الي الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث} [الاعراف: ١٧٥، ١٧٦] هذا مقام ذم، وقال النبي صلي الله عليه وسلم: «ليس لنا مثل السوء، العاءد في هبته كالكلب» . اذن، فانتم ترون الان ان الانسان لا يشبه بالحيوان الا في حال الذم، وبناء علي ذلك نقول: اذا كان التشبه بالحيوان في غير الصلاه مذموما ففي الصلاه من باب اولي؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «لا يبسط احدكم ذراعيه انبساط الكلب» . كما نهي عن اقعاء كاقعاء الكلب. ماذا يصنع في الذراعين؟ طالب: يجافي. الشيخ: يجافي ويرفعهما عن الارض، الا ان الفقهاء رحمهم الله قالوا: اذا طال السجود فله ان يعتمد بمرفقيه علي ركبتيه علي الارض، علي ركبتيه، اذا طال السجود وشق عليه فانه يعتمد بمرفقيه علي ركبتيه؛ لان هذا مما فيه التيسير علي المكلف، والشارع يريد منا اليسر، ومن ثم شرعت جلسه الاستراحه لمن يتثاقل اي: ينهض بدون جلوس. طالب: (...). الشيخ: ايهم؟ الاولي والثانيه؟ الاولي انه يفرش رجليه هكذا علي الارض، ظهورها الي الارض، وبطونها الي مقعدته، ويجلس علي العقبين. الطالب: (...). الشيخ: ما ينصب قدميه. ثانيا: ينصب قدميه ويجلس علي عقبيه (...)، ويجلس علي عقبيه؟ طلبه: (...). الشيخ: هذه الثانيه، الاولي يصفطها ويخلي ظهورها علي الارض. طالب: فرش القدمين؟ الشيخ: فرش القدمين؛ يخلي ظهورها علي الارض، يحتاج اني اوريكم انا (...)؟ الطالب: هذه الثانيه (...). الشيخ: هذه اللي علي عقبيه، اي نعم، لا، بس (...) شويه. الطالب: (...). الشيخ: فيه صعوبه، هذه الثانيه، الثالثه (...) يسمونها عندنا (البوبزه). طالب: نصب القدمين والجلوس بينهما علي الاليتين. الشيخ: اي، هذا اظنه ايضا مما كرهه العلماء، لكن ما ذكروه في الاقعاء. طالب: الجلسه (...) الانتصاب، يجعل رجليه (...). الشيخ: متخالفات؟ الطالب: لا، بس نفس الجلسه اللي جلسها السابقه، لكن هذه (...). الشيخ: متخالفات يعني. الطالب: (...). الشيخ: هي الظاهر ان الاقعاء الاول انه متقاربات؛ لانهم يقولون: يجلس علي عقبيه. الطالب: ينصب واحده. الشيخ: ويجلس علي واحده. علي كل حال الاقعاء معروف، مثل البوبز، الاقعاء عند العرب هو اللي يسمونه الان (البوبز)، هذا ما فيه اشكال. طالب: المءلف يقول: (يكره) ، والحديث الذي استدل به للنهي عن الاقعاء، والاقعاء يقتضي التحريم؛ هل الصواب (...)؟ الشيخ: اي نعم، هذه نتكلم عليها ان شاء الله. الطالب: الرد علي من قالوا ببطلان الصلاه في الحقيقه، الحديث ربما يعضد الذين لا يقولون بالبطلان، لمن ينظر الي السماء؛ لان الرسول ما امرهم بالاعاده، فقط نهاهم.. الشيخ: لا، هو بارك الله فيك، ما حدث انسانا واحدا، ما كلم واحدا حتي يقول: اعد صلاتك. الطالب: حتي ولو كان يا شيخ.. الشيخ: طيب، لما قال: «ان هذه الصلاه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» . ما قال: ومن تكلم فليعد، هو لو خاطب واحدا، ولو قال له: اعد، صح الاستدلال. طالب: شيخ -احسن الله اليك- نقول: النهي ليس منصبا علي ذات المنهي عنه، والقاعده التي مرت بنا انه اذا انصب النهي عليه فانه يفيد البطلان، اقول: هنا انصب النهي، ومع ذلك تبطل الصلاه، قلنا: في النفس من هذا شيء، والقاعده البطلان. الشيخ: والله ما رايت انا احدا يقول: انها تبطل غير ابن حزم، ولا اثره عن احد، المشكله الواحد يعني: يتحري، اما التحريم ما عندي فيه شك انه حرام، والاقتصار علي الكراهه فيه نظر. طالب: لو سمحت، التسبيح احدي عشر مره، والتكبير احدي عشر مره. الشيخ: لا، ما هو بصحيح هذا، هذا وهم من الراوي ثلاثا وثلاثين. طالب: (...) القاعده ان ابن حزم رحمه الله انها تبطل صلاته، الا يمكن نقول له: اذن يبطل الذي يفترش يديه كافتراش الكلب؛ لان كل هذه من الافعال المحرمه في الصلاه؟ الشيخ: لا ما هي مثل هذه؛ لان الرسول اشتد قوله في هذا، اشتد وتوعد، لا هذه، ما اتفقنا علي انها حرام. طالب: احسن الله اليك، بعض العلماء يقولون: ان الاقعاء عند العرب كما شاهدنا، والنبي تكلم بما هو معروف عند العرب فلا يكون الا هذه الصوره، وما عداها فيكون مستحبا، واستدلوا ايضا بفعل العبادله ، فما رايكم يعني؟ الشيخ: المهم ان الانسان ما يقعي. طالب: يكون الاقعاء الوارد عن العرب كما.. الشيخ: والله، هذا جيد، لكن مساله الاستدلال بحديث ابن عباس كما قلت: فيه نظر، اما المنهي عنه هو الاقعاء كاقعاء الكلب؛ يعني: ينبغي ان يخص هذا بما كان كاقعاء الكلب؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم ما نهي عن الاقعاء مطلقا، قال: «كاقعاء الكلب» . الطالب: والصور الباقيه التي ذكرنا الان هل تكون من اقعاء الكلب؟ الشيخ: لا ابدا، هذه شرعيه ما هي لغويه، عند من قال بها شرعيه. طالب: شيخ -رحمك الله- رفع البصر للكعبه هل حاجه (...)؟ الشيخ: الكعبه؟! هي تحتاج الي رفع بصر؟! الطالب: النظر اليها. الشيخ: النظر اليها، هذه مر علينا، ما مر علينا؟ مر علينا وقلنا: هذا ليس بصحيح. طالب: النظر مثلي انا الان (...). الشيخ: لا لا، هكذا في السقف. الطالب: النظر كده عادي؟ الشيخ: لا، هذا يسمي تلقاء وجهه. طالب: جزاكم الله خيرا، تغميض العينين قلنا: انه يكره للتشبه باليهود، التشبه باليهود هل هي للكراهه ولا للتحريم؟ الشيخ: المشهور من المذهب قاعدتهم يقولون: ان التشبه بالكفار مكروه، انتبهوا لهذا، المذهب عندنا عند الحنابله، عند الاصحاب اصحاب المذهب ان التشبه بالكفار مكروه وليس حراما، عرفت؟ لكن الصحيح انه حرام. الطالب: يعني: يصير تحريما (...)؟ الشيخ: يعني: التحريم صعب. "},{"Id":1716,"Name":"02 كتاب الصلاة 26","Sort":48,"Version":0,"LessonText":"

الطالب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وقال رحمه الله تعالى: وعبثُه وتخصره وتروحه وفرقعة أصابعه وتشبيكها، وأن يكون حاقنًا أو بحضرة طعام يشتهيه، وتَكرار الفاتحة، لا جمع سور في فرض كنفل. وله رد المار بين يديه.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما يُكره من الصلاة، قال: ويُكرَه عبثه، عبثه أي عبث المصلي؛ وذلك لأن العبث فيه مفسدتان: المفسدة الأولى: انشغال القلب، فإن حركة البدن تكون بحركة القلب، ولا يمكن أن تكون حركة البدن بغير حركة القلب، فإذا تحرك البدن لزم من ذلك أن يكون القلب متحركًا، وفي هذا إشغال عن الصلاة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام حينما نظر إلى الخميصة نظرة واحدة، قال: «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي» . فيؤخذ من هذا الحديث تجنب كل ما يلهي عن الصلاة.
المفسدة الثانية في العبث: أن العبث عبث ولغو، وهو ينافي الجدية المطلوبة من الإنسان في حال الصلاة.
وفيه أيضًا مفسدة ثالثة، وهي الحركة بالجوارح، وهذه الحركة دخيلة على الصلاة؛ لأن الصلاة لها حركات معينة من قيام وقعود وركوع وسجود، فصار في تعليل العبث في الصلاة ثلاث علل، وأما ما ذكره المؤلف الشارح رحمه الله لأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يعبث في صلاته فقال: «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» فهذا الحديث ضعيف ولا يُحتج به، وقد روي عن عمر رضي الله عنه، وروي عن سعيد بن المسيب، ولكن العلل التي ذكرناها واضحة: الأولى: انشغال القلب بذلك، وكل ما يشغل القلب فإن الإنسان مأمور باجتنابه في صلاته، ودليله حديث الخميصة، والثاني: أنه عبث ينافي الجدية التي في الصلاة، والثالث: أنه حركة دخيلة على الصلاة؛ لأن البدن الآن مشغول بحركات الصلاة، فإذا تحرك بغير هذه الحركات فقد أدخل في الصلاة حركات ليست منها.
قال: (وتخصره) تخصره أي: وضع يده على خاصرته، والخاصرة هي المستدق من البطن الذي فوق الورك، يعني وسط الإنسان، ما استدق من بطنه فوق وركه هذا، يعني هذا، فإنه يكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرًا، يعني واضعًا يديه على خاصرته، وقد جاء تعليل ذلك في حديث عائشة بأنه فعل اليهود ، فكان اليهود يفعلون هذا في صلاتهم، ولأنه في الغالب يأتي في حال انقباض الإنسان، إذا قال هكذا كأنه يهوجس مثلا ولّا يفكر في شيء، وهذا فيه شيء من منافاته للصلاة.
قال: (وتخصره وتروحه): (تروحه) يراد بها أن يروح على نفسه بالمروحة، مأخوذ من الريح، يعني الهواء، والمروحة معروفة، كانت تستعمل في الأول من خوص النخل، تخصف ويوضع لها يد عود، ثم يتروح بها الإنسان، هذا مكروه؛ لأنه نوع من العبث والحركة، ومشغل للإنسان عن صلاته، لكن إن دعت الحاجة إلى ذلك بأن كان كثير اللحم، وأصابه غم وحر شديد، وروح عن نفسه بالمروحة من أجل أن تخف عليه وطأة الصلاة، أو وطأة انحباسه في الصلاة، فإن ذلك لا بأس به؛ لأن القاعدة عند الفقهاء أن المكروه يزول بالحاجة، وأما التروح الذي هو المراوحة بين القدمين بحيث يعتمد على رجل أحيانًا، وعلى رجل أخرى أحيانًا، فهذا لا بأس به، لا سيما إذا طال الوقوف، إذا طال وقوف الإنسان فإنه ينبغي أن يريّح نفسه، بحيث يعتمد قليلًا على رجل، وقليلًا على الرجل الأخرى، لكن بدون أن يقدم إحدى الرجلين على الثانية، بل تكون الرجلان متساويتين، لكن يعتمد على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة أخرى بدون كثرة.
ويكره أيضًا (فرقعة أصابعه) أن يغمزها حتى تفرقع، ويكون لها صوت؛ لأن ذلك من العبث، وفيه أيضًا تشويش على من كان حوله إذا كان يصلي في جماعة، كذلك يكره التشبيك بين الأصابع، وهو إدخال بعضها في بعض في حال صلاته، لحديث ورد فيمن قصد المسجد ألا يشبّكن بين أصابعه ، فإذا كان قاصد المسجد للصلاة منهيًّا عن التشبيك بين الأصابع، فمن كان في نفس الصلاة فهو أولى بالنهي، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك بين أصابعه، ففرج النبي صلى الله عليه وسلم بينها ، وأما بعد الصلاة فلا يكره شيء من ذلك، لا الفرقعة ولا التشبيك؛ لأن التشبيك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله، وذلك في حديث ذي اليدين حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إحدى صلاتي العشي، فسلم من ركعتين، ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها وشبك بين أصابعه ، فإذا انتهت الصلاة فلا بأس بالتشبيك والفرقعة، لكن الفرقعة إن خشي أن تشوش على من حوله إذا كان في المسجد فلا يفعل.
قال المؤلف رحمه الله: (وأن يكون حاقنًا) يعني يكره أن يصلي وهو حاقن، والحاقن المحتاج إلى البول، يعني الذي حصره البول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في حضرة طعام، أو وهو يدافعه الأخبثان ، والحكمة من ذلك أن في هذا ضررًا بدنيًّا عليه، فإن حبس البول المستعد للخروج ضرر على المثانة وعلى العصب التي تمسك بالبول؛ لأنه ربما مع تضخم المثانة فيما انحقن فيها من الماء، ربما تسترخي هذه الأعصاب لأنها أعصاب دقيقة، فيحصل في هذا ضرر على المرء، وربما تنكمش انكماشًا زائدًا، أو ينكمش بعضها على بعض، ويعجز الإنسان عن إخراج البول كما يجري ذلك أحيانًا، فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وهو يدافع الأخبثين، ففيها ضرر بدني وفيها أيضًا ضرر يتعلق بالصلاة؛ لأن الإنسان الذي يدافع البول لا يمكن أن يحضر قلبه لما هو فيه من الصلاة؛ لأنه مشتغل بمدافعة هذا الخبث، فكيف يحضر قلبه في الصلاة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، طيب وإذا كان حاقبًا –بالباء- فهو مثله، الحاقب –بالباء- هو الذي حبس الغائط، فيكره أن يصلي وهو حابس للغائط يدافعه، ونقول في العلة فيه ما قلنا في علة أيش؟ الحاقن البول.
وكذلك إذا كان محتبس الريح، يعني فيه ريح منحبسة، فإنه يكره أن يصلي وهو يدافعها، فإذا قال قائل: رجل على وضوء وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح، لكن لو قضى حاجته لم يكن عنده ماء يتوضأ به، فهل نقول: اقضِ حاجتك وتيمم للصلاة أو نقول: صل وأنت مدافع الأخبثين؟
نقول بالأول، نقول: اقض حاجتك وتيمم، ولا تصل وأنت دافع الأخبثين؛ وذلك لأن الصلاة بالتيمم لا تكره بالإجماع، والصلاة مع مدافعة الأخبثين منهي عنها، مكروهة، ومن العلماء من حرمها، وقال: إن الصلاة لا تصح مع مدافعة الأخبثين؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» .
طيب ولو قال قائل: إنه حاقن، ويخشى إن قضى حاجته أن تفوته صلاة الجماعة، فهل يصلي حاقنًا ليدرك الجماعة، أو يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة؟
طالب: الثاني.
طالب آخر: الأول.
الشيخ: لا، الثاني يعني يقضي حاجته ويتوضأ ولو فاتته الجماعة؛ لأن هذا عذر، وإذا طرأ عليه في أثناء الصلاة فله أن يفارق الإمام.
وإذا قال قائل: إن الوقت قد ضاق وهو الآن يدافع أحد الأخبثين، فإن قضى حاجته وتوضأ خرج الوقت، وإن صلى قبل خروج الوقت صلى وهو يدافع الأخبثين، فهل يصلي وهو يدافع الأخبثين أو يقضي حاجته ويصلي ولو بعد الوقت؟
طلبة: الأول
طلبة آخرون: الثاني.
الشيخ: طيب نقول: أولًا إن كانت الصلاة تجمع لما بعدها فليقض حاجته وينوي الجمع؛ لأن الجمع في هذه الحال جائز، وإن لم تكن تجمع لما بعدها كما لو كان ذلك في صلاة الفجر أو في صلاة العصر أو في صلاة العشاء، فللعلماء في هذه المسألة قولان: القول الأول أنه يصلي ولو مع مدافعة الأخبثين حفاظًا على الوقت، والقول الثاني: يقضي حاجته ويصلي ولو خرج الوقت، وهذا القول الثاني أقرب إلى قواعد الشريعة؛ لأن هذا بلا شك من اليسر، والإنسان إذا كان يدافع الأخبثين يخشى على نفسه، ولكن جمهور أهل العلم على الأول، يقولون: إنه يصلي ولو مع المدافعة، وهذه في المدافعة القريبة، أما المدافعة الشديدة التي لا يدري ما يقول فيها، ويكاد يتقطع من شدة الحصر، فهذا لا شك أنه يقضي حاجته ثم يصلي، وينبغي ألا يكون في هذا خلاف.
قال المؤلف رحمه الله: (أو بحضرة طعام يشتهيه) يشتهيه أي تتوق نفسه إليه، فاشترط المؤلف شرطين؛ أن يكون الطعام حاضرًا، وأن تكون نفسه تتوق إليه، وينبغي أن يزاد شرط ثالث: مع قدرته على تناوله حسًّا وشرعًا. طيب هذه ثلاثة قيود: حضور الطعام، توقان النفس إليه، القدرة على تناوله حسًّا وشرعًا، فإن لم يحضر الطعام ولكنه جائع، لكن ليس عنده طعام، فهل يؤخر الصلاة؟
طلبة: لا يؤخر.
الشيخ: لا يؤخر؛ لأننا لو قلنا بهذا لزم ألا يصلي الفقير أبدًا؛ لأن الفقير قد يكون دائمًا في جوع ونفسه تتوق إلى الطعام. ولو كان الطعام حاضرًا ولكنه شبعان ما يهتم به نعم فليصل، يصلي ولا كراهة في حقه، وكذلك لو حضر الطعام لكنه ممنوع منه شرعًا أو حسًّا، الشرعي الصائم، أُحْضِر الفطور عند صلاة العصر والرجل جائع جدًّا ويقول: والله أنا من (...) لما حضرت التمر من (...) نقول: لا تصل العصر حتى تأكله بعد غروب الشمس؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ليش؟ لأنه ممنوع من تناوله شرعًا، فلا فائدة في الانتظار، طيب وكذلك لو قدم إليه طعام حار لا يستطيع أن يتناوله، فهل يصلي أو يصبر حتى يبرد ثم يأكل ثم يصلي؟
طلبة: يصلي.
الشيخ: يصلي؛ لأن انتظاره لا فائدة منه، يعني أنه لو صلى في هذه الحال لم تكره صلاته؛ لأن انتظاره لا فائدة منه، وكذلك لو أحضر إليه طعام الغير ونفسه تتوق إليه فإنه لا يكره أن يصلي حينئذ؛ لأنه ممنوع منه، ممنوع منه شرعًا ولّا حسًّا؟
طلبة: شرعًا.
الشيخ: طيب وكذلك لو أُحْضِر إليه طعام هو ملكه، لكن عنده ظالم مانعه من أكله، فهنا لا يكره أن يصلي، لماذا؟ لأنه لا يستفيد من عدم الصلاة لمنعه من طعامه حسًّا، فصارت المسألة تحتاج إلى ثلاثة قيود: حضرة الطعام، توقان النفس إليه، القدرة على تناوله شرعًا وحسًّا، طيب دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» . وكلام المؤلف يدل على أن الصلاة في هذه الحال مكروهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَا صَلَاةَ». وهل هذا النفي نفي كمال أو نفي صحة؟
جمهور أهل العلم على أنه نفي كمال، وأنه يكره أن يصلي في هذه الحال، ولو صلى صلاته صحيحة، وقال بعض العلماء: بل النفي نفي للصحة، فلو صلى وهو يدافع الأخبثين بحيث لا يدري ما يقول فصلاته غير صحيحة؛ لأن الأصل في نفي الشرع أن يكون لنفي الصحة، وعلى هذا القول تكون صلاته في هذه الحال محرمة؛ لأن كل من تلبس بعبادة باطلة فتلبسه حرام؛ لأنه يشبه أن يكون مستهزئًا ساخرًا، حيث تلبس بعبادة يعلم أنها محرمة فيقدم عليها.
(أو بحضرة طعام يشتهيه). قال..
طالب: (...).
الشيخ: ما عندي تصنيف في هذا؛ لأن كل من القولين قوي جدًّا.
قال: ويكره أيضًا (تكرار الفاتحة)، يكره تكرار الفاتحة بأن الإنسان يقرأ الفاتحة مرتين أو أكثر، وتعليل ذلك أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمكرِّر للفاتحة على وجه التعبد بالتكرار لا شك أنه قد أتى مكروهًا؛ لأنه لو كان هذا من الخير لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا كرر الفاتحة لا على سبيل التعبد، بل لفوات وصف مستحب، فهل هذا جائز؟ الظاهر الجواز، مثل أن يكررها لأنه نسي فقرأها سرًّا في حالٍ يُشرع فيها الجهر، كما يقع لبعض الأئمة ينسى فيقرأ الفاتحة سرًّا، فهنا نقول: لا بأس أن يعيدها من الأول استدراكًا لما فات من مشروعية الجهر، كذلك لو قرأها الإنسان من غير استحضار قلب وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية، فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعًا، وهو حضور القلب في الصلاة، لكن في هذه المسألة الأخيرة إن خشي على نفسه أن ينفتح عليه باب الوسواس فلا يفعل؛ لأن بعض الناس إذا ما انفتح له هذا الباب انفتح له باب الوسواس الكثير، وصار إذا قرأها وقد غفل في آية واحدة منها ردها، وإذا ردها وغفل ردها ثانية وثالثة ورابعة، حتى ربما إذا شدد على نفسه شدد الله عليه، ربما يكون غفل في أول مرة عن آية ثم في الثانية يغفل عن آيتين أو ثلاث.
فالحاصل أن تكرار الفاتحة إن كان على وجه التعبد به فلا شك في أن الأمر كما قال المؤلف مكروه؛ لأن ذلك من البدع، وإن كان لاستدراك أمر مشروع فاته فهذا لا بأس به، وضربنا لكم مثلًا بمن نسي الجهر بها في صلاة الليل، أو بمن لم يستحضر حال قراءته إياها، لكننا استدركنا على الأخير ما لم يخش الوسواس، فإن خشيه فلا يعيده.
قال: (لا جمع سور في فرض كنفل). يعني لا يكره جمع السور في الفرض، يعني أن يقرأ سورتين فأكثر، وهذا باعتبار السورة مع الفاتحة لا إشكال فيه، فإن الإنسان إذا قرأ الفاتحة يسن أن يقرأ معها سورة كما سبق، لكن مراد المؤلف بجمع السور ما عدا الفاتحة؛ لأن مسألة الفاتحة أمرها معلوم، فهذه المسألة يقول: لا يُكره جمع السور في الفرض كما لا يُكره في النفل، ودليل ذلك حديث حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورةَ البقرة والنساء وآل عمران ، وهذا جمع بين السور في النفل، وما جاز في النفل جاز في الفرض إلا بدليل، هذه القاعدة، وما وجب في الفرض وجب في النفل إلا بدليل.
والدليل على أن هذه هي القاعدة، أي أن ما جاز في النفل جاز في الفرض، أن الصحابة لما حكوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته في السفر، وأنه يوتر عليها، قالوا: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة؛ لأنهم لولا أن الفرض يحذى به حذو النفل ما كان للاستثناء فائدة، فلما قالوا: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، علمنا أنهم فهموا بأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، وإلا ما احتيج إلى استثناء.
وعلى هذا فنقول: إنه لا بأس أن يجمع الإنسان في الفرض بين سورتين فأكثر، ودليله حديث حذيفة. ووجه الدلالة منه أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، طيب العكس؛ يعني تفريق السورة في الركعتين هل يجوز أو لا؟
طالب: يجوز.
الشيخ: يجوز، إلا إذا كان لما بقي تعلق فيما مضى، فهنا ينبغي ألا يفعل، مثل لو قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: ١ - ٣] فهنا ما ينبغي أن يقف على هذا الموقف لانقطاع الكلام بعضه عن بعض، أما إذا لم يكن محظور في الوقف فلا بأس، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في سورة المغرب بالأعراف فرقها في الركعتين ، وهذا يدل على جواز تفريق السورة في الركعتين، لكن ينبغي ملاحظة ما يشرع من التطويل والتوسط والتقصير كما هو معروف في أول صفة الصلاة.
هاتان مسألتان. المسألة الثالثة: هل يقرأ من أثناء السورة أو لا؟ يعني بأن يقرأ آية أو آيتين من أثناء السورة؟ نقول: نعم يجوز هذا، وإن كان الأفضل عدمه، حتى إن ابن القيم ذكر في الزاد زاد المعاد أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ من أثناء السورة، ولكن يقال: إنه قد ثبت عنه أنه كان يقرأ في سنة الفجر في الركعة الأولى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦]، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤].
والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، فالصحيح أنه يجوز أن يقرأ الإنسان الآية أو الآيتين من أثناء السورة، ولا بأس بذلك.
طالب: يا شيخ، أحسن الله إليك، ذكرنا في التخصر أنه جاء النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عنه بعينه، مع أنك تقول: إنه مكروه، والقاعدة أنه (...)، على القاعدة أنه (...) ولو قلنا بالكراهة، أحسن الله إليك، كذلك في التشبيك، قلنا بالكراهة، مع أنه جاء فيه دليل الخاص. أقول: لماذا لا يقال بالتحريم؟
الشيخ: ما كل شيء ورد به النهي يكون للتحريم، فالمسألة أولًا خلافية، لكن القول الراجح أنه للتحريم إلا بدليل، الدليل هذا أن عامة العلماء إن لم يكن إجماعًا على هذا الشيء، فإن وجد مثلًا قول بعض العلماء أنه حرام فهو وجيه.
طالب: شيخ، قول بعض العلماء في مسألة التشبيك بالأصابع: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يشبك بالأصابع ، قالوا: إذا كان ينتظر الصلاة قبل الصلاة وينتظر الصلاة فلا يشبك كذلك في أثناء الصلاة، أما إذا كان بعد الصلاة ولا ينتظر صلاة بعدها فيشبك.
الشيخ: فلا بأس به.
الطالب: وحديث ذي اليدين يا شيخ، ما يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الصلاة به؛ لأنه رجع وكمل الصلاة.
الشيخ: إي، لكن ما علم حين شبك، هو لا يدري أنه في الصلاة.
طالب: يقاس يا شيخ على مدافعة الأخبثين وحضور الطعام بإجماع؟
الشيخ: إي نعم، كل ما يشغل، شدة الحر، الحر الشديد الذي يحتاج إلى تبرد، وكذلك البرد الشديد الذي يحتاج إلى تدفئة، كل ما يشغل عن حضور القلب فهو من جنس مدافعة الأخبثين.
طالب: بالنسبة لجواز الجمع بين السور في الفرض، قد استدلوا بحديث الرجل الأنصاري الذي كان يصلي بالسورة ويقرأ بعدها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه يحبها .
الشيخ: إي نعم، هذا إذا كان يقرأ سورة كاملة -الرجل- إذا كان يقرأ مع الإخلاص سورة كاملة، وهذا هو الظاهر من يقرأ سورة كاملة.
طالب: يقتصر على الفاتحة؟
الشيخ: نعم.
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، هل يعيد صلاته؟ يعني مثلًا جاءه دفع الأخبثين، يعني جاءه الحصر وهو وسط الصلاة في الركعة الثانية أو في الركعة الثالثة؟
الشيخ: يكملها خفيفة.
الطالب: يعيد صلاته؟
الشيخ: لا، يكمل خفيفة.
طالب: لو اقتصر الإمام على الفاتحة يعني ما يقرأ بعدها سورة؟
الشيخ: كرهها العلماء، قالوا: يكره أن الإنسان يقتصر على الفاتحة؛ لأن ذلك خلاف السنة، ويفتح باب التهاون للعامة، حتى لو كان الإنسان في صلاته وحده فهو يكره له ذلك؛ لأنه خلاف السنة.
طالب: يعني مثلًا تكرار التشهد أو التكبير يعني يقاس على الفاتحة مثلًا، تكره.
الشيخ: التكبير ما يمكن تكراره.
الطالب: يمكن ينسى يقول: الله أكبر.
الشيخ: إذا نسي ما يقال..
الطالب: يعني يكرر؟
الشيخ: أقول: هذا نسيان ما له حكم النسيان.
الطالب: طيب التشهد؟
الشيخ: التشهد ما ذكروا أنه يكره، لكن ينبغي أن يقال مثل هذا، إن فعله تعبدًا فهو مكروه، وإن فعله استدراكًا لما فاته من الكمال فلا بأس به.

***

\n الطالب: (...) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال رحمه الله تعالى: \n وله رد المار بين يديه، وعد الآي، والفتح على إمامه، ولبس الثوب، ولف العمامة، وقتل حية وعقرب وقمل، فإن طال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت، ولو سهوًا، ويباح قراءة أواخر السور.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فقد سبق لنا عدة أشياء مكروهة في الصلاة، منها العبث، فما وجه الكراهة؟\n
\n طالب: يكره العبث أولًا من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: بأن فيه عدم حضور القلب، الوجه الثاني: لأنه على اسمه، الوجه الثالث..\n
\n الشيخ: وأيش معنى على اسمه؟\n
\n الطالب: لأن العبث علم معناه يعني..\n
\n الشيخ: يعني: عمل لا فائدة منه.\n
\n الطالب: الوجه الثالث أنه يقتضي الحركة، وهذه الحركة تكون دخيلة على الصلاة.\n
\n الشيخ: أنه تحرك بحركة خارجة عن أفعال الصلاة، فيكون دخيلًا فيها. \n
التروح؟\n
\n طالب: هي المروحة التي يتروح بها عن نفسه في الصلاة.\n
\n الشيخ: المقصود بها استعمال المروحة.\n
\n الطالب: وإن كان المقصود بها التروح بين القدمين في الصلاة فله أن يتروح بين القدم الأولى والثانية، ولكن لا يقدم الأولى على الأخرى.\n
\n الشيخ: إي، ولا يكثر.\n
\n الطالب: ولا يكثر.\n
\n الشيخ: ومراد المؤلف الأول، تروحه يعني معناه استعمال المروحة. \n
طيب التخصر، حكمه؟\n
\n طالب: مكروه.\n
\n الشيخ: وما معناه؟\n
\n الطالب: معناه أن يضع الإنسان يده على ما ضاق من بطنه.\n
\n الشيخ: على خاصرته. الدليل؟\n
\n طالب: أنه كما جاء في الحديث عن عائشة أنه من فعل اليهود \n ، تشبه باليهود.\n
\n الشيخ: لكن الدليل؟ هذه العلة والحكمة.\n
\n الطالب: الدليل أنه نهى عن التخصر في الصلاة.\n
\n الشيخ: يكره فرقعة الأصابع، ما معنى فرقعة الأصابع، ويش معنى فرقعة الأصابع؟\n
\n الطالب: غمزها حتى يخرج منها صوت.\n
\n الشيخ: غمزها حتى يحصل منها صوت، لماذا كره؟\n
\n الطالب: لأن فيه الانشغال، ولأن فيه حركة خارجة عن الصلاة، دخيلة على الصلاة حركة مكروهة.\n
\n الشيخ: وربما يكون فيه تشويش على من حوله إن كان يصلي مع الجماعة. \n
حكم التشبيك في الصلاة، تشبيك الأصابع؟\n
\n طالب: يكره كذلك، من العبث.\n
\n الشيخ: لأنه من العبث الموجب لعدم حضور القلب، ولأنه نهي أن يشبك الإنسان بين يديه إذا كان قاصدًا للصلاة، فكيف بالصلاة نفسها. \n
حكم الصلاة وهو حاقن؟\n
\n طالب: حكم الصلاة وهو حاقن مكروهة.\n
\n الشيخ: ما معنى حاقن؟\n
\n الطالب: يعني يكون حابسًا للبول.\n
\n الشيخ: الدليل؟\n
\n الطالب: \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» \n .\n
\n الشيخ: هل مجرد الإحساس بذلك يوجب الكراهة؟\n
\n طالب: يعني مجرد الإحساس لا، يعني إذا كان هو شغال ويدافع..\n
\n الشيخ: أي هذا الذي يكره، أما مجرد الإحساس بذلك لأنه لا يشغل القلب.\n
هل تكره الصلاة بحضرة الطعام؟\n
\n طالب: الحديث السابق: \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ».\n
\n الشيخ: طيب اشترطوا ثلاثة شروط؟\n
\n الطالب: بأن يكون حاضر الطعام، ويكون قادرًا عليه حسًّا وشرعًا.\n
\n الشيخ: الثالث؟\n
\n الطالب: بحضرة الطعام.\n
\n الشيخ: هذا الحضور، وأن يكون قادرًا على أكله حسًّا وشرعًا، نقول: ثلاثة شروط.\n
\n الطالب: تتشوق إليه نفسه.\n
\n الشيخ: تتوق إليه نفسه، تمام. طيب من أين أخذنا هذه الشروط؟\n
\n طالب: من الحديث.\n
\n الشيخ: من الحديث أو من الحكمة؟\n
\n الطالب: من الحديث الواضح.\n
\n الشيخ: الحديث لو أخذنا بظاهر \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ».\n
\n الطالب: هذا الشرط الأول أن يكون...\n
\n الشيخ: الثاني والثالث؟\n
\n الطالب: هذا أخذناه من التعليل ومن الحكمة؛ لأن الإنسان..\n
\n الشيخ: إذا لم تتق نفسه إليه لا يهمه حضر أو لم يحضر، وإذا كان ممنوعًا منه شرعًا لم يستفد من تأخير الصلاة.\n
طيب يقول: (\n تكرار الفاتحة)؟\n
\n طالب: يكره في الصلاة تكرار الفاتحة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تكرارها.\n
\n الشيخ: ما فيه التفصيل، أليس الحكم هذا فيه تفصيل أو على إطلاقه؟\n
\n الطالب: ما فيه تفصيل؟\n
\n طالب آخر: نعم فيه تفصيل.\n
\n الشيخ: ما هو؟\n
\n الطالب: مثلًا لو كانت الصلاة جهرية وقرأ سرية ناسيًا أن له أن يعيدها.\n
\n الشيخ: هذا مثلًا لكن أعطنا ضابطًا، نريد ضابطًا يدخل فيه هذا المثال.\n
\n الطالب: هذا لأنه لم يفعله صلى الله عليه وسلم إذا كان مشروعًا لفعله (...) الرسول صلى الله عليه وسلم.\n
\n طالب آخر: إذا كان على سبيل التعبد فإنه يكره، أما إذا كان لا على سبيل التعبد فإنه جائز.\n
\n الشيخ: أيش يكون على غير سبيل التعبد، ويش يكون؟\n
\n الطالب: ليس على سبيل..\n
\n الشيخ: على سبيل التعبد واضح أنه مكروه؛ لأنه لم يرد كما قال الأخ، لكن على غير سبيل التعبد مثل أيش؟\n
\n الطالب: مثل أن يقرأها ونسي، مثل أن يقرأها ولكن ليس بحضور قلب، فأراد أن يقرأها ليحضر قلبه.\n
\n الشيخ: يعني إذا كان لاستدراك أمر مطلوب فيها، كأن ينسى أن يجهر في صلاة جهرية، أو يكون غير متدبر يريد أن يقرأها بتدبر فهذا لا يكره لأن له سببًا.\n
قال المؤلف رحمه الله: (\n لا يكره جمع سور في فرض كنفل). ما معنى العبارة؟\n
\n طالب: يعني أن يجمع السور، يقرأ عدة سور في صلاة الفرض، إن هذا غير مكروه، كما أنه غير مكروه في صلاة النافلة.\n
\n الشيخ: يعني لا يكره أن يجمع بين سورتين فأكثر في صلاة الفرض، يعني في ركعة واحدة، كما لا يكره في النفل. \n
طيب لماذا عبر المؤلف بهذا التبيين (\n لا يكره في فرض كنفل). ولم يقل: ولا يكره في فرض ونفل؟\n
\n طالب: لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين السور في النفل.\n
\n الشيخ: لأنه ثبت في النفل، ولكن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفرض. طيب هل هناك قاعدة في هذا الباب.\n
\n طالب: إي نعم. \n
\n الشيخ: ما هي؟\n
\n الطالب: ما ثبت في الفرض ثبت في النفل، وما ثبت في النفل ثبت بالفرض إلا بدليل..\n
\n الشيخ: هل هناك دليل من كلام الصحابة على هذه القاعدة؟\n
\n طالب: قول الصحابة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي..\n
\n الشيخ: يوتر على راحلته.\n
\n الطالب: يوتر على راحلته أينما توجه، أو إلى غير القبلة إلا الفريضة.\n
\n الشيخ: حيث كان وجهه، غير أنه كان لا يصلي عليها الفريضة. طيب فهذا يدل على أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، وإلا لم يكن للاستثناء فائدة، تمام. طيب ما هو الدليل على ثبوت هذا في النفل؟\n
\n طالب: حديث \n حذيفة بن اليمان أنه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم (...) فقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى سورة البقرة وآل عمران والنساء \n .\n
\n الشيخ: أحسنت، \n حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ البقرة والنساء وآل عمران، بارك الله فيك، طيب. \n

***

ثم قال المؤلف رحمه الله: (\n وله رد المار بين يديه). (\n له) الضمير يعود على المصلي، واللام هنا للإباحة كما هي القاعدة في أصول الفقه، أن العلماء إذا أتوا باللام، عبروا باللام؛ فهي للإباحة، كما أنهم إذا عبروا بـ(على) فهي للوجوب، إذا قالوا: عليه أن يفعل يعني: واجب. له أن يفعل يعني: جائز، فالمؤلف يقول: (\n له رد المار بين يديه) فظاهر كلام المؤلف الإباحة، أن هذا مباح.\n
وقوله: (\n رد المار) يشمل الآدمي وغير الآدمي، ومن تبطل الصلاة بمروره ومن لا تبطل الصلاة بمروره.\n
إذن كلامنا هنا فيه أمران: أولًا أن كلام المؤلف يدل على أن رد المار من الأمور المباحة، والثاني أنه يدل على أنه لا فرق في المار بين أن يكون آدميًّا أو غير آدمي، أو مما يبطل الصلاة مروره، أو لا يبطل الصلاة مروره، واضح؟ وهذا هو ظاهر كلام المؤلف.\n
وعلى هذا فإذا أراد أحد أن يمر بين يدي المصلي قلنا للمصلي: أنت بالخيار، إن شئت فرده وإن شئت فلا ترده، وإن رددته فليس لك أجر، وإن لم ترده فليس لك أجر؛ لأن هذا شأن مباح، حتى لو أرادت امرأة أن تمر بين يديك على كلام المؤلف فأنت بالخيار؛ إن شئت فاردد وإن شئت فلا تردد، ولكن ما يفيده ظاهر كلامه رحمه الله خلاف المذهب، المذهب أن الرد سنة، يعني يسن للمصلي ويطلب منه شرعًا أن يرد المار بين يديه، ودليل ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال: \n «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ» \n . فأمر بدفعه، وأقل أحوال الأمر الاستحباب.\n
وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية ثالثة: أن رد المار واجب، يجب على الإنسان أن يرد المار بين يديه، فإن لم يفعل فهو آثم، ولا فرق بين ما يقطع الصلاة مروره أو لا يقطع، يجب وجوبًا، ودليل هذا الأمر \n «فَلْيَدْفَعْهُ». والأصل في الأمر الوجوب. ويرشح الوجوب -أي: يقويه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ» \n وأصل مقاتلة المسلم حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» \n . لكن من المعلوم أن المراد بالحديث المقاتلة الدفع بشدة، لا أن تقتله بسلاح معك، يعني ليس قتلًا، ولكن مقاتلة، ومقاتلة كل شيء بحسبه، وحتى المقاتلة التي لا تؤدي إلى القتل حرام بالنسبة للمسلم مع أخيه، إلا إذا وجد ما يسوغها. قالوا: ولا يؤمر بالحرام إلا في مقابلة حرام، فلا يؤمر بالقتال إلا إذا كان الدفع واجبًا؛ لأنه لا يبيح المحرم إلا الشيء؟\n
\n طالب: المحرم.\n
\n الشيخ: الواجب.\n
كيف لا يبيح المحرم إلا الشيء المحرم؟! لا، لا يبيح المحرم إلا الشيء الواجب.\n
قالوا أيضًا: في هذا فائدة، وهي تعزير المعتدي؛ لأن المار بين يديك معتد عليك، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «فَإِنَّ مَعَهُ شَيْطَانًا» \n . وفي لفظ: \n «فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» \n . يعني الشيطان الذي يأمره، وردع المعتدين أمر واجب.\n
قالوا: وهناك شيء ثالث؛ أن فيه إحياء لقلوب الغافلين؛ لأن كثيرًا من الناس يمشي في المسجد وعينه في السماء، ليتها في الأرض! في السماء ولا يبالي بين يديه مصلون أو غير مصلين، فإذا رددته نبهته، فيكون في ذلك تنبيه للغافلين، وهذه الرواية عن أحمد كما ترى دليلها الأثري قوي، والنظري كذلك قوي، ويمكن أن يقال، يعني يحتمل أن يقال: يفرق بين المار الذي يقطع الصلاة مروره، والمار الذي لا يقطع الصلاة مروره، فالذي يقطع الصلاة مروره يجب رده، والذي لا يقطع الصلاة مروره لا يجب رده؛ لأن غاية ما يحصل منه أن تنقص الصلاة ولا تبطل، بخلاف الذي يقطع الصلاة مروره، فإنه سوف يبطل صلاتك ويفسدها عليك، ولا سيما إذا كانت فرضًا، فإن تمكينك من شخص يقطع صلاة الفرض عليك يعني أنك قطعت فرضك، والأصل في قطع الفرض أيش؟ التحريم.\n
وهذا قول يعني يكون وسطًا بين قول من يقول بالوجوب مطلقًا ومن يقول بالاستحباب مطلقًا، وله وجهة قوية، بأن نقول: إذا مرت امرأة يجب عليك أن تردها، كلب أسود يجب أن ترده، حمار يجب أن ترده، بخلاف ما إذا مر إنسان ذكر، أو بهيمة غير حمار، أو كلب غير أسود، فإنه لا يجب عليك ولكن سنة.\n
ففهمنا الآن أن المسألة فيها أربعة أقوال، لكن القول الرابع لا يخرج عن الثلاثة في الواقع؛ لأنه في الحال التي يكون فيها المنع سنة يوافق القول بالسنية، وبالحال التي يكون الرد فيها واجبًا يوافق القول بالوجوب. ولهذا كثيرًا ما يأتي في كلام شيخ الإسلام رحمه الله مثل هذا، ويقول: وهو بعض من يقول بالوجوب، أو ما أشبه ذلك، مثل قوله في الوتر: إن الوتر واجب على من كان له ورد من الليل. قال: وهو بعض قول من يوجبه مطلقًا؛ لأنكم تعرفون الوتر فيه ثلاثة أقوال للعلماء: سنة مطلقًا، وهو الصحيح، واجب مطلقًا، تفصيل، وهو اختيار شيخ الإسلام، لكن الشاهد أنه يقول: وهو أيش؟ بعض قول من يوجبه مطلقًا.\n
فهنا إذا قلنا: يجب منع المار إذا كان ممن يقطع الصلاة مروره، صار بعضَ قول من يوجبه مطلقًا.\n
فإن قال قائل: كيف نعتذر عن كلام المؤلف، حيث إن ظاهره الإباحة مع ورود السنة بالأمر به؟\n
فالجواب: أنه يمكن أن يحمل على أن الإباحة هنا في مقابلة المنع، أو في مقابلة الكراهة؛ لأن رد المار عمل وحركة من غير جنس الصلاة، والأصل فيها إما الكراهة وإما المنع، فتكون الإباحة هنا يراد بها نفي الكراهة، أو نفي المنع، فلا ينافي أن يكون الحكم مستحبًّا، يعني يمكن أن يقال هكذا، لكن يمنعه أن هذه المسألة فيها قول مستقل معروف بالإباحة.\n
قال: (\n وله رد المار بين يديه) بين اليدين بماذا يقدر؟ قيل: إنه بمقدار ثلاثة أذرع، وقيل: بمقدار رمية حجر، رمية حجر بعيدة أظن، ثم الرامي يختلف، لكن ممكن أن نقول: رمي حجر متوسط، لا هو بالقوي جدًّا، ولا هو بالضعيف، لكن مع ذلك أيضًا بعيدة هذه، وقيل: ما للمصلي أن يتقدم إليه بدون بطلان صلاته، وهذا يشبه القول الرابع، وهو أن مرجع ذلك إلى العرف، فما كان يعد بين يديك فهو بين يديك، وما كان لا يعد عرفًا فليس بين يديك، وقيل: ما بين يديه: ما بين رجليه وموضع سجوده، هذا الذي بين يديه، فالأقوال إذن أربعة، كم؟\n
أنا قلت لكم: الثالث والرابع الظاهر أنهما شيء واحد، ثلاث أذرع، رمية حجر، العرف ما بين رجليه وموضع سجوده، وهذا أقرب الأقوال؛ وذلك لأن المصلي لا يستحق أكثر مما يحتاج إليه في صلاته، فليس له الحق أن يمنع الناس مما لا يحتاجه، وهو لم يضع سترة، وهو لا يحتاج أكثر من موضع سجوده، أما إذا كان له سترة، فلا يجوز المرور بينه وبين سترته، لا يجوز، واضح؟ لأنه حماه، ولكن مع ذلك نقول: إذا وضعت سترة فلا تبعد عنها، كن قريبًا منها بحيث يكون سجودك إلى جنبها.\n
يقول: (\n له رد المار بين يديه). وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون المار محتاجًا إلى المرور أو غير محتاج، فالمحتاج للمرور مثل أن يكون باب المسجد على يمين المصلي أو على يساره، وهو يريد أن يعبر إلى باب المسجد، هذا محتاج للمرور؛ وذلك لعموم الأمر، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، ولم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم، والغالب أن الإنسان لا يمر بين يد المصلي إلا وهو محتاج إلى المرور، فكيف نخرج ما كان هو الغالب من دلالة الحديث إلى ما ليس بغالب، وهذا هو الصحيح، أنه لا فرق بين أن يكون محتاجًا أو غير محتاج، فليس له الحق أن يمر، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: \n «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ» \n . أيش أربعين؟ \n «خَرِيفًا» كما في رواية البزار \n ، يعني أربعين سنة \n «خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ»، ونحن نقول للمار: لا تقف أربعين سنة، حتى المصلي ما هو بجاثم أربعين سنة، كم يكفينا من؟ أربعون دقيقة.\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: على كل حال خليها أربعين دقيقة، أدنى شيء، قف أربعين دقيقة حتى ينتهي من صلاته.\n
على كل حال الصحيح العموم، وظاهر كلام المؤلف أيضًا أنه لا فرق بين مكة وغيرها، وهذا هو الصحيح، ولا حجة لمن استثنى مكة بما يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام \n أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه الطائفون، ولا يرى في ذلك شيئًا \n ؛ لأن هذا الحديث فيه راو مجهول، وجهالة الراوي طعن في الحديث، ولأنه على تقدير صحته محمول على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في المطاف، والمطاف أحق الناس به الطائفون؛ لأنه لا مكان لهم إلا هذا، المصلي يستطيع أن يصلي في أي مكان من الأرض، لكن الطائف ليس له مكان إلا ما حول الكعبة، فهو أحق به، هذا إن صح الحديث، والله أعلم بصحته، ولهذا بوب البخاري رحمه الله في \n صحيحه بقوله: باب السترة في مكة وغيرها. يعني أن مكة وغيرها سواء.\n
فإن قال قائل: إذا غلبه المار ومر فما الحكم؟\n
نقول: الإثم على المار، أما أنت إذا كنت قد قمت بما أمرك به النبي عليه الصلاة والسلام، ولم تتمكن من دفع هذا المار فإن صلاتك لا تنقص، ولكن هل تبطل بمرور المرأة، إذا كان المار امرأة؟\n
الظاهر أنها تبطل، وأنه يلزمه استئنافها، وفي النفس من هذا شيء؛ لأن المصلي إذا فعل ما أمر به وجاء الأمر بغير اختياره، ولم يحصل ذلك عن تفريط منه أو تهاون، فكيف نبطل عبادته بفعل غيره؛ لأن الآثم هنا المار، ففي نفسي من هذا شيء، أما إذا كان بتهاون منه وعدم مبالاة كما يفعل بعض الناس ما يهمه، يمر أي واحد، فهذا لا شك أن صلاته تبطل.\n
قال المؤلف رحمه الله: (\n وله الفتح على إمامه وعد الآي). يعني وله عد الآي، أي المصلي، الآي جمع؟\n
\n طلبة: آية.\n
\n الشيخ: وعد الآي قد يكون له حاجة وقد يكون لا حاجة له، فمن الحاجة لعد الآي إذا كان الإنسان لا يعرف الفاتحة وأراد أن يقرأ بعدد آياتها من القرآن، فهو حينئذ يحتاج إلى العد، وإلا فالغالب أنه لا يحتاج إلى عد الآي، لكن إذا احتاج فله ذلك، ولكن كيف يعده؟ يقول: هذه واحدة، إذا قرأ الثانية قال: هذه ثانية، إذا قرأ الثالثة؛ يقول: هذه ثالثة؟\n
لا، ما يعده باللفظ، لو عده باللفظ لكان كلامًا، والكلام مبطِل للصلاة، لكن يعده بأصابعه، أو يعده بقلبه، يعده بالأصابع أو بالقلب، ولا تبطل الصلاة بعمل القلب، ولا تبطل الصلاة بعمل الجوارح، إلا إذا كثر وتوالى لغير ضرورة.\n
إذن له عد الآي، له عد التسبيح؟ له عد التسبيح، وهذه قد يحتاج إليها الإنسان، خصوصًا الإمام؛ لأن الإمام حدد الفقهاء رحمهم الله التسبيح له بعشر تسبيحات، قالوا: أكثر التسبيح للإمام عشرة، وأدنى الكمال ثلاثة، فقد يحتاج الإنسان لعد التسبيح.\n
طيب عد الركعات؟ له ذلك؟ نعم له ذلك، وهذه قد تكون أحوج مما سبق، أحوج من عد الآي، وأحوج من عد التسبيح؛ لأن كثيرًا من الناس ينسى، لكن كيف يعد الركعات؟ بالأصابع، مشكل، إذا ركع لا بد يضع يديه مفرقتي الأصابع على ركبتيه، وإذا سجد لا بد تكون مبسوطة على الأرض، بأحجار، بنوى، يجعل مثلًا في مخبأته أربع نواة، تعرفون النوى، ما هو النوى؟\n
\n طالب: هي التمرة.\n
\n الشيخ: لا ما هي التمرة.\n
\n طالب: بذر التمر. \n
\n الشيخ: إي نعم بذر النخل الذي في التمر، يجعل في مخبأته أربع نوى، وإذا صلى الركعة الأولى ألقى واحدة، رمى بواحدة، وهكذا حتى تخلص، هذا لا بأس به؛ لأن هذا حاجة، ويحتاجها الإنسان كثير النسيان، يحتاج إليها، فلا بأس بها.\n
قال: (\n وله الفتح على إمامه): (\n له) نقول في (\n له الفتح على إمامه) ما قلنا في قوله: (\n وله رد المار)، يعني أن الفتح على الإمام مباح، ونقول في الحرف الدال على الإباحة، وهي اللام، ما قلنا فيها في قوله: (\n وله رد المار)، أي أنه يمكن أن يريد المؤلف رحمه الله أن الرد على الإمام ليس ممنوعًا، ولا منهيًّا عنه، والمؤلف رحمه الله يقول: (\n له الفتح على إمامه). يعني لا على غيره، لا تفتح على إنسان يقرأ حولك، لا، افتح على الإمام، والإباحة التي هي ظاهر كلام المؤلف فيها نظر، يعني في الاقتصار على الإباحة نظر، وذلك أن الفتح على الإمام ينقسم إلى قسمين: فتح واجب وفتح مستحب، فأما الفتح الواجب فهو الفتح عليه فيما يبطل الصلاة تعمده، انتبه، لو زاد ركعة كان الفتح عليه واجبًا؛ لأن تعمد زيادة الركعة مبطل للصلاة، لو لحن لحنًا يحيل المعنى في الفاتحة الحكم؟ وجب الفتح عليه؛ لأن اللحن المحيل للمعنى في الفاتحة مبطل للصلاة، مثل لو قال الإمام: (أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمتُ عليهم) يجب أن يفتح عليه فيقول: \n {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦، ٧]، ولو قال: (إياك نعبد وإياك نستعين، صراط الذين أنعمت عليهم) وجب الفتح، ليش؟ أسقط آية، وإذا أسقط آية من الفاتحة بطلت صلاته، فصار الفتح على الإمام إن كان فيما يبطل الصلاة تعمده فهو واجب، وإلا فهو سنة، يعني إن كان مما يفوت كمالًا فهو سنة.\n
لو نسي أن يقرأ سورة مع الفاتحة، بأن رأى إمامه يتأهب للركوع بعد أن قرأ الفاتحة؟ تنبيه السنة.\n
ودليل هذا الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» \n . فأمر بتذكيره، وقوله حين قرأ ذات يوم فلبست عليه القراءة، قال لأُبَيِّ بن كعب: \n «مَا مَنَعَكَ» \n . يعني: ما منعك أن تفتح عليّ؟! وهذا يدل على أن الفتح على الإمام أمر مطلوب لكنه ينقسم -كما قلنا- إلى قسمين: واجب فيما يبطل الصلاة تعمده، وسنة فيما عدا ذلك.\n
وقول المؤلف: (\n على إمامه) علم منه أنه لا يفتح على غير إمامه ولو أخطأ، فإذا سمعت إنسانًا يقرأ وهو غير إمام لك وأخطأ فلا ترد عليه، ووجه ذلك أنه لا ارتباط بينك وبينه، بخلاف الإمام، هذا واحد. ثانيًا: أن هذا يوجب انشغال الإنسان بالاستماع إلى غير من يسن الاستماع إليه، يعني يوجب أنك تتابعه، وأنت غير مأمور بهذا، بل منهي عنه. والله أعلم. \n

***

\n الطالب: (...) وعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال رحمه الله تعالى: \n وله رد المار بين يديه وعد الآي والفتح على إمامه، ولبس الثوب ولف العمامة وقتل حية وعقرب وقمل، فإن طال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت ولو سهوًا، ويباح قراءة أواخر السور وأوساطها، وإذا نابه شيء سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه. وتسن صلاته إلى سترة.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله: (\n وله رد المار بين يديه). وعلقنا على هذه العبارة.\n
\n طالب: قوله: (\n له رد المار) ظاهرها الإباحة؛ لأن اللام تفيد الإباحة.\n
\n الشيخ: اللام عند الفقهاء للإباحة.\n
\n الطالب: قلنا: إن المشهور من المذهب أنه يسن له رد المار.\n
\n الشيخ: طيب الدليل؟\n
\n طالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا مر..\n
\n الشيخ: لا، نريد الدليل على أنه يسن له الرد.\n
\n طالب: لا يمر أحد بين يديك فليدفعه \n ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.\n
\n الشيخ: وقال أيضًا: \n «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَدَعَنَّ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ» \n . طيب هل هذا الكلام على إطلاقه، يعني أنه يسن رد المار، أو على القول الراجح في هذا؟\n
\n طالب: نعم، قلنا: إنه سنة وليس على كلام المؤلف، كلام المؤلف قال: ظاهره الإباحة، وقلنا: إن المذهب أنه سنة. \n
\n الشيخ: لكن ما هو القول الراجح في هذا؟\n
\n طالب: أنه يجب رد المار.\n
\n الشيخ: يجب على كل حال؟\n
\n طالب: فصلنا فيمن يقطع الصلاة مروره، ومن لا يقطع الصلاة، وقلنا: إن الذي يقطع الصلاة مروره فيجب رده.\n
\n الشيخ: على كل حال؟\n
\n طالب: على كل حال، سواء كان مزحومًا مثلًا وفي أي مكان.\n
\n طالب آخر: بأنه إذا كان المار ممن يبطل الصلاة يجب رده كالنساء أو (...). ومن لا يبطل الصلاة (...) فسنة أن يرد.\n
\n الشيخ: لا إله إلا الله، ما عندكم إلا هذا! فرقنا بين الفرض والنفل، قلنا: إن كان في فرض يجب أن يرده.\n
\n الطلبة: ما فرقنا يا شيخ.\n
\n الشيخ: أنا أذكر، والأشرطة عندكم.\n
\n الطلبة: ما فرقنا يا شيخ.\n
\n الشيخ: ارجعوا إليها، على كل حال الآن نقول: إذا كانت الصلاة فريضة فيجب أن يرده، وقلنا لكم: إن الفريضة إذا شرع فيها يحرم قطعها، فإذا مكن شخصًا يمر بين يديه وهو يقطعها فهذا إذن بقطعها، فقلنا الآن: القول الراجح إذا كانت الصلاة فريضة ومر من يقطعها وجب رده إذا كانت نافلة لم يجب رده؛ لأن له -أي للمصلي- أن يقطعها هو بنفسه، واضح؟ طيب، إذا كان المار لا يقطع الصلاة لم يجب الرد، ولكن يسن.\n
ثم قلنا أمس أيضًا: ويحتمل أن يقال بوجوب الرد مطلقًا من باب التعزير، ومنع هذا العدوان؛ لأن مرور الإنسان بين يدي المصلي عدوان عليه، فينبغي أن يقال بوجوب الرد مطلقًا، لكني قلت لكم أمس: أتوقف في هذا، بخلاف ما إذا كانت الصلاة فريضة ومر من يقطعها فيجب رده.\n
هل يستوي في ذلك مكة وغيرها أو لا، أو يفرق بين مكة وغيرها؟\n
\n طالب: أبدًا، كله؛ مكة وغيرها.\n
\n الشيخ: لا يفرق، يعني مكة وغيرها سواء؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: الدليل؟\n
\n الطالب: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فصل.\n
\n الشيخ: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفصل، والنصوص إذا وردت عامة فلا يجوز أن تخصص.\n
\n الطالب: إلا بدليل.\n
\n الشيخ: قال: (\n بين يديه). ما المراد بما (\n بين يديه)؟\n
\n طالب: فيه أقوال أربعة، بعضهم يقولون: ثلاثة أذرع، وبعضهم يقولون: رمية حجر، وبعضهم يقول: بين يدي المبتدئ وموضع السجود.\n
\n الشيخ: نعم هذه ثلاثة.\n
\n الطالب: وبعضهم يقول..\n
\n طالب آخر: حسب العرف.\n
\n الشيخ: بعضهم يقول: العرف. طيب، إذا أخذت ثلاثة أرباع، معناها أخذت خمسة وسبعين بالمئة، والراجح قلنا؟
طالب: ما بين رجليه إلى موضع سجوده.
الشيخ: صح هذا هو الراجح.\n
طيب يقول المؤلف رحمه الله: (\n له عد الآي) بلسانه أو بجوارحه؟\n
\n طالب: بجوارحه؛ لأن بلسانه تبطل الصلاة.\n
\n الشيخ: يعني له يقول: واحد اثنان ثلاثة أربعة؟\n
\n الطالب: بجوارحه بأصابعه.\n
\n الشيخ: أو بقلبه؛ لأن عمل القلب لا يبطل الصلاة.\n
طيب، يقول المؤلف: (\n له الفتح على إمامه) اللام هنا ليش؟\n
\n الطالب: للإباحة.\n
\n الشيخ: وهل كلام المؤلف على ظاهره؟\n
\n الطالب: ليس على ظاهره، تفصيل، قد يكون واجبًا من المصلي على الإمام، وقد يكون مستحبًّا.\n
\n الشيخ: متى يكون واجبًا؟\n
\n الطالب: إذا ترك الإمام واجبًا يكون واجبًا.\n
\n الشيخ: إذا ترك ما يخل بالصلاة كان الرد عليه؟\n
\n الطالب: واجبًا.\n
\n الشيخ: ما هو الدليل؟\n
\n الطالب: الأمر؛ أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا رسول فإذا نسيت فذكروني.\n
\n الشيخ: \n «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» \n . وكذلك أيضًا صلى ذات يوم فلبس عليه القراءة، وكان معه أُبَيّ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَا مَنَعَكَ» \n يعني أي شيء منعك أن ترد عليّ. \n
هل له أن يفتح على غير الإمام؟ على غير إمامه؟\n
\n طالب: لا، ليس له ذلك.\n
\n الشيخ: مثلًا الإنسان يقرأ جنبك وأنت تصلي، وغلط؟\n
\n طالب: لا، ليس له ذلك.\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: لسببين؛ الأول: أن هذا استماع إلى غير من يسن الاستماع إليه، الثاني: أنه لا ارتباط بينه وبين هذا القارئ حتى ينتبه له ويرد عليه، أما الإمام فبينه وبينه ارتباط.\n
\n الشيخ: نقول: لا ترد على غير إمامك؛ أولًا لأنه لا ارتباط بينك وبينه، بخلاف الإمام فإن تمام صلاته تمام لصلاتك، والثاني أن هذا؟\n
\n طالب: انشغال عن الصلاة.\n
\n الشيخ: إشغال للمصلي على وجه لم يؤمر به؛ لأنه لم يؤمر بالاستماع إلى قراءة غير إمامه. \n
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (\n وله لبس الثوب ولف العمامة، وقتل حية وعقرب، وقمل...) إلى آخره. \n
قال: (\n وله لبس الثوب) يعني المصلي مثلًا له أن يلبس الثوب، وكلام المؤلف هنا يحتاج إلى تفصيل، لبس الثوب إن كان يترتب على لبسه صحة الصلاة فلبسه حينئذ واجب، لبسه واجب، مثل أن يكون عريانًا ليس معه ثياب ويصلي، والعريان تعرفون أنه يصلي على حسب حاله، في أثناء الصلاة جيء إليه بثوب فلبس الثوب هنا واجب، ولا نقول: أبطل صلاتك والبس الثوب من جديد؛ لأن ما سبق من الصلاة مأذون فيه شرعًا، والمأذون فيه شرعًا لا يمكن إبطاله، بل يبنى عليه، ولهذا لما أخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بأن في نعليه أذى ماذا صنع؟ خلعهما واستمر، فكذلك هنا نقول: لبس هذا الثوب واجب لأنه لا يتم الواجب إلا به، وهو ستر العورة، أما إذا لم يكن كذلك، يعني لا يتوقف على لبسه صحة الصلاة، فالمؤلف يقول: إن له ذلك، ولكن هل يفعل هذا، أو نقول: لا تفعله إلا لحاجة؟\n
الجواب: الثاني، لا تفعل إلا لحاجة، ومن الحاجة أن يبرد الإنسان في صلاته؛ شرع في صلاته ثم أصابه البرد، والثوب حوله معلق في الجدار، فله أن يأخذه ويلبسه؛ لأن هذه حاجة، بل قد يكون مشروعًا له أن يفعل، إذا كان هذا يؤدي -أي لبس الثوب للتدفئة- يؤدي إلى اطمئنانه في صلاته؛ لأن الإنسان إذا كان بردان يشق عليه الصلاة، فنقول في هذه الحال: لك أن تلبس الثوب، كذلك له لف العمامة، أيش العمامة؟ العمامة التي تدار على الرأس، لو أنها انحلت فله أن يلفها ولا حرج عليه، ولكن هل هذا على سبيل الإباحة؟ نعم، الجواب إن كان انحلالها يشغله فلفها حينئذ مشروع؛ لأن في ذلك إزالة لما يشغله، وإن كان لا يشغله فالأمر مباح وليس بمشروط.\n
ودليل ذلك حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم \n صلى فرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم التحف بثوبه، يعني جعله لحافًا، لفه عليه، ووضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه ورفعهما ثم ركع \n ، وهذا الحديث في مسلم.\n
وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلي إذا كان عليه مشلح مثلًا وأراد أن يكف بعضه على بعض، فإن هذا لا بأس به، ولا يدخل في قوله: \n «لَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» \n ؛ لأن كل شيء بحسبه، ومن هنا يتبين أن وضع الغترة في حال الصلاة هكذا لا بأس به، لماذا؟ لأنه من اللبس المعتاد، ما كففتها كفًّا أخرجها عما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو جعله هكذا، فإنه لا بأس به أيضًا؛ لأن هذا من اللباس المعتاد، وكذلك لو قال هكذا فإنه لا بأس به؛ لأن كل هذه من الألبسة المعتادة فلا تعد كفًّا خارجًا عن العادة. ولهذا التحف النبي صلى الله عليه وسلم بردائه بثوبه، والالتحاف كف بعضه على بعض.\n
وله لف العمامة أيضًا، وله قتل حية وعقرب وقمل. له قتل حية: اللام هنا للإباحة، ولكن الإباحة هنا لبيان رفع الحرج، فلا ينافي أن يكون ذلك أيش؟ مستحبًّا ومشروعًا، فللمصلي أن يقتل الحية، بل يسن له ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، قال: \n «اقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ؛ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ» \n .\n
وصح في \n صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل خمس دواب في الصلاة، وعلى هذا فيسن أن يقتل الحية، فإن هاجمته وجب أن يقتلها دفاعًا عن نفسه، وله أيضًا قتل عقرب، العقرب أيضًا من اللواسع، وهي أسرع لسعًا من لدغ الحية، الحية أحيانًا ما تلدغ، أحيانًا تمر على الإنسان بل قد تمشي على قدمه ولا تلدغه، لكن العقرب من حين ما تحس بالجلد البشري وهي على طول (...) ذيله، (...) شوكته، فله أن يقتل العقرب، ولكن كما قلنا استحبابًا.\n
وقتل قمل: القمل معروف حشرة صغيرة تخرج من داخل الثياب في الجلد وتمتص الدم وتؤلم، يعني تشغل الإنسان، فله أن يقتلها، لكن واحد يسأل يقول: إذا قتلها تلوثت يده بالدم، يكون نجسًا؟\n
لا هذا غير نجس؛ لأنه دم من ذي نفس غير سائلة؛ كالدم الذي يكون في الذباب فلا يضر ولا ينجسه.\n
طيب إذا قال قائل: هل له أن يتحكك إذا أصابته الحكة؟\n
نعم له ذلك؛ لأنه إذا لم يفعل انشغل انشغالًا عظيمًا، انشغل، بعض الأحيان يتعب الواحد، فله أن يحك، لكن أحيانًا يقول: إذا حكيت أذني فبردت حكتني أذني الثانية، وإن حككتها حكت الرقبة، وهكذا تتنقل، نقول: الحمد لله متى تنقلت تنقل معها، وإذا أمكنك الصبر فاصبر، لكن تبقى متصبرًا منشغل القلب خوفًا من أن تتحرك بيدك هذا ليس بمشروع، بل أذهب عنك ما يزيل الخشوع، ومن المعلوم أن الحكة إذا حكها الإنسان بردت وسكنت عليه.\n
\n طالب: قلنا: إن الحية إذا احتاجت لانصراف (...).\n
\n الشيخ: إن دافعتك فلا بأس ولو انصرفت.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: (...) إي نعم، إذا هاجمتك بشرط، لكن إذا لم تهاجم اتركها.\n
\n الطالب: ونوى مقاتلة (...).\n
\n الشيخ: تبطل صلاتك؛ لأن هذه ما هو ضرورة.\n
\n طالب: شيخ، لو قلت في الصلاة عن كذا يعني إيه؟ أو كذا لا؟\n
\n الشيخ: لا بأس حركة؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: لا بأس.\n
\n الطالب: أو قالوا: نعم للشيخ، إذا قرأت آية قرآن قالوا: نعم.\n
\n الشيخ: مين يقول (...).\n
\n الطالب: مثلًا تأتي الآية اللي في القرآن قالوا: نعم، آية في القرآن قالوا: نعم، فأنت تقصد يعني نعم للي يكلمك أو..\n
\n الشيخ: إذا لم تقصد القراءة بطلت صلاتك، يعني لو واحد يكلمك وأنت على حد قوله تعالى: \n {هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤] لما وصلت إلى \n {قَالُوا}. قال لك واحد: هو فلان موجود؟ قلت: نعم تريد إجابته.\n
\n الطالب: أو غير هذه القراءة يا شيخ...\n
أنا أقرأ مثلا بـ(الصافات)، هب أن انتقلت إلى هذه السورة عندما أريد..\n
\n الشيخ: المهم على كل حال ما دام أردت الخطاب فهذا يبطل الصلاة، لكن لو خاطبت تريد التلاوة، فهذه لا تبطل الصلاة.\n
\n طالب: أحسن الله إليكم يا شيخ، فرقنا بين النافلة والفريضة في مرور المصلي، أقول أحسن الله إليك: التفريق هذا ما يعكر عليه حديث أبي سعيد الخدري في \n صحيح البخاري \n حينما مر رجل فدفعه مدافعة شديدة حتى اختصم إلى عبد الملك بن مروان \n ، وظاهر فعل أبي سعيد أنه كان يصلي لوحده، وليس مع جماعة، أنها نافلة، ومع ذلك رده، وهو صحابي، ويقال: والصحابي معروف أنه أقرب إلى فهم نص النبي صلى الله عليه وسلم من غيره.\n
\n الشيخ: يعني هذا على رأي من يرى الوجوب مطلقًا، من يرى الوجوب مطلقًا يستدل بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبفعل أبي سعيد.\n
\n الطالب: لكن هو مش موقفنا بالتحرير؟\n
\n الشيخ: موقفنا أن هو ما ذكرنا، أن الإنسان يخرج من صلاته بدون شيء. \n

","SearchText":" الطالب: الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين، وقال رحمه الله تعالي: وعبثه وتخصره وتروحه وفرقعه اصابعه وتشبيكها، وان يكون حاقنا او بحضره طعام يشتهيه، وتكرار الفاتحه، لا جمع سور في فرض كنفل. وله رد المار بين يديه . الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي فيما يكره من الصلاه، قال: ويكره عبثه، عبثه اي عبث المصلي؛ وذلك لان العبث فيه مفسدتان: المفسده الاولي: انشغال القلب، فان حركه البدن تكون بحركه القلب، ولا يمكن ان تكون حركه البدن بغير حركه القلب، فاذا تحرك البدن لزم من ذلك ان يكون القلب متحركا، وفي هذا اشغال عن الصلاه، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام حينما نظر الي الخميصه نظره واحده، قال: «اذهبوا بخميصتي هذه الي ابي جهم، واءتوني بانبجانيه ابي جهم؛ فانها الهتني انفا عن صلاتي» . فيءخذ من هذا الحديث تجنب كل ما يلهي عن الصلاه. المفسده الثانيه في العبث: ان العبث عبث ولغو، وهو ينافي الجديه المطلوبه من الانسان في حال الصلاه. وفيه ايضا مفسده ثالثه، وهي الحركه بالجوارح، وهذه الحركه دخيله علي الصلاه؛ لان الصلاه لها حركات معينه من قيام وقعود وركوع وسجود، فصار في تعليل العبث في الصلاه ثلاث علل، واما ما ذكره المءلف الشارح رحمه الله لانه صلي الله عليه وسلم راي رجلا يعبث في صلاته فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» فهذا الحديث ضعيف ولا يحتج به، وقد روي عن عمر رضي الله عنه، وروي عن سعيد بن المسيب، ولكن العلل التي ذكرناها واضحه: الاولي: انشغال القلب بذلك، وكل ما يشغل القلب فان الانسان مامور باجتنابه في صلاته، ودليله حديث الخميصه، والثاني: انه عبث ينافي الجديه التي في الصلاه، والثالث: انه حركه دخيله علي الصلاه؛ لان البدن الان مشغول بحركات الصلاه، فاذا تحرك بغير هذه الحركات فقد ادخل في الصلاه حركات ليست منها. قال: ( وتخصره ) تخصره اي: وضع يده علي خاصرته، والخاصره هي المستدق من البطن الذي فوق الورك، يعني وسط الانسان، ما استدق من بطنه فوق وركه هذا، يعني هذا، فانه يكره؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي ان يصلي الرجل متخصرا ، يعني واضعا يديه علي خاصرته، وقد جاء تعليل ذلك في حديث عاءشه بانه فعل اليهود ، فكان اليهود يفعلون هذا في صلاتهم، ولانه في الغالب ياتي في حال انقباض الانسان، اذا قال هكذا كانه يهوجس مثلا ولا يفكر في شيء، وهذا فيه شيء من منافاته للصلاه. قال: ( وتخصره وتروحه ): ( تروحه ) يراد بها ان يروح علي نفسه بالمروحه، ماخوذ من الريح، يعني الهواء، والمروحه معروفه، كانت تستعمل في الاول من خوص النخل، تخصف ويوضع لها يد عود، ثم يتروح بها الانسان، هذا مكروه؛ لانه نوع من العبث والحركه، ومشغل للانسان عن صلاته، لكن ان دعت الحاجه الي ذلك بان كان كثير اللحم، واصابه غم وحر شديد، وروح عن نفسه بالمروحه من اجل ان تخف عليه وطاه الصلاه، او وطاه انحباسه في الصلاه، فان ذلك لا باس به؛ لان القاعده عند الفقهاء ان المكروه يزول بالحاجه، واما التروح الذي هو المراوحه بين القدمين بحيث يعتمد علي رجل احيانا، وعلي رجل اخري احيانا، فهذا لا باس به، لا سيما اذا طال الوقوف، اذا طال وقوف الانسان فانه ينبغي ان يريح نفسه، بحيث يعتمد قليلا علي رجل، وقليلا علي الرجل الاخري، لكن بدون ان يقدم احدي الرجلين علي الثانيه، بل تكون الرجلان متساويتين، لكن يعتمد علي احداهما مره وعلي الاخري مره اخري بدون كثره. ويكره ايضا ( فرقعه اصابعه ) ان يغمزها حتي تفرقع، ويكون لها صوت؛ لان ذلك من العبث، وفيه ايضا تشويش علي من كان حوله اذا كان يصلي في جماعه، كذلك يكره التشبيك بين الاصابع، وهو ادخال بعضها في بعض في حال صلاته، لحديث ورد فيمن قصد المسجد الا يشبكن بين اصابعه ، فاذا كان قاصد المسجد للصلاه منهيا عن التشبيك بين الاصابع، فمن كان في نفس الصلاه فهو اولي بالنهي، ويذكر ان النبي صلي الله عليه وسلم راي رجلا قد شبك بين اصابعه، ففرج النبي صلي الله عليه وسلم بينها ، واما بعد الصلاه فلا يكره شيء من ذلك، لا الفرقعه ولا التشبيك؛ لان التشبيك ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه فعله، وذلك في حديث ذي اليدين حين صلي النبي صلي الله عليه وسلم باصحابه احدي صلاتي العشي، فسلم من ركعتين، ثم قام الي خشبه معروضه في المسجد فاتكا عليها وشبك بين اصابعه ، فاذا انتهت الصلاه فلا باس بالتشبيك والفرقعه، لكن الفرقعه ان خشي ان تشوش علي من حوله اذا كان في المسجد فلا يفعل. قال المءلف رحمه الله: ( وان يكون حاقنا ) يعني يكره ان يصلي وهو حاقن، والحاقن المحتاج الي البول، يعني الذي حصره البول؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن الصلاه في حضره طعام، او وهو يدافعه الاخبثان ، والحكمه من ذلك ان في هذا ضررا بدنيا عليه، فان حبس البول المستعد للخروج ضرر علي المثانه وعلي العصب التي تمسك بالبول؛ لانه ربما مع تضخم المثانه فيما انحقن فيها من الماء، ربما تسترخي هذه الاعصاب لانها اعصاب دقيقه، فيحصل في هذا ضرر علي المرء، وربما تنكمش انكماشا زاءدا، او ينكمش بعضها علي بعض، ويعجز الانسان عن اخراج البول كما يجري ذلك احيانا، فلهذا نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الصلاه وهو يدافع الاخبثين، ففيها ضرر بدني وفيها ايضا ضرر يتعلق بالصلاه؛ لان الانسان الذي يدافع البول لا يمكن ان يحضر قلبه لما هو فيه من الصلاه؛ لانه مشتغل بمدافعه هذا الخبث، فكيف يحضر قلبه في الصلاه، ولهذا نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك، طيب واذا كان حاقبا –بالباء- فهو مثله، الحاقب –بالباء- هو الذي حبس الغاءط، فيكره ان يصلي وهو حابس للغاءط يدافعه، ونقول في العله فيه ما قلنا في عله ايش؟ الحاقن البول. وكذلك اذا كان محتبس الريح، يعني فيه ريح منحبسه، فانه يكره ان يصلي وهو يدافعها، فاذا قال قاءل: رجل علي وضوء وهو يدافع البول او الغاءط او الريح، لكن لو قضي حاجته لم يكن عنده ماء يتوضا به، فهل نقول: اقض حاجتك وتيمم للصلاه او نقول: صل وانت مدافع الاخبثين؟ نقول بالاول، نقول: اقض حاجتك وتيمم، ولا تصل وانت دافع الاخبثين؛ وذلك لان الصلاه بالتيمم لا تكره بالاجماع، والصلاه مع مدافعه الاخبثين منهي عنها، مكروهه، ومن العلماء من حرمها، وقال: ان الصلاه لا تصح مع مدافعه الاخبثين؛ لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «لا صلاه بحضره طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان» . طيب ولو قال قاءل: انه حاقن، ويخشي ان قضي حاجته ان تفوته صلاه الجماعه، فهل يصلي حاقنا ليدرك الجماعه، او يقضي حاجته ولو فاتته الجماعه؟ طالب: الثاني. طالب اخر: الاول. الشيخ: لا، الثاني يعني يقضي حاجته ويتوضا ولو فاتته الجماعه؛ لان هذا عذر، واذا طرا عليه في اثناء الصلاه فله ان يفارق الامام. واذا قال قاءل: ان الوقت قد ضاق وهو الان يدافع احد الاخبثين، فان قضي حاجته وتوضا خرج الوقت، وان صلي قبل خروج الوقت صلي وهو يدافع الاخبثين، فهل يصلي وهو يدافع الاخبثين او يقضي حاجته ويصلي ولو بعد الوقت؟ طلبه: الاول طلبه اخرون: الثاني. الشيخ: طيب نقول: اولا ان كانت الصلاه تجمع لما بعدها فليقض حاجته وينوي الجمع؛ لان الجمع في هذه الحال جاءز، وان لم تكن تجمع لما بعدها كما لو كان ذلك في صلاه الفجر او في صلاه العصر او في صلاه العشاء، فللعلماء في هذه المساله قولان: القول الاول انه يصلي ولو مع مدافعه الاخبثين حفاظا علي الوقت، والقول الثاني: يقضي حاجته ويصلي ولو خرج الوقت، وهذا القول الثاني اقرب الي قواعد الشريعه؛ لان هذا بلا شك من اليسر، والانسان اذا كان يدافع الاخبثين يخشي علي نفسه، ولكن جمهور اهل العلم علي الاول، يقولون: انه يصلي ولو مع المدافعه، وهذه في المدافعه القريبه، اما المدافعه الشديده التي لا يدري ما يقول فيها، ويكاد يتقطع من شده الحصر، فهذا لا شك انه يقضي حاجته ثم يصلي، وينبغي الا يكون في هذا خلاف . قال المءلف رحمه الله: ( او بحضره طعام يشتهيه ) يشتهيه اي تتوق نفسه اليه، فاشترط المءلف شرطين؛ ان يكون الطعام حاضرا، وان تكون نفسه تتوق اليه، وينبغي ان يزاد شرط ثالث: مع قدرته علي تناوله حسا وشرعا. طيب هذه ثلاثه قيود: حضور الطعام، توقان النفس اليه، القدره علي تناوله حسا وشرعا، فان لم يحضر الطعام ولكنه جاءع، لكن ليس عنده طعام، فهل يءخر الصلاه؟ طلبه: لا يءخر. الشيخ: لا يءخر؛ لاننا لو قلنا بهذا لزم الا يصلي الفقير ابدا؛ لان الفقير قد يكون داءما في جوع ونفسه تتوق الي الطعام. ولو كان الطعام حاضرا ولكنه شبعان ما يهتم به نعم فليصل، يصلي ولا كراهه في حقه، وكذلك لو حضر الطعام لكنه ممنوع منه شرعا او حسا، الشرعي الصاءم، احضر الفطور عند صلاه العصر والرجل جاءع جدا ويقول: والله انا من (...) لما حضرت التمر من (...) نقول: لا تصل العصر حتي تاكله بعد غروب الشمس؟ طلبه: لا. الشيخ: لا، ليش؟ لانه ممنوع من تناوله شرعا، فلا فاءده في الانتظار، طيب وكذلك لو قدم اليه طعام حار لا يستطيع ان يتناوله، فهل يصلي او يصبر حتي يبرد ثم ياكل ثم يصلي؟ طلبه: يصلي. الشيخ: يصلي؛ لان انتظاره لا فاءده منه، يعني انه لو صلي في هذه الحال لم تكره صلاته؛ لان انتظاره لا فاءده منه، وكذلك لو احضر اليه طعام الغير ونفسه تتوق اليه فانه لا يكره ان يصلي حينءذ؛ لانه ممنوع منه، ممنوع منه شرعا ولا حسا؟ طلبه: شرعا. الشيخ: طيب وكذلك لو احضر اليه طعام هو ملكه، لكن عنده ظالم مانعه من اكله، فهنا لا يكره ان يصلي، لماذا؟ لانه لا يستفيد من عدم الصلاه لمنعه من طعامه حسا، فصارت المساله تحتاج الي ثلاثه قيود: حضره الطعام، توقان النفس اليه، القدره علي تناوله شرعا وحسا، طيب دليل ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا صلاه بحضره طعام، ولا وهو يدافعه الاخبثان» . وكلام المءلف يدل علي ان الصلاه في هذه الحال مكروهه؛ لان الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «لا صلاه» . وهل هذا النفي نفي كمال او نفي صحه؟ جمهور اهل العلم علي انه نفي كمال، وانه يكره ان يصلي في هذه الحال، ولو صلي صلاته صحيحه، وقال بعض العلماء: بل النفي نفي للصحه، فلو صلي وهو يدافع الاخبثين بحيث لا يدري ما يقول فصلاته غير صحيحه؛ لان الاصل في نفي الشرع ان يكون لنفي الصحه، وعلي هذا القول تكون صلاته في هذه الحال محرمه؛ لان كل من تلبس بعباده باطله فتلبسه حرام؛ لانه يشبه ان يكون مستهزءا ساخرا، حيث تلبس بعباده يعلم انها محرمه فيقدم عليها. ( او بحضره طعام يشتهيه ). قال.. طالب: (...). الشيخ: ما عندي تصنيف في هذا؛ لان كل من القولين قوي جدا. قال: ويكره ايضا ( تكرار الفاتحه )، يكره تكرار الفاتحه بان الانسان يقرا الفاتحه مرتين او اكثر، وتعليل ذلك انه لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم، والمكرر للفاتحه علي وجه التعبد بالتكرار لا شك انه قد اتي مكروها؛ لانه لو كان هذا من الخير لفعله النبي صلي الله عليه وسلم، لكن اذا كرر الفاتحه لا علي سبيل التعبد، بل لفوات وصف مستحب، فهل هذا جاءز؟ الظاهر الجواز، مثل ان يكررها لانه نسي فقراها سرا في حال يشرع فيها الجهر، كما يقع لبعض الاءمه ينسي فيقرا الفاتحه سرا، فهنا نقول: لا باس ان يعيدها من الاول استدراكا لما فات من مشروعيه الجهر، كذلك لو قراها الانسان من غير استحضار قلب واراد ان يكررها ليحضر قلبه في القراءه التاليه، فان هذا تكرار لشيء مقصود شرعا، وهو حضور القلب في الصلاه، لكن في هذه المساله الاخيره ان خشي علي نفسه ان ينفتح عليه باب الوسواس فلا يفعل؛ لان بعض الناس اذا ما انفتح له هذا الباب انفتح له باب الوسواس الكثير، وصار اذا قراها وقد غفل في ايه واحده منها ردها، واذا ردها وغفل ردها ثانيه وثالثه ورابعه، حتي ربما اذا شدد علي نفسه شدد الله عليه، ربما يكون غفل في اول مره عن ايه ثم في الثانيه يغفل عن ايتين او ثلاث. فالحاصل ان تكرار الفاتحه ان كان علي وجه التعبد به فلا شك في ان الامر كما قال المءلف مكروه؛ لان ذلك من البدع، وان كان لاستدراك امر مشروع فاته فهذا لا باس به، وضربنا لكم مثلا بمن نسي الجهر بها في صلاه الليل، او بمن لم يستحضر حال قراءته اياها، لكننا استدركنا علي الاخير ما لم يخش الوسواس، فان خشيه فلا يعيده. قال: ( لا جمع سور في فرض كنفل ). يعني لا يكره جمع السور في الفرض، يعني ان يقرا سورتين فاكثر، وهذا باعتبار السوره مع الفاتحه لا اشكال فيه، فان الانسان اذا قرا الفاتحه يسن ان يقرا معها سوره كما سبق، لكن مراد المءلف بجمع السور ما عدا الفاتحه؛ لان مساله الفاتحه امرها معلوم، فهذه المساله يقول: لا يكره جمع السور في الفرض كما لا يكره في النفل، ودليل ذلك حديث حذيفه بن اليمان رضي الله عنه انه صلي مع النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله فقرا النبي صلي الله عليه وسلم سوره البقره والنساء وال عمران ، وهذا جمع بين السور في النفل، وما جاز في النفل جاز في الفرض الا بدليل، هذه القاعده، وما وجب في الفرض وجب في النفل الا بدليل. والدليل علي ان هذه هي القاعده، اي ان ما جاز في النفل جاز في الفرض، ان الصحابه لما حكوا صلاه النبي صلي الله عليه وسلم علي راحلته في السفر، وانه يوتر عليها، قالوا: غير انه لا يصلي عليها المكتوبه؛ لانهم لولا ان الفرض يحذي به حذو النفل ما كان للاستثناء فاءده، فلما قالوا: غير انه لا يصلي عليها المكتوبه، علمنا انهم فهموا بان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، والا ما احتيج الي استثناء. وعلي هذا فنقول: انه لا باس ان يجمع الانسان في الفرض بين سورتين فاكثر، ودليله حديث حذيفه. ووجه الدلاله منه ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل، طيب العكس؛ يعني تفريق السوره في الركعتين هل يجوز او لا؟ طالب: يجوز. الشيخ: يجوز، الا اذا كان لما بقي تعلق فيما مضي، فهنا ينبغي الا يفعل، مثل لو قال: {قل هو الله احد (١) الله الصمد (٢) لم يلد} [الاخلاص: ١ - ٣] فهنا ما ينبغي ان يقف علي هذا الموقف لانقطاع الكلام بعضه عن بعض، اما اذا لم يكن محظور في الوقف فلا باس، ودليل ذلك ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قرا في سوره المغرب بالاعراف فرقها في الركعتين ، وهذا يدل علي جواز تفريق السوره في الركعتين، لكن ينبغي ملاحظه ما يشرع من التطويل والتوسط والتقصير كما هو معروف في اول صفه الصلاه. هاتان مسالتان. المساله الثالثه: هل يقرا من اثناء السوره او لا؟ يعني بان يقرا ايه او ايتين من اثناء السوره؟ نقول: نعم يجوز هذا، وان كان الافضل عدمه، حتي ان ابن القيم ذكر في الزاد زاد المعاد انه لم يحفظ عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قرا من اثناء السوره، ولكن يقال: انه قد ثبت عنه انه كان يقرا في سنه الفجر في الركعه الاولي {قولوا امنا بالله} [البقره: ١٣٦]، وفي الثانيه : {قل يا اهل الكتاب تعالوا الي كلمه سواء بيننا وبينكم} [ال عمران: ٦٤]. والاصل ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض الا بدليل، فالصحيح انه يجوز ان يقرا الانسان الايه او الايتين من اثناء السوره، ولا باس بذلك . طالب: يا شيخ، احسن الله اليك، ذكرنا في التخصر انه جاء النهي عن النبي صلي الله عليه وسلم عنه بعينه، مع انك تقول: انه مكروه، والقاعده انه (...)، علي القاعده انه (...) ولو قلنا بالكراهه، احسن الله اليك، كذلك في التشبيك، قلنا بالكراهه، مع انه جاء فيه دليل الخاص. اقول: لماذا لا يقال بالتحريم؟ الشيخ: ما كل شيء ورد به النهي يكون للتحريم، فالمساله اولا خلافيه، لكن القول الراجح انه للتحريم الا بدليل، الدليل هذا ان عامه العلماء ان لم يكن اجماعا علي هذا الشيء، فان وجد مثلا قول بعض العلماء انه حرام فهو وجيه. طالب: شيخ، قول بعض العلماء في مساله التشبيك بالاصابع: اذا دخل احدكم المسجد فلا يشبك بالاصابع ، قالوا: اذا كان ينتظر الصلاه قبل الصلاه وينتظر الصلاه فلا يشبك كذلك في اثناء الصلاه، اما اذا كان بعد الصلاه ولا ينتظر صلاه بعدها فيشبك. الشيخ: فلا باس به. الطالب: وحديث ذي اليدين يا شيخ، ما يقال: ان النبي صلي الله عليه وسلم في قصه الصلاه به؛ لانه رجع وكمل الصلاه. الشيخ: اي، لكن ما علم حين شبك، هو لا يدري انه في الصلاه. طالب: يقاس يا شيخ علي مدافعه الاخبثين وحضور الطعام باجماع؟ الشيخ: اي نعم، كل ما يشغل، شده الحر، الحر الشديد الذي يحتاج الي تبرد، وكذلك البرد الشديد الذي يحتاج الي تدفءه، كل ما يشغل عن حضور القلب فهو من جنس مدافعه الاخبثين. طالب: بالنسبه لجواز الجمع بين السور في الفرض، قد استدلوا بحديث الرجل الانصاري الذي كان يصلي بالسوره ويقرا بعدها {قل هو الله احد} . فاخبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال: انه يحبها . الشيخ: اي نعم، هذا اذا كان يقرا سوره كامله -الرجل- اذا كان يقرا مع الاخلاص سوره كامله، وهذا هو الظاهر من يقرا سوره كامله. طالب: يقتصر علي الفاتحه؟ الشيخ: نعم. طالب: شيخ، جزاك الله خيرا، هل يعيد صلاته؟ يعني مثلا جاءه دفع الاخبثين، يعني جاءه الحصر وهو وسط الصلاه في الركعه الثانيه او في الركعه الثالثه؟ الشيخ: يكملها خفيفه. الطالب: يعيد صلاته؟ الشيخ: لا، يكمل خفيفه. طالب: لو اقتصر الامام علي الفاتحه يعني ما يقرا بعدها سوره؟ الشيخ: كرهها العلماء، قالوا: يكره ان الانسان يقتصر علي الفاتحه؛ لان ذلك خلاف السنه، ويفتح باب التهاون للعامه، حتي لو كان الانسان في صلاته وحده فهو يكره له ذلك؛ لانه خلاف السنه. طالب: يعني مثلا تكرار التشهد او التكبير يعني يقاس علي الفاتحه مثلا، تكره. الشيخ: التكبير ما يمكن تكراره. الطالب: يمكن ينسي يقول: الله اكبر. الشيخ: اذا نسي ما يقال.. الطالب: يعني يكرر؟ الشيخ: اقول: هذا نسيان ما له حكم النسيان. الطالب: طيب التشهد؟ الشيخ: التشهد ما ذكروا انه يكره، لكن ينبغي ان يقال مثل هذا، ان فعله تعبدا فهو مكروه، وان فعله استدراكا لما فاته من الكمال فلا باس به. *** الطالب: (...) والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، قال رحمه الله تعالي: وله رد المار بين يديه، وعد الاي، والفتح علي امامه، ولبس الثوب، ولف العمامه، وقتل حيه وعقرب وقمل، فان طال الفعل عرفا من غير ضروره ولا تفريق بطلت، ولو سهوا، ويباح قراءه اواخر السور . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين، اما بعد فقد سبق لنا عده اشياء مكروهه في الصلاه، منها العبث، فما وجه الكراهه؟ طالب: يكره العبث اولا من ثلاثه اوجه: الوجه الاول: بان فيه عدم حضور القلب، الوجه الثاني: لانه علي اسمه، الوجه الثالث.. الشيخ: وايش معني علي اسمه؟ الطالب: لان العبث علم معناه يعني.. الشيخ: يعني: عمل لا فاءده منه. الطالب: الوجه الثالث انه يقتضي الحركه، وهذه الحركه تكون دخيله علي الصلاه. الشيخ: انه تحرك بحركه خارجه عن افعال الصلاه، فيكون دخيلا فيها. التروح؟ طالب: هي المروحه التي يتروح بها عن نفسه في الصلاه. الشيخ: المقصود بها استعمال المروحه. الطالب: وان كان المقصود بها التروح بين القدمين في الصلاه فله ان يتروح بين القدم الاولي والثانيه، ولكن لا يقدم الاولي علي الاخري. الشيخ: اي، ولا يكثر. الطالب: ولا يكثر. الشيخ: ومراد المءلف الاول، تروحه يعني معناه استعمال المروحه. طيب التخصر، حكمه؟ طالب: مكروه. الشيخ: وما معناه؟ الطالب: معناه ان يضع الانسان يده علي ما ضاق من بطنه. الشيخ: علي خاصرته. الدليل؟ طالب: انه كما جاء في الحديث عن عاءشه انه من فعل اليهود ، تشبه باليهود. الشيخ: لكن الدليل؟ هذه العله والحكمه. الطالب: الدليل انه نهي عن التخصر في الصلاه. الشيخ: يكره فرقعه الاصابع، ما معني فرقعه الاصابع، ويش معني فرقعه الاصابع؟ الطالب: غمزها حتي يخرج منها صوت. الشيخ: غمزها حتي يحصل منها صوت، لماذا كره؟ الطالب: لان فيه الانشغال، ولان فيه حركه خارجه عن الصلاه، دخيله علي الصلاه حركه مكروهه. الشيخ: وربما يكون فيه تشويش علي من حوله ان كان يصلي مع الجماعه. حكم التشبيك في الصلاه، تشبيك الاصابع؟ طالب: يكره كذلك، من العبث. الشيخ: لانه من العبث الموجب لعدم حضور القلب، ولانه نهي ان يشبك الانسان بين يديه اذا كان قاصدا للصلاه، فكيف بالصلاه نفسها. حكم الصلاه وهو حاقن؟ طالب: حكم الصلاه وهو حاقن مكروهه. الشيخ: ما معني حاقن؟ الطالب: يعني يكون حابسا للبول. الشيخ: الدليل؟ الطالب: «لا صلاه بحضره طعام، ولا وهو يدافعه الاخبثان» . الشيخ: هل مجرد الاحساس بذلك يوجب الكراهه؟ طالب: يعني مجرد الاحساس لا، يعني اذا كان هو شغال ويدافع.. الشيخ: اي هذا الذي يكره، اما مجرد الاحساس بذلك لانه لا يشغل القلب. هل تكره الصلاه بحضره الطعام؟ طالب: الحديث السابق: «لا صلاه بحضره طعام» . الشيخ: طيب اشترطوا ثلاثه شروط؟ الطالب: بان يكون حاضر الطعام، ويكون قادرا عليه حسا وشرعا. الشيخ: الثالث؟ الطالب: بحضره الطعام. الشيخ: هذا الحضور، وان يكون قادرا علي اكله حسا وشرعا، نقول: ثلاثه شروط. الطالب: تتشوق اليه نفسه. الشيخ: تتوق اليه نفسه، تمام. طيب من اين اخذنا هذه الشروط؟ طالب: من الحديث. الشيخ: من الحديث او من الحكمه؟ الطالب: من الحديث الواضح. الشيخ: الحديث لو اخذنا بظاهر «لا صلاه بحضره طعام» . الطالب: هذا الشرط الاول ان يكون... الشيخ: الثاني والثالث؟ الطالب: هذا اخذناه من التعليل ومن الحكمه؛ لان الانسان.. الشيخ: اذا لم تتق نفسه اليه لا يهمه حضر او لم يحضر، واذا كان ممنوعا منه شرعا لم يستفد من تاخير الصلاه. طيب يقول: ( تكرار الفاتحه )؟ طالب: يكره في الصلاه تكرار الفاتحه؛ لانه لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم تكرارها. الشيخ: ما فيه التفصيل، اليس الحكم هذا فيه تفصيل او علي اطلاقه؟ الطالب: ما فيه تفصيل؟ طالب اخر: نعم فيه تفصيل. الشيخ: ما هو؟ الطالب: مثلا لو كانت الصلاه جهريه وقرا سريه ناسيا ان له ان يعيدها. الشيخ: هذا مثلا لكن اعطنا ضابطا، نريد ضابطا يدخل فيه هذا المثال. الطالب: هذا لانه لم يفعله صلي الله عليه وسلم اذا كان مشروعا لفعله (...) الرسول صلي الله عليه وسلم. طالب اخر: اذا كان علي سبيل التعبد فانه يكره، اما اذا كان لا علي سبيل التعبد فانه جاءز. الشيخ: ايش يكون علي غير سبيل التعبد، ويش يكون؟ الطالب: ليس علي سبيل.. الشيخ: علي سبيل التعبد واضح انه مكروه؛ لانه لم يرد كما قال الاخ، لكن علي غير سبيل التعبد مثل ايش؟ الطالب: مثل ان يقراها ونسي، مثل ان يقراها ولكن ليس بحضور قلب، فاراد ان يقراها ليحضر قلبه. الشيخ: يعني اذا كان لاستدراك امر مطلوب فيها، كان ينسي ان يجهر في صلاه جهريه، او يكون غير متدبر يريد ان يقراها بتدبر فهذا لا يكره لان له سببا. قال المءلف رحمه الله: ( لا يكره جمع سور في فرض كنفل ). ما معني العباره؟ طالب: يعني ان يجمع السور، يقرا عده سور في صلاه الفرض، ان هذا غير مكروه، كما انه غير مكروه في صلاه النافله. الشيخ: يعني لا يكره ان يجمع بين سورتين فاكثر في صلاه الفرض، يعني في ركعه واحده، كما لا يكره في النفل. طيب لماذا عبر المءلف بهذا التبيين ( لا يكره في فرض كنفل ). ولم يقل: ولا يكره في فرض ونفل؟ طالب: لانه ثبت ان النبي صلي الله عليه وسلم جمع بين السور في النفل. الشيخ: لانه ثبت في النفل، ولكن لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم في الفرض. طيب هل هناك قاعده في هذا الباب. طالب: اي نعم. الشيخ: ما هي؟ الطالب: ما ثبت في الفرض ثبت في النفل، وما ثبت في النفل ثبت بالفرض الا بدليل.. الشيخ: هل هناك دليل من كلام الصحابه علي هذه القاعده؟ طالب: قول الصحابه: ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي.. الشيخ: يوتر علي راحلته. الطالب: يوتر علي راحلته اينما توجه، او الي غير القبله الا الفريضه. الشيخ: حيث كان وجهه، غير انه كان لا يصلي عليها الفريضه. طيب فهذا يدل علي ان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، والا لم يكن للاستثناء فاءده، تمام. طيب ما هو الدليل علي ثبوت هذا في النفل؟ طالب: حديث حذيفه بن اليمان انه صلي مع الرسول صلي الله عليه وسلم (...) فقرا الرسول صلي الله عليه وسلم في الركعه الاولي سوره البقره وال عمران والنساء . الشيخ: احسنت، حديث حذيفه بن اليمان رضي الله عنه انه صلي مع النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليله فقرا البقره والنساء وال عمران ، بارك الله فيك، طيب. *** ثم قال المءلف رحمه الله: ( وله رد المار بين يديه ). ( له ) الضمير يعود علي المصلي، واللام هنا للاباحه كما هي القاعده في اصول الفقه، ان العلماء اذا اتوا باللام، عبروا باللام؛ فهي للاباحه، كما انهم اذا عبروا بـ(علي) فهي للوجوب، اذا قالوا: عليه ان يفعل يعني: واجب. له ان يفعل يعني: جاءز، فالمءلف يقول: ( له رد المار بين يديه ) فظاهر كلام المءلف الاباحه، ان هذا مباح. وقوله: ( رد المار ) يشمل الادمي وغير الادمي، ومن تبطل الصلاه بمروره ومن لا تبطل الصلاه بمروره. اذن كلامنا هنا فيه امران: اولا ان كلام المءلف يدل علي ان رد المار من الامور المباحه، والثاني انه يدل علي انه لا فرق في المار بين ان يكون ادميا او غير ادمي، او مما يبطل الصلاه مروره، او لا يبطل الصلاه مروره، واضح؟ وهذا هو ظاهر كلام المءلف. وعلي هذا فاذا اراد احد ان يمر بين يدي المصلي قلنا للمصلي: انت بالخيار، ان شءت فرده وان شءت فلا ترده، وان رددته فليس لك اجر، وان لم ترده فليس لك اجر؛ لان هذا شان مباح، حتي لو ارادت امراه ان تمر بين يديك علي كلام المءلف فانت بالخيار؛ ان شءت فاردد وان شءت فلا تردد، ولكن ما يفيده ظاهر كلامه رحمه الله خلاف المذهب، المذهب ان الرد سنه، يعني يسن للمصلي ويطلب منه شرعا ان يرد المار بين يديه، ودليل ذلك امر النبي صلي الله عليه وسلم بهذا، فقال: «اذا اراد احد ان يجتاز بين يديه فليدفعه» . فامر بدفعه، واقل احوال الامر الاستحباب. وعن الامام احمد رحمه الله روايه ثالثه: ان رد المار واجب، يجب علي الانسان ان يرد المار بين يديه، فان لم يفعل فهو اثم، ولا فرق بين ما يقطع الصلاه مروره او لا يقطع، يجب وجوبا، ودليل هذا الامر «فليدفعه» . والاصل في الامر الوجوب. ويرشح الوجوب -اي: يقويه- ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «فان ابي فليقاتله» واصل مقاتله المسلم حرام؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» . لكن من المعلوم ان المراد بالحديث المقاتله الدفع بشده، لا ان تقتله بسلاح معك، يعني ليس قتلا، ولكن مقاتله، ومقاتله كل شيء بحسبه، وحتي المقاتله التي لا تءدي الي القتل حرام بالنسبه للمسلم مع اخيه، الا اذا وجد ما يسوغها. قالوا: ولا يءمر بالحرام الا في مقابله حرام، فلا يءمر بالقتال الا اذا كان الدفع واجبا؛ لانه لا يبيح المحرم الا الشيء؟ طالب: المحرم. الشيخ: الواجب. كيف لا يبيح المحرم الا الشيء المحرم؟! لا، لا يبيح المحرم الا الشيء الواجب. قالوا ايضا: في هذا فاءده، وهي تعزير المعتدي؛ لان المار بين يديك معتد عليك، ولهذا قال الرسول عليه الصلاه والسلام: «فان معه شيطانا» . وفي لفظ: «فان معه القرين» . يعني الشيطان الذي يامره، وردع المعتدين امر واجب. قالوا: وهناك شيء ثالث؛ ان فيه احياء لقلوب الغافلين؛ لان كثيرا من الناس يمشي في المسجد وعينه في السماء، ليتها في الارض! في السماء ولا يبالي بين يديه مصلون او غير مصلين، فاذا رددته نبهته، فيكون في ذلك تنبيه للغافلين، وهذه الروايه عن احمد كما تري دليلها الاثري قوي، والنظري كذلك قوي، ويمكن ان يقال، يعني يحتمل ان يقال: يفرق بين المار الذي يقطع الصلاه مروره، والمار الذي لا يقطع الصلاه مروره، فالذي يقطع الصلاه مروره يجب رده، والذي لا يقطع الصلاه مروره لا يجب رده؛ لان غايه ما يحصل منه ان تنقص الصلاه ولا تبطل، بخلاف الذي يقطع الصلاه مروره، فانه سوف يبطل صلاتك ويفسدها عليك، ولا سيما اذا كانت فرضا، فان تمكينك من شخص يقطع صلاه الفرض عليك يعني انك قطعت فرضك، والاصل في قطع الفرض ايش؟ التحريم. وهذا قول يعني يكون وسطا بين قول من يقول بالوجوب مطلقا ومن يقول بالاستحباب مطلقا، وله وجهه قويه، بان نقول: اذا مرت امراه يجب عليك ان تردها، كلب اسود يجب ان ترده، حمار يجب ان ترده، بخلاف ما اذا مر انسان ذكر، او بهيمه غير حمار، او كلب غير اسود، فانه لا يجب عليك ولكن سنه. ففهمنا الان ان المساله فيها اربعه اقوال، لكن القول الرابع لا يخرج عن الثلاثه في الواقع؛ لانه في الحال التي يكون فيها المنع سنه يوافق القول بالسنيه، وبالحال التي يكون الرد فيها واجبا يوافق القول بالوجوب. ولهذا كثيرا ما ياتي في كلام شيخ الاسلام رحمه الله مثل هذا، ويقول: وهو بعض من يقول بالوجوب، او ما اشبه ذلك، مثل قوله في الوتر: ان الوتر واجب علي من كان له ورد من الليل. قال: وهو بعض قول من يوجبه مطلقا؛ لانكم تعرفون الوتر فيه ثلاثه اقوال للعلماء: سنه مطلقا، وهو الصحيح، واجب مطلقا، تفصيل، وهو اختيار شيخ الاسلام، لكن الشاهد انه يقول: وهو ايش؟ بعض قول من يوجبه مطلقا. فهنا اذا قلنا: يجب منع المار اذا كان ممن يقطع الصلاه مروره، صار بعض قول من يوجبه مطلقا. فان قال قاءل: كيف نعتذر عن كلام المءلف، حيث ان ظاهره الاباحه مع ورود السنه بالامر به؟ فالجواب: انه يمكن ان يحمل علي ان الاباحه هنا في مقابله المنع، او في مقابله الكراهه؛ لان رد المار عمل وحركه من غير جنس الصلاه، والاصل فيها اما الكراهه واما المنع، فتكون الاباحه هنا يراد بها نفي الكراهه، او نفي المنع، فلا ينافي ان يكون الحكم مستحبا، يعني يمكن ان يقال هكذا، لكن يمنعه ان هذه المساله فيها قول مستقل معروف بالاباحه. قال: ( وله رد المار بين يديه ) بين اليدين بماذا يقدر؟ قيل: انه بمقدار ثلاثه اذرع، وقيل: بمقدار رميه حجر، رميه حجر بعيده اظن، ثم الرامي يختلف، لكن ممكن ان نقول: رمي حجر متوسط، لا هو بالقوي جدا، ولا هو بالضعيف، لكن مع ذلك ايضا بعيده هذه، وقيل: ما للمصلي ان يتقدم اليه بدون بطلان صلاته، وهذا يشبه القول الرابع، وهو ان مرجع ذلك الي العرف، فما كان يعد بين يديك فهو بين يديك، وما كان لا يعد عرفا فليس بين يديك، وقيل: ما بين يديه: ما بين رجليه وموضع سجوده، هذا الذي بين يديه، فالاقوال اذن اربعه، كم؟ انا قلت لكم: الثالث والرابع الظاهر انهما شيء واحد، ثلاث اذرع، رميه حجر، العرف ما بين رجليه وموضع سجوده، وهذا اقرب الاقوال؛ وذلك لان المصلي لا يستحق اكثر مما يحتاج اليه في صلاته، فليس له الحق ان يمنع الناس مما لا يحتاجه، وهو لم يضع ستره، وهو لا يحتاج اكثر من موضع سجوده، اما اذا كان له ستره، فلا يجوز المرور بينه وبين سترته، لا يجوز، واضح؟ لانه حماه، ولكن مع ذلك نقول: اذا وضعت ستره فلا تبعد عنها، كن قريبا منها بحيث يكون سجودك الي جنبها. يقول: ( له رد المار بين يديه ). وظاهر كلام المءلف انه لا فرق بين ان يكون المار محتاجا الي المرور او غير محتاج، فالمحتاج للمرور مثل ان يكون باب المسجد علي يمين المصلي او علي يساره، وهو يريد ان يعبر الي باب المسجد، هذا محتاج للمرور؛ وذلك لعموم الامر، فاراد احد ان يجتاز بين يديه، ولم يفصل النبي صلي الله عليه وسلم، والغالب ان الانسان لا يمر بين يد المصلي الا وهو محتاج الي المرور، فكيف نخرج ما كان هو الغالب من دلاله الحديث الي ما ليس بغالب، وهذا هو الصحيح، انه لا فرق بين ان يكون محتاجا او غير محتاج، فليس له الحق ان يمر ، و النبي عليه الصلاه والسلام قال: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان ان يقف اربعين» . ايش اربعين؟ «خريفا» كما في روايه البزار ، يعني اربعين سنه «خير من ان يمر بين يديه» ، ونحن نقول للمار: لا تقف اربعين سنه، حتي المصلي ما هو بجاثم اربعين سنه، كم يكفينا من؟ اربعون دقيقه. طلبه: (...). الشيخ: علي كل حال خليها اربعين دقيقه، ادني شيء، قف اربعين دقيقه حتي ينتهي من صلاته. علي كل حال الصحيح العموم، وظاهر كلام المءلف ايضا انه لا فرق بين مكه وغيرها، وهذا هو الصحيح ، ولا حجه لمن استثني مكه بما يروي عن النبي عليه الصلاه والسلام انه كان يصلي والناس يمرون بين يديه الطاءفون، ولا يري في ذلك شيءا ؛ لان هذا الحديث فيه راو مجهول، وجهاله الراوي طعن في الحديث، ولانه علي تقدير صحته محمول علي ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يصلي في المطاف، والمطاف احق الناس به الطاءفون؛ لانه لا مكان لهم الا هذا، المصلي يستطيع ان يصلي في اي مكان من الارض، لكن الطاءف ليس له مكان الا ما حول الكعبه، فهو احق به، هذا ان صح الحديث، والله اعلم بصحته، ولهذا بوب البخاري رحمه الله في صحيحه بقوله: باب الستره في مكه وغيرها. يعني ان مكه وغيرها سواء. فان قال قاءل: اذا غلبه المار ومر فما الحكم؟ نقول: الاثم علي المار، اما انت اذا كنت قد قمت بما امرك به النبي عليه الصلاه والسلام، ولم تتمكن من دفع هذا المار فان صلاتك لا تنقص، ولكن هل تبطل بمرور المراه، اذا كان المار امراه؟ الظاهر انها تبطل، وانه يلزمه استءنافها، وفي النفس من هذا شيء؛ لان المصلي اذا فعل ما امر به وجاء الامر بغير اختياره، ولم يحصل ذلك عن تفريط منه او تهاون، فكيف نبطل عبادته بفعل غيره؛ لان الاثم هنا المار، ففي نفسي من هذا شيء، اما اذا كان بتهاون منه وعدم مبالاه كما يفعل بعض الناس ما يهمه، يمر اي واحد، فهذا لا شك ان صلاته تبطل. قال المءلف رحمه الله: ( وله الفتح علي امامه وعد الاي ). يعني وله عد الاي، اي المصلي، الاي جمع؟ طلبه: ايه. الشيخ: وعد الاي قد يكون له حاجه وقد يكون لا حاجه له، فمن الحاجه لعد الاي اذا كان الانسان لا يعرف الفاتحه واراد ان يقرا بعدد اياتها من القران، فهو حينءذ يحتاج الي العد، والا فالغالب انه لا يحتاج الي عد الاي، لكن اذا احتاج فله ذلك، ولكن كيف يعده؟ يقول: هذه واحده، اذا قرا الثانيه قال: هذه ثانيه، اذا قرا الثالثه؛ يقول: هذه ثالثه؟ لا، ما يعده باللفظ، لو عده باللفظ لكان كلاما، والكلام مبطل للصلاه، لكن يعده باصابعه، او يعده بقلبه، يعده بالاصابع او بالقلب، ولا تبطل الصلاه بعمل القلب، ولا تبطل الصلاه بعمل الجوارح، الا اذا كثر وتوالي لغير ضروره. اذن له عد الاي، له عد التسبيح؟ له عد التسبيح، وهذه قد يحتاج اليها الانسان، خصوصا الامام؛ لان الامام حدد الفقهاء رحمهم الله التسبيح له بعشر تسبيحات، قالوا: اكثر التسبيح للامام عشره، وادني الكمال ثلاثه، فقد يحتاج الانسان لعد التسبيح. طيب عد الركعات؟ له ذلك؟ نعم له ذلك، وهذه قد تكون احوج مما سبق، احوج من عد الاي، واحوج من عد التسبيح؛ لان كثيرا من الناس ينسي، لكن كيف يعد الركعات؟ بالاصابع، مشكل، اذا ركع لا بد يضع يديه مفرقتي الاصابع علي ركبتيه، واذا سجد لا بد تكون مبسوطه علي الارض، باحجار، بنوي، يجعل مثلا في مخباته اربع نواه، تعرفون النوي، ما هو النوي؟ طالب: هي التمره. الشيخ: لا ما هي التمره. طالب: بذر التمر. الشيخ: اي نعم بذر النخل الذي في التمر، يجعل في مخباته اربع نوي، واذا صلي الركعه الاولي القي واحده، رمي بواحده، وهكذا حتي تخلص، هذا لا باس به؛ لان هذا حاجه، ويحتاجها الانسان كثير النسيان، يحتاج اليها، فلا باس بها. قال: ( وله الفتح علي امامه ): ( له ) نقول في ( له الفتح علي امامه ) ما قلنا في قوله: ( وله رد المار )، يعني ان الفتح علي الامام مباح، ونقول في الحرف الدال علي الاباحه، وهي اللام، ما قلنا فيها في قوله: ( وله رد المار )، اي انه يمكن ان يريد المءلف رحمه الله ان الرد علي الامام ليس ممنوعا، ولا منهيا عنه، والمءلف رحمه الله يقول: ( له الفتح علي امامه ). يعني لا علي غيره، لا تفتح علي انسان يقرا حولك، لا، افتح علي الامام، والاباحه التي هي ظاهر كلام المءلف فيها نظر، يعني في الاقتصار علي الاباحه نظر، وذلك ان الفتح علي الامام ينقسم الي قسمين: فتح واجب وفتح مستحب، فاما الفتح الواجب فهو الفتح عليه فيما يبطل الصلاه تعمده، انتبه، لو زاد ركعه كان الفتح عليه واجبا؛ لان تعمد زياده الركعه مبطل للصلاه، لو لحن لحنا يحيل المعني في الفاتحه الحكم؟ وجب الفتح عليه؛ لان اللحن المحيل للمعني في الفاتحه مبطل للصلاه، مثل لو قال الامام: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم) يجب ان يفتح عليه فيقول: {اهدنا الصراط المستقيم (٦) صراط الذين انعمت عليهم} [الفاتحه: ٦، ٧]، ولو قال: (اياك نعبد واياك نستعين، صراط الذين انعمت عليهم) وجب الفتح، ليش؟ اسقط ايه، واذا اسقط ايه من الفاتحه بطلت صلاته، فصار الفتح علي الامام ان كان فيما يبطل الصلاه تعمده فهو واجب، والا فهو سنه، يعني ان كان مما يفوت كمالا فهو سنه. لو نسي ان يقرا سوره مع الفاتحه، بان راي امامه يتاهب للركوع بعد ان قرا الفاتحه؟ تنبيه السنه. ودليل هذا الحكم قول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما انا بشر مثلكم انسي كما تنسون، فاذا نسيت فذكروني» . فامر بتذكيره، وقوله حين قرا ذات يوم فلبست عليه القراءه، قال لابي بن كعب: «ما منعك» . يعني: ما منعك ان تفتح علي؟! وهذا يدل علي ان الفتح علي الامام امر مطلوب لكنه ينقسم -كما قلنا- الي قسمين: واجب فيما يبطل الصلاه تعمده، وسنه فيما عدا ذلك. وقول المءلف: ( علي امامه ) علم منه انه لا يفتح علي غير امامه ولو اخطا، فاذا سمعت انسانا يقرا وهو غير امام لك واخطا فلا ترد عليه، ووجه ذلك انه لا ارتباط بينك وبينه، بخلاف الامام، هذا واحد. ثانيا: ان هذا يوجب انشغال الانسان بالاستماع الي غير من يسن الاستماع اليه، يعني يوجب انك تتابعه، وانت غير مامور بهذا، بل منهي عنه. والله اعلم. *** الطالب: (...) وعلي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين، قال رحمه الله تعالي: وله رد المار بين يديه وعد الاي والفتح علي امامه، ولبس الثوب ولف العمامه وقتل حيه وعقرب وقمل، فان طال الفعل عرفا من غير ضروره ولا تفريق بطلت ولو سهوا، ويباح قراءه اواخر السور واوساطها، واذا نابه شيء سبح رجل وصفقت امراه ببطن كفها علي ظهر الاخري، ويبصق في الصلاه عن يساره، وفي المسجد في ثوبه. وتسن صلاته الي ستره . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، قال المءلف رحمه الله: ( وله رد المار بين يديه ). وعلقنا علي هذه العباره. طالب: قوله: ( له رد المار ) ظاهرها الاباحه؛ لان اللام تفيد الاباحه. الشيخ: اللام عند الفقهاء للاباحه. الطالب: قلنا: ان المشهور من المذهب انه يسن له رد المار. الشيخ: طيب الدليل؟ طالب: الدليل قول الرسول صلي الله عليه وسلم: اذا مر.. الشيخ: لا، نريد الدليل علي انه يسن له الرد. طالب: لا يمر احد بين يديك فليدفعه ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم. الشيخ: وقال ايضا: «اذا صلي احدكم فلا يدعن احدا يمر بين يديه» . طيب هل هذا الكلام علي اطلاقه، يعني انه يسن رد المار، او علي القول الراجح في هذا؟ طالب: نعم، قلنا: انه سنه وليس علي كلام المءلف، كلام المءلف قال: ظاهره الاباحه، وقلنا: ان المذهب انه سنه. الشيخ: لكن ما هو القول الراجح في هذا؟ طالب: انه يجب رد المار. الشيخ: يجب علي كل حال؟ طالب: فصلنا فيمن يقطع الصلاه مروره، ومن لا يقطع الصلاه، وقلنا: ان الذي يقطع الصلاه مروره فيجب رده. الشيخ: علي كل حال؟ طالب: علي كل حال، سواء كان مزحوما مثلا وفي اي مكان. طالب اخر: بانه اذا كان المار ممن يبطل الصلاه يجب رده كالنساء او (...). ومن لا يبطل الصلاه (...) فسنه ان يرد. الشيخ: لا اله الا الله، ما عندكم الا هذا! فرقنا بين الفرض والنفل، قلنا: ان كان في فرض يجب ان يرده. الطلبه: ما فرقنا يا شيخ. الشيخ: انا اذكر، والاشرطه عندكم. الطلبه: ما فرقنا يا شيخ. الشيخ: ارجعوا اليها، علي كل حال الان نقول: اذا كانت الصلاه فريضه فيجب ان يرده، وقلنا لكم: ان الفريضه اذا شرع فيها يحرم قطعها، فاذا مكن شخصا يمر بين يديه وهو يقطعها فهذا اذن بقطعها، فقلنا الان: القول الراجح اذا كانت الصلاه فريضه ومر من يقطعها وجب رده اذا كانت نافله لم يجب رده ؛ لان له -اي للمصلي- ان يقطعها هو بنفسه، واضح؟ طيب، اذا كان المار لا يقطع الصلاه لم يجب الرد، ولكن يسن. ثم قلنا امس ايضا: ويحتمل ان يقال بوجوب الرد مطلقا من باب التعزير، ومنع هذا العدوان؛ لان مرور الانسان بين يدي المصلي عدوان عليه، فينبغي ان يقال بوجوب الرد مطلقا، لكني قلت لكم امس: اتوقف في هذا، بخلاف ما اذا كانت الصلاه فريضه ومر من يقطعها فيجب رده. هل يستوي في ذلك مكه وغيرها او لا، او يفرق بين مكه وغيرها؟ طالب: ابدا، كله؛ مكه وغيرها. الشيخ: لا يفرق، يعني مكه وغيرها سواء؟ الطالب: نعم. الشيخ: الدليل؟ الطالب: لان الرسول صلي الله عليه وسلم ما فصل. الشيخ: لان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يفصل، والنصوص اذا وردت عامه فلا يجوز ان تخصص. الطالب: الا بدليل. الشيخ: قال: ( بين يديه ). ما المراد بما ( بين يديه )؟ طالب: فيه اقوال اربعه، بعضهم يقولون: ثلاثه اذرع، وبعضهم يقولون: رميه حجر، وبعضهم يقول: بين يدي المبتدء وموضع السجود. الشيخ: نعم هذه ثلاثه. الطالب: وبعضهم يقول.. طالب اخر: حسب العرف. الشيخ: بعضهم يقول: العرف. طيب، اذا اخذت ثلاثه ارباع، معناها اخذت خمسه وسبعين بالمءه، والراجح قلنا؟ طالب: ما بين رجليه الي موضع سجوده. الشيخ: صح هذا هو الراجح . طيب يقول المءلف رحمه الله: ( له عد الاي ) بلسانه او بجوارحه؟ طالب: بجوارحه؛ لان بلسانه تبطل الصلاه. الشيخ: يعني له يقول: واحد اثنان ثلاثه اربعه؟ الطالب: بجوارحه باصابعه. الشيخ: او بقلبه؛ لان عمل القلب لا يبطل الصلاه. طيب، يقول المءلف: ( له الفتح علي امامه ) اللام هنا ليش؟ الطالب: للاباحه. الشيخ: وهل كلام المءلف علي ظاهره؟ الطالب: ليس علي ظاهره، تفصيل، قد يكون واجبا من المصلي علي الامام، وقد يكون مستحبا. الشيخ: متي يكون واجبا؟ الطالب: اذا ترك الامام واجبا يكون واجبا. الشيخ: اذا ترك ما يخل بالصلاه كان الرد عليه؟ الطالب: واجبا. الشيخ: ما هو الدليل؟ الطالب: الامر؛ امر النبي صلي الله عليه وسلم قال: انما انا رسول فاذا نسيت فذكروني. الشيخ: «انما انا بشر مثلكم انسي كما تنسون، فاذا نسيت فذكروني» . وكذلك ايضا صلي ذات يوم فلبس عليه القراءه، وكان معه ابي، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: «ما منعك» يعني اي شيء منعك ان ترد علي. هل له ان يفتح علي غير الامام؟ علي غير امامه؟ طالب: لا، ليس له ذلك. الشيخ: مثلا الانسان يقرا جنبك وانت تصلي، وغلط؟ طالب: لا، ليس له ذلك. الشيخ: لماذا؟ الطالب: لسببين؛ الاول: ان هذا استماع الي غير من يسن الاستماع اليه، الثاني: انه لا ارتباط بينه وبين هذا القارء حتي ينتبه له ويرد عليه، اما الامام فبينه وبينه ارتباط. الشيخ: نقول: لا ترد علي غير امامك؛ اولا لانه لا ارتباط بينك وبينه، بخلاف الامام فان تمام صلاته تمام لصلاتك، والثاني ان هذا؟ طالب: انشغال عن الصلاه. الشيخ: اشغال للمصلي علي وجه لم يءمر به؛ لانه لم يءمر بالاستماع الي قراءه غير امامه. يقول المءلف رحمه الله تعالي: ( وله لبس الثوب ولف العمامه، وقتل حيه وعقرب، وقمل ...) الي اخره. قال: ( وله لبس الثوب ) يعني المصلي مثلا له ان يلبس الثوب، وكلام المءلف هنا يحتاج الي تفصيل، لبس الثوب ان كان يترتب علي لبسه صحه الصلاه فلبسه حينءذ واجب، لبسه واجب، مثل ان يكون عريانا ليس معه ثياب ويصلي، والعريان تعرفون انه يصلي علي حسب حاله، في اثناء الصلاه جيء اليه بثوب فلبس الثوب هنا واجب، ولا نقول: ابطل صلاتك والبس الثوب من جديد؛ لان ما سبق من الصلاه ماذون فيه شرعا، والماذون فيه شرعا لا يمكن ابطاله، بل يبني عليه، ولهذا لما اخبر جبريل النبي صلي الله عليه وسلم بان في نعليه اذي ماذا صنع؟ خلعهما واستمر، فكذلك هنا نقول: لبس هذا الثوب واجب لانه لا يتم الواجب الا به، وهو ستر العوره، اما اذا لم يكن كذلك، يعني لا يتوقف علي لبسه صحه الصلاه، فالمءلف يقول: ان له ذلك، ولكن هل يفعل هذا، او نقول: لا تفعله الا لحاجه؟ الجواب: الثاني، لا تفعل الا لحاجه، ومن الحاجه ان يبرد الانسان في صلاته؛ شرع في صلاته ثم اصابه البرد، والثوب حوله معلق في الجدار، فله ان ياخذه ويلبسه؛ لان هذه حاجه، بل قد يكون مشروعا له ان يفعل، اذا كان هذا يءدي -اي لبس الثوب للتدفءه- يءدي الي اطمءنانه في صلاته؛ لان الانسان اذا كان بردان يشق عليه الصلاه، فنقول في هذه الحال: لك ان تلبس الثوب، كذلك له لف العمامه، ايش العمامه؟ العمامه التي تدار علي الراس، لو انها انحلت فله ان يلفها ولا حرج عليه، ولكن هل هذا علي سبيل الاباحه؟ نعم، الجواب ان كان انحلالها يشغله فلفها حينءذ مشروع؛ لان في ذلك ازاله لما يشغله، وان كان لا يشغله فالامر مباح وليس بمشروط. ودليل ذلك حديث واءل بن حجر ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي فرفع يديه عند تكبيره الاحرام، ثم التحف بثوبه، يعني جعله لحافا، لفه عليه، ووضع يده اليمني علي اليسري، فلما اراد ان يركع اخرج يديه ورفعهما ثم ركع ، وهذا الحديث في مسلم. وفيه دليل علي انه لا باس للمصلي اذا كان عليه مشلح مثلا واراد ان يكف بعضه علي بعض، فان هذا لا باس به، ولا يدخل في قوله: «لا اكف شعرا ولا ثوبا» ؛ لان كل شيء بحسبه، ومن هنا يتبين ان وضع الغتره في حال الصلاه هكذا لا باس به، لماذا؟ لانه من اللبس المعتاد، ما كففتها كفا اخرجها عما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو جعله هكذا، فانه لا باس به ايضا؛ لان هذا من اللباس المعتاد، وكذلك لو قال هكذا فانه لا باس به؛ لان كل هذه من الالبسه المعتاده فلا تعد كفا خارجا عن العاده. ولهذا التحف النبي صلي الله عليه وسلم برداءه بثوبه، والالتحاف كف بعضه علي بعض. وله لف العمامه ايضا، وله قتل حيه وعقرب وقمل. له قتل حيه: اللام هنا للاباحه، ولكن الاباحه هنا لبيان رفع الحرج، فلا ينافي ان يكون ذلك ايش؟ مستحبا ومشروعا، فللمصلي ان يقتل الحيه، بل يسن له ذلك؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم امر به، قال: «اقتلوا الاسودين في الصلاه؛ الحيه والعقرب» . وصح في صحيح مسلم ان النبي صلي الله عليه وسلم امر بقتل خمس دواب في الصلاه، وعلي هذا فيسن ان يقتل الحيه، فان هاجمته وجب ان يقتلها دفاعا عن نفسه، وله ايضا قتل عقرب، العقرب ايضا من اللواسع، وهي اسرع لسعا من لدغ الحيه، الحيه احيانا ما تلدغ، احيانا تمر علي الانسان بل قد تمشي علي قدمه ولا تلدغه، لكن العقرب من حين ما تحس بالجلد البشري وهي علي طول (...) ذيله، (...) شوكته، فله ان يقتل العقرب، ولكن كما قلنا استحبابا. وقتل قمل: القمل معروف حشره صغيره تخرج من داخل الثياب في الجلد وتمتص الدم وتءلم، يعني تشغل الانسان، فله ان يقتلها، لكن واحد يسال يقول: اذا قتلها تلوثت يده بالدم، يكون نجسا؟ لا هذا غير نجس؛ لانه دم من ذي نفس غير ساءله؛ كالدم الذي يكون في الذباب فلا يضر ولا ينجسه. طيب اذا قال قاءل: هل له ان يتحكك اذا اصابته الحكه؟ نعم له ذلك؛ لانه اذا لم يفعل انشغل انشغالا عظيما، انشغل، بعض الاحيان يتعب الواحد، فله ان يحك، لكن احيانا يقول: اذا حكيت اذني فبردت حكتني اذني الثانيه، وان حككتها حكت الرقبه، وهكذا تتنقل، نقول: الحمد لله متي تنقلت تنقل معها، واذا امكنك الصبر فاصبر، لكن تبقي متصبرا منشغل القلب خوفا من ان تتحرك بيدك هذا ليس بمشروع، بل اذهب عنك ما يزيل الخشوع، ومن المعلوم ان الحكه اذا حكها الانسان بردت وسكنت عليه. طالب: قلنا: ان الحيه اذا احتاجت لانصراف (...). الشيخ: ان دافعتك فلا باس ولو انصرفت. الطالب: (...). الشيخ: (...) اي نعم، اذا هاجمتك بشرط، لكن اذا لم تهاجم اتركها. الطالب: ونوي مقاتله (...). الشيخ: تبطل صلاتك؛ لان هذه ما هو ضروره. طالب: شيخ، لو قلت في الصلاه عن كذا يعني ايه؟ او كذا لا؟ الشيخ: لا باس حركه؟ الطالب: اي نعم. الشيخ: لا باس. الطالب: او قالوا: نعم للشيخ، اذا قرات ايه قران قالوا: نعم. الشيخ: مين يقول (...). الطالب: مثلا تاتي الايه اللي في القران قالوا: نعم، ايه في القران قالوا: نعم، فانت تقصد يعني نعم للي يكلمك او.. الشيخ: اذا لم تقصد القراءه بطلت صلاتك، يعني لو واحد يكلمك وانت علي حد قوله تعالي: {هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم} [الاعراف: ٤٤] لما وصلت الي {قالوا} . قال لك واحد: هو فلان موجود؟ قلت: نعم تريد اجابته. الطالب: او غير هذه القراءه يا شيخ... انا اقرا مثلا بـ(الصافات)، هب ان انتقلت الي هذه السوره عندما اريد.. الشيخ: المهم علي كل حال ما دام اردت الخطاب فهذا يبطل الصلاه، لكن لو خاطبت تريد التلاوه، فهذه لا تبطل الصلاه. طالب: احسن الله اليكم يا شيخ، فرقنا بين النافله والفريضه في مرور المصلي، اقول احسن الله اليك: التفريق هذا ما يعكر عليه حديث ابي سعيد الخدري في صحيح البخاري حينما مر رجل فدفعه مدافعه شديده حتي اختصم الي عبد الملك بن مروان ، وظاهر فعل ابي سعيد انه كان يصلي لوحده، وليس مع جماعه، انها نافله، ومع ذلك رده، وهو صحابي، ويقال: والصحابي معروف انه اقرب الي فهم نص النبي صلي الله عليه وسلم من غيره. الشيخ: يعني هذا علي راي من يري الوجوب مطلقا، من يري الوجوب مطلقا يستدل بامر الرسول صلي الله عليه وسلم، وبفعل ابي سعيد. الطالب: لكن هو مش موقفنا بالتحرير؟ الشيخ: موقفنا ان هو ما ذكرنا، ان الانسان يخرج من صلاته بدون شيء. "},{"Id":1717,"Name":"02 كتاب الصلاة 27","Sort":49,"Version":0,"LessonText":"

الطالب: والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال رحمه الله تعالى: فإن طال الفعل عُرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت ولو سهوًا، ويُباح قراءة أواخر السور وأوساطها، وإذا نابه شيء سبَّح رجل، وصفقت امرأة ببطن كَفِّها على ظهر أخرى، ويَبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه، وتُسنُّ صلاته إلى سترة قائمة كمؤخرة الرَّحْل، فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط.
الشيخ: قال المؤلف: (فإن أطال الفعل عُرفًا من غير ضرورة بلا تفريق؛ بطلت)، (إن أطال الفعل) المراد بالفعل هنا هذا النوع من الحركة، إن أطاله عرفًا.
(عُرْفًا): هذه منصوبة بنزع الخافض؛ أي: إطالةً في العرف، والعُرف بمعنى: العادة، وهو ما اعتاده الناس وألفوه.
(من غير ضرورة) أي: من غير أن يكون مضطرًا إلى الإطالة، مثل أن يهاجمه سبُع، فإن لم يعالجه ويدافعه أكله، أو حيَّة إن لم يدافعها لدغته، أو عقرب كذلك، هذا ضرورة، هذا الفعل ضرورة.
قال: (بلا تفريق)، والمراد بقوله: (بلا تفريق) يعني: أنه يكون متواليًا في ركعة واحدة مثلًا، بخلاف ما لو تحرك بحركة في الأولى، وحركة في الثانية، وحركة في الثالثة، وحركة في الرابعة، مجموعها كثير، وكل واحدة على انفرادها قليل، فهنا لا يُبطل الصلاة، لكن إذا كان متواليًا وكثر فإنه يبطل الصلاة.
فشروط بطلان الصلاة بالفعل:
أولًا: الإطالة.
والثاني: ألَّا يكون لضرورة.
والثالث: أن يكون متواليًا؛ أي: بغير تفريق.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة في الفعل صار مُبطِلًا للصلاة، لماذا؟ لأنها حركة من غير جنس الصلاة، وهي منافية لها، فتكون مُبطِلة لها كالكلام؛ لأن الذي يُنافي الصلاة يبطلها.
عُلِم من قول المؤلف أنه لو كانت الحركة قصيرة، فإن الصلاة لا تبطل، ولكن ما الميزان لكونها قصيرة أو طويلة؟
قال المؤلف: إن الميزان العُرف، والحقيقة أن العُرف فيه شيء من الغموض، كل شيء يقدره العلماء بالعرف ففيه شيء من الغموض، لا يكاد ينضبط؛ لأن الأعراف تختلف باختلاف البلدان، وتختلف باختلاف الأفهام، قد يرى بعض الناس هذا كثيرًا، وقد يراه الآخرون قليلًا، ولكن أقرب شيء يقال أننا إذا كنا حين نرى هذا الشخص يتحرك يغلب على ظننا أنه ليس في صلاة؛ يعني ينبغي أن يكون هذا هو الميزان، أن تكون الحركة بحيث من رأى فاعلها يظن أنه ليس في صلاة، لماذا؟ لأنه إذا كان الفعل الواقع من الشخص يظن أن فاعله ليس في صلاة؛ فهذا هو المنافي للصلاة.
أما الشيء الذي لا ينافيها، إنما هي حركات يسيرة، فإنها لا تضر؛ يعني بمعنى لا تبطل الصلاة، قدرها بعض العلماء بثلاث حركات، ولكن هذا التقدير ليس بصحيح؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتح الباب لعائشة، وكان الباب في القِبلة، فتقدم ورجع، وفي صلاة الكسوف تقدم ورجع وتأخَّر، وحين صُنع له المنبر؛ صار يصلي عليه، فيصعد عند القيام والركوع، وينزل في الأرض عند السجود.
ومع أمامة بنت ابنته كان يحملها إذا قام ويضعها إذا سجد، وكل هذه أفعال أكثر من ثلاث مرات، ومع ذلك لم تبطل الصلاة، حتى وإن كانت متوالية، ثلاث حركات متوالية لا تبطل الصلاة؛ لأنها لا تنافيها.
وقوله: (من غير ضرورة) عُلم من ذلك أنه إذا كثرت الأفعال للضرورة لم تبطل الصلاة، ودليل ذلك قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩] (رِجالًا) يعني: راجِلين، يعني: صلوا وأنتم تمشون. {أَوْ رُكْبَانًا} أي: على الرواحل، ومعلوم أن الماشي يتحرك ولَّا لا؟
طلبة: يتحرك.
الشيخ: كم؟
طلبة: كثير.
الشيخ: كثير، يتحرك كثيرًا، فلو فُرض أن سبعًا لحقه وهو يصلي، لما شرع في صلاته أحس بأن سبعًا وراءه يريده، وليس معه ما يدافع به، فهرب وهو يُصلِّي، تصح صلاته؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لماذا؟ لأنه في ضرورة، ولا حرج عليه إذا انصرف إلى غير القبلة؛ لأنه أيضًا في ضرورة.
فقول المؤلف: (من غير ضرورة) مراده، يعني يفهم منه أنه إذا كان لضرورة فلا بأس به.
قال: (بلا تفريق) يعني معناه: يُشترط في الفعل الكثير أن يكون متواليًا عرفًا أيضًا، فإن فرَّق لم تبطل الصلاة، لو تحرك ثلاث مرات في الركعة الأولى، وثلاثًا في الثانية، وثلاثًا في الثالثة، وثلاثًا في الرابعة، المجموع كم؟
طلبة: اثنتا عشرة.
الشيخ: اثنتا عشرة، لو جُمِعت لكانت كثيرة، ولما تفرَّقت كانت قصيرة باعتبار كل ركعة وحدها، نقول: هذا لا يُبطل الصلاة أيضًا؛ لأنه مُفرَّق.
قال المؤلف: (بطلت ولو سهوًا)؛ يعني: ولو كان الفعل سهوًا، لو فرضنا أن شخصًا نسي، وقام يتحرك، ونسي أن يكون في صلاة؛ صار يتحرك، يكتب، ويعد الدراهم، ويتسوك، ويفعل أفعالًا كثيرة، فإن الصلاة تبطل؛ لأن هذه أفعال مُغيِّرة لهيئة الصلاة، فاستوى فيها حال الذكر وحال السهو، بخلاف الكلام؛ الكلام لا يُغيِّر هيئة الصلاة، لكن هذا يغير الهيئة، ولهذا قالوا: تبطل ولو سهوًا.
و(لو) هنا إشارة خلاف؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إذا وقع هذا من الإنسان سهوًا فإن صلاته لا تبطل، بناءً على القاعدة المعروفة العامة، وهي: (أن فِعْل المحظور على وجه السهو لا يلحق فيه إثم ولا إفساد)، لكن الذين قالوا: إنه يؤثر قالوا: لأن هذا يغير هيئة الصلاة، يخرجها عن كونها صلاة، ليس مجرد فعل لا يُؤثر، وهذا مما أَسْتخير الله فيه؛ أيهما أرجح؟
وقوله: (تُباح قراءة)، ينبغي ونحن في هذا المكان أن نقول: إن الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام، والمراد بالحركة هنا -التي نتكلم على تقسيمها- هي الحركة التي ليست من جنس الصلاة، أما الحركة التي من جنس الصلاة، فسيأتي الكلام عليها -إن شاء الله- في باب سجود السهو، لكن الحركة من غير جنس الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومباحة، ومكروهة، وحرام، والذي يبطل الصلاة منها هو الحرام.
واجبة: تكون الحركة واجبة إذا توقفت عليها صحة الصلاة، هذه القاعدة، وصورها لا تُحصى، هذا ضابط والصور كثيرة؛ لو أن رجلًا ابتدأ الصلاة إلى غير القِبلة، ثم جاءه شخص وقال: القبلة على يمينك، فهنا الحركة واجبة، يجب أن يتحرك إلى جهة اليمين، ولهذا لما جاء رجل إلى أهل قباء، وهم يصلون متجهين إلى بيت المقدس، وأخبرهم بأن القبلة حُوِّلت، تحولوا في نفس الصلاة، وبنوا على صلاتهم .
لو ذَكَر أن في غُترته نجاسة وهو يصلي، الحركة واجبة لإزالة النجاسة.
لو ذكر أنه على غير وضوء، هذا نقول: تبيَّن أن الصلاة لم تنعقد، ما نقول: اذهب وتوضأ، وارجع؛ لأن الصلاة الآن غير منعقدة، فيجب أن يذهب ويتوضأ ويستأنفها من جديد.
لو أنه صلَّى إلى يسار الإمام -وهو واحد مأموم واحد- فانتقاله إلى اليمين واجب على قول من يرى أن الصلاة لا تصح عن يسار الإمام مع خُلو يمينه، والمسألة خلافية، وتأتينا إن شاء الله.
المستحب: الحركة المستحبة هي التي يتوقف عليها كمال الصلاة، هذا الضابط، ولها صور عديدة كثيرة؛ منها: لو أنه لم يستر أحد عاتقيه؛ ذكر أنه لم يستر أحد عاتقيه، فهنا نقول: الحركة لستر أحد العاتقين سُنّة؛ لأن الصحيح أنه ليس بواجب، ومنها: لو تبين له أنه متقدم على جيرانه في الصف، فالحركة؟
طالب: سنة.
الشيخ: سُنَّة، يتأخر. لو تقلص الصف حتى صار بينه وبين جاره فرجة، فالحركة سُنَّة.
لو صف إلى جنبيه رَجُلان، فالحركة سُنّة؛ لأن السنة أن يتقدم إمام الثلاثة.
على كل حال الضابط ما هو؟ الحركة التي يتوقف عليها كمال الصلاة، هذه سُنَّة.
المباحة: هي اليسيرة للحاجة، أو الكثيرة للضرورة، هذه مباحة؛ يسيرة للحاجة أو كثيرة للضرورة، مثال اليسيرة للحاجة: رجل يصلي في الظلال في أيام الشتاء، في الظل، فأحس ببرودة فتقدم، أو تأخر، أو تيامن، أو تياسر من أجل الشمس، هذه؟
طلبة: مباحة.
الشيخ: مباحة، وقد نقول: إنها سُنَّة، إن كان الحامل عليها إصلاح الصلاة فإنها سُنَّة، كيف يصلح الصلاة هنا؟ يقول: إني إذا كنت في الشمس تم خشوعي، وإذا كنت في الظلال تعبت من البرد؛ نقول هنا: تدخل في السنية، لكن إذا كان لمجرد الدفء فقط فهي من المباح.
تكون مكروهة إذا كانت يسيرة لغير حاجة، ولا تتوقف عليها كمال الصلاة ولا شيء، كما يوجد في كثير من الناس الآن عندهم عبث؛ أحد ينظر للساعة، وأحد ينظر للقلم، وأحد يزر الزرار، وثالث يمسح المرآة، إلى آخره كثير، هذا نقول: إنه مكروه.
والمحرم: هو الكثيرة لغير ضرورة، ما هو بغير حاجة؛ لغير ضرورة، هذه الكثيرة المتوالية لغير ضرورة هذه محرمة، فصار أقسام الحركات في الصلاة خمسة: واجب، مندوب، مباح، مكروه، حرام، والْمُبْطِل منها ما كان حرامًا.
طالب: أو كثير للضرورة؟
الشيخ: مباح.
الطالب: مثال؟
الشيخ: إي نعم، مثل: لو أن إنسانًا هاجمته حية، أو سبع، أو ما أشبه ذلك، هذا كثير للضرورة.
قال المؤلف رحمه الله: (وتباح قراءة أواخر السور وأوساطها)، (تُباح) يعني: أنه ليس بممنوع، وقد يكون سُنَّة، أما في النفل، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر السنة في الركعة الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: ١٣٦] التي في سورة البقرة، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤]، وهي في (آل عمران)، يقرأ بها أحيانًا ، ويقرأ أحيانًا بـ(قل يا أيها الكافرون)، و(قل هو الله أحد) .
أما في الفريضة، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ من أوساط السور، لكن قرأ من أوائلها وأواخرها، كما فرَّق سورة الأعراف في ركعتين، وكما فرق سورة المؤمنين؛ سورة (المؤمنون) على الحكاية، في ركعتين لما أصابته السعلة.
وأما أن يقرأ من وسط السورة؛ فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كرهه بعض أهل العلم بالنسبة للفرائض، ولكن الصحيح أنه مباح، والدليل لذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر من أوساط السُّور، والقاعدة الشرعية: أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، هذه القاعدة.
وعلى هذا فنقول: يجوز أن يقرأ أواخر السور وأواسطها وأوائلها، ما الدليل؟
أولًا: عموم قول الله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» .
ثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في النفل من أواسط السور ، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، ولكن هذا -يعني على القول بالإباحة- لا يساوي أن يقرأ الإنسان سورة كاملة في كل ركعة؛ فإن قراءة سورة كاملة في كل ركعة هو الأصل؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام لمعاذ: «هَلَّا قَرَأْتَ بـ{الشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}» ، ونحو ذلك مما يدل على أن الأكمل والأفضل أن يُقرأ بسورة كاملة، والأفضل شيء والمباح شيء آخر.
طالب: سد الخلل في الصفوف، واجب ولَّا (...)؟
الشيخ: لا، سُنّة، إلا على القول بأن فتح الفرج حرام، فيكون واجبًا.
الطالب: يعني هو أمر الرسول وقوله: «إِنَّ الشَّيْطَانَ (...)».
الشيخ: إي نعم، والله على كل حال القول بوجوب التسوية ووجوب التراص قول قوي، لكن في نفسي منه شيء.
طالب: إذا كانت الحركة يعني (...) من حركة الجوارح (...)، لكن يعني مثلًا بالمسجد مسكن نساء، فمثلًا مرَّت امرأة (...)، فما أدري (...)؟
الشيخ: كل واحد حتى حركة العين، يجب أن يُغمض إذا رأى ما يفتنه.
الطالب: تكون هذه (...)؟
الشيخ: إي نعم، العين ما هي (...)؟
طالب: (...) قلتم: يجب عليه قتل الحية إذا داهمته أو هاجمته؟
الشيخ: نعم.
الطالب: ويستحب له إذا كان هو مأمومًا وأمامه الإمام والحية أتت من خلف الإمام، هل يجب عليه قتلها؟
الشيخ: لا، الحية أحيانًا ما تعرض لأحد؛ الحية إذا لم تتعرض لها ما تتعرض لأحد، وأنا رأيتها بعيني تمشي على رجل إنسان، على قدمه وماشية وراحت.
طالب: (...).
الشيخ: نعم، ما قُطعت ولا شيء، ما هي (...) يقطعها.
طالب: لو رأى الحية (...) الإمام وهاجمته.
الشيخ: تهاجم من؟
الطالب: الإمام وهو لا يعلم يجوز له (...)؟
الشيخ: لا، يدافع هو، ما فيه مانع.
الطالب: يعني هو يدافع؟
الشيخ: هو يدافع، نعم.
طالب: شيخ، (...)، وله رد المار بين يديه (...) في الحرم (...) يسبب إشكالًا.
الشيخ: كيف؟
الطالب: ما أكثر من الناس (...).
الشيخ: الحمد لله.
الطالب: يمرون بالحرم.
الشيخ: والله، يا أخي..
الطالب: فيردهم؟
الشيخ: إحنا فعلنا ورددنا، وما رأينا شيئًا الحمد لله.
الطالب: خصوصًا، تقدم (...).
الشيخ: لا، تقدم ما دامت سُنَّة ما هي فريضة، وإلا كان بعض الأحيان إذا ردِّينا أحدًا يزعل، يقول: أنت بالحرم.
الطالب: كلمة شائعة دي بالحرم ما فيه رد.
الشيخ: إي، أنت بالحرم إي نعم، لكن يرد.
طالب: شيخ، الحركة هل هناك فرق بين النافلة والفرض؟
الشيخ: لا فرق بينهما في الحركة، يُفرَّق بينهما في بعض الأشياء، وأظن عند سامي فروق بين الفرض والنفل، من أرادها فليأخذها منه.
طالب: يا شيخ، قلنا: إنه إذا كان الإنسان عريانًا فأتى إليه ثوب فإنه يصلي الصلاة ولا يستأنف من جديد، وإذا كان..
الشيخ: يستتر بالثوب.
طالب: نعم، ويصلي. كيف يا شيخ في التيمم نقول: يقطع الصلاة إذا أتاه ماء ولا يصلي؛ يعني يستأنف؟
الشيخ: إي نعم؛ لأنهم يقولون: إنه إذا وُجد الماء بطل التيمم.
الطالب: هذا مثله يا شيخ.
الشيخ: لا، ما هو مثله، هذه وجد البدل وكان عاريًا بالأول؛ لأن العري ما هو بدل عن السترة، العري عدم.
طالب: أقول -أحسن الله إليك-: إذا كان يعني فعله من كمال الصلاة، الحركة التي يكون الداعي لها إكمال الصلاة، يُفرَّق فيها بين اليسير والقليل يعني سد..
الشيخ: بين اليسير والقليل؟
الطالب: إي نعم، بين اليسير والكثير؛ يعني أحيانًا (...) مقاربة لصف آخر كما هو الحرم؛ يعني يحتاج إلى حركة كثيرة، فهل يعني يكون مستحب مع..؟
الشيخ: ويش لونه؟
طالب: أحيانًا يتقدم أمامك؛ أو يعني تحتاج إلى؟
الشيخ: يعني يبعد عنك الصف؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: يحتاج إلى حركة كثيرة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: هذه لا تواليها، لا تجعلها متوالية.
الطالب: يكون مستحبًّا.
الشيخ: تحرك حركتين، ثم قف، عشان ما تكون متوالية.
الطالب: يبقى على الاستحباب؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: يعني يكون مستحب الإعادة؟
الشيخ: إي نعم، ما لم تكن منفردًا، إن أدى الأمر إلى أن تكون منفردًا بأن يبعد عنك الصفوف، هذا يجب.
طالب: أحسن الله إليك، أقول: إذا كانت الحية مما يحرج، هل يحرجها في الصلاة.
الشيخ: سمعتم سؤاله؟
طلبة: لا، ما سمعنا؟
الشيخ: يقول: إذا كانت الحية مما يحرج، هل تُحرّجها في الصلاة؟
طالب: كيف تُحرّج؟
الشيخ: لأن حيات البيوت ما تُقتل، إذا رأيت حية في البيت لا تقتُلها، حرِّجها؛ يعني قُل: أنتِ مني في حرج إن رأيتك بعد، إذا جاءت الثانية حرِّجها، إذا جاءت الثالثة حرِّجها، إن جاءت الرابعة فاقتلها.
لأنها إن كانت جِنًّا فإنها بالتحريج الثلاث تنصرف ما تأتي، وإن لم تكن جنية فهي ما تفهم، اقتلها، وسبب ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم.. أن رجلًا قدم ذات يوم إلى أهله وهو حديث عهد بعرس، فوجد المرأة عند الباب، فسألها: ما الذي أخرجكِ؟ فقالت: انظُر، فذهب إلى الفراش وإذا حية فيه ملتوية متطوية، فأخذ الحربة فقتلها، فما يُدرى أيهما أسرع موتًا الرجل أو الحية مات معها، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين ؛ الأبتر: اللي ذنبه قصير، وذو الطفيتين: نوع من الحيات على ظهره خطان أزرقان؛ هذان يقتلان، لأنهما يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء. (...)

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. \n
قال رحمه الله تعالى: \n وإذا نابه شيء سبح رجل، وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر أخرى، ويبصق في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه، وتُسنُّ صلاته إلى سترة قائمة كمؤخرة الرحل، فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط، وتبطل بمرور كلب أسود بهيم..\n
\n الشيخ: أسود؟!\n
\n الطالب: بمرور، لا أسود.\n
\n الشيخ: حرِّك.\n
\n الطالب: أسود، ممنوع من الصرف.\n
\n الشيخ: نعم. \n
\n الطالب: \n وتبطل بمرور كلب أسودَ بهيم فقط، وله التعوُّذ عند آية وعيد.\n
\n الشيخ: بسم الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n وإذا نابه شيء) الضمير في قوله: (\n نابه) يعود على المصلي؛ لقرينة السياق. ومعنى (\n نابه) أي: عَرَضَ له.\n
وقوله: (\n شيء): نكرة في سياق الشرط (إذا) فتعم أي شيء يكون، سواء كان هذا الشيء مما يتعلق بالصلاة، أو مما يتعلق بأمر خارج، كما لو استُؤْذن عليه، أو ما أشبه ذلك.\n
الذي يتعلق بالصلاة، مثل: لو أخطأ إمامه، فقام إلى خامسة في الرباعية، أو رابعة في الثلاثية، أو ثالثة في الثنائية، فهنا نابَه شيء متعلق بالصلاة، ومثال المتعلق بغير الصلاة: لو استأذن عليه شخص، قَرَع عليه الباب وهو يصلي، فإنه يسبح الرجل وتُصفِّق المرأة.\n
قال: (\n سبَّح رَجُلٌ)، سبّح أي: قال: سبحان الله، فإن انتبه الْمُنبَّه بمرة لم يُعدْه مرة أخرى؛ لأنه ذكر مشروع لسبب، فيزول بزوال السبب، وإن لم ينتبه بأول مرة كرر؛ فيسبح ثانية وثالثة حتى ينتبه الْمُنبَّه.\n
وقوله: (\n سبَّح رجل)، المراد بالرجل هنا الذكر، ولا يشترط البلوغ حتى وإن كان مراهقًا، فإنه يسبح.\n
قال: (\n وصفَّقت امرأة) يعني: بيديها، والفرق ظاهر؛ يعني التفريق في الحكم بين الرجال والنساء ظاهر؛ لأن المرأة لا ينبغي لها أن تظهر صوتها عند الرجال؛ لا سيما وهم في صلاة؛ لأن هذا قد يؤدي إلى الفتنة؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فلو سبَّحت المرأة فربما يقع في قلب الإنسان فتنة؛ ولا سيما إذا كان صوت المرأة جميلًا، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: \n «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» \n ، وأنه: \n «مَا تَرَكَ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» \n . \n
وقول المؤلف: (\n صفَّقَت امرأة) ظاهر كلامه العموم، سواء كانت امرأة مع نساء لا رجال معهن، أو مع رجال، تُصفِّق حتى وإن كان ذلك مع نساء لا رجل معهن فإنها لا تُسبِّح، وإنما تُصفِّق.\n
وقال بعض العلماء: إذا لم يكن معها رجال فإنها تُسبِّح كالرجل؛ وذلك لأن التسبيح ذِكْر مشروع في الصلاة، بخلاف التصفيق؛ فإنه فعل غير مشروع جنسه في الصلاة، ولجأت إليه المرأة فيما إذا كانت مع الرجال؛ لأن ذلك أصون لها وأبعد عن الفتنة، فإذا لم يكن معها إلا نساء فلتُسبِّح.\n
ولننظر الآن دليل هذه المسألة قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ»، وفي لفظ: \n «وَلْتُصَفِّحِ النِّسَاءُ». \n \n
وإذا رأينا إلى عموم الحديث قلنا: إن ظاهره أنه لا فرق بين أن يكون مع المرأة رجال أو لا، وإذا تأملنا قلنا: بل ظاهر الحديث أن هذا فيما إذا كانت المرأة مع الرجال؛ لأنه قال: \n «فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ»، وظاهر الحديث أن المسألة مسألة اجتماع؛ أن فيه رجالًا ونساء، فوظيفة الرجال التسبيح، ووظيفة النساء التصفيق، والمسألة محتملة، والكلام الآن فيما إذا كانت امرأة مع نساء لا رجل معهن، هل تُسبِّح أو تصفق؟ فمن نظر إلى ظاهر العموم قال: تُصفِّق، ومن نظر إلى ظاهر السياق، يعني \n «فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ»، قال: هذا فيما إذا كان معها رجال؛ لا سيما إذا أخذ بالتعليل الذي ذكرنا، وهو أن التسبيح ذِكْر مشروع جنسه في الصلاة بخلاف التصفيق.\n
قال المؤلف رحمه الله: (\n ببطن كفها على ظهر الأخرى) يعني: تضرب ببطن الكف على ظهر الأخرى، كيف؟ كذا يعني هكذا ببطن الكف على ظهر الأخرى، وقال بعض العلماء: بالعكس بظهر كفها على بطن الأخرى، كيف؟ كذا، وقال بعض العلماء: ببطن كفها على بطن الأخرى، كما هو المعروف عند النساء الآن؛ يعني هكذا.\n
على كل حال المسألة ما هي مشكلة؛ يعني التصفيق سواء بالظهر على البطن، أو بالبطن على الظهر، أو بالبطن على البطن، الأمر في هذا واسع، المهم ألا تسبح بحضرة الرجال، كما أشرنا إلى أن هذا سبب للفتنة.\n
\n قال: (وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر أخرى) ولكن لو فُرض أن المأموم سبَّح، ولكن الإمام لم ينتبه، وسبَّح ثانية، ولم ينتبه، وربما سبح به فقام؛ وسبح به فجلس؛ فماذا يصنع؟\n
قال بعض العلماء: يخبره بالخلل الذي في صلاته بالنطق، فيقول: اركع، اسجد، اجلس، قم، ثم اختلف القائلون بأنه يتكلم، هل تبطل الصلاة بذلك أو لا؟\n
فقال بعضهم: لا تبطل؛ لأن هذا كلام لمصلحة الصلاة، وليس كلام آدميين، يعني ما قصد به التخاطب مع الآدميين؛ قصد به إصلاح الصلاة؛ واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ذو اليدين: \n بلى، قد نسيتَ قال: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟» ، أهو حق ما قال ذو اليدين؟ وهذا كلام، كلام واضح يُخاطب به الآدميين؛ لكنه لمصلحة الصلاة، فقالوا: إذا سبَّح ولم يحصل انتباه من الإمام فله أن يتكلم ولا تبطل الصلاة. \n
والقول الثاني أن الصلاة تبطل إذا تكلم؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» \n ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتسبيح، ولو كان الخطاب لمصلحة الصلاة لا يضر لكان يأمر به؛ لأنه أقرب إلى الفهم، من أين؟\n
\n طلبة: من التسبيح. \n
\n الشيخ: من التسبيح، لقال: فلْيُنبِّه، وهو أقرب إلى الفهم من التسبيح، فلما عدل عنه عُلم أن ذلك ليس بجائز؛ لأن المصلحة تقتضيه لولا أنه ممتنع، ولا شك أن هذا الدليل قوي؛ أن الصلاة تبطل إذا نبهه بالكلام، ولكن نحتاج إلى الجواب عما استدل به القائلون بأن الصلاة لا تبطل؛ لأن الكلام لمصلحة الصلاة.\n
والجواب عن ذلك سهل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين تكلم لم يكن يعلم أنه في صلاة، بل كان يظن أن الصلاة تمت؛ ولهذا قال: \n «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ»، ولما قالوا: صدق ذو اليدين \n ، أو قالوا: نعم، لم يتكلم بعد، تقدم فصلَّى ما ترك.\n
وفرق بين شخص يعلم أنه في صلاة، ولكن يتكلم لمصلحة الصلاة، وشخص لم يتيقن أنه في صلاة، بل كان ظنه أنه ليس في صلاة، قد تمت صلاته، وحينئذٍ فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث.\n
ولكن يبقى النظر؛ لو قال قائل: إذا لم نقل بأنه يُنبِّهه بالكلام فسيكون ألعوبة، يقول: سبحان الله! فيجلس، سبحان الله! فيقوم، سبحان الله! فيجلس، سبحان الله! فيقوم، ويش نعمل؟ لا بد من كلام.\n
ربما نقول في هذه الحال: إذا دعت الضرورة ربما نقول: يتكلم ويستأنف الصلاة، من يستأنف؟ المتكلم، نقول: تكلم الآن لمصلحة الصلاة؛ لأنك إذا تكلمت الآن أصلحت صلاة الجماعة كلها، أليس كذلك؟ وفسدت صلاتك وأنت تستأنف، ويكون هذا الكلام من أجل مصلحة الجميع، ومصلحة الجميع مقدمة على مصلحة الفرد، حتى لو بقيت أنت مع الإمام سوف تبطل صلاتك، أو يؤدي الأمر إلى أن تفارق إمامك.\n
قال: (\n وإذا نابَه شيء سبَّح رجل)، هل يمكن أن ينبه بغير ذلك؟ نعم، يجوز أن يُنبِّه بالنحنحة؛ لأن علي بن أبي طالب كان له مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: زمانان للدخول؛ أحدهما في الليل والثاني في النهار، فإذا دخل عليه وهو يصلي تنحنح له، فإذن هذا طريق آخر للتنبيه، أن ينبه المستأذِن، بماذا؟ \n
\n طلبة: بالنحنحة. \n
\n الشيخ: بالنحنحة، وهل هناك طريق ثالث؟ يمكن؛ وذلك بالجهر بالقراءة، والجهر بالقراءة جائز، فإذا استأذن عليك أو ناداك وأنت تصلي؛ ورفعت صوتك بما تقول فهذا فيه تنبيه، فهذا فيه تنبيه، لكن أفضل شيء هو التسبيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.\n
هل للمصلي أن ينبه غير إمامه إذا أخطأ في شيء؟ يعني مثلًا لو كان اللي جنبك يُكثر الحركة يشغلك، هل لك أن تنبهه؟ \n
الجواب: نعم؛ له أن ينبهه؛ لأن هذا من إصلاح صلاتهم، بل حتى لو فُرض أنه لإصلاح صلاة أخيه فلا بأس. \n
والدليل على هذا: سبب الحديث؛ وهو قوله عليه الصلاة والسلام: \n «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ»، فإن سببه \n أنَّ معاويةَ بن الحكم -رضي الله عنه- دخل والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُصلِّي فصَلَّى، فعطس رَجلٌ مِن القوم فقال: الحمد لله. فقال له معاوية: يرحمك الله، فرمَاهُ النَّاسُ بأبصارهم -يعني: جعلوا ينظرون إليه منكرين قوله- فقال: واثكلَ أُمِّياه، فجعلوا يضربون على أفخاذهم؛ يسكتونه، فسكتَ، فلما سَلَّم النبيُّ عليه الصلاة والسلام دعاه، وقال له: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» \n أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وقال للصحابة: \n «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ».\n
وهذه المسألة تتعلق بصلاة غيرهم، ولكنها في الواقع تتعلق بصلاتهم من وجه آخر، وهو أنه قد يكون في ذلك تشويش عليهم؛ فلهذا لم ينههم النبي عليه الصلاة والسلام عن إنكارهم لما صنع معاوية.\n
قال: (\n ويبصق في الصلاة عن يساره). (\n يبصق) وتجوز بالزاي، وتجوز بالسين: (يبزق، ويبسق، ويبصق)؛ لأنه هذه الأحرف الثلاثة تتناوب في كثير من الكلمات، وذلك لتقارب مخارجها، السين والثاني؟ \n
\n طلبة: الزاي.\n
\n الشيخ: الزاي والصاد. \n
يقول: (\n في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه) يبصق في الصلاة عن يساره؛ يعني إذا احتاج إلى البصاق فإنه يبصق عن يساره، ولا يبصق عن يمينه، ولا أمام وجهه، أما كونه لا يبصق قبل وجهه؛ فلأن الله سبحانه وتعالى قِبَل وجهه، ما من إنسان يستقبل بيت الله ليصلي إلا استقبله الله بوجهه؛ أي مصلي يكون في أي مكان؛ لأن الله تعالى بكل شيء محيط، \n {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١١٥]، وليس من الأدب أن تبصق بين يديك، والله تعالى قِبَل وجهك، لو أنك فعلت ذلك أمام عامة الناس لعُدَّ هذا سوء أدب، فكيف بين يدي ملك الملوك عز وجل، جبار السماوات والأرض؟!\n
ولهذا \n رأى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم نخامة في قِبلة المسجد \n فعزل الإمام الذي فعلها؛ لأن هذا لا يليق أن تبصق وأنت تصلي بين يديك، أما عن اليمين فقد علَّل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأن عن يمينه مَلكًا، فلا تبصق عن اليمين؛ لأن عن يمينك ملكًا \n ، ولا أمام وجهك؛ لأن الله قِبل وجهك عز وجل. إذن ما بقي إلا اليسار، فتبصق عن اليسار؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.\n
فإن قال قائل: في هذا الحديث إشكالان؛ الإشكال الأول: كون الله قبل وجه المصلي، كيف يكون ذلك، ونحن نؤمن ونعلم بأن الله تعالى فوق عرشه، فكيف يكون هذا؟\n
والجواب على ذلك من ثلاثة أوجه:\n
الوجه الأول أنه يجب على الإنسان في هذه الأمور التسليم، وعدم الإتيان بـ(لم) أو (كيف)، لا تأتي بـ(لم)، أو (كيف) في باب صفات الله أبدًا، اجعلها في جيبك، قل: آمنت وصدقت، آمنت بأن الله على عرشه فوق سماواته، وبأنه قِبل وجه المصلي، وليس عندي سوى ذلك، هكذا جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه واحدة، وهذه الطريق تكف عنك إشكالات كثيرة، وتسلم من تقديرات يقدرها الشيطان في ذهنك، أو يُقدِّرها جنود الشيطان في ذهنك، تقول: الحمد الله، أنا أؤمن بهذا وهذا، ولا أقول: كيف ولا لِم، هذه واحدة. \n
ثانيًا: أن النصوص جمعت بينهما، وهذه ربما تتفرع عن التي قبلها، والنصوص لا تجمع بين متناقضين؛ لأن الجمع بين المتناقضين محال، ومدلول النصوص ليس بمحال، واضح؟ \n
ثالثًا: أن الله عز وجل لا يُقاس بخلقه، فهب أن هذا الأمر ممتنع بالنسبة للمخلوق -أي: ممتنع أن يكون المخلوق على المنارة، وهو قِبل وجهك- قد يكون هذا ممتنعًا بالنسبة للمخلوق، لكن ليس ممتنعًا بالنسبة للخالق؛ لأن الله ليس كمثله شيء حتى يُقاس بخلقه، ويقال: ما امتنع في حق الخلق امتنع في حق الخالق. \n
الرابع.. أنا قلت ثلاثة أوجه وصارت أربعة، لكن الوجه الثاني قد يكون داخل في الوجه الأول. \n
الرابع: أنه لا منافاة بين العلوّ وقِبل الوجه، حتى في المخلوق، ألم تروا إلى الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قِبل وَجْه مستقبلها وهي في السماء فوق وتشوفها بين يديك على الأرض عند الغروب أو عند الشروق، فإذا كان هذا ممكنًا في حق المخلوق، فما بالك في حق الخالق؟\n
هذا هو الجواب عن الإشكال الأول في الحديث، وأهم هذه الأجوبة عندي وأعظمها وأشدها قدرًا الجواب الأول؛ أن نقف في باب الصفات موقف الْمُسَلِّم لا المعترض، فنؤمن بأن الله فوق كل شيء، وبأنه قِبل وجه المصلي، ولا نقول: كيف؟ ولا لم؟ \n
وهذه -كما قلت لكم- تريحكم في كل ما يورده الشيطان على القلب من الإشكالات وما يريده جنود الشياطين؛ لأن هناك جنودًا للشياطين في هذه المسائل، يقول لك: هذا كيف يمكن؟ إذن لازم، إما أن تقول بالحلول: إن الله في الأرض، ولَّا أيش؟ ثم يورد عليك ها الشبه هذه، فتقول: أنا أؤمن بأن الله فوق كل شيء، وأنه قِبل وجه المصلي كما جاءت به النصوص، ولا أتعدى هذا.\n
الإشكال الثاني في الحديث: البصاق عن اليمين: علَّله النبي صلى الله عليه وسلم: بأنَّ على يمينه مَلَكًا. وهذا التعليل يشكل عليه؛ أن على يساره ملكًا أيضًا، كما قال تعالى: \n {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: ١٧] فهذا ملك وهذا ملك، فما الجواب عن هذا؟\n
الجواب عن هذا أن نقول: هناك طريقة ثانية أرشد إليها الرسول عليه الصلاة والسلام، قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «أَوْ يَقُولُ هَكَذَا»، وبسط ثوبه، ثم تفل، ثم قال: «هَكَذَا» \n . هذه طريقة ثانية للبصاق.\n
وفي هذه الحال لا يكون بصق عن يمينه، ولا عن شماله، ولا قِبل وجهه، ولكن إذا سلَّمنا الصفة الأولى أنه يتفل عن يساره قلنا: هذا أمر لا بد منه؛ لأنه إما أن يتفل عن يساره، أو عن يمينه، أو قِبل وجهه، أو من ورائه، ولا يمكن من ورائه إلا إذا انحرف عن القبلة.\n
وهذا شيء لا يمكن، إذن لا بد من أن يكون عن اليسار، ثم نقول: إن الملك الذي عن اليمين مرتبته أعلى من الملك الذي عن اليسار؛ حتى إنه جاء في بعض الآثار: أن الله أعطاه سلطة على الملَك الذي عن اليسار؛ بحيث لا يكتب ملك اليسار ما عمله العبد من السيئات إلا بعد إذن الملك اللي عن اليمين، فيقول الملك: انتظر، لعله يتوب، فلا تكتب عليه \n . \n
فإن صح هذا الأثر فهو واضح، وإن لم يصح فلا شك أن من كان عن اليمين أعلى مرتبةً ممن كان على اليسار، وكلهم ملائكة كرام، كما قال الله عز وجل: \n {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: ١٠، ١١].\n
قال المؤلف: (\n ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه) تتعين الصفة الثانية إذا كان الإنسان في المسجد، ما هي الصفة الثانية؟ أن يبصق في ثوبه، فلا يبصق في المسجد، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «البُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ» \n . ولا يجوز للإنسان أن يتعمد فعل الخطيئة، لكن هذه الخطيئة إذا فعلها كفارتها دفنها، كفارتها دفنها، وعلى هذا فنقول: لا تبصق في المسجد عن يسارك، ابصُق في ثوبك.\n
ولا يبصق تحت قدمه في المسجد؟ وهي الصفة الثالثة؛ الصفة الثالثة أن يبصق تحت قدمه، لكن في المسجد لا يبصق تحت قدمه؛ لأن ذلك يُلوِّث المسجد؛ ولأنه للحديث الذي ذكرنا؛ لأن \n «البُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ»؛ ولأنه يلوث المسجد.\n
وفي الحديث دليل على استعمال المروءة والأدب؛ حيث وصف النبي صلى الله عليه وسلم البصاق في الثوب بأنه \n «يَحُكَّ بَعْضهُ بِبَعْضٍ» \n ، لماذا؟ من أجل إذهاب صورة البصاق؛ لأن وجود صورة البصاق في الثوب توجب تقزُّز النفس من هذا المرأى، والاشمئزاز، ويؤدي ذلك إلى كراهة الرجل؛ أنت لو رأيت شخصًا -مثلًا- تجد المخاط في ثوبه والأذى والقذر في ثوبه، تكره الثوب، ولَّا تكره الرجل؟ \n
\n طلبة: الرجل.\n
\n الشيخ: طبعًا الثوب أنت ما بلابسه، ما يهمك، لكن تكره الرجل؛ فلهذا ينبغي للإنسان أن يزيل عن ثيابه الأذى والوسخ، ومن ثَمَّ كان الرسول صلى الله عليه وسلم \n يأمر عائشة فتتَّزر فيباشرها وهي حائض \n ، لماذا يأمرها بالاتزار؟ لئلا يرى المحل المتلوث بالدم، فإذا رآه تقززت نفسه، واشمأزَّت، وربما يؤدي ذلك إلى كراهتها، وهذه نقطة ينبغي للإنسان أن يستعملها، ومن ثم لو اطلعنا على الموضوع شوي، من ثم قال العلماء: ينبغي للإنسان أن ينظر في المرآة، ولا أدري هل نحن ننظر في المرآة ولَّا لا؟\n
من الناس من يفرط في النظر في المرآة، ويبالغ ويغلو، كلما أراد أن يطلع النظر في المرآة، فإذا وجد شعرة في ذقنه، فالمنقاش، هذا يُسرف، لماذا؟ لئلا تبقى شعرة في وجهه، لكن هذا ليس بطيب؛ لأنه معصية للرسول عليه الصلاة والسلام.\n
ومن الناس من يُفرِّط فتمضي السنة والسنتان، ما رأى، ما نظر في المرآة أبدًا، والاعتدال خير، لا تُفرط ولا تُفرِّط لا سيما إذا وجد السبب؛ يُخشى أن يكون شيء قد تلوث منك، إما الثوب، أو طرف الوجه، أو ما أشبه ذلك، مثل لو أُصيب الإنسان برعاف قد تكون قطرات من الدم تقطر على أعلى ثوبك مثلًا ما تشاهدها أنت، تحتاج إلى النظر في المرآة، فينبغي عند وجود السبب أن تنظر في المرآة، أما إذا لم يوجد السبب فالأمر في هذا هيِّن. \n
قال (\n ويبصق في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه). \n
\n طالب: إذا تكلم لمصلحة الصلاة، هل نقول: إنه تبطل صلاته، الرسول ما قال لمعاوية بن الحكم: إن صلاتك بطلت.
الشيخ: نعم، يقول: إذا تكلم لمصلحة الصلاة، هل نقول: تبطل صلاته والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لمعاوية: إنها بطلت صلاتك؟
الجواب: فرق عظيم بينهما، معاوية كان جاهلًا بالحكم، لكن هذا يعلم أن الكلام يُبطل الصلاة، أما لو ظن أنه إذا تكلم لمصلحة الصلاة لا تبطل صلاته.
الطالب: تبطل صلاته كل الجميع؟
الشيخ: إي نعم، لكن هذا تعمَّد المفسد، أرأيت لو أن إنسانًا أفطر في رمضان لإنقاذ شخص يبطل صومه ولَّا ما يبطل؟
طلبة: يبطل.
الشيخ: ولو أكل وشرب جاهلًا، هذه؟
طالب: ما يبطل.\n
\n طالب آخر: شيخ، هل الأولى تنبيه الإمام إذا نابه شيء في الصلاة تنبيهه بالقراءة ولَّا بالفعل إذا كان قريبًا؛ مثلًا الإمام قدامه ويقدر يقول له: اجلس، (...) بيده؟
الشيخ: يعني إذا لم يمكن تنبيهه بالتسبيح؟
الطالب: بالتسبيح نعم.
الشيخ: بالقراءة أحسن؛ لأن القراءة -كما قلنا- ذِكْر مشروع في الصلاة، لكن الحركة غير مشروعة، إنما لو فُرض أنه لم يستحضر آية تُناسب المقام، عرفت؟ فله أن يتقدم إذا كان وراء الإمام، يتقدم وإذا كان النسيان لسجدة حصر ظهره؛ يعني اسجد.
طالب: إذا كبَّر نبهه بالكلام، لكن ظن أن اللي بجانبه سينبِّهه، ثم اللي بجانبه سينبهه، ثم إن تركوا (...) كلهم ولَّا يتكلم هو، ولَّا يسكت، يسكت لينتظر هذا؟
الشيخ: ما فهمت!
الطالب: قلت: إذا جاز لشخص أن يتكلم إذا تكلم يعني..
الشيخ: نحن سبَّحنا للإمام: سبحان الله! ما فهم، سبحان الله! سبحان الله! ما فهِم.
الطالب: إذا تكلم الشخص، إذا كان تكلموا كثيرًا.
الشيخ: تكلموا كلامًا؟
الطالب: كلام كثير، مجموعهم، هل ينتظرون أن واحدًا منهم يتكلم أو..؟
الشيخ: لا يتكلمون، إن تكلموا واضح أن ما لهم حق في هذا.
طالب: يا شيخ، بالنسبة للمسألة هذه، أليست المفارقة تكون أوْلى من إبطال الصلاة؟
الشيخ: لا؛ لأن هنا سوف يحفظ كل الصلاة؛ صلاة الجماعة كلهم.
طالب: لأنه ممكن يا شيخ يذكره بالقرآن مثلًا، إذا كان يذكره بالسجود يقول له: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} مثلًا.
الشيخ: إي، لكن قد لا يستحضر الآية، أو يكون الغلط في شيء ما في مناسبة القرآن.
طالب: يا شيخ، بالنسبة لو يعني كانت الصلاة رباعية، وجلس الإمام في الثنائية، فسبَّح له جماعته ما فهم، ثم بعد ذلك سلَّم، هل يسلمون معه أم ينوون المفارقة ويُتم هو؟
الشيخ: لا، ينبهونه.
الطالب: بس ما فهم يعني يا شيخ؟
الشيخ: لا، يقولون: (قوموا لله قانتين) مثلًا حتى يفهم.
الطالب: يعني لو فرضنا مثلًا؟
الشيخ: لا، لازم ينبهونه. \n
\n طالب: يا شيخ، إذا دق التليفون أثناء الصلاة، هل يشرع رفع السماعة والتسبيح؟
الشيخ: إي نعم، هذا سؤال وجيه، ويش تقولون؟
طلبة: ذكرنا القراءة يا شيخ، هذا حصل، سأل عنها.
الشيخ: سأل عنها، ما فيها شيء، يأخذه ويقول: سبحان الله! ولكنه ما يضع التلفون وضعًا طبيعيًّا يضعه على الأرض علشان يبقى مشغولًا ما حد يذهب. \n
\n الطالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- ذو اليدين تكلم وهو يعلم أنه كان في الصلاة.
الشيخ: ما يعلم، قال: أنسيت؟
الطالب: أم قصرت.
الشيخ: إذا قصرت ما صار فيه صلاة.
الطالب: عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة «أَصَحِيحٌ مَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ؟»، ولكن لم يصرح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نسي، ما صرح بالنسيان في (...).
الشيخ: لا، أبدًا ما يدري؛ يعني قوله: نسيت أم قصرت صحيح، احتمال القصر. \n
\n طالب: يا شيخ، إذا صلَّى الإمام جماعة، وكان مع الجماعة نساء، غلط الإمام، هل يجوز للمرأة أن ترد عليه؟
الشيخ: يعني في القرآن، الظاهر ألَّا..، تصفق. \n
\n طالب: شيخ -الله يجزيك خيرًا- هل يجزئ عن البصاق أن يبصق خفيفًا من الرذاذ بدل البصاق على الحائط؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: الرذاذ ما يكون يعني البصاق؟
الشيخ: ما هو بصاق هذا، الرذاذ ما هو بصاق.
الطالب: لا بد أن يبصق البصاق؟
الشيخ: البصاق معروف.\n
\n طالب: بالنسبة الصحابة علموا أنهم في صلاة، لكن ذو اليدين ما كان يعلم مثلًا، الصحابة علموا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ»، علموا أنهم ما زالوا في الصلاة فأجابوا النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: إي نعم؛ لأن إجابة النبي واجبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] واجبة على كل حال.
طالب: (...) يا شيخ، بعدما عرضوا؟
الشيخ: كل هذا من باب التأكيد.\n
\n طالب: يا شيخ، إذا قال قائل بأصل جواز التصفيق للنساء (...)؟
الشيخ: كيف؟
طالب: إذا قال رجل بأصل مشروعية العمل بالتصفيق في الصلاة أن المصلي لما بيقف يضع يده اليمنى على ظهر اليسرى (...)؟
الشيخ: والله ما أدري، شوفوا يا جماعة إن صلَّى جنبكم وصفق بيده عند وضع اليد اليمنى على اليسرى اكسروا إيده، عرفتم ولَّا لا؟!! أيش تقول؟
طالب: أقول: يا شيخ، الواجب من ناحية تسبيح المرأة يكون عندها نساء أو التصفيق، أيهما أرجح ذكرت المسألة، بس الترجيح؟
الشيخ: والله الأمر في هذا واسع، ما دام ما فيه رجال؛ فالأمر واسع، أنتم فهمتم؟
طلبة: فهمنا.
طلبة آخرون: ما فهمنا.
الشيخ: إي، أيش السؤال؟
طالب: إذا قال قائل -يا شيخ- بمشروعية أصل التصفيق للمرأة؛ لأن المصلي لما يكبر يضع اليمنى على اليسرى (...)؟
الشيخ: إي؛ يعني يصفق؟
الطالب: ما يصفق، لكن هكذا (...).
الشيخ: لا، خلاص كلامي الأول مضبوط. (...) \n

***

كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ (جِئْتَنَا)

............................

\n
إذن قوله: (\n فقط)، لماذا فَقَّطَ المسألة؟ فَقَّطَها؛ أولًا: أنها لا تبطل بالكلب الأحمر والأبيض وما أشبهه، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي ذر: \n ما بالُ الكلبِ الأسود دون الأحمر والأصفر والأبيض؟ قال: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» . شيطان جنّ ولَّا شيطان كِلاب؟\n
الصحيح أنه شيطان كِلاب، ما هو شيطان جن، والشيطان ليس خاصًّا بالجن؛ قال الله تعالى: \n {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: ١١٢] فالشيطان كما يكون في الجن يكون في الإنس، ويكون في الحيوان، فمعنى شيطان أي: شيطان الكلاب؛ لأنه أخبثها؛ ولذلك يقتل على كل حال، ولا يحل صيده بخلاف غيره.\n
وجه آخر في التفقيط؛ يعني لا امرأة وحمار، انتبه إذن التفقيط لأي سبب؟ لأمرين لما سوى الأسود من الكلاب، ولْيُخرج المرأة والحمار بالذات، وهذا هو المشهور من المذهب؛ يقولون: إن الصلاة لا تبطل إلا بمرور الكلب الأسود فقط، وانتبهوا إن المسألة بطلانها بالكلاب بأربعة شروط المرور، وأنه كلب، وأسود، وبهيم بعد. إذا اختل شرط واحد فلا بطلان.\n
المرأة والحمار؛ لا تُبطل الصلاة، ونحن الآن نتكلم أولًا على الدليل على أن الكلب الأسود يبطل الصلاة، الدليل على ذلك ثلاثة أحاديث: حديث أبي هريرة، وحديث عبد الله بن مغفل، وحديث أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» \n . وفي بعض هذه الأحاديث الإطلاق: \n «صَلَاةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» مطلقًا.. \n

إذن التفقيط لأي سبب؟
طلبة: لسببين.
الشيخ: لأمرين، لما سوى الأسود من الكلاب، كذا؟
وليخرج المرأة والحمار بالذات، وهذا هو المشهور من المذهب؛ يقولون: إن الصلاة لا تبطل إلا بمرور الكلب الأسود فقط، وانتبهوا أن المسألة بطلانها بالكلاب بثلاثة شروط: المرور، وأنه كلب، وأسود.
طالب: وبهيم.
الشيخ: وبهيم بعد، إذن أربعة، إذ اختل شرط واحد فلا بطلان.
المرأة والحمار؛ لا تبطل الصلاة، ونحن الآن نتكلم أولًا على الدليل على أن الكلب الأسود يبطل الصلاة، الدليل على ذلك ثلاثة أحاديث:
حديث أبي هريرة ، وحديث عبد الله بن مغفل ، وحديث أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» وفي بعض هذه الأحاديث الإطلاق: «صَلَاة الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» مطلقًا «الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ»، وهذا ثابت في صحيح مسلم ، وفي مسند الإمام أحمد .
وقوله: «يَقْطَعُ» واضح أنه يبطل؛ لأن قطع الشيء فصْل بعضه عن بعض، تقول: قَطَعْتُ السلك: فصَلْت بعضه عن بعض، فإذا مرَّ أحد قطع الصلاة، ما عاد يمكن أن ينبني آخرها على أولها، فهذا هو الدليل، وهذا الدليل -كما سمعتم- يقتضي أن الذي يقطع الصلاة كم؟
الطلبة: ثلاثة.
الشيخ: ثلاثة، ليس الكلب الأسود البهيم فقط، لكنهم قالوا: إن هذا مخصص بأدلة تخرج الحمار، وتُخرِج المرأة، أما الحمار فخصصوه بحديث ابن عباس حين جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الناس بمنى، فمر بين يدي بعض الصف وهو راكب على حمار أتان، وأرسل الحمار ترتع، ولم ينكر عليه أحد.
قالوا: فهذا ناسخ لحديث أبي ذر، وعبد الله بن مغفل، وأبي هريرة؛ لأنه في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، انتبهوا يا جماعة، وهل شروط التخصيص هنا تامة؟
يعني هنجيب عن هذا الحديث، نقول: شروط النسخ هنا غير تامة، بل ولا شروط التخصيص، أما النسخ فإن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يكن هذا الفعل في آخر لحظة من حياته؛ إذ من الجائز أن يكون حديث أبي هريرة، وعبد الله بن مغفل، وأبي ذر بعد حجَّة الوداع، ومن شروط النسخ أن نعلم تأخُّر الناسخ.
ثانيًا: أن نقول: إن ابن عباس -رضي الله عنهما- لم يقل: إنه مر بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بين يدي بعض الصف، ونحن نقول بموجب ذلك؛ أي أن المأموم لا يقطع صلاته شيء حتى الحمار؛ واضح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: المرأة، قالوا: عندنا دليلان يدلان على أن المرأة لا تقطع الصلاة، ما هما؟
حديث عائشة التي غضبت رضي الله عنها يوم قيل لها: إن المرأة تقطعُ الصَّلاةَ قالت: شَبَّهْتُمُونا بالحمير والكلاب؟! لقد كنت أنام بين يدي النبيِّ صلى الله عليه وسلّم معترضة وهو يُصلِّي في الليل .
تقول: أنام معترضة بين يديه وهو يصلي بالليل، وهى امرأة ولَّا غير امرأة؟
طلبة: امرأة.
الشيخ: ولا تقطع صلاته، لو كان تقطع صلاته ما استمر في صلاته، واستدلوا بهذا، صاروا مع أم المؤمنين رضى الله عنها، ولكننا نقول: هذا الحديث ليس فيه دليل لكم؛ لماذا؟
لأن هذا ليس بمرور، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إِذَا مَرَّ»، وفرق بين المرور والاضطجاع، ونحن نوافقكم على أن المرأة لو اضطجعت بين يدي المصلي لم تقطع صلاته.
قالوا: إن أبيتم هذا فعندنا دليل، وهو: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي في بيت أُمِّ سَلَمة، فجاء عبدُ الله بن أبي سلمة -أو عُمرُ بن أبي سلمة- يريد أن يتجاوز بين يدي الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام فَمَنَعَهُ، فجاءت زينب طفلة صغيرة، فَمَنَعَها ولم تمتنع عَبَرَت، فلما سَلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «هُنَّ أَغْلَبُ» ، ولم يستأنف؟
طلبة: الصلاة.
الشيخ: الصلاة، قالوا: فهذا دليل على أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة، نحن نجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: أن هذا الحديث ضعيف، ضعَّفه كثير من علماء الحديث، والضعيف لا تقوم به حجة.
الجواب الثاني: أن البنت صغيرة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: المرأة، والمرأة إنما تكون؟
طلبة: بالغة.
الشيخ: كبيرة بالغة، ونحن نوافقكم على أن الصغيرة لا تقطع الصلاة، واضح؟ إذن ليس فيه دليل.
وعلى هذا فيكون القول الراجح في هذه المسألة: أن الصلاة تبطل بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود، ولا مقاوم لهذا الحديث، ليس له مقاوم يُعارضه حتى نقول: إنه منسوخ أو مُخصَّص، بل تبطل ويجب عليه استئنافها، ولا نقول: تبطل ويستمر؟
طلبة: يستأنف.
الشيخ: يجب أن يستأنف، ولا يجوز أن يستمر حتى لو هي نفل؛ حتى لو كانت نفلًا، ومر واحد من هذه الثلاثة فإنه لا يجوز له الاستمرار؛ لأنه لو استمر لاستمر في عبادة فاسدة، والاستمرار في العبادات الفاسدات مُحرَّم، نوع من الاستهزاء بالله عز وجل، كيف تتقرب إلى الله بما لا يرضاه الله؟ لأن الفاسد لا يرضاه الله، وإذا لم يرضه الله فإنه لا يجوز لك أن تتقرب إليه به.
ولهذا من قواعد أهل العلم: كل عقد فاسد، كل شرط فاسد، كل عبادة فاسدة، فإنه يحرم المضي فيها، لاحظ دي كل شرط فاسد، أو عقد فاسد، أو عبادة فاسدة، فإنه يحرم المضي فيها.
ولهذا لما شَرَطَ أهلُ بريرة الولاء لهم قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وقال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ –أنكر عليهم- يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ» .
وعلى هذا فنقول: إذا مر بين يديك أحد هؤلاء الثلاثة وجب عليك استئناف الصلاة، وحرم عليك أن تستمر فيها، وعرفتم الآن أدلة المعارضين والجواب عنها.

***

***

ثم قال المؤلف: (\n فصل في أركان الصلاة)\n
لما انتهى المؤلف -رحمه الله- من صفات الصلاة على وجه كامل، حتى ما يكره في الصلاة ذكره، وحتى ما يسن لها خارجًا عنها ذكره -كالسترة، وما أشبهها- ذكر أركانها. \n
والمفروض أن طالب العلم يتصور الهيئة الآن -يتصور الهيئة هيئة الصلاة كاملة- حتى يُفصَّل له ما هو الركن، وما هو الواجب، وما هو السنة.\n
والأركان جمع (رُكْن)، والركن في اللغة جانب الشيء الأقوى، ولهذا نسمي الربع هذه ركنه؛ لأنها أقوى جانب في الجدار؛ ولَّا لا؟ أقوى جانب في الجدار الركن، لأنه يكون الركن معضودًا بالجدار الذي إلى جانبه.\n
أما في الاصطلاح، فأركان العبادة: ما تتركب منه العبادة؛ يعني ماهية العبادة التي تتركب منها، ولا تصح بدونها؛ لأن العبادات كلها -كما تعلمون- تتركب من أشياء قولية وفعلية، لكن من هذه الأشياء المركَّبة ما لا تصح بدونه بكل حال، ومنها ما لا تصح بدونه في بعض الأحوال، ومنها ما تصح بدونه في كل حال.\n
فإذا قال قائل: أولًا: نحن نطالبكم بهذا التفصيل، ما الدليل على شروط وأركان وواجبات وسنن، نقرأ القرآن ما نجد هذا، نقرأ الحديث ما نجد هذا؟ \n
فالجواب على ذلك أن نقول: إن العلماء -رحمهم الله- تتبعوا النصوص واستخلصوا منها هذه الأحكام، ورأوا أن النصوص تدل عليها، فألفوها من أجل تقريب العلم على طالب العلم، ولا شك أن في هذا تقريبًا للعلم، بلا شك، الكل يعرف هذا، لو كانت هذه الأحكام منثورة ما فرق الطالب المبتدئ بين الذي تصح به العبادة والذي لا تصح.\n
فصار الجواب على ذلك أن نقول: إن العلماء -رحمهم الله- تتبعوا النصوص واستخلصوا منها ما لا تصح العبادة إلا به، وما تصح بدونه، ثم ألَّفوها هذا التأليف تقريبًا لأيش؟ لطالب العلم، وهم لا شك شكر الله سعيهم، هم مشكورون على هذا، ومأجورون عليه.\n
يقول: (\n أركانها: القيام)، القيام مع القدرة، عندكم مع القدرة ولَّا لا؟\n
\n طلبة: لا.\n
\n الشيخ: (\n القيام)، الدليل قول الله تعالى: \n {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، هذا من القرآن، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: \n «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» \n .\n
وبدأ المؤلف بالقيام؛ لأنه سابق على جميع الأركان، قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ» \n . \n
والقائم إلى الصلاة سيقوم في الصلاة؛ ولأن الترتيب الطبيعي للصلاة هو هذا؛ أن تبدأ فتقوم، ثم تُكبِّر، ولو كبرت للإحرام وأنت غير قائم ما صحت صلاتك. \n
فإن قال قائل: كيف تجعلون القيام ركنًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» \n ، وهذا يدل على أن في صلاة القائم أجرًا، ولو كان القيام ركنًا وترك القيام لم يكن في صلاته أجر؟\n
فالجواب: أن الصلاة منها فرض ومنها نفل، فيُحمل حديث تفضيل صلاة القائم على القاعد على أيش؟ يحمل على النفل، ويقال: إن القيام ليس فرضًا أو ليس ركنًا في النافلة، وإنما هو سنة، ويدل لهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يصلي النافلة على راحلته في السفر \n ، ولو كان القيام ركنًا ما صلى على الراحلة، لأناخها وصلى على الأرض؛ ولهذا لا يصلي عليها الفريضة؛ لأنه لو صلى الفريضة لفات الركن وهو القيام. \n
إذن نقول: القيام على الإطلاق ولَّا في الفريضة؟\n
\n طلبة: الفريضة.\n
\n الشيخ: القيام في الفريضة، ودليله ما سمعتم من القرآن والسنة.\n
الثاني: (\n التحريمة)، بقي عندنا كلمة، (\n القيام)، هل يشترط في القيام ألَّا يعتمد على شيء أو ولو معتمدًا؟ نقول: القيام ولو معتمدًا.\n
يعني لو قال قائل: أنا إن قمت معتمدًا على عصا أو على عمود، أو على جدار أمكنني، وإن لم أعتمد ما أستطيع، ما تقلني رجلاي؟\n
نقول: يجب عليك القيام ولو معتمدًا؛ لعموم الأدلة.\n
إذا قال: ما حدُّه؟ يعني هل لازم أنتصب ولَّا يجوز وأنا حاني الظهر بعض الشيء؟ \n
نقول: ينظر إن حنيت ظهرك إلى حد الركوع فلست بقائم فلا يصح، وإن حنيته قليلًا أجزأ.\n
فإذا قال قائل: كيف يحني ظهره؟ وما الفائدة؟ نقول: ربما إنه يخشى من شخص، يحب ألَّا يراه، فيحني ظهره قليلًا لأجل أن يستتر عنه إما بجدار أو بشجرة أو بسيارة أو ببعير أو ما أشبه ذلك، وإلا فالغالب أن الإنسان لا يحتاج إلى حني الظهر، فإذا قال الإنسان: لو قُدِّر أنه منحني الظهر؟\n
\n طلبة: (...). \n
\n الشيخ: يسقط عنه؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم، لكن هل يسقط عنه القيام ونقول: لك أن تجلس ولَّا قف ولو كراكع؟\n
\n طلبة: الثاني.\n
\n الشيخ: الثاني، قف ولو كراكع؛ لأن هذا هو قيامه؛ لأن القيام في الحقيقة يعتمد على انتصاب الظهر وانتصاب الرجلين، فإذا فات أحد الانتصابين وجب الآخر، يعني إذا عجز عن انتصاب الظهر وجب انتصاب القدم أو الرجل على الأصح، واضح يا جماعة؟ \n
فإذا قال قائل: هل يجوز أن يعتمد، أنتم قلتم: القيام ولو معتمدًا، فهل يجوز أن يعتمد؟ \n
فالجواب: إذا كان لا يتمكن من القيام إلا باعتماد جاز له أن يعتمد، وإن كان يتمكن بدون اعتماد لم يجز أن يعتمد؛ إلا إذا كان اعتمادًا خفيفًا فلا بأس به، فما هو الضابط للاعتماد الخفيف وغير الخفيف؟ \n
قالوا: إن كان بحيث لو أزيل ما استند إليه سقط، فهذا غير خفيف ولَّا لا؟ وإن كان لو أُزيل لم يسقط فهو فهو خفيف. \n
فإن قال إنسان: هذا غير منضبط؛ لأن الواحد إذا انتبه لم يسقط، وإن لم ينتبه سقط ولو كان اعتماده خفيفًا، فما الجواب؟ \n
نقول: العبرة بحمل هذا المعتمد عليه، إن كان حاملًا لك فأنت غير قائم، وإن لم يكن حاملًا لك فأنت قائم، هذا هو الميزان. \n
على أن بعض العلماء، قال: إن عموم قوله تعالى: \n {قُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، و\n «صَلِّ قَائِمًا» \n ، يشمل حتى المعتمد على شيء يسقط لو أزيل؛ بمعنى أنه يجوز أن تعتمد، لكن فقهاءنا -رحمهم الله- يقولون: لا يجوز الاعتماد على شيء اعتمادًا قويًّا بحيث يسقط لو أزيل. \n
وعلَّلوا ذلك بأنه يزيل مشقة القيام؛ لأن هذا كأنه ما قام، كأنه مُتسلق على هذا الجدار على ظهره.\n
يقول: (\n والتحريمة) ما المراد بالتحريمة؟ \n
\n طلبة: تكبيرة الإحرام.\n
\n الشيخ: تكبيرة الإحرام، وسبق لنا في أول صفة الصلاة بيان شروطها.\n
(\n التحريمة) ركن من أركان الصلاة، وليس شيء من التكبيرات ركنًا سوى تكبيرة الإحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: \n «اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ» \n ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: \n «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» \n ، فلا تنعقد الصلاة بدون التكبير، حتى لو قال: الله أجل، الله أعظم، الله أكبر؟\n
\n طلبة: يصح. \n
\n الشيخ: يصح؟ صحيح.\n
إذن: ركن من أركان الصلاة تكبيرة الإحرام فقط. \n
الثالث: (\n الفاتحة).\n
\n طالب: في الآيات القرآنية نقول: {قُولُوا آمَنَّا} [البقرة: ١٣٦] {قُلْ آمَنَّا} [آل عمران: ٨٤]. الأمر للجمع هنا (...).
الشيخ: أما في صلاة الليل نعم، قل، ما فيه مانع.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: لكن لو قال: \n {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران: ٦٤] تقول في الصلاة: \n {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ}؟ ما تقول.\n \n
\n طالب: يا شيخ -جزاك الله خيرًا- ذكرت التفصيل (...).
الشيخ: نحن ما قلنا إن النفل ليس بركن، والقيام ليس بركن في النفل.
طالب: (...) لكن ما يستطيع.
الشيخ: ما يستطيع إلا معتمدًا؟ قلنا: يجب عليه.
طالب: يقول: لو كان معتمدًا.
الشيخ: إي نعم، ذكرناها.
طالب: (...) هذا الرجل ما يستطيع (...).
الشيخ: يأخذ عصا يعتمد عليها وله أن يصلي وراء العمود.\n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، أقول: إذا مر بذكر نبي من الأنبياء هل تشرع الصلاة عليه؟
الشيخ: أما نبينا فنعم.
طالب: في أي موضع؟
الشيخ: في أي موضع، يعني مثل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: ٤٥].
الطالب: وغير النبي؟
الشيخ: والله في نفسي منه شيء -في غير النبي- لأن النبي مأمورون نحن بالصلاة عليه إذا ذكر.\n
\n طالب: شيخ، قلتم في الدرس الماضي إننا إذا رأينا كلبًا أسود نقتله؟
الشيخ: إي نعم.
طالب: حتى لو كان فيه بياض غير عينيه؟
الشيخ: إي نعم، ما يضر، يُقْتل. \n

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المصنف -رحمه الله تعالى- في باب صفة الصلاة في حسن (...) مكروهات: \n ويكره في الصلاة التفاته، ورفع بصره إلى السماء، وتغميض عينيه، وإقعاؤه، وافتراشه ذراعيه ساجدًا، وعبثه، وتخصره، وتروحه، وفرقعة أصابعه وتشبيكها، وأن يكون حاقنًا أو بحضرة طعام يشتهيه.\n
\n طالب آخر: \n وتكرار الفاتحة لا جمع سور في فرض كنفل، وله رد المار بين يديه، وعد الآي، والفتح على إمامه، ولبس ثوب، ولف عمامة، وقتل حية وعقرب وقمل، فإن أطال الفعل عرفًا بغير ضرورة بلا تفريق بطلت ولو سهوًا.\n
\n طالب آخر: \n ويباح قراءة أواخر السور وأوساطها، وإذا نابه شيء سبَّح رجل وصفَّقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، ويبصق في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه.\n
\n طالب آخر: بسم الله الرحمن الرحيم: \n وتسن صلاته إلى سترة قائمة كمؤخرة الرحل، فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط، وتبطل بمرور كلب أسود بهيم فقط، وله التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض.\n
\n الشيخ: أحسنت.\n
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف: (\n ويكره في الصلاة التفاته)، كيف الالتفات؟\n
\n طالب: يعني التفاته دور العينين.\n
\n الشيخ: لا، دور العينين ما يلتفت.\n
\n الطالب: التفاته إلى الشيء.\n
\n الشيخ: يعني إدارة رأسه؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n الطالب: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: الالتفات مهلكة في الصلاة.\n
\n الشيخ: \n «إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهُ هَلَكَةٌ» \n ، وسئل عن الالتفات فقال: هو؟\n
\n الطالب: هو مهلكة.\n
\n الشيخ: اختلاس.\n
\n الطالب: اختلاس (...).\n
\n الشيخ: إي، كمِّل؟ \n «اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» . \n
\n الطالب: هو (...) بسرعة إلى (...).\n
\n الشيخ: لا، اختلاس يعني سرقة؛ يعني الشيطان يسرق من صلاة العبد فيلتفت.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله: (\n ورَفْع بصره إلى السماء)، ما الدليل؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» \n ، هنا النبي صلى الله عليه وسلم قرن العقوبة بالتحذير، ومقارنة العقوبة..\n
\n الشيخ: الآن استدللت أنت بهذا الدليل، هذا الدليل يقتضي -كما قال المؤلف- أن رفع البصر إلى السماء مكروه، أو أنه حرام؟\n
\n الطالب: حرام.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n الطالب: لأن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر في الدليل، حذرنا من رفع البصر وقرنه بعقوبة، فإن قرنت التحذير بعقوبة صار حرامًا.\n
\n الشيخ: صحيح يا جماعة؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: يكره أيضًا تغميض العينين، ما الدليل؟\n
\n طالب: عدم الدليل.\n
\n الشيخ: لا، إذن ما نقبل، العلم معرفة الهدى؟\n
\n طلبة: بدليله.\n
\n الشيخ: بدليله، قال ابن القيم:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

الْعِلْمُ مَعْرِفَةُ الْهُدَى بِدَلِيلِهِ

مَا ذَاكَ وَالتَّقْلِيدُ يَسْتَوِيَانِ

***

***

***

إِنْ سَاكِنَانِ الْتَقَيَا اكْسِرْ مَا سَبَقْ

وَإِنْ يَكُنْ لَيْنًا فَحَذْفُـــــــهُ اسْتَحَـــــــــــــق

\n
هكذا يقول ابن مالك في الكافية يقول في \n الكافية، هذا لين ولّا غير لين؟\n
\n طالب: لين.\n
\n الشيخ: الألف لين، إذن يُحذف، فيقال: (\n تسبيحتا الركوع). \n
وإنما أتيت بهذا مع سهولته؛ لأنتقل إلى مسألة يخطئ فيها القراء: \n {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: ١٥] هذا خطأ! ويش نقول؟\n
\n الطلبة: \n {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ}. \n
\n الشيخ: \n {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ}. فإذا قال القائل: إذا قلت: \n {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ} أوهم أن يكون القائل سليمان؛ لأنه أقرب مذكور.\n
نقول: إذا توهم هذا إنسان، فالخطأ ليس مني، الخطأ من وهمه، وأنا لست مسؤولًا عنه؛ أنا أقيم القراءة على حسب ما يتفق مع اللغة العربية، وأقول: \n {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وعليه أن يبحث، أما أنا لا، فأنا أتيت بقوله: (\n تسبيحتا الركوع) من أجل هذا، ولَّا المسألة ما هي إلى ذاك بالأهمية. إذن أقرأ: (\n وتسبيحتا الركوع)، نعم، ولا أحد يرد عليّ؟ \n
\n الطلبة: لا.\n
\n الشيخ: ما يقول: عطفت منصوبًا على مرفوع؟ ويش أقول له؟ بل عطفت مرفوعًا على مرفوع؛ لأن المثنى يرفع بالألف، وهذه الألف حذفت من أجل التقاء الساكنين. \n
\n طالب: تحذف كتابة، يا شيخ؟\n
\n الشيخ: لا، ما تحذف كتابة، تبقى لازم.\n
\n طالب: رفع اليدين في الجنازة سُنّة؟
الشيخ: رفع اليدين في الجنازة السُّنة، وقد سبق لنا في أول صفة الصلاة.
الطالب: فيه بعض الناس يعني يقولون..
الشيخ: سُنّة، اللي يقوله ما عنده علم.
الطالب: كل اليدين؟
الشيخ: كل اليدين.\n
\n طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قلنا: إذا كان المصلي يجهل أن التشهد الأول واجب، فلا يلزمه شيء، إذا كان إمامًا..
الشيخ: نعم، لا متعمدًا؟
الطالب: تركه بغير تعمد، يعتقد أنه ليس بواجب.
الشيخ: إي نعم، ما أعلم أنه يأثم به.
الطالب: وما حكم المصلي إذا كان له إمامًا؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: يعني المصلي اللي خلفه، ما حكمه إذا هو ترك التشهد الأول؟
الشيخ: أنبِّهه.
طالب: ما جلس؟
الشيخ: ما جلس، خلاص، حتى لو ساهٍ ما هو بجالس.
الطالب: ماذا يلزمني إذن؟
الشيخ: ما يلزمك شيء.
الطالب: ما أسجد سهوًا يا شيخ؟
الشيخ: أبدًا، ما تسجد سهوًا؛ لأنك ما سهوت، تابعت إمامك.\n
\n طالب: (...) ذكرنا في أول صفة الصلاة أن الرسول صلى الله عليه وسلم سلَّم في النفل تسليمة واحدة أمامه.
الشيخ: يُروى عنه هذا.
الطالب: طيب أنا يا شيخ، ما عدت أفرّق بين النفل والفرض بسبب الحديث هذا؟
الشيخ: هو إذا صح الحديث، فهذا فِعْل، يمكن أن يفرق بين الفرض والنفل، لكن الأحاديث الكثيرة ظاهرها العموم.\n
\n طالب: شيخ، اللي يبدو للسامع من دليل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما (...)، ولا إلى الوجوب.
الشيخ: ولا إيه؟
الطالب: ولا إلى الوجوب، سُنّة.
الشيخ: نعم، ولهذا قلنا سُنّة.\n
\n طالب: الإمام قبل أن يسجد يكبر يخاف المأمومين يلحقون بالسجود، يكبر قبل السجود؟
الشيخ: يُكبِّر قبل يسجد؟
الطالب: إي.
الشيخ: إن كبر قبل أن يسجد سجدوا قبل أن يصل هو إلى الأرض، نقول: ما هو بصحيح هذا، نقول: يعني لا بأس أن الإمام يبدأ في أثناء هويه بحيث ينتهي عند وصوله إلى السجود، هذا الذي تريد؟
الطالب: نعم.\n
\n طالب آخر: شيخ، أحسن الله إليك، إذا لم يتمكن المأموم مثلًا من قراءة الفاتحة لسرعة إمامه، أو لأنه قرأ سورة قصيرة، فركع الإمام، هل نقول للمأموم: تابِع إمامك، وائتِ بركعة جديدة أو..؟
الشيخ: لا، نقول: أكمِل وتابع، لكن إذا علمت أن إمامك على هذه الحال ففارقه.
طالب: الحق كيف أن يتابع الآن إذا استمر في قراءة الفاتحة سيفوته الركوع أيضًا؟
الشيخ: إي نعم، لكن هذا الركوع ما فاته حكمًا؛ لأنه مع إمامه.
الطالب: يعني في مسألة..
الشيخ: مثل لو أن الإمام مثلًا وهو ساجد، قام من السجود، وسجد الثانية، وذاك ما سمع، ولما قام من السجدة الثانية سمع ذاك، سمع فقام، فجلس المأموم؛ لأنه يحسب أن هذه هي السجدة الأولى، نقول: الآن اسجد وتابع إمامك، كل من تخلف عن الإمام بالركن لغفلة أو نحوها؛ فإنه يفعله، ثم يلحق إمامه.
طالب: ولو فات المتابعة؟
الشيخ: إي، هذه معذور فيها، لكن الأمر -كما قلت لك- إذا علمنا أن هذا دأبه -الإمام يعني- فيجب أن يدعه.\n
\n طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، (...).
الشيخ: إي نعم.
الطالب: والمأموم لازم (...) الارتباط بين الإمام والمأموم بأنه مع الإمام يُجزئ في قراءته عن المأموم؟
الشيخ: لا، المأموم يلزمه القراءة، كما مر. \n

***

\n طالب: (…) أجمعين قال رحمه الله تعالى: (\n والسجود، وسؤال المغفرة مرة مرة، ويُسن ثلاثًا، والتشهد الأول وجلسته، وما عدا الشرائطَ والأركان والواجبات المذكورةَ سُنَّة، فمن ترك شرطًا لغير عذر غير النية فإنها لا تصلح بحال، أو تعمَّد ترك ركنٍ أو واجبٍ بطلت صلاته، بخلاف الباقي، وما عدا ذلك سنن أقوال وأفعال، ولا يُشرع السجود بتركه، وإن سجد فلا بأس).\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:\n
فقد قال المؤلف -رحمه الله- في جملة واجبات الصلاة: (\n التكبير إلا التحريمة). \n
\n طالب: أبتدئ؟\n
\n الشيخ: لا، أقول: (\n إلا التحريمة)، ما معنى هذا الاستثناء؟ هل معناه (\n إلا التحريمة) فليست واجبة؟\n
\n الطالب: إي نعم، (\n إلا التحريمة)، فإنها ركن. \n
\n الشيخ: فإنها ركن، تمام، لو قال قائل: هذا الاستثناء من المؤلف يُفهِم بأنها غير واجبة؛ لأن الاستثناء من الواجب ينفي الوجوب؟\n
\n طالب: نعم، هذا استثناء؛ يعني ليس من الاستثناء من الواجب الذي تصح الصلاة يعني بعدمه؛ يعني الاستثناء من الواجب الذي إذا عدم، فإن الصلاة تصح بعدمه إذا تركها سهوًا أو جهلًا وإجبار بالسجود، وليست الاستثناء من الواجب المطلق.\n
\n الشيخ: نعم. \n
\n طالب: الواجبات داخلة في الأركان؟\n
\n الشيخ: لا.\n
\n الطالب: يعني كل ركن واجب؟\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: المؤلف -رحمه الله- قدم ذكر التحريمة أولًا، قال: أركانها؛ القيام والتحريمة.\n
\n الشيخ: أحسنت.\n
\n الطالب: فأغنى عن الإعادة.\n
\n الشيخ: إي نعم، فأغنى عن إعادته، ولهذا الاستثناء هذا لولا أنه سبق أن المؤلف عد التكبيرة من الأركان لكان هذا خللًا في التأليف.\n
هل يُستثنى من هذا شيء؟\n
\n طالب: بالنسبة لأيه يا شيخ؟\n
\n الشيخ: هم قالوا: (\n التكبيرات إلا التحريمة). التحريمة عرفنا أنها ركن، هل يستثنى شيء أيضًا؟\n
\n الطالب: الرفع من الركوع، قوله..\n
\n الشيخ: خطأ.\n
\n طالب: (...) يستثنى التكبير في صلاة العيدين. \n
\n الشيخ: التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين، فإنها أركان. \n
\n طالب: (...). \n
\n الشيخ: خطأ.\n
\n طالب: يستثنى من ذلك التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين؛ فإنها سُنَّة وكذلك..\n
\n الشيخ: فإنها سُنَّة، اصبر. \n
\n الطالب: ثانيًا.\n
\n الشيخ: ثالثًا؛ لأن التحريمة استثنيناها، ثالثًا.\n
\n طالب: تكبير المسبوق، إذا وجد الإمام راكعًا.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: والتكبير فيه سُنَّة.\n
\n الشيخ: تكبيرة الإحرام ولَّا الركوع؟\n
\n الطالب: لا، أول التكبير عليه.\n
\n الشيخ: أول تكبير؟\n
\n الطالب: لا، تكبير عليه سُنَّة.. يعني..\n
\n الشيخ: أيهما؟\n
\n الطالب: يعني تكبيرة الإحرام. \n
\n الشيخ: يعني تكبيرة الركوع؟\n
\n الطالب: سُنَّة.\n
\n الشيخ: سنة، طيب هذه ثلاثة.\n
\n طالب: تكبيرات الجنازة؛ فإنها أركان.\n
\n الشيخ: تكبيرات الجنازة؛ فإنها أركان، تمام، في شيء غير هذا؟\n
\n طالب: شيخ، تكبيرات الاستسقاء سنة؟ \n
\n الشيخ: إي، داخلة في تكبيرات العيد.\n
\n طالب: صلاة الكسوف، فإن الإنسان إذا رفع من الركوع.\n
\n الشيخ: لا؛ لأن هذا تابع للركوع. خلاص ما فيه إلا هذا.\n
\n طالب: المسبوق؟ \n
\n الشيخ: ذكرها. يقول المؤلف (\n التسميع)، التسميع على مَن؟\n
\n طالب: التسميع على الإمام، وعلى المنفرد.\n
\n الشيخ: وعلى المنفرد. والمأموم؟\n
\n الطالب: المأموم ليس عليه تسميع.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» \n .\n
\n الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الإمام: \n «وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». \n
(\n سبحان ربي العظيم)، الأخ.\n
\n طالب: سبحان ربي العظيم واجبة للمأموم والإمام.\n
\n الشيخ: واجبة على الكل، ما الدليل؟\n
\n الطالب: قول الله سبحانه وتعالى: \n {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤].\n
\n الشيخ: هذا عام.\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ» \n . \n
\n الشيخ: نعم، لكن هل يتعين (سبحان ربي العظيم)؟ يتعين؟\n
\n طالب: (...) النبي صلى الله عليه وسلم، يتعين، نعم.\n
\n الشيخ: قد يقول الإنسان: الحمد لله العظيم، الكبير، المتعالي. \n
\n طالب: نعم، يتعين؛ لأنه لما نزل قوله تعالى: \n {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» \n .\n
\n الشيخ: إذن هذا الدليل، أما الحديث الذي ذكره الأخ، فهو في الحقيقة ما يعين التسبيح.\n
\n طالب: يا شيخ هذا ما شرح. \n
\n الشيخ: كيف؟\n
\n الطالب: التسبيح في الركوع والسجود تكلمنا عليه من حيث النحو فقط؛ لأنها أصل (تسبيحتا).\n
\n الشيخ: عجيب!\n
\n الطالب: إي نعم، أما من حيث الحكم ما تكلمنا عليه. \n
\n الشيخ: على هذا (...) خير إن شاء الله.\n
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (\n وتسبيحتا الركوع والسجود).\n
وهذا مثنى، (\n تسبيحتا) مثنى معطوف على ما سبق، وهو مرفوع بالألف، وألف المثنى إذا تلاها همزة الوصل حذفت نطقًا لا كتابة.\n
قال: (\n الركوع والسجود) ولم يُبين المؤلف -رحمه الله- هاتين التسبيحتين، لكنه بينها فيما سبق؛ حيث ذكر أنه يقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم)، وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى).\n
إذن فقول المصلي في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) واجب، وفي سجوده: (سبحان ربي الأعلى) واجب.\n
والدليل على هذا أنه لما نزل قول الله تعالى: \n {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤] قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» \n . وهذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم لموضع هذا الذكر أو هذا التسبيح. \n
ومن المعلوم أن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن يجب علينا أن نرجع إليه؛ لأن أعلم الخلق بكلام الله رسولُ الله، ولهذا كان تفسير القرآن بالسنة هو المرتبة الثانية؛ فالقرآن يُفسَّر أولًا بالقرآن؛ مثل: \n {الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: ١ - ٣]؟\n
\n الطلبة: \n {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ}. \n
\n الشيخ: \n {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: ٤]، ويفسر بعد ذلك بسُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تبينه، مثل هذه الآية: \n {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال: \n «اجْعَلُوهَا فِي الرُّكُوعِ». وهذا بيان لموضع هذا التسبيح، وقد يُبين النبي صلى الله عليه وسلم المعنى، مثل قوله تعالى: \n {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]. \n {الْحُسْنَى}: هي الجنة، والـ\n {زِيَادَة}: النظر إلى وجه الله عز وجل؛ هكذا فسرها النبي صلى الله عليه وسلم.\n
وأما تسبيحة السجود فهي أيضًا مُفسَّرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» \n ، حين نزل قوله تعالى: \n {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١].\n
(\n وسؤال المغفرة مرة مرة، ويسن ثلاثًا). \n
(\n سؤال المغفرة) يعني سؤال المصلِّي المغفرة مرة مرة، ولم يُبيِّن المؤلف -رحمه الله- متى يكون هذا السؤال، ولكن نعتذر عن المؤلف بأنه سبق أن ذكر في صفة الصلاة بأن (\n رب اغفر لي) يكون بين السجدتين. \n
وقول المؤلف: (\n سؤال المغفرة) تقدم لنا مرارًا وتكرارًا أن المغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، وأنها مأخوذة من (الْمِغْفر) الذي يوضع على الرأس عند القتال لتوقِّي السهام، وفي هذا المغفر ستر ووقاية؛ فالمغفرة ليست مجرد الستر؛ ستر الذنب، ولا هي العفو عنه فقط، بل هي الستر مع العفو؛ ولهذا يقول الله سبحانه تعالى \n إذا خلا بعبده يوم القيامة، وقرره بذنوبه يقول: «قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ» \n . الحمد لله.\n
قال المؤلف: (\n سؤال المغفرة)، ولم يُبيِّن بأي صيغة، هل يقول: اللهم اغفر لي؟ أو يقول: أستغفر الله؟ أو يقول: رب اغفر لي؟\n
ونقول: إن المؤلف -رحمه الله- سبق في صفة الصلاة أنه يقول: (\n رب اغفر لي)، وعليه فيُحمل كلامه هنا على كلامه هناك، ويكون المعنى: سؤال المغفرة بلفظ: (\n رب اغفر لي)، فلو قال: اللهم اغفر لي، فإنه لا يجزئه، وهذا بناءً على أننا أحلنا هذا الكلام على ما سبق.\n
لكن يمكن أن يقال: إنه لا يلزم أن نُحيل هذا الكلام على ما سبق، ويكون المراد بذلك سؤال المغفرة بأي صيغة، فلو قال: اللهم اغفر لي لأجزأ، وهذا هو الصحيح خلافًا للمذهب الذي يقول فيه الأصحاب: إنه لا بد أن يقول: (\n رب اغفر لي)، فلو قال: اللهم اغفر لي يا كريم؛ ما أجزأ، لا بد أن يقول: (\n رب اغفر لي).\n
وقول المؤلف: (\n مرة مرة)، يعني: مرة في كل جلسة؛ مرة في الجلسة الأولى، ومرة في الجلسة الثانية، وهكذا، لكن يقول: (\n ويسن ثلاثًا).\n
الدليل على أنه يسن ثلاثًا: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه \n حين ذكر أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جلس بين السجدتين جعل يقول: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي» \n ، وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم غالبًا التكرار ثلاثًا. \n
قال: (\n ويسن ثلاثًا، والتشهد الأول) (\n وجِلسته) أو (\n جَلسته)؟\n
\n طالب: جَلسته.\n
\n الشيخ: بالفتح أو بالكسر؟\n
\n طالب: بالفتح.\n
\n الشيخ: بالفتح، يتعين.\n
(\n التشهد الأول) هو: (\n التحيات لله، والصلوات والطيبات، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).\n
والدليل على وجوبه: حديث عبد الله بن مسعود: \n كنا نقول قبل أن يُفرض علينا التشهد \n .\n
فإن قال قائل: لقد استدللتم بهذا الحديث على ركنية التشهد الأخير، فما بالكم هنا تستدلون به على أن التشهد الأول واجب لا ركن؟\n
فالجواب عنه أن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نسي التشهد الأول لم يَعُد إليه، وجبره بسجود السهو، ولو كان ركنًا لم ينجبر بسجود السهو.\n
والدليل على أن الأركان لا تنجبر بسجود السهو: \n أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سَلَّم من ركعتين من صلاة الظهر أو العصر أتمها، أتى بما ترك، وسجد للسهو \n .\n
فدل هذا على أن الأركان لا تسقط بالسهو، لا بد من الإتيان بها، وعلى هذا فنقول: لما سقط التشهد الأول بالسهو، دل ذلك على أنه أيش؟ واجب، تصح الصلاة بدونه مع السهو، ولا تصح بدونه مع العمد.\n
وأما قول المؤلف (\n وجَلسته)، فهي بفتح الجيم، ولا يصح أن نقول: وجِلسته؛ لأنك لو قلت: (وجِلستهُ)، لزم أن تكون الهيئة واجبة؛ وهي الافتراش، والافتراش ليس بواجب، بل هو سُنة، الواجب هو الجلوس.\n
قال ابن مالك رحمه الله في \n الألفية:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

وَ(فَعْلَــــــةٌ) لِمَــــــرَّةٍ كَـــــــــ(جَلْسَــــــهْ)

وَ(فِعْلَـــــــةٌ) لِهَيْئَـــــةٍ كَـــــــــ(جِلْسَـــــهْ)

\n
إذا أريد الهيئة -يعني الصفة والكيفية- قيل: فِعْلَة، وإذا أُريد المرَّة قيل: فَعْلَة.\n
إذن هنا المراد المرة؛ يعني المراد الجلوس، ليس الهيئة، فلو جلس للتشهد الأول متربعًا أجزأ؟\n
\n طالب: نعم.\n
\n الشيخ: أجزأ، ولو قلنا: إن الجِلسة واجبة لم يجزئ. \n
(\n جَلسته)، كيف قال المؤلف: (\n جَلسته)؟ وهل يمكن التشهد بدون جلوس؟\n
\n الطلبة: نعم.\n
\n الشيخ: يمكن يتشهد وهو قائم، أو يتشهد هو ساجد، فلا بد أن يكون التشهد كله في حال الجلوس.\n
قال: (\n والتشهد الأول وجَلسته، وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سُنَّة).\n
كم عد المؤلف من الواجبات؟\n
\n الطلبة: ثمانية.\n
\n الشيخ: ثمانية؟ ثمانية، وعرفتم أدلتها، ولكن في بعضها خلاف؛ فالتشهد الأول قال بعض العلماء: إنه سنة، واستدل لذلك بسقوطه بالسهو، والتكبيرات والتسميع والتحميد، واستدل لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكُرها للمسيء في صلاته، أما تكبيرة الإحرام فبالاتفاق أنها ركن، ولكن الأقرب أن التسميع والتحميد والتكبيرات واجبة؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» \n ، وسبقت الأدلة.\n
أما التشهد الأول فنقول: إن عدم رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم إليه لا يمنع الوجوب، لكنه يمنع القول بأيش؟ بالركنية، بل قد يقال: إن سجوده للسهو لتركه يدل على الوجوب؛ لأن الأصل منع الزيادة في الصلاة، وسجود السهو قبل السلام زيادة في الصلاة، ولا يُنتهك هذا المنع إلا لفعل واجب، فإذا وجب سجود السهو لتركه، دل ذلك على وجوبه، وإلا لكان وجوده وعدمه سواءً.\n
ثم قال المؤلف: (\n وما عدا الشرائطَ) ولَّا الشروط؟ \n
\n الطلبة: أحسن الله إليك، الشرائط.\n
\n الشيخ: (فَعائل) جمع (فَعِيلة)، كـ(صحائف) جمع (صَحِيفة)؛ فكأن المؤلف -رحمه الله- عبر بـ(\n الشرائط) التي واحدها (شريطة)، و(\n الشرائط) -سبقت لنا- أنها ما يجب للصلاة قبلها، وتتوقف عليها صحتها، كاستقبال القبلة والطهارة، وستر العورة وما أشبه ذلك.\n
وقوله: (\n والأركان)، سبقت لنا أيضًا، والفرق بينها وبين الشرائط: أن الشرائط خارج الصلاة، والأركان؟\n
\n طالب: هي ماهية الصلاة.\n
\n الشيخ: هي نفس الصلاة، هي ماهية الصلاة.\n
(\n الواجباتِ المذكورةَ) ليش قلنا: (\n الواجباتِ) بالكسر، واللي قبلها قلنا: بالنصب؟\n
\n طالب: لأن جمع المؤنث السالم نصبه تابع للجر. \n
\n الشيخ: جمع المؤنث السالم يكون؟\n
\n الطالب: إي، نصبه بالجر.\n
\n الشيخ: نصبه بالكسر!\n
\n الطالب: بالكسرة.\n
\n الشيخ: بالكسرة، (\n المذكورةَ)، لماذا نصبناها؟ لأنها صفة لمنصوب. واعلم أن (عدا) إذا اقترنت بها (ما) وجب نصب ما بعدها، وإن لم تقترن بها (ما) جاز فيما بعدها وجهان؛ الجر على أنها حرف جر، والنصب على أنها فعل، لكن إذا وجدت (ما) يتعين أن تكون فعلًا وينصب ما بعدها.\n
(\n والواجبات المذكورة سُنة) السنة في اصطلاح الفقهاء هي ما أُمِر به لا على سبيل الإلزام بالفعل، فتجتمع هي والواجب في أن كلًّا منهما أيش؟ \n
\n الطلبة: مأمورًا به.\n
\n الشيخ: مأمورًا به، وتنفصل عن الواجب؛ بأن الواجب على سبيل الإلزام، والسنة على غير الإلزام.\n
فإن قال قائل: أيما أفضل؛ الواجب أو السُّنَّة؟\n
قلنا: الأفضل الواجب؛ بدليل: السمع والعقل.\n
الدليل السمعي على أن الواجب أفضل من السنة: قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: \n «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» \n . وهذا صريح.\n
أما الدليل العقلي.. \n

فإن قال قائل: أيهما أفضل الواجب أو السنة؟ قلنا: الأفضل الواجب، بدليل السمع والعقل.
الدليل السمعي على أن الواجب أفضل من السنة قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» ، وهذا صريح: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ».
أما الدليل العقلي؛ فإن إيجاب الله له على العباد يدل على تأكده، وأنه لا يستقيم الدين إلا به، وعدم إلزام الله العباد بالسنة يدل على أنها ليست كتأكد الواجب، وما كان أوكد ففعله أحب إلى الله بلا شك، لولا شدة محبة الله له ما ألزم الله به العباد.
ومن العجب أن الشيطان يخفف على الإنسان أن يتصدق بالعشرة من ماله، ويثقِّل عليه أن يؤدي درهمًا واحدًا زكاةً عن ماله، تجد الناس في باب الزكاة أشحاء بخلاء يلتمسون الرخص؛ لعلهم يجدون عالمًا يقول: ليس عليكم زكاة في هذا، لكن في باب الصدقة ما يهمه أن يتصدق بأكثر من الزكاة، يجيء لشخص يقول: (...) جزاك الله خيرًا، أفتنا: ما تقول في الدين إذا كان على معسر، هل فيه زكاة؟ قال: نعم، فيه الزكاة؛ لأنه ملكك؛ تملك أن تسقطه، وتملك أن تطالب به، ولو مت لورث عنك، فهو مالك، فعليك الزكاة في الدين ولو كان على شخص معسر، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، قال: طيب، أنا أطلب فقيرًا خمسين ألف ريال، خمسين ألف ريال كم فيها؟
طلبة: ألفان ونصف يا شيخ.
الشيخ: ألف ومئتان وخمسون.
طالب: ألف وسبع مئة وخمسون.
الشيخ: فيها ربع العشر، كم عشر الخمسين؟
طالب: عشرة.
طلبة: خمسة.
الشيخ: خمسة آلاف، كم ربعه؟ ربع الخمسة ألف ومئتان وخمسون.
طالب: ألف وسبع مئة وخمسون.
الشيخ: لا، ألف ومئتان وخمسون.
قال: أسوق ألفًا ومئتين وخمسين على دين عند معسر، عندي في هذه الفتوى نظر، يقول وهو عامي: اذهب إلى عالم آخر، ذهب إلى عالم آخر قال: ما تقول في دين على معسر هل فيه زكاة؟ قال: لا، الدين اللي على معسر كالمعدوم؛ لأنك لا يمكنك أن تطالب به، ولا أن تطلب الشخص، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]، قال: هذا القول هو الراجح؛ ليش؟ لأنه وافق الهوى.
فأقول: إن الناس الآن في باب الزكاة تجد الواحد منهم يلتمس الرخص من أقوال أهل العلم، لكن في باب الصدقة يسهل عليه.
حتى في الصلاة الآن؛ في صلاة الفريضة يأتي الشيطان يلعب على الإنسان في الوساوس، ويفتح عليه كل باب، فإذا جاءت النافلة خشع خشوعًا عجيبًا، وهذا من الشيطان؛ لأنه إذا كنت تعطي النافلة شيئًا فأعط الفريضة أضعافه؛ أشياء؛ لأنها أحب إلى الله، وهي رأس مالك في الحقيقة.
المؤلف يقول هنا: (وما عدا ذلك من الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سنة)، ثم بين المؤلف رحمه الله الأحكام لكل واحد من هذه الأشياء الأربعة، فقال: (فمن ترك شرطًا لغير عذر غير النية فإنها لا تسقط بحال) يعني: بطلت صلاته، من ترك شرطًا لغير عذر بطلت صلاته، ولعذر لا تبطل.
مثال ذلك: صلى عريانًا وهو قادر على الستر، نقول: ترك شرطًا لغير عذر، فتبطل صلاته.
صلى إلى غير القبلة وهو يعلم القبلة، باطلة؛ لأنه ترك شرطًا لغير عذر.
ترك الوضوء وصلى، فصلاته باطلة؛ لأنه ترك الشرط من غير عذر.
إذا تركه لعذر صحت الصلاة، فلو صلى بغير وضوء ولا تيمم لعدم القدرة عليهما صحت صلاته.
استثنى المؤلف رحمه الله النية؛ لأن النية محلها القلب، ولا يمكن العجز عنها، لكن في الحقيقة يمكن النسيان فيها، مثل: أن يأتي الإنسان ليصلي الظهر، ثم يعزب عن خاطره نية الظهر وينوي العصر، وهذا يقع كثيرًا، هل تصح صلاته أو لا؟
طلبة: ما تصح.
طالب: على القول الراجح: ما تصح.
الشيخ: ما تصح؛ لماذا؟ لأنه ترك التعيين، عيَّن خلاف فرض الوقت، فلا تصح؛ لأن النية لا تسقط بحال.
بقي أن يقال: لو صلى الإنسان قبل الوقت جاهلًا، فما حكم صلاته؟ صلاته غير صحيحة، ويجب عليه إعادة الصلاة بعد دخول الوقت، وهذا مما يستدرك على المؤلف؛ لأن ظاهر قوله: (لغير عذر) أن هذه الصورة التي ذكرت تصح فيها الصلاة، مع أن الصلاة لا تصح، فكلام المؤلف فيه شيء من الاستدراك على حسب التفصيل الذي مر علينا.
قال: (أو تعمد ترك ركن أو واجب بطلت صلاته) إذا تعمد ترك الركن أو الواجب بطلت صلاته، مثل أن يتعمد ترك الركوع ويسجد من القراءة إلى السجود، فصلاته باطلة.
لو أنه ندم وهو ساجد، ثم قام وأتى بالركوع، ينفع ولَّا لا؟
طلبة: لا ينفع.
الشيخ: انتبهوا يا جماعة، بعد أن سجد تاركًا للركوع عمدًا نَدِم، ثم قام وأتى بالركوع، لا ينفعه؟
الطلبة: لا ينفعه.
الشيخ: نعم، لا ينفعه؛ لأنه تركه عمدًا، وبمجرد تركه وسجوده تبطل صلاته، فعليه أن يعيد الصلاة من جديد.
لو ترك التشهد الأول متعمدًا حتى قام، ثم ندم ورجع، تبطل صلاته؟
الطلبة: تبطل.
الشيخ: وإن رجع؟
الطلبة: وإن رجع.
الشيخ: وإن رجع؛ لأنه تعمد تركه، وإذا تعمد ترك واجب بطلت صلاته.
طالب: (...) سجود السهو؟
الشيخ: إي، باقٍ.
طالب: (...)؟
الشيخ: لا (...).
طالب: لو كان تردد يا شيخ هل هو سنة أو واجب؛ تردد في نفسه؟
الشيخ: يأتي به ويَسْلَم.
الطالب: (...) العبادة؟
الشيخ: إي نعم، يأتي به وبعدين يسأل.
طالب: في مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (...) استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ» ، الحديث، لكن في التعوذ قالوا: إن مذهبنا سنة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ» (...)؟
الشيخ: الصحيح -كما مر علينا- أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الأقرب أنها سنة، وليست بواجبة ولا ركن.
طالب: التعوذ يا شيخ؟
الشيخ: التعوذ ذكرنا فيما سبق أن فيه قولًا لبعض أهل العلم -وهو وجه لأصحاب الإمام أحمد- بوجوبه، وذكرنا أن طاوسًا أمر ابنه لما أخبره بأنه لم يتعوذ، أمره أن يعيد الصلاة .
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، ذكرنا في صفة الصلاة أنه لا يشرع أن يزيد على: رب اغفر لي أكثر من مرة بين السجدتين، وهنا يقول: (يسن ثلاثًا)؟
الشيخ: إي نعم، ذكرنا دليلهم هنا، لكن ذكرنا فيما سبق أنه لا يشرع إلا في صلاة الليل.
الطالب: وهنا يقول: (يسن)؟
الشيخ: هنا (...) مطلقًا المؤلف، لكن الأقرب الأول.
طالب: كل واجب أفضل من تطوع، قاعدة هذه؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: بعض الفقهاء يذكرون مثلًا الوضوء ثلاث مرات، يقول: أفضل من مرة، وهذا الواجب، وهذا يسن، وقول مثلًا الأذكار في الصلاة: سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى، الواجب واحد، ويسن ثلاثة؟
الشيخ: هذا ما هو مشكلة؛ لأن الذي يأتي بالثلاث قد أتى بالواحد.
الطالب: ما هو بأفضل (...) يا شيخ؟
الشيخ: لكن هذا زائد، هذا أتى بالواجب وزيادة، إذا قال: سبحان ربي العظيم، ثلاث مرات، فقد أتى؟
الطالب: بالواجب.
الشيخ: وزيادة، إذا توضأ ثلاث مرات فقد أتى بالواجب وزيادة، وهذا ما فيه إشكال، واستثناؤه غلط، بعض العلماء استثنى هذا، لكن غلط.
استثنى بعض العلماء أيضًا السلام، قال: ابتداؤه سنة، وردُّه فرض، وهذا الاستثناء فيه نظر؛ وذلك أننا نقول: من قال: إن ابتداء السلام أفضل من رده؟ يعني: لنا أن نمنع ونقول: رده أفضل من ابتدائه، ولنا أن نسلم ونقول: ابتداؤه أفضل من رده، لكن نقول: وصار الابتداء أفضل من الرد؛ لأنه هو سبب الرد، والرد مبني عليه؛ لولا السلام ما حصل الرد.
استثنى بعضهم أيضًا شيئًا ثالثًا، قال: إبراء المعسر أفضل من إنظاره، المعسر: المدين، وإنظاره واجب، وإبراؤه سنة، فهنا السنة أفضل من الواجب.
هذا الاستثناء أيضًا فيه نظر؛ ليش؟ لأن الإبراء يشتمل على الإنظار وزيادة، المبرئ خلاص، ما هو مطالب هذا لا في الدنيا ولا في الآخرة، والمنظِر يطالبه إذا أيسر.
فالمهم أن بعض الناس استثنى أشياء، ولكنها في الحقيقة لا تستثنى، والله عز وجل قال: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ» ، كلام الله عز وجل، وكل ما ادُّعِي أنه مستثنى ففيه نظر، إي نعم.
طالب: يا شيخ، بعض العلماء يذكر في تفسير القرآن، يقول: يفسر القرآن بالقرآن أولًا، فإن لم يوجد فبالسنة، أليس الواجب أن يفسر القرآن بالقرآن والسنة معًا؛ يعني: لا يبحث في القرآن أولًا؟
الشيخ: أصله ما يوجد مثال تعارض تفسير السنة وتفسير القرآن.
الطالب: يعني: ظاهر عبارتهم أليس فيها..؟
الشيخ: لا، أبدًا، قصدهم معلوم: أول من نرجع إليه في تفسير الكلام من تكلم به.
طالب: شيخ، قلنا: إنه إذا صلى قبل دخول الوقت فبطلت صلاته وهو ناسٍ؟
الشيخ: إي نعم، لا تسقط بها الفريضة، لكن له أجر، تكون نافلة في حقه، إي نعم.
الطالب: ويعيد الصلاة؟
الشيخ: ويعيد الصلاة.
الطالب: طيب، يا شيخ ما يقاس على الصيام؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يعني: الصيام لما أفطروا والدنيا غيم وطلعت الشمس لم يأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعادة ، وهذا فرضٌ وهذا فرضٌ؟
الشيخ: ما رأيك لو أن رجلًا ظن أن رمضان شعبان وصام في شعبان شهرًا كاملًا، ثم قدم البلد وقالوا له: غلطت بالحساب، واحد مثلًا بره صام شعبان كله، يوم صار يوم واحد من رمضان عيد، فلما قدم البلد قيل: هذا أول يوم من رمضان؟
الطالب: لا، يا شيخنا.
الشيخ: يعيد ولَّا ما يعيد؟
الطالب: يعيد.
الشيخ: نفس الشيء، أما هذاك فهو فعل محذور؛ الإفطار فعل محذور، وفعل المحذور يعذر فيه الجاهل والناسي.
(...) على أركان وواجبات وشروط وسنن، فما مصدر هذا التقسيم؟
طالب: التتبع.
الشيخ: التتبع.
الطالب: تتبع الأحاديث؛ السنن اللي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أو الأدلة عمومًا حتى يشمل القرآن.
الطالب: عموم الأدلة تبين أن الصلاة فيها فرائض وأركان وواجبات.
الشيخ: وسنن.
هل يعتبر هذا التقسيم بدعة، أو وسيلة إلى تقريب الشريعة للأمة؟
طالب: لا يعتبر بدعة؛ لأنه ليس مقصودًا به العبادة، بل مقصود به شيء ثانٍ، فهو من باب تقريب الوسيلة.
الشيخ: إي، إذن وسيلة لتقريب..
الطالب: الفهم فقط منها.
الشيخ: الفهم والشرع للأمة.
هل الوسائل تعتبر كالمقاصد والغايات؛ بحيث لا نأتي بوسيلة إلا إذا ثبتت بعينها عن الشارع، أو نقول: إن الوسائل أوسع من الغايات، فكل ما كان وسيلة لشيء فله حكم ذلك الشيء؟
الطالب: الوسيلة (...).
الشيخ: يعني (...) الأول، وأيش تقولون يا جماعة، توافقونه؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نعم، لكن يستثنى من ذلك أن تكون الوسيلة محرمة بعينها، فهذه لا يجوز أن تستخدم.
لو قال قائل: أنا بأدعو هؤلاء الجماعة؛ كفار بأدعوهم بالضرب على الربابة والعود وأغنية فلان وفلان من الأغاني الخليعة، ليش يا أخي؟ قال: عشان (...) للإسلام، يجوز هذا ولَّا لا؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، إذن انتبهوا لهذه النقطة؛ لأن بعض الناس الآن يشتبه عليهم الأمر، يظنون أن الوسائل غايات ويقولون: لا بد أن تثبت الوسيلة بعينها عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإلا فلا نقبلها ونقول: أنت مبتدع؛ ولهذا يبدعون الفقهاء في تقسيمهم هذه الأشياء إلى واجبات وأركان وشروط.
فنحن نقول: الشرع مقاصد ووسائل؛ المقاصد غايات لا يمكن أن نغير فيها ولا أن نستبدلها بغيرها، والوسائل لها أحكام الغايات ما لم تكن محرمة بعينها، فإن كانت محرمة بعينها فهي حرام.
يقول المؤلف رحمه الله: إن من أركان الصلاة القيام، فهل يستثنى من هذا شيء؟
طالب: نعم، يستثنى ما إذا كان مسبوقًا، أو يستثنى إذا كان على الراحلة.
الشيخ: اصبر، سلَّمك الله، القيام؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: المؤلف يقول: القيام ولم يفصِّل، أولًا هل هذا على عمومه أو يستثنى منه شيء؟
الطالب: يستثنى منه شيء.
الشيخ: ما الذي يستثنى؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: العاجز.
الطالب: والذي لا يعلم القبلة.
الشيخ: ما.. القيام، وين القبلة في القيام؟
الطالب: يصلي على الراحلة في النافلة.
الشيخ: يعني: النافلة إن صلى الراحلة.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وإلا فالقيام ركن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تأكد يا أخي؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: طيب، هذا العاجز.
الطالب: المريض.
الشيخ: المريض داخل في العاجز.
الطالب: المعذور، إذا واحد ما عليه..
الشيخ: الخائف يعني؟
الطالب: لا، ما عليه هدوم وصلى جالسًا.
الشيخ: العاري يعني؟
الطالب: العاري.
الشيخ: العاري، طيب، هذا واحد، اثنان يعني.
طالب: إمام الحي إذا صلى قاعدًا.
الشيخ: أيش؟ إذا صلى قاعدًا وهو عاجز دخل في قولنا: عاجز، إمام الحي.
طالب: النافلة مطلقًا.
الشيخ: والنافلة، طيب هذه ثلاثة.
الطالب: والمأمومون إذا صلوا مع إمام ابتدأ صلاة..
الشيخ: والمأموم إذا صلى خلف إمام يصلي قاعدًا، هذه أربعة.
طالب: والخائف.
الشيخ: الخائف، هذه خمسة.
طالب: ما لم يصل إلى حد الركوع (...).
الشيخ: أيش هذا؟ لا، هذا قائم.
طالب: ما أدري هل هذا من العاجز ولَّا لا؟ بالنسبة إذا كان في مكان ضيق وما يقدر يعني..
الشيخ: هذا عاجز يا شيخ، يخرق السقف؟! ما يقدر.
طالب: إذا أدرك الإمام راكعًا هل يسقط عنه القيام؟
الشيخ: لا، ما يسقط، خمسة أشياء.
ما هو الدليل على أن القيام ركن؟
طالب: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ».
الشيخ: «فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ».
الطالب: نعم.
الشيخ: واللي بيسبغ الوضوء يتوضأ قائم.
الطالب: «ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» .
الشيخ: وين القيام؟
الطالب: استقبل القبلة قائمًا يعني..
الشيخ: مين قال: قائمًا؟ أنا الآن مستقبلها وأنا قاعد.
الطالب: النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قائمًا، ورَدَ عنه.
طالب آخر: الدليل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨].
الشيخ: أحسنت، هذا من القرآن. من السنة؟
طالب: حديث عمران بن الحصين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَجَالِسًا».
الشيخ: «فَقَاعِدًا».
الطالب: «فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبَيْكَ» .
الشيخ: طيب، أحسنت. ما هو الدليل على استثناء العاجز؟
طالب: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].
الشيخ: تمام، و{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].
والدليل على استثناء النفل؟
طالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْجَالِسِ».
الشيخ: «الْقَاعِدِ».
الطالب: «الْقَاعِدِ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ».
الشيخ: «عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ صَلَاةِ».
الطالب: «الْقَائِمِ».
الشيخ: «الْقَائِمِ» .
ما هو الدليل على استثناء من صلى خلف من يصلي قاعدًا؟
طالب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى قاعدًا فقام الصحابة، فأشار إليهم أن اجلسوا، أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم بمعنى الحديث: إذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا.
الشيخ: «إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» .
طيب، الدليل على استثناء الخائف؟
طالب: قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩].
الشيخ: الغالب أن اللي يمشي رجليه بيصير واقف؛ قائم.
الطالب: الخائف..
الشيخ: الراكب يمكن يصير يركب وهو جالس.
الطالب: لعموم الأدلة.
الشيخ: أيش الأدلة؟
الطالب: أن الله سبحانه وتعالى قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].
الشيخ: إي نعم، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].
ذكر المؤلف رحمه الله أن من الأركان الجلوس بين السجدتين، ما هو الدليل؟
طالب: فعله عليه الصلاة والسلام، وقوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
الشيخ: ما يصح هذا الدليل.
الطالب: قوله: «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ جَالِسًا» .
الشيخ: من يقول له؟
الطالب: للمسيء صلاته.
الشيخ: المسيء صلاته، «حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا».
ذكر المؤلف رحمه الله أن الترتيب ركن، فما هو الدليل على أنه ركن؟ الترتيب يعني: تبدأ بالركوع ثم بالسجود؛ يعني معروف؟
طالب: الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر المسيء في صلاته أمره بقيامه إلى الأركان مرتبة لم يقدم منها شيئًا على شيء..
الشيخ: مرتبة بأيش؟
الطالب: مرتبة بالفعل.
الشيخ: مرتبة بأي واسطة؟
الطالب: بـ(ثُم).
الشيخ: زين، مرتبة بـ(ثم).
الطالب: و(ثم) تفيد الترتيب، وأيضًا محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة على هذه الصفة؛ أنه لا يقدم شيئًا على شيء، وقوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
الشيخ: هذه اثنتان، ثالثًا؟
الطالب: دليل؟
الشيخ: نعم.
الطالب: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧]، فالركوع قبل السجود.
الشيخ: فبدأ الله بالركوع قبل السجود، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَبْدَأُ».
الطالب: «بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» .
الشيخ: «بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»، طيب، لكن أصرحها الأول؛ حديث المسيء في صلاته .
ذكر المؤلف أن التشهد الأخير ركن، وأن التشهد الأول واجب، فما دليله في كل منهما؟
طالب: الدليل على ركنية التشهد الأخير قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنا كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: سلام من عباده على الله، وسلام على جبرائيل وميكائيل، وسلام على فلان وفلان ، الشاهد قوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، وخرج التشهد الأول (...) سجود السهو لما نسيه النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: وأيش تقولون يا جماعة، صحيح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، فقوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، يقتضي أن يكون التشهدان فرضين، ثم جبر التشهد الأول بسجود السهو يدل على أنه ليس بركن.
ذكر المؤلف رحمه الله أن التكبير من واجبات الصلاة غير التحريم، ما هو الدليل؟
طالب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» ، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على..
الشيخ: «إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا»، فأمر؟
الطالب: بالتكبير.
الشيخ: بالتكبير، طيب.
الطالب: «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا».
الشيخ: خليك معي، هذه واحدة، والأمر للوجوب، دليل آخر؟
الطالب: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على..
الشيخ: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التكبير، كما رواه الصحابة عنه: أنه يكبر كلما خفض وكلما رفع .
الطالب: وقوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
الشيخ: طيب، هل يستثنى من هذا شيء؟
طالب: التكبير استثنى في الاستسقاء يا شيخ.
الشيخ: كيف؟ المؤلف رحمه الله يقول: (التكبير ما عدا التحريمة) ما هذا الاستثناء في التحريمة، هل معناه أنها ليست بواجبة، ولَّا ويش معناه؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، يعني التحريمة غير واجبة؟
الطالب: نعم، تكبيرات الإحرام يعني ركن.
الشيخ: هو قال: (التكبيرات غير التحريمة).
الطالب: إي نعم، التكبيرات غير التحريمة.
الشيخ: يعني إذن التحريمة ليست بواجبة، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: وأيش نوعها؟
الطالب: لأنها ركن.
الشيخ: صحيح يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: إي نعم، واجب وزيادة؛ لأنها ركن.
هل يستثنى من التكبير غير التحريمة شيء؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: المسبوق أو العيدين.
الشيخ: اصبر، المسبوق كيف يعني؟
الطالب: (...).
الشيخ: المسبوق متى؟
الطالب: إذا لحقه وهو في الركوع.
الشيخ: إذا دخل مع الإمام راكعًا.
الطالب: فيكبر تكبيرة الركن في الركوع.
الشيخ: يكبر تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الركوع تعتبر؟
طالب: تعتبر واجبة، ولكن إذا تركها (...).
الشيخ: أيش واجب؟ إذا كانت تعتبر واجبًا فلا وجه للاستثناء، شوف ترى بعض الطلبة يكون فاهمًا وعارفًا، لكن عند السؤال يرتبك.
الطالب: (...).
الشيخ: وأيش يدل عليه؟
طالب: بعض الناس طبيعته هكذا.
الشيخ: يدل على أحد أمرين؛ إما أنه لم يفهم جيدًا وخاف يقع في حفرة، وإما أن فيه شيئًا من الجبن.
يستثنى؟
طالب: يستثنى المسبوق.
الشيخ: المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا، وهذا صحيح.
الطالب: والعيدين؛ التكبير للعيدين.
الشيخ: تكبيرة الركوع في العيدين ليست واجبة.
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب.
الطالب: وكذلك..
الشيخ: الجماعة يخالفونك.
الطالب: التكبير للعيدين يا شيخ.
الشيخ: إي هذه، أنا سألتك الآن قلت: التكبير للركوع في العيدين غير واجب.
الطالب: (...) التكبير التسع، قصدي سبع وخمس.
الشيخ: إي، الزوائد يعني؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تمام، هذه اثنين.
الطالب: (...) الاستسقاء يا شيخ.
الشيخ: والاستسقاء تبع لها؛ لأنها كالعيد.
ثالثًا؟
طالب: الجنازة.
الشيخ: تكبيرات الجنازة.
الطالب: ركن.
الشيخ: فإنها كلها أركان.
هذه ثلاثة أشياء، فصار قول المؤلف: (غير التحريمة) يحتاج إلى إضافة، ما هم؟ ثلاثة أشياء؛ إذا أدرك المسبوق الإمام راكعًا، والتكبيرات الزوائد في صلاة العيد، والثالث؟
طالب: الجنازة.
الشيخ: تكبيرات الجنازة، تمام.
المؤلف رحمه الله قال: إن التشهد الأخير ركن، وكذلك جلسته، هل نقول: جِلسته أو جَلسته؟
طالب: جَلسته بالفتح.
الشيخ: بالفتح، لماذا لا نقول: جِلسة؟
الطالب: ليس المقصود الهيئة.
الشيخ: لأن الجلسة ليست ركنًا؛ إذ إن الجلسة هي الهيئة، وهيئة الجلوس ليست ركنًا، الجَلسة بمعنى الجلوس هي الركن، كذا ولَّا لا؟ هل هناك دليل على أن الجلسة للتشهد الأخير ركن؟
طالب: الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم قالوا: علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ (...)» ، وذكر الحديث.
الشيخ: هذا دليل على أن الجلسة ركن؟
الطالب: لا، دليل على أن التشهد ركن.
الشيخ: يا أخي، أنا أسأل: ما هو الدليل على أن الجلسة للتشهد الأخير ركن؟
الطالب: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الجلوس.
الشيخ: ما (...) غير هذا؟
طالب: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
الشيخ: لا، هذه تكميل لكلام يوسف.
طالب: لأن الجلسة (...) التشهد، والتشهد فرض، وهذا جلسته؛ ولهذا (...).
الشيخ: صحيح، الجلسة ما فيه تشهد إلا فيه جلسة، الرسول ما يتشهد إلا في الجلسة؛ ولهذا أنا أقول: جلسة الفرض، وجلسة الفرض فرض.
طالب: أيضًا فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
الشيخ: لا، العمومات ما نريدها، إذا أمكن الدليل الخاص.
طالب: فيه دليل عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ..» ، هذا يصلح؟
الشيخ: «إِذَا قَعَدَ فَلْيَقُلْ» ما هو إلا ذاك؛ يعني: لا بأس به.
على كل حال كون الرسول ما تشهد إلا (...)، وأيضًا الجلسة مضافة إلى فرض فلا بد أن يكون فرضًا.
المؤلف يقول: (ما عدا ذلك فسنن) وأيش مراده أنها سنن؟
طالب: يعني: يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها.
الشيخ: ولا يعاقب تاركها، تمام، اضرب لي مثلًا من القول والفعل؟
الطالب: يعني مثلًا إذا قام..
الشيخ: سنن قولية وسنن فعلية؟
الطالب: السنة الفعلية..
الشيخ: سنن قولية وسنن فعلية، أنت حديث عهد بصلاة يا أخي.
الطالب: السنن القولية: قول المصلي..
الشيخ: رب اغفر لي.
الطالب: رب اغفر لي، لا، قول المصلي في التسبيحات؛ يعني: مثلًا تسبيحه: سبحان ربي العظيم مرة واحدة واجبة، والثانية سنة.
الشيخ: يعني: ما زاد عن الواحد في تسبيح الركوع والسجود؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تمام، الفعل؟
الطالب: الفعل: القيام، التشهد..
طالب آخر: رفع اليدين بعد الركوع.
الشيخ: بعد الركوع؟! بعد الركوع ما فيه رفع.
طالب: (...).
الشيخ: لا تفسِّر يا أخي، أناقش معه.
الطالب: (...).
الشيخ: رفع اليدين بعد الركوع على الركبة، ما فيها رفع.
الطالب: لا، بعدما ترفع.
الشيخ: يعني: رفع اليدين عند الرفع؟
الطالب: (...).
الشيخ: طيب، صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: هذه سنة أيش؟
الطلبة: فعلية.
الشيخ: سنة فعلية.
ما تقول في الالتفات عند السلام؛ الالتفات يمينًا وشمالًا هل هو ركن ولَّا واجب ولَّا سنة؟
طالب: الظاهر سنة.
الشيخ: والباطن؟!
الطالب: سنة؛ لأنه قال المؤلف: (ما عدا ذلك فهو سنة).
الشيخ: أحسنت، يعني ممكن نأخذه من كلام المؤلف، ولَّا عاد ما نستفيد بكلام المؤلف؛ لأن كلام المؤلف غير معصوم، لكن يمكن أن نأخذها إذا أردنا أن نمشي على كلام المؤلف أن نأخذها من قوله: (ما عدا ذلك فهو سنة)، وهذا استنباط جيد.
الالتفات الآن كثير من الناس يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، فيلتفت عند قوله: ورحمة الله.
طالب: (...)؟
الشيخ: هذا ما له أثر، ذكرنا هذا؛ أنه يشرع في الالتفات حينما يشرع بالسلام؛ السلام عليكم، والحكمة لأجل أن تأتي الكاف التي للخطاب ووجهه إلى من؟ إلى المصلين.
أحكام هذه الأشياء الأنواع الثلاثة أو الأربعة؛ الشرائط والأركان والواجبات والسنن، كل واحدة لها حكم، الشرط ما حكم تركه؟
طالب: (...) الصلاة.
الشيخ: حكم ترك الشرط؟
الطالب: ما تقوم العبادة حتى يأتي بالشرط.
الشيخ: إذا ترك الشرط بطلت الصلاة؟ أجب يا أخي ما فيه شيء.
الطالب: نعم، تبطل الصلاة.
الشيخ: بدون قيد ولا شرط؟
طالب: إذا ترك الشرط والركن متعمدًا بطلت الصلاة، وإذا تركه..
الشيخ: الشرط؟
الطالب: الشرط إذا تركه لغير عذر تبطل الصلاة.
الشيخ: ولعذر؟
الطالب: ولعذر كذلك.
الشيخ: إذن من تركه مطلقًا.
طالب: من ترك شرطًا لغير عذر بطلت صلاته، وإن كان لعذر فإنها لا تبطل.
الشيخ: طيب، ما رأيك في رجل صلى عريانًا لعدم وجود الثوب؟
الطالب: هذا الرجل معذور.
الشيخ: تصح صلاته؟
الطالب: تصح.
الشيخ: طيب، صلى إلى القبلة عجزًا عن استقبال القبلة؟
الطالب: كذلك تصح صلاته.
الشيخ: ليش؟
الطالب: لأنه معذور.
الشيخ: لأنه معذور، طيب، هل يستثنى من قولنا: من ترك شرطًا لغير عذر لم تصح صلاته، هل يستثنى من هذا شيء؟
الطالب: من الشروط؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: لا يستثنى.
الشيخ: المؤلف ما استثنى شيئًا؟
طالب: استثنى النية.
الشيخ: استثنى النية؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، هل استثناؤه النية؛ أي: أنه إذا ترك النية صحت أو أن الحكم شيء آخر؟
الطالب: الحكم أن النية.. أي: لا يعذر بتركها.
الشيخ: بيَّنها المؤلف قال: (فإنها لا تسقط بحال).
الطالب: نعم.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن النية محلها القلب، فلا عذر بالعجز عنها.
الشيخ: لا، فلا يمكن العجز عنها.
الطالب: لا يمكن العجز عنها فلا يعذر.
الشيخ: لا يمكن العجز؛ ولذلك لا نقول بالعذر، النية محلها القلب ولا يمكن العجز عنها؛ ولهذا لا نقول: لعذر، صح؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، استفدنا من قول المؤلف: (غير النية فإنها لا تسقط بحال) على أن الصلاة لا تسقط؟
طالب: لا تسقط.
الشيخ: ما دام العقل؟
الطالب: باقيًا.
الشيخ: كذا؟ حتى لو عاجزًا عن الحركة؟
الطالب: أعد السؤال يا شيخ.
الشيخ: أقول: استفدنا من قول المؤلف لا تسقط بحال على أن الصلاة لا تسقط ما دام العقل؟
الطالب: ما دام العقل باقيًا.
الشيخ: طيب، ولو عجز عن الحركة؟
الطالب: لا، إن عجز عن الحركة فإنه يصلي بقلبه.
الشيخ: يعني ما تسقط الصلاة ولو عجز؟
الطالب: ولو عجز.
الشيخ: ولو عجز عن الحركة.
الطالب: نعم.
الشيخ: إي، وأيش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، وأما ما ذهب إليه بعض العلماء من أنه إذا عجز عن الحركة سقط وجوب الصلاة، فهذا لا وجه له.
هل يسجد للسهو إذا ترك مستحبًّا، إذا ترك مسنونًا هل يسجد للسهو ولَّا لا؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: يسجد؟
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف؟
الطالب: مثاله: إذا ترك الجلسة الأولى.
الشيخ: أي الجلسة الأولى؟
الطالب: الجلسة الأولى.
الشيخ: يعني: الجلسة بين السجدتين؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وهذه سنة؟
الطالب: هذا ما هو واجب، لكن في السجود للسهو يقبل، يسجد.
الشيخ: الجلسة بين السجدتين واجب؟
الطالب: يسجد..
الشيخ: أقولك لك: هل الجلسة بين السجدتين واجب؟
الطالب: إي، هي من شروط الصلاة.
الشيخ: (...)، شرط؟
الطالب: إي، من الشروط، إذا ترك وما سجدت لازم تسجد سجود السهو، سنة.
الشيخ: الآن -ما شاء الله- صار شرطًا وواجبًا وسنة، باقٍ عليك الصواب، الصواب ما قلته إلى الآن!
طالب: لا يسن السجود إلا إذا استمر؛ يعني: داوم على فعل السنة، يشرع ذلك من تمام الصلاة.
الشيخ: سؤالي الآن الذي وجهناه إلى الأخ: هل الجلوس بين السجدتين سنة أو ماذا؟
طالب: شرط.
الشيخ: شرط.
طالب: بين السجدتين؟
الشيخ: نعم.
طالب: أركان يا شيخ، ركن.
الشيخ: ركن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: صحيح، إذن المثال الذي ذكره الأخ ما يصح؛ يعني: تمثيله بالجلسة بين السجدتين غير صحيح، مثِّلْ لنا أنت بمستحب تركه؟
الطالب: داوم على الاستفتاح أو (...) الاستفتاح.
الشيخ: لا، خلاص راح عنك.
الطالب: داوم على ذلك.
الشيخ: كيف داوم عليه؟
الطالب: يعني دائمًا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: وأيش يقول؟
الطالب: دعاء الاستفتاح: «سُبْحَانَكَ» ..
الشيخ: أقول: مثِّلْ لترك سنة، عشان (...) هل يسجد للسهو ولَّا ما يسجد؟ كرجل صلى فترك، كمِّل.
الطالب: مثلًا رجل اعتاد في صلاته يقبِّل يديه عند كل تكبيرة.
الشيخ: كيف؟
الطالب: اعتاد في صلاته..
الشيخ: أقولك يا أخي: رجل صلى فترك.
الطالب: ترك سنة؟
الشيخ: إي نعم، مثل أيش؟
الطالب: زيادة على التسبيح يا شيخ.
طالب آخر: رجل اعتاد أن يقنت في الفجر أو في الوتر، ثم نسيه، فله أن يسجد للسهو.
الشيخ: طيب، وليش ما تعطونا آلاف الأمثلة؟ عندكم غير هذه الأشياء اللي فيها الخلاف واللي فيها الإشكال.
طالب: فيه دعاء الاستفتاح فيه الاستعاذة، فيه البسملة، فيه..
الشيخ: يعني: إذن رجل نسي أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام؟
الطالب: نعم.
الشيخ: هذه أول سنة تلاقينا في الصلاة، هل يجب سجود السهو؟
الطالب: المؤلف يقول رحمه الله: إنه لا يشرع، وإن عمل فلا بأس.
الشيخ: إذن لا يجب.
الطالب: إي، لا يجب، الوجوب لا يجب، إي نعم، لكن ذكرنا أن..
الشيخ: ويسن ولَّا ما يسن؟
الطالب: يسن.
الشيخ: على رأي المؤلف؟
الطالب: على القول الراجح، على رأي المؤلف: لا يسن.
الشيخ: على رأي المؤلف: لا يسن، وإن سجد؟
الطالب: فلا بأس.
الشيخ: فلا بأس، وذكرنا أن القول الراجح؟
الطالب: أنه إن واظب على السنة فليسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانَ» .
الشيخ: نعم، طيب، وإلَّا؟
الطالب: فلا يسجد.
الشيخ: فلا يسجد.
ما تقول في رجل ترك قول: سبحان ربي العظيم عمدًا؟
طالب: يسجد للسهو.
الشيخ: عمدًا؟
الطالب: عمدًا، ترك واجبًا، تبطل.
الشيخ: تبطل صلاته؛ لأنه ترك واجبًا في الصلاة. طيب، وإن كان سهوًا؟
الطالب: إن كان سهوًا يسجد للسهو.
الشيخ: يسجد للسهو وتصح، تمام.
جماعة صلوا بدون إقامة للصلاة؟
طالب: ليس عليهم شيء.
الشيخ: هل تبطل صلاتهم؟
الطالب: لا، الإقامة سنة.
الشيخ: الإقامة سنة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: للجماعة؟
الطالب: لكن لا تبطل صلاتهم.
الشيخ: أنت الآن نشوف هل هي سنة ولَّا واجب، جماعة في الحضر؟
الطالب: نعم، واجب.
الشيخ: واجب؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب، صلوا بدون إقامة؟
الطالب: إن كان عمدًا تبطل.
الشيخ: تبطل صلاتهم؟
الطالب: إن قلنا: إن الإقامة واجبة تبطل صلاتهم.
الشيخ: نعم، نقول: واجبة.
الطالب: تبطل صلاتهم.
الشيخ: تبطل صلاتهم؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب، نشوف.
طالب: لا تبطل صلاتهم؛ لأن الإقامة واجبة للصلاة وليست في الصلاة، وسجود السهو أتي به جبرًا لما يحصل في الصلاة، وهذا خارج الصلاة.
الشيخ: إي، ويش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، إي نعم، لو تركوا الإقامة مع وجوبها عمدًا لم تبطل صلاتهم؛ لأنها واجب للصلاة وليس واجبًا في الصلاة؛ ولهذا نقول: لو تركوا صلاة الجماعة وصلوا فرادى مع قدرتهم على الجماعة لم تبطل صلاتهم؛ لأن الجماعة واجبة للصلاة لا في الصلاة، واضح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن نفرق بين الواجب للشيء والواجب في الشيء؛ الواجب للشيء يأثم الإنسان بتركه، ولكن ما يتعدى هذا الحكم إلى إبطال هذا الشيء، والواجب في الشيء إذا تعمد تركه بطل.
ما هو الدليل على أن الركوع ركن في الصلاة؟
طالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته.
الشيخ: ويش قال؟
الطالب: «إِذَا قُمْتَ فَكَبِّرْ ثُمَّ ارْكَعْ».
الشيخ: قال له: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى»؟
الطالب: «تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا» .
الشيخ: أحسنت، صحيح هذا يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب. ما تقول في رجل سجد قبل أن يركع؟
طالب: عامدًا؟
الشيخ: عامدًا.
الطالب: إذا كان عامدًا بطلت صلاته.
الشيخ: تبطل الصلاة ولَّا يعيد الصلاة؟
الطالب: يعيد الصلاة.
الشيخ: ولا تبطل؟
الطالب: تبطل.
الشيخ: تبطل ويعيدها؟
الطالب: أيوه يعيدها.
الشيخ: ناسيًا؟
الطالب: ناسيًا يسجد للسهو.
الشيخ: يسجد للسهو فقط ولَّا يأتي بالسجود بعد الركوع؟
الطالب: بعد الركوع؟
الشيخ: إي، هو سجد قبل أن يركع، ويش تقول؟
طالب: يأتي بالسجود بعد الركوع.
الشيخ: يأتي بالسجود بعد الركوع ويسجد للسهو، تمام.

***

***

الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فمتى زاد فعلًا من جنس الصلاة قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا عمدًا بَطَلَتْ، وسهوًا يَسجدُ له، وإنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فرغَ منها سَجَدَ، وإنْ عَلِم فيها جلس في الحال فتشهَّد إنْ لم يكن تشهَّد وسجد وسلَّم، وإنْ سبَّح به ثقتانِ فأَصَرَّ ولم يَجْزم بصوابِ نفْسه بطلتْ صلاتُه وصلاةُ من تَبِعه عالمًا، لا جاهلًا أو ناسيًا ولا من فارقه).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
إضافة (سجود السهو) من باب؟
طالب: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
الشيخ: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
الإضافة تكون على تقدير؟
طالب: سجود للسهو.
الشيخ: لا، الإضافة عمومًا تكون على تقدير؟
طالب: اللام.
الشيخ: بَس اللام.
الطالب: لا، الإضافة تكون على تقدير (مِن)، و(في)، لكن هنا اللام.
الشيخ: تقدير (مِن)، و(في)، واللام.
متى تكون على تقدير (في)؟
طالب: الغالب يا شيخ تكون على تقدير اللام، غير هذا قليل.
الشيخ: متى تكون على تقدير (في)؟
طالب: ظرف الزمان والمكان.
الشيخ: إذا أيش؟ إذا كان المضاف إليه ظرفًا لأيش؟
الطالب: ظرفًا للمضاف.
الشيخ: ظرفًا للمضاف، تمام، مثاله؟
طالب: قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ: ٣٣].
الشيخ: قالوا: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي: مكرٌ في الليل.
الضابط لِمَا كانتْ على تقدير (مِن)؟
طالب: (...).
الشيخ: ما يحتاج، (...)، يعني هذه لأنها فائدة نحوية ما للفقه فيها دَخْل.
الطالب: (...) ظرف زمان.
الشيخ: لا.
طالب: إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف.
الشيخ: إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف، مثاله؟
الطالب: ثوبُ خَزٍّ.
الشيخ: ثوبُ خَزٍّ؛ يعني ثوبٌ من خَزٍّ، خاتمُ حديدٍ.
ومتى تكون على تقدير اللام؟
طالب: إذا كان المضاف إليه سببًا للمضاف مثل: (سجودُ السهْوِ) سجودٌ للسهْوِ.
الشيخ: إي نعم.
طالب: إذا كان المضاف إليه (...) للمضاف.
الشيخ: إي نعم.
طالب: ما عدا ذلك، ما عدا المذكور.
الشيخ: ما عدا ذلك، فيما عدا ذلك تكون على تقدير اللام، هذا الصحيح.
هل هناك فرقٌ بين السهو عن الصلاة والسهو في الصلاة؟
طالب: نعم.
الشيخ: من حيثُ المعنى ومن حيثُ الحكْم؟
الطالب: إي نعم، من حيث المعنى أنه يكون السهْو عن الصلاة ليس داخلًا فيها بلْ خارجًا عنها، والسهو في الصلاة يكون متلبِّسًا بها ولكنْ سَهَا عن بعضها، ومن حيث..
الشيخ: لا.
الطالب: أو يكون مذمومًا إذا سَهَا عنها.
الشيخ: هذا الحكْم، كلمة (مذموم) لا تَجِئ بها هنا.
الطالب: إذا سَهَا عن الصلاة يكون هذا سهْوًا مذمومًا.
طالب آخر: السهو عن الصلاة كأن يسهو عن ذات الصلاة كلِّها.
الشيخ: يعني الغفلة عنها، والتهاوُن بها، والإعراض عنها.
طيب، والسهْو فيها؟
الطالب: السهْو فيها كأنْ يكون في الصلاة ثم يسهو عن بعض أركانها أو واجباتها أو سُنَنها.
الشيخ: يعني النسيان فيها.
طيب، الحكْم؟
طالب: من ناحية الحكْم: السهو عن الصلاة مذمومٌ، أمَّا السهو في الصلاة فمعفوٌّ عنه.
الشيخ: فمعفوٌّ عنه، أحسنت، بارك الله فيك.
الدليل على أن السهو عن الصلاة مذمومٌ.
طالب: قوله تعالى: (والذين هم عن صلاتهم ساهون).
الشيخ: (والذين هم)، كذا؟
الطالب: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٥].
الشيخ: {الَّذِينَ هُمْ}، طيب، والدليل على أن السهو في الصلاة معفوٌّ عنه؟
الطالب: «عُفِيَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأ والنِّسْيَان وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
الشيخ: نعم، طيب، أحسنت.
أسباب سجود السهو، ما هي أسبابُ سجودِ السهو؟
طالب: أسبابُ سجودِ السهو نسيانُ واجبٍ من واجبات الصلاة.
الشيخ: لا، الأسباب الكُلِّية العامَّة؟
طالب: إمَّا زيادةٌ في الصلاة، أو نقصٌ فيها، أو شكٌّ.
الشيخ: أو شكٌّ، صح، أسبابها: الزيادة، والنقص، والشك.
ما هو الذي وَقَعَ للرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الثلاثة؟
طالب: وَقَع للرسول صلى الله عليه وسلم الزيادةُ والنقص من السُّنةِ الفعلية، والشكُّ ..
الشيخ: هذا الذي وقع منه، والشك؟
الطالب: قَولِيٌّ.
الشيخ: يعني ما وَقَع منه.
الطالب: ما وَقَع منه.
الشيخ: لكنَّه بيَّنه.
هل كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ فيه سجودُ السهو؟
طالب: حَسَب كلِّ زيادةٍ يا شيخ، الزيادة في السنن لا يُشرَع لها سجود.
الشيخ: لا، المهم أجب.
الطالب: ليس كلُّ شيءٍ.
الشيخ: ليس كلُّ شيءٍ؛ ليس كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ فيه سجود السهو، لكن كل سجود السهو فسبَبُه إمَّا زيادةٌ أو نقصٌ أو شكٌّ، لاحظوا الفرق؛ كلُّ سجودِ السهو فسبَبُه إمَّا زيادةٌ أو نقصٌ أو شكٌّ، لكن ليس كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ سببًا لسجود السهو؛ لأن فيه بعض الزيادات ما فيها سجود السهو، فيه بعض الشكوك ما فيه سجود السهو.
الأفعالُ التي بها سجودُ السهْو شَرَطَ المؤلفُ شَرْطينِ؟
طالب: أن يكون فِعْلًا، وأن يكون من جنس الصلاة.
الشيخ: شَرَطَ في ذاتِ الأفعال أن تكون فعلًا من جنس الصلاة.
هل يُشترَط أنْ يكون الفعلُ الذي يَثْبت له هذا الحكْم من الأفعال الأربعة التي ذَكَرها المؤلفُ أو يشمل كلَّ فعلٍ؟
الطالب: يشملُ الأربعةَ التي ذكرها المؤلف.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: الزيادة، والنقص.
الشيخ: لا، زيادة أفعال، نحن الآن في الزيادة، المؤلف ذكر أربعة أفعال.
الطالب: النقص، والزيادة.
الشيخ: النقص ما هو بزيادة، ما راجعْتَ الظاهر، راجع يا أخي.
طالب: القيام، والركوع، والسجود.
الشيخ: نعم، بقي واحد.
طالب: والقعود.
الشيخ: صحيح، (قيامًا، أو قعودًا، أو ركوعًا، أو سجودًا).

***

قال المؤلف رحمه الله:\n (فمتى زاد فِعْلًا من جنس الصلاة قيامًا أو قُعودًا أو ركوعًا أو سجودًا عَمْدًا بَطَلَتْ). \n
فلو رَكَعَ مرتين عمدًا في غير صلاةِ الكسوف بَطَلَتْ صلاتُه، ولو سَجَدَ ثلاثَ مرَّاتٍ بَطَلَتْ صلاتُه، ولو قَعَدَ في محلِّ القيام عمدًا بَطَلَتْ صلاتُه، ولو قام في محلِّ قعوده عمدًا بَطَلَتْ صلاتُه.\n
قال في الشرح: (إجماعًا)؛ يعني أن العلماء رحمهم الله أجمعوا على ذلك، ودليل هذا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: \n «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» \n . \n
ودليلٌ آخر: أن الصحابة نبَّهوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صلَّى خمسًا إلى هذه الزيادة وأخبر بأنَّه فَعَلها ناسيًا، \n فقالوا: صلَّيتَ خمسًا؟ قال: \n «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» \n . \n

***

\n \n (وسَهْوًا يسْجدُ له).\n
قوله: \n (وسَهْوًا) هذه معطوفة على قوله: \n (عَمْدًا)؛ يعني: ومتى زاد قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا سهوًا يسجد له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم\n أَمَر بذلك؛ أَمَر مَنْ زاد في صلاته أن يسجد سجدتينِ \n ؛ هذا دليلٌ من القول.\n
دليلٌ من الفعل: \n لَمَّا صلَّى خمسًا -كما في حديث عبد الله بن مسعود- \n وقيل له: أَصَلَّيْتَ خمسًا؟ ثَنَى رِجْليه فسَجَدَ سجدتينِ \n .\n
دليلٌ ثالث: لَمَّا قام عن التشهُّد الأول سَجَدَ سجدتينِ.\n
انتبهوا يا جماعة، أنا أخطأتُ فرُدُّوا عَلَيَّ. \n
\n طلبة: صحيح.\n
\n الشيخ: خطأ؛ لأن كلامنا الآن في الزيادة، والتشهُّد الأول نقصٌ. إذَنْ خطأ، صحيح؟ لا تقولوا: إن هذا مدرِّسٌ ما يخطئ. كلٌّ يخطئ، وربما يتعمَّد الخطأ ليختبر، إذَن الكلامُ الآن في الزيادة. \n

***

\n (وإنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فَرَغَ منها سَجَدَ، وإنْ عَلِمَ فيها جَلَسَ في الحال فتشهَّدَ إنْ لم يكنْ تشهَّد وسَجَدَ وسَلَّم).\n
انتبه، \n (إنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فرغَ منها سَجَدَ) مثالُ هذا رَجُلٌ صلَّى الظُّهر خمسًا ولم يعلمْ إلا في التشهُّد، فهُنا زاد ركعةً ولم يعلمْ حتى فَرَغَ مِن الركعة. \n
ويحتمل في قول المؤلف: \n (حتى فَرَغَ منها) أي: فَرَغَ من الصلاة، فيكون المثالُ المطابقُ لهذا الاحتمال: رَجُلٌ لَمَّا سَلَّمَ من الصلاة ذَكَر أنه صلَّى خمسًا، وعلى هذا فيكون قولُه: \n (سَجَدَ وسَلَّمَ) بعد السلام ولَّا قبْل؟\n
\n طلبة: بعد السلام.\n
\n الشيخ: بعد السلام. على كلِّ حالٍ إذا زاد ركعةً ولم يعلمْ حتى فَرَغَ من الركعة فإنه يسجد للسهو وجوبًا. \n
فإنْ عَلِم قبل أن يُسلِّم فهلْ يسجد قبْل السلام أو يسجد بعده؟ وإنْ عَلِم بعد السلام فهلْ يسجد قبْل السلام أو بعده؟\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: ما يُمْكن هذا؟\n
\n الطلبة: ما يُمْكن.\n
\n الشيخ: ليش؟ \n
\n الطلبة: لأنه سلَّمَ.\n
\n الشيخ: إذا عَلِم بعد السلام ما يُمْكن يسجد قبل السلام.\n
إذَن السؤال الآن: إذا عَلِم بعد انتهاء الركعة وقبل السلام وهو في التشهُّد فهلْ يسجد قبل السلام أو بعده؟ \n
نقول: إنه يسجد بعد السلام، يُكمل التشهُّد ويُسَلِّم ويسجد سجدتينِ ويُسلِّم، ودليل ذلك أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم \n لَمَّا صلَّى خمسًا وأخبروه بعد السلام ثَنَى رِجْليه وسَجَدَ وسَلَّم وقال: \n «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ» \n ، ولم يقلْ: ومتى عَلِم قبل السلام فلْيسجُدْ قبل السلام، فلمَّا سَجَدَ بعد السلام ولم ينبِّه أنَّ محلَّ السجود لهذه الزيادة قبل السلام عُلِمَ أن السجود للزيادة يكون بعد السلام.\n
ويشهد لذلك حديث ذي اليدين؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم \n سَلَّمَ من ركعتينِ ثم ذكَّروه، وأتمَّ الصلاةَ وسَلَّمَ، ثم سَجَدَ سجدتينِ وسلَّمَ \n ، وهذا زيادة.\n
ويؤيِّده أيضًا المعنى؛ وهو أن الزيادةَ زيادةٌ في الصلاة، وسجود السهو زيادةٌ أيضًا، فكان من الحكمة أن يؤخَّر سجودُ السهو إلى ما بعد السلام مخافةَ أن يجتمع في الصلاة زيادتانِ، إذَن دلَّ على أنَّ السجودَ للزيادة بعد السلام دلَّ على ذلك النصُّ مِن السُّنَّة، والمعنى من الحكمة. \n

***

يقول: \n (وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ في الحالِ فتشهَّدَ).\n
\n (إنْ عَلِم فيها) الضمير يعود على الركعة التي زاد.\n
\n (جَلَسَ في الحال) أي: في حال ذِكْره أو في حال عِلْمه، ولا يتأخَّر، يجلس في الحال، حتى لو ذَكَر في أثناء الركوع أنَّ هذه الركعةَ خامسةٌ يرجع يجلس. \n
وقد يتوهَّمُ كثيرٌ من طَلَبة العلم في هذه المسألة حُكْمَ مَن قام عن التشهُّد الأول فيظنُّ أنه إذا قام إلى الزائدة وشَرَعَ في القراءة حَرُمَ عليه الرجوع، وهذا وهمٌ وخطأٌ؛ الزائد لا يُمْكن الاستمرار فيه أبدًا، متى ذكرْتَ وَجَبَ عليك أن ترجع لتمنع هذه الزيادة؛ لأنك لو استمرَرْتَ في الزيادة مع عِلْمِك بها لزِدْتَ في الصلاة شيئًا عمدًا، وهذا لا يجوز.\n
إذَن نقول: \n (إنْ عَلِم فيها) يقول المؤلف:\n (جَلَسَ في الحال فتشهَّدَ إنْ لم يكُنْ تشهَّدَ) .\n
كيف\n (إنْ لم يكُنْ تشهَّدَ)؟ هل يُمْكن أن يزيد بعد أن يتشهَّد؟ \n
يُمْكن، يُمْكن يتشهَّد في الرابعة ثمَّ ينسى ويظنُّ هذه هي الثانية، يُمْكن، ثمَّ يقوم، ثم يذكر بعد القيام بأن هذه هي الخامسة وأنَّ التشهُّد الذي قرأه هو التشهُّد الأخير، يُمْكن، المهم أن قول المؤلف: \n (يتشَهَّد إنْ لم يكنْ تَشَهَّدَ) واضحٌ، يعني له معنى صحيح.\n
\n (إنْ لم يكُنْ تشهَّد وسَجَدَ وسَلَّمَ) وظاهر كلامه -رحمه الله- أنه يسجد قبل السلام، فإنْ كان هذا مرادَه فهو قولٌ ضعيفٌ، وإنْ لم يكُنْ مرادَه فإنه يحتمل أن معنى قوله: \n (جَلَسَ في الحال فتشهَّد إنْ لم يكُنْ تشهَّد) يعني: وسَلَّمَ \n (وسَجَدَ وسَلَّمَ)، وإنْ كان هذا الاحتمالُ بعيدًا، لكنْ على كلِّ حالٍ إذا كان المؤلف يريد أنه يسجد قبل السلام في هذه الحال فإنَّ قولَه ضعيفٌ، وهذا الذي هو ظاهرُ كلامِ المؤلف هو المذهبُ؛ لأنهم لا يَرَوْن السجود بعد السلام إلا فيما إذا سلَّمَ قبل إتمامها فقط، وأمَّا ما عدا ذلك فهو قبل السلام، لكن ما ذَكَرْناه هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.\n
يقول: \n (وسَجَدَ وسَلَّمَ).\n
إذا قام إلى ثالثةٍ في الفجر ماذا يصنع؟\n
\n الطلبة: يرجع.\n
\n الشيخ: يرجع، ولو بعد القراءة؟\n
\n الطلبة: ولو بعد القراءة.\n
\n الشيخ: ولو بعد القراءة، ولو بعد الرُّكوع، يرجع ويتشهَّد ويُسلِّم، ثم يسجد للسهو ويُسَلِّم، أو يسجد للسهو قبل السلام على ما يفيده كلام المؤلف.\n
إذا قام إلى ثالثةٍ في صلاةٍ مقصورةٍ؛ يعني: رَجُلٌ مسافرٌ قام إلى ثالثةٍ، الثالثةُ هذه في حَقِّ المسافر زيادةٌ، فهلْ يلزمه الرُّجوع في الحال أو له أن يُكَمِّل؟\n
\n طلبة: يلزمه.\n
\n طالب: له أن يُكَمِّل.\n
\n الشيخ: طيب، هذا ينبني على القول بالقَصْر؛ إنْ قلنا بأنَّ القصْرَ واجبٌ لزِمَه الرجوع، وهذا مذهبُ أبي حنيفة وأهلِ الظاهر؛ يَرَوْن أن قَصْر المسافرِ الصلاةَ واجبٌ، وأنَّ مَن أتَمَّ في موضع القَصْر فهو كَمَنْ صلَّى ثمانيًا صلاةَ الظُّهر لأنه زاد نصفَ الصلاة. \n
وعلى القول بأنَّ القَصْر ليس بواجبٍ نقول: أنت الآن مخيَّر بين الإتمام وبين الرجوع؛ لأنك إنْ أتممتَ لم تبطل صلاتُك، وإنْ رَجَعْتَ لم تبطلْ؛ لأنك رَجَعْتَ خوفًا من الزيادة. \n
ولكن الصحيح أنه يرجع؛ لأن هذا الرَّجُل دَخَلَ على أنه يريد أن يُصلِّي كَمْ؟ رَكعتينِ، فلْيُصَلِّ ركعتينِ ولا يزد.\n
طيب، رَجُلٌ يُصلِّي في الليل، وصلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى، فقام إلى الثالثة ناسيًا، ماذا نقول؟\n
\n الطلبة: يرجع.\n
\n الشيخ: نعمْ، يرجع، فإن لم يرجعْ بطلتْ صلاتُه لأنه تعمَّد الزيادة، ولهذا نصَّ الإمام أحمد رحمه الله على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى ثالثةٍ فكرجُلٍ قام إلى ثالثةٍ في صلاة الفجر؛ يعني: إن لم يرجعْ بطلتْ صلاتُه. \n
لكن يُستثنى مِن هذا الوِتْر، فإن الوِتْر يجوز أن يزيد الإنسان فيه على ركعتينِ، فلو أوتَرَ بثلاثٍ جاز، وعلى هذا فإذا دَخَلَ الإنسان في الوتْر بنيَّةِ أنه سيصلِّي ركعتينِ ثم يُسَلِّم ثم يأتي بالثالثة، ولكنه نَسِي فقام إلى الثالثة بدون سلامٍ، ماذا نقول له؟ \n
\n طالب: يصلِّي.\n
\n الشيخ: نقول: أَتِمَّ الثالثة؛ لأن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين. \n

***

***

\n طالب: قال رحمه الله تعالى: \n (وعَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ عادةً مِن غير جِنْس الصلاةِ يُبْطِلُها عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، ولا يُشْرَعُ ليسيرِهِ سجودٌ.
ولا تَبْطُلُ بيسيرِ أكْلٍ أو شُرْبٍ سهْوًا، ولا نَفْلٌ بيسيرِ شُرْبٍ عَمْدًا.
وإنْ أتى بقولٍ مشروعٍ في غيرِ موضعِهِ كقراءةٍ في سجودٍ وقُعودٍ، وتَشَهُّدٍ في قيامٍ، وقراءةِ سورةٍ في الأخيرتينِ لم تَبْطُلْ ولم يَجِبْ له سجودٌ، بل يُشْرَعُ).
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. \n

***

طلبة: لم يرجع.
الشيخ: لم يرجع. إذا غلب على ظنه صواب نفسه؟
طلبة: رجع إليها.
الشيخ: رجع إليها. إذا غلب على ظنه صواب قولهما؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذا تساوى عنده الأمران؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذا تيقن صوابهما؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذن هذه خمس حالات.
قال المؤلف: (إذا سبَّح به) هل المراد التسبيح أو التنبيه بأي وسيلة؟ التنبيه؛ يعني: لو نبَّهاه.
طالب: فإذا نبَّهاه إذا كانت بزيادة..
الشيخ: بزيادة أو نقص، أقول: لو نبَّهاه بدون تسبيح.
طالب: (...) تسبيح.
الشيخ: بالإشارة مثلًا، افرض واحد يصلي جنبه؛ يعني: اثنين يصلون جماعة، أو واحد عن يمينه وواحد عن يساره، فجلس كل واحد من (...) قال له: قم، لكن ما قال: سبحان الله.
طالب: يعني: كل واحد يقومه لحاله؟
الشيخ: يعني: هل نقول: هذا التنبيه يغني عن التسبيح؟
الطالب: يغني.
الشيخ: يغني، طيب لماذا اختار المؤلف التعبير بالتسبيح؟
طالب: (...) إذا كانوا مأمومين.
الشيخ: لا.
طالب: للحديث: «إِذَا نَابَ أَحَدَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاةٍ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ» .
الشيخ: صحيح؟
الطلبة: صحيح.
الشيخ: إذن عبَّر بالتسبيح؛ لأنه جاء به الحديث، والمراد: التنبيه، ما تقولون فيمن تابع الإمام وترك تسبيح الثقتين؟
طالب: يجوز له ألَّا يتابع الإمام.
الشيخ: يعني: تابع الإمام، المهم أنه تابع الإمام؟
الطالب: لا يتابع الإمام.
الشيخ: لا يتابعه، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لو تابعه هل تبطل صلاته؟
طالب: لا، ما تبطل.
الشيخ: ما تبطل، سواء كان عالمًا أو جاهلًا؟
الطالب: لا، إذا كان عالمًا تبطل صلاته.
الشيخ: إذا كان جاهلًا؟
طالب: إذا كان جاهلًا ما تبطل.
الشيخ: ما تبطل، صحيح يا جماعة؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: إي نعم، إن كان جاهلًا فإنها لا تبطل، وإن كان عالمًا بطلت.
قول المؤلف: (ولا من فارقه) يعني: لا تبطل صلاة من فارق الإمام الذي قام إلى زائدة، هل يؤخذ من هذا الكلام أنه تجب مفارقته في هذا الحال؟
طالب: تجب.
الشيخ: تجب، إذن لا يجوز متابعة الإمام في الزيادة، صح؟
طلبة: صح.
الشيخ: صحيح، وهذا الذي مشى عليه المؤلف.
لكن لو قال قائل: لماذا لا نتابعه فلعل الإمام نسي الفاتحة مثلًا في إحدى الركعات، فقام؟
طالب: نقول: لأن المأموم نسي الفاتحة.
الشيخ: ما نسي الفاتحة، المأموم ماشي.
الطالب: المأموم ما نسي؛ لأنها تعتبر زيادة بالنسبة للمأموم، وليست زيادة بالنسبة للإمام، المأموم يجلس..
الشيخ: نقول: المأموم في هذه الحال لا يفارق ولا يتابع، ويش يعمل؟ يجلس وينتظر حتى يسلم مع الإمام؛ لأنه الآن لم يتيقن أن الإمام أخطأ في الزيادة، ولكنه قد تيقن الزيادة، بس لا يدري هل الإمام مخطئ فيها أو لا؟ فلذلك نجعل الحكم بين الحكمين نقول: لا تفارق، ولا تتابع.
قال المؤلف رحمه الله: (وعمل مستكثر عادةً من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه، ولا يشرع ليسيره سجود).
(عمل) مبتدأ، وحينئذٍ يأتينا النحاة فيقولون: لماذا تبتدئون بالنكرة؟ فنقول لهم: لأنكم سامحتمونا إذا كانت النكرة موصوفة، وهذه النكرة موصوفة بماذا؟ (مستكثر)، (عمل مستكثر)، إذن (عمل) مبتدأ، (ومستكثر) صفة له، وقوله: (يبطلها) الجملة خبر المبتدأ.
(عمل مستكثر) مستكثر أي: محكوم بكثرته، ولو عبَّر المؤلف بقوله: (كثير) لأغنى عن قوله: (مستكثر)؛ لأن المعنى واحد.
وقوله: (عادة) أي: في العادة؛ في عادة الناس، إذا قال الناس: هذا العمل كثير في الصلاة فهذا مستكثر عادةً، وإن قالوا: هذا عمل يسير فهو يسير. إذن ليس لهذا ضابط شرعي، بل هو راجع إلى العادة.
فإذا قال قائل: كيف نرجع إلى العادة في أمر تعبدي؟ صحيح أن الإنفاق على الزوجة والإنفاق على الأقارب هذا راجع للعادة {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣]، لكن عبادة يرجع فيها للعادة؟
نقول: نعم، نرجع فيها للعادة؛ لأن الشرع لم يحدد ذلك، لم يقل مثلًا: من تحرك في صلاته ثلاث مرات فصلاته باطلة، ولم يقل: من تحرك أربعًا فصلاته باطلة، ولم يقل: من تحرك اثنتين فصلاته باطلة، إذن يرجع إلى العرف.
فإذا قال الناس: واللهِ هذا عمل ينافي الصلاة، الذي يشاهد هذا الرجل وحركاته يقول: إنه لا يصلي، فحينئذٍ يكون مستكثرًا، أما إذا قالوا: إن هذا يسير فإنه لا يضر.
ولنضرب لذلك أمثلة بفعل سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام: لو كان مع الإنسان وهو يصلي صبي يحمله لأنه يصيح، فحمله من أجل أن يمسك عن الصياح فيسلم الصبي من الأذى، ويُقبِل هذا الرجل على صلاته؛ لأن بكاء الصبي سوف يشغله، فإذا حمله وسكت الصبي أقبل على صلاته، فحمل الصبي في صلاته، وجعل إذا ركع وضعه، وإذا سجد وضعه، وإذا قام حمله، فعندنا عدة حركات، ولَّا لا؟ حركة الحمل، وحركة الرفع، وحركة الوضع، وربما نقول: وتَحَمُّل الحمل؛ لأن الصبي إذا كان كبيرًا فسيثقل على المصلي، كل هذا نعتبره يسيرًا لا يبطل الصلاة.
قرع عليه الباب رجل والباب قريب، فتقدم ولكنه مستقبل القبلة، أو تأخر إلى الوراء وهو مستقبل القبلة، أو ذهب على اليمين وهو مستقبل القبلة، أو على اليسار وهو مستقبل القبلة ففتح الباب، فهذا يسير، إذا كان الباب قريبًا فهو يسير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فتح الباب لعائشة .
رجل معه دابة وهو يصلي وقد أمسك زمامها بيده، وجعلت الدابة تنازعه، وإذا نازعته فلا بد أن يكون منه حركة؛ إما تحمل للجذب، وإما انقياد معها يسيرًا، نقول: هذا أيضا يسير؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك، فهذا كله يسير.
رجل أصابته حكة أشغلته؛ إن سكت سكت وقلبه منشغل، وإن تحرك وحكها بردت عليه وأقبل على صلاته، فأيهما أولى؟
طلبة: أولى أن يحكها.
الشيخ: أولى أن يحكها ويُقبِل على صلاته؛ لأن هذا عمل يسير، وفيه مصلحة للصلاة.
رجل معه قلم وكان ناسيًا محفوظاته، فلما دخل في الصلاة حفظها، والاختبار قريب، ولنقل: إنه يصلي في مسجد الكلية ما عنده مراجع، فذكر القطعة خمسة أسطر، فأخرج الورقة وجعل يكتبها وهو يصلي؛ لأنه خاف إن انفتل من صلاته أن ينسى، ما تقولون في هذا، كثير ذا؟
طلبة: كثير.
الشيخ: هذا كثير، لكن لو كانت كلمة أو كلمتين فهو يسير، فإذا احتاج إلى ذلك فلا بأس في الصلاة؛ لأنه أحيانًا يكون للإنسان أمر ضروري لا بد أن يذكره، والشيطان إذا دخل للإنسان في الصلاة أقبل إليه وجعل يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكره حتى يذكره، رأفة به؟ أبدًا، لكن إفسادًا لعبادته، هو يحب أن يشغله عن العبادة حتى تبقى الصلاة جسدًا بلا روح، الكلام على أنه إذا كان العمل كثيرًا.
يقول: (وعمل مستكثر عادةً من غير جنس الصلاة) (من غير جنس الصلاة) احترازًا مما لو كان كثيرًا من جنس الصلاة، فإن الكثير من جنس الصلاة سبق الكلام عليه؛ إن تعمده بطلت، وإن لم يتعمده سجد لسهوه.
وقول المؤلف: (من غير جنس الصلاة) يحتاج إلى زيادة قيد رابع: لغير ضرورة؛ لأنه إذا كان لضرورة فإنه لا يبطل الصلاة ولو كثر؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩]، ومعلوم أن الرجال سيكون منهم عمل كثير، الرجال الذين يمشون على أرجلهم.
إذن (عمل مستكثر عادة من غير جنس الصلاة) ومن غير أيش؟
طلبة: ضرورة.
الشيخ: ضرورة، يقول: (يبطلها عمده وسهوه) أما عمده فواضح أنه يبطل الصلاة، وأما سهوه فقال المؤلف: إنه يبطل الصلاة؛ يعني: لو سرح الإنسان سرحًا كاملًا في الصلاة، وتحرك حركات كثيرةً فيقول المؤلف: إنه يبطل الصلاة؛ وذلك لأنه منافٍ للصلاة مغير لهيئتها، فاستوى فيه العمد والسهو.
ولكن القول الثاني: أنه إذا كان سهوًا فإنه لا يبطل الصلاة ما لم يغير الصلاة عن هيئتها، مثل: واحد سها وكان جائعًا، فتقدم إلى التمر وقام يأكل ويشرب ناسيًا أنه في صلاة، لما شبع ذكر أنه يصلي، ويش هذا؟
طلبة: منافٍ.
الشيخ: هذا منافٍ غاية المنافاة للصلاة، هذا ما يصح، لكن لو كان عملًا كثيرًا لكنه لا ينافي الصلاة منافاة بينة؛ بمعنى أنه يمكن أن يقع السهو فيه، فالصحيح أنه لا يبطل الصلاة؛ لأن القاعدة الشرعية عندنا أن فعل المحظور يعذر فيه بالجهل والنسيان، هذه القاعدة العامة.
يقول المؤلف: (يبطلها عمده وسهوه) كم الشروط؟ أنه كثير، من غير جنس الصلاة، لغير ضرورة، باقٍ رابع نسيناه، متوالٍ؛ يعني: غير متفرق، فلو فرضنا أنه في الركعة الأولى تحرك حركة لكن ليست كثيرة، وفي الركعة الثانية كذلك، والثالثة والرابعة، ولو جمعنا الحركات لكانت كثيرة فإن الصلاة لا تبطل؛ لأن الفعل غير متوالٍ؛ متفرق.
قال: (ولا يشرع ليسيره سجود) لا يشرع؛ أي: لا يجب ولا يستحب؛ لأن المشروع يشمل الواجب والمستحب؛ أي: لا يجب ولا يُسَن سجودٌ لهذا العمل؛ لأن هذا العمل نسأل: هل يبطل الصلاة أو لا يبطلها؟ ولا نسأل: هل يوجب السهو أو لا يوجب؟ لأن هذا الفعل من غير جنس الصلاة، وإنما نص المؤلف على أنه لا يشرع ليسيره سجود؛ لأن في ذلك خلافًا.
وأنا أظن أني ذكرت لكم سابقًا أن المؤلف إذا نفى شيئًا لا داعي لذكره فهو إشارة إلى وجود خلاف، ولَّا ما حاجة يقول: لا يشرع لسجوده؛ لأن عدم ذكر مشروعية السجود يغني عن نفي مشروعية السجود.
على كل حال، بعض العلماء يقول: يشرع ليسيره سجود، وحجته أن كثيره يبطل الصلاة، فكان يسيره يشرع له السجود، لكن هذا قياس غير صحيح، نعم لو قال: يشرع لسهوه سجود إذا كان كثيرًا لكان القياس قد يُقبَل، أما أن يكون هناك فرق بين اليسير والكثير، ثم يريد أن يقيس هذا على ما إذا فعل فعلًا يبطل الصلاة عمده فإنه يشرع للسجود أو يجب، فالقياس ليس بمحله.
ثم قال المؤلف: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا، ولا نفل بيسير شرب عمدًا) قوله: (لا تبطل) الضمير يعود على الصلاة؛ فرضها ونفلها.
(بيسير أكل وشرب سهوًا) يعني: إنسان ساهٍ، وكان في مخبأته فصفص، فأخذ من هذا المخبأة وبدأ يفصفص، لكنه ساهٍ، فهل تبطل الصلاة؟ لا، ليش؟ لأنه يسير، لكن لو كان كثيرًا؛ بأن يكون قد اشترى كيلو من العنب وحمله على رأسه ونسي، وبدأ يأكل هذا العنب حتى فرغ الكيلو كله، فهذا أيش؟
طلبة: كثير.
الشيخ: كثير ولَّا لا؟ كثير، إذن تبطل الصلاة ولو كان ساهيًا.
ما ظنكم لو كان صائمًا، فأكل الكيلو من العنب وهو ساهٍ؟
طلبة: صومه صحيح.
الشيخ: صومه صحيح، نعم، تمام.
يقول: وكذلك لا تبطل بيسير شرب سهوًا، لا الفرض ولا النفل، فإن كان عمدًا بطلت، لكن استثنى المؤلف قال: (ولا نفل بيسير شرب عمدًا) يعني: ولا يبطل النفل؛ كالراتبة والوتر وصلاة الليل وصلاة الضحى وتحية المسجد لا تبطل بيسير شرب عمدًا.
هل يبطل النفل بيسير الأكل عمدًا؟
طلبة: نعم، يبطل.
الشيخ: نعم؛ لأن كلام المؤلف الأول: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا، ولا نفل بيسير شرب عمدًا) فبهذا عرفنا تبطل الصلاة فرضها ونفلها بالأكل الكثير سهوًا أو عمدًا، لا تبطل بالأكل اليسير سهوًا، وتبطل عمدًا، الشرب تبطل بالشرب الكثير عمدًا، تبطل بالشرب الكثير سهوًا أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، تبطل بالشرب اليسير عمدًا؟
طلبة: لا، إذا كانت فرضًا.
الشيخ: إذا كانت فرضًا لا إذا كانت نفلًا، لماذا؟ عللوا ذلك بأثر ونظر:
أما الأثر فقالوا: إن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه كان يطيل النفل وربما عطش فشرب يسيرًا ، قالوا: وهذا فعل صحابي، وفعل الصحابي إذا لم يعارضه نص أو صحابي آخر فهو حجة.
واستدلوا أيضا بنظر؛ بأن النفل أخف من الفرض، بدليل أن هناك واجبات تسقط في النفل، ولا تسقط في الفرض، كاستقبال القبلة في السفر، تسقط في النافلة ولا تسقط في الفريضة، بشروطها المعروفة، قالوا: فإذا كانت النفل أخف وكان الإنسان ربما يطيلها كثيرًا سومح في الشرب اليسير.
فإذا قال قائل: إذن فسامحوا في الأكل اليسير؟
قلنا: لا، هناك فرق بين الشرب والأكل؛ الأكل يحتاج إلى مضغ وحركات أكثر، وأما الماء فإنه لا يحتاج.
وظاهر كلام المؤلف: (يسير شرب) أنه لا فرق بين أن يكون الشرب ماءً أو لبنًا أو عصيرًا، أو نحو ذلك، إلا أنهم قالوا: إن بلع الذوب -ذوب السكر- في الفم كالأكل. وبعضهم قال: كالشرب.
فعلى قول من يقول: إن بلع الذوب؛ ذوب السكر إذا كان في الفم كالأكل، نقول: لا يعفى عنه؛ عن العصير وأشباهه؛ لأنه يشبه ذوب السكر، وعلى القول الثاني يعفى عنه في النفل.
القول الثاني في أصل المسألة: أنه لا يعفى عن يسير الشرب في النفل كما لا يعفى عنه في الفرض، وعللوا ذلك بأن الأصل تساوي الفرض والنفل، وهذا قول أكثر أهل العلم على أنه لا يعفى عن يسير الشرب والأكل عمدًا، لا في الفرض ولا في النفل، لا الأكل ولا الشرب، هذا الأقرب؛ الأقرب أنه لا يعفى على القول بأنه يعفى عن اليسير، المرجع في اليسير والكثير إلى العرف.
يقول: (وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الأخيرتين لم تبطل، ولم يجب له سجود، بل يشرع).
قوله: (إن أتى) أي: المصلي، (بقول مشروع) أي: قد شرعه الشارع، سواء كان مشروعًا على سبيل الوجوب كالتسبيح وقراءة الفاتحة، أو على سبيل الاستحباب كقراءة السورة.
وقوله: (في غير موضعه) متعلق بأيش؟
طلبة: بـ(أتى).
الشيخ: بـ(أتى)؛ يعني: إن أتى في غير موضع القول المشروع بالقول المشروع وليست متعلقة بمشروع؛ لأنه ليس هناك قول مشروع في غير موضعه.
مثاله: (كقراءة في سجود) القراءة في السجود غير مشروعة، بل منهي عنها، وكذلك القراءة في الركوع غير مشروعة، بل منهي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» .
يقول وكذلك: (تشهد في قيام) التشهد أين يشرع؟
طلبة: في الجلوس.
الشيخ: في الجلوس، لكن هذا رجل نسي فتشهد وهو قائم، فأتى بقول مشروع في غير موضعه.
(وقراءة سورة في الأخيرتين) هذا أيضًا أتى بقول مشروع في غير موضعه؛ لأن الركعتين الأخيرتين لا تشرع فيهما القراءة بغير الفاتحة على المشهور من المذهب، وقد مر علينا هذا في باب صفة الصلاة، وأنه ينبغي أحيانًا أن يقرأ بزائد على السورتين، لكن أحيانًا، إنما على المذهب إذا أتى بقراءة سورة في الأخيرتين فهذا غير مشروع.
يقول المؤلف: (كقراءة في ركوع) يعني: مع الإتيان بـ(سبحان ربي العظيم)؛ لأنه إن قرأ في الركوع ولم يقل: سبحان ربي العظيم صار نقص واجبًا، فيلزمه سجود السهو، لكن إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه مع الإتيان بالقول المشروع في ذلك الموضع، انتبهوا لهذه المسألة: إن أتى بقول مشروع في غير موضعه مع الإتيان بالقول المشروع في موضعه؛ فقرأ في الركوع مع قول: (سبحان ربي العظيم)، قرأ في السجود مع قول: (سبحان ربي الأعلى)، قرأ في القعود مع قول: (رب اغفر لي)، قرأ في التشهد مع إتيانه بالتشهد، يقول المؤلف: (لم تبطل) بتعمده، حتى وإن قرأ في الركوع، وإن قرأ في السجود، لماذا لا تبطل؟ لأنه قول مشروع في الجملة في الصلاة، لكنه في غير هذا الموضع.
وقال بعض العلماء: بل إذا قرأ في الركوع أو في السجود بطلت، انتبه؛ يعني: لو قرأ الإنسان في ركوعه قرآنًا أو في سجوده قرآنًا بطلت، واستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ القرآن وهو راكع أو ساجد ، والأصل في النهي التحريم، وعلى هذا فتكون قراءة القرآن في الركوع حرامًا، ومعلوم أن الإنسان إذا فعل ما يحرم في العبادة فسدت العبادة.
وإلى هذا ذهب بعض أهل الظاهر، بعض الظاهرية ذهبوا إلى هذا القول وقالوا: إن الإنسان إذا قرأ في الركوع أو في السجود بطلت صلاته؛ لأنه فعل محرمًا، والقاعدة الشرعية أن من فعل محرمًا في العبادة فسدت العبادة، وهذا محرم.
لكن الجمهور قالوا: هذا ليس محرمًا لعينه، لكنه محرم باعتبار موضعه، بخلاف الكلام؛ فالكلام في الصلاة لا شك أنه يبطل الصلاة؛ لأنه محرم بعينه، أما هذا فالأصل أن القراءة غير محرمة في الصلاة، لكن التحريم أو النهي عن كونها في هذا الموضع فقط، فلم يكن ذلك مبطلًا للصلاة.
طالب: لو كان قريب من التليفون وهو يصلي فهل يجيب (...) صوت القرآن؟
الشيخ: لا بأس أن يحمله ثم يسبح، لكن لو قال: إني أصلي تبطل؛ لأن هذا كلام.
طالب: قلنا بالنسبة لاستقبال القبلة في النوافل في السفر، كيف الاستقبال بالنسبة..؟
الشيخ: إذا كان سائرًا، كان يمشي عاد بالسيارة ما يشترط استقبال القبلة يصلي إلى جهة سيره.
الطالب: إذا ممكن يوجه السيارة إلى جهة القبلة ويكبر وبعدين يسير..؟
الشيخ: ما هو لازم.
طالب: هذا يشمل المأموم والمنفرد، كل هذه؟
الشيخ: كل مصل.
طالب: أي أكل يا شيخ يبطل الصلاة، فلو كان لحم جزور مثلًا بين أسنانه فما يبطل الصلاة؟
الشيخ: يبطل الصلاة.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: كيف ما يبطل الصلاة؟
الطالب: قول المؤلف: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا) دخلت بين أسنانه لحم جزور؟
الشيخ: لا، هذا لأنه ينقض الوضوء، فمعناه بطل وضوؤه ما هو من أجل أنه أكل، من أجل أنه أبطل الوضوء.
طالب: قولنا: لا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا وجهلًا، والقاعدة الشرعية: العفو عن الكثير واليسير بالسهو والجهل والإكراه، كيف؟
الشيخ: نحن نقول: مهما كان لكن إذا كان كثيرًا فهو يخرج الصلاة عن موضوعها.
الطالب: سهوًا؟
الشيخ: ولو كان سهوًا؛ لأنه أفسد الصلاة، واحد راح مثلًا كما قلنا: راح إلى طبق التمر وأكله ويقول: هذا يسير، ما هو بصحيح إذا كان كثيرًا.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، رجل كان يصلي وفي الركوع مرَّ به ابنه فقبَّل ابنه في خده؟
الشيخ: (...) حتى وهو جاي من السفر.
الطالب: أقول: عنده بس هو جالس.
الشيخ: واللهِ أنا أرى أن مثل هذا ما ينبغي، إلا إذا كان الصبي يصيح مثلًا وجرت العادة بأنه إذا قبَّله سكت فلا بأس.
الطالب: كان يلعب بس.
الشيخ: لا، ما أرى أنه يقبله، لكنها ما تبطل الصلاة؛ لأن هذا الفعل ليس بكثير.
طالب: بالنسبة لقول المؤلف: (نفل وفرض) هذا بالنسبة للصلاة المقطوع بنفلها وفرضها؟
الشيخ: المقطوع بهما؟
الطالب: مثلًا: مثل الصلوات الخمس والرواتب، ما فيه خلاف أن هذه نفل وهذه فرض، لكن هناك صلاة مختلف في وجوبها ونفلها ففعل الأكل..
الشيخ: من يرى أنها واجبة فلها حكم الفريضة، ومن يرى أنها نافلة فلها حكم النافلة.
طالب: إذا اجتمع زيادة ونقص متى يسجد يا شيخ؟
الشيخ: يكون السجود قبل السلام.
الطالب: قبل السلام؟
الشيخ: يغلَّب ما قبل الصلاة، نعم.
طالب: (...) كثرة الحركة أن الإنسان يعرف بالعرف (...) كأنه ما يصلي، فنحكم عليه بأن صلاته باطلة، فهذا الرجل الذي يكتب إذا رأيناه ما نحكم أنه يصلي (...)؛ لذلك تبطل الصلاة؟
الشيخ: فرق بين الكتابة اليسيرة والقليلة.
الطالب: الإنسان الذي كان يكتب يا شيخ؛ يعني: يرى الرائي أن هذا الرجل ما يصلي؟
الشيخ: لا، ما يرى، إذا صار يسيرًا؛ يعني: كتب يسيرًا ونزل القلم ما يرى.
الطالب: شيخ، إذا أحرم الرجل بالنافلة بعد تكبيرة الإحرام توجب عليه؟
الشيخ: يعني: إذا دخل في النافلة صارت واجبة؟
الطالب: إي.
الشيخ: لا، ما هو واجب، له أن يقطعها.
الطالب: كالنذر عليه؟
الشيخ: لا، ما نذر، هو دخل في نفل يرى أنه نفل.
طالب: شيخ (...).
الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (باب سجود السهو) الإضافة هنا من باب؟
طالب: من إضافة الشيء إلى سببه.
الشيخ: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
طالب: (...) يصير أن سببه السهو.
الشيخ: لأن سببه السهو، إي، والإضافة على تقدير (من)؟
الطالب: (...).
الشيخ: هنا سجود السهو.
الطالب: على تقدير اللام.
الشيخ: على تقدير اللام، إي.
الطالب: سجود للسهو.
الشيخ: تمام، يقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، ما الفرق بينهما؟
طالب: عن الصلاة لا يكون فيها.
الشيخ: السهو عن الصلاة لا يكون فيها، وفي الصلاة؟
الطالب: يعد فيها.
الشيخ: يكون فيها.
كم وقع السهو من الرسول صلى الله عليه وسلم؟
طالب: مرتين.
الشيخ: مرتين؟
طالب: ثلاث مرات.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: في حديث ذي اليدين .
الشيخ: سلَّم من ركعتين.
الطالب: وصلى الرباعية خمسًا .
الشيخ: نعم.
الطالب: وفي حديث أبي هريرة.
الشيخ: ما عليك من عزو الحديث، بين الواقع (...).
الطالب: أنه بعدما فرغ، لا، ما أدري.
الشيخ: سلَّم بعد ركعتين، وصلى الظهر خمسًا.
طالب: وقام عن التشهد الأول.
الشيخ: وقام عن التشهد الأول، صح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: وفي حديث عمران بن الحصين أنه صلى الرباعية ثلاثًا ، لكن أكثر العلماء يقولون: إن هذا فيه شيء من الوهم وأنه إنما صلى الرباعية ركعتين.
وكم قولًا ورد عنه في السهو؟
طالب: (...).
الشيخ: لا، كم قولًا؟
طالب: واحد، وهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» .
الشيخ: «فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ»، هذا واحد.
طالب: الثاني: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ يَبْنِ عَلَيْهِ» .
الشيخ: اثنين.
طالب: وأيضًا ثالث أن الرسول يقول: «مَنْ شَكَّ»..
الشيخ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ» .
ما تقول في رجل صلى الظهر خمسًا، (...) بالتشهد، ماذا يصنع؟
طالب: يسلِّم إن كان تشهد قبل الركعة الخامسة..
الشيخ: هو الآن في التشهد، فذكر أنه صلى خمسًا، ماذا يصنع؟
الطالب: يكمل التشهد، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم يسلم.
الشيخ: هذا على القول الراجح، وعلى رأي المؤلف؟
الطالب: أنه يسجد قبل السلام.
الشيخ: يكمل التشهد، ثم يسجد، ثم يسلم. القول الراجح؟
طالب: أنه يسجد بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام، ما دليله؟
الطالب: النبي عليه الصلاة والسلام لما قام للتشهد الثاني..
الشيخ: لا.
طالب: لما صلى خمسًا، فسلم ثم سجد..
الشيخ: فذكَّروه فسجد وسلَّم.
فإذا قال لك قائل: لا دليل لك في هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بالزيادة إلا بعد السلام، فكان من الضروري أن يسجد بعد؟
طالب: لو كان فعل هذا خلافًا للصحيح لبينه.
الشيخ: خلاف المشروع، ما هو في الصحيح؛ لأن الرسول ما هو بيصحح ويبطل، خلاف المشروع لكان؟
طلبة: لبينه.
الشيخ: لبينه.
المؤلف يقول: (متى زاد فعلًا من جنس الصلاة) لماذا قال: من جنس الصلاة احترازًا من أيش؟
طالب: الأفعال التي ليست من جنس الصلاة.
الشيخ: مثل؟
الطالب: الأكل والشرب.
الشيخ: فهذه لها أحكام خاصة، كذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: قوله: (من جنس الصلاة)، ثم قام ركوعًا وسجودًا أو قيامًا أو قعودًا، هل هذا البيان مخصص لعموم قوله: (فعل من جنس الصلاة)؟
طلبة: لا، هذا على سبيل (...).
الشيخ: على سبيل (...)؛ يعني: لو زاد في غير هذا؟
طالب: انطبق عليه الحكم.
الشيخ: انطبق عليه الحكم، إي نعم، توافقونه؟
طلبة: نعم.
طالب: نحن قلنا: إن مراد المؤلف يقتصر على هذه؛ يعني: هذه الأربع هي التي تغير ماهية الصلاة، أما ما عداها فلا؟
الشيخ: يعني: لو رفع يديه في غير محل الرفع لم يجب السجود، فهل يكون هذا البيان مخصصًا لعموم قوله: (فعلًا من جنس الصلاة)؟ إذن (قيامًا أو قعودًا) أو (ركوعًا أو سجودًا) هذا مبين لعموم قوله: (فعلًا من جنس الصلاة).
إذا علم بالزيادة بعد أن قرأ الفاتحة، ماذا يصنع؟
طالب: يعني: علم بالزيادة؟
الشيخ: نعم، قام للخامسة، لما شرع في قراءة الفاتحة وأتمها ذكر أن هذه الخامسة.
الطالب: يجب عليه أن يجلس، ويقرأ التشهد ثم يسلم..
الشيخ: لكنه شرع في القراءة؟
الطالب: نعم، لكن شرع في القراءة في غير موضعها، فعمله هذا رد، فيجب عليه أن يجلس ويتشهد، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.
الشيخ: تمام، هل دلَّ كلام المؤلف على ما قلت؟
الطالب: نعم، قال: (فإن زاد ركعة).
طالب آخر: (فإن علم فيها جلس في الحال، وتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم).
الشيخ: أحسنت، إن علم فيها جلس في الحال، حتى لو شرع في القراءة، حتى لو كان في الركوع، ووجه ذلك أنه إذا زاد فقد عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله.
إمام أخطأ فسبَّح به ثلاثة، هل يرجع إلى قولهم أو لا؟
طالب: نعم، يرجع إن كانا ثقتين، إن كان الثلاثة ثقات..
الشيخ: هم ثلاثة ما هم باثنين؟
الطالب: يرجع لقولهم.
الشيخ: بس المؤلف يقول: (سبح به ثقتان)؟
الطالب: من باب أولى ثلاثة.
الشيخ: الثلاثة من باب أولى، يرجع إلى قولهما مطلقًا أو لا؟
طالب: إذا جزم بصواب نفسه لا يرجع إلى قولهما.
الشيخ: أحسنت، إن جزم بصواب نفسه لم يرجع إلى قولهما، وإلا؟
الطالب: يرجع إلى قولهما.
الشيخ: رجع إلى قولهما، هل لديك دليل؟
الطالب: قول النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي».
الشيخ: ولكن ما فيه بعد دليل أوضح من هذا؟
طالب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين لما صلى ركعتين وسلم، فأخبره ذو اليدين أنه صلى ركعتين فسأل الصحابة، فأخبروه فقام وأتم الصلاة .
الشيخ: إذن قصة ذي اليدين، لما أخبره ذو اليدين لم يرجع إلى قوله، بل سأل الصحابة، فلما أخبروه رجع وأتم.
إذا غلب على ظنه خطؤهما لكن لم يجزم بصواب نفسه؟
طالب: يجب عليه الرجوع.
الشيخ: يجب الرجوع، وهو يظن أنهما خطأ؟
الطالب: نعم؛ لأنه لم يجزم بصواب نفسه.
الشيخ: لأنه لم يجزم بصواب نفسه، هذا على ظاهر كلام المؤلف؛ إذا لم يجزم بصواب نفسه يجب الرجوع، لكن ذكرنا أنه إذا ظن خطأهما فالصحيح أنه لا يرجع، كيف يرجع إلى شيء يظنه خطأ؟! لا يمكن، لكن ظاهر كلام المؤلف يقول: لما كان المسبحان اثنين وجب عليه أن يرجع إلى قولهما؛ لأن قولهما أرجح مما ظن.
لو سبح به ثقة واحد؟
طالب: على قول المؤلف أنه ما يرجع.
الشيخ: لا يرجع، ولو غلب على ظنه صدقه؟
طالب: ولو غلب على ظنه صِدْقُ هذا المسبح يرجع إلى قوله إن لم يجزم بصواب نفسه.
الشيخ: إي، هو غلب على ظنه صدقه معناه أنه ما عنده ما يخالف، هل يرجع أو لا؟
طالب: إي نعم، يرجع.
طالب آخر: ما يرجع.
الشيخ: لا يرجع، إذا كان واحدًا؟
طالب: لا يرجع.
الشيخ: ولو غلب على ظنه صدقه؟
الطالب: ولو غلب.
الشيخ: إي.
الطالب: يقول المؤلف: إنه إذا سبَّح به واحد فإنه لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع، ولو غلب على ظنه صدقه؟
الطالب: على القول الراجح أنه..
الشيخ: لا، دعنا من الراجح، نحن نتكلم عن..
الطالب: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع ولو غلب على ظنه صدقه، هذا كلام المؤلف؛ لأن المؤلف رحمه الله يرى أنه لا عمل بغلبة الظن، لكننا ذكرنا..، من يعرف اللي ذكرنا في المسألة؟
طالب: ذكرنا أنه في الغالب أن هذا الإنسان يحصل له شك، فإذا شك فيرجع إلى قول هذا..
الشيخ: هذا إذا غلب على ظنه أنه صادق وأنه مصيب، ذكرنا أن الراجح الرجوع إلى قوله، ورجحنا ذلك من وجهين؛ الأول: أن القول الراجح العمل بغلبة الظن في الزيادة والنقص في عدد الركعات، هذا القول الراجح، والثاني: أن هذا خبر ديني، فاكتفي فيه بخبر الواحد، كما نحكم بدخول الوقت بمجرد سماع مؤذن واحد، وكما نحكم بدخول رمضان برؤية رجل واحد، وكما نفطر بأذان رجل واحد، كذا ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن إذا نبهه واحد على القول الراجح فإنه يرجع إلى قوله، بناء على أصلين من أصول الشريعة؛ وهما: الاكتفاء بغلبة الظن في العبادات، والثاني: أن هذا خبر ديني فيرجع فيه إلى قول الواحد.
ما تقول في رجلين دخلا مع الإمام وقد فاتهما بعض الصلاة، فاشتبه على أحدهما ما الذي فاتهما، هل يقتدي بصاحبه أو لا يقتدي؟ هذه تقع كثيرًا.
طالب: إن غلب على ظنه أن صاحبه على الصواب وهو كان شاكًّا، فعندما رأى زميله أتم الركعة..
الشيخ: يعني: يعمل بما يفعله زميله إن غلب على ظنه أنه؟
الطالب: أنه مصيب.
الشيخ: أنه مصيب، تمام، صح، أما على المذهب؟
الطالب: لا.
الشيخ: فلا؛ لأنه واحد، المؤلف رحمه الله عبَّر فقال: (سبَّح به ثقتان)، هل هناك عبارة أعم من هذا؟
طالب: أعم من (...).
الشيخ: لا، أعم من (سبَّح).
الطالب: (نَبَّهَ).
الشيخ: نعم، أعم منها (نَبَّهَ)، لأيش؟
الطالب: لأنه يشمل..
الشيخ: لأنه يشمل التنبيه بالتسبيح وبغيره، صحيح؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ولهذا عبَّر بذلك بعض العلماء، بعض الفقهاء قالوا: نبهه اثنان، لماذا اختار المؤلف (سبَّح)؟
طالب: لأنها وردت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال..
الشيخ: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ» ، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما تقول في رجل كتب رسالة وهو يصلي، تذكر أنه بيكتب إلى زميله رسالة والبريد بيقفل من يوم يسلم (...) البريد، فخاف أن يفوته البريد، فجعل يكتب الرسالة وهو يصلى؟
طالب: هذه الصلاة بتبطل؛ لأنه أتى بعمل ينافي الصلاة.
الشيخ: إي نعم، (...) تبطل؟
طالب: (...) إن كان الكلام كلامًا يسيرًا..
الشيخ: لا يا أخي، ما هو بكلام، ما تكلم مع أحد، طلع (...) والقلم وكتب.
طالب: إن كتب شيئًا يسيرًا ككلمة كلمتين فإنها لا تبطل، أما إذا كانت كتابة طويلة فإنها تبطل.
الشيخ: ما دليلك على أن اليسير لا يبطل؟
الطالب: حديث الزبير..
الشيخ: لا، أنا أعهد أنك حافظ ذكي.
طالب: أن الرسول عليه الصلاة والسلام حمل بنت ابنته ، وأيضًا فتح الباب لعائشة رضي الله عنها، فبالقياس على هذا لو شيئًا يسيرًا لا تبطل به الصلاة.
الشيخ: لا تبطل به الصلاة، صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، ما هو العلة في أن الكثير يبطل الصلاة؟
طالب: العلة لأن هذا الشيء الكثير ينافي الصلاة.
الشيخ: ينافي الصلاة، ويخرجها عن موضوعها.
ما تقول في رجل قال في الركوع: سبحان ربي الأعلى، هل يجب عليه السجود أو يُسَن ولا يجب؟
طالب: تذكَّر وقال: سبحان ربي العظيم هو..؟
الشيخ: فصِّل إذا كان يحتاج إلى تفصيل.
الطالب: هو ما يجب عليه الركوع، لكن يسن.
الشيخ: لا (...).
الطالب: ما يجب عليه سجود السهو.
الشيخ: لا يجب عليه سجود السهو.
الطالب: لكن يشرع له.
الشيخ: لكن يشرع، بدون تفصيل؟
الطالب: بعدما قال: سبحان ربي الأعلى تذكَّر أنه في الركوع فقال: سبحان ربي العظيم.
الشيخ: يعني: قصدك سبحان ربي العظيم، وبعدين؟
الطالب: هذا ما يجب له سجود السهو، ولكن يُشرع له السجود مطلقًا بدون تفصيل.
طالب آخر: إذا تركه متعمدًا تبطل صلاته.
الشيخ: ما ترك يا أخي، قال: سبحان ربي الأعلى وهو راكع؟
الطالب: بس، ما قال: سبحان ربي العظيم؟
الشيخ: ما أدري.
الطالب: نقول: إذا لم يقل: سبحان ربي العظيم، وقال: سبحان ربي الأعلى متعمدًا تبطل صلاته، وإن كان غير متعمد يسجد للسهو.
الشيخ: وجوبًا ولَّا استحبابًا؟
الطالب: لا، وجوبًا؛ لأنه ترك واجبًا.
الشيخ: وإن أتى بهما جميعًا؛ سبحان ربي الأعلى وسبحان ربي العظيم؟
الطالب: يشرع له السجود.
الشيخ: ويجب؟
الطالب: لا، ما يجب.
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: صحيح، إذن لا بد من تفصيل، لكن إذا أردت أن تعرف أن الطالب يتكلم عن علم؛ يعني: لبِّس عليه كأن المسألة خطأ ولا شيء؛ إن كان عن علم جزم عليه، وإن كان على غير أساس رجع، وقام يقول: مطلقًا ولَّا مفصلًا.
ما تقول في رجل قرأ وهو ساجد؟
طالب: قرأ متعمدًا؟
الشيخ: متعمدًا.
الطالب: لو متعمدًا فإنه على قول من (...) تبطل صلاته؛ لأن القراءة محرَّمة في السجود.
الشيخ: القراءة تصير محرمة؟
طالب: في السجود والركوع، (...).
الشيخ: يعني: على قول من يرى أن الصلاة تبطل لو قرأ في السجود والركوع وقرأ عمدًا، لو سهوًا؟
الطالب: لا تبطل، ويسجد للسهو (...).
الشيخ: لكن بشرط أن يأتي بالذكر الواجب؛ سبحان ربي العظيم أو سبحان ربي الأعلى.
على قول من يقول: إنها لا تبطل الصلاة إذا قرأ في الركوع أو السجود، كيف يجيبون عن القاعدة المعروفة عند أهل العلم أن من أتى بمحرَّم في العبادة بطلت صلاته؟
طالب: نقول: إن هذا الفعل مشروع، ولكنه في غير موضعه.
الشيخ: في الأصل أنه مشروع، والتحريم في الموضع ما هو لأجل القراءة ذاتها، لكن لأجل أنها في غير موضعها، وهذا رأي الجمهور؛ أن الصلاة لا تبطل ولو قرأ في الركوع والسجود، وعللوا ذلك بأن هذا التحريم ليس لذات القراءة، بخلاف لو تكلم الإنسان في الصلاة بطلت صلاته؛ لأن الكلام ذاته محرم في الصلاة.
المؤلف رحمه الله يقول: (ولم يجب له سجود بل يشرع) العبارة ما فيها تناقض؟
طالب: ما فيها تناقض؛ لأنه..
الشيخ: لم يجب، بل يشرع.
طالب: إي نعم، يعني يريد أنه يستحب السجود.
الشيخ: ما هم قالوا: إنَّ (شَرَعَ) و(يُشْرَعُ) و(مَشْرُوعٌ) يطلق على الواجب والمستحب.
طالب: بلى، لكن لما قال: ولا يجب دل هذا على أنه يستحب.
الشيخ: دل على أن المشروع في كلامهم يعني المستحب، صح ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن نأخذ من هذا قاعدة: أن اللفظ إذا دل على معنيين فنفي أحدهما تعين الآخر، واضح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما تقول في شخص تابع إمامه في الركعة الزائدة وهو يعلم أنها زائدة؟
طالب: إذا كان يعلم أن المتابعة هنا تبطل الصلاة فإنها تبطل صلاته؛ لأنه فعل ما يبطل الصلاة عالمًا عامدًا.
الشيخ: وإن كان لا يدري؟
الطالب: وإن كان لا يدري بالحكم؛ لأنه الآن استثنى أنه عالم بزيادة الركعة، لكن إذا كان لا يدري بالحكم؛ لا يعلم أن المتابعة هنا محرمة فإنها لا تبطل الصلاة.
الشيخ: هل هذا الحكم الذي قلت مبني على قاعدة عند أهل العلم؟
الطالب: مبني على عدم المؤاخذة بالجهل في فعل المحظور.
الشيخ: عدم المؤاخذة بالجهل في فعل المحظور، والزيادة في الصلاة محظورة، فإذا فعلها الإنسان جاهلًا فلا؟
طالب: فلا إثم عليه.
الشيخ: فلا إثم عليه، ولا أثر للفعل، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: بناء على هذه القاعدة، ما تقول في رجل دخل عليه صديق له فسلَّم، فقال الذي يصلي: عليكم السلام ناسيًا، ويش تقول؟
طالب: نقول: صلاته باطلة.
الشيخ: ناسيًا؟
الطالب: وإن كان ناسيًا.
الشيخ: ما هو قلنا قبل قليل: إن المحظورات إذا فعلت والإنسان جاهل أو ناسٍ فإنه لا إثم فيها ولا أثر لها؟
طالب: لعله استثنى الكلام.
الشيخ: لعله، من أين جاءنا؟
الطالب: يعني -والله أعلم- استثنى الكلام في الصلاة.
الشيخ: ما يخالف، جيب لنا دليلًا.
طالب: والله أعلم أنه منهي الكلام في الصلاة.
الشيخ: صحيح، معلوم أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين، لكن إذن محظور الكلام، ممنوع، والقاعدة عندنا أن فعل الممنوع إذا كان الإنسان معذورًا بالجهل أو النسيان فلا أثر له، الإنسان لا يأثم، ولا يترتب عليه أي شيء، هذه القاعدة، افهموها يا جماعة.
إذن طبق القاعدة على هذه المسألة الذي سألتك عنها؛ سلَّم عليه صديقه فقال: السلام عليكم، قال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ناسيًا؟
طالب: لكن يا شيخ استثنى الكلام.
الشيخ: يا أخي من استثناه؟
الطالب: الحديث..
الشيخ: هو «لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، لولا هذا الحديث صار الكلام حلالًا؛ لأن الصحابة كان بالأول الواحد منهم يكلم صاحبه إلى جنبه وهو في الصلاة، أنا بأعطيك القاعدة جزاك الله خيرًا، القاعدة: كل شيء محظور في العبادة إذا فعله الإنسان ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا فلا شيء عليه، خذها قاعدة، كلكم خذوها، فإذا كان كذلك فتكلم الإنسان في الصلاة وهو ناسٍ فصلاته يا جماعة؟
طلبة: صحيحة.
الشيخ: صحيحة، والدليل على ذلك أن معاوية بن الحكم لما دخل في الصلاة عطس رجل من الجماعة قال: الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم، يعني: أنكروا عليه، فقال: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟! واثكل أمياه هذا كلام، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما سلم دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه جاهل، والناسي كالجاهل.
خلينا نعطيك مثالًا على هذا علشان تبني على القاعدة: رجل محرم للعمرة فرأى صيدًا، وكان هو يحب الصيد، فرماه ناسيًا أنه في إحرام، ما تقول؟ هل عليه فدية؛ يعني: هل عليه جزاء ولَّا ما عليه؟
طالب: إن كان جاهلًا بالحكم..
الشيخ: لا يدري أنه حرام، لكن نسي، إنسان يحب الطير، وتعرفون اللي يحب الصيد (...)؛ ولهذا أحيانًا تحوم (...) وتحوم بالحصى (...) كل شيء، وهم ما يشفوه.
طالب: الساهي غير الجاهل.
الشيخ: إذن ما عليه جزاء، ويش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، ما عليه جزاء، طبقوا القاعدة.
رجل جامع زوجته في نهار رمضان ولم ينزل، فظن أن الجماع بدون إنزال لا بأس به، ولم يغتسل صلى بدون اغتسال، وجامع وهو صائم، فجاءنا يسأل قال: أنا بأسألكم الآن عن شيئين؛ أولًا: هل صلاتي صحيحة أو غير صحيحة؟ وثانيًا: هل صومي صحيح أو غير صحيح؟ يا جماعة طبقوا عليه القاعدة.
طالب: صلاته غير صحيحة؛ لأن هذا ترك مأمور، صومه صحيح؛ لأنه من باب فعل المحظور يعفى عنه.
الشيخ: صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم، صحيح.
الشيخ: صحيح، تمام، نقول: أما صومه فصحيح، لماذا؟ لأنه فعل محظورًا، وأما صلاته فغير صحيحة؛ لأنه ترك مأمورًا وهو الاغتسال، فيغتسل ويعيد الصلاة، وصومه صحيح (...).

***

إذا قال قائلٌ: ما هو الدليل على جواز التَّنحْنُحِ للحاجة ولو بان حرفان؟
الدليل حديثُ عليٍّ رضي الله عنه أنه كان له مَدْخلانِ يدخلُ بهما على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا دَخَلَ عليه وهو يُصَلِّي تَنَحْنَحَ له ، إشارة إلى أنه مشغولٌ بصَلاتِه.
إذا عَطَسَ فبانَ حرفانِ تَبْطُلُ صلاتُه؟
طالب: لا تَبْطُل.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: ليسَ اختياره.
الشيخ: لأنه مغلوبٌ عليه، ليس باختياره، وكذلك لو تَثاءبَ فبانَ حرفانِ فإنه مغلوبٌ عليه فلا يضرُّه.
لكنْ في التثاؤبِ بعضُ الناسِ تجده ينسابُ وراء التثاؤبِ حتى تسمع له صوتًا: ها، ها. فهذا الظاهرُ أنه غيرُ مغلوبٍ على أمْرِهِ، بلْ إنَّ هذا مَنْهِيٌّ عنه؛ لأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ تثاءبَ أنْ يكْظِمَ ما استطاعَ ، (يَكْظِم) يعني: يمنع ما استطاعَ. فإنْ لم يستطِعْ وَضَعَ يدَهُ على فمه؛ لأن وَضْع اليدِ على الفَمِ يَكْبِتُ الصوتَ ويخفضه، ويمنع مِن ضَحِكِ الشيطانِ على المتثائبِ أو دخولِه في جوفه.
العُطاس، بعضُ الناسِ يتقصَّد أنْ يكون عُطاسُهُ شديدًا.
فلو تقصَّد هذا وبانَ حرفانِ بَطَلَتْ صلاتُه على قاعدة المذهب؛ لأن هذا ليس مغلوبًا على أمْرِه.
طالب: (...)؟
الشيخ: تشهد عليهم.
طالب: (...)؟
الشيخ: هو يقول: ما شأنُ السَّرَعانِ الذين خرجوا وقالوا: قصرت الصلاة. هل رجعوا فصلَّوا أمْ لم يرجعوا ولم يصلُّوا، أو نُبِّهوا بعد ذلك وصلَّوا صلاةً جديدةً؟
هذه الاحتمالاتُ كلُّها واردةٌ؛ يحتمل أنهم رجعوا فأتَمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولم يُتِمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولكنْ بَلَغهم الخبرُ فاستأنفوا الصلاةَ أو بَنَوْا على ما سبق، وإذا كان كلُّ احتمالٍ واردًا لم يُمْكنك أن تستدلَّ بالحديث على أحد الاحتمالاتِ، ولا يُمْكن أيضًا أن تحمله على كلِّ الاحتمالاتِ إذا كانت لا يُمْكن الوفاقُ بينها.
انتبهوا للقاعدة هذه: متى وَرَدَ النصُّ متردِّدًا بين أشياء بدون ترجيحٍ فإنه لا يُمْكنك أن تستدلَّ به على أحدِها؛ لأنه لا يتعيَّن في واحدٍ منها.
وهلْ يمكن أن تجمع؟
ربما يمكن أن تجمع إذا كانت لا تتعارضُ، لكنْ إذا كانت تتعارضُ فإنه لا يمكن الجمعُ كمَسْألتِنا هذه؛ مسألة أنه ما يمكن أن نقول: رَجَعوا ولم يرجعوا. لا بدَّ إمَّا رَجَعوا وإمَّا لم يرجعوا، فيبقى الحديثُ مُشْكِلًا؛ لكنْ عندنا نصوصٌ محكمةٌ تدلُّ على أنه لا بدَّ من إتمام الصلاة.
فنقول: هؤلاء إنْ كانوا رجعوا فقد أتَمُّوا صلاتَهم، وإنْ لم يكونوا رجعوا فلا بدَّ أن يُصَلُّوا الصلاةَ تامَّةً.

***

***

***

***

***

***

\n طالب: (...) محمَّد وعلى آله وصحبِه أجمعين.\n
قال رحمه الله تعالى: \n ولا يسجد لشَكِّهِ في تَرْكِ واجبٍ أو زيادةٍ، ولا سجودَ على مأمومٍ إلا تَبَعًا لإمامِهِ، وسجودُ السهْوِ لما يُبْطل عَمْدُه واجبٌ، وتَبْطُل بتَرْك سجودٍ أفضليته قبلَ السلام فقطْ، وإن نَسِيه وسلَّمَ سجد إن قرُبَ زمنُه، ومَنْ سَهَا مِرَارًا كفاه سجدتانِ.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سَبَق لنا ونحن نتكلَّم عن الكلام في الشكِّ. \n
الشكُّ في عدد الركعات ذكرْنا أن المشهور من المذهب هو البناء؟\n
\n الطلبة: على الأقلِّ.\n
\n الشيخ: على الأقلِّ، سواء كان عنده ترجيحٌ أمْ لم يكنْ، وأنه يسجد قبل السلام.\n
وذكرْنا أن الصحيح في هذه المسألة الذي دلَّتْ عليه السُّنة أنه إذا لم يكنْ عنده ترجيحٌ فإنه يبني؟\n
\n الطلبة: على الأقل.\n
\n الشيخ: على الأقل؛ لأنه اليقين، ويسجد قبل السلام.\n
وإذا كان عنده ترجيح فإنه يبني على ما ترجَّح عنده من زيادةٍ أو نقْصٍ، ويسجد بعد السلام، هذا هو الذي دلَّت عليه السُّنة.\n
إذا شكَّ في تَرْك الركنِ فالأصلُ عَدَمُ فِعْله، ولهذا نقول: إذا شكَّ في تَرْكِ ركنٍ فهو كتَرْكِه؛ فإذا شكَّ هل سجد سجدتينِ أو سجدةً واحدةً فهي سجدةٌ واحدةٌ، لكن هذا أيضًا ينبني على ما سبق. \n

طالب: (...) آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: (ولا يسجد لشكه في ترك واجب أو زيادة ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه، وسجود السهو لما يبطل عمده واجب، وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط، وإن نسيه وسلم سجد إن قرب زمنه، ومن سها مرارًا كفاه سجدتان).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا ونحن نتكلم عن الكلام في الشك -الشك في عدد الركعات- ذكرنا أن المشهور من المذهب هو البناء على الأقل، سواء كان عنده ترجيح أم لم يكن، وأنه يسجد قبل السلام. وذكرنا أن الصحيح في هذه المسألة التي دلت عليه السنة أنه إذا لم يكن عنده ترجيح فإنه يبني.
طلبة: على الأقل.
الشيخ: على الأقل؛ لأنه اليقين، ويسجد قبل السلام، وإذا كان عنده ترجيح فإنه يبني على ما ترجح عنده من زيادة أو نقص ويسجد.
طلبة: بعد السلام
الشيخ: بعد السلام، هذا هو الذي دلت عليه السنة. طيب إذا شك في ترك الركن فالأصل عدم فعله، ولهذا نقول: إذا شك في ترك ركن فهو كتركه، فإذا شك هل سجد سجدتين أو سجد واحدة فهي سجدة واحدة.
لكن هذا أيضًا ينبني على ما سبق من أنه إذا كان لديه غلبة ظن عمل بغالب ظنه، ثم إن غلب على ظنه أنه أتى به فقد أتى به، وإن غلب على ظنه أنه لم يأت به فإنه لم يأت به، ويسجد بعد السلام.
وإن تردد شك شكًّا متساوي الطرفين فإنه:
طالب: يبني على الأقل.
طالب آخر: يبني على عدمه.
الشيخ: يبني على عدمه، يكون كتركه، وأظن مضبوطًا هذا. يعني إن شاء الله أي مسألة ترد علينا سوف نعرف حلها. فإذا شك هل سجد السجدة الثانية أو لم يسجد وليس عنده ترجيح ماذا نقول؟ نقول: أنت الآن لم تسجد حكمًا، فكأنك تركت السجدة الثانية.
وإن كان عنده ترجيح فإن ترجح أنه لم يسجد فكترك السجود فكأنه تركه، يعني معناه يرجع إليه، وإن ترجح أنه سجد فإنه يكون قد سجد حكمًا ويسجد للسهو بعد السلام، فقد شك في ترك الواجب.
قال المؤلف: (ولا يسجد لشكه في ترك واجب أو زيادة).
(لا يسجد لشكه في ترك واجب) يعني شك بعد أن رفع من السجود، هل قال: (سبحان ربي الأعلى) أم لم يقل، فليس عليه سجود. شك حين رفع من الركوع هل قال: (سبحان ربي العظيم) أم لم يقل؛ ليس عليه سجود. شك هل جلس للتشهد الأول أم لم يجلس، فليس عليه سجود. شك هل قرأ التشهد الأول وهو جالس، أو نسي أن يقرأه فليس عليه سجود.
المهم أنه إذا شك في ترك واجب -والواجبات سبق لنا بيانها- فإنه لا سجود عليه، لماذا؟ قالوا: لأن ترك الواجب يوجب سجود السهو، فإذا شك هل ترك الواجب أم لم يتركه فقد شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدم وجوب السجود، وحينئذ لا سجود عليه، بخلاف الركن؛ لأن الركن لا بد من فعله، لا يجبره سجود السهو، فإذا شك في تركه فهو كتركه.
والقول الثاني في هذه المسألة: إذا شك في ترك الواجب أنه يكون كتركه، وعليه فيجب عليه سجود السهو؛ وذلك لأنه إذا شك في الوجود أو العدم فالأصل العدم، فهذا شك هل أتى بالذكر الواجب أم لم يأت، فالأصل عدمه، أي أنه لم يأت، وإذا لم يأت بالواجب وجب عليه سجود السهو.
وعلى هذا فيكون القول الراجح في هذه المسألة أنه إذا شك في ترك الواجب وجب عليه سجود السهو؛ لأنه شك في وجود شيء وعدمه، والأصل العدم.
قال المؤلف: (أو زيادة) يعني لا يسجد لشكه في زيادة؛ لأنه شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدمه. يعني شك وهو يتشهد التشهد الأخير في الظهر، شك هل صلى خمسًا أم أربعًا، فالشك الآن في زيادة أو في نقص؟
طلبة: في زيادة.
الشيخ: شك الآن وهو في التشهد الأخير هل صلى الظهر أربعًا أم خمسة؟ الشك؟
الطلبة: زيادة.
الشيخ: زيادة، متأكدين؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نقول: لا سجود عليه. ليش؟ لأي شيء؟ لأن الأصل عدم الزيادة، فهذا شك في سبب وجوب السجود وهو الزيادة والأصل؟
طالب: عدمها.
الشيخ: عدمها، وعلى هذا فلا سجود عليه.
لكن لاحظوا أن المقام مقام شك، فإن تيقن وهو في التشهد الأخير أنه صلى خمسًا، فهنا يجب عليه أن يسجد للسهو؛ لأن الآن ما فيه شك، الآن تيقن أنه زاد، فيجب عليه سجود السهو.
كذلك إذا شك في الزيادة حين فعلها، يعني شك وهو في الرابعة، هل هذه خامسة أو رابعة، فيجب عليه أن يسجد للسهو إذا شك في الزيادة حين الفعل، لماذا؟
لأنه أدى جزءًا من صلاته مترددًا في كونه منها، فوجب عليه سجود السهو؛ لأنه الآن في الرابعة، الآن في آخر ركعة، ما نقول: في الرابعة في آخر ركعة فشك هل هي رابعة أو خامسة، فنقول: يجب عليك سجود السهو في هذه الحال، لماذا؟ لأنك الآن أديت هذه الركعة وأنت شاك هل هي من الصلاة أو زائدة عن الصلاة، فهذا الجزء اللي مثل الركوع، والرفع منه، والسجود، والجلوس، كل هذا الآن أصبح عندك أيش؟ محل شك، ما تدري هو الرابعة ولّا الخامسة، فعليك سجود السهو.
بخلاف ما إذا كان شكك بالخامسة، وأنت تتشهد التشهد الأخير، فإن الركعة انتهت على أنها أيش؟ على أنها أربع، ما فيه التردد، ما عندك تردد في أن آخر ركعة هي الرابعة، طرأ عليك الشك بعد مفارقة محلها، فليس عليك سجود. فصار الآن الشك في الزيادة، إن تحول إلى يقين وتيقن الزيادة وجب عليه السجود من أجل الزيادة. إن شك في الزيادة حال فعل الزيادة وجب عليه السجود؛ لأنه أدى هذه الركعة مترددًا في كونها زائدة أو غير زائدة، فوجب عليه السجود.
شك في الزيادة بعد انتهائها؛ لا سجود عليه؛ لأنه شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدمه. وهذه الصورة هي أن يشك وهو في التشهد الأخير هل صلى خمسًا أو صلى أربعًا، فنقول: لا سجود عليك الآن؛ لأن جميع الركعات السابقة الأربعة أديتها وأنت ليس عندك شك، فطرأ عليك الشك بعد مفارقة محله، والأصل عدم الزيادة، فلا سجود عليك.
إذن قول المؤلف: (أو في زيادة) يدخله استثناءان في الواقع، يدخله استثناءان: الاستثناء الأول: ما لم أيش؟ يتيقن الزيادة، وهذا ربما نقول: إنه لا يحتاج إلى استثناء، لماذا؟ لأنه ليس بشك، والمؤلف يقول: لشكه في الزيادة.
الاستثناء الثاني: إذا شك في الزيادة حين فعلها، فإنه يجب عليه السجود؛ لأنه أدى جزءًا من صلاته مترددًا في كونه منها، فوجب عليه السجود لهذا الشك.
قال المؤلف: (ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه).
(ولا سجود) عام يشمل السجود للشك، أو السجود للزيادة، أو السجود للنقص. لا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» ، ولأن سجود السهو واجب، ليس بركن، والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام، موافقون؟
طلبة: نعم.
الشيخ: الواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام، وذلك في عدة صور:
منها: لو قام الإمام عن التشهد الأول ناسيًا، سقط عن المأموم، كذا؟
ومنها: لو دخل المأموم مع الإمام في ثاني ركعة، سقط عن المأموم التشهد الأول. لو دخل مع الإمام في ثاني ركعة في رباعية، سقط عن المأموم، أيش؟ التشهد الأول؛ لأن التشهد الأول يقع لهذا المأموم في الركعة الثالثة للإمام ولّا لا؟ ومعلوم أن الإمام لا يجلس في الركعة الثالثة، فيلزم المأموم أن يقوم معه، فيسقط عنه هنا واجب من واجبات الصلاة وهو التشهد الأول.
فإذا كان الواجب يسقط عن المأموم من أجل المتابعة فسجود السهو واجب، فيسقط عن المأموم من أجل المتابعة، أعرفتم يا جماعة؟
وبناءً على هذا التعليل نقول: إنه لا سجود على المأموم إذا لم يفته شيء من الصلاة، فإن فاته شيء من الصلاة ولزمه الإتمام بعد سلام إمامه لزمه سجود السهو، إن سها سهوًا يوجب السجود لماذا؟ لأنه الآن إذا سجد لا يحصل منه مخالفة للإمام. الكلام معقول ولّا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: مثال ذلك: رجل نسي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وقد أدرك الإمام في الركعة الثانية، هذا النسيان يوجب له؟
طلبة: سجود السهو.
الشيخ: أو يوجب عليه سجود السهو؛ لأنه ترك واجبًا. هذا المأموم فاته شيء من الصلاة، إذا قام وأتى بالركعة التي فاتته نقول: يجب عليك أن تسجد سجود السهو عن ترك الواجب، لماذا؟ لأنك الآن إذا سجدت لا يحصل منك مخالفة للإمام؛ لأنك انفردت في قضاء ما فاتك من الصلاة، واضح؟
مثال ما يريده المؤلف رحمه الله: لو أن المأموم دخل من أول الصلاة مع الإمام، ونسي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع فهنا لا يلزمه السجود؛ لأنه سوف يسلم مع من؟ مع الإمام، ولو سجد لخالف الإمام، فلا يجب عليه السجود حينئذ. واضح إن شاء الله؟
قال المؤلف: (إلا تبعًا لإمامه).
يعني إلا إذا كان سجوده تبعًا لإمامه، فيجب عليه سواء سها أم لم يسهُ، فإذا سجد الإمام وجب عليك أن تتابعه، سهوت أم لم تسهُ؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» ، فيجب عليك أن تسجد مع إمامك وإن لم تسه.
مثال هذا: ترك الإمام قول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود، وأنت أيها المأموم لا تعلم؛ لأن الإمام لا يسبح جهرًا، فلما أراد أن يسلم سجد سجدتين، لأي شيء؟ لما ترك من الواجب، من واجب التسبيح. أنت أيها المأموم ما تركت شيئًا في صلاتك، كل الواجبات والأركان قد أتيت بها، ما عليك سجود، لكن الآن يجب عليك أن تسجد تبعًا للإمام، كما يجب عليك أن تجلس في الركعة الأولى وهو ليس محل جلوس تبعًا للإمام فيما إذا دخلت مع الإمام في الركعة الثانية. المأموم إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية يجب عليه أن يجلس متى؟
طالب: في نفس الركعة.
الشيخ: المأموم إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية يجب عليه أن يجلس في الركعة.
الطلبة: الأولى.
الشيخ: الأولى، فهي له أولى، مع أن هذا ليس محل جلوس، لكن تبعًا للإمام.
إذن إذا سجد الإمام للسهو، وإن لم تكن سهوت أنت أيها المأموم وجب عليك أن تسجد مع الإمام، واضح يا جماعة هذا؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: وهذا كما فهمتم الآن، فيما إذا كان سجود الإمام قبل السلام؛ لأن الإمام لم تنقطع صلاته بعد، فإن كان بعد السلام فهل يجب عليك متابعته أو لا يجب؟
نقول: ظاهر كلام المؤلف أنها تجب عليك متابعته ولو بعد السلام؛ لعموم قوله: (إلا تبعًا لإمامه) فلا فرق بين أن يسجد الإمام قبل السلام أو بعده.
يجب عليك أن تسجد معه، فإذا سجد بعد السلام فسلم أنت بعد سلام الإمام، ثم اسجد معه، وهذا ظاهر فيما إذا كان سهو الإمام قد أدركه المأموم، يعني معناه أن المأموم لم يفته شيء من الصلاة، يعني بمعنى أنه داخل من أول الصلاة، وتتم صلاته مع تمام صلاة إمامه، فهنا يجب عليه أن يسجد مع الإمام ولو بعد السلام، واضح؟ فإن كان المأموم مسبوقًا، وسجد الإمام بعد السلام فهل يلزم المأموم متابعته في هذا السجود؟
ظاهر كلام المؤلف أنه يلزمه؛ لقوله: (إلا تبعًا لإمامه). وهذا هو المعروف عند الفقهاء أنه يلزم المأموم أن يسجد مع الإمام ولو كان مسبوقًا، وسجد إمامه بعد السلام، حتى قالوا: إذا قام ولم يستتم قائمًا لزمه الرجوع، كما لو قام عند التشهد الأول، ولكن القول الصحيح في هذه المسألة أن الإمام إذا سجد بعد السلام لا يلزمك متابعته؛ لأن المتابعة حينئذ متعذرة، فإن الإمام سيسلم، وأنت لو تابعته في السلام لبطلت صلاتك، ما تمت صلاتك، وهو سجد بعد أن سلم، فالمتابعة حينئذ متعذرة؛ لوجود الحائل بينها، وهو؟
طلبة: السلام.
الشيخ: نعم، لوجود الحائل دونها وهو السلام، وحينئذ لا تتابعه إذا سجد بعد السلام وأنت مسبوق، أنت بتقوم تصلي ما بقي عليك.
ولكن هل يلزمك إذا أتممت صلاتك أن تسجد بعد السلام كما سجد الإمام؟
نقول: فيه تفصيل، على القول الراجح، نحن الآن نتكلم على القول الراجح، فإن كان سهو الإمام فيما أدركت من الصلاة وجب عليك أن تسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام فيما مضى من صلاته قبل أن تدخل معه لم يجب عليك أن تسجد، الحكم مفهوم الآن؟
طلبة: نعم.
الشيخ: مثال الأول: أن يكون سهو الإمام زيادة، بأن ركع مرتين في الركعة الثانية وأنت أدركته في ذلك، أدركته في الركعة الثانية، ركع ركوعين في الركعة الثانية فهنا يلزمك أن تسجد إذا أتممت صلاتك. علل.
طالب: أدركت..
الشيخ: لأنك أدركت الإمام في سهوه، فارتبطت صلاتك بصلاته، وصار ما حصل من نقص في صلاته حاصلًا لك.
أما لو كانت زيادة الركوع في الركعة الأولى، وأنت لم تدخل معه إلا في الركعة الثانية، فإنه أيش؟ لا يلزمك السجود؛ لأن أصل وجوب السجود هنا تبع للإمام، والمتابعة هنا متعذرة؛ لأنه بعد السلام، وأنت لم تدرك الإمام في الركعة التي سها فيها، فارتبطت به في صلاة ليس فيها سهو، فلم يلزمك أن تسجد، هذا هو الصحيح في هذه المسألة. لكن كلام المؤلف يدل على أنك تتابعه في السجود، سواء أدركت معه السهو أم لم تدركه.
قال: (ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه)، إذا كان المأموم مسبوقًا وسها في صلاته، والإمام لم يسه، فهل عليه السجود؟
طالب: مسبوقًا عليه السجود.
الشيخ: إذا كان مسبوقًا؟ يعني مأموم دخل مع الإمام في الركعة الثانية، ونسي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وسلم الإمام، وقام المأموم يقضي، فهل عليه سجود السهو؟
طلبة: نعم.
طلبة آخرون: لا.
الشيخ: ما عليه.
طالب: إذا كان مع الإمام لا.
الشيخ: لا، هو..
الطالب: لا سجود عليه.
الشيخ: اصبر، بارك الله فيك.
هو دخل في الركعة الثانية، ونسي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولما سلم الإمام قام يقضي، فهل يسجد إذا قضى أو لا؟
طلبة: لا يسجد.
الشيخ: يسجد.
طالب: تبع الإمام.
الشيخ: يسجد؛ لأنه انفصل عن الإمام، انفصل، واضح؟ إذن يسجد لأنه انفصل عن الإمام، ولا تتحقق المخالفة بسجوده حينئذ؛ لأنه انفصل عن الإمام، وفارق الإمام.
وعليه فنقول: المأموم إذا سها في صلاته وكان مسبوقًا وجب عليه أن يسجد للسهو إذا كان سهوه مما يوجب السجود، تمام؟ هذا هو القول في سهو المأموم.
لو فُرض أن الإمام لا يرى وجوب سجود السهو، والمأموم يرى وجوب سجود السهو، مثل التشهد الأول، يرى بعض العلماء أنه سنة -كما هو مذهب الشافعي- وليست بواجب، فإذا تركه الإمام ولكن لم يسجد للسهو بناءً على أنه سنة وأن السنة لا يجب لها سجود السهو، فهل على المأموم الذي يرى أن سجود السهو واجب، هل عليه سجود؟ لا؛ لأن إمامه يرى أنه لا سجود عليه، وصلاته مرتبطة بصلاة الإمام، وهو لم يحصل منه خلل -المأموم- لأنه يجب عليه أن يتابع الإمام، فقد قام بما يجب عليه.
أما لو كان الإمام يرى وجوب سجود السهو ولكن لم يسجد، فسبحنا به في السجود، ولكنه إمام عنيد، لو لم نسبح به لسجد، لكن لما سبحنا به عاند ولم يسجد، ونحن نعرف أنه يرى وجوب السجود.
قال الفقهاء رحمهم الله: حينئذ يسجد المأموم إذا أيس من سجود إمامه؛ لأن صلاته مرتبطة بصلاة الإمام، والإمام فعل ما يوجب السجود، وترك السجود من غير تأويل، فوجب على المأموم أن يجبر هذا النقص ويسجد.
قال المؤلف: (وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب).
هذا الضابط فيما يجب سجود السهو له. سجود السهو واجب لكل شيء يبطل الصلاة عمده، كل شيء إذا تعمدته بطلت الصلاة فسجود السهو له واجب، هذا الضابط.
لو تركت قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، وجب عليك سجود السهو؛ لأنك لو تعمدت الترك بطلت صلاتك، فسجود السهو واجب في كل ما لو تعمدته لبطلت الصلاة. لو أن الإنسان ترك الفاتحة، هل يجب عليه سجود السهو؟
طالب: (...).
الشيخ: ركن إي.
طالب: ما تنفعه.
الشيخ: نقول: نعم يجب عليه سجود السهو، ولكن يجب شيء آخر غير سجود السهو.
طلبة: الإتيان ركعة.
الشيخ: وهو الإتيان بالركن، الإتيان بالركن على التفصيل السابق. طيب، لو ترك التشهد الأول نسيانًا؟
طالب: كذا.
الشيخ: ما هو كذلك، اترك الكذلكة، ترى الكذلكة (...) هلكة، أيش؟
طالب: يجب عليه السجود.
طالب آخر: السجود فقط.
الشيخ: يجب عليه السجود فقط، ولا يجب عليه الإتيان به؛ لأنه واجب يسقط بالسهو، واضح؟ لو ترك الاستفتاح هل يجب عليه سجود السهو؟
طلبة: لا يجب.
الشيخ: لا يجب عليه سجود السهو، لماذا؟
طلبة: لأنه سنة.
الشيخ: لأنه لو تعمد تركه لم تبطل صلاته، فلا يجب عليه سجود السهو، ولكن هل يسن أو لا؟
الصحيح أنه يسن أن يسجد له إذا تركه نسيانًا؛ لأنه قول مشروع، فيجبره بسجود السهو، ولا يكون سجود السهو واجبًا؛ لأن الأصل الذي وجب له السجود ليس بواجب، فلا يكون الفرع واجبًا.
فإذا ترك الإنسان سنة من عادته أن يأتي بها ولكن نسي، فسجود السهو لها سنة، أما لو ترك السنة عمدًا فهنا لا يشرع له السجود؛ لعدم وجود السبب، وهو السهو.
وقول المؤلف: (لما يبطل عمده الصلاة)، (لما): (ما) هنا اسم موصول، أي: الذي، يشمل الفعل والترك صح؟
طالب: (...).
الشيخ: أو الترك فقط.
طلبة: والفعل.
الشيخ: الفعل والترك.
فلو زاد ركوعًا سهوًا، أجب.
طلبة: وجب.
الشيخ: وجب عليه السجود، لماذا؟ لأنه لو تعمد زيادة الركوع بطلت صلاته. ولو أتى بقول مشروع في غير موضعه، مثل أن يقرأ في الجلوس وهو جالس، قرأ وهو جالس، نسي، قرأ وهو جالس، هل يجب عليه السجود؟ لا يجب، لماذا؟ لأنه لو تعمد أن يقرأ وهو جالس لم تبطل صلاته.
فإذن القاعدة الآن منضبطة طردًا وعكسًا، فنقول: سجود السهو واجب لكل فعل أو ترك إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته. غير واجب لكل قول أو فعل إذا تعمده لم تبطل الصلاة. لو قرأ وهو راكع أو ساجد نسيانًا، هل يجب أن يسجد للسهو؟
طالب: إي نعم.
طالب آخر: لا.
طالب آخر: يجب.
طلبة: لا يجب
الشيخ: يجب، لا يجب، هل يسن أو لا يسن؟
طلبة: يسن.
الشيخ: يسن ما بعدها يسن، ما فيها لا يسن؟ إذن الخلاف في الوجوب، وأما الاستحباب فهو متفق عليه. صحيح الاستحباب متفق عليه، أما الوجوب فجمهور أهل العلم لا يرون الوجوب؛ لأنهم لا يرون بطلان الصلاة في تعمد القراءة في الركوع والسجود.
أقول: جمهور العلماء على أنه إذا تعمد القراءة في الركوع أو السجود لا تبطل الصلاة به. وعلى هذا فإذا نسي وقرأ في الركوع أو السجود، فإنه لا يجب عليه سجود السهو، لكن بعض العلماء وبعض الظاهرية قال: إذا تعمد القراءة في الركوع والسجود بطلت صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» .
فإذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد فقد أتى بما نهى الشارع عنه، فيبطل الصلاة، كما لو تكلم، قال زيد بن أرقم: أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام .
فإذا كان الرجل إذا تكلم في صلاته بطلت صلاته، فإذا قرأ وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى قال: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ»، نهاه الله عز وجل «أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» ما تقولون في هذا التعليل؟ قوي لكنه عند التأمل يتمزق؛ لأن الفرق بين نهينا عن الكلام وبين «نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ» أن النهي عن قراءة القرآن نهي عن قراءته في هذا المحل، لا عن قراءته مطلقًا، فإن القرآن قول مشروع في الصلاة، بل ركن فيها، الفاتحة قراءتها ركن، بخلاف كلام الآدميين فإنه منهي عنه لذاته نهيًا مطلقًا. فصار القياس غير صحيح، واضح يا جماعة؟
فيقال: الفرق أن قراءة القرآن ليست لذاتها ولكن لمحلها، لا يقرأ في الركوع والسجود؛ لأن القرآن أشرف الكلام، فلا يناسب أن يقال في هيئة فيها الذل والخضوع، خدتوا بالكم؟ وإن كان الذل لله رفعة وعزة، لكن الهيئة لا تتناسب مع القرآن، ولهذا تجد أن المناسب في الركوع والسجود ما هو؟ التسبيح، تنزيه الله عن النقص والذل سبحانه وتعالى؛ فلذلك لا يناسب أن يقرأ القرآن الإنسان وهو راكع أو ساجد.
فالنهي عنه نهي لا لذاته ولكن لمحله، فافترق الكلام الذي نهينا عنه في الصلاة وهو كلام الآدميين، وكلام رب العالمين الذي نهينا أن نقرأه في هذا المحل المعين من الصلاة.
وعلى هذا فلو قرأ الفاتحة نسيانًا وهو راكع، فالسجود سنة، لكن لو جمع بين قراءة الفاتحة ونسيان التسبيح صار القرآن واجب لأيش؟
طالب: لترك السنة.
الشيخ: لترك التسبيح، وهو واجب. القاعدة إذن صحيحة، ولكن ينبغي أن تقيد، فيقال لما يبطل الصلاة عمده مما كان من جنس الصلاة -انتبهوا- ليخرج بذلك كلام الآدميين عمده أيش؟ يبطل الصلاة، لا شك، لكن سهوه لا يبطل الصلاة على القول الصحيح، ولا يوجب السهو، لا على القول الصحيح، ولا على القول الضعيف، مع أن عمده يبطل الصلاة؛ وذلك لأن عمد كلام الآدميين -على المشهور من المذهب- يبطل الصلاة، سواء وقع عمدًا أو سهوًا، وعلى القول الراجح أنه إذا وقع سهوًا أيش؟ لا يبطل الصلاة.
ولكن في هذه الحال إذا قلنا: لا يبطل، هل يوجب السجود؟ لا، فعليه يجب أن تقيد هذه القاعدة، وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة بماذا؟ بما إذا كان من جنس الصلاة، الركوع والسجود والقيام والقعود.
(وسجود السهو لما يبطل الصلاة عمده).
طالب: إذا فعل المصلي المأموم ما يوجب سجود السهو بعد السلام ولم (...) نسي..
الشيخ: إي نعم.
طالب: هل يسجد ولّا ما يسجد؟
الشيخ: لا، ما يسجد.
طالب: ما سمعنا السؤال.
الشيخ: ما يسجد.
يقول: إذا سها المأموم سهوًا يوجب السجود بعد السلام، وهو لم يفته شيء مع الإمام، فهل يسجد؟
إذا سلم الإمام سلم هو ثم سجد أو لا؟
نقول: لا؛ لأن هذا السجود لا يأتي بعد ركعة مستقلة، فهو تابع للركعة الأولى التي مع الإمام وهو لم يفته شيء.
طالب: شيخ أحيانًا لما يكون السجود بعد السلام، بعض المأمومين يقوم يكمل، أما إذا سجد الإمام رجع وسجد معه.
الشيخ: يرجع (...) قام.
الطالب: بعدما يقوم.
الشيخ: يرجع.
الطالب: يسجد معه للسهو، (...)، يقوم تاني يكمل صلاته.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: ما حكم الصلاة هذه؟
الشيخ: حكم صلاته أنه جاهل ما عليه شيء، لكن ينبه.
طالب: شيخ، لماذا ألزمنا المأموم إذا كان مسبوقًا بسجود السهو، وهو ما يتحمل عنه الإمام يا شيخ السهو؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: المسبوق..
الشيخ: هذا المسبوق يجب عليه سجود السهو، إذا سجد الإمام قبل السلام.
الطالب: نعم.
الشيخ: إي، معلوم؛ لأنه الآن لا يجوز أن يفارق إمامه إلا بعد سلامه.
الطالب: ما يتحمل إمامه السهو لجهل المأموم؟
الشيخ: سهو المأموم متى؟
الطالب: إذا سها.
الشيخ: يعني سها المأموم في صلاته، وسجد مع الإمام، كذا؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: تقول: يتحمل عنه الإمام هذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: لا، ما يتحمله؛ لأن سجود السهو مقيد قبل السلام أو بعده، وهذا في أثناء الصلاة.
طالب: لا، أنا ما أقصد هذا. إذا كان الإمام..
الشيخ: المهم، هذه فائدة إن شاء الله، قصدتها ولّا ما قصدتها، يقول: إذا سها المأموم مع إمامه، وقد فاته شيء، وسجد هو مع الإمام سجود السهو، فهل يجب عليه أن يسجد إذا فرغ من إتمام صلاته لسهوه أو لا يجب؟
نقول: يجب؛ لأن سجوده مع الإمام إنما كان متابعة للإمام، وهو في أثناء الصلاة، وسجود السهو الذي تجبر به الصلاة لا يكون إلا.
طالب: بعد السلام.
الشيخ: إلا، إما بعد السلام، وإلا بعد التشهد عند السلام، إي نعم.
طالب: إذا سها المأموم يا شيخ مع الإمام، يعني المأموم سها والإمام سلم ونلزم إحنا المأموم أن يأتي بسجود السهو.
الشيخ: لا، إذا كان ما فاته شيء ما نلزمه.
الطالب: إذا فاته ونسي مع الإمام نسي..
الشيخ: نسي قبل أن يسلم الإمام؟
الطالب: سها وهو مع الإمام.
الشيخ: إي نعم، سها وهو..
الطالب: الإمام ما سها، لكن سها المأموم فقط، نحن قلنا: إذا كان مسبوقًا فيأتي بسجود السهو، ما يتحمل عنه الإمام السهو..
الشيخ: لا، ما يتحمل عنه، ما يتحمل.
الطالب: ليش يا شيخ؟
الشيخ: لأنه الآن انفرد بآخر صلاته، ومحل سجود السهو في آخر الصلاة، والمأموم الآن صار في آخر صلاته منفردًا.
الطالب: لكن السهو حصل مع الإمام.
الشيخ: لكن متى يجب سجود السهو؟
الطالب: بعد السلام..
الشيخ: عند السلام، هذا الآن المأموم عند السلام منفرد، ما هو مع الإمام حتى يتحمل عنه، ولهذا لو لم يفته شيء تحمل عنه الإمام.
طالب: شيخ، إذا جه الإمام سجد بعد السلام، والمأموم كان مسبوقًا، هل يسجد بعد السلام هو؟ سها الإمام..
الشيخ: أنا فاهم، لكن أنت الظاهر أنك غائب أو نائم؟
الطالب: لا يا شيخ.
الشيخ: بلى، إحنا ما ذكرنا هذه؟
طلبة: ذكرناها.
الشيخ: ذكرنا هذه، ارجع للشريط.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، كيف (...) صلاة الرجل الذي تعمد قراءة القرآن في السجود أو الركوع، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أنه فعل ذلك في الصلاة؟ والصلاة أمر تعبدي.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: باعتبار (...) لازم نرد عليه.
الشيخ: لا، الرسول عليه الصلاة والسلام ما نهى عن هذا، ما نهى عنها، وقراءة القرآن في الصلاة تعبدية، لكنه بدل مكانها.
الطالب: إذن أتى بفعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: إي، بس هو قول لا يؤثر، الصلاة هيئتها ما تغيرت، لو زاد ركوعًا أو سجودًا قلنا: صحيح تبطل صلاتك بالتعمد.
الطالب: ويش الدليل على هذا يا شيخ بالنسبة..؟
الشيخ: الدليل على هذا أنه ما تتغير الهيئة، ما تتغير.
طالب: شيخ، الشارح يقول: (ولا يعتد مسبوقًا بالركعة الزائدة إذا تابعه فيها جهلًا) صحيح هذا الكلام؟
الشيخ: هذه مسألة مهمة.
يقول: إن المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدة إذا تابعه فيها جاهلًا، يعني مسبوق دخل مع الإمام في الركعة الثانية من صلاة الظهر، والإمام سها فصلى خمسًا، والناس كلهم تبعوه نسوا كما نسي الإمام، المسبوق الذي فاتته ركعة بالأول تابع الإمام، وسلم الإمام، كم صارت الذي دخل في الثانية.
الطلبة: أربعًا.
الشيخ: صارت أربعًا. فهل يعتد بهذه الزائدة أو لا؟
المؤلف كما سمعتم يقول: إنه لا يعتد بها. ويستدل أصحاب هذا القول بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قال: هذا فاته ركعة يجب يأتي بركعة، وإذا أتى بركعة صارت الزائدة غير معتد بها؛ لأنه لو اعتد بها وقلنا: يأتي بركعة، ألزمناه أن يصلي خمسًا، لكن نلزمه أن يأتي بركعة لأن الزائدة أيش؟ لم يعتد بها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».
ولكن القول الصحيح أنه يعتد بها، وأنه لو أتى بزائدة بطلت صلاته؛ وذلك لأن صلاة الإمام خمسًا معذور فيها لأنه ناسٍ، أما أنت لو قمت وأتيت بالخامسة؟
طلبة: متعمد.
الشيخ: فأنت غير معذور، متعمد، وفرق بين الناسي والمتعمد.
بقي علينا الجواب عن الحديث؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وهذا الرجل صلاته الآن تامة، ويش يتم؟ تمت، صلى أربعة. فقال: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، معناه أن الإمام لم يزد على الواجب، فإذا لم يزد الإمام على الواجب وقد فاتني شيء، وجب علي أن آتي بما فاتني. أما وقد زاد الإمام بقدر ما فاتني فأي شيء أتمه الآن وقد صليت أربعًا؟
ولهذا فالقول الصحيح في هذه المسألة القول الثاني: أنه يعتد بها، ولكن قولوا لي: لو أنه سبح بالإمام ولم يرجع، ماذا فهمنا مما سبق؟ أن من اتبعه في هذه الزيادة بطلت صلاته، إذن فالمأمومون سيجلسون، الذين دخلوا من أول الصلاة سيجلسون؛ لأنهم أتموا.
طالب: الصلاة.
طلبة: أربعًا.
الشيخ: أربعًا. والإمام ماش، لكن هذا المسبوق الآن هل يتابع الإمام في الزائدة أو لا؟
لا، لا يتابعه فيها؛ لأن الفرض أن الإمام صلاته الآن.
طلبة: تامة.
طالب: باطلة.
الشيخ: باطلة؛ لأنه نبه عن الزيادة وهو أصر.
لكننا نقول: لو تابعه فلا بأس؛ إذ إن الإمام قد يصر جازمًا بصواب نفسه فتكون صلاته صحيحة، وقد يصر لأنه ترك الفاتحة في إحدى الركعات مثلًا، فأتى بهذه لإتمام صلاته، فحينئذ لو تابعه المسبوق بهذه لم تبطل صلاته، وسلم معه.
(...)

***

هذا أقرب أنه يغلب ما كان قبل السلام.
ثم قال المؤلف: (باب صلاة التطوع).
أولًا: يجب أن نعلم أن من رحمة الله بعباده وحكمته أن شرع لهم في الواجبات نظيرها من التطوع، كل ركن من أركان الإسلام فله نظير من التطوع؛ الصلاة لها تطوع، والزكاة؟
طلبة: لها تطوع.
الشيخ: والصيام؟
طلبة: له تطوع.
الشيخ: والحج؟
طلبة: له تطوع.
الشيخ: له تطوع، وهذا من رحمة الله بالخلق ومن حكمته؛ أما كونه من رحمته فلأن هذا التطوع يزداد به الإنسان ثوابًا وأجرًا وقُربة إلى الله، وأما كونه من حكمته فلأن هذا التطوع يكمل به نقص الفرائض يوم القيامة، وما من إنسان إلا وفي فرائضه نقص، فمن حكمة الله ورحمته أن جعل هذا التطوع ليجبر به النقص.
طالب: يا شيخ، لو نسي سجود السهو ثم سلم من الصلاة وخرج وأحدث، هل نقل: توضأ ثم اسجد؛ توضأ للسجود؟
الشيخ: لا، إذا خرج خلاص وأحدث ما يسجد، إذا طال الفصل أو خرج من المسجد أو أحدث ولو في مكانه فلا سجود.
طالب: يا شيخ -أحسن الله إليكم- إذا قلنا: إن المسبوق يتابع الإمام قبل السلام إذا سلم الإمام فقام المأموم، هل يعود إلى..؟
الشيخ: يعود ما لم يستتم قائمًا، فإن استتم قائمًا فلا يعود.
الطالب: أليس واجب المتابعة؟
الشيخ: إي، لكن فارق المحل معذورًا.
طالب: شيخ، قلنا في المسألة: إذا كان الإمام يرى وجوب السجود للسهو والمأموم يرى، كلاهما الإمام يرى الوجوب والمأموم يرى، ثم سبح به ولم يرجع في التشهد الأول، مثلًا قلنا: إنه إذا لم يرجع ولم يسجد له يسجد المأموم؛ يعني: كيفية السجود له؟
الشيخ: يسجد سجدتين ويسلم.
الطالب: بعد الإمام؟
الشيخ: إي نعم.
طالب: أحسن الله إليكم، نسي آية من الفاتحة ثم ذكر أثناء الصلاة أو بعد الصلاة، هي ركن الفاتحة قلنا: ونسي آية منها (...)؟
الشيخ: فيه إشكال هذا؟
الطالب: فيه إشكال؛ الآن ما يعتبر ركنًا.
الشيخ: وأيش تقولون يا جماعة؟ نسي آية من الفاتحة فماذا يصنع؟
الطلبة: يأتي بركعتين.
الشيخ: إن ذكر قبل أن يصل إلى محلها من الثانية يرجع، وإن لم يذكر إلا حين وصل محلها من الثانية صارت الثانية هي الأولى.
الطالب: سقوط ركن يعتبر؟
الشيخ: يكررها، هو سقوط ركن، ما دام ترك آية فكأنه لم يقرأها.
طالب: أحسن الله إليك، إذا تعدد السهو في صلاة واحدة وكان فيه زيادة ونقص، شيخ، ما نقول: إنه يبدأ يسجد؛ يعني: على حسب ما فعل أول سهو؛ يعني: إن كان النقص أول شيء فيسجده قبل الصلاة؛ لأنه مطالب به؟
الشيخ: لكن الصلاة ما تمت.
الطالب: يعني: تمت بعدما سها.
الشيخ: إي، لكن هو أنت تقول: إننا نبدأ بالأسبق، نجعل الحكم للأسبق، نقول: لكن الصلاة واحدة وسجود السهو في آخرها، فلم يصل إلى محل السجود إلا وقد اجتمع عنده؟
الطالب: أكثر من سبب.
الشيخ: سببان.
الطالب: يسجد قبل السلام؟
الشيخ: فيغلب ما قبل السلام.
طالب: قام عن التشهد الأول لم يستتم ولم يكن جالسًا؛ يعني: بين القيام والجلوس، ثم رجع إلى التشهد الأول، ففي هذه الحال يجب عليه سجود السهو؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: حديث المغيرة؟
الشيخ: حديث المغيرة لو صح، بس الحديث ضعيف.
الطالب: يعني: في هذه الحال السجود واجب ولو لم يستتم؛ يعني: يجب أن يسجد؟
الشيخ: هو لو صح الحديث كان نقول: ما يجب السجود، ربما يكون له تعليل بأنه ما وصل إلى الركن الثاني، لكن الحديث ضعيف، إحنا تكلمنا على هذا في أثناء الدرس.
الطالب: السجود هل هو واجب أو على الاستحباب؛ يعني: السجود لهذه الحال؟
الشيخ: عند العلماء واجب، يقول: لأن هذا زاد في صلاته زيادة لو تعمدها لبطلت.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- إذا سها في سجود السهو كيف يصنع؟
الشيخ: اسأل الكسائي.
طالب: الكسائي وين رد؟
الشيخ: يقال: إن أبا يوسف -وهو من الفقهاء- اجتمع عند الرشيد ومعه الكسائي -وهو من أئمة النحو- فقال الكسائي: إن كل إنسان يتعمق في فن فإنه لا يخفى عليه الحكم في فن آخر، فقال أبو يوسف: لا يمكن، العلوم مختلفة، قال: لا، يمكن، قال أبو يوسف: أرأيت إذا سها في سجود السهو؟ قال: إذا سها في سجود السهو فليس عليه سهو، قال: من أين أخذته؟ من نحوك؟ قال: لأن المصغَّر لا يصغَّر.
هل هذا صحيح ولَّا لا؟ إنما إذا سها في سجود السهو فليس عليه سهو، لكن مثلًا لو سها هل سجد السجود الثاني في سجود السهو أو لا ولم يترجح عنده شيء؟ نقول: اسجدْ سجدة واحدة فقط، ولا نقول: اسجد سجدة واحدة ثم اسجد سجدتين، لا، نقول: اسجد السجدة الواحدة التي شككت فيها وينتهي.
طالب: جزاك الله خيرًا، سجود السهو يصير موجب ركن بعد الصلاة وواجب قبل السلام وركن بعد السلام؟
الشيخ: لا، ما هو زيادة، إذا كان زيادة فهو بعد السلام، إذا كان تركَ واجبٍ فهو قبل السلام.
الطالب: وإذا زاد ركنًا؟
الشيخ: إذا زاد ركنًا يختلف؛ إذا زاد ركنًا قوليًّا كما لو قرأ الفاتحة مرتين فليس عليه سجود السهو، إنما يسن له السجود فقط، يختلف.
طالب: إذا سلم على نقص وقال له الجماعة: نقصت ركعة، هل يأتي بالركعة الثانية بتكبيرة إحرام أم من غير تكبيرة إحرام؟
الشيخ: لا، يأتي بالباقية بدون تكبيرة، لو كبَّر للإحرام لبطلت صلاته؛ لأنه إذا كبر للإحرام معناه أنه قطع الأولى وابتدأ الثانية.
الطالب: خرج من المسجد؟
الشيخ: يرجع.
الطالب: ويدخل الصلاة بدون تكبيرة إحرام؟
الشيخ: إي نعم، لكن يجلس ثم يقوم.
الطالب: يقوم بدون تكبيرة؟
الشيخ: بدون تكبير، نعم.
طالب: أحسن الله إليك، إذا كانت الصلاة رباعية فلنفرض أنها العصر والإمام سها في التشهد الأول، وبعدين كبَّر فيه ناس من الجماعة كبروا معه، لا هو سها نعم بعدما سها طبعًا كبَّر وقام يأتي بالركعة الثالثة، وناس من الجماعة جلسوا للتشهد الأول اللى وراه طبعًا تقريبًا رأوه فقاموا، وبعضهم قال: سبحان الله (...) واقفًا بعدين استمروا، وفي آخر الصفوف جلسوا للتشهد الأول بعدين الإمام طبعًا كبَّر للركوع ومنهم من (...)؟
الشيخ: السؤال الأول: ما تقول في رجل سلَّم من ركعتين من الظهر، ثم ذكر، هل يتم أو لا يتم؟
الطالب: سلَّم (...) يتم.
الشيخ: سلَّم من ركعتين في صلاة الظهر وهو مقيم، ثم ذكر، فهل يبني على ما مضى من صلاته ويتمها أو يستأنفها؟
الطالب: يتمها.
الشيخ: يتمها؟
الطالب: يصلي ركعتين، ثم يسجد للسهو.
الشيخ: خطأ.
الطالب: إن قرب الزمن يأتي بركعتين.
الشيخ: إن قرب الزمن. شرط آخر؟
الطالب: وألَّا يتكلم في غير مصلحتها.
الشيخ: لا.
طالب: إن كان في المسجد.
طالب آخر: ألَّا يظن أنها كملت على هذه الحال.
الشيخ: إحنا قلنا: سلَّم من الظهر على أنها الظهر.
طالب: ألَّا يُحدِث.
الشيخ: ألَّا يفعل ما يمنع بناء آخرها على أولها كالحدث، ما هو الدليل على هذا؟
الطالب: حديث ذي اليدين.
الشيخ: حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين ، طيب أيش هو؟
الطالب: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى من العصر ركعتين.
الشيخ: صلى بأصحابه إحدى صلاة العشي.
الطالب: نعم، صلي بهم ركعتين، ثم سلم واتكأ على خشبة المسجد.
الشيخ: ثم سلم، ثم ذكروه فأتم، هذا الدليل.
إذا بنى على ما مضى فمتى يسجد قبل السلام أو بعده؟
طالب: يسجد قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام، الدليل؟
الطالب: الدليل أنه كل نقص في الصلاة فسجوده قبل السلام.
الشيخ: هذا تعليل.
الطالب: قاعدة.
الشيخ: القاعدة ما يقال: دليل، هي تعليل.
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: فليسجد سجدتين قبل السلام، وهذا عن النقص.
الشيخ: قال الرسول هكذا؟! قال: من سلَّم من صلاته، ثم ذكر فأتم، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم؟! صعب، ترى النسبة إلى الرسول ما هي هينة.
طالب: بل بعد السلام.
الشيخ: هل يسجد قبل السلام أو بعده؟
الطالب: بعد السلام.
الشيخ: ما الدليل؟
الطالب: حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين أنه أتم، ثم سلم، ثم سجد.
الشيخ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتم، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، هذا الدليل.
هل هذا الدليل يناقض ما أشار إليه الأخ من أن النقص يكون السجود فيه قبل السلام؟
طالب: أما ما قاله من أن النقص يكون السجود له قبل السلام.
الشيخ: سؤالي هل يناقض أم لا؟ لست أسألك عن كلامه، هل يناقض أو لا؟ قل: لا ولَّا نعم.
الطالب: كيف؟ ما فهمت السؤال.
الشيخ: أقول: الأخ قال: إنه في هذه الصورة يسجد قبل السلام؛ لأن القاعدة أن ما كان عن نقص فهو قبل السلام، والحديث -كما أشار- يدل على أنه يسجد بعد السلام، فهل هذا الحديث يناقض القاعدة أو لا؟
الطالب: لا، هذا الحديث لا يناقض القاعدة.
الشيخ: لا يناقضها؟
الطالب: نعم، لا يناقضها.
الشيخ: كيف؟
الطالب: لأن هذا الرجل الذي سلَّم قبل إتمام صلاته زاد في صلاته السلام، فزيادة السلام وقعت في أثناء الصلاة.
الشيخ: إذنْ ليس بنقص؟
الطالب: لا، ليس بنقص.
الشيخ: هذا ما هو عن نقص، هذا في الواقع زيادة؛ لأنه سلم في أثناء الصلاة فأتى بزيادة.
إذا نسي التشهد الأول فكم حالة له؟
طالب: له أربع حالات.
الشيخ: أربع حالات.
الطالب: الحالة الأولى: إذا كان نوى القيام ولكنه يعني ما فرقت فخذيه لم ينهض.
الشيخ: هذه واحدة.
الطالب: هذا يتشهد ولا سجود عليه.
الشيخ: يعني الحالة الأولى: إذا هم أن ينهض عن التشهد الأول، ثم ذكر وبقي، ففي هذه الحال ليس عليه شيء؛ لأنه لم يزد في صلاته ولم ينقص.
الحالة الثانية؟
الطالب: الحالة الثانية: إذا نهض ولكنه لم يستتم قائمًا، ففي هذه الحالة عليه الرجوع.
الشيخ: عليه الرجوع.
الطالب: يجب عليه الرجوع.
الشيخ: والسجود؟
الطالب: يسجد بعد السلام.
الشيخ: ويسجد للسهو بعد السلام، الحالة الثانية: إذا نهض لكن لم يستتم فعليه الرجوع والسجود بعد السلام.
الحالة الثالثة؟
الطالب: الحالة الثالثة: إذا نهض واستتم قائمًا ولكنه لم يشرع في القراءة، ففي هذه الحالة يكره رجوعه إلى التشهد ويسجد قبل السلام.
الشيخ: في هذه الحال لا يرجع، يكره أن يرجع، إذن يستمر في صلاته ويسجد قبل السلام.
الحالة الرابعة؟
الطالب: الحالة الرابعة: أنه يستتم قائمًا ويشرع في القراءة.
الشيخ: أن يستتم قائمًا ويشرع في القراءة، في هذه الحال؟
الطالب: في هذه الحالة يحرم عليه الرجوع، وعليه السجود قبل السلام.
الشيخ: نعم، سمعتم الأحوال أربعة، ودليله حديث المغيرة بن شعبة على ما فيه من مقال.
رجل شك في الزيادة هل يسجد للسهو أو لا يسجد؟
الطالب: يسجد.
الشيخ: يسجد؟
الطالب: إي نعم، (...).
الشيخ: خطأ.
الطالب: إي، شك في الزيادة؟
الشيخ: شك في الزيادة نعم، هل يسجد أو لا يسجد؟
الطالب: لا يسجد.
الشيخ: خطأ.
الطالب: لأن في الزيادة فيه قولان، بعضهم يقول: كل من (...).
الشيخ: أعطنا الجواب على قدر السؤال، إذا شك في الزيادة فهل يجب عليه سجود السهو أو لا؟ قل: لا ولَّا نعم.
الطالب: لا، ونعم، كلاهما.
الشيخ: كلاهما جمع بين النقيضين.
الطالب: من شك في زيادة.. ومن شك الرجل في زيادة ركعة مثلًا لو هو الراجح.
الشيخ: لا، هذاك في عدد الركعات، إنك تريد هذا في عدد الركعات.
الطالب: فيه زيادة عليه السجود.
الشيخ: عليه السجود.
الطالب: إذا كان ركنًا.
الشيخ: أيش تقول؟
طالب: فيه تفصيل؛ إذا شك في أثناء الركعة..
الشيخ: في أثناء الزيادة.
الطالب: في أثناء الزيادة عليه السجود.
الشيخ: فعليه السجود.
الطالب: نعم، وإذا شك بعد الزيادة فلا سجود عليه.
الشيخ: ما تقولون؟
الطلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، إذنْ إذا شك في الزيادة فليس عليه سجود، إلا أن يكون الشك وقت فعل الزيادة فعليه السجود.
ما هو التعليل لهذا التفريق؟
الطالب: التعليل أن سجوده للزيادة في الصلاة زيادة.
الشيخ: لا، أنا قصدي ما هو التعليل لكونه إن شك في الزيادة وقت الفعل فعليه السجود، وإن شك بعد فراغه فلا سجود عليه؟
الطالب: لأنه وقت الفعل شك في جزء من الصلاة فوجب عليه السجود.
الشيخ: تردد في جزء من صلاته فوجب عليه السجود جبرًا لهذا التردد، وإذا كان بعد؟
الطالب: ما تمت صلاته على الوجه..
الشيخ: إذا كان بعد ذلك فقد شك في سبب وجوب؟
الطالب: سجود السهو.
الشيخ: والأصل؟
الطالب: عدم..
الشيخ: عدم ما يوجب السجود. فهمتم يا جماعة ولَّا ما فهمتم؟
طلبة: واضح.
طالب آخر: أعد لنا السؤال الآن.
الشيخ: إذا شك في الزيادة في أثناء فعلها وجب عليه السجود، وإن شك بعد انتهائها فلا سجود عليه؛ مثل شك في الرابعة وهو في أثناء الرابعة هل هي خامسة ولَّا رابعة؟ نقول؟
طالب: عليه السجود.
الشيخ: عليه السجود؛ لأنه أدى هذه الركعة الرابعة وهو متردد هل هي زائدة أو غير زائدة؟ فأدى جزءًا في صلاته مترددًا فيه، أما لو كان حين جلس للتشهد الأخير شك هل صلى أربعًا أم خمسًا؟ فنقول أيش؟
طالب: ليس عليه سجود.
الشيخ: ليس عليه سجود؛ لأنه شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدمه.
ما تقول فيما لو شك في ترك واجب هل عليه السجود أو ليس عليه سجود؟
طالب: عليه السجود.
الشيخ: مثاله؟
الطالب: مثلًا إذا ترك التشهد الأول..
الشيخ: شك هل ترك التشهد الأول أو لا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: فعليه السجود.
الطالب: فعليه السجود.
الشيخ: ما فيه قول ثانٍ؟ عبارة المؤلف ويش يقول؟
الطالب: إذا ترك الواجب..
الشيخ: ولا يسجد؟
الطالب: ولا يسجد لشكه.
الشيخ: (ولا يسجد لشكه في ترك واجب).
إذنْ هذا خلاف كلامك، أنت تقول: يجب عليه السجود، والمؤلف يقول: لا يسجد، فماذا تقول الآن؟ هل تنسحب أو تقول: هو رجل وأنا رجل، وهو يقول وأنا أقول؟
الطالب: يسجد لترك الواجب.
الشيخ: يسجد، ما هو إذا تركه، إذا تيقن أنه تاركه يسجد، ما فيه إشكال، لكن شك هل ترك الواجب أم لم يتركه؟
الطالب: لا، في دا ما يسجد.
الشيخ: ما يسجد؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: كما قال المؤلف؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: لماذا؟ علِّل؟
الطالب: لأن الشك يبنى على اليقين.
الشيخ: اليقين هو ما فعله، إن كان بنى على اليقين فهو ما فعله.
رجل شك هل ترك التشهد الأول أو لا؟ رجل شك هل قال: سبحان ربي الأعلى في السجود أم لم يقل، المؤلف يقول: لا يسجد، التعليل؟
طالب: هو قول المؤلف أنه شك في سبب وجوب سجود السهو.
الشيخ: والأصل؟
الطالب: العدم.
الشيخ: عدمه، شك في سبب وجوب سجود السهو؛ لأن سبب وجوب سجود السهو ترك الواجب، وهذا قد شك فيه، فإذن هو شك في سبب وجوب سجود السهو والأصل عدم وجود السبب، وحينئذٍ لا يسجد. هل فيه قول آخر؟
طالب: غير الذي علله المؤلف؟
الشيخ: خلاف كلام المؤلف؛ يعني: هل فيها قول ثانٍ خلاف كلام المؤلف؛ هو أنه إذا شك هل ترك الواجب أم لم يتركه وجب عليه السجود؟
طالب: ما أعرف.
طالب آخر: إذا بنى على أقرب ظنه، إن غلب ظنه هنا أنه نسي التشهد يسجد للسهو.
الشيخ: إي، هذا بعد بناء على غلبة الظن، لكن على كلام..
طالب: يجب عليه السجود.
الشيخ: فيه قول ثانٍ أنه إذا شك وجب عليه السجود.
الطالب: لأن الأصل عدم الإتيان بهذا (...).
الشيخ: لأن الأصل عدم فعله.
فيه قول ثانٍ يقول: إذا شك في ترك الواجب وجب عليه السجود، ليش؟ قالوا: لأن الأصل عدم فعله، هو الآن يشك هل تشهد أو لا؟ نقول: الأصل أنه لم يتشهد، فيجب عليه السجود، وهذا القول ذكرنا أنه أصح؛ لأن الأصل عدم وجود هذا الواجب والأصل شغل الذمة به، وهنا لم يتيقن أنه أبرأ ذمته منه فيجب عليه السجود.
رجل سها عدة مرات؛ ترك سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود، وقول: سمع الله لمن حمده ناسيًا؟
طالب: تكفيه سجدتان على قول المؤلف.
الشيخ: لماذا؟ علِّل؟
الطالب: لأنه ترك زيادة توجب سجود السهو غير الزيادة، مثل لو أكل لحم جزور وأحدث يجزئه وضوء واحد.
الشيخ: لأنه تعددت الأسباب لمسبب واحد، وتعدد الأسباب لا يوجب تعدد المسبب؛ كما لو بال وتغوط وأحدث بريح وأكل لحم إبل ونام، خمسة أحداث، يكفيه؟
الطلبة: وضوء واحد.
الشيخ: وضوء واحد. فيه قول آخر ذكرناه؟
الطالب: قلنا: نبني على الأكثر؛ يعني: على الذي تركه بالأكثر، إن كان ترك الركن أو الواجب.
الشيخ: كيف؟ نحن نريد تعدد السجود.
الطالب: نعم، يعني: ركع ركوعين في ركعة؛ ركوعين في ركوع.
الشيخ: لا، هذا الذي تريد إذا اجتمع سببان أحدهما يقتضي أن يكون السجود بعد السلام والثاني يقتضي أن يكون السجود قبل السلام، فأيهما نغلب؟ هذا الذي تريد أنت، لكن أصل المسألة فيها قول ثانٍ ذكرته لكم أظن.
طلبة: ما ذكرته.
الشيخ: ما ذكرناه؟
طلبة: لا، ما ذكرناه.
الشيخ: أنا الآن أذكره وتذكرونه ها الحين.
ذكرنا أن بعض العلماء يقول: إذا اختلف محل السجود لزمه أربع سجدات؛ يعني: إذا سها مرتين إحداهما يقتضي أن يكون السجود بعد السلام، والثاني يقتضي أن يكون قبل السلام فإنه يسجد مرتين؛ مرة قبل السلام، ومرة بعد السلام.
طالب: ذكرت -يا شيخ- قبل السلام مطلقًا يُغلَّب قبل السلام.
الشيخ: لا، يغلب قبل السلام إذا اقتصرنا على سجدتين، على كلام المؤلف، على كل حال فيه قول ثانٍ في المسألة أنه إذا كان السبب الموجب للسجود يقتضي أن يكون السجود قبل السلام وسبب آخر يقتضي أن يكون السجود بعد السلام، فإنه يسجد مرتين؛ مرة قبل السلام، ومرة بعده، مثال ذلك: ترك التشهد الأول وزاد ركوعًا في إحدى الركعات، فالأول محله؟
طلبة: قبل السلام.
الشيخ: والثاني؟
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: فيقولون: اسجد مرتين؛ مرة قبل السلام لترك التشهد الأول، ومرة بعده لزيادة الركوع، لكن المذهب لا، يكفيه سجدتان في الجميع، ولكن أيهما يغلب؟
طالب: قبل السلام.
الشيخ: المذهب أنه يغلب ما قبل السلام؛ لأنه أدخل في الصلاة.
طالب: والراجح؟
الشيخ: لا، الراجح يكفي سجود واحد، ويكون قبل السلام إذا اجتمع فيه سببان.

***

أنه يقنت كلما أوتر؛ لأنه جعل القنوت من صفة الوتر اللازمة.
قال: (يقنت فيها بعد الركوع).
ولكن من تدبر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل التي شهدها جماعة من الصحابة، تبين له أنه كان لا يقنت؛ لأنهم لا يذكرون القنوت مع أن الحاجة داعية إلى ذكره، وذكروا ما هو أدنى منه، فدل هذا على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت في الوتر، ولهذا لم يصح عنه أنه قنت في الوتر، لكن روي أحاديث قد تصل إلى درجة الحسن، وقد تنقص عنه، إلا أنه أخرج أهل السنن من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه دعاء يدعو به في قنوت الوتر ، وهذا يقتضي أن للوتر قنوتًا، ولكن ليس بالسنة الدائمة التي يحافظ عليها كلما قنت؛ لأن السنة الدائمة لا يمكن أن يدعها الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنها من السنن التي تفعل، وإذا فعلها الإنسان فإنه يدعو بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن.
أيضًا قال المؤلف: (بعد الركوع) فهل هذا المكان هو المتعين أو يجوز أن يقنت قبل ذلك؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يشرع القنوت قبل الركوع، ولكن المشهور من المذهب أنه يجوز القنوت قبل الركوع وبعد القراءة؛ فإذا انتهى من قراءته قنت، ثم ركع؛ لأنه ورد ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام .
وعليه: فيكون موضع القنوت من السنن المتنوعة؛ التي يفعلها أحيانًا هكذا، وأحيانًا هكذا.
وقول المؤلف: (اللهم اهدني فيمن هديت) سبقت الإشارة إليه، وقلنا: إنه يقول هذا إذا كان منفردًا، أما الإمام فيقول: اللهم اهدنا؛ لأنه يدعو لنفسه ولغيره.
وسبق لنا أن قوله: (اللهم اهدني فيمن هديت) يعني: في جملتهم، وهذا نوع من التوسل، كأنه يقول: كما هديت غيري فاهدني فيهم.
(وعافني فيمن عافيت) كذلك نقول فيها ما قلنا في (اللهم اهدني فيمن هديت).
وسبق لنا أن المعافاة تكون من أمراض القلوب وأمراض الأبدان، وقال بعضهم: المعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك، وهذا معنى طريف أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك، يعافيك الله من الناس فيكفّ ألسنتهم عن الخوض فيك، ويعافي الناس منك يكف لسانك عن الخوض فيهم، وهذا لا شك أنه من العافية، إذا عافاك الله من الناس وعافى الناس منك فلا شك أنه من العافية، لكنه يعود على ما شرحنا بالأمس، عافية البدن أو عافية القلب؟ عافية القلب هذا في معافاة الناس منك، معافاة من الناس أقرب ما لها أن تكون للبدن.
قال: (وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت) هل هي من الولاية أو من الوِلَى؛ يعني: أن يليك، أو منهما جميعًا؟
منهما جميعًا؛ يعني: تولني فيمن توليت اجعلني قريبًا منك، كما يقال: ولي فلان فلانًا، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أَولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» ؛ يعني: من الولاية، وهي القرب.
أو (تولني فيمن توليت) يعني: اعتن بي، وكن لي وليًّا، ناصرًا لي، معينًا لي في أموري، أيهما؟ نقول: يشمل الأمرين، وإن كان المتبادر إلى الذهن أنه من الموالاة وهي النصرة.
ونقول: فيها اجعلني لك وليًّا، وليًّا بالولاية العامة أو الخاصة؟ بالولاية الخاصة؛ لأن الولاية العامة شاملة لكل أحد مؤمن وكافر، بر وفاجر، كل أحد فالله تعالى مولاه، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام: ٦١، ٦٢]، فقال: {رُدُّوا إِلَى اللَّهِ} يشمل كل من مات من مؤمن وكافر، وبر وفاجر، وهذه ولايته العامة؛ لأن الله يتولى شؤون جميع الخلق.
أما الولاية الخاصة فهي المذكورة في قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: ٢٥٧]، وفي قوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٢، ٦٣]، والسائل الذي قال: (تولني فيمن توليت) يريد الولاية الخاصة.
(وبارك لي فيما أعطيت) أي: أنزل البركة لي فيما أعطيت، من المال من العلم من الجاه، من الولد، من كل ما أعطيتني {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، إذن: بارك لي في جميع ما أنعمت به عليَّ، وإذا أنزل الله البركة لشخص فيما أعطاه صار القليل منه كثيرًا، وإذا نُزعت البركة صار الكثير قليلًا، كم من إنسان يجعل الله على يديه من الخير في أيام قليلة ما لا يجعل على يد غيره في أيام كثيرة؟ وكم من إنسان يكون المال عنده قليلًا لكنه متنعم في بيته، قد بارك الله له في ماله، ولا تكون البركة عند شخص آخر أكثر منه مالًا؟ أحيانًا تحس بأن الله بارك لك في هذا الشيء بحيث يبقى ويبطئ عندك، حتى تقول: كيف ما قضى إلى الحين؟ ربما تمل تقول: عسى الله يخلصه، من بركته.
ومن أسباب البركة في الطعام: ألا تقتر وتكيل؛ لأن الرسول قال: «لَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكَ» ، فإذا قترت وكلت نُزعت البركة، ولهذا تقول عائشة أم المؤمنين: كان عندها شيء من الشعير قد بارك الله لها فيه، تأخذ منه، وكأنه لا ينقص، تقول: فكلته ذات يوم -أشوف أيش اللي بقى منه- ففني بسرعة .
إذن (بارك لي فيما أعطيت) يشمل البركة في المال، البركة في العلم، البركة في الجاه، البركة في الأولاد، كل شيء حتى في الزوجات وغيرها، إذا أنزل الله البركة للإنسان فهذا من نعمة الله عليه.
(وقني شر ما قضيت) (ما) اسم موصول ولّا مصدرية؟
طالب: اسم موصول.
الشيخ: اسم موصول؛ يعني: قني شر الذي قضيت؛ لأن الذي يقيه الله منه ما هو خير ومنه ما هو شر، فالمرض من قضاء الله، شر ولّا خير؟
طلبة: شر.
الشيخ: شر بذاته، لكن قد يكون يوصل إلى خير، إذا وفق الإنسان وصبر على هذا المرض صار خيرًا له، لكن هو في حد ذاته شر.
المصائب التي تصيب الإنسان في بدنه، في ماله، في أهله، كلها شر، لكن قد تكون خيرًا باعتبارٍ آخر، إنما هي من قضاء الله ولّا من غير قضاء الله؟ من قضاء الله، نفسك من الله، ولها شر ولّا ما لها شر؟ لها شر، اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي.
إذن: (قنا شر ما قضيت) أي: شر الذي قضيته.
لو قال قائل: (شر ما قضيت) أجعل (ما) مصدرية، وأقول: شر قضائك. قلنا: هذا لا يصح إلا إذا أردت بالقضاء المقضي، أما أن يكون قضاء الله نفسه؛ فإن قضاء الله ليس بشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ»، قال: «الْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» .
ولهذا لا يجوز أن تقول: بيدك الخير والشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن قوله بيدك الخير والشر، إلى قوله: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ».
فإن قال قائل: ألستم تقولون: إن من الإيمانِ الإيمانَ بالقدر خيره وشره؟
نقول: نعم، نقول: هذا ولا بد، ولكن لنا على هذا جوابان: الجواب الأول: أن المراد بالقدر المقدور، والمقدور فيه الشر ولَّا لا؟ فيه الشر، فالشر باعتبار المفعول لا باعتبار الفعل.
الوجه الثاني أن نقول: إنه شر باعتبار الفعل، لكن هذا الشر يترتب عليه خير كثير، هو شر من قضاء الله، لكن فيه خير كثير، مراد به خير كثير، الفساد في البر والبحر شر، لكن خير {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١]، ألست أنت تأتي بولدك الذي هو أحب الناس إليك، ولدك ريحانة، أحب الناس إليك، وهو مريض، وتأتي بالحديدة تحميها على النار حتى تتلهب وتكويه بها حتى يصرخ ويتألم، هذا شر ولّا ما هو بشر؟ شر لكن ثمرته خير، كذلك أفعال الله عز وجل هي شر باعتبار ذاتها، أما باعتبار ما أراد الله بها من الخير فهي خير.
فالشر إذن أمر نسبي، أما حقيقة فعل الله فإنه ليس بشر إطلاقًا، حتى لو وقع من الله عز وجل ما يسمى شرًّا فهو خير باعتبار آثاره الحميدة.
وقوله: (ما قضيت) أي شرعًا أو قدرًا؟
طلبة: قدرًا.
طلبة آخرون: شرعًا.
الشيخ: لا قدرًا، شرع؟ مال الشرع، كل ما قضاه الله شرعًا فهو خير سواء كان أمرًا أم نهيًا، إذن المراد بالقضاء هناك القضاء القدري دون الشرعي؛ لأن الشرع كله خير.
القضاء القدري موجود في القرآن مثل قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: ٤] هذا قضاء قدري ولّا شرعي؟
طلبة: قدري.
الشيخ: لماذا؟ لأن الله لا يقضي شرعًا بالفساد بل لا يحب الفساد.
القضاء الشرعي مثل قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣]، هذا قضاء شرعي؛ لأنه لو كان قضاء كونيًّا للزم أن يعبد الناس كلهم الله؛ لأن القضاء الكوني لا يتخلف أبدًا.
إذن فالقضاء في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ} قضاء كوني قدري.
وفي قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} قضاء شرعي.
طالب: شيخ أحسن الله إليك، لو قلنا إنه قد يكون بالفعل، قوله: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ»؛ يعني: الشر المحض.
الشيخ: الشر المحض، نعم.

***

(...) لنا قول المؤلف رحمه الله تعالى في الوتر: (\n ويقنت فيها بعد الركوع) يقنت في الركعة الثالثة بعد الركوع هذا هو الأكثر، وإن قنت قبله فلا بأس، إذا أتم القراءة قنت ثم كبر وركع، فهذا جائز أيضًا.\n
وقول المؤلف: (\n يقنت فيها) أفادنا -رحمه الله- أن القنوت سنة في الوتر، وإلى هذا ذهب أصحاب الإمام أحمد، وقالوا: إنه يسن أن يقنت في الوتر في كل ليلة، وقال بعض أهل العلم: لا يقنت إلا في رمضان، وقال آخرون: يقنت في رمضان في آخره.\n
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح في القنوت في الوتر، لكن فيه حديث أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف، ولكن حسنه بعضهم لشواهده؛ \n أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الوتر \n .\n
أما الإمام أحمد فقال: إنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر قبل الركوع ولا بعده شيء، لكن صح عن عمر رضي الله عنه \n أنه كان يقنت من السنة إلى السنة \n .\n
والمتأمل لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل يرى أنه \n لا يقنت في الوتر، إنما يصلي ركعة يوتر بها ما صلى وينتهي \n ، وهذا هو الأحسن؛ ألّا تداوم على قنوت الوتر؛ لأن ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه \n عَلَّم الحسن بن علي رضي الله عنه دعاء يدعو به في قنوت الوتر \n ، وهذا يدل على أنه سنة، لكن ليس من فعله، بل من قوله.\n
على أن بعض أهل العلم أعل حديث الحسن بعلة، وهي: أن الحسن حين مات الرسول صلى الله عليه وسلم كان له ثماني سنوات، ولكن هذه العلة ليست بقادحة؛ لأن من له ثماني سنوات يمكن أن يُعلم ويتلقن ويحفظ، فها هو عمرو بن سلمه الجرمي رضي الله عنه كان \n يؤم قومه، وله سبع أو ست سنين \n ؛ يؤم قبيلة وله ست أو سبع سنين يكون إمامًا لهم؛ لأنه كان أقرأهم.\n
قال المؤلف: (\n فيقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت) وسبق الكلام عليهم.\n
(\n وتولني فيمن توليت) يعني: أسبغ عليَّ ولايتك فيمن توليت.\n
والولاية: هنا يراد بها الولاية الخاصة؛ دون الولاية العامة؛ لأن ولاية الله للخلق تنقسم إلى قسمين: ولاية عامة، وولاية خاصة.\n
فالعامة: هي ولاية الملك والتدبير، وهذه شاملة لجميع الخلق، كل الخلق، فوليهم الذي يدبرهم من؟\n
\n طالب: الله سبحانه وتعالى.\n
\n الشيخ: الله، كما قال تعالى: \n {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: ٦٢].\n
أما الولاية الخاصة: فهي ولاية تقتضي العناية، وهي الولاية التي استحقها من قال الله فيهم: \n {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٢، ٦٣]، هؤلاء هم أهل الولاية الخاصة \n {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، فجمعوا بين الولاية والتقوى، ولهذا نقول: من كان مؤمنًا تقيا كان لله وليًّا. \n
والمراد بقوله: (\n تولني فيمن توليت) المراد بذلك أي الولايتين؟\n
\n طلبة: الخاصة.\n
\n الشيخ: الخاصة؛ لأن الأولى ثابتة سواء طلبتها أم لم تطلب، وليك الله شئت أم أبيت، لكن الولاية الخاصة هي التي تطلب.\n
وقوله: (\n فيمن توليت) أي: في جملتهم، في جملة من توليت، وهذه كما أسلفنا يقصد بها التوسل إلى الله عز وجل بولايته لغيرك أن يتولاك، كما أن فيها الثناء على الله من جهة أخرى أنه قد مَّن على كثيرٍ من عباده بالولاية.\n
قال: (\n وقنا شر ما قضيت) هذا وقفنا عليه وقلنا إن ما قضاه الله عز وجل قد يكون خيرًا وقد يكون شرًا فما هو الخير وما هو الشر؟ ما كان يلائم الإنسان وفطرته فإن ذلك خير، وما كان لا يلائمه فذلك شر، فالصحة والقوة والعلم والمال والولد الصالح وما أشبه ذلك هذا خير، والمرض والجهل والضعف والولد الطالح وما أشبه ذلك هذا شر؛ لأنه لا يلائم الإنسان، فما لاءم الإنسان وطبيعته فهو خير، وما نافر الإنسان وطبيعته فهو شر.\n
وقوله: (\n قني شر ما قضيت) (ما) هنا بمعنى الذي، أي: الذي قضيته، ويجوز أن تكون مصدرية؛ أي: شر قضائك.\n
والمراد: قضاؤه الذي هو مَقْضِيُّه؛ لأن قضاء الله الذي هو فعله، وإن كان شرًّا لكنه في الحقيقة خير؛ لأنه لا يراد إلا لحكمة عظيمة، فالمرض مثلًا قد لا يعرف الإنسان قدر نعمة الله عليه بالصحة إلا إذا مرض، وقد يُحدث له المرض توبة ورجوعًا إلى الله، ومعرفة لقدر نفسه، وأنه ضعيف، وأنه محتاج إلى الله عز وجل، بخلاف ما لو بقي الإنسان صحيحًا معافى، فإنه قد ينسى قدر هذه النعمة، ويفتخر كما قال الله تعالى: \n {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: ٩، ١٠]؛ يعني: إذا أصابته النعمة فرح وفخر بها والعكس بالعكس، فالحاصل: أن قضاء الله عز وجل وإن كان يكون فيه شر فإنه خير من وجه آخر.\n
يقول: (\n قني شر ما قضيت)، فإن قال قائل: كيف نجمع بين قوله: (\n قني شر ما قضيت) وقوله صلى الله عليه وسلم: \n «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» \n ؟\n
فالجواب عن ذلك: أن نقول: إن الشر لا ينسب إليه؛ لأن ما قضاه وإن كان شرًا فهو خير، بخلاف غيره، فإن غير الله ربما يقضي بالشر لشر محض، ربما يعتدي عليك إنسان، على مالك، على بدنك، على أهلك، لقصد الشر والإضرار بك، لا لقصد مصلحتك، وحينئذٍ يكون فعله شرًا محضًا.\n
وفي قوله: (\n ما قضيت) إثبات القضاء لله، وقد بينا أن قضاء الله: شرعي، وقدري.\n
فالشرعي: مثل قوله تعالى: \n {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣]، والقدري: مثل قوله تعالى: \n {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}.\n
فالأول: \n {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} شرعي، والثاني: قدري، والفرق بينهما من وجهين:\n
الوجه الأول: أن القضاء الكوني لا بد من وقوعه، وأما القضاء الشرعي فقد يقع من المقضي عليه وقد لا يقع.\n
والثاني: أن القضاء الشرعي لا يكون إلا فيما أحب، سواء أحب فعله أو أحب تركه، وأما القضاء الكوني فيكون فيما أحب وفيما لم يحب.\n
قال: (\n إنك تقضي ولا يقضى عليك)، نعم الله تعالى يقضي بما أراد، ولا يُقضى عليه، لا أحد يقضي على الله ويحكم عليه، قال الله تعالى: \n {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} [غافر: ٢٠] أبدًا لا حق ولا غير حق؛ لأنها جمادات، \n {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: ٢٠].\n
فإن قال قائل: (\n ولا يقضى عليك) أليس الله تعالى قد كتب على نفسه الرحمة؟\n
\n طلبة: بلى. \n
\n الشيخ: بلى، ولكن كتابته على نفسه الرحمة ليست قضاء عليه، بل هو الذي قضى بها على نفسه، إذن: فهو قاضٍ، هو القاضي ليس العباد هم الذين قضوا بها على الله، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

مَـــا لِلْعِبَـــادِ عَلَـيْهِ حَــــــقٌّ وَاجِبٌ	هُوَ أَوْجَبَ الْأَجْرَ الْعَظِيم الشَّانِ
كَـــــلَّا وَلَا عَـــمَلٌ لَـــدَيْهِ ضَـائِـــعٌ	إِنْ كَانَ بِالْإِخْــلَاصِ وَالْإِحْـسَانِ

آلُ النَّبِيِّ هُـــــــــــمُ أَتْبَـــــــــــاعُ مِـــــلَّتِـــــهِ	مِـــنَ الْأَعَــــــاجِـمِ وَالسُّـــــــودَانِ وَالْـــــــعَرَبِ
لَــــــوْ لَــمْ يَكُـــــــــنْ آلُهُ إِلَّا قَـــــرَابَـــــتَهُ	صَلَّى الْمُصَلِّي عَلَى الطَّاغِي أَبِي لَهَبِ

فَــــأَنْزِلَــــنْ سَـكِـــينَةً عَــــلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

\n
فإذا دعا الخطيب وأمن المستمعون فلا بأس. \n

***

أن السنة في التراويح أن تكون إحدى عشرة ركعة، يصلي عشرًا شفعًا، وواحدة وترًا، والوتر -كما قال ابن القيم- هو الواحدة ليس الركعات اللي قبله، الركعات التي قبله من صلاة الليل، والوتر هو الواحدة، وإن أوتر بثلاث بعد العشر وجعلها ثلاث عشرة ركعة فلا بأس، لأن هذا أيضًا صح من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة .
فهذا هو السنة، ومع ذلك لو أن أحدًا من الناس صلى بثلاث وعشرين، أو بأكثر من ذلك فإنه لا يُنْكَر عليه؛ ولكن لو طالب أهل المسجد بألا يتجاوز عدد السُّنة كانوا أحق منه بالموافقة؛ لأن الدليل معهم، إنما لو سكتوا ورضوا فهو لو صلى بهم تسعًا وتسعين ركعة ما فيه مانع.
ولا فرق في هذا العدد حتى على المذهب بين أول الشهر وآخره، وعلى هذا فيكون القيام في العشر كالقيام في أول الشهر.
فإذا قلنا: إن الأفضل إحدى عشرة في العشرين الأولى قلنا: إن الأفضل إحدى عشرة في العشر الأخيرة ولا فرق؛ لأن عائشة تقول رضي الله عنها: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره ، ولم تستثن العشر الأواخر، لكن تختص العشر الأواخر بالإطالة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم فيها الليل كله ، وعلى هذا فيطيل.
لكن لو اختار أهل المسجد أن يُقَصِّر بهم القراءة والركوع والسجود، ويكثر من عدد الركعات، وقالوا له: إن هذا أرفق بنا لأنه لو بقي يقرأ جزءا في كل ركعة ويطيل الركوع والسجود ربما يشق عليهم؛ فإذا طلبوا أن يُقَصِّر القراءة والركوع والسجود ويزيد في العدد فلا حرج عليه إذا وافقهم؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» وعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» وما دام الأمر غير محظور علينا فإن تيسيرنا على من ولانا الله عليه أولى وأحسن، والإمام ولي المسجد مولًّى على المأمومين، ولهذا يقال: إمام، فهو إمام، والإمام أيضًا يأمرهم ويقول: سووا اعتدلوا سوُّوا الصفوف، تقدم يا فلان، تأخر يا فلان، فهو في الحقيقة ولي أمر بالنسبة للمأمومين.
فإذا طلب المُوَلَّى عليهم أن يَرْفُق بهم بكثرة العدد مع تخفيف الركوع والسجود والقراءة فليس في هذا بأس.
وهنا نقول: لا ينبغي لنا أن نتطرف لا يمينًا ولا شمالًا؛ لأن بعض الناس يتطرف من حيث التزام السنة في العدد، فيقول: لا تجوز الزيادة على العدد الذي جاءت به السنة، وينكر أشد النكير على من زاد على ذلك، ويقول: إنه آثم عاصٍ، وهذا لا شك أنه خطأ، وكيف يكون آثما عاصيًا، وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام كيف صلاة الليل؟ فقال: «مَثْنَى مَثْنَى» ؟ ولم يحدد بعدد.
ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد؛ لأن مَنْ لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى، وهو ليس من خَدَمِ الرسول حتى نقول: يعلم داخل بيته، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام بَيَّن له كيفية الصلاة دون أن يُحَدِّد له بعدد علم أن الأمر في هذا واسع، وأن للإنسان أن يصلي مئة ركعة ويوتر بواحدة، مَنْ يمنعه من هذا؟!
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن يوتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع، لا يوجبون هذا ولو أخذنا بالعموم لقلنا: يجب أن توتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع سردًا، وإنما المراد: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» في الكيفية، أما في العدد فلا.
فالإنسان على كل حال؛ نحن نقول: إن الإنسان ينبغي له ألا يشدد على الناس بمجرد وَهْمٍ توهَّمه، حتى إننا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا مَنْ يبدِّعون الأئمة الذين يزيدون على إحدى عشرة، ويخرجون من المسجد، شوف كيف يعني الوهم، يخرجون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيامُ لَيْلَةٍ» وربما يجلسون إذا صلوا عشر ركعات يجلسون فتتقطع الصفوف بجلوسهم، يجلسون والناس صفوف عن اليمين وعن اليسار وربما يتحدثون أحيانًا فإذا جاء الوتر قاموا فأوتروا، كل هذا من الخطأ، نحن لا نشك في أنهم يريدون الخير، وأنهم مجتهدون، لكن ليس كل مجتهد يكون مُصيبًا.
الطرف الثاني عكس هؤلاء أنكروا على مَنْ اقتصر على إحدى عشرة ركعة، أنكروا إنكارًا عظيمًا، وقالوا: خرجت عن الإجماع، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] كيف تخرج عن الإجماع من أين جئت لنا بهذا؟ كل الناس قبلك لا يعرفون إلا ثلاثًا وعشرين ركعة، ثم يشددون في التنفير والنكير، وهذا أيضًا خطأ ما هو صحيح.
ولكن لو فرضنا أننا في بلد لا يعرفون إلا ثلاثًا وعشرين ركعة، فليس من الحكمة أن نجابههم، فنصلي إحدى عشرة ركعة من أول ليلة، وإنما نصلي ثلاثًا وعشرين ركعة، ثم نتحدث إليهم بما جاءت به السنة، وأن الأفضل إحدى عشرة، ثم نقول لهم: ما ترون؟ هل ترون أن نقتصر على هذا العدد مع الطمأنينة وإطالة الركوع والسجود نوعًا ما؛ لنتمكن من الدعاء، ونكثر من الذكر، أو ترون أن نبقى على حالنا؟ حينئذٍ سوف يوافقون أو يخالفون أو يختلفون، أليس كذلك؟ ما تخلو الحال من واحد من ثلاثة أمور.
فإذا رأى الأكثر على أننا لا نوافق، خلينا على ما كان عليه آباؤنا، ويش يعمل؟ يبقى على ما هو عليه؛ لأن الأمر واسع، وما دام الأمر فيه التأليف فهو خير، لكن لا ييأس؛ يعيد الكرة مرة ثانية، ما يضر، فإن أَبَوا وأصرُّوا على الثلاث والعشرين يستعمل معهم ما يراه من الحكمة في إقناعهم.
ومع هذا لو أنهم أَبَوا إلا ثلاثًا وعشرين فليتوكل على الله، وليعطهم هذا، لكن ليحذر مما يصنعه بعض الأئمة من السرعة العظيمة في الركوع والسجود، حتى إن الواحد لا يتمكن وهو شاب من متابعة الإمام وهو شاب، كيف عاد بكبير السن أو المريض أو ما أشبه ذلك اللي ما يستطيع؟!
وقد حدثني مَنْ أثق به أنه دخل مسجدًا في ليلة من ليالي رمضان ودخل مع الإمام في صلاة التراويح وعجز عن إدراك المتابعة وهو نشيط وشاب، يقول: كأني أصلي معه على الجمر، فلما نمت في الليل وجدت كأني دخلت على هذا المسجد، وإذا أهله يرقصون؛ لأن هكذا هذا هو الرقص.
فالقصد من هذا أن بعض الأئمة -نسأل الله لنا ولهم الهداية- يتلاعبون في التراويح، يصرون على العدد وهو سنة، بل وهو خلاف السنة، السنة إحدى عشر، ولكنهم يقصرون في الواجب؛ في السرعة العظيمة، والعلماء يقولون رحمهم الله: يُكْرَه للإمام أن يُسْرِع سرعة تمنع المأموم فعل ما يُسَنُّ.
ويَحْرُم أن يسرع سرعة تمنع المأموم فعل ما يجب؛ لأنه مؤتمن، والأمين يجب أن يراعي حال المؤتمن عليه فيسرع سرعة تمنع المأموم من فعل ما يجب، هذا لا يجوز.
لو أن أحدًا صلى مع هذا الإمام الذي يسرع سرعة تمنع المأموم فعل ما يجب، يعجز أن يدركه في الطمأنينة، فهل له أن يخرج وينفرد؛ يعني: ينفصل عن الإمام؟
الجواب: نعم، بل يجب عليه أن ينفصل عن الإمام، سواء في التراويح أو في الفريضة، أيضًا أحيانًا في الفريضة تجي تجد واحدًا يصلي بالناس قد فاتتك الصلاة وتدخل معهم وإذا هو يسرع إسراعًا تعجز أنت أن تدرك معه الواجب، ففي هذه الحال نقول: انفصل، انْوِ الانفراد وأتم لوحدك؛ لأنه لا يمكن الآن أن تجمع بين المتابعة وبين القيام بالركن وهو الطمأنينة فلا بد من أحد الأمرين، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ الرجل على الانفراد من أجل تطويل الإمام، فالإقرار على الانفراد من أجل القيام بالركن من باب أولى.

***

***

***

***

تعليل آخر أنه إذا نام سدسَ الليل نقضت هذه النومةُ سهرَه وأصبح أمام الناس وكأنه لم يقم الليل؛ فيكون في هذا إبعاد له عن الرياء، بخلاف ما لو قام إلى الفجر فإنه تجده في أول النهار ينعس فيقول الناس: هذا الرجل لم يبت الليل إلا قائمًا.
إذن الأفضل ثلث الليل بعد النصف لينام في آخر الليل.
فإن قال قائل: لماذا لا تجعلون الأفضل ثلث الليل الآخر؛ لأن ذلك وقت النزول الإلهي؟
فنقول جوابًا عليه: إن الذي يقوم ثلث الليل بعد نصفه سوف يدرك نصف النزول الإلهي؛ لأنه سيأخذ السدس الأول من الثلث الأخير فيحصل المقصود.
والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي قال: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ دَاوُدَ» وفصَّلها صلى الله عليه وسلم فهذا الرجل الذي يقوم الثلث بعد النصف لا يفوته النزول الإلهي؛ ولهذا قال: (أفضلها ثلث الليل بعد نصفه).
يبقى النظر من أين يتقيَّد النصف؟ أو من أين يبتدئ وإلى أين ينتهي؟
الظاهر أنه من غروب الشمس إلى طلوع الفجر فيكون في الشتاء بعد مُضِيِّ ست ساعات من الغروب؛ لأن الشتاء ليله اثنتا عشْرة ساعة، ويكون في مثل هذا الوقت بعد خمس ساعات من الغروب؛ لأن هذه الأيام الليل حوالي عشر ساعات، المهم أنه يختلف، فقس من غروب الشمس إلى طلوع الفجر والنصف نصف ما بينهما هذا هو نصف الليل.
قال: (وأفضلها ثلث الليل بعد نصفه، وصلاة ليل ونهار مثنى مثنى).
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يعني اثنتين اثنتين فلا يصلي أربعًا جميعًا وإنما يصلي اثنتين اثنتين؛ لما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقول أو ما ترى في صلاة الليل؟ قال: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فََأَوْتَرَتْ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» ، وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما أن صلاة الليل مثنى مثنى.
وأما النهار فقد رواها أهل السنن واختلف العلماء في تصحيحها، والصحيح أنها ثابتة كما صحح ذلك البخاري رحمه الله، وعلى هذا فتكون صلاة الليل وصلاة النهار كلتاهما مثنى مثنى يسلِّم من كل اثنتين.
ويُبنى على هذه القاعدة كل حديث ورد بلفظ الأربع من غير أن يُصرَّح فيه بنفي التسليم؛ يعني أنه إذا جاءك حديث فيه أربع ولم يُصرَّح بنفي التسليم فإنه يجب أن يحمل على أنه يسلم من كل ركعتين؛ لأن هذه هي القاعدة، والقاعدة تُحمَل الجزئيات عليها.
فقول عائشة رضي الله عنها لما سُئِلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، قالت: مَا كَانَ يَزيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً؛ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، فإن ظاهر الحديث أن الأربع بسلام واحد، ولكن يحمل هذا الظاهر على القاعدة العامة؛ وهي: أن صلاة الليل مثنى مثنى كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقال: إنها ذكرت أربعًا وحدها ثم أربعًا وحدها؛ لأنه صلى أربعًا ثم استراح بدليل (ثم) التي للترتيب والمهلة.
إذا كانت صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فما الحكم لو قام الإنسان في صلاة الليل إلى ثالثة ورابعة؟
الحكم أن صلاته تَبْطُل إذا تعمد؛ لأنه إذا تعمد الزيادة على اثنتين فقد خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالَّ على أن صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ؛ ولهذا قال الإمام أحمد: إذا قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر، ومن المعلوم أنه إذا قام إلى ثالثة في صلاة الفجر متعمِّدًا بطلت صلاته بالإجماع، فكذلك إذا قام إلى ثالثة في التطوع في صلاة الليل، فإن صلاته تبطُل إن كان متعمدًا، وإن كان ناسيًا وجب عليه الرجوع متى ذكر ويسجد للسهو متى؟
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام؛ من أجل الزيادة.
وبه نفهم جهل من يتعمَّد في التراويح في رمضان إذا قام إلى ثالثة، ثم ذُكِّر يتعمد أن يستمر ثم يفتي نفسه ويقول: إن استتم قائمًا كره الرجوع وإن شرع في القراءة حَرُم الرجوع، فيكون جاهلًا مركَّبًا؛ لأن هذا الحكم فيمن قام عن التشهد الأول، أما من قام إلى زائدة فحكمه وجوب الرجوع على كل حال، لكن مشكلتنا أن من الناس من يتكلم بما لا يدري وهذا خطير جدا؛ لأن الجهل المركب ضرره عظيم، فإن الجاهل المركب يرى أنه على حق، فهو يمد يدًا طويلة، وربما يعتقد أنه أعلم من الإمام أحمد وابن تيمية.
وهو كما قال حمارُ توما يقول:

\n \n \n \n \n \n \n \n

قَـــــــالَ حِمَــــــــــــارُ الْحَــــــــكِيمِ تُومَـــــــــــا

لَوْ أَنْصَفَ الدَّهْرُ كُنْتُ أَرْكَبْ

\n
توما رجل حكيم يدعي الحكمة ويركب على الحمار، وقال الحمار:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n

...................

لَوْ أَنْصَفَ الدَّهْرُ كُنْتُ أَرْكَبْ

\n
ما هو اللي يركبني أنا اللي أركبه وعلل ذلك يعني جاء بالحكم والعلة، قال: \n
\n \n \n \n \n \n \n \n

لِأَنَّنِي جَــــــــاهِلٌ بَسِيــــــطٌ

وَصَاحِبِي جَاهِلٌ مُرَكَّبْ

***

***

***

***

***

في الحج منها اثنتان، عدَّها في الشرح، قال: في الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: ٢٠٦]، ووجه كون ذلك محل سجدة أن الله امتدح هؤلاء الذين عنده بكونهم لا يستكبرون عن عبادة الله ويسبحونه ويسجدون له، وما امتدح الله فاعله فهو محبوب إليه؛ إذن فلنسجد.
الرعد: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال} [الرعد: ١٥].
النحل: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٤٩، ٥٠].
في الإسراء: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ} [مريم: ٥٨].
طلبة: {آيَاتُ الرَّحْمَنِ}.
الشيخ: لا، في الإسراء.
طالب: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا}.
الشيخ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩].
مريم: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨].
في الحج منها اثنتان: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: ١٨].
في الحج منها اثنتان الثانية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [الحج: ٧٧].
في الفرقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان:٦٠].
في النمل: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم} [النمل: ٢٥،٢٦].
في (الم (١) تَنْزِيلُ) السجدة؟
طلبة: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا}.
الشيخ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: ١٥].
في (حم) السجدة: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٧، ٣٨].
والنجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم:٦٢].
الانشقاق: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢٠ -٢٢].
(اقرأ باسم ربك): {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} [العلق: ١٩].
طالب: في (ص).
الشيخ: لا، (ص) سجدة شكر، إذن هذه أربع عشرة سجدة: الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحج، والفرقان، والنمل، و(الم تنزيل) السجدة، و(حم) السجدة، والنجم، والانشقاق.
طلبة: (...).
الشيخ: كم دول؟
طلبة: أربعة عشر.
الشيخ: نعدها: الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحج اثنتان، والفرقان، والنمل، و(الم تنزيل)، و(حم) السجدة، والنجم، والانشقاق.
طلبة: و(اقرأ باسم ربك).
الشيخ: و(اقرأ باسم ربك) {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} [العلق: ١٩]، أما سجدة (ص) فإنها سجدة شكر، ولكن صحّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ، والصحيح أنها سجدة تلاوة، وعلى هذا فتكون السجدات؟
طلبة: خمس عشرة.
الشيخ: خمس عشرة سجدة، وأنه يُسجد في (ص) في الصلاة وخارج الصلاة.
فإن قال قائل: في القرآن آيات فيها سجود، ولم تكن آية سجدة، مثل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر: ٩٧، ٩٨]. قال: {كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} وليس فيها سجدة، لماذا؟
إن قال قائل بأن هذا أُمِر به النبي عليه الصلاة والسلام في حالة خاصة {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: ٩٧، ٩٨] فأُمر بالسجود في حال معينة، وهذا لا يقتضي السجود عند الإطلاق، فيه شيء؟
طالب: الدليل على أنه يسجد في الآية أنه أمر بالسجود.
الشيخ: هذه معلومة؛ يعني لو قال قائل بهذا التعليل {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٧ - ٩٩]، فأمر الله تعالى رسوله أن يسبح بحمد ربه ويكون من الساجدين في حال معينة؛ وذلك إذا ضاق صدره وآذاه المشركون، وهذا لا يقتضي السجود على الإطلاق، والسجود الذي يسجد للتلاوة على الإطلاق فهل يمكن أن يُردّ هذا التعليل لسجدة (اقرأ)؟ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٧ - ١٩]؛ لأن هذه في الحقيقة أمر بالسجود.
قد يقول قائل: إنه أمر بالسجود في حال معينة، وهو إذا قام ذلك الرجل يتكلم على الرسول عليه الصلاة والسلام، وينهاه عن الصلاة {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: ٩ - ١٤] ويش بعده؟
طلبة: {كَلَّا} [العلق: ١٩].
الشيخ: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٥ - ١٩].
طالب: النبي عليه الصلاة والسلام لما قرأ: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} لما تلاها سجد، لكن {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: ٩٨] لما تلاها ما سجد.
الشيخ: إذن كما قال الأخ؛ يعني إذن لنا المرجع السنة، فالحقيقة أنه كان يبدو لي التعليل الأول، وأن قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} إنما هو في حال معينة لا على الإطلاق، لكن قد يرد هذا الإيراد الذي ذكرته في سورة (اقرأ)، وحينئذٍ يكون المرجع الأصلي هو التوقيف، السُّنة، فنقول: وردت السنة بالسجود في آيات السجود، ولم ترد هنا، فنتوقف على ما جاءت به السُّنَّة.
ثم قال المؤلف: (ويكبر إذا سجد)؛ لأنها صلاة، والصلاة لا بد له من تحريمة، وتحريمها التكبير. وأما عند من يقول: إنها ليست بصلاة فإنه يقول لا يُكبِّر؛ لأنه سجود مجرد، والأحاديث التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود ليس فيها أنه كان يكبر وليس فيها أيضًا أنه كان يقوم، ثم يخر، بل يسجد عن قعود، إذن فلا قيام، ولا تكبير؛ لأن القيام تعبدًا لله يحتاج إلى دليل، والتكبير ذِكر يحتاج أيضًا إلى دليل، أما على رأي المؤلف -رحمه الله- فيقول: إن سجود التلاوة صلاة، والصلاة لا بد فيها من تكبير؛ ولهذا قال: (يكبر إذا سجد).
(ويكبر إذا رفع)؛ لأن سجود الصلاة يكبر إذا سجد وإذا رفع، وهي صلاة سجود التلاوة، فيكبر إذا سجد، ويكبر إذا رفع.
قال المؤلف: (ويجلس) يجلس وجوبًا جلوسًا، لكنه جلوس لا ذِكر فيه إلا شيئًا واحدًا؛ ولهذا قال: (ويُسلِّم ولا يتشَهَّد) فصار -على كلام المؤلف- السجود فيه تكبير قبل، تكبير بعد، تسليم، جلوس، تسليم. أربع، وليس فيه تشهُّد؛ لأن التشهد إنما ورد في الصلاة، ولكن ظاهر السنة أنه ليس فيها تكبير، وليس فيها سلام، بل يسجد، ويذكر الله بأذكار السجود، ويقوم وينصرف.
إلا إذا كان في صلاة فإنه يجب أن يكبر إذا سجد، ويكبر إذا رفع وجوبًا؛ لأنها إذا كانت في الصلاة ثبت لها حكم الصلاة قولًا واحدًا، انتبه، حتى الذين يقولون: يمكن أن يسجد إلى غير القبلة، إذا كان في الصلاة لا يقولون بذلك، لا يقولون: يجوز عند سجود التلاوة أن تنصرف وتسجد إلى غير القبلة، فهي إذا كانت في الصلاة كان لها حكم سجود الصلاة؛ يعني يُكبِّر إذا سجد، ويُكبِّر إذا رفع، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد في صلاته، كما صح ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول سجد في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) في صلاة العشاء ، وثبت عنه أنه كان يكبر في كل رفع وخفض، كلما رفع وخفض كبَّر فيدخل في هذا العموم سجود التلاوة.
وأما ما يفعله بعض الأئمة من التكبير إذا سجد دون ما إذا رفع فهو مبني على فهم خاطئ، ليس على علم، ولا على فهم صحيح، لكنه لما رأى أن بعض أهل العلم اختار في سجود التلاوة أن يكبر إذا سجد دونما إذا رفع ظن أن هذا في الصلاة وغيرها، وليس كذلك؛ لأن سجود التلاوة في خارج الصلاة كما سمعتم، المذهب يرون أنه يُكبِّر إذا سجد وإذا رفع، فيه قول ثانٍ: يُكبِّر إذا سجد لا إذا رفع، وفيه قول ثالث أنه لا يُكبِّر عند السجود ولا عند الرفع، لكن هذا كله فيما إذا سجد خارج الصلاة، أما إذا سجد داخل الصلاة؛ فإن له حكم سجود الصلاة بلا إشكال.
لم يذكر المؤلف -رحمه الله- ماذا يقول في هذا السجود، فيقول: يقول في هذا السجود: سبحان ربي الأعلى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] قال: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» ، وهذا يشمل أيش؟
طالب: السجود.
الشيخ: أي السجود؟
طالب: السجود في العام.
الشيخ: عام؛ سجود التلاوة وسجود الصلاة. إذن يقول: سبحان ربي الأعلى، يقول أيضًا: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي؛ لدليلين:
الدليل الأول: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [السجدة: ١٥]، وهذه آية سجدة.
وحديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ، فإذن يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي».
فيه أيضًا حديث أخرجه بعض أهل السنن: يقول «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ» ، فإن قال هذا فحسن وإن قال غيره فلا بأس.
قال المؤلف رحمه الله: (ويُكره للإمام قراءة سجدة في صلاة سر وسجوده فيها) قال: (يكره للإمام) الكراهة عند المتأخرين تُطلق على مرتبة بين الإباحة والتحريم، تُطلق على ما يُثاب تاركه امتثالًا، ولا يُعاقب فاعله، وتطلق في عُرف المتقدمين تطلق على التحريم، فإذا رأيت في كلام الصحابة والتابعين (أكره)، أو في كلام النبي عليه الصلاة والسلام (أكره) فهو للتحريم، حتى في القرآن الكريم إذا وجدت (مكروه) فهو حرام قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣]، ثم ذكر أشياء كثيرة منهيات ومأمورات، ثم قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨] مكروهًا أيش؟
طلبة: محرم.
الشيخ: حرام، كل ذلك كان حرامًا، لكن اصطلاح المتأخرين الذين قسَّموا الأحكام إلى خمسة أقسام واجب، وضده؟
طلبة: محرم.
الشيخ: مستحب وضده؟
طلبة: مكروه.
الشيخ: الخامس؟
طلبة: مباح.
الشيخ: مباح، هؤلاء هم الذين قالوا: إن المكروه في مرتبة بين المباح وبين الحرام، المؤلف -رحمه الله- يرى أنه يُكره للإمام أن يقرأ آية سجدة في صلاة السر، الكراهة حُكم شرعي يحتاج إلى دليل من السمع أو إلى تعليل من النظر مبني على قواعد الشرع؛ الدليل من السمع واضح آية أو حديث، من النظر تعليل، طريقه العقل، هذا التعليل يكون مبنيًّا على أيش؟
طلبة: قواعد الشريعة.
الشيخ: قواعد الشريعة، هم يقولون: إنه يكره للإمام قراءة آية في صلاة السر؛ لأنه بين أمرين: إما أن يقرأ الآية ولا يسجد، وإما أن يقرأها ويسجد فيشوِّش على من خلفه، ولكن كلا التعليلين عليل؛ أما الأول فقولهم: لأنه إما أن يقرأها ويترك السجود لا يسجد، نقول: حتى لو ترك السجود، فإن ذلك لا يقتضي الكراهة؛ لأن ترك المسنون ليس مكروهًا، وإلا لقلنا: إن صلاتنا في غير النعال؟
طلبة: مكروهة.
الشيخ: مكروهة. ولقلنا: إن الإنسان إذا لم يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، فقد فعل مكروهًا، ولقلنا: إن الإنسان إذا لم يجهر في الجهرية فقد فعل مكروهًا، وما أشبه ذلك، وهذا ليس بصحيح.
إذن فنقول: لو قرأها ولم يسجد، فكيف نقول: إنه فعل مكروهًا؟ أليس لو قرأها ولم يسجد خارج الصلاة -هذا شيء مستحب- هل نقول: فعلت مكروهًا؟ لا، إذن نقول هذا التعليل عليل ما يُقبل، تعليل عليل مريض؛ معناه ما هو مقبول.
التعليل الثاني؟
طالب: التشويش.
الشيخ: أو يسجد، ويشوش على المأموم، فنقول: نعم، هذا قد يكون، إذا سجد من قيام قبل أن يركع سيُشوِّش؛ ولهذا لو سجد قال الناس كلهم: سبحان الله، فشوَّش عليهم، وربما إذا أبى واستمر ساجدًا تركوه، قالوا: هذا ترك ركنًا مُتعمدًا، ما نتابعه، لكن هذا يمكن أن يزول بأن يرفع صوته قليلًا عند آية السجدة، فإذا رفع صوته قليلًا عند آية السجدة سجد الناس.
لكن هذا ربما يُقال: يسجد من يعرف أن هذه الآية آية سجدة، لكن من لا يعرف لا يسجد، ولهذا أذكر أننا مرة قرأنا في سورة الجمعة، قرأنا آخر سورة الحج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧]، فسجدتُ فركع أكثر الناس، أكثر الناس اللي ما رأوني ركعوا في يوم الجمعة؛ لأنه ليس من عادة الأئمة أن يقرؤوا يوم الجمعة آية سجدة؛ ولهذا قال بعض الناس: ما عمرنا سمعنا بهذا، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، ما فيه واحد من الناس قرأ آية سجدة في صلاة الجمعة؛ فلذلك لما قرأت آية السجدة وسجدت ركعنا، هذا ربما نقول: إنه إذا حصل تشويش ربما نقول: لا تقرأ، أو اقرأ ولا تسجد، فنأخذ بالاحتمال الأول، ما هو الاحتمال الأول؟
الاحتمال الأول: أن يقرأ ولا يسجد؛ لأنه إذا قرأ ولم يسجد لم يأتِ مكروهًا، لكن قد ورد في السنن بسند فيه نظر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الظهر (ألم تنزيل) السجدة، وسجد فيها ، فلو صح هذا الحديث لكان فاصلًا للنزاع، وقلنا: إنه يجوز أن يقرأ آية سجدة في صلاة السر، ويسجد فيها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
طالب: شيخ، إذا كان الإنسان يستمع لشريط مسجل، ثم مر بآية سجدة هل يسجد، ربما أن القارئ إذا سجد والتسجيل مقطوع؟
الشيخ: يسأل ويقول: إذا سمع آية السجدة من الشريط فهل يسجد؟ الجواب: يا جماعة استمعوا، إن سجد الشريط فليسجد، هذا الجواب، وإن لم يسجد إحنا ما قلنا: إذا سجد القارئ سجدنا، وإن لم يسجد؟
الطالب: يمكن مقطوع يا شيخ، القارئ يقول: الله أكبر، ثم سجد؟
الشيخ: لا، يمكن يرى رأي من لا يُكبِّر عند السجود.
الطالب: لا، أحيانًا يا شيخ تكون مقطوعة مثل قراءة التراويح، يقطعون السجدة حتى يصلون الآية بالآية؟
الشيخ: يعني لو نقلوا صلاة التراويح.
الطالب: لكن يقولون..
الشيخ: إذن الحمد لله ما سمعته ساجدًا فلا أسجد.
الطالب: يا شيخ، ما جاء في أسانيد سجدة (ألم تنزيل) السجدة، يقول الحافظ: لم أرَ في شيء من الطرق التصريح بأنه سجد، ثم ذكر في كتاب الشريعة، وذكر وقال: في إسناده من ينظر في حاله. وللطبراني في الصغير من حديث علي، فذكره مرفوعًا وقال: ولكن في إسناده ضعف.
الشيخ: إي نعم، هذا هو.
الطالب: ما جاء في إسناده.
الشيخ: لا، فيه تصريح الثاني، لكن بس أنها أسانيدها ضعيفة.
طالب: بعض الناس لا يسجد، ولكن يُسبِّح الله سبحانه وتعالى، ويُكبِّر، ويُهَلِّل.
الشيخ: لا، ما هو مشروع؛ يعني بعض الناس إذا كان وقت نهي لا يسجد ويُسبِّح كما قال الأخ، نقول: هذا ليس بصحيح.
طالب: إنسان يقود السيارة وهو يقرأ القرآن، ومر بآية سجدة، هل يومئ إيماء؟
الشيخ: يعني يقرأ وهو يقود السيارة.
الطالب: فمر بآية سجدة.
الشيخ: أنا أرى أنه ما يسجد؛ لأن سجوده في هذه الحال خطير، تعرف السيارة سريعة، وربما إذا قال هكذا ما يشوف الطريق.
الطالب: إذا أمن؟
الشيخ: ما هو آمن، هل يمكن يأمن يا جماعة؟
طلبة: (...).
الشيخ: إيه (...) لازم (...).
طلبة: (...).
الشيخ: لا، الأحسن ما يسجد.
طالب: (...) المشروع قصدي.
الشيخ: مشروع أيش؟
الطالب: أن يومئ؟
الشيخ: هو لا بأس أن يومئ، لكن الإيماء ينحني بقدر ما يمكنه، ما هو بيومئ بس.
الطالب: لا، واقف عند الإشارة.
الشيخ: أي، لا بأس حينئذٍ يمكن، لكن إذا ولعت الخطر، ثم ذهب (...) كالبوري، مشكلة!
طالب: (...) يستمع الإنسان للأخبار غالبًا يستمع للموسيقى أو غناء، وهو محتاج إلى السماع؟
الشيخ: الآية؟
الطالب: لا، أقصد الآن، بناء على قول المؤلف: السامع والمستمع، أحيانًا يسمع موسيقى أو غناء أو شيء محرم (...) الأخبار وهو مضطر إلى سماعها؟
الشيخ: هذه، نعم أحيانًا تكون مثلًا إذاعة مختلطة بإذاعة أخرى، الإذاعة الأخرى يُصادف أنها تغني، نقول: أيهما أغلب وأرفع صوتًا؟ الأرفع صوتًا هي المعتمدة.
طالب: لكن يفهم الأخبار ويفهم الغناء أحيانًا يفهم.
الشيخ: إي، لكن أي أخفى، إي، يقدم الريشة شوي ولا يؤخرها.
الطالب: يسمع، يجوز له.
الشيخ: إي، بس مثلما أقول لك: أيهما أغلب (...).

***

على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
سبق لنا أن سجود التلاوة سنة، وأن عدد آيات السجود في القرآن أربع عشرة سجدة، وأن الإنسان يُكبِّر إذا سجد، ولا يُكبِّر على القول الراجح إذا رفع ولا يُسَلِّم. \n
وسبق لنا أيضًا أنه يُكره للإمام قراءة آية فيها سجدة في صلاة السر، وبينا أن علة ذلك أنه إما أن يسجد فيشوِّش على المأمومين، أو لا يسجد فيترك سُنَّة، وبينَّا أن هذا التعليل عليل؛ وذلك لأنه إذا لم يسجد فإن أعلى أحواله أن يكون تَرَك سُنَّة، وترْك السنة لا يستلزم الكراهة، وأما التشويش فإنه يزول بأن يرفع صوته عند آية السجدة حتى يتبين للناس، هذا إذا كان الناس لا يشاهدونه، أما إذا شاهدوه فالأمر أهون، وأيضًا ذكرنا أنه قد روى أصحاب السنن \n أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات يوم صلاة الظهر فسجد \n ، ففهم الصحابة أنه قرأ سورة (ألم تنزيل) السجدة.\n
ثم قال المؤلف رحمه الله:\n (ويلزم المأمومَ متابعتُه في غيرها) يلزم المأموم إذا سجد إمامه أن يتابعه\n (في غيرها) أي: في غير صلاة السر؛ وهي صلاة الجهر. \n
وعُلم من كلامه -رحمه الله- أنه لا يلزمه متابعة الإمام في صلاة السر؛ يعني لو قرأ الإمام آية سجدة في صلاة السر كالظهر والعصر، ثم سجد فإن المأموم لا يلزمه أن يتابعه، وعلَّلوا ذلك بأن الإمام فعل مكروهًا فلا يُتابَع. \n
ولكن الصحيح أنه يلزم المأمومَ متابعتُه حتى في صلاة السر؛ وذلك لأن الإمام إذا سجد فإن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» \n ، يتناول هذه السجدة، وهذه السجدة لا تبطل صلاة الإمام؛ لأن أعلى ما يقال فيها أنها مكروهة على كلام الفقهاء، والصحيح أنها ليست بمكروهة، وأنه يسجد، وفي هذه الحال يلزم المأموم متابعته؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا». \n
إذن القول الراجح أن المأموم يلزمه متابعة الإمام في سجود التلاوة؛ في الصلاة السرية وفي الصلاة الجهرية. \n
ثم انتقل المؤلف إلى نوع آخر من السجود فقال: \n (ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم) \n
إذا قال العلماء: (يُستْحب) أو (يُسنّ)، فإن حكم ذلك أن يُثاب فاعله امتثالًا، ولا يُعاقَب تاركه؛ إذن فسجود الشكر إن فعلته أُثبت وإن تركته لم تأثم.\n
وسجود الشكر الإضافة فيه من باب إضافة الشيء إلى نوعه، كما تقول: خاتم من حديد؛ لأن هذا السجود نوع من الشكر، والشكر في الأصل هو الاعتراف بالنعم باللسان والإقرار بها بالقلب، والقيام بطاعة الْمُنعِم في الجوارح، وعلى هذا قال الشاعر: \n
\n \n \n \n \n \n \n \n

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً

يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا

***

صحيح أن الأفضل أن يقتصر الإنسان على إحدى عشرة ركعة، لكن ليس هناك نهي عن الزيادة.
على كل حال فيه دليل على أنه ينبغي للإنسان ألا يتخلف عن الجماعة بل يصلي معهم؛ حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ» . وفي لفظ: «إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ»، يعني حتى لو عليك فريضة تبغي تؤديها والإمام يصلي، وتصلي وحدك لتؤدي الفريضة السابقة؛ فأنت منهيّ عن ذلك «لَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ».
واستدل بعض الناس بهذا الحديث على جواز إقامة الجماعة في الرَّحْل دون المسجد؛ يعني أنه لا يجب على الإنسان أن يُصلِّي مع الجماعة في المسجد، بل يجوز أن يُصلِّي جماعة في رَحْله، وعلى هذا؛ فإذا كنا جماعة في بيت، وأذَّن المؤذن، فإنه يجوز لنا أن نصلي في بيتنا، ولا نذهب إلى المسجد؛ لقولهما: صلَّينا في رحالنا فقال: «إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ» . ولم يقل: لا تصليا في رحالكما، بل صلِّيا في الجماعة في المسجد، وهذا لا شك أنه فيه شيء من الشُّبهة، وهنا فيه فعل الصحابيين، وفيه إقرار؛ أما مجرد فعلهما فليس فيه دليل بلا شك؛ لأنه يحتمل أنهما لم يعلما بوجوب الصلاة في المسجد، ويحتمل أنهما ظنَّا أن الجماعة قد أُقيمت، وأنهما لا يدركان جماعة المسجد فصلَّيَا في رحالهما، لكن اللي فيه الإشكال قوله: «إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا»، ولم يقل: لا تصليا في رحالكما، ولا شك أن هذا فيه شُبهة، وفيه شيء من المستند لمن قال بأنه لا تجب الصلاة في المسجد، ولكن هناك أدلة أخرى أصرح من هذا، والقاعدة الشرعية عندنا: أنه إذا وجد دليل مشتبِه ودليل محكم لا اشتباه فيه، فما الواجب؟ حمل المشتبه على المحكم.
فيه أحاديث تدل على أنه لا بد من الحضور في المسجد، مثل حديث أبي هريرة، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ثُمَّ أَنْطَلِق إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ؛ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» . «إِلَى قَوْمٍ»، مع أن القوم يمكن أن يصلوا جماعة في مكانهم، فجعل تخلفهم مُوجبًا لإحراقهم بالنار، الذي هم به عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه الرجل الأعمى أن يصلي في بيته أذِن له؛ ثم دعاه، فقال: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟». قال: نعم، قال: «فَأَجِبْ». ولم يقل: انظر من يصلي معك.
فالصحيح في هذه المسألة: أنه لا بد من حضور المسجد، ويجاب عن حديث الرجلين بأنه من المشتبِه، والواجب حملُه على المحكم الذي لا اشتباه فيه.
كم استثنى المؤلف مما يجوز في أوقات النهي؟
طالب: ثلاث.
الشيخ: ثلاث: قضاء الفرائض فيها، فعل ركعتي الطواف، إعادة الجماعة.
ثم قال: (ويحرم تطوع بغيرها) إلى آخره.
فيه أيضًا مستثنى غير هذا على المذهب؛ وهي سُنة الظهر التي بعدها إذا جُمعت مع العصر، مثل: رجل مريض يجمع الظهر والعصر، فصلى الظهر والعصر، فقد دخل وقت النهي في حقه، حتى وإن كان لم يُؤذن أذان العصر؛ يعني لو فُرض رجل جمع العصر مع الظهر جمْع تقديم، فقد دخل وقت النهي في حقه؛ لأن النهي معلق بماذا؟ بالصلاة، في هذه الحال لم يُصلِّ راتبة الظهر البعدية؛ نقول: لا بأس أن تصليها بعد العصر. هذه أربعة.
الخامس: من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب؛ فإنه يصلي ركعتين خفيفتين؛ ودليل ذلك: أن رجلًا دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فجلس، فقال له: «أَصَلَّيْتَ؟». قال: لا. قال: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» .
فلو فُرض أن الإمام جاء قبل أن تزول الشمس، والجمعة يجوز أن يحضر الإمام فيها قبل الزوال، وشرع في الخطبة عند قيام الشمس وقبل أن تزول؛ يعني: في وقت النهي، ودخل رجل، ففي هذه الحال نقول: صلِّ تحية المسجد ولو في وقت النهي،والدليل: هذا الحديث الذي ذكرناه، فهذه خمس مسائل.
السادسة: صلاة الجنازة تُفعل في أوقات النهي؛ يعني: لو صلّينا العصر، وحضرت جنازة، فإننا نصلي عليها؛ هذه ست مسائل تجوز في أوقات النهي، وعرفتم الدليل في قضاء الفرائض، والدليل في ركعتي الطواف، والدليل في إعادة الجماعة، والدليل فيمن دخل والإمام يخطب.
أما من جَمَعَ الظهر والعصر، فدليله هو أن سُنَّة الظهر التي بعدها سُنَّة راتبة، ولا يمكن أن يفصل بين الظهر والعصر بها؛ لأن الجمع لا بد فيه من التوالي، فلا يمكن الجمع بدون توالي، فصار جوازها بعد صلاة العصر جواز ضرورة، وأما صلاة الجنازة فلعموم الأدلة في وجوب الصلاة على الميت، وفي أنه ينبغي الإسراع في دفنه.
يقول المؤلف رحمه الله: (ويحرم تطوع بغيرها في شيء من الأوقات الخمسة).
الأوقات الخمسة عرفتموها أنها بالبسط خمسة على المذهب، الآن نعدها على المذهب من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، من طلوعها حتى ترتفع قيد رمح عند قيامها حتى تزول من صلاة العصر حتى تشرع في الغروب إذا شرعت فيه حتى يتم.
يقول المؤلف: (ويحرم تطوع بغيرها) أي: بغير المتقدمات من إعادة الجماعة، وركعتي الطواف، وتحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب.
(حتى ما له سبب) يعني: لا يجوز التطوُّع في هذه الأوقات حتى الذي له سبب؛ وذلك لعموم الأدلة في أنه «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ، وحديث عقبة بن عامر: أن نُصلِّي فِيهنَّ ، وما أشبه ذلك.
قالوا: فالعموم مُقدَّم على العموم الثاني؛ لأن الذي له سبب في الواقع تعارض مع أحاديث النهي حيث كان كل منهما عامًّا من وجه، خاصًّا من وجه، ولنأخذ مثلًا: تحية المسجد، فيها قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» . هذا فيه عموم في الوقت، مستفاد من قوله: «إِذَا دَخَلَ»؛ لأن (إذا) شرطية ظرفية؛ يعني في أي وقت يدخل المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، هذا العموم.
فيه خصوص؛ وهو أن هذه الصلاة المأمور بها على سبيل العموم صلاة مخصوصة، وهي تحية المسجد؛ ففيه عموم وفيه خصوص.
«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» ، فيه عموم، وفيه خصوص؛ العموم في الصلاة في قوله: «لَا صَلَاةَ»، العموم لا تحية مسجد ولا غيرها، لا صلاة، الخصوص: الزمن «بَعْدَ الْعَصْرِ»، فصار عموم الزمن في قوله: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ». مخصوصًا بخصوص الزمن في قوله: «بَعْدَ الْعَصْرِ»، وصار عموم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ» يتعارض مع خصوص تحية المسجد؛ فلهذا صار بينهما عموم وخصوص؛ فإذا دخل إنسان المسجد إن قلت له: صلِّ خالفت النهي، ووافقت الأمر، وإن قلت: لا تُصلِّ وافقت النهي وخالفت الأمر، إذن ماذا؟ هل أوافق الأمر أو أوافق النهي؟ يقول المؤلف: وافق النهي؛ يعني معناه انتهِ لا تخالف النهي فلا تُصلِّ.
عِلّتهم في ذلك يقولون: إنه اجتمع مُبيح وحاظِر، أو اجتمع أمر ونهي؛ فالاحتياط التجنب خوفًا من الوقوع في النهي، كما قالوا: إذا اجتمع مُبيح وحاظر قُدِّم الحاظر؛ فلذلك نمنع ونقتصر على ما ورد به النص من إعادة الجماعة وركعتي الطواف وما أشبهها.
وذهب بعض أهل العلم إلى ترجيح الأمر الخاص، وعلَّلوا ذلك بأنه تعارَض عامَّان وخاصَّان؛ والعام في النهي مخصوص بمسائل مُتفق عليها.
ما هو العام في النهي؟ «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» ، مخصوص بمسائل متفق عليها، وهي قضاء الفرائض؛ متفق عليها، إعادة الجماعة؛ متفق عليها، ركعتا الطواف متفق عليها، ركعتا تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة؛ متفق عليها، فلما كان هذا العموم مخصوصًا بمسائل متفق عليها؛ صارت دلالته على العموم ضعيفة؛ لأنه صار عمومًا مُخرَّقًا؛ يعني مستثنى فيه أشياء متفق عليها، فضعف عمومه؛ حتى إن بعض العلماء من الأصوليين قال: إن العام إذا خُصّ بطلت دلالته على العموم نهائيًّا؛ لأن تخصيصه يدل على عدم إرادة العموم، وإذا بطل عمومه لم يكن معارِضًا للأحاديث الدالة على فعل هذه الصلوات التي لها سبب.
ولهذا نقول: إن القول الصحيح في هذه المسألة: أن ما له سبب يجوز في أوقات النهي كلها، الطويلة والقصيرة؛ لأن عمومه محفوظ، هذا واحد، والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص؛ لأن معنى محفوظ أنه لم يُخصَّص، فهذا العموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص.
ثانيًا: أن نقول: ما الفرق بين العموم في قوله: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» . وقوله: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» ؟
فإذا قلتم: إن قوله: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا» عام في الزمن فليكن قوله: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ» عامًّا في الزمن ولا فرق؛ فإن قوله: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» خاص في الصلاة عام في الزمن.
كذلك «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» خاص في الصلاة، عام في الزمن، فكيف تأخذون بعموم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا»، وتقولون: إنه مخصص لعموم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ» أو «بَعْدَ الْعَصْرِ» ولا تأخذون بعموم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»؟ فالصحيح أن ما له سبب يُفعل في أوقات النهي للأوجه الآتية:
أولًا: أن عمومها محفوظ؛ والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص.
ثانيًا: أنها مقرونة بسبب، فيبعد أن يقع فيها الاشتباه في مشابهة المشركين؛ لأن النهي عن الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ لئلَّا يتشبه المصلي بالمشركين الذين يُصلُّون لها -أي للشمس- إذا طلعت وإذا غربت، فإذا أُحِيلت الصلاة على سبب معلوم كانت المشابهة بعيدةً أو غير بعيدة؟ بعيدة؛ لأن أي واحد يقول: ليش أصلي الآن؟ قال: لأنه دخل المسجد مثلًا؛ لأنه توضأ، والوضوء يسن عقبه الصلاة.
ثالثًا: أنه في بعض ألفاظ أحاديث النهي: «لَا تَتَحَرَّوُا الصَّلَاةَ» ، والذي يصلي لسبب هل يقال: إنه متحرٍّ للصلاة عند طلوع الشمس وغروبها؟ لا، ما يقال إنه متحرٍّ، بل يقال: صلَّى لسبب.
المتحرّي: هو الذي يرقب الشمس، فإذا قاربت الطلوع مثلًا قام وصلَّى، أو الذي يرقُب وقت النهي، فإذا جاء وقت النهي قام فصلى؛ فلهذه الوجوه الثلاثة كان القول الراجح أن ما له سبب يجوز أن يُصلَّى في أوقات النهي، وهذا مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الراجح، المهم أن الأدلة تؤيد هذا القول.
وعلى هذا؛ فإذا دخلت المسجد لصلاة المغرب قبل الغروب بربع ساعة هل تجلس أو تُصلِّي؟ تُصلِّي ولا حرج، بل لو جلست لكنت واقعًا في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس لمن دخل المسجد حتى يصلي ركعتين.
وقول المؤلف: (حتى ما له سبب) إشارة إلى أي شيء؟ إلى الخلاف في هذه المسألة، مع أن الخلاف قوي، وقد ذكر بعض المتأخرين أنهم إذا قالوا: (ولو كذا) فالخلاف قوي، وإذا قالوا: (وإن كان كذا) فالخلاف أضعف؛ يعني قوي، ولكنه أضعف، وإذا قالوا: (حتى) فالخلاف ضعيف.
ولكن الخلاف في هذه المسألة قوي جدًّا، لا من حيث الدليل، ولا من حيث المخالفين.
ما تقولون في رجل توضأ بعد صلاة العصر؟ هل يصلي سُنّة الوضوء أو لا يُصلي؟
طلبة: يصلي.
الشيخ: لا، إن قلتم: يُصلِّي؛ فخطأ، وإن قلتم: لا يصلي؛ فخطأ، إن توضأ ليصلي؛ فلا يجوز؛ لأنه تعمَّد الصلاة في أوقات النهي، وإن توضأ للطهارة؛ فحينئذ يُصلي على القول بأنه يجوز أن يصلي النافلة التي لها سبب في أوقات النهي، أما على رأي من يقول: إنه لا يُصلَّى من النوافل إلا ما خصَّصوها، فلا يجوز.
لو أن رجلًا تقدم إلى صلاة المغرب يوم الجمعة في آخر النهار من أجل أن يصلي تحية المسجد حتى يشمله الحديث: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» ، فهل نقول: إن هذا حرام، أو نقول: إن هذا جائز؟
طالب: الأول.
الشيخ: نقول: إن قصد المسجد ليصلي؛ فهذا حرام، كما قلنا: لو توضأ ليصلي، وإن قصد المسجد من أجل التقدم لصلاة المغرب، ثم لما دخل قام يُصلي ركعتين من أجل أنه دخل المسجد؛ فهذا لا بأس به، حتى وإن كان لا يتقدم إلا يوم الجمعة؛ فإنه لا بأس به.
إذن هناك فرق بين من يتوضأ ليصلي، وبين من يتوضأ لا للصلاة، ولكن قلنا له: إذا توضأت فصلِّ، أليس كذلك؟
ثم قال المؤلف رحمه الله: باب صلاة الجماعة.
طالب: السلام عليك يا شيخ، ما نجاوب عن حديث الرجلين بمنى، نقول مثلًا: الصلاة في منى ما تُشرع في المسجد؛ يعني يجوز الصلاة في الراحلة أصلًا.
الشيخ: المسجد مبني؟
الطالب: في منى يا شيخ.
الشيخ: إي.
الطالب: الآن المشروع يا شيخ في منى الصلاة كيف تكون؟
الشيخ: المشروع في منى أنه إذا لم يشق أن يُصلوا في المسجد، لكن لا شك أن الصلاة في المسجد فيها صعوبة الآن، ولا حصل لك أيضًا، لو تروح ما حصل لك إلا في السوق الذي حول المسجد، وكله ملوَّث بنجاسات.
طالب: يُنكر يا شيخ على من لم يصلِّ سنة تحية المسجد بعد العصر؟
الشيخ: لا، ما ينكر؛ لأن بعض العلماء يقولون: ما تصلى، والمسائل الخلافية لا تنكر، لكن لا بأس أن تناقشه إذا كان أهلًا للنقاش، أما إذا كان مُقلِّدًا، إذا كلمته قال: ما أنت بأعرف من فلان، فهذا ما يمكن تقول له.
طالب: تحية المسجد في مُصلَّى العيد؟
الشيخ: نعم، مُصلَّى العيد يُصلَّى فيه تحية المسجد؛ لأنه مسجد؛ ولهذا منع النبي عليه الصلاة والسلام الْحُيِّض منه، ولا تمنع المرأة الحائض إلا من مسجد.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟». قال: نعم. قال: «فَأَجِبْ» ، فهل هذا يحمل على النداء الذي بدون ميكرفون؟
الشيخ: هو الظاهر؛ لأننا لو اعتبرنا النداء بالميكرفون كان ما شاء الله يصل أقصى البلد.
الطالب: فلو أنكرنا على واحد (...)، ولكن يسمعه ولو بالميكرفون يجوز له أن يصلي في بيته؟
الشيخ: ما يجوز إلا إذا كان فيه مشقة؛ لأن قول الرسول: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» معناه أنك لما سمعت النداء أجب؛ ولهذا لو فُرض أنك ما تسمع لطرش؛ يعني لصمم وجب عليك، ثم لو قلنا بهذا كان حصل فيه تلاعب؛ لأنه إذا كان الهواء من جهتك سمتعه يصير الفجر حيث إن الهواء شمال وأنت جنوب عن المسجد يجب عليك حضور الجماعة، والظهر لما كان الهواء جنوب وأنت جنوب عن المسجد ما تسمع نقول: ما تجب عليك؟!
طالب: كيف نحملها على أنه..؟
الشيخ: يعني معناه ما كان يسمعه لولا المانع وجب عليه.
طالب: شيخ، بالنسبة للأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» .
الشيخ: النهي، هذا ما هو أمر، هذا نهي.
طالب: لا الأمر بالصلاة بس يا شيخ.
الشيخ: ولا أمر بالصلاة.
طالب: النهي عن عدم الجلوس قبل الصلاة، ما نوعه؟ يعني يجب أن الواحد يصلي ولَّا؟
الشيخ: هذا فيه خلاف بين العلماء؛ هل تحية المسجد واجبة أو لا؟
فمنهم من قال: إنها واجبة، واستدل بما ذكرت بالنهي؛ والأصل في النهي التحريم، واستدل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، فأمره أن يصلي ركعتين مع أنه يجب عليه الإنصات لسماع الخطبة، قالوا: ولا يمكن أن يُؤمر بشيء يتضمن ترك واجب إلا وهو واجب.
والحقيقة أن القول بوجوب تحية المسجد قول قوي جدًّا، وأنه يُخشى على من لم يُصلِّ تحية المسجد أن يكون آثمًا، لكن هناك أدلة قد يكون ظاهرها عدم الوجوب، مثل: دخول الرسول عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة المسجد، فيشرع في الخطبتين ويجلس بينهما دون صلاة، وإن كان هذا قد يقال: إن الخطبة تابِعة لصلاة الجمعة، وفيه أيضًا أن كعب بن مالك لما دخل المسجد بعد أن تاب الله عليه لم يُصلِّ ركعتين، وأقرَّه النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، وتعلمون أن قصة كعب بن مالك متأخرة في السنة التاسعة، وفيه أيضًا قصة الثلاث رجال الذين دخلوا والنبي عليه الصلاة والسلام جالس في أصحابه، فبعضهم جلس في الحلقة، وبعضهم استحيا وجلس خلفها، والثالث انصرف، وظاهره أنهم لم يصلوا، ولم يأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام .
المهم أن فيه أحاديث قد تمنع الإنسان من الجزم بوجوب تحية المسجد، لكن لا شك أن الذي يتركها على خطر، أما صلاة الكسوف؛ فالصحيح أنها واجبة، وأنه لو كسفت الشمس بعد صلاة العصر فإنها تُصلّى الكسوف.
طالب: هل يؤمر يا شيخ أن يصليها..؟
الشيخ: مَنْ؟
الطالب: مَنْ دخل المسجد ولم يُصلِّ؟
الشيخ: إي نعم، إذا كان جاهلًا يُرشد، لكن ننكر عليه، نقول: يا فلان، أنت أخطأت؛ ما ننكر عليه، نرشده.
طالب: شيخ، فيه بعض الناس بالنسبة عندهم شبهة بالنسبة للجلوس وتحية المسجد والوقوف؛ يعني مثلًا أحد الطلاب رأيناه لا يتخذ مثلًا في وقت النهي؛ مثلًا صلاة الفجر، أو بعد المغرب؟
الشيخ: بعد المغرب ما فيه نهي!
طالب: يعني قبل المغرب؛ يعني يقرأ ما يصلي تحية المسجد، إذا سألناه يقول: أنا ما جلست..
الشيخ: إي، ويش تقولون في هذا؟ يعني يقول: ما يجلس، يقف، ولَّا يبقى يتردد في المسجد، ويقول: أنا ما جلست، نقول: هذا ظاهريّ ظاهريّ، فلا يجلس، الْمُكث في المسجد نوع من الجلوس؛ ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام الحائض أن تطوف بالبيت مع أنها ما جلست فجعله مُكثًا مع الدوران مِن باب إضافة؟
طالب: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
الشيخ: إلى سببه؛ يعني باب الصلاة التي سببها التطوع.
طالب: من باب إضافة الشيء إلى نوعه.
الشيخ: من باب إضافة الشيء إلى نوعه.
طالب: وأن الصلاة تجوز.
الشيخ: نعم، طيب ما هي الحكمة من صلاة التطوع؟
طالب: حكمتان؛ أولًا: ليزيد بها إيمان العبد. ثانيًا: لتكون تكملة لما نقص من الفرائض.
الشيخ: نعم، زيادة الإيمان والعمل الصالح، وتكميل ما نقص من الفرائض، وهكذا جميع التطوعات.

المؤلف رتَّب صلاة التطوع بناءً على أيش؟
طالب: بناءً على آكدها.
الشيخ: إي نعم، معلوم هي مرتبة على الآكدية، لكن على أي شيء من الآكدية؟
طالب: على أنها تفعل في جماعة.
الشيخ: نعم، رتَّب الآكدية على فِعلها في جماعة، فما كان يُفعل في جماعة فهو أَوْكد من غيره.
آكد صلاة التطوع؟
طالب: آكدها كسوف، ثم استسقاء، ثم تراويح، ثم وتر.
الشيخ: تمام.
الوتر له صفات؟
طالب: أما الوتر فركعة واحدة، أو بثلاث يفصل بينهما بسلام أو جلوس.
الشيخ: يعني يُسلِّم من ركعتين، ويجوز السرد؟
طالب: ويجوز السرد.
الشيخ: ويجوز السرد، طيب.
طالب: ويُوتر بخمس أو سبع سردًا.
الشيخ: سردًا، لا يتشهد إلا في آخرها، تمام.
الطالب: يتشهد في الثامنة ويُسلِّم ويأتي بواحدة.
الشيخ: يتشهد؟
الطالب: يتشهد ولا يُسلِّم، ويأتي بالتاسعة ويُسلِّم.
الشيخ: ويأتي بالتاسعة ويُسلِّم. القنوت في غير الوتر، حكمه؟
طالب: حكمه إن كان نزل في المسلمين نازلة فيقول المؤلف: إنه (...) إن نزل، أما في غير النازِلة فلا يجوز.
الشيخ: فلا يقنت، لكن ما حكمه؟
الطالب: ما حكمه؟ كيف؟
الشيخ: في غير النازلة؟
الطالب: في غير النازلة مكروه.
الشيخ: مكروه إي نعم، وهو الحق، على قول المؤلف هو الحق.
هل يُستثنى من النوازل شيء؟
طالب: نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: قال المؤلف: (في غير الطاعون).
الشيخ: الطاعون، لماذا؟
الطالب: لأن من يموت في الطاعون يكون شهيدًا، ولا ينبغي أن يدعو برفع شيء يكون سببًا لشهادته.
الشيخ: أحسنت، علَّلوا ذلك بأن الطاعون شهادة كما جاء به الخبر، ولا ينبغي أن يقنت في رفع شيء يكون سببًا للشهادة.
مَن الذي يُسنّ له القنوت في النوازل؟
طالب: الإمام الأكبر.
الشيخ: الإمام الأعظم؛ يعني الرئيس الأعلى في الدولة هو الذي يُسنّ له أن يقنت، أما من سواه؟
الطالب: من سِواه فقد اختُلف فيه.
الشيخ: فقد اختُلف فيه، والمؤلف يرى؟
الطالب: أنه في حق الإمام الأعظم.
الشيخ: ومن سِواه لا يقنت.
ما هي العِلَّة في أنه لا يقنت في النوازل إلا الإمام الأعظم؛ يعني بقية المساجد ما تقنت؟
الطالب: أن ذلك هو (...).
الشيخ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت، ولم يُنقل أن غيره من المساجد قنتوا، هذه واحدة، هذا دليل.
طالب: الثاني: أنه لو قنت مثلًا مسجد فلان، وبقي مسجد فلان لقالوا: فلان كاره له، وفلان محب له، (...).
الشيخ: لكن (...) ما نقول: كلهم يقنتون.
طالب: إذا جاء أمر (...).
طالب آخر: أن يجتمعوا يا شيخ في مسجد واحد.
الشيخ: لا، ما هو مشروع الاجتماع.
طالب: لأن السلطان له الولاية العامة.
الشيخ: فهو المعنيّ بشؤون المسلمين، وهذه نازِلة عامة في المسلمين فيقنت الإمام؛ ولهذا لو نزل بالإنسان نفسه نازلة، مثل هلك ماله أو ولده أو ما أشبه ذلك لا يسن له أن يقنت.
فيقولون: ما دامت النازِلة عامة فالمعنيّ بشؤون المسلمين هو الإمام، فيكون طلب القنوت موجهًا إليه.
التراويح كم عددها؟
طالب: إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وقد تزيد.
الشيخ: أحسنت، والمؤلف ويش يرى؟
طالب: إحدى عشرة.
الشيخ: طيب.
طالب: المؤلف يرى أنها ثلاث وعشرون ركعة، التراويح ثلاث وعشرون ركعة.
الشيخ: مع الوتر ثلاث تكون ثلاثًا وعشرين، هذا الذي يراه المؤلف، والصحيح ما أجاب به الأخ أن التراويح إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة.

***

وأن الدليل عليها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما تتضمنه من المصالح العظيمة يؤكد وجوبها، وسبق أنها لا تجب إلا على الرجال دون الإناث ودون الصغار، وسبق أنها تجب على القول الراجح على العبيد؛ لعموم الأدلة، وسبق أيضًا أنها تجب للصلوات الخمس، سواء كان مؤداة أو مقضية على القول الراجح، وسبق لنا أن العلماء اتفقوا على أنها من أجل الطاعات وأفضل العبادات، ولكن اختلفوا هل هي سنة أو فرض عين أو فرض كفاية أو شرط، والصحيح أنها فرض عين.
قال المؤلف رحمه الله: (وله فعلها في بيته): (له) أي: للإنسان (فعلها) أي: فعل الجماعة في بيته، يعني: يجوز أن يصلي الجماعة في بيته ويدع المسجد، ولو كان قريبًا منه، ولكن المسجد أفضل بلا شك، إنما لو فعلها في بيته فهو جائز، وإذا قلنا بأنها تنعقد باثنين ولو بأنثى فهذا يلزم منه أن يصلي الرجل وزوجته في البيت، ولا يحضر المسجد. هذا على كلام المؤلف.
واستدل أصحاب هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . فالأرض كلها مسجد، والمقصود الجماعة، والجماعة تحصل ولو كان الإنسان في بيته، لكنها في المسجد أفضل.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن كونها في المسجد من فروض الكفايات، وأنه إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، وجاز لمن سواهم أن يصلي في بيته جماعة.
وذهب آخرون إلى أنها واجبة في المسجد.
أما الذين قالوا بأنها تجوز في البيت مطلقًا فاستدلوا بما ذكرت لكم «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا».
وأما الذين قالوا: إنها فرض كفاية، فقالوا: إنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وما زال المسلمون يقيمونها في المساجد، ولو تعطلت المساجد ما تبين أن هذه البلد بلد إسلام، فكما أن الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة، وتقاتَل الطائفة إذا لم تؤذن، وهو فرض كفاية، فالصلاة في المساجد من باب أولى، فإذا وجد في المسجد من تقوم به الكفاية، فالباقون لهم أن يصلوا في بيوتهم.
وأما الذين قالوا: إنها تجب في المسجد فاستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» وكلمة (قوم) جمع تحصل بهم الجماعة، فلو كان يمكن أن يصلوا في بيوتهم جماعة لقال: إلا أن يصلوا في بيوتهم، واستثنى من يصلي في بيته، فعلم بهذا أنه لا بد من شهود جماعة المسلمين.
وهذا القول هو الصحيح: أنه يجب أن تكون في المسجد، وأنه لو أقيمت في غير المسجد فإنه لا يحصل بإقامتها سقوط الإثم، بل هم آثمون، وإن كان القول الراجح أنها تصح، وهذا الدليل كما عرفتم دليل واضح.
أما القائلون بأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، فنقول: نعم هي من شعائر الإسلام الظاهرة، ومن تمام ذلك أن توجب على كل واحد؛ لأننا لو قلنا: إنها فرض كفاية لكان كل واحد يبقى في بيته ويقول: لعل في المسجد من يقوم بصلاة الجماعة.
وأما الذين استدلوا بقوله: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فلا دليل فيه أصلًا؛ لأن هذا فيه بيّن أن الأرض كلها مسجد، وهو من خصائص هذه الأمة، بخلاف غيرها، فإنها لا تصلي إلا في الكنائس والصوامع والبِيَع، لكن هذه الأمة جعلت لها الأرض كلها مسجدًا، فليس المقصود بيان أن الجماعة يصح أن تكون في كل مكان، بل بيان أن الصلاة تصح في كل مكان، وهذا لا نزاع فيه.
ثم على فرض أنه عام، فإنه مخصوص بالأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد.
لكن هاهنا مسألة، وهي ما يشكل على كثير من الدوائر الحكومية التي فيها جماعة كثيرة، ولهم مصلًّى خاص يصلون فيه، والمساجد حولهم، فهل نقول لهم: اخرجوا من هذه الدائرة جميعًا وصلوا في المسجد، أو نقول: صلوا في مكانكم ولا حرج عليكم؟
الذي نرى أنه إذا كان المسجد قريبًا، ولم يتعطل العمل، فإنه يجب عليهم أن يصلوا في المسجد، أما إذا كان بعيدًا أو خِيف تعطل العمل؛ بأن تكون الدائرة عليها عمل ومراجعون كثيرون، أو كان يخشى من تسلل بعض الموظفين؛ لأن بعض الموظفين لا يخافون الله، إذا قالوا: نخرج للصلاة خرجوا لبيوتهم، وربما لا يرجعون، ففي هذه الحال نقول: صلوا في مكانكم؛ لأن هذا أحفظ للعمل وأقوم، والعمل تجب إقامته بمقتضى الالتزام والعهد الذي بين الموظف والحكومة.
فهذا هو التفصيل في هذه المسألة، ولهذا ينبغي إن لم نقل: يجب أن يجعل هناك مسجد في الدوائر الكبيرة يكون له باب على الشارع تقام فيه الصلوات الخمس، حتى يكون مسجدًا لعموم الناس ويصلي فيه أهل هذه الدائرة، كما فعل ذلك في دار الإفتاء في الرياض، فإن هذا من خير ما يكون من المشاريع.
يقول: (وتستحب صلاة أهل الثغر في مسجد واحد) يعني شرع المؤلف رحمه الله في الأفضل من المساجد والأماكن التي تصلى فيها الجماعة، قال: الأفضل لأهل الثغر، أهل الثغر هم الذين يقيمون على حدود البلاد الإسلامية، يحمونها من الكفار، فالأفضل لهم أن يصلوا في مسجد واحد؛ لأنهم إذا صلوا في المسجد الواحد صاروا أكثر جمعًا، وحصلت بهم الهيبة، وهابهم الأعداء، وصار بعضهم يسأل بعضًا: من حولك من الكفار؟ وهل مكانك يحتاج إلى زيادة رجال وسلاح؟ المهم أن الأفضل أن يجتمعوا في مسجد واحد، بشرط أن يأمنوا العدو، فإن كانوا يخشون من العدو إذا اجتمعوا في المسجد الواحد، فصلاة كل إنسان في مكانه أولى، لكن مع الأمن الأفضل أن يصلوا في مكان واحد.
أما غير أهل الثغر قال: (والأفضل لغيرهم المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضورهم) إذا كان هناك مسجد قائم يصلي فيه الناس، لكن فيه رجل إن حضر وصار إمامًا أقيمت الجماعة، وإن لم يحضر تفرق الناس، فالأفضل لهذا الرجل أن يصلي في هذا المسجد من أجل عمارة المسجد؛ لأنه لو لم يحضر لتعطل المسجد، وتعطيل المساجد أمر لا ينبغي.
فإذا جاءنا هذا الرجل الذي يقول: أنا إن حضرت صرت إمامًا وأقمت الجماعة في هذا المسجد، وإن لم أحضر لم تقم فيه الجماعة، هل الأفضل أن أذهب إلى مسجد آخر يكون أكثر جماعة، أو أن أصلي في هذا المسجد؟ الجواب: أن تصلي في هذا المسجد.
لكن ينبغي أن يقيد هذا بشرط، وهو ألا يكون المسجد قريبًا من المسجد الأكثر جماعةً، فإن كان قريبًا منه بحيث يسهل على أهله أن يصلوا في المسجد الأكثر جماعة فقد يقال: إن الأفضل أن يجتمع المسلمون في مسجد واحد، وإن هذا أولى من التفرق؛ لأنه كلما اجتمع المسلون فهو أفضل لا شك، فإذا قدر أن هذا المسجد قديم ينتابه خمسة أو عشرة من الناس، وحولهم مسجد يجتمع فيه جمع كثير، ولا يشق على أهل المسجد القديم أن يتقدموا إلى المسجد الآخر، فربما يقال: إن الأفضل أن ينضموا إلى المسجد الآخر، وأن يجتمعوا فيه؛ لأنه كلما كثرت الجماعة فهو أفضل.
قال المؤلف: (ثم ما كان أكثر جماعة) يعني لو قدر أن هناك مسجدين، أحدهما أكثر جماعة من الآخر، فالأفضل أن يذهب إلى الأكثر جماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ» ، وهذا عام، فإذا وجد مسجدان: أحدهما أكثر جماعة من الآخر، فالأفضل أن تصلي مع من هو أكثر جماعة.
قال: (ثم المسجد العتيق) يعني القديم أولى من الجديد؛ وذلك لأن الطاعة فيه أسبق، فكان أولى بالمراعاة من الجديد، لكن هذا يأتي في أي مرتبة؟
طلبة: الرابعة.
الشيخ: الرابعة، هذا في المرتبة الرابعة، يعني: إذا صار عندك مسجدان يتساويان في الجماعة، لكن أحدهما قديم، والثاني عتيق، فالأفضل العتيق، وهذا باعتبار المكان. وعللوا ذلك بأن الطاعة فيه أسبق فيكون هذا المكان معمورًا بطاعة الله قبل أن يعمر الجديد.
قال: (وأبعد أولى من أقرب) هذا إذا استويا فيما سبق، فالأبعد أولى من الأقرب، يعني إذا كان لك مسجدان أحدهما أبعد من الثاني فالأفضل الأبعد، لماذا؟ لأن كل خطوة تخطوها إلى الصلاة يرفع لك بها درجة، ويحط عنك بها خطيئة، وكلما بعد المكان ازدادت الخطى فيزداد الأجر، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
ولكن في النفس من هذا شيء، والصواب أن يقال: إن الأفضل أن تصلي فيما حولك من المساجد؛ لأن هذا سبب لعمارته، إلا أن يمتاز أحد المساجد بخاصية فيه فيقدم، مثل لو كنت في المدينة، أو كنت في مكة، فإن الأفضل أن تصلي في المسجد الحرام في مكة وفي المسجد النبوي في المدينة أفضل مما حولك، أما إذا لم يكن هناك ميزة والأرض كلها سواء فإن صلاة الإنسان في مسجده أفضل؛ لأنه يحصل به عمارته، ويحصل به التأليف، ويندرئ به ما قد يكون في قلب الإمام إذا لم تصل معه، لاسيما إذا كنت رجلًا لك قيمتك واعتبارك.
وأما الأبعد فإننا نجيب عنه بأن المراد بالحديث في قوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ لَا يَخْطُو خُطْوَةً إِلَّا رَفَعَ اللهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» ، هذا في المسجد الذي ليس هناك أقرب منه، فإنه كلما بعد المسجد وكلفت نفسك أن تذهب إليه مع بعده كان هذا بلا شك أفضل مما لو كان قريبًا؛ لأنه كلما شقت العبادة إذا لم يمكن فعلها بالأسهل فهي أفضل، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة: «إِنَّ أجْرَكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ» .
فالحاصل: أن الأفضل أن تصلي في مسجدك مسجد الحي الذي أنت فيه، سواء كان أكثر جماعة أو أقل؛ لما يترتب على ذلك من المصالح، ثم يليه الأكثر جماعة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ» ، ثم يليه الأبعد، ثم يليه العتيق؛ لأن تفضيل المكان بتقدم الطاعة فيه يحتاج إلى دليل بيّن، وليس هناك دليل بين على هذه المسألة.
يبقى النظر إذا قال قائل: إذا كان المسجد البعيد الذي ليس في حيي إذا كان إمامه أحسن قراءة، ويحصل لي من الخشوع ما لا يحصل لي لو صليت في مسجدي، فهل الأفضل أن أذهب إليه وأدع مسجدي، أو بالعكس؟
الظاهر لي حسب القاعدة: أن الفضل الذي يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل الذي يتعلق بمكانها، ومعلوم أنه إذا كان أخشع فإن الأفضل أن تذهب إليه، خصوصًا إذا كان إمام مسجدك لا يتأنى في الصلاة أو يلحن كثيرًا، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب أن يتحول الإنسان عن مسجده من أجله.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه أو عذره) إذا كان المسجد له إمام راتب، يعني مولى من قبل المسؤولين، أو مولى من قبل أهل الحي جيران المسجد، فإنه أحق الناس بإمامته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ، ومعلوم أن إمام المسجد سلطانه، والنهي هنا للتحريم، فلا يجوز للإنسان أن يؤم في مسجد له إمام راتب إلا بإذن الإمام أو عذره، إذنه إذا وكله توكيلًا خاصًّا أو توكيلًا عامًّا، فالتوكيل الخاص أن يقول: يا فلان صل بالناس، والتوكيل العام أن يقول للجماعة: إذا تأخرت عن موعد الإقامة المعتاد كذا وكذا فصلوا، فإذا أذن سواء كان إذنًا خاصًّا أم عامًّا فإنه يجوز وإلا فلا.
ودليل ذلك؟
طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ».
الشيخ: نعم «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ»، والمعنى أيضًا يقتضي ذلك؛ لأنه لو جاز أن يؤم الإنسان في مسجد له إمام راتب بلا إذنه أو عذره؛ أدى ذلك إلى الفوضى وإلى النزاع، والإمام لا يحب أن أحدًا يتقدم في مكانه وهو الإمام الراتب.
فإذن عندنا دليل وتعليل:
الدليل: الحديث «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ»، والتعليل أنه يؤدي إلى الفوضى والنزاع والعداوة والبغضاء.
وقول المؤلف: (إلا بإذنه أو عذره) الإذن فهمناه، العذر مثل لو علمنا أن إمام المسجد حصل له مثلًا عذر أصيب بحادث مثلًا أو أصابه مرض أو أتاه ضيوف لا يمكنه التعذر منهم أو ما أشبه ذلك، المهم أننا علمنا أن الرجل معذور، فهنا لنا أن نصلي وإن لم يأذن؛ لأن عذره في التخلف عن الحضور أمر معلوم عندنا.
فإن فعل وخالف فهل تصح الصلاة أو لا تصح، يعني لو أن أهل المسجد قدموا شخصًا يصلي بهم بدون إذن ولا عذر وصلى بهم، فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟
في هذا لأهل العلم قولان:
القول الأول: أن الصلاة تصح مع الإثم.
والقول الثاني: أن الصلاة لا تصح أنهم آثمون، ولا تصح صلاتهم، ويجب عليهم أن يعيدوها.
أما دليل الأول فيقولون: إن التحريم -أي تحريم الصلاة بدون إذن الإمام أو عذره- ظاهر من الحديث والتعليل، وأما صحة الصلاة فالأصل الصحة حتى يقوم دليل على الفساد. وتحريم الإمامة في مسجد له إمام راتب بلا إذنه أو عذره لا يستلزم عدم صحة الصلاة؛ لأن هذا التحريم يعود إلى معنًى خارج عن الصلاة، ويش يعود إليه؟ يعود إلى الافتئات على الإمام، والتقدم على حقه، فلا ينبغي أن تبطل به الصلاة؛ لأن الصلاة وقعت في جماعة وعلى الوجه المشروع، فالأصل فيها الصحة، والذي يظهر لي أن الصحة أصح، يعني أن القول بالصحة أصح من القول بالبطلان؛ لأن هذا المعنى يعود إلى أمر خارج عن الصلاة، يعود إلى الافتئات على الإمام الراتب، والتقدم بين يديه، وحينئذ فالأصل الصحة لكن مع التحريم.
قال: (ومن صلى ثم أقيم فرض سن أن يعيدها إلا المغرب) من صلى يعني في جماعة أو في غير جماعة، الكلام عام، من صلى سواء في جماعة أو في غير جماعة ثم حضر مسجدًا أو مصلى وأقيمت الصلاة يقول المؤلف: (سن أن يعيدها إلا المغرب) يعني: فلا تسن إعادتها.
ودليل ذلك: قول النبي عليه الصلاة والسلام: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أُقِيمَتْ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ، وَلَا تَقُلْ: إِنِّي صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي» صل الصلاة لوقتها يعني: إذا أخرت الصلاة فصل الصلاة لوقتها، ثم إن أقيمت فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي.
ودليل آخر: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى صلاةَ الفجرِ ذاتَ يومٍ في مسجدِ الخَيْفِ في مِنًى، فلما انصرفَ مِن صلاتِهِ إذا برَجُلين قد اعتزلا، فلم يصلِّيا، فدعا بهما، فجِيءَ بهما تُرْعَدُ فرائصُهُما هيبةً مِن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟». قالا: يا رسولَ الله، صلَّينا في رِحالِنَا. قال: «إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ؛ فَإِنَّها لَكُمَا نَافِلَةٌ» .
فاستفدنا من هذا الحديث المطول: أن الصلاة الثانية تقع نافلةً، والصلاة الأولى هي الفريضة، وعلى هذا فإذا قدر أن شخصًا صلى في مسجده، ثم جاء إلى مسجد آخر لحضور درس، أو لحاجة من الحوائج، أو لشهود جنازة ووجدهم يصلون، فالأفضل أن يصلي معهم، وتكون صلاته معهم نافلةً، والصلاة الأولى هي الفريضة، ولا تكون الثانية هي الفريضة؛ لأن الأولى سقط بها الفرض، فصارت هي الفريضة، والثانية تكون نافلةً.
ولكن إذا أدرك بعضها، فهل لا بد من إتمامها، أو له أن يسلم مع الإمام؟
نقول: هي نافلة، فإن سلم مع الإمام إذا صلى ركعتين مثلًا، إذا صلى ركعتين مع الإمام فإن سلم معه فلا بأس؛ لأنها نافلة لا يلزمه إتمامها، وإن أتم فهو أفضل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
وقول المؤلف: (إلا المغرب) يعني: فإنه لا تسن إعادتها.
وعللوا ذلك بأن المغرب وتر النهار كما جاء في الحديث، والوتر لا يسن تكراره، فإنه لا وتران في ليلة، أيضًا لا وتران في يوم.
ولكن هذا التعليل فيه شيء؛ لأنه يمكن أن نقول: الفارق بين هذا وبين وتر الليل: أن إعادة هذا الوتر له سبب، وهو إقامة الجماعة الثانية، بخلاف وتر الليل، فإنه لا يعاد، لكن هذا يعاد من أجل السبب الذي حدث، وهو حضور الجماعة، هذا وجه، يعني هذا وجه الفرق بين وتر الليل ووتر النهار.
الشيء الثاني نقول: إن عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ» يشمل المغرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن شيئًا.
وبهذا صار القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يعيد حتى المغرب؛ لأن لها سببًا، وهو إقامة الصلاة مرة ثانية في هذا المسجد.
فإن قال قائل: هل يسن أن يقصد مسجدًا للإعادة، بمعنى أنه إذا صلى في جماعة مبكرة، وهو يعلم أن هناك جماعة متأخرة؛ هل يسن أن يذهب إلى المسجد للإعادة؟
الجواب: لا يسن؛ لأن ذلك ليس من عادة السلف، ولو كان هذا من أمور الخير لكان أول الناس فعلًا له من؟
طلبة: الصحابة.
الشيخ: الصحابة السلف، ولا كانوا يفعلون هذا، لكن إذا كان هناك سبب استوجب أن تحضر إلى المسجد، فإذا حضرت وأقيمت الصلاة فصلى معهم فإنها نافلة.
ونأخذ من هذه الحكم الشرعي: أن للشرع نظرًا في توافق الناس وائتلافهم وعدم تفرقهم؛ لأننا طالبنا هذا أن يعيد الصلاة من أجل أن يكون مع المسلمين، لا يدخل المسجد ويبقى وحده، ويقول: أنا صليت، نقول: صل مع المسلمين، فإن هذا أفضل، حتى يكون مظهر الأمة الإسلامية مظهرًا واحدًا، لا تختلف فيه.
ونخلص من هذا إلى أن ما يفعله بعض الناس في قيام رمضان؛ إذا صلوا عشر ركعات خلف إمام يصلي عشرين ركعة تجدهم يجلسون ويدعون الإمام، حتى إذا شرع في الوتر قاموا فأوتروا معه، فإن هذا عمل خلاف ما دلت عليه السنة، وخلاف ما كان السلف يتحرونه من موافقة الإمام في اجتهاداته.
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وافقوا عثمان في زيادة الصلاة، في نفس ركوعاتها، فكيف بزيادة صلاة مستقلة؟ فالصحابة رضي الله عنهم تابعوا عثمان حينما أتم الصلاة في منى، فإن المعروف من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة أبي بكر، وسنة عمر، وسنة عثمان، ثمانية سنوات أو ست سنوات من خلافته أنهم كانوا يصلون في منى ركعتين، وفي آخر خلافة عثمان صار يصلي أربعا، حتى إن ابن مسعود رضي الله عنه لما بلغه ذلك استرجع، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. فجعل هذا أمرًا عظيمًا، ومع ذلك كانوا يصلون خلفه أربع ركعات مع إنكارهم عليه، كل هذا من أجل درء الخلاف، حتى قيل لابن مسعود: يا أبا عبد الرحمن، كيف تصلي مع عثمان أربع ركعات وأنت تنكر هذا؟ فقال: إن الخلاف شر . وهذا هو الصحيح، هذا هو الذي أمر الله به، {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: ٥٢]، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]، {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩]. الأمة الإسلامية أمة واحدة، وإن اختلفت آراؤها يجب أن يكون مظهرها واحدًا لا تختلف؛ لأن الأمة الإسلامية لها أعداء يعلنون العداوة صراحةً، وهم الكفار الصرحاء، مثل اليهود والنصارى والمجوس والوثنيين والشيوعيين وغيرهم، وأناس أعداء لكنهم يخفون عداوتهم، مثل المنافقين، وما أكثر المنافقين في زماننا، وإن كانوا يتسمَّون باسم غير النفاق، كحزب معين مثلًا، لكنهم منافقون، طوائف تختلف لها أسماء وأشكال لكن المسمى واحد، كلها حرب على الإسلام وعلى أهل الإسلام، لذلك يجب على أهل الإسلام أن يكونوا أمةً واحدة.
ويؤسفنا كثيرًا أن نجد من الأمة الإسلامية المتفتحة من تختلف في أمور يسوغ فيها الخلاف، لكن الخلاف فيها لا يصل إلى اختلاف القلوب، فإن الخلاف فيها موجود في عهد الصحابة، ومع ذلك بقيت قلوبهم متفقة، فالواجب على الشباب خاصة وعلى كل ملتزم الواجب أن يكونوا يدًا واحدة، ومظهرًا واحدًا؛ لأن لهم أعداء يتربصون بهم الدوائر.
ونعلم جميعًا أن التفرق أعظم سلاح يفتت الأمة ويفرق كلمتها، حتى إن من القواعد المشهورة عند الناس: أنك إذا أردت أن تنتصر على أحد فاحرص على التفرقة بينهم؛ لأنهم إذا اختلفوا صاروا سلاحًا لك على أنفسهم، فالواجب أن تكون الأمة كلمتها واحدة وليس أحد بمعصوم، لكن إذا خالفك شخص في الرأي في آية أو حديث مما يسوغ فيه الاجتهاد؛ فالواجب عليك أن تتحمل هذا الخلاف، بل أنا أرى أن الرجل إذا خالفك بمقتضى الدليل عنده لا بمقتضى العناد أرى أنه ينبغي أن تزداد محبةً له؛ لأن الذي يخالفك بمقتضى الدليل لم يصانعك ولم يحابك، صار صريحا مثلما أنك أنت صريح، أما الرجل المعاند فالمعاند معاند ما أراد الحق، لكن الإنسان اللي تعرف أنه لم يحمله على تلك المخالفة إلا الدليل فيجب أن تتمسك به أكثر، وأن تقول: هذا الرجل الصريح الذي لا يصانعني ولا يداريني ولا يماريني هذا هو الحق.
فالحاصل أن نقول: إن الأمة الإسلامية يجب أن تكون واحدة، كلمتها واحدة متفقة، حتى لا تختلف القلوب؛ لأن اختلاف القلوب من أكبر الفشل والضعف والوهن في الأمة الإسلامية. نسأل الله أن يجمع قلوبنا على الحق.
طالب: لو إنسان صلى في مسجده ثم أراد أن يذهب إلى مسجد جماعة أخرى للدرس مثلًا، والجماعة قامت، فهل ينتظر خارج المسجد أو يدخل، أيهما؟
الشيخ: الأولى أن يدخل لا يحرم نفسه.
الطالب: إذا كان بقي قليل؟
الشيخ: إذا كانوا في التشهد لا بأس.
طالب: بعد إعادة صلاة المغرب إتمام الصلاة بركعة رابعة.
الشيخ: لا، ما حاجة؛ لأن هذا إنما كان تبعًا.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بالنسبة (...) يستثنى يا شيخ إذا كان المسجد أبعد (...) ما يشكل (...).
الشيخ: ما يشكل على هذا؛ لأنه مجاور لمسجد الرسول؛ لأن فيه ميزة.
طالب: وإن أرادوا أن يقربوا المسجد لأجل الصلاة.
الشيخ: ما يخالف، لا يدعوا منازلهم، إحنا ما نقول للشخص: انزل قريبًا من المسجد، نقول: كونك تبقى في مكانك يكتب لك الأجر أحسن.
طالب: لو أراد أن يصلي مع الجماعة الثانية قلنا له أن يقطعها..
طالب آخر: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا كان في الحي مسجدان، أحدهما أكثر جماعة، نأمر المسجد الذي فيه أقل جماعة أنهم ينضمون إلى المسجد الذي فيه أكثر جماعة.
الشيخ: لا، ما نأمرهم إلا في حالة نادرة، مثل لو كان المسجد هذا ما فيه إلا أربعة خمسة وذلك فيه كثير، ولا يشق عليهم، أما إذا كان يشق لا.
طالب: طيب يا شيخ الآن إذا كان فيه أربعة أو خمسة أمرناهم (...) إلى المسجد الثاني المسجد هذا يسكر يا شيخ.
الشيخ: لا، ما يسكر، يباع ويحط مسجد آخر.
طالب: يمكن تحويله يا شيخ إلى (...) قرآن وكذا.
الشيخ: ممكن إذا لم يكن هناك مسجد آخر محتاجين له ممكن.
طالب: جزاكم الله خيرًا، ذكرنا أن المغرب وتر النهار يجوز له الإعادة؛ لأن له سببًا، فهم يصلون الآن التراويح يا شيخ، يصلون مع الوتر ثم يأتون يصلون التهجد في آخر الليل، والإمام يصلي الوتر مرة أخرى، هل يعيد لأنه جماعة في المسجد؟
الشيخ: لا بأس، لكن إذا كان يعلم أنه سيأتي في آخر الليل فلا يوتر أول الليل.
الطالب: لكن إذا ما كان يعلم؟
الشيخ: أما إذا كان ما يعلم لكن صادف أنه جاء فنعم يوتر ولا حرج.
طالب: (...) يا شيخ.
الشيخ: إي هذا تابع.
طالب: نحن قلنا في بعض الأفعال التي في صلاة النفل مثلًا قلنا: النظر التلفت في صلاة النفل لا يجوز؛ لأن الإنسان لما أوجبها على نفسه أصبحت واجبة.
الشيخ: من قال هذا؟ أنت قلت أما نحن ما قلنا.
الطالب: يا شيخ صلاة النافلة.
الشيخ: صلاة النافلة نفل، حتى في أثنائها لك أن تتركها.
طالب: لا، قلنا: إذا دخل فيها لا يخل بأركانها.
الشيخ: يعني معناه أنه إما يأتي بها تامة الأركان ولا يتركها.
طالب: يا شيخ، والإنسان إذا صلى مع الإمام الآن ألزم نفسه بها، وألزم نفسه بالإمام، لما دخل فيها أصبح ملزمًا بمتابعة الإمام، لم نقول يا شيخ: يجوز له أن يقطعها؟
الشيخ: يجوز أن يقطعها حتى مع الإمام؛ لأنها نافلة بنص الحديث: «فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».
الطالب: بس مطالب الآن بمتابعة الإمام..
الشيخ: ما يخالف، هو مطالب، لكن كون الرسول يصرح بأنها نافلة حتى مع الإمام قال: «صَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».
الطالب: يكون مخصصًا يا شيخ.
الشيخ: مخصص لكن لو بقيت مثلًا أنت بتصلي مع الإمام هذه النافلة وتركع قبله، تسجد قبله، قلنا: لا، ما دمت مع الإمام فالتزم بالإمام، أما إذا قطعتها كيف.
الطالب: ولا تحسب له شيئًا إذا قطعها..
الشيخ: لا، ما تحسب له شيئًا، إذا قطعها ما تحسب له شيئًا.
الطالب: إذا صلى ركعتين.
الشيخ: لا، تحسب ركعتين.
طالب: إذا دخلت مسجد يا شيخ أصلي جماعة، وأدركت في التشهد الأخير وأنا ما أدري أنه التشهد الأخير، فسلم وأنا أدري فيه مسجد آخر الآن ما أقاموا الفريضة، هل أسلم وألحق بالمسجد..
الشيخ: إذا كان تقطعها وتلحق بالمسجد الثاني، أو تقلبها نفلًا وتكمل ركعتين وتروح المسجد الثاني.
طالب: الأفضل يا شيخ؟
الشيخ: الأفضل إذا كانك تخشى ما تدرك المسجد الثاني من أول الصلاة فاقطعها، وإن كان معك وقت فاجعلها نفلًا وصل ركعتين.
طالب: يقال بأن رجل يا شيخ في هذا المسجد أقام الصلاة أيام المرحوم الريس، فجئت وصليت ثم أعدت الصلاة.
الشيخ: أنا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: لا ما هو صحيح، صليت معه وأتممت صلاتي.
طالب: شيخ، إذا كان إمام المسجد مبتدعًا صاحب موالد وصوفيًّا، ووكّل إنسانًا آخر أنه مثله مبتدع صوفي، أنا كنت ساكنًا في الحي، هل يحق لي إذا غاب الإمام أتقدم أنا بدون الموكل.
الشيخ: لكن ويش معنى صوفي؟
طالب: يعني: مبتدع صاحب بدع.
الشيخ: لكن أحيانًا ترى بعض الناس يظن أنه صوفي وما هو صوفي، بعض الناس إذا شاف واحد عليه أثر العبادة قال: هذا صوفي.
الطالب: لا، إذا كان أفعاله يقر أنه يقول: أنا صوفي ويتبع مثلًا الشخص الفلاني، والشخص الفلاني معروف أنه..
الشيخ: إذا كانت بدعته مكفرة فلا يجوز أن يصلى خلفه، إذا كانت مفسقة جاز أن يصلى خلفه، لكن يجب على المسؤولين أن يزيلوا هذا عن الإمامة.

***

إنما هذه ثلاثة أقوال، ولكن إذا عرفنا الحكمة من النهي أمكننا أن نحدد المراد بالإقامة، الحكمة من النهي هو ألا يتشاغل الإنسان بنافلة يُقِيمها وحدَه إلى جنب فريضة تُقِيمها الجماعة؛ لأنه يكون حينئذ مخالفًا للأمة من وجهين:
الوجه الأول: أنه في نافلة والناس في فريضة.
والثاني: أنه يصلي وحده والناس يُصلُّون جماعةً، فإذا عرفنا الحكمة من النهي أمكننا أن نحدِّد المعنى في قوله: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ» .
فنقول: من المعلوم أن الإنسان لو شَرَع في النافلة بعد أن يبدأ الْمُقِيم في الإقامة، فإنه لن ينتهي منها غالبًا إلا وقد شرع الناس في صلاة الجماعة، وحينئذ لا يجوز أن يبتدئ صلاة نافلة بعد شروع الْمُقِيم في الإقامة؛ لأن العلَّة -أعني علة النهي- موجودة في هذه الصورة، ومن باب أولى ألَّا يشرع في النافلة إذا انتهت الإقامة، أو إذا شرع الإمام في الصلاة.
إذن إذا حَمَلْنَا قوله صلى الله عليه وسلم: «فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ، أي: فلا صلاة تُبْتَدَأُ إلا المكتوبة، قلنا: إنه يتعين أن يكون المراد بالإقامة؟ أجيبوا..
طلبة: الشروع..
الشيخ: الشروع في الإقامة؛ لأن الإنسان إذا ابتدأ النافلة في هذا الوقت سوف يتأخر عن صلاة الجماعة، ولكن قوله صلى الله عليه وسلم: «فَلَا صَلَاةَ»، هل يشمل الابتداء أو حتى الإتمام؟ في ذلك قولان لأهل العلم:
منهم من قال: إنه يشمل الابتداء والإتمام، أي: فلا صلاة ابتداءً، لا يبتدئ صلاة، ولا يُتِمُّ صلاةً هو فيها، حتى إن بعضهم بالَغ فقال: لو لم يَبْقَ عليه إلا التسليمة الثانية وأقام الْمُقِيم فإنها تبطل صلاته؛ لأن التسليمتين ركن من أركان الصلاة، أو واجب، أو سنة، المهم أنها من الصلاة، فإذا أقام -أي إن شرع في الإقامة قبل أن يُسَلِّم- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا صَلَاةَ»، فتبطل، لكن هذه مبالغة عظيمة.
بضدها –أي بضد هذه المبالغة- من قال: إنه يُتِم النافلة ولو فاتته الجماعة، سبحان الله!! بينهما تباعُد عظيم؛ هذا يقول: إذا أقيمت الصلاة ولو لم يبق عليك إلا التسليمة الثانية، بطلت صلاتك، ولا خيار لك فيها، وهذا يقول: ما دمت شرعت في صلاة فأَتِمَّها ولو فاتتك الجماعة.
لكن كل هذه أقوال في الحقيقة لا شك أنها أقوال شادة، إنما قلتها لأجل أن تعلموا كيف يتفرَّق العلماء -رحمهم الله- في المسائل العلمية هذا التفرق العظيم.
لكن نقول: إن قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ»، لا شك أن المراد ابتداؤها، وأنه يحرُم على الإنسان أن يبتدئ نافلةً بعد إقامة الصلاة، بعد انتهائها أو الشروع فيها؟ الشروع فيها؛ لأنه لا يمكن أن يأتي بالصلاة قبل أن يُكَبِّر الإمام وقد شرع المقيم في الإقامة.
فنقول: إذا أُقِيمَت الصلاة حرُم أن يبتدئ نافلة؛ لأن الصلاة لما أُقِيمت صار الوقت لهذه الفريضة، فلا يجوز أن يبتدئ نافلة.
أما إذا كان قد شرع في نافلة فإن المؤلف يقول: (فإن كان في نافلة أتمها إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها).
(إن كان في نافلة) يعني: حين إقامة الصلاة، (أتمها)، ولكن يتمها خفيفةً من أجل المبادرة إلى الدخول في الفريضة.
(إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها)، الفاء هنا للاستئناف، أي: فإنه يقطعها، وبماذا تفوت الجماعة؟
تفوت الجماعة -على كلام المؤلف- بالتسليم قبل أن يُكَبِّر تكبيرة الإحرام، إذا سَلَّم الإمام قبل أن تُكَبِّر تكبيرة الإحرام فاتتك الجماعة، فإن كَبَّرت للإحرام قبل أن يُسَلِّم التسليمة الأولى فقد أدركت الجماعة.
وبناءً على ذلك نقول لهذا الذي شرع في النافلة قبل إقامة الصلاة: استَمِرّ إلا إن خشيت أن يُسَلِّم الإمام قبل أن تُتِمَّ، فحينئذ اقطعها؛ لأنك إذا خشيت أن يُسَلِّم الإمام قبل أن تُتِمّ لزم من ذلك تعارض نفل مع فرض؛ لأن صلاة الجماعة فرض، والنافلة نفل، والفرض مُقَدَّم على النفل، حينئذ اقطعها.
وهذه المسألة قد تكون نادرة إلا في صلاة الصبح مثلًا، إذا كان الإمام يسرع، فهذه وأنت قد شرعت في النافلة قبل أن تُقام الصلاة بجزء يسير، هذه يمكن أن تخشى فوات الجماعة، لكن في الرباعية والثلاثية الغالب أنك ما تخشى فوات الجماعة، وعلى كلام المؤلف نقول: أتم النافلة حتى لو لم تدرك إلا تكبيرة الإحرام قبل التسليمة الأولى.
والذي نرى في هذه المسألة: أنك إن كنت في الركعة الثانية فأَتِمَّها خفيفةً، وإن كنت في الركعة الأولى فاقطعها.
ومستندنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، وهذا الرجل الذي صلى ركعةً قبل أن تُقام الصلاة يكون أدرك الصلاة، صلاته الآن سالمة من المعارِض الذي هو إقامة الصلاة.
فنقول: هذا الرجل أدرك الصلاة الآن، فليتمها خفيفةً، أما إذا كان في الركعة الأولى، ولو في السجدة الثانية من الركعة الأولى، فإنه يقطعها؛ لأنه لم تتم له هذه الصلاة، ولم تخلص له؛ حيث لم يدرك منها ركعة قبل النهي عن الصلاة النافلة، هذا عندي أنه هو الذي تجتمع فيه الأدلة.
يقول المؤلف: (فلا صلاة إلا المكتوبة)، ظاهر كلامه: أنه لا فرق بين أن تقام الصلاة وأنت في المسجد أو في بيتك، وعلى هذا فلو سمعت الإقامة في بيتك، وقلت: سأصلي سنة الفجر؛ لأن الفجر تُطَوَّل فيها القراءة، أصلِّي السنة، وبيتي قريب من المسجد، ويمكنني أن أدرك الركعة الأولى، فإن ذلك لا يجوز؛ لعموم الحديث: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ» ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ» ، «فَامْشُوا» أَمْر.
وبناءً على ذلك نقول: لا فرق بين أن تقام الصلاة وأنت في المسجد، أو وأنت في بيتك، متى سمعت الإقامة وأنت في الركعة الأولى على ما اخترناه من الأقوال فاقطعها واذهب، إن كنت في الثانية فأتِمَّها خفيفةً، هذا أيضًا ما لم تَخْشَ فوات الجماعة؛ لأنك إذا كنت خارج المسجد ربما تخشى فوات الجماعة ولو أنت في الركعة الثانية، فحينئذ اقطعها؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، والنافلة نفل.
وقول المؤلف: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، هذا إذا كنت تريد أن تصلي مع هذا الإمام، أما إذا كنت لا تريد أن تصلي معه فلا حرج عليك أن تتنفل، فلو كان بجوارك مسجدان وسمعت إقامة أحدهما، وأردت أن تأتي بالراتبة لتصلي في المسجد الثاني، فلا حرج عليك.
نخلص من هذا إلى مسألة مهمة، وهي أن الإنسان إذا مر بمسجد جامع يخطب يوم الجمعة، وهو لا يريد الصلاة معه، فهل له أن يتكلم والإمام يخطب، أو ليس له أن يتكلم؟
نقول: له أن يتكلم؛ لأنه لا يريد الائتمام بهذا الإمام، كذلك لو أذَّن الأذان الثاني في هذا المسجد يوم الجمعة، والمسجد الذي تريد أن تصلي فيه لم يؤذِّن، وحصل منك بيع أو شراء بعد نداء الجمعة في المسجد الذي لا تريد أن تصلي فيه، فالبيع والشراء صحيح وحلال.
طالب: بالنسبة للسنة في الفجر إذا الإمام يقرأ سورة يعني لما جيت بدأ الفاتحة وممكن أُسَلِّم الراتبة؟
الشيخ: أبدًا، إذا لم تكن في الركعة الثانية فاقطع؛ في سنة الفجر ولَّا غير سنة الفجر.
طالب: الدليل يا شيخ على تقدير إذا ترى الصلاة مبتدأة.
الشيخ: الدليل هو الذين قالوا: سقطت (...) قالوا: لأن الإقامة إعلام بالقيام للصلاة، فلما كانت إعلامًا بالقيام للصلاة صار هذا الْمُتَنَفِّل كأنه جعل بدل الفريضة تلك النافلة التي أُقِيمت، فكأنه لما كان من المعتاد أن الناس يقومون عند إقامة الصلاة، فهذا قام وأراد أن يصلي نافلة، نقول: ما هذا بوقت النافلة، أُقِيمَت صلاة الفريضة.
أما من كان شارعًا في صلاة النافلة فإنه لم يجعل هذه الإقامة سببًا لصلاته، مع أن ما ذكرنا في التفصيل الذي ذكرنا يزول فيه الإشكال.
طالب: نُقَدِّر: فلا صلاة شرعية، ما لم نقدر: فلا صلاة كاملة.
الشيخ: لا، ما نُقَدِّر، يقال: فلا صلاة شرعية، هذا الصحيح.
طالب: هل له يا شيخ، أن يقول: اللهم صل على محمد، ثم يُسَلِّم ويلحق الإمام في التحيات، يكتفي بأن يقول: اللهم صَلِّ على محمد.
الشيخ: علشان؟
الطالب: ثم يلحق بالإمام.
الشيخ: هو ما قلنا: إذا كان في الركعة الأولى يُبْطِلُها؟ يُبْطِلُها.
الطالب: نعم يا شيخ، لكن إذا كان في الركعة الثانية يقول: اللهم صَلِّ على محمد، ثم يلحق بالإمام قبل أن يَشْرَع بالحمد.
الشيخ: إي، يعني قصدك أنه..
الطالب: يقول اللهم صل على محمد ولا..
الشيخ: ما فيه بأس، لكن الأحسن أنه يُكَمِّل التعوذ؛ لأن القول بوجوب التعَوُّذ قول قوي.
طالب: (...) يكبِّر تكبيرة الإحرام، هل تدرك الجماعة بركعة؟
الشيخ: لا، بيجينا إن شاء الله التفصيل في هذا، ما كَمَّلْنا، الصحيح ما تُدْرَك إلا بركعة.
طالب: شيخ، أحس الله إليك، إذا كان في البيت والإمام يخطب، تأخَّر مثلًا، يُحْرَم عليه أن يتكلم في البيت، أو كان في الطريق إلى المسجد؟
الشيخ: إي نعم، الذي نرى أن الإنسان الْمُتَّجِه إلى مسجد ويسمع الخطيب يخطب أنه يجب عليه الإنصات.
الطالب: وإن كان في البيت؟
الشيخ: ولو كان في البيت، ما دام أنه يريد أن يصلي في هذا المسجد.
طالب: لو دخل قبل الإقامة بفترة وجيزة، أفضل له الشروع في الصلاة ولَّا (...).
الشيخ: إذا كان يرى الإمام مثلًا مُتَهَيِّئ ليقوم..
طالب: يعني مثلًا (...) هل يصلي ولَّا..؟
الشيخ: إي، بس أخشى أن الإمام مثلًا من عادته أنه يصلي مثلًا ركعتين إذا دخل المسجد، لكن إذا علمت أنه متهيئ يقينًا بيصلي.
طالب: يعني إذا تيَقَّن.
الشيخ: إي فالأفضل ألَّا تدخل؛ لأن كونك ما تدخل أحسن من كونك تدخل وتقطعها.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ويتخذ إعادة جماعة راتبة في قومه.
الشيخ: إي، لكن ما هو بمسجد واحد.
الطالب: لكن اتخذها عادة.
الشيخ: إي، ما يخالف، يعني لا بأس أنك تروح مسجدًا ثانيًا تصلي بهم، لكن الكلام إعادة الجماعة في مسجد واحد.
طالب: أحسن الله إليك، قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي تنفل لصلاة الفجر، قولنا: الصبح أربع، والفجر أربع، ما يتعارض مع ما اخترناه من أنه إذا كان في الركعة؟
الشيخ: لا، ما يتعارض؛ لأنه إذا كان قد انتهى من الركعة الأولى صار ثلاث، صار ما صلى بعد الإقامة إلا ثلاثًا، ثم الحديث الذي ذكرت فيه روايتان؛ رواية أن الرجل كَبَّر بعد أن أُقِيمَت الصلاة، أخرجها مسلم، والرواية الثانية أنه كان يصلي.
طالب: قوله صلى الله عليه وسلم (...) مسجد الجماعة، هذا يخص الجماعة؛ لأننا في مسجد (...) ثم يقيم فرضًا حتى لو في مصلانا؟
الشيخ: ما فهمت، مسجد الجماعة هو المسجد الْمُعَدّ للجماعة.
الطالب: لو فيه جماعة في غير مسجد في مصلى، هل تُشْرَع؟
الشيخ: إي نعم، تُشْرَع؟
الطالب: النبي صلى الله عليه وسلم ما خصها في مسجد الجماعة؟
الشيخ: لا، مسجد الجماعة يمكن اللي بيقال هذا على الغالب أو العموم أيضًا؛ لأن مسجد الجماعة الذي تقام فيه الجماعة ولو كان غير راتب.
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ، الاستثناء يا شيخ يعود على الصلاة المقامة أم على (...)؟
الشيخ: إي نعم، يعود على الْمُقامة؛ لأنها هي التي أُقِيمَت لها الصلاة، كما جاء في رواية أحمد.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا رأيت رجلًا شرع في الصلاة مع الإقامة، هل أمنعه من الصلاة؟
الشيخ: لا، انصحه، تمسك يده وتقول: لا تُصَلِّ، ويش لون؟ قل: ترى هذا ما يجوز ولا صلاة لك.
طالب: شيخ، القول بالقطع بالوجوب، يعني مثلًا هو في نهاية الركعة الثانية، وإذا أتمها ستفوته تكبيرة الإحرام، وهو يحب أن يدرك..
الشيخ: في الركعة الثانية هو؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: لا، يُتِمُّها خفيفة، ما يقطعها.
طالب: وإن أحب أن يدرك تكبيرة الإحرام؟
الشيخ: لا، هذا أفضل، إتمامها أفضل من إدراك تكبيرة الإحرام؛ لأنه لو قطعها فَاتَهُ أجر السنة، وتكبيرة الإحرام ما هي بمثل ترك سنة كاملة تروح، على أن بعض العلماء يقول: إن النفل إذا شَرَع فيه وجب، وكلام (...) اللي تكلمنا عليه الآن كله على القول بأن إتمام النفل ليس بواجب، أما إذا قلنا: واجب، فالأمر واضح.
طالب: شيخ، هل تنعقد النافلة هذه؟
الشيخ: لا، يعني بعد الإقامة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ما تنعقد.
الطالب: تكفي عن سنة الفجر يعني؟
الشيخ: أبدًا، ولا تكفي، ما تنعقد، باطلة.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بعض الناس إذا أراد أن يقطع النافلة أُقِيمت الصلاة المكتوبة يُسَلِّم، فهل يُشْرَع السلام؟
الشيخ: لا، لا يُشْرَع السلام، السلام إنما يكون ختام الصلاة، ختامها التسليم.
طالب: جزاك الله خيرًا، الهنود الأحناف هل لهم دليل في سنة الفجر يُصَلُّون حتى لو أُقِيمَت الصلاة؟
الشيخ: إي نعم؛ لأن بعض الصحابة يفعلون هذا، مثل ابن مسعود رضي الله عنه، كان يصلي سنة الفجر ولو بعد الإقامة، لكن أنت تعلم أنه لا حجة لأحد، ولا بقول أحد، مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

***

***

على القول الراجح المسألة لا تحتاج إلى تفصيل ولا إلى تقسيم، المسألة إما أن يكون عالِمًا ذاكرًا.
طلبة: فتبطل الصلاة.
الشيخ: فتبطل الصلاة، وإما أن يكون جاهلًا أو ناسيًا فصلاته صحيحة، لكن إن زال عذره وتمكن من الرجوع ليأتي به بعد الإمام كان ذلك واجبًا عليه، فإن لم يفعل في هذه الحال بطلت صلاته..
طالب: صار عالِمًا.
الشيخ: هو الآن جاهل ناسٍ، لكن ذكر قبل أن يصل الإمام إلى مكانه، أو علم قبل أن يصل إلى مكانه، ولكن تعمَّد أن يبقى، فحينئذ تبطل؛ لأنه ترك الواجب عليه؛ لأن الواجب عليه لما زال عذره أن يرجع من أجل أن يتابع الإمام، فإذا فعل وأصر على أن يبقى وهو عالم ذاكر بطلت صلاته.
هذا الدرس الآن ربما إننا نكتفي بهذا لأجل أن نعرف التفصيل.
التفصيل على ما مشى عليه المؤلف وهو المذهب ينقسم إلى أربعة أقسام:
سبق إلى الركن، سبق بالركوع، بركن غير الركوع، بركنين غير الركوع، السبق إلى الركن ما حكمه؟
طلبة: إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته.
الشيخ: إذا لم يرجع بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا أو جاهلًا فصلاته صحيحة.
السبق بالركوع إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا أو جاهلًا بطلت ركعته، سواء رجع ولَّا ما رجع.
السبق بركن غير الركوع كالسبق إلى الركوع إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا رجع.
طالب: بطلت.
الشيخ: لا، يرجع ليأتي به بعده، فإن لم يفعل بطلت صلاته؛ لأن السبق بركن غير الركوع كالسبق إلى الركوع.
السبق بركنين غير الركوع كالسبق بالركوع، يعني إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا بطلت ركعته فقط.
طالب: الذي تعمد الركوع قبل إمامه حتى لو رجع نقول: تبطل صلاته؟
الشيخ: على القول الصحيح إذا كان عالمًا ذاكرًا حتى لو رجع .
طالب: شيخ، لما رفع رأسه من السجود اعتقد أن إمامه سجد سجود التلاوة، فهو سجد وإمامه في حال الركوع، فرفع إمامه من الركوع وهو ساجد، الآن رفع من السجود وإمامه قد سبقه بالركوع وأتى الركعة الأولى، يدرك هذه الركعة؟
الشيخ: إي يقوم يركع.
طالب: بس ما أدرك الركعة الأولى.
الشيخ: تخلف لعذر، هذا الرجل تخلف عن الركوع لعذر.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، رسالة الصلاة يا شيخ تصح نسبتها إلى الإمام أحمد؟
الشيخ: نعم صحيحة؛ لأن أصحابه تلقوها بالقبول، كلهم ينقلون عنها.
طالب: شيخ، عفا الله عنك، إمام مسجد صلى بالناس في الجمعة سورة السجدة، بعدين جاء عند السجدة وما سجد، ركع، الناس اتلخبطوا، ناس ركعوا معه، وناس وصلوا السجود، فجلس بعض الناس يقولون: سبحان الله، سبحان الله، وترك الركوع وسجد معهم؟
الشيخ: يعني لما ركع وسبَّحُوا به؟
الطالب: فيه ناس ركعوا معه.
الشيخ: طيب، هذا على كل حال يظنون أن هذا هو الواجب عليهم ولَّا لا؟
الطالب: ترك الركوع بعدين وسجد.
الشيخ: تقول: سجدوا معه.
الطالب: إي، سجد الناس.
الشيخ: ما عليه، هذا كله صادر عن جهل لا شك فيكون معفوًّا عنه.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بالنسبة لو جاهل صلى خلف إمام، والإمام أتى عند آية سجدة ولم يسجد وركع، ولكن المأموم الجاهل سجد ولم يرجع إلى الركوع؟
الشيخ: تفوته الركعة.
الطالب: تفوته الركعة، لكن ما أدى الركعة وسلَّم، وبعد ذلك بعد يومين أو..
الشيخ: يعيد الصلاة كلها.
الطالب: وجه استدلالهم في هذه الأقوال؟
الشيخ: وجه الاستدلال لا بد أن نُبَيِّنَه، يقولون: لأن الركوع تُدْرَك به الركعة، السبق بالركوع لأنه لما كان الركوع تدرك به الركعة جُعِل الركن الواحد كالركنين، وأما الركنان إذا سبقه بركنين فقد سبقه بمعظم الركعة، فلا تصح ركعته، لكن كل هذه تعاليل عليلة في الواقع، التعليل السليم هو مخالفة الأمر، ومن المعلوم أن الإنسان إذا سبق إمامه إلى الركن فقد خالف أمر الله ورسوله.
طالب: شيخ، بارك الله فيك، ذكرت القول الراجح أن الإنسان إذا ركع إذا كان عمدًا فإن صلاته تبطل..
الشيخ: نعم.
الطالب: هناك قصة عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه عندما أطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود رفع أحدهم، فرأى أحد الأطفال مُعْتَلٍ النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم.
الطالب: ثم رجع إلى السجود، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؟
الشيخ: إي، هذه إما أن نقول: إن الصحابي يظن أن الرسول قد رفع، أو يظن أن هذا جائز له أن يتثبت الأمر، أما أن يعلم أنه لا يجوز أن يسبق الإمام، ثم هذا الصحابي ما قام أيضًا ليجلس، قام يتثبت، ومن نيته أنه لو رأى الرسول ساجدًا سجد، ولهذا رجع.
الطالب: لو واحد فعل هذه الفعلة صلاته صحيحة؟
الشيخ: لو فعل هذا فصلاته صحيحة، يعني لو قُدِّر إنسان أبطأ الإمام، وظن أن الإمام كَبَّر وهو ما سمع، فرفع رأسه وإذا هو ساجد فسجد ما عليه شيء.
طالب: لا، هو يعرف أن الإمام ساجد، ولكن هو طال سجود الإمام، والناس كلهم ساجدون؟
الشيخ: إي نعم؛ لأنه ربما يظن أن الإمام رفع وكَبَّر، وأنه ما سمعه، ربما يظن هذا.
طالب: لكن اللي بجواره ساجدون كلهم.
الشيخ: من؟
طالب: الجماعة يصلون.
الشيخ: هم أيضًا ما يلحقهم النسيان؟ يلحقهم النسيان.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا كان الإمام مثلًا في السجدة الأولى، ثم كَبَّر ولكن المأمومين لم يسمعوا، فلما كبر..
الشيخ: كَبَّر رافعًا من السجود؟
طالب: كَبَّر رافعًا من السجود، يعني جلس بين السجدتين، فلما كَبَّر لسجود الثانية ظنوا أنه جلس، فقاموا، لما رأوه ساجدًا ما جلسوا سجدوا معه.
الشيخ: سجدوا على طول؟
طالب: إي نعم، فيجب عليهم إعادة هذه الركعة؟
الشيخ: يجب عليهم إعادة الركعة؛ لأنهم تركوا ركنًا.
طالب: شيخ، إذا كان الإمام ضعيف الْهُوِيّ للسجود فكبَّر ساجدًا، خلال يهوي إلى السجود في أواخر الصف عن يمنة أو يسرة سجدوا قبله وهم يعلمون أنه كَبَّر للسجود لكن سجدوا قبله؟
الشيخ: إي إذا كانوا يعلمون أنه ثقيل، وأنه لم يصل إلى حد السجود يجب عليهم أن يتأنَّوْا، وإذا كانوا لا يعلمون فهم معذورن، يصير سبقوا إلى الركن معذورين.
طالب: إذا كانوا يعلمون تبطل صلاتهم؟
الشيخ: إي نعم، إذا كانوا يعلمون تبطل صلاتهم؛ لأن حديث البراء بن عازب يقول: فَإِذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم لم يَحْنِ أحد منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا، ثم نقع سجودًا بعده .
طالب: عفا الله عنك، المريض اللي يحضر الصلاة مع الإمام ومش قادر يتابع الإمام في الركوع والسجود، يحق يصلي في البيت على راحته ولَّا يصلي مع (...)؟
الشيخ: أما إذا كان لا يتمكن من المتابعة فليُصَلِّ في بيته، وإذا كان يتمكن بمشقة محتملة فليُصَلِّ مع الناس.

***

***

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المؤلف: (يسن للإمام التخفيف مع الإتمام)، ما معنى هذه العبارة؟
الطالب: أي: السنة أنه يكون يخفف على الناس على وجه الكمال.
الشيخ: فما هو الضابط في التخفيف؟
الطالب: أنه يكون -كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الجماعة- أنه يراعي ما معناه في الحديث: ذو الحاجة والكبير في السن .
الشيخ: نعم.
طالب: الأصل في التخفيف كما جاءت به السنة، ما ثبت.
الشيخ: ميزان التخفيف ما جاءت به السنة، ولَّا لو نتبع الناس كان ما هناك ضابط. ما هو الدليل أن ميزان التخفيف ما جاءت به السنة؟
الطالب: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي جَمَاعَةٍ فَلْيُخَفِّفْ» .
الشيخ: لا.
الطالب: الدليل؟
الشيخ: إي نعم، الدليل على أن ضابط التخفيف ما جاءت به السُّنَّة؟
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟» .
الشيخ: لا.
طالب: حديث أنس: ما رأيت صلاة قط أتمَّ من صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
الشيخ: إي نعم.
الطالب: كان الرسول يصلي بـ(سبح).
الشيخ: يؤمنا بالصافات.
الطالب: يؤمنا بالصافات.
الشيخ: إذن نقول: الدليل قول أنس: ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل الأفضل تساوي الركعات الأولى والثانية؟
الطالب: الأصل أن تكون الركعة الأولى أطول من الثانية.
الشيخ: أطول من الثانية، الدليل؟
الطالب: الدليل حديث البراء، حديث قتادة.
الشيخ: قتادة؟!
الطالب: نعم، أبي قتادة، حديث أبي قتادة.
الشيخ: أبي قتادة؟
الطالب: نعم، أبي قتادة.
الشيخ: قتادة ولَّا أبي قتادة؟
الطالب: أبي قتادة.
الشيخ: متأكد؟
الطالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الأولى أطول من الثانية، كان يصلي الركعة الأولى أطول من الثانية .
الشيخ: هل يستثنى من هذا شيء؟
طالب: يستثنى من ذلك، استثنى العلماء من ذلك أمرين؛ الأول: (سبح) و(الغاشية)، والفرق بينهما يسير.
الشيخ: لا، ما هو (سبّح) و(الغاشية)، ذكروا ضابطًا.
الطالب: الركعة الثانية في الصلوات الخمس.
الشيخ: هذه واحدة.
الطالب: والثانية قراءة (سبح) و(الغاشية).
طالب: إذا كان الفرق يسيرًا.
الشيخ: إذا كان الفرق يسيرًا، مثل: (سبح) و(الغاشية)، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، والجمعة، والمنافقين، أيها أطول؟
طالب: المنافقون أطول.
الشيخ: إي، المهم إذا كان يسيرًا فلا بأس؛ لأن هذا ما يظهر الفرق.

***

قال المؤلف: (\n ويستحب انتظار داخل إن لم يشق على مأموم) يعني يستحب للإمام أن ينتظر الداخل الذي يدخل معه في الصلاة، بشرط ألا يشق على مأموم، فإن شق على المأموم الذي معه كُرِهَ له ذلك إن لم يَحْرُم، والانتظار يشمل ثلاثة أشياء: انتظار قبل الدخول في الصلاة، انتظار في الركوع -ولا سيما في آخر ركعة- انتظار فيما لا تدرك فيه الركعة، مثل السجود. \n
أما الأول -انتظار الداخل قبل الشروع في الصلاة- فهذا ليس بسنة، بل السنة تقديم الصلاة التي يسن تقديمها، وأما ما يسن تأخيره من الصلوات -وهي العشاء- فهنا يراعي الداخلين؛ \n لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في صلاة العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أخَّروا أخَّر \n .\n
إذن هذا انتظار، لكن الصلاة هنا لا يسن تقديمها؛ ولذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام يستحب أن يؤخر من العشاء، ولكنهم إذا اجتمعوا لا يحب أن يؤخر من أجل أيش؟ ألّا يشق عليهم، أما غيرها من الصلوات فلا يؤخر ولا ينتظر، بل يصلي الصلاة في أول وقتها.\n
واختار بعض أهل العلم، أو ذهب بعض أهل العلم استحسانًا منه إلى أنه إذا كان الرجل ذا شرف وإمامة في الدين أو إمارة في الدنيا فإنه يُستحب انتظاره، مثل أن يكون هناك عالم يصلي في هذا المسجد دائمًا فانتظره الإنسان انتظارًا لا يشق على المأمومين من أجل ما يُرْجى من مصلحة في انتظاره، فهذا لا بأس به.\n
كذلك لو كان هذا المسجد يصلي فيه أمير ولي أمر، وانتظره الإنسان من أجل تأليفه على صلاة الجماعة؛ فإن هذا أيضًا من الأمور المستحبة، هذا استحبه بعض أهل العلم، قال: لما في ذلك من المصلحة؛ لأن ذوي الهيئات والشرف والجاه إذا راعيتهم نلت منهم مقصودًا كبيرًا، وإذا لم تراعهم ربما يفلت الزمام من يدك بالنسبة إليهم، وهذه المسألة في الحقيقة على إطلاقها لا تنبغي؛ لأن دين الله لا يُراعى فيه أحد، ولكن إذا رأى الإنسان مصلحة محققة، وأن في عدم المراعاة مفسدة بحيث إذا لم نراعه لم يتقدم إلى المسجد، أو ربما لم يُصلِّ مع الجماعة وهو شخص يُقتدى به إما في دينه وإما في ولايته، فهنا يترجح أيش؟\n
\n طلبة: انتظاره.\n
\n الشيخ: انتظاره، بشرط ألَّا يشق على الموجودين في المسجد، فإن شق فهم أولى بالمراعاة. \n
الثاني: انتظارٌ في الركوع؛ يعني الإمام راكع فأحس بداخل في المسجد فانتظر قليلًا حتى يدرك هذا الداخل الركعة، فهنا للقول باستحباب الانتظار وجه، لا سيما إذا كانت الركعة هي الأخيرة؛ من أجل أن يدرك الجماعة، لكن بشرط ألا يشق على المأمومين، مثل لو سمع إنسانًا ثقيل المشي لكبر، سمعه دخل من المسجد وباب المسجد بعيد عن الصف، وهذا يستغرق عشر دقائق في الوصول إلى الصف، هل ينتظر عشر دقائق؟\n
\n طالب: لا.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n طلبة: يشق على المأمومين.\n
\n الشيخ: يشق على المأمومين، معلوم، لكن شيء بسيط لا بأس به. \n
فإذا قال قائل: ما هو الدليل على هذه المسألة؟ لأن هذه عبادة؛ تطويل الصلاة وتقصيرها عبادة، فلا بد من دليل على هذا.\n
قلنا: يمكن أن يؤخذ الدليل من كون \n النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمِع بكاء الصبي أوجز في صلاته مخافة أن تَفْتَتِن أمه \n ، فهنا غيَّر هيئة الصلاة من أجل مصلحة شخص؛ حتى لا تفتتن أمه وينشغل قلبها بابنها، فربما يؤخذ من هذا الفعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يسن انتظار الداخل؛ لأننا نحسن إليه، والذين معنا لا يضرهم ذلك، ولا يشق عليهم.\n
كذلك ربما نأخذ أيضًا من أصل آخر وهو إطالة النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الأولى في الصلاة حتى إن الرجل يسمع الإقامة ويذهب إلى رحله ويتوضأ ويرجع، فإن المقصود بهذا أن يدرك الناس الركعة الأولى، وربما يُبنى أيضًا على أصل ثالث؛ وهو إطالة الركعة الثانية في صلاة الخوف من أجل إدراك الطائفة الثانية للصلاة، فهذه الأصول الثلاثة ربما يُبنى عليها القول باستحباب انتظار الداخل في الركوع بشرط ألا يشق على مأموم.\n
القسم الثالث: انتظاره -أي الداخل- في ركن غير الركوع؛ يعني في ركن لا يدرك به الركعة ولا يحسب له، فهذان نوعان:\n
النوع الأول: ما يحصل به فائدة.\n
والنوع الثاني: ما ليس فيه فائدة إلا مجرد أن يشارك الإمام فيما اجتمع معه فيه.\n
مثال الأول: إذا دخل في التشهد الأخير، أحس الإمام -وهو في التشهد الأخير- بداخل في المسجد ولم يبقَ عليه إلا أن يُسلِّم فانتظر، فهنا الانتظار حسن، لماذا؟ لأن فيه فائدة، ما الفائدة؟ الفائدة أنه يُدرك صلاة الجماعة عند بعض أهل العلم، وقد مر علينا أن المؤلف يقول: من كَبَّر قبل سلام إمامه لحق الجماعة، ففيه فائدة لهذا، وأيضًا فيه فائدة -حتى على القول بعدم الإدراك -إدراك الجماعة- لكنهم يقولون: إن إدراك هذا الجزء خير من عدمه؛ فهو مستفيد.\n
النوع الثاني: ما لا يستفيد منه إلا مجرد المتابعة للإمام مثل أن يكون ساجدًا في الركعة الثالثة مثلًا في الرباعية، فأحس بداخل، فهنا نقول: لا يُستحب الانتظار، لماذا؟ لأن المأموم الداخل لا يستفيد بهذا الانتظار شيئًا؛ إذ سيدرك الركعة الأخيرة، وهذا يستلزم -لو قلنا بالانتظار- شيئين: \n
الأول: أنه قد يشق على بعض المأمومين ولو نفسيًّا؛ لأن بعض الناس ما عنده مروءة، ولا يحب الخير للغير، فتجده ساجدًا وذاك ينتظر تجده يحضرم بنفسه، ليش يؤخرنا علشان فلان؟! ولَّا لا؟ هذا يؤثر، مع أن هذا الذي دخل لا يستفيد شيئًا إطلاقًا؛ لذلك نقول: لا تنتظر.\n
الشيء الثاني: مما يستلزمه أنه يُغيِّر هيئة الصلاة؛ لأنه سوف يطيل هذا الركن أكثر مما سبقه، وهذا خلاف هيئة الصلاة؛ لأن هيئة الصلاة أن آخرها يكون أقصر من أولها.\n
إذن فهذه أنواع الانتظارات، بل أقسام الانتظارات، صارت كم؟ ثلاثة أقسام:\n
انتظار قبل الدخول في الصلاة، انتظار فيما تُدرك به الجماعة أو الركعة، انتظار فيما لا تدرك به الجماعة، وهو نوعان: ما فيه فائدة، وما لا فائدة فيه. \n
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا ينتظر الداخل مطلقًا، حتى وإن كان دخوله في الركوع الأخير أو في الركعة الأخيرة الذي يدرك به الجماعة، قال: لأن الصلاة لها هيئة معلومة عند الشرع فلا ينبغي أن تُغَيَّر من أجل مراعاة أحد، ولكن الصحيح ما ذهب إليه المؤلف، وقد ذكرنا لكم أصولًا، كم؟\n
\n طلبة: ثلاثة. \n
\n الشيخ: أصولًا ثلاثة يمكن أن تُبنى عليه هذه المسألة. \n
وفي قول المؤلف (\n إن لم يشق على مأموم)، لهذه المسألة، وهو أنه إذا شق على المأموم فإنه لا ينتظر، ولكن هل نقول: إنه يكون مكروهًا؟ أو يكون ممنوعًا؟ ظاهر السنة أنه يكون ممنوعًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ حينما أطال إطالة غير مشروعة، وهذا الذي انتظر وأطال الانتظار وهو في حال لا يُشرع فيها مثل الذي يطيل القراءة في حال لا تشرع فيها، فنقول: إن هذا حرام عليك.\n
ويُؤخذ من كلام المؤلف -رحمه الله- مراعاة السابق؛ أن السابق أولى بالمراعاة من اللاحق، ولهذا فوَّتنا مصلحة الداخل مراعاةً لمن؟\n
\n طلبة: للسابق.\n
\n الشيخ: للسابق الذي مع الإمام، وهو كذلك. \n

***

***

***

***

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف: (\n ثم الأسن، ثم الأشرف)، المؤلف ننظر إلى ترتيبه: (\n الأقرأ)، (\n الأفقه)، (\n الأسنّ)، كم هذه؟\n
\n طلبة: ثلاث.\n
\n الشيخ: ثلاث، ثم (\n الأشرف) يأتي في المرتبة الرابعة، ولكن ما دل عليه الحديث -حديث ابن مسعود رضي الله عنه- أوْلَى مما قال المؤلف بلا شك، أوْلى لأنه دليل، والثاني أولى؛ لأنه أقوى في التعليل مما قال المؤلف.\n
من (\n الأشرف)؟ الأشرف نسبًا، (\n ثم الأشرف) يعني نسبًا (...) على كلام المؤلف، وفي السن نُقدِّم الأشرف، ما هو الدليل؟ \n
الدليل ما يُذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: \n «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» \n ، ولكن هذا الحديث يُجاب عنه بوجهين، أو بجوابين: الأول: الضعف؛ فإن الحديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حُجَّة، ويقوي ضعفه قوله تعالى: \n {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]، والصلاة عبادة وطاعة، لا يُقدَّم فيها إلا من كان أوْلى بها عند مَنْ؟ عند الله سبحانه وتعالى. \n
ثانيًا: إن صح الحديث فالمراد تقديم قريش في الإمامة العظمى، يعني الخلافة، ولاية الدولة، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أن من شرط الإمام الأعظم أن يكون قرشيًّا، فهذا إن صح الحديث، أما إمامة الصلاة فهي إمامة صُغرى في شيء معين من شرائع الدين فلا تدخل في هذا الحديث، والصحيح إسقاط هذه المرتبة -أعني الأشرفية- وأنه لا تأثير لها في باب إمامة الصلاة. \n
يقول: (\n ثم الأشرف، ثم الأقدم هجرةً)، الأقدم هجرة بعد (\n الأشرف) هذا من الغرائب مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره في المرتبة الثالثة؛ أقرؤهم لكتاب الله، أعلمهم بالسُّنَّة، أقدمهم هجرة، وهذا يدلك على أن الإنسان مهما بلغ في العلم فهو قاصر، الكمال لله وحده عز وجل، فكيف يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأن الأقدم هجرة مقدم حتى على الأسن، ثم يأتي آتٍ من الناس ويقدم الأسن على الأقدم هجرة؟! ولهذا كان تقديم الأسن على الأقدم هجرة كان قولًا ضعيفًا بلا شك، فالواجب اتباع ما دل عليه الدليل، وأن الأقدم هجرة يأتي في المرتبة الثالثة. \n
قال: (\n ثم الأتقى)، الدليل قوله تعالى: \n {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، هذا الدليل، والعجيب أن الدليل لو أخذنا به لكان الأتقى مُقدمًا على كل واحد من هؤلاء؛ لأن \n {أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} عام، \n {أَتْقَاكُمْ}، ولكن هذا الدليل فيه نظر، ما عن الآية، الآية ما فيها نظر، لكن الاستدلال بهذا الدليل على أن الأتقى في هذه المرتبة فيه نظر.\n
بل نقول: إن الأتقى مُقدَّم على من دونه؛ لأنه أقرب إلى إتقان الصلاة من غير الأتقى، ومعلوم أن الأقرب إلى إتقان الصلاة أوْلى بالإمامة؛ لأن الناس سوف يتبعونه، ولأن غير الأتقى ربما يتهاون في مسألة الوضوء، يتهاون في مسألة اجتناب النجاسة، فلذلك كان الأتقى أولى من غيره من هذا المعنى، أو لهذا المعنى، لا من أجل ما استدل به المؤلف من الآية.\n
مَنِ الأتقى؟ الأتقى اسم تفضيل مأخوذ من التقوى، والتقوى اتقاء ما يضر؛ فهي في باب الشرع اتقاء عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، هذه التقوى، وقيل: إن التقوى هو أن تدع الذنوب كلها كما قال الناظم:\n
\n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n \n

خَـــلِّ الـــذُّنُوبَ صَغِيرَهَـــــا	وَكَـــــــــــــــــــبِيرَهَا ذَاكَ التُّـــــــــــقَى
وَاعْــــمَلْ كَـــمَاشٍ فَوْقَ أَرْ	ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَــا يَرَى
لَا تَحْـــــــــــــــــــــــــقِرَنَّ صَـــــــغِيرَةً	إِنَّ الْجِبـَـــالَ مِـــــنَ الْحَـــــصَى

\n
لكن المعنى الذي ذكرناه أعم؛ أنه اتقاء عقاب الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي. المراتب الآن كم كانت؟\n
\n طلبة: خمسة، ستة.\n
\n الشيخ: الأقرأ، الثاني؟\n
\n طلبة: الأفقه.\n
\n الشيخ: الأفقه، الأسن، الأشرف، الأقدم هجرة، الأتقى، ست، لكن الترتيب الصحيح ما دل عليه الحديث الصحيح: الأقرأ، الأعلم بالسنة، الأقدم هجرة، الأقدم إسلامًا، الأكبر سنًّا، أما التقوى فهي صفة -بلا شك- يجب أن تُراعى في كل هؤلاء. \n

***

إن سبق إمامه أو وافقه أو أدركه في بقية التكبيرة فإنها لا تنعقد الصلاة.
إذا سبقه بركن الركوع؟
طالب: على قول.
الشيخ: على المؤلف.
الطالب: على قول المؤلف: إذا سبقه بركن الركوع فإنه يجب عليه.
الشيخ: سبقه يعني؟
الطالب: إن كان عالمًا عامدًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا فإن..
الشيخ: أو ناسيًا.
الطالب: أو ناسيًا فإن الركعة تبطل.
الشيخ: بطلت ركعته فقط، إن سبقه بركن غير الركوع؟
طالب: إن كان عالمًا عامدًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا لا يلزمه شيء.
الشيخ: لا يلزمه شيء، متى يُعَد سابقًا بالركن؟
طالب: يُعَد سابقًا بالركن إذا سبقه في الأفعال.
الشيخ: يا سبحان الله!
الطالب: يسبقه بركن إذا..
الشيخ: متى يُعَد سابقًا بالركن؟
الطالب: إذا أتى المأموم بركن، ثم أتى الإمام به بعده.
طالب آخر: شيخ، إذا ركع ورفع قبل أن..
الشيخ: يعني: إذا انتهى منه يُعَد سابقًا بالركن إذا انتهى منه.
طلبة: (...).
الشيخ: قبل أن يدركه الإمام فيه، بيناها لكم؛ إذا انتهى من الركن قبل أن يدركه الإمام فيه فقد سبقه، أما إن وصل إليه الإمام قبل أن ينتهي منه فهذا يقال: سبقه إلى الركن.
إذا سبقه بركنين غير الركوع؟
طالب: أمثل يعني حكمه ماذا؟
الشيخ: إي، ما حكم صلاته؟ سبق إمامه بركنين غير الركوع.
الطالب: إن كان عامدًا بطلت.
الشيخ: إن كان عالمًا عامدًا ذاكرًا بطلت، وإلا؟
الطالب: وإلا فلا تبطل.
الشيخ: ما يضر شيئًا أبدًا؟
الطالب: (...).
الشيخ: أيش هذا الكلام؟
الطالب: يعني: إن كان عامدًا..
الشيخ: إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، فهمنا هذا؟
الطالب: وإن ناسيًا أو جاهلًا؛ فإن لم يكن الركن الركعة..
الشيخ: أنا أقول لك: سبق إمامه بركنين غير الركوع.
الطالب: على كلام المؤلف: لا تبطل الصلاة.
الشيخ: على كلام المؤلف، نعم.
الطالب: ما تبطل الصلاة.
الشيخ: ما تبطل؟
الطالب: إن كان جاهلًا ناسيًا لا تبطل.
الشيخ: لا إله إلا الله! ويش اللي يبطل؟
الطالب: إن كان عالمًا.
الشيخ: إن كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا؟
الطالب: لا تبطل.
الشيخ: أبدًا؟
الطالب: إي نعم.
طالب آخر: يعني: يرجع ركعة.
الشيخ: تبطل الركعة فقط؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وأيش تقولون؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، إذن نقول: إذا كان عالمًا ذاكرًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا بطلت؟
طلبة: الركعة.
الشيخ: هل يُشترط في السبق بالركنين أن ينتهي منهما قبل أن يصل الإمام إلى الأول منهما أو لا؟
طالب: يعني: إذا اشترط تبطل صلاته إذا انتهى الإمام.
الشيخ: إي، في مسألة البطلان؛ الصلاة أو بطلان الركعة.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: على التفصيل الذي ذكرنا، فاهمين معنى السؤال؟
طلبة: نعم.
طالب: إن كان عالمًا جاهلًا..
الشيخ: لا، ما أبين الحكم. متى يعد سابقًا بالركنين؟ هل يُشترط أن يَسْبِق بالركنين جميعًا قبل أن يصل الإمام إلى الأول منهما، أو إذا سَبَق بركنين ووصل الإمام إلى الأول منهما قبل أن يقوم في الثاني؟
طالب: لا يُعَد سابقًا بالركن إلا إذا سَبَق الإمام بكل الركنين، أو انتهى الإمام من كل الركنين، أما إذا انتهى..
الشيخ: ما هو الإمام هو، المأموم الآن هو السابق.
الطالب: إذا انتهى من الركنين يعتبر سابقًا الإمام بركنين.
الشيخ: وإن انتهى من الركن الأول، فهمت؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ثم شرع بالثاني، ثم فعل الإمام الركن الأول.
الطالب: إي، ما يعتبر، يعتبر سبق الإمام بركن واحد فقط؛ لأنه لم ينته من الركن الثاني.
الشيخ: فهمتم جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: هل توافقونه على ذلك أم لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: هل من معارض؟
طالب: أسبق بركن ووافقه في ركن عام.
الشيخ: يعني لا توافقون؟
طالب: يبدأ بالركن الثاني والإمام بادئ بالركن الأول.
الشيخ: ما وصل للركن الأول.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يعني خالفته؟
الطالب: أن يكون الإمام..
الشيخ: خالفته، هو يقول: لازم يفرغ من الركنين قبل أن يصل الإمام إلى الأول.
الطالب: أن يكون قد بدأ بالركن الثاني والإمام..
الشيخ: ما وصل إلى الثاني.
الطالب: إلى الأول، بادئ بالركن الأول.
الشيخ: إي، إذن ما خالفت الأخ، فاهمين الآن؟ شوف الآن: سجد قبل الإمام ورفع وجلس وسجد، كم سبقه؟
طلبة: بركنين.
الشيخ: بركنين متواليين، الإمام ما زال قائمًا إلى الآن، فسجد المأموم ورفع من السجود وجلس بين السجدتين، ثم سجد والإمام قائم، الآن سبقه؟
طلبة: بركنين.
الشيخ: بركنين متواليين، صح ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: هذا ما فيه إشكال، لكن الصورة الثانية: سجد والإمام قائم ورفع من السجود، ثم سجد الثانية، فسجد الإمام الأولى، هل يُعَد سابقًا بركنين أو لا؟
طلبة: سابق.
الشيخ: نعم، يُعَد سابقًا بركنين.
طالب: ما انتهى من الركنين.
الشيخ: لأنه فرغ من السجود الأول قبل أن يصل إليه الإمام، فإذا قام الإمام وجلس؛ فإن سجد مع المأموم السجدة الثانية فلم يسبقه بركنين، وإن لم يسجد فقد سبقه بركنين، المهم أنه لا يُشترط أن يكون الركنان متواليين، هذا أهم شيء. التخلف؟
طالب: التخلف؛ إن كان تخلف الإمام حتى يفرغ من الركن يتخلص من الركن بطلت صلاته.
الشيخ: ما فيه تفصيل قبل؟
الطالب: إذا كان عامدًا..
الشيخ: إن كان جاهلًا أو ناسيًا؟
الطالب: إن كان جاهلًا أو ناسيًا، انتهى حالتين؛ أن يتخلص الإمام من الركن قبل أن يشرع المأموم فيه، أو يتخلف الإمام بتخلف المأموم تخلفًا بسيطًا.
الشيخ: ما فهمت.
طالب: لها عدة صور؛ يعني أولًا: إذا رجع الإمام؛ يعني: إذا انتهى الإمام من الأركان جميعًا ورجع إلى نفس الركن الذي توافق هو والمأموم فيه تعتبر له ركعة مُلَفقَة.
الشيخ: معناه يلحق إمامه؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إذا تخلف عن إمامه لعذر لحقه ما لم يصل الإمام؟
طلبة: إلى موضعه.
الشيخ: إلى موضعه، فإن وصل إلى موضعه صارت الثانية للإمام هي الأولى له.
الطالب: (...).
الشيخ: تمام ولَّا لا؟ انتهينا من هذا ولَّا لا؟ إذا كان لغير عذر؛ تعمد أن يتخلف فحكم صلاته؟
طالب: نقول: إما أن يكون التخلف عن الركوع أو غير الركوع؛ فإن كان عن الركوع فصلاته باطلة، وإن كان عن غير الركوع فإنه يأتي بما..
الشيخ: فإن كان بركنين؟
الطالب: حكمه حكم..
الشيخ: بطلت صلاته، وإن كان بواحد؟
الطالب: بطلت.
الشيخ: لم تبطل، والقول الصحيح؟
الطالب: تبطل الركعة إذا كان بركن واحد.
طالب: القول الصحيح: تبطل صلاته إن كان عامدًا عالمًا.
الشيخ: كان عامدًا ذاكرًا وتخلف بركن؛ الركوع أو غيره بطلت صلاته، هذا هو الصحيح، كما أن الصحيح في السبق: أنه إذا تعمد سَبْقَ الإمام ولو إلى الركن فصلاته؟
طلبة: باطلة.
الشيخ: باطلة، وإلا فصلاته صحيحة، لكن إن أمكنه أن يرجع قبل أن يصل إلى أن يلحقه الإمام فيه وجب عليه الرجوع.
يقول المؤلف رحمه الله: (إن الأولى بالإمامة الأقرأ العالم فقه صلاته) أخذنا مناقشته أظن.
طلبة: نعم.
الشيخ: ناقشنا فيه، ووصلنا إلى.
طلبة: (أحق إلا من ذي سلطان).
الشيخ: (أحق إلا من ذي سلطان)، وناقشنا فيه أيضًا؟
طلبة: ما ناقشنا.
الشيخ: ما فعلنا.
طالب: (ثم الأشرف).
الشيخ: (ثم الأشرف) قال المؤلف في ترتيب الأولوية في الإمامة: (ثم الأشرف)، فمن هو الأشرف؟
طالب: هو أن يكونوا (...) من قريش.
الشيخ: نعم، يعني: الأشرف نسبًا؛ بأن يكون من قريش، الدليل؟
الطالب: الدليل قال: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ» .
الشيخ: «أَشْرَفُهُمْ».
طالب: استدل بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا، وَلَا تَقَدَّمُوهَا» .
الشيخ: أحسنت، لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا، وَلَا تَقَدَّمُوهَا»، القول الثاني؟
طالب: القول الثاني: أن الأتقى مقدم على اللي اخترناه.
الشيخ: لا.
طالب: القول الثاني: لا يقدم الأتقى.
الشيخ: إي، أنه لا أثر للأشرفية في التقديم للإمامة، إنما في الإمامة العظمى، صح، بماذا نجيب عن الحديث؟
طالب: قيل: إن الحديث ضعيف.
الشيخ: نعم، إما بأنه ضعيف.
الطالب: أو المراد فيه الإمامة العظمى.
الشيخ: الإمامة العظمى، أحسنت.
ما معنى قول المؤلف: (ثم من قرع)؟
طالب: (ثم من قرع) إذا كانوا في جميع الصور متساويَين فإن القرعة (...).
الشيخ: فإنه يُقَدم؟
الطالب: إذا كانوا يعني..
الشيخ: إذا كانوا متساويين فيما سبق.
الطالب: (...) تستعمل القرعة.
الشيخ: إي، فيُقدم؟
الطالب: يُقدم من تطلع عليه القرعة.
الشيخ: من غلب في القرعة؟
الطالب: تقدم (...).
الشيخ: هل للقرعة كيفية معينة؟
طالب: لا، ليس لها.
الشيخ: ليس لها صفة معينة؛ يعني: أي صفة اتفقوا عليها في القرعة فهي ماضية.
ما هو الدليل على أن صاحب البيت أحق بالإمامة من غيره؟
طالب: قول الرسول عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: صلى وسلم عليه.
طالب: اللهم صل وسلم عليه: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ، فصاحب البيت سلطان في بيته.
الشيخ: أحسنت، تمام.
يقول المؤلف رحمه الله: (إلا من ذي سلطان) معناها؟
طالب: (إلا من ذي سلطان) أي: أن يكون الإمام.
الشيخ: لا، ما معناها؟ إمام ساكن البيت، وإمام المسجد أحق إلا من ذي سلطان.
الطالب: ذو السلطان اللي يكون فوق صاحب الملك، كأن يكون مالكًا ويكون فوقه.
الشيخ: يعني الإمام الأعظم.
الطالب: الإمام الأعظم.
الشيخ: تمام، العلة؟ أو الدليل والتعليل؟
الطالب: الدليل على أنه يكون..
الشيخ: أن السلطان أولى من صاحب البيت وإمام المسجد.
الطالب: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ»، والإمام الأعظم يعتبر هذا في سلطانه؛ من ملكه.
الشيخ: نعم.
الطالب: والتعليل (...) التعليل ولَّا؟
الشيخ: إي (...) تعليل.
الطالب: أنه لو تقدم أحد عليه لكان فيه نظر؛ يعني: كأنه تنزيل نقص من مرتبته أو..
طالب: أن هذه من ولاية السلطان الأعظم، ويستطيع السلطان الأعظم أن يغير هذا الإمام وأن يضع إمامًا آخر.
الشيخ: نعم، أن إمام المسجد بالحقيقة تحت ولاية؟
طلبة: السلطان.
الشيخ: السلطان، فلذلك كان أَوْلى منه.
يقول المؤلف رحمه الله: (وحر وحاضر ومقيم وبصير ومختون، ومن له ثياب أولى من ضدهم)، كم هذه؟
طلبة: خمسة.
الشيخ: أو ستة.
طلبة: ستة.
الشيخ: ستة؛ (حر) أَوْلى من ضده، وضده العبد؛ الرقيق الذي يباع ويشترى، وإنما كان الحر أولى من العبد؛ لأن الحر غالبًا أعلم بالأحكام من العبد؛ ولأن العبد مملوك فلا يُؤْمَن أن يطلبه سيده في أي ساعة من ليل أو نهار، بخلاف الحر؛ ولأنه إنْ كان العبدُ عبدَه فمرتبتُه أعلى من مرتبة العبد، وهو سيدُه، فلا ينبغي أن يكون مأمومًا له وذلك أرفعُ منه.
(وحاضر) الحاضر: ضد المسافر، فالحاضر الذي في البلد أولى من المسافر؛ يعني: مع التساوي فيما سبق، فلو اتفق اثنان فيما سبق الأقرأ واللي عنده السنة وغير ذلك وأحدهما حاضر والثاني مسافر، فالأَوْلى؟
طالب: الحاضر.
الشيخ: الحاضر أولى، وجه ذلك: أنه لو أم المسافر الحاضر لسلم به من ركعتين، فصار الحاضر مدركًا لأيش؟
طلبة: لنصف الصلاة.
الشيخ: لنصف الصلاة، إدراكًا فعليًّا وإن كان الأجر واحدًا، لكن فعليًّا لم يُدْرِك إلا بعض الصلاة، وإذا كان بالعكس؛ أدرك جميع الصلاة، لكن هذا لاحظوا أنه مع ما سبق.
(مقيم) المقيم أولى من السائر، كيف المقيم أولى من السائر، أيش معناه؟ يعني مثلًا: إنسان في هذا البلد مقيم لحاجة، فمر بالبلد إنسان مسافر عابرًا، نقول: إن المقيم أولى منك؛ لأن المقيم -على كلام على المشهور من المذهب- إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام لزمه؟
طلبة: الإتمام.
الشيخ: أن يتم، فصار بذلك أولى من المسافر الذي لا يتم، ويحتمل أن يكون مراد بالحاضر في قول المؤلف: (وحاضر) المراد به الذي يسكن الحاضرة، ويكون ضده؟
طلبة: البدوي.
الشيخ: ضده البدوي، وإذا كان الأمر كذلك فالتعليل ظاهر؛ لأن البدو غالبًا يكونون جُفاة جُهالًا، كما قال الله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧]، وبناء على هذا يكون قوله: (مقيم) ضد.
طلبة: المسافر.
الشيخ: المسافر.
(وبصير) بصير أولى من الأعمى؛ لأن البصيرَ يتحرزُ من النجاساتِ وغيرِها أكثر من الأعمى؛ ولأن البصيرَ يُدرك استقبالَ القِبلة أكثر مِن الأعمى، وبعض العُمْي لو عدلته إلى القبلة وسجد فقام وجدته؟
طلبة: منحرفًا.
الشيخ: منحرفًا، بخلاف المبصر فإنه يكون مدركًا للقبلة أكثر من غيره، وأيضًا المبصر لو أن بعض أعضائه في الوضوء لم يُصِبْه الماء لكان يعلم به بخلاف؟
طلبة: الأعمى.
الشيخ: الأعمى، فالمهم أن البصير أولى من الأعمى للأسباب المذكورة، وذلك بعد اتفاقهما فيما سبق.
(ومختون) المختون: هو مقطوع القُلْفَة؛ لأن الإنسان إذا خُلِق فإنه يكون على رأس ذَكَرِهِ قُلْفَةٌ؛ يعني: جِلدة تُغطي الحَشَفَةَ، هذه الجِلدة تجب إزالتُها بالنسبة للذكور دون الإناث؛ يعني أقصد أن الختان واجب على الذكور دون الإناث؛ لأنها لو بقيت لاحتقنَ فيها البولُ وصارت سببًا لتنجسه، وربما يتولد فيها جراثيم بين جِلدةِ القُلْفَةِ والحَشَفَةِ فيتأثر، فإذن المختون أَوْلى من غير المختون.
ومَن له ثياب أَوْلى من ضده؛ مَن له ثياب أَوْلى ممن ليس له ثياب، هذا هو المتبادر من كلام المؤلف، ولكن هذا غير مرادٍ؛ لأن مَن لا ثياب له أصلًا لا تصح إمامته على المذهب، فلا نقول: إنه أَوْلى فقط، بل نقول: إن مَنْ له ثياب يجب أن يكون هو الإمام، هذا إذا قلنا: إن المراد بضد من ليس معه ثياب أصلًا، لكن هذا ليس مراد المؤلف مراد المؤلف: من له ثياب كاملة في الستر فهو أَوْلى من غيره، مثاله: شخص عليه إزار فقط، وآخر عليه إزار ورداء، كل منهما صلاته صحيحة، لكن الثاني أكمل سَتْرًا من الأول، فيكون هو أَوْلى؟
طلبة: بالإمامة.
الشيخ: بالإمامة، وفُهِمَ مِن قول المؤلف: (أولى من ضدهم) أن هؤلاء المذكورين الستة تصح إمامتُهم؛ لأن (الأولى) تدل على الاختيار، وعلى هذا فيصِح أن يؤم العبدُ حُرًّا، أو لا؟
طلبة: (...).
الشيخ: يصح أن يؤم العبدُ حُرًّا؛ لأن المؤلف رحمه الله يقول: (أولى من ضدهم)، لو كان العبد عبده فهل يصح أن يكون إمامًا له؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، يصح، لكن الأَوْلى الحر، كذلك أيضًا المقيم وضده المسافر، لو صَلى المسافرُ بالمقيم فهل تصح صلاته؟
طلبة: نعم.
الشيخ: حتى من كلام المؤلف؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: لأن المؤلف يقول؟
طلبة: أَوْلى.
الشيخ: (أَوْلى)،
والثالث: (البصير).
طلبة: قبله الحَاضِر؛ بدوي بحاضرٍ.
الشيخ: (وحاضر) الحاضر، لو صَلى بدوي بحاضرٍ؟
طلبة: صحت صلاته.
الشيخ: صحت صلاته، لكن خلاف الأَوْلى، ولو صَلى أعمى ببصير؟
طلبة: صحت صلاته.
الشيخ: صحت صلاته، لكن الأَوْلى عكس.
يقول: (ومختون) لو صَلى أقلف بمختونٍ فصلاتُه؟
طلبة: صحيحةٌ.
الشيخ: صحيحةٌ، لكن الأَوْلى العكس.
(ومن له ثياب) لو صَلى مَن له ثياب قليلة بمَن له ثيابٌ كثيرة؟
طلبة: صحت الصلاة.
الشيخ: فهذا صحيح، ولكن الأَوْلى عكسه.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (ولا تصح الصلاة خلف فاسق ككافر) الفاسق في اللغة: الخارج، مأخوذ من قولهم: فَسَقَتِ الثمرةُ عن قشرها؛ أي؟
طلبة: خرجت.
الشيخ: خرجت، في الاصطلاح: مَن خرج عن طاعة الله بفعل كبيرة أو إصرار على صغيرة، هذ الفاسق، ويُطلق الفاسق على الكافر، كما في قوله تعالى: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: ٢٥]، وكما في قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: ٥٠].
طلبة: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}.
الشيخ: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}، وكما في قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ} [السجدة: ٢٠]، لكن عند الفقهاء وفي الاصطلاح: أن الفاسق مَن خرجَ عن طاعة الله بفعل كبيرةٍ أو إصرار على؟
طلبة: صغيرة.
الشيخ: صغيرة.
يقول رحمه الله: (لا تصح خلف فاسق) وظاهر كلام المؤلف: أنها لا تصح خلفَ الفاسق، سواءٌ كان بمثلِهِ أو بغيرِ مثله؛ لأنه أطلقَ: (خلف فاسق)، وعلى هذا فلو اجتمع شخصان يغتابان الناس وحضرت الصلاة فإنه لا يُصلي أحدُهما بالآخر؛ لأنه إن صَلى زيدٌ بعَمرٍو؟
طلبة: بطلت.
الشيخ: بطلت، وإن صَلى عَمرٌو بزيدٍ بطلت؟
طلبة: بطلت.
الشيخ: بطلت، إذن لا فائدة من أن يصليا جماعة، ماذا يصنعان؟
طلبة: (...).
الشيخ: يصليان فُرادى، ولو اجتمع شخصان كلاهما يشربُ الدخان لم يُصل أحدُهما بالآخر، لأيش؟
طلبة: فُساق.
الشيخ: لأن كل واحد منهما فاسق، ولو اجتمع شخصان حالقان لحيَتيْهِما لم يصل أحدُهما بالآخر، لأيش؟
طلبة: فساق.
الشيخ: لأنهما فاسقان، ولا يصح أن يكون الفاسقُ إمامًا، ولو طُبق هذا القولِ.
طلبة: (...).
الشيخ: لفاتَ كثيرًا من الناس أن يصلوا؟
طلبة: جماعة.
الشيخ: جماعة؛ ولهذا كان القول الثاني الصحيح الذي لا شك فيه: أن الصلاةَ تصح خلف الفاسق ولو كان ظاهر الفسق؛ وذلك لدليلين: أثري ونظري.
أما الأثري: فعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» ، وخصوص قوله في أئمة الجور الذين يُصلون الصلاةَ لغيرِ وقتها، قال: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» ، وقوله: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» ، هذان دليلان.
الثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم -ومنهم ابن عمر- كانوا يُصلون خلف الحجاجِ ، وابن عمر رضي الله عنه من أشد الناس تحريًا لاتباع السنةِ واحتياطًا لها، والحجاجُ معروفٌ من أفسق عباد الله، ومع ذلك يصلون خلفه، فالصحيح أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة؛ للدليل الأثري.
أما الدليلُ النظري: فنقول: كل مَن صحت صلاتُهُ صحت إمامتُه، ولا دليل على التفريق بين صحة الصلاة وصحة الإمامة، فما دام هذا رجلًا يصلي بالناس كيف لا أصلي وراءه؟ لأنه يفعلُ معصيةً، معصيتُه على نفسِه، نعم لو فعل معصيةً تتعلق بالصلاة بأن كان هذا الإمام إذا دخل يصلي قام يكلم بالتليفون، هل تصح الصلاةُ خلفَه؟
طلبة: ما تصح.
الشيخ: لأيش؟
طلبة: لأن صلاته ما تصح.
الشيخ: لأن صلاته ما تصح، لأنه فعل مُحَرمًا في الصلاة، لو كان يصلي وهو لا يستنجي أيضًا لا تصح صلاته؛ لأن هذه معصية تتعلق بأيش؟
طلبة: بالصلاة.
الشيخ: بالصلاة، أما إذا كانت المعصية خارجية فهي عليه، ما علي منه، إذا كان يشرب الدخان على هذا القول؟
طلبة: ما تصح.
الشيخ: على قولنا نحن الذي صححنا؟
طلبة: تصح الصلاة.
الشيخ: إلا إن شرب الدخان في الصلاة فلا تصح؛ لأن صلاته حينئذٍ تبطل، وهذا القول لا يسع الناس اليوم إلا هو؛ لأننا لو ذهبنا نُطَبق هذا القول على الناس ما وجدنا إمامًا يصلح للإمامة، أين السالم من الغيبة؟ أندر من الكبريت الأحمر، نادر، أين السالم من عدم أداء الوظيفة؟ نادر، أين السالم من الكذب؟ نادر، إذن فالقول الذي لا يسع الناس العمل بغيره هو القول الصحيح الذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله وغيره؛ وهو أن إمامة الفاسق صحيحة حتى بالعدل، وبمثله؟
طلبة: من باب أَوْلى.
الشيخ: من باب أَوْلى، وبمثله من باب أَوْلى، أما كلام المؤلف فيقول: إنها لا تصح خلف الفاسق.
طالب: شيخ، ذكرنا العبد أَوْلى بالإمامة من الحر؛ لأنه غالبًا أفقه منه في الدين؟
الشيخ: بالعكس، قلنا: الحر أَوْلى بالإمامة من العبد.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: أَوْلى منه الحر، مع أنه ثبت أن الكثير من التابعين موالي التابعين أهل العلم.
الشيخ: صحيح.
الطالب: كيف يكون التابعين هذا؟
الشيخ: أولًا: الموالي ليسوا عبيدًا؛ لأنه إذا عتق صار حرًّا، والشيء الثاني نحن قلنا: الغالب ليس أمرًا دائمًا.
طالب: شيخ، الأقلف إذا تأكدنا من وجود النجاسة، هل تصح صلاته؟
الشيخ: إي نعم؛ لأنها لم تخرج إلى الخارج.
الطالب: نأمر بإزالتها؟
الشيخ: إي، لا، ما هو إزالتها، مثل غيره، نقول: هذا يؤثر بالصلاة فلا تصح صلاته أصلًا.
طالب: شيخنا، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي في مكة وهو مسافر ويقول لأهل مكة: أتموا ، كيف المؤلف هنا رجح أن يكون المقيم أَوْلَى؟
الشيخ: هذا مع التساوي، ومن المعلوم أنه لا يساوي النبي صلى الله عليه أحد، أو لا؟ فلو جاء إنسان عالم ودخل وأردنا أن يصلي وهو مسافر فهو أَوْلى، إذا لم تأت الأولوية الأولى: الأقرأ، والعالم فقه صلاته، وما أشبه ذلك.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، على القول الصحيح إذا اجتمع فاسقان وكان أحدهما أشد فسقًا من الآخر، هل ننظر بهذا الاعتبار ولَّا؟
الشيخ: لا، ننظر.
الطالب: كحالق اللحية وشارب دخان.
الشيخ: إي، لا، نقدم أخفهما إثمًا، مثل حلق اللحية وشرب الدخان أيهما أعظم؟
طلبة: حالق اللحية.
الشيخ: حالق اللحية أعظم؛ ولهذا نقول: إننا نقدم شارب الدخان على حالق اللحية، وهذا الحديث لو حدثت به عاميًّا لضغط على رأسه حتى كاد ينفجر، لأيش؟
طالب: لأنهم كلهم يشربون.
الشيخ: لا؛ لأن عنده أن شرب الدخان أعظم من حلق اللحية، وكان الناس فيما سبق من الزمان يكفرونه، إذا رأوه يشرب الدخان قال: هذا كويفر، بس ما أدري لأيش ما يقول: كافر بالتكبير، يقول: هذا كويفر.
طالب: كفر دون كفر.
الشيخ: الله أعلم، على كل حال العامة يظنون أن شرب الدخان أعظم من حلق اللحية وهو بالعكس، حلق اللحية أعظم إثمًا؛ لأن حالق اللحية -والعياذ بالله- يصو؛ يعني: يصرح ويُعلن المعصية للرسول عليه الصلاة والسلام، كأنه بفعله يقول لكل من قابله: اشْهَد علي بأنني عاصٍ، هذي لسان حاله، كل يعلم أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَعْفُوا اللِّحَى» ، «أَرْخُوا اللِّحَى» ، «وَفِّرُوا اللِّحَى» ، وأين التوفير؟ وأين الإعفاء؟ وأين الإرخاء؟ هذه معصية.
طالب: شيخ، إذا كان الفاسق مبتدعًا يعني؟
الشيخ: إي نعم، نفس الشيء، إذا كان الفاسق مبتدعًا فهو كالفاسق في الأفعال.
الطالب: حتى ولو كانت بدعته مكفرة؟
الشيخ: لا، كيف تقول أنت: فاسق الذي بدعته مكفرة، يكون كافرًا، وسيأتي بكلام المؤلف.
طالب: شيخ، بالنسبة إذا الإمام يكون نراه جالس في المسجد وهو يأكل بصل مثلًا هل (...)؟
الشيخ: وأيش تقولون يا جماعة؟
طلبة: ما يدخل المسجد.
الشيخ: إي، ما يدخل المسجد، يقول: شارب الدخان كآكل البصل.
طالب: إي نعم.
الشيخ: كيف نجعله يصلي إمامًا بحالق اللحية؟
الطالب: (...).
الشيخ: نقول: هذا إذا كان في غير المسجد، شارب الدخان إذا كان له رائحة كريهة لا يدخل المسجد أصلًا.
الطالب: (...) رأيناه (...).
الشيخ: كل من له رائحة كريهة تؤذي فإنه لا يدخل المسجد، حتى إن العلماء قالوا: من به بخر بغير اختياره، بخر يعني: رائحة كريهة تخرج من معدته وتكون في فمه، إذا كلمك تحس بالروائح الكريهة تخرج من كلامه، يقول: هذا لا يدخل المسجد.
طالب: كصاحب (...).
الشيخ: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تعليل منع الآكل البصل من المسجد قال: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» .
طالب: شيخ، على المذهب أنه يُقدم المختون على الأقلف غير المختون، وإذا صلى الأقلف صحت صلاته، لكن سبق معنا في باب النجاسات أنه إذا حَمَل نجاسة أو لاقاها بثوبه أو بدنه فسدت صلاته؟
الشيخ: الأقلف؛ لأنه لم يخرج من معدنه، لم يخرج البول، والشيء إذا لم يخرج فهو طاهر، لا حكم له؛ ولهذا لو حمل صبيًّا كل بطنه عَذِرَة صحت الصلاة.

***

***

فيه قول آخر؟
الطالب: إي نعم، ما اخترناه هو الصحيح؛ أن صلاة الصبي تصح.
الشيخ: إمامة الصبي البالغ صحيحة.
الطالب: نعم، تصح؛ دليل ذلك ما رواه البخاري أن عمرو بن سلمة الجَرمي أنه كان يؤم أصحابه وهو ابن ست أو سبع سنين، وكان..
الشيخ: أنه أمَّ أصحابه وله ست؟
الطالب: أو سبع سنين.
الشيخ: أو سبع سنين، هذا دليل، ما فيه دليل عام؟
الطالب: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لِيَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» ، وهذا داخل فيه.
الشيخ: وهذا داخل، كيف نجيب عن دليلهم؟
الطالب: نقول: إن حديثهم ضعيف لا تقوم به الحجة، لا يصلح للاحتجاج.
الشيخ: نقول: هذا الحديث: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ» حديث ضعيف لا تقوم به الحجة.
الطالب: وكذلك أيضًا نَرُدُّ عليهم بحديث: «فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» ، وهذا أكثر قرآنًا.
الشيخ: إي، «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»، كيف نجيب عن التعليل؟
الطالب: تعليلهم؟ أي تعليل؟!
الشيخ: الذي قالوا: إن صلاة الفريضة لا تكون خلف النافلة، إنها أعلى.
طالب: نقول: إن هذا الحديث في مقابل النص، فهو حديث عامُّ مرسل، فلا اعتبار (...).
الشيخ: تمام.
طالب: شيخ، (...) النفل وما ثبت في النفل ثبت في الفرض.
الشيخ: لا، لا نقول..
طالب: (...) حديث معاذ أنه كان يصلي النافلة بقوم.
الشيخ: دليل؟
الطالب: أن يُصَلِّي (...) صلاة العشاء نافلة وهم يصلون وراءه فرضًا صح هذا.
الشيخ: أن معاذًا كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ويصلي بقومه تلك الصلاة وهي نافلة.
لو قال قائل: لا يصح الاستدلال بالحديثين؛ لأننا لا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك.
طالب: نقول: إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم بذلك فلا إشكال فيه، وإن لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك فإن الله عز وجل قد علم بذلك.
الشيخ: وإن لم يثبت؟
الطالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك.
الشيخ: (...) يعني: ثبت أنه علم.
الطالب: يعني: نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك، فنقول: إن الله عز وجل قد علم بذلك.
الشيخ: يعني: إذا قدَّرْنا أنه لم يعلم بذلك فإن الله قد علم به، ولو كان هذا لا يُرْضِي الله؟
طالب: لأنزل الله عز وجل الوحي ببطلانه.
الشيخ: نعم، دليلك على هذا.
الطالب: الدليل من قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: ١٠٨] فالله عز وجل..
الشيخ: {إِذْ} كمِّل.
الطالب: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ}.
الشيخ: {وَهُوَ مَعَهُمْ}.
طالب: {وَهُوَ مَعَهُمْ}.
الشيخ: كمِّل؛ ليتم الاستدلال.
طالب آخر: عَلِمَ الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة معاذ ووبَّخَه على ذلك.
الشيخ: هذا حديث معاذ. حديث عمرو بن سلمة؟ تعليل الأخ صحيح، لكن بس نريد الاستدلال من القرآن.
طالب: قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨].
الشيخ: فلما بَيَّتُوا ما لا يرضاه من القول فضحهم، ولو كان فعل عمرو بن سلمة لا يرضاه الله لبينه.
طالب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن صلى بمسافر في الحضر، صلى ركعتين فأتموا بعده.
الشيخ: لا، لعلك تريد صلاة الخوف، كان يصلي بهم جماعة في بعض صفاتها يصلي بقوم الصلاة كاملة، ثم يصلي بالآخرين الصلاة كاملة.
طالب: دليل آخر؛ قول الصحابة: كنا نعزل والقرآن ينزل.
الشيخ: هذا دليل على الاستدلال بإقرار الله.
المهم أن القول الراجح أن الصبيَّ يصحُّ أن يكون إمامًا للبالغين، هذا هو القول الراجح، ومَنْ أنكر ذلك فليس عنده دليل.

***

***

\n طالب: أحسن الله إليكم، إذا صليت وراء إمام قاعد وقد فاتتني بعض الصلاة، فهل أقضيها قاعدًا أم قائمًا؟
الشيخ: لا، إذا قضيتها تصليها قائمًا.
الطالب: قائمًا؟
الشيخ: نعم؛ يعني: لو صلى أول صلاته خلف إمام قاعد أتمها قائمًا؛ لأنه ليس فيه مخالفة للإمام الآن.\n
\n طالب: شيخ، لو قال قائل: إن بعض النصوص المطلقة قد تقيدها اللغة فمثلًا الخف مثلًا المخرق يطلق عليه خفًّا لكن لا يطلق عليه أنه خُفٌّ بالكلية؛ أنه مُخْفٍ لبعض الأجزاء، لكن بعض الأجزاء ما اختفى.
الشيخ: لكن مَنْ يقول: إن الخُفَّ لغة لا يطلق إلا على ما ستر القدم؟
الطالب: (...) الأخ الواجب.
الشيخ: لا، ما هو (...) الواجب؛ ولهذا ذهب الكثير من العلماء الذين يقولون بأنه لا يجوز المسح على المخَرَّق أنه لو لبس شيئًا يَصِف البشرة كالزجاج، وكالبارَّة في الوقت الحاضر فإنه يمسح عليها، ما هو العلة الستر.
الطالب: يعني: الخُفُّ الجزئي له حكم الخف الكلي؟
الشيخ: إي نعم، ما دام إنه تنتفع به القدم ويمكن فيه المشي.
\n طالب: شيخ، لو أن امرأة تقرأ ومرت بآية سجدة وعندها رجل فسجد، هل يتبع الاقتداء بالمرأة؟
الشيخ: ويش تقولون؟ رجل يستمع لقراءة امرأة فمرت بسجدة فسجدت هل يَأْتَمُّ بها؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا، المرأة لا يمكن أن تكون إمامًا للرجل، ولو كان هي القارئة.
\n الطالب: إذا صلى الإمام مضطجعًا، لماذا لا نقول: إنهم يصلون قيامًا؟
الشيخ: لأن العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القيام من أجلها موجودة، وهي أنهم يقومون عليه كما تقوم الأعاجم على ملوكها.\n
\n طالب: الأخرس فيه أنه (...) بالمقصود بالصلاة الجهرية، وفيه أنه يُغَيِّر هيئة الصلاة.
الشيخ: أما الصلاة الجهرية فأنت تعلم أن الجهر والسر سنة وليس بواجب.
الطالب: لكن يُغَيِّر الهيئة؟
الشيخ: كيف الهيئة؟
الطالب: الهيئة في الجهرية؛ يعني: لو دخل على ناس (...).
الشيخ: هو أصله لو سكت حتى (...) وقرأ سرًّا فلا بأس.\n
لماذا اشترطوا أن يرجى زوال علته؟\n
\n طالب: اشترطوا لإرجاء زوال علته حتى إذا أتى يوم صلى بهم قيامًا وكان يساويهم في القيام، يعني: ما كان الإمام من أدنى إلى الأعلى.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: عللوا بهذا أنه لو كان لا يرجى زوال علته تكون صلاتهم طول حياتهم خلف هذا الإمام قعودًا.\n
\n الشيخ: نعم، عرفتم؟ قالوا: يلزم أن تبقى صلاتهم خلف هذا الإمام قعودًا.\n
ما تقول في هذا التعليل؟\n
\n الطالب: إن هذا التعليل مردود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بالجلوس إذا صلى الإمام جالسًا.\n
\n الشيخ: ولَمْ؟\n
\n الطالب: ولم يقل: إن كان مرجوًّا زوال علته..\n
\n الشيخ: يعني: لم يُفَصِّل، ثم إنه ربما يصلي بهم فرضًا واحدًا ثم يموت أو ينتقل.\n
\n طالب: أو يصلون في مكان آخر.\n
\n الشيخ: إي نعم، أو يصلون في مكان آخر، إذن، ما هو القول الراجح في هذه المسألة؟\n
\n طالب: أنه لا يشترط في إمام الحي.\n
\n الشيخ: أنه لا يُشْتَرط أن يكون إمام الحي، ولا أن تُرْجَى زوال علته.\n
\n الطالب: تصحُّ صلاة العاجز عن القيام بالقادر مطلقًا.
الشيخ: ما هو دليلك على أنه لا يشترط هذا الشرط؟
الطالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر قال: «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» لم يفسر، ولم يفرق فقال: إن كان إمام الحي، أو إن كان..
الشيخ: والقاعدة أن ما جاء عن الشرع مطلقًا فإنه لا يجوز أن نقيده، وما جاء عامًّا لا يجوز أن نخصصه إلا بدليل؛ لأننا لو فعلنا لضيَّقنا واسعًا، وشرَّعنا مع شرع الله، وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها أن ما ورد مطلقًا وجب إبقاؤه على إطلاقه، وما ورد عامًّا وجب إبقاؤه على عمومه، لا يجوز أن يُخَصَّص، ولا يجوز في المطلق أن يُقَيَّد؛ لأننا لو فعلنا ذلك لضيقنا ما وسَّعه الشرع.
لكن دليل التقييد أو التخصيص قد يُعلَم بالنص، وقد يعلم بالإجماع، وقد يعلم بالقياس الصحيح؛ فإذا لم يكن إجماع ولا نص ولا قياس صحيح فالواجب إبقاؤه على إطلاقه.
إذن الخلاصة أن الصحيح أنه يجوز أن يكون الإمام عاجزًا عن القيام وعن الركوع وعن السجود وعن القعود وعن جميع الأركان، وأن الائتمام به صحيح؛ لأنه قد أتى بما يجب عليه، فصلاته مع العذر كصلاة مَنْ أتى بهذه الأركان؛ لأن كلًّا منهما صلاته صحيحة، هذه هي القاعدة، وهذا الذي أقوله الآن: إنه الصحيح هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وهو الحق؛ لأن هذا الرجل الإمام صلاته صحيحة، والإمامة تابعة للصلاة، فإذا صحَّت الصلاة صحت الإمامة.
لو أنهم صَلَّوا خلف إمام الحي قائمين، أيش تقول في الصلاة؟ أولًا: هل يجوز ذلك أو لا؟\n
\n طالب: على قول المؤلف يجوز إذا كان (...).\n
\n الشيخ: إي نعم؛ يعني: هل يصلون خلفه قعودًا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟\n
\n الطالب: على..\n
\n الشيخ: على رأي المؤلف؟\n
\n الطالب: \n ندبًا.\n
الشيخ: ويش معنى (ندبًا)؟
الطالب: يعني: استحبابًا.
الشيخ: يعني: استحبابًا؛ فلو صلوا قيامًا فصلاتهم صحيحة، والصحيح أنهم يصلون جلوسًا وجوبًا، ولو صلوا قيامًا بطلت صلاتهم لمخالفتهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم.\n \n

***

ثم قال المؤلف: \n (فإن ابتدأ بهم الصلاةَ قائمًا ثم اعتُلَّ فجلس أتمَّوا خلفه قيامًا وجوبًا)
\n (إن ابتدأ) الضمير يعود على الإمام.\n
\n (بهم) الضمير يعود على الجماعة.\n
\n (الصلاة قائمًا ثم اعْتُلَّ) يعني: أصابته علة \n (فجلس) فإنهم يصلون \n (خلفه قيامًا وجوبًا).\n
مثال ذلك: رجل إمام يصلي بالجماعة في أثناء القيام أصابه مغص في ظهره أو بطنه فجلس، وأتم بهم الصلاة جالسًا، نقول للجماعة: يلزمكم أن تتموا الصلاة قيامًا، ولا يجوز لكم الجلوس.\n
ما الدليل على هذا، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» \n ؟\n
نقول الدليل: فِعْل الرسول عليه الصلاة والسلام في مرض موته حين \n دخل المسجد وأبو بكر يصلي بالناس، وكان أبو بكر قد ابتدأ بهم الصلاة قائمًا، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى يسار أبي بكر، وبقي أبو بكر قائمًا يصلي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويصلي الناس بصلاة أبي بكر \n ، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجلوس.\n
وهذا الدليل هو الذي أجاب به الإمام أحمد جامع بينه وبين حديث: \n «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»؛ وعلى هذا فيكون عموم قوله: \n «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» مخصوصًا بهذه الحال إذا ابتدأ بهم قائمًا أتموا قيامًا.\n
ثم قال: \n (وتَصِحُّ خلفَ مَنْ به سَلَسُ بَوْلٍ بمثله) معرف عندكم؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: إي، أنا عندي مُنَكَّر \n (تَصِحُّ خلفَ مَنْ به سلس البول بمثله).\n
\n (سلس البول): يعني استمراره وعدم انقطاعه؛ وذلك أن الإنسان قد يُبْتَلى بدوام الحدث من بول أو غائط أو ريح، يبتلى، وهذا لا شك أنه مرض لا يعرف قدر نعمة الله على الإنسان بالسلامة منه إلا من أُصِيب منه، نسأل الله لنا ولكم العافية.\n
هذا \n (سلس البول) أن يكون البول يخرج باستمرار لا يستطيع الإنسان منعه، فماذا يصنع هذا الذي ابتلي بهذا المرض؟\n
نقول: إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: \n {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، فكل الدين ولله الحمد يُسْر، وطريق صلاة هذا أن نقول له: إذا دخل الوقت فاغسل فرجك وتحفَّظ؛ يعني: اجعل حفاظة تمنع من تسرب البول وانتشاره في جسده وفي ثيابه، ثم توضأ وضوءك للصلاة، ثم صلِّ ما شئت فروضًا ونوافل، إلى متى؟ إلى أن يَدْخُل وقت الصلاة الثانية؛ يعني: تستمر تصلي حتى وإن خرج الوقت؛ وذلك لأنه ليس هناك دليل على أن خروج الوقت يُبْطِل الوضوء فيمن حدثه دائم، ليس هناك دليل.\n
نعم، لو أنه دخل وقت صلاة موقتة فإننا نقول: إذا دخل وقت الصلاة الموقتة فتوضأ لها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام للمستحاضة: \n «تَوَضِّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» \n ، أما خروج الوقت فليس في السنة ما يدل على أنه يبطل الوضوء.\n
ولكن بعض العلماء يقول: إنه إذا خرج الوقت فيمن حدثه دائم بطل وضوؤه، أقول: نقول لهذا الرجل: اعمل هذا العمل، فَعَل لما دخل الوقت غسل فرجه وتحفَّظ وتوضأ وصلَّى، صلاته لنفسه صحيحة ولَّا لا؟ صحيحة، وصلاته مأمومًا بإمام سليم من هذا المرض؟ صحيحة، وصلاته إمامًا بمصاب بهذا المرض؟ صحيحة، كذا؟ كم هذه من صورة؟\n
\n طلبة: ثلاثة.\n
\n الشيخ: ثلاث صور؛ صلاته إمامًا بمن هو سليم من هذا المرض يقول المؤلف: إنها لا تصح، فإذا صلى مَنْ به سلس البول إمامًا لمن هو سالم منه فصلاة المأموم باطلة وصلاة هذا أيضًا باطلة؛ لأنه نوى الإمامة بِمَن لا يصح ائتمامه به، لماذا؟\n
قالوا: لأن حال من به سلس البول دون حال من سَلِم منه، ولا يمكن أن يكون المأموم أعلى حالًا من الإمام، هذا التعليل.\n
ولكن القول الصحيح في هذا أن إمامة مَنْ به سلس البول صحيحة بمثله وبصحيح سليم؛ ودليل ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»، وهذا الرجل صلاته صحيحة؛ لأنه فعل ما يجب عليه، وإذا كانت صلاته صحيحة لزم من ذلك صحة إمامته؛ لأنه لما حضر هو وهذا الرجل، كل منهما لو صلى لنفسه صحت صلاته، إذن فإذا صلى إمامًا صحت إمامته.\n
ثم نقول: إن قولكم: إن المأموم لا يكون أعلى حالًا من الإمام منتقض منقوض؛ بماذا؟ بصحة صلاة المتوضئ خلف المتيمم، وأنتم تقولون بذلك؛ تقولون: إنه لو صلى شخص متوضئ بشخص متيمم لمرض أو لعدم الماء فصلاته صحيحة، مع أن المتوضئ أعلى حالًا، لكن هم يقولون: لأن المتيمم طهارته صحيحة، نقول: ومن به سلس البول طهارته أيضًا صحيحة.\n
ولذلك القول الصحيح أن من به سلس البول تصح إمامته بمن هو سالم منه، وعرفتم الدليل؛ عموم قوله: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» \n ، ولأن هذا الذي أصيب بالسلس صلاته صحيحة فتصح إمامته.\n
ثم قال: \n (ولا تصح خلف محدث).\n
\n طالب: إذا صححنا صلاة الأخرس إمامًا للمأمومين، فكيف يصح التكبيرات والانتقالات؟
الشيخ: ما هو مشكل، يشير إشارة وهو بيركع ويسجد.
الطالب: لو كان المسجد كبيرًا يعني ما..
الشيخ: يبلغ واحد وراءه.\n
\n طالب: شيخ، إمامة المرأة للرجل لا تصح، لكن ما الجواب عن حديث أم ورقة رضي الله عنها ؟
الشيخ: الجواب عليه إذا صح، فهي تؤم أهل دراها؛ يعني: من النساء.
الطالب: شيخ دل عليه الحديث أنها للنساء؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: أقول: دل على أنها إمامة للنساء خاصة فقط؟
الشيخ: إي نعم، ما قلناه في الاستدلال بأن المرأة لا تكون إمامًا للرجل.\n
\n طالب: أحسن الله إليكم، ما الدليل على أن الذي به سلس بول يجدد وضوءه مع كل صلاة؟
الشيخ: قول النبي عليه الصلاة والسلام للمستحاضة: «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» .
الطالب: يقاس عليه سلس البول؟
الشيخ: إي نعم، يقاس عليه؛ لأن العلة واحدة.\n
\n طالب: أحسن الله إليك، ويش مثال الفسق في الاعتقاد، إنسان فاسق في الاعتقاد؟
الشيخ: الفسق في الاعتقاد أن يعتقد الإنسان شيئًا لا يخرجه من الملة.
الطالب: مثلًا.
الشيخ: عن المثال؟ يعني مثلًا: لو قال: إن نزول الله للسماء الدنيا يعني نزول رحمته.
الطالب: إذا علم النص؟
الشيخ: إذا علم لأنه بيُؤَوِّل، أما لو كذَّب النص فهو كافر.
طالب: إذا تأوَّل بالتأويل الصحيح أو تأول (...)؟
الشيخ: لا، نقول: لأنه إذا تأول فإما أن يكون عنده دليل على تأويله فهذا نعم، قد يكون له وجه نظر.
الطالب: إذا ما عنده دليل.
الشيخ: ولذلك الأشاعرة هم يعتبرون من المبتدعة الذين لا يكفرون، كثيرًا أيضًا من المعتزلة.\n
\n طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، لو كان الذي به سلس البول مسافرًا، فهذا يجمع الصلاتين مع بعض، فهل يتوضأ..؟
الشيخ: لا ما يحتاج.
الطالب: يجمعهم؟
الشيخ: يعني: من به سلس البول يجوز أن يجمع أيضًا، نصوا عليها، ولو كان مقيمًا، الذي به سلس البول يجوز أن يجمع ولو كان مقيمًا.\n
\n طالب: شيخ، قلنا: إنه يصح صلاة الذي لا يستطيع الركوع..
الشيخ: والسجود.
الطالب: بمن هو يستطيع، وقلنا: مما يدل على ذلك القياس على صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بهم وهو جالس وهم قيام، طيب يا شيخ، لو قال قائل: العبادات لا قياس فيها؟
الشيخ: لا، العبادات فيها قياس؛ لأنه ما دام الفعل واحد وهو العجز عن الأركان، فهذا الذي حصل من الرسول قضية عين، يعني تصبح كمثال، فالقياس الممنوع أن أقيس عبادة مستقلة على عبادة، مثل أن أقول: صلاة العصر لها سنة راتبة قبلها كصلاة الظهر؛ لأنها صلاة رباعية نهارية، هذا ما يمكن.\n
\n طالب: شيخ، ذكرنا في (باب الطهارة) أن إذا لمس قبل الخنثى المشكل، فلا ينقض وضوؤه؛ لأن بقاء الأصل عليه، فكيف نعلم الخنثى المشكل لا تصح إمامته، ألا يكون احتمال يكون ذكرًا يا شيخ؟
الشيخ: لا فيه احتمال ذكر، لكن لأنه يشترط أن يكون إمام الذكر ذكرًا، أما هذاك فالأصل بقاء الوضوء؛ لأنه هنا ما عندنا أصل نبني عليه، في مسألة مس القبل، عندنا أصل وهو بقاء الطهارة، والنبي عليه الصلاة والسلام لما شُكي إليه الرجل يجد الشيء في الصلاة ويشك، قال: «لَا يَنْصَرِفَ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رَيحًا» .\n
\n طالب: شيخ، إذا كان الإنسان مصابًا بالغازات، يعني: توضأ وصلى وانقطع وضوؤه.
الشيخ: كيف؟
الطالب: هو مريض يعني مصاب، فهل (...) للصلاة يتوضأ؟
الشيخ: ما هو ذكرنا أن الحديث الدائم إما بول أو غائط أو ريح، ما هي بالريح هي الغازات؟ فإذا كان ما يستطيع يمسك فهو كالبول.\n
\n طالب: شيخ -عفا الله عنك- المبتدع الفاسق إذا كان علم مثلًا الحق أنه مثلًا أن صفات الله عز وجل (...) أو أنه يعلم أن الله نزل إلى السماء الدنيا بذاته، ولكن تعصب إلى أئمته وما زال يقول بقولهم؟
الشيخ: هذا فاسق.
الطالب: ما يُكَفَّر؟
الشيخ: لا ما يَكْفُر لأنه ما كذب.\n
\n طالب: سلس البول، يا شيخ، كيف يؤم مع أن الريحه منتنة، (...) يخرج رائحة؟
الشيخ: يعني: أنت ترى أنه ما في صلاة جماعة إلا في المسجد؟
الطالب: (...) جماعة (...) المسجد (...).
الشيخ: يمكن يصلون في البر، في سفر.
الطالب: خارج المسجد يؤم الناس.
الشيخ: في سفر، يعني: إي أن تقول يؤم الناس خارج المسجد، في المسجد (...).
وعلى كل حال إذا كان له رائحة كريهة، أو يخشى أن يتلوث المسجد، فهو ما يدخل المسجد، يكون هذه علة غير مسألة إنه تصح إمامته أو لا تصح.
لأنه مثلًا إذا قدمنا الرائحة الكريهة أو أنه يتسرب البول حتى يُلوَّث المسجد فهذا يُمْنَع.\n
\n طالب: شيخ، إذا دخل إمام الحي مع مَنْ أنابه عنه كمن إذا كان مريضًا، فعل النبي صلى الله عليه وسلم (...) الصلاة، هل (...) حتى يتم (...)؟
الشيخ: فهمتم السؤال؟ يقول: إذا دخل إمام الحي في أثناء الصلاة وقد صلَّوا ركعتين مثلًا، فهو سوف يصلي أربع ركعات، وهم قد صلوا قبله ركعتين، كم يصلون معه؟
طالب: ستًّا يا شيخ.
الشيخ: لا ما يصلون إلا ركعتين؛ عشان تكون صلاتهم رباعية، فهم إذا أتموا أربعًا جلسوا لا يتبعون الإمام، ثم هم بالخيار إن شاؤوا سلموا وإن شاؤوا انتظروا.
الطالب: شيخ، ما يضر اختلاف النية هنا يا شيخ؟
الشيخ: ما يضر، أصل اختلاف النية ما هو بوارد إطلاقًا على القول الراجح، ما يضر، وهنا لم تختلف النية؛ لأن الصلاة واحدة.
الطالب: المسألة الأولى يا شيخ، إذا صلوا ركعتين، ودخل معهم وصلى أيضًا، يصلي بهم ركعتين..
الشيخ: طيب، وهو يصلي الظهر، وهم يصلون الظهر، أين اختلاف النية؟
الطالب: هو يصلي الركعتين الأول، وهم يصلون الركعتين..
الشيخ: ما يضر، هذا المسبوق إذا جاء يصلي الركعتين الأخيرات وهن له أول.
\n طالب: رجل طلبت منه امرأته أنها تخرج إلى المسجد، فجاب طِيبًا وكبه، وقال: الآن ما يجوز.
الشيخ: والله هذا رجل جبان، بدلًا من أن يخسر طِيبًا بمئتي ريال، يقول لها: لا.
الطالب: تعترض عليه.
الشيخ: طيب، خليك معي، ستعترض عليه، ستعترض عليه بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» ، فإذا صبَّ عليها الطيب قالت: هذا منع بالفعل، والحيلة ما تنفع، لكن كان طيب بالأول، يحرص أن يطيبها قبل هذا، فتمتنع.\n
\n طالب: جزاك الله خيرًا، بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم صلى حينما دخل أبو بكر يصلي بالناس كان إمامًا له، وروي أنه دخل مرة وكان عبد الرحمن بن عوف أو غيره يصلي بالناس فصلى خلفه، فقد يتقدم على أبي بكر و(...).
الشيخ: لأن أبا بكر قبل هذا لما كان الرسول ذهب ليصلح بين قوم، وجاء وأبو بكر يصلي أظن أراد أن يبقى فتأخر أبو بكر، ثم قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الرسول يعلم أن أبا بكر يكره هذا الشيء (...). \n

***

\n طالب: والصلاة والسلام على محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n ولا تصحُّ خلف محدِث، ولا متنجس يعلم ذلك، فإن جهل هو والمأموم حتى انقضت صحت لمأموم وحده، ولا إمامةُ الأمي وهو من لا يحسن الفاتحة أو يدغم فيها ما لا يُدْغَم، أو يُبَدِّل حرفًا، أو يَلْحن فيها لحنًا يحيل المعنى إلا بمثله، وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته، وتكره إمامة..\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.\n
سبق لنا أن العاجز عن الركن لا يَؤُم القادر عليه إلا ركنًا واحدًا، ما هو؟\n
\n طالب: (...) إلا الركوع.\n
\n الشيخ: نعم، ما هو؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: أن العاجز عن الركن لا يكون إمامًا للقادر عليه إلا في ركن واحد على المذهب.\n
\n طالب: (...) على المذهب؟ المذهب: إذا كان مثلًا جالسًا، إذا كان عاجزًا عن الركوع.\n
\n طالب آخر: القيام.\n
\n الشيخ: العجز عن القيام، يعني: العاجز عن القيام يصح أن يؤم القادر عليه؟\n
\n الطالب: إذا كان إمام الحي (...) تزول..\n
\n الشيخ: يُرجى زوال علته.\n
ما هو الدليل على هذا الاستثناء؟\n
\n طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالصحابة جلوسًا، والصحابة رضي الله عنهم صلوا قيامًا لما اقتدى أبي بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ» \n .\n
\n الشيخ: أحسنت، \n «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ».\n
ما هو الدليل على اشتراط كونه إمام الحي؟\n
\n طالب: نقول: إن هذا في سلطانه؛ يعني: يؤم في سلطانه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ رَجُلًا فِي سُلْطَانِهِ» \n ، ما دام إمام الحي يُصَلُّون خلفه.\n
\n الشيخ: ما هو الدليل على أنه لا بد أن يكون إمام الحي والرسول عليه الصلاة والسلام عمم \n «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».\n
\n طالب: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ».\n
\n الشيخ: طيب، هذا دليل على العموم.\n
\n طالب: قالوا: إن إمام الحي مقدم على غيره، والشرط هذا إذن يقترب من الشرط الآخر، أن ترجى زوال علته. ما هو شرط مطَّرد..\n
\n الشيخ: حتى (...) مقدم على غيره، إذا كان ما معهم إما حي.\n
\n الطالب: هو سلطان..\n
\n الشيخ: إذا ما صلى إمام الحي.\n
\n الطالب: شيخ، ليس لهم دليل في هذه المسألة، هذه أدلة ليس لها دليل، تقعيدات ليس لها أدلة.\n
\n طالب آخر: الحنابلة لهم تعليل يقول: إن الذي علته لا تزول يكون علته مستديمة.\n
\n الشيخ: لا (...) اشتراط أن يكون إمام الحي.\n
\n الطالب: أنه أحق من غيره.\n
\n الشيخ: (...) إذا صاروا في رباط وأقرؤهم هو العاجز عن القيام، فهو أحق من غيره.\n
على كل حال: ما في دليل، ما هناك دليل أبدًا؛ لأنهم إن استدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى قاعدًا فأشار إليهم أن اجلسوا فهو إمام الحي، لكنه ما قال: غير إمام الحي لا يصح.\n
طيب، المرجو زوال علته؟\n
\n طالب: (...) لكن قالوا على المذهب..\n
\n الشيخ: تعليل.\n
\n الطالب: تعليل، قالوا: حتى لا يصلوا على الدوام.\n
\n الشيخ: حتى لا يصلوا قعودًا على الدوام، أحسنت.\n
ثم قال المؤلف -رحمه الله-:\n (ولا تَصِحُّ خلفَ محدِث ولا متنجس يعلم ذلك، فإن جهل هو ومأموم حتى انقضت صحَّت لمأموم وحده)
هاتان مسألتان؛ المسألة الأولى: صلاة المحدث، هل تَصِحُّ الصلاةُ خلفه أو لا؟\n
نقول: إن جهل أنه محدِث حتى انتهت صلاته، وجهل المأمومون الذين خلفه أنه مُحْدِث حتى انتهت الصلاة فصلاتهم صحيحة؛ مثال ذلك في الحدَث الأصغر: إمامٌ أكلَ لحم إبل ولم يعلم أنه لحم إبل فصلى بالجماعة، فلما انتهت الصلاة علم أنه أكل لحم إبل، لا علم أن اللحم الذي أكله لحم إبل، فهنا: لا يعيد المأمومون صلاتهم، والإمام يعيد الصلاة.\n
أما الإمام؛ فلأنه صلى بغير وضوء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» \n .\n
وأما المأموم فللعذر، عذره ظاهر لأنه لا يعلم الغيب، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.\n
فإن علم أنه محدث في أثناء الصلاة فإنه صلاته تَبْطُل، وصلاة المأمومين تبطل أيضًا، تبطل صلاته وصلاة المأمومين.\n
أما بطلان صلاته فظاهر؛ لأنه تَبَيَّن أنه على غير وضوء فلا تقبل صلاته.\n
وأما صلاة المأمومين؛ فلأنه تبيَّن أنهم اقتدوا بمن لا تَصِحُّ صلاته، فبطلت صلاتهم؛ لأن صلاتهم مبنية على صلاة إمامهم، فإذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم.\n
فإن علم واحد من المأمومين والباقون لم يعلموا، لا الإمام ولا بقية المأمومين بطلت صلاتُهم جميعًا؛ لأن المؤلف يقول: \n (إن جَهِل هو ومأموم حتى انقضت صحَّت لمأموم وحده).\n
\n (إن جهل هو ومأموم) يعني: بحيث لا يعلم أحد من المأمومين أنه على غير وضوء، فإن علم واحد ولو في أثناء الصلاة بطلت صلاة الجميع.\n
وهذا الثاني ليس له علة واضحة أنه إذا علم واحد من المأمومين أعاد الكل ليس له وجه!\n
أما الأول: فله العلة التي سمعتم؛ فصار إذا صلى الإمام محدثًا فلا يخلو من حالين:\n
إما أن يعلم بحدثه في أثناء الصلاة هو أو أحد من المأمومين فتبطل الصلاة ويلزمهم استئنافها، وإما أن يبقى جاهلًا هو وجميع المأمومين حتى يسلِّم ثم بعد ذلك يذكر فصلاتهم صحيحة إلا هو، هو يجب عليه أن يعيد الصلاة؛ لأنه صلى بغير وضوء.\n
ومثال ذلك في الحدث الأكبر: رجل استيقظ من نومه فتوضأ وذهب يصلي الفجر، وبعد انتهائه من الصلاة رأى عليه أثرَ جنابة، ولكنه كان جاهلًا بها، فهنا نقول: المأمومون صلاتهم صحيحة، أما هو فإنه يعيد الصلاة.\n
وجه ذلك أنه هو صلى بغير طهارة، وأما المأمومون فهم معذورون فصحَّت صلاتهم، هذه مسألة الحدث. \n
إذا صلى محدثًا حدثًا أصغر أو أكبر وبقي جاهلًا به حتى انقضت الصلاة ولم يعلم لا هو ولا أحد من المأمومين فالصلاة صحيحة، فإن علم هو أو أحد من المأمومين فالصلاة باطلة إذا علموا في أثناء الصلاة.\n
والصحيح في هذه المسألة أن صلاة المأمومين صحيحة بكل حال إلا مَنْ عَلِم فقط أن الإمام محدث؛ وذلك لأنهم إذا كانوا جاهلين فهم معذورون بالجهل (...) إمامهم هل أنت على وضوء أم لا؟ وهل عليك جنابة أو لا؟ مشكل، كان كلما تقدم الإمام قلنا: تعالَ أنت متوضئ ولَّا لا؟ أنت عليك جنابة ولَّا لا؟ ما أحد يقول هذا، فإذا كان هذا لا يلزمنا وصلَّى بنا، وهو يعلم أنه محدث، كيف تَبْطُل صلاتنا؟\n
نحن معذورون، فعلنا ما أُمِرْنا به من الاقتداء بهذا الإمام، وما لم نكلَّف به فإنه لا يَلْزَمُنا حكمه.\n
إذن فالصحيح أن صلاة المأمومين صحيحة بكل حال، حتى وإن كان الإمام عالمًا؛ لأنه أحيانًا يكون الإمام عالمًا بأنه محدث لكن لا يذكر إلا وهو يصلي ثم يستحي أن ينصرف، يقول: (...) بهم أعدت صلاتي، وهذا حرام عليه لا شك لكن قد تقع من بعض الجهال.\n
على القول الراجح -الآن نُفَرِّع على القول الراجح- فإن ذكر الإمام في أثناء الصلاة أنه محدث أو علم أنه محدث في أثناء الصلاة وجب عليه الانصراف، ويستخلف مَنْ يكمل بهم الصلاة، فيقول لبعض المأمومين الذين وراءه: يا فلان، أتمَّ بهم الصلاة فإني ليست على وضوء مثلًا، وتُكَمَّل بهم الصلاة.\n
فإن لم يفعل وانصرف فللمأمومين الخيار بين أن يُقَدِّمُوا واحدًا منهم يكمل بهم الصلاة، أو يُتِمُّوها فرادى؛ لأن إمامهم ذهب ولم يستخلف، فهم بالخيار إن شاؤوا خلَّفوا واحدًا منهم، وإن شاؤوا أتموا فرادى، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.\n
المسألة الثانية: مسألة النجاسة.\n
يقول المؤلف: \n (ولا متنجِّس يعلم ذلك، فإن جهل هو والمأموم حتى انقضت صَحَّت لمأموم وحده)\n
هذه المسألة الثانية مسألة النجاسة.\n
إذا صلى الإمام بنجاسة وهو يجلهها هو والمأموم ولم يعلم بها حتى انتهت الصلاة فإن المأمومين تصح صلاتُهم لأنهم معذورون بالجهل، وأما الإمام فلا تَصِحُّ صلاته؛ يجب عليه أن يغسل النجاسة التي في ثوبه أو على بدنه ثم يعيد الصلاة؛ لأن من شرط صحة الصلاة اجتناب النجاسة، وهذا الرجل صلى بنجاسة فلم يأت بالشرط، والقاعدة أنه إذا تخلَّف الشرط تخلف المشروط.\n
وعلى هذا فنقول: المأمومون صلاتهم صحيحة، لماذا؟ لأنهم معذورون بالجهل، والإمام يجب عليه إعادة الصلاة، لماذا؟ لأن اجتناب النجاسة شرط لصحة الصلاة، وقد تبين الآن أنه صلى وهو متلبس بالنجاسة فلم يأت بالشرط، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.\n
إن عَلِم في أثناء الصلاة، فما الحكم؟ يجب عليه أن يُعِيد الصلاة هو والمأمومون؛ لأن المؤلف يقول: \n (إن جهل هو والمأموم حتى انقضت صَحَّت لمأموم وحده)، فإن علم في أثناء الصلاة بالنجاسة وجب عليه إعادة الصلاة هو والمأمومون؛ لأن مِنْ شرط عدم الإعادة أن يكونوا جاهلين حتى تنتهي الصلاة، هذا هو الذي يقتضيه كلام المؤلف.\n
والقول الصحيح في هذه المسألة أنه إذا جهل الإمام النجاسة هو والمأموم حتى انقضت الصلاة فصلاتهم جميعًا صحيحة، لا الإمام ولا المأموم؛ والعلة في الجميع هي العذر بالجهل، والمصلي بالنجاسة جاهلًا بها على القول الراجح ليس عليه إعادة.\n
وكذلك لو علم بها لكن نسي أن يغسلها فإن صلاته على القول الراجح صحيحة، وعلى هذا فيكون الفرق بين هذه والتي قبلها أنه إذا جهل الإمام والمأموم على القول الراجح فإنه يعيد الصلاة إذا كان جاهلًا بالحدث، ولا يُعِيد الصلاة إذا كان جاهلًا بالنجاسة.\n
والفرق بينهما أن الوضوء من الحدث من باب فعل المأمور، وأن اجتناب النجاسة من باب ترك المحظور، فإذا فعله جاهلًا فلا يلحقه حكمه.\n
ويدلُّ لهذا القول الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم \n صلَّى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلاه فخلعهما، فخلع الصحابة نعالهم، فلما انصرف سألهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» \n فخلعهما.\n
وهذا صريح في أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد لبس نعلين قذرتين، لكنه كان جاهلًا، لو كانت الصلاة تبطل إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة لاستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، لكنه بَنَى على صلاته فدلَّ ذلك على أن النجاسة إذا كان الإنسان بها جاهلًا فإنه لا حكم لها، وهذا القول هو القول الراجح.\n
فخلاصة القول الراجح الآن أنه إذا لم يعلم الإمام ولا المأموم بالحدث حتى انتهت الصلاة، مَن يُعيد؟ يعيد الإمام وحده، أما المأموم فلا إعادة عليه؛ لأنه معذور ليس يعلم الغيب، وإن علم في أثناء الصلاة الإمام فإنه يجب عليه أن ينصرف ويستخلف مَنْ يُكَمِّل بهم الصلاة، فإن لم يستخلف خلفوا أحدهم، فإن لم يفعلوا صلَّوا فرادى، ويَبْنُون على صلاتهم أو لا؟ نعم، يبنون على صلاتهم، صلاتهم صحيحة.\n
أما في النجاسة فالقول الراجح أن الإمام إذا جهل هو والمأموم حتى انقضت الصلاة فصلاته صحيحة وصلاتهم صحيحة، لا إعادة على واحد منهم.\n
وإن علم في أثناء الصلاة بالنجاسة فإن كان يمكنه إزالتها أزالها، وإن كان لا يمكنه انصرف وأتم المأموم صلاته.\n
مثال التي يمكنه إزالتها: لو كانت في نعليه، أو كانت في غطرته، أو كانت في قميصه وعليه سراويل فهذه يمكن إزالتها.\n
لكن لو قال الإمام: كيف يمكن إزالتها إذا كانت في القميص؟ يخلع القميص، ولا يَبْقَى عليه إلا سراويل فقط؟! هو سوف ينتقده المصلون، لكن لا يضر.\n
وأنا أذكر قصة وقعت لبعض الإخوان هنا؛ في أثناء الصلاة لاحظ أن في ثوبه شق يعني: إذا ركع سيرى عورته، فنزع غطرته وربطه أمام المصلين، ولا فيه شيء.\n
هذا أيضًا إذا نزع قميصه وبقي عليه السراويل فلا حرج، والذي ينبغي أن الإنسان يفعل الشيء المسنون أو المشروع والناس إذا استنكروه أول مرة فلن يستنكروه في المرة الثانية. المهم فهمتم القول الراجح الآن؟ \n

***

\n طالب: قوم سَفْرٌ أرادوا أن يجمعوا، فالإمام نوى أن الثانية؛ يعني: صلى الأولى بنية الثانية قبل تكبيرة الإحرام بنية الثانية، وهو لم يصلِّ الأولى، وبعد أن تذكر ما الواجب؟ يقول للمأمومين: اقطعوا صلاتكم؟
الشيخ: لا، ما يقطعون صلاتهم، المأمومون على نياتهم.
الطالب: ماذا يفعلون؟
الشيخ: في هذه الحال يُغَيِّرون النية؛ لأنه لا بد من الترتيب.
الطالب: (...).
الشيخ: نعم، ويقول لهم: إني نويت الصلاة الثانية، وأنا الآن سأنوي الأولى وأنتم على صلاتكم، وفي هذه الحال لو أنهم قطعوا صلاتهم ما داموا في أول ركعة حتى لا يكون تشويش، ما فيه..
طالب: حينما كبروا تذكر فورًا.
الشيخ: لا بد أن يعيد التكبيرة.
الطالب: يعيد هو، وهم ما يلزم؟
الشيخ: ما يلزمهم، ما عليهم.\n
\n طالب: صلوا (...) يلحقهم أجر الجماعة؟
الشيخ: أما إن كانوا قد صَلَّوا ركعة، فلا شك أنهم لهم أجر الجماعة؛ لأن مَنْ أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، أما إذا كان في أول ركعة فقد يقال: إنهم لما أدركوا تكبيرة الإحرام وأتوا للجماعة أن الله يكتب لهم الأجر لا سيما إذا كانوا جاهلين يحسبون أنه لا يمكن أن يقدموا أحدًا يتم يصلي بهم جماعة، أما إذا كانوا مفرطين وهم يدرون أنه يمكن أن يقدموا واحدًا، فهم لم يدركوا الجماعة.\n
\n طالب: يا شيخ، لو انصرف من الصلاة ولم يستنب أحدًا ثم تقدَّم أحد الجماعة وقد نوى الانفراد بعد الجماعة يعيد؟
الشيخ: ما يخالف يدخل مع الإمام، ما فيه مانع، انتقال من انفراد إلى إمامة.
الطالب: هو أكمل يا شيخ.
الشيخ: كيف أكمل؟
الطالب: أكمل منفردًا.
الشيخ: يعني: معناه ما رضي أن يدخل مع الجماعة، ما عليه شيء.\n
\n طالب: الدليل يا شيخ، على الانصراف إذا علم بالنجاسة أثناء الصلاة، ولا يستطيع أن يخلع قميصه.
الشيخ: الدليل أنه مِن شرط صحة الصلاة إزالةُ النجاسة.
الطالب: الدليل؟
الشيخ: الدليل أمر النبي عليه الصلاة والسلام للحِيَّض، المرأة يصيبها الحيض يصيب ثيابها، فأمرها أن تقرصه ثم تغسله بالماء ثم تصلي فيه.\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: فكونه يأمرها أن تُطَهِّر الثوب ثم تصلي فيه يدل على أنه لا بد من طهارة الثوب.\n
الآن هذا الرجل الذي دخل في الصلاة وهو يظن أن ثوبه طاهر ولم يعلم بنجاسته ثم علم صار عليه ثوب يلزم تطهيره، والآن لا يمكن أن يطهره، فنقول: لا بد أنك تخرج من الصلاة وتستأنف.\n \n

***

\n طالب: (...) سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
قال المصنف رحمه الله تعالى: \n ولا إمامةُ الأمي وهو مَنْ لا يُحْسِن الفاتحة أو يُدْغِم فيها ما لا يُدْغَم أو يبدِلُ حرفًا، أو يَلْحَن فيها لحنًا يُحيل المعنى إلا بمثله، وإن قدِر على إصلاحه لم تَصِحَّ صلاته.
وتكره إمامة اللَّحَّان والفأفاء والتمتام ومن لا يفصح ببعض الحروف، وأن يَؤُمَّ أجنبيةً فأكثر لا رجل معهن، أو قومًا أكثرهم يكرهه بحق، وتَصِحُّ إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلِم دينُهما، ومن يؤدي الصلاة بمن يقضيها وعكسه لا مفترض بمتنفل، ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر أو غيرها.
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
ما تقول في رجل صلى خلف مُحْدِث يعلم المأموم حدثَه؟\n
\n طالب: أقول: لو كان يعلم حدثه فإنه لا تصح صلاته.\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: لأن السلامة من الحدث من شروط صحة الصلاة.\n
\n الشيخ: المأموم متوضئ.\n
\n الطالب: لكن يجب عليه أن ينبه الإمام.\n
\n الشيخ: لكنه ما نبَّه.\n
\n الطالب: لا تصح صلاته ولا صلاة الإمام.\n
\n الشيخ: لماذا لا تصح، وهو غير محدث؟\n
\n الطالب: لأنه اقتدى بمن لا تصح صلاته، فكأنه لم يصلِّ.\n
\n الشيخ: أحسنت، تمام.\n
ما تقول في رجل صلى خلف إمام محدث في معتَقَدِه، وهو غير محدث في معتقد الإمام؟\n
\n طالب: ليمشِ هنا على مذهب الإمام، صلاته صحيحة.\n
\n الشيخ: صلاته صحيحة؟\n
\n الطالب: يعني: مثلًا الإمام أكل لحم الإبل يرى أنه ما فيه شيء؛ تكون صلاة المأموم صحيحة، حتى لو خالفه في الرأي.\n
\n الشيخ: حتى لو خالفه في الرأي؛ لأن صلاة الإمام حينئذ صحيحة، تمام.\n
ما تقول في رجل صلى خلف مُحْدِث يعلم حدثه؛ يعني: الإمام يعلم حدثه والمأموم لا يعلم؟\n
\n طالب: صلاة المأموم صحيحة.\n
\n طالب آخر: صلاتهم جميعًا تبطل، إذا كان المأموم يعلم حدث الإمام.\n
\n الشيخ: المأموم لا يعلم، الإمام يعلم حدث نفسه، والمأموم لا يعلم.\n
\n الطالب: أما على المذهب فصلاة الجميع تبطل.\n
\n الشيخ: لماذا تبطل صلاة الإمام؟\n
\n طالب: لأنه فقد شرطًا من شروط الصلاة وهي الطهارة.\n
\n الشيخ: لأنه صلى بغير وضوء، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» \n ، ولماذا تبطل صلاة المأموم؟\n
\n الطالب: لأنه اقتدى بمن لا تصح صلاته.\n
\n الشيخ: أيش تقول؟\n
\n طالب آخر: المأموم تصح صلاته.\n
\n الشيخ: هل هناك قول ثان في المسألة أو لا؟\n
\n الطالب: إي نعم، فيه قول: إن المأموم تصح صلاته.\n
\n الشيخ: لماذا؟\n
\n الطالب: لأنه فعل ما يجب عليه أن يفعله فاقتدى بإنسان، ويعني: تصح الصلاة ولم يعلم، ولا (...) أن يسأل عن هل هو..؟\n
\n الشيخ: أيش طول ها التعليل هذا؟ صنفت مجلد يا شيخ! اعطنا يا شيخ كلمة واحدة زين!\n
\n الطالب: هو -يا شيخ- فَعَل ما أُمِر به و(...).\n
\n الشيخ: يعني: لأنه معذور بجهله؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: لأنه معذور بجهله، هذا هو القول الراجح: لأنه معذور بجهله، ما فرَّط بشيء. صلى وراء متنجس وهو يعلم أن عليه نجاسة؟\n
\n طالب: من الذي يعلم الإمام ولَّا المأموم؟\n
\n الشيخ: المأموم يعلم أن على الإمام نجاسة فصلى خلفه.
الطالب: على المذهب تَبْطُل صلاتهما.
الشيخ: نعم، المذهب تبطل صلاتهما، والقول الثاني؟
الطالب: القول الثاني: إذا انتهت الصلاة؟
الشيخ: لا، إحنا قلنا: سلَّم وانتهى، لكن الإمام جاهل، ما علم بالنجاسة إلَّا بعد أن صلى وأخبره المأموم.
الطالب: الصلاة صحيحة.
الشيخ: القول الثاني الصلاة صحيحة؛ لأن الإمام معذور بجهله، والمأموم يعتقد أن الإمام في هذه الحال صلاته صحيحة؛ لأنه معذور بالجهل، فقد ائتم بشخص صلاته صحيحة.\n
\n طالب: شيخ بمجرد.. \n

","SearchText":" فيه قول اخر؟ الطالب: اي نعم، ما اخترناه هو الصحيح؛ ان صلاه الصبي تصح. الشيخ: امامه الصبي البالغ صحيحه. الطالب: نعم، تصح؛ دليل ذلك ما رواه البخاري ان عمرو بن سلمه الجرمي انه كان يءم اصحابه وهو ابن ست او سبع سنين، وكان.. الشيخ: انه ام اصحابه وله ست؟ الطالب: او سبع سنين. الشيخ: او سبع سنين، هذا دليل، ما فيه دليل عام؟ الطالب: عموم قوله صلي الله عليه وسلم: «ليءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، وهذا داخل فيه. الشيخ: وهذا داخل، كيف نجيب عن دليلهم؟ الطالب: نقول: ان حديثهم ضعيف لا تقوم به الحجه، لا يصلح للاحتجاج. الشيخ: نقول: هذا الحديث: «لا تقدموا صبيانكم» حديث ضعيف لا تقوم به الحجه. الطالب: وكذلك ايضا نرد عليهم بحديث: «فليءذن لكم احدكم، وليءمكم اكثركم قرانا» ، وهذا اكثر قرانا. الشيخ: اي، «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، كيف نجيب عن التعليل؟ الطالب: تعليلهم؟ اي تعليل؟! الشيخ: الذي قالوا: ان صلاه الفريضه لا تكون خلف النافله، انها اعلي. طالب: نقول: ان هذا الحديث في مقابل النص، فهو حديث عام مرسل، فلا اعتبار (...). الشيخ: تمام . طالب: شيخ، (...) النفل وما ثبت في النفل ثبت في الفرض. الشيخ: لا، لا نقول.. طالب: (...) حديث معاذ انه كان يصلي النافله بقوم. الشيخ: دليل؟ الطالب: ان يصلي (...) صلاه العشاء نافله وهم يصلون وراءه فرضا صح هذا. الشيخ: ان معاذا كان يصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم صلاه العشاء، ويصلي بقومه تلك الصلاه وهي نافله. لو قال قاءل: لا يصح الاستدلال بالحديثين؛ لاننا لا نعلم ان النبي صلي الله عليه وسلم علم بذلك. طالب: نقول: ان ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم انه علم بذلك فلا اشكال فيه، وان لم يثبت ان النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم بذلك فان الله عز وجل قد علم بذلك. الشيخ: وان لم يثبت؟ الطالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم بذلك. الشيخ: (...) يعني: ثبت انه علم. الطالب: يعني: نعلم ان النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم بذلك، فنقول: ان الله عز وجل قد علم بذلك. الشيخ: يعني: اذا قدرنا انه لم يعلم بذلك فان الله قد علم به، ولو كان هذا لا يرضي الله؟ طالب: لانزل الله عز وجل الوحي ببطلانه. الشيخ: نعم، دليلك علي هذا. الطالب: الدليل من قوله تعالي: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} [النساء: ١٠٨] فالله عز وجل.. الشيخ: {اذ} كمل. الطالب: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله} . الشيخ: {وهو معهم} . طالب: {وهو معهم} . الشيخ: كمل؛ ليتم الاستدلال. طالب اخر: علم الرسول صلي الله عليه وسلم صلاه معاذ ووبخه علي ذلك. الشيخ: هذا حديث معاذ. حديث عمرو بن سلمه؟ تعليل الاخ صحيح، لكن بس نريد الاستدلال من القران. طالب: قوله تعالي: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضي من القول} [النساء: ١٠٨]. الشيخ: فلما بيتوا ما لا يرضاه من القول فضحهم، ولو كان فعل عمرو بن سلمه لا يرضاه الله لبينه. طالب: فعل الرسول صلي الله عليه وسلم فيمن صلي بمسافر في الحضر، صلي ركعتين فاتموا بعده. الشيخ: لا، لعلك تريد صلاه الخوف، كان يصلي بهم جماعه في بعض صفاتها يصلي بقوم الصلاه كامله، ثم يصلي بالاخرين الصلاه كامله. طالب: دليل اخر؛ قول الصحابه: كنا نعزل والقران ينزل. الشيخ: هذا دليل علي الاستدلال باقرار الله. المهم ان القول الراجح ان الصبي يصح ان يكون اماما للبالغين، هذا هو القول الراجح ، ومن انكر ذلك فليس عنده دليل. *** ثم قال المءلف -رحمه الله -: (ولا امامه اخرس) يعني: ولا تصح امامه الاخرس حتي بمثله. والاخرس هو الذي لا يستطيع النطق، وهو نوعان: عارض ولازم؛ فاللازم: ان يكون ملازما للمرء من صغره، والطارء: هو الذي يحدث للمرء اما بحادث او بمرض او بغير ذلك. علي كل حال الاخرس اذا كان خرسه لازما فالغالب انه لا يسمع، وانتفاء السمع سابق علي الخرس؛ لانه اذا كان لا يسمع لا يمكن ان يتكلم؛ اذ لا يسمع شيءا يقلده حتي يتكلم مثله، ولهذا اذا ولد الصبي اصم ولم يفتح الله اذنيه فانه يبقي اخرس. اما الطارء فقد يكون الاخرس سميعا لكن طرا عليه عله منعته من الكلام، وكلا الجنسين او كلا النوعين لا تصح الصلاه خلفه؛ يعني: لا يصح ان يكون اماما لا بمثله ولا بغيره، لماذا؟ قالوا: لانه لا يستطيع النطق بالركن وهو قراءه الفاتحه، ولا بالواجبات وهي التكبيرات سوي تكبيره الاحرام، ولا ما تنعقد به الصلاه وهو تكبيره الاحرام، فيكون عاجزا عن الاركان والواجبات، فلا يصح ان يكون اماما لمن هو قادر. وهذا التعليل قد يكون متوجها بالنسبه لكونه اماما لمن هو قادر علي النطق، لكن بالنسبه ان يكون اماما لمن هو عاجز عن النطق، هذا التعليل يكون عليلا؛ وذلك لان العاجز عن النطق لا يفوقه بشيء ولا يفضله بشيء، فلماذا لا يصح ان يكون اماما فيه؟ ولهذا كان القول الراجح في هذه المساله: ان امامه الاخرس تصح بمثله وبمن ليس باخرس ؛ لان القاعده عندنا ان كل من صحت صلاته صحت امامته. ولكن مع ذلك لا ينبغي ان يكون اماما؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» وهذا لا يقرا، فلا ينبغي ان يكون اماما، لكن الكلام علي الصحه فالصحيح انها تصح. قال: (ولا عاجز عن ركوع او سجود او قعود او قيام الا امام الحي) . قوله: (ولا عاجز) يعني: ولا تصح امامه عاجز عن ركوع، مثل: ان يكون الشخص فيه الم في ظهره لا يستطيع ان يركع فانه لا يصح ان يكون اماما للقادر علي الركوع. واما العاجز عن الركوع فانه يصح ان يكون اماما له؛ لتساويهما في العله، ما هو الدليل علي انها لا تصح امامه العاجز عن الركوع بالقادر عليه؟ الدليل: لان القادر علي الركوع اكمل حالا من العاجز عنه، ولا ينبغي ان يكون العاجز اماما للقادر، هذا ما ذهب اليه المءلف وهو المذهب. وكذلك العاجز عن السجود؛ مثل ان يكون الانسان قد عمل عمليه لعينيه لا يستطيع ان يسجد، ويركع ويقوم ويقعد لكن لا يستطيع السجود الا بالايماء، فلا يصح ان يكون اماما للقادر علي السجود، ويصح ان يكون اماما للعاجز عنه، والعله فيه كالعله في العاجز عن الركوع. قال المءلف: (او قعود) يعني: لا يستطيع ان يجلس، فلا تصح امامته الا بمثله، والعله ما سبق في العاجز عن الركوع والسجود. قال المءلف: (او قيام) العاجز عن القيام؛ فان العاجز عن القيام لا يصح ان يكون اماما للقادر عليه، والعله ما سبق؛ انه عاجز عن الاتيان بالركن فحاله دون القادر عليه، ولا ينبغي ان يكون العاجز اماما للقادر مع ان صلاته صحيحه. استثني المءلف، قال: (الا امام الحي) . قوله: (الا امام الحي) : هذا مستثني من الصوره الاخيره، وهي قوله: (او قيام) . وقوله: (الا امام الحي) يعني: الامام الراتب في المسجد. و (الحي) جمعه احياء، وهي الدور والحارات، فاذا كان هذا المسجد له امام راتب عاجز عن القيام فانه يكون اماما لاهل الحي القادرين علي القيام، لكن بشرط؛ قال: (المرجو زوال علته) يعني بان يكون عجزه عن القيام طارءا، بخلاف العاجز عن القيام عجزا مستمرا كالشيخ الكبير؛ فان الصلاه خلفه لا تصح. اذن افادنا المءلف -رحمه الله- بهذه العباره ان من عجز عن ركن القيام والقعود والركوع والسجود لا تصح امامته الا بمثله. (الا امام الحي المرجو زوال علته) يعني انه بشرطين؛ ان يكون العاجز عن القيام امام الحي، والثاني: ان تكون علته مرجوه الزوال؛ مثل: ان يطرا عليه وجع في ظهره او في ركبته لا يستطيع القيام، فهنا يصح ان يكون اماما لاهل الحي وان كان عاجزا عن القيام. قال المءلف: (ويصلون وراءه جلوسا) (يصلون) : الضمير يعود علي الحي؛ يعني: الجماعه. (وراءه) اي: وراء امام الحي. (جلوسا) حال من فاعل (يصلون) . (ندبا) يعني: ان هذا الحكم ندب وليس بواجب، والندب: يعني السنه؛ فالسنه ان يصلوا خلفه جلوسا؛ دليل ذلك: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به، فاذا ركع فاركعوا» الي اخر الحديث، الي ان قال: «واذا صلي قاءما فصلوا قياما، واذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» . قال: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ، وهذا نص صريح في ان الصلاه خلف العاجز عن القيام من القادر عليه صحيحه، وانه يصلي خلف امامه قاعدا اقتداء بامامه. وقول المءلف: (يصلون وراءه جلوسا ندبا) افادنا -رحمه الله- انهم لو صلوا خلفه قياما فصلاتهم صحيحه؛ لان السنه لا يبطل الصلاه تركها. ولكن ذهب بعض العلماء الي ان الصلاه خلفه يجب ان تكون قعودا؛ يعني: يصلون خلفه قعودا وجوبا، واستدلوا لذلك: بقول الرسول عليه الصلاه والسلام: «فصلوا قعودا» ، والاصل في الامر الوجوب، لا سيما وان النبي صلي الله عليه وسلم علل ذلك في اول الحديث بقوله: «انما جعل الامام ليءتم به» ؛ ويدل لذلك ايضا انه لما صلي عليه الصلاه والسلام باصحابه ذات يوم -وكان عاجزا عن القيام- فقاموا فاشار اليهم ان اجلسوا فجلسوا . فكونه يشير اليهم حتي في اثناء الصلاه يدل علي ان ذلك علي سبيل الوجوب. ونظير هذا انه لما قام عبد الله بن عباس عن يساره اخذ براسه من وراءه وجعله عن يمينه ، وقد قالوا: انه لا يجوز ان يقف الماموم الواحد عن يسار الامام. فنقول: هذا مثله، بل في هذا قول ابلغ من الفعل، وهو قوله: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» . وهذا القول هو الصحيح: ان الامام اذا صلي قاعدا وجب علي المامومين ان يصلوا قعودا، فان صلوا قياما في هذه الحال فصلاتهم باطله، تبطل صلاتهم . ولهذا يلغز بها، فيقال: رجل صلي الفرض قاءما فبطلت صلاته، من هو؟ الذي صلي قاءما خلف امام يصلي قاعدا. فالقول الصحيح في هذه المساله انه اذا صلي الامام قاعدا، وجب علي المامومين ان يصلوا قعودا، فان صلوا قياما بطلت صلاتهم . نرجع الي هذه المساله، نقول: ان المءلف -رحمه الله- جزم بان الامام اذا صلي قاعدا فان المامومين يصلون قعودا، الا انه ادخل في ذلك شرطين نتكلم عليهما فيما بعد. وخالف في هذا كثير من اهل العلم وقالوا: ان الامام اذا صلي قاعدا وجب علي المامومين القادرين علي القيام ان يصلوا قياما، فان صلوا قعودا بطلت صلاتهم، عكس ما رجحناه. نحن قلنا: يجب ان يصلوا قعودا، فان صلوا قياما بطلت صلاتهم. لكن هذا قال -وعليه كثير من اهل العلم-: بل يجب عليهم ان يصلوا قياما، فان صلوا قعودا بطلت صلاتهم، واستدلوا لذلك بان النبي صلي الله عليه وسلم خرج ذات يوم في مرض موته، والناس يصلون خلف ابي بكر، فتقدم حتي وقف، بل حتي جلس عن يسار ابي بكر، فجعل يصلي بهم عليه الصلاه والسلام قاعدا وهم قيام، هم يقتدون بابي بكر، وابو بكر يقتدي بصلاه النبي صلي الله عليه وسلم ؛ لان صوته صلي الله عليه وسلم كان ضعيفا لا يسمع الناس، فكان ابو بكر يسمعه لانه الي جنبه، فيرفع ابو بكر صوته فيقتدي الناس بصلاه ابي بكر. قالوا: وهذا في اخر حياته، فيكون ناسخا لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ، ولاشارته الي اصحابه حين صلي قاعدا فصلوا خلفه قياما فاشار اليهم ان اجلسوا ؛ لانه من المعروف ان المتاخر من سنه الرسول صلي الله عليه وسلم ينسخ المتقدم، وعللوا ايضا فقالوا: ان القيام ركن علي القادر عليه، وهءلاء قادرون علي القيام، فيكون القيام في حقهم ركنا؛ لان الادله علي اعلي تقدير متعارضه فيجب الرجوع الي الاصل وهو وجوب القيام، اعرفتم هذا؟ ولكننا نقول: ان هذا القول ضعيف، اي: القول بانهم يصلون خلف القاعد قياما ضعيف؛ وذلك لانه لا يجوز الرجوع الي النسخ الا عند تعذر الجمع، فان من المعلوم عند اهل العلم انه يشترط للنسخ شرطان لا بد منهما: الشرط الاول: العلم بتاخر الناسخ. والشرط الثاني: ان لا يمكن الجمع بينه وبين ما ادعي انه منسوخ؛ وذلك لانك اذا اعملت النسخ الغيت احد الدليلين. والغاء الدليل ليس بالامر الهين حتي نقول كل ما اعيانا الجمع: هذا منسوخ، هذا لا يجوز؛ لانك اذا قلت: هذا منسوخ؛ اي: ابطلت حكمه، فالامر صعب، والجمع هنا ممكن جدا، اشار اليه الامام احمد -رحمه الله- فقال: انما بقي الصحابه قياما؛ لان ابا بكر ابتدا بهم الصلاه قاءما. وعلي هذا فنقول: لو حدثت لامام الحي عله في اثناء الصلاه اعجزته عن القيام فكمل صلاته جالسا، فان المامومين يتمونها قياما، وهذا لا شك انه جمع حسن واضح؛ وعليه فنقول: اذا صلي الامام بالمامومين قاعدا من اول الصلاه فليصلوا قعودا، وان صلي بهم قاءما ثم اصابته عله فجلس فانهم يصلون قياما، وبهذا يحصل الجمع بين الدليلين، والجمع بين الدليلين اعمال لهما جميعا. قلنا: ان المءلف ادخل علي صلاه المامومين القادرين علي القيام خلف الامام العاجز عنه ادخل شرطين؛ الشرط الاول: ان يكون امام الحي، والثاني: ان تكون علته مرجوه الزوال. ومن المعلوم ان القاعده الاصوليه ان ما ورد عن الشارع مطلقا فانه لا يجوز ادخال اي قيد من القيود عليه الا بدليل؛ لانه ليس من حقنا ان نقيد ما اطلقه الشرع، وهذه القاعده تفيدك في مواضع كثيره؛ منها مثلا: المسح علي الخفين؛ اطلق الشارع المسح علي الخفين، ولم يشترط في الخف ان يكون من نوع معين، ولا ان يكون سليما من عيوب ذكروا انها مانعه من المسح كالخرق وما اشبهه، فالواجب علينا اطلاق ما اطلقه الشرع؛ لاننا لسنا الذين نتحكم بالشرع، ولكن الشرع هو الذي يحكم فينا، اما ان ندخل قيودا في امر اطلقه الشرع، فهذا لا شك انه ليس من حقنا. فلننظر: قال النبي عليه الصلاه والسلام: «انما جعل الامام ليءتم به، فاذا كبر فكبروا، واذا ركع فاركعوا، واذا سجد فاسجدوا، واذا صلي قاءما فصلوا قياما، واذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» . هل هذه الاحكام التي جعلها الشارع في مسار واحد هل هي تختلف بين امام الحي وغيره؟ هل نقول: اذا كبر امام الحي فكبر واذا ركع فاركع، واذا كبر غير امام الحي فانت بالخيار واذا ركع فانت بالخيار؟ ابدا، الاحكام هذه كلها عامه لامام الحي ولغيره؛ وعلي هذا: يلغو الشرط الاول الذي اشترطه المءلف وهو قوله: (امام الحي) ، ونقول: اذا صلي الامام قاعدا فصلوا قعودا. وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، فاذا كان هذا الاقرا عاجزا عن القيام، قلنا: انت امامنا فصل بنا، واذا صلي بنا قاعدا فاننا نصلي خلفه قعودا لامر الرسول عليه الصلاه والسلام في كونه امامنا، وبامره في كوننا نقعد، نصلي قعودا. الشرط الثاني ما هو؟ المرجو زوال علته، هذا ايضا قيد في امر اطلقه الشارع، ما قال: اذا صلي قاعدا وانتم ترجون زوال علته فصلوا قعودا، بل قال: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ؛ وعلي هذا: فاننا نصلي خلف الامام العاجز عن القيام، سواء كان ممن يرجي زوال علته، او ممن لا يرجي زوال علته. الدليل العموم؛ النص عام مطلق، فاذا كان عاما مطلقا فليس لنا ان نخصصه ولا ان نقيده؛ لاننا نحن عبيد محكوم علينا ولسنا بحاكمين، وليس هناك دليل يدل علي هذا القيد من كتاب ولا سنه ولا اجماع، (...) الكتاب والسنه والاجماع وجب ان يبقي النص علي ما هو عليه، علي اطلاقه. اذا قال قاءل: اذا كان الامام شيخا كبيرا، لا يرجي زوال علته لزم من ذلك ان يبقي الجماعه يصلون داءما قعودا، فماذا نقول؟ طالب: نعم. طالب اخر: نقول: لا اثم. الشيخ: نلتزم بهذا اللازم ما دام هذا لازم قول الرسول عليه الصلاه والسلام، فان قول الرسول حق، ولازم الحق حق، ونحن اذا صلينا قعودا مع قدرتنا علي القيام في جميع صلواتنا، فانما صلينا بامر من؟ بامر النبي صلي الله عليه وسلم، فليس علينا ضير. علي ان هذا ايضا لا يمكن ان يطرد، يعني: كل الناس سيصلون جميع الصلوات خلف هذا الامام؟ لا، قد تفوتهم الصلاه ويصلون فرادي او مع جماعه اخري، قد يصلون في مسجد اخر، قد يعذرون عن حضور الجماعه فيصلون في بيوتهم، فليس بلازم. علي كل حال: حتي ولو كان لازما فان ذلك اللازم من حق، ولازم الحق حق. اذن نقول: تصح صلاه القادر علي القيام خلف العاجز عنه سواء كان امام الحي ام غيره، وسواء كانت يرجي زوال علته ام لا يرجي ؛ لان الحديث عام مطلق. وكيف يصلون؟ يصلون قعودا بامر النبي صلي الله عليه وسلم، وجوبا او ندبا؟ طلبه: وجوبا. الشيخ: علي القول الراجح وجوبا؛ لامر النبي صلي الله عليه وسلم بذلك. بقي علينا العاجز عن الركوع والسجود والقعود، هل تصح الصلاه خلفه؟ علمتم ان المذهب لا تصح الصلاه خلفه الا بمثله، ولكن الصحيح ان الصلاه خلفه صحيحه، بناء علي القاعده ان من صحت صلاته صحت امامته؛ لان هذه القاعده دلت عليها النصوص العامه، الا في مساله المراه؛ فانها لا تصح ان تكون اماما للرجل لانها من جنس اخر، وايضا قياسا علي العاجز عن القيام؛ فان صلاه القادر علي القيام خلف العاجز عنه صحيحه بالنص، فكذلك العاجز عن الركوع والسجود. فان قال قاءل: ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «اذا صلي قاءما فصلوا قياما، واذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ، ولم يقل: اذا صلي راكعا فاركعوا، واذا اوما فاومءوا. قلنا: لان الحديث انما ذكر القيام لانه ورد في حال العجز عن القيام؛ لان الرسول عليه الصلاه والسلام خاطبهم حينما صلي بهم قاعدا فقاموا ثم اشار اليهم فجلسوا، فلهذا ذكر النبي عليه الصلاه والسلام القيام كمثال؛ لان هذا هو القضيه الواقعه؛ فعليه نقول: ان القول الراجح ان الصلاه خلف العاجز عن الركوع صحيحه . فلو كان امامنا لا يستطيع الركوع لالم في ظهره صلينا خلفه، ولكن هل اذا ركع بالايماء نركع بالايماء او نركع ركوعا تاما؟ طلبه: ركوعا تاما. الشيخ: الظاهر اننا نركع ركوعا تاما؛ وذلك لان الركوع لا يغير هيءه القيام الا بالانحناء بخلاف القيام مع القعود، وايضا القيام مع القعود اشار النبي عليه الصلاه والسلام الي علته، باننا لو قمنا وامامنا قاعد كنا مشبهين للاعاجم الذين يقفون علي ملوكهم؛ ولهذا في بعض الفاظ الحديث: «لا تشبهوا بالاعاجم؛ فانهم كانوا يقومون علي ملوكهم» ، واذا كان امامنا قاعدا ونحن قيام صرنا قاءمين عليه، اما الركوع اذا عجز عنه واوما وركعنا فاننا لا نشبه العجم، لا نشبههم. كذلك في العجز عن السجود الصحيح انها تصح امامه العاجز عن السجود بالقادر عليه، وهل الماموم في هذه الحال يومء بالسجود؟ الجواب: لا، يسجد تاما. العاجز عن القعود هل نصلي خلفه مع قدرتنا علي القعود؟ نعم، لو كان امامنا مريضا لا يستطيع القعود، يصلي علي جنبه، اليس كذلك؟ يصلي علي جنبه، فهل يصح ان نصلي خلفه؟ الجواب: نعم، يصح ان نصلي خلفه، ولكن هل نضطجع؟ لا؛ لان الامر بموافقه الامام انما جاء في القعود والقيام؛ وعلي هذا نصلي جلوسا وهو مضطجع، وكذلك لو عجز عن القعود بين السجدتين مثلا، او عن القعود في التشهد فاننا نصلي خلفه . اذن فالصحيح اننا نصلي خلف العاجز عن القيام والركوع والسجود والقعود، وهذا القول هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيميه -رحمه الله- وهو الصحيح بناء علي عمومات الادله مثل: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، وعلي القاعده التي ذكرناها وهي ان من صحت صلاته صحت امامته. *** طالب: احسن الله اليكم، اذا صليت وراء امام قاعد وقد فاتتني بعض الصلاه، فهل اقضيها قاعدا ام قاءما؟ الشيخ: لا، اذا قضيتها تصليها قاءما. الطالب: قاءما؟ الشيخ: نعم؛ يعني: لو صلي اول صلاته خلف امام قاعد اتمها قاءما؛ لانه ليس فيه مخالفه للامام الان. طالب: شيخ، لو قال قاءل: ان بعض النصوص المطلقه قد تقيدها اللغه فمثلا الخف مثلا المخرق يطلق عليه خفا لكن لا يطلق عليه انه خف بالكليه؛ انه مخف لبعض الاجزاء، لكن بعض الاجزاء ما اختفي. الشيخ: لكن من يقول: ان الخف لغه لا يطلق الا علي ما ستر القدم؟ الطالب: (...) الاخ الواجب. الشيخ: لا، ما هو (...) الواجب؛ ولهذا ذهب الكثير من العلماء الذين يقولون بانه لا يجوز المسح علي المخرق انه لو لبس شيءا يصف البشره كالزجاج، وكالباره في الوقت الحاضر فانه يمسح عليها، ما هو العله الستر. الطالب: يعني: الخف الجزءي له حكم الخف الكلي؟ الشيخ: اي نعم، ما دام انه تنتفع به القدم ويمكن فيه المشي. طالب: شيخ، لو ان امراه تقرا ومرت بايه سجده وعندها رجل فسجد، هل يتبع الاقتداء بالمراه؟ الشيخ: ويش تقولون؟ رجل يستمع لقراءه امراه فمرت بسجده فسجدت هل ياتم بها؟ طالب: نعم. الشيخ: لا، المراه لا يمكن ان تكون اماما للرجل، ولو كان هي القارءه. الطالب: اذا صلي الامام مضطجعا، لماذا لا نقول: انهم يصلون قياما؟ الشيخ: لان العله التي نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن القيام من اجلها موجوده، وهي انهم يقومون عليه كما تقوم الاعاجم علي ملوكها. طالب: الاخرس فيه انه (...) بالمقصود بالصلاه الجهريه، وفيه انه يغير هيءه الصلاه. الشيخ: اما الصلاه الجهريه فانت تعلم ان الجهر والسر سنه وليس بواجب. الطالب: لكن يغير الهيءه؟ الشيخ: كيف الهيءه؟ الطالب: الهيءه في الجهريه؛ يعني: لو دخل علي ناس (...). الشيخ: هو اصله لو سكت حتي (...) وقرا سرا فلا باس. لماذا اشترطوا ان يرجي زوال علته؟ طالب: اشترطوا لارجاء زوال علته حتي اذا اتي يوم صلي بهم قياما وكان يساويهم في القيام، يعني: ما كان الامام من ادني الي الاعلي. الشيخ: لا. طالب: عللوا بهذا انه لو كان لا يرجي زوال علته تكون صلاتهم طول حياتهم خلف هذا الامام قعودا. الشيخ: نعم، عرفتم؟ قالوا: يلزم ان تبقي صلاتهم خلف هذا الامام قعودا. ما تقول في هذا التعليل؟ الطالب: ان هذا التعليل مردود؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي امر بالجلوس اذا صلي الامام جالسا. الشيخ: ولم؟ الطالب: ولم يقل: ان كان مرجوا زوال علته.. الشيخ: يعني: لم يفصل، ثم انه ربما يصلي بهم فرضا واحدا ثم يموت او ينتقل. طالب: او يصلون في مكان اخر. الشيخ: اي نعم، او يصلون في مكان اخر، اذن، ما هو القول الراجح في هذه المساله؟ طالب: انه لا يشترط في امام الحي. الشيخ: انه لا يشترط ان يكون امام الحي، ولا ان ترجي زوال علته. الطالب: تصح صلاه العاجز عن القيام بالقادر مطلقا. الشيخ: ما هو دليلك علي انه لا يشترط هذا الشرط؟ الطالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم عندما ذكر قال: «اذا صلي جالسا فصلوا جلوسا» لم يفسر، ولم يفرق فقال: ان كان امام الحي، او ان كان.. الشيخ: والقاعده ان ما جاء عن الشرع مطلقا فانه لا يجوز ان نقيده، وما جاء عاما لا يجوز ان نخصصه الا بدليل؛ لاننا لو فعلنا لضيقنا واسعا، وشرعنا مع شرع الله، وهذه قاعده ينبغي لطالب العلم ان يفهمها ان ما ورد مطلقا وجب ابقاءه علي اطلاقه، وما ورد عاما وجب ابقاءه علي عمومه، لا يجوز ان يخصص، ولا يجوز في المطلق ان يقيد؛ لاننا لو فعلنا ذلك لضيقنا ما وسعه الشرع. لكن دليل التقييد او التخصيص قد يعلم بالنص، وقد يعلم بالاجماع، وقد يعلم بالقياس الصحيح؛ فاذا لم يكن اجماع ولا نص ولا قياس صحيح فالواجب ابقاءه علي اطلاقه. اذن الخلاصه ان الصحيح انه يجوز ان يكون الامام عاجزا عن القيام وعن الركوع وعن السجود وعن القعود وعن جميع الاركان، وان الاءتمام به صحيح ؛ لانه قد اتي بما يجب عليه، فصلاته مع العذر كصلاه من اتي بهذه الاركان؛ لان كلا منهما صلاته صحيحه، هذه هي القاعده، وهذا الذي اقوله الان: انه الصحيح هو الذي اختاره شيخ الاسلام ابن تيميه -رحمه الله- وهو الحق؛ لان هذا الرجل الامام صلاته صحيحه، والامامه تابعه للصلاه، فاذا صحت الصلاه صحت الامامه. لو انهم صلوا خلف امام الحي قاءمين، ايش تقول في الصلاه؟ اولا: هل يجوز ذلك او لا؟ طالب: علي قول المءلف يجوز اذا كان (...). الشيخ: اي نعم؛ يعني: هل يصلون خلفه قعودا علي سبيل الوجوب او علي سبيل الاستحباب؟ الطالب: علي.. الشيخ: علي راي المءلف؟ الطالب: ندبا. الشيخ: ويش معني (ندبا)؟ الطالب: يعني: استحبابا. الشيخ: يعني: استحبابا؛ فلو صلوا قياما فصلاتهم صحيحه، والصحيح انهم يصلون جلوسا وجوبا، ولو صلوا قياما بطلت صلاتهم لمخالفتهم امر النبي صلي الله عليه وسلم. *** ثم قال المءلف: (فان ابتدا بهم الصلاه قاءما ثم اعتل فجلس اتموا خلفه قياما وجوبا) (ان ابتدا) الضمير يعود علي الامام. (بهم) الضمير يعود علي الجماعه. (الصلاه قاءما ثم اعتل) يعني: اصابته عله (فجلس) فانهم يصلون (خلفه قياما وجوبا) . مثال ذلك: رجل امام يصلي بالجماعه في اثناء القيام اصابه مغص في ظهره او بطنه فجلس، واتم بهم الصلاه جالسا، نقول للجماعه: يلزمكم ان تتموا الصلاه قياما، ولا يجوز لكم الجلوس. ما الدليل علي هذا، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «اذا صلي قاءما فصلوا قياما، واذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ؟ نقول الدليل: فعل الرسول عليه الصلاه والسلام في مرض موته حين دخل المسجد وابو بكر يصلي بالناس، وكان ابو بكر قد ابتدا بهم الصلاه قاءما، فجلس النبي صلي الله عليه وسلم الي يسار ابي بكر، وبقي ابو بكر قاءما يصلي ابو بكر بصلاه النبي صلي الله عليه وسلم، ويصلي الناس بصلاه ابي بكر ، ولم يامرهم النبي صلي الله عليه وسلم بالجلوس. وهذا الدليل هو الذي اجاب به الامام احمد جامع بينه وبين حديث: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» ؛ وعلي هذا فيكون عموم قوله: «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» مخصوصا بهذه الحال اذا ابتدا بهم قاءما اتموا قياما. ثم قال: (وتصح خلف من به سلس بول بمثله) معرف عندكم؟ الطالب: اي نعم. الشيخ: اي، انا عندي منكر (تصح خلف من به سلس البول بمثله) . (سلس البول) : يعني استمراره وعدم انقطاعه؛ وذلك ان الانسان قد يبتلي بدوام الحدث من بول او غاءط او ريح، يبتلي، وهذا لا شك انه مرض لا يعرف قدر نعمه الله علي الانسان بالسلامه منه الا من اصيب منه، نسال الله لنا ولكم العافيه. هذا (سلس البول) ان يكون البول يخرج باستمرار لا يستطيع الانسان منعه، فماذا يصنع هذا الذي ابتلي بهذا المرض؟ نقول: ان الله سبحانه وتعالي قال في كتابه: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨]، فكل الدين ولله الحمد يسر، وطريق صلاه هذا ان نقول له: اذا دخل الوقت فاغسل فرجك وتحفظ؛ يعني: اجعل حفاظه تمنع من تسرب البول وانتشاره في جسده وفي ثيابه، ثم توضا وضوءك للصلاه، ثم صل ما شءت فروضا ونوافل، الي متي؟ الي ان يدخل وقت الصلاه الثانيه؛ يعني: تستمر تصلي حتي وان خرج الوقت؛ وذلك لانه ليس هناك دليل علي ان خروج الوقت يبطل الوضوء فيمن حدثه داءم، ليس هناك دليل. نعم، لو انه دخل وقت صلاه موقته فاننا نقول: اذا دخل وقت الصلاه الموقته فتوضا لها؛ لقول النبي عليه الصلاه والسلام للمستحاضه: «توضءي لكل صلاه» ، اما خروج الوقت فليس في السنه ما يدل علي انه يبطل الوضوء. ولكن بعض العلماء يقول: انه اذا خرج الوقت فيمن حدثه داءم بطل وضوءه، اقول: نقول لهذا الرجل: اعمل هذا العمل، فعل لما دخل الوقت غسل فرجه وتحفظ وتوضا وصلي، صلاته لنفسه صحيحه ولا لا؟ صحيحه، وصلاته ماموما بامام سليم من هذا المرض؟ صحيحه، وصلاته اماما بمصاب بهذا المرض؟ صحيحه، كذا؟ كم هذه من صوره؟ طلبه: ثلاثه. الشيخ: ثلاث صور؛ صلاته اماما بمن هو سليم من هذا المرض يقول المءلف: انها لا تصح، فاذا صلي من به سلس البول اماما لمن هو سالم منه فصلاه الماموم باطله وصلاه هذا ايضا باطله؛ لانه نوي الامامه بمن لا يصح اءتمامه به، لماذا؟ قالوا: لان حال من به سلس البول دون حال من سلم منه، ولا يمكن ان يكون الماموم اعلي حالا من الامام، هذا التعليل. ولكن القول الصحيح في هذا ان امامه من به سلس البول صحيحه بمثله وبصحيح سليم ؛ ودليل ذلك عموم قوله صلي الله عليه وسلم: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، وهذا الرجل صلاته صحيحه؛ لانه فعل ما يجب عليه، واذا كانت صلاته صحيحه لزم من ذلك صحه امامته؛ لانه لما حضر هو وهذا الرجل، كل منهما لو صلي لنفسه صحت صلاته، اذن فاذا صلي اماما صحت امامته. ثم نقول: ان قولكم: ان الماموم لا يكون اعلي حالا من الامام منتقض منقوض؛ بماذا؟ بصحه صلاه المتوضء خلف المتيمم، وانتم تقولون بذلك؛ تقولون: انه لو صلي شخص متوضء بشخص متيمم لمرض او لعدم الماء فصلاته صحيحه، مع ان المتوضء اعلي حالا، لكن هم يقولون: لان المتيمم طهارته صحيحه، نقول: ومن به سلس البول طهارته ايضا صحيحه. ولذلك القول الصحيح ان من به سلس البول تصح امامته بمن هو سالم منه ، وعرفتم الدليل؛ عموم قوله: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، ولان هذا الذي اصيب بالسلس صلاته صحيحه فتصح امامته. ثم قال: (ولا تصح خلف محدث) . طالب: اذا صححنا صلاه الاخرس اماما للمامومين، فكيف يصح التكبيرات والانتقالات؟ الشيخ: ما هو مشكل، يشير اشاره وهو بيركع ويسجد. الطالب: لو كان المسجد كبيرا يعني ما.. الشيخ: يبلغ واحد وراءه. طالب: شيخ، امامه المراه للرجل لا تصح، لكن ما الجواب عن حديث ام ورقه رضي الله عنها ؟ الشيخ: الجواب عليه اذا صح، فهي تءم اهل دراها؛ يعني: من النساء. الطالب: شيخ دل عليه الحديث انها للنساء؟ الشيخ: كيف؟ الطالب: اقول: دل علي انها امامه للنساء خاصه فقط؟ الشيخ: اي نعم، ما قلناه في الاستدلال بان المراه لا تكون اماما للرجل. طالب: احسن الله اليكم، ما الدليل علي ان الذي به سلس بول يجدد وضوءه مع كل صلاه؟ الشيخ: قول النبي عليه الصلاه والسلام للمستحاضه: «توضءي لكل صلاه» . الطالب: يقاس عليه سلس البول؟ الشيخ: اي نعم، يقاس عليه؛ لان العله واحده. طالب: احسن الله اليك، ويش مثال الفسق في الاعتقاد، انسان فاسق في الاعتقاد؟ الشيخ: الفسق في الاعتقاد ان يعتقد الانسان شيءا لا يخرجه من المله. الطالب: مثلا. الشيخ: عن المثال؟ يعني مثلا: لو قال: ان نزول الله للسماء الدنيا يعني نزول رحمته. الطالب: اذا علم النص؟ الشيخ: اذا علم لانه بيءول، اما لو كذب النص فهو كافر. طالب: اذا تاول بالتاويل الصحيح او تاول (...)؟ الشيخ: لا، نقول: لانه اذا تاول فاما ان يكون عنده دليل علي تاويله فهذا نعم، قد يكون له وجه نظر. الطالب: اذا ما عنده دليل. الشيخ: ولذلك الاشاعره هم يعتبرون من المبتدعه الذين لا يكفرون، كثيرا ايضا من المعتزله. طالب: احسن الله اليك يا شيخ، لو كان الذي به سلس البول مسافرا، فهذا يجمع الصلاتين مع بعض، فهل يتوضا..؟ الشيخ: لا ما يحتاج. الطالب: يجمعهم؟ الشيخ: يعني: من به سلس البول يجوز ان يجمع ايضا، نصوا عليها، ولو كان مقيما، الذي به سلس البول يجوز ان يجمع ولو كان مقيما. طالب: شيخ، قلنا: انه يصح صلاه الذي لا يستطيع الركوع.. الشيخ: والسجود. الطالب: بمن هو يستطيع، وقلنا: مما يدل علي ذلك القياس علي صلاه الرسول صلي الله عليه وسلم بهم وهو جالس وهم قيام، طيب يا شيخ، لو قال قاءل: العبادات لا قياس فيها؟ الشيخ: لا، العبادات فيها قياس؛ لانه ما دام الفعل واحد وهو العجز عن الاركان، فهذا الذي حصل من الرسول قضيه عين، يعني تصبح كمثال، فالقياس الممنوع ان اقيس عباده مستقله علي عباده، مثل ان اقول: صلاه العصر لها سنه راتبه قبلها كصلاه الظهر؛ لانها صلاه رباعيه نهاريه، هذا ما يمكن. طالب: شيخ، ذكرنا في (باب الطهاره) ان اذا لمس قبل الخنثي المشكل، فلا ينقض وضوءه؛ لان بقاء الاصل عليه، فكيف نعلم الخنثي المشكل لا تصح امامته، الا يكون احتمال يكون ذكرا يا شيخ؟ الشيخ: لا فيه احتمال ذكر، لكن لانه يشترط ان يكون امام الذكر ذكرا، اما هذاك فالاصل بقاء الوضوء؛ لانه هنا ما عندنا اصل نبني عليه، في مساله مس القبل، عندنا اصل وهو بقاء الطهاره، والنبي عليه الصلاه والسلام لما شكي اليه الرجل يجد الشيء في الصلاه ويشك، قال: «لا ينصرف حتي يسمع صوتا او يجد ريحا» . طالب: شيخ، اذا كان الانسان مصابا بالغازات، يعني: توضا وصلي وانقطع وضوءه. الشيخ: كيف؟ الطالب: هو مريض يعني مصاب، فهل (...) للصلاه يتوضا؟ الشيخ: ما هو ذكرنا ان الحديث الداءم اما بول او غاءط او ريح، ما هي بالريح هي الغازات؟ فاذا كان ما يستطيع يمسك فهو كالبول. طالب: شيخ -عفا الله عنك- المبتدع الفاسق اذا كان علم مثلا الحق انه مثلا ان صفات الله عز وجل (...) او انه يعلم ان الله نزل الي السماء الدنيا بذاته، ولكن تعصب الي اءمته وما زال يقول بقولهم؟ الشيخ: هذا فاسق. الطالب: ما يكفر؟ الشيخ: لا ما يكفر لانه ما كذب. طالب: سلس البول، يا شيخ، كيف يءم مع ان الريحه منتنه، (...) يخرج راءحه؟ الشيخ: يعني: انت تري انه ما في صلاه جماعه الا في المسجد؟ الطالب: (...) جماعه (...) المسجد (...). الشيخ: يمكن يصلون في البر، في سفر. الطالب: خارج المسجد يءم الناس. الشيخ: في سفر، يعني: اي ان تقول يءم الناس خارج المسجد، في المسجد (...). وعلي كل حال اذا كان له راءحه كريهه، او يخشي ان يتلوث المسجد، فهو ما يدخل المسجد، يكون هذه عله غير مساله انه تصح امامته او لا تصح. لانه مثلا اذا قدمنا الراءحه الكريهه او انه يتسرب البول حتي يلوث المسجد فهذا يمنع. طالب: شيخ، اذا دخل امام الحي مع من انابه عنه كمن اذا كان مريضا، فعل النبي صلي الله عليه وسلم (...) الصلاه، هل (...) حتي يتم (...)؟ الشيخ: فهمتم السءال؟ يقول: اذا دخل امام الحي في اثناء الصلاه وقد صلوا ركعتين مثلا، فهو سوف يصلي اربع ركعات، وهم قد صلوا قبله ركعتين، كم يصلون معه؟ طالب: ستا يا شيخ. الشيخ: لا ما يصلون الا ركعتين؛ عشان تكون صلاتهم رباعيه، فهم اذا اتموا اربعا جلسوا لا يتبعون الامام، ثم هم بالخيار ان شاءوا سلموا وان شاءوا انتظروا. الطالب: شيخ، ما يضر اختلاف النيه هنا يا شيخ؟ الشيخ: ما يضر، اصل اختلاف النيه ما هو بوارد اطلاقا علي القول الراجح، ما يضر، وهنا لم تختلف النيه؛ لان الصلاه واحده. الطالب: المساله الاولي يا شيخ، اذا صلوا ركعتين، ودخل معهم وصلي ايضا، يصلي بهم ركعتين.. الشيخ: طيب، وهو يصلي الظهر، وهم يصلون الظهر، اين اختلاف النيه؟ الطالب: هو يصلي الركعتين الاول، وهم يصلون الركعتين.. الشيخ: ما يضر، هذا المسبوق اذا جاء يصلي الركعتين الاخيرات وهن له اول. طالب: رجل طلبت منه امراته انها تخرج الي المسجد، فجاب طيبا وكبه، وقال: الان ما يجوز. الشيخ: والله هذا رجل جبان، بدلا من ان يخسر طيبا بمءتي ريال، يقول لها: لا. الطالب: تعترض عليه. الشيخ: طيب، خليك معي، ستعترض عليه، ستعترض عليه بقول الرسول عليه الصلاه والسلام: «لا تمنعوا اماء الله مساجد الله» ، فاذا صب عليها الطيب قالت: هذا منع بالفعل، والحيله ما تنفع، لكن كان طيب بالاول، يحرص ان يطيبها قبل هذا، فتمتنع. طالب: جزاك الله خيرا، بالنسبه للنبي صلي الله عليه وسلم صلي حينما دخل ابو بكر يصلي بالناس كان اماما له، وروي انه دخل مره وكان عبد الرحمن بن عوف او غيره يصلي بالناس فصلي خلفه، فقد يتقدم علي ابي بكر و(...). الشيخ: لان ابا بكر قبل هذا لما كان الرسول ذهب ليصلح بين قوم، وجاء وابو بكر يصلي اظن اراد ان يبقي فتاخر ابو بكر، ثم قال: ما كان لابن ابي قحافه ان يتقدم بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فكان الرسول يعلم ان ابا بكر يكره هذا الشيء (...). *** طالب: والصلاه والسلام علي محمد، وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المءلف رحمه الله تعالي: ولا تصح خلف محدث، ولا متنجس يعلم ذلك، فان جهل هو والماموم حتي انقضت صحت لماموم وحده، ولا امامه الامي وهو من لا يحسن الفاتحه او يدغم فيها ما لا يدغم، او يبدل حرفا، او يلحن فيها لحنا يحيل المعني الا بمثله، وان قدر علي اصلاحه لم تصح صلاته، وتكره امامه.. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين. سبق لنا ان العاجز عن الركن لا يءم القادر عليه الا ركنا واحدا، ما هو؟ طالب: (...) الا الركوع. الشيخ: نعم، ما هو؟ طالب: (...). الشيخ: ان العاجز عن الركن لا يكون اماما للقادر عليه الا في ركن واحد علي المذهب. طالب: (...) علي المذهب؟ المذهب: اذا كان مثلا جالسا، اذا كان عاجزا عن الركوع. طالب اخر: القيام. الشيخ: العجز عن القيام، يعني: العاجز عن القيام يصح ان يءم القادر عليه؟ الطالب: اذا كان امام الحي (...) تزول.. الشيخ: يرجي زوال علته. ما هو الدليل علي هذا الاستثناء؟ طالب: ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي بالصحابه جلوسا، والصحابه رضي الله عنهم صلوا قياما لما اقتدي ابي بكر بالنبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: لا. طالب: قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «واذا صلي قاعدا فصلوا قعودا اجمعين» . الشيخ: احسنت، «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا اجمعين» . ما هو الدليل علي اشتراط كونه امام الحي؟ طالب: نقول: ان هذا في سلطانه؛ يعني: يءم في سلطانه لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا يءم الرجل رجلا في سلطانه» ، ما دام امام الحي يصلون خلفه. الشيخ: ما هو الدليل علي انه لا بد ان يكون امام الحي والرسول عليه الصلاه والسلام عمم «اذا صلي قاعدا فصلوا قعودا» . طالب: «انما جعل الامام ليءتم به» . الشيخ: طيب، هذا دليل علي العموم. طالب: قالوا: ان امام الحي مقدم علي غيره، والشرط هذا اذن يقترب من الشرط الاخر، ان ترجي زوال علته. ما هو شرط مطرد.. الشيخ: حتي (...) مقدم علي غيره، اذا كان ما معهم اما حي. الطالب: هو سلطان.. الشيخ: اذا ما صلي امام الحي. الطالب: شيخ، ليس لهم دليل في هذه المساله، هذه ادله ليس لها دليل، تقعيدات ليس لها ادله. طالب اخر: الحنابله لهم تعليل يقول: ان الذي علته لا تزول يكون علته مستديمه. الشيخ: لا (...) اشتراط ان يكون امام الحي. الطالب: انه احق من غيره. الشيخ: (...) اذا صاروا في رباط واقرءهم هو العاجز عن القيام، فهو احق من غيره. علي كل حال: ما في دليل، ما هناك دليل ابدا؛ لانهم ان استدلوا بان الرسول صلي الله عليه وسلم صلي قاعدا فاشار اليهم ان اجلسوا فهو امام الحي، لكنه ما قال: غير امام الحي لا يصح. طيب، المرجو زوال علته؟ طالب: (...) لكن قالوا علي المذهب.. الشيخ: تعليل. الطالب: تعليل، قالوا: حتي لا يصلوا علي الدوام. الشيخ: حتي لا يصلوا قعودا علي الدوام، احسنت. ثم قال المءلف -رحمه الله-: (ولا تصح خلف محدث ولا متنجس يعلم ذلك، فان جهل هو وماموم حتي انقضت صحت لماموم وحده) هاتان مسالتان؛ المساله الاولي: صلاه المحدث، هل تصح الصلاه خلفه او لا؟ نقول: ان جهل انه محدث حتي انتهت صلاته، وجهل المامومون الذين خلفه انه محدث حتي انتهت الصلاه فصلاتهم صحيحه؛ مثال ذلك في الحدث الاصغر: امام اكل لحم ابل ولم يعلم انه لحم ابل فصلي بالجماعه، فلما انتهت الصلاه علم انه اكل لحم ابل، لا علم ان اللحم الذي اكله لحم ابل، فهنا: لا يعيد المامومون صلاتهم، والامام يعيد الصلاه. اما الامام؛ فلانه صلي بغير وضوء، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاه احدكم اذا احدث حتي يتوضا» . واما الماموم فللعذر، عذره ظاهر لانه لا يعلم الغيب، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. فان علم انه محدث في اثناء الصلاه فانه صلاته تبطل، وصلاه المامومين تبطل ايضا، تبطل صلاته وصلاه المامومين. اما بطلان صلاته فظاهر؛ لانه تبين انه علي غير وضوء فلا تقبل صلاته. واما صلاه المامومين؛ فلانه تبين انهم اقتدوا بمن لا تصح صلاته، فبطلت صلاتهم؛ لان صلاتهم مبنيه علي صلاه امامهم، فاذا بطلت صلاه الامام بطلت صلاه الماموم. فان علم واحد من المامومين والباقون لم يعلموا، لا الامام ولا بقيه المامومين بطلت صلاتهم جميعا؛ لان المءلف يقول: (ان جهل هو وماموم حتي انقضت صحت لماموم وحده) . (ان جهل هو وماموم) يعني: بحيث لا يعلم احد من المامومين انه علي غير وضوء، فان علم واحد ولو في اثناء الصلاه بطلت صلاه الجميع. وهذا الثاني ليس له عله واضحه انه اذا علم واحد من المامومين اعاد الكل ليس له وجه! اما الاول: فله العله التي سمعتم؛ فصار اذا صلي الامام محدثا فلا يخلو من حالين: اما ان يعلم بحدثه في اثناء الصلاه هو او احد من المامومين فتبطل الصلاه ويلزمهم استءنافها، واما ان يبقي جاهلا هو وجميع المامومين حتي يسلم ثم بعد ذلك يذكر فصلاتهم صحيحه الا هو، هو يجب عليه ان يعيد الصلاه؛ لانه صلي بغير وضوء. ومثال ذلك في الحدث الاكبر: رجل استيقظ من نومه فتوضا وذهب يصلي الفجر، وبعد انتهاءه من الصلاه راي عليه اثر جنابه، ولكنه كان جاهلا بها، فهنا نقول: المامومون صلاتهم صحيحه، اما هو فانه يعيد الصلاه. وجه ذلك انه هو صلي بغير طهاره، واما المامومون فهم معذورون فصحت صلاتهم، هذه مساله الحدث. اذا صلي محدثا حدثا اصغر او اكبر وبقي جاهلا به حتي انقضت الصلاه ولم يعلم لا هو ولا احد من المامومين فالصلاه صحيحه، فان علم هو او احد من المامومين فالصلاه باطله اذا علموا في اثناء الصلاه. والصحيح في هذه المساله ان صلاه المامومين صحيحه بكل حال الا من علم فقط ان الامام محدث؛ وذلك لانهم اذا كانوا جاهلين فهم معذورون بالجهل (...) امامهم هل انت علي وضوء ام لا؟ وهل عليك جنابه او لا؟ مشكل، كان كلما تقدم الامام قلنا: تعال انت متوضء ولا لا؟ انت عليك جنابه ولا لا؟ ما احد يقول هذا، فاذا كان هذا لا يلزمنا وصلي بنا، وهو يعلم انه محدث، كيف تبطل صلاتنا؟ نحن معذورون، فعلنا ما امرنا به من الاقتداء بهذا الامام، وما لم نكلف به فانه لا يلزمنا حكمه. اذن فالصحيح ان صلاه المامومين صحيحه بكل حال، حتي وان كان الامام عالما؛ لانه احيانا يكون الامام عالما بانه محدث لكن لا يذكر الا وهو يصلي ثم يستحي ان ينصرف، يقول: (...) بهم اعدت صلاتي، وهذا حرام عليه لا شك لكن قد تقع من بعض الجهال. علي القول الراجح -الان نفرع علي القول الراجح- فان ذكر الامام في اثناء الصلاه انه محدث او علم انه محدث في اثناء الصلاه وجب عليه الانصراف، ويستخلف من يكمل بهم الصلاه، فيقول لبعض المامومين الذين وراءه: يا فلان، اتم بهم الصلاه فاني ليست علي وضوء مثلا، وتكمل بهم الصلاه. فان لم يفعل وانصرف فللمامومين الخيار بين ان يقدموا واحدا منهم يكمل بهم الصلاه، او يتموها فرادي؛ لان امامهم ذهب ولم يستخلف، فهم بالخيار ان شاءوا خلفوا واحدا منهم، وان شاءوا اتموا فرادي، هذا هو القول الراجح في هذه المساله. المساله الثانيه: مساله النجاسه. يقول المءلف: (ولا متنجس يعلم ذلك، فان جهل هو والماموم حتي انقضت صحت لماموم وحده) هذه المساله الثانيه مساله النجاسه. اذا صلي الامام بنجاسه وهو يجلهها هو والماموم ولم يعلم بها حتي انتهت الصلاه فان المامومين تصح صلاتهم لانهم معذورون بالجهل، واما الامام فلا تصح صلاته؛ يجب عليه ان يغسل النجاسه التي في ثوبه او علي بدنه ثم يعيد الصلاه؛ لان من شرط صحه الصلاه اجتناب النجاسه، وهذا الرجل صلي بنجاسه فلم يات بالشرط، والقاعده انه اذا تخلف الشرط تخلف المشروط. وعلي هذا فنقول: المامومون صلاتهم صحيحه، لماذا؟ لانهم معذورون بالجهل، والامام يجب عليه اعاده الصلاه، لماذا؟ لان اجتناب النجاسه شرط لصحه الصلاه، وقد تبين الان انه صلي وهو متلبس بالنجاسه فلم يات بالشرط، واذا انتفي الشرط انتفي المشروط. ان علم في اثناء الصلاه، فما الحكم؟ يجب عليه ان يعيد الصلاه هو والمامومون؛ لان المءلف يقول: (ان جهل هو والماموم حتي انقضت صحت لماموم وحده) ، فان علم في اثناء الصلاه بالنجاسه وجب عليه اعاده الصلاه هو والمامومون؛ لان من شرط عدم الاعاده ان يكونوا جاهلين حتي تنتهي الصلاه، هذا هو الذي يقتضيه كلام المءلف. والقول الصحيح في هذه المساله انه اذا جهل الامام النجاسه هو والماموم حتي انقضت الصلاه فصلاتهم جميعا صحيحه ، لا الامام ولا الماموم؛ والعله في الجميع هي العذر بالجهل، والمصلي بالنجاسه جاهلا بها علي القول الراجح ليس عليه اعاده. وكذلك لو علم بها لكن نسي ان يغسلها فان صلاته علي القول الراجح صحيحه، وعلي هذا فيكون الفرق بين هذه والتي قبلها انه اذا جهل الامام والماموم علي القول الراجح فانه يعيد الصلاه اذا كان جاهلا بالحدث، ولا يعيد الصلاه اذا كان جاهلا بالنجاسه. والفرق بينهما ان الوضوء من الحدث من باب فعل المامور، وان اجتناب النجاسه من باب ترك المحظور، فاذا فعله جاهلا فلا يلحقه حكمه . ويدل لهذا القول الصحيح ان النبي صلي الله عليه وسلم صلي ذات يوم باصحابه وعليه نعلاه فخلعهما، فخلع الصحابه نعالهم، فلما انصرف سالهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رايناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «ان جبريل اتاني فاخبرني ان فيهما قذرا» فخلعهما. وهذا صريح في ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان قد لبس نعلين قذرتين، لكنه كان جاهلا، لو كانت الصلاه تبطل اذا علم بالنجاسه في اثناء الصلاه لاستانف النبي صلي الله عليه وسلم الصلاه، لكنه بني علي صلاته فدل ذلك علي ان النجاسه اذا كان الانسان بها جاهلا فانه لا حكم لها، وهذا القول هو القول الراجح . فخلاصه القول الراجح الان انه اذا لم يعلم الامام ولا الماموم بالحدث حتي انتهت الصلاه، من يعيد؟ يعيد الامام وحده، اما الماموم فلا اعاده عليه؛ لانه معذور ليس يعلم الغيب، وان علم في اثناء الصلاه الامام فانه يجب عليه ان ينصرف ويستخلف من يكمل بهم الصلاه، فان لم يستخلف خلفوا احدهم، فان لم يفعلوا صلوا فرادي، ويبنون علي صلاتهم او لا؟ نعم، يبنون علي صلاتهم، صلاتهم صحيحه . اما في النجاسه فالقول الراجح ان الامام اذا جهل هو والماموم حتي انقضت الصلاه فصلاته صحيحه وصلاتهم صحيحه، لا اعاده علي واحد منهم. وان علم في اثناء الصلاه بالنجاسه فان كان يمكنه ازالتها ازالها، وان كان لا يمكنه انصرف واتم الماموم صلاته . مثال التي يمكنه ازالتها: لو كانت في نعليه، او كانت في غطرته، او كانت في قميصه وعليه سراويل فهذه يمكن ازالتها. لكن لو قال الامام: كيف يمكن ازالتها اذا كانت في القميص؟ يخلع القميص، ولا يبقي عليه الا سراويل فقط؟! هو سوف ينتقده المصلون، لكن لا يضر. وانا اذكر قصه وقعت لبعض الاخوان هنا؛ في اثناء الصلاه لاحظ ان في ثوبه شق يعني: اذا ركع سيري عورته، فنزع غطرته وربطه امام المصلين، ولا فيه شيء. هذا ايضا اذا نزع قميصه وبقي عليه السراويل فلا حرج، والذي ينبغي ان الانسان يفعل الشيء المسنون او المشروع والناس اذا استنكروه اول مره فلن يستنكروه في المره الثانيه. المهم فهمتم القول الراجح الان؟ *** طالب: قوم سفر ارادوا ان يجمعوا، فالامام نوي ان الثانيه؛ يعني: صلي الاولي بنيه الثانيه قبل تكبيره الاحرام بنيه الثانيه، وهو لم يصل الاولي، وبعد ان تذكر ما الواجب؟ يقول للمامومين: اقطعوا صلاتكم؟ الشيخ: لا، ما يقطعون صلاتهم، المامومون علي نياتهم. الطالب: ماذا يفعلون؟ الشيخ: في هذه الحال يغيرون النيه؛ لانه لا بد من الترتيب. الطالب: (...). الشيخ: نعم، ويقول لهم: اني نويت الصلاه الثانيه، وانا الان سانوي الاولي وانتم علي صلاتكم، وفي هذه الحال لو انهم قطعوا صلاتهم ما داموا في اول ركعه حتي لا يكون تشويش، ما فيه.. طالب: حينما كبروا تذكر فورا. الشيخ: لا بد ان يعيد التكبيره. الطالب: يعيد هو، وهم ما يلزم؟ الشيخ: ما يلزمهم، ما عليهم. طالب: صلوا (...) يلحقهم اجر الجماعه؟ الشيخ: اما ان كانوا قد صلوا ركعه، فلا شك انهم لهم اجر الجماعه؛ لان من ادرك ركعه من الصلاه فقد ادرك الصلاه، اما اذا كان في اول ركعه فقد يقال: انهم لما ادركوا تكبيره الاحرام واتوا للجماعه ان الله يكتب لهم الاجر لا سيما اذا كانوا جاهلين يحسبون انه لا يمكن ان يقدموا احدا يتم يصلي بهم جماعه، اما اذا كانوا مفرطين وهم يدرون انه يمكن ان يقدموا واحدا، فهم لم يدركوا الجماعه. طالب: يا شيخ، لو انصرف من الصلاه ولم يستنب احدا ثم تقدم احد الجماعه وقد نوي الانفراد بعد الجماعه يعيد؟ الشيخ: ما يخالف يدخل مع الامام، ما فيه مانع، انتقال من انفراد الي امامه. الطالب: هو اكمل يا شيخ. الشيخ: كيف اكمل؟ الطالب: اكمل منفردا. الشيخ: يعني: معناه ما رضي ان يدخل مع الجماعه، ما عليه شيء. طالب: الدليل يا شيخ، علي الانصراف اذا علم بالنجاسه اثناء الصلاه، ولا يستطيع ان يخلع قميصه. الشيخ: الدليل انه من شرط صحه الصلاه ازاله النجاسه. الطالب: الدليل؟ الشيخ: الدليل امر النبي عليه الصلاه والسلام للحيض، المراه يصيبها الحيض يصيب ثيابها، فامرها ان تقرصه ثم تغسله بالماء ثم تصلي فيه. الطالب: (...). الشيخ: فكونه يامرها ان تطهر الثوب ثم تصلي فيه يدل علي انه لا بد من طهاره الثوب. الان هذا الرجل الذي دخل في الصلاه وهو يظن ان ثوبه طاهر ولم يعلم بنجاسته ثم علم صار عليه ثوب يلزم تطهيره، والان لا يمكن ان يطهره، فنقول: لا بد انك تخرج من الصلاه وتستانف. *** طالب: (...) سيدنا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. قال المصنف رحمه الله تعالي: ولا امامه الامي وهو من لا يحسن الفاتحه او يدغم فيها ما لا يدغم او يبدل حرفا، او يلحن فيها لحنا يحيل المعني الا بمثله، وان قدر علي اصلاحه لم تصح صلاته. وتكره امامه اللحان والفافاء والتمتام ومن لا يفصح ببعض الحروف، وان يءم اجنبيه فاكثر لا رجل معهن، او قوما اكثرهم يكرهه بحق، وتصح امامه ولد الزنا والجندي اذا سلم دينهما، ومن يءدي الصلاه بمن يقضيها وعكسه لا مفترض بمتنفل، ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر او غيرها. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. ما تقول في رجل صلي خلف محدث يعلم الماموم حدثه؟ طالب: اقول: لو كان يعلم حدثه فانه لا تصح صلاته. الشيخ: لماذا؟ الطالب: لان السلامه من الحدث من شروط صحه الصلاه. الشيخ: الماموم متوضء. الطالب: لكن يجب عليه ان ينبه الامام. الشيخ: لكنه ما نبه. الطالب: لا تصح صلاته ولا صلاه الامام. الشيخ: لماذا لا تصح، وهو غير محدث؟ الطالب: لانه اقتدي بمن لا تصح صلاته، فكانه لم يصل. الشيخ: احسنت، تمام. ما تقول في رجل صلي خلف امام محدث في معتقده، وهو غير محدث في معتقد الامام؟ طالب: ليمش هنا علي مذهب الامام، صلاته صحيحه. الشيخ: صلاته صحيحه؟ الطالب: يعني: مثلا الامام اكل لحم الابل يري انه ما فيه شيء؛ تكون صلاه الماموم صحيحه، حتي لو خالفه في الراي. الشيخ: حتي لو خالفه في الراي؛ لان صلاه الامام حينءذ صحيحه، تمام. ما تقول في رجل صلي خلف محدث يعلم حدثه؛ يعني: الامام يعلم حدثه والماموم لا يعلم؟ طالب: صلاه الماموم صحيحه. طالب اخر: صلاتهم جميعا تبطل، اذا كان الماموم يعلم حدث الامام. الشيخ: الماموم لا يعلم، الامام يعلم حدث نفسه، والماموم لا يعلم. الطالب: اما علي المذهب فصلاه الجميع تبطل. الشيخ: لماذا تبطل صلاه الامام؟ طالب: لانه فقد شرطا من شروط الصلاه وهي الطهاره. الشيخ: لانه صلي بغير وضوء، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «لا يقبل الله صلاه احدكم اذا احدث حتي يتوضا» ، ولماذا تبطل صلاه الماموم؟ الطالب: لانه اقتدي بمن لا تصح صلاته. الشيخ: ايش تقول؟ طالب اخر: الماموم تصح صلاته. الشيخ: هل هناك قول ثان في المساله او لا؟ الطالب: اي نعم، فيه قول: ان الماموم تصح صلاته. الشيخ: لماذا؟ الطالب: لانه فعل ما يجب عليه ان يفعله فاقتدي بانسان، ويعني: تصح الصلاه ولم يعلم، ولا (...) ان يسال عن هل هو..؟ الشيخ: ايش طول ها التعليل هذا؟ صنفت مجلد يا شيخ! اعطنا يا شيخ كلمه واحده زين! الطالب: هو -يا شيخ- فعل ما امر به و(...). الشيخ: يعني: لانه معذور بجهله؟ الطالب: نعم. الشيخ: لانه معذور بجهله، هذا هو القول الراجح: لانه معذور بجهله، ما فرط بشيء. صلي وراء متنجس وهو يعلم ان عليه نجاسه؟ طالب: من الذي يعلم الامام ولا الماموم؟ الشيخ: الماموم يعلم ان علي الامام نجاسه فصلي خلفه. الطالب: علي المذهب تبطل صلاتهما. الشيخ: نعم، المذهب تبطل صلاتهما، والقول الثاني؟ الطالب: القول الثاني: اذا انتهت الصلاه؟ الشيخ: لا، احنا قلنا: سلم وانتهي، لكن الامام جاهل، ما علم بالنجاسه الا بعد ان صلي واخبره الماموم. الطالب: الصلاه صحيحه. الشيخ: القول الثاني الصلاه صحيحه ؛ لان الامام معذور بجهله، والماموم يعتقد ان الامام في هذه الحال صلاته صحيحه؛ لانه معذور بالجهل، فقد اءتم بشخص صلاته صحيحه. طالب: شيخ بمجرد.. "},{"Id":1737,"Name":"02 كتاب الصلاة 47","Sort":69,"Version":0,"LessonText":"

صلى وراء متنجس وهو يعلم أن عليه نجاسة؟
طالب: من الذي يعلم الإمام ولَّا المأموم؟
الشيخ: المأموم يعلم أن على الإمام نجاسة وصلى خلفه.
الطالب: على المذهب تبطل صلاتهما.
الشيخ: نعم، المذهب تبطل صلاتهما. والقول الثاني؟
الطالب: القول الثاني: إذا انتهت الصلاة.
الشيخ: لا، إحنا قلنا: طبعًا سلم وانتهى، لكن الإمام جاهل، ما علم بالنجاسة إلا بعد أن صلى وأخبره المأموم.
طالب: الصلاة صحيحة.
الشيخ: القول الثاني: الصلاة صحيحة؛ لأن الإمام معذور بجهله، والمأموم يعتقد أن الإمام في هذه الحال صلاته صحيحة؛ يعني: معذور بالجهل، فقد ائتم بشخص صلاته صحيحة.
ما تقول في المذهب في هذه المسألة؟
طالب: (...).
الشيخ: إي نعم.
طالب: (...) مسألة يا شيخ؟
الشيخ: المسألة: إذا صلى الإمام وعليه نجاسة لا يعلم بها وعلم بها المأموم.
الطالب: وعلم بها المأموم؟
الشيخ: نعم.
الطالب: شيخ، لا بد على المأموم أن ينبه الإمام.
الشيخ: ما نبه.
الطالب: ما نبه، صلاة الإمام صحيحة وصلاة المأموم باطلة.
الشيخ: على المذهب أريد؟
الطالب: على المذهب: صلاة كليهما باطلة.
الشيخ: إي نعم، صح.
القول الثاني أن -كما قال الأخ- صلاتهما صحيحة؛ لأن الإمام جاهل، والمأموم اقتدى بإمامٍ صلاته.
طلبة: صحيحة.
الشيخ: صحيحة عند المأموم.
رجل منفرد صلَّى وعلى ثوبه نجاسة لم يعلم بها إلا حين فرغ من الصلاة؟
طالب: صلاته صحيحة.
الشيخ: قولًا واحدًا؟
الطالب: على المذهب: تبطل صلاته، صلاته غير صحيحة.
الشيخ: صلاته غير صحيحة؟
الطالب: غير صحيحة على المذهب، نعم، على ثوبه نجاسة.
الشيخ: إي نعم.
طالب: على ثوبه نجاسة صلاته صحيحة.
الشيخ: على المذهب؟
طالب: على المذهب صلاته غير صحيحة، القول الثاني: صحيحة لحديث جبريل.
الشيخ: طيب، على المذهب صلاته غير صحيحة؛ لأنه صلى مصطحبًا للنجاسة، ومن شروط الصلاة ألَّا يكون مصطحبًا للنجاسة، والقول الثاني: أن صلاته صحيحة. الدليل؟
طالب: الدليل حديث جبريل أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بحذائه، وصلى الصحابة أيضًا بحذائهم، والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة خلع نعليه فخلع الصحابة نعالهم، وبعد أن انتهى من الصلاة سألهم لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعتها فخلعناها، فقال: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا نَجَاسَةً فَخَلَعْتُهُمَا».
الشيخ: «قَذَرًا» . وجه الدلالة من الحديث؟
الطالب: لأنه كانت بها نجاسة ولم يعلم بها، فحين علم خلعها.
الشيخ: ويش وجه الدلالة من الحديث على أن من صلى بنجاسة جاهلًا بها فصلاته صحيحة؟
الطالب: لأنه لو كانت تبطل صلاته لأعاد الرسول عليه الصلاة والسلام صلاته.
الشيخ: لأعادها من جديد، أحسنت، تمام.

***

بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله: (\n ولا تصح إمامة الأمي) يعني: إلا بمثله، كما سيأتي بآخره.\n
(\n الأمي) نسبة إلى الأم.\n
\n طالب: أي الجاهل.\n
\n الشيخ: انتهينا منها، الجاهل (...) وحده تكلمنا عليها أولًا؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: أيهم؟\n
\n طالب: قبل هذا أن المرء (...) يعلم النجاسة فصلاته صحيحة.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: علم النجاسة وتيقنها.\n
\n الشيخ: إي، لكن الإمام في هذه الحال صلاته صحيحة؛ لأنه جاهل بها.\n
\n الطالب: لا يعيد مع..\n
\n الشيخ: كمن أكل لحم إبل جاهلًا به والمأموم يعلم، فهنا صلاته صحيحة إذا كان الإمام يرى أنه لا ينقض الوضوء.\n
\n طالب: (...) بقيت حالة ثالثة ما ذكرتها.\n
\n الشيخ: ما هي؟\n
\n الطالب: هذا قلت: الحالة ثالثة ثم سكت.\n
\n الشيخ: ويش الحالة الثالثة؟\n
\n طلبة: مسألة ثانية.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: وجاء وقت السؤال وشرعنا في السؤال. \n
\n الشيخ: ما هما الحالان اللي ذكرنا؟\n
\n الطلبة: الحدث والنجاسة.\n
\n الشيخ: الحدث والنجاسة، يمكن ذكرنا أنه يعلم هو والمأموم، أو يعلم المأموم وحده، أو يعلم الإمام وحده، يمكن هذا اللي إحنا.. الأحوال الثلاثة؛ تارة يعلم الإمام وحده دون المأموم، وتارة المأموم دون الإمام، وتارة كلاهما لا يعلم.\n
\n الطالب: فيه مسألة -يا شيخ- حدثت أثناء الصلاة، والحدث أثناء الصلاة ما ذكرت.\n
\n الشيخ: ما ذكرناه؟ ذكرنا أنه إذا أحدث في أثناء الصلاة فعلى المذهب تبطل صلاته وصلاة المأمومين، والقول الثاني: أنه يستخلف من يتم بهم الصلاة، فينصرف ويقول: يا فلان، أتم بهم الصلاة، وهذا له دليل وتعليل.\n
أما الدليل فهو أثر \n عمر رضي الله عنه حينما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بعد أن شرع في صلاة الصبح، طعنه، فأمر عمر عبد الرحمن بن عوف أن يتم بهم الصلاة \n . هذا أثرٌ بحضرة الصحابة.\n
وأما النظر؛ فلأن المأمومين لم يرد على صلاتهم ما يبطلها، والإمام ورد على صلاته ما يبطلها وانصرف، أما المأموم فـ\n {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: ٩]، بأي حجة نبطل صلاته وهو قد شرع فيها على وجه صحيح؟ ولدينا قاعدة مهمة جدًّا؛ وهو أن من فعل الشيء على وجه صحيح بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا يمكن إبطاله -سواء صلاة أو وضوء أو غير ذلك- إلا بدليل.\n
\n طالب: شرعي.\n
\n الشيخ: شرعي، هذه قاعدة عامة؛ لأننا لو أبطلنا ما قام الدليل على صحته لكان هذا جناية على الإنسان وعلى الشرع، كيف نبطل شيئًا قام الدليل على صحته؟! ولهذا المسألة ما هي هينة؛ يعني: كوننا نتساهل بإبطال الشيء نقول: هذا فاسد، هذا باطل، ما أشبه ذلك، ليس بالأمر الهين.\n
فمثلًا القائلون بأن الإنسان إذا مسح على خفه ثم خلعه بطل وضوؤه، نقول: هذا -سبحان الله- بأي ذنب؟ هاتوا دليلًا من الكتاب والسنة على أنه يبطل الوضوء إذا خلع الخف الممسوح، وعلى العين والرأس، أما أن نسطوا على شيء صححه الشارع وحكم بصحته، ثم نقول: هو فاسد بدون دليل، هذا إعنات على المكلف من وجه، وإبطال لما قام الدليل على صحته من وجه آخر.\n
ونحن -كما قررنا كثيرًا- في الحقيقة متعبدون مربوبون نمشي في تصحيح عباداتنا وفي إبطالها على ما يقتضيه الشرع، وليس لنا أن نتقدم بين يدي الله ورسوله بأي شيء، فما أطلقه الشارع لا يحل لنا أن نزيده قيدًا، وما عمَّمه لا يصح لنا أن نخصص منه صورة من صور العموم إلا بدليل، وما صححه لا يمكن أن نفسده إلا بدليل، وهلم جرًّا.\n
فمثلًا نقول: إن الإمام إذا أحدث بطلت صلاته، ولا شك بمقتضى الدليل الشرعي، لكن المأموم لم يرد على صلاته ما يبطلها، وهو حينئذٍ؛ إما أن ينفرد لأجل العذر، وإما أن تتمم الصلاة في جماعة، وينتهي المشكل.\n
يقول المؤلف: (\n لا تصح إمامة الأمي) (\n الأمي) نسبة إلى الأم، وتعرفون أن الإنسان إذا خرج من أمه فهو لا يعلم شيئًا، كما قال الله تعالى \n {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨]، فالأمي لا يعرف يقرأ ولا يكتب، لا يعرف شيئًا، إذن الأمي نسبة إلى؟\n
\n الطلبة: الأم. \n
\n الشيخ: الأم.\n
فمن هو الأمي؟ الأمي لغة: من لا يقرأ ولا يكتب، هذا الأمي؛ لقوله تعالى: \n {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: ٢]، \n {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} فيقرؤون، \n {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} فيكتبون، \n {وَالْحِكْمَةَ}.\n
وقال الله تعالى: \n {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} [الأعراف: ١٥٧]، وقال في تفسير ذلك: \n {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: ٤٨] فالأمي في اللغة من؟\n
\n طالب: من لا يُحسِن القراءة ولا الكتابة.\n
\n الشيخ: من لا يُحسِن القراءة ولا الكتابة.\n
لكن الأمي هنا يقول المؤلف: (\n من لا يحسن الفاتحة) هذا الأمي، (\n من لا يحسن الفاتحة) حتى لو قرأ غيرها، لو كان يقرأ كل القرآن إلا الفاتحة فهو أمي، لو كان يقرأ بكل اللغات، يقرأ أي كتاب تجيبه بأي لغة، يقرؤه عليك، لكن لا يحسن الفاتحة فهو؟\n
\n طلبة: أمِّي.\n
\n الشيخ: أمِّي في الاصطلاح، فالأمي هنا في الاصطلاح: من لا يحسن الفاتحة؛ يعني: ما يقرؤها، لا حفظًا ولا تلاوة، هذا واحد.\n
الفاتحة، ما هي الفاتحة؟ الفاتحة: هي سورة \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، سميت فاتحة لأنها افتتحت بها القرآن الكريم، ولها أسامٍ متعددة.\n
يقول: (\n أو يُدغم فيها ما لا يُدغَم) (\n يُدغِم فيها) أي: الفاتحة، (\n ما لا يُدغَم) والإدغام معروف عند العلماء: كبير وصغير؛ فإذا أدغمت حرفًا بمثله فهذا إدغام صغير، إذا أدغمت حرفًا بما يقاربه فهو كبير، إذا أدغمت حرفًا بما لا يقاربه ولا يماثله فهو غلط.\n
فإذا أدغم فيها ما لا يُدغَم فإنه أُمِّي، مثل: \n {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أدغم الهاء بالراء، هذا إدغام غير صحيح؛ لأن الهاء بعيدة من الراء، كيف يدغم؟ يقول مثلًا: (الحمد للا رب العالمين) ما تبين الهاء، كأن ما طمرها، نقول: هذا أمي، حتى وإن كان لا يستطيع إلا هذا، فهو أمي، وجه ذلك أنه إذا أدغم فيها ما لا يدغم فقد أسقط ذلك الحرف المدغم، أسقطه في النهاية، اللي ذكرت وأيش أسقط؟\n
\n الطلبة: الهاء.\n
\n الشيخ: الهاء.\n
أما الإدغام؛ إدغام المتقاربين فمثل إدغام الدال بالجيم، مثل: \n {قَد جَّاءَكُمْ} [آل عمران: ١٨٣] هذه فيها قراءة، والقراءة المشهورة هي التحقيق \n {قَدْ جَاءَكُمْ}، لكن لو كان يقول: \n {قَد جَّاءَكُمْ} لا يعتبر أميًّا، لكن ليس في الفاتحة مثل هذا النوع؛ يعني ما فيها \n {قَد جَّاءَكُمْ} الفاتحة.\n
يقول: (\n أو يدغم فيها ما لا يدغم أو يبدل حرفًا) يعني: يبدل حرفًا بحرف، وهو الألثغ؛ مثل أن يبدل الراء باللام؛ يعني: يجعل الراء لامًا، مثل: (الحمد لله لب العالمين) هذا أمي، لأيش؟\n
\n طالب: بدل الراء.\n
\n الشيخ: لأنه أسقط حرفًا من الفاتحة، لكن لو قال: أنا أسقطت حرفًا وأتيت بحرف؟ نقول: هذا خطأ؛ لأن هذا الحرف لا ينوب منابه، فأنت أمي.\n
يستثنى من هذه المسألة إبدال الضاد ظاءً فإنه معفو عنه؛ وذلك لخفاء الفرق بينهما، ولا سيما إذا كان عاميًّا، فإن العامي لا يكاد يفرق بين الضاد والظاء، فإذا قال: (غير المغظوب عليهم ولا الظالين) نقول: أبدل الضاد جعلها؟\n
\n طلبة: ظاء.\n
\n الشيخ: ظاءً، ولكن هذا يعفى عنه؛ لمشقة التحرز منه، وعسر الفرق بينهما، لا سيما من العوام؛ فلهذا استثنى العلماء هذا الحرف، وعللوا ذلك بالمشقة.\n
إن أبدل الصاد وجعلها سينًا؟\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: لا، هذا ليس أميًّا؛ لأنها فيها قراءة السبعية، \n {اهْدِنَا السِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] و\n {الصِّرَاطَ} بالصاد، إذن إذا أبدل حرفًا بحرفٍ فإنه أمي ما لم ترد به القراءة، فصار عندنا الآن: إبدال حرف بحرف لا يماثله فهذا أمي، إبداله بما يقاربه مثل الضاد بالظاء.\n
\n طالب: معفو عنه.\n
\n الشيخ: معفو عنه.\n
إبدال الصاد سينًا؛ يعني: جعلها سينًا، هذا جائز، بل ينبغي أن تقرأ به أحيانًا؛ لأنه قراءة سبعية، وكما مرَّ علينا سابقًا أن القراءة السبعية ينبغي للإنسان أن يقرأ بها أحيانًا، لكن بشرط ألَّا يكون أمام العامة؛ لأنك لو قرأت أمام العامة بما لا يعرفوه لأنكروا ذلك، ولهبطت ثقتهم بالقرآن، وهذا أمر خطير، فالعامة لا تقرأ عندهم إلا بما في مصاحفهم؛ لئلا توجب عليهم التشويش.\n
قال: (\n أو يلحن فيها لحنًا يحيل المعنى) هذا أيضًا من الأميين، (\n يلحن فيها) أي: في الفاتحة، (\n لحنًا يحيل المعنى) واللحن: تغيير الحركات، سواء كان تغييرًا صرفيًّا أم نحويًّا، فإن كان يغير المعنى فإن ذلك أمي؛ المغيِّر، وإن كان لا يحيله فليس بأمي، فإذا قال: الحمد لله ربَّ العالمين فاللحن هذا؟\n
\n الطلبة: لا يحيل.\n
\n الشيخ: لا يحيل المعنى، وعلى هذا فليس بأمي، فيجوز أن يكون إمامًا بمن هو قارئ، وإذا قال: (أهدنا الصِّراط المستقيم).\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: فهذا يحيل المعنى؛ لأنك إذا قلت: (أهدنا) صار من الإهداء؛ يعني: إعطاء الهدية، وإذا قلت: اهدنا؛ يعني: دُلنا ووفقنا، فهذا بينهما فرق.\n
ولو قال: إياكِ نعبد؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: هذا إحالة، إحالة شديدة، فهذا أمي.\n
ولو قال: صراط الذين أنعمتُ عليهم؟\n
\n طلبة: يحيل.\n
\n الشيخ: يحيل أيضًا.\n
ولو قال: إياك نَعْبَدُ؟\n
\n طلبة: لا يحيل.\n
\n الشيخ: هذا لا يحيل المعنى. إياك نستعينَ؟\n
\n الطلبة: لا يحيل. \n
\n الشيخ: لا يحيل.\n
المهم إذا كان يحيل المعنى فهو أمي، وإن كان لا يحيل المعنى فليس بأمي، لكن لا ليس معنى ذلك أنه يجوز أن يقرأ الفاتحة ملحونة، لا يجوز أن يلحن ولو كان لا يحيل المعنى، لكن الكلام على أنه هل هو أُمِّي أو غير أُمِّي؟\n
يقول المؤلف: (\n أو يلحن فيها لحنًا يحيل المعنى إلا بمثله) إذا وجد إنسان مثل هذا الإنسان أمي ما يعرف الفاتحة، وصلى به فصلاته صحيحة؛ لمساواته له في النقص، كلٌّ منهما الآن؟\n
\n طلبة: ناقص.\n
\n الشيخ: ناقص، لو أم القارئُ أميًّا؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: ما يصح؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: يصح؟\n
\n طالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: يعني: صار الأمي هو المأموم، يصح، وإن كان هو الإمام فإنه لا يصح، هذا هو المذهب.\n
القول الثاني وهو رواية عن أحمد: أنه يصح أن يكون الأميُّ إمامًا، ولكن خلاف أمر النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» \n .\n
وعلى كل حال فصحة إمامة الأمي بمن هو قارئ، وإن كانت مروية عن الإمام أحمد، وإن كانت تنبني على القاعدة اللي سبقت أن من صحت صلاته صحت إمامته، لكن ينبغي أن نتجنبها؛ لأن فيها شيئًا من المخالفة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».\n
يقول المؤلف رحمه الله: \n (وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته) (إن قدر) الفاعل من؟\n
\n طلبة: الإمام.\n
\n الشيخ: الأمي، إن قدر على إصلاحها؛ أي: إصلاح اللحن الذي يحيل المعنى ولم يصلحه فإن صلاته لا تصح، وإن لم يقدر؟
طلبة: صلاته صحيحة.
الشيخ: فصلاته صحيحة، دون إمامته إلا بمثله، لكن الصحيح أنها تصح إمامته في هذا الحال؛ يعني: يوجد بعض البادية ما يستطيع أن ينطق بالفاتحة على وجهٍ صحيح، ربما تسمعه يقول: أهدنا، ثم تقول: هذا غلط، قل: اهدنا، فيقول: أهدنا، تقول: قل اهدنا، فيقول: أهدنا، تكرر عليه ما يقدر، وهذا شيء مشاهد مجرَّب، بعض البادية ما يمكن يقرأ إلا ما كان قد اعتاده، نقول: هذا الإنسان عاجز عن إصلاح اللحن فصلاته صحيحة، وأما من كان قادرًا فصلاته غير صحيحة -كما قال المؤلف- إذا كان يحيل المعنى.\n
ثم قال: (\n وتكره إمامة اللحان) اللحان: كثير اللحن، والمراد في غير الفاتحة، فإن كان في الفاتحة وأحال المعنى صار؟\n
\n الطلبة: (...).\n
\n الشيخ: أميًّا لا تصح صلاته على المذهب، لكن إذا كان كثير اللحن في غير الفاتحة فإمامته صحيحة، لكن تكره. ما الدليل؟\n
الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»، وهذا خبر بمعنى الأمر، فإذا كان خبرًا بمعنى الأمر فإنه إذا أمَّهم من ليس أقرأهم فقد خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه ولاية، وقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله حديثًا لكنه لم يذكر سنده: \n «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ» \n ؛ لأنهم انحطوا فيحط الله قدرهم.\n
(\n وتكره إمامة اللحان والفأفاء والتَّمتَام) الفأفاء هو: الذي يكرِّر الفاء؛ يعني: إذا نطق بالفاء يكررها، مثل إذا جاءت الفاء في جواب الشرط أو عاطفة صار يكررها، لا ينطق بها إلا بالتكرار. (التمتام) يكرر؟\n
\n طلبة: التاء.\n
\n الشيخ: التاء، طيب فيه من الناس من يكرِّر الواو؟\n
\n طلبة: وأواء.\n
\n الشيخ: وأواء، إي نعم، مقتضى هذا الذي قال المؤلف أن نقول: الوأواء.\n
على كل حال الذي يكرر الحروف تكره إمامته من أجل زيادة الحرف، ولكن لو أمَّ الناس فإمامته صحيحة.\n
قال: (\n ومن لا يفصح ببعض الحروف) يعني: أنه يخفيها بعض الشيء، وليس المراد أنه يسقطها؛ لأنه إذا أسقطها فإن صلاته لا تصح؛ لنقصان الفاتحة؛ يعني: إذا كان في الفاتحة فإنها لا تصح لنقصانها، أما إذا كان يذكرها لكن بدون إفصاح فإن إمامته مكروهة.\n
ولم يذكر المؤلف كراهة إمامة من لا يقرأ بالتجويد؛ لأنه لا يكره، لا تكره القراءة بغير تجويد، التجويد من باب تحسين الصوت بالقرآن وليس بواجب، إن قرأ به الإنسان لتحسين صوته فهذا طيب، وإن لم يقرأ به فلا حرج عليه، ولم يفته شيء مما يأثم بتركه، بل إن شيخ الإسلام رحمه الله ذم أولئك القوم الذين يعتنون باللفظ وربما يكررون الكلمة مرتين أو ثلاثة من أجل أن ينطقوا بها على قواعد التجويد، ويغفلون عن المعنى وعن تدبر القرآن، ذكره بعض الإخوة الذين ألفوا في هذا الباب؛ لأني قرأت كم رسالة في هذا الباب؛ في عدم وجوب قراءة القرآن بالتجويد؛ ولهذا الفقهاء لم يذكروا أنه تكره إمامة من لا يقرأ بالتجويد.\n
قال: (\n وأن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن) يكره أن يؤم أجنبية فأكثر، (\n أجنبية) يعني: ليست من محارمه، هذه الأجنبية؛ لأن الأجنبي في كل موضع بحسبه، فالأجنبية المرأة التي ليست من محارم الإنسان، يكره (\n أن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن)، في كلام المؤلف يحتاج إلى تأمل، قوله: (\n أجنبية فأكثر) أما إذا كانت أجنبية فإن الاقتصار على الكراهة فيه نظر ظاهر إذا استلزم الخلوة؛ ولهذا استدل بالشرح قال: لأن \n النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلو الرجل بالأجنبية \n ، ولكننا نقول: إذا خلا بها فإنه يحرم عليه أن يؤمها؛ أن يكون إمامًا لها ويصلي بها؛ لأن ما أفضى إلى المحرم فهو؟\n
\n طلبة: محرم.\n
\n الشيخ: محرم.\n
أما قوله: (\n فأكثر) يعني: أن يؤم امرأتين فأكثر، فهذا أيضًا فيه نظر من جهة الكراهة؛ وذلك لأنه إذا كانت مع المرأة مثلها انتفت الخلوة، فإذا كان الإنسان أمينًا فلا حرج أن يؤمهما، وهذا يقع أحيانًا في بعض المساجد التي تكون الجماعة فيها قليلة، ولا سيما في قيام الليل في رمضان؛ يأتي الإنسان إلى المسجد ولا يجد فيه رجالًا، لكن يجد فيه امرأتين أو ثلاثًا في خلف المسجد، فعلى كلام المؤلف يكره أن يبتدئ الصلاة بهاتين المرأتين أو الثلاثة أو الأربعة، ولكن الصحيح أن ذلك لا يكره، وأنه إذا أمَّ امرأتين فأكثر فالخلوة قد زالت، ولا يكره ذلك إلا إذا خاف الفتنة، إذا خاف الفتنة فإنه حرام؛ لأن ما كان ذريعة للحرام فهو حرام.\n
كلام المؤلف الآن له صورتان:\n
الصورة الأولى: أن تكون المرأة واحدة فهنا نقول؟\n
\n طلبة: يحرم.\n
\n الشيخ: يحرم مع الخلوة، ومع عدم الخلوة لا يحرم، لكنه لا ينبغي مع عدم الخلوة؛ يعني: لو كان في البيت نساء أو حوله رجال مثلًا وصلى بها وحده، فهنا ليس هناك خلوة، لكن مع ذلك يُخشى من الفتنة؛ لأنه يكون الجماعة توجب الألفة والمحبة والعلاقة، إذا كان امرأتان فأكثر قلنا: لا يحرم، لكن إن خاف فتنة فإنه يحرم من هذه الناحية، أما من حيث الإمامة فليس في ذلك شيء.\n
\n طالب: تصح الصلاة؟\n
\n الشيخ: هذا هو، هذا الصحيح؛ يعني: يجب التفصيل في هذا.\n
\n طالب: تصح الصلاة؟\n
\n الشيخ: الصلاة صحيحة، نعم.\n
قال: (\n وأن يؤم قومًا أكثرهم يكرهه بحق) وجه ذلك استدل المؤلف رحمه الله بدليل -لكن فيه نظر- وهو: \n «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمُ؛ الْعَبْدُ الْآبِقُ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» \n .\n
\n «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمُ» يعني: لا ترفع، \n «الْعَبْدُ الْآبِقُ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ». هذا الحديث ضعيف، ولو صح لكان فيه دليل على بطلان الصلاة، لكنه ضعيف، ومن ثم قال الفقهاء بالكراهة، وقد ذكر ابن مفلح رحمه الله في \n النكت على المحرر بأن الحديث إذا كان ضعيفًا وكان نهيًا فإنه يُحمل على الكراهة، لكن بشرط ألَّا يكون الضعف شديدًا، وإذا كان أمرًا فإنه يحمل على الاستحباب.\n
والحديث هذا ضعيف؛ ولذلك قالوا: إنه يكره، لكن ما وجهه؟ يقولون: إن العبد الآبق قد غصب وقته؛ لأن المفروض أن يكون وقته لمن؟ \n
\n طلبة: لسيده.\n
\n الشيخ: لسيده، وهو قد أبق منه، كذا؟\n
ماذا قلنا في التعليل؟ إي نعم. \n
\n طالب: إن العبد الآبق (...).\n
\n الشيخ: وأيش ما قلنا في التعليل؟\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: طيب، على كل حال يقولون: إن وقته مغصوب، فهو كالمصلي في مكان مغصوب، لا تصح؛ ولهذا قال الفقهاء -شوف دقة الفقهاء رحمهم الله- قالوا: لا يصح نفله، وفرضه يصح، لأيش؟ قال: لأن الفرض مستثنى شرعًا، حتى لو كان سيده عنده يقول: لا تصلِّ، يقول: أنا بصلي غصبًا عليك.\n
النفل لو قال: لا تصلِّ؟\n
\n طلبة: لا يصلي.\n
\n الشيخ: ما يصلي، يمنعه؛ فلهذا قالوا: نفل الآبق فاسد، وفرضه؟\n
\n طلبة: صحيح.\n
\n الشيخ: صحيح، نعم.\n
\n طالب: (...)؟
الشيخ: نرد على ذلك أن الرسول ما سمعنا قراءته حتى يكون بهذا، وأنه نعرف الآن أن القراء مع طول الزمن أدخلوا على القراءة الشيء؛ ولذلك كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلام على خلاف قواعدهم؛ كان الرسول يمد (الله) ويمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) ، وهي على قواعدهم غير ممدودة؛ فلذلك نرى أن هذه الأمور دخلت تحسينًا من باب تحسين القراءة حتى وصلت إلى هذا الحال.\n
\n طالب: يا شيخ، ابن مسعود.
الشيخ: إي نعم، حتى حديث ابن مسعود .
الطالب: (...) للفقراء.
الشيخ: معلوم؛ لأنه لو لم يمدها لقال: (للفقرا) بس؛ معناها أسقط همزة.
طالب: يجب الإدغام فيما (...) عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم؟
الطالب: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم نقلت جيدًا (...).
الشيخ: إي نعم، لكن ما نستطيع أن نجزم بأنها نقلت على هذا الوجه الموجود الآن، أما مسألة مد (الفقراء) معلوم؛ لأنك لو قلت: (إنما الصدقات للفقرا)، أسقطت حرفًا، واضح، لا بد من المد.\n
\n طالب: أحسن الله إليك، بالنسبة لإمامة الأمي الذين قالوا: إنها تصح استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» ، ما صحة الاستدلال ذا؟
الشيخ: لا، هذا يستدل به على صحة إمامة الفاسق.
الطالب: والأمي ما يستدل به؟
الشيخ: واللهِ فيها نظر؛ لأن الغالب من الأئمة ما يكونون أميين.\n
\n طالب: كلام -يا شيخ- ابن مفلح في الحديث الضعيف معتبر؟\n
\n الشيخ: واللهِ فيه شيء من النظر، إذا كان الضعف ليس شديدًا فهو متوجه؛ لأن التأثيم بتركه صعب إذا كان أمرًا، وبفعله إذا كان نهيًا صعب، لكن كون أن الإنسان يكون عنده شبهة، يكون هذا من باب: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» .\n
\n الطالب: فأمَّ رجل (...) فانتقض وضوء المأموم خرج من الصلاة، (...) يستمر في صلاته أم يجوز (...)؟\n
\n الشيخ: إي نعم، يستمر.\n
\n طالب: إذا كان المأموم رأى نجاسة في ثوب الإمام والإمام لا يعلم بنجاستها، الأفضل -يا شيخ- أنه يجب عليه إنكار المنكر هذا يخبره؟
الشيخ: ويش تقولون يا جماعة؟
الطلبة: (...).
الشيخ: هو لا ينكر المنكر إلا بمنكر، في هذه الحال لن ينكر المنكر إلا بمنكر، ما هو المنكر؟
الطلبة: قطع الصلاة.
الشيخ: قطع صلاته، ففي هذا الحال كنت في الدرس الماضي قلنا: ينفرد ويكمل لنفسه، وإذا سلَّم يخبر الإمام، لكن فيه شيء عندي، والأقرب ما قررته الآن أنه يستمر في صلاته؛ لأن الإمام في هذا الحال صلاته صحيحة على القول الراجح.
\n طالب: ما ينبشه -يا شيخ- بعصا ولا بشيء؟\n
\n الشيخ: أيش عصا و..، ما إن يضربه!\n
\n الطالب: لا، هذه يرفع ثوبه بكذا..\n
\n الشيخ: مشكلة، وانكشفت عورته أحد. \n \n

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n وتصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما، ومن يؤدي الصلاة بمن يقضيها وعكسه، لا مفترض بمتنفل، ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، أو غيرهما.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
سبق لنا أن إمامة الأمي لا تصح، ماذا تقول؟\n
\n طالب: الأمي؟\n
\n الشيخ: إي نعم، من هو الأمي؟ \n
\n الطالب: الأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب.\n
\n الشيخ: لا، هذا الأمي لغة، لكن الأمي في اصطلاح الفقهاء؟ \n
\n الطالب: هو الذي لا يعرف (...).\n
\n الشيخ: لا، وأما تراجع يا أخي؟\n
\n طالب: من لا يحسن قراءة الفاتحة.\n
\n الشيخ: من لا يحسن الفاتحة.\n
هل عدم صحة إمامته مطلقًا أو استثني من ذلك شيء؟\n
\n طالب: مطلقًا.\n
\n الشيخ: مطلقًا؟\n
\n الطالب: يستثنى. \n
\n الشيخ: ما الذي يستثنى؟ إذن علمت أنه يستثنى بسبب أن الجماعة رفعوا أيديهم، ما يصح.\n
\n طالب: استثنى المؤلف إمامة اللحان بمثله فإنها تصح.\n
\n الشيخ: اللحان؟! نتكلم عن الأمي.\n
\n الطالب: إي نعم، تصح إمامة الأمي بمثله، إمامة الأمي إذا كان المأموم بمثله.\n
\n الشيخ: تصح إمامته بمثله؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: يعني: واحد ما يقرأ يصح بأن يكون إمامًا بمن لا يقرأ، طيب، وهل تصح بمن يحسن القراءة؟\n
\n طالب: لا تصح يا شيخ.\n
\n الشيخ: على كلام المؤلف لا تصح؛ لأنها لا تصح إلا بمثله، هل هناك قول آخر؟\n
\n الطالب: قول: إنها تصح.\n
\n الشيخ: قول: إنها تصح، نعم؛ لأنه عاجز، والعاجز عن الشيء كفاعله.\n
يقول المؤلف: إنه تكره إمامة اللحان، من هو اللحان؛ يعني الملحِّن على العود ولَّا أيش؟\n
\n طالب: كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى. \n
\n الشيخ: كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى، تمام، فهي إذن صيغة مبالغة.\n
يقول المؤلف: إن الفأفاء تكره إمامته، فمن هو الفأفاء؟\n
\n طالب: الذي يكرر الفاء.\n
\n الشيخ: الذي يكرر الفاء، ولكن تصح إمامته أو لا؟\n
\n الطالب: يكره.\n
\n الشيخ: لكن تصح أو لا؟\n
\n الطالب: تصح.\n
\n الشيخ: يعني: يصح أن يكون إمامًا، لكنه يكره. من هو التمتام؟\n
\n طالب: هو الذي لا يستطيع أن ينطق التاء.\n
\n الشيخ: طيب، هل إمامته صحيحة أو لا؟\n
\n طالب: صحيحة.\n
\n الشيخ: ولكنها؟\n
\n الطالب: مكروهة.\n
\n الشيخ: مكروهة، طيب.\n
رجل يبدل حرفًا بحرف هل تصح إمامته أو لا؟\n
\n طالب: نعم، تصح.\n
\n الشيخ: يبدل حرفًا بحرف؟\n
\n الطالب: طبعًا على رأي المؤلف لا تصح.\n
\n الشيخ: لا تصح؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: ولا يستثنى شيء؟\n
\n الطالب: يبدل حرفًا بحرف؟\n
\n الشيخ: إي نعم.\n
\n الطالب: إلا بمثله.\n
\n الشيخ: إي، ما يخالف، إلا بمثله، لكن إذا كان..\n
\n الطالب: إذا كان قادرًا على إصلاح الخلل أو الحرف هذا..\n
\n الشيخ: لا، أنا قصدي ما يستثنى بعض الحروف، ما هو بعض ال..\n
\n الطالب: نعم، هناك حرفان للمشقة، هما الضاد؛ يعني: ينطق بدل الضاد ينطقها ظاءً.\n
\n الشيخ: إذا أبدل الضاد بالظاء.\n
\n الطالب: وكذلك السين بالصاد.\n
\n الشيخ: طيب، الضاد بالظاء مثل إذا قال: غير المغظوب عليهم ولا الظالين، فإن ذلك يصح؛ لعسر الفرق بينهما، ولا سيما على العامة.\n
يقول المؤلف: إنه يكره (\n أن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن).\n
\n طالب: على قول المؤلف تصح الصلاة، ولكن النظر الصحيح إذا كانا منفردين فلا تصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم..\n
\n الشيخ: لا، إذا كانا منفردين رجل وامرأة؟\n
\n الطالب: لا يجوز.\n
\n الشيخ: فهو حرام؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: طيب، حرام أن ينفرد بها.\n
\n الطالب: نعم، وإن كان معه نساء فلا وجه للكراهة.\n
\n الشيخ: إذا كان..\n
\n الطالب: معه نساء؛ أكثر من واحدة.\n
\n الشيخ: فلا وجه للكراهة، بشرط أن يكون الإمام؟\n
\n الطالب: يأمن الفتنة.\n
\n الشيخ: أمينًا، طيب.\n
إذن مع الواحدة نقول: حرام، ومع اثنتين فأكثر جائز إذا كان أمينًا، هذا القول هو الراجح، وعلى هذا فإطلاق المؤلف الكراهة فيه نظر.\n
رجل صار إمامًا لقوم وهم يكرهونه؟\n
\n طالب: على قول المؤلف أن صلاته لا تصح.\n
\n الشيخ: لا تصح؟\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: على قول المؤلف! سوف يحاسبك المؤلف على هذه الكذبة عليه، انتبه، المؤلف ميِّت في قبره، يقيم عليك بينة يوم القيامة.\n
\n الطالب: الصلاة (...).\n
\n الشيخ: ما أدري (...) كذيبة.\n
\n الطالب: على قول المؤلف أنه يكره.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: استدل بحديث \n «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمُ»، وذكر منها الإمام الذي يكرهه قومه.\n
\n الشيخ: \n «الَّذِي يَؤُمُّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»، طيب.\n
\n الطالب: حمل الحديث هذا على الكراهة.\n
\n الشيخ: طيب، لكن هل الإمام يقول: إنه يكره أن يؤم قومًا يكرهونه أو قيَّد ذلك؟\n
\n الطالب: لا، يكرهونه بحق.\n
\n الشيخ: يكرهونه بحق، هذه لا بد منها، المؤلف قال: إنه يكره أن يؤم قومًا يكرهونه بحق أو أكثرهم، كذا؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: الدليل؟\n
\n الطالب: الحديث هذا الذي \n «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمُ؛ الْعَبْدُ الْآبِقُ».\n
\n الشيخ: \n «الْمَرْأَةُ إِذَا بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ».\n
لو قال لك قائل: هذا الحديث يقتضي أن ذلك حرام؛ لأنه يقتضي عدم صحة الصلاة، ولا تبطل الصلاة إلا بفعل محرم فيها؟\n
\n الطالب: نقول: نعم، إن ظاهر الحديث يدل على ذلك، ولكن العلماء لما كان هذا الحديث فيه ضعف جعلوا الحديث للكراهة؛ يعني استعمالًا لقاعدة ابن مفلح أن الحديث إذا كان فيه ضعف لكن ضعفه ليس قويًّا، فإن كان للتحريم فإنه يحمل على الكراهة.\n
\n الشيخ: لأن إبطال العبادة بدون دليل بيِّنٍ لا يجوز، فيحمل على الكراهة احتياطًا، إذن معناه ابن مفلح رحمه الله سلك سبيل الاحتياط، قال: لاحتمال أن يكون صحيحًا نقول: يكره، ولعدم الثبوت على وجه نقدم به على إبطال الصلاة لا نقول بالتحريم.\n
بالنسبة للعبد الآبق كيف حاله على ما فصلنا ذاك الدرس؟\n
\n طالب: صلاته صحيحة إذا كانت فرضًا، أما إذا كانت نفلًا فإنه موقوف على سيده..\n
\n الشيخ: لا، سيده ما هو بحوله، هو آبق عن سيده.\n
\n الطالب: إذا كانت فرضًا تصح، أما النفل فلا تصح.\n
\n الشيخ: لِمَ؟ الفرق؟\n
\n الطالب: لأن الفرض واجب، يجب عليه هذا.\n
\n الشيخ: إي نعم، حتى ولو منعه السيد بخلاف؟\n
\n طالب: النفل.\n
\n الشيخ: والقول الثاني في المسألة ذكرناه لكم أنها تصح صلاته مطلقًا.\n
إذا كانوا يكرهونه كراهة شخصية؟\n
\n الطالب: هذا ما تكره صلاته.\n
\n الشيخ: إذا كانوا يكرهونه كراهة شخصية لا تكره إمامته فيهم.\n
\n الطالب: لا تكره.\n
\n الشيخ: لا تكره، من أين أخذتها؟\n
\n الطالب: لأنه قال المؤلف قيدها فقال: (\n بِحَقٍّ).\n
\n الشيخ: طيب.\n
\n الطالب: والحق لا يكون إلا بالشرع.\n
\n الشيخ: إي نعم، طيب، لكن حديث: \n «رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» ما يدل على الكراهة مطلقًا، أظن ذكرنا عليكم هذا.\n
\n الطلبة: لا، ما فصلنا فيه. \n

***

\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى: (\n أو قومًا أكثرهم يكرهه بحق) أفادنا المؤلف من هذا أنه لو كان الجميع يكرهه لكانت الكراهة من باب أولى، وأنه لو كان الأقل يكرهه فإن ذلك لا يضر.\n
وأفادنا قوله: (\n بحق) أنهم لو كرهوه بغير حق؛ مثل أن يكرهوه لأنه يحرص على اتباع السنة في الصلاة؛ يقرأ بهم السور المستحبة المسنونة، ويصلي بهم صلاة تأنٍّ، ولا يحلق لحيته، ولا يطيل ثوبه إطالة محرمة، فإن إمامته فيهم هي صحيحة مطلقًا، حتى الأول فإن إمامته فيهم لا تكره؛ لأنه يقول: (\n بحق)، وهذا الرجل الذي كرهه جماعته لأنه يؤدي الصلاة على الوجه المشروع من الإطالة المشروعة نقول: هؤلاء كرهوه بأيش؟\n
\n الطلبة: بغير حق.\n
\n الشيخ: بغير حق، فلا عبرة بكراهتهم، لكن ظاهر الحديث الكراهة مطلقًا؛ أنه ما دام أكثر الجماعة كارهين له فإنه يكره أن يؤمهم؛ وذلك لأن الغرض من صلاة الجماعة هو الائتلاف والاجتماع، وإذا كان هذا هو الغرض فمن المعلوم أنه لا ائتلاف ولا اجتماع إلى شخص مكروه عندهم، ولكن إذا علم.. أنا أقول بناءً على هذا القول الذي نرى أنه أصح: إنه يكره مطلقًا بحق أو بغير حق، ولكن ينبغي له إذا كانوا يكرهونه بغير حق ينبغي له أن يعظهم ويذكرهم ويقول لهم: أنا لم أطل الصلاة بكم إلا على حسب ما جاء في السنة، وأنا لم أدع ثوبي فوق الكعب إلا لما جاءت به السنة \n ، وهكذا، فالذي ينبغي له أن يتألفهم، وإذا علم الله من نيته صدق نية التأليف بينهم يسر الله له ذلك، أما أن يفرض نفسه عليهم وهم يكرهونه، وإذا سلم وانصرف وإذا وجوههم معبثة عليه، كيف يكون إمامًا لهم؟ هذا بعيد عن مقصود الإمامة.\n
ثم قال المؤلف رحمه الله: \n (وتصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما) (تصح إمامة ولد الزنا) ولد الزنا ليس له أب؛ لأنه خلق من ماء سفاح لا نكاح، وله أم؟\n
\n طالب: نعم\n
\n الشيخ: نعم، له أم.\n
ولد الزنا لا ينسب لأحد؛ لا للزاني، ولا لزوج المرأة إن كانت ذات زوج؛ لأنه ليس له أب شرعي، لكن هل له أب قدري؟ \n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نعم، له أب قدري لا شك، ما خلق إلا من ماء الرجل.\n
ولد الزنا قد يكون سليم العقيدة مستقيم الدين، فيكون كغيره ما دام سليم العقيدة ومستقيم الدين فإنه يثبت له ما يثبت لغيره؛ ولهذا قال المؤلف: (\n تصح إمامته).\n
وهل تكره إمامته؟ لا تكره؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».\n
الجندي أيضًا تصح إمامته وهو الشُّرَطي، تصح إمامته حتى ولو كان في لباسه العسكري؛ لأنه رجل من المسلمين، بل قد نقول: إنه قام بعمل مصلحته عامة، فيكون من هذا الوجه أحسن عملًا من الذي يعمل عملًا مصلحته خاصة، فالجندي تصح إمامته، وهل تكره؟\n
\n الطلبة: لا.\n
\n الشيخ: لا تكره؛ لعموم الحديث: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».\n
وإنما نص المؤلف على ولد الزنا والجندي؛ لأن بعض العلماء كره إمامتهما، ولكن لا وجه للكراهة، والجندي إذا كان قد يحصل منه عتو على الناس وغشم وظلم، فإن هذا يحصل لكل ذي سلطان، كل ذي سلطان يمكن أن يحصل منه ظلم وغشم وجور، حتى المدرس في فصله ربما يسلط على بعض الطلبة ويظلمهم، ويرقق لبعض الطلبة ويحابيهم، فكل ذي ولاية فإنه عرضة لأن يقوم بالعدل أو يقوم بالجور، والحاصل أن الصحيح أنه لا تكره إمامتهما وهي صحيحة.\n
قال: (\n ومن يؤدي الصلاة بمن يقضيها).\n
أولًا لا بد أن نعرف ما الفرق بين الأداء والقضاء؛ الأداء: ما فعل في وقته، والقضاء: ما فعل بعد وقته، وهنا شيء ثالث الإعادة: ما أعيد في وقته، هذه ثلاثة أمور توصف بها الصلاة؛ أداء: ما فعل في وقته أولًا، إعادة: ما فعل في وقته ثانيًا، قضاء: ما فعل بعد وقته.\n
يقول المؤلف: تصح إمامة (\n من يؤدي الصلاة بمن يقضيها) إمامة من يؤدي، من المؤدي في المثال؟\n
\n الطالب: الذي يؤدي الصلاة في وقتها.\n
\n الشيخ: المؤدي معناه الأداء فعل الصلاة في وقتها، لكن قوله: (\n إمامة من يؤدي).\n
\n الطالب: يكون الإمام هو الذي يؤدي الصلاة.\n
\n الشيخ: يكون الإمام هو الذي يؤدي، والمأموم هو الذي يقضي فتصح.\n
مثال ذلك: دخل رجل والناس يصلون صلاة الظهر، وذكر أن عليه صلاة الظهر بالأمس فبأيهما يبدأ؛ بالصلاة الحاضرة أو بالفائتة؟\n
\n طلبة: الفائتة.\n
\n الشيخ: يبدأ بالفائتة، فدخل معهم وهو ينوي عن ظهر أمس وهم يصلون ظهر اليوم، نقول: هذا صحيح؛ لأنه قاضٍ صلى خلف مؤدٍّ، ولا بأس؛ فالصلاة واحدة كلها ظهر، كلها رباعية، لكن اختلف الوقت.\n
عكس ذلك؛ أن يؤم من يقضي الصلاة من يؤديها؛ يعني: يكون الإمام هو الذي يقضي والمأموم هو الذي يؤدي، مثاله: رجل ذكر أن عليه فائتة الظهر أمس وكان معه صاحب له، فقال لصاحبه: أنا لم أصلِّ الظهر أمس، ولكني سأصليها الآن، وأنت إذا شئت فصلِّ معي ظهرك اليوم، فصلى معه ظهر اليوم، والإمام يصلي ظهر أمس، إذن الإمام يقضي، والمأموم؟\n
\n طلبة: يؤدي.\n
\n الشيخ: يؤدي، العلة؛ يعني: لماذا صحت المؤداة خلف المقضية وبالعكس؟ لأن الصلاة واحدة، وإنما اختلف الزمن.\n
قال: (\n لا مفترض بمتنفل) يعني: لا يصح ائتمام مفترض بمتنفل؛ يعني: أنه لا يجوز أن يكون الإمام متنفلًا والمأموم مفترضًا، لماذا؟ لأن الفرض أعلى من النفل، ولا يصح أن يكون الأعلى خلف الأدنى.\n
واستدلوا أيضًا بقول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» \n ، وهذا اختلاف عليه؛ لأن المأموم مفترض والإمام متنفل.\n
مثال ذلك: رجل يصلي السنة ركعتين، فجاء آخر فقال: أنا أريد أن أصلي معك الفجر، قال: لا بأس، فصلى الإمام السنة وصلى المأموم الفجر، نقول: صلاة المأموم؟\n
\n طلبة: باطلة.\n
\n الشيخ: غير صحيحة، لأيش؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، وهذا اختلاف عليه، ولأن صلاة المأموم أعلى من صلاة الإمام في هذه الصورة، ولا ينبغي أن يصح الأعلى خلف؟\n
\n طلبة: الأدنى.\n
\n الشيخ: الأدنى، هذا هو ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، ولكن في المسألة خلاف.\n
القول الثاني في المسألة: أن الفريضة تصح خلف النافلة، واستدلوا لذلك بأدلة:\n
أولًا: عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»، ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم سوى ذلك؛ أن يكون أقرأ، فالعموم يقتضي أنه لو كان الإمام متنفلًا والمأموم مفترضًا فالصلاة صحيحة.\n
ثانيًا: \n أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم نفس الصلاة \n ، ومعلوم أن الصلاة الأولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة، ولم ينكر عليه.\n
فإن قال قائل: نعارض في الاستدلال بهذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك؟\n
فالجواب أن نقول: إن كان قد علم فهذا هو المطلوب، والظاهر أنه علم؛ لأن معاذ بن جبل شكي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في أنه يطيل، ولا يبعد أن يقال للرسول عليه الصلاة والسلام: إن هذا الرجل يأتي متأخرًا يصلي عندك ثم يأتي بنا ويطيل بنا، هذا ليس ببعيد.\n
ثانيًا: إذا فرضنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم فإن الله تعالى قد علم فأقره، ولو كان هذا أمرًا لا يرضاه الله لم يقره على فعله؛ ولهذا استدل الصحابة على جواز العزل الذي كانوا يفعلونه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بأنهم كانوا يفعلون ذلك في زمن نزول القرآن \n .\n
ثالثًا: \n أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض أنواع صلاة الخوف يصلي بالطائفة الأولى صلاة تامة ويسلم بهم، ثم تأتي الطائفة الثانية فتصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم \n ، وهنا تكون الصلاة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم؟\n
\n طلبة: فرضًا.\n
\n الشيخ: فرضًا، والثانية؟\n
\n طلبة: نفلًا.\n
\n الشيخ: نفلًا.\n
رابعًا: \n أن عمرو بن سلمة الجرمي كان يصلي بقومه وله ست أو سبع سنين \n ، استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»؛ حيث نظروا في القوم فلم يكن أحد أقرأ منه فقدموه، ومن المعلوم أن الصبي لا فرض عليه، فالصلاة في حقه نافلة، ومع هذا أُقر، والقرآن ينزل، استنادًا إلى عموم الحديث: \n «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».\n
وأما الجواب عما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، فالجواب: أنهم هم أول من ينقضه، هم أول من ينقض الاستدلال بهذا الحديث؛ لأنهم يجوِّزن أن يصلي الإنسان المؤداة خلف المقضية، وهذا اختلاف، أليس كذلك؟\n
\n طلبة: بلى \n
\n الشيخ: بلى، ويجوزون أن يصلي المتنفل خلف المفترض، وهذا أيضًا اختلاف، فتبين بهذا أن الحديث لا يراد به اختلاف النية؛ ولهذا جاء التعبير النبوي بقوله: \n «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، ولم يقل: لا تختلفوا عنه، وبين العباراتين فرق؛ فإذا قيل: لا تختلف على فلان، صار المراد بالاختلاف المخالفة، كما يقال: لا تختلفوا على السلطان؛ أي: لا تنابذوه وتخالفوه فيما يؤمكم به.\n
وقد فسَّر النبي عليه الصلاة والسلام عدم المخالفة بقوله: \n «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» إلى آخر الحديث، فصار المراد بقوله: \n «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» أي في؟\n
\n الطلبة: (...)\n
\n الشيخ: في الأفعال والمخالفة؛ ولهذا لم يقل صلى الله عليه وسلم: فلا تختلفوا عليه فتنووا غير ما نوى، بل قال: \n «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إلى آخر الحديث.\n
وأما قولهم: إن صلاة المأموم إذا كان مفترضًا والإمام متنفلًا أعلى من صلاة الإمام.\n
فإن الجواب على ذلك أن نقول: من أصَّل هذه القاعدة؟ وقد دلَّ حديث عمرو بن سلمة الجرمي على أنه يصح أن يأتم الأعلى بالأدنى، فإن قومه يصلون الصلاة فريضة، وهو يصليها نفلًا، فهذه القاعدة غير مسلمة؛ ولهذا صححنا -فيما سبق- أن يصلي القادر على الأركان بالعاجز؟\n
\n طلبة: عن الأركان.\n
\n الشيخ: عن الأركان، كما جاءت به السنة في مسألة القيام؛ أنه يصح أن يصلي المأموم القادر على القيام خلف الإمام العاجز عن القيام.\n
وحينئذٍ يتبين أن القول الراجح أن صلاة المفترض تصح خلف صلاة المتنفل، وقد نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله نفسه؛ نفس الإمام أحمد نص على هذا، فقال: إذا دخل والإمام في صلاة التراويح وصلى معه العشاء فلا بأس بذلك، أن يقوله إمام المذهب، وهذا هو المنصوص عنه، يقول: إذا دخل والإمام يصلي التروايح فليصل معه العشاء. والذي يصلي التراويح؟\n
\n طلبة: متنفل.\n
\n الشيخ: والذي يصلي العشاء؟\n
\n طلبة: مفترض.\n
\n الشيخ: مفترض، وهذا نص الإمام؛ فلذلك فالقول الراجح بلا شك هو هذا، وهو منصوص الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الذي تؤيده الأدلة كما سمعتم (...).\n
صلى محدِثًا ولم يعلم إلا واحد من ألف رجل من المأمومين؟\n
\n طالب: لا تصح صلاة الإمام ولا المأمومين على المذهب.\n
\n الشيخ: سمعتم الإجابة؟ يقول: لا تصح صلاة الإمام ولا المأمومين. \n
\n الطالب: على المذهب. \n
\n الشيخ: على المذهب طبعًا، من أين نأخذها من كلام المؤلف؟\n
\n الطالب: يقول: من علم هو أو أحد من المأمومين.\n
\n الشيخ: فإن جهل، فإن جهل وكاد ما فيها إشكال، لا يتراجع، (\n إن جهل هو والمأموم حتى انقضت)؟\n
\n الطالب: لم تصح.\n
\n الشيخ: طيب.\n
\n طلبة: صحت.\n
\n الشيخ: صحت لمأموم وحده، مفهوم إن علم هو أو أحد المأمومين؟\n
\n الطالب: لم تصح.\n
\n الشيخ: لم تصح، قُلِ القول الراجح في هذه المسألة: إذا كان الإمام جاهلًا بالحدث وانقضت الصلاة؟\n
\n الطالب: القول الصحيح أنها تصح صلاة المأمومين، وأما الإمام فعليه أن يعيد الصلاة.\n
\n الشيخ: نعم، وإن كان عالمًا والمأموم جاهل؟\n
\n الطالب: تصح صلاة المأموم، وتبطل صلاة الإمام.\n
\n الشيخ: على القول الصحيح؟\n
\n الطالب: على القول الصحيح.\n
\n الشيخ: صلى بنجاسة جاهلًا ثم ذكر بعد الصلاة، على المذهب وعلى القول الراجح؟
الطالب: على المذهب يعيد الصلاة.
الشيخ: نعم.
الطالب: وعلى القول الراجح أنه يعفى عن ذلك ولا يعيد الصلاة.
الشيخ: ولا يعيد الصلاة، صحيح.\n
ما الفرق بين المحدث والمتنجس؟\n
\n الطالب: الفرق بينهما أن المتنجس من باب النجاسة؛ من باب التروك، ترْكُها من باب التروك، والطهارة من باب المطلوبات.\n
\n الشيخ: يعني: من باب الأوامر، وذيك من باب النواهي.\n
؟\n
\n طالب: لا يصح، على المذهب.\n
\n الشيخ: على المذهب لا يصح، أحسنت. مثاله؟\n
\n الطالب: من يصلي العصر..\n
\n الشيخ: خلف من يصلي الفجر.\n
\n الطالب: مثلًا رجل يقضي صلاة العصر والإمام يصلي الفجر، مثلًا يقضي خلف الذي يصلي الفجر.\n
\n الشيخ: إي نعم، يعني يكون مثلًا نسي صلاة العصر ولم يذكر إلا عند إقامة صلاة الفجر.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: تمام، القول الثاني؟ أنت قلت: على المذهب، فيه قول ثانٍ؟\n
\n الطالب: يصح.\n
\n الشيخ: القول الثاني: أنه يصح.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: وهذا هو الراجح.\n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: رجل متنفل صلى خلف مفترض على المذهب؟
طالب: على المذهب لا تصح.
الشيخ: متنفل صلى خلف مفترض؟
الطالب: لا تصح، العكس.
الشيخ: وعلى القول الصحيح؟
الطالب: على القول الصحيح أنها تصح.
الشيخ: وعلى المذهب؟
الطالب: كلاهما.
الشيخ: يعني تصح على القولين.
إذا كان متنفلًا خلف مفترض؛ بالعكس؟
طالب: بالعكس على المذهب لا تصح، وعلى القول الصحيح أنها تصح.
الشيخ: أحسنت، بماذا استدلوا؟\n
\n الطالب: استدلوا بفعل معاذ.\n
\n الشيخ: لا، هم يقولون: لا تصح.\n
\n الطالب: لأنهم قالوا: إن صلاة الإمام في مرتبة أقل من صلاة المأموم.\n
\n الشيخ: لكن أنت قلت: استدلوا بفعل معاذ، فعل معاذ عكس كلامهم.\n
\n طالب: لا، القول الصحيح استدلوا..\n
\n الشيخ: دعنا من القول الصحيح ما وصلناه، هم بماذا استدلوا؟\n
\n الطالب: أن صلاة المأموم أعلى رتبة من صلاة الإمام.\n
\n الشيخ: أيوه نعم، ولا ينبغي أن يكون..\n
\n الطالب: (...).\n
\n الشيخ: طيب، فيه دليل؟ هذا تعليل الذي قلت، لكن ما فيه دليل عندهم؟\n
\n طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، في آخر الحديث: \n «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».\n
\n الشيخ: في نفس الحديث: \n «لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، من أين أخذوا هذا؟ من أي كلمة من الحديث؟\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: إي نعم.\n
\n الطالب: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».
الشيخ: وهذا اختلاف؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، القول الثاني؟
طالب: القول الثاني: صحة صلاة المتنفل خلف المفترض.
الشيخ: صحة صلاة المتنفل خلف المفترض؟
الطالب: المفترض خلف المتنفل.
الشيخ: نعم، ما دليلهم؟
الطالب: عدة أدلة؛ الدليل الأول عموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».
الشيخ: أحسنت.\n
\n الطالب: والدليل الثاني ما ثبت في الصحيح \n عن معاذ بن جبل أنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام صلاة العشاء فيذهب ويصلي في قومه صلاة العشاء نافلة وهم يصلونها فريضة.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n طالب: الدليل الثالث حديث عمرو بن سلمة حيث إنه \n أمَّ قومه وهو ابن ست أو سبع سنين، ونقول حتى لو قالوا: إنه ربما النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم نقول.. \n
\n الشيخ: لا، اصبر، ما هي هذه. وجه الدلالة؟\n
\n الطالب: وجه الدلالة أن هذا (...) وهو صبي وأمَّ بالغًا، فأدنى أم أعلى؟\n
\n الشيخ: والصلاة في حقه نفل. طيب هذه ثلاثة. \n
\n طالب: الدليل الرابع: أحد وجوه صلاة الخوف.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: كان النبي يصلي بإحدى الطائفتين، فتكون له فريضة ثم تأتي الطائفة الأخرى ويصلي بهم، فتكون في حقه نافلة وهم في حقهم فريضة.\n
\n الشيخ: تمام، كيف نجيب أو بماذا نجيب عن دليلهم؟\n
\n طالب: الدليل الأول؟ \n
\n الشيخ: عن دليل من قال بالمنع، واستدل بالحديث: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»؟\n
\n الطالب: نجيب عليه بحديث معاذ الأول أنه فيه دليل تصح؛ لأن الله سبحانه وتعالى اطلع على هذا.\n
\n الشيخ: لكن نحن قلنا فيما سبق: عند الترجيح لا بد من أمرين؛ الإتيان بأدلتك، والجواب عن أدلة الآخر، إحنا نريد الجواب عن أدلتهم.\n
\n الطالب: الجواب عن أدلتهم الأربعة، ولا دليل.\n
\n الشيخ: لا.\n
\n طالب: نرد عليهم بما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» أن المقصود الأفعال ليست النية.\n
\n الشيخ: والدليل؟\n
\n الطالب: والدليل ما بعده، هذا مجمل يبينه ما بعده.\n
\n الشيخ: وهو؟\n
\n الطالب: قوله: \n «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إلى آخر الحديث.\n
\n الشيخ: نعم، ثم قال: \n «تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» ولم يقل: عنه.\n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: ويش شو هذا؟\n
\n الطالب: هذا الحديث (...).\n
\n الشيخ: دوروا على حد ثاني. نعم.\n
\n طالب: أقول: إن (...) هذا الحديث، إنكم تجيزون صلاة المفترض بالمتنفل.\n
\n الشيخ: تجيزون أن يصلي متنفل خلف مفترض مع الاختلاف. \n
\n طالب: مع الاختلاف (...) في الصلاة (...) صلاتهم يعني..\n
\n الشيخ: نعم. خلاص.\n
\n طالب: الوجه الثاني لتعليلهم، أما التعليل (...) فهو مخالف للنص، وكل تعليل خالف النص فهو فاسد.\n
\n الشيخ: طيب، تعليلهم مخالف لما تقتضيه النصوص، والتعليل المخالف لما تقتضيه النصوص عليل، علة لا يرجى برؤها. \n

***

\n طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر أو غيرها.
فصل
يقف المأمومون خلف الإمام، ويصح معه عن يمينه وعن جانبيه، لا قدامَه ولا عن يساره فقط، ولا الفذ خلفه أو خلف الصف، إلا أن يكون امرأة، وإمامة النساء تقف في صفهن.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، مرَّ علينا أن الصلاة توصف بالأداء والإعادة والقضاء؛ فالأداء ما فعل في وقته أولًا، والإعادة ما فعل في وقته ثانيًا، والقضاء ما فعل بعد وقته.\n
(\n فصل في موقف الإمام والمأمومين) هذا الفصل عقده المؤلف لبيان موقف الإمام والمأمومين؛ يعني: أين يقف الإمام من المأمومين، أيش تقول؟\n
\n طالب: ما أخذنا من يصلي العشاء.\n
\n طالب آخر: ما أخذنا من يصلي الظهر.\n
\n الشيخ: ما أخذنا من يصلي الظهر؟\n
\n طلبة: لا، ما أخذناه.\n
\n الشيخ: قال: (\n ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر أو غيرها) عندي: (\n أو غيرهما) غلط، (\n أو غيرها) يعني: ولا يصح ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العصر؛ وذلك لاختلاف الصلاتين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».\n
مثال ذلك: رجل قام من النوم مثلًا، فجاء إلى المسجد فوجد الإمام يصلي العصر وهو لم يصلِّ الظهر، فأراد أن يصلي الظهر خلف هذا الإمام الذي يصلي العصر، يقول المؤلف: إن هذا؟\n
\n الطلبة: لا يجوز.\n
\n الشيخ: لا يصح، لماذا؟ لاختلاف الصلاتين؛ لأن هذه ظهر وهذه عصر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».\n
وكذلك العكس؛ لا يصح ائتمام من يصلي العصر بمن يصلي الظهر، مثاله: رجل دخل المسجد وفيه قوم قد جمعوا جمع تأخير، فوجدهم يصلون الظهر وهو قد صلى الظهر من قبل، فدخل معهم بنية العصر، وهم يصلون صلاة الظهر، لا تصح أيضًا؛ وذلك لاختلاف الصلاتين.\n
ومثل هذا أيضًا من وجد شخصًا يصلي الفجر وهو لم يصلِّ الظهر، فصلى معه بنية الظهر، فإن صلاته لا تصح؛ لاختلاف الصلاتين، هذا هو المذهب.\n
لا يستثنى من ذلك إلا المسبوق في صلاة الجمعة إذا أدرك أقل من ركعة، فإنه في هذه الحال يدخل مع الإمام بنية الظهر، والإمام يصلي؟\n
\n طلبة: الجمعة.\n
\n الشيخ: الجمعة، فاختلفت النية هنا؛ الإمام يصلي صلاة الجمعة، وهذا المسبوق يصليها صلاة ظهرٍ، قالوا: هذا لا بأس به، لماذا؟ قالوا: لأن الظهر بدل عن الجمعة إذا فاتت، فبينهما اتصال.
ولكن القول الثاني في هذه المسألة: أنه يصح أن يأتم من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن يصلي العصر بمن يصلي الظهر، ولا بأس بهذا؛ وذلك لعموم ما سبق من الأدلة.\n
وأما استدلالهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» \n فقد بينَّا أن المراد بالاختلاف عليه مخالفته في الأفعال؛ لقوله: \n «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إلى آخره.\n
وعلى هذا القول؛ إذا صلى صلاة أكثر من صلاة الإمام فلا إشكال في المسألة، مثل لو صلى العشاء خلف من يصلي المغرب، أيهما أكثر؟\n
\n طلبة: العشاء.\n
\n الشيخ: العشاء، فهنا نقول: صلِّ مع الإمام، وإذا سلم الإمام فقم وائتِ بأيش؟\n
\n طلبة: بركعة. \n
\n الشيخ: بركعة، ولا فيه إشكال.\n
ولكن إذا صلى وراء إمام بصلاة أقل من صلاة الإمام، فهنا قد يحدث إشكال؛ لأن المأموم هنا إن تابع الإمام زاد في صلاته، وإن خالف الإمام خالف إمامه.\n
مثاله: صلى المغرب خلف من يصلي العشاء، فهنا إذا قام الإمام إلى رابعة العشاء فالمأموم بين أمرين؛ إما أن يتخلف عن الإمام، وهذه مفسدة، وإما أن يتابع الإمام وهذه أيضًا مفسدة؛ لأنه إن تابع الإمام زاد ركعة، وإن تخلف خالف الإمام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: \n «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، فهل هذه الصورة تدخل في القول الصحيح الراجح أن اختلاف النية بين الصلاتين لا يضر؟\n
الجواب: نعم، تدخل في القول الراجح، وأنه يجوز أن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، وهذه تقع كثيرًا، فإن أدرك الإمام في الثانية فما بعدها فلا إشكال.\n
\n طالب: في الركعة الأولى تصح.\n
\n الشيخ: صح؟\n
\n طلبة: (...).\n
\n الشيخ: إن أدرك الإمام في الثانية فما بعدها فلا إشكال؛ لأنه يتابع إمامه، ويسلم مع إمامه إن دخل في الثانية، وإن دخل في الثالثة أتى بعده بركعة، وإن دخل في الرابعة أتى بركعتين؛ يعني: ما فيه إشكال إذا دخل في الثانية فما بعدها، لكن إن دخل في الأولى فإنه يلزم إذا قام الإمام أن يجلس، ولا يمكن أن يقوم، انتبهوا، ولكن إذا جلس هل ينوي الانفراد ويسلم أو ينتظر الإمام؟\n
نقول: هو مخير، لكننا نستحب له أن ينوي الانفراد، ويسلم إذا كان يمكنه أن يدرك ما بقي من صلاة العشاء مع الإمام من أجل أن يدرك صلاة الجماعة. وعلى هذا فنقول: انوِ المفارقة وسلم، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء من أجل أن تدرك صلاة الجماعة.\n
فإن قال قائل: لماذا تجيزون له الانفراد والإمام يجب أن يؤتم به؟ نقول: لأجل العذر الشرعي، والانفراد للعذر الشرعي أو الحسي جائز.\n
دليل الانفراد للعذر الشرعي في صلاة الخوف؛ الطائفة الأولى تصلي مع الإمام ركعة، فإذا قام إلى الثانية نوت الانفراد وأتمت الركعة الثانية سلمت وانصرفت، هذا انفراد لعذر شرعي.\n
الحسي مثل أن يصيب الإنسان في صلاته ما يبيح له قطعها أو تخفيفها؛ مثل هو يصلي مع الإمام فأصيب بغائط أو بول أو ريح يشق عليه أن يستمر مع إمامه، في هذي الحال نقول له: لك أن تنفرد وتخفف الصلاة وتنصرف، إلا إذا كنت لا تستفيد بانفرادك شيئًا؛ مثل أن يكون الإمام يخفف الصلاة تخفيفًا بقدر الواجب، فحينئذٍ لا تستفيد من الانفراد، إذن لا تنفرد.\n
لكن لو فرضنا أن الإمام يطبق السنة في التأني، وأنت تقول: إن بقيت مع الإمام تعبت، ولا صلاة وهو يدافع الأخبثين \n ، نقول: لك أن تنفرد وتخفف الصلاة، وتسلم وتنصرف. هذا عذر أيش؟\n
\n طلبة: حسي.\n
\n الشيخ: هذا عذر حسي.\n
إذا صليت المغرب خلف من يصلي العشاء وجلست نويت الانفراد وجلست، هذا عذر شرعي ولَّا حسي؟\n
\n طلبة: شرعي.\n
\n الشيخ: شرعي؛ لأنه لا يمكن أن تزيد ركعة متعمدًا، فلا بد من أن تجلس.\n
فإن قال قائل: ما تقولون في رجل مسافر صلى خلف إمام يصلي أربعًا، هل تبيحون له إذا صلى الركعتين أن ينفرد ويسلم؛ لأن المسافر يقصر الصلاة؟ نقول: لا نبيح له ذلك.\n
ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء؟ الفرق بينهما ظاهر؛ لأن إتمام الرباعية إتمام صفة.. \n

","SearchText":" صلي وراء متنجس وهو يعلم ان عليه نجاسه؟ طالب: من الذي يعلم الامام ولا الماموم؟ الشيخ: الماموم يعلم ان علي الامام نجاسه وصلي خلفه. الطالب: علي المذهب تبطل صلاتهما. الشيخ: نعم، المذهب تبطل صلاتهما. والقول الثاني؟ الطالب: القول الثاني: اذا انتهت الصلاه. الشيخ: لا، احنا قلنا: طبعا سلم وانتهي، لكن الامام جاهل، ما علم بالنجاسه الا بعد ان صلي واخبره الماموم. طالب: الصلاه صحيحه. الشيخ: القول الثاني: الصلاه صحيحه ؛ لان الامام معذور بجهله، والماموم يعتقد ان الامام في هذه الحال صلاته صحيحه؛ يعني: معذور بالجهل، فقد اءتم بشخص صلاته صحيحه. ما تقول في المذهب في هذه المساله؟ طالب: (...). الشيخ: اي نعم. طالب: (...) مساله يا شيخ؟ الشيخ: المساله: اذا صلي الامام وعليه نجاسه لا يعلم بها وعلم بها الماموم. الطالب: وعلم بها الماموم؟ الشيخ: نعم. الطالب: شيخ، لا بد علي الماموم ان ينبه الامام. الشيخ: ما نبه. الطالب: ما نبه، صلاه الامام صحيحه وصلاه الماموم باطله. الشيخ: علي المذهب اريد؟ الطالب: علي المذهب: صلاه كليهما باطله. الشيخ: اي نعم، صح. القول الثاني ان -كما قال الاخ- صلاتهما صحيحه؛ لان الامام جاهل، والماموم اقتدي بامام صلاته. طلبه: صحيحه. الشيخ: صحيحه عند الماموم. رجل منفرد صلي وعلي ثوبه نجاسه لم يعلم بها الا حين فرغ من الصلاه؟ طالب: صلاته صحيحه. الشيخ: قولا واحدا؟ الطالب: علي المذهب: تبطل صلاته، صلاته غير صحيحه. الشيخ: صلاته غير صحيحه؟ الطالب: غير صحيحه علي المذهب، نعم، علي ثوبه نجاسه. الشيخ: اي نعم. طالب: علي ثوبه نجاسه صلاته صحيحه. الشيخ: علي المذهب؟ طالب: علي المذهب صلاته غير صحيحه، القول الثاني: صحيحه لحديث جبريل. الشيخ: طيب، علي المذهب صلاته غير صحيحه؛ لانه صلي مصطحبا للنجاسه، ومن شروط الصلاه الا يكون مصطحبا للنجاسه، والقول الثاني: ان صلاته صحيحه. الدليل؟ طالب: الدليل حديث جبريل ان الرسول عليه الصلاه والسلام صلي بحذاءه، وصلي الصحابه ايضا بحذاءهم، والنبي صلي الله عليه وسلم في الصلاه خلع نعليه فخلع الصحابه نعالهم، وبعد ان انتهي من الصلاه سالهم لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رايناك خلعتها فخلعناها، فقال: «اتاني جبريل فاخبرني ان بهما نجاسه فخلعتهما». الشيخ: «قذرا» . وجه الدلاله من الحديث؟ الطالب: لانه كانت بها نجاسه ولم يعلم بها، فحين علم خلعها. الشيخ: ويش وجه الدلاله من الحديث علي ان من صلي بنجاسه جاهلا بها فصلاته صحيحه ؟ الطالب: لانه لو كانت تبطل صلاته لاعاد الرسول عليه الصلاه والسلام صلاته. الشيخ: لاعادها من جديد، احسنت، تمام. *** بسم الله الرحمن الرحيم، قال المءلف رحمه الله: ( ولا تصح امامه الامي ) يعني: الا بمثله، كما سياتي باخره. ( الامي ) نسبه الي الام. طالب: اي الجاهل. الشيخ: انتهينا منها، الجاهل (...) وحده تكلمنا عليها اولا؟ طلبه: (...). الشيخ: ايهم؟ طالب: قبل هذا ان المرء (...) يعلم النجاسه فصلاته صحيحه. الشيخ: نعم. الطالب: علم النجاسه وتيقنها. الشيخ: اي، لكن الامام في هذه الحال صلاته صحيحه؛ لانه جاهل بها. الطالب: لا يعيد مع.. الشيخ: كمن اكل لحم ابل جاهلا به والماموم يعلم، فهنا صلاته صحيحه اذا كان الامام يري انه لا ينقض الوضوء. طالب: (...) بقيت حاله ثالثه ما ذكرتها. الشيخ: ما هي؟ الطالب: هذا قلت: الحاله ثالثه ثم سكت. الشيخ: ويش الحاله الثالثه؟ طلبه: مساله ثانيه. الشيخ: نعم. طالب: وجاء وقت السءال وشرعنا في السءال. الشيخ: ما هما الحالان اللي ذكرنا؟ الطلبه: الحدث والنجاسه. الشيخ: الحدث والنجاسه، يمكن ذكرنا انه يعلم هو والماموم، او يعلم الماموم وحده، او يعلم الامام وحده، يمكن هذا اللي احنا.. الاحوال الثلاثه؛ تاره يعلم الامام وحده دون الماموم، وتاره الماموم دون الامام، وتاره كلاهما لا يعلم. الطالب: فيه مساله -يا شيخ- حدثت اثناء الصلاه، والحدث اثناء الصلاه ما ذكرت. الشيخ: ما ذكرناه؟ ذكرنا انه اذا احدث في اثناء الصلاه فعلي المذهب تبطل صلاته وصلاه المامومين، والقول الثاني: انه يستخلف من يتم بهم الصلاه، فينصرف ويقول: يا فلان، اتم بهم الصلاه، وهذا له دليل وتعليل. اما الدليل فهو اثر عمر رضي الله عنه حينما طعنه ابو لءلءه المجوسي غلام المغيره بعد ان شرع في صلاه الصبح، طعنه، فامر عمر عبد الرحمن بن عوف ان يتم بهم الصلاه . هذا اثر بحضره الصحابه. واما النظر؛ فلان المامومين لم يرد علي صلاتهم ما يبطلها، والامام ورد علي صلاته ما يبطلها وانصرف، اما الماموم فـ {باي ذنب قتلت} [التكوير: ٩]، باي حجه نبطل صلاته وهو قد شرع فيها علي وجه صحيح؟ ولدينا قاعده مهمه جدا؛ وهو ان من فعل الشيء علي وجه صحيح بمقتضي الدليل الشرعي فانه لا يمكن ابطاله -سواء صلاه او وضوء او غير ذلك- الا بدليل. طالب: شرعي. الشيخ: شرعي، هذه قاعده عامه؛ لاننا لو ابطلنا ما قام الدليل علي صحته لكان هذا جنايه علي الانسان وعلي الشرع، كيف نبطل شيءا قام الدليل علي صحته؟! ولهذا المساله ما هي هينه؛ يعني: كوننا نتساهل بابطال الشيء نقول: هذا فاسد، هذا باطل، ما اشبه ذلك، ليس بالامر الهين. فمثلا القاءلون بان الانسان اذا مسح علي خفه ثم خلعه بطل وضوءه، نقول: هذا -سبحان الله- باي ذنب؟ هاتوا دليلا من الكتاب والسنه علي انه يبطل الوضوء اذا خلع الخف الممسوح، وعلي العين والراس، اما ان نسطوا علي شيء صححه الشارع وحكم بصحته، ثم نقول: هو فاسد بدون دليل، هذا اعنات علي المكلف من وجه، وابطال لما قام الدليل علي صحته من وجه اخر. ونحن -كما قررنا كثيرا- في الحقيقه متعبدون مربوبون نمشي في تصحيح عباداتنا وفي ابطالها علي ما يقتضيه الشرع، وليس لنا ان نتقدم بين يدي الله ورسوله باي شيء، فما اطلقه الشارع لا يحل لنا ان نزيده قيدا، وما عممه لا يصح لنا ان نخصص منه صوره من صور العموم الا بدليل، وما صححه لا يمكن ان نفسده الا بدليل، وهلم جرا. فمثلا نقول: ان الامام اذا احدث بطلت صلاته، ولا شك بمقتضي الدليل الشرعي، لكن الماموم لم يرد علي صلاته ما يبطلها، وهو حينءذ؛ اما ان ينفرد لاجل العذر، واما ان تتمم الصلاه في جماعه، وينتهي المشكل. يقول المءلف: ( لا تصح امامه الامي ) ( الامي ) نسبه الي الام، وتعرفون ان الانسان اذا خرج من امه فهو لا يعلم شيءا، كما قال الله تعالي {والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيءا} [النحل: ٧٨]، فالامي لا يعرف يقرا ولا يكتب، لا يعرف شيءا، اذن الامي نسبه الي؟ الطلبه: الام. الشيخ: الام. فمن هو الامي؟ الامي لغه: من لا يقرا ولا يكتب، هذا الامي؛ لقوله تعالي: {هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمه} [الجمعه: ٢]، {يتلو عليهم اياته} فيقرءون، {ويعلمهم الكتاب} فيكتبون، {والحكمه} . وقال الله تعالي: {فامنوا بالله ورسوله النبي الامي} [الاعراف: ١٥٧]، وقال في تفسير ذلك: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: ٤٨] فالامي في اللغه من؟ طالب: من لا يحسن القراءه ولا الكتابه. الشيخ: من لا يحسن القراءه ولا الكتابه. لكن الامي هنا يقول المءلف: ( من لا يحسن الفاتحه ) هذا الامي، ( من لا يحسن الفاتحه ) حتي لو قرا غيرها، لو كان يقرا كل القران الا الفاتحه فهو امي، لو كان يقرا بكل اللغات، يقرا اي كتاب تجيبه باي لغه، يقرءه عليك، لكن لا يحسن الفاتحه فهو؟ طلبه: امي. الشيخ: امي في الاصطلاح، فالامي هنا في الاصطلاح: من لا يحسن الفاتحه؛ يعني: ما يقرءها، لا حفظا ولا تلاوه، هذا واحد. الفاتحه، ما هي الفاتحه؟ الفاتحه: هي سوره {الحمد لله رب العالمين} ، سميت فاتحه لانها افتتحت بها القران الكريم، ولها اسام متعدده. يقول: ( او يدغم فيها ما لا يدغم ) ( يدغم فيها ) اي: الفاتحه، ( ما لا يدغم ) والادغام معروف عند العلماء: كبير وصغير؛ فاذا ادغمت حرفا بمثله فهذا ادغام صغير، اذا ادغمت حرفا بما يقاربه فهو كبير، اذا ادغمت حرفا بما لا يقاربه ولا يماثله فهو غلط. فاذا ادغم فيها ما لا يدغم فانه امي، مثل: {الحمد لله رب العالمين} ادغم الهاء بالراء، هذا ادغام غير صحيح؛ لان الهاء بعيده من الراء، كيف يدغم؟ يقول مثلا: (الحمد للا رب العالمين) ما تبين الهاء، كان ما طمرها، نقول: هذا امي، حتي وان كان لا يستطيع الا هذا، فهو امي، وجه ذلك انه اذا ادغم فيها ما لا يدغم فقد اسقط ذلك الحرف المدغم، اسقطه في النهايه، اللي ذكرت وايش اسقط؟ الطلبه: الهاء. الشيخ: الهاء. اما الادغام؛ ادغام المتقاربين فمثل ادغام الدال بالجيم، مثل: {قد جاءكم} [ال عمران: ١٨٣] هذه فيها قراءه، والقراءه المشهوره هي التحقيق {قد جاءكم} ، لكن لو كان يقول: {قد جاءكم} لا يعتبر اميا، لكن ليس في الفاتحه مثل هذا النوع؛ يعني ما فيها {قد جاءكم} الفاتحه. يقول: ( او يدغم فيها ما لا يدغم او يبدل حرفا ) يعني: يبدل حرفا بحرف، وهو الالثغ؛ مثل ان يبدل الراء باللام؛ يعني: يجعل الراء لاما، مثل: (الحمد لله لب العالمين) هذا امي، لايش؟ طالب: بدل الراء. الشيخ: لانه اسقط حرفا من الفاتحه، لكن لو قال: انا اسقطت حرفا واتيت بحرف؟ نقول: هذا خطا؛ لان هذا الحرف لا ينوب منابه، فانت امي. يستثني من هذه المساله ابدال الضاد ظاء فانه معفو عنه؛ وذلك لخفاء الفرق بينهما، ولا سيما اذا كان عاميا، فان العامي لا يكاد يفرق بين الضاد والظاء، فاذا قال: (غير المغظوب عليهم ولا الظالين) نقول: ابدل الضاد جعلها؟ طلبه: ظاء. الشيخ: ظاء، ولكن هذا يعفي عنه؛ لمشقه التحرز منه، وعسر الفرق بينهما، لا سيما من العوام؛ فلهذا استثني العلماء هذا الحرف، وعللوا ذلك بالمشقه. ان ابدل الصاد وجعلها سينا؟ الطلبه: (...). الشيخ: لا، هذا ليس اميا؛ لانها فيها قراءه السبعيه، {اهدنا السراط المستقيم} [الفاتحه: ٦] و {الصراط} بالصاد، اذن اذا ابدل حرفا بحرف فانه امي ما لم ترد به القراءه، فصار عندنا الان: ابدال حرف بحرف لا يماثله فهذا امي، ابداله بما يقاربه مثل الضاد بالظاء. طالب: معفو عنه. الشيخ: معفو عنه. ابدال الصاد سينا؛ يعني: جعلها سينا، هذا جاءز، بل ينبغي ان تقرا به احيانا؛ لانه قراءه سبعيه، وكما مر علينا سابقا ان القراءه السبعيه ينبغي للانسان ان يقرا بها احيانا، لكن بشرط الا يكون امام العامه؛ لانك لو قرات امام العامه بما لا يعرفوه لانكروا ذلك، ولهبطت ثقتهم بالقران، وهذا امر خطير، فالعامه لا تقرا عندهم الا بما في مصاحفهم؛ لءلا توجب عليهم التشويش. قال: ( او يلحن فيها لحنا يحيل المعني ) هذا ايضا من الاميين، ( يلحن فيها ) اي: في الفاتحه، ( لحنا يحيل المعني ) واللحن: تغيير الحركات، سواء كان تغييرا صرفيا ام نحويا، فان كان يغير المعني فان ذلك امي؛ المغير، وان كان لا يحيله فليس بامي، فاذا قال: الحمد لله رب العالمين فاللحن هذا؟ الطلبه: لا يحيل. الشيخ: لا يحيل المعني، وعلي هذا فليس بامي، فيجوز ان يكون اماما بمن هو قارء، واذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم). الطلبه: (...). الشيخ: فهذا يحيل المعني؛ لانك اذا قلت: (اهدنا) صار من الاهداء؛ يعني: اعطاء الهديه، واذا قلت: اهدنا؛ يعني: دلنا ووفقنا، فهذا بينهما فرق. ولو قال: اياك نعبد؟ طلبه: (...). الشيخ: هذا احاله، احاله شديده، فهذا امي. ولو قال: صراط الذين انعمت عليهم؟ طلبه: يحيل. الشيخ: يحيل ايضا. ولو قال: اياك نعبد؟ طلبه: لا يحيل. الشيخ: هذا لا يحيل المعني. اياك نستعين؟ الطلبه: لا يحيل. الشيخ: لا يحيل. المهم اذا كان يحيل المعني فهو امي، وان كان لا يحيل المعني فليس بامي، لكن لا ليس معني ذلك انه يجوز ان يقرا الفاتحه ملحونه، لا يجوز ان يلحن ولو كان لا يحيل المعني، لكن الكلام علي انه هل هو امي او غير امي؟ يقول المءلف: ( او يلحن فيها لحنا يحيل المعني الا بمثله ) اذا وجد انسان مثل هذا الانسان امي ما يعرف الفاتحه، وصلي به فصلاته صحيحه؛ لمساواته له في النقص، كل منهما الان؟ طلبه: ناقص. الشيخ: ناقص، لو ام القارء اميا؟ طلبه: (...). الشيخ: ما يصح؟ طلبه: (...). الشيخ: يصح؟ طالب: اي نعم. الشيخ: يعني: صار الامي هو الماموم، يصح، وان كان هو الامام فانه لا يصح، هذا هو المذهب. القول الثاني وهو روايه عن احمد: انه يصح ان يكون الامي اماما، ولكن خلاف امر النبي عليه الصلاه والسلام حين قال: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . وعلي كل حال فصحه امامه الامي بمن هو قارء، وان كانت مرويه عن الامام احمد، وان كانت تنبني علي القاعده اللي سبقت ان من صحت صلاته صحت امامته، لكن ينبغي ان نتجنبها؛ لان فيها شيءا من المخالفه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . يقول المءلف رحمه الله: (وان قدر علي اصلاحه لم تصح صلاته) (ان قدر) الفاعل من؟ طلبه: الامام. الشيخ: الامي، ان قدر علي اصلاحها؛ اي: اصلاح اللحن الذي يحيل المعني ولم يصلحه فان صلاته لا تصح، وان لم يقدر؟ طلبه: صلاته صحيحه. الشيخ: فصلاته صحيحه، دون امامته الا بمثله، لكن الصحيح انها تصح امامته في هذا الحال ؛ يعني: يوجد بعض الباديه ما يستطيع ان ينطق بالفاتحه علي وجه صحيح، ربما تسمعه يقول: اهدنا، ثم تقول: هذا غلط، قل: اهدنا، فيقول: اهدنا، تقول: قل اهدنا، فيقول: اهدنا، تكرر عليه ما يقدر، وهذا شيء مشاهد مجرب، بعض الباديه ما يمكن يقرا الا ما كان قد اعتاده، نقول: هذا الانسان عاجز عن اصلاح اللحن فصلاته صحيحه، واما من كان قادرا فصلاته غير صحيحه -كما قال المءلف- اذا كان يحيل المعني. ثم قال: ( وتكره امامه اللحان ) اللحان: كثير اللحن، والمراد في غير الفاتحه، فان كان في الفاتحه واحال المعني صار؟ الطلبه: (...). الشيخ: اميا لا تصح صلاته علي المذهب، لكن اذا كان كثير اللحن في غير الفاتحه فامامته صحيحه، لكن تكره . ما الدليل؟ الدليل قول النبي عليه الصلاه والسلام: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، وهذا خبر بمعني الامر، فاذا كان خبرا بمعني الامر فانه اذا امهم من ليس اقراهم فقد خالفوا امر النبي صلي الله عليه وسلم، وهذه ولايه، وقد ذكر الامام احمد رحمه الله حديثا لكنه لم يذكر سنده: «اذا ام الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال» ؛ لانهم انحطوا فيحط الله قدرهم. ( وتكره امامه اللحان والفافاء والتمتام ) الفافاء هو: الذي يكرر الفاء؛ يعني: اذا نطق بالفاء يكررها، مثل اذا جاءت الفاء في جواب الشرط او عاطفه صار يكررها، لا ينطق بها الا بالتكرار. (التمتام) يكرر؟ طلبه: التاء. الشيخ: التاء، طيب فيه من الناس من يكرر الواو؟ طلبه: واواء. الشيخ: واواء، اي نعم، مقتضي هذا الذي قال المءلف ان نقول: الواواء. علي كل حال الذي يكرر الحروف تكره امامته من اجل زياده الحرف، ولكن لو ام الناس فامامته صحيحه. قال: ( ومن لا يفصح ببعض الحروف ) يعني: انه يخفيها بعض الشيء، وليس المراد انه يسقطها؛ لانه اذا اسقطها فان صلاته لا تصح؛ لنقصان الفاتحه؛ يعني: اذا كان في الفاتحه فانها لا تصح لنقصانها، اما اذا كان يذكرها لكن بدون افصاح فان امامته مكروهه. ولم يذكر المءلف كراهه امامه من لا يقرا بالتجويد؛ لانه لا يكره، لا تكره القراءه بغير تجويد، التجويد من باب تحسين الصوت بالقران وليس بواجب، ان قرا به الانسان لتحسين صوته فهذا طيب، وان لم يقرا به فلا حرج عليه، ولم يفته شيء مما ياثم بتركه، بل ان شيخ الاسلام رحمه الله ذم اولءك القوم الذين يعتنون باللفظ وربما يكررون الكلمه مرتين او ثلاثه من اجل ان ينطقوا بها علي قواعد التجويد، ويغفلون عن المعني وعن تدبر القران، ذكره بعض الاخوه الذين الفوا في هذا الباب؛ لاني قرات كم رساله في هذا الباب؛ في عدم وجوب قراءه القران بالتجويد؛ ولهذا الفقهاء لم يذكروا انه تكره امامه من لا يقرا بالتجويد. قال: ( وان يءم اجنبيه فاكثر لا رجل معهن ) يكره ان يءم اجنبيه فاكثر، ( اجنبيه ) يعني: ليست من محارمه، هذه الاجنبيه؛ لان الاجنبي في كل موضع بحسبه، فالاجنبيه المراه التي ليست من محارم الانسان، يكره ( ان يءم اجنبيه فاكثر لا رجل معهن )، في كلام المءلف يحتاج الي تامل، قوله: ( اجنبيه فاكثر ) اما اذا كانت اجنبيه فان الاقتصار علي الكراهه فيه نظر ظاهر اذا استلزم الخلوه؛ ولهذا استدل بالشرح قال: لان النبي صلي الله عليه وسلم نهي ان يخلو الرجل بالاجنبيه ، ولكننا نقول: اذا خلا بها فانه يحرم عليه ان يءمها؛ ان يكون اماما لها ويصلي بها؛ لان ما افضي الي المحرم فهو؟ طلبه: محرم. الشيخ: محرم. اما قوله: ( فاكثر ) يعني: ان يءم امراتين فاكثر، فهذا ايضا فيه نظر من جهه الكراهه؛ وذلك لانه اذا كانت مع المراه مثلها انتفت الخلوه، فاذا كان الانسان امينا فلا حرج ان يءمهما، وهذا يقع احيانا في بعض المساجد التي تكون الجماعه فيها قليله، ولا سيما في قيام الليل في رمضان؛ ياتي الانسان الي المسجد ولا يجد فيه رجالا، لكن يجد فيه امراتين او ثلاثا في خلف المسجد، فعلي كلام المءلف يكره ان يبتدء الصلاه بهاتين المراتين او الثلاثه او الاربعه، ولكن الصحيح ان ذلك لا يكره، وانه اذا ام امراتين فاكثر فالخلوه قد زالت، ولا يكره ذلك الا اذا خاف الفتنه، اذا خاف الفتنه فانه حرام؛ لان ما كان ذريعه للحرام فهو حرام . كلام المءلف الان له صورتان: الصوره الاولي: ان تكون المراه واحده فهنا نقول؟ طلبه: يحرم. الشيخ: يحرم مع الخلوه، ومع عدم الخلوه لا يحرم، لكنه لا ينبغي مع عدم الخلوه؛ يعني: لو كان في البيت نساء او حوله رجال مثلا وصلي بها وحده، فهنا ليس هناك خلوه، لكن مع ذلك يخشي من الفتنه؛ لانه يكون الجماعه توجب الالفه والمحبه والعلاقه، اذا كان امراتان فاكثر قلنا: لا يحرم، لكن ان خاف فتنه فانه يحرم من هذه الناحيه، اما من حيث الامامه فليس في ذلك شيء. طالب: تصح الصلاه؟ الشيخ: هذا هو، هذا الصحيح؛ يعني: يجب التفصيل في هذا. طالب: تصح الصلاه؟ الشيخ: الصلاه صحيحه، نعم. قال: ( وان يءم قوما اكثرهم يكرهه بحق ) وجه ذلك استدل المءلف رحمه الله بدليل -لكن فيه نظر- وهو: «ثلاثه لا تجاوز صلاتهم اذانهم؛ العبد الابق، والمراه التي زوجها عليها ساخط، ورجل ام قوما وهم له كارهون» . «ثلاثه لا تجاوز صلاتهم اذانهم» يعني: لا ترفع، «العبد الابق، والمراه التي زوجها عليها ساخط، ورجل ام قوما وهم له كارهون» . هذا الحديث ضعيف، ولو صح لكان فيه دليل علي بطلان الصلاه، لكنه ضعيف، ومن ثم قال الفقهاء بالكراهه، وقد ذكر ابن مفلح رحمه الله في النكت علي المحرر بان الحديث اذا كان ضعيفا وكان نهيا فانه يحمل علي الكراهه، لكن بشرط الا يكون الضعف شديدا، واذا كان امرا فانه يحمل علي الاستحباب. والحديث هذا ضعيف؛ ولذلك قالوا: انه يكره، لكن ما وجهه؟ يقولون: ان العبد الابق قد غصب وقته؛ لان المفروض ان يكون وقته لمن؟ طلبه: لسيده. الشيخ: لسيده، وهو قد ابق منه، كذا؟ ماذا قلنا في التعليل؟ اي نعم. طالب: ان العبد الابق (...). الشيخ: وايش ما قلنا في التعليل؟ الطالب: (...). الشيخ: طيب، علي كل حال يقولون: ان وقته مغصوب، فهو كالمصلي في مكان مغصوب، لا تصح؛ ولهذا قال الفقهاء -شوف دقه الفقهاء رحمهم الله- قالوا: لا يصح نفله، وفرضه يصح، لايش؟ قال: لان الفرض مستثني شرعا، حتي لو كان سيده عنده يقول: لا تصل، يقول: انا بصلي غصبا عليك. النفل لو قال: لا تصل؟ طلبه: لا يصلي. الشيخ: ما يصلي، يمنعه؛ فلهذا قالوا: نفل الابق فاسد، وفرضه؟ طلبه: صحيح. الشيخ: صحيح، نعم. طالب: (...)؟ الشيخ: نرد علي ذلك ان الرسول ما سمعنا قراءته حتي يكون بهذا، وانه نعرف الان ان القراء مع طول الزمن ادخلوا علي القراءه الشيء؛ ولذلك كانت قراءه النبي عليه الصلاه والسلام علي خلاف قواعدهم؛ كان الرسول يمد (الله) ويمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) ، وهي علي قواعدهم غير ممدوده؛ فلذلك نري ان هذه الامور دخلت تحسينا من باب تحسين القراءه حتي وصلت الي هذا الحال. طالب: يا شيخ، ابن مسعود. الشيخ: اي نعم، حتي حديث ابن مسعود . الطالب: (...) للفقراء. الشيخ: معلوم؛ لانه لو لم يمدها لقال: (للفقرا) بس؛ معناها اسقط همزه. طالب: يجب الادغام فيما (...) عن النبي صلي الله عليه وسلم. الشيخ: نعم؟ الطالب: قراءه النبي صلي الله عليه وسلم نقلت جيدا (...). الشيخ: اي نعم، لكن ما نستطيع ان نجزم بانها نقلت علي هذا الوجه الموجود الان، اما مساله مد (الفقراء) معلوم؛ لانك لو قلت: (انما الصدقات للفقرا)، اسقطت حرفا، واضح، لا بد من المد. طالب: احسن الله اليك، بالنسبه لامامه الامي الذين قالوا: انها تصح استدلوا بقوله صلي الله عليه وسلم: «ان احسنوا فلكم ولهم، وان اساءوا فلكم وعليهم» ، ما صحه الاستدلال ذا؟ الشيخ: لا، هذا يستدل به علي صحه امامه الفاسق. الطالب: والامي ما يستدل به؟ الشيخ: والله فيها نظر؛ لان الغالب من الاءمه ما يكونون اميين. طالب: كلام -يا شيخ- ابن مفلح في الحديث الضعيف معتبر؟ الشيخ: والله فيه شيء من النظر، اذا كان الضعف ليس شديدا فهو متوجه؛ لان التاثيم بتركه صعب اذا كان امرا، وبفعله اذا كان نهيا صعب، لكن كون ان الانسان يكون عنده شبهه، يكون هذا من باب: «دع ما يريبك الي ما لا يريبك» . الطالب: فام رجل (...) فانتقض وضوء الماموم خرج من الصلاه، (...) يستمر في صلاته ام يجوز (...)؟ الشيخ: اي نعم، يستمر. طالب: اذا كان الماموم راي نجاسه في ثوب الامام والامام لا يعلم بنجاستها، الافضل -يا شيخ- انه يجب عليه انكار المنكر هذا يخبره؟ الشيخ: ويش تقولون يا جماعه؟ الطلبه: (...). الشيخ: هو لا ينكر المنكر الا بمنكر، في هذه الحال لن ينكر المنكر الا بمنكر، ما هو المنكر؟ الطلبه: قطع الصلاه. الشيخ: قطع صلاته، ففي هذا الحال كنت في الدرس الماضي قلنا: ينفرد ويكمل لنفسه، واذا سلم يخبر الامام، لكن فيه شيء عندي، والاقرب ما قررته الان انه يستمر في صلاته؛ لان الامام في هذا الحال صلاته صحيحه علي القول الراجح . طالب: ما ينبشه -يا شيخ- بعصا ولا بشيء؟ الشيخ: ايش عصا و..، ما ان يضربه! الطالب: لا، هذه يرفع ثوبه بكذا.. الشيخ: مشكله، وانكشفت عورته احد. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المءلف رحمه الله تعالي: وتصح امامه ولد الزنا والجندي اذا سلم دينهما، ومن يءدي الصلاه بمن يقضيها وعكسه، لا مفترض بمتنفل، ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، او غيرهما . الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين. سبق لنا ان امامه الامي لا تصح، ماذا تقول؟ طالب: الامي؟ الشيخ: اي نعم، من هو الامي؟ الطالب: الامي هو الذي لا يقرا ولا يكتب. الشيخ: لا، هذا الامي لغه، لكن الامي في اصطلاح الفقهاء؟ الطالب: هو الذي لا يعرف (...). الشيخ: لا، واما تراجع يا اخي؟ طالب: من لا يحسن قراءه الفاتحه. الشيخ: من لا يحسن الفاتحه. هل عدم صحه امامته مطلقا او استثني من ذلك شيء؟ طالب: مطلقا. الشيخ: مطلقا؟ الطالب: يستثني. الشيخ: ما الذي يستثني؟ اذن علمت انه يستثني بسبب ان الجماعه رفعوا ايديهم، ما يصح. طالب: استثني المءلف امامه اللحان بمثله فانها تصح. الشيخ: اللحان؟! نتكلم عن الامي. الطالب: اي نعم، تصح امامه الامي بمثله، امامه الامي اذا كان الماموم بمثله. الشيخ: تصح امامته بمثله؟ الطالب: اي نعم. الشيخ: يعني: واحد ما يقرا يصح بان يكون اماما بمن لا يقرا، طيب، وهل تصح بمن يحسن القراءه؟ طالب: لا تصح يا شيخ. الشيخ: علي كلام المءلف لا تصح؛ لانها لا تصح الا بمثله، هل هناك قول اخر؟ الطالب: قول: انها تصح. الشيخ: قول: انها تصح، نعم؛ لانه عاجز، والعاجز عن الشيء كفاعله. يقول المءلف: انه تكره امامه اللحان، من هو اللحان؛ يعني الملحن علي العود ولا ايش؟ طالب: كثير اللحن الذي لا يحيل المعني. الشيخ: كثير اللحن الذي لا يحيل المعني، تمام، فهي اذن صيغه مبالغه. يقول المءلف: ان الفافاء تكره امامته، فمن هو الفافاء؟ طالب: الذي يكرر الفاء. الشيخ: الذي يكرر الفاء، ولكن تصح امامته او لا؟ الطالب: يكره. الشيخ: لكن تصح او لا؟ الطالب: تصح. الشيخ: يعني: يصح ان يكون اماما، لكنه يكره. من هو التمتام؟ طالب: هو الذي لا يستطيع ان ينطق التاء. الشيخ: طيب، هل امامته صحيحه او لا؟ طالب: صحيحه. الشيخ: ولكنها؟ الطالب: مكروهه. الشيخ: مكروهه، طيب. رجل يبدل حرفا بحرف هل تصح امامته او لا؟ طالب: نعم، تصح. الشيخ: يبدل حرفا بحرف؟ الطالب: طبعا علي راي المءلف لا تصح. الشيخ: لا تصح؟ الطالب: نعم. الشيخ: ولا يستثني شيء؟ الطالب: يبدل حرفا بحرف؟ الشيخ: اي نعم. الطالب: الا بمثله. الشيخ: اي، ما يخالف، الا بمثله، لكن اذا كان.. الطالب: اذا كان قادرا علي اصلاح الخلل او الحرف هذا.. الشيخ: لا، انا قصدي ما يستثني بعض الحروف، ما هو بعض ال.. الطالب: نعم، هناك حرفان للمشقه، هما الضاد؛ يعني: ينطق بدل الضاد ينطقها ظاء. الشيخ: اذا ابدل الضاد بالظاء. الطالب: وكذلك السين بالصاد. الشيخ: طيب، الضاد بالظاء مثل اذا قال: غير المغظوب عليهم ولا الظالين، فان ذلك يصح؛ لعسر الفرق بينهما، ولا سيما علي العامه. يقول المءلف: انه يكره ( ان يءم اجنبيه فاكثر لا رجل معهن ). طالب: علي قول المءلف تصح الصلاه، ولكن النظر الصحيح اذا كانا منفردين فلا تصح؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم.. الشيخ: لا، اذا كانا منفردين رجل وامراه؟ الطالب: لا يجوز. الشيخ: فهو حرام؟ الطالب: نعم. الشيخ: طيب، حرام ان ينفرد بها. الطالب: نعم، وان كان معه نساء فلا وجه للكراهه. الشيخ: اذا كان.. الطالب: معه نساء؛ اكثر من واحده. الشيخ: فلا وجه للكراهه، بشرط ان يكون الامام؟ الطالب: يامن الفتنه. الشيخ: امينا، طيب. اذن مع الواحده نقول: حرام، ومع اثنتين فاكثر جاءز اذا كان امينا، هذا القول هو الراجح، وعلي هذا فاطلاق المءلف الكراهه فيه نظر . رجل صار اماما لقوم وهم يكرهونه؟ طالب: علي قول المءلف ان صلاته لا تصح. الشيخ: لا تصح؟ الطالب: نعم. الشيخ: علي قول المءلف! سوف يحاسبك المءلف علي هذه الكذبه عليه، انتبه، المءلف ميت في قبره، يقيم عليك بينه يوم القيامه. الطالب: الصلاه (...). الشيخ: ما ادري (...) كذيبه. الطالب: علي قول المءلف انه يكره. الشيخ: نعم. الطالب: استدل بحديث «ثلاثه لا تجاوز صلاتهم اذانهم» ، وذكر منها الامام الذي يكرهه قومه. الشيخ: «الذي يءم قوما وهم له كارهون» ، طيب. الطالب: حمل الحديث هذا علي الكراهه. الشيخ: طيب، لكن هل الامام يقول: انه يكره ان يءم قوما يكرهونه او قيد ذلك؟ الطالب: لا، يكرهونه بحق. الشيخ: يكرهونه بحق، هذه لا بد منها، المءلف قال: انه يكره ان يءم قوما يكرهونه بحق او اكثرهم، كذا؟ طلبه: (...). الشيخ: الدليل؟ الطالب: الحديث هذا الذي «ثلاثه لا تجاوز صلاتهم اذانهم؛ العبد الابق» . الشيخ: «المراه اذا باتت وزوجها عليها ساخط، ورجل ام قوما وهم له كارهون» . لو قال لك قاءل: هذا الحديث يقتضي ان ذلك حرام؛ لانه يقتضي عدم صحه الصلاه، ولا تبطل الصلاه الا بفعل محرم فيها؟ الطالب: نقول: نعم، ان ظاهر الحديث يدل علي ذلك، ولكن العلماء لما كان هذا الحديث فيه ضعف جعلوا الحديث للكراهه؛ يعني استعمالا لقاعده ابن مفلح ان الحديث اذا كان فيه ضعف لكن ضعفه ليس قويا، فان كان للتحريم فانه يحمل علي الكراهه. الشيخ: لان ابطال العباده بدون دليل بين لا يجوز، فيحمل علي الكراهه احتياطا، اذن معناه ابن مفلح رحمه الله سلك سبيل الاحتياط، قال: لاحتمال ان يكون صحيحا نقول: يكره، ولعدم الثبوت علي وجه نقدم به علي ابطال الصلاه لا نقول بالتحريم. بالنسبه للعبد الابق كيف حاله علي ما فصلنا ذاك الدرس؟ طالب: صلاته صحيحه اذا كانت فرضا، اما اذا كانت نفلا فانه موقوف علي سيده.. الشيخ: لا، سيده ما هو بحوله، هو ابق عن سيده. الطالب: اذا كانت فرضا تصح، اما النفل فلا تصح. الشيخ: لم؟ الفرق؟ الطالب: لان الفرض واجب، يجب عليه هذا. الشيخ: اي نعم، حتي ولو منعه السيد بخلاف؟ طالب: النفل. الشيخ: والقول الثاني في المساله ذكرناه لكم انها تصح صلاته مطلقا. اذا كانوا يكرهونه كراهه شخصيه؟ الطالب: هذا ما تكره صلاته. الشيخ: اذا كانوا يكرهونه كراهه شخصيه لا تكره امامته فيهم. الطالب: لا تكره. الشيخ: لا تكره، من اين اخذتها؟ الطالب: لانه قال المءلف قيدها فقال: ( بحق ). الشيخ: طيب. الطالب: والحق لا يكون الا بالشرع. الشيخ: اي نعم، طيب، لكن حديث: «رجل ام قوما وهم له كارهون» ما يدل علي الكراهه مطلقا، اظن ذكرنا عليكم هذا. الطلبه: لا، ما فصلنا فيه. *** الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المءلف رحمه الله تعالي: ( او قوما اكثرهم يكرهه بحق ) افادنا المءلف من هذا انه لو كان الجميع يكرهه لكانت الكراهه من باب اولي، وانه لو كان الاقل يكرهه فان ذلك لا يضر. وافادنا قوله: ( بحق ) انهم لو كرهوه بغير حق؛ مثل ان يكرهوه لانه يحرص علي اتباع السنه في الصلاه؛ يقرا بهم السور المستحبه المسنونه، ويصلي بهم صلاه تان، ولا يحلق لحيته، ولا يطيل ثوبه اطاله محرمه، فان امامته فيهم هي صحيحه مطلقا، حتي الاول فان امامته فيهم لا تكره؛ لانه يقول: ( بحق )، وهذا الرجل الذي كرهه جماعته لانه يءدي الصلاه علي الوجه المشروع من الاطاله المشروعه نقول: هءلاء كرهوه بايش؟ الطلبه: بغير حق. الشيخ: بغير حق، فلا عبره بكراهتهم، لكن ظاهر الحديث الكراهه مطلقا؛ انه ما دام اكثر الجماعه كارهين له فانه يكره ان يءمهم؛ وذلك لان الغرض من صلاه الجماعه هو الاءتلاف والاجتماع، واذا كان هذا هو الغرض فمن المعلوم انه لا اءتلاف ولا اجتماع الي شخص مكروه عندهم، ولكن اذا علم.. انا اقول بناء علي هذا القول الذي نري انه اصح: انه يكره مطلقا بحق او بغير حق، ولكن ينبغي له اذا كانوا يكرهونه بغير حق ينبغي له ان يعظهم ويذكرهم ويقول لهم: انا لم اطل الصلاه بكم الا علي حسب ما جاء في السنه، وانا لم ادع ثوبي فوق الكعب الا لما جاءت به السنه ، وهكذا، فالذي ينبغي له ان يتالفهم، واذا علم الله من نيته صدق نيه التاليف بينهم يسر الله له ذلك، اما ان يفرض نفسه عليهم وهم يكرهونه، واذا سلم وانصرف واذا وجوههم معبثه عليه، كيف يكون اماما لهم؟ هذا بعيد عن مقصود الامامه. ثم قال المءلف رحمه الله: (وتصح امامه ولد الزنا والجندي اذا سلم دينهما) (تصح امامه ولد الزنا) ولد الزنا ليس له اب؛ لانه خلق من ماء سفاح لا نكاح، وله ام؟ طالب: نعم الشيخ: نعم، له ام. ولد الزنا لا ينسب لاحد؛ لا للزاني، ولا لزوج المراه ان كانت ذات زوج؛ لانه ليس له اب شرعي، لكن هل له اب قدري؟ طلبه: نعم. الشيخ: نعم، له اب قدري لا شك، ما خلق الا من ماء الرجل. ولد الزنا قد يكون سليم العقيده مستقيم الدين، فيكون كغيره ما دام سليم العقيده ومستقيم الدين فانه يثبت له ما يثبت لغيره؛ ولهذا قال المءلف: ( تصح امامته ). وهل تكره امامته؟ لا تكره؛ لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . الجندي ايضا تصح امامته وهو الشرطي، تصح امامته حتي ولو كان في لباسه العسكري؛ لانه رجل من المسلمين، بل قد نقول: انه قام بعمل مصلحته عامه، فيكون من هذا الوجه احسن عملا من الذي يعمل عملا مصلحته خاصه، فالجندي تصح امامته، وهل تكره؟ الطلبه: لا. الشيخ: لا تكره؛ لعموم الحديث: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . وانما نص المءلف علي ولد الزنا والجندي؛ لان بعض العلماء كره امامتهما، ولكن لا وجه للكراهه، والجندي اذا كان قد يحصل منه عتو علي الناس وغشم وظلم، فان هذا يحصل لكل ذي سلطان، كل ذي سلطان يمكن ان يحصل منه ظلم وغشم وجور، حتي المدرس في فصله ربما يسلط علي بعض الطلبه ويظلمهم، ويرقق لبعض الطلبه ويحابيهم، فكل ذي ولايه فانه عرضه لان يقوم بالعدل او يقوم بالجور، والحاصل ان الصحيح انه لا تكره امامتهما وهي صحيحه . قال: ( ومن يءدي الصلاه بمن يقضيها ). اولا لا بد ان نعرف ما الفرق بين الاداء والقضاء؛ الاداء: ما فعل في وقته، والقضاء: ما فعل بعد وقته، وهنا شيء ثالث الاعاده: ما اعيد في وقته، هذه ثلاثه امور توصف بها الصلاه؛ اداء: ما فعل في وقته اولا، اعاده: ما فعل في وقته ثانيا، قضاء: ما فعل بعد وقته. يقول المءلف: تصح امامه ( من يءدي الصلاه بمن يقضيها ) امامه من يءدي، من المءدي في المثال؟ الطالب: الذي يءدي الصلاه في وقتها. الشيخ: المءدي معناه الاداء فعل الصلاه في وقتها، لكن قوله: ( امامه من يءدي ). الطالب: يكون الامام هو الذي يءدي الصلاه. الشيخ: يكون الامام هو الذي يءدي، والماموم هو الذي يقضي فتصح. مثال ذلك: دخل رجل والناس يصلون صلاه الظهر، وذكر ان عليه صلاه الظهر بالامس فبايهما يبدا؛ بالصلاه الحاضره او بالفاءته؟ طلبه: الفاءته. الشيخ: يبدا بالفاءته، فدخل معهم وهو ينوي عن ظهر امس وهم يصلون ظهر اليوم، نقول: هذا صحيح؛ لانه قاض صلي خلف مءد، ولا باس؛ فالصلاه واحده كلها ظهر، كلها رباعيه، لكن اختلف الوقت. عكس ذلك؛ ان يءم من يقضي الصلاه من يءديها؛ يعني: يكون الامام هو الذي يقضي والماموم هو الذي يءدي، مثاله: رجل ذكر ان عليه فاءته الظهر امس وكان معه صاحب له، فقال لصاحبه: انا لم اصل الظهر امس، ولكني ساصليها الان، وانت اذا شءت فصل معي ظهرك اليوم، فصلي معه ظهر اليوم، والامام يصلي ظهر امس، اذن الامام يقضي، والماموم؟ طلبه: يءدي. الشيخ: يءدي، العله؛ يعني: لماذا صحت المءداه خلف المقضيه وبالعكس؟ لان الصلاه واحده، وانما اختلف الزمن. قال: ( لا مفترض بمتنفل ) يعني: لا يصح اءتمام مفترض بمتنفل؛ يعني: انه لا يجوز ان يكون الامام متنفلا والماموم مفترضا، لماذا؟ لان الفرض اعلي من النفل، ولا يصح ان يكون الاعلي خلف الادني. واستدلوا ايضا بقول النبي عليه الصلاه والسلام: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ، وهذا اختلاف عليه؛ لان الماموم مفترض والامام متنفل. مثال ذلك: رجل يصلي السنه ركعتين، فجاء اخر فقال: انا اريد ان اصلي معك الفجر، قال: لا باس، فصلي الامام السنه وصلي الماموم الفجر، نقول: صلاه الماموم؟ طلبه: باطله. الشيخ: غير صحيحه، لايش؟ لان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ، وهذا اختلاف عليه، ولان صلاه الماموم اعلي من صلاه الامام في هذه الصوره، ولا ينبغي ان يصح الاعلي خلف؟ طلبه: الادني. الشيخ: الادني، هذا هو ما ذهب اليه المءلف رحمه الله، ولكن في المساله خلاف. القول الثاني في المساله: ان الفريضه تصح خلف النافله، واستدلوا لذلك بادله: اولا: عموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ، ولم يشترط النبي صلي الله عليه وسلم سوي ذلك؛ ان يكون اقرا، فالعموم يقتضي انه لو كان الامام متنفلا والماموم مفترضا فالصلاه صحيحه. ثانيا: ان معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم صلاه العشاء، ثم يرجع الي قومه فيصلي بهم نفس الصلاه ، ومعلوم ان الصلاه الاولي هي الفريضه، والثانيه هي النافله، ولم ينكر عليه. فان قال قاءل: نعارض في الاستدلال بهذا الحديث؛ لان النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم بذلك؟ فالجواب ان نقول: ان كان قد علم فهذا هو المطلوب، والظاهر انه علم؛ لان معاذ بن جبل شكي الي الرسول عليه الصلاه والسلام في انه يطيل، ولا يبعد ان يقال للرسول عليه الصلاه والسلام: ان هذا الرجل ياتي متاخرا يصلي عندك ثم ياتي بنا ويطيل بنا، هذا ليس ببعيد. ثانيا: اذا فرضنا ان النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم فان الله تعالي قد علم فاقره، ولو كان هذا امرا لا يرضاه الله لم يقره علي فعله؛ ولهذا استدل الصحابه علي جواز العزل الذي كانوا يفعلونه في عهد النبي عليه الصلاه والسلام بانهم كانوا يفعلون ذلك في زمن نزول القران . ثالثا: ان النبي صلي الله عليه وسلم كان في بعض انواع صلاه الخوف يصلي بالطاءفه الاولي صلاه تامه ويسلم بهم، ثم تاتي الطاءفه الثانيه فتصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم ، وهنا تكون الصلاه الاولي للرسول صلي الله عليه وسلم؟ طلبه: فرضا. الشيخ: فرضا، والثانيه؟ طلبه: نفلا. الشيخ: نفلا. رابعا: ان عمرو بن سلمه الجرمي كان يصلي بقومه وله ست او سبع سنين ، استنادا الي قول الرسول صلي الله عليه وسلم: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» ؛ حيث نظروا في القوم فلم يكن احد اقرا منه فقدموه، ومن المعلوم ان الصبي لا فرض عليه، فالصلاه في حقه نافله، ومع هذا اقر، والقران ينزل، استنادا الي عموم الحديث: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . واما الجواب عما استدلوا به من قوله صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ، فالجواب: انهم هم اول من ينقضه، هم اول من ينقض الاستدلال بهذا الحديث؛ لانهم يجوزن ان يصلي الانسان المءداه خلف المقضيه، وهذا اختلاف، اليس كذلك؟ طلبه: بلي الشيخ: بلي، ويجوزون ان يصلي المتنفل خلف المفترض، وهذا ايضا اختلاف، فتبين بهذا ان الحديث لا يراد به اختلاف النيه؛ ولهذا جاء التعبير النبوي بقوله: «لا تختلفوا عليه»، ولم يقل: لا تختلفوا عنه، وبين العباراتين فرق؛ فاذا قيل: لا تختلف علي فلان، صار المراد بالاختلاف المخالفه، كما يقال: لا تختلفوا علي السلطان؛ اي: لا تنابذوه وتخالفوه فيما يءمكم به. وقد فسر النبي عليه الصلاه والسلام عدم المخالفه بقوله: «فاذا كبر فكبروا، واذا ركع فاركعوا» الي اخر الحديث، فصار المراد بقوله: «لا تختلفوا عليه» اي في؟ الطلبه: (...) الشيخ: في الافعال والمخالفه؛ ولهذا لم يقل صلي الله عليه وسلم: فلا تختلفوا عليه فتنووا غير ما نوي، بل قال: «فاذا كبر فكبروا» الي اخر الحديث. واما قولهم: ان صلاه الماموم اذا كان مفترضا والامام متنفلا اعلي من صلاه الامام. فان الجواب علي ذلك ان نقول: من اصل هذه القاعده؟ وقد دل حديث عمرو بن سلمه الجرمي علي انه يصح ان ياتم الاعلي بالادني، فان قومه يصلون الصلاه فريضه، وهو يصليها نفلا، فهذه القاعده غير مسلمه؛ ولهذا صححنا -فيما سبق- ان يصلي القادر علي الاركان بالعاجز؟ طلبه: عن الاركان. الشيخ: عن الاركان، كما جاءت به السنه في مساله القيام؛ انه يصح ان يصلي الماموم القادر علي القيام خلف الامام العاجز عن القيام. وحينءذ يتبين ان القول الراجح ان صلاه المفترض تصح خلف صلاه المتنفل ، وقد نص علي ذلك الامام احمد رحمه الله نفسه؛ نفس الامام احمد نص علي هذا، فقال: اذا دخل والامام في صلاه التراويح وصلي معه العشاء فلا باس بذلك، ان يقوله امام المذهب، وهذا هو المنصوص عنه، يقول: اذا دخل والامام يصلي التروايح فليصل معه العشاء. والذي يصلي التراويح؟ طلبه: متنفل. الشيخ: والذي يصلي العشاء؟ طلبه: مفترض. الشيخ: مفترض، وهذا نص الامام؛ فلذلك فالقول الراجح بلا شك هو هذا، وهو منصوص الامام احمد واختيار شيخ الاسلام ابن تيميه، وهو الذي تءيده الادله كما سمعتم (...). صلي محدثا ولم يعلم الا واحد من الف رجل من المامومين؟ طالب: لا تصح صلاه الامام ولا المامومين علي المذهب. الشيخ: سمعتم الاجابه؟ يقول: لا تصح صلاه الامام ولا المامومين. الطالب: علي المذهب. الشيخ: علي المذهب طبعا، من اين ناخذها من كلام المءلف؟ الطالب: يقول: من علم هو او احد من المامومين. الشيخ: فان جهل، فان جهل وكاد ما فيها اشكال، لا يتراجع، ( ان جهل هو والماموم حتي انقضت )؟ الطالب: لم تصح. الشيخ: طيب. طلبه: صحت. الشيخ: صحت لماموم وحده، مفهوم ان علم هو او احد المامومين؟ الطالب: لم تصح. الشيخ: لم تصح، قل القول الراجح في هذه المساله: اذا كان الامام جاهلا بالحدث وانقضت الصلاه؟ الطالب: القول الصحيح انها تصح صلاه المامومين، واما الامام فعليه ان يعيد الصلاه. الشيخ: نعم، وان كان عالما والماموم جاهل؟ الطالب: تصح صلاه الماموم، وتبطل صلاه الامام. الشيخ: علي القول الصحيح؟ الطالب: علي القول الصحيح. الشيخ: صلي بنجاسه جاهلا ثم ذكر بعد الصلاه، علي المذهب وعلي القول الراجح؟ الطالب: علي المذهب يعيد الصلاه. الشيخ: نعم. الطالب: وعلي القول الراجح انه يعفي عن ذلك ولا يعيد الصلاه. الشيخ: ولا يعيد الصلاه، صحيح . ما الفرق بين المحدث والمتنجس؟ الطالب: الفرق بينهما ان المتنجس من باب النجاسه؛ من باب التروك، تركها من باب التروك، والطهاره من باب المطلوبات. الشيخ: يعني: من باب الاوامر، وذيك من باب النواهي. ؟ طالب: لا يصح، علي المذهب. الشيخ: علي المذهب لا يصح، احسنت. مثاله؟ الطالب: من يصلي العصر.. الشيخ: خلف من يصلي الفجر. الطالب: مثلا رجل يقضي صلاه العصر والامام يصلي الفجر، مثلا يقضي خلف الذي يصلي الفجر. الشيخ: اي نعم، يعني يكون مثلا نسي صلاه العصر ولم يذكر الا عند اقامه صلاه الفجر. الطالب: نعم. الشيخ: تمام، القول الثاني؟ انت قلت: علي المذهب، فيه قول ثان؟ الطالب: يصح. الشيخ: القول الثاني: انه يصح. الطالب: نعم. الشيخ: وهذا هو الراجح . الطالب: نعم. الشيخ: رجل متنفل صلي خلف مفترض علي المذهب؟ طالب: علي المذهب لا تصح. الشيخ: متنفل صلي خلف مفترض؟ الطالب: لا تصح، العكس. الشيخ: وعلي القول الصحيح؟ الطالب: علي القول الصحيح انها تصح. الشيخ: وعلي المذهب؟ الطالب: كلاهما. الشيخ: يعني تصح علي القولين. اذا كان متنفلا خلف مفترض؛ بالعكس؟ طالب: بالعكس علي المذهب لا تصح، وعلي القول الصحيح انها تصح. الشيخ: احسنت ، بماذا استدلوا؟ الطالب: استدلوا بفعل معاذ. الشيخ: لا، هم يقولون: لا تصح. الطالب: لانهم قالوا: ان صلاه الامام في مرتبه اقل من صلاه الماموم. الشيخ: لكن انت قلت: استدلوا بفعل معاذ، فعل معاذ عكس كلامهم. طالب: لا، القول الصحيح استدلوا.. الشيخ: دعنا من القول الصحيح ما وصلناه، هم بماذا استدلوا؟ الطالب: ان صلاه الماموم اعلي رتبه من صلاه الامام. الشيخ: ايوه نعم، ولا ينبغي ان يكون.. الطالب: (...). الشيخ: طيب، فيه دليل؟ هذا تعليل الذي قلت، لكن ما فيه دليل عندهم؟ طالب: قول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، في اخر الحديث: «فلا تختلفوا عليه» . الشيخ: في نفس الحديث: «ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ، من اين اخذوا هذا؟ من اي كلمه من الحديث؟ طالب: (...). الشيخ: اي نعم. الطالب: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» . الشيخ: وهذا اختلاف؟ الطالب: نعم. الشيخ: طيب، القول الثاني؟ طالب: القول الثاني: صحه صلاه المتنفل خلف المفترض. الشيخ: صحه صلاه المتنفل خلف المفترض؟ الطالب: المفترض خلف المتنفل. الشيخ: نعم، ما دليلهم؟ الطالب: عده ادله؛ الدليل الاول عموم قول النبي عليه الصلاه والسلام: «يءم القوم اقرءهم لكتاب الله» . الشيخ: احسنت . الطالب: والدليل الثاني ما ثبت في الصحيح عن معاذ بن جبل انه كان يصلي مع النبي عليه الصلاه والسلام صلاه العشاء فيذهب ويصلي في قومه صلاه العشاء نافله وهم يصلونها فريضه . الشيخ: نعم. طالب: الدليل الثالث حديث عمرو بن سلمه حيث انه ام قومه وهو ابن ست او سبع سنين ، ونقول حتي لو قالوا: انه ربما النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم نقول.. الشيخ: لا، اصبر، ما هي هذه. وجه الدلاله؟ الطالب: وجه الدلاله ان هذا (...) وهو صبي وام بالغا، فادني ام اعلي؟ الشيخ: والصلاه في حقه نفل. طيب هذه ثلاثه. طالب: الدليل الرابع: احد وجوه صلاه الخوف. الشيخ: نعم. الطالب: كان النبي يصلي باحدي الطاءفتين، فتكون له فريضه ثم تاتي الطاءفه الاخري ويصلي بهم، فتكون في حقه نافله وهم في حقهم فريضه. الشيخ: تمام، كيف نجيب او بماذا نجيب عن دليلهم؟ طالب: الدليل الاول؟ الشيخ: عن دليل من قال بالمنع، واستدل بالحديث: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ؟ الطالب: نجيب عليه بحديث معاذ الاول انه فيه دليل تصح؛ لان الله سبحانه وتعالي اطلع علي هذا. الشيخ: لكن نحن قلنا فيما سبق: عند الترجيح لا بد من امرين؛ الاتيان بادلتك، والجواب عن ادله الاخر، احنا نريد الجواب عن ادلتهم. الطالب: الجواب عن ادلتهم الاربعه، ولا دليل. الشيخ: لا. طالب: نرد عليهم بما استدلوا به من قوله صلي الله عليه واله وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» ان المقصود الافعال ليست النيه. الشيخ: والدليل؟ الطالب: والدليل ما بعده، هذا مجمل يبينه ما بعده. الشيخ: وهو؟ الطالب: قوله: «فاذا كبر فكبروا» الي اخر الحديث. الشيخ: نعم، ثم قال: «تختلفوا عليه» ولم يقل: عنه. طالب: (...). الشيخ: ويش شو هذا؟ الطالب: هذا الحديث (...). الشيخ: دوروا علي حد ثاني. نعم. طالب: اقول: ان (...) هذا الحديث، انكم تجيزون صلاه المفترض بالمتنفل. الشيخ: تجيزون ان يصلي متنفل خلف مفترض مع الاختلاف. طالب: مع الاختلاف (...) في الصلاه (...) صلاتهم يعني.. الشيخ: نعم. خلاص. طالب: الوجه الثاني لتعليلهم، اما التعليل (...) فهو مخالف للنص، وكل تعليل خالف النص فهو فاسد. الشيخ: طيب، تعليلهم مخالف لما تقتضيه النصوص، والتعليل المخالف لما تقتضيه النصوص عليل، عله لا يرجي برءها. *** طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاه والسلام علي محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، قال المءلف رحمه الله تعالي: ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر او غيرها. فصل يقف المامومون خلف الامام، ويصح معه عن يمينه وعن جانبيه، لا قدامه ولا عن يساره فقط، ولا الفذ خلفه او خلف الصف، الا ان يكون امراه، وامامه النساء تقف في صفهن. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاه والسلام علي نبينا محمد وعلي اله واصحابه اجمعين، مر علينا ان الصلاه توصف بالاداء والاعاده والقضاء؛ فالاداء ما فعل في وقته اولا، والاعاده ما فعل في وقته ثانيا، والقضاء ما فعل بعد وقته. ( فصل في موقف الامام والمامومين ) هذا الفصل عقده المءلف لبيان موقف الامام والمامومين؛ يعني: اين يقف الامام من المامومين، ايش تقول؟ طالب: ما اخذنا من يصلي العشاء. طالب اخر: ما اخذنا من يصلي الظهر. الشيخ: ما اخذنا من يصلي الظهر؟ طلبه: لا، ما اخذناه. الشيخ: قال: ( ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر او غيرها ) عندي: ( او غيرهما ) غلط، ( او غيرها ) يعني: ولا يصح اءتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العصر؛ وذلك لاختلاف الصلاتين، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» . مثال ذلك: رجل قام من النوم مثلا، فجاء الي المسجد فوجد الامام يصلي العصر وهو لم يصل الظهر، فاراد ان يصلي الظهر خلف هذا الامام الذي يصلي العصر، يقول المءلف: ان هذا؟ الطلبه: لا يجوز. الشيخ: لا يصح، لماذا؟ لاختلاف الصلاتين؛ لان هذه ظهر وهذه عصر، وقد قال النبي عليه الصلاه والسلام: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» . وكذلك العكس؛ لا يصح اءتمام من يصلي العصر بمن يصلي الظهر، مثاله: رجل دخل المسجد وفيه قوم قد جمعوا جمع تاخير، فوجدهم يصلون الظهر وهو قد صلي الظهر من قبل، فدخل معهم بنيه العصر، وهم يصلون صلاه الظهر، لا تصح ايضا؛ وذلك لاختلاف الصلاتين. ومثل هذا ايضا من وجد شخصا يصلي الفجر وهو لم يصل الظهر، فصلي معه بنيه الظهر، فان صلاته لا تصح؛ لاختلاف الصلاتين، هذا هو المذهب. لا يستثني من ذلك الا المسبوق في صلاه الجمعه اذا ادرك اقل من ركعه، فانه في هذه الحال يدخل مع الامام بنيه الظهر، والامام يصلي؟ طلبه: الجمعه. الشيخ: الجمعه، فاختلفت النيه هنا؛ الامام يصلي صلاه الجمعه، وهذا المسبوق يصليها صلاه ظهر، قالوا: هذا لا باس به، لماذا؟ قالوا: لان الظهر بدل عن الجمعه اذا فاتت، فبينهما اتصال. ولكن القول الثاني في هذه المساله: انه يصح ان ياتم من يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن يصلي العصر بمن يصلي الظهر، ولا باس بهذا ؛ وذلك لعموم ما سبق من الادله. واما استدلالهم بقول النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به فلا تختلفوا عليه» فقد بينا ان المراد بالاختلاف عليه مخالفته في الافعال؛ لقوله: «فاذا كبر فكبروا» الي اخره. وعلي هذا القول؛ اذا صلي صلاه اكثر من صلاه الامام فلا اشكال في المساله، مثل لو صلي العشاء خلف من يصلي المغرب، ايهما اكثر؟ طلبه: العشاء. الشيخ: العشاء، فهنا نقول: صل مع الامام، واذا سلم الامام فقم واءت بايش؟ طلبه: بركعه. الشيخ: بركعه، ولا فيه اشكال. ولكن اذا صلي وراء امام بصلاه اقل من صلاه الامام، فهنا قد يحدث اشكال؛ لان الماموم هنا ان تابع الامام زاد في صلاته، وان خالف الامام خالف امامه. مثاله: صلي المغرب خلف من يصلي العشاء، فهنا اذا قام الامام الي رابعه العشاء فالماموم بين امرين؛ اما ان يتخلف عن الامام، وهذه مفسده، واما ان يتابع الامام وهذه ايضا مفسده؛ لانه ان تابع الامام زاد ركعه، وان تخلف خالف الامام، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليءتم به» ، فهل هذه الصوره تدخل في القول الصحيح الراجح ان اختلاف النيه بين الصلاتين لا يضر؟ الجواب: نعم، تدخل في القول الراجح، وانه يجوز ان يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، وهذه تقع كثيرا، فان ادرك الامام في الثانيه فما بعدها فلا اشكال . طالب: في الركعه الاولي تصح. الشيخ: صح؟ طلبه: (...). الشيخ: ان ادرك الامام في الثانيه فما بعدها فلا اشكال؛ لانه يتابع امامه، ويسلم مع امامه ان دخل في الثانيه، وان دخل في الثالثه اتي بعده بركعه، وان دخل في الرابعه اتي بركعتين؛ يعني: ما فيه اشكال اذا دخل في الثانيه فما بعدها، لكن ان دخل في الاولي فانه يلزم اذا قام الامام ان يجلس، ولا يمكن ان يقوم، انتبهوا، ولكن اذا جلس هل ينوي الانفراد ويسلم او ينتظر الامام؟ نقول: هو مخير، لكننا نستحب له ان ينوي الانفراد، ويسلم اذا كان يمكنه ان يدرك ما بقي من صلاه العشاء مع الامام من اجل ان يدرك صلاه الجماعه. وعلي هذا فنقول: انو المفارقه وسلم، ثم ادخل مع الامام فيما بقي من صلاه العشاء من اجل ان تدرك صلاه الجماعه. فان قال قاءل: لماذا تجيزون له الانفراد والامام يجب ان يءتم به؟ نقول: لاجل العذر الشرعي، والانفراد للعذر الشرعي او الحسي جاءز. دليل الانفراد للعذر الشرعي في صلاه الخوف؛ الطاءفه الاولي تصلي مع الامام ركعه، فاذا قام الي الثانيه نوت الانفراد واتمت الركعه الثانيه سلمت وانصرفت، هذا انفراد لعذر شرعي. الحسي مثل ان يصيب الانسان في صلاته ما يبيح له قطعها او تخفيفها؛ مثل هو يصلي مع الامام فاصيب بغاءط او بول او ريح يشق عليه ان يستمر مع امامه، في هذي الحال نقول له: لك ان تنفرد وتخفف الصلاه وتنصرف، الا اذا كنت لا تستفيد بانفرادك شيءا؛ مثل ان يكون الامام يخفف الصلاه تخفيفا بقدر الواجب، فحينءذ لا تستفيد من الانفراد، اذن لا تنفرد. لكن لو فرضنا ان الامام يطبق السنه في التاني، وانت تقول: ان بقيت مع الامام تعبت، ولا صلاه وهو يدافع الاخبثين ، نقول: لك ان تنفرد وتخفف الصلاه، وتسلم وتنصرف. هذا عذر ايش؟ طلبه: حسي. الشيخ: هذا عذر حسي. اذا صليت المغرب خلف من يصلي العشاء وجلست نويت الانفراد وجلست، هذا عذر شرعي ولا حسي؟ طلبه: شرعي. الشيخ: شرعي؛ لانه لا يمكن ان تزيد ركعه متعمدا، فلا بد من ان تجلس. فان قال قاءل: ما تقولون في رجل مسافر صلي خلف امام يصلي اربعا، هل تبيحون له اذا صلي الركعتين ان ينفرد ويسلم؛ لان المسافر يقصر الصلاه؟ نقول: لا نبيح له ذلك. ما الفرق بين هذه المساله ومساله من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء؟ الفرق بينهما ظاهر؛ لان اتمام الرباعيه اتمام صفه.. "},{"Id":1738,"Name":"02 كتاب الصلاة 48","Sort":70,"Version":0,"LessonText":"

إذا صليت المغرب خلف مَن يُصلي العشاء، ونويت الانفراد وجلست، هذا عذر شرعي ولَّا حسي؟
الطلبة: شرعي.
الشيخ: شرعي؛ لأنه لا يمكن أن تزيد ركعة متعمدًا، فلا بد من أن تجلس.
فإن قال قائل: ما تقولون في رجل مسافر صلى خلف إمام يصلي أربعًا؟ هل تبيحون له إذا صلى الركعتين أن ينفرد ويُسلم؛ لأن المسافر يقصر الصلاة؟
نقول: لا نبيح له ذلك.
ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء؟
الفرق بينهما ظاهر؛ لأن إتمام الرباعية إتمام صفة مشروعة في الحضر، أما إتمام المغرب أربعًا فليست صفة مشروعة إطلاقًا، وعلى هذا فنقول: القصر في مسألة المسافر عورض بوجوب المتابعة وإتمام الصلاة للمسافر ليس بحرام.
يعني من أتم الصلاة بالسفر، ليس كمن صلى المغرب أربعًا، أو صلى الفجر أربعًا؛ فلذلك ظهر الفرق بينهما، فمن صلى مع الإمام المقيم وهو مسافر فعليه أن يتم سواء أدرك الصلاة من أولها أم في أثنائها.
بقي مسألة ذكرها شيخ الإسلام -وفي النفس منها شيء- لو صلى خلف من يصلي على جنازة، فشيخ الإسلام يجيز ذلك، ويتابع الإمام في التكبير، ولكن ما فيه ركوع ولا سجود في صلاة الجنازة، يقول: إذا سلَّم الإمام من صلاة الجنازة فإنه يتم صلاته.
المهم أن له أن يدخل مع من يصلي الجنازة وينوي الائتمام به، ولكن في نفسي من هذا شيء؛ وذلك لأن المصلِّي على الجنازة يصلي صلاة تخالف صلاة المأموم.
طلبة: في الأفعال.
طلبة آخرون: في الصفة.
الشيخ: في الأفعال والصفة، وفي كل شيء؛ فلذلك القلب فيه شيء من هذا القول، أما مسألة المغرب خلف العشاء فليس في النفس من هذا شيء.
الطالب: مسألة الجمعة.. المذهب؟
الشيخ: هذا هو الصحيح، المذهب هو الصحيح؛ لأن المذهب في مسألة الجمعة وافقوا القول الراجح، وهو مما ينقض عليهم قاعدتهم، لكنهم يقولون: لأن الجمعة هي أصل، وبينها وبين الظهر الذي يكون بدلًا عنها بينهما صلة ومناسبة.
[موقف الإمام والمأموم]
(فصل في موقف الإمام والمأمومين) (الإمام)؛ يعني معناه أين يقف الإمام؟ وأين يقف المأموم؟ هذا المراد بهذا الفصل، والإمام على اسمه إمام، فالأنسب أن يكون أمامًا؛ يعني أمام المصلين، فالإمام أمام حتى يتميز ويكون قدوة ومتبوعًا إلا إذا كان يلزم من تقدمه ألا يكون خلفه جماعة، فحينئذٍ يتأخر ولا يتقدم، فموقف الإمام يكون أمام المأمومين؛ لأنه إمامهم، وهكذا جاءت السنة؛ أن الإمام يقف أمام المأمومين، ويقف المأمومون خلفه؛ ولهذا قال: (يقف المأمومون خلف الإمام) قوله: (المأمومون) جمع، وأقل الجمع في باب الجماعة أقله؟
طالب: اثنان.
الشيخ: اثنان، وكان في أول الإسلام أن المأمومين لا يقفون وراء الإمام إلا إذا كانوا ثلاثة فأكثر، وأما إذا كانا اثنين فإنهما يقفان عن يمينه وشماله، هذا في أول الإسلام، ولكن هذا نُسِخ، وصار أقل الجمع في باب الجماعة؟ اثنين.
يقول: (يقف المأمومون) إذن المراد بالجمع هنا أيش؟ المراد به اثنان فأكثر خلف الإمام، وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكونوا رجالًا أو نساءً حتى لو كان الرجل معه امرأتان فأكثر فإنهن يقفن خلفه. سبق لنا أن إمام العُراة يصلي؟
الطلبة: وسطهم.
الشيخ: وسطهم، وأن إمامة النساء تصلي وسطهن، وستأتي أيضًا إمامة النساء في كلام المؤلف هنا.
قال: (ويصح معه) الضمير في (يصح) يعود على الوقوف؛ يعني ويصح أن يقفوا معه -أي مع الإمام- عن يمينه (أو عن جانبيه)، عن يمينه كلهم، عن يمينه؛ يعني أن يكون المأمومان فأكثر عن يمينه أو عن جانبيه، وهذا هو الأفضل أن يكونوا عن جانبيه؛ لأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقف بين علقمة والأسود وقال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل .
فالأفضل أن يكونوا عن اليمين وعن الشمال، فإذا كانوا ثلاثة مع الإمام، كيف يقفون؟
الطلبة: خلفه.
الشيخ: خلفه، لكن يجوز عن يمينه وشماله؟ نعم، يجوز؛ ولهذا قال: يصح معه عن يمينه أو عن جانبيه.
إذا وقفوا معه وهم ثلاثة؟
الطلبة: اثنان عن اليمين، وواحد على الشمال.
الشيخ: اثنان عن اليمين.
الطلبة: وواحد على الشمال.
الشيخ: وواحد على اليسار، إذا كانوا أربعة؟
الطلبة: اثنين واثنين.
الشيخ: اثنان عن اليمين واثنان؟
الطلبة: عن اليسار.
الشيخ: عن اليسار.
قال: (ويصح معه عن يمينه أو عن جانبيه) قال: (لا قدامه)؛ يعني لا يصح أن يقف المأمومون قدام الإمام، فإن وقفوا قدامه فصلاتهم باطلة؛ لأنه قال: لا يصح قدامه؛ قدام الإمام.
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف أمام الناس وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . وهذا يعم الصلاة بأفعالها وعددها وهيئتها، وجميع أحوالها، ومنها الوقوف، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقف -كما قلت لكم- أمام المصلين، فيكون الوقوف قدامه خلاف السنة، وحينئذٍ تبطل الصلاة.
وقال بعض أهل العلم: إن الصلاة لا تبطل؛ لأنه لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة أمام الإمام، وغاية ما فيه أن هذا فعله، وقد وقف معه جابر وجبَّار، أحدهما عن يمينه والثاني عن يساره، فأخذهما وردهما إلى خلفه، قالوا: فلما لم يكن فيه إلا الفعل كان مستحبًّا وليس بواجب، وإلى هذا ذهب الإمام مالك رحمه الله وقال: إنَّ تقدم الإمام على المأمومين سُنَّة وليس بواجب، وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال: إنه إذا دعت الضرورة إلى ذلك صحت الصلاة قدام الإمام، صحت صلاة المأموم قدام الإمام وإلا فلا. والضرورة تدعو إلى ذلك متى؟
في أيام الْجُمع أو في أيام الحج في المساجد العادية فإن الأسواق تمتلئ، ويصلي الناس أمام الإمام، وشاهدناهم في المسجد النبوي يُصلُّون أمام الإمام، لكن للضرورة ما فيه أمكنة، هذا القول وسط بين القولين، وغالبًا ما يكون القول الوسط هو الوسط صح؟
الطلبة: صح.
الشيخ: كيف الكلام هذا؟ تحصيل حاصل الوسط هو الوسط؟
الطلبة: اثنان.. الأولى غير الثانية.
الشيخ: نعم، الأولى غير الثانية، الوسط بين القولين هو الوسط؛ يعني هو الخيار، ومنه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] ليس معناه أنها بين الأمم، لا، نحن آخر الأمم، لكن وسطًا؛ أي عدلًا خيارًا، المهم أن قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة هو الصحيح؛ أن الصلاة قدام الإمام صحيحة إذا دعت الضرورة إليها وإلا فلا.
إذا قال قائل: إن الدليل هنا فعلي، والقاعدة أن الدليل الفعلي لا يقتضي الوجوب؟
قلنا: هذا صحيح، لكن ظاهر فعل الرسول عليه الصلاة والسلام حيث لم يُمكِّن جابرًا وجبَّارًا من الوقوف عن يمينه وشماله بل أخَّرهما، قد يقال: إن هذا يدل على وجوب تقدم الإمام إذا كان المأمومون اثنين فأكثر، لكن مع ذلك في النفس منها شيء، إنما القول الوسط هو الوسط؛ أنه عند الضرورة لا بأس به، وإذا لم يكن هناك ضرورة فلا.
طالب: شيخ، (...) مخالفة الإمام (...) من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء يلزم (...) عن الإمام إلا في الثانية فقط (...).
الشيخ: إي، والله في النفس من هذا شيء؛ لأن مخالفة الناس، وكونك تبقى واقفًا، أو لا تدخل المسجد إلا بعد أن يقوم للثانية.
الطالب: بسيطة ركعة (...).
الشيخ: إي ولو، المخالفة ما هي طيبة، ولا نعم هذه يتخلَّص بها من مخالفة الإمام.
طالب: صلاة الرجلين بين الإمام، وأحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، لماذا نجيزها؟
الشيخ: لأن هذا هو السنة.
الطالب: (...) ما ورد (...)؟
الشيخ: كيف؟ هذا هو السنة!
الطالب: عن النبي عليه الصلاة والسلام؟
الشيخ: عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا حديث ابن مسعود، لكن..
الطالب: أحدهما عن يمينه و..
الشيخ: إي نعم، كان في الأول المشروع أن الثلاثة يكون واحدًا عن اليمين، وواحد عن الشمال.
الطالب: هذا قبل أن يُنسخ.
الشيخ: إي، نُسِخ مساواة الإمام لهما؛ يعني نُسِخ أن يكون الإمام واقف في موقفهم، لكن إذا دعت الحاجة إلى أن يقف في موقفهم أو أنهم اختاروا خلاف الأفضل نقول: الأفضل أن يكون واحد عن اليمين وواحد عن الشمال.
الطالب: أليس الإجماع انعقد على عدم الأخذ به؟
الشيخ: لا، أبدًا ولا فيه إجماع، ما فيه ولا تصريح بأنهم إذا كانوا اثنين فأكثر فالأفضل أن يكون عن اليمين أو الواجب أن يكون عن اليمين، ما فيه.
طالب: ثم أيضًا رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم لا يصح.
الشيخ: ليش؟
الطالب: رفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: ليش؟ في مسلم يا أخي!
الطالب: في مسلم؟
الشيخ: في مسلم يا أخي في مسلم من ثلاثة طرق أحدها صريح بالرفع، وابن مسعود يقول في الذي رواه أحمد يقول: هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، هكذا رأيت النبي الله عليه وسلم يفعل . مرفوع صريح ما فيه إشكال.
طالب: شيخ، بالنسبة لهذا إذن الأفضل أن (...) الأفضل يعني عبرت قبل قليل هم اللي يجلسوا عن يمينه أو عن جانبيه، والأخير هو الأصل.
الشيخ: نعم، صحيح.
الطالب: الأفضل من خلفه.
الشيخ: لا، هو الأفضل بين اليمين، وأن يكون بينهما، ولَّا الخلف ما فيه شك أن هو الأصل. (...)

***

\n الطالب: آله وأصحابه أجمعين. \n
\n ولا الفذ خلفه أو خلف الصف إلا أن يكون امرأة، وإمامة النساء تقف في صفهن ويليه الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء كجنائزهم، ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة، أو من علم حدثَه أحدهما أو صبي في فرض ففذ، ومن وجد فرجة دخلها وإلا عن يمين الإمام، فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه، فإن صلى فذًّا ركعة لم تصح، وإن ركع فذًّا، ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل سجود الإمام صحت.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. \n
أين يقف المأموم من الإمام؟\n
\n طالب: عن يمينه أو عن يساره، وهذا جائز و.. \n
\n الشيخ: عن يمينه أو عن يساره. \n
\n الطالب: عن يمينه، وعن جانبيه، وعن خلفه، هذا كله جائز. \n
\n الشيخ: السؤال: أين يقف المأموم من الإمام؟ \n
\n الطالب: خلف الإمام. \n
\n الشيخ: خلف الإمام، ولو كان واحدًا؟ \n
\n الطالب: ولو كان واحدًا عن يمينه. \n
\n الشيخ: إذن فصِّل! \n
\n الطالب: يعني: مأمومون هو الجمع، يمكن جمع اللغوي، ما هو الجمع الاصطلاحي الذي يطلق على.. \n
\n الشيخ: دعنا من التفصيل؛ يعني: إذا كان المأموم اثنين فأكثر، أين يقفون؟\n
\n الطالب: يقفون وراء الإمام. \n
\n الشيخ: أحسنت، إذا كان واحدًا؟ \n
\n الطالب: يقف على يمينه. \n
\n الشيخ: على يمينه، تمام، هذا هو السنة، أيش؟ \n
\n الطلبة: (...). \n
\n الشيخ: نعم، هل يصح أن يقف الرجلان عن يمينه ويساره؟\n
\n طالب: نعم، يصح.\n
\n الشيخ: يصح، وعن يمينه فقط؟\n
\n الطالب: يصح.\n
\n الشيخ: وخلفه؟\n
\n الطالب: رجل واحد ولا اثنين؟\n
\n الشيخ: رجلان.\n
\n الطالب: يصح هذا الأفضل.\n
\n الشيخ: إذن كم موقفًا يكون؟ \n
\n الطالب: ثلاثة مواقف. \n
\n الشيخ: ثلاثة مواقف. \n
\n الطالب: عن جانبيه، وعن يمينه، وخلفه. \n
\n الشيخ: وأيهما السنة؟ \n
\n الطالب: السنة خلفه.\n
\n الشيخ: خلفه، تمام، ما تقول؟ هل يصح أن يقف المأموم قدام الإمام؟ \n
\n طالب: المذهب لا يصح.\n
\n الشيخ: الدليل؟ \n
\n الطالب: الدليل \n فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما صف جابر وجبار عن جانبيه أخَّرهما بيده \n وأيضًا.. \n
\n الشيخ: هذا واحد.\n
\n الطالب: وأيضًا الإمام ما سُمِّي إمامًا إلا لأنه أمام المأمومين فيتقدم عليهم.\n
\n الشيخ: هذا تعليل.\n
ما فيه دليل آخر غير قضية جابر وجبار؟ \n
\n طالب: فعله صلى الله عليه وسلم وقوله: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» \n . \n
\n الشيخ: نعم، فعله المتواتر، وقوله: \n «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».\n
هل يصح قدامه للعذر؟\n
\n طالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: جزمًا؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: بلا خلاف؟\n
\n الطالب: بلا خلاف. \n
\n طالب آخر: فيه خلاف ضعيف.\n
\n الشيخ: ما يصح، يقولون: لا عبرة بإجماع ابن المنذر، إحنا نقول: لا عبرة بنقل الخلاف من؟\n
\n طالب: فيه خلاف واضح قول ابن مالك: تبطل.\n
\n الشيخ: تبطل؟\n
\n الطالب: لا تبطل مطلقًا، وقيل: تبطل، وقال ابن تيمية: تجوز للضرورة. فيه ثلاثة أقوال. \n
\n الشيخ: وين ما زينا شيئًا القول الأول؟ \n
\n الطالب: القول الأول: يجوز للضرورة. \n
\n الشيخ: يجوز للضرورة.\n
\n الطالب: هذا قول ابن تيمية.\n
\n الشيخ: هذا واحد. \n
\n الطالب: القول الثاني: تبطل، والقول الثالث؟\n
\n الشيخ: يعني تبطل ولو للضرورة؟ \n
\n الطالب: إي نعم. \n
\n الشيخ: ولو للضرورة. \n
\n الطالب: القول الثالث لا تبطل. \n
\n الشيخ: لا تبطل ولو لغير ضرورة؟ \n
\n الطالب: نعم.\n
\n الشيخ: صح، ما هو أرجح الأقوال؟ \n
\n طالب: قول شيخ الإسلام ابن تيمية أنه عند الضرورة يجوز للمأمومين أن يتقدموا الإمام، وإن كان لغير ضرورة فلا تصح الصلاة.\n
\n الشيخ: فلا تصح يعني؛ لأن غاية ما فيه أن يكون تقدمه واجبًا، والواجب يسقط عند؟\n
\n الطالب: الضرورة. \n
\n الشيخ: عند الضرورة.\n
هل يجوز أن يكون قدام الإمام إذا كان في داخل الكعبة؟ \n
\n الطالب: كيف؟ \n
\n الشيخ: إي نعم، رجلان في داخل الكعبة، دخلا الكعبة فصليا فصار المأموم قدام الإمام.\n
\n الطالب: ما أدري.\n
\n الشيخ: ما تدري، تمام. \n
\n طالب: إذا كان من غير ضرورة. \n
\n الشيخ: من غير ضرورة.\n
\n الطالب: إذن يكون لا يجوز أن يصليا. \n
\n الشيخ: أيش؟ \n
\n الطالب: في داخل الكعبة؟\n
\n الشيخ: في داخل الكعبة نعم، فتحا الباب ودخلا، فصلى أحدهما بالآخر، فتقدم المأموم على الإمام؛ أي صار الإمام وراء المأموم.\n
\n الطالب: يجوز لأن جميعها قبلة.\n
\n الشيخ: جميعها قبلة. \n
\n الطالب: من أي جهة. \n
\n الشيخ: إي.\n
\n طالب: يجوز إذا كان المأموم ليس بظهر الإمام. \n
\n الشيخ: هذا السؤال: المأموم قدام الإمام؛ بمعنى أن الإمام وراء ظهره، سؤال واضح؟ \n
\n طالب: الظاهر على كلا القولين لا يصح؛ لأن هنا ليست ضرورة حتى المذهب أصلًا لا يصح سواء..\n
\n الشيخ: هو ما فيه ضرورة إطلاقًا أبدًا، ما فيه ضرورة.\n
\n الطالب: فلا يصح.\n
\n الشيخ: لا يصح. \n
\n طالب: لكن قالوا -يا شيخ-: يصح إذا جعل وجهه إلى وجه الإمام.\n
\n الشيخ: لا بأس، لكن سؤالي الآن سؤال محدد؛ ظهره إلى وجه الإمام؟ \n
\n الطالب: ظاهر المذهب أنه لا تصح. \n
\n الشيخ: لا تصح؛ لأنه أمامه؟ \n
\n الطالب: لأنه أمامه. \n
\n الشيخ: فإن كان المأموم في جهة أخرى أقرب من الإمام؟ \n
\n الطالب: تصح صلاته.\n
\n الشيخ: تصح؟ \n
\n الطالب: إي نعم، ليس أقرب؛ لأنه ليس في جهة الإمام وليس.. \n
\n الشيخ: ليس في جهته، صحيح. قال المؤلف: (\n ولا عن يساره).\n
\n طالب: ما تكلمنا عليه.\n
\n الشيخ: تكلمنا عليه. \n
\n الطلبة: ما تكلمنا. \n
\n الشيخ: لا إله إلا الله! \n
\n الطلبة: ما تكلمنا.\n
\n الشيخ: إذا كانوا في جوف الكعبة فإنها تصح إلا إذا كان المأموم بين يدي الإمام؛ لأنه حينئذٍ يصير أمامه، لكن إن صار عن جانبيه أو وراءه أو مقابله؛ يعني وجهه إلى وجه الإمام؛ فإنها تصح لأنه ليس قدامه، ولا يصح أن يكون وجه إلى وجه الإمام، ليش؟ لأن الكعبة كلها قبلة، لكن لاحظوا أن المشهور من المذهب أن الكعبة لا تصح فيها الفريضة، ولكن الصحيح جواز ذلك كما سبق. \n
قال المؤلف رحمه الله: (\n ولا عن يساره)؛ يعني ولا تصح صلاة المأموم إن وقف عن يسار الإمام، لكن شرط مع خلو يمينه؛ والدليل على أن هذا شرط من كلام المؤلف أنه قال فيما سبق: (\n ويصح عن جانبيه)، إذن فمراد المؤلف أن الصلاة لا تصح عن يساره فقط؛ يعني لو صلى عن يسار الإمام، وليس عن يمين الإمام أحد فإن صلاة المأموم لا تصح. \n
صلاة الإمام هل تصح أو لا؟ نقول: إن بقي الإمام على نية الإمامة فإن صلاته لا تصح؛ لأنه نوى الإمامة وهو منفرد، أما إذا كان قد نوى الانفراد الإمام فإن صلاته صحيحة، وحينئذٍ نقول: صلاة المأموم عن يساره لا تصح، صلاة الإمام فيها تفصيل، ما هو التفصيل إن بقي على نية الإمامة؟ \n
\n الطلبة: بطلت.\n
\n الشيخ: بطلت صلاته؛ لأنه نوى الإمامة وليس معه مأموم، وهذا خلاف الواقع، وإن نوى الانفراد فصلاته صحيحة. فإذا قيل: ما الدليل على أنها لا تصح عن يساره مع خلو يمينه؟ \n
قلنا: دليل ذلك \n أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي ذات ليلة من الليل، وكان ابن عباس رضي الله عنهما قد نام عنده، فلما قام يصلي دخل معه ابن عباس، ووقف عن يساره، فأخذ برأسه من ورائه فجعله عن يمينه \n .\n
وهذا دليل على أن الصلاة عن يسار الإمام لا تصح؛ لأنها لو صحت لأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.\n
فإن قال قائل: هذا في النفل؟\n
فالجواب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول أن القاعدة أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، ويدل لهذه القاعدة تصرف الصحابة رضي الله عنهم حين ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر، قالوا: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة \n ، فدل هذا على أن الأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض؛ ولهذا احتاجوا إلى استثناء الفريضة، وهذا الحديث يستفاد منه أيضًا أن الصلاة عند الإطلاق تشمل الفريضة والنافلة، هذا الدليل.\n
فإذا قال قائل: هذا في النفل؟\n
نقول: الجواب من وجهين:\n
الأول: أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل.\n
الثاني: أن الغالب أن النفل يُتسامح فيه أكثر من التسامح في الفرض، فإذا لم يُتسامح في النفل عن يسار الإمام فعدم التسامح في الفرض من باب أولى. \n
هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، ولكن أكثر أهل العلم يقولون بصحة الصلاة عن يسار الإمام مع خلو يمينه، وأن كون المأموم الواحد عن يمين الإمام إنما هو على سبيل الأفضلية لا على سبيل الوجوب، واختار هذا القول شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: إن كونه عن يسار الإمام ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاستحباب، ولو صلَّى عن يساره مع خلو يمينه فصلاته صحيحة.\n
ودفعوا الدليل، بل دفعوا الاستدلال بأن هذا فعل مجرد، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، هذه القاعدة الأصولية أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب؛ لأنه لو كان للوجوب لقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس: لا تعد لمثل هذا كما قال ذلك لأبي بكرة حين ركع قبل أن يدخل في الصف. \n
وهذا القول -كما ترون- قول جيد جدًّا؛ لأن القول بتأثيم الإنسان أو ببطلان صلاته بدون دليل تطمئن إليه النفس فيه نظر، فإن إبطال العبادة بدون نص كتصحيحها بدون نص، فهذا الرجل دخل في الجماعة وصلى، لكنه في مكان مفضول، فكيف نقول: إن صلاته تبطل، وأنه قد أتى إثمًا إلا بدليل واضح من الشرع، فهذا القول أرجح من القول ببطلان صلاته عن يساره مع خلو يمينه.\n
(\n ولا الفذ خلفه أو خلف الصف إلا أن يكون امرأة) يعني ولا تصح صلاة الفذ خلفه؛ يعني خلف الإمام، وهذا معلوم أنه ليس مع الإمام إلا مأموم واحد؛ يعني إذا كان إمام ومأموم فصلى المأموم خلف الإمام فإن صلاة المأموم لا تصح.\n
والإمام؟\n
\n الطلبة: فيه تفصيل.\n
\n الشيخ: فيه تفصيل؛ إن بقي على نية الإمامة؟ \n
\n الطلبة: لم تصح صلاته.\n
\n الشيخ: لم تصح صلاته؛ لأنه نوى الإمامة وليس معه أحد، وإن انفرد فصلاته صحيحة، أما المأموم فلا تصح صلاته، إذن أين يقف؟ \n
\n الطلبة: عن اليمين.\n
\n الشيخ: عن يمينه إما وجوبًا، وإما استحبابًا، على الخلاف الذي سمعتم، كذلك الفذ خلف الصف لا تصح؛ لأنه منفرد، وقد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: \n «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» \n ، وقال: \n وَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة \n ، ولولا أنها فاسدة ما أمره بالإعادة؛ لأن الإعادة إلزام وتكليف في أمر قد فُعِل وانتُهي منه، فلولا أن الأمر الذي فُعل وانتُهي منه فاسد ما كُلِّف الإنسان بإعادته؛ لأن هذا يستلزم أن تجب عليه العبادة، كم؟ \n
\n الطلبة: مرتين.\n
\n الشيخ: مرتين، وهذا لا نظير له. إذن نقول: صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح، ودليل ذلك قول وفعل من الرسول عليه الصلاة والسلام، بل هو قول محض: \n
القول الأول: \n «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ». \n
الثاني: أنه \n رأى رجلًا يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة.\n
وذهب أكثر أهل العلم إلى صحة الصلاة منفردًا خلف الصف بدون عذر، وقال بعض العلماء: في ذلك تفصيل؛ فإن كان لعُذر صحت الصلاة، وإن لم يكن له عذر لم تصح الصلاة. \n
فالأقوال إذن ثلاثة: الصحة بكل حال، وهو قول أكثر أهل العلم، والفساد بكل حال، وهو من مفردات مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والثالث: التفصيل بأنه إن كان لعذر صحت وإلا فلا. تعيد علينا الأقوال. \n
\n الطالب: إذا كان في قول أن يكون بطلت صلاته إذا كان لغير عذر.\n
\n الشيخ: ولعذر؟ \n
\n الطالب: ولعذر باطل. \n
\n الشيخ: يعني لعذر ولغير عذر تبطل.\n
\n الطالب: تبطل نعم.\n
\n الشيخ: وقول؟ \n
\n الطالب: يقال: إذا كان لعذر صحت، وإن كان لغير عذر لم تصح. \n
\n الشيخ: ثالثًا؟\n
\n طالب: تصح مطلقًا. \n
\n الشيخ: تصح بكل حال لعذر أو لغير عذر، نضرب المثل؛ لو أتيت والصف فيه سعة، وصليت خلف الصف، فصلاتك على هذا القول؟\n
\n الطلبة: باطلة.\n
\n الشيخ: على القول الأخير؟ \n
\n الطلبة: صحيحة. \n
\n الشيخ: فصلاتك صحيحة، لكن هذا خلاف الأفضل، وهذا القول مذهب مالك رحمه الله، والشافعي رحمه الله، وأبي حنيفة رحمه الله، وهو نصف مذهب الإمام أحمد، نصف مذهبه كيف هذا؟ \n
\n الطلبة: رواية.\n
\n الشيخ: رواية ثانية عن أحمد، إذن ثلاثة مذاهب ونصف على أن صلاته صحيحة ولو بلا عذر حتى لو كان في الصف سعة. \n
ولكن قالوا: لأن هذا الرجل صلى مع الجماعة، وفعل ما أُمر به، إنما جُعل الإمام ليؤتم به، وقد ائتم بإمامه فكبَّر حين كبر، وركع حين ركع، ورفع حين رفع، ولم يشذ عن إمامه بشيء فحصل المقصود قالوا: ولأن ابن عباس لما أداره الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يمينه انفرد، كيف الانفراد؟ جزء يسير.\n
قالوا: والمفسد للصلاة يستوي فيه الكبير والقليل كالحدَث، فلو أن الانفراد مبطل لبطلت صلاة عبد الله بن عباس، أُورد عليهم: \n «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» \n ، فقالوا: هذا النفي نفي للكمال كقوله: \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» \n ، ومعلوم أن الإنسان لو صلى بحضرة الطعام فصلاته صحيحة، ولو صلى وهو يدافعه الأخبثان -يعني البول والغائط- فصلاته صحيحة، إذن فالنفي هنا نفي للكمال لا للصحة، ونحن نقول بأن الأكمل والأفضل أن يدخل في الصف.\n
أورد عليهم \n أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة \n فقالوا: هذا الحديث في صحته نظر، وإذا صح فلعل هناك شيئًا أوجب أن يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بإعادة الصلاة وهذه قضية عين لا نجزم بأن السبب هو كونه يصلي خلف الصف، ولكن هذه الأدلة التي استدلوا بها فيها نظر. \n
أما قولهم: إنه فَعَل ما أُمِر به من المتابعة، فهذا صحيح، لكن هناك واجبات أخرى غير المتابعة وهي المصافة؛ فإن المصافة واجبة، فإذا ترك واجب المصافة بطلت صلاته، وأما قوله: إن قوله: \n «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» نفي للكمال، فهذا مردود؛ لأن النفي إذا وقع فله ثلاث مراتب:\n
المرتبة الأولى: أن يكون نفيًا للوجود الحسي، فإن لم يمكن فللوجود الشرعي، وهو نفي الصحة، فإن لم يمكن بأن قام الدليل على صحة المنفي فهو لنفي الكمال، الحديث الذي معنا لا يمكن أن يكون نفيًا للوجود؛ لأنه من الممكن أن يصلي الإنسان خلف الصف منفردًا.\n
إذن ليس نفيًا للوجود قطعًا، نفي للصحة؟ نعم، نقول: هذا هو الأصل أنه نفي للصحة؛ والصحة هي الوجود الشرعي، يعني إذن نقول: هذا الحديث نفي للصحة؛ لأنه ليس هناك دليل يدل على أنه نفي للكمال.-\n
المرتبة الثالثة: إذا لم يكن نفيًا للصحة فهو نفي للكمال، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: \n «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» \n هذا النفي لأيش؟\n
\n الطلبة: للكمال. \n
\n الشيخ: للكمال؛ لأن من لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه لا يكون كافرًا، لكن ينتفي عنه كمال الإيمان فقط، فالحديث الذي معنا نقول: إنه نفي للوجود الشرعي وهو الصحة.\n
وتنظيرهم بقوله عليه الصلاة والسلام: \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» \n فيه نظر؛ لأن العلة بنفي الصلاة بحضرة طعام هي تشويش الذهن وعدم ارتياح المصلي وقد دلت السنة على جواز الصلاة مع تشويش الذهن ومع التفكير؛ \n فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا سمع بكاء الصبي أسرع في الصلاة \n ، أوجز لئلا تفتتن أمه، وأمه سوف تبقى في صلاتها، لكن يُشوِّش عليها صياح ولدها، وأيضًا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام \n «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي إِلَى الْمُصَلِّي فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا» \n ، لما لم يذكره، وهذا لا شك أنه يوجب غفلة القلب، فيدل هذا الحديث والذي قبله على أن مجرد التشويش لا يبطل الصلاة، فيكون قوله: \n «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» ليس موجبًا لبطلان الصلاة، فبطل التنظير، دليلهم الثالث ما هو؟ \n
\n طالب: ابن عباس. \n
\n الشيخ: أنه \n أن ابن عباس انفرد حين أقامه النبي عليه الصلاة والسلام عن يمينه، أخذ برأسه من ورائه فأقامه عن يمينه \n نقول: هذا الانفراد انفراد جزئي، ونحن لا نقول ببطلان الصلاة إذا انفرد الإنسان بمثل هذه الصورة؛ يعني لو أن شخصًا جاء وكبَّر وهو يعرف أن خلفه رجل أو رجلان سيأتيان معه، فلا بأس ما دامت الركعة لم تفته فإنه لا بأس أن تُصبح صلاته صحيحة، وهذه اللحظة التي جرت لا يقال: إن هذا الرجل صلى منفردًا خلف الصف أو خلف الإمام، فهذا أيضًا ضعيف، الاستدلال بحديث ابن عباس ضعيف.\n
إذن فالقول الراجح أن الصلاة خلف الصف منفردًا غير صحيحة، بل هي باطلة يجب عليه إعادتها، ولكن إذا قال قائل: أفلا يكون القول الوسط هو الوسط، وأنه إذا كان لعُذر صحت الصلاة؟\n
الجواب: بلى، القول الوسط هو الوسط، وأنه إذا كان لعُذر صحت الصلاة؛ لأن نفي الصحة -أي صحة صلاة المنفرد خلف الصف- يدل على وجوب الدخول في الصف؛ لأن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل مُحرَّم فهو دال على وجوب المصافة، والقاعدة المقررة الشرعية أنه لا واجب مع العجز؛ لقوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقوله: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].\n
فإذا جاء هذا الرجل ووجد الصف قد تم فإنه لا مكان له في الصف، وحينئذٍ يكون انفراده لعُذر فتصح صلاته، وهذا القول وسط، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وشيخنا عبد الرحمن بن السعدي، وهو الصواب أنه إذا كان الصف تامًّا فالصلاة خلفه صحيحة؛ لأنه إنما ترك وجوب المصافة لعذر، ومن تَرَكَ الشيء لعذر فإنه لا يكون واجبًا في حقه إن كان واجبًا ولا حرامًا في حقه إن كان محرمًا، ولهذا نقول للرجل إذا جاء وخاف على نفسه الموت أو الضرر، نقول: كل من الميتة، والأكل من الميتة حينئذٍ حلال، الواجب كذلك إذا عجز عنه الإنسان لم يكن واجبًا في حقه، وحينئذٍ يصلي ولا حرج عليه.\n
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون بأن يجذب أحد الناس من الصف؟ \n
فالجواب أننا لا نقول بذلك؛ لأن هذا يستلزم محاذير:\n
المحذور الأول: التشويش على الرجل المجذوب.\n
والثاني: فتح فرجة في الصف، وهذا قطع للصف، ويُخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: \n «مَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ» \n . \n
الثالث: أن فيه جناية على المجذوب؛ مِنْ نقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.\n
الرابع: أن فيه جناية على كل الصف؛ لأن جميع الصف سوف يتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها، فكل هذه المحاذير تحصل. \n
فإن قال قائل: أفلا نأمره أن يصلي إلى جنب الإمام؟\n
قلنا: لا نأمره أن يصلي إلى جنب الإمام، لماذا؟ لأن في ذلك محذورين مؤكدين في الغالب المحذور الأول. (...) \n
فإذا قدرنا أن المسجد فيه عشرة صفوف، جاء الإنسان في آخر صف ما وجد مكانًا، وقلنا: اذهب إلى جنب الإمام، كم يتخطى؟ \n
\n الطلبة: عشرة صفوف. \n
\n الشيخ: عشرة صفوف، مشكلة هذه! أيضًا إذا وقف إلى جانب الإمام خالف السنة في انفراد الإمام بمكانه؛ لأن الإمام موضعه التقدم على المأموم، فإذا شاركه أحد في هذا الموضع زالت الخصوصية. \n
ثالثًا: أننا إذا قلنا: تقدم إلى جنب الإمام، ثم جاء آخر قلنا له: تقدم إلى جنب الإمام، ثم ثانٍ وثالث حتى يكون عند الإمام صف كامل، لكن لو وقف هذا خلف الصف لكان الداخل الثاني يصف إلى جنبه فيكونان صفًّا بلا محذور.\n
فإن قال قائل: لماذا لا تأمرونه أن يبقى فإن جاء معه أحد وإلَّا صلى وحده منفردًا ليس مع الإمام؟\n
قلنا: في هذا محذور، بل محذوران: \n
المحذور الأول: أنه ربما ينتظر فتفوته الركعة، وربما تكون هذه الركعة هي الأخيرة فتفوته الجماعة. \n
المحذور الثاني: أنه إذا بقي وفاتته الجماعة فإنه حُرم الجماعة في المكان وفي العمل، وإذا دخل مع الإمام وصلى وحده منفردًا فإننا نقول: على أقل تقدير حُرم المكان فقط، أما العمل فقد أدرك الجماعة، فأيما خير أن نحرمه الجماعة في العمل والمكان أو في المكان فقط؟ \n
في المكان فقط، هذا لو قلنا بأنه في هذه الحال يكون مرتكبًا لمحذور، مع أن القول الذي لا شك فيه عندي أنه إذا تعذَّر الوقوف في الصف فإنه إذا صف وحده لم يرتكب محذورًا، هذا هو تقرير هذه المسألة، ولكن بماذا يكون الانفراد؟\n
يكون الانفراد إذا رفع الإمام رأسه من الركوع، ولم يدخل معه أحد، فإن دخل معه أحد قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع أو انفتح شيء في الصف، ودخل في الصف فإنه في هذه الحال يزول عنه الفردية.\n
قال المؤلف رحمه الله: (\n ولا الفذ خلفه، أو خلف الصف إلا أن يكون امرأة) إلا أن يكون مَنْ؟ الضمير يعود على مَن؟\n
\n الطلبة: المأموم.\n
\n طالب: الإمام.\n
\n طالب: المنفرد.\n
\n الشيخ: (\n ولو فذ خلفه إلا أن يكون امرأة).\n
\n الطلبة: على الفذ.\n
\n الشيخ: يعود على الفذ، يعني إلا أن يكون الفذ امرأة خلف رجل، أو خلف الصف أيضًا، فإن صلاتها تصح، ودليل ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه \n صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم هو ويتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وصلَّت المرأة خلفهم \n ، فدل هذا على أن المرأة يصح أن تصلي منفردة خلف الصف.\n
وهذا ينبغي أن يضاف إلى دليل الجمهور الذين قالوا: إن صلاة الفذ خلف الصف صحيحة فإنهم استدلوا أيضًا بهذا، قالوا: صلاة المرأة خلف الصف صحيحة، والأصل تساوي الأحكام بين الرجال والنساء، لكن هذا يسهل الرد عليه؛ بأن نقول: المرأة ليس لها محل في مصاف الرجال أبدًا، الشريعة تحارب اجتماع المرأة مع الرجل حتى في أماكن العبادة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: \n «خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا» \n ؛ لأنها أبعد عن الرجال. \n
إذن قالوا: نقول: إلا المرأة فإنها تكون خلف الصف، ودليله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. \n
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون المرأة تصلي مع جماعة رجال أو مع جماعة نساء، ولكن هذا الظاهر ليس بمراد، بل نقول: إن المرأة مع جماعة النساء كالرجل مع جماعة الرجال؛ يعني أنه لا يصح أن تقف خلف إمامتها، ولا خلف صف نسائها، بل إذا كن نساءً، فإن المرأة يجب أن تكون في الصف، ولا يصح صلاتها خلف الصف، ولا خلف الإمام إذا لم يكن معها أحد، خلف الإمام من النساء إذا لم يكن معها أحد.\n
\n طالب: ما رأيكم يا شيخ (...) على جواز تكوين صف كامل بجانب يمين الإمام مع وجود فضاء في آخر الصف في آخر؟
الشيخ: لا، هذا غلط، استدلاله غلط.
الطالب: شيخ (...)؟
الشيخ: لأن ما فيه رجل آخر.
الطالب: لكن فيه فراغ في المسجد أولى.
الشيخ: إي، لكن ما فيه رجل آخر، أصله ابن عباس، ما هو في المسجد في البيت، ولا في إلا رجل واحد، يعني لو جاء رجل آخر مع ابن عباس وصف عن يمين ابن عباس تم الاستدلال.
الطالب: لو جه صلى على يسار الإمام؟
الشيخ: (...) اللي صار.\n
\n الطالب: لو صف عن اليمين، ولو رجل أو رجلان على يسار الإمام، وفي فضاء في آخر المسجد؟
الشيخ: هو الأفضل إذا صاروا اثنين فأكثر أن يكون الإمام متقدمًا هذا الأفضل.\n
\n طالب: إذا دخل رجل المسجد كان آخر الصف نساء يصلي خلفهم ولا..؟
الشيخ: كيف ويش لون؟
الطالب: دخل رجل المسجد، فوجد النساء آخر الصف..
الشيخ: نساء! وجد أيش؟
الطالب: الصف الأخير، هل يصلي خلفهم ولا يترك؟
الشيخ: وحده ولا معه أحد؟
الطالب: وحده.
الشيخ: ما تصح صلاته خلف الصف؛ لأنه تقدم غالبًا أن النساء ما يتصلن بالرجال.
الطلبة: في الحرم يا شيخ؟
الشيخ: نعم، إذا كان في الحرم، وتأكدت أن ما فيه أمامهن صف للرجال صلى وراءهن ما فيه مانع. \n
\n الطالب: الفعل المجرد يا شيخ دائمًا لا يدل على الوجوب؟
الشيخ: إي نعم، هذا هو الأصل، يدل على المشروعية فقط. \n
\n الطالب: إذا كان الصف طويلًا يا شيخ وآخر ركعة، والرجل هذا دخل فكونه ينتقل أو يذهب إلى آخر الصف تفوته الصلاة، هل له أن يقف وحده؟
الشيخ: لا، ليس له أن يقف.
الطالب: ولو كانت تفوته الصلاة كلها.
الشيخ: ولو كانت حتى لو هي الجمعة، لو كانت الجمعة. \n
\n طالب: شيخ، العذر هل يكون بغير تمام الصف؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: العذر يكون بغير تمام الصف؛ يعني أثناء الصف، يعني كمن يكون معه طفل لا يستطيع إدخاله النجاسة ونحوها فيصلي قرب الباب.
الشيخ: خارج المسجد يعني؟
الطالب: لا، داخل المسجد بس قريب من الخارج في آخر المسجد.
الشيخ: هو على الظاهر أن هذا ليس بعذر؛ لأن هذا ليس يتعلق بصلاة الجماعة.
الطالب: يُعذر بترك الجماعة؟
الشيخ: إي، يُعذر بترك الجماعة. \n
\n طالب: جزاكم الله خيرًا، استدل الجمهور بما قال جماعة أن هذا الحديث ضعيف: «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» ما ردينا على (...) الحديث ضعيف.
الشيخ: الحديث أن رأى رجلًا يصلي خلف الصف..
الطالب: إي: قلنا: إنه ضعيف.
الشيخ: قلنا: فيه نظر، لكن مجموعًا لا شك أنه دليل؛ يعني بمجموع الحديثين لا شك أنه دليل، نعم ما فيه شك.
طالب: وجوب (...) يقف في الصف.
الشيخ: المشهور من المذهب أنه يلزمه أن يرجع، يتبع الذي جذبه، لكن فيه نظر؛ لأن الجذب أصله منهي عنه.
\n طالب: شيخ، أوقات يكون (...) صغير، ويعني لا بد أن يصب عن يمين الإمام وعن يساره (...)، هل يتقدم الإمام ولا يكون مساويًا عند (...)؟
الشيخ: إي، يعني يقول: إذا وقف المأموم الواحد أو الاثنين إلى جنب الإمام، هل يتقدم الإمام أو لا؟ نقول: لا يتقدم؛ لأن المأموم إذا وقف مع الإمام صار صفًّا، والسنة في الصف أيش؟
طالب: التساوي.
الشيخ: التسوية إي نعم، ولهذا ما يوجد في بعض الكتب المقررات في المدارس، خلينا الإمام مع المأموم بينهما (...)، هذا خطأ.
الطالب: شيخ، ما يتميز الإمام؟
الشيخ: يتميز بأن..
الطالب: أنا رأيت مساجد كان يعني ناس مأمومين كثير، وما فيه مكان يعني المسجد (...)، فلازم الإمام يصف عن اليمين، وعن الشمال لازم يتقدم عشان يعرف أن هذا الإمام، إذا ركع يركع بعده، وإذا قام..
الشيخ: سؤال: هل هذا صف أو لا؟
الطالب: إي، صف.
الشيخ: ما المشروع في الصف؟
الطالب: التسوية.
الشيخ: انتهى.
الطالب: يتميز.
الشيخ: لا، يتميز بأنه يتقدم في التكبير والسجود والركوع، هذا التميز. \n
\n طالب: شيخ -أحسن الله إليك- في بعض المساجد يجعلون حد الصف على البساط، فإذا انتهى البساط ينتقلون إلى الصف الثاني، فهل هذا يُعذر إذا..؟
الشيخ: لا، هذا ليس بعذر، ما دامت الأرض طاهرة، فإنه ليس بعذر؛ أحيانًا يكون البساط ما يستوعب المكان، بعض الناس إذا انتهى البساط راح يصف في الصف الثاني، هذا ما هو صحيح.
الطالب: في الطريق يا شيخ.
الشيخ: نعم، له طريق؛ لأن إذا كان فيه سعة؛ يعني معك أحد بيصف لا بأس، ما يخالف، لو معك أتممت الصف الأول، لكن هذا لا يعتبر ضرورة.
طالب: (...) يا شيخ.
الشيخ: نعم، الحد الجدار. \n
\n طالب: أحسن الله إليك، لو مثلًا دخل المسجد ووجد الصف كاملًا، ولكن وجد صغيرًا في الصف، هل يجوز سحبه؟
الشيخ: هذا يجوز على قاعدة العامة: (من قوي عظيم اكسره).
أما شرعًا فلا، مَن سبق إلى شيء فهو أحق به (...). \n

***

يقول: (من لم يقف معه إلا كافر فإنه فَذّ)، شوف (مَن) نعربها عشان تبين؛ (مَن) اسم شرط، و(ففذ) جواب الشرط: فهو فَذٌّ.
(من لم يقف معه إلا كافر) يعني مثلًا لو أن رجلًا صَفَّ خلف الصف، وقف خلف الصف ومعه كافر، وهل يمكن أن يصلي الكافر؟ يمكن إذا كان كفره بغير ترك الصلاة، أما إذا كان كفره بترك الصلاة فإنه إذا صلى فهو مسلم، لكن إذا كان كفره بجحد الله عز وجل مثلًا، أو بتكذيب رسول من الرسل، المهم أسباب الكفر كثيرة.
فهذا الرجل لم يقف معه إلا كافر نقول: إنك فذ، وهذا مع العلم بأن الواقف معه كافرٌ ظاهر، ولكن إذا كان يجهل أن الواقف معه كافر فظاهر كلام المؤلف أن صلاته لا تصح، وفي هذا نظر، بل المتعين أنه إذا وقف معه كافر لا يعلم بكفره فإن صلاته صحيحة، أما إذا علم بكفره فالمذهب أن صلاته لا تصح، لماذا؟
الطلبة: لأنه فذ.
الشيخ: لأنه فذ، وعلى القول الذي رجحنا أنه إذا كان الصف تامًّا فصلاته صحيحة؛ لأنَّ صلاة الفذ خلف الصف مع تمامه صحيحة.
(أو امرأة) يعني: لم يقف معه إلا امرأة فهو فذ؛ لأنَّ المرأة ليست من أهل المصافَّة للرجال، فإن وقفت امرأة مع رجلين فهل تصح صلاتهما؟
الطلبة: نعم (...).
الشيخ: إي نعم، لا هي ما (...)، وقفت معهما.
طالب: معهم صف ولا لّا؟
الشيخ: صف، فالصلاة؟
الطالب: صحيحة.
الشيخ: صحيحة، فالصلاة صحيحة ولا سيما مع الضرورة كما يحدث ذلك في أيام مواسم الحج، إي نعم يحصل المرأة تكون جنبك، ولكن في هذه الحال إذا أحسست بشيء وجب عليك الانفصال؛ لأنَّ بعض الناس لا يطيق أن تقف إلى جنبه امرأة ليست من محارمه لا سيما إذا كانت مثلًا شابة أو فيها رائحة مثيرة فقد لا يتمكن من الصلاة، ففي هذه الحال له الحق في أن ينصرف ويطلب مكانًا آخر.
إذا كانت المرأة أمام الرجل يعني مثلًا نحن صافون وأمامنا نساء صافات أيضًا تصح الصلاة؟
الطلبة: تصح.
الشيخ: نعم تصح الصلاة، ولهذا عند الفقهاء عبارة: صفٌّ تامٌّ من نساء لا يمنع اقتداء مَن خلفَهن مِن الرجال.
طالب: بماذا أعرف أن صحبة الصحابي (...).
الشيخ: نعم، هذا يعرف -بارك الله فيك- بكثرة صحبته للرسول عليه الصلاة والسلام، والفقهاء من الصحابة معرفون، فمثلًا إذا جاء أعرابي وسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن أركان الإسلام وانصرف، ليس مثل الصحابي الذي لازم النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ منه.

***

***

***

على كلام المؤلف، هل يشترط شرط ثالث على قول؟
طالب: إي، إذا كان خارج مسجد، إلا أنه يسمع التكبير أيضًا.
الشيخ: هو اشتراط لازم، حتى كلام المؤلف، سماع التكبير، ورؤية الإمام والمأمومين.
طالب: اتصال الصفوف على الصحيح.
الشيخ: اتصال الصفوف على القول الراجح الذي اختاره الموفق وجماعة من العلماء.
فصار الآن الذي في المسجد لا يشترط إلا سماع التكبير فقط، سواء كان من الإمام، أو من مبلغ عنه؛ أما من الإمام فظاهر، أما المبلغ عنه ذكرنا لكم قصة من؟
طالب: أبو بكر.
الشيخ: أبي بكر رضي الله عنه، أما خارجه فلا بد من شرطين:
الأول: سماع التكبير.
والثاني: اتصال الصفوف على الصحيح.
والثالث -على رأي المؤلف-: أن يرى الإمام أو المأمومين. وهذا قلنا لكم: إن فيه نظرًا؛ لأنه لا يتوقف متابعة الإمام على الرؤية؛ ولهذا يصح اقتداء الأعمى بالإمام، واقتداء المأمومين إذا كانوا في ظلمة، أهم شيء هو سماع التكبير. هل يجوز أن يكون الإمام أعلى من المأموم؟
طالب: نعم، يجوز، ولكن ضيق الحال.
الشيخ: سواء كان العلو يسيرًا أو كثيرًا؟
طالب: لا، إن كان ذراعًا فأقل فلا يكره، وإن كان أكثر من ذراع فيكره.
الشيخ: فيكره، ما هو دليلك على هذا التفصيل؟
الطالب: لحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُومَنَّ فِي مَكَانٍ أَعْلَى مِنْهُمْ» .
الشيخ: هذا نهي عام!
الطالب: قالوا: حمل النهي على الكراهة.
الشيخ: لا، أقول: عام! ليس فيه أنه إذا كان يسيرًا أو كثيرًا.
الطالب: إي نعم، لكن ورد حديث آخر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على منبره . وقالوا: جمعًا بين الأخبار أن غالبًا ما يكون المنبر -درج السلم- أقل من ذراع.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: فيكون هذا مخصصًا.
الشيخ: مخصصًا لعموم هذا الحديث. القول الثاني في المسألة؟
طالب: القول الثاني في المسألة: أنه لا يكره هذا.
الشيخ: لا يكره، ولو زاد علوه عن ذراع ما دام يمكن الاقتداء. طيب، بماذا نجيب عن الحديث؟
طالب: نجيب عن الحديث أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أن الحديث ضعيف. نعم، نجيب عن هذا بأنه حديث ضعيف، فلا تقوم به حجة.
طالب: فيه قول ثالث.
الشيخ: ما هو؟
طالب: أنها لا تكره مطلقًا إلا للحاجة.
الشيخ: هذا هو، اللي قاله.
طالب: الحاجة لعلو الإمام.
الشيخ: لا، هذا هو الأول.
طالب: يمكن يقال: لا يجوز، ويؤخذ بالحديث، ويوجه الحديث يا شيخ، حديث سهل: صلاته على المنبر، لأنه قال: «فَعَلْتُ لِتَأَتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» .
الشيخ: نعم.
الطالب: وممكن نقول بالتحريم.
الشيخ: لا، ما نقول بالتحريم، إحنا نقول: ها الحديث ضعيف، حديث النهي ضعيف، ويبقى -لا شك- أن الأولى أن يكون الإمام مساويًا للمأموم، لا فيه علو للإمام، ولا فيه علو للمأموم. علو المأموم؟
طالب: كذلك عكس الإمام.
الشيخ: يعني لا بأس به؟
طالب: لا بأس به.
الشيخ: لا بأس به. لماذا قلنا: إنه لا بأس به؟ علل كما تحب؛ يعني مثلًا يكون الإمام هنا والمأموم فوق.
طالب: يقولون: إن الإمامة في الصلاة تفيد ارتفاع المنزلة، فلما ارتفع عنهم صار كأن قصده التكبر، أما المأموم فليس في هذه المنزلة؛ منزلة الإمام.
الشيخ: هذه تقتضي العكس، كيف أن الإمامة تقتضي أن يكون الإمام أرفع، ثم يصير في الأسفل؟
طالب: ذكره صاحب الحاشية يا شيخ.
طالب آخر: شيخ، ما ورد النهي.
الشيخ: صح، هذا هو؛ لأنه لم يرد في هذا نهي، والجماعة حاصلة بالعلو والمساواة؛ يعني: الجماعة تحصل بعلو المأموم عن الإمام، أو مساواته له، وإذا لم يرد نهي فالأصل الصحة والحل، وهذا هو الذي جعلنا نقول: إن علو الإمام ولو زاد على الذراع جائز بناء على أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة.
ذكرنا أن الموفق رحمه الله قال: إن هذا الحكم فيما إذا لم يكن مع الإمام أحد، فإن كان معه أحد فلا كراهة؛ يعني مثلًا لو كان الإمام يصلي فوق ومعه جماعة، وفيه ناس يصلون تحت، فإن هذا ليس فيه كراهة، ما دام مع الإمام واحد فأكثر؛ لأن صورة الجماعة حصلت باجتماع شخص إلى الإمام.
بخلاف ما لو كان وحده فوق في السطح، والناس تحته، من يعرف أن هؤلاء جماعة، وأن هذا إمامهم؟ المؤلف يقول: (إنه تكره الإمامة في الطاق)، أيش معنى ها الكلام هذا؟
طالب: المنبر.
الشيخ: المنبر، لا، المنبر ما هو طاق.
الطالب: المحراب.
الشيخ: ويش معنى إمامته في الطاق، يعني في المحراب، ويش معناها؟
الطالب: يعني يدخل في داخل المحراب.
الشيخ: أن يقف الإمام داخل المحراب، لماذا؟
طالب: لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أصل المحراب ما هو موجود في عهد الرسول، من الأصل.
طالب: قالوا: لأنه يحتجب عن رؤية المأمومين له.
الشيخ: أولًا: ذكروها عن ابن مسعود رضي الله عنه.
والثاني: أنه يحتجب عن رؤية المأمومين له. في القول الثاني في المسألة، أظن ذكرناه لكم؟
طالب: أنه يجوز مع الإمام، يعني يصلي في المحراب.
الشيخ: أنه لا يكره؛ لأن الكراهة تحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك، كما أنه لو كان خارج الطاق، وكان يسجد في الطاق، فإنه ليس فيه كراهة.
لو كان الإمام واقفًا خارج الطاق، ويسجد في الطاق، فإنه لا كراهة. إذا احتيج إلى ذلك؟
طالب: إذا احتيج إلى ذلك فلا كراهة.
الشيخ: فلا كراهة، كيف الحاجة إلى ذلك؟
طالب: كأن مثلًا يكون في المسجد زحام كثير أو..
الشيخ: فيحتاج الإمام أن يتقدم حتى يدخل في المحراب، فهذا لا بأس به.

***

\n قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n (وتطوعه موضع المكتوبة) (تطوعه) الضمير يعود على الإمام، لا على المأموم.\n
\n (تطوعه) أي الإمام.\n
\n (موضع المكتوبة) أي: في المكان الذي صلى فيه المكتوبة؛ ووجه ذلك:\n
أولًا: أن فيه حديثًا عن النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عنه، ولكنه ضعيف، لكن هم استدلوا به. \n
وثانيًا: أنه ربما إذا تطوع في موضع المكتوبة يظن من شاهده أنه تذكر نقصًا في صلاته الفريضة فيرتبك الناس؛ فلهذا نقول له: لا تتطوع في موضع المكتوبة، ولا سيما إذا باشر الفريضة، بمعنى أنه إذا قام يصلي تطوعًا فورًا فإنه -بلا شك- سوف يشوش على المأمومين؛ فلهذا يكره أن يتطوع.\n
أما المأموم فإنه لا يكره له أن يتطوع في موضع المكتوبة، لكن ذكروا أن الأفضل أنه يتخلى عن المكان؛ ليكون فاصلًا بين الفرض وسنته.\n
قال المؤلف رحمه الله: \n (إلا من حاجة) الحاجة دون الضرورة؛ لأن الضرورة هي التي إذا لم يقم بها الإنسان أصابه الضرر، والحاجة هي التي تكون من مكملات مراده، وليس في ضرورة إليها، مثل أن يريد الإمام أن يتطوع، ولكن وجد أن الصفوف التي أمامه كلها تامة، ليس فيها مكان، فحينئذٍ يكون محتاجًا إلى أن يتطوع في موضع المكتوبة.\n
ولكن الذي نرى أن هذه ليست بحاجة؛ لأن أمام الإمام ما هو أفضل من ذلك، وهو أن يتطوع في بيته، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة \n ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتنفل في المسجد، إنما كان يتنفل في بيته، الراتبة التي قبل الصلاة والتي بعدها، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما \n .\n
فإذن قول المؤلف:\n (إلا من حاجة) نقول: الحقيقة أنه لا يمكن أن يكون هناك حاجة، اللهم إلا في أمر نادر جدًّا كما لو كان الشخص ليس له بيت، وإنما مكانه المسجد، أو يكون الشخص عنده عائلة كثيرة، لو ذهب يصلي في بيته حصل له تشويش من العائلة، أو ما أشبه ذلك، وإلا فلا شك أن الأفضل أن يصلي في بيته.\n
وصلاة المرء في بيته فيها فائدة عظيمة للعائلة؛ لأن العائلة تتعود التطوع بالصلاة، لا صغارهم ولا كبارهم، ويكون في هذا عون لهم على التطوع.\n
قال المؤلف: \n (وإطالة قعوده بعد الصلاة مستقبل القبلة) (إطالة قعوده) أيضًا \n (قعوده) الضمير يعود على الإمام.\n
يعني يكره أن يطيل قعوده بعد السلام مستقبل القبلة، بل يخفف، ويجلس بقدر ما يقول: \n أستغفر الله، ثلاث مرات، \n اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام \n ، ثم ينصرف، هذه هي السنة، فإطالة قعوده بعد السلام مستقبل القبلة خلاف السنة.\n
ثم فيه أيضًا محظور آخر: وهو أنه إذا أطال الجلوس مستقبل القبلة حبس الناس؛ لأن المأمومين منهيون أن ينصرفوا قبل انصراف الإمام \n ، فإذا بقي مستقبل القبلة كثيرًا حبس الناس.\n
وفيه أيضًا محظور آخر: وهو أنه إذا بقي مستقبل القبلة فقد يظن من خلفه أنه يتذكر شيئًا نسيه في صلاته؛ فيرتبك المأموم في هذا؛ لذلك نقول: إنه يكره أن يطيل القعود بعد السلام مستقبل القبلة. إذن ينصرف إلى أين؟ ينصرف إلى جهة قصده، أي أنه يستقبل المأمومين، ولكن ابتداء الانحراف من اليسار أو من اليمين؟\n
نقول: كل ذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد أنه ينصرف عن يمينه، ثم يستقبل الناس، وأنه ينصرف عن يساره ويستقبل الناس، فأنت إن شئت انصرف عن اليمين، وإن شئت انصرف عن اليسار، كل هذا سنة.\n
يقول: \n (فإن كان ثم نساء لبث قليلًا لينصرفن) (فإن كان ثم) أي هناك، يعني في المسجد. \n (نساء لبث قليلًا) أي لبث مستقبل القبلة قليلًا.\n
\n (لينصرفن) أي: النساء قبل الرجال، كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه كان يتأخر إذا كان فيه نساء من أجل أن ينصرفن \n ؛ وذلك لأن الرجال لو انصرفوا قبل انصراف النساء لزم من هذا الاختلاط اختلاط الرجال بالنساء، والشرع يكره أن يختلط الرجال بالنساء، ويحذر منه، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: \n «خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» \n ، لماذا؟ لأن أولها أقرب إلى الرجال من آخرها، فهو أقرب إلى الاختلاط. \n
وفي هذا دليل واضح جدًّا على أن الإسلام يكره تقارب النساء من الرجال، وأن المبدأ الإسلامي هو عزل الرجال عن النساء، خلاف المبدأ الكافر الغربي الذي يريد أن يختلط النساء بالرجال، والذي انخدع فيه -مع الأسف- كثيرٌ من المسلمين اليوم، وصاروا لا يبالون باختلاط المرأة مع الرجل، بل يرون أن هذه هي الديمقراطية، وهي التقدم، وفي الحقيقة أنها هي الاستئثار والتأخر؛ لأن اختلاط المرأة بالرجال هو إشباع لرغبة الرجل على حساب المرأة، فأين الديمقراطية؟! \n
الديمقراطية أن تبقى المرأة مصونة محروسة، لا يعبث بها الرجال، لا بالنظر، ولا بالكلام، ولا باللمس، ولا بأي شيء يوجب الفتنة، هذه الديمقراطية، أما أن آتي بها كأنها صورة يتمتع بها الرجل سكرتيرة له، أو ما أشبه ذلك، يتلذذ بخطابها، وبمسها، فهذا لا شك أنه على حساب المرأة، وأنه ظلم لها، فأين الديمقراطية؟!\n
لكن لضعف الإيمان والبعد عن تعاليم الإسلام صار هؤلاء المخدوعون منخدعين بما عليه الأمم الكافرة، ونحن نعلم بما تواتر عندنا أن الأمم الكافرة الآن تئن أنين المريض المدنف؛ لتتخلص من هذا الاختلاط، ولكنه لا يمكنها الآن، اتسع الخرق على الراقع.\n
لكن الذي يؤسف له أيضًا: الطبقة الثالثة، وهي الطبقة المحافظة التي يريد شرارها اليوم أن تلحق بركب هؤلاء الذين ينادون بما يسمونه الحرية، وهي في الحقيقة حرية هوًى لا حرية هدًى، كما قال ابن القيم رحمه الله: \n
\n

\n \n \n \n \n \n \n \n

هَرَبُوا مِنَ الرِّقِّ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ

فَبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

\n
ما هو الرق الذي خُلقوا له؟\n
الرق لله عز وجل أن تكون عبدًا لله، هؤلاء هربوا منه، وبلوا برق النفس والشيطان؛ فصاروا الآن ينعقون ويخططون من أجل أن تكون المرأة والرجل على حد سواء؛ في المكتب، في المتجر، في كل شيء.\n
ولا شك أن هؤلاء -أشهد بالله- أنهم غاشون لدينهم، وغاشون لإخوانهم من المسلمين، وأن هؤلاء يعتبرون غششة خونة؛ لأن الواجب أن الشعب المسلم يتلقى تعليمه من أي شيء؟ من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.\n
ونحن إذا رأينا تصرف الشارع الحكيم محمد صلى الله عليه وسلم وجدنا أنه يسعى بكل ما يستطيع إلى إبعاد المرأة عن الرجل.\n
لماذا يبقى الرسول عليه الصلاة والسلام في مصلاه إذا سلم حتى ينصرف النساء؟ لماذا؟\n
لا شك من أجل عدم الاختلاط، هذا مع أن الناس في ذلك الوقت أطهر بكثير من الناس في أوقاتنا هذه، أليس كذلك؟ \n
\n طلبة: بلى. \n
\n الشيخ: هذا لا يشك فيه أحد: \n «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» \n .\n
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين عامة من كيد الكفار، ومن يتبعونهم يلهثون وراءهم؛ ليأخذوا من قيئهم، هم يتقيؤون المفاسد، وأولئك يتلقفونها، يتحسون قيء الكفار -والعياذ بالله- في هذه الأمور وغيرها. \n
إذن، نقول -على قول المؤلف-: \n (فإن كان ثم نساء لبث قليلًا لينصرفن) لماذا؟\n
عندنا دليل وتعليل: \n
الدليل: فعل الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، أنه إذا كان في المسجد نساء لبث الإمام قليلًا مستقبل القبلة من أجل أن ينصرف النساء؛ لأن الناس لن ينصرفوا حتى ينصرف الإمام، المأموم لا ينصرف من مكانه حتى ينصرف الإمام، فإذا لم ينصرف الإمام سيبقى المأموم حتى تخرج النساء.\n
ثانيًا: التعليل: لأجل ألا تختلط النساء بالرجال؛ لما في ذلك من الفتنة العظيمة.\n
وقوله: \n (فإن كان ثَمَّ) قلنا: إن \n (ثَمَّ) بمعنى هناك، وهي مفتوحة الثاء، وليست مضمومة، وما أكثر الذين يغلطون فيها، فيقولون: \n (ثم)، ولكنهم جاهلون في اللغة العربية، قال الله تعالى: \n {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: ٢٠].\n
يقول: \n (لبث قليلًا لينصرفن). ثم قال المؤلف: \n (ويكره وقوفهم بين السواري إذا قطعن الصفوف).\n
\n (يكره وقوفهم) أي: وقوف المأمومين.\n
\n (بين السواري) وهي الأعمدة.\n
\n (إذا قطعن الصفوف) فاشترط المؤلف أن تقطع الصفوف. \n
وما مقدار القطع؟ قيده بعضهم بثلاثة أذرع، قال: إذا كانت السارية ثلاثة أذرع فإنها تقطع الصف، وما دونها لا يقطع الصف. \n
وقال بعض العلماء: التي تقطع الصف هي التي تكون بمقدار قيام ثلاثة رجال، ومقدار قيام ثلاثة رجال أقل من ثلاثة أذرع، أما السواري اللي مثل سوارينا هذه، فهي صغيرة، لا تقطع الصفوف، لا سيما إذا تباعد ما بينها، وعلى هذا فلا يكره الوقوف بينها.\n
وعلى القول بأنه يكره؛ بمعنى ومتى صارت السواري على حد يكره الوقوف بينها، فإن ذلك مشروط بعدم الحاجة، فإن احتيج إلى ذلك بأن كانت الجماعة كثيرة، وكان المسجد ضيقًا، ولا بد من الوقوف بين السواري؛ فإن ذلك لا بأس به من أجل الحاجة؛ لأن وقوفهم بين السواري في المسجد خير من وقوفهم خارج المسجد، فنقول: هذه حاجة، ولا بأس بها.\n
وما زال الناس يعملون به في المسجدين: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، عند الحاجة، فلا يضر، وإنما كره ذلك لأن الصحابة كانوا يتوقون هذا، حتى إنهم (...) على ذلك؛ ولأن المطلوب في المصافة التراص، من أجل أن يكون الناس صفًّا واحدًا، فإذا كان هناك سَوارٍ تقطع الصفوف فات هذا المقصود للشارع.\n
\n طالب: شيخ، قوله: (لبث قليلًا)، هل هذا إذا كان في مسجد واحد (...)؟
الشيخ: يعني إذا كان هناك نساء، لكن لهن باب خاص ومكان خاص، الظاهر أنه لا بأس به؛ يعني الظاهر أنه لا يلبث؛ لأن المحظور ينتفي هنا.\n

\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بعض الناس يعلل (...) موضع المكتوبة؛ لأن الأرض تشهد له (...).
الشيخ: هذا غير صحيح؛ لأنه لو كان كذلك لقلنا: كل إنسان يصلي ركعتين تطوعًا ينبغي له أن ينتقل، وكان معناه أن الناس في قيام رمضان كل واحد يبادل الثاني مكانه، هذا غير صحيح. \n
\n طالب: شيخ -عفا الله عنك- بعض المساجد السواري تقطع صفين؛ يعني يقف الصف الثاني بحيث يكون صفين بينها وبين الصف الأول؛ يعني يقفون بين السواري، الأولى يعني لتقارب الصفوف أو (...).
الشيخ: إي نعم، إذا كان المسجد واسعًا فالأولى ألا يقفوا بين السواري، حتى لو تباعد ما بين الصفين، إذا كان واسعًا. \n
\n طالب: أحسن الله إليك، بعض المستدلين بجواز الانتقال (...) في النافلة بأن الأرض تحدث أخبارها يوم القيامة عن ما عمل عليها الإنسان؟
الشيخ: ما هو بصحيح هذا، الرسول كان يصلي صلاة الليل كلها في مكان واحد. \n
\n طالب: شيخ -أحسن الله إليك- أقول: السواري على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يبعد أن تكون ثلاثة أذرع أو بمقدار ثلاثة.
الشيخ: هو صحيح، لكن قد يكون أن السواري في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هي من النخل، لكن لعلهم يجعلون النخلتين جنب بعضهم؛ ليكون أقوى وأشد، والنخلتان تسع محل ثلاثة رجال.
طالب: نعم، لكن أقول: الحديث (...) مطلق، فلو قلنا: نقدر فيما أطلق عليه السارية عادة لكان يعني أقرب من التقدير هكذا، ما يكون محتاجًا إلى دليل؟
الشيخ: هذا دليله، هو السواري التي تقطع الصفوف، أما اللي ما تقطع ما يضر، يعني لو فرضنا أن السارية خفيفة جدًّا ما تقطع الصف.
طالب: لكن الدليل يعني على هذا التقدير يعني (...).
الشيخ: معروف السواري عندهم في عهد الرسول أنها سواري بهذا القدر.\n
\n طالب: شيخ، قلنا: إن الأفضل أن يصلي الشخص الراتبة في بيته، لكن إذا فاتت الشخص يعني صلاة الجماعة، فهل الأفضل أن يصلي في المسجد أو في بيته لواحد منفردًا؟
الشيخ: قول الرسول: «إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» يشمل من فاتته.
طالب: يعني يصلي في المسجد يا شيخ؟
الشيخ: يصلي في المسجد.
طالب: ولو كان يستطيع أن يصلي جماعة مع أهله في البيت؟
الشيخ: الظاهر يصلي في المسجد؛ لأنه ربما إذا صلى أيضًا يأتي من يصلي معه.
طالب: طيب، الحديث يا شيخ.
الشيخ: ربما يصلي من يأتي، ويصلي معه.
طالب: حديث أنس يا شيخ الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يومًا وقد فاتته صلاة، فصلى في بيته مع أهله ، صلى جمعًا، ما يدل؟
الشيخ: نعم، هذا فعل صحابي، ما يحكم على السنة، فعل الصحابي ما يحكم على السنة، يكون فيه اعتبارات، (...) عام.\n
\n طالب: شيخ -أحسن الله إليك- الحديث المروي وإن كان فيه ما فيه: «مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ» ألا يدل -أحسن الله إليك- هذا على أن خروج الشخص الواحد من الصف يكون قاطعًا للصف؛ لأن الخطاب هذا خطاب واحد «مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ»، ولم يكن وصله؟
الشيخ: ويش..؟
طالب: يعني على أن الذي يقطع مكان الشخص الواحد، وهو ما يعادل سارية من سوارينا هذه.
الشيخ: لها سلامًا؛ لأن السارية ثابتة، ما (...) صحتها، لكن الإنسان اللي بيخرج باختياره يقطع الصف.
طالب: إي، لكن النبي عليه الصلاة والسلام جعل هذا قطعًا.
الشيخ: إي، معلوم؛ لأنك أنت الآن لو يكون الصف بين السواري تقول: صف متصل؛ لأن السارية أمر ضروري، لكن لو يصير صف وفيه مكان رجل فاضٍ، قلت: هذا الصف مقطوع.
هل تصح الصلاة خلف الإمام إذا كان عاليًا على المأموم؟
طالب: نعم، تصح.
الشيخ: تصح، ما هو الدليل؟
الطالب: الدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم (...) أنه صلى على المنبر، صار يصلي عليه، ويقرأ، ثم يركع، ثم ينزل ويسجد، ويقول: «فَعَلْتُ هَذَا لِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» .\n
\n الشيخ: أحسنت. يقول المؤلف: (كإمامته في الطاق) أيش معناها؟
طالب: أي: يكره أن يؤم الإمام داخل الطاق.
الشيخ: ما هو الطاق؟
الطالب: هو المحراب.
الشيخ: المحراب، نعم. فإن قام خارجه، ثم سجد فيه؟
طالب: لا بأس به.
\n الشيخ: لم يكره. إطالة قعود الإمام بعد السلام مستقبل القبلة، ما حكمه؟
طالب: حكمه الكراهة.
الشيخ: الكراهة، إلا؟
الطالب: إلا أن النساء يخرجن.
الشيخ: إذا كان فيه نساء فإنه ينتظر حتى؟
طالب: حتى يخرج النساء.
\n الشيخ: حتى يخرجن. حكم الوقوف بين السواري؟
طالب: على قول المؤلف: الصحيح أنه يكره.
الشيخ: طيب، يكره مُطلقًا؟
الطالب: إلا لحاجة، إذا كان المسجد فيه ضيق.
الشيخ: لكن ما فيه شرط للكراهة؟
طالب: إذا كان السواري بمقدار.
الشيخ: إذا كانت تقطع الصفوف، أما الدقيقة فلا يكره.
لو فرضنا أن الصف لا يتجاوز ملء ما بين الساريتين، فهل يكره أو لا؟
بمعنى أنهم ثلاثة رجال فقط، وإذا وقفوا بين السواري يعني ما يحتاجون أكثر من هذا.
طالب: لا كراهة فيه.
الشيخ: من أين تأخذه من كلام المؤلف؟
الطالب: (إذا قطعن).
الشيخ: من قوله: (إذا قطعن الصفوف) طيب، بماذا يحصل قطع الصفوف؟
طالب: هي ثلاثة رجال، يا ثلاثة أذرع.
الشيخ: إي نعم، صح، وبعض العلماء يقول: إنه يرجع في هذا إلى العرف. \n

***

\n طالب: يجعل قاعدة عامة أي أمر يشغل القلب (...).
الشيخ: إي نعم، بيجينا -إن شاء الله- حتى غلبة النعاس، لو فرضنا واحدًا أخذه النعاس وقال: أنا إن جلست إلى صلاة العشاء ما استطعت أني أصلي، نقول: صلِّ الآن منفردًا ونم؛ لأنه -كما قلت لكم-: المحافظة على نفس العبادة -شيء يتعلق بنفس العبادة- أولى بالمحافظة على أمر خارج، فمثلًا: إذا كان مكالمة خطيرة، وينتظرها، ولا في أحد ينوب منابه بحيث إنه لو كُلِّم يجي يخبره، فلا حرج.
\n طالب: شيخ، من يأكل بصلًا في الليل ولا يروح لصلاة الفجر، بنقول: هذا معذور يعني؟
الشيخ: إي نعم، لا، ما نقول: معذور، نقول: هذا محروم؛ لأن هذا ليس بعذر، هذا إنما منعه النبي عليه الصلاة والسلام من المسجد لكف أذاه، ما هو لأنه معذور، لكن أكل البصل يُنظر؛ إن كان أكل البصل من أجل ألا يصلي فهو حرام، وإن أكله رغبة فيه فلا بأس، كما أن الرجل الآن إذا سافر في رمضان يفطر أو لا؟ يفطر، لكن نقول: إذا سافرت من أجل أن تفطر حرم عليك الفطر. \n
\n طالب: شيخ، لو كان في نفس صلاة الجماعة -إذا كان مع الجماعة- ورأى رجلًا سوف يسقط في حفرة مثلًا، فهل له أن يقطع الصلاة ولَّا لا؟
الشيخ: إي نعم، له أن يقطع الصلاة، نعم، إذا كان لا يمكنه أن ينبهه بالنحنحة فله أن يقطع الصلاة.
\n طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، ما يفرق بين الإمام والمأموم في هذه الأعذار، يعني: الإمام لو تأخر عن الجماعة، فهم ينتظرون.
الشيخ: لا، بس الإمام ينبغي له أن ينبه الجماعة على أني إذا تأخرت مثلًا لمدة عشر دقائق، خمس دقائق، اللي هو يرى يصلون، إنما المأموم والإمام واحد يا..
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك، استدللنا بقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} على ترك الجمعة والجماعة، لكن إذا كان مثلًا مصاب بأنفلونزا، وكان يستطيع أن يخرج معه الجماعة، لكنه على المشقة، فكيف؟
الشيخ: إي، يصلي في بيته.
طالب: لكن هذا يستطيع الحضور، والله عز وجل قال..
الشيخ: لكن تقول: مع مشقة؟
طالب: إي، وهذا يستطيع.
الشيخ: هذه المشقة ما هي باستطاعة؛ لأنه ما فيه أحد مريض إنه نقول: ما يقدر أبدًا، ينزل يجيب ناس مثل ما فعل الصحابة، كان الرجل يؤتى به يُهادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف، ثم إن الإنسان قد يكون إذا وصل إلى المسجد، وإذا تعبان، يكون فيه قلق في أداء الصلاة، يكون معه خفقان في القلب، ولا دوخة في الرأس، لكن لو صلى في بيته يكون مستريحًا.\n
\n طالب: شيخ، لو خاف خروج الوقت ويدافعه الأخبثان، (...)؟
الشيخ: هذه الأعذار إنما هي في ترك الجمعة والجماعة، لا في الوقت، الوقت لا بد أن يصلي على كل حال.\n
\n طالب: (...) قال: إن في طريقه سباع وهوام، (...)؟
الشيخ: إي، بس ما تضره، هو قال: إن المدينة كثيرة السباع والهوام ، لكن ما قال أنها تضرني، لو قال: تنهشني، كان يكون فيه حُجَّة على رد كلام الفقهاء.\n
\n طالب: بالنسبة لو أمام بابه كلب عقور؛ يعني يخشى على نفسه منه، نقول له: ائتِ لك بعصا؟
الشيخ: إذن معناه ما صار عذر، ما يخاف، إذا كان هذا الكلب يمكنه أن يندفع بالعصا، نعم، ما خاف الضرر.
\n طالب: شيخ، قلنا: لو كان خاف على دابته عبرنا بترك الجماعة، ولا يترك الصلاة، يمكن سامع الشريط يقوم تارك الصلاة.\n
\n الشيخ: ليترك الصلاة مع الجماعة، نتكلم عن العذر في الجماعة.\n
\n طالب: إي نعم، بس أنت قلت: ترك الصلاة.\n
\n الشيخ: لا، ترك الصلاة في الجماعة، كل الكلام هذا في عذر الجماعة. \n
\n طالب: شيخ، حديث ابن عباس لما سمع النداء (...) هذا عام يا شيخ، يخصصه (...).\n
\n الشيخ: هذا عذر؛ لأن كلمة عذر هذه كلمة عامة. \n
\n طالب: شيخ، إذا كان يخشى أن يموت مثلًا قريبه، بس موجود معه من يُلقِّنه الشهادة.
الشيخ: هذا الظاهر ما هو بعذر؛ لأنه حتى الرجل في مثل هذه الحال لو ذهب لم ينشغل قلبه. \n

***

\n طالب: نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى- فيمن يُعذر بترك الجمعة والجماعة: \n أو من فوات رفقة، أو غلبة نعاس، أو أذًى بمطر، أو وحل وبريح باردة شديدة في ليلة مظلمة.\n
\n الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.\n
ذكر المؤلف رحمه الله أنواعًا من الأعذار المسقطة للجماعة والجمعة، فمنها: المرض، فما دليله؟ دليل أن المرض مُسقط للجمعة والجماعة.\n
\n طالب: قوله تعالى: \n {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وقوله تعالى: \n {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وحديث.\n
\n الشيخ: وهذا دليل عام.\n
\n طالب: دليل عام.\n
\n الشيخ: طيب، الخاص؟\n
\n طالب: الدليل الخاص أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض خلف أبا بكر يصلي بالناس.\n
\n الشيخ: طيب.\n
\n طالب آخر: دليل آخر من الكتاب: \n {وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، وكذلك قول ابن مسعود:\n لا يتخلف عنها إلا منافق أو مريض.\n
\n الشيخ: \n رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض \n .\n
طيب، مدافع أحد الأخبثين: الدليل؟\n
\n طالب: الدليل قوله صلى الله عليه وسلم.\n
\n طالب آخر: \n «\n لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» \n .\n
\n الشيخ: نعم، من حضره طعامٌ يشتهيه.\n
\n طالب: حاله معذور.\n
\n الشيخ: معذور، الدليل؟\n
\n الطالب: ومن يشق..\n
\n الشيخ: الدليل، ما هو التعليل.\n
\n الطالب: هذا هو.\n
\n الشيخ: لا، الدليل من الكتاب والسنة، والتعليل من العقل.\n
\n الطالب: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \n «إِذَا حَضَرَ العَشَاءُ فَابْدَؤُُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ» \n . وابن عمر رضي الله عنه هو حريص على السنة كثيرًا منا، \n وهو في ذات يوم حضر العشاء وأكل وترك الصلاة \n .\n
\n الشيخ:\n وهو يسمع قراءة الإمام. طيب، هل نحن قيدنا كلام المؤلف بقيد؟\n
\n طالب: نعم يا شيخ، قيد. \n
\n الشيخ: وهو؟\n
\n طالب: الشرط الأول: ألا يكون هذا عادة.\n
\n الشيخ: نعم.\n
\n الطالب: والثاني: إذا يتمكن تناوله عليه.\n
\n الشيخ: أحسنت، فإن لم يمكن تناوله فلا فائدة من ترك الجماعة، تمام.\n
\n طالب: وهو السائل مثلًا (...).\n
\n الشيخ: تمام. إذا خاف من ضياع ماله هل يُعذر؟\n
\n طالب: نعم، يعذر في ترك الجمعة والجماعة.\n
\n الشيخ: ما الدليل؟\n
\n الطالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \n «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» \n .\n
\n الشيخ: \n «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». صح، فيه دليل قياسي؟\n
\n طالب: إي نعم، أنه من شغل القلب، والأمر الذي يختص بنفس الصلاة أهم من الأمر الذي يختص بـ..\n
\n الشيخ: يعني إذا كان الشارع نهى عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين أو حضور الطعام فالعلة انشغال القلب، نظير هذا لما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن القضاء في حال الغضب \n قاس العلماء عليه كل ما يُشغل القلب.\n
يقول المؤلف: إن الخوف من ملازمة الغريم عذر في ترك الجماعة، ويش صورة المسألة؟ \n
\n طالب: صورة المسألة يعني إن كان هناك غريم، وكان عنده ما..\n
\n الشيخ: غريم يعني مطلوب ولَّا طالب؟\n
\n الطالب: طالب، وليس عنده مال، يعني معسر هو، لم يستطع دفع الدين، وكان هذا الغريم إذا خرج من منزله يلازمه كل يوم، فإنه يُعذر في ترك الجماعة.\n
\n الشيخ: العلة؟\n
\n الطالب: العلة: أذاه، يؤذيه.\n
\n الشيخ: التأذي به وإشغاله. إذا كان عنده ما يُوفي به، فهل يُعذر بذلك؟\n
\n طالب: لا يعذر. \n
\n الشيخ: لا يعذر؛ لأنه؟\n
\n الطالب: لأنه مستطيع. \n
\n الشيخ: يتخلص منه بوفائه، وينتهي الأمر. إذا كان الإنسان يخشى أن تفوته الرحلة في الطائرة، هل يعذر؟ \n
\n طالب: نعم، يعذر.\n
\n الشيخ: من أين أخذته من كلام المؤلف؟\n
\n الطالب: أو فوات رفقة.\n
\n الشيخ: \n (أو فوات رفقته). ألا نقول له: إذا فاتتك هذه الرحلة فالرحلة التي بعدها.\n
\n طالب: إذا كان يحتاج له ضرورة؛ يعني نقول له بالعذر، وإذا كان الأمر فيه واسع نقول له: أجلها.\n
\n الشيخ: أجِّلها.\n
\n الطالب: إلا إذا كان يعني يوجد طائرة بعد ساعتين أو ثلاث، أو ينوي أن يصلي.\n
\n الشيخ: قد يحصل له الركوب وقد لا يحصل.\n
\n طالب: شيخ، ما يلزمه أن يؤجل الرحلة. \n
\n الشيخ: لا يلزمه؛ لأنه قد يفوت مقصوده، وقد لا تأتي الرحلة المقبلة. \n

***

طالب: إذا كان يستطيع أن يزيل الرائحة من فمه مثلما يتلثم أو يضع مثلًا روائح طيبة، هل نقول: يجب عليه ذلك؟
الشيخ: إي نعم، يجب عليه؛ لأن إزالة المانع واجبة.
الطالب: يلزمه الجماعة؟
الشيخ: يلزمه الجماعة؛ لأنه هو دفع لأذاه، فإذا كان حصل ما يزيل الأذى وجبت عليه الجماعة.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، إذا هجر الجماعة أو إمام المسلمين رجل هل تسقط الصلاة عنه؛ الجماعة؟
الشيخ: ماذا تقولون؟
طلبة: ماذا السؤال؟
الشيخ: يقول: إذا هجره الناس بأمر إمام المسلمين -كما حصل لكعب بن مالك- هل يعذر بترك الجماعة؟
طالب: كعب يصلي مع الجماعة.
الشيخ: لا، يترك الجماعة، يتركها أحيانًا، كما صلى الفجر في بيت من بيوته لما جاءه البشير، على كل حال بعض العلماء يقول: إذا كان يتأذى بذلك فله أن يتخلف، أما إذا كان لا يتأذى -لأن بعض الناس ما يهمه هجره الناس أم لم يهجروه- فإنه لا يجوز أن يتخلف.
طالب: شيخ، إذا وجد الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر واحد رجل في السوق، وقال: والجماعة (...) وأنت في السوق من أجل أيش؟ وهو يقول: عندي نعلين نخاف أن يضيع في المسجد؛ لأن النعول هناك كثيرة، وبعض (...)؟
الشيخ: النعول يأخذها ويحطها تحت قدميه ويصلي.
الطالب: يعني: ما هو حق في المسجد؟
الشيخ: لا، فيه.
الطالب: إذن (...).
الشيخ: لا، يصلي (...) ولا يحطهم تحت قدميه عنده (...).

***

***

***

***

***

الصورة الأخيرة نستفيد منها: أنه يركع ركوعًا تامًّا، فيحافظ على ركن، بخلاف ما إذا جلس فإنه سوف يومئ بالركوع فلا يستطيعه، فتترجح من هذه الناحية، وتترجح أيضًا من ناحية القياس على صلاة النافلة، إلا أن القياس ذكرنا فيما سبق أنه قياس مع الفارق؛ وذلك لأن صلاة النافلة لا يجب فيها القيام أصلًا، فتختلف، وإن كان قد يقول القائل: نعم هي لا يشترط فيها القيام، لكن القيام فيها أفضل، فعلى كل حال لم تتبين لي بيانًا واضحًا، كل واحدة من الصورتين لها ما يرجحها.
طالب: تكبيرة الإحرام يا شيخ؟
الشيخ: نعم؟
الطالب: ما ترجح (...)؟
الشيخ: تكبيرة الإحرام قد ترجح أنه سيبتدئ قائمًا ثم إذا عجز جلس.
الطالب: (...)؟
الشيخ: على كل حال أنتم الآن.
الطالب: ما تميل إلى شيء؟
الشيخ: إلى الآن، أستخير الله سبحانه وتعالى، أنتم إن شاء الله تعالى تبحثونها، نعم.
طالب: شيخ، بالنسبة لقيام الليل، الذي استدللنا به من النبي صلى الله عليه وسلم (...) قيام الليل في حق النبي صلى الله عليه وسلم فرض أو واجب؟
الشيخ: لا، ما هو بصحيح، هذا فيه خلاف، والصحيح أنه ليس بواجب.
طالب: ما يعرف منها عبارة المصنف: (فإن قدر أو عجز في أثنائها ينتقل إلى الآخر)، يعني يقوم إذا عجز انتقل إلى الجلوس، يفهم من عبارته.
الشيخ: إي، لكن في الأول ليس بعاجز، يعني أنت تقول: إنه يبتدئ قائمًا؛ لأنه قادر، فإذا عجز؟
الطالب: ينتقل إلى الجلوس.
الشيخ: ينتقل إلى الجلوس، ما هي بواضحة ذاك الوضوح، ولا هذه ربما أنها تشير إلى ما قلت، يقول: هو الآن قادر على القيام فيلزمه أن يقوم، فإذا عجز انتقل إلى القعود.
الطالب: والحديث يا شيخ، حديث رواه ابن حصين: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ» ، ما ترجح القيام يا شيخ؟
الشيخ: نعم، على كل حال إن شاء الله المسألة قيد البحث، كل واحد منها له مرجح، عسى أن تكونوا فرقتين؛ فرقة ترجح هذا وفرقة ترجح هذا، وكل واحد منكم يجيب دليل وتعليل.

***

\n قال المؤلف رحمه الله تعالى:\n (ولمريض الصلاة مستلقيًا مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب مسلم).
\n (ولمريض الصلاة) اللام هنا للإباحة، واعلم أن العلماء قد يعبرون عن الشيء بصورة المباح دفعًا للمنع، لا بيانًا للحكم، يعني له، أي لا يمتنع عليه، وحينئذٍ لا ينافي أن يكون ذلك أمرًا مطلوبًا، أو أمرًا واجبًا، مرة ثانية قد يعبرون بما يدل على الإباحة، وهو يريدون أيش؟ \n
\n طالب: (...).\n
\n الشيخ: دفع المنع، لا، يريدون دفع المنع يعني أن ذلك لا يمتنع، وحينئذٍ لا ينافي أن يكون هذا الشيء مطلوبًا، إما على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاستحباب. \n
ولهذا أمثلة كثيرة تمر علينا: \n
منها: قولهم في كتاب الحج: ولمن أحرم مفردًا أن يجعل إحرامه عمرة ليكون متمتعًا، يعني: له أن يفسخ نية الحج إلى العمرة؛ ليكون متمتعًا، فاهمين هذه؟ رجل راح مكة في أيام الحج وأحرم بالحج مفردًا؛ نقول: لك أن تفسخ النية إلى عمرة؛ من أجل أن تكون متمتعًا فتأتي بالعمرة، ثم تحل منها، وإذا كان في اليوم الثامن من ذي الحجة تحرم بالحج.\n
المهم أنهم عبروا باللام (وله) ومرادهم بذلك دفع قول من يقول: إن هذا لا يجوز؛ لأن بعض العلماء رحمهم الله يقول: لا يجوز لمن أحرم بالحج أن يحوله إلى عمرة، ولو للتمتع، عرفتم؟ \n
ومع هذا فالذين عبروا بقولهم: (له) يريدون أنه مستحب، يريدون أنه مستحب، بل بعضهم يرى أنه واجب، أن من أحرم بحج وليس معه هدي فإنه يجب أن يحوله إلى عمرة ليصير متمتعًا.\n
هنا يقول: \n (ولمريض الصلاة) اللام للإباحة، فهل المراد أن المريض يباح له أن يصلي مستلقيًا إذا قال له طبيب مسلم: إن صلاتك على غير هذا الوجه يضر بك؟ أو نقول: إن هذا نفي للمنع، يعني: لا يمتنع، وحينئذٍ فيكون هذا المريض مأمورًا بأن يصلي مستلقيًا، إما على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب، المراد الأول ولّا الثاني؟ \n
\n طلبة: الثاني.\n
\n الشيخ: المراد الثاني.\n
\n (ولمريض الصلاة مستلقيًا) حال؛ يعني مستلقيًا على ظهره. \n
\n (مع القدرة على القيام) يعني هو قادر أن يقوم لكن قال له الطبيب: لا بد أن تكون مستلقيًا ولا تقوم، وهو قادر، وهذا يتأتى فيما لو كان المرض في عينه فأجريت له عملية، وقال له الطبيب: إنه لا بد أن تكون مستلقيًا لمدة كذا وكذا من يوم، وحينئذٍ نقول إيش؟ صلِّ مستلقيًا ولو كنت قادرًا على القيام، وذلك لأمر الطبيب.\n
لكن اشترط المؤلف \n (لمداواة بقول طبيب مسلم) اشترط أن يكون الطبيب مسلمًا.\n
الطبيب هو: من يعالج المرضى، والمسلم ضد الكافر، فلا بد أن يكون طبيبًا، أي: حاذقًا، عنده معرفة، ولا بد أن يكون مسلمًا، فوصف الإسلام يعود إلى الأمانة، ووصف الطب يعود إلى القوة، وهما الركنان في كل عمل، كل عمل لا بد فيه من أمرين: القوة والأمانة، قال الله تعالى: \n {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: ٢٦]، قالته إحدى بنات صاحب مدين، وقال عفريت من الجن: \n {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: ٣٩]؛ لأن الضعيف لا يقوم بالعمل لضعفه، والخائن لا يقوم بالعمل لخيانته، فلا بد في كل عمل من هذين الركنين. \n
من أين نأخذ هذين الركنين من عبارة المؤلف؟ القوة: من قوله: \n (طبيب) والأمانة: من قوله: \n (مسلم).\n
وعُلم من كلام المؤلف أنه لو أمره بذلك غير طبيب، يعني: إنسان عادي من الناس: والله أظن أنك إذا قمت تصلي قائمًا فإن ذلك يضرك، فهل يرجع لقوله؟ لا. \n
ولكن هذا ليس على إطلاقه؛ لأنه إذا علم بالتجربة أن مثل هذا المرض يضر المريض إذا صلى قائمًا، فإذا علم بالتجربة فإنه يعمل بقول شخص مجرب؛ لأن أصل الطب مأخوذ إما عن طريق الوحي، وإما عن طريق التجربة، إما عن طريق الوحي مثل قوله تعالى في النحل: \n {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩] ومثل قول النبي عليه الصلاة والسلام: \n «الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» \n ، الحبة السوداء: السميراء هذه، تسمى عندنا السميراء \n «شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» يعني: إلا الموت، هذا أخذنا أنها دواء من الشرع، والعسل أخذنا أنه دواء من الشرع، لكن فيه أشياء كثير من الأدوية معلومة بالتجارب، فإذا قال إنسان مجرب، وإن لم يكن طبيبًا: إن صلاتك قائمًا ضرر عليك، فله أن يصلي مستلقيًا أو قاعدًا. \n
فـ(مسلم) يشترط الإسلام؛ لماذا؟ لأن هذه عبادة يشترط فيها الإسلام، أم لأن هذه أمانة، وغير المسلم ليس بأمين؟ \n
\n طلبة: الثاني.\n
\n الشيخ: الثاني؛ لأن مسائل الطب ما هي عبادة؛ ولهذا نجد من الأطباء من هم كفار، فليست عبادة، ولكن لأن غير المسلم لا يؤتمن، فقد يقول الطبيب النصراني للمسلم: إنك إذا صليت قائمًا فعليك ضرر من أجل ألا يصلي قائمًا، وإن فعل هذا -أعني النصراني- فهو من جهله؛ لأن دين الإسلام -ولله الحمد- فيه سعة، إذا لم يستطع قائمًا صلى قاعدًا وله أجر القائم، واضح يا جماعة؟\n
وذهب بعض أهل العلم إلى اشتراط الثقة فقط دون الإسلام، وقال: متى كان الطبيب ثقة عمل بقوله، وإن لم يكن مسلمًا، واستدلوا لذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل بقول الكافر حال ائتمانه؛ لأنه وثق به، فقد استأجر في الهجرة رجلا مشركًا من بني الديل \n يقال له: عبد الله بن أُرَيْقِط، استأجره ليدله على الطريق من مكة إلى المدينة، مع أن الحال خطرة جدًّا أن يعتمد فيها على كافر، لماذا؟ لأن قريشًا كانوا يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، حتى جعلوا لمن جاء بهما مئتي بعير، فالحال تقتضي الخطورة، ولكن لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا رجل أمين وإن كان كافرًا ائتمنه ليدله على الطريق.\n
فأخذ العلماء القائلون بأن المدار في هذه المسألة على الثقة، أخذوا من ذلك أنه يقبل قول الطبيب الكافر إذا كان ثقة، ونحن نعلم أن من الأطباء الكفار من يحافظون على صناعتهم أكثر مما يحافظ بعض المسلمين، أليس كذلك؟ نعم يوجد من الكفار من يحافظ على صناعته وعلى مهنته أكثر مما يحافظ المسلم، لا تقربًا إلى الله عز وجل أو رجاء لثوابه، ولكن حفاظًا على سمعتهم وعلى شرفهم.\n
فإذا تكلم قال طبيب غير مسلم ممن يوثق بقوله: إنه يضرك أن تصلي قائمًا ولا بد أن تصلي مستلقيًا فله أيش؟ أن يعمل بقوله، وعرفتم الدليل والتعليل أيضًا.\n
ومن ذلك أيضًا: لو قال له الطبيب الثقة: إن الصوم يضرك أو يؤخر البرء عنك، فله أن يفطر بقوله، إذا قال: إنه يضرك أو يؤخر البرء كما نصوا عليه.\n
إذن يمكن أن يلغز بهذه المسألة فيقال: رجل قادر على القيام صح أن يصلي مستلقيًا، صح؟ \n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: ماذا نقول؟ نقول: هذا رجل مريض قادر على القيام، قال له الطبيب: إن القيام يضرك، ولا بد أن تبقى مستلقيًا لمدة معينة، فهذا له أن يصلي مستلقيًا.\n
\n طالب: والراجح قول المصنف أم قول (...)؟\n
\n الشيخ: الراجح القول الثاني في المسألة، وأن المدار كله على الثقة.\n
قال: \n (ولا تصح صلاته قاعدًا في السفينة وهو قادر على القيام).\n
\n (لا تصح صلاته) أي الفريضة؛ لأن النافلة تصح قاعدًا مع القدرة على القيام، لكن الفريضة. \n
\n (في السفينة) وهو قادر على القيام؛ وذلك لأن السفينة ليست كالراحلة، السفينة يمكن الإنسان أن يصلي فيها قائمًا ويركع ويسجد لاتساع المكان، فإذا كان يمكنه وجب عليه.\n
إذا كان لا يمكنه إما لكون الرياح عاصفة والسفينة غير مستقرة فإنه يصلي جالسًا، وكذلك لو كان سقف السفينة قصيرًا فإنه يصلي جالسًا، ولكن سبق لنا أنه إذا أمكن أن يقف ولو كراكع وجب عليه.\n
وقوله: \n (وهو قادر على القيام) يفهم منها أنه إن كان عاجزًا فله أن يصلي قاعدًا لأنه عاجز.\n
أما الراحلة فقال: \n (يصح الفرض على الراحلة خشية التأذي). \n
\n (يصح الفرض على الراحلة) يعني: من بعير أو حمار أو فرس أو نحو ذلك خشية التأذي بأي شيء، أطلق المؤلف، التأذي بأي شيء سواء بوحل أو مطر أو حر شديد أو غير ذلك، المهم أنه يتأذى لو صلى بالأرض ولا يستقر في صلاته فله أن يصلي على الراحلة، ولكن اشترط المؤلف أن يكون فرضًا، أما النفل فلا يصح.\n
\n الطلبة: (...). \n
\n الشيخ: أما النفل فجائز، سواء خشي التأذي أم لم يخشه، النفل جائز على الراحلة سواء خشي التأذي أم لا؟ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه \n كان يصلي النافلة على راحلته حيثما توجهت به \n .\n
وقوله: \n (يصح الفرض على الراحلة خشية التأذي) لم يذكر المؤلف شيئًا عن استقبال القبلة، وعن الركوع، وعن السجود، فنقول: يجب أن يستقبل القبلة في جميع الصلاة؛ لأن التأذي بالنزول لا يمنع استقبال القبلة؛ إذ يمكنه أن يتوقف في السير ويوجه الراحلة إلى القبلة ويصلي، واضح؟ الركوع والسجود يومئ.\n
\n طالب: إن استطاع.\n
\n الشيخ: إي نعم الظاهر أنه لا يستطيع القيام؟\n
\n الطالب: (...). \n
\n الشيخ: من باب أولى، هذا على الرواحل التي يعرفها العلماء رحمهم الله، وهي: الإبل والحمير والخيل والبغال وشبهها، لكن الراحلة اليوم تختلف، الراحلة اليوم سيارات، وبعض السيارات كالسفن، يستطيع الإنسان أن يصلي فيها قائمًا راكعًا ساجدًا متجهًا إلى القبلة، فهل نقول: إنه لا يصلي على هذه الرواحل إلا بشرط التأذي بالنزول؟ أو نقول: إذا أمكنه أن يأتي بالواجب فله أن يصلي؟ الأول ولَّا الثاني؟ \n
\n طلبة: الثاني.\n
\n الشيخ: الثاني، نقول: لو كانت سيارة كبيرة أتوبيس كبيرة، وفيها مكان واسع للصلاة، والإنسان يستطيع أن يصلي قائمًا راكعًا ساجدًا مستقبل القبلة، فلا حرج عليه أن يصلي. \n
طيب هذا في السيارات واضح؛ لأنها كالسفينة تمامًا، في الطائرات ماذا يصنع؟ نقول: صل بالأرض ولا بد، نعم؟ ليش ما يصير؟ \n
\n طالب: ما يمكن.\n
\n الشيخ: ما يمكن\n
\n طالب: كالسفينة يا شيخ. \n
\n الشيخ: على الأرض؟\n
\n الطالب: إي نعم.\n
\n الشيخ: الأرض، الأرض: الثرى، يبغي ينزل ببراشوت؟ ما يمكن، إلَّا إذا وصلت إلى المطار، وحينئذٍ نقول: إذا كان يمكن أن تصل الطائرة إلى المطار قبل خروج الوقت فإنه ينتظر حتى يقع هابطًا في الأرض، فإن كان لا يمكن أن تصل إلى المطار قبل خروج الوقت نظرت إن كانت هذه الصلاة مما تجمع إلى ما بعدها كالظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء، انتظر أيضًا حتى يهبط على الأرض فيصليها جمع تأخير، وإذا كان لا يمكن صلى على الطائرة.\n
ولكن إذا قدرنا أن الطائرة فيها مكان متسع يتسع للإنسان ليصلي قائمًا راكعًا ساجدًا مستقبل القبلة، فهل يجوز أن يصلي الصلاة قبل أن يهبط إلى المطار؟ يجوز؟\n
\n طالب: إذا خشي فوات الوقت.\n
\n الشيخ: لا، ما خشي فوات الوقت، معه سعة.\n
\n طلبة: لا يا شيخ لا يجوز.\n
\n الشيخ: أنتم تصورتم الموضوع؟\n
\n الطلبة: إي نعم.\n
\n الشيخ: طائرة فيها متسع يصلي بها الإنسان قائمًا راكعًا ساجدًا متوجهًا إلى القبلة؟\n
\n الطلبة: يجوز.\n
\n الشيخ: يجوز، وظن بعض الناس أن ذلك لا يجوز، قالوا: لأن الفقهاء قالوا: لا تصح الصلاة على الأرجوحة؛ تعرفون الأرجوحة؟\n
\n الطلبة: المرجيحة.\n
\n الشيخ: المرجيحة، فقال بعضهم: لا تصح الصلاة على الأرجوحة؛ لأنها غير مستقرة، والدليل أنها غير مستقرة أنك لو تسجد رجحت من جانبك، وإذا قمت اعتدلت من الجانب الآخر، فهي غير مستقرة، قالوا: فالطائرة مثلها، فلا تصح الصلاة عليها، ولو تمكن الإنسان من الركوع والسجود والقيام والقعود واستقبال القبلة، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الفرق بين الأرجوحة والطائرة ظاهر جدًّا؛ الطائرة مستقرة تمامًا، الإنسان يأكل فيها ويشرب، وينام ولا يتحرك، الماء تجده لا يتحرك، إذا لم يكن هناك عواصف فهي مستقرة تمامًا.\n
ولهذا نرى أن الصلاة على الطائرة إذا تمكن الإنسان من فعل ما يجب فهي صحيحة مطلقًا، ولو كان ذلك مع سعة الوقت، ولكن يجب أن يفعل الواجبات: الاستقبال، الركوع، والسجود، والقيام، والقعود، تمام؟\n
إذن الرواحل كم صارت أقسامها؟\n
\n الطلبة: ثلاثة.\n
\n الشيخ: ما هي؟ سيارات، حيوان، طائرات، سفن، أربعة.\n
\n طالب: الأرجوحة.\n
\n الشيخ: لا، الأرجوحة ما هي براحلة يا شيخ، الأرجوحة ما هي تمشي.\n
الإبل وما ألحق بها: هذه لا يمكن أن يأتي الإنسان فيها بالواجب، ولهذا لا تصح الصلاة عليها إلا خشية التأذي بالنزول في الأرض، ويشترط أن يكون الإنسان مستقبل القبلة، يوقف الراحلة ويتجه للقبلة.\n
السفن يصلي فيها قائمًا، ويركع ويسجد ويتجه إلى القبلة، إلا إذا عجز عن القيام يصلي قاعدًا، الطائرات مثل السفن، إذا كان يمكنه أن يصلي قائمًا وجب أن يصليها قائمًا ويركع ويسجد إلى القبلة، وإذا لم يمكنه فإننا ننظر إذا كان يمكن أن يصل أو أن يهبط في المطار قبل خروج الوقت ولو في الثانية لما يجمع إليها ما قبلها فإنه ينتظر حتى يهبط، إذا كان لا يمكن -مثل مسافات طويلة- فيصلي على حسب حاله، أما إذا كان فيها مكان متسع للركوع والسجود والقيام والقعود واستقبال القبلة فإنه يصلي متى شاء.\n
السيارات؟ مثل الطائرات، لكن الغالب أن السيارات ما يمكن، الغالب إما صغار وأما نقل جماعي كله كراسي ما يمكن، لكن إذا أمكن فهو كغيره.\n
قال المؤلف: \n (ويصح الفرض على الراحلة خشية التأذي) واستدل في الشرح بقول يعلى بن أميه: \n انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مضيق هو وأصحابه، وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم -يعني: إيماء- يجعل السجود أخفض من الركوع. رواه أحمد والترمذي \n وقال: العمل عليه عند أهل العلم.\n
في هذا الحديث أنهم يصلون جماعة، وعلى هذا فيتقدم الإمام عليهم حتى في الرواحل؛ لأن هذا هو السنة في موقف الإمام. \n

***

\n قال المؤلف رحمه الله تعالى: \n (فصل: من سافر سفرًا) إلى آخره، نحن ذكرنا أن الأعذار التي عقد لها المؤلف بابًا للصلاة فيها ثلاثة: السفر، والثاني؟\n
\n الطلبة: المرض. \n
\n الشيخ: والثالث؟ \n
\n الطلبة: الخوف.\n
\n الشيخ: الخوف، بدأ المؤلف رحمه الله بالسفر بعد أن تكلم عن المرض، بدأ بالسفر فقال: \n (من سافر سفرًا مباحًا أربعة برد) إلى آخره.\n
قال: \n (من سافر) (من) هذه اسم شرط، والمعروف أن أسماء الشرط تفيد العموم، فيشمل كل من سافر من ذكر أو أنثى، أو حر أو عبد، أو صغير أو كبير.\n
وقوله: \n (سافر سفرًا مباحًا) السفر: مفارقة محل الإقامة، وسمي بذلك لأن الإنسان يسفر بذلك عن نفسه، فبدلًا من أن يكون مكنونًا في بيته أصبح ظاهرًا بينًا بارزًا، ومنه قوله تعالى: \n {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: ٣٤] أي: تبين وظهر.\n
ولهذا نقول: إن السفر هو مفارقة محل الإقامة، وقال بعض العلماء: إنما سمي السفر سفرًا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يوضحها ويبينها، فإن كثيرًا من الناس لا تعرف أخلاقه ولا تعرف حسن سيرته إلا إذا سافرت معه، وكان بعض القضاة من السلف إذا شهد شخص لآخر بتزكية قال له: هل سافرت معه؟ قال: لا، هل عاملته؟ قال: لا، قال: إذن لا تعرفه.\n
فالسفر لا شك أنه يبين أخلاق الرجال، وكم من إنسان في البلد تراه كل يوم وتشاهده كل يوم ولا تعرف عن أخلاقه شيئًا، فإذا سافرت معه تبينت لك أخلاقه، لا سيما فيما سبق من الزمان حيث كانت الأسفار تستوعب أيامًا كثيرة، أما سفرنا اليوم فإنه لا يبين عن أخلاق الرجال؛ لأن السفر مثلًا من الرياض إلى القصيم خمس وثلاثون دقيقة لا يبين كثيرًا، لكن الأسفار الطويلة هي التي تبين الرجال.\n
على كل حال، السفر في اللغة: مفارقة محل الإقامة، هكذا قال ابن حزم في \n المحلى، وهذا هو الظاهر؛ لأنه من أسفر أي بان، والإنسان إذا فارق محل إقامته ظهر وانكشف وبان.\n
وقول المؤلف: \n (سفرًا مباحًا) المراد بالمباح هنا: ما ليس بحرام ولا مكروه، فيشمل الواجب والمستحب والمباح إباحة مطلقة؛ لأن الأسفار تنقسم إلى خمسة أقسام: حرام، ومكروه، ومباح، ومستحب، وواجب.\n
فالسفر لفريضة الحج: واجب، والسفر للمرة الثانية في الحج: مستحب، والسفر للنزهة: مباح، والسفر وحده: مكروه، والسفر لفعل محرم: حرام، ومنه سفر المرأة بلا محرم.\n
ما مراد المؤلف بكلمة \n (مباح) هنا؟ مراده ما ليس أيش؟ ما ليس بحرام ولا مكروه، فيشمل المباح المطلق والواجب والمستحب.\n
وقال: \n (أربعة برد) برد: جمع بريد، والبريد نصف يوم، وسمي بريدًا لأنهم فيما سبق كانوا إذا أرادوا في المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، يرتبون بين كل نصف يوم مستقرًّا ومستراحًا يكون فيه خيل، إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن الفرس لتستريح، وركب فرسًا آخر إلى مسيرة نصف يوم، فيجد بعد مسيرة نصف يوم مستراحًا آخر فيه خيل ينزل عن الفرس التي كان راكبها ثم يركب آخر، وهكذا؛ لأن هذا أسرع، وفي الرجوع بالعكس.\n
فالبريد عندهم مسيرة نصف يوم، فتكون أربعة البرد يومين.\n
البريد: قدروه بالمساحة الأرضية أربعة فراسخ، البريد أربعة فراسخ، فتكون أربعة البرد ستة عشر فرسخًا، والفرسخ قدروه بثلاثة أميال، فتكون كم؟\n
\n طلبة: ثمانية وأربعين.\n
\n الشيخ: ثلاثة في ستة عشر؟ ثلاثة في ستة عشر.\n
\n الطلبة: ثمانية وأربعين.\n
\n الشيخ: ثمانية وأربعين؟ ثمانية وأربعين ميلًا، هذا هو مسافة القصر، فهو مقدر بالمساحة.\n
بالزمن قالوا: إن مسيرته يومان قاصدان بسير الإبل المحملة، ما هي الهملاجة السريعة. يومان قاصدان: يعني معتدلين، بمعنى أن الإنسان لا يسير فيهما ليلًا ونهارًا سيرًا بحتًا، ولا يكون كثير النزول والإقامة، فهما يومان قاصدان.\n
على كل حال، الفقهاء رحمهم الله يقدرون ذلك بالمساحة كما قلت لكم، ثمانية وأربعين ميلًا.\n
\n طالب: الميل المعروف.\n
\n الشيخ: أي الميل المعروف، أظنه كيلو وستين تقريبًا، نعم كيلو وستين، ظاهر الأحوال هذا.\n
يقول المؤلف: \n (سن له قصر رباعية ركعتين)، (سن) هذه جواب الشرط، جواب من سافر.\n
والسنة في اصطلاح العلماء: ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه، فلا يدخل فيها الواجب.\n
وقوله: \n (قصر رباعية) هي ثلاث صلوات: الظهر والعصر والعشاء.\n
أما الثلاثية فلا تقصر؛ لأنها لو قصرت لفات المقصود منها وهي الوترية، ولأنها لا يمكن أن تقصر على سبيل النصف؛ إذ ليس هناك صلاة تكون ركعة ونصفًا.\n
وأما الثنائية فلا تقصر أيضًا؛ لأنها لو قصرت لكان في ذلك إجحاف كبير؛ إذ تبقى ركعة واحدة، ثم لو قصرت لكانت وترًا ففات المقصود، فانحصر القصر بالرباعيات فقط.\n
وهذا التعليل الذي قلته إنما هو بيان لوجه الحكمة، وإلا فالأصل هو اتباع النص؛ لأن ركعات الصلاة من الأمور التي لا تعقل، أي: لا تبلغها العقول، ولكننا نقول هذا من باب ذكر المناسبة، لماذا لم يشرع القصر إلا في الرباعيات.\n
أفادنا المؤلف بقوله رحمه الله: \n (من سافر) أنه لا يمكن قصر بدون سفر، حتى لو كان الإنسان في أشد المرض فإنه لا يقصر، عرفتم؟ لأنه ليس هناك سبب للقصر سوى السفر.\n
المرض، الشغل، والتعب لا يمكن أن يكون سببًا للقصر، ولهذا لو أن أحدكم زار مريضًا وسأله عن حاله وصلاته وهو في بلده فقال: الحمد لله على كل حال، لي خمسة عشر يومًا ما أصلي إلا ركعتين من شدة المرض، ماذا تقول له؟ أقول: أعد صلاتك، لماذا؟ لأنه لا سبب للقصر سوى السفر، أما لو كان يعالج في بلد أخرى غير بلده وقال مثل هذا الكلام فهل تكون صلاته صحيحة؟\n
\n طلبة: نعم.\n
\n الشيخ: نعم؛ لأنه مسافر.\n
زار أحدكم مريضًا فسأله عن حاله وصلاته، قال الحمد لله على كل حال، لي خمسة عشر يومًا أجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، صحيح؟\n
\n الطلبة: نعم صحيح.\n
\n الشيخ: ليش؟ لأن الجمع يجوز للمرض، فالجمع يجوز للمشقة، أينما وجدت المشقة في سفر أو حضر جاز الجمع بخلاف القصر.\n
زار أحدكم مريضًا ثالثًا فقال له: كيف أنت وكيف حالك وكيف صلاتك؟ قال: الحمد لله على كل حال، لست أصلي الصلوات الخمس إلا جميعًا عند النوم؛ لأن ذلك يتعبني، ماذا نقول له؟\n
\n طلبة: أعد بعضها.\n
\n الشيخ: لا، نقول: تب فقط، كيف يعيد صلاته الآن، لو أعاد صلاته ما استفاد؛ لأنه يصلي الصلاة كاملة لكنه يؤخر الظهر والعصر عن وقتهما، أليس كذلك؟ وإذا كان يصلي العشاء أيضًا بعد نصف الليل فكان ترك الصلوات كلها أخرجها عن وقتها.\n
\n طالب: الفجر؟\n
\n الشيخ: نعم؟ الفجر لا، أنا قصد، يقول: قبل النوم، الفجر دخلها معه، يصلي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا أراد أن ينام لأنه مريض، نقول: هذا خطأ، ولا يحل لك أن تؤخر الصلاة عن وقتها، صل الصلاة على وقتها على أي حال كانت، واضح؟ \n
أفادنا المؤلف: \n (من سافر) أنه لا سبب يبيح القصر سوى السفر.\n
وقول المؤلف:\n (سفرًا مباحًا) خرج به المحرم والمكروه، وعلى هذا فلو سافر الإنسان سفرًا محرمًا لم يبح له القصر، لماذا؟ لأن المسافر سفر معصية لا ينبغي له أن يترخص؛ إذ إن الرخصة تسهيل وتيسير على المكلف، والمسافر سفرًا محرمًا لا يستحق أن يسهل عليه ويرخص له، فلهذا منع من رخص السفر، منع من القصر، منع من مسح الخفين ثلاثة أيام، منع من الفطر في رمضان.\n
ولكن العلاج سهل، ماذا نقول له؟ نقول: تب إلى الله، تب إلى الله واقصر، فإذا كان في منتصف الطريق في السفر المحرم وقال: أستغفر الله وأتوب إليه، رجعت الآن إلى بلدي، في رجوعه هنا يقصر أو لا؟\n
\n الطلبة: يقصر.\n
\n الشيخ: ليش؟\n
\n الطلبة: سفر مباح.\n
\n الشيخ: سفر مباح، انقلب السفر المحرم مباحًا، طيب.\n
وذهب الإمام أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه لا تشترط الإباحة لجواز القصر، وأن الإنسان يجوز أن يقصر حتى في السفر المحرم، وقالوا: إن هذا ليس برخصة، بل إن صلاة الركعتين في السفر ليست تحويلًا من الأربع إلى الركعتين، بل هي من الأصل ركعتان، والرخصة هي التحويل من العزيمة أو من الأثقل إلى الأخف، أما صلاة المسافر فهي مفروضة من أول الأمر ركعتين، وعلى هذا فيجوز للمسافر سفرًا محرمًا أن يصلي ركعتين، ولا يشترط على هذا الرأي لا تشترط إباحة السفر.\n
وهذا القول كما ترون قول قوي؛ لأن تعليله ظاهر، فالقصر منوط بالسفر، على أن الركعتين هما أيش؟ هما الفرض فيه، لا على أن الصلاة حولت من أربع إلى ركعتين، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها، قالت: \n أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر على ركعتين \n .\n
وحينئذٍ يتبين أن الركعتين في السفر أيش؟ عزيمة، لا رخصة، وعليه فلا فرق بين السفر المحرم والسفر المباح.\n
وقول المؤلف، ما نكمل؟\n
\n طالب: الخوف.
الشيخ: لا، الخوف في الحضر؟
الطالب: في الجهاد.
الشيخ: في الحضر يعني؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يعني الجهاد في بلدك؟ لا، ما فيه قصر.
الطالب: عموم الآية.
الشيخ: ما فيه قصر، الآية يصلي ركعتين ويصلي في الطائفة الأخرى ركعتين.\n
\n طالب: نلتمس مثالًا للسفر المكروه.
الشيخ: ما ذكرناه؟
الطالب: ذكرنا ضابطًا، بس مثال.
الشيخ: ذكرنا مثالًا.
الطالب: مثال للسفر؟
الشيخ: قلنا: لو سافر الرجل وحده، على القول بأنه مكروه، فهذا منه، وبعضهم قال: لو سافر ليأكل البصل، ما أظن واحدًا يسافر علشان يأكل بصلًا، البصل موجود بكل مكان. نعم.\n
\n طالب: سفر النزهة يا شيخ؟ النزهة هل يجوز فيه القصر؟
الشيخ: إي نعم؛ لأنه داخل العموم.
الطالب: (...) سافر، فقط نزهة.
الشيخ: إي لكن تجاوز أربعة برد.
الطالب: على قول المذهب؟
الشيخ: إي إحنا بنمشي على المذهب، بعدما نحلل نشوف. نعم.
\n طالب: شيخ، جاء عند أبي داود وغيره وصححه جمع من العلماء: النهي عن صلاة النساء على الرواحل في السفر وفي الحضر .
الشيخ: على الرواحل؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: في فريضة ولا النافلة؟
الطالب: فريضة ولا النافلة.
الشيخ: النافلة لا وجه لها، والفريضة حتى الرجال منهيون عن الصلاة على الراحلة.
الطالب: كيف نوجه هذا الحديث؟
الشيخ: ما أدري ما وجهه. نعم.\n
\n طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بالنسبة لقاعدة شيخ الإسلام عندما قال: الرخصة من الأثقل إلى الأخف، فعلى هذه القاعدة هل يعني الذي ليس عليه مشقة نقول له: لا تجمع في الصلاة؟
الشيخ: لا؛ لأن العلة إذا لم تكن منصوصة فالحكم ثابت، والنبي عليه الصلاة والسلام كما تعلم قصر في منى، وفي مزدلفة، في عرفة، وليس عليه مشقة.\n
\n طالب: يا شيخ، جزاك الله خيرًا، طيب لو مسافر صلى أربع ركعات، أتم، هل يقول شيخ الإسلام: إنها تبطل الصلاة هذه لأنها عزيمة؟\n
\n الشيخ: ما وصلنا لهذه.\n
\n الطالب: بس ذكر.\n
\n الشيخ: سن له، ما وصلنا، إحنا سن، بنتكلم على (سن) إن شاء الله.\n
\n الطالب: بس تعليل شيخ الإسلام.\n
\n طالب آخر: لماذا قلنا للذي قعد خمسة عشر يومًا يجمع: أعد صلاتك، ولا قلنا للثاني: لا تعد صلاتك؟
الشيخ: إي نعم، السؤال: يسأل في الذين عادوا المرضى، أحد المرضى قال: إني خمسة عشر يومًا لست أصلي إلا ركعتين، فقلنا: أعد صلاتك، واضح؟ لأن الصلاة ركعتين ما تجزئ، الذي قال لي: خمسة عشر يومًا ما أصلي الصلوات الخمس إلا عند النوم، قلنا: لا تعد صلاتك، لماذا؟
طالب: في غير وقتها.
الشيخ: إي في غير وقتها، نقول: أنت آثم الآن، أنت آثم في تأخيرك ولكن الصلاة صحيحة.
طالب: أخرج الصلاة عن وقتها يا شيخ؟
الشيخ: لكن جاهل ما يدري.\n
\n طالب: حديث عائشة رضي الله عنها (...) في صحيح البخاري كيف توجيهه: أول ما صلى الصلاة ركعتين ثم..\n
\n الشيخ: يأتينا إن شاء الله عند قول المؤلف:\n (سن له قصر رباعية) نعم؟\n
\n طالب: بارك الله فيكم، تحديد المسافة بأربعة برد، شنو دليله؟\n
\n الشيخ: يأتينا إن شاء الله، إحنا الآن على سفر مباح، نعم؟\n
\n طالب: نحن أخذنا قاعدة، قال: إنه إذا كانت العبادة من باب المأمور فإنها لا تسقط حتى لو صلاها الشخص على غير أصلها، فالمريض مثلًا إذا صلى الصلوات كلها مثلًا بعد العشاء مثلًا (...) غيره.
الشيخ: نعم، جاهلًا.
الطالب: لكن من باب المأمور يا شيخ.
الشيخ: أقول: جاهلا ولَّا لا؟
الطالب: جهل نعم.
الشيخ: طيب، الآن ماذا يستفيده، هو صلى الصلاة على وجه التمام، فماذا يستفيد لو أعادها؟ هل سيأتي بمأمور جديد؟
طالب: يعيدها في وقتها.
الشيخ: راح وقته الآن.
الطالب: العصر بالعصر.
الشيخ: لا، عصر اليوم ليس عصرًا لصلاة أمس، ولهذا نقول لمن نسي العصر مثلًا: لا تصبر إلى عصر الغد، يجب تصليها الآن، مثلما ذكرت، ولو بنصف الليل؛ لأنه راح وقتها، إي نعم. نعم.
\n طالب: أحسن الله إليك، بالنسبة للطبيب هل يشترط العدد أكثر من واحد؟
الشيخ: لا ما هو بشرط، الطبيب الواحد يكفي، نعم.\n
\n طالب: على رأي المؤلف يا شيخ اللي سافر وحده ما يقصر؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: صحيح هذا يا شيخ؟
الشيخ: ولكن لاحظوا مسألة، ما ذكرنا الخلاف تو؟ ذكرنا الذي يسافر سفرًا محرمًا فيه خلاف، وذكرنا اختيار شيخ الإسلام ومذهب أبي حنيفة.
السفر وحده: بالنسبة للوقت الحاضر لا يعتبر وحده في الطريق المأهول، يعني مثلًا طريق ما بين القصيم والرياض لو سافر الإنسان في السيارة وحده ما نقول: هذا السفر وحده، عرفت؟ لماذا؟ لأن الخط معمور، كأنما يمشي في شارع البلد، هو راكب وحده ولكنه ليس مسافرًا وحده، الخط ماشي، أما الخطوط التي ليس فيها أحد فهذه يكون الإنسان مسافرًا وحده، وعلى أن المسألة خلافية، والبخاري رحمه الله في صحيحه يميل إلى أنه لا يكره السفر وحده ويشير إلى ضعف الحديث: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» .\n
\n طالب: أحسن الله إليك، في باب الصوم، من سافر ليفطر فإنه لا يفطر، يحرم عليه الفطر، الصلاة لو سافر سفرًا محرمًا يترخص؟
الشيخ: إي نعم، حتى في السفر في رمضان لو سافر سفرًا محرمًا؛ فعند من يقول: إنه يقصر يجوز أن يفطر، ففرق بين من سافر ليسقط الواجب، فالذي سافر ليسقط الواجب نقول: لا يمكن؛ لأن التحايل على إسقاط الواجب لا يسقطه، ولهذا لو أنه سافر لأجل أن يقصر قلنا: لا تقصر.
\n طالب: شيخ، الراجح قول ابن تيمية شيخ الإسلام؟\n
\n الشيخ: قلت لكم: تعليله قوي.\n
\n الطالب: (...) ما رجحت.\n
\n الشيخ: أقول: تعليله قوي، ومعنى قوي: إذا قويت العلة قوي القول.\n
\n طالب: شيخ إذا كان المريض مبنجًا، في البنج، ما فاق إلا بعد العشاء، يفيق قبل المغرب لكن ما واعٍ كليًّا، يعني يوعى عادي يكلم، لكن ما يستطيع يصلي، كيف يصلي الصلاة الأربعة؟
الشيخ: يصليها جميعًا إذا صحا.
الطالب: كيف كونه يجمع الأربع (...)؟
الشيخ: من؟
الطالب: يجمع أربع صلوات جميعًا؟
الشيخ: اللي هو المبنج؟
الطالب: هذا قلنا: يصلي.
الشيخ: الذي غاب بالبنج؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يصلي الأربع جميعًا.
الطالب: والذي صلاهن جاهل يجمعهم جميعًا؟
الشيخ: إي قلنا: خلاص صلى.
الطالب: نعذره بالجهل يا شيخ ولّا ليس (...)؟
الشيخ: إي ما يعيده، يصليهن، صلاهن الآن.
الطالب: نعم.
الشيخ: قلنا: لا تعيدهن لأنه صلاهن.
الطالب: نعم.
الشيخ: صاحب البنج ما صلاهن (...). \n

\n ***\n

\n طالب: \n سن له قصر رباعية.\n
\n الشيخ: \n (من سافر) تجيب جواب الشرط بدون فعل الشرط، والله بخل عظيم هذا.\n
\n الطالب: قال المصنف رحمه الله تعالى:\n
\n

\n
[صلاة المسافر]
فصل
\n

من سافر سفرًا مباحًا أربعة برد سن له قصر رباعية ركعتين إذا فارق عامر قريته، أو خيام قومه، وإن أحرم ثم سافر أو في سفر ثم أقام أو ذكر صلاة حضر في سفر، أو عكسها، أو ائتم بمقيم أو بمن يشك فيه، أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها فسدت وأعادها، أو لم ينو القصر عند إحرامها، أو شك في نيته، أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام، أو ملاحًا معه أهله لا ينوي الإقامة ببلد لزمه أن يتم. وإن كان له طريقان...
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ما هو السفر؟
طالب: السفر.
الشيخ: هاه؟
الطالب: (...) السفر لأنه (...).
الشيخ: ما هو السفر قبل؟
الطالب: هو أظن أن يخرج عن طريقه من بلده.
الشيخ: عن؟
الطالب: عن بلده.
الشيخ: يعني مفارقة محل الإقامة، هذا السفر، لماذا سمي به؟
الطالب: سمي لأنه قيل: من يسافر يسفر عن قريته أو بلدته.
الشيخ: فيظهر ويتبين، نعم، ومنه قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ}، ومنه سفور المرأة، أي: ظهورها وبروزها.
قوله: (سفرًا مباحًا) ما المراد بالمباح هنا؟
طالب: ألا يكون سفر معصية.
الشيخ: ألا يكون سفر معصية؟ يعني: لا يدخل فيه المكروه؟
طالب: غير المحرم، ألا يكون محرمًا ولا مكروهًا.
الشيخ: المراد به: ألا يكون محرمًا ولا مكروهًا، فيشمل.
الطالب: فيشمل الواجب والمستحب والمباح.
الشيخ: والمباح إباحة مطلقة.
مثال الواجب، السفر الواجب؟
طالب: السفر إلى الحج.
الشيخ: نعم، والمستحب؟
الطالب: والمستحب كما يكون مرة ثانية إلى الحج.
الشيخ: أحسنت، السفر مرة ثانية إلى الحج. والمباح؟
الطالب: المباح كالسفر إلى الصيد.
الشيخ: نعم، كالسفر للصيد، أحسنت، تمام، قال الله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].
قوله: (أربعة برد).
الطالب: أربعة برد؟
الشيخ: إي نعم، ما هي البرد، تصريفها؟
طالب: البرد هو عبارة عن..
الشيخ: لا، تصريفها اللغوي؟
الطالب: جمع بريد.
الشيخ: جمع بريد، فكم مسافتها؟
الطالب: البريد الواحد يساوي مسيرة نصف يوم، أربعة برد صارت مسيرة يومين.
الشيخ: نعم، وبالفراسخ؟ البريد بالفراسخ؟
الطالب: البريد يساوي أربعة فراسخ.
الشيخ: نعم، فتكون أربعة البرد ستة عشر فرسخًا، والفرسخ كم ميل؟
الطالب: ثلاثة أميال.
الشيخ: فتكون ثمانية.
الطالب: وأربعين ميلًا.
الشيخ: نعم، طيب، لماذا سمي بريدًا؟
طالب: سمي بريدًا لأن (...) في العهد الماضي كانوا يتخذون، يجعلون مستقرًّا بين، كل بين نصف يوم.
الشيخ: كل ما بين نصف يوم مستقرًّا ومستراحًا للبريد اللي يحمل الرسائل.
الطالب: وإذا كانت الرسالة مستعجلة يأخذها رجل على فرس كلما وصل إلى مستقر وضع فرسه الأولى وأخذ فرسًا أخرى، حتى يصل لمكانه المنشود ثم يرجع إليه.
الشيخ: تمام أحسنت.
قال المؤلف رحمه الله: (سن له قصر رباعية ركعتين)، سن له، يجب أن نعلم السنة؛ لها اصطلاحان: اصطلاح عند الفقهاء، واصطلاح في عرف الصحابة وسلف الأمة.
فالسنة في سلف الأمة وعند الصحابة: هي الطريقة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كانت واجبة أم مستحبة، فكلها تسمى سنة، ومن ذلك قول أنس بن مالك رضي الله عنه: من السنة إذ تزوج البكر على الثيب أن يقيم عندها سبعًا ، هذه سنة واجبة، وقول ابن عباس رضي الله عنهما حين سئل عن الرجل يصلي مع الإمام المقيم أربعًا، وإذا صلى وحده وهو مسافر صلى ركعتين قال: تلك هي السنة أي السنة الواجبة.
أما عند الفقهاء فإن السنة: هي التي يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، يعني معناها: الشيء المستحب، الشيء المستحب الذي إذا فعله الإنسان أثيب، وإذا تركه لم يعاقب.
فقول المؤلف هنا: (سن له قصر رباعية) سنة اصطلاحية ولَّا سنة حسب استعمال السلف؟ سنة اصطلاحية، يعني أن الراجح والذي يثاب عليه قصر رباعية ركعتين، يسن أن يقصر الرباعية ركعتين. الرباعية هي: الظهر والعصر والعشاء، ركعتين.
ودليل ذلك في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة.
أما في القرآن فقال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] فقال: لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة، ونفي الجناح هنا لا يعني ارتفاع الإثم فقط؛ كقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]، فنفي الجناح هنا ليس معناه رفع الإثم فقط، بل انتفاء المانع، أي: ليس بمانع أن يطوف بهما، وليس بمانع أن تقصروا من الصلاة، فإذا انتفى المانع نرجع إلى ما تقتضيه الأدلة الأخرى، فالأدلة الأخرى في الصلاة تقتضي أن القصر أمر راجح على الإتمام، أليس كذلك؟
الدليل: النوع الثاني من الأدلة التي ذكرناها، وهو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر صلى ركعتين، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى أربعًا في سفر قط، بل كل أسفاره –الطويلة والقصيرة- كان يصلي ركعتين.
وأما إجماع المسلمين فهذا أمر معلوم بالضرورة، كما قال ابن عمر: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يزيدون على ركعتين في السفر ، والمسلمون مجمعون على هذا. إذن قصر الرباعية ركعتين ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ولكن في دليل الكتاب شيء من التوقف والإشكال؛ وهي أن الله تعالى قال: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقيد الله عز وجل هذا بخوف الفتنة من الكفار. والمراد من خوف الفتنة هنا: أن يمنعوكم من إتمام صلاتكم، ولكن هذا الشرط مرتفع بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام التي أخبر بها عن ربه؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أشكل عليه هذا القيد فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ قال: يا رسول الله، ما بالنا نقصر ونحن في أمن؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قصر في آمن ما يكون، في أسفاره قصر في حجة الوداع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ، فصارت إباحة القصر في الأمن صدقة تصدق الله بها علينا، وإلَّا فإن الأصل أيش؟ الأصل الإتمام، أن الحضر والسفر سواء، فهذا هو الجواب عن هذا القيد في الآية.
وقال بعض العلماء: إن قصر الصلاة ينقسم إلى قسمين: قصر عدد، وقصر هيئة، فإذا اجتمع الخوف والسفر اجتمع القصران، وإن انفرد أحدهما انفرد بالقصر الذي يلائمه، فإذا انفرد السفر صار القصر بالعدد، وإن انفرد الخوف صار القصر في الهيئة، وإن اجتمعا صار في هذا وفي هذا.
وعلى كل حال هذه لا شك أنه مناسبة جيدة وطلب للعلة والحكمة، ولكن الذي يفصل هو السنة، هو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
إذن القصر ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولا إشكال فيه.
ولكن يقول المؤلف: (سن له قصر رباعية ركعتين) إلى آخره.
ونحن نتكلم أولًا على قوله: (سن) وعلى قوله: (أربعة برد)، وعلى قوله: (سفرًا مباحًا).
أما قوله: (سفرًا مباحًا) فقد تقدم لنا أن من أهل العلم من قال: إن القصر رخصة في السفر مطلقًا، سواء كان مباحا أم محرمًا، وذكرنا أن هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ومذهب أبي حنيفة.
وقال بعض العلماء: إنه لا قصر إلا في سفر طاعة، كالحج والعمرة والجهاد وزيارة الوالدين وما أشبه ذلك، وأما المباح فلا قصر فيه، وهذا القول في الطرف المقابل لقول من يقول: إنه يقصر حتى في السفر المحرم.
والصحيح ما سبق: أن القصر ثابت في كل سفر إلَّا في السفر المحرم؛ لأننا لو أبحنا له القصر لكان هذا فيه شيء من الإقرار على المعصية التي كان مقيمًا عليها، وحاله تقتضي عكس التخفيف، والمسألة ليست عندي بذاك القوة: أي ترجيح أنه لا بد أن يكون السفر مباحًا.
أربعة البرد: المؤلف اشترط أربعة برد، وهذا يقتضي أن ما دونها ولو بمتر واحد لا يبيح القصر، وما بلغها وتجاوزها فهو قصر ولو قطعه في نصف ساعة؟ إذا اعتبرنا المسافة بالأميال والفراسخ فإن ما دونها ولو بشبر، أنا قلت: بذراع أو بمتر، أقول: بشبر ليس بسفر يترخص فيه، وما زاد عليها فهو سفر يترخص فيه ولو قطعه بنصف ساعة أو أقل، ولو رجع في ساعته، وهذا هو الذي عليه أكثر العلماء.
ولكن الصحيح أنه لا حد للسفر بالمسافة؛ لأن التحديد -كما قال صاحب المغني- يحتاج إلى توقيف، وأيش معنى توقيف؟ يعني نصًّا من الشارع، والله عز وجل يعلم أن المسلمين يسافرون، فكم من شخص يسافر في اليوم الواحد، والنبي عليه الصلاة والسلام يعلم أن الناس يسافرون في الليل والنهار، ولم يرد عنه حرف واحد يقول: إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد للسفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح..

وَقَدِّمِ الْأَقْرَبَ ثُمَّ الْأُنْثَى	وَإِنْ يَكُونَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
فَأَقْرِعَنْ فِي جِــــــهَةٍ وَقَـــدِّمِ	أُبُوَّةً إِنْ لِجِهَاتٍ تَنْتَمِـــــــــي

كَفَى النَّاسَ بِالْكَافِي وَأَقْنَــعَ طَالِبًا	بِمُقَنِـــعِ فِقْهٍ عَـــنْ كِتَــــابٍ مُطَــــــــــوَّلِ
وَأَغْنَى بِمُغْنِي الْفِقْهِ مَنْ كَانَ بَاحِثًا	وَعُمْدَتُهُ مَـــنْ يَعْتَمِدْهَــــــا يُحَصِّــــــلِ

نَحْـــــــــــــــنُ قَتَلْنَــــــــــــــــــا سَيِّـــــــــــدَ الْخَــــــــــــــزْ	رَجِ سَعْـــــــــــــــــــدَ بْــــــــــــــنَ عُبَــــــــــــــــــــــــــــادَهْ
وَرَمَيْنَــــــــــــــــــــــــــــــاهُ بِسَهْمَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيْ	نِ فَلَـــــــــــمْ نُخْطِـــــــــــئْ فُـــــــــــــــــــؤَادَهْ

مِمَّا تَوَاتَــــرَ حَدِيـــثُ مَنْ كَـــــــــذَبْ	وَمَــــنْ بَنَى لِلَّهِ بَيْتًا وَاحْتَسَــــــــــــبْ
وَرُؤْيَــــــــــةٌ شَفَاعَـــــــــــةٌ وَالْحَـــــــــــوْضُ	وَمَسْــــحُ خُفَّيْنِ وَهَــــذِي بَعْـــــضُ

إِذَا قِيلَ مَنْ فِي الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ	رِوَايَتُهُمْ لَيْسَتْ عَنِ الْعِلْمِ خَارِجَهْ
فَقُلْ هُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِـــــمٌ	سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَــــــــــهْ

وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي	لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ ...........
وَعَظْمٌ .....................	..............................